'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في...

Transcript of 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في...

Page 1: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ
Page 2: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

1

www.adlitn.org

• مؤلف جامعي تحت إرشاف األستاذ وحيد الفرشييش •

• شارك يف تأليفه •

سلوى غريسة - وحيد الفرشييش - خالد املاجري

منى التابعي - أمري الغول - وحيد الشاهد - جنان اإلمام

• بدعم من •

و مؤسسة املجتمع املفتوح املكتب اإلقليمي العريب

| تونس 2014 |

Page 3: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

2

مؤلف جامعي تحت إرشاف |• األستاذ وحيد الفرشييش •

الكتاب |

الحجم : صفحة 15.5/23.5 صم

Couché - )الورق : 80 غ )الداخيل( + 350 غ )الغالف

عدد الصفحات : 316 صفحة

الطبعة : األوىل

تصميم الغالف و اإلعداد الفني : أنيس املنزيل

ALPHAWIN STUDIO / [email protected]

تم إعداد هذه الدراسة مبساهمة مؤسسة املجتمع املفتوح املكتب اإلقليمي العريب

سحب من هذا الكتاب 250 نسخة يف طبعته االوىل

ISBN : 978-9938-12-726-3

www.adlitn.org جميع الحقوق محفوظة للجمعية التونسية للحريات الفردية ©تونس • أكتوبر 2014

www.kawakibi.org

Page 4: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

3

الفهرس

} من اإلنسان اىل الشخص يف الديانات التوحيدية مقاربة

فيلولوجية و تاريخية { ص 5

سلوى غريسة

} دسرتة الحريات الفردية { ص 49

وحيد الفرشييش

} الحريات الفردية يف القانون التونيس { ص 77

خالد املاجري

} الحريات الفردية أمام محكمة التعقيب { ص 165

منى التابعي

} القايض اإلداري وبعض الحريات الفردية { ص 198

أمريالغول

} الحريات الفردية من خالل وسائل اإلعالم اإللكرتونية { ص 231

وحيد الشاهد

الخامتة ص 263 جنان اإلمام

Page 5: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

من االنسان الى الشخص في الديانات التوحيديةمقاربة فيلولوجية و تاريخية

سلوى غريسة

Page 6: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

5

سلوى غريسة

األستاذة سلوى غريسة جامعية و رئيسة الجمعية التونسية لتفعيل الحق يف االختالف منذ سنة 2011. تخصصت يف جامعات باريس يف فيلولوجيا و تاريخ االديان املقارن للرشق االدىن.

تدرس منذ 1997 يف املعهد العايل ألصول الدين بتونس. لها منشورات عديدة منها مؤلفات حول اللغة العربية القدمية و تاريخها و مقاالت علمية عن الحقل املعريف يف مجتمعات الرشق االدىن و

ارتباطه بالخلفيات الثقافية و االجتامعية و الدينية لهذه املجتمعات.

Page 7: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

6

الفهرسI- مقدمة

مالحظات عىل الرتجمة

II- قضايا فيلولوجية

1- املفردات و مكانة االنسان يف املجتمعات القدمية

2- املفردات يف اليهودية

3- املفردات يف املسيحية

4- املفردات يف االسالم

III- االنسان أو الشخص يف اليهودية

1- خلق آدم عىل صورة الله

2- مكانة االنسان يف كتاب التوراة

أ- املصدر القصيص :مساحة للمساواة و التسامح

ب- املصدر الكهنويت :مرحلة املساواة املرشوطة

IV- الشخص يف املسيحية : الزمن املسيحي

1- يسوع املسيح اله أم انسان؟

2- االنسان مخلوق عىل صورة الله

V- الشخص يف اإلسالم

أ- نظرة االدب لإلنسان

ب- علم الكالم بني حقوق الله و حقوق اإلنسان

ج- التيارات الفلسفية : االنسان اشكال فلسفي

VI- خامتة

املراجع

Page 8: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

7

مقدمةرمبا يتساءل القارئ عن رضورة دراسة عن الفرد أو الشخص يف الديانات التوحيدية1 الثالث يف

هذا التوقيت بالذات. و الواقع أن التساؤل يف محله متاما و الجواب عنه مرتبط أوال بالحقل املعريف

و ثانيا بضبابية هذه املفردات الذي انجر عنها سلوكيات يف طبيعة التعامل مع النفس و مع االخر

تتأرجح ما بني املودة أحيانا و العداء أحيانا أخرى.

ما فتئ االنسان يتأمل و يتساءل عن جذوره و عن نفسه و عن سبب وجوده يف الحياة و كذلك عن

غريه من البرش. فمنذ القديم الحظ االنسان التباينات القامئة بني شعوب الجنس البرشي و تفاعل

معها بطرق مختلفة حسب الخلفيات الثقافية وكذلك حسب ارتباطاته بهذه الشعوب او عدمها و

مصالحه االنية معها. ويجدر أن يجري فهم هذه املسائل وإخضاعها دون مزيد من التأخري لدراسات

علمية بكل ما يقتضيه هذا من الرجوع إىل الوراء.

ان اشكالية الفرد أو االنسان هي اليوم عىل قدمها يف صميم كل التجاذبات عالوة عىل أن طرحها يف

الوقت الراهن أمر ملح فهي متس مسائل أساسية كالهوية و القيم و الحرية. وان كانت االجابات

املقرتحة يف هذا العمل التأليفي ال تدعي االملام بجميع جوانب املوضوع نظرا لتعقدها و تشعبها, فإننا

واعون بأن الخوض يف هذه املسألة بالذات كثرية املزالق. فمسألة الفرد شأنها يف ذلك شأن املسألة

الدينية أو مسألة القيم و القوانني و علم االجتامع و علم النفس و الفلسفة و حقوق االنسان , هي

مرتبطة أساسا بظروف و حيثيات انتاج و تدوين النصوص زد عىل ذلك مناخ الرصاعات السلطوية

و تضارب املنافع االنية. و تندرج مسألة الفرد يف كل هذا فتعكس بذلك مشاغل و أولويات هذه

النصوص.

و تعود فكرة الشخص اىل املرحلتني اليونانية و الرومانية حيث ارتبطت يف أول عهدها مبجاالت

املرسح و التمثيل و يشري الشخص اىل القناع الذي يرتديه املمثل عند القيام بأدواره املرسحية. من

هنا بدأت فكرة الشخص تتبلور عند الفالسفة القدامى مثل أفالطون الذي يحدد الشخص باعتباره

ميتلك صفات يشرتك فيها من خالل املثل العليا كالخري و الجامل و الحق و كان يرى اليونانيون

أنفسهم أفضل االمم و أرشفها و أذكاها و أن بقية الخلق همج )barbares( دونهم رفعة.

1 اعتمدنا عبارة ديانات توحيدية عوضا عن عبارة ديانات ساموية التي جرى العمل بها لوصف كل من اليهودية و املسيحية و االسالم. فلفظ

ساموي يعني لغة و اصطالحا العلو و هو وصف ينطبق عىل ديانات أخرى باعتبار أن كلمة سامء ال تعني شيئا محسوسا و محددا و امنا تعني

كل ما عال. و عليه فان وصف الديانات السابق ذكرها بالتوحيدية ألنها دعت اىل عبادة الله الواحد فيه نظر أيضا الن هناك ديانات أخرى سابقة

و الحقة نادت هي االخرى بالتوحيد نذكر منها عىل سبيل املثال ال الحرص الديانة اآلتونية يف مرص القدمية عالوة عىل ان املوحدين من اليهود

و املسيحيني و املسلمني سلكوا مذاهب شتى داخل كل ديانة تحظى بعضها باإلجامع و ال يحظى بعضها اآلخر. لذلك نجد بعض املؤرخني مثل

يوسف زيدان يفضلون استعامل عبارة ديانات رسلية أو رسالية النها أتت اىل الناس برسالة عرب رسل من الله و أنبياء.

Page 9: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

8

أسهم الرومان بدورهم يف ارساء الحق املدين للشخص يف القوانني املتعامل بها و ذلك عرب تطور فكري

مر مبراحل عدة انتهى اىل االقرار مببدأ الدميقراطية و املساواة االجتامعية. و مع ذلك ظلت فكرة

الشخص محدودة حيث مل يكن يعرتف للمرأة و العبد و االجنبي بصفة الشخص. و تجدر االشارة اىل

أن كل من اليونانيني و الرومان قد ربط بني السالالت البرشية و بني امكانية التقدم الحضاري فقد

جعل الرومان من الروماين عىل وجه املثال فوق غريه بحكم القانون و كانوا اذا أرادوا الرفع من

قيمة أحدهم أن مينحوه الجنسية الرومانية. و يعد هذه اتجاها عنرصيا قامئا عىل اعتبارات لغوية و

حضارية و متايز ساليل ترتب عنه نظرية السيادة العنرصية للجنس الجرماين أو اآلري و التي أجرمت

يف حق فئات و شعوب تراها متخلفة عنها أو دونها قيمة.

و ميكن القول أن بلورة املفهوم الحديث للشخص بدأت مع ديكارت2 الذي خاض تجربة الشك يف

املعرفة الحسية و غريها التي أدت به اىل نوع من الشك الجذري يف كل يشء. انتهى به هذا الشك

اىل حقيقة أن التفكري هو اليشء الذي يخص الذات و يعكس حقيقتها و أطلق مقولته املشهورة ›أنا

أفكر فأنا موجود‹ و تتحدد حقيقة االنسان كشخص يف نظر ديكارت يف طبيعة االنا املفكر الذي

يتميز بأفعال مختلفة ال متس من وحدته. و عارضه يف هذا الفيلسوف باسكال3 الذي عرب عن ضعف

قدرات االنسان ووقوعه يف الخطأ نتاجا لذلك مؤكدا عىل وجود يشء ثابت و مستمر يف االنسان

بالرغم من تغري صفاته سامه بالهوية الشخصية الن االنسان مبقدوره فقدان صفاته و لكن ليس

مبقدوره فقدان ذاته حسب رأيه.

و يف نفس الوقت تناولت علوم االنرتوبولوجيا و االحياء خاصة منذ النصف الثاين من القرن السابع

عرش مسألة اإلنسان و تساءلت اذا ما كان ينحدر من ساللة واحدة )monogénisme( أم من عدة

البناء لتنوع تعود العلامء تصنيفهم حسب معايري مختلفة أقام polygénisme(4(. و قد سالالت

مثل الفالسفة ذلك يف تبعهم و الرأس عرض أو الشعر أو شكل البرشة كلون لإلنسان الخارجي

فولتري الذي ساند فكرة تعدد السالالت لالنسان. ففي حني ذهب بعضهم اىل تصنيف االنسان عىل

أساس التقسيم القاري مثل بلومينباخ5 اعتمد البعض اآلخر مثل جريفيث تايلور6 اىل اعتامد املنهج

2 و يلقب بأيب الفلسفة الحديثة هو فيلسوف و فيزيايئ و ريايض فرنيس. يعترب ديكارت مؤسس مذهب العقالنية. روين ديكارت )1596-1650(

3 هو فيلسوف فرنيس و عامل يف الفيزياء و يف الرياضيات. اشتهر بنظرية االحتامالت و باخرتاع االلة الحاسبة. بليز باسكال )1623-1662(

4 يف سنة 1864 طرح ألفريد راسل واالس و هو عامل أحياء و أنرثوبولوجيا بريطاين نظرية التطور باالنتقاء الطبيعي و أرجع االنسان اىل عدة

سالالت تتفوق فيها ساللة البيض عىل ساللة السود. و يف فرنسا أصدر جورج بويش سنة 1858 كتابا يؤيد فيه ما ذهب اليه واالس من تعدد

السالالت لإلنسان. أما داروين فقد فند هذه النظرية يف مؤلفه صل االنواع الصادر سنة 1859 مؤكدا عىل االصل املشرتك للكائنات الحية علام

و أن بلومنباخ عامل االنرثوبولوجيا يف القرن الثامن عرش كان فد فند بدوره نظرية تعدد السالالت لإلنسان.

5 جون فريديريك بلومنباخ )1840-1752 ( هو عامل أنرثوبولوجيا أملاين و هو أول من أدخل كلمة أنرثوبولوجيا يف منهج تدريس التاريخ

الطبيعي يف الجامعات. و هو من رواد يف دراسة الجامجم البرشية , كام أنه قسم الجنس البرشي اىل خمسة عنارص أو سالالت و هي

القوقازي و املغويل و االثيويب و االمرييك و املاالوي.

6 توماس جريفيث تايلور)1963-1880( هو عامل انرثوبولوجيا بريطاين من أصل أسرتايل أدخل معايري جديدة للتقسيم البرشي معتمدا يف ذلك

عىل املنهج البيولوجي و الهجرات الكبرية عرب القارات.

Page 10: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

9

البيولوجي الذي أوضحه يف دراسته للمناخ و التطور للتصنيف البرشي.

تزامنت هذه التوجهات الفكرية مع بروز االتجاه العلمي و االنجازات الفائقة التي أحرزتها العلوم

الطبيعية و التي أكدت تفوق االنسان الحديث. و ترتب عن ذلك استحداث نظرة جديدة لإلنسان

عىل أنه ظاهرة طبيعية و جزءا من الكون و قوانينه فصار خاضعا بدوره للبحث العلمي و مادة

درس يف الفكرين الديني و الفلسفي اللذين اتحدا يف املقصد الخلقي و اشرتكا يف تحديد الفضائل أو

مكارم االخالق. و يذهب العلم حاليا اىل تصنيف االنسان كانسان واحد ال يتجزأ دون اعتبار لونه

أو عرقه او ما شابه.

تبدو مسألة الفرد يف سائر الديانات التوحيدية من اليهودية اىل االسالم مرورا باملسيحية يف عالقة

دقيقة مع رؤية شمولية لإلنسان و التي يعرب عنها توجهني اثنني و هام الكونية و الخصوصية. و

قد تناولت الديانات الثالثة هذين التوجهني بصفة غلب عليها الخلط يف الكثري من جوانبها. ففي

حني ورد يف العديد من مقاطع كل من النصوص الثالث أفكار تأكد عىل كونية االنسان نجد مقاطع

أخرى تفند ذلك. جاءت يف كتاب التوراة7 مثال آيات تربز العناية االلهية باإلنسان و باإلنسانية جمعاء

حيث يقول الرب مخاطبا إبراهيم: › و يتبارك بك جميع عشائر األرض‹8 كام أن التقاليد االجتامعية

اليهودية تحث عىل حامية و رعاية االرامل و اليتامى9 و العبيد10 و الفقراء11 و املهجرين و الغرباء

12 و قد ورد يف التوراة ›ال تظلم الغريب و ال تضايقه , فأنتم كنتم غرباء يف أرض مرص‹. و قد كان

الهاجس االول منع الحاق االذى باالخر ›أحب قريبك مثلام تحب نفسك‹13 و تحث أسفار االنبياء14

كذلك عىل ترسيخ مبادئ االخوة كرابط يجمع كل البرش: ›أليس أب واحد لكلينا. أليس االها واحد

7 اعتمد اليهود تسعة و ثالثني سفرا يف كتاب التوراة و يعتربونها مقدسة ألنها موحاة من عند الله و تنقسم التوراة اىل ثالثة أقسام هي أسفار

التوراة ليست متجانسة يف أسلوب كتابتها و يف للباحثني أن نصوص الكتابات املقدسة. و قد ظهر االنبياء و أسفار موىس الخمس و أسفار

مواضيعها و محتوياتها و تتضمن الكثري من التضارب و التناقض و انتهوا اىل االقتناع بأن أسفار التوراة ألفت يف عصور مختلفة و عىل أيدي

مؤلفني عديدين. يف بداية القرن العرشون صنفت مدرسة يوليوس فلهاوزن الشهرية أسفار التوراة حسب ما يسمى بالفرضية الوثائقية اىل أربعة

مصادر مستقلة عن بعضها البعض هي املصدر اليهوي )مملكة الجنوب( و االلوهي )مملكة الشامل( كالهام دون قبل سقوط مملكة الشامل أي

قبل 722 قبل امليالد و التثنوي )خالل فرتة االصالح الديني( و يبدو أن تدوينها يرجع اىل القرون ما بني الثامن و السادس قبل امليالد و الكهنويت

)كهنة فرتة الشتات و ما بعدها( الذي تم تدوينه اثر سقوط أورشليم سنة 587 قبل امليالد. ثم جمعت هذه املصادر االربعة يف مدونة واحدة

يف القرن الراتع قبل امليالد عىل يدي عزرا و نحميا و ألحقت بها نصوص أخرى يف أوقات الحقة نذكر منها عىل سبيل املثال عيد الغفران أو يوم

كيبور. غري أن هذه الفرضية تجاوزها الزمن و يؤرش البحث العلمي أن التوراة تحتوي عىل أجزاء ترجع اىل القرن السابع قبل امليالد و أخرى اىل

متأخرة عنها تعود اىل فرتة الشتات و بعده. ثم وقع مراجعتها مرارا حتى أخذت شكلها النهايئ يف القرن السادس قبل امليالد عىل يد عزرا الوراق

و يف نفس الوقت تقرر استخدام الحرف اآلرامي للكتابة عوضا عن الحرف العربي القديم.

8 سفر التكوين 12, 3.

9 سفر الخروج 22, -21 23

10 سفر الخروج 21, -1 11 و 26, 27.

11 سفر التثنية 15, -7 11.

12 سفر الخروج 22, 20.

13 سفر الالوين 19, 18 و -33 34. نجد هذه املقولة أيضا يف أسفار متى 22, 39 و مرقس 12, 31 و لوقا 10, -25 38.

14 نذكر من بني هذه االسفار كتب أشعياء و ميخا و عاموس. و يعترب سفر يونس مثاال صارخا لفكرة الكونية فقد أمر الله يونس بالذهاب

اىل مدينة نينوي الوثنية و الواقعة قرب نهر دجلة ليثني أهلها عن عبادة االوثان و يهديهم اىل عبادة الله دون غريه. و قد ورد ذكره يف سورة

االنبياء )87( تحت اسم ذا النون مبعنى صاحب الحوت.

Page 11: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

10

خلقنا‹15.

و قال هليل االول Hillel l’ancien(16( و هو من أوائل معلمي امليشنا17 الذين يسمون بالتانائيم18: 20)Rabbi Akiva ben Youssef( ما ال ترضاه لنفسك ال ترضاه لغريك‹19 و ذهب عقيبا بن يوسف‹

اىل القول بأن حب االخر هو مثل حب االنسان لنفسه و عقب عىل أن هذا املبدأ هو مبادئ التوراة

الذي اليشء الله االنسان خلق عىل صورة بأن بن عزاي21 و يضيف يرى شمعون البحتة. كذلك

يجعله مميزا من بني كل املخلوقات22.

أما يف املسيحية فان اللفظ الذي يعرب به عن الشخص هو prosôpon أو hypostaseو يحيلنا اىل

مفهومني اثنني وهام: االول مفهوم ديني و يراد به الثالوث املقدس )Trinité divine( و الثاين يخص

االنسان ككائن متفرد من بني جميع الكائنات. فام يتميز به اإلنسان هو Λούοςمبعنى الكلمة

الذاكرة فبها يصري واعيا بذاته و قادرا عىل ترك أثره يف الوجود عىل عكس أو 23Logos و كذلك

اذ يفكر يف معنى وجوده و يتساءل عن أصوله و يبحث anthropos املخلوقات االخرى. و هو

عن أرسار الكون و تلك هي أبعاده االخالقية. فإنسانية االنسان ما هي إال القيمة الجوهرية التي

وجب تطويرها لتحقيق هدف رباين. ان لفظ مسيحي و التي تعني تابع للمسيح تشري ضمنيا اىل

عالقة تالزمية متوجة بالتعميد فاإلنسان املسيحي هو حتام شخص يف كنيسة املسيح. وقد حدد آباء

الكنيسة عقيدتهم حول طبيعة املسيح بقولهم بطبيعتني اثنتني يف نفس الوقت واحدة االهية وأخرى

انسانية و يفرسون ذلك بأن يسوع املسيح امنا هو ابن الله الوحيد املساوي ألبيه يف الالهوت24 و

املساوي للبرش يف الناسوت25 و هو واحد و ليس اثنني. و يعد اباء الكنيسة أن املسيح جاء ليخلص

البرش و يجسد عملية خلق جديدة بعد خلق ادم.

ورد يف النص القراين أن كل الناس سواسية رغم تعددهم و اختالف مذاهبهم فكلهم ينحدرون من

15 سفر مالخي 2, 10.

16 يعتربهليل االول أول من بدأ بكتابة امليشنا غري أنه مل يبوبها. و قد عاش يف فلسطني حيث توىل رئاسة الطائفة الفرسية.

17 امليشنا هي مجموعة الترشيعات اليهودية التي ضمنت يف التلمود و يسمى علامء امليشنا بالتاناييم. و امليشنا لفظ عربي يعني ›التكرار‹

ثم تغري املعنى تحت تاثري اللغة اآلرامية ليصبح ›التدريس‹. و من ثم صار اللفظ يشري بشكل محدد اىل دراسة الرشيعة الشفوية و حفظها و

تلخيصها و تكرارها.

18 التانائيم هم معلمي امليشنا و رواتها و قد عرفوا أوجهم خالل القرنني االول و الثاين للميالد.

19 , شيات 31 أ. كتاب املواسم

20 الراب عقيبا بن يوسف عاش يف فلسطني يف القرنني االول و الثاين للميالد و يعترب مؤسس الحاخامية اليهودية و كان يعتمد منهجي املنطق

و القياس يف فكره.

21 شمعون بن عزاي يعترب من أهم التانائم يف القرن الثاين للميالد.

22 تفسري الالوين 19, 18.

23 )أفالطون(. يجدر الذكر أنه حصل يف اليونان القدمية رصاع طويل بني ما يسمى املنطق العقالين, اللوغوس )أرسطو( و بني االسطورة

24 املقصود بكلمة الهوت العلم االلهي أو ذات الله و صفاتها هي علوم الثيولوجيا استخدمها فالسفة اليونان القدامى أوال يف تصورهم ملحرك

عاطل للكون ثم استعملها الفيلسوف املسيحي أوريجانوس يف القرن الثالث لإلشارة اىل الهوت الكلمة أو اللوجوس.

25 الناسوت

Page 12: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

11

ادم و ادم ينحدر من الرتاب26: ›يا أيها الناس ان كنتم يف ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب‹ و

ورد أيضا : ›يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة‹27. ان البعد االنساين يف االسالم

امنا ينبع من ثقة الله يف عبده و ثقة هذا يف نفسه و يف غريه من الناس و لقد تطور مفهوم البعد

االنساين يف االسالم يف مجاالت عدة كالفقه و الفلسفة و االدب و غريهم.

تعني كلمة انسان يف االسالم ثالثة مدلوالت متداخلة بسبب الحيوية السيامنتية و املعنوية التي

يخلعها االسالم عىل مفرد personne باملعنى اليوناين أو الروماين. فهناك أوال االنسان يف بعده الذايت

و هو بعد وجودي يجعل منه خليفة الله عىل االرض و هو ما يعترب امتيازا و تكرميا لإلنسان يف املقام

االول عىل أساس الثقة التي منحها له الله دون غريه من املخلوقات. ال مناص اذن من القول أن الثقة

املناطة بعهدة االنسان تستمد مرشوعيتها أوال يف االمتثال للهيبة و السيادة االلهية و ثانيا يف اإلقرار

بنظم الكون فيصبح االنسان بذلك مكلفا مبسؤولية وجب عليه تحملها أمام الله و تجاه بني جنسه28.

أما ادم أول خلق الله من البرش فقد طرد من الجنة عقابا عىل ما اقرتفه من عصيان ألوامر ربه.

و من املعلوم أن تتعارض صوريت ادم و ابراهيم يف الديانات الثالثة عىل أساس التفاوت يف الصالح

و يعد ابراهيم من أهم الشخصيات التي نزلتها كل من اليهودية و املسيحية و االسالم منزلة خاصة

باعتباره مثاال يحتذى به يف االميان و سمي بأيب االنبياء و كذلك بالحنيف. و يف مقابل انيان و ادم

نجد كلمة برش و التي تشري اىل بعد دنيوي و زائل لإلنسان.

و لكن يتضح لنا جليا مع ظهور مفهوم االختيار و التحالف بني الله و ابراهيم29 من جهة و بني الله

و بني ارسائيل من جهة أخرى و كذلك بني الله و امللك داود فيام بعد خصوصية ذات بعد اثني

)ethnique( عنرصي و متعصب اذ يزعم بنو ارسائيل أنهم شعب الله املختار و أنهم أبنائه و أحبائه

دون غريهم من البرشمعتمدين عىل اية توراتية تقول: ›قد ميزتكم من الشعوب لتكونوا يل‹30. و

الزم هذه املفهوم الفكر الديني اليهودي حتى اليوم. ثم استنبط املسيحيون عبارة جديدة تدعى

›عقيدة االستبدال‹ )théologie de substitution( تجعل من عالقة الله مع املسيحيني بديال للعهد

الذي قطعه الله مع بني ارسائيل: ’و أما كل الذين قبلوه, فأعطاهم سلطانا أن يصريوا أوالد الله أي

املؤمنني باسمه‹31 و صارت هذه الفكرة عقيدة راسخة يف الفكر املسيحي حتى أن أسفار املسيحيني

26 سور ال عمران, 95 و الكهف 37 و الحج, 5 و الروم, 20.

27 سورة النساء, 1.

28 تحيلنا قضية مسؤولية االنسان اىل قضية الحرب و االختيار التي تتعلق يف مدى مسؤولية االنسان يف ما يأتيه من أفعال. و قد أسالت هذه

املسألة الكثري من الحرب عند العلامء فقال بعضهم بالجرب كالجهمية و النجارية معتمدين عىل دوافع دينية و سياسية و ذهب البعض اآلخر

اىل القول باالختيار كالقدرية و املعتزلة.

29 ورد يف سفر التكوين 15, 18 أن الله وعد ايراهيم و ذريته مبا سيسمى أرض امليعاد اذ قال: ’لنسلك أعطي هذه االرض من نيل مرص اىل

النهر الكبري نهر الفرات’.

30 سفر الالوين 20 ,26.

31 أنجيل يوحنا 1, 12.

Page 13: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

12

أنفسهم ›خري اذ يعترب املسلمون الجديد32. و مل يستثنى االسالم من هذا املوقف بالعهد سميت

أمة أخرجت للناس‹33 ساحبني بذلك البساط تحت أرجل من سبقهم بل ذهبوا اىل أبعد من ذلك

طارحني الدين االسالمي دينا للبرشية جمعاء: ›ان الدين عند الله االسالم‹34 . و امتدت قضية التمييز

اىل اللغة أيضا فقد أكدت كل من الديانات الثالثة ارتباطها بلغة معينة مزجت بني ما هو عقائدي

و ما هو لغوي و املثال الصارخ يف هذا هو تداخل االسالم بالعروبة لرتسيخ الفرو قات بني املؤمنني

املسلمني من جهة و أهل الكتاب و الكفار من جهة أخرى و قد جاء يف القران ›لسان الذي يلحدون

اليه أعجمي و هذا لسان عريب مبني‹35.

و لنئ التحمت مفاهيم الشخص بكل التطورات الفكرية و الدينية التي أتينا عليها تبقى القضايا

الفقهاء يف بالغ لدى بالقيامة محط اهتامم بالنجاة و باملوت و املتعلقة باإلنسان و بالخطيئة و

الديانات الثالثة حتى يومنا هذا.

وتتمثل املهمة األوىل لهذا العمل يف تقديم تعريفات فيلولوجية لأللفاظ املتصلة مبوضوع البحث كام

جرت فهرستها يف نصوص الرشق األدىن36 القديم وكذلك يف نصوص الوحي التي تسمى رسالتها بأنها

ال زمنية. واملقصود هو القيام بجرد يف هذه املصادر عىل ضوء سياقاتها السوسيو-ثقافية و التاريخية.

ذلك أننا نرى أنه من املهم مبكان النظر يف االصول العميقة للرتاث االنساين الهائل يف ما يسمى بالعامل

القديم أي منطقة رشق املتوسط أو الهالل الخصيب املمتد رشقا حتى منطقة فارس37.

مالحظات على الترجمة |

ترجع الصعوبات التي اصطدمت بها أثناء الرتجمة إىل األسلوب العتيق للنصوص التي تجعل من

املستحيل يف كثري من األحيان ترجمة املفردات التقنية. إن االنتقال من لغة سامية مثل العربية أو

املعنى املعطى لأللفاظ أو االنجليزية ال يحقق دقة الفرنسية العربية إىل لغة هند-أوروبية مثل

32 يحتوي كتاب العهد الجديد عىل االناجيل الكنسية االربعة و هم أناجيل متى و مرقس و لوقا و يوحنا اىل جانب سفر أعامل الرسل و 14

رسالة منسوبة لبولس الطرسويس و رسائل أخرى منسوبة ليوحنا و يعقوب و يهوذا يليها سفر الرؤيا ليوحنا بن زبدي.

33 سورة ال عمران, 110.

34 سورة ال عمران, 19.

35 سورة النحل ,103.

Henry laurens, Paix et guerre au الشأن بهذا انظر الرشقية. املسألة لتحدد جغرافية األدىن« يف سنة 1890 ابتكرت عبارة »الرشق 36

Moyen-Orient, Armand Colin, 1999. غري أننا نقصد بالرشق األدىن القديم »الهالل الخصيب« و هوإقليم شاسع أخرض يتوج الجزيرة

املناطق تناقضا صارخا مع اإلقليم الواقعة إىل الرشق من األردن. وقد قدم هذا بابل، وأشور، وسوريا، وإرسائيل، واملاملك العربية و يشمل

الصحراوية التي تحيط به. ففي بابل وأشور، اعتمدت خصوبة الرتبة عىل دجلة والفرات وعىل روافدهام. ويف إرسائيل وسوريا، اعتمدت الخصوبة

نظم أمطار ووجود منابع )J.Rogerson, Nouvel Atlas de la Bible, Brepols, 1987(. و يحد الهالل الخصيب من الرشق جنوب العراق و

من الغرب ميناء ايالت و شامال قلب االناضول.

37 تسمى املنطقة املمتدة اىل قلب فارس يف الدراسات املسيحية باسم املسيحية الرشقية و هي تسمية غري دقيقة الن املسيحية امتدت حتى

أقايص اسيا حيث كان املذهب النسطوري واسع االنتشار.

Page 14: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

13

التقنية. وسأحاول بالتايل أن أعطي مفاهيم مختلف املؤلفني الكالسيكيني فيام يتعلق باملصطلحات

ليك تتحدد بقدر اإلمكان املبادئ التي تحكم تعريفات هذه األلفاظ.

احلروف العبرية والعربية و الالتينية |

II • قضايا فيلولوجية |

انه ملن املهم يف حالة هذا البحث إعطاء املفاهيم السيامنتية املتصلة باملصطلحات املستخدمة

يف النصوص املدروسة ليك يجري بصورة أفضل تحديد دالالتها املعنية يف صلتها بالعرص وباملنطقة

الجغرافية.

• 1 • املفردات و ماكنة االنسان يف املجمتعات القدمية38

تقسم قوانني الرشق االدىن املجتمع اىل طبقات و قد جاء يف ترشيعات حمو رايب39 مثال

تقسيم املجتمع اىل ثالث طبقات40:

و االحرار املواطنون أويلوم و هم امرأة و جمعه أم كان اإلنسان رجال و هو أويلو أ-

ينقسمون بدورهم اىل قسمني أصحاب املقام الرفيع و من دونهم. و تتمتع هذه الطبقة

بامتيازات قانونية دون غريهم حسب الترشيع,

ب- املوشكينو و ميثلون الطبقة الوسطى من املجتمع ما بني طبقة االحرار و طبقة العبيد

38 Sylvie Lacckenbacher, Textes akkadiens d’Ugarit, Paris, Cerf, 2002; Guillaume Cardascia, Les Lois assyriennes,

Paris, Cerf, 1969; L. Epasztein, La justice sociale dans le Proche Orient et le peuple de la Bible, Paris, Cerf, 1992.39 Emile Szlechter, Codex Hammurapi, Rome, Pontificia Universitas Lateranesis, 1977.

40 متثل رشيعة حمورايب أقدم مجموعة قانونية تم اكتشافها سنة 1902-1901 يف شوشان أو سوسة )مدينة تقع يف اقليم االحواز يف ايران هي

محافظة خوزستان حاليا( يف نسختها الكاملة عىل نصب باسم حمورايب )يف متحف اللوفر(. وكان هذا األخري ملكا بابليا حكم يف القرن الثامن

عرش قبل التاريخ املوحد )1750-1792 ق.م.(. و تتضمن رشيعة حمو رايب 282 بندا تلقي الضوء عىل الحياة الدينية و االجتامعية يف تلك الحقبة.

و قد متت ترجمة هذه القوانني من اللغة االكادية سنة 1929.

Page 15: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

14

و لهم بعض االمتيازات كاالولوم حسب املواد 203 و 204 و 207 و 215 من الترشيع

غري أنهم ال يتمتعون بنفس الحقوق فيم يخص قانون الزواج حسب املواد 138 و 139 و

140. و يذهب املؤرخون اىل القول بأن هذه الفئة تتكون يف معظمها من عبيد أعتقوا و

من أغراب41 يتمتعون بحامية خاصة مقابل خدمات يقدمونها للقرص و يبدو أن العديد

منهم كان ملحقا بالقرص.

يتبعون هم و لإلناث )amtum( أمتوم و للذكور )wardum( وردوم أو العبيد ج- أسيادهم.

حسب كل اإلنسان مكانة تقنني عىل حثت عريقة حضارات هناك كانت الرافدين بالد ففي

حمورايب امللك قانون مثل منها بعضا وصلنا وترشيعات قوانني يف وجاءت املجتمع من موقعه

القرن إىل يعود والذي قانون هذا بها يحظى التي القانونية القيمة من الرغم وعىل ،

شهوات وكبح حقه حق ذي لكل حفظ عىل تأكيدات من تضمنه ملا امليالد قبل عرش الثامن

جائرة تكن مل ان حازمة فيها يقال ما أقل قوانني فيه نجد فإننا والحكام السادة طغيان

كإقرار قانون الثأر الذي يتناىف مع مبادئ العدالة وجوهر اإلنسان باإلضافة إىل إقراره مببدأ ملكية

مع تتناىف التي القاسية العقوبات فرض أيضا يف وتشدد أمللك هو واحد قبل شخص من األرض

الطبيعة البرشية حيث أجاز برت األعضاء البرشية واإلنسان ال يزال عىل قيد الحياة وأجاز قتل االبن

القدمية مثل العراقية أما الحضارات يتناىف مع مبادئ حقوق اإلنسان والعدالة ابيه وهو ما بدل

البابلية والسومرية فقد احتفظت بارتباط وثيق بني التعاليم الدينية والنظرة إىل اإلنسان وحقوقه

وأشهر ما وصلنا من قوانني تخص اإلنسان يف العصور القدمية رشائع أور نامو42 و اشنونا43 و لبيث

عشتار44 و هي رشائع تتضمن قوانني غري بعيدة عن تلك التي سنها امللك حمو رايب يف معظم جوانبه.

μετοίκος و نبالء أو أحرار اىل املجتمع ينقسم أثينا حيث أيضا يف التقسيم نجد هذا كام

)metoikos( و عبيد. و تتمتع الطبقة الثانية ببعض االمتيازات مقابل عدة رضائب تدفعها45.

كان نظام الرق يف املجتمع اليوناين مرشعا له بحيث أن من واجبات العبيد الخدمة و الحراسة و

مل يكن من حقهم والية أعامل الكهانة أو العبادة و ذهب الفالسفة القدامى و منهم أرسطو اىل

41 G.Cardascia, Le statut de l’étranger dans la Mésopotamie ancienne, Recueil de la société Jean Bodin 9-10, 1958, p.

108.

42 تعترب رشيعة أور منو من أقدم الرشائع يف بالد الرافدين و قد دونت باللغة السومرية ما بني 2050-2100 ق م و ترجمها صاموئيل كرامري سنة

1952 اىل االنجلبزية. و تسبق رشبعة أور منو رشيعة حمو رايب مبا يناهز الثالثة قرون.

43 ضمها حمو رايب اىل مملكته يف 1756 اشنونا هو اسم قديم لعاصمة دويلة سومرية يف بالد الرافدين )2028 ق م( تعرف اليوم باسم تل االسمر

44 لبيت عشتار كان ملك ايسن )1926-1936( و قد دونت رشيعته باللغة السومرية و هي عبارة عن مزيج من الرشائع التي سبقتها مع ادخال

بعض االضافات عليها.

.Austin & P.Vidal- Naquet, Economic and social History of Ancient Greece, University of California Press, p. 99- 101 45

Page 16: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

15

التمييز بني البرش عىل أن فئة منهم بحكم طبيعتها مخولة للعبودية. و يقسم اليونان البرش اىل فئتني

اثنتني هام اليونانيني الذين يتكلمون لغة العلوم اليونانية و بذلك ميتازون بالفعل و االرادة عىل

عكس الربابرة )barbares( الذين ال ينتمون اىل عامل التمدن و هم بذلك يكونون مهيئني للعبودية.

ثم جاءت املدرسة الكلبية46 و من بعدها املدرسة الرواقية47 التي حثت عىل نرش مبدأ املساواة بني

الناس بغض النظر اىل أجناسهم أو لغاتهم طبقا لقوانني الطبيعة48.

اىل اشارة )anthropos( Άνθρωπος بلفظ القدمية اليونانية اللغة يف االنسان عن يعرب و

الجنس البرشي. فاإلنسان يقيس نفسه يف نظر الفلسفة القدمية يف عالقته بالكون و كذلك مبصريه.

و عليه تدرجت عالقة االنسان بالكون من الدهشة االوىل اىل محاولة الفهم محاولة منه لتجاوز

الكائن بأنه و له الكون مسخر بأن االنسان ثم وعى الطبيعة49. العدائية مع و الجدلية العالقة

الوحيد املفكر املحكوم عليه بالتساؤل املستمر حول ذاته و ما يحيط بها فبدأ ببلورة مفاهيم الكون

املنهج مقومات وإرساء والسيايس واملجتمعي األخالقي سلوكه وتشخيص االنسان و الطبيعة و

العلمي والبحث الفلسفي واملنطقي50.

هو و ’قناع’ عهده أول يف فيعني )prosôpon( πρόσωπα مفرد Πρόσωπον لفظ أما

مفهوم ارتبط مبجاالت املرسح فاملمثل يرتدي قناعا ألداء دوره عىل الخشبة. أما يف مجال الفلسفة

فهذا اللفظ يعني الشخص الذي يتمتع بذكاء يتفرد به عن سائر املخلوقات. و يحدد أفالطون مفهوم

الشخص بالصفات التي تجعل منه انسانا مدنيا يتحىل بجملة من االخالق كالخري و الجامل و العدل

و يستثنى من هذا التعريف املرأة و الغريب و العبد. و بقى مفهوم الشخص ما بني الوضوح و

االلتباس حتى مجيء ديكارت صاحب القول املشهور )cogito(’أنا أفكر فأنا موجود’.

روما أيضا قسمت املجتمع اىل ثالثة طبقات و هي طبقة النبالء أو االرستقراطية الزراعية و منهم

السناتور و حكام الواليات الرومانية ثم طبقة الفرسان و هم من مالك االرايض و التجارة و أخريا

طبقة عامة الشعب و تنقسم بدورها اىل العامة و العبيد. و تعترب االلواح االثني عرش من أقدم

46 أتباع سقراط. املدرسة الكلبية هي مدرسة فلسفية أحدثت يف القرن الرابع قبل امليالد و قد أسس لها الفيلسوف أنتيستينيز أحد

47 املدرسة الرواقية هي مدرسة فلسفية أسس لها زينون الرواقي )334-262 قبل املسيح(

48 القانون الطبيعي هو نتاج للفكر الفلسفي اليوناين و الذي يقول بوجود قوة عليا تضع النواميس و القوانني الضابطة للكون. و من أهم املبادئ

التي نادى بها القانون الطبيعي هي تلك الخاصة باملساواة بني اليوناين و غري اليوناين و بني الحر و العبد مؤسسا بذلك حقوقا ثابتة لألفراد.

49 ميثل هذا التيار املدرسة الطبيعية و عىل رأسها طاليس و دميوقراطيس و قد عملت هذه املدرسة عىل اخرتاق الغامض املجهول يف العامل

املوضوعي الذي يحيط باإلنسان. فاإلنسان ما هو إال مجرد كون مصغر كام أن الكون انسان مكرب.

50 و هذا ما ذهب اليه السوفسطائيون يف القرن الخامس قبل امليالد و الذين فتحوا صفحة جديدة يف الفلسفة حني تناولوا االنسان بدال من

الطبيعة فنقلوا التساؤل من الكون اىل االنسان و من املوضوع اىل الذات و من العامل الخارجي املكرب اىل العامل االنساين املصغر. و من أبرز رموز

هذه املدرسة بروتاغوراس.

Page 17: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

16

القوانني الرومانية املكتوبة و هي قوانني تقوم عليها الحقوق الخاصة باملواطنني الرومان. تعكس

هذه القوانني التاميز الطبقي و االجتامعي يف روما القدمية و ذلك حتى نهاية القرن الثاين و مطلع

التي )Loi naturelle( الطبيعي القانون اعتنق شيرشون51 فلسفة امليالد عندما قبل االول القرن

أخذها عن الرواقيني )stoïcisme( و التي تدعو اىل املساواة بني جميع الناس عىل حد سواء دون

اعتبار ألصولهم أو أجناسهم أو لغاتهم . و عىل غرار اإلغريق استعمل الرومان لفظ )persona( يف

عالقة بالفن املرسحي ثم تطور هذا املفهوم لدى الرومان دون غريهم ليشمل مجال العدالة حيث

تستوجب املحاكم ثالثة ممثلني هم املجني عليه و الجاين و القايض.

الحيثية53 قسمت بدورها أو السومرية52 بـأن رشائع أخرى قدمية مثل الرشائع القول و يجدر

املجتمعات اىل ثالث طبقات متاميزة بني أرستقراطيني اقطاعيني و طبقة ثانية تضم أشخاصا ذوي

مراتب مختلقة منهم من هو حر و منهم من يدين بالوالء لنبيل من النبالء ثم طبقة تتكون من

العبيد و الذين ينقسمون بدورهم اىل أطفال غري رشعبنب و من أرسى الحروب أو ممن مل يكن قادرا

عىل دفع ديونه فيجعل نفسه يف خدمة من أدانه.

و يبدو أن الحضارة الفرعونية التي خضعت لقانون يدعى قانون املاعت54 باسم اآللهة نفسها

يتضمن مفاهيم الحق و العدل و الصدق كام يبدو أنه جرى العمل بهذا القانون ملدة طويلة. ففي

عهد االرسة الثامنة عرش انشأت مجالس تنادي برضورة تطبيق العدالة عىل كل من أفراد املجتمع

51 يعترب شيرشون أب الفلسفة السياسية يف روما والكاتب السيايس األول فيها. طور شيرشون يف منتصف القرن األول قبل امليالد موضوع القانون

الطبيعي الذي أخذه عن الرواقيني و الذي يعترب جميع الناس متساوين حسب قوانني الطبيعة.

52 سومر: كانت تغطي الجزء الجنويب من العراق املعارص، من بغداد إىل الخليج الفاريس. ويعزى إىل السومريني ظهور املراكز

للحياة الكربى األوىل، مثل »الزيجورات«، ونظام كتابة متبلور مثور املعابد الحرضية األوىل مع مجتمع منظم سياسيا؛ وكذلك

الفكرية وطرق مألوفة للمواصالت. وكان السومريني يعربون عن أنفسهم بلسان مل يظهر ال يف اللغات السامية، وال يف اللغات

الرابعة. الهند-أوروبية. السومريون شعب من أصل ما يزال مجهوال إىل يومنا هذا. وكانوا يعيشون يف سومر يف حوايل األلفية

غري أننا نعلم، من جهة أخرى، أنه عندما بدأت قوة سومر يف األفول، جاءت إثنيات من أصل سامي من الشامل ومن الغرب

بقيادة رسجون )2340-2248 ق. م.( وقامت بتوسيع هيمنتها عىل سومر وأسست ساللة سامية، هى ساللة األكاديني. وعندئذ

قام »تكافل« بني السومريني واألكاديني الذين أخذوا عن السومريني تكنولوجياتهم، ونظام كتابتهم وطريقة تفكريهم. وقد متت

ترجمة أساطري وسرير سومرية عديدة انتقلت إىل الثقافة األكادية وصارت شعبية، مثل أسطورة جلجامش أو نشيد هبوط الربة إنانا

إىل العامل السفيل. وعىل هذا النحو تحمل ديانات وقوانني ما بني النهرين و كذلك الديانات والقوانني البابلية واألشورية الطابع

السومري. وبالفعل فإن عددا من اآللهة السامية أدمجت بعض سامت وخصائص اآللهة السومرية: صورة لإللهة السامية للحرب

والحب، عشتار اندمجت فيها مالمح اإللهة السومرية إنانا .

53 الحوثييون شعب من آسيا الصغرى كانت لغتهم ضمن األرسة الهندو-أوربية. وقد اكتشفت حتوزا عاصمة اإلمرباطورية الحيثية

يف األناضول خالل الحفريات األثرية يف نهاية القرن التاسع عرش وقد وسع الحيثيون هيمنتهم عىل ما بني النهرين وسوريا. وهم

يعتربون يف زمنهم قوة عسكرية مهمة حيث قاموا يف 1300 ق.م. بشن حرب ضد الفرعون سيتي األول يف قادش عىل نهر العايص

يف محاولة للقضاء عىل سيطرة مرص عىل ثغور آسيا. ويف حرب أخرى تالقى الخصامن بعد ذلك بعدة أعوام، جري يف أعقابه عقد تحالف تم توقعيه يف 1278 ق.م. أمام التهديد املتصاعد لألشوريني.

54 ماعت هي الهة الحق و العدل و الصدق يف مرص القدمية و ينسب اليها التحكم يف النجوم و يف فصول السنة لذلك سميت مرص بأرض النيل

و املاعت.

Page 18: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

17

خصوصا يف الحقوق الدينية ثم ملا جاءت ثورة أخناتون55 دعا هذا االخري اىل نرش املساواة و الغاء

التمييز بني الناس و التقليص يف سلطة كل من االرسة املالكة و رجال الدين. كطلك دعا مريكارع

االول أحد حكامء االرسة العارشة اىل اقامة العدل و من أهم الحكم التي جاءت عىل لسانه ›أحتفظ

بذكراك بني الناس بحبهم فاإلنسان الذي يصل إىل اآلخرة من دون أن يرتكب خطيئة فإنه سوف

ميكث هناك ومييش مرحا مثل األرباب الخالدين‹.

يصعب القدمية املجتمعات االنسان/الشخص ووضعه يف مفهوم املوجزة عن اللمحة اثر هذه

القول بأنه يتطابق مع املفهوم الذي بلوره مفكر مثل جان جاك روسو أو اميانويل أو ما جاءت به

منظومة حقوق االنسان الكونية.

• 2 • املفردات يف الهيودية

تعني كلمة אדם )ادم( يف اللغة العربية القدمية االنسان بصورة عامة او الجنس البرشي - أ

او اسم علم آدم االنسان االول حسب النصوص التوحيدية. و نجد نفس الجذر يف لغات

سامية اخرى كاألشورية و االرامية. و سمي كذلك ألنه خلق من האדםה )اديم االرض(:

›و جبل الرب االله ادم ترابا من االرض و نفخ يف انفه نسمة حياة‹56 . غري اننا يف نفس

السفر نجد قصة اخرى تتعلق بقضية خلق آدم ›فخلق الله االنسان عىل صورته, عىل

يرد علامء النصني و تناقض واضح بني انثى خلقهم‹57. و هنا البرش ذكرا و الله خلق

نقد التوراة يف الغرب ذلك لتعدد مصادر النص التورايت نفسه و التي تتضارب روايتها

العديد من االحداث. و هي مصادر تعتمد اساسا مالحم و قصص بطوالت و يف رسد

حكايا شعبية كانت متداولة يف الرشق االدىن منذ القدم58. و من املؤكد اليوم انه فيام

السابع القرن انها جمع ملصادر تعود اىل يخص أسفار موىس الخمسة عىل االقل هو

قبل امليالد و اخرى ابان السبي البابيل او ما يسمى بعرص الشتات)538-587 ق.م( ايام

نبوخذنرص,احد اشهر ملوك بابل وكذلك بعده. وتوضح املقاربات العلمية الجديدة أن

أسفار موىس الخمسة حتى وإن كانت تتضمن شذرات قدمية، ليست إال نتاج تحرير يف

عرص ما بعد الشتات أي يف العرص الفاريس وما بعده, أي حوايل القرن الرابع قبل امليالد59.

55 أخناتون أو أمنحوتب الرابع هو عارش فراعنة االرسة الثامنة عرش عاش يف القرن الرابع عرش قبل امليالد. عمل أخناتون عىل اصالح العديد من

القطاعات خاصة منها االصالحات املتعلقة بالدين حيث حاول توحيد الهة مرص يف شكل االه واحد هو الاله اتون. وتسمى عقيدته بلالتونية.

56 سفر التكوين االصحاح 2, االية 6.

57 سفر التكوين االصحاح 1, االية 27.

R. Rendtorff, Introduction à l’Ancien Testament, Paris, Le Cerf, 1989 ; A ; De Pury, Le Pentateuqueen question, 58

.Genève, Labor et Fides, 1989

Olivier Artus, Le Pentateuque, Cahiers Évangile n. 106, Paris, Le Cerf, p.18-20 59

Page 19: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

18

و هي مدونة عىل خلفية رصاعات ثقافية واجتامعية يف يهودا بني الكهنة والالويني من

جهة، والعلامنيني من جهة أخرى60.

أحيانا - ب و אנשים جمعه و אנש فيه االصل و )رجل/انسان( איש املذكر االسم أما

אסס. وورد ذكره أكرث من ألفي مرة يف الصابئية ويف אש الفينيقية אשים, يقابله يف

كتاب التوراة61. و يذهب بعض علامء اللغة اىل أن استعامل איש يبلور أوال و باألساس

فكرة النسب62 يف %80 من الحاالت, أي أن هذه الكلمة استعملت عىل أساس االنتامء

ملجموعة ما أو لفئة معينة من الناس63. و هذا يعني أن איש عىل عكس אדם يصنف

بوصفه فرد ينتمي وجوبا ملجموعة ما ال كفرد مستقل بذاته, مثله مثل املفرد בן )ابن(.

و يستعمل املفردين يف عالقتهام العضوية مبجموعة نذكر عىل سبيل املثال ›לא ישב שם

איש ולא יגור בה בני אדם’64 )ال يسكن فيك انسان و ال يتغرب برش يقول الرب(. و

هذا يطرح طبيعة مكانة الفرد يف التوراة و يف التفكري اليهودي بصفة خاصة.

• 3 • املفردات يف املسيحية

κοιν-( دون كتاب العهد الجديد مبارشة بلغة يونانية تسمى باليونانية التوراتية أو بالكوونية

γλώσσα( و هي يف االصل لهجة هجينة )koinè( تكلم بها العامة منذ حمالت اسكندر املقدوين و تكونت من مجموعة لهجات اغريقية قدمية هي الالتيكية و الدورية و األيونية. و تعترب الكونية

لغة مبسطة عىل عكس اللغة االغريقية الكالسيكية التي تكلم بها الفالسفة القدامى كأفالطون و

غريه65. و عليه فان املصطلحات املتداولة يف التفكري املسيحي هي باألساس مصطلحات

اغريقية و كذلك التينية.

اليونانية اللغة من عادة ترتجم )πρόσωπα )prosôpon مفرد Πρόσωπον أ-

عكس عىل لإلنسان الخارجي املظهر أي ’الوجه’, باألساس تعني و ’شخص’ بكلمة

ουσια )substance( التي تعني ألجوهر. و عىل عكس ما جاء يف التوراة فان الله-

االب عند املسيحيني هو الذي تجىل من خالل املسيح بواسطة الروح القدس و يبدو أن

هذه املصطلح شكل احراجا لفقهاء الدين املسيحي يف أول عهدهم ألنه محمل مبدلول

.La Palestine à l’époque perse, Collectif sous la direction de E. M. Laperrousaz, Paris, Cerf, 1994, p. 183 60

The Study of Semantics in General Linguistics, in Walter P. Bodine, ed. Linguistics and Biblical Hebrew )Winona 61

.Lake, IN: Eisenbrauns, 1992(, p. 134

in biblical hebrew : aterm of affiliation, in. The Journal of hebrew scriptures, ISNN, איש David E.S.Stein, The noun 62

.1203- 1542, p. 2- 24 .Alison M. Grant, Adam and ’Ish: Man in the OT, Australian Biblical Review 25 )1977(, pp. 2–11 63

64 سفر أرمياء االصحاح 49 االية 18.

65 تحولت الكونية من لهجة عامية اىل لغة تواصل منذ القرن الثالث قبل امليالد و مل ترتاجع مكانتها حتى مع احتالل الرومان للمنطقة يف القرن

االول قبل املسيح.

Page 20: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

19

وثني يجسم االله. و للخروج من هذه املأزق عرف العلامء مفهوم الثالوث عىل أن الله

واحد ذي ثالثة أقانيم66: االب و االبن و الروح القدس, أي أنه كلمة الله الظاهر يف برش.

إال أن هذا التعريف مل يلقى اجامع املسيحيني فانقسموا اىل مذاهب و طوائف عديدة

عرف كل منها مفهوم الشخص حسب عقيدته فمنهم من يقول بأزليته اعتامدا عىل ما

جاء يف انجيل يوحنا من أنه ’يف البدء كان الكلمة’ و منهم من يقول أنه مخلوق مثل

آريوس و أتباعه كام اختلفوا يف عدد االقانيم و طبيعتها. ففي حني تؤكد الكنائس التي

تنسب اىل نفسها االرثوذكسية أن الله واحد ذو ثالثة أقانيم هم االب و ابن و الروح

القدس و أن للمسيح طبيعتني واحدة الهية و أخرى برشية رفضت مذاهب مسيحية

أخرى عقيدة التثليث و مبدء االقرار بطبيعتني للمسيح و بطبيعة العالقة بينهام. ذهب

النسطوريون كإيليا النصيبي67 أو ايليا بار شينايا68 يف كتابه أصول الدين أن املسيح ما هو

lo- )الال شخص واحد مكون من أقنومني أو جوهرين أو ذاتني: جوهر االهي و هو الكلمة

gos( و جوهر برشي هو يسوع املسيح )Jésus(69 . غري ان هذين الجوهرين ال ينصهران

بل تجمعهام مجرد صلة )conjonction( أو اتحاد )union( بني االله و اإلنسان فيصبح

بذلك يسوع الها كامال و برشا كامال أيضا دون اختالط أو انفصال. و يؤكد اليا النصيبي

التقليد بذلك مخالفا العذراء70 مريم بألوهية االعرتاف عدم عىل النستوريني كبقية

الجاري يف عرصه لدى الكنائس الكاثوليكية و االرثودكسية التي تنادى بإله واحد مثلث

األقانيم71. ثم جاءت النظرية املنوفيزية يف القرن الخامس كردة فعل ضد النيستوريني

وهي تقول بطبيعة الهية واحدة للمسيح72 و استمر الجدال طويال بني الكنائس حول

الكنائس الكنيسة اىل قسمني سنة 1054. و استقلت انقسام انتهى اىل طبيعة املسيح

الغربية الالتينية بصفة الكاثوليكية بينام انفردت الكنائس اليونانية و الرسيانية بصفة

االرثوذكسية و أدت هذه الخالفات املذهبية اىل اندالع عداوات و حروب بني الفريقني.

66 االقنوم لفظ رسياين يفيد احدى طبائع الله. و يعرف بأنه جوهر فردي غري قابل لالنقسام و يختلف عن الشخص. ففي حني يعرب الجوهر عن

ما هو غري ملموس يكون االقنوم تعبريه امللموس.

67 نسبة اىل نصيبني و هي مدينة رافدية قدمية تقع االن جنوب رشق تركيا.

68 هو أسقف و نحوي رسياين )-975 1046( يعد من أهم العلامء الرسيان فب القرنني 10 و 11. ألف العديد من الكتب باللغتني العربية و

الرسيانية يف النحو و يف علوم الدين. عمل عىل التقويم الكنيس للكنيسة الرسيانية الغربية )النيستورية( سنة 1019. و كانت له معرفة عميقة

باإلسالم.

69 هذا املذهب يسمى باملذهب النيستوري نسبة اىل نيستوريوس أسقف القسطنطينية )451-386(

70 ألوهية مريم العذراء كان شأنا متداوال يف الكنيسة منذ القرن الثالث عىل االقل

71 الجدل الذي قام بني نيستوريوس و سيليستنيوس بابا روما أدى اىل انعقاد مجمعا محليا يف روما يف سنة 431 أوال ثم مجمعا اخر يف أفسس

يف 10 يوليو من نفس السنة أدين نيستوريوس و نفي اىل الصحراء يف صعيد مرص حيث تويف سنة 451.

72 القت العقيدة املونوفيزية معارضة شديدة من طرف خصومها و انتهى بها االمر يف مجمع خاقيدونية سنة 451 اىل نفي بابا االقباط و انجرعن

ذلك انفصال تدريجي لكنائس مرص و الحبشة و سوريا و أنطاكيا. هذه الرصاعات و االنشقاقات ال تزال قامئة حتى اليوم.

Page 21: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

20

ب- و ملا جاء اإلسالم يف القرن السابع استنكر هذا املفهوم واعتربه كفرا و رشكا:‹لقد كفر

الذين قالوا إن الله ثالث ثالثة وما من إله إال إله واحد‹73, ›و ال تقولوا ثالثة امنا الله اله

واحد سبحانه ان يكون له ولد‹74. و يذهب بعضهم اىل مقارنة فكرة الثالوث املسيحي

بالثالوث الوثني املرصي كام ورد يف العبادات املرصية القدمية يف قصة ايزيس و أوزوريس

و ابنهام حورس. و تواصل الجدل هذه املرة بني املسيحيني و املسلمني و احتد النقاش بني

العلامء منذ القرون االوىل لإلسالم و ال يزال.

ج- و يرجع املسيحيون رفض اليهود و املسلمني ملبدأ التثليث لسوء فهم للمعنى الحقيقي

من ورائه و يؤكدون أن املسيحيني يؤمنون بإله واحد قد أعلن نفسه لإلنسان ىف ثالث

أقانيم: اآلب واالبن والروح القدس. وقد أعلن يسوع هذا املبدأ عندما أمر تالميذه قائال:

ألقدس75. والروح واالبن اآلب باسم وعمدوهم األمم جميع وتلمذوا »اذهبوا

االنجيل: يف ورد وقد ألصليب عىل ظهرت قد األب والله االبن يسوع بني فالعالقة

»يا أبتاه اغفر لهم ألنهم ال يعلمون ماذا يفعلون«76.

• 4 • املفردات يف االسالم

أ- تساق كلمة إنسان يف اللغة العربية كضد ل‹حيوان‹و ›جن‹ و ›شيطان‹ وقد أرجع العلامء

مفهوم االنسان اىل أربعة جذور:

• ›نوس‹ و النوس هو تذبذب الشئ. و يقال ›ناس نوسا‹ أي تدىل و

اضطرب. وقد سمي بعش ملوك حمري بذوي نواس لضفريتني كانتا تنو

سان عىل عاتقهام77 .

• נשי / العربية اللغة الذاكرة و يقابله يف النسيان ضد نيس من

נשו )نيس و نسو(التي اشتق منها كلمة امرأة אשה. و النسوة يف اللغة

العربية جمع املرأة. و روي عن ابن عباس أنه قال ’امنا سمي االنسان

من إنسيان االصل يف هي انسان فكلمة فنىس اليه عهد ألنه انسانا

النسيان78. و قيل يعنى باإلنسان ادم.

• أنس و االنس ضد الوحشة و االنس بكرس االلف تعني البرش و

73 سورة املائدة 5: 73.

74 سورة النساء 171.

75 متى 28: 19-20

76 لوقا: 23- 34.

77 ابن منظور لسان ألعرب دار أملعارف ألقاهرة الجزء 6, ص 4575.

78 املصدر السابق جزء 1, ص 147.

Page 22: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

21

مفرده إنيس. و يقابلها يف اللغتني اآلشورية אנשו )مريض( و يف العربية

و אנש )مريض, رجل أو مهذب(.

و يذهب هذا املفهوم اىل الطابع املدين لإلنسان. و يقال كيف انسك

أي كيف نفسك79.

• قال و طي لغة يف االنسان هو و أيايس جمعه ايسان و أيس

اللحياين جمع ايس هو أياسني كام جاء يف كتاب القران ›ياسني و القران

الحكيم‹ بلغة طي. و قال الفراء أن الغرب جميعا يقولون االنسان إال

الخليل اىل أن أيس ياء80. و يذهب النون طيا فإنهم يجعلون مكان

تعني وجد برفع الواو, أي الكينونة و الوجود و قال ان معنى الأيس

أي الوجود81.

ب- فرد يف اللغة هو الوتر بكرس الواو و الجمع أفراد و فرادى, عىل غري قياس. و يقول ابن

سيده: الفرد نصف الزوج. و الفرد بالفتح أو الضم أيضا هو الذي ال نظري له أي منقطع

القرين. و جاءوا فرادى بالرفع أو الكرس أي واحد بعد واحد. و قال ألليث: الفرد ما كان

وحده. و فرد الرجل بالفتح اذ تفقه و اعتزل الناس و سئل الرسول عن املفردين فأجاب:

الذاكرون الله كثريا و الذاكرات. و يقال: فررد برأيه مبعنى انفرد به82.

• شخص: الشخص هو االنسان و غريه و الجمع أشخاص و شخوص

بالفتح و ظهور. و شخص ارتفاع له الشخص كل جسم و و شخاص

وشخوصا ارتفع و يقال شخص السهم أي عال. و الشخوص أيضا السري

فلم رفعه أي املوت, عند ببرصه الرجل شخص و بلد اىل بلد من

يطرف83. و يقابل شخص يف العربية שחץ يف اللغة العربية و يف اللغة

االثيوبية مبعنى متكرب و شامخ أما االسم املشتق منهام فيعني الكرامة

و الكربياء.

• و الواحد و الذكر و االنثى عىل يقع و الخلق هو البرش برش:

االثنني و الجمع ال يثنى و ال يجمع. و البرشة أعىل جلدة الرأس و الوجه

79 املصدر السابق جزء 1, ص 149

80 املصدر السابق جزء 1, ص 148.

81 املصدر السابق جزء 1, ص 190

82 املصدر السابق جزء 5, ص 3373- 3375.

83 املصدر السابق جزء 4, ص 2211- 2212.

Page 23: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

22

و الجسد من اإلنسان و هي التي عليها الشعر84. و يقابل لفظ برش يف

اللغة العربية اسم בשר يف اللغة العربية ويعنى الجنس البرشي عموما

و كذلك اللحم أو القرابة الدموية أو البرشة أو ذكر الرجل. أما يف اللغة

االشورية فكلمة برشو تعني لحم الثور و نفس الجذر يف اللغة الصابئية

يعني القرابة الدموية.

III • االنسان أو الشخص في اليهودية |

ال وجود يف النصوص اليهودية القدمية لفظا مرادفا لكلمة أخالق و امنا نجد مصطلحا خاصا لكلمة

و وبخ87 أصلح86, و علم يعني الذي و יסר اسم مذكر مشتق من فعل )موسار(85 و هو מוסר

عاقب88. و تتداخل املفاهيم االخالقية مع مفاهيم دينية و أخرى شعائرية فرنى أن االسفار املتعلقة

بالحكمة89 تهتم مببادئ االخالق كجزء ال يتجزأ من الفرد. و تناول الفقهاء اليهود هذه املسألة يف

العديد من كتاباتهم و أطلقوا عبارة בן אדם לחברו كمنطلق لتنصيص القواعد االجتامعية التي

تحكم بني الناس.

و بالرغم من أن اليهودية تعتمد أساسا عىل مبادئ دينية إال أنها تعطي لإلنسان قدرا من الحرية

وفق ما جاء يف كتاب التوراة90. فاإلنسان مخري بني أن يسلك طريق الله باعتباره النهج االمثل أو أن

يحيد عن هذا الطريق فيسائل عن أفعاله يوم الدين.

• 1 • خلق آدم عىل صورة اهلل

ورد يف االصحاحني االول و الثاين للسفر االول يف التوراة قصة خلق االنسان يف روايتني مختلفتني.

ترسد الرواية االوىل خلف االنسان عىل صورة الله من جهة: ›وقال الله لنصنع االنسان عىل صورتنا

كمثالنا و ليتسلط عىل سمك البحر و طري السامء و البهائم و جميع وحوش االرض و كل ما يدب

الله خلق البرش ذكرا و أنثى خلقهم‹91 و الله االنسان عىل صورته عىل صورة عىل االرض فخلق

صنعه من طني أو تراب من جهة أخرى: ›و جبل الرب الاله آدم ترابا من االرض و نفخ يف أنفه نسمة

84 املصدر السابق جزء 1, ص 286

85 سفر االمثال 1, 8 : ’اسمع يا بني مشورة أبيك و ال تهمل نصيحة أمك’.

86 سفر التثنية 8, 5 : ’فاعلم أنه كام يؤدب االب ابنه أدبك الرب الهك’.

87 سفر حزقيال 23,48 : ’فأنهي فجورهام من هذه االرض و تتعظ جميع النساء و ال يفجرن مثلهام’.

88 سفر امللوك االول 12, 11 : ’أيب حملكم نريا ثقيال و أنا أزيد عىل نريكم أيب أدبكم بالسياط و أنا أؤدبكم بسياط شوكية’.

89 أسفار الحكمة هي مجموعة أسفار من كتاب التوراة و تعد كتاب أيوب و االمثال و الجامعة و عادة ما تسمى هذه الكتب بأسفار الحقيقة.

90 سفر التثنية 28,9 : و يقيمكم الرب شعبا مكرسا له كام أقسم لكم اذا عملتم بوصاياه و سلكتم يف طرقه’.

91 سفر التكوين 1, 26-27.

Page 24: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

23

حياة فصار آدم نفسا حية و غرس الرب الاله جنة يف عدن رشقا و أسكن هناك آدم الذي جبله‹92.

تقص الرواية الثانية كيف خلق الله حواء من ضلع آدم: ›و قال الرب ى يحسن أن يكون آدم

وحده فأصنع له مثيال يعينه....فأوقع الرب االله آدم يف سبات عميق و فيام هو نائم أخذ احدى

أضالعه و سد مكانها بلحم و بنى الرب االله امرأة من الضلع التي أخذها من آدم فجاء بها اىل آدم

فقال آدم هذه االن عظم من عظامي و لحم من لحمي هذه تسمى امرأة فهي من امري أخذت‹93.

القديم منذ الرافدين يف تناقلتها كل مجتمعات بالد االنسان القول أن قصة خلق بنا و يجدر

السومريني94 الذين عاشوا يف املنطقة من االلفية السادسة حتى االلفية الثانية قبل امليالد و من جاء

بعدهم من أكاديني95 و بابليني96 و آشوريني97. تروي ملحمة اترا حاسيس )Atrahasis(98 االكادية

و املستوحاة بدورها من ميثولوجيا زيوسودرا )Ziusudra(99 قصة خلق االنسان كالتايل : ›أوكل االله

أنليل اىل االلهة مامي و االله انيك مهمة خلق االنسان, فتم قتل أحد االلهة و مزج بالطني ليخلق

منه جسد االنسان‹. أما ملحمة أنوما اليش100 البابلية فتقص كيف خلق مردوخ101 االنسان من أجل

خدمة االلهة.

اسم العلم آدم التي أطلقتها التوراة عىل الرجل االول هو يف حقيقة االمر اسم من أصل سوري

غلبه يبيك كان كرييت بينام :‹و آدم بأيب ايل االله تلقب التي نجده يف ملحمة كرييت102 قديم

النعاس و ظهر له الرب ايل )El( أبو آدم يف حلمه‹.

و تجدر االشارة أيضا اىل أن قصة خلق االنسان تختلف يف التوراة السامرية103 عنها يف التوراة

92 سفر التكوين 2, 7-9.

93 سفر التكوين 2, 17- 24.

94 سومر: كانت تغطي الجزء الجنويب من العراق املعارص، من بغداد إىل الخليج الفاريس. ويعزى إىل السومريني ظهور املراكز الحرضية األوىل

مع مجتمع منظم سياسيا؛ وكذلك املعابد الكربى األوىل، مثل »الزيجورات«، ونظام كتابة متبلور مثور للحياة الفكرية وطرق مألوفة للمواصالت.

وكان السومريني يعربون عن أنفسهم بلسان إدغامي مل يظهر ال يف اللغات السامية، وال يف اللغات الهندو-أوروبية.

95 االكاديون شعب من أصل سامي عاش يف بالد الرافدين ما بني 2400 و 2400 قبل امليالد. و كان أول ظهور لألكاديني سنة 2350 ملا أخضع امللك

سريجون لحكمه دول سومر و منطقة الهالل الخصيب و االناضول و عيالم و منطقة الخليج العريب و اتخذ مدينة أكاد عاصمة له.

96 البابليون هم شعب عاش يف بالد الرافدين ما بني االلفية الثانية حتى مجيء الفرس سنة 539 قيل امليالد.

97 اآلشوريون هم شعب سامي عش يف بالد الرافدين منذ االلفية الثانية قبل امليالد و يف خالل القرنني الثامن و السابع قبل امليالد استوىل

اآلشوريون عىل مناطق سورية و تركيا و ايران.

98 ملحمة اترا حاسيس دونت باللغة االكادية يف حوايل القرن الثامن عرش قبل امليالد و هي تروي قصتي الخلق و الطوفان.

99 زيوسودرا هو ملك آشوري عاش يف القرن التاسع عرش قبل امليالد و كان قد رأى يف منامه أن االلهة تنوي اغراق البرشية بالطوفان فام كان

منه إال أن صنع سفينة كبرية ركب عىل متنها أفراد أرسته و زوجني من أجناس الحيوانات ثم ملا نزلت املياه أنزل كل ما يف السفينة قم ارتفع اىل

السامء. هذه القصة نجدها أيضا يف التوراة و الكتب االخرى.

100 تروي ملحمة انوما اليش قصة خلق االنسان و تعود اىل القرن الثامن عرش قبل امليالد.

101 كان مردوخ أكرب آلهة قدماء البابليني و متنحه رشيعة حمو رايب املكانة االوىل بني آلهة السامء.

102 كرييت هو ملك صيدا عاصمة مملكة كنعانية يف االلفية الثانية قبل امليالد عرف عنه اخالصه التام اللهه ايل. و يبدو أن امللك كرييت كان قد

خرس الحرب التي أعلنها عىل تارح أبو ابراهيم ملا جاء هذا االخري برفقة جيش كبري الحتالل املنطقة.

103 تعتمد التوراة السامرية االسفار الخمسة االوىل للكتاب املقدس و ال تعرتف ببقية االسفار االخرى و يعترب السامريون أنه ال نبي بعد موىس.

Page 25: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

24

العربانية. ففي حني تقول التوراة السامرية أن الله خلق االنسان عىل صورة املالئكة تؤكد التوراة

العربانية أن الله خلقه عىل صورته و يختلف النصني يف مواضع أخرى عديدة و قد ثبت أن النص

السامريون أن العربانية حتى التوراة مع يتفق مام أكرث السبعينية104 التوراة مع يتفق السامري

ذهبوا اىل القول بأن الكاتب عزرا الوراق هو من حرف التوراة لصالح قبيلة يهوذا. يقول ابو الفتح

ابن ايب الحسن السامري105 يف تاريخه أن اليهود و السامريني اختلفوا اثر عودتهم من بابل106 حول

القبلة واشتد الهيكل108 و مسألة رئاسة عرش أسباط بني ارسائيل و عاصمة اململكة107 و موقع

الشقاق و استحكم العداء بينهام حتى أنهم حرموا اقامة أي نوع من أنواع العالقات االجتامعية و

الدينية مع بعضهم البعض109.

• 2 • ماكنة االنسان يف كتاب التوراة

ميكننا القول أن مفهوم االنسان يف اليهودية عموما و يف التوراة خصوصا كان متباينا و يرجع ذلك الرتباطه بثالثة مراحل تاريخية و توجهات مفصلية مختلفة سنتعرض اليها يف التحليل التايل:

أ- املصدر القصيص : مساحة لملساواة و التساحم

املرحلة االوىل هي التي سبقت السبي البابيل أو الشتات110 و قد اتسمت برتويج مبادئ عادلة

بني الناس و بالكثري من التسامح تجاه الغريية. و يعود السبب يف ذلك أنه يف القرنني الثامن و السابع

قبل امليالد عرفت املنطقة اهتزازات منها سقوط مملكة ارسائيل الشاملية111 عىل يد اآلشوريني سنة

722 قبل امليالد مام دفع العديد من سكانها اىل هجرات متتالية اىل مملكة الجنوب112 علام و أن

104 السبعينية هي الرتجمة اليونانية للتوراة التي دونت يف القرن الثالث قبل امليالد يف مدينة االسكندرية ملا كان البطاملة يحكمون مرص.

105 ابو الفتح ابن ايب الحسن السامري الدنفي مؤرخ عاش يف القرن الرابع عرش ألف باللغة العربية و من أشهر كتبه كتاب التاريخ و هو عبارة

عن مدونة تروي تاريخ السامريني منذ خلق آدم حتى مجيء االسالم.

106 يرى بعض العلامء السامريون أن الخالف بينهم و بني اليهود ال يعود اىل فرتة ما بعد الشتات و امنا قرنني بعد ذلك. ذهب ليون بوليكوف يف

كتابه السامريون اىل الجزم بأن انفصال اليهود عن السامريني يعود اىل حكم االسكندر املقدوين.

107 كان السامريون يريدون السامرة عاصمة ألسباط بني ارسائيل فيام كان اليهوذيون ينادون بأورشليم عاصمة تجمع كل اليهود.

108 احتد الرصاع بني السامريني و اليهوذيني حول موقع الهيكل. يجزم السامريون أن هيكل جبل طور هو الهيكل االصيل ألسباط بني ارسائيل

بينام أرص اليهوذيون أن يكون معبد الرب يف أورشليم.

109 انظر الفقرة املتعلقة بزمن الهيكل الثاين.

110 يف سنة 586 قبل املسيح قاد امللك البابيل أبو خد نرص حملة توسعية يف منطقة بالد الشام فدمر عدة ماملك منها مملكة الجنوب يهوذا فدمر

أسوارها و هيكلها وسبا الكثري من سكانها اىل بابل. ثم ملا ضعف حكم اآلشوريني غوا كورش االكرب حاكم فارس املنطقة و أخضعها لحكمه و توخى

سياسة التسامح تجاه االديان االخرى و سمح للعربانيني بالعودة اىل يهوذا سنة 539 قبل املسيح و اعادة بناء الهيكل.

111 مملكة ارسائيل الشاملية و تسمى أيضا مملكة افرايم و كذلك السامرة هي مملكة االسباط العرشة و عاصمتها الوىل شكيم )نابلس( ثم ارصة

و من بعد شامر )سبسطية( و قد تعاقب عىل حكمها عرشون ملكا. و عمرت زهاء مائتني و خمسني سنة ثم أطاح بها اآلشوريون سنة 721

قبل املسيح. و كان السامريون و ال يزالوا اىل اليوم يعتقدون أن جبل جرزيم أو جبل الطور هو القبلة االصلية لليهود و ليس القدس حسب ما

ورد يف التوراة يف سفر التثنية 11,29 و 27,12. و قد أشاد السوماريون معبدا سنة 330 قبل امليالد عىل قمة جبل طور و جعلته مركزا دينيا لها

عىل غرار معبد أورشليم. و سميت توراتهم بالتوراة السامرية أو كتب موىس فالسامريون ال يعرتفون بغري الكتب الخمسة االوىل من التوراة أي

التكوين و الخروج و الالوين و العدد و التثنية و ال يقرون بغري موىس نبيا.

112 مملكة الجنوب أو يهوذا هي مملكة كانت تقع يف فلسطني و تتكون من قبيلتني اثنتني هام يهوذا و بنيامني و كانت عاصمتها أورشليم, و قد

تعرضت مملكة يهوذا اىل العديد من الغزوات من الشامل و من الجنوب و ذلك نظرا ملوقعها االسرتاتيجي يف املنطقة. و قد تعاقب عىل مملكة

يهوذا واحد و عرشون ملكا و استمرت ختى سنة 587 ملا حارصها البابليون و أسقطوها.

Page 26: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

25

العالقات بني اململكتني كانت عىل قدر من الحدة و التوتر من جراء نزعات الهيمنة التي أظهرتها

مملكة الجنوب ازاء نظريتها يف الشامل. و قد استمرت النزاعات بينهام وصلت اىل حد القطيعة و

أدى هذا الحال بهام اىل أن كل واحدة منهام استنجدت بقوى خارجية أخرى للقضاء عىل بعضهام

البعض113. كام كان كل من الفريقني يتهم اآلخر بأنه حرف التوراة.

تضاعفت مساحة مملكة يهوذا مبقدار أربع مرات جراء االنقالبات االجتامعية و االقتصادية التي

حصلت منذ سقوط مملكة الشامل مام ادى اىل بناء أحياء جديدة114 و ظهرت طبقات اجتامعية

الدينية كتاباتهم و عاداتهم املهاجرين معهم قد حمل هؤالء و بهشاشة طابعها. جديدة متيزت

التي يبدو انها كانت تختلف عن تقاليد أهل الجنوب االمر الذي دعا اىل اعادة النظر يف اصالحات

عاجلة عىل صعيدين االول مجتمعي و الثاين ديني و كانت املواقف املتعلقة باملهاجرين تتسم يف

مجملها بالقبول و عدم التمييز حتى أن املشاركة يف االعياد و الزواج املختلط مل يكن محظورا آن

ذاك عىل عكس ما سرناه يف الفرتات الالحقة علام و أن املهاجرين هؤالء يعدون من أسباط بني

ارسائيل العرشة.

قام كل من امللك حزقيا115 و يوشيا116 بإصالحات جذرية مذكورة يف أسفار التثنية117 و امللوك118

الدينة و السيايس ليكون وحدة وطنية محورها أهمها عملية جمع ارث مملكة الشامل االديب و

أورشليم كام متت محاربة الوثنية و ترميم الهيكل و منع الكنعانيني من مامرسة طقوسهم فيه119 و

إصالح أسوار املدينة و حفر بركة و قناة للمياه يبلغ طولها 533 مرت لتزويد املدينة باملاء من منبع

جيهون اىل مدينة أورشليم. و جاءت هذه االصالحات يف ظل بدايات ضعف اآلشوريني كعالمة لبعض

من االستقاللية.

مام ال ريب فيه أنه يف هذه اللحظة التاريخية مل يكن مفهوم الهوية بالنسبة لبني ارسائيل مبلورة

بالقدر الذي سيحظى به يف فرتات الحقة و قد ثبت أنه حتى مفهوم االنتامء اىل ديانة بعينها أو

اىل وطن معني مل تكن و عىل عكس ذلك نرى أن الفرد تحدد هويته حسب انتامئه لهذه القبيلة

أو تلك برصف النظر عن كونه ضمن االسباط االثني عرش أو ال و ذلك ألن التقسيامت االثنية و

113 فغزا امللك اآلشوري رسجون الثاين مملكة ارسائيل وسبى أعيان قومها. استنجد ملك يهوذا مبلك دمشق ليعاونه عىل محاربة مملكة الشامل

.Pierre Bordreuil et Françoise Briquel- Chatonnet, Le temps de la Bible, Paris, Gallimard, 2000, p. 346 114

115 حكم مملكة يهوذا من سنة 716 اىل سنة 687 قبل املسيح و كان يلقب بامللك الطيب. عاش فرتة سقوط مملكة الشامل. حزقيا هو ملك

116 يوشيا: ابن آمون ويلقب بامللك الصالح. كان عمره مثانية أعوام عندما اعتىل العرش )حواىل 640ق.م(. ويف العرشين من عمره قام بسلسلة

من اإلصالحات الدينية يف أورشليم وعموم اململكة و كان مرشده الكاهن العظيم حلقيا. ترسد أسفار امللوك واألخبار الحامس الذي بارش به يوشيا

مهمته: قاوم الوثنية دون هوادة خاصة منها تلك املتعلقة بالعبادات و الطقوس اآلشورية و حارب كذلك محرتفو البغاء املقدس من الجنسني و

أمر برتميم الهيكل يف أورشليم )622ق.م( و أثناء أعامل الرتميم وجد العامل سفر الرشيعة املفقود الذي تاله الكاهن األكرب هيلكيابو عىل امللك

و عموم الشعب. هذا املخطوط هو ما سيعرف بسفر التثنية. ويصنف امللك يوشيا يف التوراة ضمن امللوك األتقياء. وقد جعل منه متى، يف إنجليه

واحدا من أسالف املسيح )1، 11-10(. و يف سنة 610 ساند يوشيا ملك آشور يف حربه ضد الفرعون نخو فقتل أثناء املعركة.

117 سفر التثنية 22 و 23.

118 سفر امللوك الثاين 23,7.

119 يبدو أته كان هناك تعايش طقيس يف هيكل أورشليم قبل اجراء ما يسمى باإلصالحات الدينية اذ كان الهيكل يف أول عهده مفتوحا لكل

العبادات مبا فيها الوثنية.

Page 27: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

26

العقائدية لألشخاص سوف ترى النور ابتداء من ظهور حركات التبشري و انتشار الدين اليهودي يف

فرتة ما يسمى بالهيكل الثاين120 خاصة يف عهد االرسة الحشمونية )Hasmonéens(121 يف القرن الثاين

قبل امليالد.

ب- املصدر الكهنويت :مرحلة املساواة املرشوطة

تسمى الفرتة الثانية بفرتة الكتابات الكهنوتية يف التوراة122 و سميت كذلك ألنها دونت من قبل

مجموعة من الكهنة عاش بعضهم يف مملكة الشامل و بعضهم يف بابل فرتة الشتات و بعضهم اآلخر

يف مملكة يهوذا )Juda( وقت الشتات و بعده. و هو مصدر يختلف عن املصدر السابق بكونه

تعليميا و ليس قصصيا اذ اتسم باهتامم بالغ بالطقوس و الترشيعات و كذلك باألنساب و قد ركز

بشكل الفت عىل العهد الذي قطعه الله مع نوح و ابراهيم و موىس و داود. و يعترب سفر الالوين

كهنوتيا رصفا.

يبدو أن هذه النصوص عاملت االفراد عىل قدم املساواة غري أنها اشرتطت الختان و الحفاظ عىل

اذا نزل بكم ›و : املعاملة الفصح124 كضامن لهذه بالسبت123 و بعيد الدينية كاالحتفال التعاليم

دخيل و أراد أن يقدم ذبيحة الفصح للرب فليخنت كل ذكر من أهل بيته قبل أن يقدمها فيصري

كاالصيل يف أرضكم و غري املختون ال يأكل منها‹125 ›و أي دخيل نزل بكم أو سكن فيام بينكم

مدى أجيالكم و صنع وقيدة تريض رائحتها الرب , فليصنع كام تصنعون. فريضة واحدة أبدية لكم

و للدخيل النازل بينكم مدى أجيالكم‹126.

نستخلص انطالقا من هذا أن مبدأ املساواة بني الناس مرشوط باملشاركة يف العقيدة و الطقس و

حسب ما يبدو أن هذه التعاليم الجديدة جاءت ردا عىل اختالف العادات و الطقوس لدى اليهود

أنفسهم كام حاول الكهان يف غياب السلطة امللكية و دمار الهيكل أن ينظموا الشعائر و يلملموا

شتاتهم فكانت تلك بداية العبادة يف املجامع و الصلوات املشرتكة و التي سيكون لها أثر كبري يف

دراسة الكتاب املقدس و تأويله.

120 متتد فرتة ما يسمى بالهيكل الثاين من سنة 515 قبل املسيح اثر الرجوع من الشتات اىل سنة 70 ملا دمر تيطس الروماين و جيشه الهيكل

ثانية. و تتميز هذه الفرتة بنوع من االستقرار و بالعديد من االصالحات االجتامعية و الدينية. و قد تتالت دول عديدة عىل حكم فلسطني يف

هذه الفرتة هي الحكم الفرس )330-538 ق م( و اليونان )330- 323 ق م( و البطالسة )200-323 ق م( و السلوقييون )200- 167 ق م( و

السلةقيةن و املكابيون )167 ق م-63 م( ثم الرومان )63-614(.

121 االرسة الحشمونية أو املكابيون عرفوابتعصبهم الديني و بتمردهم عىل الدولة السلوقية حاكمة املرشق آن ذاك. قاد متى الحشموين ثورة

ضد الرومان سنة 167 قبل املسيح اثر عمليات تدنيس املعبد و املقدسات اليهودية. و قد تواصل هذا التمرد ثالث سنوات و حكمت الساللة

الحشمونية فلسطني من سنة 140 حتى سنة 36 قبل املسيح قبل سقوطها عىل يد بومبيوس الروماين.

122 املصدر الكهنويت يف التوراة هو أحدث املصادر االربعة التي سبق ذكرها دون يف عهد الشتات و ما بعده عىل يد كهنة أغلبهم من مملكة

الشامل و هو مصدر يتناول مواضيع تخص الكهنة و أحوالهم و يبدو أنه ألهم مؤلف سفر الالوين.

123 السبت هو يوم مقدس لدى اليهود و هو اليوم السابع الذي أتم فيه الله خلق العامل و االنسان.

124 يعد الفصح من أهم االعياد يف اليهودية و يحتفل به طوال سبعة أيام إلحياء ذكرى خروج بنس ارسائيل من مرص.

125 سفر الخروج 12, 48.

126 سفر العدد 15, 14-16.

Page 28: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

27

و الجدير بالذكر أن النصوص الكهنوتية رغم تقليصها ملبدأ املساواة إال انها تبقى منفتحة و ضامنة

لحقوق اآلخر و هذا يرجع بالخصوص اىل املرجعية الفكرية التي متيز بها املؤلفون حيث نجد أن

معظمهم أصيل مملكة ارسائيل و الذين كانوا قد تعايشوا مع الكنعانيني لوقت طويل حتى أن امللك

أحاب127 تزوج من ايزابيل128 أمرية فينيقية و التي كانت من عبدة االله بعل. و يروى أن الكنعانيني

كانوا يتمتعون بحرية املعتقد يف مملكة الشامل فكانت لهم معابدهم يف دان و بيت ايل كام كانت

لهم أعيادهم الخاصة بهم االمر الذي أقلق النبي اليا و دخل يف رصاع مرير مع ايزابيل و مع امللك

و اتهمه بالردة و تنبأ بخراب اململكة.

ج- زمن اهليلك الثاين : زمن المتيزي

غلب عىل هذه الحقبة الطابع الترشيعي املتضمن يف سفر التثنية مع ظهور تشدد متزايد تجاه

غري اليهود فسنت العديد من القوانني التي لعبت دورا كبريا يف التاريخ اليهودي منها االقرار بخمسة

مبادئ عقائدية وجب اتباعها و هي عبادة الله وحده دون غريه و الرتكيز عىل أن اليهود هم شعب

الله املختار و عىل أهمية مكانة االرض املقدسة و عىل العمل يف اعالء شأن هيكل أورشليم و قرص

العبادة فيه دون غريه. و كان لهذه الترشيعات الجديدة وقع عىل العالقات بيت اليهود و غريهم

اذ صاروا بحكم ذلك منفصلني متاما عن غريهم من الشعوب فقد غاىل الفقهاء يف نظرتهم للذات

ق عىل اآلخرين بتعلة أنهم شعب الله املختار و أن الله اصطفاهم ووضعوا أنفسهم يف مكانة تفو

لنرش رشيعته129.

و لعله يصح القول هنا بأنه اذا كان اليهود يعتقدون جازمني أنهم شعب الله املختار فال ريبة

دون أسفارا اختيار يف انتقائية بعملية قاموا فقد مختارا تاريخا أيضا التاريخ هذا اعتربوا أنهم

غريها ضمنت يف التوراة و إال فكيف نفرس عدم االقرار بالعديد من الكتب التي كانت متداولة و

استبعادها من ضمن العهد القديم.

الذي اآلباء باب بالغة ففي باستفاضة اليهودي االنسان التلمود130 بدوره مسألة تناول كتاب

127 أحاب أو أشعب هو ملك من ملوك ارسائيل )853-875 قبل امليالد( كان يتميز بقدرته الفائقة عىل ادارة شؤون الدولة و الحكم كام عرف

عنه حنكته يف ادارة الحروب و يبدو أن حكمته يف التعاطي مع الشؤون الداخلية و الخارجية للبالد عادت عىل اململكة بالرثاء و النفوذ. يروى

أن أحاب كان يختار كهنته من عامة الشعب يف الوقت التي كانت الكهانة تقترص عىل الالوين وفقا ملا جاء يف رشيعة موىس و مل يقترص عىل

ذلك بل ذهب اىل ادعاء الكهانة لنفسه و وسع النفوذ املليك فوق ما جرت عليه العادة مام أثار سخط طبقة الكهنة و االنبياء فوصفوه يف

كتاباتهم بأشنع االوصاف.

128 و كانت وثنية تعبد االله بعل و تنقل التوراة اصطدام ايزابيل بالنبي اليا عىل خلفية اختالفهم العقائدي. ايزابيل هي ابنة أثبعل ملك صيدون

129 كان التبشري باليهودية منترشا بكرثة يف العصور القدمية منذ القرن االول و يبدو أن الفرسيني )أتباع مذهب ديني منشدد( هم من شجع مبدأ

التبشري يف الفكر اليهودي الذي كان متبعا من قبل و لكن بقدر قليل. أما الصدقيون )أتباع مذهب ديني ال يعرتف اال بكتب موىس الخمس(

فكانوا رافضني لهذه الفكرة و قد اتجه املسيحيون يف حمالتهم التبشريية اىل املناطق التي سلكها اليهود من قبلهم لنرش دعواهم.

130 التلمود اسم مستق من جذر ’ملد’ أي ’درس’و يشتمل التلود عىل تعليقات و مناقشات الحاخامات و العلامء اليهود عىل امليشنا )القانون

الشفاهي( و الجامرا )مناقشات املفرسين حول امليشنا(. و قد تواصلت دراسة امليشنا التي كانت مخصصة عىل وجه الحرص للهالخا )مجموع

القانون اليهودي( مبثابرة عالية يف مركزي بابل و فلسطني و أفىض هذا اىل ظهور تلمودين : تلمود بابل و تلمود أورشليم. و قد تم تحرير هاتني

املجموعتني عىل مدى سبعة قرون تقريبا من القرن الثاين قبل امليالد حتى القرن الخامس للميالد. و يف القرن الثاين عرش تفوق تلمود بابل عىل

نظريه االورشليمي الن العلم موىس بن ميمون كان قد استعمله كمرجع للقرارات القانونية. و يويل اليهود أهمية كربى للتلمود و يعتربونه

الكتاب و املصدر الثاين للترشبع بعد التوراة.

Page 29: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

28

يعالج بالخصوص املسائل االخالقية فنزل االنسان منزلة خاصة و أكد بأنه خلق عىل صورة الله131

و أنه يرتقي مرتبة تفوق مرتبة املالئكة عند الرب. و يف باب عفودا زارا132 من كتاب نزقني133 الذي

يخص العبادات االجنبية و العالقة مع االغيار خص اليهودي بتكريم دون غريه من الناس. و جاء يف

التلمود أن االغيار نجسني باعتبار مسألة الطهارة فحرموا الزواج بغري اليهودية و عمموا هذا التحريم

عىل النساء السامريات رغم أنهن ينتمني اىل بني ارسائيل134 و قالوا بنجاسة مطابخ و أدوات الطبخ

.135)casherout( لغري اليهود و حددوا مبادئ أحكام الكورش

نخلص بهذا اىل القول أن اختالف مفهوم االنسان يف التوراة و التلمود يعود باألساس اىل اختالف

العقائد التي ولدتها لحظات فارقة يف التاريخ اليهودي ففي الوقت الذي اقترصت فيه كتابات ما

قبل الشتات مفاهيم محدودة للعقيدة أثارت النصوص الكهنوتية فكرة االمل بالرجوع اىل أورشليم

العالقة العبادات و ببعض مبادئ عقائدية سنتها تخص االلتزام الهيكل و اشرتطت بناء اعادة و

املميزة التي تربط أسباط بني ارسائيل بربهم و ببعضهم بعضا. يضاف اىل ذلك تأثر اليهود بعقائد

مجتمعات أخرى فال ننىس أنه عاش يف املنطقة ذاتها أقوام أخرى ذات حضارات عريقة كاآلراميني136

الغزو قبل ذلك و االرض كبري من يسيطرون عىل جزء كانوا الذين املؤابيني138 و العمونيني137 و

املرصي نحو الشامل حوايل سنة 660 قبل امليالد. أما العقيدة املبلورة يف سفر التثنية و كذلك يف

التلمود فقد ركزت بصفة خاصة عىل اعادة صياغة مفاهيم االختيار )élection( و مركزة العبادة و

ارساء النفوذ الديني يف أورشليم و الحفاظ عىل العهد الذي قطعه الله لشعبه.

و الن تدوين التوراة وجب قراءته عىل خلفية رصاعات اجتامعية و دينية و سياسية يف يهوذا

نجزم بأن العرص الذي واكبه املؤلفون كان له تأثري مبارش عىل فكرهم و عىل صياغة عقائدهم يف

أدبهم حسب ما عايشوه من استقرار أو أزمات عكس منهج كل منهم يف مراحل تاريخية متعددة و

متعاقبة اتسمت بطابع التناقل الشفاهي من جهة و الطابع الكتايب من جهة أخرى.

131 آباء 3,18.

132 و الذي يعنى بالعبادات غري اليهودية و يحرمها و ينهى عن مخالطة معتنقيها أو االقتداء بهم. عفودا زارا هو كتاب من امليشنا

133 نزقنب أو نزقيم هو باب من أبواب التلمود و يتناول مسألة االرضار و االحكام الجنائية و املدنية مبا فيها من قصاص و تعويض كام يهتم

بتشكيل املحاكم. يحتوي هذا الباب عىل خمسني ترشيعا جاءت يف خمسة فصول و تدور هذه الترشيعات حول عالقة اليهود باالغيار.

134 يبدو أن النساء و السامريات املتزوجات من رجال يهود وقع ابطال زواجهن و اعتربن من غري اليهود.

135 كورش أو كرشوت هو الطعام املحلل أكله حسب االحكام اليهودية املتعلقة بالتغذية.

136 و أسسوا عدة ماملك رشق الفرات. اآلراميون شعب سامي االصل عاشوا يف منطقة الهالل الخصيب منذ القرن السادس عرش قبل امليالد

137 العمونيون شعب سامي االصل له صلة قرابة بالعربانيني حسب ما جاء يف التوراة. أسسوا مملكة شامل مؤاب باالردن استمرت من القرن

الثاين عرش قبل امليالد حتى القرن الثاين للميالد و كانت عاصمتها عمون )عامن الحالية(. و كانت عمون مبثابة خلقة وصل بني البحر املتوسط

و الرشق االقىص و أثينا.

138 أسس املؤابيون مملكة رشق البحر امليت و يحدها شامال نهر االردن. املؤابيون شعب سامي االصل يرجع تاريخهم اىل القرن الرابع عرش قبل

امليالد و تنسبهم التوراة اىل لوط

Page 30: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

29

IV • الشخص في املسيحية : الزمن املسيحي139|

قدمت املسيحية عىل انها امتداد و تطوير لليهودية و بشارة للبرشية كلها و كان املسيح يدعو

يف أول عهده اىل اصالح ما فسد من أمر اليهود قائال ›مل أرسل إال اىل خراف بيت إرسائيل‹140 مبعنى

أن ضالته كانت تخليص املؤمنني اليهود من غطرسة الكهان و من ظاهرة تعدد أناسا ادعوا النبوة

ألنفسهم. ثم ملا انترش هذه املذهب يف االوساط اليهودية و الوثنية داخل و خارج أرض فلسطني

ابتعد عن اليهودية حتى أنه قطع معها يف الكثري من الجوانب العقائدية و يف القرن الثالث بدأت

املسيحية تقدم نفسها عىل أنها ديانة مستقلة بذاتها. و من فم بدأت الخالفات تظهر بني املسيحيني

و اليهود من جهة و بني املسيحيني أنفسهم حول طبيعة املسيح و حول تعدد االناجيل141. و الجدير

من كواحدة باملسيحية االعرتاف تم حني الرابع القرن حتى تواصلت الخالفات هذه أن بالذكر

الديانات الرسمية لإلمرباطورية الرومانية يف مرسوم صادر يف ميالنو سنة 313 و حيث اعتمد سنة

325 يف مجمع نيقية Nicée(142( االناجيل االربعة و أعامل الرسل و رفض أسفار عديدة منها أعامل

بولس و رؤيا بطرس و انجيل برنبا143. و جاء هذا املجمع إلرساء ما يسمى بقانون االميان للمسيحية

من كثري يف و الكنائس بعض يف التي ظهرت الهرطقيات بسبب مرات عدة تعديله تم الذي و

املناطق. ففي افريقيا الشاملية و خاصة قرطا جنة التي كانت تعد جموعا غفرية من املسيحيني منذ

نهاية القرن االول و من أشهر علامئها نذكر ترتوليوس144 الذي يعد من أول من دون أدبه و أفكاره

باللغة الالتينية عوضا عن اليونانية التي كانت متداولة بكرثة.

139 استعمل القديس أوغسطينوس عبارة ’الزمن املسيحي’ ليدل بها عىل الزمن الجديد الذي بدأ مع اعتناق االمرباطور قسطنطينوس الدين

املسيحي.

140 انجيل متى 15, 24.

141 شاهد القرن الثالث ظهور أناجيل عديدة و متعددة سيكون لها أثر بالغ بعد اعتامد االناجيل االربعة و الغاء اآلخرين يف مجمع نيقية سنة

.325

142 مجمع نيقية هو املجمع املسكوين االول الذي انعقد يف مدينة نيقية سنة 325 و كان قد دعا اليه االمرباطور قسطنطينوس االول لفض مسائل

االنشقاقات داخل الكنائس املسيحية يف الرشق و الغرب فيام يخص تعيني االساقفة و حول طبيعة املسيح. و قد أدان املجمع كل من اريوس

الذي انكر أزلية املسيح و مشاركته يف طبيعة الله و وقع نفيه مع اثنني من أتباعه.

143 تعترب الكتب التي تم رفضها من قبل مجمع نيقية أبوكريفا بدعوى أنها غري موثقة و ليس هناك ما يثبت صحتها و اصطبغ هذا املصطلح

مبعاين سلبية ترادف التحريف. و يختلف املسيحيون يف تبويب كتب االبوكريفا ففي الوقت الذي تقر فيه الكنائس الكاثوليكية و االرثوذكسية

مثال مبا يسمى باالسفار القانونية الثانية ضمن العهد القديم ترفضها الطوائف اليهودية و الكنائس الربوتستانتية و االنجيلية بتعلة أن مؤلفيها

الذين عارصوا املسيح و الرسل االوائل مل يذكروا شيئا عنهم.

144 ترتوليوس )220-160( فيلسوف و رجل قانون قرطا جني من أصل أما زيغي اعتنق املسيحية سنة 195 و أصبح من أهم املدافعني عنها.

يذكر عنه أنه كان بارعا يف الجدال و أهم ما نسب اليه هو مصطلحات قانونية يف الالهوت كصياغته للفظ الثالوث و تقديم أول رشح للعقيدة

و تصنيف الكتاب املقدس اىل عهد قديم و عهد جديد ة التي تبنتها الكنيسة الغربية فيام بعد. اعتنق يف اخر حياته مذهب املونطانية املتشدد

الذي ظهر يف اسيا الصغرى و كان هذا املذهب ينادي بحياة تقشفية و رفض الزواج و الحث عىل العفة و كان ترتوليوس يعتربها املثال االعىل

للمسيحية الصحيحة. و كان أن أصدر االمرباطور سيتيموس سايروس مرسوما سنة 202 منع فيه التبشري اليهودي و املسيحي و يعد هذا االجراء

القانوين االول الذي اتخذ ضد املسيحيني.

Page 31: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

30

و قد تزامنت هذه االحداث بوقائع تاريخية أثرت عىل مجرى ما حدث كسقوط أورشليم و

تدمري املعبد سنة 70 عىل يد الرومان و كان هذا الحدث مبثابة رضبة قاضية لليهود و للمسيحيني

مع ثم روما بحرق اتهمهم الذي نريون االمرباطور مع املسيحيني اضطهاد بدأ الوقت. نفس يف

دوميزيانوس145 الذي أطرد يوحنا من أفسس اىل بطموس و كذلك مع االباطرة تريانوس146 و ماركوس

أوريليوس147 و ديسيوس148 و فالرييانوس149 و ديو كليزيانوس150. ثم جاء عرص قسطنطينوس االول151

فتوقفت موجات االضطهاد ملا اعتنق االمرباطور الدين املسيحي و اعتربه من بني الديانات الرسمية

لإلمرباطورية. مع وصول قسطانطينوس اىل سدة الحكم سنة 312 بدأت مرحلة انفراج بني املسيحيني

و االمرباطورية الرومانية اذ أظهر االمرباطور الجديد تعاطفا مع املسيحية انتهى به اىل اعتناق الدين

املسيحي قبل مامته بقليل. نالت الكنيسة قوانينا خاصا بها فتأسست الكنائس152 اىل جانب املعابد

الوثنية و أصبحت مدينة القسطنطينية سنة 330 عاصمة جديدة لإلمرباطورية153 و سكت النقود

بالرموز املسيحية منذ سنة 315 كذلك توىل للمرة االوىل مسيحيون مناصب قيادية يف االمرباطورية

مثل تويل أسيليوس سيفوريوس )Acilius Severus( الذي نصب سنة 325 واليا عىل مدينة روما.

منذ ذلك الوقت بدأت تتشكل عالقة وطيدة و جلية بني الدين و السلطة عرفت فرتات توتر تارة و

وئام تارة اخرى حسب العقيدة الدينية لألباطرة. اعتىل ثيودسيوس االول154 عرش روما سنة 378 ثم

اعتنق املسيحية سنة 380 و أصبح من أشد املتعصبني لها فاتخذ جملة من القرارات كان لها أثر كبري

آن ذاك نذكر منها املرسوم الصادر سنة 380 الذي يفرض اعتناق الدين املسيحي لكل مواطن روماين

أنها تحتوي مؤلفات فلسفية و أخرى وثنية بتعلة و االمر بحرق مكتبة االسكندرية سنة 155391

تأليهه و الخدمة يف الجيش الذين رفضوا 145 دوميزياتوس أو دومتيان هو امرباطور روماين و أخ تيتوس. عرف عنه باضطهاده للمسيحيني

الروماين.

146 تريانوس أو تراجان هو امرباطور روماين حكم من 98 اىل 117 و هو أول من حرم الديانة املسيحية و حكم عىل العديد منهم باملوت.

147 ماركوس أوراليوس )180-121( هو امرباطور روماين يسمى بالفيلسوف النتامئه للرواقية. حكم االمرباطورية الرومانية من 96 اىل 180 و

ناهض املسيحية التي كان يعتربها مصدر تهديد للسلطة.

148 دسيوس أو دكيانوس )251-201( هو امرباطور روماين استغل العداء الشعبي للمسيحيني لتوحيد االمرباطورية و أصدر مرسوما سنة 250

لقمع املسيحيني

149 فالريانوس هو امرباطور روماين عرف باضطهاده للمسيحيني.

150 ديو كلزيانوس أو ديو كلتيانوس هو امرباطور روماين )312-245( و يعذ عرصه نقطة تحول يف التاريخ القديم من عرص االمرباطورية الرومانية

اىل العرص البيزنطي. حرص أول عهده عىل اتباع سياسة تسامح مع الديانة املسيحية إال أنه انتهى يف أواخر سنوات حكمه باضطهاد مل يشهد

له مثيل من قبل كحرق االناجيل و مصادرة أمالك الكنيسة و منع املسيحيني من اقامة طقوسهم أو التجمع و طهب به االمر اىل قتل رجال

الدين. سمي عرصه بعرص الشهداء.

151 قسطنطينوس االول أو قسطنطني العظيم )337-272( هو امرباطور روماين يعد من أهم الشخصيات يف التاريخ املسيحي اىل جانب والدته

هيلني. يعترب قسطنطينوس حامي الديانة املسيحية و متعصب لها حتى أنه جعل منها الديانة الرسمية لإلمرباطورية الرومانية. عفا رجال الدين

املسيحيني من الرضائب و صادر املعابد الوثنية ليحول العديد منها اىل كنائس كام يبدو أن تدخله يف الخالفات الكنسية و هو من دعا شخصيا

النعقاد مجمع نيقية.

152 نذكر منها كنيسة القديس بطرس يف روما و كنيسة القيامة يف القدس.

القسطنطينية عاصمة بها و ظلت وثنية ببناء معابد اذ مل يسمح بحتة اول مؤسس ملدينة مسيحية االمرباطور قسطنطينوس أن يبدو 153

االمرباطورية البيزنطية حتى مجيء العثامنيني عام 1453.

154 )395-347( هو اخر امرباطور لروما املوحدة اذ انقسمت االمرباطورية اثر وفاته اىل امرباطوريتني : رشقية و غربية. ثيودوس االول

155 ننصح مبشاهدة الرشيط السيناميئ أغورا الذي يصور قصة الفيلسوفة هيباتيا التي قتلت من أجل أفكارها املستنرية. ال يسعنا هنا إال أن

Page 32: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

31

تخالف العقيدة املسيحية ثم أصدر بعد سنتني قرارا بإلغاء االلعاب االوملبية العترباها مهرجانات

وثنية كام تدخل بشكل مبارش يف الحياة الكنسية فهو من دعا اىل انعقاد مجمع القسطنطينية االول

سنة 381 لتثبيت العقيدة الكاثوليكية يف كل كنائس االمرباطورية.

كان لهذا التداخل بني السياسة و الدين اثر عميق يف تحديد العقائد الدينية من جهة و سياسات

الدولة من جهة أخرى نجد صداه حتى اليوم.

و من امللفت للنظر أنه ملا صارت املسيحية دينا رسميا لإلمرباطورية عملت بدورها عىل اضطهاد

اليهود و الوثنيني فدمرت معابدهم كام طاردت من كانت تعتربهم هراطقة hérétiques( 156( و

منحرفني عن االميان املستقيم, فمنذ سنة 325 أصبح يوم االحد عطلة رسمية و فقدت االعياد الوثنية

طابعها الرسمي ثم حدد دستور 389 االعياد الرسمية لإلمرباطورية و حرصها يف االعياد املسيحية.

• 1 • يسوع املسيح اله أم انسان ؟

كان مجمع نيقية نقطة االنطالق إلرساء قانون االميان الذي ركز بصفة خاصة عىل شخص املسيح

يسمون من بني اشتدت التي املساجالت ساهمت كام ›مسيحية‹ باسمه سمي الدين أن حتى

أنفسهم باألرثوذكس و من يوصفون بالهرطقة يف تحديد طبيعة املسيح )Christologie( كل حسب

الدوناتية157 يف أثارت االزمتني الهوة بينهام من جهة أخرى. و قد منظوره من جهة و يف تعميق

الكنيسة ال تزال انشقاقات يف صلب انتهى اىل افريقية و اآلريوسية158 يف االسكندرية جدال حادا

تداعياتها حتى اآلن.

قاد دوناتوس أسقف قرطا جنة انشقاقات داخل الكنيسة االفريقية التي تعد أهم مركز للمسيحية

بعد روما كام اصطدم مع الكنيسة االرثوذكسية, ففي سنة 305 رفض فكرة التعميد الثاين ملن ارتد

عن الدين أثناء االضطهاد الروماين ضد املسيحيني الذي دام من سنة 303 حتى سنة 305. و يبدو

أن دوناتوس كان متأثرا برتتليوس و سيربيان159 الذين عربوا يف مؤلفاتهم عن رفضهم أن يعتيل مرتد

أو آثم كريس االسقفية و هذا ما انتهى به سنة 312 اىل املحنة الكربى ملا عني فيليكس سيسيليانوس

156 الهرطقة أو هريسيس كلمة يونانية االصل و عنت يف أول عهدها معنى ’االختيار’ أو ’تفضيل أمر عىل اخر’ ثم أصبحت محملة ملعاين سلبية

و مرادفة للفظ بدعة و انحراف عن العقيدة القومية. أول من أقر هذا املفهوم هو القديس ارينايوس عندما وصف يف سنة 203 االتجاهات

ذات النزعة الفلسفية الدينية كالغنوصية بالهرطقة

157 الدوناتية هي مذهب ينسب اىل دوناتوس املتوىف سنة 355 و كان أسقف قرطا جنة و هو من أصل أمازيغي. بدأت محنته ملا رفض االعرتاف

بسيسيليانوس أسقفا عىل قرطا جنة سنة 312 اذ كان يعيب عىل من عينه ارتداده عن الدين و تواطؤه مع سلطات االحتالل الرومانية وقت

االضطهاد و دامت املحنة بني دوناتوس و أنصاره و بني من يصفهم بالخونة و حلفائهم عدة سنوات حتى ادخل االمرباطور قسطنطينوس شخصيا

سنة 317 بإصدار قانون ينحي دوناتوس من منصبة و يصادر كنائسه و مع هذا فان اذهب الدوناتية استمر يف االنتشار حتى القرن الخامس.

158 اآلريوسية هو مذهب نظر اليه القس اريوس )336-270(. كان اريوس من أصل ليبي ملا كانت ليبيا تابعة لإلسكندرية. درس يف مدرسة

االسكندرية الالهوتية و تأثر بأعامل الفيلسوف أوريجينوس قم انتقل اىل أنطاكيا حيث تأثر باملنطق االرسطي و من بعدها عاد اىل االسكندرية

أين تم تعيينه كاهنا. و يف سنة 318 ظهرت بوادر أزمة بني اريوس و الكسندروس أسقف االسكندرية حول طبيعة املسيح.

159 سيربيان أو سيربيان القرطاجني )258-200( هو أسقف و كاتب مسيحي مشهور. ألف كتبا عديدة من بينها كتاب عن وحدة الكنيسة و

دورها الالهويت. اعتىل منصب رئاسة االساقفة يف افريقية و كان له أثر كبري يف الحياة الكنسية يف الغرب.

Page 33: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

32

أسقفا عىل كنيسة قرطا جنة. و كان دوناتوس يعترب فيليكس مرتدا و خائنا و رفض صالحية االسقفية

لسيسيليانوس و أخذ الخالف منحا عنيفا و تواصل عدة سنوات حتى تدخل االمرباطور شخصيا سنة

317 بسن قانون يدين دوناتوس و أتباعه.

أما آريوس فيعترب أن املسيح مخلوقا ال يساوي الله يف الجوهر فهو االبن و ليس الكلمة و ال

الحكمة ألن هاتني الصفتني تنطبقان عىل الله دون غريه. و ذهب آريوس و أتباعه اىل القول ان

اساس العالقة بني الله و املسيح هي عالقة ›تبني‹ اذ ال يجوز وصف كل من االبن و الروح القدس

باألزلية الن الله حسب رأيه هو املبدأ الوحيد لكل الكائنات و هو بذلك مفارق لكل املخلوقلت.

جعل آريوس من التبني قاعدة لفهم املسيح و أنكر ألوهيته خالفا لألرثوذكسية160 القامئة فشنت

عليه كنيسة االسكندرية التي كانت تقود حينها جل الكنائس الكربى حرب شعواء و أدانته يف مجمع

نيقية سنة 325 بالعزل عن الكنيسة.

املسيح. كلها حول طبيعة تدور الخامس و الرابع القرنني أخرى يف أزمات االزمات تلت هذه

تأثر و عارصه الذي آريوس خطى عىل القسطنطينية بطريك )Macédonius( مكدونيوس سار

بأطروحته حول العالقة بني االب و االبن وقال هو أيضا بخلق الروح القدس و أنكر تأليهه. ثم جاء

أبوليناريوس161 أسقف الالذقية و الذي كان متأثرا بنظرية أفالطون يف طبيعة االنسان لينفي التجسد

و قال أن املسيح مكون من طبيعة واحدة و يفرس ذلك باتحاد كل من الجسد و النفس و الكلمة

و أن الكلمة حل محل الروح. أما نسطور162 فقد أنكر ألوهية مريم أم املسيح عىل عكس ما كان

شائعا منذ أوريجينوس و يرى أنها ولدت انسانا حل فيه الالهوت و أقر بأن تسمى أم يسوع و ليس

والدة الله أو ثيوتوكوس )theotokos(. و يبدو أن الخالف الحقيقي يكمن يف محلني اثنني هام عدم

اعرتاف نسطور بألوهية تامة للمسيح عىل عكس ما ذهبت اليه كنيسة االسكندرية و رفضه لعلوية

أوطيخا اليه دعا الغضون ظهر مذهب آخر تلك الكنائس163. و يف بقية االسكندرية عىل كنيسة

االهية بطبيعة قال و الناسوت أنكر و سبقه من و نسطور )Eutychès(164الذي هاجم مذهب

أقنوم فهو اإللهية بالطبيعة امتزجت البرشية الطبيعة وأن )monophysisme( للمسيح واحدة

واحد بطبيعة واحدة: االنسان االله.

160 االرثوذكسية كلمة يونانية االصل و عنت يف أول عهدها مفهوم االستقامة ثم انتقلت داللتها اصطالحا لتدل عىل ›العقيدة الصحيحة‹ للكنائس

عىل عكس ما يسمى ›بالبدع‹.

161 أبوليناريوس )310/315 -390( أسقف الالذقية تلقى علمه عن والده أبوليناريوس الكبري الذي كان رجل دبن وعاملا.

162 نسطور )380 أو 451-386( هو أسقف القسطنطينية منذ 428 أصله من الشام و كان مقربا من االمرباطور ثيوذوسيوس الثاين. شن نسطور

هجوما عنيفا عىل من كان يعتربهم هراطقة و كان مييل اىل الفكر الكنيس االنطايك و الذي يعتمد يف بعض جوانبه فلسفة أرسطو االمر الذي

أثار حفيظة أنصار مدرسة االسكندرية الذين مييلون اىل الفكر االفالطوين و التأويل الرمزي للكتاب.

163 يبدو أن الخالف عىل مكانة الكنائس و ترتيبها هو خالف قديم جرى بني االسكندرية و روما و القسطنطينية و أنطاكيا. انتهى هذا الرصاع

بتغلب كنيسة روما و ترئسها هرم الكنائس بعد أن كانت كنيسة القسطنطينية ترتبع أعىل القامئة.

164 أوطيخا )تويف سنة 454( كان رجل دين يدير ديرا يف القسطنطينية و كان يقول بطبيعة الهية واحدة للمسيح مام أثار غضب بابا روما الذي

برأه يف مجمع أفسوس الثاين سنة 449 و دعا اىل مجمع آخر انعقد يف سنة 451 متت فيه ادانة أوطيخا و عزل و نفي البطريق ديوسقوروس.

Page 34: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

33

فكان أن عزل كل هؤالء من مناصبهم و طردوا من الكنيسة االرثوذكسية يف كل من مجامع روما

)377( و االسكندرية )378( و أنطاكية )379( و أفسس املسكوين االول )431( و القسطنطينية و

أفسس املسكوين الثاين )449( و الخلقيدونية )451(.

خلقيدونيا و 165)381( القسطنطينية و )325( نيقية مجامع من كل ددت حر االثناء هذه يف

الثابتة لطبيعة املسيح حسب العقيدة االرثوذكسية و هي أن االبن مساو لألب )451(166 املالمح

حسمت أن ما لكن و برشية. أخرى و الهية واجدة اثنتني طبيعتني للمسيح أن و الجوهر يف

روما و القسطنطينية بني حادة و خالفات املسيح حتى ظهر جفاء طبيعة مسألة املجامع هذه

حول الكريس البابوي فام كان من بابا روما إال أن هاجم قرارات مجمع افسوس الثاين بدعم من

االمرباطور ثيودوسيوس الثاين و دعا اىل انعقاد مجمع آخر يف خلقيدونيا سنة 451 أدين فيه من من

أوطيخا و انصاره كام تم ادانة وعزل البطريك القبطي ديسقرروس و تعيني ديسقوروس البطريك

بالبطريق الجديد و نصبوا سنة 457بطريقا أتباع ديسقوروس االعرتاف امللكاين عوضا عنه. رفض

ديسقوروس هجموا عىل علموا مبوت ملا ثم )Timothée II( القط ثيموثيوس عليهم هو آخر

بروتريويوس و قتلوه يف قلب كنيسته عىل مرأى و مسمع من الحارضين. و تواصلت موجات العنف

و القتل بني االقباط و امللكانيني كانت السبب الرئييس و املبارش يف ما يسمى االنشقاق االكرب سنة

1054 رغم محاوالت الصلح التي وقع طرحها يف مجمعي ليون الثاين سنة 1274 و بازل سنة 1439.

املوروث اختالف يكمن يف االختالفات وراء هذه السبب أن السياق بالذكر يف هذا الجدير و

الثقايف بني املناطق ففي مرص القدمية مثال كانت الديانات تحل التامزج بني ما هو االهي و ما هو

برشي و غالبا ما كان الفراعنة يسمون أنفسهم أبناء الشمس أو أبناء االله و كانت العقيدة املرصية

القدمية تقوم عىل مفهوم ثاليث لآللهة )ايزيس و حورس و أوزير يس(. فلام صيغ مفهوم التثليث يف

كنائس مرص و اليونان مل تلق صعوبة يف نرشه زد عىل ذاك تغلغل الثقافة الهلينستية منذ زمن بعيد

و التي قالت بإمكانية تحوالت االلهة و البرش167. و عىل نقيض ذلك كان االعتقاد الراسخ و السائد يف

مناطق الهالل الخصيب و الجزيرة العربية يقول بعلو االلهة و ابتعادها عن عامل البرش, لذلك أثارت

فكرة التداخل بني االلهة و البرش استياء عميقا و رفضا تاما. و كان هذا انطالقا لحقب من الجداالت

و االضطرابات التي أسفرت عن انفكاك الوحدة املسيحية يف الرشق و عن انفصال كنيسة فارس و

استقاللها عن كنيسة أنطاكيا و كذلك انفصال كنيستي مرص و سورية.

165 انعقد مجمع القسطنطينية سنة 325 للنظر يف بدع أبوليناروس و سابليوس و مكدونيوس حول طبيعة املسيح.

166 يعترب مجمع خلقيدونيا من أهم املجامع عىل االطالق تقرر خالله أن املسيح ما هو إال شخص واحد ذي طبيعتني. اثر هذا املجمع بدأت

القطيعة بني الكنائس الرشقية )القبطية و الرسيانية و االرمنية( و بني الكنائس الرومانية و البيزنطية.

167 )43 ق م- 17( تحت عنوان ›التحوالت‹ و الذي ترجمه الشاعر أدونيس. من مالمح الثقافة الهلينستية التي وصلتنا ديوان الشاعر الشهري أوفيد

Page 35: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

34

• 2 • االنسان خملوق عىل صورة اهلل

متثل عقيدة خلق االنسان عىل صورة الله بعدا أساسيا يف التعاطي مع موضوع االنسان و غاية

وجوده. ابدى آباء الكنيسة اهتامما خاصا باآلية التوراتية الواردة يف سفر التكوين168 و التي تقول

بأن االنسان خلق عىل صورة الله و لنئ اختلفوا يف التفسري فإنهم أجمعوا بأن هده العقيدة هي أمر

مسلم بها. انطالقا من هذا التفسري يرتبط االنسان بالله من خالل صفات مثىل كالفضيلة و العقل

و العدل و الحرية و الحكمة و املحبة و الرأفة. و تشري صورة الله اىل الجزء الغري مادي يف االنسان

أي روحه و قد فضل الله االنسان عن غريه من املخلوقات التي سبقته بأن وهبه العقل و الحكمة

ليفرق بني الخري و الرش و تبقى عقيدة خلق االنسان عىل صورة الله أمرا يصعب تفسريه ألنه يحمل

العديد من االرسار يتعرس عقل االنسان عىل فهمها.

و قدم املفرسون آراء كثرية و مختلفة حول هذا الشأن فقال بعضهم أن عبارة ›عىل صورته‹ تدل

عىل قدرة االنسان عىل الحكم و التسلط عىل الكائنات االخرى و اعترب آخرون أنها تتعلق بالنفس

العاقلة الغري مرئية بينام ذهب غريهم اىل القول بأن العبارة تشري اىل نبوءة املعمودية. جاء آدم اىل

الحياة حسب التفسري املسيحي بدون والدة و بدون علة سابقة لوجوده فهو منوذج لألب ثم أتت

حواء من االنبثاق و هي ترمز بذلك اىل انبثاق الروح القدس أما االبن املولود من آدم و حواء فهو

يشري اىل االبن كلمة الله املولود و بناء عىل ذلك فان عبارة ›عىل صورته‹ ترمز اىل الثالوث أو االقانيم

الثالثة ذات جوهر واحد غري منقسم و غري مدرك. خالصة القول أن االنسان يف التفكري املسيحي

مخلوق عىل صورة الثالوث يحيا كل واحد منهم يف اآلخر و لآلخر يف محبة مشرتكة و متبادلة. يقول

متى أن االنسان أيقونة الله169 مبعنى أن الصورة االلهية فيه هي ما مييزه عن بقية املخلوقات و هي

التي تكسبه تفردا يضعه أمام مصريه.

يعترب االنسان خلقا تاما غري أن هذا ال يعني أن حالته االوىل متاثل حالته االخرية أو أنه كان متحدا

مع الله منذ الوهلة االوىل بل ان كامله يكمن يف قدرته عىل التقرب اىل الله بتتبعه طريق الصالح

بإرادته و حريته. من هذا املنطلق تعترب الصورة االلهية يف االنسان كمحرك لتحقيق املثال و تنحرص

مأساة البرشية يف االبتعاد عن هذه الصورة فالخطيئة مثال تفصل االنسان عن النعمة االلهية و عن

الخط السوي يف الحياة.

و يعترب املسلمون أن االعتقاد بألوهية املسيح كفرا و رشكا كام تعرض النص القرآين لهذه املسألة

يف عدة سور : ›لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثالثة‹170 و دارت بني املسلمني و املسيحيني جداالت

و محاورات عديدة منذ القرون االوىل لإلسالم ال تزال قامئة حتى اليوم.

168 سفر التكوين 1, 26-27.

169 متى 5,8.

170 سورة املائدة 72.

Page 36: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

35

V • الشخص في اإلسالم |

منذ ذلك و االنسان بقضية املسلمني علامء اهتامم جليا يرى االسالمي التاريخ يف املتأمل ان

القرون االوىل اذ ركز املنتوج الثقايف االسالمي املتنوع من أدب و فلسفة و علوم دين عىل االنسان يف

عالقته باألخالق و بالدين و بالدولة. هذا و قد مثل القرآن مصدرا أساسيا لتحديد النظرة الوجودية

اختيارا. و جربا العباد بأفعال يسمى مبا متعلقة أخالقية قيمية منظومات الستنباط و لإلنسان

كذلك طرحت مسألة صفات الله يف اليهودية171 منذ القديم ثم نوقشت يف املسيحية أين تحولت

اىل اشكالية الهوتية و ملا جاء املسلمون أثريت القضية من جديد و تواصلت يف العرصين االموي و

العبايس خاصة عند املعتزلة و املشبهة172 و املعطلة و غريهم.

أ- نظرة االدب لإلنسان

تشمل كلمة أدب مجاالت متعددة فيها الشعر و النرث و املقامات و حديث و اعتمد االدب العريب

يف أول عهده أساليب الروايات و النوادر و االمثال تكاد تخلو من املنهج التحلييل الذي سيربز ابتداء

من القرن الخمس للهجرة مع الغزايل و املاوردي173 كام سرنى الحقا.

يف القرنني االول و الثاين قال معبد الجهني )تويف بني السنوات الثامنني و التسعني للقرن االول(174

و غيالن الدمشقي )قتل سنة 115/734(175 من بعده بحرية االنسان و أسسوا ملذهب عقائدي

يؤكد عىل أن االنسان مخري ال مسري و أنه يحاسب عىل اختياره أيا كان هذا االختيار. و استظهروا

مبا ورد يف القرآن نفسه يف عديد من السور176 نذكر منها اآليات التالية : ›و ما أصباكم من مصيبة

171 بصفات انسانية ترتبط بالخري و الرش و الغضب و العنف و الثأر. أثارت صفات الله عند العلامء اليهود جدال كبريا ففي التوراة يظهر الله

172 املشبهة هم من يقبلون بصفات الله كام وردت بحرفيتها يف النص القرآين و يذهب بعضهم اىل تشبيه الله مبخلوقاته.

173 أبو الحسن البرصي املاوردي )450 أو 456/ 1058 أو 1064( كان أكرب قضاة يف اواخر الدولة العباسية و هو فقيه شافعي ألف كتبا عديدة

منها أدب الدنيا و الدين و األحكام السلطانية. يبدو أنه تأثر بالفكر املعتزيل ملا درس البرصة و بغداد و اتهمه خصومه باالنحياز اىل االعتزال

فدافع عنه تلميذه الخطيب البغدادي و دحر عنه التهمة. و قد ألف األحكام السلطانية بأمر من الخليفة القائم بأمر الله لتثبيت رشعية الخالفة

و طابعها القرسي أمام الخطر البويهي الداهم الذي حول سلطة الخليفة اىل مجرد سلطة صورية كام حرص الخالفة عىل بني قريش و أسباطهم

و ذلك حتى ال يتسنى لبني بويه الطمع يف االستيالء عليها.

174 يقال أن معبد الجهني هو أب القدرية و أنه من أصل عريب من قبيلة جهينة و قد عاش بالبرصة التي عرف عنها أنها معقل النساطرة قبل

االسالم. كان معبد عاملا و قد دارت آراؤه الكالمية حول نفي القدر التي تبناها املعتزلة من بعده و كان يناقض املذهب الجربي الذي اتبعه

االمويون و دعوا له. و يبدو أن هذا املذهب هو امتداد ملذهب بطريق كلداين اسمه أبو يونس االرسوي أو سنسويا و الذي يعرف مبدؤه باسم

املشيئة الواحدة أو املنوثيلية التي تم رفضها يف مجمع القسطنطينية الثالث سنة 680. و ترى املنوثيلية أن للمسيح طبيعتان منفصلتان و مشيئة

واحدة عىل عكس العقيدة الديوثيلية التي كانت تتبعها معظم الكنائس الكاثوليكية و االرثوذكسية الرشقية. فحاربه علامء املسلمني و عىل

رأسهم الحسن البرصي و قال البخاري ’فشت القدرية ملا فشا النصارى’ اشارة اىل أصل مثل هذه املذاهب. و أمر عيد امللك بقتله ملشاركته يف

انتفاضة القائد العسكري ابن االشعث.

175 قبطيا يف أول عهده ثم أسلم و كان عىل صلة بالخليقة االموي عمر بن عبد العزيز و قال غيالن أيضا بالقدرية. كان غيالن بن مسلم

الدمشقي

176 سورة االرساء 17, 15 و االنسان 76,3.

Page 37: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

36

فبام كسبت أيديكم‹177 و › كل نفس مبا كسبت رهينة‹178 و ›من عمل صالحا فلنفسه و من أساء

فعليها‹179 و ›فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر‹180.

و تقوم هذه العقيدة عىل االدلة العقلية و النقلية أي بالقياس و املنطق عىل عكس مذهب

الجربية الذي اتبعه الخلفاء االمويون و عمموه بني الناس ليربهنوا أن حكمهم مستمد من الله و

أنه ليس لإلنسان مقدرة يف دفع مشيئة الله. و مع أن غيالن كانت تربطه أوارص صداقة بالخليفة

عمر بن عبد العزيز181 أتاحت له فرصة النجاة من املوت إال أن الخليفة هشام بن عبد امللك182

أمر بقتله بإيعاز من األوزاعي )تويف سنة 159-157 / 776-774(183 رغم أنه من التابعني و يقال

أن قتله تم يف مجلس الخالفة نفسه عىل مرأى و مسمع الحارضين و يذهب آخرون اىل القول أنه

صلب عىل باب دمشق. و كذلك قتل الجعد بن درهم184 يوم عيد االضحى يف الكوفة و دفن عمرو

املقصوص حيا بعد اتهامه بدفع معاوية بن يزيد الذي تتلمذ عنه اىل التنازل عن الخالفة اثر رصاع

قام بينه و بني عبد الله ابن الزبري.

و كانت آراء القدرية قد راجت و انترشت مع خالفة يزيد الناقص )تويف سنة 126/744(185 و هو

أول خليفة يعتنق مذهب االعتزال يف االسالم و فيام بعد دفع ء العلامء القدرية مثنا باهظا نتيجة

طرحهم أفكارا متنح االنسان قدرا من الحرية يف أفعاله تجعل منه مسئوال عنها و اقرتنت أسامئهم

لدى خصومهم بالكفر و الخروج عن الدين متعللني يف ذلك أنه ال حرية و ال مشيئة إال لله ال مجال

الديانة املجوسية أو أنهم أخذوا أفكارهم عن اتهمهم آخرون فيها لحرية أو اختيار لإلنسان كام

الزرادشتية186 و عن يوحنا الدمشقي187 الذي كان معارصا ملعبد ويغالن يف دمشق و الذي تطرق يف

177 سورة الشورى 42, 30.

178 سورة املدثر 74,38.

179 سورة فصلت 41,46.

180 سورة الكهف 18, 29.

181 أبو حفص عمر بن عبد العزيز )720-682( و يسمى أيضا بعمر الثاين هو ثامن خلفاء بني أمية و خامس الخلفاء الراشدين. عرف عنه

تواضعه و زهده و عدله.

182 حارب بيزنطة و بلغت جيوشه مشارف بواتيه الفرنسية. أبو الوليد هشام بن عبد امللك )743-691( هو عارش خلفاء يني أمية

183 عبد الرحامن بن عمر االوزاعي )707/774(كان من أتباع أيب حنيفة النعامن و كان أيضا صاحب مذهب فقهي نرشه بني فقهاء أهل الشام

و االندلس و لكن هذه املذهب مل يعمر طويال.

184 و كان الجعد ينفي بعض الصفات عن الله. الجعد بن درهم هو أحد املؤسسني لعلم الكالم عاش بدمشق و كان من بني أساتذة خلفاء

بني أمية

185 يزيد الثالث هو الخليفة األموي الثاين عرش سمي أيضا بيزيد الناقص ألنه خفض يف رواتب الجيش قدوة بعمر بن عبد العزيز. و كان أول

خليفة يعتنق مذهب االعتزال.

186 املجوسية أو الزرادشتية هي ديانة فارسية تنسب اىل زرادشت و تعترب من أقدم الديانات املوحدة حيث أنها تعود اىل األلفية الثالثة قبل

امليالد و يعتقد أتباعها بوجود اله واحد أزيل يدعى أهورامزدا و هو خالق غري مخلوق ترجع اليه كل املخلوقات. قسمت الديانة املجوسية

عقيدتها حول مفاهيم الخري و الرش كأصلني متضادين كالنور و الظلمة و تؤمن كذلك بأن الروح غري فانية كام تقر بالعقاب و اليوم الآلخر.

187 القديس بوحنا الدمشقي )تويف سنة 749( عاش تحت حكم األمويني و كان جده رئيس ديوان الجباية تحت حكم االمرباطور هرقل ثم استمر

بالعمل ملا انتقلت السلطة لألمويني و كان أبوه وزيرا يف بالط الخالفة األموية كام اشتغل هو بدوره بالوزارة. كان عاملا يف الالهوت و الفلسفة

و ألف العديد ال الكتب يدافع فيها عن العقيدة املسيحية و يرد عىل ما كان يعتربه هرطقات. اختار حياة الزهد اثر اصطدامه مع االمرباطور

البيزنطي ليون الثالث و هاجم االسالم و نعته بالهرطفة يف مؤلفه الشهري ’يف التفكري الصحيح’.

Page 38: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

37

كتاباته اىل االسالم عىل أنه هرطقة )hérésie( من هراطق املسيحية التي ظهرت و انترشت خصوصا

يف القرنني السادس و السابع. و اعتربت املعتزلة من مصري هؤالء ففصلوا بني الكالم و السياسة و

عمدوا اىل ارساء مفهوم االمر باملعروف و النهي عن املنكر دون الخروج عن الحاكم و ان كان ظاملا.

الحرص ال العد نذكر عىل سبيل االخالق اىل مسألة تطرقوا الذين املعتزلة املفكرين أشهر و من

الكاتب االديب و املؤرخ و الناقد الجاحظ )256/869(188 الذي قدم رؤيا متكاملة يف مؤلفاته عن

مواضيع عدة منها ما هو متعلق بالفضيلة و الرذيلة بأسلوب قصيص طريف.

يف نفس الوقت ظهر تيار يضم فرقا كالمية تقول بالجرب و تعتمد هي االخرى عىل آيات قرآنية

منها : › و ال تقولن ليشء اين فاعل ذلك غدا إال أن يشاء الله‹189 و › و لكن يدخل من يشاء يف

رحمته‹190 و › لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفرتون‹191 و قل ال أملك نفيس رضا و ال نفعا اال

ما شاء الله ›192. و من بينها الجهمية التي ميثلها الجهم بن صفوان )قتل سنة 128/746(193 و الذي

قال بنفي االستطاعة لدى االنسان مبعنى أي أنه مجبور مبا يخلقه الله فيه من األفعال و امنا نسبة

الفعل اليه امنا هو أمر مجازي كام نفى أن تكون صفات الله أزلية و قال بخلق القران مام أثار

سخط معارصيه و اتهموه بالزندقة حتى أن ابن تيمية قال أن قول الجهم أرش من قول اليهود و

النصارى194 و يربط بعضهم مقتله بالسياسة نظرا ألنه حث عىل الخروج عىل الحاكم الجائر. و نتج

عن ذلك أن نظر العلامء و املحدثون لرشعية الحاكم عىل أنه ظل الله يف االرض و قال مسلم يف

صحيحه ›من شق عصا الطاعة فارضبوا عنقه‹ و قال البخاري ›السمع و الطاعة و لو لعبد حبيش‹

و تبعهم كثريون يف ذلك. قالت الفرقة النجارية من جانبها و التي ميثلها الحسني بن محمد النجار

بأن أعامل العباد مخلوقة و أن االنسان ما هو إال مكتسب و أن االستطاعة متزامنة مع الفعل و

لكنهم يتفقون يف نفس الوقت مع املعتزلة يف مسائل صفات الله و خلق القرآن. و ذهبت الفرقة

الرضارية للقول كام يقول االشاعرة من جهة بأن الله خالق أفعال العباد و وافقت املعتزلة عىل أن

االستطاعة تسبق االفعال من جهة أخرى و خاض غريهم كثريين يف هذا املوضوع كالخوارج195 و

188 ألف كتبا كثرية يف مجاالت عدة. أبو عثامن عمرو بن بحر بن محبوب الليثي الكناين البرصي يعد من أمئة االدب يف العرص العبايس

189 سورة الكهف 18, 23 , 24.

190 سورة الشورى 42,8.

191 سورة االنعام 6,112.

192 سورة يونس 10, 49.

193 أبو محرز الجهم بن صفوان الرتمذي ولد و نشأ يف الكوفة قم نفي يف ترمذ )خراسان( بعد أن اتبع مذهب املعطلة للجعد بن درهم الذي

يقول بتعطيل الله عن صفاته و هو أول من قال بخلق القرآن. و كان معارصا ملؤسيس مذهب االعتزال كواصل بن عطاء و عمرو بن عبيد. يقال

أنه ثار عىل حكم االمويني مبعية الحرث بن رسيج يف سنة 746 فقتله الوايل سلم ين أحوز املازين يف أصفهان بتعلة أنه خرج عن طاعة الحاكم.

194 ابن تيمية, مجموع الفتاوى 12.

195 الخوارج هم الذين رفضوا التحكيم بني عيل و معاوية بعد موقعة صفني سنة 657 و فرق الخوارج هي االزارقة أتباع نافع بن االزرق و

هم متشددون و النجدات و هم أتباع نجدة بن عامر الحنفي و يحلون أخذ السلطة بقوة السالح و الصفرية أتباع الصفري و يقولون أن

مرتكب الكبائر كافر و االباضية اتباع عبد الله بن أباض التميمي و يدعون اىل الحق و االستقامة و النكارية و هي فرقة بربرية قامت ضد

حكم الفاطميني.

Page 39: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

38

الحنابلة الذين يقولون بأن الخري و الرش من عند الله و املرجئة196 و الشيعة197. و تجدر االشارة اىل

أن اآليات املثبتة لالختيار هي آيات مكية باألساس عىل عكس اآليات املعتمدة يف الجرب و هي آيات

مدنية األمر الذي وضع املفرسين يف مأزق حول هذه املسألة فتباينت آرائهم و اختلفت اختالفا

التوسط القولني و الوليد ابن رشد اىل الجمع بني شديدا وصل اىل العنف أحيانا األمر الذي دفع

بينهام فقال بأنه وجب فهم التعارض يف القرآن بني آيات الجرب و االختيار عىل أنه تناقض ظاهري

يعرب يف حقيقة األمر عن بعدين أساسني يف االنسان واحد له عالقة بحتمية طبيعية ال مناص منها و

آخر يتعلق باالدراك عن طريق العقل.

كذلك تناول ابن املقفع )تويف سنة )140هـ/ 757 م(198 مسألة االنسان و الشخص يف كتاباته عن

االخالق خاصة يف كتابه االدب الصغري و بلور مفاهيم املروءة و الكرامة و الضمري و العقل كوسيلة

ابن املقفع أنه وجب عىل االنسان أن يعرف نفسه و طبيعته أوال و قبل النفس و يقول ملعرفة

كل يشء حتى يتمكن من التفرقة بني الخري و الرش ثم وجب عليه كذلك معرفة اآلخرين و توخي

الحكمة يف انتقاء املقربني. خلق الله االنسان ليتبع الفضيلة و يعمل العقل كرادع عن الشهوات و

الرذيلة و يظهر جليا أن ابن املقفع نحا يف رؤيته هذه منحى الحكامء و القدامى و دعا لالقتداء

بالصالحني السابقني و بجلهم يف مؤلفاته و أضفى عىل مفهوم االدب بعدا أخالقيا خالصا مستمدا من

الرتاث الفاريس. إال أن رسالته يف الصحابة199 أزعجت الخليفة العبايس أبو جعفر املنصور و حاشيته

ملا تضمنته من نصائح موجهة للخليفة نفسه تحضه عىل اصالح الفساد و الفوىض املنترشة يف عهده

فاتهم بالزندقة و ما كان من الخليفة املنصور إال أن أمر بقتله و تضاربت الروايات حول موتته200.

ب- عمل اللكام بني حقوق هلل و حقوق االنسان

نقصد بعلم الكالم ذلك العلم الذي تبلور حول كالم الله أي القرآن و العقيدة و ال نقصد بذلك

فقط تلك املذاهب الكالمية التي التصقت بها تسمية علم الكالم كاملعتزلة و األشاعرة. ظهر علم

196 متيزت املرجئة مبوقفها يف مرتكب الكبائر فهي ترفض تكفري املؤمن مهام أيت من أفعال فاملؤمن العايص يرجأ أمره اىل الله يوم القيامة.

197 الشيعة أو أهل البيت و هم طائفة كبرية من طوائف املسلمني اىل جانب السنة و الخوارج و سموا كذلك ألنهم تشيعوا لعيل فيام يسمى

باملحنة الكربى.

198 عبد الله ابن املقفع فاريس االصل و كان اسمه قبل اسالمه روزبه دادويه يدين بدين املانوية )نسبة اىل ماين( جمع بني الثقافات الفارسية و

الهندية و اليونانية و العربية. ترجم و ألف كتبا عدة من أهمها كتاب كليلة و دمنة و كتاب االمان و رسالة يف الصحابة التي يبدو أنها تسببت

يف موته و هو مل يتجاوز الستة و الثالثني سنة. تعلم العربية عىل يد أبو الجاموس و أبو الغول اتهم بالزندقة. و تتضارب الروايات حول مقتله

فمهنهم من يقول ان الخليفة املنصور أمر بقتله و منهم من يقول أن سفيان بن معاوية وايل البرصة بسبب العداوة التي كانت مشتدة بينهام.

Charles Pellat, Ibn al Muqaffa : Conseiller du calife, Paris, Maisonneuve & Larose, 1976 199

200 نشري هنا اىل عبيد الله بن الحسن االنباري )تويف سنة 168/ 785( قايض البرصة و الذي كان قد وجه هو أيضا رسالة سنة 159/775 اىل

الخليفة العبايس املهدي يحثه فيها عىل اقامة العدل فيام يخص الخراج بني جميع املسلمني و االمصار. و مل يصلنا من هذه الرسالة سوى فقرات

يف كتاب أخبار القضاة لوكيع. عزل من مهمة القضاء يف سنة 166 أو 167/ 782أو 783 بأمر من الخليفة املهدي. و الغريب أن الخليفة املهدي

مل يأمر بقتله كام أمر املنصور من قبله يف قتل اين املقفع و يفرس بعضهم ذلك اىل أن االنباري ينتمي اىل قبيلة متيم التي كانت تعد من أهم

القبائل يف البرصة.

Page 40: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

39

الكالم منذ القرن االول الهجري كتلبية لدواعي داخلية و أخرى خارجية ذلك أن املسلمني خاضوا

قضايا دينية و سياسية فرضها عليهم واقعهم اآلين كمسائل تتعلق بخلق القرآن و الجرب و االختيار و

الفتنة الكربى بني عيل و معاوية التي طرحت بإلحاح قضية االمامة و غريها من القضايا أما الدواعي

الخارجية فهي مرتبطة بتوسع النفوذ العريب يف مناطق جغرافية مختلفة حضاريا و دينيا و لغويا

عن ثقافة الجزيرة العربية كالفرس و املرصيني و اليونان علام و أن املنطقة العربية عرفت بدورها

قبل مجيء االسالم حراكا الهوتيا كبريا عند العرب الذين دانوا باليهودية و املسيحية كبني تغلب و

بني غسان و املناذرة. فقد سبق أن رأينا أن آباء الكالم يف اليهودية ثم يف املسيحية كانوا قد خاضوا

لقرون خلت يف مسائل تتعلق بصفات الله و صفات املسيح امتدت و تواصلت بدورها اىل علم

الكالم يف االسالم و ال عجب أن من أوىل اهتاممات العرب يف القرن االول للهجرة كانت تدور حول

الصفات االلهية بنفس القدر من االهتامم عند املعتزلة و األشاعرة حتى أن أبو حنيفة النعامن كان

يسمي علم الكالم بالفقه األكرب و تبعه كثريون يف هذا التعريف.

انطلق علم الكالم من القرآن نفسه فرنى أن النص القرآين كرس سورتني اثنتني لإلنسان يف عالقته

بربه من ناحية ويف عالقته بغريه من ناحية أخرى و هام سورتا االنسان الناس و انطالقا من هنا ظهر

النقلية الدينية الذي توجهان انقسام بدورهام اىل مدارس عديدة. يتمثل التوجه االول يف العلوم

يضفي عىل القرآن و الحديث صفة علوية )transandantale( و قدسية ال يجوز تجاوزها و ال يحق

للعقل مناقشتها و ذهبت اىل هذا مدارس عديدة أهمها املدرسة األشعرية التي تقول مببدأ الكسب

أي أن الله هو من يخلق أفعال العباد و ينفذها من خالله.

و يف املقابل يتبع التوجه الثاين العلوم العقلية أو العلوم الدخيلة و الذي يؤمن بأن العقل البرشي

قادر عىل الوصول اىل املعرفة و أن االنسان له كامل الحرية يف االختيار بني ما هو خري و ما هو رش

و هو بذلك اما أن يجازى و اما أن يعاقب و أحسن من ميثل هذا التيار هم املعتزلة الذين يقولون

بالقدرية. و قد لقى املذهب العقالين صيتا يف عهدي بني بويه201 و الفاطميني202 و مل يدم االمر لهم

طويال ففي القرن الخامس للهجرة و ملا وصل االتراك السالجقة203 اىل الحكم قلصوا من انتشار هذه

اآلراء و حاربوها و انحازوا اىل صف أتباع السنة املتشددين.

201 البويهيون أو بني بويه هم أمراء شيعة أصييل الديلم )جنوب بحر الخزر( بفارس و قد ارتقوا مناصب عليا يف الدولة و خلع عليهم الخليفة

العبايس ألقاب سالطنة و حكموا من 945 حتى 1055. أطاح أحمد ابن بويه بالسامانيني و أعلن نفسه حامي الخالفة فجازاه الخليفة املطيع

لله و سامه معز الدولة قم انتهى حكمهم اثر انشقاقات عىل الحكم فأىت عليهم الغزنييون سنة 1023يف الري ثم السالجقة سنة 1062. و كان

يعرف عنهم شغفهم باألدب و الفنون و تشجيعهم للعلم و العلامء.

202 الفاطميون هم من الشيعة االسامعيلية حكموا يف افريقية ثم يف مرص من سنة 909 حتى 1171 أين قاموا ببناء األزهر و بيت الحكمة و

يقول الفاطميون أنهم من ساللة اسامعيل و ينسبون أنفسهم لفاطمة ابنة الرسول. امتد نفوذهم اىل الشام و دخلوا يف رصاع مع الدولة العباسية

انتهى سنة 1171 عىل يد اليوبيني. و يعرف عنهم أنهم شجعوا العلوم و الفنون و عرف عهدهم ازدهارا يف كل املجاالت.

203 السالجقة ساللة تركية اعتنق أمريها سلجوق االسالم سنة 960 ثم قاموا بتوسعات كثرية ملا ضعف أمر بني بويه سار طغرل بك اىل بغداد

سنة 1055و هزم البوهيني و سمةا أنفسهم حامة الخالفة كام فعل يني يويه من قبلهم.

Page 41: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

40

عرف هذان التوجهان انتشارا كبريا و غالبا ما اختلط علم الكالم بالفلسفة كام هو الحال عند

مسكويه )420/1029(204 و الغزايل )505/1111(205 مثال كام ارتبط كل من التوجهني ارتباطا وثيقا

بالساسة و البالطات من ناحية و بالدوافع االجتامعية من ناحية أخرى فالجربية مثال أيدت حكم

األمويني و أعطتهم رشعية دينية اىل جانب الرشعية السياسية التي أحرزوها بالقوة و من ثم تحولت

اىل عقيدة دينية و من أشهر العلامء عند األشاعرة أبو الحسن األشعري و أبو حامد الغزايل و واصل

بن عطاء206 و الجبايئ207 عند املعتزلة. املنزلة االجتامعية كان لها دور يف االنتامء اىل هذا التوجه أو

ذاك فالظاهر عند املعتزلة أنهم من غري العرب املطلعني عىل الديانات السابقة لإلسالم و أن أغلبهم

من املوايل و يذهب بعض املؤرخني اىل القول بأن خوض املعتزلة يف مواضيع ذات عالقة بالعدل و

املساواة و الحرية ما هي إال محاولة منهم الرتقاء السلم االجتامعي و اخرتاق الحواجز الطبقية و

العرقية التي ظهرت يف العرص األموي و التي أسس لها العرب يف ما يسمى بالشعوبية. ظهورهم عىل

الساحة و اكتساحهم مجاالت العلوم و املعرفة أثارت استياء علامء السنة فحرصوا عىل محاربتهم

و الحط من شأنهم و التشهري بأعالمهم حتى أن البغدادي قال عنهم ›ما ظهرت البدع و الضالالت

يف األديان إال من أبناء السبايا‹. و يف مناخ تراجعت فيه الفلسفة و انحرست لعدم قدرتها رغم

امليتافيزيقية اليقني إلثبات وجود الخالق نتيجة نزعتها املثالية محاوالت ابن رشد يف الوصول اىل

ذهب فقهاء السنة اىل العمل عىل ارساء و ترسيخ مفاهيم القضاء و القدر لدى عامة املسلمني و

حذروهم من اتباع أهل االعتزال و الفالسفة و ساعدهم يف ذلك املحدثون الذين تغلبوا عىل مدرسة

الرأي فآلت الغلبة للسنة و انترص النقل عىل العقل و العرب عىل العجم و حسم الشافعي208 هذا

األمر يف ›الرسالة‹ بأن وقف موقف السنة من املواضيع املتعلقة باإلنسان و مكانته و ساهم الغزايل

من جانبه يف ترسيخ االولوية للعلوم الفقهية فتغلب الفقه عىل العلوم االخرى. هكذا نفهم كيف

تبلور النظام االديولوجي االرثذوكيس السني من جهة و الذي فرض نفسه عىل أنه املمثل الوحيد

للقيم االخالقية و الدينية الصحيحة و أفىض عليه مسحة من القداسة لريتدع كل من تخول له نفسه

املساس به أو حتى مجرد النقاش فيه و كيف تشكلت يف نفس الوقت النظم االديولوجية الشيعية

و الخارجية هي االخرى حول مفاهيم رشعية الخالفة و االمامة باألساس.

204 أحمد بن يعقوب أبو عيل امللقب مبسكويه و يطلق عليه اسم أيب عيل الخازن و كذلك صاحب تجارب األمم. كان شاعرا و مؤرخا و فيلسوفا

ذي صيت حتى أطلق عليه لقب املعلم الثالث و كان موظفا يف دولة يني بويه و هو أول من أسس لعلم األخالق الفلسفية يف االسالم.

205 أبو حامد الغزايل )1058/ 1111( يعد من أهم أعالم السنة يف القرن الخامس الهجري. تقلب يف عدة مدارس فكان يف أول عهده متكلام

ثم انظم اىل الباطينيني و من بعدها اىل التيار الفلسفي و أحريا استقر رأيه عىل الصوفية التي يبدو أنه وجد ضالته فيها. كان الغزايل يرى بأن

االخالق الفاضلة ال تولد مع االنسان و امنا ترتىب عليها.

206 أبو حذيفة واصل بن عطاء و يسمى أيضا بالغزال االلثغ يعترب املؤسس لالعتزال و كان يف أول عهده بائعا بائع مفروشات. ولد يف املدينة و

كان مقربا من محمد ابن الحنفية ابن عيل بن أيب طالب ثم ذهب اىل البرصة و تتلمذ عىل الخسن البرصي.

207 تتاذ عنه أبو الحسن األشعري. محمد بن عبد الوهاب الجبايئ )303/916( شيخ من شيوخ املعتزلة

208 أبو عبد الله بن ادريس الشافعي )204/820( أكرب أمئة أهل السنة و الجامعة و صاحب املذهب الشافعي يف الفقه االسالمي الذي أسس

اليه. ألف كتبا كثرية من أهمها كتاب االم و الرسالة يف أصول الفقه و مسند يف الحديث.

Page 42: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

41

و ترسخت هذه النظم طيلة قرون و صارت جزء ال يتجزأ من الوعي الجامعي لكل فريق منهم و

احتد الرصاع بينهم حول من ميتلك الحقيقة مستشهدين بالقرآن و الحديث و ضارببني عرض الحائط

الرؤى التاريخية التي نقلت الينا ظروف تشكيل ما يسمى بالرشعيات االوىل.

ج- التيارات الفلسفية : االنسان اشاكل فلسيف

الفلسفية يف االسالم و قد تتبع املؤرخون الطريق التيارات أثر كبري عىل القدمية كان للفلسفة

التي سلكتها الفلسفة و العلوم من االسكندرية اىل بغداد مرورا مبدرسة جندسابور الفارسية209 التي

خلفتها بيت الحكمة خاصة يف عهد املأمون و التي ساهمت بقسط كبرييف التأسيس للعرص الذهبي

االسالمي. و قد القت الفلسفة معارضة شديدة من قبل التيارات النقلية و دخلت يف رصاع معها

يف العقل اقحام رفض أنه الفيلسوف حيث الطبيب )311/923( الرازي بكر أيب من كل فأدانها

مسائل الدين و الغزايل يف مؤلفاته ›تهافت الفالسفة‹ و ›فيصل التفرقة بني االسالم و الزندقة‹ و فخر

الدين الرازي)606/1209(210 و ابن حزم211 و اعتربوها علوما دخيلة خطرية عىل وحدة االسالم و

املسلمني مع أن الفلسفة أنعشت يف نفس الوقت الحياة الفكرية و أثرتها بإدخال جملة من املناهج

و املفردات ساهمت يف الحراك الثقايف و املعريف يف املجتمعات االسالمية.

تنقسم التيارات الفلسفية االسالمية اىل قسمني أساسيني نحا التيار االول منحى أرسطو و أفالطون

مهمة املأمون اليه أوكل الذي 212)256/870( الكندي ميثله و الهليستيني الفكر و جالينوس و

االرشاف عىل الرتجامت العلمية و الفلسفية من اليونانية اىل العربية و كان الكندي أول من أدخل

املنطق يف دراسة القرآن كام كان يعتقد أن الحقيقة الفلسفية و الدينية واحدة ال تناقض بينهام و

ان تنوعت املناهج و اتبعه ابن رشد )595/1198(213 قايض اشبيلية يف ذلك فكان ال يرى تناقضا بني

الدين و الفلسفة باعتبار أن كل منهام يبحث بأسلوبه الخاص عن الحقيقة و كان يؤمن أن اكتساب

فيمثل مبذهب الثاين التيار أما الفلسفي. العقائدي و الصعيد املعرفة يكون عىل صعيدين هام

209 أسس سابور بن هرمز مدرسة جنداسابور قرب سوسه ليتكون منارة للعلم و العلامء فكانت مركزا مشعا للفلسفة و العلوم و الرتجمة. و

توافد عليها علامء مشهورين من النساطرة خاصة بعد أن غلق االمرباطور زينون سنة 489 مدرسة الرها و كذلك بعد أن أغلق جوستينيان مدرسة

أثينا و أطرد علامئها. ترجمت كتب املنطق و الطب من اليونانية اىل الفارسية فداع صيت مدرسة جنداسابور و أصبحت مركز الطب يف العامل

آن ذاك. و كانت العرب قبل االسالم عىل علم بوجود هذه املدرسة حتى أن بعضا منهم كان قد ارتادها و درس فيها كالحارث بن كلدة الثقفي

ثم تركزت العلوم يف بغداد ملا أسس الخليفة املأمون بيت الحكمة و شجع العلم و العلامء فجعل منها مجمعا علميا ال نظري له يف ذلك العرص.

210 فخر الدين الرازي الطربستاين )606/1209( عامل يف الطب و الفلك و الفيزياء و املوسيقى و اللغويات. و كان أشعريا خالصا فحارب املعتزلة

و الفالسفة عىل حد سواء و اعتربهم خطرا عىل االميان.

211 عيل بن حزم االندليس )456/1064( و يسمى أيضا باإلمام البحر لسعة علمه كان يرفض العمل بالقياس الفقهي وفق املذهب الظاهري الذي

ينتمي اليه. ألف كتبا عديدة منها االحكام يف أصول االحكام و الفصل يف امللل و االهواء و النحل.

212 كان عاملا يف الفلك و الطب و الفلسفة و الرياضيات و املوسيقى و علم النفس و املنطق. أبو يوسف يعقوب بن اسحاق الكندي )256

)873/

213 عامل قرطبي يف الفقه و الفلسفة و الطب و الفلك و الفيزياء. كان من أهم الفالسفة يف عرصه. أبو الوليد محمد ابن رشد )595/1198(

Page 43: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

42

تداخلت فيه الفلسفة بالالهوت و بالتصوف و بالغنوصية214 و ميثل هذا االتجاه الفارايب و ابن سينا

)428/1037(215 و السهروردي )632/ 1234(216.

›يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان

أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبري‹217.

من فمنهم االنسان مكانة اىل قسمني حول املسلمون الفالسفة انقسم اآلية من هذه انطالقا

قال مببدأ التساوي بني الناس عىل أساس النسب اآلدمي بغض النظر عن لونهم أو عرقهم أو دينهم

كاملاوردي و الواحدي )468/1075( و اعتمدوا يف تحليلهم عىل اآليات القائلة › يا أيها الناس اتقوا

ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة‹218 و › كرمنا بني آدم‹219 و كذلك عىل الحديث النبوي الذي

و الشافعي من كل التفسري هذا عارضهم يف و تراب‹ من آدم و الناس آلدم ‹ البخاري أخرجه

الزمخرشي و ابن عطية و قالوا أن مكانة االنسان مرتبطة بالجنس البرشي أي باإلنجاب و التكاثر و

أن التفاوت بني الناس يقوم حسب درجة اميان الفرد فاإلنسان الكامل هو االنسان املؤمن اما غري

املؤمن فال يعد انسانا باعتبار أنه ال يعرتف بأوارص العالقة بينه و بني خالقه.

و بناء عىل هذا ميكننا القول بوجود مفارقات صلب التفكري السالمي حول مكانة االنسان و خري

دليل عىل ذلك تلك األحكام املتعلقة بأهل الذمة220 من جهة و بغريهم من غري املسلمني من جهة

أخرى. صنف فقهاء االسالم و أولهم الشافعي العامل اىل صنفني هام دار االسالم و هي تلك الخاضعة

لحكم املسلمني و دار الحرب و هي البالد التي ال يحكمها االسالم و الحريب ال عصمة له يف نفسه و

ال يف ماله باعتبار أنه ليس من االسالم و ليس من األمان أو الذمة. و استند فقهاء الشافعية لتربير

موقفهم عىل اآلية القائلة › فإذا انسلخ األشهر الحرم فاقتلوا املرشكني حيث وجدمتوهم و خذوهم و

احرصوهم و اقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا و أقاموا الصلوات و آتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ام الله

غفور رحيم‹221 و خالفهم يف ذلك فقهاء آخرون منهم ابن تيمية الذي قال أنه ال يجوز اكراه غري

املسلمني يف الدخول اىل االسالم ما مل يشكلوا خطرا عىل املسلمني و ذهبت الشيعة من جهتها اىل

القول بأن الجهاد محرم حتى يأيت املهدي املنتظر.

214 مدرسة عقائدية باطنية تبلورت يف القرن االول بعد سقوط أورشليم عىل يد الرومان و هي تيار فكري معقد ذو منحى باطني. الغنوصية

هي

215 عرف باسم الشيخ و بأيب الطب الحديث. كان متأثرا بفكر الفارايب. أبو الحسن ابن سينا طبيب و فيلسوف بخاري االصل )428/974(

216 شهاب الدين السهروردي هو عامل سني و صاحب طريقة صوفية تسمى بالطريقة السهروردية.

217 سورة الحجرات 13.

218 سورة النساء 1.

219 سورة االرساء 70.

220 أهل الذمة هم أهل الكتاب الذين يعيشون تحت حامية املسلمني مقابل دفع الجزية و الخراج و يبدو أن هذا النوع من التعامل مع الغريية

كان متداوال عند اليونان و الروم و الفرس. اذا دخل ذمي االسالم صار موىل و عليه ايجاد سيد عريب لعقد ما يسمى بعقد املواالة.

221 سورة التوبة 5.

Page 44: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

43

VI • خامتة |

اختلفت النصوص القدمية يف املوضوع املتعلق مبنزلة االنسان ففي حني كان االنسان السومري

عبدا مسخرا لخدمة االلهة نجد االنسان البابيل أنكيدو الذي جسده جلجامش يف ملحمته يكدح

و يشقى إليجاد حل لقلقه الوجودي و يبحث بال هوادة عن رس الخلود بعيدا عن تدخل االلهة يف

مسريته تلك و يف املقابل صورت امليثولوجبا اإلغريقية االنسان عىل أنه بطل مأسوي يف مواجهة دامئة

مع االقدار و االلهة و هو مع ذلك مجرب عىل العمل لكسب قوته.

تعاليمه و اتباع الله و لعبادة أنه مسخر التوحيدية عىل الديانات الفرد يف تبلور مفهوم ثم

طاعته لنيل السعادة و الفوز و الت أجمعت الديانات الثالثة عىل وحدانية الله فإنها اختلفت يف

تعريفة. صورت اليهودية الله عىل أنه قريب من االنسان يف صفاته فهو يغار و يغضب و يحب و

يكره و ذهبت املسيحية اىل أبعد من ذلك بأن جسدته برشا يف يسوع املسيح ثم جاء االسالم فنزهه

عن كل تصور برشي و جعل منه مبدأ سامي بامتياز. و قد ك رمت االديان العبد املؤمن و منحته

حقوقه مقابل حقوق الله أما االنسان الخارج عن هذا الرابط املقدس فهو انسان بال حقوق مصريه

عذاب اآلخرة. اىل جانب ذلك أقرت الديانات الثالثة كل واحدة منها عىل حده بامتالكها الحقيقة

املطلقة و تفوقها عىل غريها مبشيئة الهية و قدمت أطروحات ايديولوجية اثنية و لغوية و دينية

لتربير عنرصيتها.

و شغلت منزلة االنسان كل املجتمعات و تبلورت بصفة خاصة يف الفكر املسيحي الذي خاض

طويال يف مسألة طبيعة املسيح و من ث م دخل االنسان بوتقة مغلقة و تخبط بني هويته كانسان

بانتامء مجتمعي ثقايف و ديني يسطر له قيمه ارادة و بني هويته كفرد محدود عاقل مفكر ذو

االخالقية. و ظل االنسان طويال عىل هذا الحال ينساب ما بني الحرية و الجرب و املعرفة و الطاعة

التنوير و اعالن املواثيق الدولية املتعلقة بحقوق االنسان الكونية إال أن هذه حتى مجيء عرص

االنسان يف الذين يحرصون الدينيني األصوليني أولئك الجميع خاصة بها من معرتف املواثيق غري

مفهوم خاص و ضيق ال يتجاوز حدود بعينها ناهيك عن تغييب شبه تام للمرأة عن هذه القضايا

بتعلة أن الله فضل الرجال عىل النساء فاملرأة ناقصة عقل و دين وال يحق لها أن تكون خليفة لله

عىل االرض و حرمت عليها املناصب الدينية كام ال يحق لها أن ترتقي مرتبة أعىل من الرجل ألنه

مكتمال عقال و دينا و إال اختلت موازين الكون. خلق الله آدم عىل صورته ثم خلق املرأة لتكون

رفيقة و سندا له و هي التي كانت يف الديانات القدمية محل قداسة فتحولت اىل مرتبة دونية و

محل دنس )impureté(. صارت املرأة تحت وصاية الرجل و مورست عليها كل أساليب القمع و

الظلم و آلت اىل عورة ال بد من سرتها.

Page 45: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

44

املراجع

املراجع باللغة العربية

تاريخ النرش دار النرش العنوان املؤلف

غري مذكور دار املعارف القاهرة لسان العرب 9 اجزاء ابن منظور

2006 خطوات للنرش و التوزيع دمشق كنعان و ملوك بني ارسائيل يف جزيرة العرب أحمد الدبش

1995 دار الجيل بريوت نقد التوراة : أسفار موىس الخمسة أحمد حجازي السقا

2009 دار العلوم للنرش و التوزيع القاهرة اليهود يف التاريخ القديم أحمد حامد

1992 دار الكتب العلمية بريوت لبنان احياء علوم الدين 5 اجزاء االمام ايب حامد الغزايل

1939 دار الكتب العلمية بريوت لبنان الرسالة االمام الشافعي

2007 الجامعة االنطونية لبنان العهد القديم العربي : ترجمة بني السطوربولس الفغايل و أنطوان

عوكر

2006 كنوز للنرش و التوزيع القاهرة انجيل برنبا خليل سعادة

2005 عني للدراسات و البحوث االنسانية و االجاماعية القاهرة املرأة يف الرشيعة اليهودية سوزان السعيد يوسف

2007 دار العلوم للنرش القاهرة االخر يف التلمود شيامء مجدي حسن

2011 دار تاجنوب للنرش تونس لبنات III : يف الثقافة و املجتمع عبد املجيد الرشيف

2008 دار سحر للنرش تونس يف الشأن الديني عبد املجيد الرشيف

2004 دار رشقيات للنرش و التوزيع القاهرة تاريخ الكنيسة يف فجر املسيحية اىل نهاية القرن الخامس عرش كاميللو باللني

1990-1986 منشورات اليونسكو باريس بالتعاون مع مركز االمناء القومي بريوت االسالم االخالق و السياية محمد أركون

1999 دار الحديث القاهرة املعجم املفهرس اللفاظ القران الكريم محمد فؤاد عبد الباقي

2008 دار الطليعة بريوت الطبعة الثالثة الشخصية العربية االسالمية و املضري العريب هشام جعيط

2011 دار الرشق القاهرة الطبعة السادسة الالهوت العريب و أصول العنف الديني يوسف زيدان

Page 46: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

45

املراجع

املراجع باللغة العربية

تاريخ النرش دار النرش العنوان املؤلف

غري مذكور دار املعارف القاهرة لسان العرب 9 اجزاء ابن منظور

2006 خطوات للنرش و التوزيع دمشق كنعان و ملوك بني ارسائيل يف جزيرة العرب أحمد الدبش

1995 دار الجيل بريوت نقد التوراة : أسفار موىس الخمسة أحمد حجازي السقا

2009 دار العلوم للنرش و التوزيع القاهرة اليهود يف التاريخ القديم أحمد حامد

1992 دار الكتب العلمية بريوت لبنان احياء علوم الدين 5 اجزاء االمام ايب حامد الغزايل

1939 دار الكتب العلمية بريوت لبنان الرسالة االمام الشافعي

2007 الجامعة االنطونية لبنان العهد القديم العربي : ترجمة بني السطوربولس الفغايل و أنطوان

عوكر

2006 كنوز للنرش و التوزيع القاهرة انجيل برنبا خليل سعادة

2005 عني للدراسات و البحوث االنسانية و االجاماعية القاهرة املرأة يف الرشيعة اليهودية سوزان السعيد يوسف

2007 دار العلوم للنرش القاهرة االخر يف التلمود شيامء مجدي حسن

2011 دار تاجنوب للنرش تونس لبنات III : يف الثقافة و املجتمع عبد املجيد الرشيف

2008 دار سحر للنرش تونس يف الشأن الديني عبد املجيد الرشيف

2004 دار رشقيات للنرش و التوزيع القاهرة تاريخ الكنيسة يف فجر املسيحية اىل نهاية القرن الخامس عرش كاميللو باللني

1990-1986 منشورات اليونسكو باريس بالتعاون مع مركز االمناء القومي بريوت االسالم االخالق و السياية محمد أركون

1999 دار الحديث القاهرة املعجم املفهرس اللفاظ القران الكريم محمد فؤاد عبد الباقي

2008 دار الطليعة بريوت الطبعة الثالثة الشخصية العربية االسالمية و املضري العريب هشام جعيط

2011 دار الرشق القاهرة الطبعة السادسة الالهوت العريب و أصول العنف الديني يوسف زيدان

Page 47: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

46

املراجع باللغات االخرى

A. Cohen, Le Talmud, Paris, Petite bibliothèque Payot, 2002

Abdelwaheb Bouhdiba, L’homme en islam, Tunis, Sud Editions, 2006

Austin & P.Vidal- Naquet, Economic and social History of Ancient Greece, Uni- versity of California Press

Bernard Renaud, Proche est ton nom: De la révélation à l’invocation du nom de Dieu, Paris, Cerf, 2007

C. Cahen, Introduction á l ‘histoire du monde musulman médiéval : VII-XV; mé- thodologie et éléments de bibliogrophie, Paris, Maisonneuve, 1982

C. J. Hefelle, Histoire des conciles, trad. De l’Allemand par D.H. Leclerc, Paris, Petouzey & Ané,1907

C.B. Amphoux, La parole qui devient Évangile, Paris, Seuil, 1993

Collectif sous la direction de E. M. Laperrousaz, La Palestine à l’époque perse,Paris, Cerf, 1994

D. et J. Sourdel, La civilization de l’Islam classique, Paris, Arthaud, 1983

Emile Szlechter, Codex Hammurapi, Rome, Pontificia universitas Lateranensis, 1977

Flavius Josèphe, La guerre des Juifs, trad. Du Grec par Pierre Savinel, Paris, Éditions de Minuit, 1977

G.Cardascia, Le statut de l’étranger dans la Mésopotamie ancienne, Recueil dela société Jean Bodin 9-10, 1958

G.H.A. Yunboll, Muslim tradition, Cambridge University Press, 1983

Gaston Wagner, La justice dans l ‘Ancien Testament et le Coran, Paris, Payot, 1977

Gérard Verkindère, Un peuple élu, U.C.O, 2003

H. Zafrani & A. Caquot, La version arabe de la Bible de Saadiya Gaon, Paris, Maisonneuve & Larose, 1989

H.Limet, L’étranger dans la société sumerienne, D.O.Edzard éd.Munich, 1972

I. Goldziher, Etudes sur la tradition islamique, Paris, Maisonneuve, 1984

Isaac Abravanel, Commentaire du récit de la création, Editions Verdier, 1999

J. Milgrom, Religious Conversions : The revolt model for the formation of Israel,Journal of biblical literature, 101, 1982

J. Shacht, The origins of Muhammadan jurisprudence, Oxford, 1950 ; Introduc-tion au droit musulman, Paris, Maisonneuve & Larose, 1983

Page 48: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

47

J.C.Vadet, Les idées morales dans l’Islam, Paris, P.U.F, 1995

J.Jacques Glassner, Chroniques mésopotamiennes, Paris, les belles lettres, 1993

J.Jack Goody, Entre l’oralité et l’écriture, Paris, PUF, 1994

Jean Bottéro & S.N. Kramer, Lorsque les dieux faisaient l ‘homme, Paris, Gal- limard, 1989

Josef Ŝelhod, Les structures du sacré chez les Arabes, Paris, Maisonneuve &Larose, 1986

L. Ginzberg, Les légends des Juifs 3vol, Paris, Cerf, 1998

Léon Poliakov, Les Samaritains, Paris, Seuil, 1991

M. Eliade, Traité d’histoire des religions, Paris, payot, 1981

M.R. Hayoun, Le Zohar: aux origines de la mystique juive, Paris, éd. Noêsis, 1999

Marie Françoise Baslez, Bible et histoire, Paris, Fayard, 1998

Mireille Hadas- Lebel, Flavius Josèphe : le Juif de Rome, Paris, Fayard, 1989 ; Philon d’Alexandrie : un penseur en diaspora, Paris, Fayard, 2003

Mohammad Arkoun, Essaies sur la pensée islamique, Paris, Maisonneuve & Larose, 1984 ; Miskawayh : traité d’éthique, Institut français de Damas, 1988

N. Abott, Studies in Arabic literary Papyri, Chicago, 1957 ; Quranic commentaryand tradition, Chicago, 1967

N.J.Coulson, Histoire du droit islamique, Paris, P.U.F, 1995

Olivier Artus, Le Pentateuque, Cahiers Évangile n. 106, Paris, Le Cerf, p. 18-20

Paul Ricœur, Soi même comme un autre, Paris, Le Seuil, 1990 ; Parcours de lareconnaissance, Paris, Stock, 2004

Pierre Bordreuil et Françoise Briquel- Chatonnet, Le temps de la Bible, Paris,Gallimard, 2000

R. Graves, Les mythes grecs, Paris, Fayard, 1967

R. Graves et R. Patai, Les mythes hébreux, Paris, Fayard, 1987

Roger Arnaldez, Sciences et philosophie de Bagdad sous les premiers Abbas-sides, Arabica, T.9, 1962

S.lafont, Le roi, le juge et l’étranger à Mari et dans la Bible, Revue Asiatique 92,1988

Supplément aux cahiers Évangile n˚56 & 85, Lois de l ‘Ancien Orient, Paris,Cerf, 1986 ; Sagesses de mésopotamie, Paris, Cerf

Y. Kaufmann, Connaître la Bible, Paris, P.U.F, 1970

Page 49: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

دسترة احلريات الفرديةقراءة حقوقية للدستور التونسي

الصادر في 27 جانفي 2014

د. وحيد الفرشييش

Page 50: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

49

وحيد الفرشييش

وحيد الفرشييش، دكتور يف القانون، أستاذ مربز يف القانون العام بالجامعات التونسية منذ 1995 ،

مسؤول ماجستري وأستاذ زائر يف عدة جامعات أجنبية )مرص، فرنسا، لبنان و سويرسا(.

كان عضوا باللجنة الوطنية للتقيص حول الفساد و الرشوة )2012-2011( و اللجنة الفنية لإلرشاف

عىل الحوار الوطني حول العدالة اإلنتقالية )2012-2013(.

وهو خبري لدى املعهد العريب لحقوق اإلنسان و املركز الدويل للعدالة اإلنتقالية )ICTJ( واإلتحاد

.)UICN( الدويل للمحافظة عىل الطبيعة

وحيد الفرشييش هو عضو مسري بعديد الجمعيات و هو رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن

للعدالة املستقلة الوطنية التنسيقية مبكتب عضو و )www.adlitn.org( : الفردية الحريات

اإلنتقالية )CNIJT( و هو مؤلف لعديد الكتب و الدراسات حول الحريات األساسية.

من أهم منشوراته:

العريب العامل يف األطفال عاملة ؛ )2007 بريوت )جامعي، العريب العامل يف القضاة جمعيات

)دراسة، تونس 2008( ؛ األقليات الجنسية يف العامل العريب )دراسة، بريوت 2009( ؛ الهياكل الرسمية

لحقوق اإلنسان يف تونس، أية حوكمة؟ )دراسة، تونس 2013(؛ املجتمع املدين يف تونس يف الفرتة

االنتقالية )دراسة، تونس 2013(؛ املحامون و الدفاع عن حقوق اإلنسان )دراسة، بريوت 2013(.

Page 51: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

50

دسرتة الحريات الفردية

قراءة حقوقية للدستور التونيس الصادر يف 27 جانفي 2014

د. وحيد الفرشييش222

الفهرسمقدمة

الجزء األول : االطار العام للتكريس الدستوري للحريات الفردية

1- االقرار الرصيح بالحريات الفردية :

2- اإلقرار مببادئ حقوق االنسان الكونية السامية :

3- اإلقرار مبدنية الدولة و لكن

الجزء الثاين : تعدد الحريات الفردية يف الدستور

1- تنوع الحريات الفردية املكرسة دستوريا.

أ – الحريات الذهنية / الفردية :

- حرية الضمري و الحريات الدينية :

- حرية الرأي و الفكر و التعبري ..

حرية االبداع:

ب- الحريات الخاصة للفرد: حامية الحميمية

- حامية الحياة الخاصة:

- حرمة املسكن

- رسية املراسالت واالتصاالت:

- حامية املعطيات الشخصية

ج : االختيارات املادية للفرد :

2 – الحريات الفردية الغائبة :

- التغافل املقصود لبعض الحريات الفردية : االختيار الحر

www.adlitn.org 222 أستاذ قانون بالجامعة التونسية ,رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية

Page 52: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

51

- التغافل غري املقصود عن بعض الحريات :

3 – الحدود الدستورية عىل مامرسة الحريات :

أ – الحدود اإلجرائية :

ب – الحدود املوضوعية :

- اعتامد مبدأ الرضورة :

- إقرار مبدأ التناسب :

الجزء الثالث : الضامنات الدستورية لحامية الحريات

1 – حامية مكتسبات الحقوق و الحريات من أي تعديل :

2 – الدولة ضامن للحقوق و الحريات :

3 – تكفل الهيئات القضائية بحامية الحريات:

4 – دور الهيئات الدستورية املستقلة :

Page 53: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

52

مقدمةتم الذي الدستور ، هذا 2014 فيفري 10 منذ نافذا أصبح و الجديد التونيس الدستور صدر

اعداده يف قرابة سنتني : حيث صدرت نسخة مرشوعه األوىل يف 6 أوت 2012 و كانت مخيبة لآلمال

و إلنتظارات املهتمني بحقوق االنسان ثم صدرت مسودة مرشوعه الثانية يف 14 ديسمرب2012 و

كانت املسودة الثالثة بتاريخ 22 أفريل 2013 ثم أودع املرشوع لنقاش الجلسة العامة يف األول من

جوان 2014 . و مل تتم مناقشته إال بداية جانفي 2014 .

منذ الحريات و للحقوق العام و امللحوظ التطور للدستور نالحظ الحالية النسخة بقراءة و

النسخة األوىل إىل النسخة الحالية و كان هذا التطور قد حصل نتيجة إسهامات وضغوطات متعددة

مارستها مكونات املجتمع املدين املؤمنة بكونية حقوق االنسان و كان للحوار و اللقاءات و النقاشات

حول كل حق و كل حرية صداها يف فصول الدستور223. هذا التأثري ال حظناه عىل جميع املستويات:

سواء من حيث اإلطار العام الذي تكرس يف إطاره الحريات الفردية ) الجزء1( و كذلك تعداد هذه

الحريات و تنوعها يف نص الدستور ) الجزء2( و الضامنات التي إحتواها الدستور لتكريس و حامية

هذه الحريات ) الجزء3( إال أن هذه القراءة اإليجابية لنص الدستور فيام يتعلق بضمناته للحريات

الفردية ال يجب أن تحجب عنا النقائص التي ال تزال موجودة صلبه و التي سنتناولها تباعا مبناسبة

كل عنرص ، كام ال يفوتنا أن نعرض لكيفية تطبيق نص الدستور فيام يتعلق بالحريات الفردية و

الصعوبات التي ستتعرض ذلك .

223 أنظر املقاالت و الدراسات العديدة التي تعرضت للحريات يف الدستور :

- قراءة يف مسودة مرشوع الدستور : تقييم و اقرتاحات ، أعامل جمعية البحوث يف االنتقال الدميقراطي ، مارس 2013

www. adlitn.org ، 2013 واقع الحريات الفردية يف تونس ، تقرير الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية ، أكتوبر -

Page 54: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

53

اجلزء األول |االطار العام للتكريس الدستوري للحريات الفردية

إن الدستور التونيس الجديد ميكن بقراءة إيجابية لتوطئته و فصوله ، من تكريس إطار مالئم

صلب كمفهوم الفردية« بالحريات « رصيح إقرار يف أساسا ذلك يتمثل و ، الفردية للحريات

الدستور)1( و إقرار منظومة حقوق االنسان يف بعدها الكوين و الشامل ) 2( و مدنية الدولة )3(.

• 1 • االقرار الرصحي باحلريات الفردية :

جاء الفصل 21 من الدستور واضحا فيام يتعلق بإقراره للحريات الفردية .حيث ورد بهذا الفصل

أنه : » تضمن الدولة للمواطنني و املواطنات الحقوق و الحريات الفردية و العامة ...« هذا التنصيص

الرصيح جاء ليكرس ألول مرة دستوريا ضامن الحريات الفردية . ذلك أن دستور الجمهورية األوىل

الصادر يف األول من جوان 1959 و برغم تعديالته العديدة فانه مل يكرس رصاحة مفهوم الحريات

الفردية . و يكون إسهام الدستور الجديد هاما جدا عىل مستوى االقرار بهذا املفهوم.خاصة و أن

هذا االقرار يؤسس لتمييز الحريات الفردية عن الحريات العامة و تجنيب الخلط بينهام من ناحية

الفردية عند تناولها ترشيعيا و قضائيا من ناحية و تأكيد األخذ بعني االعتبار خاصيات الحريات

أخرى هذا التمييز الدستوري من شأنه دعم هذه الحريات و جعلها مؤسسة دستورية هامة يتوجب

إعطاؤها املكانة الخاصة بها .

و كمفهوم سيكون لهذه االعتبارات الدستورية انعكاساتها اإليجابية عىل ضامن هذه الحريات .

خاصة و أن مفهوم الحريات الفردية عادة ما يرتبط مبا ميارسه اإلنسان كفرد و ال يحتاج ملامرسته

االطار الجامعي وهو ما يؤسس ملفهوم الفرد و اعتباره صاحب حريات لصيقة به كفرد دون تذويب

له يف املجموعة أو الجامعة ، وهو ما من شأنه تدعيم املكانة القانونية للفرد. وهو ما يستوجب

منا أيضا النظر فيام إذا كانت بقية فصول الدستور و خاصة ما يتعلق منها بالحريات مكرسة للفرد

و لحرياته؟

• 2 • اإلقرار مببادئ حقوق االنسان الكونية السامية :

إن الدستور التونيس الجديد و إن مل يحسم بكل وضوح مسألة كونية حقوق االنسان و شموليتها

و ترابطها كام كان الشأن يف الفصل 5 من دستور الجمهورية األوىل املؤرخ يف األول من جوان 1959

Page 55: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

54

، إال أن الدستور الجديد أحال يف مرار عديدة إىل منظومة حقوق اإلنسان من ناحية و حاول تكريس

جملة هامة من حقوق االنسان من مختلف األجيال.

- إحالة رصيحة عىل منظومة حقوق االنسان : منذ توطئته يعرب الدستور عن » متسك شعبنا ...

بالقيم االنسانية و مبادئ حقوق االنسان الكونية السامية ...« و يؤسس لنظام جمهوري » تضمن

فيه الدولة علوية القانون و احرتام الحريات و حقوق االنسان ...« و يتواصل هذا االقرار مع الفصل

49 و الذي ينص عىل أنه » ال يجوز ألي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق االنسان و حرياته

املضمونة يف هذا الدستور.«

هذا التميش و الذي يبدو محتشام فيه تراجع عام كان مضمنا يف الفصل 5 من الدستور القديم

يف االنسان حقوق و األساسية الحريات التونسية الجمهورية تضمن « : أنه عىل نص الذي و

كونيتها و شموليتها و تكاملها و ترابطها ...« وهو تراجع يعكس االختالفات التي سادت بني مختلف

» صاحب االسالمي النهضة حركة » حزب املحافظ املكون خاصة و التأسييس املجلس مكونات

األغلبية يف املجلس من ناحية و بقية املكونات ذات التوجه التقدمي و الحقوقي من ناحية أخرى.

و كان التوافق يف النهاية عىل تضمني الدستور إلحاالت عىل منظومة حقوق االنسان دومنا إهامل

أيضا عىل الجانب أال يطغى هذا الديني رشط الجانب التونسية و خاصة الهوية لبقية مكونات

روح الدستور و عىل مضمونه . و باملحصلة كان الدستور عىل مستوى أسسه الفكرية و النظرية

و االيديولوجية خليطا من عديد األبعاد التي قد ال تتوافق باألساس و قد تؤدي الحقا إىل مشاكل

تطبيقية خصوصا عند الترشيع مستقبال يف مادة الحقوق و الحريات و تحديد الحريات الفردية و

التي غالبا ما ينظر إليها نظرة واسعة من وجهة نظر حقوق االنسان و لكن ينظر لها نظرة سلبية من

جهة املبادئ و القواعد الدينية. وسيكون للمحكمة الدستورية دورا هاما يف هذا املجال.

- دستور ضامن ملجموعة هامة من الحقوق و الحريات و املبادئ األساسية: يتميز دستور 27

جانفي 2014 مبزجه بني عديد الحقوق و الحريات و التي تشمل مختلف أجيال حقوق االنسان

حيث جاء باب “ الحقوق و الحريات” ضامنا للمساواة بني املواطنني ) الفصل 21 ( ، الحق يف الحياة

) الفصل 22 ( حرمة الجسد و كرامة الذات البرشية و منع التعذيب ) الفصل 23 ( حامية الحياة

الخاصة و حرمة املسكن و رسية املراسالت ... ) الفصل 24 ( ، حقوق املتهم و السجني ) الفصول 27

إىل 30 ( حرية الرأي و التعبري و االعالم ) الفصل 31 ( الحريات األكادميية )الفصل 33 ( الحقوق

السياسية : االنتخاب و الترشيع و التحزب و التنظيم و التظاهر ) الفصول 34 إىل 37 ( ، الحق يف

الصحة و الضامن االجتامعي ) الفصل 38 ( الحق يف التعليم االلزامي و املجاين ) الفصل 39 ( الحق

Page 56: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

55

يف العمل الالئق و االجر العادل ) الفصل 40( ، الحق يف الثقافة و حرية االبداع ) الفصل 42( ، دعم

الحق يف الرياضة و الرتفيه ) الفصل 43 ( ، الحقوق امللتصقة بالبيئة ) الفصلني 44 و 45 ( حقوق

املرأة ) الفصل 46 ( حقوق الطفل )الفصل 47 ( و حقوق ذوي االعاقة ) الفصل 48 (.

هذا التكريس ملختلف أجيال حقوق االنسان يجعل من باب الحقوق و الحريات “ إعالنا لهذه

. هذا الفردية و تعزيزها الحريات الحقوق وهو ما ميكن أن يؤسس أيضا ملناخ مناسب لتدعيم

التعداد الهام لهذه الحقوق و الحريات تدعم أيضا بتكريس الدستور ملجموعة من املبادئ األساسية

التي من شأنها ضامن مناخ مناسب للحريات الفردية.

و يف هذا االطار ميكن ذكر أهم هذه املبادئ و املتمثلة أساسا يف مبدأي املساواة و عدم التمييز

: وهي مبادئ أقرها الدستور يف توطئته من ناحية حيث أكد عىل أن » تضمن الدولة ... املساواة

يف الحقوق و الواجبات بني جميع املواطنني و املواطنات و العدل بني الجهات .« و تدعم ذلك يف

الفصل 21 و الذي أقر أن » املواطنون و املواطنات متساوون يف الحقوق و الواجبات و هم سواء

أمام القانون من غري متييز.« و رغم أهمية هذين املبدئني إال أنهام يطرحان بعض االشكاليات :

فبالنسبة ملبدأ املساواة نالحظ أنه سواء بإقراره يف التوطئة أو يف الفصل 21 أكد عىل املساواة

يف الحقوق و الواجبات أمام القانون ، و مل يؤكد عىل املساواة بالقانون وهو ما ميكن أن يؤدي إىل

تواصل بعض مظاهر الالمساواة املوجودة اآلن يف القانون التونيس و التي ال زالت متيز الرجال عن

النساء . أما فيام يتعلق بالتمييزفقد جاءت عبارة الفصل 21 : » سواء أمام القانون من غري متييز«

مبهمة حيث درجت النصوص القانونية و خاصة الدولية عىل تعداد مظاهر منع هذا التمييز » عىل

أساس اللون أو الجنس أو الدين أو العرق أو الوضع االجتامعي ...« و للتاكيد عىل منع التمييز كان

باالمكان إضافة عبارة من غري أيه شكل من أشكال التمييز و خاصة منها...« إال أن النص الدستوري

جاء مطلقا و غامضا مام سيجعل من دور املحكمة الدستورية الحقا هام جدا لتحديد أنواع التمييز

و مظاهره.

- إىل جانب هذين املبدأين أكد الدستور عىل مبدأ عدم الرتاجع عن مكتسبات حقوق االنسان

التي ضمنها الدستور . وهو ما أكده الفصل 49 يف فقرته األخرية و التي أكدت عىل أنه » ال يجوز ألي

تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق االنسان و حرياته املضمونة يف هذا الدستور .« هذا التأكيد

عىل عدم الرتاجع من شأنه أن يجعل من حقوق االنسان مبادئ فوق دستورية حيث ال ميكن أن

يطالها التعديل إال إذا تعلق بدعم مكتسبات حقوق االنسان وهو ما جاء مثال يف الفصل 46 و الذي

ألزم الدولة بحامية الحقوق املكتسبة للمرأة و العمل عىل دعمها و تطويرها«.

Page 57: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

56

هذا التميش يتوافق مع ما كانت قد أقرته محكمة استئناف تونس يف قرارها الصادر يف 5فيفري

2013 بإعالها أن الحقوق و الحريات ال تلغى بطبيعتها و أقرت لها املنزلة الفوق دستورية سواء

بوجود دستور أو بغيابه. إال أن فكرة أو مبدأ الفوق دستورية يجب النظر إليه من زاوية نقدية

حيث ال ميكن تطبيقه بصفة مطلقة بل يجب التعامل بصفة إيجابية تتعلق أساسا مببادئ حقوق

االنسان الكونية القابلة للدعم و االثراء و ليس لتحنيطها و عدم تطورها.

• 3 • اإلقرار مبدنية الدولة و لكن :

من أهم ما نص عليه رصاحة الدستور الجديد هو مدنية الدولة و قد ورد هذا اإلقرار يف التوطئة

بجعل من أسس النظام الجمهوري » الدولة املدنية« ، و جاء الفصل الثاين ليقر بكل وضوح : »

تونس دولة مدنية تقوم عىل املواطنة و إرادة الشعب و علوية القانون.« و أكد الدستور الطابع

املدين للدولة بأن جعل ذلك غري قابل للتعديل.) الفصل 2(.

هذا االقرار الرصيح بالطابع املدين للدولة من شأنه أن يؤثر إيجابيا عىل حامية الحريات الفردية

باألساس العسكرية هو الدولة و الدينية الدولة كنقيض ملفهوم املدنية الدولة أن مفهوم ذلك .

مفهوم مبني عىل حقوق الفرد و حرياته و عدم االنتقاص منها سواء استنادا إىل ضوابط دينية أو

أمنية مجحفة ) عسكرية خاصة( . هذا الكسب الهام ال يجب أن يحجب عنا أن الدستور التونيس

مل يحسم بوضوح مسألة عالقة الدولة املدنية باالبعاد الدينية املنصوص عليها يف الدستور.فاإلشارات

الدينية سواء يف توطئة الدستور أو يف مختلف فصوله هي عديدة و بإمكانها أن تؤدي إىل تضارب مع

مفهوم مدنية الدولة. فمنذ التوطئة أكد املؤسسون عىل متسك شعبنا » بتعاليم االسالم و مقاصده«..

و مقومات هويتنا العربية اإلسالمية » و االنتامء » الثقايف و الحضاري لألمة العربية و اإلسالمية » و

» التكامل مع الشعوب اإلسالمية«. و كان الفصل األول من الدستور معلنا أن » تونس دولة... اإلسالم

دينها ...« و أضاف أنه ال يجوز تعديل هذا الفصل . كام يضيف الفصل 39 املتعلق بالحق يف التعليم

أن دور الدولة » تأصيل الناشئة يف هويتها العربية اإلسالمية » . كام أنه و حسب الفصل 74 يتوجب

أن يكون دين رئيس الجمهورية اإلسالم. كل هذه التنصيصات الرصيحة عىل األبعاد الدينية تحدث

إختالال يف بنية أحكام الدستور إذا ما قرأناه عىل ضوء مفهوم مدنية الدولة و ذلك لألسباب التالية :

من جهة يعترب التنصيص رصاحة عىل مدنية الدولة و عىل دين الدولة و منع أي تعديل لهذين

لها لكنها دولة و ناحية املدنية من الدولة بني وأنه جمع االنفصام خاصة فيه بعض التنصيصني

القوانني من ناحية و دستورية دين وهو ما سيعقد املسائل الحقا عند فحص دستورية مشاريع

Page 58: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

57

املعاهدات الدولية و التي ستضطلع به املحكمة الدستورية خاصة عندما نكون أمام مسألة » حق أو

حق حرية » و خاصة الفردية منها و التي تتطابق مع مدنية الدولة و تتعارض مع أبعادها الدينية.

من ناحية أخرى سنكون أمام مأزق املوازنة بني برامج التعليم املؤصلة ملدنية الدولة من ناحية

واألبعاد الدينية و تحديدا اإلسالمية منها و لذا يتوجب التفكري مليا عند اإلعداد البيداغوجي لهذه

الربامج. و أخريا كيف يشرتط الدستور يف رئيس الجمهورية أن يكون مسلام و يف نفس الوقت تقر

أحكام الدستور :« حرية الضمري و املعتقد و مامرسة الشعائر الدينية.« ) الفصل 6 ( . وهو يتعارض

مع مفهوم املدنية من ناحية و فيه أيضا رضب ملبدأ املساواة بني جميع املواطنني و املواطنات .

إن متلمل الدستور بني الجوانب املدنية و األبعاد الدينية يعكس بوضوح االنقسام الذي يطبع

املرشوعني الوطنيني الذين يدافع عن كل منهام من جهة املكون السيايس و املدين ذا املنحنى الديني

/ اإلسالمي و من جهة أخرى املكون السيايس و املدين ذا املنحى العلامين املدين.

هذا اإلطار الدستوري العام و الذي يعترب مناسبا و حاضنا للحقوق و الحريات عموما و الحريات

الفردية خصوصا يجب أن ننظر إليه دامئا من خالل أبعاده املختلفة املدين و الديني حتى تكون

إحاطتنا مبفهوم الحريات و مضمونها شاملة و متوازنة و خاصة و أن الفصل 146 من الدستور ينص

رصاحة عىل أنه : » تفرس أحكام الدستور و يؤول بعضها البعض كوحدة منسجمة.«

اجلزء الثاني |تعدد احلريات الفردية في الدستور

بإقراره رصاحة » الحريات الفردية » و ضامن الدولة لها للمواطنني و املواطنات ) الفصل 21(

كرس الدستور التونيس و ألول مرة يف القانون الدستوري التونيس و يف القانون التونيس عموما منذ

دستور 1 هذا املفهوم و جعل الحريات الفردية مؤسسة دستورية و جعل الدولة ضامنة لها وهو ما

من شأنه تكريس هذه الحريات من ناحية و تعددها ، )1( و ضبط حدود مامرستها ) 3( إىل جانب

غياب التنصيص عن بعضها )2(.

• 1 • تنوع احلريات الفردية املكرسة دستوريا :

تحتوي فصول الدستور عىل حريات فردية عديدة ميكن أن نصنفها إىل حريات ذهنية و فكرية

)أ( حريات تتعلق بالحياة الخاصة للفرد ) ب( .

أ – الحريات الذهنية / الفردية :

Page 59: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

58

تقر فصول دستور 27 جانفي 2014 مجموعة هامة من الحريات الذهنية و الفكرية منها ما

كان مقررا يف دستور 1959 و منها ما جاء ألول مرة يف الدستور الجديد و خاصة منها حرية الضمري

و حرية االبداع . و لتناول هذه الحريات يتوجب علينا تحليل كل حرية و بيان خصائصها و سبل

مامرستها.

- حرية الضمري و الحريات الدينية : لقد أقر الفصل 6 من الدستور » الدولة ... كافلة لحرية

الدستور يف الفردية الحريات مكاسب أهم من االقرار هذا يعترب و »... الضمري و املعتقد

الجديد . و قد تم إقراره بعد ضغوطات كربى من قبل مكونات املجتمع املدين املؤمنة بكونيه

حقوق اإلنسان و بقبول من األغلبية التأسيسية ذات التوجهات الدينية . بل إن أبرز قادة هذه

األغلبية ، نظروا لحرية الضمري و لعدم تعارضها مع مبادئ و مقاصد االسالم . وهو ما أدى إىل

إدراجها بصفة رصيحة يف نص الدستور.

و عىل مستوى أهميتها تعترب حرية الضمري من الحريات األساسية يف النظام الدميقراطي حيث

تضمن هذه الحرية ، » الحرية الفلسفية املتعلقة باملاورائيات و الحرية اإلميانية بأعىل معناها . وهو

أن يرجع للفرد وحده أن يقرر إختياره يف مجال اإلميان224«

و تعترب حرية الضمري من الحريات القالئل التي ال تفرض عليها ضوابط أو قيود ألنها ال تتعلق

إال بالفرد فيام يراه لنفسه و يرضاه لها من قناعات و أفكار و معتقدات ترتبط أساسا مبا ميكنه أن

يؤمن به وهي لذلك تتجاوز حرية املعتقد و حرية الدين.

هذه الحريات و التي نص عليها الفصل 6 حيث جعل الدولة راعية للدين ، كافلة لحرية املعتقد

و الضمري و مامرسة الشعائر الدينية .« ترتبط عادة باالعتقادات الدينية باملعنى التقليدي : أي حرية

الفرد يف أن يدين بدين ما و حريته يف اعتناق أي دين أو معتقد يختاره و حريته يف إظهار دينه أو

معتقده بالتعبد و إقامة الشعائر و املامرسات و التعليم مبفرده أو مع جامعة و أمام املأل أو عىل

حدة« ) املادة 18 من االعالن العاملي لحقوق االنسان و من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية

و السياسية ( . و يكون إلعالن هذه الحريات إنعكاسات هامة عىل حقوق األفراد و حرياتهم ، منها

ما ذكره نص الدستور رصاحة و منها ما تؤكده املواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس.

فبالرجوع إىل الدستور و تحديدا الفصل 6 نالحظ أنه و كتبعات إلقرار حرية الضمري و املعتقد و

مامرسة الشعائر الدينية فإن الدولة » تلتزم ... بنرش قيم االعتدال و التسامح و بحامية املقدسات

و منع النيل منها ، كام تلتزم مبنع دعوات التكفري و التحريض عىل الكراهية و العنف و بالتصدي

224 عياض بن عاشور ، التقرير التمهيدي ، قراءة يف مسودة مرشوع الدستور ، تقييم و إقرتاحات ، 17 مارس 2013 نرش جمعية البحوث يف

االنتقال الدميقراطي و الجمعية التونسية للقانون الدستوري ، تونس 2013 ص 12.

Page 60: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

59

لها ». هذه التنصيصات الهامة من شأنها تكريس حرية الضمري و املعتقد و خاصة فيام يتعلق مبنع

دعوات التكفري » ألنه ال ميكن أن يستقيم االقرار بحرية الضمري يف ظل وجود مامرسات تكفريية.

أما العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية و السياسية فإنه يؤسس عىل حرية الوجدان و الدين

أنه » ال يجوز تعريض أحد إلكراه من شأنه أن يخل بحريته يف أن يدين بدين ما أو بحريته يف إعتناق

أي دين أو معتقد يختاره .« هذه التتبعات الهامة إلقرار حرية الضمري و املعتقد ال يجب أن تخفي

عنا بعض املشاكل املتعلقة بها سواء يف إقرارها أو يف مامرستها :

الدستور مل أن الدينية نالحظ الشعائر املعتقد و مامرسة الضمري و إقرار حرية عىل مستوى

يدرجها يف باب » الحقوق و الحريات » بل أدرجها يف باب املبادئ العامة وهو ما يضفي عليها طابعا

مبدئيا تقوم عليه كل أحكام الدستور األخرى و التصور العام للدولة ، إال أنه يحرم هذه املبادئ من

أن تضمن رصاحة كحرية أو كحق . وهو ما انعكس يف طريقة صياغتها يف الفصل 6.

فعىل مستوى الصياغة مل تتم صياغة هذه الحريات كغريها بالقول أن : » حرية الضمري و حرية

املعتقد و حرية مامرسة الشعائر الدينية مضمونة«. بل تم صياغتها بوصفها من التزامات الدولة

التي ترعى الدين و تكفل هذه الحريات... وهو ما من شأنه أن يقلل من قيمتها بوصفها حريات

كاملة و قامئة الذات فكان األجدر ضامنها كحرية ثم حمل كفالتها عىل الدولة . إضافة إىل ذلك

نالحظ أن الدستور ربط بني هذه الحريات و رعاية الدولة للدين وهو ما يوحي بأن هذه الحريات

هي فقط حريات دينية بينام من املعلوم أن حرية الضمري و إن كانت من تبعات حرية الدين و

املعتقد إال أنها أشمل و أوسع منهام . لذا كان من األفضل فصل هذه الحرية يف مادة خاصة بها كام

هو الشأن بالنسبة لحرية الفكر مثال.

املتعلقة خاصة الصعوبات أمام بعض الضمري سنكون الحقا عىل مستوى طرق مامرسة حرية

باملوازنة بني حرية الضمري و املعتقد و مامرسة الشعائر الدينية من ناحية و حامية املقدسات و

منع النيل منها من ناحية أخرى. ذلك أن للمقدسات مفهوم واسع يرسي عىل املسائل أو املكونات

املادية ) األماكن ، املواقع ، أدوات مامرسة الشعائر.) كام يرسى عىل املكونات الالمادية )األفكار ،

املعتقدات ، الطقوس ..( و ميكن للمقدسات أن تتعارض فيام بينها و حتى أن ترفض بعضها البعض

و سيكون دور الدولة كفالة كل املقدسات و البحث عن التوازن بينها خاصة و أنها راعية للدين«

املحكمة و خاصة للمحاكم سيكون و . دين كل أي الصدد هذا إطالقه يف الدين عىل يؤخذ و

الدستورية الدور الرئييس يف هذا التوازن خاصة و أن املبدأ هو » منع دعوات التكفري و التحريض

عىل الكراهية و العنف و التصدي لها.« ) الفصل 6(.

Page 61: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

60

- حرية الرأي و الفكر و التعبري ... خالفا لحرية الضمري و املعتقد تم التنصيص عىل حرية الرأي

و الفكر و التعبري صلب باب الحقوق و الحريات حيث نص الفصل 31 من الدستور عىل أن »

حرية الرأي و الفكر و التعبري و اإلعالم و النرش مضمونة. »

هذه الحريات التي أقرها الفصل 31 تتداخل فيها الحريات الفردية ببعض الحريات الجامعية

لتقاسمها بعض أوجه مامرسة هذه الحريات خاصة فيام يتعلق بحرية االعالم و النرش.

فبالنسبة لحرية الفكر و الرأي هي من الحريات املنصوص عليها منذ دستور 1959 يف فصله8. و

هذه الحرية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحريات السابقة لها و أساسا حرية الضمري و املعتقد. و بالعودة

إىل األسس الدولية لهاتني الحريتني سواء يف االعالن العاملي لحقوق االنسان أو العهد الدويل الخاص

بالحقوق املدنية و السياسية ، نالحظ أن املادة 19 من كليهام تؤكد عىل أن هذا الحق يشمل حرية

كل انسان يف » التامس مختلف رضوب املعلومات و األفكار. و ... و نقلها لألخرين وهو ما يجعل

دامئا من حرية الفكر و الرأي من الحريات الفردية التي ميكن للفرد أن ميارسها يف إطار ضيق من

الخصوصية إال أن األهم من االكتفاء بالرأي أو بالفكر بني الفرد و نفسه هو تقاسم الفرد أفكاره و

آرائه مع غريه وهو يرتبط بصفة وثيقة بحرية التعبري.

- حرية التعبري هي أيضا من الحريات التي كانت مضمنة يف الفصل الثامن من دستور 1959،

وتقتيض هذه الحرية » التامس مختلف رضوب املعلومات واألفكار... وتلقيها ونقلها إىل آخرين

دومنا اعتبار للحدود سواء عىل شكل مكتوب أو مطبوع أو يف قالب فني أو بأية وسيلة أخرى

يختارها اإلنسان ». ) املادة 19 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان كام أثرتها ودققتها املادة 19

من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية(. هذه الحرية وخاصة فيام يتعلق بحرية

تقاسم األفكار تكتيس اليوم أهمية بالغة خاصة فيام يتعلق بتقاسم اآلراء واألفكار عىل مواقع

التواصل االجتامعي وهو ما سيضع ) وهو حاصل اآلن( هذه الحريات حتام أمام تحديات كربى

تتطلب وضع ضوابط ال متس من جوهر هذه الحرية.

ولذا ترتبط بحرية الفكر والرأي والتعبري مجموعة هامة من الحقوق والحريات التي يجب أن

تضمن لتتحقق هذه الحريات. ومن أهمها حريات النفاذ إىل املعلومة وإىل شبكات االتصال )الفصل

32 من الدستور( والحريات األكادميية وحرية البحث العلمي ) الفصل 32(.

أ – حرية االبداع :

نص الفصل 42 من الدستور عىل أن » حرية اإلبداع مضمونة...« وبالنظر يف نص الفصل نالحظ

Page 62: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

61

الثقافية والتي تشمل إىل جانب الحق يف الحقوق والحريات أن حرية اإلبداع تم إدراجها ضمن

الثقافة، الحق يف املوروث الثقايف. وحرية اإلبداع إذا ما رجعنا إىل العهد الدويل الخاص بالحقوق

االقتصادية واالجتامعية والثقافية لسنة 1966 والذي صادقت عليه تونس نالحظ أنه يدرج حرية

اإلبداع يف املادة 15 الفقرة ج )3( والذي جاء فيها » تتعهد الدول االطراف... باحرتام الحرية التي

ال غنى عنها للبحث العلمي والنشاط اإلبداعي«. وهي صيغة تتعلق بتعهدات الدول فيام يتعلق

بضامن حرية اإلبداع . وتعترب حرية اإلبداع من الحريات التي تضمن ألول مرة يف القانون التونيس

خاصة وأن دستور 1959 وبالرغم تنقيحاته العديدة مل يعمل عىل تضمني حرية اإلبداع. وجاء هذا

اإلقرار يف الدستور الجديد بعد الدور الهام قام به املثقفات واملثقفني والجمعيات ومختلف مكونات

هذه القرار التأسييس الوطني املجلس داخل الدميقراطية الكتلة ونائبات ونواب املدين املجتمع

الحرية وتضمينها يف نص الدستور.

وتربط حرية اإلبداع بغريها من الحريات الفردية وخاصة حرية الضمري والفكر والرأي والتعبري

ذلك أن اإلبداع ال يرتبط فقط بالحق يف الثقافة يف معنى اإلنتاج الفني فقط بل تتعدى ذلك إىل

كل املجاالت العلمية، التعليمية. والحياتية اليومية. خاصة وأن البالد عاشت عديد االضطرابات عىل

خلفية معارض فنية وبث أفالم سواء يف القنوات التلفزية أو يف قاعات السنام كام تم تتبع فنانني عىل

خلفية أغان أو تتبع مجموعة شباب عىل خلفية رسم شعارات عىل الجدران. هذه األحداث بينت

بوضوح التهديدات الكبرية التي ميكن أن تعرض حرية اإلبداع.

إن هذه الحريات الفكرية والذهنية والتي ترتبط بالفرد يف عالقته بنفسه واختياراته والتعبري عنها

تتدعم بالنظر يف مجموع الحريات األخرى التي ترتبط بالفرد يف حياته الخاصة واختياراته املادية.

ب- الحريات الخاصة للفرد: حامية الحميمية

أقر الفصل 24 من الدستور انه » تحمي الدولة الحياة الخاصة وحرمة املسكن ورسية املراسالت

أقر انه نالحظ 1959 بدستور الجديد الدستور ومبقارنة الشخصية...« واملعطيات واالتصاالت

عنرصين جديدين يتعلقان بحامية الحياة الخاصة من ناحية ورسية االتصاالت. بينام بقية الحريات

) املراسالت، حرمة املسكن، حامية املعطيات الشخصية كانت مضمنة يف الدستور التونيس السابق

يف الفصل التاسع). وميكن التعرض اىل مختلف هذه الحريات املضمنة يف الفصل 24 بوصفها كتلة

سواء به املتعلقة واملعطيات وباملعلومات حميميته أي الخاص بفضائه بالفرد لصيقة حريات

املوجهة إليه أو التي يتم الحصول عليها بدون علمه. هذا الجمع بني مختلف هذه الحريات نالحظه

أيضا يف العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية والذي ينص يف املادة 17 منه عىل أنه :

Page 63: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

62

“ ال يجوز تعريض أي شخص عىل نحو تعسفي أو غري قانوين لتدخل يف خصوصياته أو شؤون

أرسته أو بيته أو مراسالته وال ألي حمالت غري قانونية متس رشفه أو سمعته. من حق كل شخص أن

يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو املساس”.

- حامية الحياة الخاصة: تعترب حامية الحياة الخاصة أهم مقومات الحريات الفردية ألنها تحمي

حميمية األفراد وخصوصياتهم ويكون اقرار الدستور لهذه الحامية من أهم ما جاء فيه اىل جانب

حرية الضمري فيام يتعلق بالحريات الفردية. ذلك انه وإىل حدود دستور 2014 مل يكن القانون

التونيس يقر حامية الحياة الخاصة كمبدإ عام، بل اكتفت مجلة حامية الطفولة بالتنصيص عىل

حق الطفل يف حامية حياته الخاصة ومل يتم التوسع يف ذلك لتشمل الجميع، مبا فيهم الراشدين

والراشدات. وسيكون لهذا االقرارا الدستوري انعكاسات هامة عىل مجموع الحريات والحقوق

املقررة للفرد، وسيكون لها األثر الهام عىل تنقية عديد القوانني وخاصة منها املجلة الجزائية

عىل سلبا تؤثر التي العنارص من ... باملخدرات املتعلق والقانون الجزائية اإلجراءات ومجلة

حرمة الفضاءات الخاصة، وهو ما سيعزز االختيارات الحرة للفرد فيام يتعلق بحياته الخاصة

وحميميته.

- حرمة املسكن تعترب حرمة املسكن من ثوابت الحريات الفردية يف القانون التونيس عموما

ومن ثوابته الدستورية. ذلك أن أغلب القوانني ذات الطابع الجزايئ تجعل من حرمة املسكن

مبدأ أساسيا من املبادئ القانونية. إال أن هذا التنصيص القانوين مل يكن كاف لحامية حرمة

املسكن خاصة عند املداهامت البوليسية والتفتيش واملالحقات وهو ما يستوجب األن وبعد

يف الواردة االستثناءات مجموع يف النظر إعادة من دستوريا وصيانتها الحرمة هذه تثبيت

مختلف النصوص القانونية وجعلها متوامئة مع هذا الحق الدستوري.

تونس، يف الدستورية الثوابت من املراسالت رسية كانت إذا واالتصاالت: املراسالت رسية -

فإن رسية االتصاالت تعترب من إضافات دستور 2014. ذلك انه ومع تقدم وسائل االتصاالت

تتوسع لتشمل كل ان املراسالت تستوجب التواصل واالتصال فإن حامية الحديثة وشبكات

أوجه التواصل مبا فيها السمعي والبرصي واالرساليات وغريها وهو ما يستوجب تضمني هذا

املبدأ يف كل النصوص املنظمة لالتصال وان تنظم مسألة التنصت عىل املكاملات واالتصاالت

والدخول إىل الشبكات الربمجيات بصفة قانونية ودقيقة وان تتم يف اطار املحافظة عىل رسية

املعطيات الشخصية للفرد.

- حامية املعطيات الشخصية لقد حافظ دستور 2014 عىل نفس الصيغة التي كانت مضمنة

Page 64: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

63

يف دستور 1959 فيام يتعلق بحامية املعطيات الشخصية . وهو تأكيد عىل مبدأ أسايس فيام

يتعلق بحاميتها. وهو تأكيد عىل مبدأ أسايس فيام يتعلق بحامية الفرد و تواصل مع الترشيع

التونيس و خاصة القانون املتعلق بحامية املعطيات الشخصية ) القانون األسايس عدد 63 لسنة

2004 املؤرخ يف 27 جويلية 2014 يتعلق بحامية املعطيات الشخصية ، الرائد الرسمي عدد 61

املؤرخ يف 30 جويلية 2004 ص. 2084( . إال أنه تجدر االشارة إىل أن هذا التكريس املتجدد

لحامية املعطيات الخاصة يكتيس اليوم أهمية بالغة و ذلك لألسباب التالية : من ناحية تعدد

الوسائل و التقنيات الحديثة لتجميع املعلومة و تبادلها مام يجعل عديد املعطيات الشخصية

يف متناول عدد كبري من األشخاص ، و من ناحية أخرى مع االنفالتات االعالمية و املعلوماتية

نالحظ االستعامل املفرط و املشط للمعطيات الشخصية و غياب الضوابط الفعلية و الناجعة

و قانون 2004 فيها مبا القامئة الترشيعات النظر يف إعادة يحتم ما لذلك. وهو لوضع حد

تعهده بالتقيحات الالزمة لتجعل منه اإلطار األنجع لحامية هذه املعطيات.

ج - االختيارات املادية للفرد :

ينص الفصل 24 يف فقرته الثانية عىل أنه » لكل مواطن الحرية يف اختيار مقر إقامته و يف التنقل

التي ميكن أن نصنفها يف إطار االختيارات الحريات الحق يف مغادرته.« هذه له الوطن و داخل

املادية الجغرافية للفرد وهو اقتباس محرف للامدتني 13 من االعالن العاملي لحقوق االنسان و 12

من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية و السياسية. ذلك أن هاتني املادتني عندما تتحدثان عن

حريات التنقل داخل الو طن و خارجه ، تتحدثان عن »حق كل فرد يوجد عىل نحو قانوين داخل

إقليم دولة...« و كذلك الشأن بالنسبة لحرية إختيار مكان االقامة بينام الفصل 24 من الدستور

التونيس ال يقر بهذه الحريات إال للمواطن وهو ما من شأنه أن يحرص هذه الحريات يف جزء فقط

من األشخاص املتواجدين عىل إقليم الدولة و يف ذلك تعارض مع هذه النصوص الدولية التي تقر

بهذه الحقوق و الحريات لالنسان ككل و ليس للمواطن فقط.

• 2 • احلريات الفردية الغائبة :

بالرغم من احتواء نص الدستور عىل مجموعة كربى من الحقوق و من الحريات الفردية إال أن

نص الدستور قد غابت عنه مجموعة أخرى من الحريات اللصيقة بالفرد. وهو تغافل مقصود يف

بعض الجوانب و غري مقصود يف جوانب أخرى :

- التغافل املقصود لبعض الحريات الفردية : االختيار الحر

إن بعض الحريات الفردية مل ترد يف الدستور التونيس الجديد و ذلك رغم أهميتها و رغم اعتبارها

Page 65: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

64

من مقومات الحريات الفردية إن مل نقل أنها “ قلب” هذه الحريات. و تتمثل هذه الحرية فيام

يعرف باالختيار الحر. هذه الحرية األساسية – تشمل باألساس حرية اختيار رشيك الحياة و حرية

تأسيس أرسة و تحديد عدد أفرادها ، الحق يف إختيار امللبس و املظهر و الحق يف االختالف.

إال أنه و بالنظر يف الدستور الجديد ال نجد التكريس املبارش لهذه الحريات ، و نعتقد بأن غيابها

كان متعمدا خاصة و أنه عندما تم التعرض لبعض مكونات هذه الحريات مل يتم التنصيص عليها

رصاحة و ال حتى ذكرها عرضا وهو ما يؤكد اعتقادنا بأن تهميشها كان مقصودا. من ذلك أن الفصل

7 من باب املبادئ تعرض لألرسة معتربا إياها “الخلية األساسية للمجتمع و عىل الدولة حاميتها.”

هذا التميش يف تقديم األرسة مل يتعرض لحق كل فرد يف تكوين أرسة وهو إن شئنا اقتباس منقوص

من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان يف مادته 16 و من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية و

السياسية يف مادته 23 . حيث أقر هذان الفصالن من ناحية اعتبار األرسة “هي الوحدة الجامعية

الطبيعية و األساسية للمجتمع “ و من ناحية أخرى أقر حق الرجل و املرأة يف “ التزوج و تأسيس

أرسة”. و هذا االقرار هام جدا كأنه يعرتف بحرية الفرد يف تكوين األرسة بنفسه و ال يكون ملزما

بذلك و ال يؤاخذ أو يساءل األفراد أو يتم وصمهم إذا ما اختاروا أال يؤسسوا أرسة و أال يتزوجوا حتى

ال تطغى حقوق األرسة عىل حقوق الفرد خاصة و أن األصل هو الفرد الذي يكون األرسة ال العكس.

و لذلك فإن الفصل 7 من الدستور و الذي جعل من األرسة “ الخلية األساسية للمجتمع “ كان

عليه أن يضيف بأنها الخلية الجامعية األساسية للمجتمع، خاصة و أن الخلية األساسية للمجتمع

هي الفرد و ليس األرسة.

توافقات و تنازالت فقد جاء وسط بريئا يكن مل األرسة الدستوري إلعالء شأن التميش و هذا

بني شق حدايث داخل املجلس التأسييس و شق محافظ ) أغلبية واسعة( أدت يف النهاية إىل اإلقرار

بالحقوق األرسية و عدم إقرار الحرية يف اختيار الرشيك أو القرين و تأسيس أرسة وهي الحريات

الفردية الجوهرية . و كانت معارضة مثل هذا التضمني يف الدستور نابعة من فكرة أن الحق يف

االختيار الحر ستكون له انعكاسات هامة عىل مستوى حقوق مثيل الجنس أو املتحولني أو مشرتيك

اتهام و االنتخابية. الحمالت أكتوبر 2011 يف انتخابات قبل ما القى معارضة حتى الجنس وهو

الحداثيني بأنهم يرشعون للزواج املثيل و لهدم األرسة بوصفها األصل يف الحياة االجتامعية.

هذا التحفظ الكبري عىل حرية إختيار الرشيك إنعكس أيضا عىل مستوى الحريات الجسدية أو ما

يعرف بوالية الفرد عىل جسده.

Page 66: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

65

ذلك أن الدستور التونيس مل يتعرض مطلقا ملثل هذه الحريات و التي ستجعل من الفرد صاحب

والية كاملة عىل جسده و ال يسمح للمجتمع بالتدخل يف ذلك إال مبقتىض الضوابط القانونية التي

تضمنها الدستور ) الفصل 49(.

و هذا التغافل القصدي مرده أيضا غلبة البعد املحافظ داخل املجلس و الذي نعتقد جازمني أنه ال

ميكن أن يقر مثل هذه الحريات الجسدية و التي سريبطها الشق املحافظ فقط بالحريات الجنسية

و لن ينظر إليها بوصفها أصل الحريات الفردية ألنه ال ميكن لفرد ال والية له عىل جسده أن يكون

متمتعا بكافة حرياته و حقوقه.

الدستوري التوجه يطبع يزال ال من حريات جنسية فيها مبا الجسدية الحريات من فالخوف

الحقوقي يف دستور 2014 وهو إحدى الجوانب السلبية يف هذا الدستور و الذي ال تزال الحريات

الفردية فيه أقل بكثري من الحريات الجامعية و العامة وهو ما ينعكس يف بعض الحاالت يف غياب

بعض الحريات و لكن بصفة غري متعمدة.

- التغافل غري املقصود عن بعض الحريات : هذا التغافل نراه يف إقرار بعض الحقوق دومنا إقرار

للحريات اللصيقة بها وهو ما يتجىل مثال يف الحق يف الشغل حيث ينص الفصل 40 من الدستور عىل

أنه: “ العمل حق لكل مواطن و مواطنة ... و لكل مواطن و مواطنة الحق يف العمل يف ظروف الئقة

و بأجر عادل .” هذا اإلقرار العام مل يرتبط بحرية أساسية ) فردية( يف مادة العمل تتمثل يف حرية

اختيار العمل. من ذلك أن املادة 6 من العهد الدويل الخاص بالحقوق االقتصادية و االجتامعية و

الثقافية و التي أقرت الحق يف العمل نصت عىل: “ ما لكل شخص من حق يف ... كسب رزقه بعمل

يختاره أو يقبله بحرية ...” . و بذلك تقر املادة 6 الحق يف العمل و الحرية يف اختياره بوصفها حرية

فردية تعود ملبدأ االختيار الحر وهو ما مل يقره الدستور الجديد يف فصله 40 و لكنه إغفال يف تقديرنا

غري قصدي خاصة و أن الحق يف العمل أرتبط عادة بحرية اختياره. و هنا نذكر بأن الحق يف العمل

مبا هو واجب محمول عىل الدولة التخاذ “ التدابري الرضورية لضامنه عىل أساس الكفاءة و اإلنصاف

“. ال يكفي إلقرار حرية االختيار حيث ميكن إقرار الحق فقط أن تخفي إمكانية اإللزام أو اإلكراه

عىل العمل وهو ما سيتعارض حتام مع حرية االختيار.

النظر إىل الحريات سواء بصفة قصديه أو غري قصديه يؤرش عىل تواصل التغافل عن عديد هذا

الحريات الفردية بوصفها دامئا مكملة إن مل نقل “قارصة” مقارنة بالحريات العامة أو الجامعية و

لذا نرى دامئا الرتدد يف اإلقرار و الذي يعود و باألساس إىل التخوف من الحريات الفردية و من الفرد

عامة و محاولة إقحامه دامئا صلب مجموعات أوسع : األرسة ، الجمعيات ، النقابات ، األحزاب ،

املؤسسات ...

Page 67: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

66

و ال يعتد بالفرد بصفة كاملة و مطلقة وهو ما يتأكد مثال بعدم استعامل عبارة الفرد يف الدستور

بالرغم من املكسب الهام وهو اإلقرار رصاحة بضامن الدولة “ للمواطنني و املواطنات الحقوق و

الحريات الفردية” وهو ما يدعو للتساؤل عن كيفية ضامن هذه الحقوق و الحريات من قبل الدولة

و مؤسساتها من ناحية و ما هي الضوابط التي وضعها الدستور ملامرسة هذه الحريات و مدى

احرتام هذه الضوابط و القيود ملا تم إقراره يف مختلف املواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس.

• 3 • احلدود الدستورية عىل ممارسة احلريات :

إن الحقوق و الحريات املطلقة هي قليلة إن مل نقل نادرة و لذا فإن الضوابط املوضوعة للحد من

هذه الحريات أو للتضييق منها تعد من أهم ما تتضمنه النصوص القانونية ألنها هي التي تبني كيف

متارس الحريات و بالرجوع إىل دستور 2014 نالحظ أن التوجه الذي تم اعتامده هو إقرار فصل

جامع ملختلف الحدود و الضوابط و عدم تشتيتها مبناسبة كل حق و كل حرية . هذا التوجه الذي

دافعت عنه مكونات املجتمع املدين تم إقراره يف مرشوع الدستور الصادر يف األول من جوان 2013

بعد رفضه يف املسودات الثالث التي سبقت املرشوع يف أوت 2012 و ديسمرب 2012 و أفريل 2013.

هذا التميش الهام و الجامع ملختلف الحدود مل ينفي تواصل وجود بعض الحدود املضمنة يف معرض

بعض الحقوق و الحريات .

بالنظر يف الفصل 49 الذي أقر هذه الضوابط225 نالحظ أنه وضع نوعني من الحدود : حدود و

إجرائية و حدود موضوعية

أ – الحدود اإلجرائية :

مبقتىض الفصل 49 ال ميكن الحد من الحقوق و الحريات و مامرستها إال مبقتىض »قانون« وهو إجراء

و ضامنة للحقوق و الحريات. هذا الحد اإلجرايئ يعترب هام جدا إذ ال ميكن مبقتىض هذا الفصل أن

يتم النيل من الحريات بنصوص أدىن من القانون ) أوامر أو قرارات( وهو ما يجعل من الحدود عىل

الحقوق و الحريات حكرا عىل السلطة الترشيعية مجسدة يف مجلس نواب الشعب و لذا ال يعود

للسلطة التنفيذية أن تصدر نصوصا للحد من الحريات. هذا الحد اإلجرايئ يذكرنا مبا كان مضمنا يف

الفصل 7 من الدستور القديم 1959 و الذي كان ينص عىل أنه : » يتمتع املواطن بحقوقه كاملة

225 ينص الفصل 49 من الدستور عىل أنه : » يحدد القانون الضوابط املتعلقة بالحقوق و الحريات املضمونة بهذا الدستور و مامرستها مبا ال

ينال من جوهرها و ال توضع هذه الضوابط إال لرضورة تقتضيها دولة مدنية دميقراطية و بهدف حامية حقوق الغري أو ملقتضيات األمن العام

أو الدفاع الوطني أو الصحة العامة أو اآلداب العامة و ذلك مع احرتام التناسب بني هذه الضوابط وموجباتها و تتكفل الهيئات القضائية بحامية

الحقوق و الحريات من أي انتهاك.

ال يجوز ألي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق اإلنسان و حرياته املضمونة يف هذا الدستور.«

Page 68: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

67

بالطرق و الرشوط املبينة بالقانون و ال يحد من هذه الحقوق إال بقانون ..« و لذا يجب أن نذكر

بأن هذا الرشط ال ميكن بذاته حامية الحقوق و الحريات و ذلك لسببني :

أوال القانون كنص قانوين ال يجب أن يبقى مطلقا أي ال يجب أن يصبح القانون أي السلطة الترشيعية

حرة يف وضع الضوابط التي تسلط عىل الحريات و مامرستها وهو ما عشناه يف ظل دستور 1959

حيث كانت القوانني الصادرة تطبيقا لفصول الدستور املتعلقة بالحقوق و الحريات هادمة لهذه

الحقوق و الحريات ، ثانيا ، القانون كنص ترشيعي ال يجب أن يحيل عىل نصوص أدىن منه للحد

من الحقوق و الحريات وهو أيضا ما عشناه يف عديد املناسبات يف الفرتة السابقة لصدور دستور

2014 حيث كانت عديد القوانني تحيل عىل األوامر ذات الصبغة الرتتيبية و حتى القرارات الوزارية

للحد من الحريات .

و لذا فإن الضوابط اإلجرائية غري كافية و يتوجب دعمها بضوابط موضوعية.

ب – الحدود املوضوعية :

لقد عمد الفصل 49 إىل وضع ضوابط موضوعية هامة يجب احرتامها من قبل القانون الذي سيصدر

لتنظيم الحقوق و الحريات هذه الضوابط تعتمد باألساس عىل ما تضمنته املواثيق الدولية التي

الخاصني الدوليني العهدين و اإلنسان لحقوق العاملي اإلعالن تحديدا و تونس عليها صادقت

ورد يف هذه والثقافية حيث االجتامعية و االقتصادية الحقوق و السياسية و املدنية بالحقوق

النصوص : ) الفصل 29 من اإلعالن العاملي و الفصل 12 من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية

و السياسية و الفصل 8 من عهد الحقوق االقتصادية .( أنه : » ال يجوز تقييد الحقوق ... غري تلك

التي ينص عليها القانون، و تكون رضورية لحامية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة أو اآلداب

بها يف هذا املعرتف الحقوق األخرى أو حقوق اآلخرين و حرياتهم و تكون متمشية مع العامة

العهد.«

و لتدقيق هذه الضوابط املوضوعية ميكن أن نجزئها إىل املبدأين التاليني :

- اعتامد مبدأ الرضورة : لقد نص الفصل 49 من الدستور رصاحة عىل وجوب احرتام الضوابط

للرضورة التي تقتضيها دولة مدنية دميقراطية و بهدف حامية حقوق الغري أو ملقتضيات األمن

العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العامة أة اآلداب العامة . هذا اإلقرار الرصيح ملبدأ الرضورة

النيل من الحريات، التوسع يف ، بالصيغة الحالية إىل يعترب هام جدا إال أنه ميكن أن يؤدي

التنصيص عىل مبدأ الرضورة الذي تقتضيه دولة دميقراطية هو كسب إيجايب من ناحية أن

Page 69: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

68

يف باب الحقوق و الحريات ذلك أنه ال ميكن الحد من الحريات إال يف هذا اإلطار و لذا فإن

األسباب أو املقتضيات الدينية ال ميكن أن تكون وراء تقييد الحريات و ال ميكن أيضا ألسباب

، فإن ثانية ناحية أنه ومن ، إال النيل منها الحريات و غري دميقراطية أن تكون وراء ضبط

تعداد العنارص التي ميكن اعتامدها لتحديد الحقوق و الحريات و مامرستها من حقوق الغري

و مقتضيات األمن العام و الدفاع الوطني أو الصحة العامة أو اآلداب العامة ميكن أن يؤدي

إىل فتح الباب الحقا للنيل من الحقوق و الحريات ذلك أن هذه املفاهيم املطاطية » كاألمن

العام و الدفاع واآلداب ... ميكن تطويعها و التوسع فيها و ترضب الحريات استنادا إليها. و لذا

كان من األفضل التوقف عند الجزء األول من مبدأ الرضورة و االكتفاء بذلك .

الحقوق بني ضوابط التناسب مبدأ بتضمينه الفصل 49 رصيحا جاء : التناسب مبدأ إقرار -

والحريات و موجباتها . و هذا املبدأ هو املكمل األسايس ملبدأ الرضورة إال أن قياس التناسب

للسلطة أوىل مرحلة يف تقييمها إىل سيعهد نسبية مسألة يبقى موجباتها و الرضورة بني

الترشيعية يف إطار القوانني التي ستصدرها ثم اإلدارة ) السلطة التنفيذية ( التي ستعمل عىل

تطبيق هذه القوانني و التي تكون عادة يف مواجهة دامئة للحقوق و الحريات . فمبدأ التناسب

و رغم أهميته يبقى هشا إذا مل تتم إحاطته بالضامنات الكفيلة برتشيده و إخضاعه لضوابط

الدولة املدنية الدميقراطية . ولذا عمد الفصل 49 إىل اإلحالة عىل الهيئات القضائية لتتكفل

بحامية الحقوق والحريات من أي انتهاك.

- إن تعدد الحقوق و الحريات الفردية و رغم النقائص التي تشوب بعضها و غياب بعضها اآلخر

إستباقيا ستضمن التي القانونية باإلجراءات إحاطتها و قصديه غري أو قصديه بصفة سواء

الحريات و الحقوق هذه تنظيم فقط لها يعود التي الترشيعية السلطة قبل من حاميتها

يتوجب أيضا ضامن حاميتها عند مامرستها من قبل املواطنني و املواطنات وهو ما يستوجب

النظر يف الضامنات الدستورية ملامرسة الحريات عامة و الحريات الفردية تحديدا.

Page 70: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

69

اجلزء الثالث |الضمانات الدستورية حلماية احلريات

إن إعالن الحقوق و الحريات صلب الدستور و إن مثل مكسبا أساسيا لتضمينها يف الوثيقة القانونية

األسمى يف الدولة. إال أن ذلك يبقى غري كاف ملامرسة الحريات و التمتع بها و حاميتها من تدخل

االدارة من ناحية من انتهاكات الغري سواء كانوا أفراد أو مجموعات أو تنظيامت أو وسائل إعالم.

و بالرجوع إىل دستور 27 جانفي 2014 نالحظ أنه عمل عىل وضع مجموعة من الضامنات التي

حاولت حامية الحقوق و الحريات من ناحية بإكساءها منزلة قانونية سامية ) فوق دستورية( )1(

و جعل الدولة هي الضامن لحامية مامرستها )2( و تكليف الهيئات القضائية بحاميتها من )3( إىل

جانب إحداث هيئات مستقلة بإمكانها املساهمة يف هذه الحامية )4( .

• 1 • محاية مكتسبات احلقوق و احلريات من أي تعديل :

نص الفصل 49 يف الدستور يف فقرته األخرية عىل أنه » ال يجوز ألي تعديل أن ينال من مكتسبات

حقوق االنسان و حرياته املضمونة يف هذا الدستور » . هذا التنصيص الرصيح عىل علوية مكتسبات

حقوق االنسان و حرياته يجعل منها مبادئ فوق دستورية ال يحق الرتاجع عنها يف املستقبل . و

بقطع النظر عن مدى وجاهة منع تعديل فصول دستورية و هل يحق لسلطة تأسيسية ما أن متنع

األجيال القادمة من حقها يف وضع املبادئ التي تراها صالحة لها صلب الدستور أو حتى بوضع

دستور جديد فإن الفقرة الثانية من الفصل 49 من الدستور تبقى هامة جدا و تؤكد عىل مسائل

أساسية و جوهرية أهمها :

- إن جعل بعض املبادئ متميزة عن غريها صلب نص الدستور ليست بجديدة و ليست حكرا

عىل التجربة الدستورية التونسية . فمن ناحية نالحظ أن الدستور التونيس القديم الصادر يف

األول من جوان 1959 كان قد تضمن أيضا مبادئ نص رصاحة عىل عدم جواز تعديلها و تتمثل

أساسا يف عدم املساس بالنظام الجمهوري للدولة. ) الفصل 76 من دستور 1959.(

إىل جانب أن عديد الدساتري املقارنة تجعل أيضا من حقوق االنسان و خاصة االعالن العامي

لحقوق االنسان كجزء منها و تعيل من شأنها لتجعل منها يف مرتبة فوق دستورية .

- هذا التميش أكده أيضا موقف فقه قضايئ سانده أيضا القضاء التونيس و خاصة يف قرار هام

صادر يف 5 فيفري 2013 . حيث قضت محكمة االستئناف بتونس أن “ دستور األول من جوان

Page 71: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

70

1959 يبقى نافذا يف أحكامه الضامنة للحقوق و الحريات األساسية لكونها غري قابلة لإللغاء

بطبيعتها ...” وهو موقف فقه قضايئ يتسم بأهميته و جرأته خاصة يف الفرتات التي غاب فيها

الدستور بحكم إنهاء العمل به و عدم وجود نص أسايس يتعلق بالحقوق و الحريات.

• 2 • الدولة ضامن للحقوق و احلريات :

بالنظر يف دستور 27 جانفي 2014 نالحظ أن الدولة هي الضامن ألغلب الحقوق و الحريات .

فالدولة هي الراعية للدين الكافلة لحرية املعتقد و الضمري و الحامية للمقدسات ) الفصل 6( .

والدولة هي الحامية لألرسة) الفصل 7(. و الدولة هي الضامنة للحقوق و الحريات الفردية والعامة

) الفصل 21( . و الدولة هي الحامية لكرامة الذات البرشية و حرمة الجسد ) الفص23 ( و الحياة

الخاصة ) الفصل 24( . و تضمن الدولة الحق يف اإلعالم و الحق يف النفاذ إىل املعلومة ...) الفصل

32( و الدولة هي الضامنة للوقاية و للرعاية الصحية ...) الفصل 38 ( والحق يف التعليم ) الفصل

39 ( . و الدولة تشجع اإلبداع الثقايف و تحمي املوروث الثقايف )الفصل 42 ( و تضمن الحق يف بيئة

سليمة و متوازنة ) الفصل 45( و تحمي الحقوق املكتسبة للمرأة ) الفصل 46 ( و تضمن حقوق

الطفل ) الفصل 47 ( و تحمي األشخاص ذوي اإلعاقة )الفصل 48 ( .

هذا التنصيص عىل دور الدولة يف ضامن الحقوق و الحريات هو إقرار ملا للدولة من صالحيات

من خالل مختلف أجهزتها و استعامل مختلف وسائلها لتحقيق ما يرسمه النص األسمى من مبادئ

و من حقوق و حريات املواطنني و املواطنات وهي يف األصل نتيجة لنظرية العقد االجتامعي والذي

مبقتضاه تلتزم السلطة بحامية املواطنني و ضامن متتعهم بحقوقهم و حرياتهم مقابل تخيل هؤالء

عن جزء من حرياتهم و التزامهم بدفع رضائبهم و بقية واجبات املواطنة . هذا اإلقرار بالتزامات

الدولة يف حامية الحقوق و الحريات نراه أيضا مكرسا يف كل من العهد الدويل الخاص بالحقوق

املدنية و السياسية و العهد الخاص بالحقوق االقتصادية و االجتامعية و الثقافية .

ففيام يتعلق بالحقوق املدنية والسياسية تنص املادة 2 يف فقرتها األوىل عىل انه “ تتعهد كل دولة

باحرتام الحقوق... وبكفالة هذه الحقوق لجميع األفراد املوجودين يف اقليمها والداخلني يف واليتها

دون أي متييز...”.

بينام تتعهد كتل دولة باتخاذ وبأقىص ما تسمح به مواردها املتاحة ما يلزم من خطوات لضامن

التمتع الفعيل التدريجي بالحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية. ويف الحالتني تكون مسؤولية

للحقوق بالنسبة جزئية ومسؤولية والسياسية املدنية الحقوق بضامن يتعلق فيام كاملة الدولة

االقتصادية واالجتامعية والثقافية.

Page 72: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

71

هذا اإلقرار املبديئ بواجبات الدولة يستوجب منا تحديد كيفية ضامن هذه الحقوق والحريات

وماهي الوسائل املستعملة من قبل الدولة يف ذلك.

بالرجوع إىل دستور 2014 نالحظ انه يؤكد عىل مسألتني هاتني: من ناحية دور القانون يف ضامن

التي الدولية املعاهدات يف وكذلك عموما الدساتري يف معتادة مسألة وهي والحريات الحقوق

صادقت عليها تونس.ومن ناحية ثانية دور أجهزة األمن يف حامية الحقوق والحريات.

فبالنسبة للترشيع كوسيلة لضامن الحقوق والحريات، نالحظ أن كل الفصول املتعلقة بها تحيل

226 أساسية قوانني شكل تتخذ جعلها بأن الفردية والحريات الحقوق هذه لضامن القانون عىل

االساسية الضامنات العام. العفو والعقوبات والجنح الجنايات ضبط بالجنسية، خاصة وتتعلق

انتقاص من قيمة هذه املسائل وتعارض مع املمنوحة للمواظفني املدنيني والعسكريني. ويف ذلك

مبدأ هام احتواه نفس الفصل والذي أقر بأنه يتخذ شكل قوانني أساسية املسائل املتعلقة بالحريات

وحقوق اإلنسان.

من 19 الفصل أن نالحظ فإننا والحريات الحقوق األمن يف حامية وضامن لدور بالنسبة أما

الدستور نص عىل أنه » األمن الوطني ... قواته مكلفة ... بحامية االفراد واملؤسسات واملمتلكات

وإنفاذ القانون يف كنف احرتام الحريات...« هذا التنصيص الرصيح عىل دور األمن يف حامية األفراد

واحرتام الحريات، يعترب عنرصا جديدا يضمن ألول مرة يف النص الدستوري التونيس. ذلك أنه وألول

مرة تتم دسرتة األمن الجمهوري ودوره. وهو ما تم األخذ به أيضا فيام يتعلق بالضامنات القضائية

لحامية الحريات.

• 3 • تكفل اهليائت القضائية حبامية احلريات:

إن دور القضاء يف حامية الحريات هو من االدوار التقليدية لهذه السلطة ولذا نالحظ أن الدستور

الجديد يعهد رصاحة لهذه السلطة بحامية الحقوق والحريات. فالفصل 49 جاء رصيحا بتنصيصه

عىل انه : » تتكفل الهيئات القضائية بحامية الحقوق والحريات من أي انتهاك« أما الفصل 102

وهو أول فصل يف باب السلطة القضائية فقد أكد عىل أن: » القضاء سلطة مستقلة تضمن ... حامية

الهيئات لحامية الذي ستقوم به هذه الدور الحقوق والحريات«.هذا اإلقرار يجعلنا نتساءل عن

الحقوق والحريات وماهي إال إضافات التي جاء بها الدستور الجديد.

- من ناحية يعترب اإلقرار رصاحة للسلطة القضائية بدور رئييس وحامية الحقوق والحريات من

226 - حسب الفصل 65 من الدستور تتخذ شكل قوانني أساسية النصوص املتعلقة باملسائل التالية: تنظيم االعالم والصحافة والنرش تنظيم

االحزاب والنقابات والجمعيات... الحريات وحقوق االنسان باألحوال الشخصية – الواجبات االساسية للمواطنة , تنظيم الهيئات الدستورية...

Page 73: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

72

اإلضافات الدستورية لسنة 2014 وهو ما يتطابق مع مبدأ الحق يف النظام الذي أكدت عليه

بقية فصول الدستور ) الفصل 27، 28، 29، وخاصة الفصل 108(. وهو ما يجسد املبادئ التي

نصت عليها املادة 2 من الفقرة 2 من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية. اال أن دور

القضاء سيكون الحقا لحدوث االنتهاك او املساس بالحق أو بالحرية. ولذا توجب تدعيم هذا

الدور الرقايب الردعي بدور وقايئ استباقي.

املحكمة التنصيص عىل .هذا دستورية إحداث محكمة الدستور عىل نص ثانية ناحية من -

الدستورية هو من مكاسب الدستور الجديد و تلبية ملطالب ملحة بإحداث هذه املحكمة و

كانت قد عربت عنها أجيال من املدافعني واملدافعات عن حقوق االنسان يف تونس : . و مبقتىض

الدستور يعود لهذه املحكمة القيام بنوعني من الرقابة عىل دستورية القوانني :

رقابة عىل مشاريع القوانني و التي يحيلها عليها رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثالثني

عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب كام تنظر يف مشاريع القوانني الدستورية ) للتثبت من مدى

إحرتامها إلجراءات تعديل الدستور ( و التي يعرضها عليها رئيس مجلس نواب الشعب وتنظر يف

دستورية املعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية قبل ختم مرشوع املوافقة عليها.

هذا الدور االستباقي الهام من شأنه تعزيز الحقوق و الحريات إال أنه غري كاف خاصة بالنسبة

لقوانني موجودة و ميكن أن تتعارض مع الدستور و لذا أقر الدستور لهذه املحكمة صالحية الرقابة

املحكمة اختصاص عىل الدستور من 120 الفصل نص اإلطار هذا يف و . النافذة القوانني عىل

الدستورية بالنظر يف دستورية » القوانني التي تحيلها عليها املحاكم تبعا للدفع بعدم الدستورية

بطلب من أحد الخصوم ...«

أن و الحريات خاصة و الحقوق تعزيز شأنه الدستورية من للمحكمة عهد الذي الدور هذا

نصوصا قانونية عديدة ستواصل نفاذها و العمل بها بعد صدور الدستور الجديد دون أن يتم إعادة

النظر فيها من قبل السلطة الترشيعية ملواءمتها مع نص الدستور وهو ما يتطلب رقابة عليها من

قبل هيئة مختصة يف ذلك حيث بني الفصل 123 أن املحكمة عند تعهدها يف إطار الدفع بعدم

الدستورية فإن نظرها يقترص عىل املطاعن التي متت إثارتها و تبت فيها ملدة أقصاها ستة أشهر و

بقرار معلل .

هذا الدور يف رقابة الدستورية جعله الدستور حكرا عىل املحكمة الدستورية خاصة أن الفصل

120 جاء رصيحا باعتبار اختصاص » املحكمة الدستورية دون سواها » مبراقبة الدستورية. وهذا

Page 74: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

73

االختيار و إن كانت غايته تجميع قضاء الدستورية أمام هيكل قضايئ واحد إال أنه قد يغرق هذه

املحكمة بآالف الدفوعات و التي قد ال تكفي مدة الستة أشهر للنظر فيها و إصدار قرارات بشأنها

خاصة يف الفرتة األوىل من عمل املحكمة .

و لذا كان ميكن اإلقرار مبراقبة الدفع بعدم الدستورية ملختلف املحاكم تحت رقابة أو إرشاف

املحكمة الدستورية .

إىل جانب هذا الحد من دور مختلف املحاكم نالحظ أن الدستور أقر بصفة استثنائية ) و لكن

خطرية ( بإمكانية تجاوز رأي املحكمة الدستورية.

ذلك أن الفصل 82 نص عىل أنه : » لرئيس الجمهورية استثنائيا خالل أجل الرد ، أن يقرر العرض

عىل االستفتاء مشاريع القوانني املتعلقة باملوافقة عىل املعاهدات أو الحريات و حقوق اإلنسان أو

باألحوال الشخصية و املصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب ...« هذا االجراء االستثنايئ من

شأنه إن تم استعامله بصفة سياسية أو مسيسة أن ميس بالحقوق و الحريات و أن ينتقص منها و

لن يعود للمحكمة الدستورية أن تراقب مدى دستورية هذه القوانني إال يف إطار رقابة الدفع بعدم

الدستورية وهي رقابة ال تؤدي إىل إنهاء العمل بالقانون إال يف جزئه غري الدستوري و يف الحاالت

املعروضة فقط . و لذا فإن الفصل 82 بإمكانه أن يؤثر عىل الحقوق و الحريات مبا فيها تلك التي

أقرها الدستور .

هذا الدور الذي يقوم به القضاء العادي و القضاء الدستوري يتعزز أيضا بدور مستقبيل سيعود

للهيئات الدستورية املستقلة.

• 4 • دور اهليائت الدستورية املستقلة :

من بني إحداثات الدستور الجديد تنصيصه رصاحة عىل الهيئات الدستورية املستقلة صلب الباب

السادس ) الفصل 125 إىل 130 ( و التي جعل منها الدستور هياكل » تعمل عىل دعم الدميقراطية

» و بالنظر يف الخمس هيئات التي نص عليها الدستور ) هيئة االنتخابات ، هيئة االتصال السمعي

البرصي ، هيئة حقوق اإلنسان ، هيئة التنمية املستدامة و حقوق األجيال القادمة و هيئة الحوكمة

الرشيدة و مكافحة الفساد ( نالحظ أن لها جميعا صلة بحقوق االنسان و حرياته عامة كانت أو

فردية وهو ما يتوجب التعرض إىل هذه الهيئات سواء الهيئة ذات الصبغة العامة و الشاملة لحقوق

اإلنسان و حرياته أو الهيئات املتخصصة و بيان ما ينتظر منها و مدى تواءمها مع الهيئات املوجودة

حاليا و كيفية عملها مستقبال حتى ال تتعارض أعاملها و تختلط فيام بينها.

Page 75: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

74

املراجع

املراجع باللغة العربية

- ابن عاشور )عياض(، »التقرير التمهيدي«، قراءة يف مسودة مرشوع الدستور: تقييم واقرتاحات، اليوم الدرايس عبد الفتاح عمر، 15 جانفي 2013، تونس، 2013، ص.ص.7-14

الضامنة 1959 جوان دستور1 أحكام بتونس، االستئناف محكمة )ابراهيم(،”حسب الربتاجي -للحقوقوالحريات األساسية مازالت نافذة« جريدة الصباح، 6 مارس 2013.

-بلعيد )الصادق(، »الفصل األول »تونس دولة حرة مستقلة، ذات سيادة، اإلسالم دينها...««، ضمن .Dispositions générales de la Constitution, ATDC, Tunis, 2010, pp. 33-36

- الحمروين )سلوى(، »دولة القانون والكرامة اإلنسانية«، ضمن

.Constitution et Etat de droit, ATDC, Tunis, 2010, pp. 101-111

- السخريي زروق )صربية(، »دولة القانون والحرمة الجسدية«،ضمن

.Les droits constitutionnels, ATDC, Tunis, 2010, pp.233-258

- سعيد )قيس(، »حرية مامرسة الشعائر الدينية يف تونس«، ضمن

.Dispositions générales de la Constitution, ATDC, Tunis, 2010, pp. 47-58

- الشاذيل )لطفي(، »الدستور والتوارث بني ملتني: دراسة يف فقه القضاء التونيس«، ضمن

.Dispositions générales de la Constitution, ATDC, Tunis, 2010, pp. 59-80

،5 عدد ،1997 ، والترشيع القضاء مجلة التونيس«، القانون يف »املسكن )الذهبي(، العبايس -ص.ص.7 وما بعدها.

- فرحات )محمد نور(، »مبادئ حقوق اإلنسان بني العاملية والخصوصية«، املجلة العربية لحقوق اإلنسان، عدد 1، 1994، ص.ص.22-29.

املفكرة » مجلة لإللغاء بطبيعتها قابلة األساسية غري والحريات »الحقوق )وحيد(، الفرشييش -legal-agenda.com 2013 القانونية،العدد الثامن نيسان

مسودة يف قراءة العامة«، »املبادئ )سلوى(، والحمروين )سلسبيل( القليبي )سليم(، اللغامين -مرشوع الدستور: تقييم واقرتاحات، اليوم الدرايس عبد الفتاح عمر، 15 جانفي 2013، تونس، 2013،

ص.ص.15-20.

- اللغامين )سليم(، القليبي )سلسبيل( والحمروين )سلوى(، »الحقوق والحريات«، قراءة يف مسودة مرشوع الدستور: تقييم واقرتاحات، اليوم الدرايس عبد الفتاح عمر، 15 جانفي 2013، تونس، 2013،

ص.ص.31-58.

،2008 أكتوبر والترشيع، القضاء مجلة الذاتية«، للحرية القانونية »الحامية )وليد(، املاليك -ص.ص.227-393.

Page 76: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

75

BIBLIOGRAPHIE

- ARNOLD (R.), « Les développements des principes de base des droits fonda-mentaux par la Cour constitutionnelle allemande », in. MélangesJacquesRo-bert, Paris, Montchrestien, 1998, pp. 463-480.

- BEN ACHOUR (Rafaa), les protections et garanties constitutionnelles des droits et libertés en Tunisie, Tunis, RTD, 1989.

- BEN ACHOUR (Yadh), Islam et constitution, Tunis, RTD, 1989.

- BIOY (X.), Le concept de personne humaine en droit public. Recherche sur le sujet des droits fondamentaux, Paris, Dalloz, 2003.

- BRIBOSIA (E.) et HENNEBEL (L.) (dir.), Classer les droits de l’homme, Bruxelles, Bruylant, 2004.

-BRIBOSIA (E.), « Classification des droits de l’homme », in. ANDRIANTSIMBA-ZOVINA (J.) et al. (dir.), Dictionnaire des droits de l’homme, Paris, P.U.F., 2008, pp. 159-164.

-CHAMPEI-DESPLATS (V.), « Les droits et libertés fondamentaux en France. Genèse d’une qualification », in. LOCKIEC (P.) et LYON-CAEN (A.) (dir.), Droits fondamentaux et droits sociaux, Paris, Dalloz, 2005, pp. 11-37.

- DORD (O.), « Droits fondamentaux », in. ANDRIANTSIMBAZOVINA (J.) et al. (dir.), Dictionnaire des droits de l’Homme, Paris, P.U.F., 2008, pp. 332-336.

- EL EUCH MALLEK (S.), «La protection du droit à l’image », Mélanges en hom-mage à Dali Jazi, CPU, Tunis, 2010, pp. 303-350.

- HAMROUNI (Saloua), Les droits fondamentaux et les constitutions maghre-bines, in Mélanges offerts au Doyen A. AMOR, Tunis, CPU, 2005.

- JAZI (Dali) BEN ACHOUR (Rafaa) et LAGHMANI (Slim), Les droits de l`Homme par les textes, Tunis, CPU, 2004.

- MARCUS-HELMONS (S.), « La quatrième génération des Droits de l’Homme », in. Mélanges en l’honneur de Pierre Lambert, Bruxelles, Bruylant, 2000, pp. 549-559.

- MEJRI (Kh.) et NOURI (Z.), « L’obligation de réserve dans la jurisprudence du tribunal administratif », in. La fonction publique aujourd’hui : le statut général de la fonction publique, vingt-cinq ans après, Tunis, C.P.U., 2009, pp.297-341.

- PAVIA (M.-L.), « Eléments de réflexion sur la notion de droit fondamental », Les Petites Affiches, n°54, mai 1994, pp. 6-13.

- PICARD (E.), « L’émergence des droits fondamentaux en France », A.J.D.A., 1998, n° spécial, pp. 6-42.

-PIZZARUSSO (A.), « Les générations de droits », in. Liber Amicorum Jean-Claude Escarras, Bruxelles, Bruylant, 2005, pp. 927-940.

- TARCHOUNA (Mongi), L`insertion des droits sociaux fondamentaux dans le constitution : un impératif de la révolution pour la dignité, Mélanges offerts à la Doyenne Kalthoum MEZIOU-DOURAII, Tunis, CPU, 2013.

Page 77: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

احلريات الفردية في القانون التونسي

خالد املاجري

Page 78: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

77

خالد املاجري مساعد بكلية العلوم القانونية والسياسية واالجتامعية بتونس. وهو الكاتب العام و أحد

مؤسيس الجمعية التونسية للدراسات السياسية وعضو سابق باللجنة الوطنية لتقيص الحقائق حول الفساد

والرشوة.

هو كذلك عضو يف مخرب البحث حول القانون األرويب والعالقات املغاربية األوروبية بكلية العلوم القانونية

القضاء الدويل اإلنساين يف فقه فإنه بصدد إعداد أطروحة حول »القانون بتونس والسياسية واالجتامعية

الدويل«.

يعد أطروحة دكتورة حول »االلقانون الدويل االنساين يف فقه القضاء الدويل« .

وقد أصدر إىل جانب مقاالت البحث، كتابا بعنوان ، غوانتانامو أو القانون املأساوي. الوضعية القانونية

ملعتقيل 11 سبتمرب ) تونس، منشورات ميسكيلياين ، 2006( .

هو أيضا شاعر. ويف هذا املجال له عدة دواوين و حائز عىل جوائز عىل املستوى الوطني وعىل مستوى

العامل العريب.

خالد املاجري

Page 79: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

78

الحريات الفردية يف القانون التونيسخالد املاجري

تنويه

انجز هذا التقرير خالل شهر ماي 2013 وهو ما جعله يقف عند حد 22 أفريل 2013 تاريخ اصدار املسودة الثالثة لدستور الجمهورية التونسية فكان بذلك مساهمة متواضعة يف النقاش شهد قد التونيس الدستور مضمون أن بيد العام. الرأي إىل املسودة تلك خروج تال الذي العديد من التغيريات منذ ذلك التاريخ الذي أعقبه صدور مرشوع الدستور املؤرخ يف 1 جوان

2014 و من ثم صدور الدستور التونيس يف 27 جانفي 2014.

و قد ارتأينا لعدم املساس مبحتوى هذه الدراسة الذي يبقى هاما من خالل إبرازه ملفردات الجدل الذي عرفته عملية إعداد الدستور الحاق جدول بها يبي التطورات الحاصلة يف املسائل التي أثارتها ضمن كل من مرشوع الدستور و نسخته النهائية.و للقارئ أن يتعقب اإلحاالت النص وجوه مختلف عىل التعرف ميكنه حتى نصها ضمن بالدراسة امللحق الجدول لهذا الدستوري من مسوداته األوىل إىل نصه املعتمد مرورا مبرشوعه يف ما يخص موضوع الدراسة

و يف حدود املقاربة التي تصدر منها.

ملخصإن املتأمل يف القانون التونيس البد مالحظ أنه قائم أساسا عىل احرتام جملة من الحريات الفردية

وتكريسه الحريات هذه حامية إىل الرامية األساسية املبادئ من عدد عىل تأسيسه عرب وذلك

ملختلف مظاهر مامرستها عرب تنصيصه عىل قواعد خاصة بكل شكل من أشكال هذه الحرية سواء

كانت جسدية أو فكرية أو عالئقية. غري أن عددا كبريا من هذه الحريات يبقى يف منزلة متدنية نظرا

العتبارات ذات عالقة باملعطى الديني خصوصا وذلك إىل درجة يجوز معها الحديث عن تناقض بني

طبيعة الحريات الفردية يف القانون التونيس كام كرسها التاريخ الدستوري لهذه البالد من ناحية و

مضمون هذه الحريات يف القانون التونيس الوضعي اليوم من ناحية أخرى. وتحاول هذه الدراسة

مرجعي إطار تقديم املقارن القانون عىل قامئة وأخرى اصطالحية نظرية مقدمات من انطالقا

للتفكري يف واقع الحريات الفردية يف الترشيع التونيس وما تشكوه من نقائص.

Page 80: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

79

الفهرس

جزءمتهيدي: حقوق اإلنسان، الحريات العامة والحريات الفردية

I- تحديدات اصطالحية

II- تصنيفات حقوق اإلنسان وتصنيفات الحريات العامة

III- الحريات الفردية

والحريات بالحقوق العالقة ذي الدويل القانون تقديم األول: الجزء

الفردية

I- تقديم القانون الدويل ذي العالقة من خالل النصوص: ثبت بأهم الصكوك الدولية

II- تقديم القانون الدويل ذي العالقة من خالل آليات الحامية ومضمونها

الجزء الثاين: القانون املقارن يف مجال حامية الحقوق والحريات الفردية

I- املنظومة اإلقليمية األوروبية

II- القانون األملاين

الجزء الثالث: الحريات الفردية يف القانون التونيس

I- طبيعة الحريات الفردية يف القانون التونيس

1- خصوصيات الحريات الفردية )وحقوق اإلنسان عموما( يف القانون التونيس

1-1 تعلقها بالذات اإلنسانية

2-1 اعتبارها حقوقا طبيعية

3-1 خاصية الكونية

4-1 خاصية الشمولية

2- املبادئ األصيلة التي تنبثق منها الحريات الفردية يف القانون التونيس

2-1 الحرية

2-2 الكرامة

2-3 املساواة

Page 81: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

80

II- مضمون الحريات الفردية يف القانون التونيس

-1 الحريات الفردية الجسدية

1-1 حرمة الحياة الخاصة وحق الفرد يف الترصف يف جسده

2-1 حرية اختيار مقر اإلقامة والتنقل

-2 الحريات الفردية الفكرية

2-1 حرية الفكر والضمري والدين واملعتقد

-2-2 حرية الرأي والتعبري

-3 الحريات الفردية العالئقية

-1-3 حرية العمل

-2-3 حرية الصناعة والتجارة

الخالصة

قامئة النصوص القانونية املذكورة

بيبليوغرافيا

ملحق

Page 82: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

81

جزء متهيدي | حقوق اإلنسان، الحريات العامة والحريات الفردية

بيان و الحقوق من الصنف هذا تعريف التونيس القانون يف الفردية الحريات دراسة تقتيض خصوصياته للتمكن من تحديد مدى املوضوع و مجاله من ناحية و طرق مراقبته من ناحية أخرى

و هو ما يدفعنا يف هذا الجزء التمهيدي إىل التعرض تباعا إىل:

أوال- تحديدات اصطالحية

ثانيا- تصنيفات حقوق اإلنسان وتصنيفات الحريات العامة

ثالثا- الحريات الفردية

I- حتديدات اصطالحية

يعرب اليوم عن ظاهرة حقوق اإلنسان بعبارات مختلفة وتستعمل للداللة عليها مفردات عديدة

يجد جلها أساسه يف صريورة التطور التاريخي الذي عرفته هذه الظاهرة. ولعل أكرث هذه العبارات

استعامال هي »حقوق اإلنسان«، »الحقوق الطبيعية«، »الحقوق األخالقية«، »الحريات األساسية«

و«الحريات العامة«. وهي كلها اصطالحات تتموقع يف أطرها التاريخية والحضارية التي نشأت فيها

ومتتد يف اآلن نفسه ليكون استعاملها عاما ومتفاوت الدقة وهو ما يستوجب التوقف عند أهمها

لبيان مدلول كل مصطلح منها وعالقته بفكرة حقوق اإلنسان وموقعه من النظرية العامة لحقوق

اإلنسان.

وتوخيا للوضوح فإننا سوف نعرض أوال لبيان الفرق بني حقوق اإلنسان باملعنى القانوين ومصطلح

الحريات العامة قبل التوقف رسيعا عىل مصطلح الحريات األساسية وبيان اختالف التصورات حوله

وهو ما أدى إىل تفاوت بل إىل تعارض يف قبوله واعتامده من عدمه دون أن نغفل ضمن هذا السياق

بعض املصطلحات املستعملة التي تبدو أقل انتشارا.

• 1 • حقوق اإلنسان واحلريات العامة

حقيقتني عن يعربان املصطلحني هذين فإن كثرية أحيان يف املرتادف استعاملهام من بالرغم

مختلفتني. ويكمن االختالف بينهام كام حدده الفقيه ريفريوRivero يف:

القانون الحقوق ضمن نظرية اإلنسان« هذه تنزل عبارة »حقوق إذ النظر: زاوية فارق يف •

Page 83: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

82

الطبيعي227التي ترى بأن اإلنسان يتمتع بحكم إنسانيته مبجموعة من الحقوق التي ال ميكن املساس

بها دون املساس بالذات اإلنسانية نفسها. وعليه فإنه من غري املهم إذا كان القانون الوضعي الخاص

بدولة أو زمن معينني يكرس هذه الحقوق أو ال يكرسها فهي حقوق موجودة بوجود اإلنسان نفسه

وال تحتاج للنصوص القانونية إليجادها كام ال يؤثر يف وجودها خرقها أو التعدي عليها )أو تجاهلها

وهو ما يسقطنا يف الحالة األوىل( عن طريق النصوص القانونية نفسها228.

ويقرتب إذن مصطلح »حقوق اإلنسان« من مصطلح »الحقوق الطبيعية« الذي يبدو أكرث تشبثا

بلغة نظرية القانون الطبيعي و اصطالحاتها التي ارتبطت بها حقوق اإلنسان إبان ظهورها ولعل أبرز

مثال عىل ذلك يبقى اإلعالن الفرنيس لحقوق اإلنسان واملواطن الذي ينص عىل أن الناس »يولد]ون[

أحرارا ومتساوين يف الحقوق والحريات و أن حقوقهم تلك مقدسة229وغري قابلة للتحديد230 ».

تفرتض عبارة »الحقوق الطبيعية« إذن:

- أن هذه الحقوق سابقة للسلطة وللقانون الوضعي دون أن تنفي عنها هذه السابقية الصبغة

القانونية مبا أن القانون الطبيعي ما هور إال قانون.

فلسفة قوام الذي هو البرشي العقل وبفكرة البرشية بالطبيعة مرتبطة الحقوق أن هذه -

القانون الطبيعي املعارصة، و

- أن هذه الحقوق مفروض احرتامها عىل القواعد القانونية الوضعية وأنها تحدد إرادة السلطة داخل الدولة فال ميكنها إال احرتامها.231

»الحقوق األنجلوسكسوين مصطلح الفقه إطار املعنى يف قريب من هذا معنى ويستعمل يف

األخالقية«232 للداللة عىل امتيازات متعلقة بالفرد بصفة سابقة لوجود الدولة وملنظومتها القانونية

وعن الوضعية القوانني عن منفصل وجود ذات حقوق بالتايل وهي نفسها الدولة مواجهة يف

القرارات القضائية التي وإن خالفتها فإنها ال متس منها.

يعرب إذن مصطلح »حقوق اإلنسان« )واملصطلحات القريبة منه اآلنف ذكرها( بهذا املعنى عن

فكرة أخالقية تسبق القاعدة القانونية وتظل حارضة حتى يف غياب هذه األخرية أو يف حالة تناقضها

La théorie du droit naturel. 227

RIVERO )J.( et MOUTOUH )H.(, Libertés publiques, tome 1, Paris, P.U.F., Coll. » Thémis «, p. 8 228

Sacrés 229

Inaliénables 230

MARTINEZ )G. P.-B.(, Théorie générale des droits fondamentaux, Paris, L.G.D.J., 2004: 231 انظر بهذا الخصوص

ص ص 24-25.

Les droits moraux 232

Page 84: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

83

هذا امتداد فكرة ثانية هي فكرة عن ذلك إىل إضافة تعرب اإلنسان عبارة حقوق أن غري معها.

املعطى األخالقي يف القانون الوضعي233 إذ أنه من املمكن تنزيل هذه الحقوق الطبيعية يف القانون

الوضعي وهو ما حدث يف القانون الدويل الذي نزل حقوق اإلنسان داخل منظومة قانونية تكرس

هذه الحقوق وتؤمن فاعليتها عرب نظام حاميئ.

وبهذا نكون قد مررنا مع هذا التطور من »حقوق اإلنسان« إىل »الحريات العامة« غري أن لفظ

»حقوق اإلنسان« يبقى األكرث استعامال يف سياق القانون الدويل.

تحيل اإلنسان عبارة حقوق إن بقوله األفكار واشامنWaschmann234 عن جملة هذه ويعرب

إىل يشء من اثنني: إما فلسفة الحريات العامة )القانون الطبيعي مبختلف مشاربه – السابقية عىل

التجمع البرشي( أو إىل القانون الدويل.

ظهر مصطلح »الحريات العامة« يف الفقه الفرنيس استجابة ملقتضيات نظرية القانون الوضعي235

وطرق ووسائل مداها )بتحديد وتنظيمها بها االعرتاف وقع التي اإلنسان حقوق إىل يشري وهو

حاميتها( من قبل الدولة يف قوانينها الوضعية )أو من قبل مجموعة من الدول يف قانون دويل إقليمي

أو كوين(236. وهو ما يقرتب كثريا من »الحقوق العامة الشخصية« يف النظرية األملانية237.

تنزل عبارة الحريات العامة إذن حقوق اإلنسان يف نطاقها التاريخي وتجعلها مرتبطة باملعطى

القانوين الوضعي. بالتايل فإنها ال تحيل عىل معطى مجرد أو فكرة كام هو الحال بالنسبة إىل حقوق

اإلنسان بل إنها تحيل إىل تحديد موضعي لهذه االمتيازات انطالقا من القانون الوضعي.

العامة« لفظة تقابلها أن »الحريات ويف هذا السياق يحذر بعض الفقهاء238 من االعتقاد خطأ

»الحريات الخاصة« مبعنى أن األوىل تهتم بعالقة الفرد بالدولة )مجال القانون العام( والثانية بعالقة

األفراد بعضهم ببعض )مجال القانون الخاص(. ويبني هؤالء أن جميع الحقوق تحدد عالقة الفرد

بالدولة حتى منها تلك التي تنضوي ضمن القانون الخاص فلنئ نظمها هذا الفرع من القانون فإنها

تبقى دامئا حقوقا للفرد يف مواجهة الدولة )مثال : حرمة املسكن – حرمة الحياة الشخصية( وهو

ما يفرض عىل هذه األخرية حاميتها عرب القانون. فالحريات العامة هي كذلك ألنها حريات يعرتف

233 عن هتني الفكرتني : انظرMARTINEZ )G.P.-B.( املرجعسابق الذكرص 23.

WASCHMANN )P.(, Libertés publiques, Paris, Dalloz, 2009 234, ص 5

le jusnaturalisme يف مقابل le juspositivisme أو le positivisme juridique 235

236 تعريف الحريات العامة: انظر عىل األقل

.LECLERQ )C.(, Libertés publiques, Paris, Litec, 4ème éd., 2000, p. 9

MARTINEZ )G. P.-B.(, op. cit., pp. 28-30

237 انظر حول الحقوق العامة الشخصية MARTINEZ )G. P.-B.(:les droits publics subjectifs املرجع سابق الذكر ص ص

26-28

238 انظر : ISRAEL )J.J.(, Droit des libertés fondamentales, Paris, L.G.D.J, 1998 ص 26

Page 85: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

84

بها القانون ويحميها مهام كان موضوعها )عالقة الفرد بالدولة أو عالقة الفرد بالفرد( ووحده تدخل

الحرية حرية ما يجعل من لها، هو بالحرية وتنظيمها الدولة اعرتاف ترجامن الوضعي، القانون

عامة.

تعرب إذن حقوق اإلنسان عن فكرة وقيمة يف حني تعرب الحريات العامة عن واقع قانوين ملموس

غري أن هذا الفارق ليس الفارق الوحيد فهناك بني العبارتني إىل ذلك فارق مضموين.

• فارق يف املضمون: من بني حقوق اإلنسان ال تحيل عبارة الحريات العامة إال عىل صنف محدد

من الحقوق هي ما يعرف بالحقوق املتعلقة بالقدرة عىل االختيار239 أو حقوق الترصف يف الذات240.

يف أول ظهورها كانت حقوق اإلنسان تتامهى مع هذا الصنف من الحقوق وكان التطابق بينهام

تاما. إال أنه ظهرت يف ما بعد الحاجة إىل حقوق تؤمن لإلنسان حدا أدىن من القدرة عىل العيش حتى

يتمكن من مامرسة قدرته عىل االختيار ويجعلها فعالة فال تكون مجرد حقوق شكلية(كارملاركس).

ينتج هذا الصنف الجديد من الحقوق دينا لصالح الفرد يف مواجهة املجتمع ويجعل الدولة مطالبة

بتحقيق التزامات إيجابية أهمها تأمني املرافق العمومية التي متارس يف إطارها هذه الحقوق.

تبتعد هذه الحقوق عن مفهوم الحرية الذي يقتيض التزاما سلبيا من طرف الدولة بعدم التدخل

وهي لذلك تخرج عن تعريف الحريات العامة.

ال تدخل حقوق الخدمة أو الحقوق الدين241 يف تعريف الحريات العامة كام ال تدخل ضمنه

حقوق املشاركة242 التي متكن الفرد من املساهمة يف الحياة العامة فهي وإن كانت حقوقا فردية

فإنها ليست بأي حال من األحوال حريات فردية أوبصفة أعم حريات عامة. وعليه فإنه يتوجب

إقصاء الحقوق السياسية من دائرة الحريات العامة واعتبار أن هذه األخرية ال تحيل إال عىل الحقوق

املدنية والفردية فهي الوحيدة التي تستجيب لتعريف الحريات.

يلخص ريفريوRiveroهذه املعاين بقوله إنه إذا كانت كل الحريات العامة حقوق إنسان فإن كل

حقوق اإلنسان ليست حريات عامة فاملفهومان يتقاطعان دون أن يتطابقا243.

ال تنفي هذه »النظرة املخربية«244 ارتباط هذه الحقوق املدنية الفردية بأصناف الحقوق األخرى

Riveroحسب ريفريوles pouvoirs de choix 239

Martinezحسب مارتينيزles droits de l’autonomie 240

Les droits de prestation ou droits-créances 241

Les droits de participation 242

RIVERO J 243 ).(, املرجع سابق الذكر ص 8

MARTINEZ )G. P.-B 244.(, املرجع سابق الذكر ص 30

Page 86: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

85

مام يجعل استعامل عبارة »الحريات العامة« باملعنى الواسع الذي يربطها باألصناف األخرى من

الحقوق يف إطار التداول اللغوي245 غري خاطئ متاما.

• 2 • احلقوق األساسية246؟

التصور الشكليمن : ظهرت عبارة الحقوق األساسية بصفة متأخرة وينتظمها تصوران أساسيان

ناحية و التصور املادي أو املضموين من ناحية أخرى.

أما التصور الشكيل فإنه يحدد الحقوق األساسية مبنأى عن مضمونها ويعتمد يف تحديدها إما عىل

معيار املصادر أي عىل القيمة القانونية للنصوص التي تكرسها فالحقوق األساسية هي بهذا املعنى

تلك الحقوق التي تنص عليها القوانني األعىل يف الدولة كالدستور247 وإما عىل معيار املستفيدين

من هذه الحقوق وهي بهذا التصور الحقوق املنظمة للعالقات األفقية بني األفراد248وإما اعتامدا

عىل معيار ضامنات حقوق اإلنسان فتكون الحقوق األساسية هي الحقوق التي تتمتع بضامنات

أكرب من خالل النصوص التي تكرسها والهيئات املكلفة بحاميتها فالحقوق األساسية هي التي تسمح

إضافة إىل تدخل القضاء العديل والقايض اإلداري لحاميتها بتدخل القايض الدستوري والقايض فوق-

الوطني249.

تتفق جملة هذه النظريات يف فكرة التعريف السلبي للحقوق األساسية مبنأى عن مضمونها وهو

ما يجعل دخول حق ضمن الحقوق األساسية أو خروجه منها متعلقا بإرادة املرشع مام يحيل إىل

الصبغة الواسعة وغري الثابتة لهذا التعريف وهي من أهم املآخذ التي تواجه هذه املدرسة.

أما التصور املادي أو املضموين فإنه يرى أن أهمية هذه الحقوق ناجمة عن أهمية مضمونها فهي

ا ما تكون مضمنة يف النصوص ى الكربى للنظام القانوين بأكمله وهي غالب الحقوق التي تحدد البنر

أساسية وليس أنها حقوق إىل العيا هو مؤرش250 القانونية النصوص العليا وتضمينها يف القانونية

التصور من صبغته يعاين هذا الشكيل. التصور إليه مدرسة تذهب كذلك كام اعتبارها معيار251 التحصيلية )من تحصيل الحاصل(252 ففي نهاية التحليل يعترب املدافعون عن هذا التصور أن الحقوق األساسية هي كذلك ألنها أساسية وهو ما يجعلنا عاجزين عن تحديد تعريف للحقوق األساسية عرب

Par commodité de langage 245

Les droits fondamentaux 246

247 يدافع عن التصور الشكيل عموما Pfersmann ويدافع عن التصور الشكيل اعتامدا عىل معيار املصادر Favoreu ومشاركيه يف التأليف.

.Ribes 248 ويدافع عن هذا املعيار

.Dordو Janis 249 يدافع عن هذا التصور

.Indice 250

.Critère 251

.Tautologique 252

Page 87: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

86

هذا التصور الذي يعتقد أنه يقدم تعريفا253.

يعترب البعض أنه من املتجه استعامل عبارة الحقوق األساسية ويدافع عن ذلك عرب القول بأن

هذه العبارة هي أكرث دقة من عبارة حقوق األنسان وال تتوفر عىل حموالتها األخالقية أوال وأنها ثانيا

تبعد حقوق اإلنسان عن تجاذبات ورصاعات التيار الوضعي والتيار الطبيعي يف آن دون أن تغفل

البعد القيمي لحقوق اإلنسان التي تتعلق تحت غطاء هذه التسمية باألخالق األساسية وبالصبغة

اإلنسان لحقوق القيمي البعد عىل تحافظ عبارة ثالثا وهي واحد وقت يف األساسية القانونية

باملقارنة مع عبارة الحريات العامة التي تجردها منه254.

تبدو هذه التربيرات مصطنعة إىل حد كبري فالبعد القيمي ال متنحه العبارة املستعملة بقدر ما

مينحه الوعي مبضمونها.

ويف مقابل هذا الرأي يعترب آخرون255أن اللجوء إىل عبارة »الحقوق األساسية« هو من قبيل التزيد

اللغوي فعبارة »الحريات العامة« وعبارة »الحقوق األساسية« مرتادفتان وتستعمالن للداللة عىل

نفس الظاهرة إذ ال ينفي أحد هذين املصطلحني اآلخر فنفس الحرية ميكن أن تكون يف آن واحد

حرية عامة وحقا أساسيا وهي الحالة األكرث شيوعا.

يبدو نقد الفقيه ريفريوRivero ملصطلح الحقوق األساسية أكرث حدة فهو يرفض استعامل هذا

املصطلح الذي يدخل ضمن حقوق اإلنسان فكرة التفاضلية فجميع الحقوق هي يف األخري حقوق

أساسية مبعنى أنها رضورية يف تكاملها لتحقق الذات اإلنسانية وضامن احرتامها256.

ينبع مصطلح الحريات األساسية من تصنيف هرمي / تفاضيل للحقوق هو يف آخر األمر أسوأ

األكرث األساسية والحريات اإلنسان حقوق تصنيفات عن الحديث إىل يجرنا ما وهذا تصنيفاتها.

شيوعا.

II- تصنيفات حقوق اإلنسان وتصنيفات احلريات العامة

عالوة عىل املعيار التفاضيل الذي بينا يف ما سبق تهافته وضعفه، يصنف أتباع النظرية املاركسية

بعده إىل شكلية.إضافة وحقوق فعلية حقوق إىل فيقسمونها فاعليتها معيار حسب الحقوق

فكرة من انطالقا إليه الحاجة عدم وأثبتت التصنيف هذا األحداث تجاوزت فلقد االيديولوجي

تكامل الحقوق وتشابكها بغض النظر عن أساسها االيديولوجي اشرتاكيا كان أو ليبرياليا.

.Picard 253 يدافع عن التصور املادي

MARTINEZ( G. P.-B 254(, املرجع سابق الذكر ص ص 35-36

255 انظر :ISRAEL( J.J.( املرجع سابق الذكر ص ص 35-36

RIVERO( J 256.(, املرجع سابق الذكر ص20

Page 88: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

87

ودون أن نضيع يف »متاهة تصنيفات حقوق اإلنسان«257سوف نعرض رسيعا إىل أشهرها258إذتصنف

حقوق اإلنسان عموما وفق معايري أهمها:

جيل ثالث«259: طفرات أو »أجيال إىل اإلنسان حقوق يقسم معيار وهو التاريخي: املعيار

حقوق اإلنسان السياسية واملدنية أي جيل حقوق اإلنسان الفرد املواطن وجيل الحقوق االجتامعية

واالقتصادية والثقافية أي جيل حقوق اإلنسان الجامعي املدين وجيل ثالث مازال محل جدل فقهي

هو ما تعورف عىل تسميته جيل حقوق اإلنسان الكوين260.

الفرد من حيث موضعه بالنسبة إىل الحق أو املوضعي261: ويعتمد عىل وظيفة الغايئ املعيار

فيقسم الحقوق إىل حقوق وحريات الشخص املادي وحقوق وحريات الشخص االجتامعي وحقوق

وحريات الشخص االقتصادي.

معيار عالقة الحقوق والحريات بالدولة: وقد ظهرت ضمن هذا املعيار مدرستان:

انسحاب - أ تحققها يقتيض التي الحقوق بني مييز الذي Jellinek جليناك تصنيف

abstention الدولة وبني الحقوق الدين وبني الحقوق األساسية.

تصنيف مدرسة آكسAix التي تقسم الحقوق إىل خمسة أصناف :- ب

- الحقوق الحريات262

- حقوق العامل263

- حقوق املشاركة264

- الحقوق الدين265

.BRIBOSIA )E.( et HENNEBEL )L.( )dir.(, Classer les droits de l’Homme, Bruxelles, Bruylant, 2004, p. 7 257

LEVINET )M.(, Théorie générale des droits et libertés, Nemesis-Bruylant, Paris-Bruxelles,: 258 من أجل معلومات ضافية انظر

.Coll. » Droit et justice «, 2010, pp. 93-136

259 سليم اللغامين، »مفهوم حقوق اإلنسان: نشأته وتطوره«، املجلة العربية لحقوق اإلنسان، عدد 1، 1994، ص.8

260 ميكن تحديد تاريخ والدة كل جيل من هذه األجيال: - إعالن فرجينيا يف 12 جوان 1776 ثم إعالن استقالل الواليات املتحدة يف 4 جويلية

1776 فاإلعالن الفرنيس لحقوق اإلنسان واملواطن يف 26 أوت 1789 بالنسبة للجيل األول و – اإلعالن الفرنيس لحقوق اإلنسان املؤرخ يف 19

أفريل 1946 فيام يخص الجيل الثاين – ومجموع القرارات واملعاهدات التي تتعلق بحق اإلنسان يف السلم ويف بيئة سليمة ويف مكسب اإلنسانية

قاطبة patrimoine commun de l’humanité التي صدرت منذ بداية الستينات وتلتها نصوص تتعلق بحق اإلنسان يف النمو وهي حقوق

يعزى لكارالفازاكkarelVasak إدراجها ضمن صنف الجيل الثالث لحقوق اإلنسان.

.Le critère fonctionnel ou situationnel 261

.Les droits-libertés 262

.Les droits du travailleur 263

.Les droits de participation 264

.Les droits-créances 265

Page 89: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

88

- الحقوق الضامنات266.

القيمة متساوية أنها التصنيفات فهي عالوة عىل تصنيف من هذه أي الحق حكرا عىل ليس

وتساهم بنفس القدر يف فهم ظاهرة حقوق اإلنسان تحتوي عىل قدر غري ضئيل من التهافت وعدم

اإلنسان إذ ال تحيل فكرة متاهة تصنيفات حقوق الظاهرة نفسها. الذي يعزى إىل طبيعة الدقة

التي صدرنا بها كالمنا عىل كرثتها فحسب بل أيضا عىل تداخل األصناف ضمن كل تصنيف وعدم

إمكانية حرصها وجعل كل صنف إقصائيا للصنف اآلخر. وهو ما ينطبق عىل تصنيفات الحريات

العامة إذا ابتغينا لها تصنيفا فتصنيفات الحريات العامة تشكو من تداخل األصناف أوال إذ تتجاوز

العديد من الحريات املوردة داخل أي صنف حدود هذا الصنف من ذلك أن حرية الصحافة مثال

التي عادة ما تعترب حرية فكرية ميكن اعتبارها إىل ذلك حرية اقتصادية من منطلق أنها متكن من

تأسيس الجرائد والدوريات وقس عىل ذلك أي حق تريد. وتشكو هذه التصنيفات ثانيا من كونها

قد تؤدي إىل إغفال معطى هام هو تكامل كل هذه الحريات وعدم إمكانية تحقق أي صنف منها

دون تحقق الصنف اآلخر فاملساس بالحق يف العمل مثال يؤدي إىل املساس بالكرامة اإلنسانية وحرية

االختيار وقس عليه.

دون أن نغفل هذه الحقيقة سوف نقارب مسألة الحريات العامة انطالقا من اختيار براغاميت

ميكننا من فرز الحريات الفردية موضوع هذا التقرير فنميز ضمن الحريات العامة انطالقا من معيار

طريقة مامرسة الحرية بني الحريات الفردية267والحريات الجامعية268.

بذلك )مقصني العامة الحريات إىل سنتعرض خالله فنحن ينحرس البحث مجال اآلن من بدأ

الحقوق السياسية والحقوق الدين أو حقوق الجيل الثاين إضافة إىل حقوق الجيل الثالث ألسباب

وقع بيانها ليس أقلها الجدل الحاصل بشأنها(. وسنتعرض ضمنها إىل الحريات الفردية )مقصني بذلك

الحقوق الجامعية لسببني أولهام طريقة مامرستها الجامعية )الحق يف التجمع – حرية الجمعيات...(

باألساس وثانيهام أنها تتامهى يف جوانب منها مع حقوق الجيل الثاين التي لن نهتم ضمنها بغري

الحقوق التي تستدعي بالرغم من مامرستها الجامعية جوانب أصيلة متعلقة بالحرية الفردية(.

وسوف نحتفظ بأحد معايري تصنيف الحريات العامة – وهو الذي سنعتمد عليه يف بحثنا – إىل

حني، حتى نعرف الحريات الفردية.

III- احلريات الفردية

الحريات الفردية هي أوال وقبل كل يشء حريات. وهو ما يجعلنا نقيص إذا تحدثنا بلغة األجيال

.Les droits-garanties 266

.Les libertés individuelles 267

.Les libertés collectives 268

Page 90: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

89

حقوق الجيل الثاين يف بعض جوانبها وحقوق الجيل الثالث دون أن نقيص من حقوق هذين الجيلني

فكرة الحرية التي تأيت يف مرتبة ثانية باعتامد زاوية نظرنا. وما يجعلنا نقيص أيضا الحريات السياسية

أو حقوق املشاركة التي ال تعرب عن حرية بقدر ما تعرب عن حق، ونقيص كذلك الحقوق-الضامنات.

الحريات الفردية هي حريات ميارسها اإلنسان بطريقة فردية أو هي عىل األقل تلك التي ال يفرتض

يف مامرستها اإلطار الجامعي. وهو ما يجعلنا نقيص الحريات التي متارس بصفة جامعية دون أن

نقيص البعد الفردي الثابت يف مامرسة هذه الحريات الجامعية إال أننا نعتربه ثانويا بالنسبة للبعد

الفردية. الحريات بعض كذلك عليه تتوفر أن الذي ميكن الجمعي البعد نقيص أن وال الجمعي

عن بذلك وتختلف االجتامعي انتامئه عن النظر برصف الفرد حقوق هي الفردية269 فالحقوق

أن ثانية عىل نؤكد أن يفوتنا املجتمع. وال معينة من فئة بحقوق تهتم التي الجامعية الحقوق

حقوق الجامعة تتخذ يف العرص الحايل كوسيلة لدعم حقوق الفرد فال يكون فصلها عنها إال فصال

إجرائيا.

نقيص اعتامدا عىل هذه االعتبارات حقوقا وحريات متارس بصفة جامعية كالحق الجمعيايت270

بحرية عالقته يف عرضا إال نتناوله لن )الذي النقايب االجتامعي271والحق الضامن يف والحق

العمل(272والحقوق الثقافية273والحق يف العدالة االجتامعية274.

نزيهة انتخابات عرب والرتشح االنتخاب يف الحق وأهمها السياسية الحقوق ذلك إىل ونقيص

والحرية الحزبية275 كام نقيص الحقوق-الضامنات كالحق يف التقايض وما يتعلق به من حقوق276

والحق يف االعرتاف بالشخصية القانونية التي هو ضامنة قبلية للتمتع ببقية الحقوق277.

نقسم الحقوق املتبقية وهي الحريات الفردية وفقا ملضمونها فتكون من بينها حريات جسدية278

بالجوانب وأساسا املجتمع داخل كعنرص باإلنسان عالئقية280تتعلق وحريات فكرية279 وحريات

االقتصادية واالجتامعية يف حياته.

.Les droits individuels/ IndividualRights 269

270 املادة 20 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

271 املادة 22 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

272 املادة 23 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

273 املادة 27 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

274 املادة 28 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

275 املادة 21 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

276 املواد 8 و10 و11 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

277 املادة 6 مناإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

.Les libertés physiques 278

.Les libertés intellectuelles 279

.Les libertés relationnelles 280

Page 91: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

90

تحكم ملامرستها تفرتض الحريات جميع أن ة لمر مسر عىل تقوم فإنها الجسدية الحريات أما

الشخص يف جسده281 وهو ما ال يتحقق إال باالعرتاف لكل فرد بضامنات أساسية منها ما هو عام

ومنها ما يبدو أكرث تخصيصا.

أما الضامنات العامة فإنها متر عرب مبدإ احرتام الذات البرشية وكرامة الشخص وهو مبدأ يعرب

عنه الحق يف الحياة والحرمة الجسدية وكل ما يتعلق بهذا الحق من حظر للعبودية وحامية من

االستغالل الجنيس وحظر للتعذيب والعقوبات أو املعامالت القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة

وحظر للجرائم ضد اإلنسانية كام يعرب عنه حق اإلنسان يف الترصف يف جسده وما يثريه من إشكاالت

خاصة يف ظل التطور العلمي وظهور ما يسمى بـ«البيو-إيطيقيا«282.

الشخصية283 وما يرتبط به من حامية من السالمة الحق يف مبدإ العامة عرب الحامية كام متر

االختفاء القرسي وحامية من جميع أشكال الضغط االعتباطي284 وحامية للمعطيات الشخصية.

الحياة الخاصة وما يرتبط به حرمة أولهام الخاصة فتتحقق عرب مبدأين رئيسيني وأما الحامية

من حرمة املسكن ورسية املراسالت وحرمة رشف اإلنسان وسمعته وحامية للحياة األرسية وثانيهام

حرية التنقل وحرية اختيار مكان اإلقامة الذي يبدو كقسيم طبيعي لها.

التفكري والضمري والدين واإلعراب عنها الفكرية فيعرب عنها من ناحية مبدأ حرية أماالحريات

بالتعليم واملامرسة وإقامة الشعائر ومن ناحية أخرى مبدأ حرية الرأي والتعبري.

وأما الحريات العالئقية فتخص أساسا الحق يف امللكية والحق يف العمل وحرية اختياره وحرية

التجارة والصناعة.

سينصب اهتاممنا يف هذا التقرير عىل هذه الحقوق. غري أنه من الرضوري قبل البحث يف مدى

تكريسها يف القانون الوطني التونيس، البحث يف املعيار الذي سيمكننا من الحكم عىل مدى تطور

هذا القانون وهو ما يؤدي بنا يف هذه املرحلة إىل تقديم القانون الدويل الخاص بهذا الصنف من

الحقوق.

RIVERO( J 281.(, املرجع سابق الذكر ص24

.La bioéthique 282

.Le droit à la sureté 283

.Les formes de répression arbitraire 284

Page 92: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

91

اجلزء األول |

تقدمي القانون الدويل ذي العالقة باحلقوق واحلريات الفردية

ميثل القانون الدويل مجال نشوء قواعد حقوق اإلنسان و تطورها و هو إىل ذلك الجرس الذي مرت

عربه هذه القواعد نحو القوانني الوطنية مبا يستوجب عرض أهم قواعده من خالل نصوصه أوال و

من خالل مضمون الحامية التي يوفرها و آلياتها ثانيا.

I- تقدمي القانون الدويل ذي العالقة من خالل النصوص : ثبت بأمه الصكوك الدولية

يؤكد ميثاق األمم املتحدة عىل إميان شعوب األمم املتحدة »بالحقوق األساسية لإلنسان وبكرامة

الفرد وقدره ومبا للرجال والنساء واألمم كبريها وصغريها من حقوق متساوية«. وكان إصدار اإلعالن

العاملي لحقوق اإلنسان أول خطوة عملية يف طريق تحقيق هذا الهدف ووضع »الرشعة الدولية

لحقوق اإلنسان«. إال أن اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان الذي تبنته الجمعية العامة لألمم املتحدة

قيمة ال »إعالن« مجرد يبقى أحد ضده يصوت ومل 8 وامتناع بـ48 صوتا 1948 ديسمرب 10 يف

لحقوق تضح ومل قانونية. التزامات عنه تنجر ال الدولة لعمل عام إطار فهو ملقتضياته قانونية

اإلنسان قيمة قانونية إال مع استكامل بقية أجزاء هذه »الرشعة الدولية« عرب تبني الجمعية العامة

يف 16 ديسمرب 1966 للعهد الدويل الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافيةوالربوتوكول

االختياري امللحق به يف ديسمرب 2008 والذي يتيح لألفراد إمكانية التقدم بشكاوى بشأن الحقوق

املنصوص عليها بالعهد إىل لجنة الحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية وتبنيها يف نفس التاريخ

)1966( للعهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية وهو عهد قد ألحق به بروتوكول اختياري

أول ميكن اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان املنشأة مبقتضاه )التي حل محلها مجلس حقوق اإلنسان

يف العام 2006( من القيام باستالم الرسائل والشكايات املوجهة إليها من قبل األفراد الذين يدعون

أنهم ضحايا أي انتهاك ألي حق من الحقوق املقررة بالعهد والنظر فيها وبرتوكول اختياري ثان مؤرخ

يف 15 ديسمرب 1989 بهدف إلغاء عقوبة اإلعدام. وقد دخل العهد حيز النفاذ يف 23 مارس 1976.

وهذه صكوك تناولت مسألة حقوق اإلنسان بصورة عامة دون تحديد حق معني ليكون موضوعا

املؤمتر اعتمده الذي طهران بإعالن العامة الصبغة ذات الصكوك هذه قامئة تكملة وميكن لها.

اإلعالن أقرها التي باملبادئ الدويل املجتمع التزام أكد والذي عام 1968 اإلنسان لحقوق الدويل

Page 93: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

92

العاملي اإلعالن الواردة يف باملبادئ االلتزام والشعوب عىل الدول وحث اإلنسان لحقوق العاملي

لحقوق اإلنسان ومضاعفة جهودها لتحقيق حياة تتفق مع الكرامة والحرية وإعالن وبرنامج عمل

فيينا الصادر عن املؤمتر الدويل لحقوق اإلنسان الذي انعقد يف فيينا سنة 1993 والذي أكد عىل القيم

األساسية الواردة صلب اإلعالن العاملي وطالب بتعزيز جهود الدول من ناحية وتوحيد جهود أجهزة

األمم املتحدة املختلفة من ناحية أخرى لدعم حقوق اإلنسان وحرياته وإعالن األمم املتحدة بشأن

األلفية الذي تبنته األمم املتحدة عام 2000 وحددت فيه القيم واملبادئ التي تلتزم بها األمم املتحدة

واملجتمع الدويل واألهداف التي ميكن من تحقيقها تكريس هذه القيم.

صت لحق بعينه أما الصكوك الدولية التي تناولت حقوق اإلنسان بصفة مفردة أي تلك التي خص

فهي عديدة ونقترص هنا عىل إيراد أمثلة عن تلك املرتبطة منها بالحقوق والحريات الفردية باملعنى

الضيق الذي نعتمده يف هذا التقرير:

• منع التمييز العنرصي:

- إعالن األمم املتحدة للقضاء عىل جميع أشكال التمييز العنرصي 1963.

- االتفاقية الدولية للقضاء عىل جميع أشكال التمييز العنرصي 1965.

- االتفاقية الدولية لقمع جرمية الفصل العنرصي285 واملعاقبة عليها 1973.

- إعالن بشأن العنرص والتحيز العنرصي 1978.

- إعالن بشأن القضاء عىل جميع أشكال التعصب والتمييز القامئني عىل أساس الدين أو

املعتقد 1981.

• منع التمييز ضد العامل:

- اتفاقية بشأن املساواة يف األجور 1951.

- اتفاقية بشأن التمييز )يف مجال االستخدام واملهنة( 1958.

- االتفاقية الدولية لحامية حقوق جميع العامل املهاجرين وأفراد أرسهم 1990.

• منع الرق:

االتفاقية الخاصة بالرق 1926.

بروتوكول بتعديل االتفاقية الخاصة بالرق 1953.

.Apartheid 285

Page 94: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

93

االتفاقية التكميلية إلبطال الرق وتجارة الرقيق واألعراف واملؤسسات الشبيهة بالرق 1956.

اتفاقية السخرة 1930.

اتفاقية تحريم السخرة 1957.

اتفاقية حظر االتجار باألشخاص واستغالل دعارة الغري 1949.

بروتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص، وخاصة النساء واألطفال، املكمل التفاقية

األمم املتحدة ملكافحة الجرمية املنظمة عرب الوطنية 2000.

• حامية املسجونني واملحتجزين من قبل سلطات الدولة:

∫ االختفاء القرسي

- إعالن حامية جميع األشخاص من االختفاء القرسي 1992.

- القواعد النموذجية الدنيا ملعاملة السجناء 1955.

- املبادئ األساسية ملعاملة السجناء 1990.

- مجموعة املبادئ املتعلقة بحامية جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال

االحتجاز أو السجن 1988.

- القواعد املتعلقة بشأن حامية األحداث املجردين من حريتهم 1990.

- مبادئ آداب مهنة الطب املتصلة بدور املوظفني والصحيني وال سيام األطباء يف حامية

أو القاسية العقوبة أو املعاملة التعذيب وغريه من رضوب من واملحتجزين املسجونني

الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة 1982.

- معاهدة منوذجية بشأن نقل اإلرشاف عىل املجرمني املحكوم عليهم بأحكام مرشوطة أو

املفرج عنهم إفراجا مرشوطا 1990.

∫ منع التعذيب

- إعالن حامية جميع األشخاص من التعرض للتعذيب وغريه من رضوب املعاملة أو العقوبة

القاسية أو الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة 1975.

- اتفاقية مناهضة التعذيب وغريه من رضوب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية

أو املهينة 1984.

Page 95: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

94

∫ املعايري الخاصة بشأن عقوبة اإلعدام

- ضامنات تكفل حقوق الذين يواجهون عقوبة اإلعدام 1984.

-مبادئ املنع والتقيص الفعالني لعمليات اإلعدام خارج نطاق القانون واإلعدام التعسفي

واإلعدام دون محاكمة 1989.

الجنائية بالقانون الجنايئ الدويل وتنظيم املحاكم النصوص ميكن إضافة تلك املتعلقة إىل هذه

الدولية كـ:

- ميثاق املحكمة العسكرية الدولية »نورمربج« 1945 )املادة )ج((.

- ميثاق املحكمة العسكرية الدولية للرشق األقىص 1956 )املادة 5 )ج((.

- مبادئ القانون الدويل املقررة يف نظام محاكمة نورمربج ويف حكم املحكمة 1950.

- اتفاقية منع جرمية اإلبادة الجامعية واملعاقبة عليها 1948.

- النظام األسايس للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة 1993 )املادتان 4-5(.

- النظام األسايس للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا 1994 )املادتان 2-3(.

- نظام روما األسايس للمحكمة الجنائية الدولية 1998 )املادتان 6-7(.

- اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم املرتكبة ضد اإلنسانية 1968.

التعاون الدويل يف تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة األشخاص املذنبني بارتكاب - مبادئ

جرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانية 1973.

يتعلق ما أهمها فإن خاصة فئات حقوق إىل تعرضت التي الدولية الصكوك وأما -

بالطفل واملرأة واملعاقني بدنيا أو ذهنيا والالجئني.

مواطني من ليسوا الذين لألفراد اإلنسان بحقوق املتعلق اإلعالن نذكر: الالجئني فبخصوص

البلد الذي يعيشون فيه 1985، االتفاقية الخاصة بوضع الالجئني 1951، الربوتوكول الخاص بوضع

الالجئني.

وفيام يتعلق بالطفل نورد: إعالن حقوق الطفل 1959، اتفاقية حقوق الطفل 1990، الربوتوكول

الربوتوكول املسلحة 2000، املنازعات األطفال يف اشرتاك بشأن الطفل التفاقية حقوق االختياري

االختياري التفاقية حقوق الطفل بشأن بيع األطفال واستغاللهم يف البغاء ويف املواد اإلباحية 2000،

Page 96: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

95

اتفاقية 1999 بشأن حظر أسوإ أشكال عمل األطفال واإلجراءات الفورية للقضاء عليها.

وتتعلق باملرأة النصوص التالية: االتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة 1952، إعالن القضاء

عىل التمييز ضد املرأة 1967، اتفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة 1979، الربوتوكول

االختياري التفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة 1999، اإلعالن بشأن القضاء عىل

العنف ضد املرأة 1993.

وتهتم باملعاقني صكوك دولية من قبيل: اإلعالن الخاص بحقوق املعوقني 1975 واإلعالن الخاص

العناية وتحسني عقيل مبرض املصابني األشخاص حامية ومبادئ 1971 عقليا املتخلفني بحقوق

بالصحة العقلية 1991.

وعىل املستوى اإلقليمي ميكن ذكر:

- إعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان يف اإلسالم )1990(.

الذي نردفه بالوثائق اإلقليمية األوروبية كـ:

- االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان 1950.

- الربوتوكول رقم )1( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية 1952.

- الربوتوكول رقم )2( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية بشأن االختصاص

االستشاري ملحكمة حقوق اإلنسان األوروبية 1963.

تعديل بشأن األساسية والحريات اإلنسان التفاقية حامية حقوق )3( رقم الربوتوكول -

املواد 29، 30، 34 من االتفاقية 1963.

بشأن ضامن األساسية والحريات اإلنسان حقوق حامية التفاقية )4( رقم الربوتوكول -

حقوق وحريات أخرى غري تلك التي تضمنتها االتفاقية والربوتوكول األول 1963.

تعديل بشأن األساسية والحريات اإلنسان التفاقية حامية حقوق )5( رقم الربوتوكول -

املادتني 22 و40 من االتفاقية 1966.

- الربوتوكول رقم )6( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية بشأن إلغاء عقوبة

اإلعدام 1973.

- الربوتوكول رقم )7( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية 1984.

Page 97: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

96

- الربوتوكول رقم )8( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية 1985.

- الربوتوكول رقم )9( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية 1994.

- الربوتوكول رقم )10( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية 1992.

- الربوتوكول رقم )11( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية 1998.

- الربوتوكول رقم )12( التفاقية حامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية 2000.

- االتفاقية األوروبية ملنع التعذيب واملعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو املهينة 1989.

- الربوتوكول رقم )1( التفاقية منع التعذيب واملعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو املهينة

.1992

- الربوتوكول رقم )2( التفاقية منع التعذيب واملعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو املهينة

.1993

- االتفاقية األوروبية بشأن مامرسة حقوق األطفال 1996.

لحقوق األوروبية املحكمة إجراءات يف املشاركني باألشخاص املتعلق األورويب االتفاق -

اإلنسان 1996.

- ميثاق الحقوق األساسية لالتحاد األورويب 2000.

وعىل الصعيد األمرييك نورد:

- اإلعالن األمرييك لحقوق وواجبات اإلنسان 1948.

- االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان 1969.

االقتصادية الحقوق مجال يف اإلنسان لحقوق األمريكية لالتفاقية اإلضايف الربوتوكول -

واالجتامعية والثقافية 1988.

- الربوتوكول الخاص باالتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان إللغاء عقوبة اإلعدام 1990.

- االتفاقية األمريكية ملنع التعذيب والعقاب عليه 1987.

- االتفاقية األمريكية بشأن منع واستئصال العنف ضد النساء والعقاب عليه 1994.

- االتفاقية األمريكية بشأن االختفاء القرسي لألشخاص 1996.

Page 98: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

97

- االتفاقية األمريكية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز ضد األشخاص املعاقني 1999.

- النظام األسايس للمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان 1980.

- قواعد إجراءات املحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان 1991.

- النظام األسايس للجنة األمريكية لحقوق اإلنسان 1980.

أما أهم الوثائق اإلفريقية فهي:

- امليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب 1981.

- الربوتوكول الخاص بامليثاق اإلفريقي إلنشاء املحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب

.1997

- قواعد إجراءات اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب 1995.

- امليثاق اإلفريقي لحقوق ورفاهية الطفل 1990.

- االتفاقية التي تحكم الجوانب املختلفة ملشاكل الالجئني يف إفريقيا 1974.

- وثيقة أديس أبابا بشأن الالجئني والترشيد القرسي للسكان يف إفريقيا 1994.

- إعالن كمباال بشأن الحرية الفكرية واملسؤولية االجتامعية 1990.

ونختم هذا العرض بالوثائق العربية وهي:

- مرشوع ميثاق حقوق اإلنسان والشعب يف الوطن العريب 1986.

- امليثاق العريب لحقوق اإلنسان 1997.

II- تقدمي القانون الدويل ذي العالقة من خالل آليات امحلاية ومضموهنا

ميكن القول إن بداية حقوق اإلنسان ارتبطت باالعرتاف بالحقوق الفردية إذ تعلقت املعاهدات

األوىل بقبول الحرية الدينية )مثل اتفاقية ويستفاليا 1648( و إلغاء الرق حيث حظر مؤمتر فيينا

الرق يف العام 1815 وتلته عدة معاهدات أخرى تحرم العبودية كمعاهدة واشنطن 1862 ووثائق

القوانني بتطوير االهتامم وقع كام .1885 برلني مؤمتر ووثائق و1890 1876 بروكسل مؤمتري

ومؤمتري 1906 والثاين 1864 األول جينيف ومؤمتر 1856 باريس إعالن عرب بالحروب املتعلقة

الهاي 1899 و1907 وقد وضعت املعايري التي تحدد ظروف عامل الصناعة يف بداية القرن العرشين

Page 99: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

98

ورسخها إنشاء منظمة العمل الدولية سنة 1919. وكانت االتفاقية الدولية املوقعة يف 25 سبتمرب

1926 تتويجا لجهود حظر الرق. كام وقع توقيع العديد من املعاهدات الخاصة بالالجئني يف عامي

1933 و1938.

بيد أنه مل يتأسس نظام حاميئ لحقوق اإلنسان عموما وللحقوق والحريات الفردية كجزء منها

الدويل العهد املضمونة يف الحقوق لسنة 1966 وسنعرض رسيعا ألهم الدوليني العهدين مع إال

الخاص بالحقوق املدنية والسياسية مقترصين ضمنها عىل الحريات الفردية قبل املرور إىل استعراض

ضامنات هذه الحقوق العامة منها )أي املتعلقة بجملة الحقوق والحريات( والخاصة )أي املرتبطة

باتفاقية مخصوصة تهدف إىل حامية إما فئة معينة من الناس أو حق مخصوص من جملة الحقوق

والحريات(.

• الحقوق املضمونة

يفصل العهد الخاص بالحقوق املدنية والسياسية جملة هذه الحقوق الواردة يف اإلعالن العاملي

التعبري القانون وحرية أمام الحياة والخصوصية واملساواة الحق يف اإلنسان وهي تشمل لحقوق

وحرية الفكر وحرية الضمري واملعتقد الديني والتحرر من التعذيب وحظر الرق بجميع أشكاله.

تبادر أن ويجب الحقوق بهذه الوفاء تلقائيا الدولة تضمن العهد من الثانية للامدة ووفقا

بالخطوات الرسمية يف مجاالت الترشيع والسياسات الدولية لضامن تحقيقها. وترصف هذا الحقوق

واألقليات والالجئني والعامل والطفل كاملرأة البرشية الفئات لبعض بالنسبة مخصوصة بطريقة

وذوي اإلعاقة واملحرومني قانونا من حريتهم وهي فئات ميزها القانون الدويل بضامنات خاصة.

• ضامنات الحقوق عىل املستوى األممي

من أساسيني نوعني من اإلنسان حقوق وحامية لتعزيز املتحدة األمم نظام يتكون – أ

اآلليات: آليات منشأة مبوجب ميثاق األمم املتحدة وآليات منشأة مبوجب معاهدات حقوق

اإلنسان الدولية.

آليات منشأة مبوجب امليثاق: لجنة حقوق اإلنسان286 وتتبعها اللجنة الفرعية لتعزيز حقوق

اإلنسان وحاميتها.

ب – آليات منشأة مبوجب املعاهدات: سبع آليات منشأة مبوجب معاهدات حقوق اإلنسان

ملتابعة تنفيذ بنود مجموع املعاهدات الدولية:

286 مجلس حقوق اإلنسان منذ 2006.

Page 100: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

99

∫ اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان: تقوم مبتابعة تطبيق العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية.

∫ لجنة الحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية: تقوم مبتابعة تطبيق العهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية287.

∫ لجنة القضاء عىل التمييز العنرصي: متابعة تطبيق االتفاقية الدولية للقضاء عىل جميع أشكال التمييز العنرصي.

∫ لجنة القضاء عىل التمييز ضد املرأة.

التعذيب وغريه من رضوب الدولية ملناهضة التعذيب: متابعة االتفاقية ∫ لجنة مناهضة املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة.

االختياريني والربوتوكولني الطفل لحقوق الدولية االتفاقية تطبيق الطفل: لجنة حقوق ∫املعنيني بإرشاك األطفال يف النزاعاملسلح وبيع األطفال وبغاء األطفال واستغالل األطفال يف

املواد الخليعة.

∫ اللجنة املعنية بالعامل املهاجرين: تطبيق االتفاقية لحامية حقوق العامل املهاجرين وأفراد أرسهم.

تنسق آليات املعاهدات أنشطتها من خالل اجتامع سنوي لرؤساء هيئات اإلرشاف عىل معاهدات

حقوق اإلنسان ومن خالل االجتامعات بني اللجان.

آليات أخرى لألمم املتحدة معنية بحقوق اإلنسان:

∫ الجمعية العامة: تشجيع التعاون الدويل وإنجاز البحوث وتقديم التوصيات.

∫ اللجنة الثالثة لألمم املتحدة : اللجنة االجتامعية واإلنسانية والثقافية.

∫ املجلس االقتصادي واالجتامعي.

∫ محكمة العدل الدولية.

مؤسسات أخرى لألمم املتحدة:

- مفوضية األمم املتحدة لشؤون الالجئني.

- مكتب منسق الشؤون اإلنسانية.

- الشعبة املشرتكة بني الوكاالت للمرشدين داخليا.

- منظمة العمل الدولية.

- منظمة الصحة العاملية.

- منظمة األمم املتحدة للرتبية والعلم والثقافة.

287 وال تدخل يف إطار اهتاممنا املبارش يف هذا التقرير.

Page 101: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

100

- برنامج األمم املتحدة املشرتك املعني بنقص املناعة.

- اللجنة الدامئة املشرتكة بني الوكاالت.

- إدارة الشؤون االقتصادية واالجتامعية.

- شعبة النهوض باملرأة.

- صندوق األمم املتحدة للسكان.

- منظمة األمم املتحدة للسكان.

- منظمة األمم املتحدة للطفولة.

- صندوق األمم املتحدة االمنايئ للمرأة.

- برنامج األمم املتحدة االمنايئ.

- منظمة األمم املتحدة لألغذية والزراعة.

- برنامج األمم املتحدة للمستوطنات البرشية.

- برنامج األمم املتحدة املعنية باألعامل املتعلقة باأللغام.

تراقب هذه اللجان املختلفة يف إطار صالحياتها احرتام حقوق اإلنسان والحريات الفردية عرب آلية

التقارير الدورية التي تقدمها الدول إىل هذه الهيئات املكونة من خرباء يتميزون بالنزاهة والدراية

والخربة العالية منتخبني وميارسون عملهم بصفتهم الشخصية وتقبل 4 من هذه اللجان ادعاءات

العنرصي، لجنة مناهضة التمييز القضاء عىل اإلنسان، لجنة املعنية بحقوق اللجنة األفراد وهي:

التعذيب ولجنة القضاء عىل التمييز ضد املرأة.

العهد املنشأة مبقتىض اإلنسان املعنية بحقوق اللجنة بيان طريقة عمل نتوقف عند وسوف

الخاص بالحقوق املدنية والسياسية للتعرف عىل طرق عمل هذه اللجان الذي يتقارب يف خطوطه

الكربى.

بحقوق معنية لجنة إنشاء والسياسية عىل املدنية للحقوق الدويل العهد من 28 املادة تنص

اإلنسان. أنشئت لجنة حقوق اإلنسان سنة 1945 وحل محلها منذ 2006 مجلس حقوق اإلنسان

47 من السنة يف أسابيع عرشة جينيف مدينة يف يجتمع الذي الحكومي الهيكل هذا )يتكون

دولة عضوا يف منظمة األمم املتحدة تنتخب ملدة ثالث سنوات وال ميكن التجديد لها إال يف حدود

مرتني متتاليتني. ميثل مجلس حقوق اإلنسان منتدى يهدف إىل منع الخروقات واالعتداءات والتمييز

من اللجنة هذهالخروقات(وتتألف مبقرتيف الهشةوالتشهري الوضعيات ذوي األشخاص وحامية

Page 102: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

101

خرباء مستقلني ترشحهم الدول األطراف يف العهد ويعملون بصفتهم الشخصية أي أنهم ال ميثلون

العهد بطرق عديدة حيث تنفيذ اللجنة خالل اجتامعات منتظمة التي رشحتهم. وتراقب الدول

تقوم بفحص التقارير الدورية التي تقدمها الدول وبعد فحص تقرير كل دولة تقوم اللجنة بوضع

نحو عىل العهد تطبيق طرق بشأن املعنية للحكومة وتوصياتها ومقرتحاتها الختامية مالحظاتها

أفضل ويف حالة امتنعت الدولة عن تقديم تقريرها ميكن اللجوء إلىتقارير مقدمة من مصادر أخرى

وتستنري اللجنة بتقارير املنظامت غري الحكومية يف عملها.

وتقوم اللجنة إىل جانب ذلك بتفسري محتويات ومعاين مواد العهد من خالل »التعليقات العامة«

ويحق لها النظر يف شكوى دولة ضد أخرى عىل أن تكون الدولتان وافقتا عىل ذلك يف إعالن خاص.

وال متتلك اللجنة والية تسمح لها بأكرث من إصدار مالحظاتها وتعتمد يف سلطتها عىل التزام الدول

بالوفاء بتعهداتها غري أن القيمةاإلقناعية لها قامئة عىل فحص التقارير يف جلسات عامة وهو ما تكون

الدول عادة حساسة تجاهه.

مبقتىض الربوتوكول االختياري األول امللحق بالعهد تستطيع اللجنة تلقي »مراسالت« األفراد )أو

من ميثلهم( الذين يدعون وقوع اعتداء عىل حقوقهم وحتى تكون القضية مقبولة يجب أن ال تكون

مقدمة من مجهول وال تنتهك أيا من االجراءات وال أن تكون محل نظر يف أي من الهيئات الدولية

األخرى وأن تكون قد استنفذت كامل الوسائل املحلية وتتمتع اللجنة بصالحية لفت نظر الدولة

املعنية إىل الشكوى املقدمة وتتعهد الدولة بتقديم تفسري كتايب واقرتاح لطرق حل خالل 6 أشهر

الدولة انتظار ترصف املعني يف والشخص املعنية الدولة إىل وترسلها آراء اللجنة تتبنى ثم ومن

حيالها قبل أن تصدر اللجنة قراراتها وآراءها العلنية بشأنها.

الخاص الدويل بالعهد امللحق االختياري الربوتوكول بدخول متصل سياق يف التنويه ويجدر

رفع املجموعات و لألفراد متيحا 2013 ماي 5 يف الثقافية االجتامعيةو و االقتصادية بالحقوق

شكاواهم و مطالبهم للجنة الحقوق االقتصادية و االجتامعية و الثقافية.

اجلزء الثاني | القانون املقارن يف جمال محاية احلقوق واحلريات الفردية

تقتيض موقعة القانون التونيس للحريات الفردية ضمن اإلطار الكوين التعرض إىل القانون املقارن

يف هذا املجال واالستنارة باملنظومات القانونية األخرى املشهورة باحرتامها لهذه الحقوق. وهو ما

Page 103: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

102

سنتعرض إليه يف هذا الجزء عرب التعرف عىل إحدى املنظومات اإلقليمية األكرث اكتامال يف هذا املجال

أال وهي املنظومة األوروبية )1( قبل التوقف عىل أحد القوانني الوطنية املتطورة يف هذا املضامر

وهو القانون األملاين )2(.

I- املنظومة اإلقلميية األوروبية

باالزدواجية فهي أوروبا الفردية من ضمنها يف اإلنسان عموما والحريات تتميز حامية حقوق

ناحية اتفاقية من ناحية وحامية االتحاد من األورويب عىل مستوى االتحاد قانون يؤمنها حامية

التي أنشأتها التي توفرها االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان وامليكانيزمات الحامية أخرى وهي

وأهمها املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان.

• 1 • امحلاية عىل املستوى االحتادي

متثل الحريات الفردية إىل جانب بعض الحقوق األخرى مبادئ وقيام أساسية متثل إحدى أهم

دعائم االتحاد وتحدد إىل جانب رشوط أخرى معايري االنخراط فيه )رشط حقوق اإلنسان(. وتقوم

اإلمكانيات األشخاص ومنح القانون وكرامة وحرية احرتام االتحاد عىل لدول الدستورية األنظمة

للرفاه اإلنساين وهو ما تدعمه االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان. وساهم فقه قضاء مستقر ملحكمة

كانت التي املرحلة تجاوزت أن فبعد محتواها. وبيان الحقوق هذه تدعيم يف األوروبية العدل

تعترب فيها الحقوق األساسية مسألة دستورية وطنية تخرج بالتايل عن اختصاصها تصدت محكمة

أقرته بنفسها وهو أولوية قانون االتحاد الحقوقية باالعتامد عىل مبدإ العدل األوروبية للمسائل

عىل القوانني الوطنية. وتعترب قضية ستودرStauder )1969(نقطة انطالق لفقه قضاء املحكمة يف

هذا امليدان.وفيها أعلنت أن احرتام الحقوق والحريات األساسية يدخل ضمن املبادئ العامة لنظام

االتحاد وأنها مخولة لذلك ملراقبته.

أقامت حظر أنها اتفاقية من ذلك الحقوق والحريات عىل مقتضيات املحكمة حامية أسست

التمييز العتبارات قامئة عىل الجنسية عىل الفصل 18 من معاهدة االتحادوحظره العتبارات مؤسسة

عىل الجنس أو العرق أو الدين أو املعتقد أو اإلعاقة أو السن أو التوجه الجنيس عىل الفصل 10

تنقل الحريات األربعة األساسية يف االتحاد)حرية من معاهدة االتحادوأقامت املساواة يف ميدان

البضائع – حرية تنقل األشخاص – حرية التمركز288 وحرية تقديم الخدمات289( تباعا عىل الفصول

34 و45 و49 و57 من معاهدة االتحادكام أسست حرية املنافسة عىل الفصل 101 وما يليه من

.La liberté d’établissement 288

.La liberté de prestation de services 289

Page 104: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

103

معاهدة االتحادواملساواة يف األجر بني النساء والرجال عىل الفصل 157 من معاهدة االتحادوأقامت

حامية الرس املهني ورسية املعلومات املتعلقة باملعامالت290 عىل مقتضيات الفصل 339 من معاهدة

االتحاد.

ودعمت املحكمة هذه األسس عرب اإلحالة إىل املبادئ القانونية العامة وطبقتها باالعتامد عىل

األعراف الدستورية املشرتكة لدول االتحاد وعىل االتفاقيات الدولية الخاصة بحامية حقوق اإلنسان

هذه محتوى بتحديد للمحكمة سمحت التي اإلنسان لحقوق األوروبية االتفاقية رأسها وعىل

الحقوق ووسائل حاميتها.

وعىل هذه األسس اعتربت املحكمة عددا من الحريات الفردية )إضافة إىل حقوق أخرى( مبادئ

الحياة امللكية وحرية مامرسة األنشطة املهنية وحرمة املسكن وحرمة أساسية لالتحاد كالحق يف

الحقوق بعض إىل إضافة واملعتقد الدين وحرية االقتصادية والحرية األرسة وحامية الشخصية

اإلجرائية األساسية كالحق يف املحاكمة العادلة وما يتعلق بها من رشوط.

التي تعرض القضايا يبقى عملها محصورا يف الصدد به املحكمة يف هذا عىل أهمية ما قامت

أمامها فهي عىل هذا األساس غري قادرة عىل تكريس مبادئ يف مجاالت غري تلك التي يتيحها لها

عملها القضايئ أي غري تلك التي تثريها القضايا املعروضة أمامها فال تستطيع املحكمة ضبط مدى

وحدود حامية هذه الحقوق بصفة عامة دون أن تكون مقيدة مبعطيات القضية الواقع النظر فيها.

ويؤدي هذا الوضع إىل عدم وضوح الرؤيا للمؤسسات ولألفراد. من الحلول املقرتحة يف هذا الصدد

و التي كانت محل نقاش عميق يعترب انضامم االتحاد األورويب لالتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان

ال ميكن أنه 94/2 عدد االستشاري رأيها قد رصحت يف األوروبية العدل أن محكمة غري أهمها.

لالتحاد األورويب يف إطار القانون االتحادي املنطبق أن يقوم بذلك. فبالرغم من أن احرتام حقوق

االتفاقية سيؤدي حسب إىل االنضامم فإن األورويب االتحاد أعامل ميثل رشطا لرشعية291 اإلنسان

املحكمة إىل تغيري جذري يف نظام االتحاد الحايل مبا أنه سيؤدي إىل دمج االتحاد األورويب يف نظام

مؤسسايت دويل منفصل ودمج االتفاقية يف النظام القانوين لالتحاد. ستؤدي مثل هذه االستتباعات

املؤسساتية حسب املحكمة دوما إىل اشكاليات دستورية تتجاوز نطاق الفصل 352 من معاهدة

االتحاد. وبالتايل يبقى عمل املحكمة يف أخذها باالعتبار ملقتضيات اتفاقية حقوق اإلنسان وتطبيقها

لها بصورة مبارشة يف النظام االتحادي الوسيلة املثىل لدمج هذين القانونني.

االتحادي والنظام االتفاقي النظام بني التقريب إضافية يف رصح لبنة لشبونة قدمت معاهدة

.Le secret des affaires 290

.La légalité 291

Page 105: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

104

بالفصل املضمنة اإلحالة فعرب االتحاد. داخل اإلنسان حقوق لحامية جديد ألساس إرسائها عرب

الجديد املتعلق بالحقوق األساسية يف اتفاقية االتحاداألورويب292أصبح عهد الحقوق األساسية لالتحاد

ا كانت تعمل يف إطار القانون االتحادي. األورويب293 ملزما ملؤسسات االتحاد وللدول األعضاء طاملر

يف إطار املشاورات إلعداد دستور اتحادي وقع تنقيح هذا العهد وإقحامه يف االتفاقية الدستورية

لـ29 أكتوبر 2004. بعد فشل الصريورة الدستورية وقع االعرتاف ثانية بالعهد كعمل قانوين مستقل

االتحاد اتفاقية ملزمة بصورة تحيل العهد من األخرية الصيغة هذه وإىل .2007 سبتمرب 12 يف

األورويب. وعليه فقد أضحى العهد أساسا قانونيا لحقوق اإلنسان يف املنظومة االتحادية يحدد مجال

وبولونيا املتحدة اململكة عدا ما الدول لجميع بالنسبة اإللزامية الصبغة عليها ويضفي انطباقها

السابق من فقه قضاء العهد بل كام يف التزامهام بحقوق اإلنسان ال ينبع من أن اللذان يعتربان

محكمة العدل األوروبية.

• 2 • امحلاية عىل املستوى االتفايق

هي الحامية التي متنحها االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان وهي حامية تتميز بفلسفة مخصوصة يف ضامن هذه الحقوق وبآليات متطورة لتحقيق ذلك.

2-1 فلسفة مضان احلقوق

عىل عكس العهد اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب )27 جوان 1981( والعهد العريب لحقوق

اإلنسان )4 نوفمرب 1950(تعنى االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان خصوصا بحقوق اإلنسان الفرد

)ال حقوق الجامعة( وبالحقوق الحريات خاصة ضمن هذه الحقوق )ال الحقوق الدين(، فالحقوق

التي تكرسها هذه االتفاقية هي باألساس حقوقدفاعيةللفرد يف مواجهة السلطة بقطع النظر عن

املعطى الجامعي فال هي حقوقالشعوب وال حقوق األقليات وحتى الحقوق التي تكون مامرستها

جامعية كالحرية النقابية والحرية الجمعياتية فزاوية نظر االتفاقية لها تظل زاوية فردية تسبق ما

يف هذه الحقوق ذات املامرسة الجامعية من عالقة بنامء الفرد ورفاهه.

متثل االتفاقية عىل حد تعبري املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان294: »آلية دستورية تحدد النظام

قيام باعتبارها األساسية الحقوق »أسبقية فكرة عن تعرب ذلك عىل بناء وهي األورويب« العام

اجتامعية عىل الدولة«295.

غري أن هذا ال ينفي قيام املنظومة االتفاقية األوروبية لحامية حقوق اإلنسان عىل املوازنة بني

292 فصل 6.

.La Charte des droits fondamentaux de l’Union européenne, Nice, 7/12/2000 293

.Loizidou c./ Turquie, 23 mars 1995 ()n°310( 294

.295GREWE )C.( et RUIZ-FABRI )H.(, Droits constitutionnels européens, Paris, PUF, Coll. » Droit fondamental «, 1995

Page 106: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

105

سيادة الدول وتفعيل امليكانيزماتالحامئية بأكرب قدر ممكن وقد أجابت االتفاقية عن هذا الهاجس

الدائم عرب مبادئ عديدة متثل خصائص املنظومة الحامئية ومتكن دراستها وإن بصورة رسيعة من

الوقوف عىل طريقة حل هذه املعضلة كام تصورها األوروبيون.

تقوم هذه املنظومة عىل مبدإ الفاعلية من ناحية وعىل مبدإ التوازن من ناحية أخرى.

أما الفاعلية فإنها تتحقق عرب ستة مبادئ:

-1 رفض رشط املعاملة باملثل: ال ميكن أن تحتج الدول بعدم احرتام إحدى الدول األطراف

اللتزاماتها حتى تتالىف تطبيق مقتضيات االتفاقية.

-2 الطبيعة املوضوعية لالتفاقية296: ترجع هذه الحقوق لألفراد بغض النظر عن تكريسها يف

االتفاقية التي ال توجدها بل تكتفي مبعاينة وجودها وهو ما يجعل االتفاقية »آلية من

آليات النظام العام األورويب لحامية الذوات البرشية« عىل حد تعبري القايض األورويب يف

قرار لوازيدوLoizidou الصادر يف 23 مارس 1995. وكنتيجة مبارشة للطبيعة املوضوعية

لالتفاقية ميكن املبدأ الثالث وهو

-3 مبدأ األثر املبارش لالتفاقية من إثارة نص االتفاقية مبارشة إذ تعترب املحكمة األوروبية أن

مقتضيات املعاهدة تطبق مبارشة من قبل القايض الوطني والقايض الدويل وال تحتاج ألية

مقتضيات خاصة تقحمها يف القانون الداخيل وهو ما كرسه فقه القضاء الوطني ألغلب

الدول األطراف يف االتفاقية.

كرس فقه القضاء املحكمة األوروبية

-4 مبدأ أسبقية االتفاقية عىل القوانني الداخلية سواء كانت سابقة أو الحقة لها. ال يعني

هذا املبدأ حلول املقتضيات االتفاقية محل املقتضيات الوطنية كام هو الحال بالنسبة

للنصوص االتحادية إذ تتمتع الدول دامئا بهامش من التقدير يف أخذ أحكام االتفاقية بعني

االعتبار يف قوانينها الداخلية تحت رقابة املحكمة األوروبية. إال أن مبدأ األسبقية ال مينع

الدول من التنصيص عىل أحكام أكرث حامئية من تلك التي جاءت بها االتفاقية والتي تبقى

تبعا لذلك ضامنات دنيا ميكن تطويرها عىل املستوى الفردي.

-5 مبدأ التقايض الفردي: بالرغم من اعتامد النظام االتفاقي عىل إمكانية التقايض املزدوجة

املفتوحة يف آن واحد للدول ولألفراد فلقد اكتسب التقايض الفردي مبرور الوقت أهمية

.Le caractère objectif de la Convention 296

Page 107: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

106

ألغى الذي 11297 عدد الربوتوكول عرب املحكمة أمام مبارشة فتحه بعد خاصة كربى

لجنة حقوق اإلنسان التي كانت تضطلع مبهمة فرز الدعاوي الفردية وألغى مبدأ القبول

لهذه املسبق الدولة بقبول مرتبطا الدعاوي يف املحكمة يجعلنظر الذي االختياري298

اإلمكانية.ومع عدم وجود رشط متعلق بالجنسية لقبول الدعاوي الفردية وتوسع مفهوم

الضحية عىل معنى االتفاقية أحذت الدعاوي الفردية تتزايد بشكل ملفت299 ودون أن

تصبح دعوى شعبية300-301 اكتسبت الدعاوي الفردية أمام املحكمة األوروبية شيئا فشيئا

صبغة الدفاع عن املصلحة العامة302.

تدعيم إىل البدء منذ األورويب القايض سعى االتفاقية: ألحكام املتطور التأويل مبدأ 6-

الحقوق والحريات عرب تكريس الطريقة الغائية303يف تأويل أحكام االتفاقية304. ودعمها

بالبحث الدؤوب عام يسميه الفقه بـ«التأويل الوفاقي« الذي يسعى عرب االعتامد عىل

املبادئ القانونية املشرتكة بني الدول األطراف إىل الخروج بأحكام املحكمة من صبغتها

النزاعية الضيقة إىل جعلها آلية لوضع تعريفات »أوروبية« لكل حق تتعرض إليه فتتجاوز

تعريفاته الداخلية وهو ما من شأنه أن يعطيه فعالية أكرب ودميومة عىل مستوى التطبيق.

يف مقابل هذه املبادئ املكرسة لفكرة الفاعلية تدافع مبادئ أخرى عن فكرة التوازن.

وتتحقق فكرة التوازن عرب أربعة مبادئ هي:

-1 مبدأ الدور التكمييل للمنظومة األوروبية:كرس القايض األورويب هذا املبدأ منذ 1976305.

فال ميكن اللجوء إىل القضاء األورويب إال بعد استيفاء مختلف مراحل التقايض الداخيل

وهو رشط من رشوط قبولية الدعوى أمام املحكمة األوروبية.

-2 حرية الدول يف اختيار طرق تطبيق التزاماتها االتفاقية: وهو ما يسمح للدول باملواءمة

بني مقتضيات نظامها الداخيل ومقتضيات االتفاقية األوروبية. وعليه فإن أحكام املحكمة

لها طبيعة تقريرية306 فهي تكتفي مبعاينة الخرق وترتك للدولة الحرية يف اختيار الطرق

297 دخل حيز التنفيذ يف 1 نوفمرب 1998.

.La clause facultative 298

299 أكرث من 4000 دعوى سنويا )سنة 2007(.

.Actiopopularis 300

301 ذلك أن رشط أن القائم بالدعوى يجب أن تكون له مصلحة شخصية ال يزال قامئا.

.FAVOREU )L.( et al.,Droit des libertés fondamentales, Paris, Précis Dalloz, 3eed., 2005, p. 375 302

.L’interprétation téléologique 303

.Arrêt Wemhoff c./ RFA, 27 juin 1968, n°7 304

.Handyside c./ Royaume-Uni, 7/12/1976 n°24 305

.Une nature déclaratoire 306

Page 108: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

107

الكفيلة بتالفيه وإصالح الوضعية307. ويف التسعينات من القرن املايض أصبحت املحكمة

تتدخل يف مراقبة اختيارات الدولة لتنفيذ أحكامها مام جعلها تضطلع بدور أكرب يف تفعيل

احرتام حقوق اإلنسان308.

-3 حق الدول يف التحفظ عىل بعض مقتضيات االتفاقية دون املساس بجوهرها.

الحريات من التحديد يف الحق بهذا الدول تحتفظ الحقوق: من الحد يف الدول حق 4-

برشط أن يكون هذا التحديد قانونيا يهدف إىل تحقيق هدف رشعي ورضوري يف إطار

»مجتمع دميقراطي« وتعرف املحكمة هذا املصطلح عرب عنارص هي »التعددية، التسامح

واالنفتاح«309. ويف الحاالت االستثنائية كالحرب أو الخطر املهدد لكيان األمة ميكن للدول

الوضعية دون أن التي تقتضيها الحدود الحريات يف تتخذ إجراءات تحد من هذه أن

تكون هذه التحديدات متعارضة مع التزامات الدولة مبقتىض القانون الدويل. وتشرتط

األمة« ال يهدد حياة لوجود »خطر نظرا التحديدات رضورية تكون هذه أن املحكمة

مجرد رضورة مرتبطة باملصلحة العامة. كام تشرتط فيها صبغة الرضورة القصوى فال ميكن

أي وسيلة أخرى وأخريا يجب أن ال انعدام إال من خاللها مع الحفاظ عىل كيان األمة

تتعارض هذه التحديدات مع التزامات الدولة مبقتىض القانون الدويل310.

والحريات الحقوق عىل برتكيزها أوال إذن اإلنسان حقوق لحامية األوروبية املنظومة تتميز

يف للدول املخصص«311 لـ«ـلمجال إىل حد النفي عىل القامئة االندماجية بصبغتها وثانيا الفردية

عالقتها مبواطنيها إال أن أهم ما مييز هذه املنظومة هي أنها كانت أوىل املنظومات التي أقرت حامية

قضائية إقليمية لهذه الحقوق وميكن القول إنها الحامية األكرث فعالية إذا ما قارناها مبختلف بقاع

العامل.

2-2 آلية مضان احلقوق : احملمكة األوروبية حلقوق اإلنسان

تتميز املحكمة األوروبية بقدرتها عىل التأثرييف األنظمة الداخلية للدول وهي قدرة ناتجة عن

متتد املحكمة من قضاة تتكون مبارشة312. أمامها الفردية الدعاوي قبولية االجبارية وعن واليتها

واليتهم لتسع سنوات غري قابلة للتجديد313 وهو ما يدعم استقالليتهم. كام تدعم هذه االستقاللية

.Marckx c./ Belgique, 13 juin 1979 n°31 307

.Vermeire, 29 novembre 1991 308

.Handyside, 1976 309

.Lawlessc./ République d’Irlande, 1/7/1961 n°3 310

.Le domaine réservé 311

312 بعد إلغاء لجنة حقوق اإلنسان سنة 1998.

313 الربوتوكول 14.

Page 109: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

108

مامرسة هؤالء القضاة لوظائفهم بصفتهم الشخصية ومتتعهم باالمتيازات والحصانات الالزمة ألداء

طيلة وحيادهم استقالليتهم مع رشط تتعارض نشاطات مامرسة من منعهم إىل إضافة مهامهم

واليتهم.

متارس املحكمة اختصاصا استشاريا محدودا وهي متارس خصوصا اختصاصا نزاعيا واسعا متكنها

منه الدعاوي الدولية والدعاوي الفردية التي سبق وأن أكدنا عىل أهميتها وتصدر املحكمة أحكاما

نهائية وملزمة للدول من حيث املبدإ فال يبقى لهذه األخرية إال حرية البحث عن الوسائل املثىل

لتطبيقها تحت رقابة مجلس الوزراء خاصة.

وقد أدى عمل املحكمة منذ 1959 إىل تدعيم النظام القانوين الخاص بالحريات الفردية كالحق

يف الحياة واحرتام الحرمة الجسدية لألفراد الذي اتخذ إثر تدخل القايض األورويب وجوها مختلفة

ومتنوعة ومحتوى متجددا من قضية إىل أخرى ودأبت املحكمة عىل اعتباره حقا مطلقا ال يتعرض

للتحديد إال العتبارات استثنائية قصوى. وينطبق التعريف الواسع الذي تعطيه املحكمة األوروبية

ملختلف الحريات الفردية عىل حرية التنقل كذلك فهي حرية مطلقة ال تتعرض إال إىل تحديدات

بسيطة مرتبطة أساسا بكون األفراد من أصحاب الجنسيات األوروبية أو من الغرباء الذين يحميهم

من كان إذا عنوة بلدانهم إىل واإلرجاع الجامعية الرتحيل إجراءات من خاصة األورويب القانون

شأن هذا اإلرجاع أن يعرضهم للخطر. وتعرف الحياة الشخصية يف املنظومة األوروبية بشكل واسع

أيضا يتجاوز التعريفات التي متنحها إياها دساتري الدول وتقرتب بشكل الفت إىل تعريفها من قبل

املحكمة العليا األمريكية. أما الحقوق والحريات الفكرية فإنها ال تخضع إىل تحديد إال متى أملته

ذلك رضورات النظام العام و هي رضورات وقع تأويلها بشكل ضيق.

يتجه عىل إثر عرض القانون اإلقليمي األورويب يف مجال حقوق اإلنسان استعراض مميزات أحد

القوانني الوطنية املتميزة يف هذا املضامر وهو القانون األملاين. ويربر اختيارنا لهذين املثالني كام بينا

وسنبني اهتاممهام الكبري بالحقوق والحريات الفردية موضوع هذا التقرير.

II- القانون األملاين

ينص الفصل 1 من القانون األسايس األملاين314 املؤرخ يف 23 ماي 1949 عىل أن »الشعب األماين

يعرتف لإلنسان بحقوق غري قابلة للمساس بها315 وغري قابلة للتحديد منها316 باعتبارها أساس كل

تجمع برشي وأساس السلم والعدل يف العامل«. وعىل خلفية هذا الفصل، يقر الفقه يف هذا البلد317

.La loi fondamentale allemande 314

.Inviolables 315

.Inaliénables 316

MATHIEU )B.( et VEPREAUX )M.(, Contentieux constitutionnel des droits fondamentaux, L.G.D.J., Paris,: 317 انظر

.2002, p. 9

Page 110: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

109

أن »الحقوق األساسية... تعرب ]يف هذا البلد[ عن أحد األسس التي عليها يجب أن تنبني السلطة

وأن تعتمد«.

ينص القانون األسايس األملاين عىل هذه »الحقوق األساسية« يف جزئه األول املمتد من الفصل األول

إىل الفصل 19 وهي تضم إىل جانب بعض الحقوق الجامعية كحق التجمع والحق الجمعيايت وحق

تأسيس الرشكات والحق النقايب وأحد الحقوق الضامنات كحق التظلم318 والحق يف الجنسية :احرتام

الكرامة البرشية، الحق يف تنمية الشخصية الفردية، الحق يف الحياة والحرمة الجسدية، املساواة أمام

القانون وحظر التمييز، حرية املعتقد والضمري وحرية اآلراء الدينية والفلسفية، الحرية اإلبداعية

وحرية البحث والتعليم، حامية الدولة للزواج ولألرسة، حرية اختيار املهنة وحظر العمل اإلجباري،

رسية املراسالت واالتصاالت، حرية التنقل، حرمة املسكن، ضامن امللكية والحق يف اإلرث، الحامية

من اإلبعاد عن الوطن والنفي وحق اللجوء السيايس.

االقتصادية الحقوق عىل تحتوي ال األساسية الحقوق هذه قامئة أن باملالحظة الجدير ومن

واالجتامعية.

ويركز والسياسية املدنية والحريات بالحقوق مرتبط البلد األساسية يف هذا الحقوق فتعريف

تركيزا خاصا عىل الحقوق الفردية من ضمنها فليست الحقوق االقتصادية واالجتامعية إذن حقوقا

أساسية يف هذا البلد. بيد أن القانون األسايس ال يغفلها متاما إذ يحتوي عىل توجيهات للربملان حتى

يكرس هذه الحقوق يف ترشيعات خاصة319.

تنطبق جملة هذه الحقوق األساسية عىل الذوات الطبيعية وعىل الذوات املعنوية عىل حد سواء

الذوات األساسية عىل الحقوق يقول: »تطبق الفصل 19 فقرة 3 عىل ذلك رصاحة حني ينص إذ

املعنوية الوطنية عندما تكونطبيعتها تسمح بذلك«.

تتمتع الحقوق األساسية بحامية مدعمة:

أن األحوال« حال من »بأي ال ميكنه أنه الحقوق غري أحد هذه القانون ينظم أن إذ ميكن -

ميس320 بـ«جوهر هذا الحق«321. ونصادف نفس هذا التنصيص الحاميئ يف الفصل 53 فقرة 1 من

الدستور اإلسباين ) 27 ديسمرب 1978( والفصل 36 فقرة 4 من الدستور االتحادي السويرسي )18

أفريل1999(.

.Le droit de pétition 318

.WEBER )A.(, » L’Etat social et les droits sociaux en RFA «, R.F.D.C., 1995, pp. 677-693 319

.Porter atteinte 320

321 الفصل 19 فقرة 2.

Page 111: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

110

- »التقايض مفتوح أمام أي شخص يجد نفسه يف وضعية اعتداء عىل حقوقه من طرف السلطة

العامة«322 فهذه الحقوق محمية تجاه أعامل السلطة العامة عرب التقايض الدستوري الفردي323 أمام

املحكمة الدستورية الفدرالية324 وهو حق ممنوح كذلك لحامية حقوق أخرى إضافة إىل الحقوق

والحق العمومية325 الوظائف إىل الدخول يف كالحق 19 إىل 1 من الفصول يف عليها املنصوص

الجنائية القوانني االنتخابات326 والحق يف املحاكمة وحظر املحاكم االستثنائية327 وعدم رجعية يف

وقاعدة عدم ازدواجية العقاب عن فعلة واحدة328329وما يسمى بالحق يف األمان330.

- مينع الفصل 79 فقرة 3 من القانون األسايس كل تعديل دستوري ميس من: »التنظيم الفدرايل

ومبدإ مشاركة الالندات يف الترشيع واملبادئ املنصوص عليها يف الفصول 1 و20 ]بنفس القانون[«.

املحكمة وتجعل خالدة331 وتجعلها التعديل من األساسية الحقوق املقتضيات هذه تحصن

الدستورية الفدرالية إضافة إىل ذلك مؤهلة ملراقبة دستورية كل تعديل دستوري للمبادئ األساسية

للتنظيم الفدرايل وكذلك ملبادئ كرامة الذات البرشية وحقوق اإلنسان ودولة القانون وبهذا املعنى

تغدو الحقوق األساسية معيارا للدستورية.

إىل والدميقراطي الليربايل الدستوري النظام ضد الحقوق هذه استعامل يف التعسف يؤدي -

حرمان الشخص من حقوقه األساسية تلك. وتقرر املحكمة الدستورية الفدرالية هذا الحرمان وتحدد

مداه332.

ميكن هذا االستعراض الرسيع ملقتضيات القانون األسايس األملاين من استخالص النتائج التالية:

أوال، املكانة املركزية املمنوحة للفرد وللحقوق الذاتية مام يجعل وجود الدولة وأعاملها منذورة

لتحقيق رفاه اإلنسان ومصلحته والحفاظ عىل كرامته وتحدد هذه األهداف معنى املصلحة العامة

الذي تعمل يف ظله اإلدارة والدولة عموما. وقد كرس فقه قضاء املحكمة الدستورية الفدرالية هذه

املعاين.

322 الفصل 19 فقرة 4.

.Le recours constitutionnel individuel/Verfassungsbeschwerde 323

324 الفصل 93.

325 الفصل 33.

326 الفصل 38.

327 الفصل 101.

.Ne bis in idem 328

329 الفصل 103

.Habeas corpus 330

.Une clause d’éternité 331

332 الفصل 18.

Page 112: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

111

ثانيا، تتمثل هذه الحقوق يف امتيازات ممنوحة للفرد يف مواجهة الدولة والدفاع عن مصالحه

حيالها حامية لفردانيته وملجاله الخاص فكام ورد يف قرار لوث Loth333: »]إن هذه الحقوق[ معدة

لحامية نطاق حرية الفرد ضد تدخالت السلطة العامة فهي حقوق دفاعية للمواطن يف مواجهة

الحقوق ناتجة عن للدولة إيجابية التزامات بوجود الدستوري القايض يقر الدولة«. وبحذر كبري

األساسية حتى يتوفر اإلطار الرضوري ملامرسة الحقوق املعنية كتلك املتعلقة بحامية األرسة.

ثالثا، إضافة إىل آثارها العمودية )العالقة بني السلطة العمودية واألفراد( تنتج الحقوق األساسية

بأكمله وتجب القانوين النظام تخرتق فهي حقوق األفراد. بني العالقات تنطبق يف أفقية334 آثارا

مراعاتها يف مواد القانون العام ويف مواد القانون الخاص عىل حد سواء.

رابعا وأخريا، متثل الحقوق األساسية نظاما قيميا متميزا فهي حقوق موضوعية335كام جاء يف قرار

لوث ويف قرار ستريليتزSterletzوكسلرKesslerوكرنزKrenz يف 24 أكتوبر 1996 إذ تعترب املحكمة

أن الحقوق األساسية هي عنرص من عنارص قراءة وتأويل كل القواعد القانونية ذلك أن الدستور

»يعرب عن نظام موضوعي من القيم مفروض كاختيار جوهري عىل جميع فروع القانون« وهو ما

يجعل هذه الحقوق منتمية إىل نظام فوق-قانوين إن مل نقل طبيعيا.

اجلزء الثالث | احلريات الفردية يف القانون التونيس

يقتيض البحث يف الحريات الفردية التعرض إىل طبيعة هذه الحريات يف القانون التونيس )I( قبل

.)II( املرور إىل استعراض مضمون كل حرية من هذه الحريات

I- طبيعة احلريات الفردية يف القانون التونيس

يتميز القانون التونيس بتكريسه للحريات الفردية يف إطار فهم حقوقي كوين يؤكد عىل خصوصيات

هذا الصنف من الحقوق )1( ويؤسسها عىل مبادئ أصيلة متجذرة يف املنظومة القانونية منذ بداية

تشكلها الحديث )2(.

• 1 • خصوصيات احلريات الفردية )وحقوق اإلنسان معوما( يف القانون

التونيس

أقرها مميزة بسامت الخصوص وجه عىل الفردية والحريات عموما اإلنسان حقوق تختص

333 املحكمة الفدرالية األملانية 1958.

.La théorie de la Drittwirkung 334

.Des droits objectifs 335

Page 113: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

112

واعتبارها حقوقا اإلنسانية بالذات الحريات تعلق هذه بعيدة وهي التونيس منذ عهود القانون

طبيعية إضافة إىل صبغتها الكونية ومداها الشمويل.

1-1 تعلقها بالذات اإلنسانية

الفردية بوصف اإلنسانية وال تتأثر بغريه من األوصاف ولقد تشكل الوعي يف تتعلق الحريات

تونس بهذه الحقيقة منذ وقت مبكر فقد نصت املادة الثالثة من عهد األمان املؤرخ يف 10 سبتمرب

1857 عىل »التسوية بني املسلم وغريه من سكان اإليالة يف استحقاق اإلنصاف ألن استحقاقه لذلك

بوصف اإلنسانية ال بغريه من األوصاف...«.

ما وهو املقتضيات من بغريها ال اإلنسانية مبقتىض والحريات الحقوق بهذه يتمتع فاإلنسان

لإلنسان متنح والتي وتجذره، الدين خصوصا قدم والتجذر، القدم يف موغلة تصورات مع يقطع

حقوقا متاميزة العتبارات تتعلق بانتامئه إىل الدين الذي ينص عىل هذه الحقوق أو عدم انتامئه له

أو داخل نفس الديانة إىل أصناف دون أخرى )األحرار/العبيد – النساء/الرجال...( ويدخل القانون

التونيس منذ بداية تشكله الحديث يف منظومة حقوق اإلنسان املعارصة التي تعرتف لإلنسان بحقوق

وحريات هي نتيجة وجوده اإلنساين وليست نتيجة ألي وضعية اجتامعية يجد نفسه ضمنها.

انطالقا من هذا الفهم اآلنيس336ملنظومة حقوق اإلنسان يكرس القانون التونيس حقوق اإلنسان

والحريات الفردية باعتبارها حريات طبيعية.

1-2 اعتبارها حقوقا طبيعية

ظلت هذه الخاصية من الخصائص التي يؤكد عليها فقهاء القانون يف تونس دون أن يجدوا لها

أساسا يف القانون الوضعي إىل أن صدر حكم استعجايل ملحكمة االستئناف بتونس يف 5 فيفري 2013.

وقد جاء هذا الحكم يف سياق خاص هو سياق تعليق العمل بدستور 1 جوان 1959. إذ تم هذا

التعليق بعد 14 جانفي 2011 عىل مرحلتني: أوال، مبقتىض املرسوم عدد 14 لسنة 2011 املؤرخ يف 23

مارس 2011 القايض بصدور التنظيم املؤقت للسلط العمومية الذي أقر بأنه قد “صار من املتعذر

التأسييس ملهامه الوطني املجلس انتخاب ومبارشة بعد الدستور” وثانيا، الكامل ألحكام التطبيق

ومبادرته بإصدار القانون التأسييس عدد 6 الذي أقر رصاحة “ما تم من تعليق العمل بدستور األول

من جوان 1959 ويقرر إنهاء العمل به بصدور هذا القانون التأسييس”.

وجد القايض التونيس نفسه يف ظل غياب مرجعية عليا للحقوق والحريات )باعتبار أن التنظيم

اسرتجاع بطلب متعلقة قضية أمام والحريات( الحقوق عىل ينص ال الدولة يف للسلط املؤقت

.Humaniste 336

Page 114: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

113

برفض بتونس االبتدائية املحكمة فيها حكمت بحجزها قامت رحالت رشكة من سفر جوازات

املستأنف بإلزام والقضاء االبتدايئ الحكم االستئناف شكال ونقض بقبول استئنافيا املطلب فحكم

القايض بقوله: الرحالت” بإرجاع جوازات سفر املستأنفني. ويف حيثية جريئة صدح “رشكة ضدها

الفصل 10 من دستور 1 جوان التنقل مبوجب السفر هو من مستلزمات حرية إن جواز “حيث

1959 الذي يبقى نافذا يف أحكامه الضامنة للحقوق والحريات األساسية لكونها غري قابلة بطبيعتها

لإللغاء، ومبوجب الفصل 12 من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية...”.

ومن الواضح أن القايض الذي كان ميكنه االكتفاء بتأسيس حكمه عىل الفصل 12 من العهد الدويل

يف ضوء ما جاء يف قانون 14 ماي 1975 املتعلق بجوازات ووثائق السفر قد سعى إىل تأسيس حكمه

عىل دستور 1959 املعلق ودون الخوض يف املسألة الخالفية املتعلقة مبدى وموضوع إنهاء العمل

بدستور 1959 مبعنى تحديد إنهاء العمل به يف ما يخص تنظيم السلط العمومية فحسب باعتبار

أن التنظيم املؤقت للسلط مل يتعرض إال لهذه األحكام ومل ينص عىل الحقوق والحريات أو اعتبار

اإلنهاء شامال لكل مقتضيات دستور 1959، أقر القايض بأن أحكام دستور 1959 تبقى نافذة وهي

“غري قابلة بطبيعتها لإللغاء”.

ويكون بذلك القايض قد كرس عىل األقل ثالث أفكار أساسية بعبارة واحدة وهي أنه:

أن إلغاء أقر أوال نفاذ دستور 1959 يف أحكامه الضامنة للحقوق والحريات وهو ما يعني قد

دستور ما ليس إال إلغاء شكليا لنصه ال يلغي محتواه الذي ال يتعارض مع التنظيم املؤقت للسلط.

قد قرر ثانيا عدم قابلية األحكام املتعلقة بالحقوق والحريات لإللغاء بطبيعتها وهو ما يجعلها

حقوقا طبيعية تكتفي النصوص بإثباتها وال تضعها وضعا. يف هذه النظرة تواصل مع فقه قضاء ثابت

للمحكمة اإلدارية يعترب أن “األصل الحرية وأن التضييق منها هو اإلستثناء”337 وبالتايل فال ميكن

إلغاء ما هو أصل يف األشياء.

ويؤدي هذا الفهم إىل جعل أحكام الحقوق والحريات أحكاما فوق دستورية ال تتأثر بعدم وجود

دستور أو بعدم التنصيص عليها صلب الدساتري وهي الفكرة الثالثة.

مرشوع مسودة يف دستورية فوق مقتضيات باعتبارها والحريات الحقوق فكرة وردت وقد

الثامن املتعلق الباب لـ 14 ديسمرب 2012 يف الفصل 148 من الثانية الدستور الحايل يف نسختها

بتعديل الدستور حيث يعترب املرشع الدستوري بعض األحكام فوق دستورية وغري قابلة للتعديل.

وبغض النظر عن الجدل الذي أثاره هذا الفصل من حيث نجاعته التقنية ومن حيث قامئة املواد

337 تس، عدد 3879 يف 14 مارس 1995 رشكة كريشان وأبناؤه / رئيس بلدية القرصين )غري منشور(.

Page 115: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

114

التي يحصنها ضد التعديل فإن هذا الفصل قد أقر رصاحة املرتبة فوق الدستورية للحقوق والحريات

ينال من... مكتسبات حقوق اإلنسان وحرياته املضمونة يف هذا بقوله: »ال ميكن ألي تعديل أن

الدستور«338. وقد وقع االحتفاظ بهذا الفصل يف مسودة الدستور الثالثة الصادرة بتاريخ 22 أفريل 2013 تحت ترقيم جديد )136(.339

1-3 خاصية الكونية

أقر دستور 1959 عند تنقيحه بالقانون الدستوري عدد 51 لسنة 2002 املؤرخ يف 1 جوان 2002

األساسية الحريات التونسية الجمهورية منه: »تضمن الخامس الفصل اإلنسان يف بكونية حقوق

وحقوق اإلنسان يف كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها«. وتعني كونية حقوق اإلنسان ارتكازها

عىل املرجعية الحقوقية من ناحية وترابطها وتكاملها يف ما بينها من ناحية أخرى.

ومن الرضوري اإلشارة يف هذا الصدد إىل أنه من املؤسف مالحظة غياب التنصيص عىل

هذه الخاصية يف مسودة الدستور الجديد الثانية التي غابر عن مقتضياتها التنصيص عىل املرجعية

الرتابط لخاصية ومغفال متفاوتا إقرارا والحريات الحقوق من ملجموعة إقرارها وجاء الحقوقية

والتكامل بينها.

حقوق »منظومة عىل تنصيص أي من إذن خالية الثانية نسختها يف الدستور مسودة جاءت

الحقوق يفقد أن اإلغفال هذا شأن ومن وترابطها«. وتكاملها وشموليتها كونيتها يف اإلنسان

والحريات املرجعية الحقوقية الواضحة واملتعارف عليها دوليا. وقد اتسم عمل املرشع الدستوري

يف هذا املجال بالحذر من مرجعيات حقوق اإلنسان الدولية وهو ما يربز يف املادة 15 من املسودة

الدستور«. فعرب أحكام »يتعارض مع ما إال يف الدولية املعاهدات احرتام تنص عىل وجوب التي

هذا التنصيص يفتح الفصل 15 اإلمكانية أمام تراجع الدولة التونسية عن تطبيق معاهدات دولية

قد صادقت عليها من قبل وقد تعتمد السلط العمومية يف ذلك عىل مرجعيات أخرى كاملرجعيات

متتالية يف مناسبات املرجعية يف خمس إىل هذه اإلشارة تكرر مع مرجحا يبدو ما الدينية وهو

التوطئة.

اإلنسان عمد الكونية لحقوق املرجعية التنصيص عىل الحقوقية برضورة وأمام تعايل األصوات

املرشع الدستوري إىل القيام بذلك فأقحم التنصيص عىل كونية حقوق اإلنسان يف توطئة مرشوع

الدستور املؤرخ يف 22 أفريل 2013. غري أن هذا التنصيص بقي مجاورا للتنصيصات السابقة املتعلقة

والحريات للحقوق الضامنة أحكام دستور1 جوان 1959 بتونس، االستئناف الربتاجي »حسب محكمة ابراهيم الحكم: انظر حول هذا 338

األساسية مازالت نافذة«جريدة الصباح 6 مارس 2013 ووحيد الفرشييش »الحقوق والحريات األساسية غري قابلة بطبيعتها لإللغاء » مجلة

legal-agenda.com 2013 املفكرة القانونية العدد الثامن نيسان

339 انظر امللحق.

Page 116: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

115

باملرجعية الدينية مام يطرح إشكال املالءمة بني املرجعية الكونية من ناحية واملرجعيات الثقافية

الخاصة من ناحية أخرى باعتباره قد أضحى إشكاال جوهريا يطرحه نص التوطئة نفسه الذي جاءت

صياغته متناقضة إذ أنه ينص عىل »مبادئ حقوق اإلنسان الكونية مبا ينسجم مع الخصوصيات

الثقافية للشعب التونيس«. ويف هذا التنصيص نفي للكونية باعتبارها غري قادرة عىل الصمود أمام

الخصوصية الثقافية مبا يجعلها أقل درجة منها ويفتح الباب أمام الحكومات اآلتية ملراجعة التزامات كونية عىل ضوء هذه الخصوصية التي ال ميكن بأي حال من األحوال تعريفها.340

بالتوازي مع هذا تضمنت مسودة الدستور، سواء نسختها الثانية أو الثالثة، تنصيصا عىل أغلب

الحقوق والحريات من جميع أجيال حقوق اإلنسان غري أن إقرارها لهذه الحقوق مل يكن مستجيبا

دامئا ملقتضيات املقاربة الكونية باعتبار أن اإلقرار قد جاء متفاوتا وغري مكرس لفكرة الرتابط بني

التدخل ضبط يقع أن دون القوانني عرب منها الحد إىل اإلمكانية فتح إىل إضافة الحقوق هذه

الترشيعي بضوابط موضوعية. ويف حالة ضبطه باعتبارات معينة وهي حاالت نادرة جاءت هذه

ال والحريات الحقوق عىل للتعدي املرشع قبل من استغاللها ميكن وضبابية مطاطة الضوابط

لتحديدها قصد ضامنها. وقد دعى فقهاء القانون إىل إلغاء هذا الحد الترشيعي املثبت قبالة كل

حق عىل حدة وتعويضه بفصل وحيد يقر بأن الحرية هي األصل وال يحد منها إال استثناء مبوجب

قانون أسايس يتخذ للرضورة التي يقتضيها مجتمع دميقراطي وباحرتام مبدإ التناسب. ويف غياب مثل

هذا التنصيص تبقى الحقوق مهددة بتعلة تنظيمها عن طريق التدخل الترشيعي الذي ال تحدده ضوابط موضوعية وهي ضوابط أثبتت نجاعتها يف األنظمة املقارنة.341

4-1- خاصية الشمولية

»تضمن الجمهورية التونسية الحريات األساسية وحقوق اإلنسان يف كونيتها وشموليتها...« كام

جاء يف دستور 1959.

يبدو هذا املبدأ ثابتا يف املنظومة القانونية التونسية إال أنه البد من اإلشارة إىل أن هذا املبدأ كان

قد شهد بعض التطويع الذي أىت متامشيا مع روح حقوق اإلنسان أحيانا ومخالفا لها أحيانا أخرى.

بخصوص 23-6-2005 بتاريخ الصادر 34-2005 عدد الرأي يف الدستوري املجلس أقر فلقد

مع توافق يف وحاميتهم342 إلعاقة الحاملني باألشخاص بالنهوض يتعلق توجيهي قانون مرشوع

ملبدإ استثناء األفراد بني اإليجايب التمييز تجيز الحقوق أن شمولية هذه اإلنسان فلسفة حقوق

املساواة: »إن يف تضمن الفقرة األوىل من الفصل 5 من الدستور من شمولية لحقوق اإلنسان ما ال

340 انظر امللحق.

341 انظر امللحق.

342 الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، عدد 66 – 2005-8-19، ص.2281.

Page 117: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

116

مينع التمييز اإليجايب لفائدة بعض الفئات قصد تأمني املساواة الفعلية كاألشخاص الحاملني إلعاقة

يف صورة الحال، طاملا أن هذا التمييز اإليجايب ال ينال من الحقوق األساسية التي يضمنها الدستور

واملنافع االمتيازات بني بالتناسب ومتسام الفرص تكافؤ تحقيق وهو وحيد لهدف وكان خاضعا

والتسهيالت واإلعفاءات من جهة والهدف املنشود من جهة أخرى«.

الحريات عرب إقرارها التعدي عىل بعض الباب أمام الدستوري تفتح أن بعض آراء املجلس إال

إلمكانية حد الحريات املضمونة دستوريا مبقتىض معاهدة مصادق عليها من قبل رئيس الجمهورية

وموافق عليها من مجلس النواب كام وقع يف رأيه عدد 2007-2 الصادر بتاريخ 2007-1-24 بخصوص

مرشوع قانون يتعلق بإصدار مجلة الديوانة343. ويبقى التأرجح بخصوص هذا املبدإ حقيقة ثابتة يف

املنظومة القانونية التونسية وهو ما يؤكده مرشوع الدستور املؤرخ يف 22 أفريل2013 الذي حافظ

عىل تقنية الحد الترشيعي للحريات قبالة كل حرية يقرها دون إيراد ضوابط موضوعية لذلك فاتحا

بذلك املجال أمام األغلبية الربملانية للترصف يف هذه الحريات كام يعن لها344.

• 2 • املبادئ األصيلة اليت تنبثق مهنا احلريات الفردية يف القانون

التونيس

تتداخل هذه املبادئ فيام بينها وتتكامل إال أنه ميكن تقسيمها إىل ثالثة مبادئ أصيلة كرستها

املنظومة القانونية التونسية منذ عهود بعيدة وأقامت عليها قواعد ضامن الحريات الفردية يف هذه

البالد مبا يجعل الحريات التي سنتعرض إىل تفصيل مضامينها الحقا تكريسا لهذه القيم وبعضا من

مظاهرها. وتتمثل هذه القيم يف الحرية والكرامة واملساواة.

2-1 احلرية

عىل املستوى الدستوري ينص دستور 26 أفريل 1861 يف فصله 89 عىل أن »سائر سكان اململكة

لهم حق الترصف يف أنفسهم وأموالهم وال يجرب أحد منهم عىل فعل يشء بغري إرادته إال الخدمة

العسكرية عىل قانونها...« وتعد تونس من البلدان الرائدة يف مجال إلغاء الرق من خالل إصدارها

يف 29 ماي 1890 ألمر عيل يف منع االسرتقاق يف سائر اململكة ينص الفصل األول منه عىل أن »ال

عبودية مبملكتنا وال يجوز وقوعها فيها، فكل إنسان حر مهام كان جنسه أو لونه، ومن يقع عليه

ما مينع حريته أو يخالفها، فله أن يرفع أمره للمحاكم«وقد صادقت تونس عىل االتفاقية املتعلقة

بالرق، جينيف 25 سبتمرب 1925 مبقتىض القانون عدد 32 لسنة 1966 املؤرخ يف 3 ماي 1966 الذي

واملامرسات واملؤسسات االسرتقاق بإلغاء املتعلقة اإلضافية االتفاقية عىل املصادقة أيضا تضمن

343 الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، عدد 47 الصادر بتاريخ 2008-6-10، ص.2153.

344 انظر امللحق.

Page 118: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

117

املشبهة به، جينيف 7 سبتمرب 1956. وتدل هذه النصوص، وغريها كثري، عىل تجذر مبدإ الحرية يف

املنظومة القانونية التونسية وهو ما يبدو منفصال بعض اليشء عن منطوق دستور 1959 الذي وإن

نص عىل قامئة من الحريات فإنه مل يورد يف متنه الحرية كمبدإ عام إال إن اعتربنا أن تضمينها يف

شعار الجمهورية إيراد لها بهذا املعنى. ويف نفس السياق تبدو كلمة الحرية الواردة يف توطئة هذا

الدستور يف عالقة بالشعب أي كتعبري عن حرية الشعب التونيس أكرث من كونها يف عالقة بحرية أفراد الشعب.345

غري أن هذه الضبابية يف النص الدستوري مل متنع من تكريس مبدإ الحرية يف القانون الوطني سواء

كان ذلك يف الترشيع املدين أو يف الترشيع الجنايئ.

أما يف الترشيع املدين فقد ضمن املرشع التونيس حرية التعاقد واشرتط أن تكون إرادة املعاقد

عند إبرامه للعقد حرة سليمة من كل عيب وهو ما جعله ميكنه من اسرتجاع حريته إذا سلبت منه

تحت تأثري اإلكراه أو التدليس أو الغلط أو الغنب التي تسمى يف القانون املدين بعيوب الرضا ويراجع

يف ذلك الفصل 43 وما بعده من فصول مجلة االلتزامات والعقود.

إضافة إىل ذلك كرس املرشع التونيس كمظهر من مظاهر حامية الحرية الذاتية مبدأ منع التنفيذ

عىل ذات املدين عرب القانون عدد 130 لسنة 1959 املؤرخ يف 5 أكتوبر 1959 املتعلق بإدراج مجلة

مكاسبه القاعدة، عىل بحكم هذه املدين، التنفيذ عىل نظام وقرص والتجارية املدنية املرافعات

املنقولة والعقارية دون جسده وال تعرف هذه القاعدة استثناءات إال بخصوص دين النفقة وجراية

الطالق نظرا لصبغتهام املعاشية وذلك وفق أحكام الفصل 53 مكرر من مجلة األحوال الشخصية

الذي ينص عىل أن »كل من حكم عليه بالنفقة أو بجراية الطالق فقىض عمدا شهرا دون دفعها حكم

عليه بأدائه و يعاقب بالسجن مدة ترتاوح بني ثالثة أشهر وعام«.

وأما يف املادة الجزائية فقلد سعى املرشع التونيس إىل تكريس هذا املبدإ عرب أحكام مختلفة عىل

املستوى املادي واملستوى اإلجرايئ.

الشخصية للحرية الحافظة القواعد األصولية التونيس بعض املرشع املادية كرس الناحية فمن

وأهمها قاعدة أن ال عقاب بدون نص قانوين سابق الوضع وهو ما يفيض إىل عدم رجعية القوانني

املجلة من األول الفصل عىل نص مبدأ وهو قبل صدورها وقعت التي الترصفات عىل الجزائية

الجزائية بقوله »ال يعاقب أحد إال مبقتىض نص من قانون سابق الوضع لكن إذا وضع قانون بعد

وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه أرفق باملتهم فالحكم يقع مبقتضاه دون غريه«. ولهذا

املبدإ منزلة دستورية باعتباره إحدى ضامنات الحقوق إذ أنه قد ورد بالفصل 13 من دستور 1959

345 انظر امللحق.

Page 119: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

118

وكرسه مرشوع الدستور الحايل املؤرخ يف 22 أفريل 2013 الذي اقتىض يف فصله 27 أن »العقوبة شخصية وال تكون إال مبقتىض نص قانوين سابق الوضع عدا حالة النص األرفق باملتهم«.346

كام جرم املرشع التونيس فعل االعتداء عىل الحرية الذاتية لألفراد سواء صدر عن موظف عمومي

أو عن أحد الخواص إذ اقتىض الفصل 103 من املجلة الجزائية أنه »يعاقب بالسجن مدة خمسة

الذاتية دون موجب قانوين...«. الذي يعتدي عىل حرية غريه العمومي أعوام وبالخطية املوظف

وهو نص ينطبق كام هو واضح عىل املوظف العمومي يف حني تنطبق الفصول 250 و251 و252

من نفس املجلة عىل الخواص املقرتفني ألفعال من شأنها أن تحد من حرية غريهم. واعترب املرشع

أن مثل هذه األفعال تشكل جناية يستهدف مرتكبها لعقاب بالسجن مدة عرش سنوات ويضاعف

العقاب املذكور إذا صاحب اإليقاف أو السجن أو الحجز عنف أو تهديد أو إذا نفذت هذه العملية

السلك يف عضوا أو موظفا عليه املعتدي كان إذا او أشخاص عدة بواسطة أو سالح باستعامل

الدبلومايس أو القنصيل أو فردا من أفراد عائالتهم وكان الجاين عاملا بهويته ويكون العقاب بالسجن

بقية العمر إذا تجاوز اإليقاف أو الحجز الشهر أو إذا نجم عنه سقوط بدين أو مرض أو إذا كان

القصد منه تسهيل ارتكاب جناية أو جنحة أو إذا عمل عىل تهريب أو ضامن عدم عقاب املعتدين

أو مشاركيهم يف الجناية أو الجنحة وكذلك لغاية تنفيذ أمر أو رشط أو النيل من سالمة الضحية

بدنيا ويصبح العقاب إعداما إذا صحب هذه العملية أو لحقها موت الضحية. وقد أعفى املرشع من

هذه العقوبات كل مخالف يكون قد بادر قبل كل تنفيذ وقبل كل تتبع بإطالع السلط عىل الجرائم

املذكورة أو أعلم عن مرتكبيها أو املشاركني فيها أو ساهم يف إيقافهم منذ الرشوع يف التتبعات.

التتبع الجزايئ من القواعد يف إطار أما عىل املستوى اإلجرايئ فلقد كرس املرشع مجموعة من

شأنها أن تضمن الحامية القانونية للحرية الذاتية أو تعوض عن انتهاكها عىل وجه الخطإ. وهو ما

يجعلنا نتعرض أوال إىل القواعد املتعلقة بإجراءات االحتفاظ واإليقاف التحفظي قبل الحديث عن

إمكانية التعويض التي يقرها القانون التونيس ملن ثبتت براءتهم.

له إدانته يف محاكمة تكفل تثبت بريئا إىل أن أن »كل متهم بجرمية يعترب انطالقا من قاعدة

فيها الضامنات الرضورية للدفاع عن نفسه«347 وقع عرب تنقيح 2002 لدستور 1959 إضافة فقرة

أوىل للفصل 12 مفادها أنه »يخضع االحتفاظ للرقابة القضائية وال يتم اإليقاف التحفظي إال بإذن

قضايئ، ويحجر تعريض أي كان الحتفاظ أو إليقاف تعسفي«، وهي نفس القاعدة التي أقرها الفصل

28 من مرشوع الدستور الجديد عندما نص عىل أنه: »ال ميكن إيقاف شخص أو االحتفاظ به إال

يف حالة التلبس أو بإذن قضايئ ويعلم فورا بحقوقه وبالتهمة املنسوبة إليه وله حق تكليف محام.

346 انظر امللحق.

347 الفصل 12 دستور 1959.

Page 120: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

119

وتحدد مدة اإليقاف واالحتفاظ بقانون«. وقد حرص املرشع عىل تنظيم إجراءات االحتفاظ املؤقت

واإليقاف التحفظي عرب مقتضيات مجلة االجراءات الجزائية.

• تنظيم االحتفاظ

يتمثل االحتفاظ يف »حبس ذي الشبهة مبركز الرشطة أو الحرس الوطني أو الديوانة وهو إجراء

مؤداه حجز شخص معني فرتة من الزمن للتثبت من الشبهة التي تحوم حول اقرتافه لجرمية ما«348

وقد حدد الفصل 13 مكرر من مجلة اإلجراءات الجزائية349 مدة االحتفاظ بـ4 أيام بعد أن كانت

غري محددة ونص عىل إمكانية التمديد يف هذه املدة مرة واحدة لنفس الفرتة بعد أخذ رأي وكيل

االحتفاظ مدة تتجاوز ال أن عىل ثانية فيها التمديد إمكانية القصوى الحاالت يف و الجمهورية

اليومني بحيث ال ميكن أن يتجاوز االحتفاظ بأي حال من األحوال العرشة أيام. وجاء قانون 2 أوت

1999 ليزيد من التقليص يف هذه املدة ليصبح أجل االحتفاظ ثالثة أيام فقط ويقترص عىل التمديد

فيه بنفس املدة مرة واحدة لتصبح مدة االحتفاظ القصوى ستة أيام واشرتط هذا القانون أن يكون

التمديد كتابيا من قبل قايض التحقيق أو وكيل الجمهورية وتدعمت هذه الرشوط بالقانون عدد 21

لسنة 2008 املؤرخ يف 4 مارس 2008 واملنقح للفقرة 2 من الفصل 13 مكرر والفقرة 4 من الفصل

57 من مجلة اإلجراءات الجزائية والفقرة 2 من الفصل 85 من نفس املجلة حيث اقتضت صيغة

الفصلني املذكورين بعد التعديل أن »يكون ]التمديد[ مبقتىض قرار معلل يتضمن األسانيد الواقعية

بقوانني مقارنة تبقى طويلة التي االحتفاظ مدة التحديد من إىل جانب تربره«. التي والقانونية

أخرى350، ألزم املرشع مأمور الضابطة العدلية بإعالم ذي الشبهة بلغة يفهمها باإلجراء املتخذ ضده

الطبي خالل مدة االحتفاظ الفحص القانون من إمكانية عرضه عىل له وسببه وتالوة ما يضمنه

وأجربه عىل إعالم أصول أو فروع أو إخوة أو زوجة ذي الشبهة حسب اختياره باإلجراء املتخذ ضده

وسببه. ويراقب الجهاز القضايئ ظروف االحتجاز عمال بالقانون عدد 70 لسنة 1987 ومقتضيات

الفصل 12 من دستور 1959 كام وقع تنقيحه سنة 2002.

• تنظيم اإليقاف التحفظي

املجليس والقضاء االتهام ودائرة التحقيق لقايض ممنوحة فهو صالحية التحفظي اإليقاف أما

بضامنات إياها محيطا الجزائية اإلجراءات مجلة يف رشوطها املرشع ويضبط العمومية والنيابة

دقيقة إذ ينحرص ميدان اإليقاف التحفظي يف الجنايات والجنح املتلبس بها أو كلام ظهرت قرائن

348 املاليك )وليد(، »الحامية القانونية للحرية الذاتية«، مجلة القضاء والترشيع، أكتوبر 2008، ص.357.

349 املقحم بقانون عدد 70 لسنة 1987، مؤرخ يف 26 نوفمرب 1987.

350 بلجيكا و اللكسمبورغ واليونان 24 ساعة – الواليات املتحدة 48 ساعة غري قابلة للتجديد يف جميع هذه الحاالت – فرنسا وإيطاليا 24 ساعة

قابلة للتمديد بنفس املدة – بريطانيا 24 ساعة قابلة للتمديد بـ36 ساعة فـ72 ساعة فـ96 ساعة.

Page 121: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

120

قوية تجعل اإليقاف وسيلة لتاليف جرائم جديدة أو لضامن تنفيذ العقوبة أو لتحقيق سالمة سري

85 من مجلة الفصل بها التي جاء العبارات أن هذه إىل هنا اإلشارة البد من أنه البحث. غري

التحقيق متمتعا مبجال العمومية مام يجعل قايض الجزائية هي عىل درجة كبرية من اإلجراءات

اجتهاد واسع يف اتخاذ إجراء اإليقاف خاصة وأن محكمة التعقيب قد رفعت يدها عن الرقابة عليه

يف هذا املجال351.

تم تحديد مدة اإليقاف التحفظي ألول مرة مبوجب القانون عدد 70 لسنة 1987 بستة أشهر

قابلة للتمديد فيها مرة واحدة بالنسبة للجنح ومرتني بالنسبة للجنايات عىل أن ال يتجاوز كل متديد

ستة أشهر وتم مبقتىض القانون عدد 114 لسنة 1993 املؤرخ يف 22 نوفمرب 1993 التخفيض من مدة

اإليقاف التحفظي عند التمديد فيه فأصبح التمديد بالنسبة إىل الجنح مرة واحدة ال تزيد عن ثالثة

أشهر وبالنسبة إىل الجنايات مرتني ال تزيد كل واحدة عىل أربعة أشهر مام يجعل املدة القصوى

لإليقاف التحفظي يف الجنح تسعة أشهر ويف الجنايات أربعة عرش شهرا.

•حق التعويض ملن ثبتت براءتهم

ويف عالقة مببدإ الحرية يعترب حق التعويض ملن ثبتت براءتهم املكرس بالقانون عدد 94 لسنة

ثبتت الذين عليهم واملحكوم للموقوفني بالتعويض املتعلق 2002 أكتوبر 29 يف املؤرخ 2002

براءتهم من أهم الحقوق املتعلقة مببدإ الحرية. إذ يتيح »لكل من أوقف تحفظيا أو نفذت عليه

عقوبة السجن مطالبة الدولة بالتعويض عن الرضر املادي واملعنوي الذي لحقه من جراء ذلك يف

األحوال التالية: - إذا صدر يف شأنه قرار بحفظ التهمة إما ألن الفعلة ال تتألف منها جرمية أو ألنه

ال وجود لها أصال أو ألنه ال ميكن نسبتها إىل املتهم - إذا صدر ضده حكم بالسجن ثم ثبتت براءته

بوجه بات لألسباب املذكورة أعاله - إذا صدر ضده حكم يف موضوع سبق أن اتصل به القضاء«.

وتختص يف مطالب التعويض املذكورة محكمة االستئناف بتونس ويكون حكمها قابال للطعن أمام

محكمة التعقيب يف ظرف عرشين يوما من تاريخ اإلعالم به ويكون هذا الطعن موقفا للتنفيذ.

و يتمتع مبدأ الحرية بنفس هذه املكانة املتميزة يف القانون اإلداريفقد أقر فقه قضاء املحكمة

اإلدارية كام سبق و أن أرشنا إليه352 أن الحرية هي املبدأ و أن الحد منها ال يكون إال استثناء.

2-2 الكرامة

يف ترابط مع مبادئ الحرية واملساواة يكرس النظام القانوين التونيس الكرامة اإلنسانية يف نصوصه

التاريخ الدستوري للبالد خاصة عهد األمان لسنة 1857 الذي »]يؤكد[ الكربى. ويشهد عىل ذلك

351 تع. جنايئ عدد 6912 – 4 جوان 1969 ن.م.ت. 1970 ص.163.

352 تس، عدد 3879 يف 14 مارس 1995 رشكة كريشان وأبناؤه / رئيس بلدية القرصين )غري منشور(.

Page 122: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

121

األمان لسائر رعيتنا وسكان إيالتنا عىل اختالف األديان واأللسنة واأللوان يف أبدانهم املكرمة وأموالهم

املحرمة وأعراضهم املحرتمة«.

وقد خال دستور 1 جوان 1959 يف صيغته األصلية قبل تنقيح 2002 يف ما عدا توطئته التي تؤكد

عىل متسك الشعب التونيس بكرامة اإلنسان وبالعدالة وبالحرية من أي تنصيص رصيح عىل هذا

الترشيع ومل يسرتجع التونسية عىل مستوى القانونية املنظومة الكرامة يف املبدإ فاقترص تكريس

هذا املبدأ مكانته الدستورية إال عىل إثر تنقيح سنة 2002 رغم املآخذ التي ميكن إثارتها بخصوص

مضمون مبدإ الكرامة كام ورد بدستور 1959.

ورد التنصيص عىل مبدإ الكرامة بصورة رصيحة يف العديد من الترشيعات التي خصصت لحامية

فئات معينة نورد منها عىل سبيل الذكر ال الحرص:

- القانون عدد 23 لسنة 1989 املؤرخ يف 27 فيفري 1989 واملتعلق بإلغاء عقوبة األشغال

الشاقة بقية العمر واألشغال الشاقة ملدة معينة وتعويضها بعقوبات سجنية.

- القانون عدد 22 لسنة 1991 املؤرخ يف 25 مارس 1991 املتعلق بأخذ األعضاء البرشية

وزرعها وينص يف فصله األول عىل أن »الحرمة الجسدية لإلنسان مضمونة«.

- القانون املتعلق بالصحة العقلية املؤرخ يف 3 أوت 1992 الذي ينص يف فصله األول عىل

أنه »يتم إيواء األشخاص يف املستشفى بسبب اضطرابات عقلية يف دائرة احرتام الحريات

الفردية ويف ظروف تضمن الكرامة البرشية« ويقتيض يف فصله الثاين أنه »يجب حامية

كل شخص مصاب باضطراب عقيل من كل استغالل أو تجاوز أو معاملة غري إنسانية أو

مهينة«.

- القانون عدد 114 لسنة 1994 املؤرخ يف 31 أكتوبر 1994 املتعلق بحامية املسنني الذي

املعوقات يؤكد عىل »حامية صحتهم وضامن كرامتهم وذلك مبساعدتهم عىل مجابهة

التي تعرتضهم يف حياتهم اليومية بحكم تقدمهم يف السن«.

مندوب مكنت والتي 1995 نوفمرب 9 قانون مبوجب الصادرة الطفل مجلة حامية -

الطفولة من التدخل كلام كان الطفل موضع سوء معاملة حسب الفصل 24 »كالتعذيب

واالعتداءات املتكررة عىل سالمته البدنية أو احتجازه أو اعتياد منع الطعام عليه أو إتيان

أي عمل ينطوي عىل القساوة من شأنه التأثري عىل توازن الطفل العاطفي والنفيس«.

- القانون عدد 52 لسنة 2001 املؤرخ يف 14 ماي 2001 املتعلق بنظام السجون الذي

Page 123: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

122

ينص يف فصله األول عىل أنه »ينظم ]...[ ظروف اإلقامة بالسجن مبا يكفل حرمة السجني

الجسدية واملعنوية«. بيد أنه البد إىل اإلشارة إىل أن بعض نصوص هذا القانون مل تكن

منسجمة يف مضمونها مع دستور 1959 كالفصل الخامس منه القايض بأنه »يتوىل أعوان

استعامل السجن ويجب عليهم عدم والنظام داخل االنضباط املحافظة عىل السجون

القوة إال بالقدر الكايف الرضوري للحفاظ عىل سالمتهم وسالمة املساجني وضامن أمن

تظل التي الكايف« بالقدر القوة »استعامل عبارة ملعنى دقيق تحديد دون السجن«

مطاطة وضبابية. كام أن الضامنات الزجرية املنصوص عليها يف حالة انتهاك أعوان اإلدارة

للحرمة الجسدية واملعنوية للسجني تبقى شكلية يف ظل صعوبة إيصال الشكوى للسلط

العقوبات تنفيذ املختصة خاصة مع محدودية دور مؤسسة قايض القضائية واإلدارية

الذي وإن كان مختصا مبراقبة التنفيذ العقايب داخل املؤسسات السجينة فإنه ال يعرتف

له بأي دور تقريري يف حالة معاينته لصورة من صور عدم املطابقة للضامنات القانونية

للمحكوم عليه ويقترص دوره عىل إعداد تقرير سنوي يحيله إىل وزير العدل.

- القانون املؤرخ يف 7 أوت 2001 املتعلق بالصحة اإلنجابية الذي وضع حدودا للجوء إىل

تقنيات التحكم يف عملية اإلنجاب أولها عدم املساس بكرامة اإلنسان وحرمته الجسدية

كام منع القانون عدد 93 لسنة 2001 التجارب العلمية عىل األعضاء البرشية واإلتجار

فيها ومنع االستنساخ البرشي يف فصوله السابع والثامن والتاسع.

الذات الكرامة وحامية حرمة مببدإ وطيدة عالقة ذات كثرية معاهدات تونس عىل وصادقت

البرشية أهمها:

القاسية العقوبة أو املعاملة التعذيب وغريه من رضوب الخاصة مبناهضة االتفاقية -

أو الالإنسانية أو املهينة املؤرخة يف 10 ديسمرب 1984: وقعت عليها تونس يف 26 أوت

1987 وصادقت عليها بالقانون عدد 79 املؤرخ يف 11 جويلية 1988 ونرشت باألمر عدد

1800 لسنة 1988.

- االتفاقية املتعلقة بالرق، جينيف 25 سبتمرب 1966 التي صادقت عليها تونس مبقتىض

القانون عدد 32 لسنة 1966 املؤرخ يف 3 ماي 1966 الذي تضمن أيضا املصادقة عىل

االتفاقية اإلضافية املتعلقة بإلغاء االسرتقاق واملؤسسات واملامرسات املشبهة به، جينيف

7 سبتمرب 1956.

- االتفاقية املتعلقة بإلغاء العمل اإلجباري املصادق عليها بالقانون عدد 138 لسنة 1958

Page 124: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

123

املؤرخ يف 23 ديسمرب 1958 إضافة إىل انضامم تونس إىل بروتوكول منع وقمع ومعاقبة

ملكافحة املتحدة األمم التفاقية املكمل واألطفال النساء وبخاصة باألشخاص اإلتجار

الجرمية املنظمة عرب الوطنية.

و قد متت بعد 14 جانفي 2011 :

التي القرسي االختفاء من األشخاص جميع لحامية الدولية االتفاقية عىل املصادقة -

وقعت عليها تونس منذ 6 فيفري 2007 باملرسوم عدد 2 املؤرخ يف 19 فيفري 2011

بالعهد امللحق االختياري الربوتوكول إىل التونسية الجمهورية انضامم املوافقةعىل -

الدويل الخاص بالحقوق املدنية و السياسية باملرسوم عدد 3 املؤرخ يف 19 فيفري 2011.

كان لزاما واملشهد الترشيعي بهذا الرثاء الذي وصفنا أن يكرس مبدأ الكرامة البرشية يف

الدستور ويحتل بذلك املرتبة الطبيعية التي يجب أن تكون له وهو ما وقع من خالل

التعديل الدستوري املؤرخ يف 1 جوان 2002 الذي أضاف إىل الفصل الخامس من الدستور

دولة مبادئ التونسية عىل الجمهورية »تقوم أنه منها عىل الثانية تنص فقرات ثالث

القانون والتعددية وتعمل من أجل كرامة اإلنسان وتنمية شخصيته«. وأضاف إىل الفصل

13 فقرة ثانية تنص عىل أن »كل فرد فقد حريته يعامل معاملة إنسانية يف كنف احرتام

كرامته طبقا للرشوط التي يضبطها القانون« مكرسا بذلك حقوق الشخص الفاقد لحريته

يف حاالت هي االحتفاظ أو اإليقاف التحفظي أو اإلدانة من قبل هيئة قضائية ومدعام

تعرضت من خالله إىل حالة تعذيب التي الجزائية املجلة الفصل 101 من مقتضيات

الشخص الفاقد لحريته وحددت عقوبة بثامنية سنوات سجن لكل موظف عمومي أو

شبهه يخضع شخصا للتعذيب حال مبارشته لوظيفته أو مبناسبة مبارشته لها.

وعىل أهمية هذا التكريس الدستوري للمبدإ فإن العديد من املآخذ ميكن أن تثار بخصوصه.

أوال، اعتبار الكرامة هدفا من أهداف دولة القانون ال مبدأ من مبادئها وأساسا من أسسها وهو

ما يعكس فهام خاطئا ملفهوم دولة القانون نابع عن الخلط بينها وبني الدولة القانونية والحال أنهام

مفهومان منفصالن ففي الدولة القانونية ال سلطة فوق سلطة املرشع يف حني أنه يف دولة القانون

يخضع املرشع نفسه للرقابة حتى ال يخرق حقوق اإلنسان خصوصا وهو ما يجعل الكرامة أكرث من

مجرد هدف يف دولة القانون بل هي مبدأ يلزم املرشع يف جميع الحاالت وال يقبل استثناء. وعىل

العكس من ذلك واعتامدا عىل هذا الفهم الضيق للعالقة بني الكرامة ودولة القانون أقر املجلس

Page 125: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

124

الدستوري يف البعض من آرائه353 إمكانية تجاهل مبدإ حرمة الفرد املنصوص عليه بالفصل الخامس

من الدستور من أجل مبادئ أخرى يحددها املرشع354. ولعل مام يفرس ذهاب املجلس الدستوري

الثانية من الفقرة القانون »التي وردت يف آخر التي يضبطها املذهب عبارة »طبقا لرشوط هذا

من تجعل التي العبارة تلك منه الخامس بالفصل مضمونه يف املرتبط الدستور من 13 الفصل

مبدإ مطلق كمنع التعذيب مبدأ مرشوطا وقابال للتحديد بحيث ال يكون ملزما للمرشع يف جميع

الحاالت كام يقتضيه أصل األشياء.

ثانيا، غياب مفهوم دقيق ملبدإ احرتام كرامة اإلنسان فدستور1959 ال يحدد مضمون هذا املبدإ

ويتغافل عن التنصيص عىل بعض مظاهره الهامة كمنع التعذيب واملامرسات املهينة. ومن غرائب

األمور يف هذا السياق أن مرشوع الدستور املؤرخ يف جانفي 1958 كان قد تضمن يف أحد فصوله

وهو الفصل 12 أنه »ال يجوز إنزال أي تعذيب بأي مواطن وال معاملته معاملة مهينة« غري أن هذا

الفصل اختفى دون تربير يف تالوة الدستور الثالثة رغم املوافقة عليها باإلجامع يف التالوات السابقة.

يف ظل هذه الضبابية يبقى مبدأ احرتام الكرامة رهني تأويالت مختلفة قد تستغل لغايات غري

غايات املبدإ فتنايف احرتام كرامة اإلنسان أكرث مام تدعمه.

وقد الحظت إحدى دارسات القانون واستغربت يف هذا الصدد من كون املجلس الدستوري مل

يعرث طيلة فرتة عمله عىل أي مرشوع قانون يتناىف مع كرامة اإلنسان355. ومبارشة إثر 14 جانفي2011

الدولية الجنائية للمحكمة املؤسس األسايس روما نظام إىل باالنضامم التونسية الحكومة بادرت

واملعتمد يف 17 جويلية 1998 وإىل اتفاق امتيازات املحكمة وحصاناتها املعتمد يف 9 سبتمرب 2002

سياق يف هامة خطوة االنضامم هذا 2011.وميثل فيفري 19 يف املؤرخ 4 عدد املرسوم مبقتىض

تكريس مبدإ الكرامة البرشية ذلك أن هذه املحكمة مختصة يف تتبع مقرتيف جرائم الحرب والجرائم

االختصاص قاعدة إطار يف املحكمة هذه ميكن ما وهو الجامعية اإلبادة اإلنسانيةوجرمية ضد

التكمييل من متابعة كل شخص مهام كانت صفته يقوم باقرتاف هذا النوع من الجرائم الخطرية

التي ترضب الحق يف الحياة وتهدد الكرامة اإلنسانية عرب مامرسات من قبيل التعذيب واالختفاء

القرسي والحرمان الشديد من الحرية البدنية مبا يتناقض مع قواعد القانون الدويل والقتل العمد...

وقد وقع تكريس مبدإ الكرامة يف مرشوع الدستور الحايل وذلك من خالل التنصيص عليه يف شعار

الجمهورية الجديد والفصل السابع الذي ينص عىل أن الدولة توفر للمواطنني أسباب العيش الكريم

353 رأي عدد 65 لسنة 2006 املتعلق ببعض أحكام مرشوع قانون املالية لسنة 2007 ورأي عدد 27 لسنة 2006 حول مرشوع تنقيح القانون

املتعلق باألمراض السارية.

: Constitution et Etat de droit, ATDC, Tunis, 2010, pp. 106-108 354 انظر سلوى الحمروين، »دولة القانون والكرامة اإلنسانية«، ضمن

355 نفس املرجعص.111.

Page 126: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

125

والفصل 23 بقوله« تحمي الدولة كرامة الذات البرشية« والفصل 29 الذي يقر بهذا املبدإللسجناء

ويضمن لهم الحق يف معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم والفصل 45 الذي يفعل هذا املبدأ بالنسبة للطفل فيقر بحقه عىل أبويه وعىل الدولة يف ضامن كرامته.356

كام تم يف هذا املرشوع إقرار بعض الحقوق املنبثقة عن مبدإ الكرامة إذ جاء الفصل 23 مبنع

كل أشكال التعذيب املادي واملعنوي وهي خطوة إيجابية ال ميكن أن تخفي معطى سلبيا يتمثل

يف إغفال بيان مكانة هذا املبدإ ضمن املنظومة القانونية فلنئ أتاح دستور 1959 جدال حول ما إذا

كانت الكرامة هدفا أو أساسا لدولة القانون فقد وردت يف مرشوع الدستور الجديد منفصلة متاما

العامة لدستور الجمهورية مبا القانون وإن كانت قد ضمنت ضمن باب املبادئ عن سياق دولة يغفل هذه اإلشكالية وال يحلها.357

2-3 املساواة

املساواة مبدأ أصيل يف القانون التونيس فصله عهد األمان يف مادته الثانية فتحدث عن تساوي

الناس يف أصل قانون األداء ويف مادته الثالثة فأسس للتسوية بني املسلم وغريه من سكان اإليالة يف

استحقاق اإلنصاف وأورده مبدأ عاما يف مادته الثامنة ونصها: »إن سائر رعيتنا من املسلمني وغريهم

لهم املساواة يف األمور العرفية والقوانني الحكمية ال فضل ألحدهم عىل اآلخر يف ذلك«. وجاء دستور

1861 بالفصل 88 ومنطوقه: »سائر أهل اململكة عىل اختالف األديان بني يدي الحكم سواء ال فضل

ألحد عىل آخر بوجه من الوجوه يجري حكم هذا القانون عىل أعىل الناس مع أدناهم من غري نظر

ملقام وال لرياسة وقت الحكم«.

وكرس دستور 1959 مبدأ املساواة يف الفصل السادس منه يف صياغة أكرث شمولية وأقل التصاقا

بهاجس املساواة بني امللل فجاء كاآليت: »كل املواطنني متساوون يف الحقوق والواجبات وهم سواء

أمام القانون«.

»املواطنون أن اقتىض حني السادس فصله يف الحايل الدستور مرشوع كذلك أقره ما وهو

واملواطنات متساوون يف الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غري متييز« وعالوة عىل

ورود هذا الفصل يف غري موضعه يف هذا املرشوع بتضمينه بباب األحكام العامة فإنه يطرح نفس

املشاكل التي كان يطرحها دستور 1959 بعدم تفرقته بني املساواة يف الحقوق والواجبات وهي حق

من حقوق املواطن التونيس واملساواة أمام القانون باعتبارها حقا من حقوق اإلنسان ينطبق عىل

املواطنني التونسيني كام ينطبق عىل غريهم من املتواجدين عىل الرتاب التونيس ويكون الفصل بهذه

356 انظر امللحق.

357 انظر امللحق.

Page 127: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

126

الصياغة قد نفى الحق يف املساواة أمام القانون عىل غري املواطنني إضافة إىل إثارته ملشكلة أخرى

تتعلق بإيراده لعبارة »من غري متييز« بصورة عامة وغري دقيقة كان من الرضوري أن تردفر ببيان

لألسس التي ال يجب أن يقوم عليها التمييز حتى ال يفتح املجال أمام محاولة نفي التمييز القائم عىل أسس مقبولة واملعروف بالتمييز اإليجايب.358

ولنئ تعلقت املساواة بجميع املواطنني مؤدية إىل عدم التمييز بينهم يف الحقوق أو يف الواجبات

ألي اعتبار كان سواء تعلق بالجنس أو باللون أو بالعرق أو بالدين... فإنها ليك تتحقق يجب أن

أنفسهم فيها املواطنون يجد أن ميكن التي الفعلية أو القانونية االختالفات االعتبار بعني تأخذ

والتي تحتم معاملتهم بطرق مختلفة فاملعاملة املتساوية ال تحقق رضورة املساواة إذا كان األفراد

اإليجايب بالتمييز يسمى ما إىل اللجوء يستوجب ما فعلية مختلفة وهو أو قانونية يف وضعيات

تحت رقابة القايض. وعىل عكس ما توحي به التسمية ال يتعارض هذا النوع من التمييز مع مبدإ

املساواة بل إنه يعترب وسيلة من وسائل تحققه. ويقر القايض الدستوري التونيس بالتمييز اإليجايب

محددا حاالت قبوله بضوابط فأقر املجلس الدستوري التمييز اإليجايب لصالح املرأة »طاملا أن هذا

التمييز اإليجايب ال ينال من الحقوق األساسية التي ضمنها الدستور وكان خاضعا لهدف وحيد وهو

تحقيق املساواة الفعلية بني الرجل واملرأة، ومتسام بالتناسب بني مضمون الترشيعات ]...[ والهدف

املذكور، وطاملا تخضع تلك الترشيعات عند اتخاذها، واستنادا إىل الفصل 72 من الدستور إىل الرقابة

الدستورية بالنظر إىل مضمونها...«359. كام أقره لصالح األشخاص الحاملني إلعاقة »طاملا أن التمييز

اإليجايب ال ينال من الحقوق األساسية التي يضمنها الدستور وكان خاضعا لهدف وحيد وهو تحقيق

تكافؤ الفرص ومتسام بالتناسب بني االمتيازات واملنافع والتسهيالت واإلعفاءات من جهة والهدف

املنشود من جهة أخرى«360. وقد حاول املجلس الدستوري يف أكرث من رأي إعطاء مفهوم للصنف

الذي ميكن أن يتمتع بالتمييز اإليجايب فجاء تعريف الصنف مرتبطا باعتبارات موضوعية حني تعلق

األمر بحامية ممثيل العامل كام جاء يف الرأي عدد 64/2006 والرأي عدد 63/2006: »وحيث أن

بقية بينهم وبني املساواة تنال من مبدإ العامل ال لفائدة ممثيل الخاصة التسهيالت واإلجراءات

األجراء طاملا أن صفة التمثيل تجعلهم ينتمون إىل صنف خاص من العملة تربره اعتبارات موضوعية

فضال عن أن صفتهم تلك وطبيعة مهامهم يف الدفاع عن حقوق العامل تجعلهم يف وضعية تستوجب

حاميتهم عند قيامهم بهذه املهام«. كام جاء أحيانا أخرى يف عالقة باعتبارات غائية كام هو الشأن

بالنسبة ألساتذة التعليم العايل يف الرأي عدد 07/2009 الذي ورد فيه: »وحيث ولنئ خصت األحكام

املضمنة مبرشوع القانون املعروض أساتذة من التعليم العايل، باستثناء حول سن التقاعد فإنها ال

358 انظر امللحق.

359 الرأي عدد 13/2005.

360 الرأي عدد 34/2005.

Page 128: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

127

تنال من مبدإ املساواة املقرر بالفصل السادس من الدستور، طاملا كان هذا االستثناء يشمل صنفا

معينا من بني أصناف األعوان املنتمني للقطاع العمومي من جهة وطاملا يهدف من جهة أخرى يف

صورة الحال ]...[ إىل إيجاد آلية من اآلليات من شأنها أن متكن من الوصول إىل تجسيم حق التعليم

الذي أقرته توطئة الدستور«.

الجباية املساواة يف مجاالت مختلفة كاملساواة يف التونيس إىل تطبيق مبدإ املرشع ولنئ سعى

واملساواة أمام األعباء العمومية واملساواة أمام اإلدارة واملرفق العام واملساواة أمام القضاء... فإن

تطبيقه يف مجال املساواة بني الجنسني أي عدم التمييز بني املرأة والرجل يعد أحد أهم املجاالت

التي عرف القانون التونيس بريادته عىل املستويني العريب واإلسالمي فيها.غري أن هذه املساواة التي

كثريا ما تباهت بها األنظمة السياسية التونسية تبقى منقوصة عىل أصعدة عديدة.

أقرت مجلة األحوال الشخصية مساواة شبه تامة بني املرأة والرجل من خالل أحكام عديدة لعل

أهمها إلغاء تعدد الزوجات وتجرميه وإلغاء التطليق عرب تكريس الطالق الذي يتساوى الطرفان يف

طلبه ويف القيام بإجراءاته غري أن بعض مظاهر التمييز بقيت حارضة يف نص هذا القانون ويتعلق

للرجل يف حني متنع بالنسبة قيد الذي ال يخضع ألي القرين بالحق يف اختيار أول هذه املظاهر

املرأة املسلمة من الزواج بغري املسلم كام يبدو التمييز واضحا يف مسألة اإلرث التي ال تزال خاضعة

لقاعدة »للذكر مثل حظ األنثيني«.

ويف مرشوع الدستور الحايل بدت املساواة بني الرجال والنساء أكرث وضوحانسبيا من خالل منطوق

الفصل السادس الذي ينص عىل أن »املواطنون واملواطنات متساوون يف الحقوق والواجبات« وينص

أن 42 الفصل يقتيض كام والدولة« املجتمع بناء والرجل رشيكان يف »املرأة أن الفصل 11 عىل

الدولة تضمن حامية حقوق املرأة وتدعم مكاسبها كام تضمن تكافؤ الفرص بني املرأة والرجل يف

تحمل مختلف املسؤوليات وتضمن القضاء عىل كل أشكال العنف ضد املرأة. ومتثل هذه املقتضيات

خطوة إيجابية نحو إقرار املساواة بني الرجل واملرأة يف انتظار تدعيم ذلك يف املجاالت الترشيعية

الحكومة رافق رفع ما إىل نظرا بدا مؤخرا غري مطمنئ الوضع قد أن التطبيق.بيد وعىل مستوى

التونسية لتحفظات الدولة التونسية عىل اتفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة من

جدل. فام إن قامت الحكومة برفع تحفظات الدولة التونسية عىل اتفاقية القضاء عىل جميع أشكال

التمييز ضد املرأة )السيداو(مبقتىض املرسوم عدد 103 املؤرخ يف 24 أكتوبر 2011 حتى اندلعت

هجمة منظمة ضد هذه االتفاقية عرب تحركات و ترصيحات لنواب و مسؤولني عرب وسائل اإلعالم

املختلفة وصلت إىل حد مغالطة الرأي العام و إيهامه باحتواء االتفاقية عىل مقتضيات متعارضة

Page 129: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

128

مع االعتبارات الدينية و األخالقية للشعب التونيس و هو ما تخلو منه االتفاقية جملة و تفصيال361.

و تبقى حقوق املرأة و مكاسبها مهددة يف ظل هذا الرصاع كام هو الشأن بالنسبة إىل العديد من الحريات الفردية.362

II- مضمون احلريات الفردية يف القانون التونيس

إىل أوال التطرق إليها عرب إشكاليات سنتعرض عدة تونس الفردية يف الحريات يطرح موضوع

الحريات الفردية الجسدية وثانيا إىل الحريات الفردية الفكرية وأخريا إىل الحريات الفردية العالئقية.

• 1 • احلريات الفردية اجلسدية

سنحاول التعرض إىل بعض اإلشكاليات التي تثريها الحريات الفردية الجسدية يف القانون التونيس

من خالل التوقف عىل املسائل املتعلقة بحرمة الحياة الخاصة وحق الفرد يف الترصف يف جسده

وتلك املنبثقة عن تنظيم حرية اختيار مقر اإلقامة والتنقل.

1-1 حرمة احلياة اخلاصة وحق الفرد يف الترصف يف جسده

مل يكن القانون التونيس يحتوي عىل تنصيص عام عىل احرتام الحياة الخاصة بالرغم من أنه يكرس

هذا الحق لألطفال عرب تنصيص مجلة حامية الطفل عىل حق كل طفل يف احرتام حياته الخاصة.

فهل يحرتم القانون التونيس الحياة الخاصة للطفل ويتجاهلها مبجرد وصوله إىل سن الرشد؟ يبدو

هذا األمر غريبا وتبدو النصوص القانونية متناقضة تناقض الصمت والترصيح إال إذا ما اعتربنا أن

هذا الحق وقع ضامنه دستوريا إن استنتجنا من الفصل الخامس من دستور 1959 الذي يقتيض أن

»الجمهورية التونسية تضمن حرمة الفرد« ضامنا للحياة الخاصة. وهي قراءة ممكنة نظرا لشمولية

حرمة مكونات إحدى باعتبارها الخاصة الحياة احرتام عىل رضورة واحتوائها املستعملة العبارة

الفرد.

ومهام تكن القراءات فإن الجمهورية التونسية قد صادقت عىل العهد الدويل للحقوق املدنية

والسياسية الذي يضمن يف فصله السابع عرش لكل شخص الحامية من التدخل عىل نحو تعسفي أو

غري قانوين يف خصوصياته وهي عبارة عامة تشمل العائلة واملسكن والرشف والسمعة....

ولقد نصمرشوع الدستور الحايل يف نسخته املؤرخة يف 22 أفريل 2013 صلب الفصل 24 فقرة 1

منه عىل أنه »تحمي الدولة حرمة املسكن والحياة الخاصة ورسية املراسالت واالتصاالت واملعطيات

الشخصية«. وهو تنصيص رصيح كانت املنظومة القضائية التونسية يف حاجة إليه وإن ورد ترتيب

قبل به االبتداء األجدر كان من فقد الفقرة الخاصة« يف غري موضعه صلب هذه »الحياة عبارة

361 انظر جريدة الفجر26 أفريل 2013 ص 6و بيان الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية حول الحملة املناهضة إلتفاقيةالسيداو

362 انظر امللحق.

Page 130: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

129

التعرض إىل مظاهر الحياة الخاصة كحرمة املسكن ورسية املراسالت... كام أن من املآخذ التي تثار

بخصوص هذا الفصل صياغته للمبدإ باعتباره حقا من حقوق املواطن يف حني أن هذا الحق هو حق

من حقوق اإلنسان ال ميكن قرصه عىل املواطن كام توحي بذلك الفقرة الثانية من الفصل املذكور.

هذا إضافة إىل أن هذا الفصل قد جاء كفصول عديدة غريه متحدثا مبارشة عن ضامن الدولة لهذا

الحق يف حني كان من األجدر أن تأيت صياغته يف شكل إقرار للحق و تكريس له أوال قبل املرور إىل

دور الدولة يف ضامنه363.

غري أن السؤال الذي يبقى مطروحا يف القانون التونيس هو سؤال الحرية الجنسية. فإذا اعتربنا

إىل يهدف بقانون مربرا يكون أن يجب الذي االستثناء منها هو الحد وأن الحرية املبدأ هو أن

حامية حقوق اآلخرين واحرتام النظام العام والدفاع الوطني وازدهار االقتصاد والنهوض االجتامعي

فإنه من املتجه التساؤل فيمر ميكن أن ميس من هذه االعتبارات ترصف جنيس واقع يف إطار خاص

الجزائية: املجلة الفصل 230 من ينص عىل ذلك مثال يقع منعه كام بني راشدين برضاهام حتى

»اللواط أو املساحقة إذا مل يكن داخال يف أي صورة من الصور املقررة بالفصول املتقدمة )أي كان

برضا الطرفني الراشدين( يعاقب مرتكبه بالسجن مدة ثالثة أعوام«؟ و فيمر ميكن أن ميس من هذه

االعتبارات ربط الشخص املتزوج لعالقة جنسية خارج نطاق الزواج حتى يتم تجرميه و عقابه سجنيا

بتهمة الزنا؟

تبدو هذه التحديدات متضاربة مع املكونات األخرى التي وقع إقرارها من طرف املرشع التونيس

من بني مكونات الحق يف حرمة الحياة الخاصة وأهمها:

•حرمة املسكن

الفرد من الفصل 9 من دستور 1959 رصاحة عىل حرمة املسكن وهو ما يحمي مسكن ينص

دخول الغري ومن دخول السلطة العامة إليه فال يكون دخول هذه األخرية إال بإجراءات خاصة.وقد

التنصيص عىل حرمة املسكن كام أرشنا إليه سابقا يف مرشوع الدستور الجديد صلب الفصل ورد 24 منه.364

ومن الجدير باملالحظة أن حرمة املسكن يف القانون التونيس هي حرمة ذات نطاق واسع إذ يعرف

املسكن حسب الفصل 267 من املجلة الجزائية تعريفا واسعا فهو البناية أو القارب أو الخيمة...

التي يسكن بها اإلنسان365. وذهب فقه القضاء مذهبا أوسع عندما اعترب أن املغازة التجارية تعترب

363 انظر امللحق.

364 انظر امللحق.

365 انظر عيل جلويل، »املسكن يف القانون التونيس«، مجلة القضاء و الترشيع ، 1983، ص.ص.19 وما بعدها.

Page 131: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

130

مسكنا إذا اعتمدها التاجر كمكان للسكنى بالتوازي مع مامرسته فيها ألنشطته التجارية366. وهو ما

يصح أيضا بالنسبة إىل غرفة مستعملة كمغسلة من طرف مالكيها367.

ومن شأن هذا التعريف الواسع للمسكن أن يوسع من نطاق حاميته القانونية.

تتكون حامية املسكن يف القانون التونيس من حامية ذات طابع مدين وأخرى ذات طابع جزايئ.

أما الحامية املدنية فتتمظهر عرب تنظيم مسألة التكشف عىل ملك الجار وذلك من خالل الفصل

172 وما يليه من فصول مجلة الحقوق العينية التي متنع كل ما من شأنه أن يتيح للجار أن يطلع

عىل خصوصيات جاره.

وأما الحامية الجزائية لحرمة املسكن فتتأىت عرب تجريم التعدي عىل مساكن الغري368 كام تتأىت عرب

إحاطة التتبعاتوتفتيشات املنازل برشوط وإجراءات مخصوصة من شأنها أن تحمي حرمة املسكن.

فالسلطة املخولة إلجراء هذه األعامل هو قايض التحقيق369 ومع استحالة قرص هذا العمل عىل قضاة

التحقيق ميكن قانون اإلجراءات الجزائية أعوانا عموميني آخرين من املشاركة يف هذه العمليات370

كام يحيط ذات القانون عملية تفتيش املنازل الخاصة برشوط زمنية371 وموضوعية. ومن شأن هذه

املربرة االستثناءات عليها يف هذه التعدي املسكن كمبدإ وتحرص تحافظ عىل حرمة أن الرشوط

واملقننة. ومن شأن عدم احرتام هذه اإلجراءات أن يعرض أعوان السلطة العمومية الذي يتخذونها

إىل العقاب372 وأن يجعل العملية برمتها غري قانونية373.

غري أن بعض املواقف فقه القضائية تبدو مخيبة يف هذا املجال:

- أقرت محكمة التعقيب374 يف قرار لها بتاريخ 9 ماي 1984 بأن أعامل التفتيش الواقعة

دون إذن مالك املنزل ال تجعل نتائج التفتيش باطلة وال تبطل كذلك مفعول األدلة التي

جمعت خالل عملية التفتيش وهو ما يفتح املجال أمام عمليات التفتيش غري املأذونة.

- مواقف املجلس الدستوري: سعى املجلس الدستوري يف بعض آرائه إىل قبول مشاريع

قوانني معروضة عليه تسمح ألعوان اإلدارة بتفتيش محالت السكنى بدون إذن قضايئ

366 تع. جنايئ، عدد 7964، 1 ديسمرب 1971، م.ق.م.ت.، عدد1، 1971، ص.200.

367 تع. جنايئ، عدد 5617، 7 أكتوبر 1981، غري منشور.

368 الفصول من 255 إىل 257 من املجلة الجزائية.

369 الفصل 50 م.إ.ج. والفقرة 1 من الفصل 94 م.إ.ج.

370 الفصل 94 م.إ.ج.

371 الفصل 95 والفصل 96 م.إ.ج.

372 الفصل 102 م.إ.ج.

373 انظر الذهبي العبايس، »املسكن يف القانون التونيس«، مجلة القضاء والترشيع ، 1997، عدد 5، ص.ص.7 وما بعدها.

374 قرار عدد 4560، م.ق.م.ت. 1984، ص.64.

Page 132: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

131

مسبق عىل أساس االستثناء الوارد بالفصل 9 القائل إن »حرمة املسكن مضمونة إال يف

القانون«. إىل درجة أضحى معها االستثناء هو املبدأ التي يضبطها الحاالت االستثنائية

وأصبح املبدأ وهو حرمة املسكن هو االستثناء. ومن بني هذه اآلراء ميكن أن نذكر الرأي

باملناطق الصحة تراتيب حفظ قانون خاص مبخالفة املتعلق مبرشوع عدد 74/2005

56/2006 عدد والرأي 2005 أكتوبر 21 بتاريخ صادر املحلية للجامعات الراجعة

األسلحة واستعامل وتخزين وإنتاج استحداث بحظر يتعلق قانون مرشوع بخصوص

الكيمياوية الصادر يف 6 نوفمرب 2006375.

• املكونات النفسية للحياة الخاصة

وأهمها الرشف والسمعة والحفاظ عىل الرس الشخيص.

أما الحق يف الحفاظ عىل السمعة والرشف فإنه مضمون يف القانون الجنايئ ويعاقب

املرشع عىل املساس به عرب تجريم القذف والسب وقد خال القانون التونيس مام ميكن أن يعترب

تجرميا لتعمد كشف حقائق حول الحياة الجنسية لألشخاص وتبقى هذه العملية داخلة يف الباب

الصحافة سابقا واملرسوم عدد الجزائية ومجلة املجلة تنظمها بالقذف والسب كام املتعلق العام

115 حاليا كام تظل ملفوفة بالغموض يف ظل غياب فقه قضاء تعرض ملسألة حرمة الحياة الجنسية.

فقد ترشيعيا يكرس مل وإن حق وهو الصورة«376. يف »بـالحق يسمى ما الحق بهذا ويتعلق

أقره فقه القضاء التونيس من خالل محكمة التعقيب يف قرارها عدد 67367 يف 3 ديسمرب 1986

حني اعتربت أن »الكاتب ال يتمتع بأي صفة قانونية ليتدخل يف الحياة الخاصة لألشخاص وينرش

يف »الحق مكرسة األفراد«، حرمة عىل اعتداء ميثل ما وهو موافقتهم دون وصورهم ترصفاتهم

الصورة ]باعتباره[ مبدأ ينتج عن التعدي عليه قيام مسؤولية الفاعل ورضورة تعويض الضحايا«.

وأما الـحق يف الحفاظ عىل الرس الشخيص فلعل من أهم مظاهره الزام بعض مامريس املهن أو

الوظائف التي متكن من االطالع عىل الحياة الشخصية لألفراد كاألطباء واملحامني بالحفاظ عىل الرس

املهني377 وحاميتهم من إجبارهم عىل اإلدالء باألرسار التي يطلعون عليها. وهو ما أقره املرشع أيضا

ألعضاء اللجان االنتقالية التي أنشئت بعد 14 جانفي2011 كلجنة تقيص الحقائق من أجل الفساد

والرشوة ولجنة تقيص الحقائق يف األحداث التي رافقت الثورةعرب املرسوم عدد 7 املؤرخ يف 1 مارس

املؤرخ يف 1 الرشوة والفساد واملرسوم عدد 8 الحقائق حول بإحداث لجنة تقيص املتعلق 2011

375 انظر حول هذه اآلراء جويدة قيقة، قراءة يف فقه القضاء الدستوري، منشورات مجمع األطرش، تونس، 2011ص.ص.52-56.

EL EUCH MALLEK )S.(, »La protection du droit à l’image «, Mélanges en hommage à Dali Jazi, CPU, Tunis, 2010, 376

pp. 303-350

377 انظر الفصل 254 من املجلة الجزائية.

Page 133: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

132

مارس 2011 املتعلق بإحداث اللجنة الوطنية الستقصاء الحقائق يف التجاوزات املسجلة خالل الفرتة

املمتدة من 17 ديسمرب 2010 إىل حني زوال موجبها.

الدستوري، التنصيص إىل إضافة تونس، يف الشخصية املعطيات بحامية االعتناء مظاهر ومن

صدور القانون األسايس عدد 63 املؤرخ يف 27 جويلية 2004 واألمر عدد 3003 املؤرخ يف 27 نوفمرب

2007 املتعلق بتنظيم الهيئة الوطنية لحامية املعطيات الشخصية. غري أن دراسة هذه النصوص تربز

أن تصور اللجنة كام جاء يف أمر إحداثها يبقى قارصا عن تحقيق حامية مثىل للمعطيات الشخصية.

استقالليتها ونقص القانونية طبيعتها عدم وضوح أهمها لعل هيكلية نقائص من تعاين فاللجنة

بالنظر إىل تركيبتها كام تعاين من نقائص وظيفية نظرا إىل محدودية مجال رقابتها وعدم متكينها من

الوسائل الرضورية والكافية ألداء مهمتها الرقابية عىل أحسن وجه.

1-2 حرية اختيار مقر اإلقامة والتنقل

وإىل البالد داخل التنقل حرية مواطن »لكل أن دستور1959 من 10 الفصل اقتىض

خارجها واختيار مقر إقامته يف حدود القانون«. وقد ورد هذا الحق يف الفقرة الثانية من الفصل

الحرية يف اختيار مقر اإلقامة ويف الصياغة: »لكل مواطن الجديد بهذه الدستور 24 من مرشوع

التنقل داخل البالد وله الحق يف مغادرتها« وذلك مبارشة إثر التنصيص عىل ضامن الحياة الخاصة يف

الفقرة األوىل وما يرتبط بها من حرمة املسكن ورسية املراسالت واالتصاالت واملعطيات الشخصية

كام أردفت هذه الفقرة بفقرة أخرية تنص عىل أنه »ال ميكن املساس بهذه الحقوق والحريات إال

يف حاالت يضبطها القانون وبقرار قضايئ إال يف حالة التلبس«. واملالحظ بخصوص هذين الفصلني

أنهام يكتفيان باإلقرار بهذه الحرية للمواطنني ويتجاهالن طبيعة هذا الحق باعتباره أحد حقوق

اإلنسان أي أنه ينطبق عىل جميع الناس سواء كانوا من مواطني الدولة أو من غري مواطنيها ولذلك

يرى العديد من الفقهاء رضورة تعديل هذا الفصل املضمن مبرشوع الدستور مبا من شأنه أن يوسع مجال انطباقه ويعطي لهذا الحق معناه األصيل.378

• حرية اختيار مقر اإلقامة

ميكن لكل مواطن أن يقيم يف أي مكان من تراب الجمهورية دون حاجة إىل الحصول عىل ترخيص

وليس للسلطة اإلدارية جرب أي شخص عىل اإلقامة مبنطقة معينة ويف هذا الصدد أصدرت املحكمة

اإلدارية قرارا هاما بتاريخ 27 جوان 1990 يف القضية عدد 1887 ابن عاشور ومن معه ضد وزير

الرتبية والتعليم والبحث العلمي ألغت مبوجبه جزئيا قرار وزير الرتبية املتعلق بفتح مناظرة انتداب

أساتذة محارضين يف القانون العام والعلوم السياسية ألنه تضمن أنه »يجب عىل كل مرتشح ناجح

378 انظر امللحق.

Page 134: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

133

أن يقيم مبكان مركز تعيينه ويتعهد لهذا الغرض باإلقامة يف املكان املذكور بصفة نهائية« وورد يف

قرار املحكمة اإلدارية ما ييل: »حيث أن اختيار مقر اإلقامة وهي من الحريات العامة والحقوق

األساسية التي ضمنها الدستور للمواطن ال ميكن تقييدها أو النيل منها إال بنص ترشيعي ويف إطار

الرشوط التي حددها الفصل السابع منه... وإن قرار وزير الرتبية... موضوع الطعن باشرتاط التزام

املرتشحني الناجحني باإلقامة مبركز عملهم يكون قد قيد مبدأ حرية اختيار مقر اإلقامة وهو استثناء

مل يأذن به رصاحة أي قانون ذلك أن النظام األسايس العام ألعوان الوظيفة العمومية مل يقر قاعدة

عامة ومطلقة تلزم جميع املوظفني باإلقامة مبقر عملهم«.

وينطبق مبدأ حرية اختيار مقر اإلقامة عىل األجانب برشط التزامهم مبقتضيات القانون عدد 7

لسنة 1968 املؤرخ يف 8 مارس 1968 واألمر عدد 198 املؤرخ يف 22 جوان 1968 واملنقح باألمر عدد

716 لسنة 1992 املؤرخ يف 20 أفريل 1992 ويلزم الفصل 9 من القانون كل أجنبي يقيم بالبالد

إقامة وبطاقة تأشرية الحصول عىل متقطعة أشهر أو ستة متتالية أشهر ثالثة أكرث من التونسية

مؤقتة ميكن تجديدها ويف صورة عدم القيام بذلك يصبح مجربا عىل مغادرة البالد.

كام يجرب الفصالن 21 و22 من نفس القانون كل شخص يأوي أجنبيا أو سوغ له محال للسكن عىل

إعالم مركز الرشطة أو الحرس الوطني بذلك كام يجرب الفصل 43 من أمر 22 جوان 1968 كل أجنبي

يغري مكان إقامته عىل إعالم مركز الرشطة أو الحرس الوطني بذلك يف أجل ال يتجاوز ثالثة أيام.

• حرية التنقل

يعني حرية مبا إىل خارجها والتنقل التونسية الدولة تراب بالتنقل داخل التنقل تتعلق حرية

مغادرة الرتاب الوطني والرجوع إليه.

أو الحصول عىل ترخيص فإنها مضمونة وال تحتاج إىل التونيس الرتاب التنقل داخل أما حرية

وثيقة مهام كان نوعها وال يفقد الفرد هذه الحرية حتى وإن كان غري حامل لبطاقة تعريف وطنية

بغض النظر عن أن عدم االستظهار بهذه الوثيقة موجب للعقاب طبقا للقانون عدد 27 لسنة 1993

املؤرخ يف 22 مارس 1993.

الشخص عىل مغادرة إجبار تعني عدم فإنها إليه والرجوع الوطني الرتاب وأما حرية مغادرة

ترابه الوطني كام تعني عدم منعه من السفر إىل الخارج عىل أن ذلك يتطلب الحصول مسبقا عىل

وثيقة سفر طبقا ألحكام الفصل األول من القانون عدد 40 لسنة 1975 املؤرخ يف 14 ماي 1975

واملنقح بالقانون األسايس عدد 77 لسنة 1998 املؤرخ يف 2 نوفمرب 1998 الذي جعل من القايض

السلطة الوحيدة ملنع السفر أو لسحب وثيقة السفر التي تخول لصاحبها التنقل بكل حرية خارج

Page 135: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

134

الرتاب الوطني والرجوع إليه. ولقد بسط القضاء اإلداري رقابته عىل املقررات اإلدارية الخاصة مبنع

تسليم جواز السفر مقرا بواليته بالنظر يف قرارات وزير الداخلية التي يتخذها يف خصوص النزاعات

اإلدارية يف أحد أكدت املحكمة السفر وقد لتسليم جواز املؤهلة اإلدارية الخواص واملصالح بني

الصدد حامية لحريات األفراد بقولها: الوقائع يف هذا قراراتها379 إمكانية بسط رقابتها عىل صحة

»ولنئ اقتضت أحكام الفقرة ج من أمر 21 جوان 1956 أنه ميكن سحب جواز السفر العادي أثناء

مدة صلوحيته ألسباب تتعلق بالنظام واألمن العامني فإن ارتكاز وزير الداخلية عىل هذا السبب

لسحب جواز سفر املدعي ال يستقيم من الناحية القانونية رضورة أن ما تعرض إليه هذا األخري يف

املايض من تتبعات بالبالد األجنبية ال يكفي وحده لتربير القرار املنتقد طاملا ال يشء بامللف يفيد

بصفة قطعية أن متكني املعني باألمر من جواز سفره من شأنه النيل من نظام البالد وأمنها األمر

الذي أضحى معه القرار املطعون فيه ال يستند عىل أساس سليم من القانون ويتعني بالتايل إبطاله«.

ولعل تدخل القايض بهذا الشكل هو ما دفع باملرشع إىل التدخل عرب القانون عدد 77 لسنة 1998

آنف الذكر لتنقيح قانون 1975 وجعل قرارات سحب جوازات السفر كام أملعنا إليه خاضعة إىل

السلطة املطلقة للقضاء العديل وذلك يف صور وحاالت مضبوطة مسبقا من قبل املرشع حتى يكف

يد السلطة اإلدارية عن التدخل يف هذه الحرية إال بعد الحصول عىل إذن من طرف القضاء وتنص

الفقرة (هـ) من الفصل 15 جديد عىل أنه ال ميكن سحب جواز السفر إال »إذا كان من شأن سفر

املعني باألمر النيل من النظام أو األمن العامني برشط أن تحصل اإلدارة عىل إذن قضايئ عن طريق

النيابة العمومية صادر عن رئيس املحكمة االبتدائية يف الغرض كام ميكن للجهة القضائية املتعهدة

بالنظر وأثناء تتبع جزايئ ضد حامل الجواز تحجري السفر عليه وعند االقتضاء ولو مع عدم وجود

التتبع أو الحكم ضد حامل الجواز لرئيس املحكمة عن طريق النيابة العمومية تحجري السفر عليه

للمدة التي يحددها استنادا ألحد األسباب املبينة بهذا الفصل...«.

وتعني هذه الحرية حريةر الرجوع إىل أرض الوطن يف عالقة بالفصل 11 من دستور 1959 الذي

ينص عىل أنه »يحجر تغريب املواطن عن تراب الوطن أو منعه من العودة إليه« وقد صدر كتطبيق

لهذه املادة القانون عدد 35 لسنة 1964 املؤرخ يف 2 جويلية 1964 والقايض بتنقيح الفصل 5 من

املجلة الجزائية وذلك بإلغاء عقوبة النفي. وقد وقع التنصيص صلب الفصل 25 من مرشوع الدستور

الجديد أنه »يحجر سحب الجنسية من أي مواطن أو تغريبه أو منعه من العودة إىل البالد«. وهي

ضامنة أساسية بقيت منقوصة من اإلشارة إىل عدم تسليم الدولة ملواطنيها كام هو معمول به يف أغلب دساتري العامل.380

379 رضا بوعزيز ضد وزير الداخلية عدد 1391 يف 22-2-1988.

380 انظر امللحق.

Page 136: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

135

ويف حالة الطوارئ ميكن الحد من حرية التنقل واإلقامة. ويعلن عن حالة الطوارئ عند وجود

العادي لدواليب السري البالد واستقاللها بحيث يتعذر خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وأمن

الدولة. ومينح األمر عدد 50 لسنة 1978 املؤرخ يف 26 جانفي 1978 واملنظم لحالة الطوارئ كال من

وزير الداخلية والوايل صالحية أخذ قرارات يف مجال تحديد حرية التنقل إذ خول للوالة يف املناطق

أو اإلقامة اختيار الطوارئ منع جوالن األشخاص والعربات وتنظيم حرية فيها حالة أعلنت التي

اإلقامة تحت أي شخص ووضع العمومية السلط نشاط عرقلة يحاول أي شخص عىل تحجريها

الجربية يف منطقة ترابية أو بلدة معينة إذا كان نشاطه خطرا عىل األمن والنظام العامني. غري أنه

البد من اإلشارة إىل أن هذا الحد يبقى حدا ظرفيا من الناحية الزمانية واملكانية إذ ينص الفصل الثاين

من األمر املذكور أنه »تعلن حالة الطوارئ ملدة أقصاها ثالثون يوما مبقتىض أمر يضبط املنطقة أو

املناطق الرتابية التي يجري العمل به يف داخلها« وللمحكمة اإلدارية أن متارس رقابة قضائية دنيا

عىل القرارات التطبيقية الصادرة يف إطار حالة الطوارئ والتي من شأنها أن تحد من حرية التنقل

واختيار مقر اإلقامة.

• 2 • احلريات الفردية الفكرية

تتعلق هذه الحريات أساسا مبجموعتني من الحقوق أوالها حرية الفكر والضمري واملعتقد وثانيتها

حرية الرأي والتعبري.

2-1 حرية الفكر والضمري والدين واملعتقد

حرية الفكر والضمريو الدين حق مطلق فال يجوز تقييده أو فرض حدود عىل ضمري اإلنسان أو

عىل مواقفه من الوجود مهام كان تربير ذلك فلكل شخص الحق يف حرية الفكر والوجدان و الدين

ويشمل هذا الحق حريته يف تغيري دينه أو معتقده كام يشمل حريته يف إظهار دينه أو معتقده

بالتعبد وإقامة الشعائر واملامرسة والتعليم وهي جملة املظاهر الخارجية املعربة عن املعتقد والتي

ميكن أن تخضع إىل حدود وقيود مرشوعة »يفرضها القانون وتكون رضورية لحامية السالمة العامة

األساسية« كام اآلخرين وحرياتهم أو حقوق العامة اآلداب أو العامة الصحة أو العام النظام أو

ينص عىل ذلك الفصل 18 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والفصل 18 فقرة 3 من العهد الدويل

للحقوق املدنية والسياسية.

ويعود االعرتاف بحرية الدين يف تونس إىل عهد األمان 1857 وإىل دستور 1861 اللذين جسدا

الرعية وجعلوا سواء يف اإلنصاف عىل اختالف هذا املبدأ فأعطي مبقتضاهام األمن واألمان لسائر

أديانهم وألسنتهم وألوانهم وقد ورد يف رشح الركن األول من عهد األمان املتعلق بأمانة الدين أنه

»ملا كان كل آمر باملعروف أوناه عن املنكر يجب أن يفعل ما أمر به ويتجنب ما نهي عنه للقاعدة

Page 137: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

136

التي أجمع عليها أهل امللل وأرباب العقول وهي أن يحب اإلنسان لغريه ما يحب لنفسه ولتكون

اختالف عىل رعايانا لسائر وميثاقه الله عهد عىل التزمت ممنوعة، ومخالفته مسموعة أقواله

األديان أن نؤكد لهم التأكيد القوي فيام يجب لهم من األمن واألمان يف الدين، وهو يف املسلمني

أن ال يجرب أحد منهم تقليد غري إمامه املقتدى مبذهبه يف عقيدته السنية وعبادته البدنية وال مينع

مسلم مستطيع الترسيح ألداء فريضة حجه، وتجري األحكام الرشعية يف سائر عباداتهم وقرباتهم

وأحباسهم وهباتهم وصدقاتهم وأنكحتهم و توابعها وحضانة صبيانهموموارثهم ووصاياهم وأيتامهم

وما أشبه ذلك. وأما األمان الديني يف حق غري املسلم من رعيتنا، فإنه ال يجرب أحد منهم عىل تبديل

دينه، كام ال مينع من االنتقال لغري دينه، وانتقاله ألي دين يشاء ال مينعه من أحكام رعيتنا وال يجرب

أحد منهم عىل تغيري قواعد دينه، وسائر أحكامهم يف النكاح وتوابعه وحضانة صبيانهم والنظر يف

أيتامهم ووصاياهم وموارثهم تجري فيه أحكام دينهم ونويل عليهم كرباء ديانتهم باتفاق أعيانهم

اختالف عىل الناس سائر بني التسوية وتكون باإلهانة الدينية مجامعهم تقصد وال وجامعتهم،

األديان بني يدي الحكم«.

وبالرغم من احتواء دستور 1959 عىل عبارة »تونس دولة... اإلسالم دينها« فلقد أجمع فقهاء

القانون عىل أن هذه العبارة وصفية بحكم نصها وسياقها يف الدستور وليست حكمية381 وهو ما

يعني أن الدولة التونسية ليست بأي حال من األحوال دولة إسالمية تصدر قوانينها من الرشيعة

بل هي دولة مدنية تتأىت ترشيعاتها من إرادة الشعب صاحب السيادة وتضمن حرية الفكر والدين

وتحمي القيام بالشعائر الدينية ما مل تخل باألمن العام كام نص عىل ذلك الفصل الخامس من هذا

حرية وتحمي املعتقد وحرية الفرد حرمة تضمن التونسية »الجمهورية بأن أقر الذي الدستور

مامرسة القيام بالشعائر الدينية ما مل تخل باألمن العام« ومن بعده الفصل الثامن من نفس الدستور

الذي أكد عىل »حرية الفكر«.

أما مرشوع الدستور الجديد فقد تضمن التنصيص عىل هذا الحق يف فصله الخامس الذي يقتيض

أن »الدولة راعية للدين، كافلة لحرية املعتقد ومامرسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة

لحياد دور العبادة عن التوظيف الحزيب«. وإنهلنئ كان من الغريب أن يكون هذا الفصل مدرجا

بباب املبادئ العامة ال باب الحقوق والحريات فإنه من األغرب أن يقرص هذا الفصل حرية الفكر

حسب لها كمرادف وردت املعتقد حرية أن يبدو التي الدينية الحرية عىل واملعتقد والضمري

الحرية فهي حرية التمييز بني ثالثة مظاهر من مظاهر هذه أنه يجب الحال الفصل. و صياغة

الفكر التي ليست مرادفة رضورة لحرية الضمري التي ال تتطابق بدورها رضورة مع حرية املعتقد.

Dispositions générales de la Consti- 381 الصادق بلعيد، »الفصل األول »تونس دولة حرة مستقلة، ذات سيادة، اإلسالم دينها...««ضمن

.tution, ATDC, Tunis, 2010, pp. 31-36

Page 138: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

137

وتنحدر حرية الدين حسب كل زاوية نظر يقع تناولها من إحدى هذه الحريات. وعليه فلقد جاءت

صياغة هذا الفصل أوال ضيقة ألنها تقرص مجال هذه الحرية الفكرية عىل الدين فتغفل كال من

حرية الضمري وحرية املعتقد وثانيا غري دقيقة إن رجحنا أن السلطة التأسيسية قد غفلت عن ذكر

مظاهر الحرية املختلفة التي بينا وأخريا يف حالة رجحنا أنها كانت قاصدة لذلك وواعية متام الوعي

الفكر وحرية الضمري الفصل قد أقىص متاما حرية الصياغةغريالدقيقة فإن هذا باستتباعات هذه

وقرص حرية املعتقد عىل الحرية الدينية. كام أن هذه الصياغة تجعل الفصل يبدو متعلقا ال بحرية

الدين بل بحق الدين اإلسالمي عىل الدولة التونسية إن جاز لنا التعبري فقد تفهم عبارة الدين عىل

أنه الدين اإلسالمي فتغدو جملة »الدولة راعية للدين« تعبريا عن املرتبة املتميزة للدين اإلسالمي

والهيكلة التونيس القانون غريبا عىل ليس ما ذلك من رضورة حاميته وهو يرتبه وما الدولة يف

الحكومية التونسية وتصبح تبعا لذلك حرية املعتقد تلك الحرية يف اختيار أي مذهب من مذاهب

الدين اإلسالمي. وهذا فهم ال بد من تالفيه و لذلك تتوجب إعادة صياغة هذه الفقرة من الفصل لرفع كل التباس يف فهمها.382

وعىل املستوى الترشيعي أصدر املرشع التونيس العديد من النصوص التي تحمي هذه الحرية

كاملجلة الجنائية التي تنص عىل عقاب كل من يتعرض ملبارشة األمور أو االحتفاالت الدينية أو يثري

تركها384 كام تعاقب أو التهديد عىل مبارشة ديانة أو بالعنف بها تشويشا383 وكل من يجرب غريه

هذه املجلة385 كل من يعدم أو يهدم أو يفسد أو يعيب أو يشوه املباين أو الهياكل أو األعالم أو غري

ذلك من األشياء الدينية وكمجلة الصحافة الصادرة يف 2 أوت 1988 التي تعاقب عرب فصلها الثامن

الدينية الشعائر مامرسة حرية ومتتد فيها. املرخص الشعائر من النيل يتعمد من كل واألربعني

لتشمل حتى املحرومني من حريتهم الجسدية كالسجناء وهو ما يضمنه الفصالن 57 و64 من النظام

الخاص بالسجون386.

ومن الحدود التي شهدتها مامرسة شعائر الدين اإلسالمي يف وقت ما سنشري إىل املنشور عدد

108 الذي أصدرته وزارة الرتبية سنة 1981 وعمم تطبيقه عىل املؤسسات الجامعية عمال باملنشور

القايض العلمي يف 22 سبتمرب 1997 والبحث والتعليم بالرتبية املكلف الدولة وزير الصادر عن

مخالف املنشور أن يف الجامعية. والشك واملؤسسات املعاهد الطائفي« يف »الزي ارتداء بتحجري

ملبادئ القانون التونيس وهو ما أكدته املحكمة اإلدارية يف السادس من ديسمرب 2006 حني ألغت

382 انظر امللحق.

383 فصل 165 من املجلة الجزائية.

384 فصل 166 من املجلة الجزائية.

385 فصل 161 من املجلة الجزائية.

386 القانون عدد 52 املؤرخ يف 14 ماي 2001 املتعلق بنظام السجون

Page 139: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

138

مقررا إداريا اتخذ استنادا إليه وبررت ذلك بقولها: »وحيث تضمن املنشور املذكور قاعدة جديدة

كنف يف يضبط، ترشيعي بنص إليها التعرض يسبق مل مبهمة صيغة يف وردت بالهندام تتعلق

احرتام املقتضيات الدستورية ]...[، ما ميكن اعتباره تطرفا يف الهندام، األمر الذي يفتح لإلدارة سلطة

تقديرية غري محدودة يف تطبيق ذلك املنشور مام قد ينتج عنه تحديد للحريات األساسية ومنها

حرية املعتقد املضمونة دستوريا واستعامله مطية للتضييق من الحقوق والحريات. وحيث يكون

ذلك املنشور، بناء عىل ما سبق عرضه، مخالفا للدستور الذي يؤول إىل عدم رشعية القرار املطعون

فيه وتعني إلغاؤه لهذا السبب«.

وبغض النظر عن مثل هذه التجاوزات السياسية املغلفة قانونيا، يبقى الدين اإلسالمي يف تونس

التونيس. الشعب العظمى من الغالبية دين باعتباره محميا عرب ترشيعات ومؤسسات عديدة387

وهو ما يدفعنا إىل التساؤل عن واقع الديانات األخرى التي مل يقع إيالؤها هذه الحضوة يف الدستور.

والجدير بالذكر يف هذا الصدد أن القانون التونيس قد تعرض يف نصوص قانونية إىل الديانات غري

الديانة اإلسالمية وأفرد اليهودية واملسيحية بنصوص خاصة تنظم مامرسة شعائرهام هذا إضافة إىل

الديانتني. األفراد من معتنقي هــتني واملراعية لخصوصية العامة النصوص الواردة يف املقتضيات

الدينية شعائرهم ملامرسة خاصة أياما والنصارى لليهود أفرد العطل أيام بضبط املتعلق فاألمر

يوم التنفيذ أعامل أي عمل من إجراء منع والتجارية املدنية املرافعات والفصل 292 من مجلة

السبت ضد اإلرسائيليني ويوم األحد ضد املسيحيني ويف عدد من أيام أعيادهم الدينية وهو ما أكدته

محكمة التعقيب التونسية يف قرارها الصادر يف 18 جويلية1969 .وتنص بعض مقتضيات القانون

التونيس عىل عدم التمييز بناء عىل اختالف األديان بني املواطنني من ذلك أن الفصل 4 من مجلة

االلتزامات والعقود ينص عىل أن »اختالف األديان ال يرتتب عليه فرق يف أهلية التعاقد وال يف ما

الناشئة من االلتزامات الصحيحة«. كام ذهبت محاكم األصل لغري املسلمني وعليهم من الحقوق

التونسية يف اتجاهها الغالب إىل تأويل الفصل 88 من مجلة االلتزامات والعقود بصفة ضيقة تتالءم

بالرغم من موقف محكمة بالتوارث بني ملتني عىل أساسه الدينية واملساواة وتسمح الحرية مع

يف القانون لفقهاء يبدو الذي الدينية الحرية عىل ملتني بني التوارث لتأسيس الرافضة التعقيب

تونس غري مربر وضعيفا388. أما عن اإلطار التنظيمي لهذه الديانات فإنه ينظم مامرسة شعائر الديانة

املوسوية يف تونس القانون عدد 78 لسنة 1958 الصادر يف 11 جويلية 1958 أما مامرسة شعائر

الديانة املسيحية فقد نظمها اتفاق دويل عقد بني الدولة التونسية والفاتيكان يف 17 جوان 1964

Les dispositions générales de la Constitution, op. cit., pp. 47-58387 قيس سعيد، »حرية مامرسة الشعائر الدينية يف تونس« ضمن

Les dispositions générales de la Constitution, 388 لطفي الشاذيل، »الدستور والتوارث بني ملتني: دراسة يف فقه القضاء التونيس« ضمن

op. cit.,pp. 58-80

Page 140: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

139

تعهدت الحكومة التونسية مبقتضاه بحامية إقامة الشعائر الكاثوليكية بتونس ويتعلق كام هو جيل

هذا االتفاق بالكنيسة الكاثوليكية فحسب أما الكنيسة الربوتستانية فلقد اعرتف لها رسميا منذ سنة

1933 بالشخصية املدنية ولها عىل هذا األساس أن تشرتي وتدير العقارات الالزمة لشعائرها كام أقر

ذلك الفصل األول من األمر العيل املؤرخ يف 20 جويلية 1933.

ويبقى السؤال مطروحا بخصوص الحرية يف الرجوع عن الدين اإلسالمي أو ما يسمى باالرتداد

السارية. ولقد تعرض دستور 1861 إىل هذه املسألة القانونية النصوص إليه وهو أمر ال تتعرض

التونسية الدولة انتقال غري املسلم لدين آخر ال يخرجه من حامية أن أقر بصورة ضمنية عندما

ورعايتها وهو ما يعني بقراءة عكسية أن انتقال املسلم إىل ديانة أخرى يخرجه من هذه الحامية

وهذه الرعاية. ولقد طرح اإلشكال الخاص باالرتداد مبناسبة التعرض إىل زواج املسلمة بغري املسلم

أمام املحاكم التونسية وصدر يف هذا الشأن منشور أول عن كاتب الدولة للداخلية يف 17 مارس

1962 يحجر عىل ضباط الحالة املدنية إبرام عقود زواج املسلمة بغري املسلم وصدر منشور ثان عن

وزير العدل يف 5 نوفمرب 1973 مذكرا بهذا التحجري إال يف حالة اإلدالء مبا يثبت اعتناق الزوج للدين

اتفاقية قبل ذلك عىل املصادقة من الدولية وهي تونس التزامات يتناقض مع ما اإلسالمي وهو

نيويورك املتعلقة بالرضا بالزواج وبالسن األدىن له وتسجيل عقوده والتي تلزم الدول املصدقة عليها

باتخاذ كل التدابري املفيدة قصد تحطيم كل العوائد القدمية والقوانني وتحقيق الحرية الكاملة يف

و عىل السياسية و املدنية بالحقوق الخاص الدويل العهد املصادقة كذلك عىل و القرين اختيار

اتفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة.

2-2 حرية الرأي والتعبري

لكل إنسان الحق يف اعتناق اآلراء دون مضايقة والتعبري عنها بأي وسيلة. ولنئ كان الحق يف حرية

الرأي مطلقا فإنه يجوز فرض قيود عىل حرية التعبري تكون محددة بقانون و«تكون رضورية إما

الحرتام حقوق اآلخرين أو سمعتهم وإما لحامية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو

اآلداب العامة« كام ينص عىل ذلك العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية و السياسية.

ضمن دستور 1959 يف فصله الثامن »حرية الفكر والتعبري والصحافة والنرش« ومتارس جميعها

»حسب ما يضبطه القانون«.

أما الدستور الحايل فقد كرس مرشوعه يف نسخة 22 أفريل 2013 هذا الحق يف فصله األربعني

القايض بأن »حرية الرأي والتفكري واإلعالم والنرش مضمونة. ال ميكن الحد من حرية التعبري واإلعالم

والنرش إال مبوجب قانون يحمي حقوق الغري وسمعتهم وأمنهم وصحتهم. ال ميكن مامرسة رقابة

Page 141: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

140

التعبري حرية من التحديد ميكن كان إذا أنه الصياغة هذه وتفيد الحريات«. هذه مسبقة عىل

واإلعالم والنرش مبا تقتضيه الفقرتان الثانية والثالثة فإن حرية الرأي والفكر تبقى مطلقة ال ميكن الحد منها يف أي حال من األحوال.389

وقد ظل القانون التونيس متأرجحا يف هذا املجال بني إقرار الحرية وتسليط القيود فنص صلب

نفس القوانني عىل قواعد من شأنها تكريس هذه الحرية رسعان ما أردفها بقواعد تحدد من مدى

مامرستها فإذا به يأخذ بيد ما أعطاه باألخرى.

العمومية والجامعات الدولة ملوظفي األسايس النظام يف جليا الترشيعي االنفصام هذا ويبدو

املحلية الذي مينع يف فصله العارش التنصيص بامللف الشخيص ملوظفي الدولة والجامعات العمومية

املحلية عىل أفكارهم وآرائهم السياسية والدينية والفلسفية وهو ما يوحي بحرية مطلقة يف هذا

الصدد رسعان ما تتبخر بالنظر إىل الفصل الثالث من نفس القانون وتطبيقاته فقه القضائية والذي

يخضع املوظفني العموميني إىل واجب التحفظ الذي مينعهم من اإلدالء بآرائهم والتعبري عنها معتمدا

عىل ضوابط مطاطة تفننت اإلدارة يف استغاللها ملعاقبة املوظفني العموميني390.

التميش الصحفي فلقد كرست مجلة الصحافة الصادرة يف 28 أفريل 1975 هذا امليدان أما يف

املزدوج فإذا نظرنا إىل بعض مقتضياتها أقررنا بوجود ضامنات عديدة لحرية الصحافة أما إذا متعنا

يف مقتضيات أخرى فإنه ال مناص من اعتبارها وسيلة من وسائل الضغط عىل الصحفيني والرقابة

عىل حريتهم.

خضعت مجلة الصحافة التونسية الصادرة يف 28 أفريل 1975 إىل تعديالت عديدة أصبح إيقاف

النرشيات مبقتضاها من اختصاص القضاء دون سواه. أما حجز عدد معني من النرشية وهو إجراء

تحفظي واستعجايل بطبيعته فيعود إىل وزير الداخلية الذي يتخذ قراره بعد استشارة وزير اإلعالم

ويشرتط أن يكون العدد املحجوز من شأنه أن يعكر صفو األمن العام. ويبدو هذا الرشط فضفاضا

ميكن السلطة التنفيذية من حجز املنشورات العتبارات سياسية ضيقة وهو ما مل تتورع السلطة عن

فعله طيلة عقود.

من ناحية أخرى تخضع مجلة الصحافة الصادرة يف 28 أفريل 1975 النرشيات إلجراءات اإليداع

القانوين وهو إجراء رقايب قبيل ساهم يف التحديد من حرية الصحافة نظرا الستعامله باعتباره ترخيصا

مسبقا رغم أن املحكمة اإلدارية قد بينت يف قرارها الصادر بتاريخ 11 جويلية 1989 يف القضية

389 انظر امللحق.

MEJRI )Kh.( et NOURI )Z.(, » L’obligation de réserve dans la jurisprudence du tribunal administratif «, in. La 390

fonction publique aujourd’hui : le statut général de la fonction publique, vingt-cinq ans après, Tunis, CPU, 2009,

.pp.297-341

Page 142: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

141

عدد 1742 ضد وزير الداخلية أن اإليداع القانوين ليس ترخيصا مسبقا وأن »عملية توزيع كتاب

ال تتوقف عىل ترخيص إداري مسبق وميكن القيام بها مبارشة إثر عملية اإليداع القانوين«. وهو ما

يؤكد عىل أن عملية اإليداع القانوين إمنا هي عملية الهدف منها اإلعالم ال الحصول عىل الرتخيص

مبا يسمح للمجموعة الوطنية باملحافظة عىل املنشورات الصادرة يف البالد ال مامرسة الرقابة عليها.

عالوة عىل ذلك تزخر مجلة الصحافة لسنة 1975 باألحكام الردعية التي جعلت من حامية حرمة

األفراد وسمعتهم والحفاظ عىل صفو النظام العام مطية ملعاقبة الصحفيني من أجل الثلب والقذف

واإلخالل بالنظام العام حتى جاز للبعض اعتبارها مجلة جزائية باألساس.

ومبارشة إثر أحداث 14 جانفي 2011 وحذف وزارة اإلعالم وتشكيل هيئة مستقلة لإلعالم قامت

نوفمرب 2011 املؤرخ يف 2 لسنة 2011 املرسوم عدد 116 السلطوية، وقع مبقتىض الهيئات مقام

إحداث هيئة عليا مستقلة لالتصال السمعي البرصي مهمتها تعديل قطاع اإلعالم )بعد أن اضطلعت

بهذه الوظيفة لفرتة الهيئة الوطنية املستقلة إلصالح اإلعالم واالتصال(. كام وقع إصدار املرسوم عدد

115 لسنة 2011 املؤرخ يف 2 نوفمرب 2011 واملتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنرش والذي ألغى

أحكام مجلة الصحافة وبعض النصوص املتعلقة بها.

وفقا مامرسته وعىل التعبري حرية يف الحق عىل ضامن األول فصله منذ املرسوم هذا ويؤكد

ملقتضيات املرجعية الحقوقية الكونية خاصة منها بنود العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية.

كام يشتمل الفصل األول حكام عاما متعلقا بضوابط التقييد من حرية التعبري وهي ثالثة:

- أن يكون التقييد مبقتىض نص ترشيعي

- أن تكون الغاية منه تحقيق مصلحة مرشوعة تتمثل يف احرتام حقوق وكرامة اآلخرين أو

حفظ النظام العام أو حامية الدفاع واألمن الوطني

اتخاذه من إجراءات يف مجتمع دميقراطي ا مع ما يلزم التقييد رضوريا ومتناسب - أن يكون

ودون أن ميثل خطرا عىل جوهر الحق يف حرية التعبري واإلعالم.

املدنية للحقوق الدويل بالعهد مضمن هو ما عىل األحكام هذه ارتكاز للنظر الالفت ومن

والسياسية مام يؤكد عىل انخراط املرشع التونيس يف املرجعية الحقوقية الكونية يف ما يتعلق بحرية

الصحافة و الطباعة و النرش.

ويتعرض الفصل الخامس من هذا املرسوم إىل إجراء اإليداع مؤكدا عىل الغاية منه وهي التوثيق

والحفاظ عىل الذاكرة الوطنية.

Page 143: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

142

النفاذ إىل املعلومة يف عالقة مع املرسوم عدد الصحفيني وحقهم يف ويؤكد املرسوم عىل حرية

41 املؤرخ يف 26 ماي 2011 املتعلق بالنفاذ إىل الوثائق اإلدارية للهياكل العمومية املنقح باملرسوم

عدد 54 املؤرخ يف 11 جوان 2011 وعىل حقهم يف الحامية التي تقتضيها مهنتهم فينص عىل أنه »ال

ا للمساس بكرامته أو يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو املعلومات التي ينرشها سبب

لالعتداء عىل حرمته الجسدية أو املعنوية«391 وعىل أنه »ال تجوز مساءلة أي صحفي عىل رأي أو

أفكار أو معلومات ينرشها طبقا ألعراف وأخالق املهنة...«392 معاقبا »كل من أهان صحفيا أو تعدى

عليه بالقول أو اإلشارة أو الفعل أو التهديد حال مبارشته لعمله بعقوبة االعتداء عىل شبه موظف

عمومي املقررة بالفصل 123 من املجلة الجزائية«393.

ومل يخل هذا املرسوم من أحكام زجرية تعاقب خاصة التحريض عىل ارتكاب جرائم القتل أو

االعتداء عىل الحرمة الجسدية لإلنسان أو االغتصاب أو النهب والتنويه بجرائم الحرب أو الجرائم

ضد اإلنسانية أو التعاون مع العدو والدعوة إىل الكراهية بني األجناس أو األديان أو السكان أو نرش

أفكار قامئة عىل التمييز العنرصي واستعامل بيوت العبادة للدعاية الحزبية والسياسية وتعمد النيل

من إحدى الشعائر الدينية املرخص فيها. كام يعاقب املرسوم عىل نرش األخبار الزائفة التي من شأنها

أن تنال من صفو النظام العام والثلب ويحجر نرش ونقل املعلومات عن جرائم االغتصاب أو التحرش

الجنيس ضد القرص مبا من شأنه أن يسمح بالتعرف عىل الضحية واملواد اإلباحية عن األطفال كام

يتضمن أحكاما خاصة بحامية رسية املحاكامت. ولعل يف هذا التفصيل للجرائم ما مينع من الحد من

حرية الصحفي عرب التوسع يف فهم ضوابط حرية التعبري املتعلقة بحرمة وكرامة األشخاص واملساس

من صفو النظام العام. فال يجوز معه معاقبة الصحفي أو مضايقته من أجل أفعال أخرى تخرج عن

نطاق التجريم الذي ضبطه املرسوم ولو استنادا إىل حرمة وكرامة األشخاص أو املساس من صفو

النظام العام إذ ال ميكن الحديث عن هـذين االعتبارين إال إذا مثل الفعل املقصود بالتتبع إحدى

املخالفات التي فصلها املرسوم.

• 3 • احلريات الفردية العالئقية

نتعرض إىل الحريات العالئقية من خالل الحديث عن حرية العمل من ناحية وعن حرية الصناعة

والتجارة من ناحية أخرى.

3-1 حرية العمل

العمل العمل أي بحرية اختيار العمل بل بحرية بالحق يف الفقرة ال يتعلق الحديث يف هذه

391 الفصل 12.

392 الفصل 13.

393 الفصل 14.

Page 144: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

143

أو مغادرته أو تغيريه إىل غري ذلك من مظاهر القدرة عىل االختيار ضمن السياق العام املتمثل يف

الحق يف العمل.

منه الثامن الفصل يف اكتفى فلقد رصيحة بصورة الحق لهذا متضمنا 1959 دستور يكن مل

بالتنصيص عىل ضامن الحق النقايب دون إشارة إىل أساسه وهو حرية العمل وال إىل أهم استتباعاته

كالحق يف اإلرضاب.

بتاريخ 30 أفريل الحرية وضامنها من خالل مجلة الشغل الصادرة أنه وقع تكريس هذه غري

1966 وهي مجلة نظمت العالقة الشغلية وحددت حقوق وواجبات كل من األجري واملؤجر مانعة

استخدام األطفال الذين يقل سنهم عن 16 سنة وجاعلة املفاوضات الجامعية الفضاء األسايس الذي

السلطة إرشاف تحت وغريها واألجور العمل ظروف لتحديد واألجراء العمل أرباب بني يجمع

العمومية.

خولت هذه املجلة للعامل اإلرضاب واالمتناع عن العمل مطالبة بحقوقه وهو حق مل يكن، كام

أملعنا إليه، مضمنا بدستور 1959. وكام أرشنا إليه آنفا تضمن دستور 1959 التنصيص عىل الحق

2013 أفريل 22 يف املؤرخ الجديد حاول مرشوعالدستور ما وهو ونتائجه أساسه مغفال النقايب

تجاوزه عندما أقر من ناحية أن »العمل حق لكل مواطن وتتخذ الدولة التدابري الرضورية لضامنه

الفصل النقايب وحق اإلرضاب يف الحق إىل أخرى ناحية يف ظروف الئقة وعادلة«394 وتعرض من

املوايل »الحق النقايب مضمون. حق اإلرضاب مضمون ويضبط القانون رشوط ضامن سالمة املعدات

والتجهيزات واستمرارية املرافق الرضورية لتلبية الحاجيات املاسة للمواطنني زمن اإلرضاب«. غري أن

هذا الفصل ال يزال رغم ما أحاط به من جدل ونقاش غري مريض ذلك أنه يقر بحق اإلرضاب ويقيده

باستثناء رسعان ما يلوح للمتمعن فيه أنه نفي تام لهذا الحق ذلك أنه يسمح بالحد منه عىل أساس

اعتبارات لعل أغربها ضامن سالمة املعدات والتجهيزات فهو حد ميكن اإلدارة من التوسع يف تقييد هذا الحق ورشوط مامرسته بشكل يتناىف مع جوهره.395

ويف عالقة بحرية العمل احتوت املنظومة القانونية التونسية عىل قوانني عديدة تنظم هذا الحق

يف الظروف العقابية وأهمها:

األشغال بإلغاء عقوبة فيفري 1989 واملتعلق املؤرخ يف 27 القانون عدد 23 لسنة 1989 -

الشاقة بقية العمر واألشغال الشاقة ملدة معينة وتعويضها بعقوبات سجنية.

- القانون عدد 9 لسنة 1995 املؤرخ يف 23 جانفي 1995 والقايض بإلغاء املرسوم عدد 17 لسنة

1962 املؤرخ يف 15 أوت 1962 املتعلق بالتشغيل اإلصالحي. وقد وقع إلغاء هذه العقوبة

394 الفصل 32.

395 انظر امللحق.

Page 145: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

144

نظرا ألنها تتسم بالجرب عىل التشغيل وتلغي حق الشخص يف االختيار من ناحية وألنها تحرم

الفرد من الحصول عىل مقابل مادي للعمل الذي يقوم به من ناحية أخرى. وهي اعتبارات

يحرص املرشع عىل احرتامها كلام تعلق األمر بتحديد لحرية العمل أو مامرسته يف إطار متسم

بوجود الفرد يف وضعية تكون حريته فيها مسلوبة. ونؤكد عىل هذا من خالل استعراض مثال

ترشيعي آخر هو:

القانون عدد 89 لسنة 1999 املؤرخ يف 2 أوت 1999 املتعلق بإمتام وتنقيح بعض فصول -

املجلة الجزائية والذي سن عقوبة العمل لفائدة املصلحة العامة فاشرتط من خالل الفصل 15

ثالثا من املجلة الجزائية عند الترصيح بعقوبة العمل لفائدة املصلحة العامة »أن يكون املتهم

حارضا بالجلسة ويعرب عن ندمه وأن ال يكون عائدا كام عىل املحكمة قبل الترصيح بالحكم

إعالم املتهم الحارض بالجلسة بحقه يف رفض العمل وتسجيل جوابه« ويف حالة رفضه للعمل

تقيض املحكمة بالعقوبات املستوجبة األخرى. ومن شأن مثل هذه املقتضيات أن تقوم دليال

عىل سعي املرشع إىل احرتام حرية العمل ولو يف ظروف متتاز بانعدام الحرية الجسدية للفرد.

3-2 حرية الصناعة والتجارة

تحتل هذه الحرية يف القانون التونيس موقعا إشكاليا فهي من ناحية إحدى أوىل الحريات التي

وقع إقرارها يف هذه املنظومة القانونية وذلك من خالل التنصيص عليها يف عهد األمان وخاصة من

خالل مادتيه التاسعة والعارشة إذ تنص املادة التاسعة عىل »ترسيح املتجر من اختصاص أحد به

بل يكون مباحا لكل أحد وال تتاجر الدولة بتجارة وال متنع غريها منها وتكون العناية بإعانة عموم

املتجر ومنع أسباب تعطيله«. كام تنص املادة العارشة عىل أن »الوافدين عىل إيالتنا لهم أن يحرتفوا

بساير الصنايع والخدم برشط أن يتبعوا القوانني املرتبة والتي ميكن أن ترتتب مثل ساير أهل البالد ال

فضل ألحدهم عىل اآلخر بعد اتفاقنا مع دولهم يف كيفية دخولهم تحت ذلك كام يأيت بيانه«. ويؤكد

دستور 1861 عىل هذه الحرية يف فصله الثامن والتسعني الذي يقتيض أن »التجارة مرسحة لسائر

رعايانا عىل اختالف األديان من غري تخصيص يف سائر نتايج اململكة عىل اختالف أنواعها وسائر ما

يؤىت به من خارج اململكة عىل مقتىض قوانني اململكة وسائر أحكامها مع دفع األداء املوظف عليها

يف اململكة واألداء املوظف عىل إخراجها وما ميكن أن يوظف«.

تحيل هذه املقتضيات إىل تجذر حرية التجارة والصناعة يف القانون التونيس وقيامها عىل مبدإ

1959 دستور ضمن الحرية لهذه دستوري تكريس غياب للنظر الالفت من أنه غري املساواة

وتجاهلها مبكونيها وهام حرية املبادرة وحرية املنافسة يف مرشوع الدستور الجديد املؤرخ يف 22

Page 146: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

145

أفريل 396.2013

التونسية الترشيعية املنظومة من غيابها أو إغفالها يعني ال الحرية أن عدم دسرتة هذه بيد

ويكفي لبيان أهمية حضورها يف القانون التونيس تقيص ذلك من خالل نظام الصفقات العمومية

كام بينه أمر 17 ديسمرب 2002 وهو أمر يقيم الصفقات العمومية عىل مبادئ أهمها املساواة أمام

الطلب العمومي 397 مام يستوجب من بني ما يستوجبه أن ال يقع تقديم طلبات املشرتي العمومي

بتحديد خاصيات فنية دقيقة بطريقة تؤدي إىل التضييق وإقصاء بعض األطراف أي بشكل يحد من

املنافسة.

وكذلك مبدأ الشفافية وهو مبدأ ذو صلة وثيقة بحرية املنافسة ذلك أنه يجرب عىل اإلعالم الشامل

لجميع املتدخلني يف الصفقة العمومية ورضورة تقديم التوضيحات املطلوبة لكل األطراف.

إضافة إىل هذه املبادئ تم التنصيص رصاحة عىل مبدإ املنافسة الذي يجرب املشرتي العمومي عىل

توفري الظروف التي متكن من تحقيق املنافسة الحرة والنزيهة.

كتطبيق لهذه املبادئ العامة تحيل جميع أساليب إبرام الصفقات العمومية عىل حرية املنافسة

إذ يحدد الفصل 30 من األمر الطريقة األساسية إلبرام الصفقات )وهو ما ال يلغي وجود طرق أخرى

وهي االستشارة املوسعة والتفاوض املبارش( وهي طريقة طلب العروض. تحقق هذه الطريقة أكرب

درجة من املنافسة وتفتح املجال للجميع يف االستجابة إىل طلب املشرتي العمومي. ويف حالة كان

طلب العروض مسبوقا بعملية انتقاء وهي حالة يسمح بها األمر يف الصور التي تكون فيها الصفقات

معقدة ومتشعبة فنيا ويتطلب إنجازها ضامنات مالية وقدرات فنية كبرية فإن هذا التضييق ال مينع

من تكريس مبدإ املنافسة فانتقاء املشاركني يتم عىل أساس هذا املعطى املوضوعي- القدرات الفنية

واملالية- وتدور العملية بينهم عىل أساس احرتام مبدإ املنافسة.

و قد تم تكريس مبدإ حرية الصناعة و التجارة كذلك من خالل األمر عدد 1753 املؤرخ يف 19

جويلية 2010 املتعلق بضبط رشوط و إجراءات منح اللزمات و هو أمر ينص عىل مبدإ املساواة بني

املرتشحني و تكافؤ الفرص و مبدإ شفافية اإلجراءات و مبدإ الحياد و موضوعية معايري االختيار و

مبدإ اللجوء إىل املنافسة يف فصله الثاين الذي يخضع إليها منح اللزمات و يركز كتطبيق لجملة هذه

املبادئ عىل طريقة الدعوة إىل املنافسة فينظم إجراءاتها يف الجزء األكرب منه قبل أن مير إىل تحديد

396 انظر امللحق.

397 الفصل 7 من األمر.

Page 147: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

146

القواعد املنطبقة يف حالة اللجوء إىل طرق أخرى يف منح اللزمات معتربا إياها طرقا »استثنائية«398 و

مقيدا يف االن نفسه مانح اللزمة عرب هذه الطرق بنفس مبادئ املساواة و الشفافية.

وبالرغم من ترصيف حرية التجارة والصناعة يف مجاالت مختلفة ويف نصوص قانونية متعددة

فإنه يبقى من األجدر واألجدى االرتقاء بها إىل مرتبة الوجود الدستوري وهي مرتبة أسندت لهذه

مثريا أمرا الالحقة النصوص يف غيابها يجعل األولىبام الدستورية النصوص منذ تونس يف الحرية

للتساؤل.

398 الفصل 24 من األمر

Page 148: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

147

اخلالصةإن املتأمل يف القانون التونيس البد مالحظ أنه قائم أساسا عىل احرتام جملة من الحريات الفردية

وتكريسه الحريات هذه حامية إىل الرامية األساسية املبادئ من عدد عىل تأسيسه عرب وذلك

ملختلف مظاهر مامرستها عرب تنصيصه عىل قواعد خاصة بكل شكل من أشكال هذه الحرية سواء

كانت جسدية أو فكرية أو عالئقية. غري أن عددا كبريا من هذه الحريات يبقى يف منزلة متدنية نظرا

العتبارات ذات عالقة باملعطى الديني خصوصا وذلك إىل درجة يجوز معها الحديث عن تناقض بني

طبيعة الحريات الفردية يف القانون التونيس كام كرسها التاريخ الدستوري لهذه البالد من ناحية و

مضمون هذه الحريات يف القانون التونيس الوضعي اليوم من ناحية أخرى.

بيد أن تركيز هذه الدراسة عىل النصوص الترشيعية يجعلها قارصة عن إعطاء صورة مفصلة عن

واقع هذه الحريات وذلك لسببني عىل األقل: أولهام، أن هذه الحقوق ترد مبتدأ يف النص الترشيعي

وتستدعي بطبيعتها خربها يف املامرسة القضائية التي من شأنها أن تبني مدى تجذر هذه الحقوق يف

املنظومة الترشيعية. وثانيهام، أن مثل هذه الدراسات املقترصة عىل الجانب القانوين تبقى دراسات

نظرية البد من مجابهتها بالواقع السيايس واالجتامعي الذي ترصف فيه هذه الحقوق. فقد تجعل

املامرسة السياسية الحريات مفعلة كام قد تنجح يف حرص مجالها يف نصوص القانون فتغدو بذلك

مجرد واجهة ترشيعية براقة ملامرسة سلطوية غاشمة كتلك التي رزحت تحت نريها البالد التونسية

طيلة عقود.

وتستدعي هذه املالحظات التوصية:

القانوين. هذا لدارسة املشهد التونيس استكامال القضاء الفردية يف فقه الحريات أوال، بدراسة

ضامن إىل املؤسساتيالهادف للمشهد تخصص بدراسة الدراسة هذه دعم رضورة عىل عالوة

الحريات والحقوق ترصد نقاط القوة ونقاط الضعف فيه.

ثانيا، بدراسة الحريات الفردية عىل ضوء الواقع السيايس يف البالد الكتشاف مدى تفعيلها داخل

ينتهجها التي األساليب مختلف واستخراج ملقتضياتها السياسية السلطة احرتام ومدى املجتمع

الحكام للحد منها.

ثالثا و بصورة أكرث التصاقا مبحتوى هذه الدراسة التفكري يف مراجعة النصوص القانونية النافذة

يف اتجاه تدعيم الحريات الفردية.

Page 149: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

148

قامئة النصوص القانونية املذكورة

حسب ترتيب ورودها أول مرة صلب التقرير

جزءمتهيدي : حقوق اإلنسان، الحريات العامة والحريات الفردية

I -تحديدات اصطالحيةII -تصنيفات حقوق اإلنسان وتصنيفات الحريات العامةIII -الحريات الفردية

الجزء الثاين : تقديم القانون الدويل ذي العالقة بالحقوق والحريات الفردية

I -تقديم القانون الدويل ذي العالقة من خالل النصوص: ثبت بأهم الصكوك الدوليةII -تقديم القانون الدويل ذي العالقة من خالل آليات الحامية ومضمونها

الجزء الثالث : القانون املقارن يف مجال حامية الحقوق والحريات الفردية

I -املنظومة اإلقليمية األوروبيةII -القانون األملاين

الجزء الرابع: الحريات الفردية يف القانون التونيس

I -طبيعة الحريات الفردية يف القانون التونيس

1- خصوصيات الحريات الفردية )وحقوق اإلنسان عموما( يف القانون التونيس

1-1 تعلقها بالذات اإلنسانية عهد األمان املؤرخ يف 10 سبتمرب 1857.

اعتبارها حقوقا طبيعية

1-2 دستور 1 جوان 1956 )و تنقيحاته(املرسوم عدد 14 املؤرخ يف 23 مارس 2011 القايض بصدور التنظيم املؤقت للسلط العمومية.

للسلط املؤقت بالتنظيم املتعلق و 2011 ديسمرب 16 يف املؤرخ 6 عدد التأسييس القانون العمومية.

القانون عدد40 املؤرخ يف 14 ماي 1975 املتعلق بجوازات ووثائق السفر)وتنقيحاته(.مسودة مرشوع الدستور يف نسختها الثانية لـ14 ديسمرب 2012.

مرشوع الدستور الصادر بتاريخ 22 أفريل 2013.1-3 خاصية الكونية

1-4 خاصية الشمولية-2 املبادئ األصيلة التي تنبثق منها الحريات الفردية يف القانون التونيس

1-2- الحريةدستور 26 أفريل 1861.

Page 150: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

149

أمر عيل يف منع االسرتقاق يف سائر اململكة مؤرخ يف 29 ماي 1890.أمر عيل مؤرخ يف 15 ديسمرب1906 متعلق بإصدار مجلة االلتزامات والعقود )و تنقيحاته(

القانون عدد 130 املؤرخ يف 5 أكتوبر 1959 املتعلق بإدراج مجلة املرافعات املدنية والتجارية )وتنقيحاته(.

أمر عيل مؤرخ يف 13 أوت 1956 متعلق بإصدار مجلة األحوال الشخصية )وتنقيحاته(.أمر عيل مؤرخ يف 9 جويلية 1913 متعلق بإصداراملجلة الجنائية )وتنقيحاته(.

القانون عدد 23 املؤرخ يف 24 جويلية 1968 املتعلق بإعادة تنظيم قانون املرافعات الجنايئ : مجلة اإلجراءات الجزائية )وتنقيحاته(.

القانون عدد 21 املؤرخ يف 4 مارس2008 املتعلق بوجوب تعليل قرار التمديد يف االحتفاظ و قرار اإليقاف التحفظي.

القانون عدد 94 لسنة 2002 املؤرخ يف 29 أكتوبر 2002 املتعلق بالتعويض للموقوفني واملحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم.

-2-2 الكرامةالقانون عدد 22 املؤرخ يف 25 مارس 1991 املتعلق بأخذ األعضاء البرشية وزرعها.

القانون عدد 83 املؤرخ يف 3 أوت 1992 املتعلق بالصحة العقلية و برشوط اإليواء يف املستشفى بسبب اضطرابات عقلية.

القانون عدد 114 املؤرخ يف 31 أكتوبر 1994 املتعلق بحامية املسنني.القانون عدد 92 املؤرخ يف 9 نوفمرب1995 املتعلق بإصدار مجلة حامية الطفل.

القانون عدد 52 املؤرخ يف 14 ماي 2001 املتعلق بنظام السجون.القانون عدد 93 املؤرخ يف 7 أوت 2001 املتعلق بالطب اإلنجايب.

-3-2 املساواةII -مضمون الحريات الفردية يف القانون التونيس

1- الحريات الفردية الجسدية

2-1 حرمة الحياة الخاصة وحق الفرد يف الترصف يف جسدهالقانون عدد 5 املؤرخ يف 12 فيفري 1965 املتعلق بإصدار مجلة الحقوق العينية )وتنقيحاته(.

القانون عدد 32 املؤرخ يف 28 أفريل 1975 املتعلق بإصدار مجلة الصحافة )و تنقيحاته(.املرسوم عدد 115 املؤرخ يف 2 نوفمرب 2011 واملتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنرش.

املرسوم عدد 7 املؤرخ يف 18 فيفري 2011 املتعلق بإحداث لجنة وطنية لتقيص الحقائق من أجل الفساد والرشوة.

املرسوم عدد 8 املؤرخ يف 18 فيفري 2011 املتعلق بإحداثلجنة وطنية الستقصاء الحقائق يف التجاوزات املسجلة خالل الفرتة املمتدة من 17 ديسمرب 2010 إىل حني زوال موجبها.

القانون األسايس عدد 63 املؤرخ يف 27 جويلية 2004األمر عدد 3003 املؤرخ يف 27 نوفمرب 2007 املتعلق بتنظيم الهيئة الوطنية لحامية املعطيات

الشخصية3-1 حرية اختيار مقر اإلقامة والتنقل

القانون عدد 7 املؤرخ يف 8 مارس 1968 املتعلق بحالة األجانب بالبالد التونسية.

Page 151: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

150

األمر عدد 198 املؤرخ يف 22 جوان 1968 املتعلق بضبط تراتيب دخول و إقامة األجانب بالبالد التونسية )وتنقيحاته(.

القانون عدد 27 لسنة 1993 املؤرخ يف 22 مارس1993 املتعلق ببطاقة التعريف الوطنية. القانون عدد 40 املؤرخ يف 14 ماي 1975 و تنقيحاته

األمر عدد 50 لسنة 1978 املؤرخ يف 26 جانفي 1978 واملنظم لحالة الطوارئ.2- الحريات الفردية الفكرية

1-2- حرية الفكر والضمري والدين واملعتقدالقانون عدد 78 املؤرخ يف 11 جويلية 1958 املتعلق بنظام شعائر الديانة املوساوية.

أمر عيل مؤرخ يف 20 جويلية 1933متعلق بالكنيسة الربوتستانية.2-2- حرية الرأي والتعبري

القانون عدد 112 املؤرخ يف 12 ديسمرب 1983 املتعلق بضبط النظام األسايس ألعوان الدولة و الجامعات العمومية املحلية و املؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية )وتنقيحاته(.

و البرصي و السمعي بحريةاالتصال املتعلق 2011 نوفمرب 2 يف املؤرخ 116 عدد املرسوم بإحداث هيئة عليا مستقلة لالتصال السمعي البرصي.

املرسوم عدد 41 املؤرخ يف 26 ماي 2011 املتعلق بالنفاذ إىل الوثائق اإلدارية للهياكل العمومية.3- الحريات الفردية العالئقية

1-3- حرية العملالقانون عدد 27 املؤرخ يف30 أفريل 1966 املتعلق بإصدار مجلة الشغل )وتنقيحاته(.

2-3- حرية الصناعة والتجارةاألمر عدد 3158 املؤرخ يف 17 ديسمرب 2002 املتعلق بتنظيم الصفقات العمومية.

األمر عدد 1753 املؤرخ يف 19 جويلية 2010 املتعلق بضبط رشوط و إجراءات منح اللزمات.

Page 152: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

151

بيبليوغرافيا

- األحمدي )عبد الله(، حقوق اإلنسان والحريات العامة يف تونس، تونس 1993.

- األحمدي )عبد الله(، »مفهوم حقوق اإلنسان واملقاربة التونسية لها«، مجلة القضاء والترشيع، ديسمرب 1998، ص.ص.101-125.

- ابن عاشور )عياض(، »التقرير التمهيدي«، قراءة يف مسودة مرشوع الدستور: تقييم واقرتاحات، اليوم الدرايس عبد الفتاح عمر، 15 جانفي 2013، تونس، 2013، ص.ص.7-14

الضامنة 1959 جوان دستور1 أحكام بتونس، االستئناف محكمة )ابراهيم(،«حسب الربتاجي - للحقوقوالحريات األساسية مازالت نافذة« جريدة الصباح، 6 مارس 2013.

Dispo- ببلعيد )الصادق(، »الفصل األول »تونس دولة حرة مستقلة، ذات سيادة، اإلسالم دينها...««، ضمن.sitions générales de la Constitution, ATDC, Tunis, 2010, pp. 33-36

-بوعون )أحمد(، آراء املجلس الدستوري 2009-2004، منشورات مجمع األطرش، تونس 2010.

- الجلويل )عيل(، »املسكن يف القانون التونيس«، مجلة القضاء والترشيع ، 1983، ص.ص.19 وما بعدها.

- الحمروين )سلوى(، »دولة القانون والكرامة اإلنسانية«، ضمن

.Constitution et Etat de droit, ATDC, Tunis, 2010, pp. 101-111

- السخريي زروق )صربية(، »دولة القانون والحرمة الجسدية«،ضمن

.Les droits constitutionnels, ATDC, Tunis, 2010, pp.233-258

- سعيد )قيس(، »حرية مامرسة الشعائر الدينية يف تونس«، ضمن

.Dispositions générales de la Constitution, ATDC, Tunis, 2010, pp. 47-58

- الشاذيل )لطفي(، »الدستور والتوارث بني ملتني: دراسة يف فقه القضاء التونيس«، ضمن

.Dispositions générales de la Constitution, ATDC, Tunis, 2010, pp. 59-80

لحقوق العربية املجلة اإلنسان؟«، قدر أم اإلنسان الدينية:حق من حقوق »الحرية )محمد(، الطالبي -اإلنسان، عدد 1، 1994، ص.ص.42-56.

- العبايس )الذهبي(، »املسكن يف القانون التونيس«، مجلة القضاء والترشيع ، 1997، عدد 5، ص.ص.7 وما بعدها.

- العوين )فتحي(، »الترصف يف األعضاء البرشية بني حامية الذات وتحقيق البعد اإلنساين«، مجلة القضاء

Page 153: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

152

والترشيع، أكتوبر 2008، ص.ص.203-225.

-فرحات )عامد(، »حقوق اإلنسان والسياسة الجنائية الحديثة يف تونس«، مجلة القضاء والترشيع، ديسمرب 1998، ص.ص.127-163.

- فرحات )محمد نور(، »مبادئ حقوق اإلنسان بني العاملية والخصوصية«، املجلة العربية لحقوق اإلنسان، عدد 1، 1994، ص.ص.22-29.

- الفرشييش )وحيد(، »الحقوق والحريات األساسية غري قابلة بطبيعتها لإللغاء » مجلة املفكرة legal-agenda.com 2013 القانونية،العدد الثامن نيسان

- قيقة )جويدة(، قراءة يف فقه القضاء الدستوري، منشورات مجمع األطرش، تونس، 2011.

- اللغامين )سليم(، »مفهوم حقوق اإلنسان: نشأته وتطوره«، املجلة العربية لحقوق اإلنسان، عدد 1، 1994، ص.ص.8-21.

مرشوع مسودة يف قراءة العامة«، »املبادئ )سلوى(، والحمروين )سلسبيل( القليبي )سليم(، اللغامين -الدستور: تقييم واقرتاحات، اليوم الدرايس عبد الفتاح عمر، 15 جانفي 2013، تونس، 2013، ص.ص.15-20.

- اللغامين )سليم(، القليبي )سلسبيل( والحمروين )سلوى(، »الحقوق والحريات«، قراءة يف مسودة مرشوع الدستور: تقييم واقرتاحات، اليوم الدرايس عبد الفتاح عمر، 15 جانفي 2013، تونس، 2013، ص.ص.-31

.58

- املاليك )وليد(، »الحامية القانونية للحرية الذاتية«، مجلة القضاء والترشيع، أكتوبر 2008، ص.ص.-227.393

Page 154: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

153

BIBLIOGRAPHIE- ARNOLD (R.), « Les développements des principes de base des droits fonda-mentaux par la Cour constitutionnelle allemande », in. MélangesJacquesRo-bert, Paris, Montchrestien, 1998, pp. 463-480.

- AUTEXIER (Ch.), Introduction au droit allemand, Paris, P.U.F., 1997.

- BIOY (X.), Le concept de personne humaine en droit public. Recherche sur le sujet des droits fondamentaux, Paris, Dalloz, 2003.

-BLACHER (Ph.), « Droits fondamentaux (Classification) », in. CHAGNOLLAUD (D.) et DRAGO (G.) (dir.), Dictionnaire des droits fondamentaux, Paris, Dalloz, 2006, pp. 275-286.

- BRIBOSIA (E.) et HENNEBEL (L.) (dir.), Classer les droits de l’homme, Bruxelles, Bruylant, 2004.

-BRIBOSIA (E.), « Classification des droits de l’homme », in. ANDRIANTSIMBA-ZOVINA (J.) et al. (dir.), Dictionnaire des droits de l’homme, Paris, P.U.F., 2008, pp. 159-164.

-CAPITANT (D.), Les effets juridiques des droits fondamentaux en Allemagne (thèse doct. Univ. Paris I, 1996), Paris, L.G.D.J., 2001.

-CHAMPEI-DESPLATS (V.), « Les droits et libertés fondamentaux en France. Genèse d’une qualification », in. LOCKIEC (P.) et LYON-CAEN (A.) (dir.), Droits fondamentaux et droits sociaux, Paris, Dalloz, 2005, pp. 11-37.

- DORD (O.), « Libertés publiques ou droits fondamentaux ? », in. TRONQUOY (Ph.) (dir.), Les libertés publiques, La documentation française (« Cahiers fran-çais »), n°296, mai-juin 2000, pp. 11 et s.

- DORD (O.), « Droits fondamentaux », in. ANDRIANTSIMBAZOVINA (J.) et al. (dir.), Dictionnaire des droits de l’Homme, Paris, P.U.F., 2008, pp. 332-336.

- EL EUCH MALLEK (S.), «La protection du droit à l’image », Mélanges en hom-mage à Dali Jazi, CPU, Tunis, 2010, pp. 303-350.

- FAVOREU (L.) et al.,Droitconstitutionnel, Paris, Dalloz, 2e éd., 1999 (Livre II, 3e Partie).

- FAVOREU (L.) et al.,Droit des lois fondamentales, Paris, Précis Dalloz, 3eed., 2005.

- FROMONT (M.), « Les droits fondamentaux dans l’ordre juridique de la Répu-blique Fédérale d’Allemagne », in. Mélanges Charles Eisenmann, Paris, Cujas, 1975, pp. 49 et s.

-GERARD (Ph.), L’esprit des droits, Facultés universitaires Saint-Louis, 2007.

- GREWE (C.) et RUIZ-FABRI (H.), Droits constitutionnels européens, Paris,

Page 155: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

154

P.U.F., Coll. « Droit fondamental », 1995.

- GREWE (C.), « Les influences du droit allemand des droits fondamentaux sur le droit français : le rôle médiateur de la jurisprudence de la Cour européenne des droits de l’homme », R.U.D.H., 2004, pp. 26 et s.

- JANIS (M.), « La notion de droits fondamentaux aux Etats-Unis d’Amérique », A.J.D.A., 1998, pp. 52-55.

- JOUANJAN (O.), « La théorie allemande des droits fondamentaux », A.J.D.A., 1998, pp. 45-51.

- JOUANJAN (O.), « Allemagne (Etat des droits fondamentaux en ---) », in. AN-DRIANTSIMBAZOVINA (J.) et al. (dir.), Dictionnaire des droits de l’Homme, Paris, P.U.F., 2008, pp. 18-24.

- LABAYLE (H.) et SUDRE (F.) (dir.), Réalité et perspectives des droits fondamen-taux, Bruxelles, Bruylant, 2000.

- LEVINET (M.), Théorie générale des droits et libertés, Nemesis- Bruylant, Pa-ris- Bruxelles, Coll. « Droit et justice », 2010.

- MARCUS-HELMONS (S.), « La quatrième génération des Droits de l’Homme », in. Mélanges en l’honneur de Pierre Lambert, Bruxelles, Bruylant, 2000, pp. 549-559.

- MATHIEU (B.) et VERPEAUX (M.), Contentieux constitutionnel des droits fonda-mentaux, Paris, L.G.D.J., 2002.

- MODERNE (F.), « La notion de droit fondamental dans les traditions consti-tutionnelles des Etats membres de l’Union européenne », in. LABAYLE (H.) et SUDRE (F.) (dir.), Réalités et perspectives du droit communautaire des droits fondamentaux, Bruxelles, Bruylant, 2000, pp. 35-84.

- MORANGE (J.), Les libertés publiques, Paris, P.U.F., Coll. « Que sais-je ? », 8eed., 2007.

- MEINDL (Th.), La notion de droit fondamental dans les jurisprudences et doc-trines constitutionnelles françaises et allemandes, Paris, L.G.D.J., 2003.

- MEJRI (Kh.) et NOURI (Z.), « L’obligation de réserve dans la jurisprudence du tribunal administratif », in. La fonction publique aujourd’hui : le statut général de la fonction publique, vingt-cinq ans après, Tunis, C.P.U., 2009, pp.297-341.

- PAVIA (M.-L.), « Eléments de réflexion sur la notion de droit fondamental », Les Petites Affiches, n°54, mai 1994, pp. 6-13.

- PFERSMANN (O.), « Esquisse d’une théorie des droits fondamentaux», in. FAVOREU (L.) et al.,Droit des libertés fondamentales, Paris, Dalloz, 2000, pp. 89-140.

- PICARD (E.), « L’émergence des droits fondamentaux en France », A.J.D.A., 1998, n° spécial, pp. 6-42.

- PICARD (E.), « Introduction générale : la fonction de l’ordre public dans l’ordre

Page 156: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

155

juridique», in. REDOR (M.-J.) (dir.), L’ordre public : ordre public ouordres publics. Ordre public et droits fondamentaux, Bruxelles, Bruylant, 2001, pp. 17-61.

-PIZZARUSSO (A.), « Les générations de droits », in. Liber Amicorum Jean-Claude Escarras, Bruxelles, Bruylant, 2005, pp. 927-940.

- RENAULT (A.), « La notion de libertés publiques, droits de l’individu ou droits du groupe ? », in. TRONQUOY (Ph.) (dir.), Les libertés publiques, La documenta-tion française, « Cahiers français », n°296, mai-juin 2000, pp. 17-22.

- RENUCCI (J.-F.), Traité de droit européen des droits de l’Homme, Paris, L.G.D.J., 2007.

- RIBES (D.), Les effets des droits fondamentaux entre personnes privées, Paris, Economica, 2007.

- RIVERO (J.) et MOUTOUH (H.), Libertés publiques, tome 1, Paris, P.U.F., Coll. « Thémis »,

- SUDRE (F.), Droit européen et international des Droits de l’Homme, Paris, P.U.F., 9eed., 2008.

- SUDRE (F.) et al., « L’Union européenne et les droits de l’homme », R.A.E., 2006, pp. 7-109.

- SUDRE (F.), « Droits intangibles et/ou droits fondamentaux : y’a-t-il des droits prééminents dans la Convention européenne des droits de l’homme ?», in. Liber amicorum Marc-André Eissen, Bruxelles/Paris, Bruylant/L.G.D.J., 1995, pp. 381-398.

- VASAK (K.), « Les différentes typologies des droits de l’homme », in. BRIBOSIA (E.) et HENNEBEL (L.) (dir.), Classer les droits de l’homme, Bruxelles, Bruylant, 2004, pp. 11-23.

- VASAK (K.), « Les différentes catégories de droits de l’homme », in. Les dimen-sions universelles des droits de l’homme, vol. I, Bruxelles, Bruylant, 1990, pp. 297 et s.

- VASAK (K.), « Le droit international des droits de l’homme », R.C.A.D.I., 1974, t.140, pp. 344-345.

-VIALA (A.), « Droits et libertés (distinction), in. ANDRIANTSIMBAZOVINA (J.) et al. (dir.), Dictionnaire des droits de l’Homme, Paris, P.U.F., 2008, pp. 327-330.

- VIALA (A.), « Droits fondamentaux (Garanties procédurales) et Droits fonda-mentaux (Notion) », in. CHAGNOLLAUD (D.) et DRAGO (D.) (dir.), Dictionnaire des droits fondamentaux, Paris, Dalloz, 2006, pp. 287-303 et 303-319.

- WACHSMANN (P.), Libertés publiques, Paris, Dalloz, 6eed., 2009.

- WACHSMANN (P.), « L’importation en France de la notion de droits fondamen-taux », R.U.D.H., 2004, pp.40-49.

- WAHL (R.), « Aux origines du droit public allemand contemporain », R.D.P., 2007, pp. 818-843.

Page 157: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

156

Page 158: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

157

ملحق

جدول للمقارنة بني مقاربة مسودات الدستور و مرشوعه ونسخته النهائية للمسائل املثارة صلب التقرير تحيينا ملحتواه

دستور 27 جانفي 2014 مرشوع الدستور املؤرخ يف 1 جوان

2013

ضعها من الدراسة

)عنوان الفقرة(

املسألة املثارة صلب الدراسة و مقاربتها من خالل مسودات الدستور

باملواد املتعلق الفصل حذف التي ال تقبل التعديل متاما.

تنص التي الفصول بعض بقيت »ال أنه عىل األخرية فقراتها يف

يجوز تعديل هذا الفصل«.

من بينها الفصل 2 »تونس دولة مدنية تقوم عىل املواطنة و إرادة الشعب و علوية القانون.ال يجوز تعديل هذا الفصل« و الفصل 49 األخرية فقرته يف ينص و خاصة تعديل ألي يجوز »ال أنه عىل حقوق مكتسبات من ينال أن يف املضمونة حرياته و اإلنسان

هذا الدستور«

اعتبارها حقوق طبيعيةو الحقوق فكرة وردت الحريات باعتبارها مقتضيات فوق دستورية يف نسخة 14 نسخة يف و 2012 ديسمرب خإلل من 2013 أفريل 22الحريات و الحقوق اعتبار ال التي املقتضيات بني من

تقبل التعديل

Page 159: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

158

تم الغاء هذا املقتىض و االكتفاء املوافق بالفصل 20 »املعاهدات النيايب املجلس قبل من عليها واملصادق عليها أعىل من القوانني

و أدىن من الدستور«

شعبنا متسك عن »وتعبريا مقاصده و اإلسالم بتعاليم و االعتدال و بالتفتح املتسمة مبادئ و االنسانية القيم عىل حقوق االنسان الكونية السامية«

القانون يقرر »49 الفصل بالحقوق املتعلقة الضوابط بهذا املضمونة الحريات و ينال ال مبا مامرستها و الدستور هذه توضع وال جوهرها. من تقتضيها لرضورة إال الضوابط وبهدف دميقراطية مدنية دولة حامية حقوق الغري أو ملقتضيات األمن العام أو الدفاع الوطني أو العامة اآلداب أو العامة الصحة بني التناسب احرتام مع وذلك موجباتها. و الضوابط هذه القضائية الهيئات وتتكفل من والحريات الحقوق بحامية تعديل ألي يجوز ال انتهاك. أي حقوق مكتسبات من ينال أن يف املضمونة وحرياته اإلنسان

هذا الدستور«

»وتأسيسا عىل تعاليم اإلسالم و

مقاصده املتسمة بالتفتح و االعتدال و عىل القيم االنسانية

و مبادئ حقوق االنسان الكونية

السامية«

الفصل 48 »يقرر القانون الضوابط

املتعلقة بالحقوق و الحريات املضمونة

بهذا الدستور و مامرستها مبا ال ينال

من جوهرها. و ال يتخذ القانون إال

لحامية حقوق الغري أو ملقتضيات األمن

العام أو الدفاع الوطني أو الصحة

العامة. وتسهر الهيئات القضائية

عىل حامية الحقوق والحريات من أي

انتهاك«

خاصية الكونية املعاهدات احرتام وجوب الدولية إال يف ما » يتعارض

مع أحكام الدستور«

التنصيص عىل كونية حقوق اإلنسان )التوطئة (

عىل التنصيص تجاور تنصيصات مع الكونية

متعلقة باملرجعية الدينية

مكرس وغري متفاوت اقرار لفكرة الرتابط بني الحقوق

فتح اإلمكانية للحد منها عرب القوانني دون أن يقع ضبط بضوابط الترشيعي التدخل اقرار رضورة موضوعية← بالحرية يقر واحد فصل استثناء منها الحد و مبدأ مبوجب قانون أسايس يتخذ يقتضيها التي للرضورة مجتمع دميقراطي و باحرتام

مبدإ التناسب

» وتحقيقا ألهداف ثورة الحرية والكرامة«

»و تضمن فيه الدولة علوية القانون و احرتام الحريات و

حقوق اإلنسان«

)التوطئة(

» وتحقيقا ألهداف ثورة الحرية والكرامة«

»و تضمن فيه الدولة احرتام

الحريات و حقوق اإلنسان«

)التوطئة(

الحرية يف الحرية كلمة ورود عن تعبريا جاء التوطئة من أكرث الشعب حرية حرية مع عالقة يف كونه

أفراد الشعب

الفصل 28« العقوبة شخصية و ال تكون إال مبقتىض نص قانوين

سابق الوضع ما عدا حالة النص األرفق باملتهم«

الفصل 27« العقوبة شخصية و ال تكون

إال مبقتىض نص قانوين سابق الوضع ما عدا حالة النص

األرفق باملتهم«

الحرية التي العقوبة مبدأ شخصية قانوين بنص إال تكون ال حالة عدا ما الوضع سابق مبدأ باملتهم األرفق النص نسخة 27 الفصل دستوري 22 أفريل 2013

Page 160: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

159

الحرية ثورة ألهداف »وتحقيقا منزلة عىل »وبناء والكرامة«

اإلنسان كائنا مكرما« )التوطئة(

الفصل 4 اخرا »شعار الجمهورية التونسية هو«حرية كرامة عدالة

نظام««

أسباب للمواطنني توفر الدولة العيش الكريم

الفصل 23 »تحمي الدولة كرامة الجسد وحرمة البرشية الذات ومتنع التعذيب املادي و املعنوي التعذيب جرمية تسقط وال

بالتقادم«

الفصل 30 »لكل سجني الحق يف معاملة إنسانية تحفظ كرامته«

الطفل حقوق « 47 الفصل ضامن الدولة عىل و أبويه عىل الرعاية و الصحة و الكرامة

والرتبية والتعليم«

الفصل 23 )أعاله(

وردت الكرامة يف التوطئة )الفقرة عن متاما مختلف سياق يف )5

سياق دولة القانون)الفقرة 4(

العامة املبادئ باب من اخرج و الحقوق باب ضمن ادخل و

الحريات

ال يجيب عن سؤال ما إذا كانت

»وتحقيقا ألهداف ثورة الحرية

والكرامة« »وبناء عىل منزلة اإلنسان

كائنا مكرما« )التوطئة(

الفصل 4 اخرا »شعار الجمهورية

التونسية هو«حرية كرامة عدالة نظام««

الدولة توفر للمواطنني أسباب

العيش الكريم

الفصل 22 »تحمي الدولة كرامة الذات

البرشية وحرمة الجسد ومتنع

التعذيب املادي و املعنوي وال تسقط

جرمية التعذيب بالتقادم«

الفصل 29 »لكل سجني الحق يف معاملة إنسانية تحفظ كرامته«

الفصل 46 » حق الطفل عىل أبويه و عىل الدولة ضامن الكرامة و الصحة و الرعاية والرتبية

والتعليم«

الفصل 22 )أعاله(

الكرامة من الكرامة مبدإ تكريس يف عليه التنصيص خالل

شعار الجمهورية

توفر الدولة 7 الفصل العيش أسباب للمواطنني

الكريم

الدولة تحمي « الفصل 23 كرامة الذات البرشية«

املبدإ اقرار 29 الفصل للسجناء

الفصل 45 كرامة الطفل

التعذيب أشكال كل منع بالفصل املعنوي و املادي

23

اغفال بيان مكانة هذا املبدإ أساسا أو هدفا باعتباره

لدولة القانون

ورد منفصال عن سياق دولة باب يف ضمن وإن القانون

املبادئ العامة

Page 161: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

160

الفصل21 »املواطنونواملواطنات متساوون يف الحقوق والواجبات القانون من غري وهم سواء أمام للمواطنني الجولة تضمن متييز. و املواطنات الحقوق و الحريات لهم وتهيء العامة و الفردية

أسباب العيش الكريم«

و الحقوق باب فاتحة أصبح الحريات21

نفسه بالفصل 21

ألغي

الفصل 46 »تلتزم الدولة بحامية الحقوق املكتسبة للمرأة وتعمل تضمن وتطويرها. دعمها عىل تكافؤ الفرص بني املرأة و الرجل املسؤوليات مختلف تحمل يف تسعى املجاالت. جميع ويف التناصف تحقيق إىل الدولة املجالس يف الرجل و املرأة بني التدابري الدولة تتخذ املنتخبة. الكفيلة بالقضاء عىل العنف ضد

املرأة«

2«تعمل الفقرة 34 الفصل املرأة متثيلية ضامن عىل الدولة

يف املجالس املنتخبة«

الفصل 20 »املواطنون و

املواطنات متساوون يف الحقوق

والواجبات وهم سواء أمام القانون

من غري متييز. تضمن الجولة للمواطنني و املواطنات الحقوق و الحريات الفردية

و العامة وتهيء لهم أسباب العيش

الكريم«

أصبح فاتحة باب الحقوق و الحريات

نفسه بالفصل 20

ألغي

الفصل 45 » تضمن الدولة حامية

حقوق املرأة وتدعم مكاسبها. تضمن تكافؤ الفرص بني املرأة و الرجل يف

تحمل مختلف املسؤوليات. تتخذ

الدولة التدابري الكفيلة بالقضاء عىل

العنف ضد املرأة«

املساواة 22 نسخة 6 الفصل و أفريل«املواطنون يف متساوون املواطنات وهم والواجبات الحقوق غري من القانون أمام سواء

متييز«

األحكام باب ضمن ورد العامة

»املواطنون 6 الفصل يف متساوون واملواطنات

الحقوق والواجبات«

الرجل و »املرأة الفصل 11 املجتمع بناء يف رشيكان

والدولة«

تضمن »الدولة 42 الفصل حامية حقوق املرأة وتدعم تكافؤ تضمن كام مكاسبها الفرص بني املرأة و الرجل يف املسؤوليات مختلف تحمل كل عىل القضاء وتضمن

أشكال العنف ضد املرأة«

Page 162: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

161

الفصل 24 »تحمي الدولة الحياة الخاصة و حرمة املسكن و رسية املراسالت واالتصاالت واملعطيات الحرية مواطن لكل الشخصية. يف و إقامته مقر اختيار يف التنقل داخل الوطن وله الحق يف

مغادرته«

تغيري الرتتيب بشكل وجيه

حقا باعتباره املبدإ صياغة حقوق من أنه حني يف مواطنيا

اإلنسان

يتحدث مبارشة عن ضامن الدولة اقرار يجدر كان حني يف للحق الحق وتكريسه أوال ثم الحديث

عن دور الدولة يف ضامنه

الفصل 23 »تحمي الدولة

الحياة الخاصة و حرمة املسكن و رسية املراسالت

واالتصاالت واملعطيات

الشخصية. لكل مواطن الحرية يف اختيار مقر إقامته و يف التنقل داخل الوطن وله الحق

يف مغادرته. ال ميكن املساس بهذه الحقوق و الحريات

إال يف حاالت يضبطها القانون و بقرار

قضايئ«

تغيري الرتتيب بشكل وجيه

صياغة املبدإ باعتباره حقا مواطنيا

يف حني أنه من حقوق اإلنسان

يتحدث مبارشة عن ضامن الدولة للحق

يف حني كان يجدر اقرار الحق وتكريسه

أوال ثم الحديث عن دور الدولة يف

ضامنه

الخاصة الحياة حرمة وحق الفرد يف الترصف يف

جسده

الفصل أفريل 22 نسخة الدولة الفقرة 1«تحمي 24الحياة و املسكن حرمة املراسالت رسية و الخاصة واملعطيات واالتصاالت

الشخصية«

ترتيب الحياة الخاصة يف غري موضعه

حقا باعتباره املبدإ صياغة من أنه حني يف مواطنيا

حقوق اإلنسان

ضامن عن مبارشة يتحدث كان حني يف للحق الدولة يجدر اقرار الحق وتكريسه دور عن الحديث ثم أوال

الدولة يف ضامنه.

سحب »يحجر 25 الفصل أي من التونسية الجنسية مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو

منعه من العودة إىل الوطن«

الفصل 24 » يحجر سحب الجنسية التونسية من أي

مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من

العودة إىل الوطن«

اإلقامة مقر اختيار حرية و التنقل

وقع التنصيص صلب الفصل يحجرسحب « أنه عىل 25أو أي مواطن الجنسية من تغريبه أو منعه من العودة ضامنة هي و البالد« إىل منقوصة بقيت أساسية اإلشارة إىل عدم تسليم من هو كام ملواطنيها الدولة معمول به يف أغلب دساتري

العامل

Page 163: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

162

للدين راعية »الدولة الفصل6 والضمري املعتقد لحرية كافلة الدينية الشعائر ومامرسة لحياد ضامنة للمقدسات حامية عن العبادة ودور املساجد الدولة تلتزم الحزيب. التوظيف و والتسامح االعتدال قيم بنرش النيل منع و املقدسات بحناية دعوات مبنع تلتزم كام منها التكفري والتحريض عىل الكراهية

و العنف و بالتصدي لها«

ضمن املبادئ العامة دامئا

الفصل6 »الدولة راعية للدين كافلة لحرية

املعتقد والضمري ومامرسة الشعائر

الدينية حامية للمقدسات ضامنة

لحياد املساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزيب«

ضمن املبادئ العامة دامئا

والضمري الفكر حرية والدين و املعتقد

مرشوع من 5 الفصل راعية »الدولة الدستور للدين كافلة لحرية املعتقد الدينية الشعائر ومامرسة ضامنة للمقدسات حامية عن العبادة دور لحياد

التوظيف الحزيب«

الفصل هذا ادراج غرابة ضمن باب املبادئ العامة

الفكر حرية الفصل يقرص عىل واملعتقد الضمري و

الحرية الدينية

ال متعلقا الفصل يبدو بحرية الدين بل بحق الدين

اإلسالمي عىل الدولة

والفكر الرأي 30«حرية الفصل والنرش واإلعالم والتعبري مضمونة. ال يجوز مامرسة رقابة

مسبقة عىل هذه الحريات.«

الفصل 32 »تضمن الدولة الحق إىل النفاذ يف والحق اإلعالم يف إىل الدولة تسعى املعلومة. ضامن الحق يف النفاذ إىل شبكات

االتصال«

األكادميية »الحريات 33 الفصل العلمي البحث وحرية

والتكنولوجي مضمونة«

الفصل 30«حرية الرأي والفكر

والتعبري واإلعالم والنرش مضمونة. ال

ميكن الحد من حرية التعبري واإلعالم و النرش إال مبوجب

قانون يحمي حقوق الغري وسمعتهم

و أمنهم. ال ميكن مامرسة رقابة

مسبقة عىل هذه الحريات.«

الفصل 31 »الحق يف النفاذ إىل املعلومة مضمون يف حدود

عدم املساس باألمن الوطني وبالحقوق

املضمنة يف الدستور«

الفصل 32 »الحريات األكادميية وحرية

البحث العلمي مضمونة. توفر

الدولة اإلمكانيات الالزمة لتطوير

البحث العلمي و التكنولوجي«

حرية الرأي و التعبري الفصل أفريل 22 نسخة والتفكري الرأي »حرية 40مضمونة. والنرش واإلعالم حرية من الحد ميكن ال النرش و واإلعالم التعبري يحمي قانون مبوجب إال و وسمعتهم الغري حقوق ميكن ال وصحتهم. أمنهم عىل مسبقة رقابة مامرسة

هذه الحريات«

Page 164: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

163

لكل حق »العمل 40 الفصل الدولة وتتخذ ومواطنة مواطن عىل لضامنه الرضورية التدابري ولكل واإلنصاف. الكفاءة أساس مواطن ومواطنة الحق يف العمل

يف ظروف الئقة و بأجر عادل«

يف مبا النقايب الحق »36 الفصل وال مضمون. اإلرضاب حق ذلك الجيش عىل الحق هذا ينطبق الوطني. وال يشمل حق اإلرضاب قوات األمن الداخيل و الديوانة«

الفصل 39 »العمل حق لكل مواطن

وتتخذ الدولة التدابري الرضورية لضامنه يف ظروف

الئقة و عادلة«

الفصل 35« الحق النقايب مبا يف ذلك

حق اإلرضاب مضمون«

حرية العمل نسخة 22 أفريل الفصل 32 مواطن لكل حق »العمل التدابري الدولة وتتخذ الرضورية لضامنه يف ظروف

الئقة وعادلة«

النقايب »الحق 33 الفصل القانون ويضبط مضمون املعدات سالمة رشوط واستمرارية والتجهيزات لتلبية الرضورية املرافق الحاجيات املاسة للمواطنني

زمن اإلرضاب«

الفصل 15 »اإلدارة العمومية

يف خدمة املواطن و الصالح العام تنظم وتعمل وفق مبادئ الحياد املرفق واستمرارية واملساواة الشفافية قواعد ووفق العام

والنزاهة و النجاعة واملساءلة«

الفصل 14 »اإلدارة العمومية يف

خدمة املواطن و الصالح العام تنظم وتعمل وفق مبادئ

الحياد واملساواة واستمرارية املرفق العام ووفق قواعد

الشفافية والنزاهة و النجاعة واملساءلة«

حرية الصناعة والتجارة و الصناعة حرية تجاهل حرية مبكونيها التجارة

املبادرة و حرية املنافسة

Page 165: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

احلريات الفردية أمام محكمة التعقيب

منى التابعي

Page 166: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

165

منى التابعي حرم مرزوق مساعدة جامعية يف القانون العام بكلية العلوم القانونية و االقتصادية

و الترصف بجندوبة و بصدد إعداد أطروحة الدكرتاه بكلية العلوم القانونية يف تونس، متخرج من

األكادميية الدولية للقانون الدستوري، عضو مكتب تنفيذي للجمعية التونسية للقانون الدستوري

والتنمية التعاون منظمة لدى االجتامعي النوع و اإلنسان حقوق مجال يف قانونية مستشارة

االقتصادية و لدى املؤسسة الدولية لالنتخابات و الدميقراطية.

من املقاالت املنشورة باللغة الفرنسية » قانون العدالة االنتقالية يف تونس« مؤمتر املركز األورويب

املشرتك بني الجامعات لحقوق اإلنسان والدميقراطية حول دولة القانون والعدالة االنتقالية املنعقد

واملجلس الدستورية »الحقوق .108-112 ص. البندقية،2013، ،2012 نوفمرب 12 و 11 يومي

الدستوري التونيس« يف. ، ندوة خمسينية الدستور التونيس حول الحقوق الدستورية ، عني دراهم

يف 08/04/2009، 2010، ص.199-218

منى التابعي

Page 167: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

166

الفهرس

تقديم

I– غياب تعريف عام و شامل ملفهوم الحريات الفردية يف فقه قضاء محكمة التعقيب

1.القضاء حامي الحريات الفردية

2 . دور محكمة التعقيب

II- الحريات الفردية يف فقه قضاء محكمة التعقيب

-1 الحرية الذاتية

1-1 حامية الحرية الذاتية من اعتداءات األفراد

1-2 حامية الحرية الذاتية من خالل مراقبة قرارات االحتفاظ و اإليقاف التحفظي

أ– االحتفاظ:

ب-اإليقاف التحفظي:

2- الحرمة الجسدية

2-1 حامية الحرمة الجسدية من تعسف ممثيل السلط

2-2 املس من الحرمة الجسدية من خالل االعتداءات الجنسية

3– الجرائم األخالقية و الحرية

4– حرمة املسكن

4-1 تعريف املسكن

4-2 تفتيش املسكن

5- حرية املعتقد

املراجع

قرارات محكمة التعقيب التونسية )املنشورة(:

Page 168: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

167

تقدميبحثا يف موقف الفردية الحريات للدفاع عن التونسية للجمعية املقدمة الدراسة تشكل هذه

محكمة التعقيب التونسية من مسألة الحريات الفردية.و تهدف أساسا إىل تقييم الدور الذي تلعبه

التي املنشورة القرارات البحث يف مجموعة الفردية من خالل الحريات املحكمة يف ضامن هذه

أصدرتها399.

و تعتمد هذه الدراسة عىل تحديد مفهوم الحريات الفردية و عىل تحديد طريقة تعامل محكمة

و فيها للنظر عليها التي عرضت الفردية الحريات و الحقوق من تقييمها ملجموعة و التعقيب

املتمثلة يف الحرية الذاتية والحرمة الجسدية و حرمة املسكن و حرية املعتقد و االختيار.

و يبدو من املهم اليوم التعرض اىل هذا املوضوع يف تونس السيام أنه مل تقدم بعد دراسة شاملة

و خاصة لتحليل و تقييم دور محكمة التعقيب يف مجال حامية الحريات الفردية .

ويعتمد هذا البحث عىل تحليل بعض القرارات املنشورة الصادرة عن محكمة التعقيب و التي

كرست عدادا هاما من املبادئ القانونية املتعلقة بالحريات الفردية .

و أمام غياب التعريف القانوين ملفهوم الحريات الفردية يف الترشيعات و يف فقه قضاء محكمة

التعقيب و نظرا ألن املصطلحات متعددة و متنوعة يف هذا املجال فغالبا ما يقع استعامل مصطلح

Liberté individuelle, liberté الشخصية) الحرية أو الذاتية الحرية كذلك أو الفردية الحرية

physique, liberté personnelle( و جب التوقف قبل التحليل عند تعريف املفاهيم .

وتعني الحرية أساسا انتفاء أي إجبار أو إرغام أو ضغط يف اختيار الفرد لسلوكه400 فهي يف الواقع

تعني قدرة الفرد عىل التحديد الذايت لسلوكه الشخيص. و تعني كذلك الصالحيات القانونية املعرتف

بها للفرد يف مواجهة السلطة العامة والتي تخوله إمكانية إلزام السلطة باالمتناع عن التعرض لبعض

نواحي نشاطه املادي واملعنوي.

الحريات و الحقوق مجموعة اعتبارها ميكن الفردية الحريات معنى تحديد يخص فيام أما

التي الجامعية الحريات بها و ميارسها بصفة فردية عكس يتمتع التي بالفرد و األساسية املرطبة

تستوجب مامرستها وجود مجموعة من األفراد لتكريسها.

399 أنظر قامئة القرارات املرفقة بهذه الدراسة.

400 ابن منظور : لسان العرب ، مجلد عدد 5 ص178 .

Page 169: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

168

و لقد شهد هذا املفهوم تطورا فبعد أن كان معنى الحرية الفردية مرتبطا بالجانب املادي خاصة

حيث يعتربها البعض حق اإلنسان يف أن ال يوقف أو يحجز ويظل متمتعا بإمكانية الذهاب واإلياب،

األشخاص401 وأمن العام النظام متطلبات بني للتوفيق وضعت التي الحدود نطاق يف ذلك كل

أصبحت تحتوي من جهة الحريات الجسدية و الذاتية املتمثلة يف األمن الشخيص والحرمة الجسدية

أخرى من جهة وتشمل املسكن وحرمة الخاصة الحياة واحرتام التنقل وحرية الحياة يف والحق

الحرية الفكرية ومن مظاهرها حرية الرأي و التعبري والضمري وحرية التعليم وحرية الصحافة402.

و الحقوق مجموع تحديد عىل )la liberté individuelle( الفردية الحرية تعريف ويعتمد

الحق يف األمان املتمثلة أساسا يف الفردية )les libertés individuelles(التي تكونها و الحريات

أو السالمة الجسدية و الحق يف الذهاب و اإلياب أي حرية التنقل . و عىل الحق يف حامية الحياة

الجسد يف الترصف حرية يف كالحق االختيار بحرية مرتطبة وحقوق املراسالت و رسية الخاصة

وحرية املعتقد403.

و تقتيض الحريات عموما و الحريات الفردية خاصة و جود جملة من الضامنات لحامية مامرستها

من أهمها الرقابة القضائية و كذلك مجتمع مدين يقض يسهر عىل مراقبة حسن تطبيقها من قبل

الدولة.

و لقد اختارت الجمعية التونسية للحريات الفردية يف إطار هذا البحث تسليط الضوء عىل كيفية

مراقبة محكمة التعقيب التونسية ملجموع الحريات الفردية التي عرضت لرقابتها.

فقه قضاء حممكة الفردية يف غياب تعريف عام و شامل ملفهوم احلريات –I

التعقيب

الدستور إال يف الفردية الحريات مبارشة و رصيحة ملصطلح بصفة التونيس املرشع يتعرض مل

الجديد املوقع يف 27 جانفي 2014 صلب الفصل 21 الذي ينص يف فقرته الثانية »تضمن الدولة

للمواطنني و املواطنات الحقوق و الحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم«،

كام كرس هذا النص مجموعة من الحريات الفردية صلب الباب املتعلق بالحقوق و الحريات.

اما عىل املستوى الترشيعي، فقد متت اإلشارة إىل هذا املصطلح يف مجلة اإلجراءات الجزائية يف

.Raymond Gassin : La liberté individuelle devant le droit pénal , édition Sire, P2 - 401

402 عبد الله األحمدي : حقوق اإلنسان والحريات العامة يف القانون التونيس ، أوربيس للطباعة، تونس، 1993، ص198.

Sophie THERON , » Les mutations de la liberté individuelle : bilan d’une notion à géométrie variable «, in Regards 403

critiques sur quelques )r(évolutions récentes du droit, Tome 1, Presses de l’université des sciences sociales Toulouse,

.2005, pp.223-252

Page 170: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

169

الفصل 83 يف حني أكتفت املجلة الجزائية بالتنصيص عىل الحرية الذاتية وذلك بتجريم االعتداء عىل

هذه الحرية ضمن الجزء الثاين من املجلة يف القسم السادس املعنون يف االعتداء عىل الحرية الذاتية.

ومن املهم اإلشارة يف هذا املجال إىل أن محكمة التعقيب التونسية و من خالل البحث يف

قراراتها املنشورة ال تتعرض إىل مصطلح الحرية الفردية و لنئ تناولت موضوع الحريات الفردية يف

عدد من قراراتها املنشورة404 و قد بلغ عدد هذه القرارات خمسة وثالثني قرارا صادرين يف فرتات

زمنية مختلفة .

و لقد وقع الرتكيز أساسا عىل مصطلح الحرية الذاتية كام ذكر يف املجلة الجزائية و يستنتج ذلك

التعقيب كالقرار عدد 2296 املؤرخ يف 15 سبتمرب 1971 والقرار عدد من بعض قرارات محكمة

9012 املؤرخ يف 24 أفريل 1974، و القرار عدد 362 املؤرخ يف 15 ماي 1974، و القرار عدد 10591

املؤرخ يف 29 جانفي 1975 والقرار عدد 85492 املؤرخ يف 11 جوان 1997. و تبني هذه القرارات

تعريف جرمية االعتداء عىل الحرية الذاتية من خالل أركانها405.

و يف هذا اإلطار، نالحظ كذلك أن الترشيع الفرنيس من ناحية و كذلك الصكوك العاملية لحقوق

اإلنسان مل تقدم تعريفا واضحا ملفهوم الحريات الفردية. ففي فرنسا و لنئ وقع تكريس مصطلح

الحريات الفرديةliberté individuelle( ( يف دستور 4 أكتوبر 1958 و كذلك صلب املجلة الجزائية

إال أن هذه النصوص ال تقدم تعريفا محددا لهذه الحريات.

و ارتبط مفهوم الحريات بالدور األسايس للقضاء يف حاميتها.

• 1 • القضاء حايم احلريات الفردية

عىل املستوى الوطني، تعترب السلطة القضائية، سواء تعلق األمر بالقضاء اإلداري أو القضاء العديل

أو كذلك باملحكمة الدستورية مستقبال، من أهم الضامنات التي تسهر يف إطار مهامها العادية عىل

تكريس احرتام الحريات الفردية .

ومن املالحظ أن القضاء العديل هو الذي يبقى غالبا املختص ترشيعيا يف حامية حريات األفراد

وتكريسها.

و ينص رصاحة عىل مثل هذا االختصاص عىل سبيل املثال الدستور الفرنيس الصادر يف4 أكتوبر

1958 والذي تضمن يف فصله 66 أن القايض العديل ميثل حامي الحريات الفردية وحارسها ، وقد

404 التي سيقع تحليلها يف هذا التقرير.

405 كام سيقع تبيان ذلك يف هذه الدراسة الحقا

Page 171: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

170

تدعم هذا التنصيص الدستوري مبا جاء يف مجلة اإلجراءات الجزائية الفرنسية يف الفصل 136الذي

ينص عىل أن القضاء العديل هو املختص الوحيد يف النظر يف حاالت االعتداء عىل الحرية الفردية406.

يكون العديل القايض اختصاص بأن يقر الفرنيس املرشع أن تؤكد املقتضيات هذه جملة إن

مطلقا كلام تعلق األمر باعتداء عىل الحرية الفردية سواء كان ذلك بفعل الخواص أو بفعل السلط

العمومية407 .

ومن املهم اإلشارة يف هذا املجال إىل أن املرشع الفرنيس وتقديرا منه إىل أهمية الحريات الفردية

و إىل خطورة االعتداء عليها قد أنشأ مؤسسة قضائية مختصة يف مراقبة هذه التجاوزات يف 1 جوان

2000 وهي مؤسسة »قايض الحريات و اإليقاف »408.

يف تونس، أوكل الدستور الجديد لسنة 2014 مهمة حامية الحقوق و الحريات من االنتهاكات إىل

الهيئات القضائية صلب الفصل 49 و الفصل 102409. و تنص مجلة اإلجراءات الجزائية يف القسم

الرابع املتعلق بالبطاقات القضائية يف الفصل 83 يف فقرته الثانية عىل أنه » يكون البت يف كل نزاع

يتعلق مبوضوع البطاقة أو مبدى مساسها بالحرية الفردية من اختصاص القضاء العديل وحده« . و

يستنتج من أحكام املجلة الجزائية أن املحاكم الجزائية هي التي تنظر يف جرائم االعتداء عىل الحرية

الذاتية من طرف الخواص أو أعوان السلطة العمومية و كذلك يف االعتداء عىل السالمة البدنية و

حرمة املسكن....

و لقد لعبت كذلك املحكمة اإلدارية دورا هاما يف حامية الحريات الفردية من تعسف اإلدارة و

اعتدائها. ولكن القضاء العديل مبختلف دراجاته هو الذي اختص بالنظر يف هذه الحريات خاصة

منها الذاتية410 .

• 2 • دور حممكة التعقيب

إن رقابة محكمة التعقيب جاءت محددة مبقتىض القانون الذي ضبط األسباب التي ميكن من

أجلها الطعن بالتعقيب إذ ميكن الطعن بناء عىل عدم االختصاص أو عىل اإلفراط يف السلطة أو خرق

القانون أو الخطأ يف تطبيقه و هي يف كل ذلك مقيدة باملطاعن املضمنة صلب مطلب التعقيب

Art 136 » Dans tous les cas d’atteinte à la liberté individuelle, le conflit ne peut jamais être élevé par l’autorité - 406

.» administrative et les tribunaux de l’ordre judiciaire sont toujours exclusivement compétents

. Jacques Robert, Droits de l’Homme et libertés fondamentales, Paris, Montchrestien, E.J.A., 7ème éd., 1999 , p.45 - 407

Le juge des libertés et de la détention 408

409 يقر الفصل 49 املندرج ضمن باب الحقوق و الحريات يف فقرته الثانية » تتكفل الهيئات القضائية بحامية الحقوق و الحريات من أي

انتهاك« و جاء الفصل 102 املندرج ضمن الباب الخامس من الدستور املتعلق بالسلطة القضائية عىل أن » القضاء سلطة مستقلة تضمن اقامة

العدل ، و علوية الدستور، و سيادة القانون، و حامية الحقوق و الحريات.«

410 أنظر مقالة األستاذ أمري الغول، يف نفس هذا املؤلف.

Page 172: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

171

الذي يقدم عادة من طرف املحكوم عليه إال أنه قد يقدم أيضا من طرف املسؤول املدين وكذلك

التعقيب ال يقترص عىل هذا املدنية، وتقديم مطلب الشخيص يف خصوص حقوقه بالحق القائم

العام لالستئناف الوكيل الجمهورية وإىل أن املرشع خول كذلك لكل من وكيل الجانب فقط بل

الطعن بالتعقيب، كام خول أيضا لوكيل الدولة العام وذلك بناء عىل طلب من وزير العدل411 .

إن تقيد محكمة التعقيب باملطاعن الواردة صلب مطلب التعقيب ال مينعها رضورة من أن تثري

أو العام النظام التي تهم أو تلك تتعلق بكل خرق لإلجراءات األساسية تلقاء نفسها مسائل من

مصلحة املتهم الرشعية . و يف هذا اإلطار تجدر اإلشارة إىل أهمية هذه املسائل و مدى تعلقها

بحريات الفرد و تأثريها عليهم.

مل يضبط املرشع تعريفا و تحديدا لإلجراءات األساسية أو النظام العام أو مصلحة املتهم الرشعية

تاركا بذلك الفرصة لفقه القضاء لضبط الحاالت املندرجة تحت هذه املفاهيم مبا يتالءم أكرث مع

مصلحة املتهم و حرياته الفردية . و قد قدمت محكمة التعقيب يف هذا املجال قرارات مختلفة

سنحاول بسط أهم ما جاء فيها .

II - احلريات الفردية يف فقه قضاء حممكة التعقيب

ان فقه قضاء محكمة التعقيب التونسية كام يتبني لنا من خالل القرارات املنشورة التي أمكننا

التوصل اليها مل يشمل بصفة مبارشة كل الحريات الفردية املكرسة يف القانون التونيس و امنا تعرض

للبعض من هذه الحريات . و يعود ذلك لجملة من االسباب.

اذ ضيق املرشع من التعقيب الترشيعي الختصاص محكمة التحديد األول يف السبب ويكمن

مجال رقابتها. فالتعقيب هو أعىل درجات التقايض يف تونس. و ال تتسلط رقابة محكمة التعقيب إال

عىل األحكام و القرارات الصادرة يف األصل نهائيا412.

و إن كان دور القضاة يف الطور االبتدايئ و الطور االستئنايف النظر يف الوقائع و تكييفها قانونيا

فان قضاة التعقيب لهم اختصاص مضيق. فعموما ال تختص محكمة التعقيب إال بإجراء رقابتها عىل

الجانب القانوين و يكون تعهدها بطلب من الخصوم، و ال تنظر إال فيام وقعت إثارته لديها من

مطاعن تخص الجانب القانوين دون الوقائع إال أنه إذا تعلق األمر مبدى احرتام اإلجراءات املتعلقة

بالنظام العام أو اإلجراءات األساسية أو مصلحة املتهم الرشعية فإن محكمة التعقيب تثري املسألة

من تلقاء نفسها.

411 الفصل 258 م إ ج

412 الفصل 258 م إ ج .

Page 173: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

172

و أدى ذلك اىل جعل العديد من النزاعات التي تهم الحريات الفردية تنتهي عند الطور أالستئنايف

من ذلك و عىل سبيل الذكر »قضية سامي«413 الشهرية و التي تعلقت بالحق يف تغيري الجنس414 .و

كذلك قضية اسرتجاع جوازات سفر حجزت من قبل رشكة رحالت يف سنة 2013 و التي تهم حرية

التنقل.

القضاء اإلداري الذي جعل من القضائية اعتامد مبدأ االزدواجية الثاين فيكمن يف السبب أما

اإلدارة يف قامت ولطاملا النزاع. اإلدارة طرفا يف كانت كلام املجال اختصاص يف هذا بكتلة ينفرد

تونس باخرتاقات جسيمة للحريات الفردية. مام ولد فقها قضائيا هاما من املحكمة اإلدارية يخص

العديد من الحريات الفردية خاصة منها حرية التنقل داخل البالد و خارجها و حرية اختيار املسكن

و االقامة و حرية اختيار اللباس و املعتقد و حرية الرأي و التعبري و النرش415....

و من خالل البحث يف قرارات محكمة التعقيب يف مجال حامية الحريات الفردية تعرضت

محكمة القانون اىل : الحرية الذاتية )1( وحامية الحرمة الجسدية)2( و مسألة الجرائم األخالقية

) 3(وحرمة املسكن )4( و حرية املعتقد واالختيار )5(

• 1 • احلرية الذاتية

متكنت محكمة التعقيب التونسية من خالل مراقبتها لبعض األحكام الصادرة عن محاكم األصل

من التعرض للحرية الذاتية و التي جرم املرشع االعتداء عليها يف املجلة الجزائية.

و ميكن اعتبار الحرية الذاتية باملعنى املوسع كام تتبلور من فقه قضاء املحكمة و التي تكمن

يف منع االعتداء عىل حرية األفراد يف التنقل و حبسهم و حجزهم و مبنع االعتداء عىل حرمتهم

وسالمتهم الجسدية كذلك سواء كان ذلك من قبل األشخاص أو من قبل ممثيل السلط.

1-1 محاية احلرية الذاتية من اعتداءات األفراد

تعترب محكمة التعقيب التونسية أن االعتداء عىل الحرية الذاتية يستوجب توفر بعض الرشوط و

األركان حتى يقع اعتبار الفعل فيه مس من الحرية الذاتية للفرد.

و لقد استقر فقه قضاء املحكمة منذ أوىل قراراتها عىل أن جرمية االعتداء عىل الحرية الذاتية

تتوفر كلام اىت الجاين الفعل املحظور و هو يعلم انه يحرم املجني عليه من حريته و دون موجب .

اىل أحكامها قضاء مستقر مستندة يف فقه املبدأ وفق إقرار هذا اىل القانون و سعت محكمة

الفصول الفصول 250 و 251 و 252 من املجلة الجزائية.

413 حكم استئنايف عدد 10298 الصادر عن محكمة االستئناف بتونس يف 22 ديسمرب 1993.

414 يراجع مقال : عصام األحمر، »تغيري الجنس«، مجلة القضاء و الترشيع، نوفمرب 2010، ص185 و مايليها.

415 أنظر مقالة األستاذ أمري الغول، يف نفس هذا املؤلف

Page 174: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

173

و قد جاء القرار عدد 9012 الصادر سنة 1974 يف هذا اإلطار. و تعلقت وقائع القضية بخالف

نشب بني املعقبني و القائم بالحق املدين أدى بأحدهام إىل توثيق املترضر بالحبل من يديه اىل الوراء

و مكوث الثاين فوقه و اعتربت محاكم األصل أن هناك اعتداء عىل الحرية الذاتية من قبل املعقبني

مصحوب بالعنف الشديد مام استوجب اإلدانة عىل أساس الفصل 252 من املجلة الجنائية. و لقد

أقرت محكمة التعقيب هذا الحكم معتربة أنه » يتحقق الركن األديب لجرمية االعتداء عىل الحرية

الذاتية طبقا للفصل 252 جنايئ متى أىت الجاين الفعل املحضور وهو يعلم انه يحرم املجني عليه من

حريته وال أدل عىل ذلك من مسك املقبوض عليه وحرمانه من حرية الذهاب واإلياب«416.

و يف قضية أخرى ، متثلت وقائعها يف استدراج املعقب للمترضر، الذي كان يعمل معه ثم انقطع

عن العمل دون إعالمه ليلتحق بالعمل مع شخص أخر، للسهر يف ضيعته قصد االنتقام منه، فربطه

بسالسل من حديد يف رجليه و أغلقهام بقفل ثم انهال عليه رضبا بعىص و قد متت إدانة املعقب

من قبل الدائرة الجنائية التي تعهدت بالنظر يف القضية ملدة خمسة أعوام من أجل جرمية االعتداء

عىل الحرية الذاتية. و جاء قرار محكمة التعقيب ليدعم موقف محكمة األصل مبينا أن » الركن

األديب بالنسبة لجرمية التعدي عىل الحرية الذاتية يتحقق متى أىت الجاين الفعل عمدا و هو يعلم

أنه يحرم املجني عليه من حريته بدون أدىن حق«417.

و أعتمدت محكمة التعقيب نفس املبدأ يف قرارها عدد 85492 الصادر سنة 1997 . و تعلقت

و إرجاعها محاولة كانت متكث قصد زوجته حيث عائلة بيت إىل التسلل زوج القضية مبحاولة

العائلة العائلة لذلك و أمام فراره وقعت مالحقته و إدخاله املنزل وتجمع كل أفراد حني تفطن

املوجودين مبا فيهم الزوجة و أوثقوه وتم تعنيفه و حبسه.و رفضوا إخالء سبيله رغم طلب العمدة

الذي التحق باملنزل بعد إعالمهم إياه بالواقعة.

و لقد أبرزت املحكمة من خالل هذا القرار أن حجز املترضر من طرف املتهمني و ربطه بحبل و

رضبه كايف إلثبات نية املتهمني االعتداء عىل الحرية الذاتية للمترضر بحبسه و تعنيفه418.

و يستنتج من خالل هذه القرارات أن محكمة التعقيب تعتمد عىل توفر الركن القصدي و األديب

و املتمثل يف وجود نية حرمان الفرد من حريته يف الذهاب و اإلياب كمعيار أسايس لإلقرار بوجود

جرمية االعتداء عىل الحرية الذاتية.

و ان الرتكيز عىل توفر العنرص القصدي من قبل محكمة التعقيب رغم عدم تكريس النص القانوين

416 قرار تعقيبي جزايئ عدد 9012 مؤرخ يف 24افريل 1974

417 قرار تعقيبي جزايئ عدد 10591 مؤرخ ىف 29 جانفي 1975

418 قرار تعقيبي جزايئ عدد 85492 مؤرخ ىف11جوان1997

Page 175: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

174

الجزائية مستمد من خطورة الفصول 250 و 251 و 252 من املجلة لذلك بصفة رصيحة صلب

العقاب املسلط عىل املعتدي يف هذه الجرمية. فالعقوبات التي اعتمدها املرشع يف هذا املجال هي

عقوبات سالبة للحرية و تشكل بدورها خطرا عىل حرية املتهمني إذا مل يثبت فعال إتيانهم لتلك

الجرمية.

و لقد استند املرشع يف الفصلني 250 و 251 من املجلة الجزائية اىل اعتامد القبض عىل شخص أو

إيقافه أو سجنه دون إذن قانوين األساس الذي تنبني عليه جرمية االعتداء عىل الحرية الذاتية التي

تستوجب السجن ملدة 10 أعوام و خطية قدرها عرشون ألف دينار419. و شدد العقاب صلب الفصل

251 اذا ما صاحب ذلك عنف أو رضر بدين أو سلط عىل أفراد معينني. و استندت محكمة التعقيب

يف احدى قراراتها اىل اعتامد هذا النص مبينة أن الرضب و التعذيب و تعرض املجني عليه للعنف

يشدد من العقوبة وال ميكن يف مثل هذه الحالة تطبيق الحط من العقوبة للمجرمني كام كانت

تسمح به أحكام الفصل 251 م ج قبل تعديله األول سنة 1977420. وقد عللت قرارها كام ييل :«

ال ينظر للحصة الزمنية الواردة بالفصل 251 جنايئ اال متى كان الحبس او اإليقاف مجردا عن الرضب

و التعذيب اىل آخر ما جاء بصدر الفصل 252 جنايئ أما و قد ثبت مبعاينة األعوان أن املجني عليه

كان موثوقا بسلسلة من حديد حامال آلثار العنف فان الحصة الزمنية تصبح غري منظور اليها.«421.

و لقد استقر فقه قضاء محكمة التعقيب التونسية عىل تكريس جملة من املبادئ يف هذا املجال

تتمثل يف :

- يف حالة غياب الركن القصدي تنتفي جرمية االعتداء عىل الحرية الذاتية ولقد كرست هذا املبدأ

منذ قرار صادر لها يف 15 ماي 1974 أوردت فيه ما ييل:« ال تكون جرمية الحبس متوفرة األركان إال

إذا ثبت من نية الجاين أنه أراد الحبس لذاته. أما إذا كان ملجرد الحرص خشية فرار املقبوض عليه

و االنفالت من قبضة العدالة أو كان املقصود منه إقامة الدليل عىل ارتكابه ملا نسب إليه فال جرمية

عىل معنى الفصل 250 جنايئ«422 . وتجدر االشارة هنا ان ذلك يفتح الباب أمام التجاوزات أيضا.

كام الرشعي الدفاع ذلك حاالت من تستثني فهي األفعال غري مرشوعة، تكون هذه أن -يجب

يستنتج ذلك من عدد من قرارتها معتربة أن » جرمية التعدي عىل الحرية الذاتية موضوع الفصلني

250 -252 من القانون الجنايئ تقوم عىل أركان أهمها الركن ألقصدي املتمثل يف نية االعتداء عىل

419 الفصل 250 م ج

420 كان الفصل ينص قبل تعديل 3 أوت 1977 :«... و يحط العقاب بالسجن اىل خمسة أعوام و بالخطية اىل خمسامئة فرنك اذا أطلق املجرمون

بارتكاب الحبس أو الحرص قبل كل محاكمة الشخص املوقوف .....«

421 قرار تعقيبي جزايئ عدد 10591 مؤرخ ىف 29 جانفي1975

422 قرار تعقيبي جزايئ عدد 362مؤرخ ىف15ماي 1974

Page 176: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

175

الحرية الذاتية نفسها بدون مربر رشعي. أما إذا وقع رصاع بني املتخاصمني وتغلب احدهام عىل

اآلخر أثناء ذلك وأوثقه بقصد منعه من زيادة املقاومة وذهب املتغلب فورا إىل السلطة إلعالمها

محكمة وذهبت .423 مفقودا« يكون الذاتية الحرية عىل باالعتداء الخاص القصدي الركن فان

التعقيب التونسية إىل اعتبار حبس املعتدي الذي حاول رسقة األغنام إلقامة الحجة عليه إىل حني

حضور السلطة إذا ما وقع طلبها من الحابس ال يعترب جرمية عىل الحرية الذاتية424.

ـ تكييف العقاب هو من اختصاص محاكم األصل التي من دورها النظر يف الوقائع طاملا كان قرارها

معلال و مبينا. ال بد من اإلشارة يف هذا اإلطار إىل موقف ما فتئت محكمة التعقيب تركز عليه

كلام طرحت أمامها مطاعن تهم تعرض محكمة األصل للبحث يف توفر القصد اإلجرامي من عدمه

يف جرمية االعتداء عىل الحرية الذاتية . و لقد كرست هذا التميش يف عدد من قراراتها معتربة أن«

إبراز توفر الركن ألقصدي هو من اختصاص محكمة املوضوع وال رقابة عليها من طرف محكمة

التعقيب طاملا كان قرارها معلال تعليال سليام.«425. و قد بينت نفس املوقف يف قرار سابق موضحة

: »إن الركن األديب بالنسبة لجرمية التعدي عىل الحرية الذاتية يتحقق متى أىت الجاين الفعل عمدا و

هو يعلم أنه يحرم املجني عليه من حريته مسألة موضوعية من تقدير قاىض األساس حسب ظروف

الواقعة و ال سلطان ملحكمة التعقيب عليه متى علل وجهة نظره تعليال سائغا قانونا مستمدا مام

له أصل ثابت يف األوراق«426.

فمحكمة التعقيب تذكر من خالل تكريس هذا املبدأ بالتزامها مبراقبة حسن تطبيق القانون الذي

يجعل من مسألة تكييف الوقائع من اختصاص قضاة األصل و ال يدخل تحت طائلة اختصاصها.

-إمكانية الحط أو اإلعفاء من العقاب: تعرضت محكمة التعقيب إىل النظر يف إمكانية الحط أو

و ميكن قرارتها الجزائية يف املجلة التونيس صلب املرشع كرسها العقاب كام املعتدي من إعفاء

االستناد يف هذه الدراسة إىل قرارين .

ثانية قديم الفصل 251 فقرة اعتامد املعقبني اىل رضورة استند فيه يف قرار صادر سنة 1968

القاضية بسجن أحدهام 6 و الجنايات التي صدرت بحقهام عن محكمة العقوبة للتخفيف من

سنوات و الثاين 4 سنوات من أجل االعتداء عىل الحرية الذاتية و القيد و الحرص املصحوبني بالعنف،

املطعن هذا رفضت التعقيب محكمة أن اال ساعة. 24 يتجاوز مل املترضرين أن حجز معتربين

423 قرار تعقيبي جنايئ عدد 2296 مؤرخ يف 15 سبتمرب1971

424 قرار تعقيبي جزايئ عدد 7484 مؤرخ يف 23 أكتوبر1982

425 قرار تعقيبي جزايئ عدد 85492 مؤرخ ىف11 جوان 1997

426 قرار تعقيبي جزايئ عدد 10591 مؤرخ يف 29جانفي1975

Page 177: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

176

مكرسة مبدأ هاما يف هذا املجال مفاده أنه ال ميكن تطبيق أحكام الفصل 251 م.ج. يف صورة ما

أطلق املحبوس باطال غري الشخص الذي حبسه427.

بنقض القايض أالستئنايف الحكم التعقيب منطوق أقرت محكمة قرار صادر سنة 2005 و يف

جرمية حجز شخص من دون إذن قانوين عىل أساس الفصل 252م.ج. و الذي يعفي املعتدي من

العقاب اذا بادر بإعالم السلط و قبل بدء كل تتبع مبينة أنه :«حيث يتبني من الحكم املنتقد أن

املتهم بادر قبل كل تتبع إعالم الحرس الوطني بسليانة بواسطة الهاتف مبا قام به من إلقاء القبض

عىل املترضر الذي داهمه مبقر سكناه . و حيث أن محكمة الحكم املنتقد ملا قضت بتربئة ساحة

املعقب ضده عىل أساس مبادرته باعالم السلط مبا قام به قبل كل تتبع تكون قد طبقت القانون

أحسن تطبيق«428.

1-2 محاية احلرية الذاتية من خالل مراقبة قرارات االحتفاظ و اإليقاف التحفظي

الفردية الحرية عىل فيها خطورة قانونية إجراءات ميثالن التحفظي اإليقاف و االحتفاظ إن

للمظنون فيه مبا أنه ميكن أن يقع حجزه أو إيداعه السجن و بذلك سلبه لحرية التنقل قبل طور

محاكمته من أجل االشتباه فيه .

و لقد متكنت محكمة التعقيب التونسية من بسط رقابتها عىل هذين الوسيلتني القانونيتني حتى

تكفل حسن تطبيق القانون وتضمن للمشتبه فيه أو املتهم حقه يف حرية التنقل.

أ– االحتفاظ: االحتفاظ هو اإلجراء الذي مبوجبه يقع الحد من حرية شخص يكون موضع شبهة

وهو ما تقتضيه إجراءات البحث وقد نظم املرشع السلط التي لها صالحية اتخاذ هذا القرار واملدة

ومختلف الضامنات صلب مجلة اإلجراءات الجزائية.

يتبني من خالل القرارات الصادرة عن محكمة التعقيب يف هذا املجال429 أن رقابتها قد شملت

النظر يف صحة و مدى قانونية إجراءات االحتفاظ من ناحية و شملت من ناحية أخرى الرقابة عىل

مدى احرتام الحرمة الجسدية للمحتفظ به.

إذا مل تحرتم تعقيبها يقع التي إلغاء األحكام امليدان عىل املحكمة يف هذا ويعتمد فقه قضاء

اآلجال القانونية لالحتفاظ أو اذا ثبت أن الحكم قد اعتمد عىل اعرتافات أدىل بها املشتبه فيه تحت

427 قرار تعقيبي جنايئ عدد 6228 مؤرخ يف 17جويلية 1968

428 قرار تعقيبي جزايئ عدد 5252 مؤرخ يف 27 أكتوبر 2005

429 حول االحتفاظ يراجع مقال : يعقوب محمد داوود، »االحتفاظ بني الترشيع و فقه القضاء«، نصف قرن من فقه القضاء الجزايئ، أشغال

امللتقى بكلية جندوبة يومي 25 و 26 نوفمرب 2010، منشورات مجمع األطرش للكتاب املختص، تونس، 2011، ص 223-245

Page 178: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

177

وسائل إكراه من باحث البداية.

عليها املنصوص اإلجراءات مخالفة أن مبديئ قرار خالل من التعقيب محكمة بينت قد و

بالقانون يجعل من االحتفاظ فاقدا للرشعية.ففي قرارها التعقيبي الجزايئ عدد 4001 430 متكنت

محكمة التعقيب التونسية من بسط رقابتها عىل مدة االحتفاظ و اعتربت » إن االحتفاظ بربان

املركب من يوم 24/02/2004 عىل الساعة الثامنة صباحا و تقديم املحرض اىل النيابة العمومية يوم

25/02/2004 ليكون بذلك املظنون فيه قد قىض يومني بحالة إيقاف رغم التنصيص عىل انه بحالة

احتفاظ و مل يقع تدوين ساعة اإليقاف و ال اليوم فيه خرق ألحكام الفصل 13 من م ا ج و مع ذلك

مل ترش املحكمة إىل ذلك الخلل رغم تعلقه بالنظام العام فضال عن التمسك به من طرف محاميه

يجعل الحكم ضعيف التعليل هاضام لحقوق الدفاع خارقا للقانون و متعني النقض.«

أما يف فرض احرتام الحرمة الجسدية للمحتفظ به ، فقد أكدت محكمة التعقيب عىل أن الحكم

الذي يقر إدانة بناءا عىل ترصيحات املتهمني لدى باحث البداية ثم وقع الرتاجع فيها من قبلهم

يف الجلسة مرصحني أن االعرتافات أخذت تحت اإلكراه و التعذيب هو حكم قابل للنقض طاملا أن

املحكمة مل متكنهم من األبحاث التكميلية التي طالبوا بها وطاملا أن امللف خال من األدلة ووسائل

اإلثبات431.

ان فقه قضاء محكمة التعقيب حسب ما يتبني من خالل هذه القرارات يتوخى منحى حامئيا

لحقوق األفراد ولضامن حريتهم. لكن مل تتمكن املحكمة من إرساء منظومة حامئية شاملة كتلك

التي ميكن معاينتها مثال من خالل فقه قضاء محكمة التعقيب الفرنسية. فلقد متكنت هذه األخرية

لحامية حقوق املكرسة و الفرنيس الترشيع الواردة يف االجراءات رقابتها عىل مجموع من بسط

املشتبه بهم . من ذلك وجوب إعالم القضاة فور االحتفاظ باملشتبه به432 و رضورة إعالم هذا األخري

بالحقوق التي يتمتع بها حال إيقافه433…

و يف هذا االطار، تعترب محكمة التعقيب الفرنسية كذلك أن املعاملة املهينة للمحتفظ به فيها

مس من مبدأ الكرامة اإلنسانية434 .

430 قرار تعقيبي جزايئ عدد 4001 مؤرخ يف 13أكتوبر 2004

431 قرار تعقيبي جزايئ عدد 213667 مؤرخ يف 03جوان 1987

.Crim. 29 février 2000 et Crim. 10 mai 2001 432

Crim. 14 décembre 1999 , Bull. n°301 et n°302. 2 arrêts ont été rendus à cette date affirmant que la notification 433

des droits à la personne gardée à vue doit intervenir immédiatement et tout retard dans la notification des droits non

.justifié porte atteinte aux intérêts de la personne concernée

.Crim. 10 janvier 1995 434

Page 179: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

178

ب-اإليقاف التحفظي: هو وسيلة استثنائية ميكن من خاللها اتخاذ قرار يقيض إيقاف املتهم

و وضعه يف السجن.

و تختص السلطة القضائية وحدها دون سواها باتخاذ قرار يقيض بإيداع املضنون فيه تحفظيا

بالسجن والحديث عن السلطة القضائية يف هذا املجال ال ينحرص يف قايض التحقيق بل ميتد ليشمل

إمكانية أيضا املرشع لهم أوكل الذين املجليس القضاء و االتهام436 دائرة و 435 العمومية النيابة

إصدار البطاقات القضائية.

ولقد اتسم فقه قضاء محكمة التعقيب بالرتدد فيام يخص إمكانية مراقبتها لهذه البطاقات يف

وهلة أوىل الن املرشع مل يورد نصا واضحا حول إمكانية الطعن بالتعقيب يف البطاقات القضائية

املتعلقة بقرارات اإليقاف و اإلفراج املؤقت .

وصدر قرار أول سنة 1933 كرس مبدأ هاما متعلق بحرية األفراد مؤكدا أن إيقاف املتهمني و

رساحهم ليسا موكالن إلرادة الحكام بل يجب عليهم أن يؤسسوا رأيهم يف املوضوع عىل مستندات

مهام كان النظر املعطى لهم لتتمكن محكمة التعقيب من مدى مراقبة اإلجراءات األصولية املتعلقة

بها437.

إال أنه و يف قرار الحق رفضت محكمة التعقيب إمكانية الطعن بالتعقيب يف مثل هذه القرارات

باعتبارها وسيلة وقتية غري نهائية كام يتبني ذلك من خالل قرارها التعقيبي الصادر يف 8 ماي1951

438. و قد جاء يف هذا القرار : » ما يتخذه حاكم التحقيق أو دائرة االتهام من القرارات الخاصة

التحقيقية و هي حينئذ غري قابلة الوسائل بإيقاف املتهمني أو اإلفراج عنهم إمنا هي وسيلة من

للطعن بطريق التعقيب«.

ملحكمة املجتمعة الدوائر طرف من تبينه وقع ما خالل من تراجعا شهد املوقف هذا لكن

املتعلق االتهام دائرة قرار »إن فيه الذي جاء و الصادر يف 03 ديسمرب1966 قرارها التعقيب يف

باإليقاف التحفظي مسألة قانونية نظمتها الفصول 58 إىل 68 م إ ج ويكون قرارا قضائيا يخضع

لرقابة محكمة التعقيب« 439.

إن هذا القرار يعترب من القرارات املبدئية . فلقد وضعت الدوائر املجتمعة ملحكمة التعقيب من

435 الفصل 20 و ما يليه من م إ ج .

436 الفصل 117 من م إ ج .

437 قرار تعقيبي عدد 499 مؤرخ يف 24 جانفي 1933

438 قرار تعقيبي عدد 946 مؤرخ يف 8 ماي 1951.

439 قرار تعقيبي عدد 5088صادر عن الدوائر املجتمعة ملحكمة التعقيب يف 03 ديسمرب1966.

Page 180: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

179

خالله حدا لجدال قانوين و تذبذب فقه قضايئ يجعل من تقييد حرية األفراد عمال ال يخضع لرقابة

محكمة القانون.

ألهم املرشع و التعقيب تعتمده محكمة أنه أسس الجتهاد فقه قضايئ مرجعي أصبحت كام

لتنقيح القانون الجزايئ حتى ميكن املتهم من ضامنات حتى يف حالة تقييد حريته من قبل حكام

و قضاة األصل440.

و بناءا عىل ذلك القرار املبديئ سعت محكمة التعقيب لتحديد ميدان تدخلها. فتؤكد يف قرار الحق

بأن الطعن بالتعقيب يف قرارات دائرة االتهام املتعلقة باإليقاف واإلفراج املؤقت ال يقبل إال إذا كان

الطعن مؤسسا عىل خرق النصوص القانونية التي طبقت قواعد اإليقاف و اإلفراج املؤقت و لتؤكد خروج

البحث يف مدى وجاهة اإليقاف من عدمه باعتباره جداال موضوعيا ال يدخل يف اختصاصها مربرة »إن

الطعن بالتعقيب يف قرارات دائرة االتهام املتعلقة باإليقاف واإلفراج املؤقت ال يقبل إال إذا كان الطعن

مؤسسا عىل خرق النصوص القانونية التي طبقت قواعد اإليقاف و اإلفراج املؤقت حسبام ذهب إليه

اجتهاد محكمة التعقيب بقرارها الصادر عن دوائرها املجتمعة يف 03 ديسمرب 1966 تحت عدد 5088.

و الجدال يف وجاهة اإليقاف من عدمه ألنه جدال موضوعي ال شأن ملحكمة التعقيب فيه«441 .

حيث الفهري سامي قضية خالل من مؤخرا تونس يف جديد من املسألة هذه طرحت ولقد

نقضت محكمة التعقيب التونسية قرار دائرة االتهام القايض بسجن املتهم يف وهلة أوىل من خالل

القرار ألتعقيبي األول عدد 7212 الصادر يف 28 نوفمرب 2012 و كذلك يف قرارها التعقيبي الثاين

الصادر يف 5 أفريل 2013 . و لقد اتسمت هذه القضية بطابع سيايس كبري جعل من املوضوع محور

الطعن إمكانية حول القديم القانوين الجدل أعاد و اإلذاعية. و التلفزية الحوار منابر يف نقاش

بالتعقيب يف بطاقات اإليداع الصادرة عن دائرة االتهام.

و جاء قرار محكمة التعقيب مبينا » وحيث ال جدال بأن إبقاء املعقب )سامي الفهري( و الحالة

تلك تحت مفعول بطاقة اإليداع السابقة رغم نقضها من طرف محكمة القانون فيه مس بحقوقه و

انتهاك لحرمته الجسدية و مصلحته الرشعية يف محاكمة عادلة تراعي فيها اإلجراءات القانونية فضال

عن انتفاء كل سند قانوين لها , وحيث و الحالة تلك فقد أورثت محكمة القرار املطعون فيه حكمها

ضعفا يف التحليل و خرقا للقانون و مسا بقواعد إجرائية أساسية تهم مصلحة املتهم الرشعية«442.

440 يراجع يف ذلك مقال : زهري اسكندر، » مراقبة محكمة التعقيب لإليقاف التحفظي«، نصف قرن من فقه القضاء الجزايئ، أشغال امللتقى يومي

25 و 26 نوفمرب 2010 بكلية العلوم القانونية واالقتصادية و الترصف بجندوبة، منشورات مجمع األطرش للكتاب املختص، ص ص 247-255.

441 قرار تعقيبي جزايئ عدد 6412 مؤرخ يف 04 جوان 1969 ن. م. ت 1970 ص 163.

442 أنظر املالحق

Page 181: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

180

و لكن رغم املوقف الواضح الذي اتخذته محكمة التعقيب يف هذه القرارات فان السلط

امتنعت عن تطبيق قرارها و بقي املعقب مسجونا رهن اإليقاف التحفظي رغم القضاء بإبطال

مفعول بطاقة اإليداع يف حقه.

• 2 • احلرمة اجلسدية

تعرضت محكمة التعقيب التونسية اىل مراقبة األحكام التي صدرت من قضاة األصل يف حاالت

االعتداء عىل الحرمة الجسدية لألفراد من خالل النظر يف األحكام التي تخص حاالت االعتداء عىل

الحق يف الحياة بالقتل أو املساس بالحق يف سالمة الجسم بالرضب و الجرح والتعذيب و االعتداء

بالعنف باإلضافة إىل األحكام األخرى املتعلقة بالجرائم الجنسية كاالعتداء بالفاحشة واملواقعة و

التحرش الجنيس.

2-1 محاية احلرمة اجلسدية من تعسف ممثيل السلط

خص املرشع االعتداء الحاصل من طرف موظف عمومي عىل حرية األفراد بأحكام خاصة443تتسم

بعقوبات أشد. و من املالحظ يف هذا اإلطار أن محكمة التعقيب التونسية قد تعرضت اىل النظر يف

هذه الحاالت يف قرارات قليلة جدا حسبام توصلنا اليه لتنقض فيها استعامل الفصل 101 م .ج.444

وذهبت محكمة التعقيب إىل أن أحكام هذا الفصل ال تتعلق باملعلمني حال اعتدائهم بالرضب عىل

التالميذ لتأديبهم445 بل أن أحكام هذا الفصل تتعلق باملوظفني الذين أسند لهم القانون صالحيات

السلطة لحفظ النظام العام.

كام بينت يف قرار أخر شمل قضية عنف متبادل بني عون أمن و جندي أن » جرمية الفصل 101

جنايئ تستلزم توفر ركن عدم وجود موجب للعنف«446.

2-2 املس من احلرمة اجلسدية من خالل االعتداءات اجلنسية

ان االعتداءات الجنسية تعترب من بني االعتداءات الخطرية عىل الحرمة الجسدية و عىل الحريات

الذاتية و الفردية و التي عمل املرشع عىل تجرميها يف القانون الجزايئ.

و لقد تعرضت محكمة التعقيب لبسط رقابتها عىل حسن تطبيق القانون يف هذا املجال عدة مرات

و يف قرارات كثرية.

443 املجلة الجزائية الفصل الخامس من الباب الثالث تحت عنوان » يف تجاوز السلطة » ومنها الفصول 101 ـ 101 مكرر و103 م ج

444 ينص الفصل 101 م.ج. عىل أنه : »يعاقب بالسجن ملدة خمس أعوام و بخطية قدرها مائة و عرشون دينارا املوظف العمومي او شبهه الذي

ميارس بنفسه أو بواسطة االعتداء بالعنف دون موجب عىل الناس حال مبارشته لوظيفته أو مبناسبة مبارشتها.«

445 قرار تعقيبي عدد 4960 مؤرخ يف 16 جانفي 1967 ن م ت لسنة 1967 ص 79.

446 قرار تعقيبي عدد11479 مؤرخ يف 4 فيفري 1976.

Page 182: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

181

الرضاء االغتصاب. و هو اعتداء يعاقب - مواقعة األنثى دون رضاها :يقصد باملواقعة دون

عليه القانون.

الدوائر املجتمعة عدد6417لسنة 1969أن التعقيب يف هذا املجال منذ قرار اعتمدت محكمة

هذه »الجناية ال تقوم إال إذا كان هناك وطأ باملكان الطبيعي لألنثى و بطريق االيالج«. و لقد استقر

فقه القضاء منذ ذلك الحني إىل اليوم عىل اعتامد نفس املبدأ.

و اعتربت محكمة القانون يف قرار لها صادر سنة 1996447 أن اإليالج املستوجب للتجريم ميكن

أن يكون جزئيا و ناتجا عن مجرد دلك ذكر الرجل مبستوى فرج األنثى. ويستنتج من هذا القرار

أن محكمة التعقيب تحاول فرض احرتام الحرية الفردية من خالل توسيع مفهوم الفعل املوجب

للعقاب.

- مواقعة القارص برضاها: لقد وقع تجريم االتصال الجنيس و مضاجعة القارص حتى و ان تم

ذلك برضها يف القانون التونيس.

- االعتداء بالفاحشة: تعترب محكمة التعقيب التونسية أن فعل الفاحشة هو »كل عمل مخل

بالحياء يستطيل جسم املرء وعورته ويخدش فعل الحياء عنده« وهو ما تكرسه يف العديد من

قراراتها نذكر منها قرار تعقيبي عدد 34524 الصادر يف 16 جانفي 1991 و القرار عدد14245

الصادر يف 17 نوفمرب 2007.

- التحرش الجنيس : تعرضت محكمة التعقيب اىل التحرش الجنيس يف اطار طعن قدم من قبل

الوكيل العام يف حكم استئنايف برء ساحة املتهم الذي انفرد باحدى العامالت معه بغرفة يف

الرشكة و حني دخول عاملة أخرى أقرت األوىل أنها تعرضت للتحرش الجنيس من قبله.

و جاء يف القرار ألتعقيبي ماييل : » إن التحرش الجنيس هو كل إمعان يف مضايقة الغري بتكرار أفعال

أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله عىل االستجابة

لرغباته أو لرغبات غريه الجنسية أو مبامرسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته عىل التصدي

لتلك الرغبات.

إن التتبع ال يجرى يف جرمية التحرش الجنيس إال بطلب من النيابة العمومية بناء عىل شكاية من

املترضر«448 .

447 قرار تعقيبي جنايئ عدد 50370 مؤرخ يف 26 جوان 1996

448 قرار تعقيبي جزايئ عدد 15229 مؤرخ ىف 10 نوفمرب 2007

Page 183: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

182

و من املالحظ يف هذا اإلطار أن محكمة التعقيب قد أعادت التذكري مبا جاء بالنص الترشيعي

دون الخوض يف التأويل أو تفسري املقصود منه. و اعتربت أن القيام بالطعن من غري املترضرة التي

تخلت عن الشكاية املقدمة من طرفها يجعل من املطعن مرفوضا وفقا ملا جاء باملجلة الجنائية من

تحديد لصفة الشايك.

• 3 • اجلرامئ األخالقية و احلرية

مع الفرد حريات مامرسة مراقبة فيها تناولت القرارات من عددا التعقيب محكمة قدمت

مقتضيات النظام العام و األخالق الحميدة. و قد جاءت هذه القرارات مكرسة لفقه قضاء مختلف.

يتسم تارة بالتوسع يف مكونات الحرية و يتسم طورا بالتضييق منها بهدف حامية النظام العام و

األخالق الحميدة.

- جرمية االعتداء عىل األخالق الحميدة :

أنشأت محكمة التعقيب يف هذا املجال قرارا مبدئيا معتربة فيه »- إن جرمية االعتداء عىل األخالق

ال تنهض إال بتوفر ركنني أساسني ، األول ركن العالنية والثاين الركن املادي الذي تتكون منه الجرمية

وهو أن تكون االغاىن أو الخطب او الرصاخ املكونة للجرمية ماسة باألخالق وبالتايل تخدش عاطفة

أن اإلطار اعتربت يف هذا لقد و الدينية«449 ملعتقداتهم أو دوس اهانة فيها أو الناس الحياء يف

الحديث الذي ليس فيه كالم خادش للحياء من رجل المرأة ال يعرفها ال يعترب جرم.

و يف قرار ثاين صدر عن محكمة التعقيب اعتربت فيه أن التعري يف دورة املياه يشكل جرمية

االعتداء عىل األخالق الحميدة أو التجاهر مبا ينايف الحياء و أعتربت أنه من املسلم به فقها وقانونا

أن أي مكان وضع عىل ذمة العموم يبقى عاما ولو تواجد به شخصان.و أن جرمية االعتداء عىل

األخالق الحميدة أو التجاهر مبا ينايف الحياء ال تفرتض وجوب ملس املتهم للمترضر فلو تعدى فعل

املتهم إىل ملس املترضر ألصبح األمر فاحشة وال اعتداء عىل األخالق الحميدة450.

كام اعتربت محكمة التعقيب كذلك أن امتالك رشيط ايباحي من قبل صاحب محل أفالم و من

تعمل معه و قد تم تغيري اسم الفيلم و ثبت أنه يحتوي عىل مشاهد جنسية فادحة يعترب كذلك

القانون نقضت محكمة قرارها عدد 73405 ففي الحميدة. األخالق االعتداء عىل لجرمية مكونا

الحكم االستئنايف القايض بعدم سامع الدعوى يف حق املتهمني لتحيله اىل نفس املحكمة إلعادة النظر

449 قرار تعقيبي جزايئ عدد 5534 مؤرخ يف 28أكتوبر 1981

450 قرار تعقيبي جزايئ عدد 65154 مؤرخ يف 13 مارس 1996

Page 184: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

183

فيه من جديد451.

و تطرح مجموعة هذه القرارات تساؤال حول تأثري هذا املوقف املتخذ من قبل محكمة التعقيب

عىل الحريات الفردية. و ميكن أن نستنتج أنها تحمل تضييقا لحريات املتهمني خاصة ما جاء يف

القرارين عدد65154 و73405. و لعل هذا املنهج الذي اعتمدته محكمة التعقيب يعود اىل غموض

املصطلحات و اىل الترشيع الذي يقر مبثل هذه الجرائم دون ان يحدد أركان الجرمية تحديدا دقيقا

مام يجعل للمحاكم هامش تأويل كبري.

- جرمية تعاطي البغاء الرسي :

شهد فقه قضاء محكمة التعقيب يف تفسري جرمية البغاء الرسي أو الخناء تأويلني.

التأويل األول اعترب أن جرمية البغاء الرسي تقوم عىل تعود بيع العرض لعديد من الرجال و قبض

املال مقابل ذلك و قد جاءت قرارات مكرسة لهذا املبدأ منها القرار التعقيبي الجزايئ عدد 2475 452

و القرار عدد8912453.

أما التأويل الثاين فقد اعتمد أن وجود ركني التعود و املقابل املايل غري رضوريني فحسب ما جاء

يف القرار عدد 1975 املؤرخ يف 1 ديسمرب 1977 يتوفر البغاء الرسي و لو حصل اتصال صدفة أي

ملرة واحدة. و جاء القرار عدد 30735454 ليقر بأن رشط تعدد بيع العرض و قبض املال كمقابل ال

يجدان سندا يف الفصل 231 م.ج و ليسا رشطا إلثبات تهمة الخناء.

ان هذا التضارب يف موقف محكمة التعقيب و التناقض يف أحكامها العتامد أركان الجرمية يجعل

من حريات األفراد يف خطر ذلك انه ميكن لشخصني إذا ما وقع بينهام اتصال يف إطار عالقة غرامية

أن يجدا نفسيهام متهمني بتهمة البغاء الرسي بالنسبة للمرأة و املشاركة يف ذلك بالنسبة للرجل.

وهو موقف خطري عىل الحريات الفردية.

• 4 • حرمة املسكن

تضمن الترشيع التونيس تكريسا لحرمة املسكن، سواء من خالل األحكام الدستورية والتي جاءت

التي تنظم مامرسة هذا الحق. فجرم االعتداء عىل املساكن من قبل عامة، أو من خالل القوانني

األفراد من ناحية و قيد إجراءات التفتيش التي ميكن أن تقع عليها من قبل ممثيل السلطة .

451 قرار تعقيبي جزايئ عدد 73405 مؤرخ يف 19 فيفري 1997

452 قرار تعقيبي جزايئ عدد 2475 مؤرخ يف 29 نوفمرب1978

453 قرار تعقيبي جزايئ عدد 8912مؤرخ يف 28 ديسمرب1983

454 قرار تعقيبي جزايئ عدد 30735مؤرخ ىف 27/3/1991

Page 185: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

184

تعرضت محكمة التعقيب التونسية يف عدد من قراراتها اىل هذه املسألة من خالل تحديد مفهوم

املسكن ومن خالل تحديدها ملرشوعية إجراءات تفتيش املساكن.

4-1 تعريف املسكن

املسكن عموما هو املكان الخاص كإطار ترتبط به حامية الحياة الخاصة لإلنسان ويختلف تعريفه

باختالف الثقافات والشعوب، من حيث طبيعته ومحتواه ومكوناته فيمكن أن يكون ثابتا يف املكان

كالبناءات وميكن أن يكون منقوال أيضا ومثال ذلك الخيمة أو العربة املجرورة.

ولقد عرفت محكمة التعقيب يف عدد من قراراتها املسكن متبنية مفهوما موسعا.

و جاء يف قرار لها صادر سنة 1969، تعلقت وقائع القضية فيه بإدانة عامل بنزل اختلس أموال

حريف مقيم بذلك املكان، »ان املراد باملسكن هو املكان املعد للسكنى بطبيعته أي لإلقامة فيه ليال

و نهارا ملدة طويلة السكنى بصفة عامة و توابعها أو قصرية كاملنازل و الفنادق و ما اليها اذ يقيم

فيها االنسان كام لو كان يف منزله فيأكل و ينام و يسرتيح و لو كان ذلك ملدة قصرية«455.

و اعتربت محكمة التعقيب التونسية يف هذا اإلطار أن دكان التجارة يعد محال مسكونا 456. ففي

هذا القرار بينت محكمة التعقيب أن تكييف جرمية الرسقة التي متت إدانة املعقبني من أجلها من

محكمة املوضوع عىل أساس جرمية رسقة محل مسكون ليال من عدة أفراد يحمل بعضهم سالحا

مع استعامل العنف و الخلع و عمال بالفصل 260 من القانون الجنايئ هو تكييف يف محله مربزة :

»وحيث يستفاد من الفصل 260 أن دكان التجارة اذا اتخذه صاحبه مسكنا زيادة عن مبارشة نشاطه

التجاري به يعد محال مسكونا.«

ووضحت محكمة التعقيب كذلك يف هذا اإلطار أن » املقصود باملحل املسكون هو كل بناء أو

مركب أو خيمة أو مكان فسيح معد لسكنى االنسان و يعترب املحل مسكونا باملعنى األتم و لو مل

يكن أحد نازال فيه عند وقوع الجرمية«457.

لألفراد الخاصة للحياة حامية أكرث توفري هو املسكون املحل مفهوم توسيع من املقصد ان

الشاغل الشخص املالك يف ان مل يشرتط توفر صفة . و املكان وحرمة مسكنهم املقيمني يف ذلك

للمحل حتى يقع التمتع بهذه الحامية اذ الهدف منها ليس حامية حق امللكية وهي بذلك تنسحب

عىل املتسوغ بصفة عامة وعىل نزيل الفندق يف إطار عقد فندقه ولو تعلق األمر بتأجري ملدة وجيزة

، فإنها تشرتط توفر عنرص اإلقامة يف ذلك املكان.و يعترب عنرص اإلقامة عنرصا أساسيا يف فقه قضاء

455 قرار تعقيبي جنايئ عدد 6742 مؤرخ يف 19 نوفمرب 1969

456 قرار تعقيبي جزايئ عدد 7964 مؤرخ يف 1 ديسمرب 1971 ن م ت القسم الجزايئ عدد1 لسنة 1971 ص200 .

457 قرار تعقيبي جزايئ عدد13172 مؤرخ يف 26 فيفري 1986 .

Page 186: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

185

محكمة التعقيب حتى تشدد العقاب عىل املعتدي لذلك اعتربت أن بيت سطح معد عادة للغسيل

مل يسكن فيه املترضر هو محل غري مسكون و ال معد للسكنى اتخذه املعني باألمر لحفظ أمتعته و

بالتايل ال ينطبق عليه نفس الجزاء املكرس لرسقة املحل املسكون458.

املسكون. واملحل للمسكن موسعا تعريفا كذلك الفرنسية التعقيب محكمة اعتمدت ولقد

لتعريف استعامله وجه كان ومهام مدتها كانت مهام مبكان املقامة مبفهوم األخذ إىل وذهبت

املسكن459، كام أدرجت ضمن مفهوم املحالت املسكونة املحالت املعدة للتجارة460.

4-2 تفتيش املسكن

يعترب التفتيش من اإلجراءات القانونية التي تشكل خطورة عىل الحياة الخاصة و التي تحد من

مبدأ حرمة املسكن و الحريات الفردية عموما.

وتعرض فقه قضاء محكمة التعقيب إىل النظر يف رشعية عمليات التفتيش إال أنه كرس حدودا

لحرمة املسكن من خالل اإلقرار بإمكانية إجراء عمليات تفتيش املساكن دون ترخيص.و الن حددت

محكمة التعقيب رشوطا لذلك يبقى هذا املوقف محل جدل خاصة و ان قورن بتوجه فقه قضاء

محكمة التعقيب الفرنسية الذي سعى إىل تدعيم حرمة املسكن من خالل إقراره لعدم جواز إجراء

التفتيش إال إذا كانت عقوبة الجرمية مام يقيد الحرية أو ميس بالرشف461 .

األحكام املتمثل يف خرق املعقب ، ردا عىل مطعن التونسية التعقيب قرار ملحكمة و جاء يف

املتعلقة بتفتيش محالت السكنى و الذي أدين من أجل االتجار يف املرشوبات الكحولية دون رخصة

اثر مداهمة أعوان الرشطة ملنزله يف إطار حملة أمنية و حجزهم لكمية من تلك املرشوبات فيه، ما

ييل :«ان األعامل التي قام بها أعوان باحث البداية باعتبارهم مأموري ضابطة عدلية كانت سليمة

و ال تعرتيها أية اخالالت إجرائية من شأنها املساس بقواعد النظام العام التي تؤدي حتام اىل بطالنها

باعتبارها جدت يف نطاق حملة أمنية طالت جملة من املشبوه فيهم املنغمسني يف االتجار يف ميدان

املرشوبات الكحولية املعدة للحمل بدون رخصة و مداهمتهم املحالت التي يحتفظون فيها بتلك

املادة و تتبعهم ينزل منزلة عمليات و تحقيقات التلبس«462.

من ترخيص بدون أجريت التي التفتيش أن عملية املحكمة اعتربت 4560 عدد قرارها ويف

458 قرار تعقيبي جزايئ عدد 5617 مؤرخ يف 7 أكتوبر 1981

Crim 26/2/1963 , Bull Crim N° 92.Cet arrêt précise que le domicile c’est : » non seulement le lieu ou une personne 459

» a son principal établissement mais encore le lieu ou elle a le droit de se dire chez elle

Rousseau dominique, Les libertés individuelles et la dignité de la personne humaine, Paris, éd. Montchrestien, 460

.1998, p.158

. Crim 18Fevrier 1972 . J. C. P. 1973 IV, P8 - 461

462 قرار تعقيبي جزايئ عدد 42867 مؤرخ يف 02 ديسمرب 2009

Page 187: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

186

أثناء أصحاب املحالت ال ينتج عنها بطالن ما أجرى من أبحاث أو بطالن و إلغاء ما وقع جمعه

التفتيش من أدلة و قرائن إذا تم العثور عىل املرسوق463.

ويعترب تكريس هذا املبدأ فيه خطورة عىل حرمة املسكن و عىل احرتام اإلجراءات القانونية التي

وضعها املرشع والتي وجب احرتامها عند القيام بالتفتيش464 .

• 5 • حرية املعتقد

ترتبط حرية املعتقد بحرية التفكري والضمري والدين؛ ويشمل هذا الحق حرية تغيري ديانته أو

عقيدته وحرية األعراب عنها بالتعليم واملامرسة وإقامة الشعائر465.

وقد كرس الدستور الجديد هذه الحرية كام أنها كانت مكرسة يف دستور 1959.

وتتجىل الحامية الجزائية لحرية املعتقد يف تجريم كل اعتداء يكون هدفه النيل من حرية املعتقد

أو املساس به وهو ما تضمنته الفصول 165 – 166 مجلة جنائية.

وطرحت مسألة حرية املعتقد يف تونس بشدة يف السنوات األخرية و عمل قضاة األصل للنظر فيها

تحت طائلة الدعاوى عىل أساس االعتداء عىل املقدسات و نذكر من بينها قضية قناة نسمة التي

بثت فيلم »بارسيبوليس« و قضية جابر املاجري الذي أودع يف السجن من أجل نرش صور عىل موقع

اجتامعي اعتربت متس من قداسة الرسول و قضية أمينة فيمن التي كل هذه القضايا الحديثة التي

مل تتمكن محكمة التعقيب من النظر أو البت فيها بعد.

ومل تتعرض محكمة التعقيب اىل هذه الحرية من ناحية املراقبة يف املادة الجزائية امنا تعرضت

اليها يف بعض القرارات املنشورة يف مادة األحوال الشخصية و خاصة يف مسألة زواج املسلمة من

غري املسلم.و هي تربط من هذا املنظور بإحدى مكونات الحرية الفردية املتمثلة يف حرية االختيار.

أصدرت محكمة التعقيب سنة1973 أول قرار لها تعرب فيه رصاحة عن موقفها من مسألة زواج

املسلمة من غري املسلم مضيقة بذلك الحق يف االختيار و من حرية املعتقد بناءا عىل تأويل للفصل

5 من م أ ش يعترب أن املوانع الرشعية للزواج هي موانع جاءت يف الرشيعة و ليست موانع جاء بها

القانون. وأقرت رصاحة :« - تزوج مسلمة بغري مسلك يكون زواجا واقعيا معقودا عىل غري الصيغة

463 قرار تعقيبي جزايئ عدد 4560 مؤرخ ىف 09/05/1984

464 أخضع املرشع تفتيش محالت السكنى صلب الفصل 96 م إ ج اىل رشوط.إذ أوجب عىل القائم بالتفتيش، سواء تعلق األمر بقايض التحقيق

أو مأمور الضابطة العدلية، أن يكون مصحوبا بصاحب املحل الواقع به التفتيش أو نائب عنه أو شاهدين من سكان املحل أومن الجوار أو

امرأة أمنية إن استوجب األمر ذلك ليتم يف ختام كل ذلك تحرير تقرير يف الغرض تدون به كل إجراءات التفتيش قصد التثبت من مدى احرتامها

لإلجراءات القانونية التي ضبطها املرشع

465 املادة 18 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان

Page 188: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

187

القانونية غري معرتف به قانونا موجبا للعقاب«.466

إال أن هذا املبدأ قد وقعت مراجعته يف بعض القرارات األخرى و لكن موقف محكمة التعقيب

التونسية ال يبدو واضحا إمنا فيه تردد كبري و أحيانا تناقض. فيمكن أن نستنتج ذلك فيام يخص

مبدأ حرية املعتقد و تأويل الفصل الخامس من دستور 1959 و ذلك من خالل التعرض اىل قرارين

:القرار الصادر يف 08 جوان 2006 و القرار الصادر يف 05 فيفري 2009.

وقد تعلق هذين القرارين مببادئ أساسية تهم الحريات الفردية املتمثلة يف الحق يف االختيار

من ناحية و حرية املعتقد من ناحية أخرى .

و اعتمد قرار سنة 2006 عىل أن حرية املعتقد املنصوص عليها بالفصل 5 من الدستور ال تعني

يبقى املرياث يف الحق فإن لذلك وتبعا أخرى حقوق مبامرسة املتعلقة القانونية األحكام تجاوز

خاضعا للرشوط الخاصة التي نص عليها املرشع ضمن مجلة األحوال الشخصية.

وجاء فيه ماييل:

»-تكون محكمة األصل قد وضعت النزاع يف إطاره السليم ملا اعتربت أن الفصل 5 من الدستور

إمنا يتعلق بضامن حرية املعتقد وال يتعداه إىل قواعد املرياث.

-مطالبة املدعية مبا يفيد اعتناقها اإلسالم ليس فيه أي خرق ملبدأ حرية املعتقد طاملا كان ذلك

إلثبات أحقيتها يف اإلرث.

-البحث عن مراد املرشع يستلزم الرجوع للمصادر التاريخية التي يستقي املرشع أحكامه منها

أحكام خصوص يف وسيام الشخصية األحوال ملجلة أساسيا مصدرا ميثل اإلسالمي الفقه أن ومبا

املواريث فإن االختالف يف الدين يكون مانعا من موانع اإلرث حسبام أقره الفقه اإلسالمي.«467

السابق وأعتربت القرار ملا جاء يف تأويال مخالفا أعتمد قد الصادر يف سنة 2009 القرار ولكن

املحكمة : »ان ضامن حرية زواج املرأة عىل قدم املساواة مع الرجل املكرسة ) بالفقرة 1-ب من

الفصل 16 ( مينع القول بوجود أي تأثري ملعتقد املرأة عىل حريتها يف الزواج و بالتأثري عىل حقها يف

املرياث اعتبارا إللزامية االتفاقيات الدولية التي تفوق إلزامية القوانني العادية طبقا إلحكام الفصل

32 من الدستور«468.

و لقد تعرض هذا القرار بإطناب اىل مفهوم حرية املعتقد من خالل عالقتها بالحق يف املرياث

466 قرار تعقيبي جزايئ عدد 7795 مؤرخ ىف 27/06/1973

467 قرار تعقيبي مدين عدد 9658 مؤرخ يف 08 جوان 2006

468 قرار تعقيبي مدين عدد 31115 مؤرخ يف 05فيفري 2009

Page 189: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

188

و عالقتها بحرية الزواج معتمدا يف ذلك القواعد الدستورية و املعاهدات الدولية كقواعد مرجع

النظر بدال عن اعتامد الفقه اإلسالمي كام بينه القرار الذكور انفا. و جاء يف تعليل هذا القرار ما

ييل »تقتيض حرية املعتقد املكرسة بالفصل 5 من الدستور والفصل 18 من العهد الدويل الخاص

بالحقوق املدنية والسياسية الفصل بني مسألة التمتع بالحقوق املدنية ومسألة املعتقدات الدينية

وذلك مبنع تعليق متتع الفرد بحقوقه عىل معتقداته وهو ما ضمنه الـقانون التونيس سواء بالنسبة

النتقال الحقوق مبوجب أفعال قـانونية وذلك يف الـفصل 4 من م.ا.ع. الذي اقـتـىض أن »اختـالف

األديـان ال يـتـرتـب عليه فـرق فـي أهـلية التعـاقـد« ويف الفصل 174 من م.أ.ش. الذي جاء به أنه

»تصح الوصية مع اختالف الدين بني املويص واملوىص له« أو بالنسبة أيضا النتقال الحقوق مبوجب

وقائع قانونية وخاصة واقعة الوفاة مام يفرس غياب التنصيص عىل املانع الديني لإلرث يف الفصل

88 من م.أ.ش.

-القول بأن املرشع التونيس يكرس من جهة الحرية الدينية ومينع من جهة أخرى التوارث بني

ملتني هو قول يؤدي إىل تناقض يـنزه عنه املرشع طاملا أن املنع من اإلرث هو جزاء يسلط عىل

الوارث بحرمانه من انتقال ذمة مورثه املالية إليه فال ميكن بالتايل القول أن املرشع يضمن الحرية

الدينية لكنه يعاقب مامرسها بحرمانه من إرث سلفه.

الدويل العهد من 26 والفصل الدستور من 6 بالفصل عليه املنصوص املساواة مبدأ -ضامن

الخاص بالحقوق املدنية والسياسية يوجب عدم التمييز بني األفراد العتبارات دينية مام مينع تعليق

الحق يف اإلرث عىل اعتبارات متعلقة بعقيدة الوارث.

-ضامن حرية زواج املرأة عىل قدم املساواة مع الرجل املكرسة بالفقرة 1-ب من الفصل 16 من

اتفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة املؤرخة يف 18 ديسمرب 1979 املـصادق عليها

من الـجمـهـوريـة الـتونـسيـة بـموجب الـقانـون عـدد 68 لـسنـة 1985 املــؤرخ فـي 12 جويلية

1985 مينع من القول بوجود أي تأثري ملعتقد املرأة عىل حريتها فـي الزواج وباإلثر عىل حقها يف

املرياث اعتبارا إللزامية االتفاقيات الدولية التي تفوق إلزامية القوانني العادية طبقا ألحكام الفصل

32 من الدستور«.

إن القرار األخري الذي وقع التعرض له ينم عن توجه جديد ملحكمة التعقيب نحو تكريس حرية

املحكمة يف التي صدرت عن املتضاربة املواقف إىل بالرجوع أنه إال االختيار الحق يف و املعتقد

هذه املسألة و كام برزت يف قراراتها الغري املنشورة ال ميكن الجزم بأن لهذه املحكمة توجه حاميئ

للحريات الفردية طاملا أن هذا التوجه ليس باملبديئ و ال باملستقر.

Page 190: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

189

املراجع

Ouvrages Généraux

- AURENCHE (G.), L’aujourd’hui des Droits de l’Homme, Paris, Nouvelle cité, 1980.

- Ben Achour (R.), Jazi (D.), Laghmani (S.), Les droits de l’Homme par les textes, Tunis, C.P.U., 2004.

- Dufour (A.), Droits de l’Homme, Droit naturel et histoire, Paris, P.U.F., 1991.

- HARICHAUX (M.), La protection des libertés et droits corporels, Paris, Montchrestien, E.J.A., 2ème éd., 1997.

- HEYMANN-DOAT (A.), Le régime juridiques des droits et libertés, Pa-ris, Montchrestien, E.J.A., 2ème éd., 1997.

- POUILLE (A.), ROCHE (J.), Libertés publiques et droits de l’Homme, Paris, Dalloz, 14ème éd., 2002.

- RIVERO (J.), Les libertés publiques, Tome 2, Paris, P.U.F., 6ème éd., 1997.

-ROBERT (J.), DUFFAR (J.), Droits de l’Homme et libertés fondamen-tales, Paris, Montchrestien, E.J.A., 7ème éd., 1999.

- Stirn (B.), Les libertés en questions, Paris, Montchrestien, 1996.

- االحمدي )ع.(، حقوق االنسان و الحريات العامة يف القانون التونيس، رشكة اوربيس للطباعة و

النرش،تونس، 1993.

Ouvrages Spécialisés

- ARNOUX (I.), (Sous dir.), Les droits de l’être humain sur son corps, Bordeaux, Presses universitaires de Bordeaux, 1994.

- BECCARIA (C.), Des délits et des peines, Paris, éd. Flammarion, col-lection Champs, 1979.

- Cario (R.), (Sous dir.) La peine de mort au seuil du troisième millénaire, Toulouse, éd. Erès, 1993.

- Cohen-Jonathan (G.), Schabas (W.) (Sous dir.), La peine capitale et le Droit international des droits de l’Homme, Paris, L.G.D.J., éd. Panthéon Assas, 2003.

- Rousseau (D.), Les libertés individuelles et la dignité de la personne humaine, Paris, éd. Montchrestien, 1998.

Page 191: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

190

- MAURER (B.), Le principe de respect de la dignité humaine et la convention européenne des droits de l’Homme, Paris, La documenta-tion française, 1999.

- SCHULDER (D.), KENNEDY (F.), L’avortement, droit des femmes, Paris, Librairie François Maspero, 1972.

Thèses et mémoires

- BIOY (X.), Le concept de personne humaine en Droit public : recherche sur le sujet des droits fondamentaux, Thèse pour le Doctorat en Droit de l’université des sciences sociales de Toulouse, Paris, Dalloz, 2003.

- SILINI (N.), La politique criminelle et les droits de l’Homme en Droit tunisien, Mémoire pour l’obtention du D.E.A. en sciences criminelles,

faculté de Droit et de sciences politiques de Tunis, A-U 1997/1998.

- العبايس )ماهر(، الحامية الجزائية للحرية الدينية، مذكرة لإلحراز عىل شهادة املاجستري يف العلوم الجنائية، كلية الحقوق و العلوم السياسية و االقتصادية بتونس، السنة الجامعية 2006-2007،

- الزيدي )محمد صالح(، الحامية القضائية للحرية الفردية، رسالة تخرج من املعهد االعىل للقضاء، ،1992-1993

الذاتية، رسالة تخرج من املعهد االعىل للقضاء -2000 للحرية الجزائية الحامية - درمش )عيل(، ،2001

- بن عامرة )وليد(، دور القايض يف تدعيم الحريات الفردية، رسالة تخرج من املعهد االعىل للقضاء ،2001-2002

- الزغواين )كرمية(، الحامية الجزائية لحقوق االنسان املتعلقة بالحرية الذاتية، مذكرة لإلحراز عىل شهادة املاجستري يف العلوم الجنائية، كلية الحقوق و العلوم السياسية و االقتصادية بتونس، السنة

الجامعية 2003-2004،

Articles de doctrine

- AMOR (A.), « Interrogations  sur  la liberté  de  religion  ou  de  convic-tion », in. Droit, pouvoir et religion, A.T.D.C., 2010, (pp.217 – 228).

- AMOR (A.), « Le procès pénal équitable aux termes de l’article 14 du pacte international relatif aux droits civils et politiques », in. Mélanges au hommage à Dali Jazi, C.P.U., 2010, (pp.23 – 39).

- ALLIOT (M.M.), « Protéger les libertés aujourd’hui », in. Mélanges au

Page 192: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

191

hommage à Dali Jazi, C.P.U., 2010, (pp.15 – 22).

- BEN ACHOUR (R.), « Les protections et les garanties constitution-nelles des droits et des libertés en Tunisie », R.T.D., 1989, (pp.55 – 69).

- BEN ACHOUR (S.), « L’interprétation du droit tunisien de la famille : entre référence à l’Islam et appel aux droits fondamentaux », in. L’inter-prétation de la norme juridique, Actes du colloque international orga-nisés les 5 et 6 Avril 2010 à la faculté des sciences juridiques, écono-miques et de gestion de Jendouba, 2010, (pp.17 – 37).

- BYC (C.), « La loi relative au respect du corps humain », J.C.P., 1994, I, 3788.

- Charfi (M.), « Droit musulman, Droit tunisien et droits de l’Homme », R.T.D., 1983, (pp.405 – 423).

- CUSTOS (D.), « La Cour suprême américaine et liberté d’avortement », R.D.P., 1995, N°5, (pp 1119 – 1155).

- ELLEUCH (F.), « Le juge judiciaire et les droits constitutionnels », in. Les droits constitutionnels, Actes du colloque de commémoration du cinquantenaire de la promulgation de la constitution tunisienne du 01/06/1959, Organisés par l’A.T.D.C. et la F.S.J.E.G.J., à Ain Drahem le 08/04/2009, 2010 (pp.173 – 198).

- GHERARI (H.), « Evolution récente de la protection des données per-sonnelles », Annales des sciences juridiques, FSJEGJ , 2010, (pp.29 – 51).

- Gobert (M.), « Réflexions sur les sources du Droit et les principes d’in-disponibilité du corps humain et de l’état des personnes », R.T.D. Civ., 1992, N°3, (pp.489 – 528).

- KHALED (S.), « La protection de la vie privé entre la constitution et les nouvelles technologies », Annales des sciences juridiques, FSJEGJ , 2010, (pp.169 – 198).

- LEMENNICIER (B.), « Le corps humain : propriété de l’Etat ou proprié-té de soi ? », Droits, 1998, N°13, (pp.111 – 122).

- LEPAGE (A.), MAISTRE DU CHAMBON (P.), « Les paradoxes de la pro-tection pénale de la vie humaine », in. Les droits et le Droit, Mélanges dédiés à Bernard Bouloc, Paris, Dalloz, 2007, (pp.613 – 650).

- OBERDORFF (H.), « La dignité de la personne humaine face aux pro-grès médicaux », in. Mélanges en l’honneur du professeur GUSTAVE PEISER, Grenoble, Presses universitaires de Grenoble, 1995, (pp.379 – 392).

- THERON (S.), « Les mutations de la liberté individuelle : bilan d’une notion à géométrie variable », in Regards critiques sur quelques (r)évo-lutions récentes du droit, Tome 1, Presses de l’université des sciences sociales Toulouse, 2005, pp.223-252.

Page 193: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

192

- Trigeaud (J-M.), « Personne humaine et Droit », Archives de philoso-phie du Droit, 1991, Tome 36, (Droit et sciences), (pp.227 – 239).

Les articles en langue arabe:

- اللجمي )محمد( ، »احرتام الذات البرشية يف القانون الجزايئ التونيس«، مجلة القضاء والترشيع، 1989 ،عدد8 ،)ص 28-45(.

- اللجمي )محمد(: »نطاق الحامية القانونية للحرمة الجسدية«، مجلة االحداث القانونية، 1994، عدد8، )ص 5-42(.

- العبايس )الذهبي(: »التفتيش و حرمة املسكن«، مجلة القضاء و الترشيع ،ماي 1977، )ص 7-36(.

- عمرية )محمد العريب(: »الحرية الفردية و الضغوط االجتامعية«، مجلة القضاء و الترشيع ،اكتوبر 1977، )ص 21-33(.

- الطريطر )محمد الحبيب(: »حول تغيري الجنس بني القوانني الوضعية و الرشيعة االسالمية«، مجلة القضاء و الترشيع ،جانفي 1994، )ص 7-36(.

Actes du ،»التونيس القضاء فقه دراسة يف ملتني: بني التوارث و »الدستور )لطفي(: الشاذيل -colloque de commémoration du cinquantenaire de la promulgation de la consti-

tution tunisienne du 01/06/1959, Organisés par l’ ATDC et la FSJPST , à Tunis.)23-24/01/2009, 2010 )pp.59 – 80

Actes du colloque de commémo- ،-- سعيد )قيس(: »حرية مامرسة الشعائر الدينية يف تونس« ration du cinquantenaire de la promulgation de la constitution

.)Organisés par l’ATDC et la FSJPST , à Tunis 23-24/01/2009, 2010 )pp.47 –58

العلوم القانونية، كلية العلوم التحفظي: املعضلة و عالجها«، حوليات )الهادي(: »االيقاف - كرو القانونية و االقتصادية و الترصف بجندوبة، 2008، )ص 7-83(.

،2008 أكتوبر والترشيع، القضاء مجلة الذاتية«، للحرية القانونية »الحامية )وليد(: -املاليك ص.ص.227-393.

Page 194: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

193

املالحق

قرارات محكمة التعقيب التونسية )املنشورة(:

قرار تعقيبي عدد 5088صادر عن الدوائر املجتمعة ملحكمة التعقيب يف 03 ديسمرب . 11966

قرار تعقيبي جنايئ عدد 4960 مؤرخ يف 16 جانفي 1967 . 2

قرار تعقيبي جنايئ عدد 6228 مؤرخ يف 17 جويلية 1968 . 3

قرار تعقيبي جزايئ عدد 6412 مؤرخ يف 04 جوان1969 . 4

قرار تعقيبي جنايئ عدد 6742 مؤرخ يف 19 نوفمرب1969 . 5

قرار تعقيبي جنايئ عدد 2296 مؤرخ يف 15 سبتمرب1971 . 6

قرار تعقيبي جنايئ عدد 7964 مؤرخ يف 01 ديسمرب 1971 . 7

قرار تعقيبي جنايئ عدد 7795 مؤرخ يف 27 جوان 1973 . 8

قرار تعقيبي جزايئ عدد 9012 مؤرخ يف 24 أفريل 1974 . 9

قرار تعقيبي جزايئ عدد 362 مؤرخ يف 15 ماي 1974 . 10

قرار تعقيبي جزايئ عدد 9301 مؤرخ يف 09 نوفمرب1974 . 11

قرار تعقيبي جزايئ عدد 10591 مؤرخ يف 29 جانفي 1975 . 12

قرار تعقيبي جزايئ عدد 11479 مؤرخ يف 04 فيفري 1976 . 13

قرار تعقيبي جزايئ عدد 1326 مؤرخ يف 29 ديسمرب1976 . 14

-قرار تعقيبي جزايئ عدد 2475 مؤرخ يف 29 نوفمرب 511978.

قرار تعقيبي جزايئ عدد 4030 مؤرخ يف 23 جانفي 1980 . 16

قرار تعقيبي جزايئ عدد 5788 مؤرخ يف 27 ماي1981 . 17

قرار تعقيبي جزايئ عدد 5617 مؤرخ يف 07 أكتوبر 1981 . 18

Page 195: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

194

قرار تعقيبي جزايئ عدد 5534 مؤرخ يف 28 أكتوبر 1981. 19

- قرار تعقيبي جزايئ عدد 7484 مؤرخ يف 23 أكتوبر021982.

قرار تعقيبي جزايئ عدد 8912مؤرخ يف 28 ديسمرب 1983. 21

قرار تعقيبي جزايئ عدد 4560 مؤرخ يف 09 ماي 1984. 22

قرار تعقيبي جزايئ عدد 13172 مؤرخ يف 26 فيفري 1986 . 23

قرار تعقيبي جزايئ عدد 213667 مؤرخ يف 03جوان 1987. 24

قرار تعقيبي جزايئ عدد 30735مؤرخ يف 27 مارس 1991. 25

قرار تعقيبي جزايئ عدد 65154 مؤرخ يف 13 مارس 1996. 26

قرار تعقيبي جنايئ عدد 50370 مؤرخ يف 26 جوان 1996. 27

قرار تعقيبي جزايئ عدد 73405 مؤرخ يف 19 فيفري 1997. 28

قرار تعقيبي جزايئ عدد 85492 مؤرخ يف 11 جوان 1997 . 29

قرار تعقيبي جزايئ عدد 4001 مؤرخ يف 13أكتوبر 2004. 30

قرار تعقيبي جزايئ عدد 5252 مؤرخ يف 27 أكتوبر 2005 . 31

قرار تعقيبي مدين عدد 9658 مؤرخ يف 08 جوان 2006. 32

قرار تعقيبي جزايئ عدد 15229 مؤرخ يف 10 نوفمرب 2007. 33

قرار تعقيبي مدين عدد 31115 مؤرخ يف 05 فيفري 432009.

قرار تعقيبي جزايئ عدد 42867 مؤرخ يف 02 ديسمرب 2009. 35

Page 196: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

195

Page 197: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

القاضي اإلداري وبعض احلريات الفردية

أمري الغول

Page 198: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

197

أستاذ جامعي يف القانون العام وباحث بكلية العلوم القانونية والسياسية واالجتامعية بتونس.

العامة اإلنسان والحريات الدستوري و حقوق القانون أبرزها درس توىل تقديم عدة دروس من

فارساي بجامعة العمومية للمؤسسات العام القانون يف البحوث مبركز عضو اإلداري. والقانون

الفرنسية. عمل كمستشار لدى برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ بتونس وليبيا. وهو كذلك مدرب معتمد

يف مجال حقوق اإلنسان والحريات العامة إضافة إىل أنه مدرب معتمد يف املجال االنتخايب.

توىل إعداد وتقديم عدة دراسات وبحوث ومحارضات منها »تحديد األمالك العمومية«، »أساليب

السلطة العمومية املسندة لوكاالت البعث العقاري«، »املباين العشوائية وقانون البيئة«، »املبادئ

الدستورية للحق يف املدينة«. كام ساهم يف إعداد تقرير وطني حول واقع الحريات يف تونس.

أمري الغول

Page 199: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

198

الفهرسمقدمة

الجزء األول: القايض اإلداري والحريات الذاتية

الفقرة األوىل: حامية القايض اإلداري لحرية التنقل

أ- تكريس القايض اإلداري لحرية التنقل داخل الوطن

ب- تكريس القايض اإلداري لحرية مغادرة الوطن

الفقرة الثانية: القايض اإلداري واملسكن

أ- تكريس القايض لحق الفرد يف املسكن

ب- حامية القايض للفرد داخل املسكن

الفقرة الثالثة: القايض اإلداري وحرية اختيار مقر االقامة

أ- حرية اختيار مقر اإلقامة يف إطار الوظيفة العمومية

ب- حرية اختيار مقر اإلقامة خارج إطار الوظيفة العمومية

الجزء الثاين: القايض اإلداري والحريات املتعلقة بالعمل

الفقرة األوىل: رقابة القايض للحريات يف إطار الوظيفة العمومية

أ- حرية الفكر

ب- حرية املعتقد

الفقرة ثانية: حرية التجارة والصناعة

املراجع

Page 200: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

199

تقدميلسلوكه الذايت تحديده وفق إرادته مبإل الترصف عىل اإلنسان مقدرة الحرية تعترب

الشخيص469. فمفهوم الحرية يقيص اإلرغام واإلجبار واإلكراه يف اختيارات الفرد لسلوكه وهو

ما يتوافق مع فكرة حقوق اإلنسان يف حد ذاتها التي تعرتف لكل شخص بحقه يف الترصف

بصفة مسبقة ومستقلة عن كل سلطة عمومية. فهو االعرتاف بحقوق سابقة لكل مجتمع

منظم.

تحمل هذه الفكرة يف طياتها جذورا وأبعاد فلسفية أدت إىل األخذ بكرامة وكونية الذات

البرشية. فالقول بحقوق اإلنسان يفرتض االعرتاف بكل شخص يف حد ذاته بقطع النظر عن

أي روابط تلتصق به كوضعيته االجتامعية أو مكانته أو انتامءاته. ودون أي ريب، فإن مثل

هذا القول هو الذي يؤدي إىل االعرتاف بالحقوق الذاتية.

وقد كان بزوع مفهوم حقوق اإلنسان عىل الصعيد الدويل نتاج حراك تاريخي هام وصياغة

نصوص جوهرية. من ذلك ما شهدته أنقلرتا والذي أفىض، عىل سبيل املثال، إىل صدور امليثاق

األكرب سنة 1215470 وميثاق ضامن الحرمة الجسدية سنة 1679471 الذي يعترب النص الذي

وضع أسس الحرية الفردية.

كام تضمن إعالن استقالل الواليات املتحدة األمريكية املمىض يف جويلية 1776 أن الناس خلقوا

سواء ولهم حقوق أسندها لهم الخالق ملتصقة بهم كالحق يف الحياة472. وباإلضافة إىل ما أفرزته

الثورة الفرنسية من إعالن عن حقوق اإلنسان واملواطن سنة 1789.

أما يف ما يخص الشعب التونيس فقد كان »من أول الشعوب يف الحضارة العربية واإلسالمية التي

انخرطت منذ أواسط القرن التاسع عرش«473 يف هذا املسار االنساين سواء باملبادرة مبنع الرق يف عهد أحمد باي سنة 1846 أو بإصدار عهد األمان يف سنة 1857 وما تفرع عنه من ترشيعات تنظم عالقة

املواطن بالسلطة زد عىل ذلك دستور سنة 1861474.

.Rivero )J.(, Les libertés publiques, T1, 5ème édition, Les droits de l’Homme, PUF, Paris, 2003, pp. 21-22 469

.La magna Carta ou encore la grande Charte de 1215 470

.L’Habeas Corpus Act de 1679 471

Tous les Hommes sont créés égaux, qu’ils sont dotés par leur Créateur de certains droits inaliénable et que parmi « 472

ces droits figurent la vie, la liberté et la recherche du bonheur «, extrait de la Déclaration des Etas Unis d’Amérique

.signée en juillet 1776

أكتوبر اإلنسانية بسوسة يف 06 بكلية اآلداب والعلوم الجامعية 1997-1998 السنة افتتاح اإلنسان »، يف الجازي »ثقافة حقوق الدايل 473

1997، منشور يف كتاب »حقوق اإلنسان عرب النصوص«، الدايل الجازي، رافع ابن عاشور، سليم اللغامين، مركز النرش الجامعي، 2004، ص. 18.

أكتوبر اإلنسانية بسوسة يف 06 بكلية اآلداب والعلوم الجامعية 1997-1998 السنة افتتاح اإلنسان »، يف الجازي »ثقافة حقوق الدايل 474

1997، منشور يف كتاب »حقوق اإلنسان عرب النصوص«، الدايل الجازي، رافع ابن عاشور، سليم اللغامين، مركز النرش الجامعي، 2004، ص. 18.

Page 201: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

200

لقد نصت املادة الثالثة من عهد األمان املؤرخ يف 10 سبتمرب 1857 عىل »التسوية بني املسلم

وغريه من سكان اإليالة يف استحقاق اإلنصاف ألن استحقاقه لذلك بوصفه اإلنسانية ال بغريه من

األوصاف...«.

مجاورة مؤسسات ظهرت الدويل الصعيد عىل اإلنسان حقوق فكرة تبلور وأمام املقابل ويف

كالحريات العمومية والحريات األساسية والحريات الفردية جعلت من املفهوم يتطور ويقدم عىل

أساس قدرة الفرد عىل الترصف أو عدم الترصف وفق ضوابط قانونية مسبقة متارس تحت رقابة

القضاء.

وبالعودة لفقه قضاء املحكمة اإلدارية مبناسبة رقابتها لرشعية القرارات اإلدارية الصادرة يف مادة

الحريات نتبني أن القايض اإلداري قد اعتمد عبارة الحرية العامة475، والحقوق األساسية476 والحقوق

واضح تعريف بينها يف مييز أو املفاهيم يحدد هذه أن دون الفردية478 والحريات الدستورية477

ودقيق. بل اقترص القايض اإلداري عىل اعتامده أمثلة من الحريات التي تدخل تحت طائلة الحريات

العمومية أو غريها من املفاهيم.

فعىل سبيل املثال أقر القايض اإلداري أن »حرية اختيار مقر اإلقامة ...هي من الحريات العامة479«.

هذا االقرار أىت دون تحديد ملفهوم الحريات العمومية. ويف نفس السياق اعتربت املحكمة اإلدارية

أن اتخاذ قرار إداري رشعي »قد ينتج عنه تهديد للحريات األساسية ومنها حرية املعتقد480«.

املقابل يصنف الحريات االساسية دون أن يحدد مفهومها لكنه يف القايض عن وعليه يتحدث

بعض الحريات يف خانة معينة إذ اعترب أن اصدار وزير الرتبية ملنشور يتعلق بالهندام قد يستعمل

»مطية للتضييق من الحقوق والحريات الفردية481«.

وبالتايل نالحظ أن القايض اإلداري استعمل تارة عبارة حريات عمومية، وطورا حريات أساسية،

وطورا آخر حريات فردية دون أن يقدم تعريفا واضحا ودقيقا لهذه املفاهيم مام يستدعي بعض

التوضيح حولها.

475 قرار عدد 26441 بتاريخ 27 جوان 2008، الدائرة االستئنافية الخامسة باملحكمة اإلدارية، وزير املالية / الدبايب، قرار غري منشور.

476 قرار عدد 16398/1 بتاريخ 30 جانفي 2009، الدائرة االبتدائية الثالثة باملحكمة اإلدارية، الورغي / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار

غري منشور.

477 قرار عدد 2765/41 بتاريخ 07 مارس 2009، قرار يف مادة توقيف التنفيذ، ابراهيم / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

478 قرار عدد 10976/1 بتاريخ 09 ديسمرب 2006، الدائرة االبتدائية الخامسة باملحكمة اإلدارية، العدايل / وزير الرتبية والتكوين، قرار غري منشور.

479 قرار عدد 1887 بتاريخ 27 جوان 1990، رافع بن عاشور ومن معه / وزير الرتبية والتعليم العايل والبحث العلمي، مجموعة قرارات وفقه

املحكمة اإلدارية للسنوات 1988 و1989 و1990، ص. 400.

الرتبية والتكوين، قرار غري العدايل / وزير باملحكمة اإلدارية، الخامسة االبتدائية الدائرة بتاريخ 09 ديسمرب 2006، 480 قرار عدد 10976/1

منشور.

الرتبية والتكوين، قرار غري العدايل / وزير باملحكمة اإلدارية، الخامسة االبتدائية الدائرة بتاريخ 09 ديسمرب 2006، 481 قرار عدد 10976/1

منشور.

Page 202: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

201

فبالنسبة ملفهوم الحريات العمومية نالحظ اقرتان عبارة الحرية بعبارة العمومية. لكن ذلك ال

الحريات إذ ال منيز من خالل هذا املصطلح بني الحرية بطريقة مامرستها. ارتباط يعني يف يشء

فكلام العمومية. السلطة تدخل يف فقط تكمن »عمومية« فعبارة الفردية. والحريات الجامعية

الحريات حزمة ضمن واندرجت إال وتنظيمها ما بحرية لالعرتاف العمومية السلطة تدخلت

العمومية482.

وقد اعتمدت عبارة الحرية العمومية ألول مرة صلب الفصل التاسع من الدستور الفرنيس لسنة

1793 حيث نص عىل »أن القانون يحمي الحرية العمومية والفردية من تعسف الحاكمني«. وجاء

هذا االستعامل يف صيغة املفرد. وبعد ما يزيد عن نصف قرن، تم تكريس عبارة الحريات العمومية

صلب الفصل الخامس والعرشين من الدستور الفرنيس املؤرخ يف 14 جانفي 1852، حني نص أن

مجلس الشيوخ هو الضامن للميثاق األسايس والحريات العمومية483.

قواعد بها صلب التقرير معرتف مقدرة عىل العمومية الحريات اعتبار الفقهاء عىل ويتقارب

العمومية السلط قانونية تكون عىل األقل ذات قيمة ترشيعية وتحظى بحامية مدعمة من قبل

تحت رقابة القضاء484.

أما فيام يخص مفهوم الحريات األساسية فقد ظهر ألول مرة صلب الدستور األملاين الصادر بتاريخ

28 مارس 1849. وتعترب الحريات األساسية مجموعة الحريات املحمية بجملة النصوص الدستورية

أو القانونية التي تحظى مبرتبة فوق ترشيعية وفق سلم القواعد القانونية. وتكون هذه الحريات

بذلك ملزمة للسلطة الترشيعية عند اتخاذها للقوانني485.

أما فيام يتعلق مبفهوم الحريات الفردية فيمكن القول أنها حريات ميارسها اإلنسان بطريقة فردية

وهو ما يجعلنا نقيص الحريات التي متارس بصفة جامعية486. فالحريات الفردية هي االعرتاف لكل

فرد مبجال تقرير خاص به يتيح له اختيار سلوكه الشخيص كالتنقل واملسكن وحياته الخاصة دون

تدخل أي شخص آخر أو سلطة عمومية487.

التطرق تم أن بعد الدراسة تم تحديدها ستكون موضوع هذه الفردية كيفام الحريات هذه

.Colliard )C.A.(, Libertés publiques, 7ème édition, Précis Dalloz, Paris, 2009, p. 19 482

.Leclercq )C.(, Libertés publiques, Edition Litec, Paris, 1991, p. 4 483

Rivero )J.(, Les libertés publiques, T1, 5ème édition, Les droits de l’Homme, PUF, Paris, 2003, p. 29 484

.Barbé )V.(, L’essentiel du droit des libertés fondamentales, 2ème édition, Lextenso éditions, Paris, 2011, p. 14 485

FAVOREU )L.(, GAÏA )P.(, GHEVONTIAN )R.(, MÉLIN-SOUCRAMANIEN )F.(, PFERSMANN )O.(, PINI )J.(, 486

ROUX )A.(, SCOFFONI )G.( et TREMEAU )J.(, Droits des libertés fondamentales, 3ème édition, Dalloz, Paris, 2005,

.p. 176

.Oberdorff )H.(, Droits de l’Homme et libertés fondamentales, 3ème édition, LGDJ, Paris, 2001, p. 307 487

Page 203: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

202

إىل املؤسسات املجاورة لها. وعادة ما تطرح هذه الحريات إشكاليات حني مامرستها سواء مع بقية

األفراد أو السلط العمومية. وتقترص هذه الدراسة عىل الحالة األخرية، أي حينام تتصادم الحريات

الفردية مع قرارات السلط العمومية بوصفها إدارة. وقد مكن القانون كل صاحب حق من القيام

بدعاوى أمام املحكمة اإلدارية، يتدخل من خاللها القايض اإلداري للتثبت من مدى رشعية هذه

القرارات التي قد تكون رصيحة أو ضمنية.

املتعلقة املبادئ من جملة تكريس عىل اإلدارية املحكمة قضاء فقه استقر اإلطار هذا ويف

إال ميثل ال منها التقييد وأن الحرية488 هو األصل أن القايض أكد ما غالبا اذ الفردية. بالحريات

استثناء وجب تأويله تأويال ضيقا489. كام ارتأت املحكمة اإلدارية تكريس فقه قضاء يف مادة الحريات

الفردية خاص باألعوان العموميني و الرتاتيب اإلدارية490. فأكدت أن حرية العون العمومي عند أداء

الوظيف متارس بالقدر الذي ال يتناىف مع واجب التحفظ املفروض عىل اإلدارة491.

كام ذكر القايض اإلداري أنه من جملة مبادئه أنه يجوز لكل رئيس إدارة، ويف غياب كل تفويض

من السلطة الترشيعية أو الرتتيبية العامة، إصدار تدابري أو تراتيب داخلية تهدف إىل تنظيم مصالحها

وأعوانها، يف اإلطار الذي يخدم الصالح العام. ويكون ذلك جائزا، حسب مبادئ القايض اإلداري، حتى

وإن أدت هذه القواعد إىل تقليص بعض الحريات الفردية اذ أن ذلك ال يجب أن يتعدى اإلطار

املذكور، مع مراعاة خصوصيات اإلدارة والسلك املعنيني492.

يف املقابل نالحظ أن الحريات الفردية متعددة وأن اإلدارة عادة ما جنحت إىل الحد منها مام

يخلق اشكاال هاما يجعل من واجب القايض اإلداري تأويل مدى صحة القرارات التي تضيق منها.

الفردية، كحرية الفكر والوجدان والدين واملعتقد والعمل وغريها أمام تعدد أصناف الحريات

من الحريات، كان من الصعب احتواء موقف القايض اإلداري من جملة هذه الحريات ضمن هذه

الدراسة فقط. فأضحى من األجدر تناول موقف القايض اإلداري من بعض الحريات الذاتية يف جزء

أول وتلك املتعلقة بالعمل يف جزء ثان493.

488 قرار عدد 3879 بتاريخ 14 مارس 1995، كريشان / بلدية القرصين، م. ص. 128.

489 قرار عدد 18509/1 بتاريخ 19 نوفمرب 2009، صادر عن الدائرة االبتدائية الرابعة باملحكمة اإلدارية، بلعيدي / وزير الداخلية والتنمية

املحلية، قرار غري منشور.

490 وحيد الفرشييش، »اتـجـاهـات القـضـاء اإلداري فـي رقـابة الـتـدابـري الضـبـطية«، أعامل ملتقى القضاء اإلداري بعد تعديالت 03 جوان

1996، الجمعية التونسية للعلوم اإلدارية واملدرسة الوطنية لإلدارة، تونس، 2002، ص347-401.

491 قرار عدد 26255 بتاريخ 28 جانفي 2011، الدائرة االستئنافية الخامسة باملحكمة اإلدارية، وزير الرتبية / العدايل، قرار غري منشور.

492 نفس املرجع السابق.

493 تكتفي هذه الدراسة بالتطرق إىل بعض الحريات الفردية عىل أن تتناول دراسات قادمة جزءا آخر منها كحرية الضمري والوجدان واإلبداع

وغريها.

Page 204: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

203

اجلزء األول: القاضي اإلداري واحلريات الذاتية |تضمن عهد األمان الصادر يف 10 سبتمرب 1857 »األمان لسائر رعيتنا وسكان إيالتنا عىل اختالف

األديان واأللسنة واأللوان يف أبدانهم املكرمة وأموالهم املحرمة وأعراضهم املحرتمة«. كام نص دستور

اململكة التونسية لسنة 1861 عىل أن » سائر سكان اململكة لهم حق الترصف يف أنفسهم وأموالهم

وال يجرب أحد منهم عىل فعل يشء بغري إرادته«494.

يف نفس السياق أكد أول دستور للجمهورية التونسية أن املواطن يتمتع بحقوقه كاملة495 وأن

أكده كذلك دستور التنصيص إقامته496. هذا البالد وخارجها واختيار مقر التنقل داخل له حرية

املواطنني لجميع والعامة الفردية والحريات الحقوق تضمن الدولة بأن فأقر 2014 جانفي 27

واملواطنات497. كام أن لكل مواطن الحرية يف اختيار مقر إقامته ويف التنقل داخل الوطن كام له

الحق يف مغادرته498.

وبذلك يكون لكل شخص الحق يف مجال نشاط خاص به محرم عىل اآلخرين. وتكون داخل دائرة

هذا املجال حرية كل فرد يف التنقل واختيار مقر إقامته. فيضمن بذلك لكل شخص ماله وعرضه

السلط تنقله. لكن وبدنه، أي تصبح له حرية ذاتية من حيث ترصفه وأمنه وكرامته وخصوصية

العمومية قد تيسء أحيانا الترصف مع هذه الحريات مام يخضع قراراتها إىل رقابة القايض اإلداري

الذي مل يرتدد يف حامية هذه الحريات الذاتية فألغى كل مقرر اداري خارق لحرية التنقل )الفقرة

األوىل( وحرية اختيار مقر اإلقامة )الفقرة الثانية( كلام ثبت لديه تجاوز لقواعد الرشعية.

الفقرة األوىل: حامية القايض اإلداري لحرية التنقل

تعترب حرية األفراد يف التنقل حقا طبيعيا لكل شخص499. وتعني هذه الحرية اإلمكانية املتاحة

ارادته الشخصية. وتحتوي هذه أو املجيء حيث شاء وفق بالذهاب انسان يف تغيري مكانه لكل

الحرية أساسا حرية التنقل داخل الوطن )أ(، وحرية مغادرته أو الرجوع إليه عىل حد السواء )ب(.

494 الفصل الرابع من الباب الثاين عرش املتعلق ب«فيام ألهل اململكة التونسية من الحقوق وما عليهم« من دستور 1861.

495 الفصل السابع من دستور غرة جوان 1959.

496 الفصل العارش من دستور غرة جوان 1959.

497 الفقرة الثانية من الفصل 21 من دستور 27 جانفي 2014.

498 الفقرة الثانية من الفصل 24 من دستور 27 جانفي 2014.

Robert )J.( et Duffar )J.(, Droits de l’Homme et libertés fondamentales, 8ème édtion, Montchréstien, Paris, 2009, 499

.p. 501

Page 205: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

204

أ- القايض اإلداري يقر بحدود لحرية التنقل داخل الوطن

يتمتع كل فرد بحرية التنقل داخل الوطن دون قيود أو اجراءات مسبقة. لكن هذه الحرية قد

تتعرض لحدود تدخل يف إطار االستثناء وعادة ما تكون مربرة باملصلحة العامة أو األمن العام حفاظا

عىل النظام العام وتكون مشفوعة بإجراءات قانونية. فقد يتم مثال، الحد من هذه الحرية عمال

باألمر املتعلق بتنظيم حالة الطوارئ الصادر سنة 1978500 الذي ينص عىل أنه »ميكن اعالن حالة

الطوارئ بكامل تراب الجمهورية أو ببعضها يف حالة خطر داهم ناتج عن نيل خطري من النظام العام

وإما يف حالة حصول أحداث تكتيس بخطورتها صبغة كارثة عامة«501. وقد أسند هذا األمر للوايل

صالحية منع جوالن األشخاص والعربات502. وقد تم إعامل هذا األمر يف عدة مناسبات خاصة بعد

ثورة 14 جانفي 2011503 إذ تم اتخاذ أوامر اعالن حالة الطوارئ والتمديد فيها من ذلك ما صدر

مبقتىض القرار الجمهوري املؤرخ يف 02 جويلية 2013504.

وقد تطرأ استثناءات أخرى تضيق من حرية التنقل داخل الرتاب الوطني طبقا لألحكام الجزائية.

إذ ميكن أن تسلط عىل الفرد عقوبات سالبة للحرية كالسجن أو عقوبات تكميلية. وتكون هذه

األحكام خارجة عن والية القايض اإلداري وفق قواعد الفصل بني جهازي القضاء العديل واإلداري

وهو ما أكدته املحكمة اإلدارية يف عدة مناسبات. فاعتربت عىل هذا األساس أن قاعدة الفصل بني

جهازي القضاء العديل واإلداري تقتيض استبعاد كل األعامل املتعلقة بوظيفة القضاء العديل كاألحكام

واإلجراءات والقرارات التنفيذية عن والية القايض اإلداري505.

يف املقابل وبعد تأرجح يف مواقفه، استقر فقه القضاء اإلداري الفرنيس، عىل اعتبار أن القرارات

التي تتخذها السلطة اإلدارية والتي تحد من الحرية كاإلبعاد أو الوضع تحت اإلقامة اإلدارية ورغم

إنبنائها عىل أحكام عدلية هي من صنف القرارات اإلدارية وليس من قبيل األحكام القضائية. وعىل

هذا األساس قبل القايض اإلداري الفرنيس بسط رقابته عىل مثل هذه القرارات معتربا إياها قرارات

منفصلة.

500 األمر عدد 50 لسنة 1978 املؤرخ يف 26 جانفي 1978 واملتعلق بتنظيم حالة الطوارئ، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 07 لسنة

1978 الصادر بتاريخ 26 جانفي 1978، ص 218.

501 الفصل األول من األمر املتعلق بتنظيم حالة الطوارئ.

502 الفصل الرابع من األمر املتعلق بتنظيم حالة الطوارئ.

503 حتى قبل ثورة 2011 صدرت أوامر يف الغرض، حيث صدر األمر عدد 49 لسنة 1978 بتاريخ 26 جانفي 1978، الرائد الرسمي للجمهورية

التونسية عدد 07 لسنة 1978 الصادر بتاريخ 26 جانفي 1978، ص 218. كام صدر يف نفس التاريخ أمر عدد 51 متعلق مبنع الجوالن بتونس

العاصمة وضواحيها وقد نص صلب فصله الثاين عىل أنه: »مينع كذلك بتونس العاصمة وضواحيها جوالن األشخاص والعربات ابتداء من الساعة

السادسة مساء إىل الساعة الخامسة صباحا وذلك إىل أن يصدر ما يخالف ذلك«.

504 القرار الجمهوري عدد 179 لسنة 2013 مؤرخ يف 02 جويلية 2013 واملتعلق بالتمديد يف حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية، الرئد الرسمي

للجمهورية التونسية عدد 54 لسنة 2013 الصادر بتاريخ 05 جويلية 2013، ص. 2398.

505 من أول األمثلة القرار عدد 1069 الصادر بتاريخ 18 مارس 1985، البلومي / وزير العدل، مجموعة قرارات املحكمة اإلدارية للسنوات 1985

و1986 و1987، ص. 52.

Page 206: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

205

وقد طرحت أمام القايض اإلداري التونيس مسألة مشابهة تعلقت بعقوبة إدارية اثر صدور حكم

قضايئ. فأكد القايض أن حرية التنقل وإن كانت حرية دستورية غري أنها غري مطلقة. حيث استقر

فقه القضاء عىل أن اإلجراءات التي تتخذها اإلدارة تطبيقا لألحكام القضائية املتعلقة بتحجري اإلقامة

أو باإلقامة الجربية تهم النظام العام. و عىل هذا األساس فإن حرية التنقل ال تحول دون إمكانية

التضييق منها متى كان ذلك ناتجا عن تطبيق حكم قضايئ لتعلقه بالنظام العام506.

ب - تكريس القايض اإلداري لحرية مغادرة الوطن

إليه عىل حد والعودة الوطني الرتاب التنقل خارج الوطن هي حرية بحرية مغادرة املقصود

السواء. ينص الفصل 24 من دستور 27 جانفي 2014 يف فقرته الثانية عىل أنه لكل مواطن الحرية

»يف التنقل داخل الوطن وله الحق يف مغادرته«507. وقد تكفل القانون بتنظيم هذه الحرية فأوجب

حمل وثيقة سفر508 وهي إما رخص سفر أو جوازات السفر509.

وميثل جواز السفر سندا قانونيا يخول لصاحبه مغادرة الوطن والعودة إليه. وقد حدد املرشع

حرصيا األسباب التي ميكن من أجلها أن متتنع اإلدارة عن تسليم جواز سفر. مثال ذلك إذا كان السفر

من شأنه النيل من النظام واألمن العامني أو من سمعة البالد التونسية510. وتخضع هذه السلطة

املخولة لإلدارة حول هذه املسألة إىل رقابة القايض اإلداري. حيث أكد هذا األخري أن »هذه السلطة

ال تعني تلك املعفاة من كل رقابة رضورة أن القول بخالف ذلك يجعل منها سلطة مطلقة ويؤول

عندئذ إىل إعفاء القرارات الصادرة يف هذا املجال من الخضوع إىل مبدأ الرشعية وإىل منع القايض

اإلداري من بسط رقابته عىل مدى رشعيتها«511. فتدخل بذلك القرارات املتعلقة بجوازات السفر

تحت مبدأ الرشعية خالفا ملا أقره مجلس الدولة الفرنيس يف بداية أعامله. حيث أدرج هذا األخري

قرارات سحب جوازات السفر ضمن أعامل السيادة التي تكون محصنة من والية القايض اإلداري512

506 قرار عدد 13787/1 بتاريخ 27 فيفري 2009، صادر عن الدائرة االبتدائية الثالثة باملحكمة اإلدارية، العوادي / وزير الداخلية، قرار غري منشور.

507 ينص الفصل العارش من دستور غرة جوان 1959 عىل نفس الحرية بحيث ينص عىل أنه »لكل مواطن حرية التنقل داخل البالد وإىل خارجها«.

508 القانون عدد 40 لسنة 1975 املؤرخ يف 14 ماي 1975 املتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر، الرئد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 34

الصادر بتاريخ 20 ماي 1975، ص. 1276. وقد شهد هذا القانون تنقيحات مبقتىض النصوص التالية:

القانون األسايس عدد 77 لسنة 1998 املؤرخ يف 02 نوفمرب 1998، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 89 الصادر بتاريخ 06 نوفمرب 1998،

ص. 2240.

القانون األسايس عدد 06 لسنة 2004 املؤرخ يف 03 فيفري 2004، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 11 الصادر بتاريخ 06 فيفري 2004،

ص. 260.

القانون األسايس عدد 13 لسنة 2008 املؤرخ يف 18 فيفري 2008، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 16 الصادر بتاريخ 22 فيفري 2008،

ص. 804. وقد صدور هذا النص أصدر املجلس الدستوري رأيه حوله مبقتىض الرأي عدد 2007-70، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 16

الصادر بتاريخ 22 فيفري 2008، ص. 806.

509 الفصل الثاين من القانون عدد 40 لسنة 1975 املؤرخ يف 14 ماي 1975 املتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر.

510 الفصل 13 من القانون عدد 40 لسنة 1975 املؤرخ يف 14 ماي 1975 املتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر.

511 قرار استئنايف عدد 26937 صادر عن الدائرة االستئنافية األوىل للمحكمة اإلدارية بتاريخ 27 أكتوبر 2009، وزير الداخلية والتنمية املحلية

/ املؤدب، قرار غري منشور.

C.E., 26 août 1836, Dureau de la buffardière, Rec. p. 418, cité par Pacteau )B(, in, note sous l’arrêt Fouére, Rec., 512

.Dalloz, 1975, p. 135

Page 207: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

206

قبل أن ينتهي إلخضاعها ملبدأ الرشعية.

الحقوق أو تجديده هو حق »من الحصول عن جواز سفر التونيس أن القايض اإلداري واعترب

األساسية لكل مواطن تونيس الرتباطه بحرية التنقل إىل خارج البالد«513. وكثريا ما عللت املحكمة

اإلدارية أحكامها املتعلقة بحرية التنقل منطلقة بالتذكري بأحكام الفصل السابع من دستور 1959

الذي اقتىض أن يتمتع جميع املواطنني بحقوقهم كاملة514. ومن مثة العودة للفصل العارش من نفس

الدستور الذي ينص عىل أنه »لكل مواطن حرية التنقل داخل البالد وإىل خارجها«515.

وحيث اعترب القايض اإلداري أن حرية التنقل تدخل يف زمرة الحقوق املضمونة دستورا وقانونا516

التنقل فإن ذلك ال يكون فإنه أكد دامئا أن املرشع وإن أجاز لإلدارة إمكانية التضييق من حرية

إال من باب االستثناء. »حيث استقر فقه قضاء املحكمة اإلدارية عىل اعتبار أن الحق يف الحصول

عىل جواز سفر من الحقوق األساسية لكل مواطن تونيس بحكم ارتباطه بحرية التنقل خارج البالد

التي ضمنها الفصل 10 من الدستور وبالتايل فإنه ال يسوغ إهداره إال يف حدود ما يجيزه القانون

رصاحة عىل أن تأول االستثناءات التي من شأنها أن تحول دون متكني املواطن من هذا الحق تأويال

ضيقا«517.

ولنئ نص القانون املتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر أنه من املمكن رفض تسليم جواز سفر

إذا كان سفر املعني باألمر من شأنه النيل من النظام واألمن العامني518 فإن القايض اإلداري، ويف

دفاعه عن مبدأ حرية التنقل، أكد أنه ال ميكن اعتامد هذه القاعدة مطية للحد من حرية التنقل

إتيانه اإلدارة عىل القانوين. فأجرب الحد التثبت من مدى توفر هذا لنفسه حق أنه خول رضورة

الدليل الذي يثبت أن سفر املعني باألمر من شأنه النيل من النظام واألمن العامني وإال اعترب ادعائها

مجردا ينزل قرارها منزلة القرارات غري الرشعية التي وجب الغاؤها. وهو ما بينه من خالل الحيثية

التالية: » وحيث أن اقتصار جهة اإلدارة يف دعوى الحال عىل اإلشارة إىل أن قرار رفض متكني املقام

يف حقه من جواز سفر قد اتخذ باعتبار أن املعني باألمر محل تحفظات أمنية دون أن تقيم الدليل

عىل أن سفره من شأنه النيل من النظام واألمن العامني أو من سمعة البالد التونسية طبقا ألحكام

513 قرار عدد 18293/1 بتاريخ 30 جانفي 2009، صادر عن الدائرة االبتدائية الثالثة باملحكمة اإلدارية، جراد / وزير الداخلية والتنمية املحلية،

قرار غري منشور.

514 نفس هذه القاعدة تم تكريسها صلب الفصل 21 من دستور 27 جانفي 2014 حيث نص عىل أن: »املواطنون واملواطنات متساوون يف

الحقوق والواجبات. وهم سواء أمام القانون من غري متييز«.

515 نفس هذه القاعدة تم تكريسها صلب الفصل 24 من دستور 27 جانفي 2014 يف فقرته الثانية حيث نص عىل أنه لكل مواطن الحرية »يف

التنقل داخل الوطن وله الحق يف مغادرته«.

516 قرار عدد 18259/1 بتاريخ 21 أكتوبر 2009، صادر عن الدائرة االبتدائية الثانية باملحكمة اإلدارية، الجبايل / وزير الداخلية والتنمية املحلية،

قرار غري منشور.

الداخلية والتنمية / وزير بلعيدي اإلدارية، باملحكمة الرابعة االبتدائية الدائرة بتاريخ 19 نوفمرب 2009، صادر عن 517 قرار عدد 18509/1

املحلية، قرار غري منشور.

518 الفصل 13 فقرة »د« من القانون املتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر.

Page 208: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

207

الفصل 13 الفقرة »د« من القانون املتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر، ودون متكني املحكمة من

معرفة تلك التحفظات األمنية والخوض يف مدى وجاهتها رغم مطالبتها أثناء التحقيق يف القضية

بتحديدها، يحمل املحكمة عىل اعتبار قرارها غري مرتكز عىل سند سليم من الواقع والقانون، وإلغاء

القرار املطعون فيه عىل ذلك األساس«519.

ويف نفس السياق أقرت املحكمة اإلدارية أن إحجام اإلدارة عن اإلفصاح عن سبب اتخاذها قرارا

يحد من حرية التنقل يجعل من ذلك املقرر فاقدا ألي أساس قانوين وواقعي سليم عىل اعتبار غياب

ما يفيد وجود أي مانع قانوين يحول دون حصول املعني باألمر عىل جواز سفر520 خاصة وأن الفصل

45 من قانون املحكمة اإلدارية ينص عىل أن التحقيق يف القضية يتواصل دون أن يتوقف عىل ما

وقع التنبيه بشأنه. ويعترب عدم رد اإلدارة عن عريضة الدعوى يف مادة تجاوز السلطة بعد انقضاء

أجل التنبيه تسليام منها بصحة ما ورد بالدعوى، ما مل يكن بامللف ما يخالفها.

ولنئ اعرتف القايض لإلدارة بسلطة تقديرية تخولها رفض تسليم جواز السفر إىل طالبه بناءا عىل

االستثناءات الواردة بالقانون إال أنه رسعان ما قيد سلطتها لغاية الحفاظ عىل حرية التنقل كمبدأ

يتمتع به جميع األفراد. فرصح عىل هذا األساس بأن اإلدارة تكون ملزمة بالرد عىل مطلب الحصول

ردها يف ظرف عدم يعترب اإلدارية املحكمة قانون وأن خاصة معقول أجل يف السفر جواز عىل

شهرين يولد قرار رفض ضمني.

واعتربت املحكمة أن تجاوز اإلدارة لهذا األجل والتعلل بأنها بصدد دراسة مطلب املعني باألمر،

يعد قرارا مشوبا باالنحراف بالسلطة. علام وأن مثل هذا الوصف عادة ما تجنبته املحكمة اإلدارية

باستخدام اإلدارية قصديا السلطة بالسلطة يف مبادرة االنحراف يتمثل إذ نظرا ملحتوى مفهومه.

السلطات الراجعة لها قانونا يف سبيل خدمة هدف غريب عن الهدف الذي من أجله وقع منحها

املرتابطة القانونية واألعامل كالوقائع مؤرشات مجموعة خالل من ذلك ويتجىل السلطات تلك

منطقا واملتواترة زمنا والتي من شأنها الداللة عىل هذا االنحراف521. ورغم خطورة هذا العيب فإن

القايض مل يرتدد يف اإلعالن عنه حفاظا منه عىل حرية التنقل522.

كام بينت املحكمة أن اإلدارة تكون مصدرة لقرار غري رشعي حني رفضها منح جواز سفر لشخص

519 قرار عدد 16398/1 بتاريخ 30 جانفي 2009، صادر عن الدائرة االبتدائية الثالثة باملحكمة اإلدارية، الورغي يف حق ابنه القارص / وزير

الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

الداخلية والتنمية / وزير بلعيدي اإلدارية، باملحكمة الرابعة االبتدائية الدائرة بتاريخ 19 نوفمرب 2009، صادر عن 520 قرار عدد 18509/1

املحلية، قرار غري منشور.

الرابعة باملحكمة اإلدارية، كريديس ومن معه / رئيس بلدية الدائرة االبتدائية 521 قرار عدد 12620/1 بتاريخ 31 جانفي 2007، صادر عن

قابس، قرار غري منشور.

522 قرار عدد 18293/1 بتاريخ 30 جانفي 2009، صادر عن الدائرة االبتدائية الثالثة باملحكمة اإلدارية، جراد / وزير الداخلية والتنمية املحلية،

قرار غري منشور.

Page 209: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

208

وقع تحت طائلة عقوبة جزائية تكميلية قاضية مبراقبته إداريا وتحد من حرية تنقله وتحول دون

إمكانية سفره، ملا يثبت أن هذه العقوبة قد انقضت زمن اتخاذ اإلدارة لهذا القرار523.

الفقرة الثانية: القايض اإلداري واملسكن

قام القايض ال فقط بتكريس الحق يف املسكن )أ( بل كذلك بحامية الفرد داخل مسكنه )ب(.

أ- تكريس القايض لحق الفرد يف املسكن

مبناسبة قضية رفعها شخص ضد وزير الشؤون االجتامعية والتضامن والتونسيني بالخارج طعنا

يف قرار حرمه، حسب وصف املدعي، من الحصول عىل مسكن اجتامعي يف إطار تدخالت صندوق

كانت وقد الحريات. عىل تأثريه ومدى املسكن يف الفرد حق القايض تناول الوطني. التضامن

للمحكمة اإلدارية آن ذاك الجرأة واالمتياز يف الخوض يف مسائل مل يتطرق لها من قبل حتى من قبل

الفقه التونيس بصفة رصيحة ومعمقة.

تحقيق يفرتضها التي الضامنات أوكد من املسكن يف الحق »أن اإلداري القايض أقر حيث

من متكينه شأنه من الذي املحيط ويؤمن وحرمته سالمته يضمن إطارا باعتباره اإلنسان كرامة

تجسيد شخصيته وتنميتها ورشطا للحديث عن سائر الحقوق والحريات الفردية املكفولة لفائدته

ومامرسـتها«524. علام وأن هذا القرار تناول مسألة هامة، قبل أربع سنوات من ثورة 2011، متثلت

يف كرامة الفرد. فاعترب أنه من أوكد املسائل للحديث عنها توفر مسكن لإلنسان يكون ضامنة لبدن

الفرد املكرم وماله املحرم وعرضه املحرتم525. فغياب أو فقدان الفرد ملسكن يكون عقبة للحديث

عن بقية الحقوق وسائر الحريات الفردية. فانعدام املسكن يعني انعدام أو عىل األقل غياب حقوق

حقيقية وحريات فردية ينعم بها سائر األشخاص.

القايض حرص مدى عىل الدليل وتقيم تبني التي القرارات وأهم أبرز من القرار هذا ويعترب

اإلداري عىل حامية الحريات الفردية بصورة ال لبس حولها وال ريب فيها.

ب - حامية القايض للفرد داخل املسكن

ودون إرادته وفق فيه الترصف يف حريته فأقر مسكنه داخل الفرد حامية إىل القايض سعى

تجاوز القواعد القانونية. من ذلك أقرت املحكمة أن رفض اإلدارة تسليم املعني باألمر رخصة حفر

523 قرار عدد 13787/1 بتاريخ 27 فيفري 2009، صادر عن الدائرة االبتدائية الثالثة باملحكمة اإلدارية، العوادي / وزير الداخلية، قرار غري

منشور.

الشؤون االجتامعية باملحكمة اإلدارية، بورقعة / وزير الثالثة االبتدائية الدائرة أكتوبر 2007، صادر عن بتاريخ 19 524 قرار عدد 15283/1

والتضامن والتونسيني بالخارج، قرار غري منشور.

525 عبارة مقتبسة من نص عهد األمان الصادر يف 10 سبتمرب 1857 سالف الذكر.

Page 210: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

209

برئ داخل حديقة منزله يكون من صنف القرارات اإلدارية غري الرشعية والتي وجب الغاؤها. إذ

أن مثل هذا القرار وإن اتخذ عىل أساس تراتيب حفظ الصحة العمومية فإنه ال يرتقي إىل صنف

القرارات الرشعية لغياب قاعدة قانونية توجب الحصول عىل رخصة إدارية قصد حفر برئ داخل

املساكن الفردية526.

لكن حرية الترصف يف املساكن تبقى دامئا خاضعة لقواعد قانونية وجب احرتامها، من أهمها

القواعد العمرانية. حيث أقرت مجلة التهيئة الرتابية والتعمري يف فصلها 68 أنه »عىل كل من يروم

البناء أو إجراء أشغال ترميم لتدعيم بناية موجودة أو إدخال تغيريات عليها، الحصول عىل ترخيص

يف ذلك...«.

ويفهم من هذا النص أن حرية األفراد يف الترصف يف مساكنهم تكون مضبوطة بقواعد عمرانية

وجب اإلذعان إليها، فجميع األشغال أو البناءات، حسب هذا الفصل تستوجب الرتخيص املسبق.

لكن وبغرض التخفيف من هذا البند املجحف ضبط وزير التجهيز واإلسكان بقرار قامئتني حرصيتني

من معفاة تكون بناية عىل ورضورية عادية إصالحات أو تغيريات إدخال إىل الرامية لألشغال

الرتخيص فيها.

وسعيا منه إىل حامية حريات األفراد يف الترصف يف مساكنهم مع مراعة األحكام العمرانية، اعترب

القايض اإلداري أن قرار وزير التجهيز واإلسكان نص عام وجب أخذه عىل إطالقه. فأقر عىل هذا

األساس، مبناسبة اتخاذ اإلدارة لقرار قىض بإزالة مدخنة من مسكن أن األشغال التي قام بها صاحب

املسكن ال تخضع للرتخيص يف البناء رضورة أنه وبالرجوع إىل »قرار وزير التجهيز واإلسكان املؤرخ يف

10 أوت 1995 واملتعلق بضبط قامئة األشغال التي ال تخضع للرتخيص يف البناء، ذكر تركيز أجهزة

التدفئة من بني األشغال التي ال تستوجب استصدار رخصة يف البناء. وحيث طاملا كان التنصيص

عاما ومطلقا دون أي تفصيل أو استثناء جاز اعتباره شامال لكافة مكونات جهاز التدفئة مبا يف ذلك

املدخنة باعتبارها جزء ال يتجزأ من تلك األجهزة«527.

الفقرة الثالثة: القايض اإلداري وحرية اختيار مقر االقامة

اقامته دون قيد أو رشط، دون إعالم البديهي أن يتمتع كل فرد بحرية اختيار مقر يكون من

مسبق أو ترخيص أويل. وتعترب هذه الحرية من صنف الحريات الدستورية اذ أقرها دستور 2014

526 قرار عدد 828 صادر بتاريخ 14 جويلية 1986، الكويك / رئيس بلدية أريانة، مجموعة قرارات املحكمة اإلدارية للسنوات 1985 و1986

و1987، ص. 285.

527 قرار استئنايف عدد 22936 صادر بتاريخ 27 أفريل 2001، صادر عن الدائرة االستئنافية الخامسة باملحكمة اإلدارية، رئيس بلدية ساقية الدائر

/ البهلول، قرار غري منشور.

Page 211: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

210

الحرية هذه من الحد فيمكن القانونية القيود لبعض تخضع ما عادة لكن .24528 فصله صلب

تطبيقا ألحكام املجلة الجزائية أو نظرا للنظام األسايس لبعض املوظفني بحكم املهام املناطة بعهدتهم

كالعسكريني أو الوالة. وعليه فإنه ال ميكن الحد من حرية اختيار مقر اإلقامة إال بنص قانوين. وقد

تصدر قرارات إدارية متعلقة بحرية اختيار مقر اإلقامة يف جانب أشخاص ينتمون إىل سلك الوظيفة

العمومية )أ( أو أشخاص غري منتمني إىل هذا السلك )ب(.

أ- حرية اختيار مقر اإلقامة يف إطار الوظيفة العمومية

إداري من شأنه املس من هذه الوقوف صدا منيعا ضد أي قرار اإلدارية عىل املحكمة دأبت

الحرية دون وجه حق. فعىل سبيل املثال اتخذ وزير الرتبية والتعليم العايل والبحث العلمي قرار

فتح دورة انتداب أساتذة محارضين وأوجب عىل كل مرتشح ناجح التعهد بأن يقيم مبكان مركز

تعيينه بصفة نهائية. فطعن مجموعة من األساتذة يف هذا القرار عىل أساس خرقه للفصل العارش من

الدستور القديم529 الذي ضمن لكل مواطن حرية اختيار مقر اقامته يف حدود القانون.

أمام هذا الطعن مل ترتدد املحكمة اإلدارية يف القضاء لصالح الدعوى. وذكرت يف البداية بأن حرية

اختيار مقر اإلقامة هي »من الحريات العامة والحقوق األساسية التي ضمنها الدستور للمواطن ال

ميكن تقييدها أو الحد منها إال بنص ترشيعي ويف إطار الرشوط التي حددها الفصل السابع«530 من

دستور 1959 الذي نص عىل أن املواطن يتمتع بحقوقه كاملة بالطرق وبالرشوط املبينة بالقانون،

وال يحد من هذه القاعدة إال بقانون يتخذ الحرتام حقوق الغري ولصالح األمن العام والدفاع الوطني

والزدهار االقتصاد وللنهوض االجتامعي.

كام انتهت املحكمة بالتأكيد عىل أن قرار الوزير باشرتاطه الزام املرتشحني الناجحني باإلقامة مبركز

عملهم »يكون قد وضع قيدا ملبدأ حرية اختيار مقر اإلقامة وهو استثناء مل يأذن به رصاحة أي

قانون«531. وبه يكون هذا القرار من أهم األحكام املرجعية التي كرس من خاللها القايض اإلداري

حرية اختيار مقر اإلقامة يف إطار الوظيفة العمومية.

528 ينص الفصل 24 فقرة ثانية من دستور 27 جانفي 2014 عىل أنه: »لكل مواطن الحرية يف اختيار مقر إقامته ويف التنقل داخل الوطن وله

الحق يف مغادرته«. علام وأن الفصل العارش من دستور غرة جوان 1959 قد أقر هذه الحرية حيث نص عىل أنه: »لكل مواطن حرية التنقل

داخل البالد وإىل خارجها واختيار مقر إقامته يف حدود القانون«.

529 الفصل 24 من دستور 27 جانفي 2014.

530 قرار عدد 1887 صادر بتاريخ 27 جوان 1990، رافع بن عاشور ومن معه / وزير الرتبية والتعليم العايل والبحث العلمي، مجموعة قرارات

املحكمة اإلدارية للسنوات 1988 و 1989 و 1990، ص 400.

531 نفس املرجع السابق )قرار عدد 1887 صادر بتاريخ 27 جوان 1990، رافع بن عاشور ومن معه / وزير الرتبية والتعليم العايل والبحث

العلمي، مجموعة قرارات املحكمة اإلدارية للسنوات 1988 و 1989 و 1990، ص 400(.

Page 212: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

211

ب - حرية اختيار مقر اإلقامة خارج إطار الوظيفة العمومية

الخاضعني باألشخاص ذلك يف تكتف ومل اإلقامة مقر اختيار لحرية تكريسها املحكمة أكدت

لقانون الوظيفة العمومية بل أكدت أن غري هؤالء يتمتعون هم كذلك من باب أوىل وبصفة مبدئية

بهذه الحرية.

فعىل اثر حصول طالب عىل شهادة املاجستري من جامعة أجنبية تقدم بطلب قصد الحصول عىل

معادلة شهادته مع الشهادة الوطنية التونسية. غري أنه اصطدم بقرار وزير التعليم العايل والبحث

العلمي والتكنولوجيا الرافض منحه قرار يف املعادلة عىل أساس أن دروس الشهادة األجنبية التي

تحصل عليها الطالب قد نظمت بتونس ومل تنظم بالخارج.

طعن املترضر بدعوى تجاوز السلطة ضد هذا القرار أمام املحكمة اإلدارية. ومل يتأخر القايض يف

رده حيث اعترب أنه »تكون اإلدارة ملا اشرتطت أن تكون الشهادة موضوع مطلب املعادلة قد نظمت

دروسها بالخارج، قد أضافت رشطا جديدا مل ينص عليه قرار وزير التعليم العايل ]املتعلق بضبط

املعايري التي تسند عىل أساسها معادلة الشهادات والعناوين[، فضال عن أن هذا الرشط ميثل قيدا

ملبدأ حرية اختيار مقر اإلقامة، وهو استثناء مل يأذن به رصاحة أي قانون مام يتجه معه الغاء القرار

املطعون فيه عىل هذا األساس«532.

فأكد بذلك القايض أن الشهادة موضوع املعادلة مل يشرتط القانون يف شأنها أن تكون قد نظمت

دروسها بالبالد املانحة لها. وعليه فإن اإلدارة باشرتاطها ذلك تكون قد مست من حرية اختيار مقر

اإلقامة دون سند قانوين وهو ما يستوجب اعتبار ذلك القرار غري رشعي. وملزيد تعزيز هذه الحرية

القرار يشكل خطأ معمرا لذمة اإلدارة يخول للمترضر منه أكدت املحكمة اإلدارية أن مثل هذا

املطالبة بالتعويض عن األرضار التي تسبب فيها533.

بشخص بالزج يقيض تنفيذ توقيف مطلب ومبناسبة اإلداري القايض أن لالنتباه امللفت ومن

يف مركز إيواء وتوجيه، قد رفض هذا املطلب عىل اعتبار أن القرار املنتقد ال يولد نتائج يستحيل

تداركها534. هذا املوقف يبدو أنه مبالغ فيه ذلك أن مثل هذا القرار قد مس من جوهر الحرية ومل

532 قرار عدد 17744/1 صادر عن الدائرة االبتدائية السادسة باملحكمة اإلدارية بتاريخ 02 فيفري 2009، الوساليت/ وزير التعليم العايل والبحث

العلمي والتكنولوجيا، قرار غري منشور.

533 قرار عدد 124042 صادر عن الدائرة االبتدائية السابعة باملحكمة اإلدارية بتاريخ 20 نوفمرب 2012، الحداد/ املكلف العام بنزاعات الدولة

يف حق وزارة التعليم العايل، قرار غري منشور.

534 قرار عدد 31 صادر بتاريخ 30 جانفي 1979، امليساوي / وزارة الداخلية، مجموعة قرارات املحكمة اإلدارية لسنة 1979، ص 13 و 14.

Page 213: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

212

يعد يحد منها فقط. هذا القرار مل يأت للحد من هذه حرية اختيار مقر اإلقامة بل جاء ليرضب

جوهر الحق بأن أوجب عىل املترضر اإلقامة يف مكان معني. وحتى إن افرتضنا أن القرار صدر حامية

لحياة املترضر بعد أن ثبتت إقامته مبنزل آهل للسقوط فإن ذلك ال يربر إصدار مثل هذه القرارات

بفرض مقر معني لإلقامة يسلبه بذلك حرية االختيار.

يكون من الطبيعي واملنطقي اصدار قرار يفرض مغادرة املترضر منزل يهدد حياته لكن املس من

جوهر حرية اختيار اإلقامة يبدو أنه تعسف واعتداء صارخ عىل حرية فردية ضمنها الدستور وكرسها

فقه القضاء. وبناء عىل ما سبق يكون موقف القايض الذي يعترب أن قرار الزج باملدعي يف مركز إيواء

وتوجيه، ال ينتج أرضارا يستحيل تداركها قد جانب الصواب وأهدر حرية فردية.

اجلزء الثاني: القاضي اإلداري واحلريات املتعلقة بالعمل |تختلف درجة حرية األفراد يف اطار عملهم وفق النظام القانوين املنطبق عليهم. فيكون األعوان

العموميون، بحكم وظيفتهم وانتامئهم لهذا السلك يف وضعية مشددة تقيد من حريتهم أكرث من

أالئك اللذين ال يخضعون لقانون الوظيفة العمومية. يف املقابل تبقى قرارات اإلدارة املتعلقة بالحرية

والتي تتسلط سواء عىل األعوان العموميني أو غريهم، خاضعة مبارشة لرقابة القايض اإلداري.

الفقرة األوىل: رقابة القايض للحريات يف إطار الوظيفة العمومية

وفق جرد ألهم األحكام الصادرة عن املحكمة اإلدارية نالحظ أن قرارات اإلدارة التي صدرت يف

حق أعوانها أو املرشحني لهذا املنصب، غالبا ما تعلقت بحرية فكرهم )أ( أو كذلك بحرية معتقدهم

)ب(.

أ- حرية الفكر

تعترب حرية الفكر من أهم الحريات املتعلقة باإلنسان املتميز بالعقل والفكر. وتكمن حرية الفكر

من استخدام الفرد لقدراته العقلية فله أن يفكر فيام شاء كيفام شاء بدون حد أو قيد مام يعني أن

حرية الفكر بهذا املعنى حرية مطلقة ال ميكن الحد منها إال إذا اقرتنت بعمل أو أعامل غري رشعية.

وعديدة هي النصوص القانونية التي أقرت هذه الحرية سواء كان ذلك عىل املستوى الدويل أو عىل

املستوى الوطني.

أنه »لكل اإلنسان عىل العاملي لحقوق اإلعالن املادة 18 من تنص الدويل مثال، الصعيد فعىل

الخاص الدويل العهد املادة 19 من أكدت والدين«. كام والضمري التفكري الحق يف حرية شخص

Page 214: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

213

بالحقوق املدنية والسياسية535 عىل أنه »لكل إنسان حق يف حرية الفكر والوجدان والدين«.

أما عىل الصعيد الوطني، فقد تم تكريس حرية الفكر صلب الفصل 31 من دستور 27 جانفي

2014 الذي نص عىل أن »حرية الرأي والفكر والتعبري واإلعالم والنرش مضمونة«. علام وأن دستور

غرة جوان 1959 قد ضمن هو اآلخر هذه الحرية صلب فصله الثامن536. كام تضمن قانون الوظيفة

العمومية قاعدة قانونية، صلب فصله العارش، مفادها أنه ال ميكن بأي حال من األحوال أن يتضمن

امللف الشخيص للعون العمومي ما يشري إىل أفكاره السياسية أو الفلسفية أو الدينية537. وهو ما

الذي اليشء العموميني، األعوان أمام واجب تحفظ الحرية ال تعرف حدودا حتى أن هذه يؤكد

يتامىش مع األحكام الدستورية والنصوص الدولية.

ومن خالل جرد ألهم األحكام الصادرة عن املحكمة اإلدارية نالحظ أن القايض اإلداري، حاول

دامئا أن يكون التصدي ألي مقرر إداري صدر ضد األفراد مبناسبة مامرستهم لحريتهم الفكرية538.

التي تربز وتلخص موقف القايض اإلداري من حرية الفكر، حكم صدر ولعل من أهم القضايا

سنة 2002539. متثلت وقائع القضية فيه يف قيام وزير التعليم العايل باتخاذ قرار يقيض بوضع حد

لرتبص عون عمومي عىل أساس بحث أمني من طرف وزارة الداخلية. فطعن املترضر باإللغاء يف هذا

القرار وما كان من القايض اإلداري، بعد أن أدلت اإلدارة مبضمون البحث األمني إال أن تثبت تلقائيا

من السالمة القانونية والواقعية للبحث املذكور. ألن املحكمة ارتأت عدم إحالة البحث إىل الطاعن

حفاظا عىل صبغته الرسية ومراعاة للصالح العام. وبذلك يكون القايض قد سعى إىل إحداث توازن

بني خياره الرافض متكني املدعي من االطالع عىل التقرير األمني من جهة، وحق الدفاع أمام القضاء

من جهة أخرى. وقد ثبت له، من خالل اطالعه عىل أوراق امللف أن السبب الحقيقي التخاذ القرار

املخدوش فيه يتعلق بشبهات حول أفكار املدعي وانتامءاته السياسية.

السياسية اآلراء فإن الشبهة ثبوت هذه أنه وحتى عىل فرض األساس القايض عىل نفس اعترب

لألعوان العموميني تنصهر ضمن حرية الفكر التي ضمنها الدستور وأكدتها الفقرة الثانية من الفصل

535 العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية املؤرخ يف 12 ديسمرب 1966 وقد صادقت عليه تونس مبقتىض القانون عدد 30 لسنة 1868

املؤرخ يف 29 نوفمرب 1968، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 51 لسنة 1968 والصادر يف 29 نوفمرب03- ديسمرب 1968، ص 1477.

الفكر والتعبري والصحافة والنرش واالجتامع وتأسيس الثامن من دستور غرة جوان 1959 عىل أن »حرية الفصل الفقرة االوىل من 536 تنص

الجمعيات مضمونة ومتارس حسب ما يضبطه القانون«.

537 القانون عدد 112 لسنة 1983 املؤرخ يف 12 ديسمرب 1983 واملتعلق بضبط النظام األسايس العام ألعوان الدولة والجامعات العمومية املحلية

واملؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 10 لسنة 1984 الصادر يف 14 فيفري 1984، ص 4328،

علام وأن هذا القانون شهد بعض التعديالت.

538 قرار عدد 16470 صادر عن الدائرة االبتدائية األوىل باملحكمة اإلدارية بتاريخ 18 جانفي 2000 الحمدي / وزير الصناعة، قرار غري منشور؛

قرار عدد 18600 صادر عن الدائرة االبتدائية الخامسة باملحكمة اإلدارية بتاريخ 14 أفريل 2001 الربعي / وزير التعليم العايل، قرار غري منشور.

539 قرار عدد 18601 صادر عن الدائرة االبتدائية الخامسة باملحكمة اإلدارية بتاريخ 13 جويلية 2002 قزقز / وزير التعليم العايل، قرار غري

منشور.

Page 215: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

214

العارش من قانون الوظيفة العمومية التي نصت عىل أنه ال ميكن بأي حال من األحوال أن يتضمن

امللف الشخيص للعون العمومي ما يشري إىل أفكاره السياسية أو الفلسفية أو الدينية.

وحيث ال ترثيب عليه أن هذا التعليل كان لوحده كافيا إللغاء القرار محل الطعن إال أن القايض

استفاض يف التحليل يف اشارة واضحة منه عىل أهمية حرية الفكر التي تجد أساسها ال فقط صلب

الدستور القديم من خالل فصله الثامن ومن خالل الفصل العارش من قانون الوظيفة العمومية، بل

كذلك من خالل الفصل السادس من دستور غرة جوان 1959540.

وذهب القايض كذلك إىل مبدأ املساواة بني األعوان العموميني معتربا أن هذا املبدأ، املستقر عليه

القديم الدستور السادس من الفصل أن ركيزة دستورية ذلك اآلخر، له هو والقضاء الترشيع يف

اقتىض أن كل املواطنون متساوون يف الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون541 واعترب القايض

الضامنات األساسية ملامرسة العموميني، ميثل إحدى األعوان املساواة بني املبدأ، أي مبدأ أن هذا

حرية الفكر.

وبعد هذا التمسك الواضح والرصيح بحامية حرية الفكر، أكد القايض اإلداري أن مامرسة هذه

الحرية ال ميكن أن تكون مطلقة »حيث استقر فقها وقضاء أن حرية الفكر للعون العمومي ليست

مطلقة اذ يجوز مآخذته عىل أساس أفكاره إن كانت أدت إىل اقرتافه خطأ تأديبا كإتيانه ترصفات

مخالفة لواجب التحفظ والحياد أو إخالله بالواجبات املضمنة بالفصل الثالث من قانون الوظيف542.

إىل حركة كاالنتامء جزائيا ارتكابه خطأ إىل أدى كان إن األساس ذات مؤاخذته عىل لإلدارة كام

سياسية غري مرخص فيها، رشيطة ثبوته بحكم بات«543.

أن اعتبار أنه وعىل بالقول منتهيا املبدأ وحدوده دستورية بني راوح قد القايض يكون وبهذا

األفكار لقرارها مبجرد فإن تربيرها أو جزايئ تأديبي املدعي لخطأ اقرتاف يفيد اإلدارة مل تدل مبا

السياسية يكون مخالفا للقانون544 خاصة فيام تضمنه من حرية الفكر ومبدأ املساواة. هذا ما جعل

القايض يلغي هذا القرار حاميا بذلك حرية الفكر ومدافعا عنها.

ومن املالحظ أيضا أن القايض اإلداري الفرنيس اعترب هو اآلخر أن اإلدارة ال ميكنها أن تحرم األعوان

540 اقتىض الفصل السادس من دستور غرة جوان 1959 أن كل املواطنني متساوون يف الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون.

541 نفس هذا املبدأ تم تكريسه صلب الفصل 21 من دستور 27 جانفي 2014 حيث نص أن: »املواطنون واملواطنات متساوون يف الحقوق

والواجبات وهم سواء أمام القانون من غري متييز«.

542 ينص الفصل الثالث من قانون الوظيفة العمومية عىل أنه: »عىل العون العمومي أن يتجنب أثناء مامرسة وظيفته ويف حياته الخاصة كل ما

من شأنه أن يخل بكرامة الوظيفة العمومية وهو ملزم يف كل الظروف باحرتام سلطة الدولة وفرض احرتامها«.

543 قرار عدد 18601 صادر عن الدائرة االبتدائية الخامسة باملحكمة اإلدارية بتاريخ 13 جويلية 2002 قزقز / وزير التعليم العايل، قرار غري

منشور.

.GUILLOIS )A.(, » De l’arrêt Bouteyre à l’arrêt Barrel, Mél., Achille MESTRE, Paris, Sirey, 1956, p. 297 544

Page 216: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

215

العموميني من االلتحاق بها بناء عىل أفكارهم السياسية والدينية.

وبخصوص ما يتعلق بحرية األفكار الدينية، ومبناسبة قرار اتخذته اإلدارة يقيض بحرمان مرتشح

من االلتحاق بالوظيفة العمومية عىل أساس أنه زاول تعليمه مبؤسسات تعليمية دينية غري الئكية

أن الفرنيس اإلداري القايض اعترب اإلدارة، التكوين من شأنه أن ميس من حياد أن ذلك وبدعوى

هذا القرار من قبيل القرارات الخارقة للرشعية ملساسه مببدأ حرية الفكر وعىل هذا األساس توىل

إلغاؤه545.

أما فيام يتعلق بحرية األفكار السياسية فقد حسم القايض اإلداري الفرنيس موقفه منذ 1954

حيث قام مجموعة من املرتشحني إىل مناظرة الدخول إىل املدرسة الوطنية لإلدارة بالطعن يف قرار

يجوز ال أنه القايض أكد املناسبة بهذه االشرتاكية. السياسية أفكارهم أساس ترشحهم عىل رفض

مبدأ رضب بصدد اإلدارة اعتربت وإال السياسية أفكارهم أساس عىل املرتشحني حرمان لإلدارة

قضاء فقه إىل املوقف هذا تحول وقد الحائط546. عرض العمومية للوظيفة الرتشح يف املساواة

مستقر عليه يف فرنسا.

ب- حرية املعتقد

غالبا ما يتم اعتامد عبارة حرية املعتقد أو الحريات الدينية عىل أساس أنها مرتادفات والحال

أن األوىل تحتوي الثانية دون أن يكون العكس برشطه صحيح. فحرية املعتقد أشمل وأوسع من

مفهوم الحريات الدينية. وميكن تعريف حرية املعتقد بأنها حق كل شخص يف اختيار القيم واملبادئ

واألفكار التي تحكم حياته. وغالبا ما تقرتن حرية املعتقد بإمكانية االختيار الحر لديانة معينة أو

كذلك اختيار مناهج فلسفية أو أخالقية ال متت بصلة ألي ديانة.

وتعترب هذه الحرية من قبيل الحريات الفردية اللتصاقها بكل انسان وهي تضمن حق كل شخص

يف تغيري عقيدته أو اإلعراب عنها بالتعليم واملامرسة وإقامة الشعائر ومراعاتها أكان ذلك رسا أو مع

الجامعة547. ويف هذا الصدد تنص املادة 18 من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية

عىل أنه »لكل إنسان حق يف حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته يف أن يدين بدين

ما، وحريته يف اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته يف إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة

الشعائر واملامرسة والتعليم، مبفرده أو مع جامعة، وأمام املأل أو عىل حدة«. وبالتايل فإن مامرسة

حرية املعتقد ليست مبطلقة إذ لكل شخص حق إظهار معتقده دون تجاوز القيود الترشيعية التي

C.E., 25 juillet 1939, Demoiselle Beis, Lebon, p. 524 ; C.E., 5 janvier 1944, Demoiselle Tétaud, Lebon, p. 1 ; C.E., 7 545

.juillet 1954, Janinet, Lebon, p. 811

.C.E., 28 mai 1954, Barel et autres, Lebon, p. 308 546

547 املادة 18 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان.

Page 217: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

216

ميكن أن تضبط هذه الحرية مبا يخدم ويتوافق مع مقتضيات النظام العام.

وقد أتيحت للقايض اإلداري عدة فرص لتحديد موقفه من هذه الحرية خاصة مبناسبة إظهار

بعض األعوان العموميني ملعتقداتهم. فالبعض منهم ونظرا ملا يحملوه من معتقدات فضلوا االلتحاق

مبقر عملهم مرتدين لباسا عادة ما صنفته اإلدارة بالزي الطائفي واتخذت يف شأنهم عىل هذا األساس

قرار بالعزل.

وأمام مثل هذه القرارات نالحظ أن املحكمة اإلدارية تفادت يف مرحلة أوىل ويف عدة مناسبات

الخوض يف أصل هذه الحرية وخريت االكتفاء بالخوض يف مدى صحة الوقائع إللغاء قرارات اإلدارة

من ذلك اعترب القايض مثال، أنه »وحيث ادعت العارضة أنها خالفا ملا أوردته اإلدارة مل تتمسك بالزي

)الطقريطة عاديا منديال وضعت حيث بذلك مطالباتها اثر هندامها بتغيري بادرت بل الطائفي

الزي التخيل عن العارضة بني عىل رفض الذي العزل قرار األساس يكون التونسية(... وعىل هذا

الطائفي قد أنبنى عىل أسس غري صحية من الواقع، األمر الذي يجعلها عرضة لإللغاء«548. وبذلك

يبدو أن القايض اإلداري التونيس توخى سياسة فقه قضائية تتحاىش أكرث ما ميكن الخوض يف املسائل

عليه اإلدارة تستند الذي النص الخوض يف مدى رشعية يحاول فلم الحرية549 بأصل تتعلق التي

التخاذ قراراتها بالعزل.

ويبدو أن القايض اإلداري قد تجاوز هذه املرحلة وانتقل ملرحلة تحررية. حيث وألول مرة وبعد

فرتة صمت طويلة، أفصح القايض سنة 2006 عن موقفه حول رشعية املنشور عدد 102 لسنة 1986

الصادر يف 19 أكتوبر 1986 عن وزير الرتبية والتعليم والبحث العلمي واملتعلق مبظهر املدرسني

واألعوان اإلداريني والتالميذ.

ارتداء برفت مدرسة بسبب ارصارها عىل يقيض قرارا اإلدارة اتخاذ القضية550 يف تتمثل وقائع

102 عدد املنشور أحكام مخالفة عىل بناء وذلك املألوف عن والخروج بالتطرف يوحي هندام

سالف الذكر. فقامت املترضرة بطعن أمام القايض يف قرار الرفت عىل أساس عدم رشعية املنشور.

بهذه املناسبة أعاد القايض تفحص هذا النص. فرأى أنه أوجب عىل املدرسني الظهور بهندام سوي

ال يوحي مبا يعد تطرفا أو خروجا عن املألوف. لكن هذه القاعدة استنكرت نوعا من الهندام دون

548 قرار عدد 2134 يف مادة تجاوز السلطة بتاريخ 19 ماي 1993، حميدة / وزير الرتبية والعلوم؛ قرار عدد بتاريخ جوان 1986، سهام / وزير

الرتبية القومية؛ قرار عدد 2260 بتاريخ 27 ديسمرب 1989، أم السعد / وزير الرتبية القومية؛ قرار عدد 14992 بتاريخ 10 مارس 1999، الدائرة

االبتدائية الثانية، سمرية / وزير الرتيبة؛ قرار استئنايف عدد 23846 بتاريخ 05 مارس 2003، وزير الرتبية / زهرة، قرارات غري منشورة.

MOUSSA )M-L-F(, » Aspects constitutionnels de la jurisprudence administrative «, in, L’œuvre jurisprudentielle du 549

.Tribunal Administratif, sous dir., Sadok BELAID, CERPA, 1990, p. 141

الرتبية والتكوين، قرار غري العدايل / وزير باملحكمة اإلدارية، الخامسة االبتدائية الدائرة بتاريخ 09 ديسمرب 2006، 550 قرار عدد 10976/1

منشور.

Page 218: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

217

تحديده، وهو حسب منطوق القايض، »األمر الذي يقوم مقام التدخل يف مجال الحريات الفردية

نظرا ملا يتميز به اللباس من تعبري عن اإلنتامء الحضاري والديني والفكري وما يعكسه من ميوالت

شخصية«. وبالتايل وباعتبار أن هذا املنشور يقيد من مجال الحريات الفردية فإن القايض ذكر بأن

السابع من الفصل اقتضته أحكام ما إال مبقتىض نص ترشيعي وهو التحديد ال يكون جائزا هذا

من وكذلك العمومية الوظيفة قانون من تثبت األساس هذا وعىل .1959551 جوان غرة دستور

القانون املتعلق بالنظام الرتبوي552 فلم يجدهام يحتويان أي قاعدة، رصيحة كانت أم ضمنية، تتعلق

تقدم خلصت ما وبناء عىل كل اللباس. يعكسه أن الذي ميكن التطرف بالهندام وتعرف مفهوم

املحكمة إىل النتيجة التالية: »وحيث تضمن املنشور املذكور قاعدة جديدة تتعلق بالهندام وردت يف

صيغة مبهمة مل يسبق التعرض إليها بنص ترشيعي يضبط، يف كنف احرتام املقتضيات الدستورية...

)الفصل السابع من دستور 1959(، ما ميكن اعتباره تطرفا يف الهندام، األمر الذي يفتح لإلدارة سلطة

ينتج عنه تهديد للحريات األساسية ومنها تقديرية غري محدودة يف تطبيق ذلك املنشور مام قد

حرية املعتقد املضمونة دستوريا واستعامله مطية للتضييق من الحقوق والحريات الفردية.

وحيث يكون ذلك املنشور بناء عىل ما سبق عرضه، مخالفا للدستور، األمر الذي يؤول إىل عدم

رشعية القرار املطعون فيه وتعني الغاؤه لهذا السبب«.

هذا رشعية بعدم قوله لكن ، بالجرأة اتسم 2006 سنة اتخذ الذي املوقف هذا أن شك ال

القرار، نظرا لعدم دستورية املنشور، رسعان ما تم الرتاجع عنه سنة 2008553. حيث قامت نفس

القايض لكن مبارشة. الذكر سالف املنشور يف باإللغاء من خاللها تطعن أخرى بقضية املدرسة

وعىل خالف انتظارات املدعية رفض دعواها وأقر رشعية املنشور. فاعتربت املحكمة أنه وإن كان

األعوان العموميون يتمتعون بحرية اختيار اللباس الذي يريدونه إال أن هذه الحرية يجب أن متارس

طبقا للضوابط التي يقتضيها واجب التحفظ وخصوصية الوظيفة املناطة بعهدتهم. وباعتبار أن

املؤسسات التعليمية تكتيس خصوصية وأن املربني لهم دور كبري وتأثري عىل الناشئة فإنه يصري من

واجب اإلدارة الحرص عىل أن يتقيد املدرسون أثناء مامرستهم للوظيف بلياقة املظهر وتفادي كل

لباس أو هندام من شأنه أن يعكس املغاالة أو التربج أو االنحالل. وعىل هذا األساس أقر القايض

خالفا للقضية السالفة الذكر، أن هذا املنشور »يعد متطابقا مع واجب التحفظ ومسايرا ملا يستوجبه

تحقيق أهداف النظام الرتبوي والتعليمي«. وعليه فإن حرية املعتقد يجب أن تتقيد بهذا املنشور.

551 ينص الفصل السابع من دستور غرة جوان 1959 عىل أنه: »عىل املواطن أن يتمتع بحقوقه كاملة بالطرق والرشوط املبينة بالقانون وال يحد

من هذه الحقوق إال بقانون يتخذ الحرتام حقوق الغري ولصالح األمن العام والدفاع الوطني والزدهار االقتصاد والنهوض االجتامعي«. نفس هذه

القاعدة تم تكريسها صلب الفصل 49 من دستور 27 جانفي 2014.

552 القانون عدد 65 لسنة 1991 املؤرخ يف 29 جويلية 1991 واملتعلق بالنظام الرتبوي.

553 قرار عدد 10629/1 بتاريخ 24 جانفي 2008، الدائرة االبتدائية الرابعة باملحكمة اإلدارية، العدايل / وزير الرتبية والتكوين، قرار غري منشور.

Page 219: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

218

لكن هل أقرت املحكمة هذا املوقف يف الطور االستئنايف؟

أقر رشعية والذي لصالحها يصدر مل الذي الحكم تستأنف مل املدرسة أن هو لالنتباه امللفت

املنشور يف 2008 إىل أن أصبح حكام باتا. يف املقابل قام وزير الرتبية بطلب استئناف الحكم الصادر

يف 2006 والذي قىض بعدم رشعية قراره الرافت للمدرسة وذلك بناء عىل عدم دستورية املنشور.

وهو ما جعل قايض االستئناف الذي أصدر حكمه يف 2011554 أمام حكمني، قىض األول ابتدائيا )يف

2006( بعدم رشعية املنشور عن طريق الدفع وحكم ثان بات قىض مبارشة برشعية املنشور )يف

.)2008

علوية مبدأ إىل استنادا 2008 يف الصادر بالحكم مقيد بأنه القايض ذكر الوضعية هذه أمام

القايض املتعهد بالطعن املبارش عىل القايض املتعهد بنفس الطعن لكن بوجه الدفع. فال ميكن تبعا

لذلك إعادة مناقشة مدى رشعية املنشور ضامنا لعدم تضارب األحكام واستقرار الوضعيات واألمان

موقفه عن لإلفصاح لنفسه الباب فتح متميزة وبطريقة القايض فإن القول هذا ورغم القانوين.

من املنشور، وذلك تحت غطاء »أن املحكمة ترى جدوى يف التأكيد عىل بعض املبادئ«. فذكر بأن

القضاء استقر عىل أنه يجوز لكل رئيس ادارة اصدار تراتيب وتدابري داخل ادارته حتى وإن أدت

هذه القواعد إىل تقليص بعض الحريات الفردية رشط أن يكون ذلك يف اإلطار الذي يخدم الصالح

العام مع مراعاة خصوصيات اإلدارة والسلك املعنيني.

وفيام يتعلق بحرية خيار اللباس وحرية املعتقد فإنها حريات متارس من قبل العون العمومي

عند أداء الوظيف بالقدر الذي ال يتناىف مع واجب التحفظ املفروض عليه ومع مبدأ حياد املرفق

العمومي املفروض عىل اإلدارة. ويف سياق مواصلته لتذكريه ببعض املبادئ، اعترب القايض اإلداري أنه

يكون من املنطقي أن تزداد التضييقات عىل مثل هذه الحريات الفردية كلام ازداد عدم التكافؤ

بني العون ومنظوره وزادت قدرته عىل التأثري عليه. لكن مامرسة هذه الحريات ترجع إىل مداها

قايض حسب فيجوز وظيفه. مقر العمومي العون يغادر أن مبجرد البالد يف العمل به الجاري

االستئناف، إلدارة التعليم منع املدرسني وأعوانها »من ارتداء لباس أو حمل رموز أو اتباع مظهر وما

شابه ذلك من الصور التي من شأنها أن تعكس مغاالة أي كان اتجاهها وأن توحي بصورة مبارشة

وبارزة وواضحة انتامء طائفيا أو دينيا أو سياسيا أو عرقيا... والذي ميكن أن يؤخذ من قبل املتلقني،

خاصة كلام صغر سنهم، أو حتى من قبل أوليائهم أو املجتمع عىل أنه عىل األقل استاملة وتأثري عىل

األولني يف الذكر وعىل األكرث استدراجهم واستقطابهم النتامء املدرس«. ويكون بذلك هذا التقييد

رشعيا تطبيقا لواجب التحفظ املحمول عىل األعوان العموميني وتجسيام كذلك ملبدأ حياد اإلدارة.

554 قرار عدد 26255 بتاريخ 28 جانفي 2011، الدائرة االستئنافية الخامسة باملحكمة اإلدارية، وزير الرتبية / العدايل، قرار غري منشور.

Page 220: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

219

كام أنه »ال خالف يف علوية املصلحة العامة ان تعارضت مع املصلحة الخاصة من ذلك أنه يستحيل

اعامل املبادئ العامة لسري املرافق العامة، وخاصة االستمرارية واملساواة والحياد والتأقلم، من دون

املساس من الحريات الفردية وحتى العامة الراجعة عىل حد السواء لألعوان العموميني وملنظوري

اإلدارة والتي هي بطبيعتها ليست مطلقة«.

وبناء عىل جميع ما سبق، انتهى القايض بالقول برشعية املنشور عدد 102 لسنة 1986، مؤيدا

يف ذلك موقف املحكمة الصادر سنة 5552008. لكن القايض ورغم اقراره برشعية املنشور الذي يقيد

من الحريات الفردية، كحرية اختيار اللباس، إال أنه أكد بالقول »أن تكييف هندام العون عىل أنه

يخرق واجب التحفظ وواجب الحياد وما ينجر عنه من تقليص من حرياته الفردية مبوجب انتامئه

للوظيفة العمومية، يحمل اإلدارة مسؤولية بذل مالها من وسائل ادارية إلثبات ما تعيبه عىل العون

املعني«. فعبء اإلثبات يكون محموال عىل اإلدارة التي اعتربها القايض يف هذا النزاع، مل تدل مبا

يفيد ارتداء املدرسة لباسا طائفيا خاصة وأن هذه املدرسة متسكت بأن غطاء رأسها هو عبارة عن

»تقريطة تونسية«. ويكون بذلك القرار املنتقد فاقدا لسند واقعي واتجه الغاؤه ال عىل أساس عدم

رشعية املنشور وإمنا عىل أساس عدم صحة الوقائع.

وإذا كان القايض اإلداري التونيس انتهى بالترصيح بأن حرية املعتقد حرية فردية ميكن التضييق

منها خدمة للصالح العام وتطبيقا لواجب التحفظ وحياد اإلدارة مؤكدا أن ما يسمى »بالتقريطة

التونسية« ال يعترب لباسا طائفيا، فإن نظريه الفرنيس وفقه قضاء مجلس الدولة الفرنيس استقر عىل

استقر كام الدولة556. الئكية وهو أال دستوري مبدأ من اإلسالمي ميس الوشاح ارتداء أن اعتبار

مجلس الدولة عىل اعتبار أنه ال ميكن ألي مدرس ارتداء أي لباس من شأنه أن يعكس انتامءا دينيا

معينا557.

الفقرة ثانية: حرية التجارة والصناعة

بل فقط الفرد يختاره الذي بالنشاط االلتحاق والصناعة حرية التجارة بحرية باملقصود ليس

كذلك مبامرسته بحرية. غري أن هذه الحرية ال تجد تكريسا دستوريا558، فال دستور 1959 وال دستور

2014 كرس مثل هذه الحريات بصفة رصيحة. بيد أن املالحظ هو أن عهد األمان يف مادته التاسعة

555 قرار عدد 10629/1 بتاريخ 24 جانفي 2008، الدائرة االبتدائية الرابعة باملحكمة اإلدارية، العدايل / وزير الرتبية والتكوين، قرار غري منشور.

KOLBERT )E.(, » Le port du foulard islamique dans l’exercice de la fonction publique «, conclusion sur C.A.A. Lyon, 556

.19 novembre 2003, Mlle BEN ABDALAH C/ Ministre des Affaires Sociales et de l’Equipement, R.F.D.A., 2004, p. 588

C.E., avis n° : 217017 du 03 mai 2000, J.O.R.F. n° : 144 du 23 juin 2000, p. 9471 ; TA de Paris, 22 février 2007, requête 557

.n° : 0415268-5-2-B, A.J.F.P., juillet-aout 2007, p. 208

BEN MRAD )H.(, Le principe de la liberté et de l’industrie, Thèse pour le doctorat d’Etat en droit, Faculté de Droit 558

.de Tunis, 1998, p.17 et s

Page 221: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

220

والعارشة قد نص عىل هذه الحرية559.

لكن الترشيع التونيس مل يغفل أو يغيب هذه الحرية فعىل سبيل املثال ينص الفصل الخامس

من املجلة التجارية عىل أن »كل شخص أهل لاللتزام يجوز له أن يتعاطى التجارة«. كام أن القانون

املتعلق باملنافسة واألسعار560 يعترب النص املرجعي الذي يحدد مبادئ املنافسة الحرة وحرية األسعار

وهو ما أكده مجلس املنافسة بالقول أنه »ال خالف أن اإلتجار يف اإلعالمية حر يف مامرسته وحر يف

توريده وحر يف تحديد سعره وكيفية معامالته«561.

وباإلضافة إىل وجود بعض النصوص القانونية التي تبلور فكرة حرية التجارة والصناعة، فإن اسهام

القايض اإلداري التونيس يف تكريسها كان ذو أهمية قصوى اذ أقر القايض منذ 1982 رصاحة بحرية

التجارة والصناعة واعتربه مبدأ من املبادئ العامة للقانون562. وهو ما يعني أن هذا املوقف الفقه

قضايئ املهم جعل من هذه الحرية، كمبدأ، مصدرا من مصادر املرشوعية مستقال بذاته إىل جانب

املصادر األخرى وذلك عمال بأحكام الفصل الخامس من قانون املحكمة اإلدارية563 الذي نص عىل

أن »دعوى تجاوز السلطة تهدف إىل ضامن احرتام املرشوعية القانونية من طرف السلطة التنفيذية

وذلك طبقا للقوانني والرتاتيب الجاري بها العمل واملبادئ القانونية العامة«.

ورغم تكريس القايض لحرية التجارة والصناعة إال أنه امتنع يف بعض األحيان عن بناء قراره عىل

أساس خرق اإلدارة هذه الحرية رغم اثارة صاحب الدعوى هذا املطعن564. كام اكتفى يف مناسبات

أخرى باإلشارة إليها بصورة عارضة دون تكريسها تكريسا واضحا565. لكن ورغم بعض هذا التذبذب

يف مواقف املحكمة اإلدارية فإنه ميكن القول بوضوح أن القايض اإلداري قد كرس هذه الحرية وأكد

كذلك بعض حدودها.

559 تنص املادة التاسعة من عهد األمان عىل ما ييل: » ترسيح املتجر من اختصاص أحد به بل يكون مباحا لكل أحد وال تتاجر الدولة بتجارة وال

متنع غريها منها وتكون العناية بإعانة عموم املتجر ومنع أسباب تعطيله«.

تنص املادة العارشة : إن الوافدين عىل إيالتنا لهم أن يحرتفوا بساير الصنايع والخدم برشط أن يتبعوا القوانني املرتبة والتي ميكن أن ترتب مثل

ساير أهل البالد ال فضل ألحدهم عىل اآلخر بعد انفصالنا مع دولهم يف كيفية دخولهم تحت ذلك كام يأيت بيانه«.

560 القانون عدد 64 لسنة 1991 املؤرخ يف 29 جويلية 1991 واملتعلق باملنافسة واألسعار، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 55 لسنة

1991، ص. 1145.

561 مجلس املنافسة، 06 جانفي 1994، عدد 93/3 رشكة م.س.إ. قرار غري منشور متت اإلشارة إليه يف : األحكام الكربى يف فقه القضاء اإلداري،

محمد رضا جنيح، أحمد سهيل الراعي، املنترص الوردي، فاضل املكور، سهام بوعجيلة، مركز النرش الجامعي، 2007، ص. 264.

562 قرار الغرفة النقابية لرشكات اإلشهار / رئيس بلدية تونس الحارضة، القضية عدد 451 بتاريخ 15 فيفري 1982، قرارات وفقه املحكمة اإلدارية

للسنوات 1982، 1983 و1984.

563 قانون غرة جوان 1972 املتعلق باملحكمة اإلدارية، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 23 لسنة 1972 بتاريخ 06 جوان 1972، ص.

788. وقد شهد هذا القانون عدة تنقيحات.

564 قرار عدد 2853 بتاريخ 04 جوان 1999، رشكة الدراسات والوساطة يف التأمني / وزير املالية والتخطيط؛ كام اكتفى القايض باإللغاء عىل أساس

خرق االختصاص رغم أنه كان بإمكانه اإلشارة إىل خرق اإلدارة لحرية التجارة والصناعة يف القرار عدد 19589/1 بتاريخ 14 جويلية 2012، الدائرة

االبتدائية التاسعة باملحكمة اإلدارية، العبديل / وايل أريانة، قرار غري منشور.

565 قرار عدد 1331 بتاريخ 18 أفريل 1988، السالمي / بلدية قابس، قرار غري منشور؛ قرار عدد 1650 بتاريخ 31 جانفي 1991، التومي / بلدية

أريانة، قرار غري منشور.

Page 222: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

221

فالحرية التجارية والصناعية ال تعد من قبيل الحريات املطلقة إذ ميكن تحديدها وفق

القوانني والرتاتيب. فإذا كان الحد منها مبقتىض نص قانوين ال يطرح إشكاال أمام القايض، فإن التضييق

منها مبناسبة مامرسة اإلدارة للصالحيات الضبطية قد خلق بعض املشاكل: فكيف ميكن التوفيق بني

الحفاظ عىل النظام العام من جهة وتكريس حرية التجارة والصناعة من جهة أخرى؟

ولإلجابة عن هذا اإلشكال أقر القايض لنفسه صالحية بسط رقابة مالمئة عىل مثل هذه القرارات

وذكر يف البداية أن »األصل يف مامرسة التجارة والصناعة هو حرية وأن التضييق منها هو االستثناء«566.

استثنائية تكتيس صبغة اإلداري الضبط تدابري أن القايض اعترب للحريات، الحامي موقف ويف

»القرتانها مبامرسة الحريات العامة«567. وعليه فإن تدابري الضبط اإلداري568 »تخضع إىل رقابة املالءمة

التي عىل التثبت من توفر ركن الرضورة مبناسبة اتخاذها والترصيح بعدم رشعيتها متى تبني أنها

املعايري ومامرسته أساس هذه العام«569. وعىل بالنظام اإلخالل مخاطر ملواجهة تكن رضورية مل

لرقابة قصوى تقوم عىل املالءمة، اعترب القايض أن اتخاذ اإلدارة لقرار يقيض بغلق محل معد للتجارة

بالجملة بدعوى تعطيله لحركة املرور بحكم تواجده وسط املدينة، ال ميكن اعتباره قرارا رشعيا. ذلك

أن اإلدارة كان عليها »توخي التدرج يف اتخاذ التدابري التي تستلزمها رضورة التوفيق بني املحافظة

عىل النظام العام ومامرسة حرية التجارة والصناعة«570.

للمهن األصل مخصصة كانت يف بتغيري صبغة محالت البلدية تدخل أن املحكمة اعتربت كام

الحرفية، إىل محالت بيع املواد األولية عىل أساس وجود شخص واحد احتكر النشاط التجاري املتعلق

مام تسبب يف غالء كراء هذا النوع من املحالت ونظرا إىل تكاثر املطالب لتعاطي هذا النوع من

التجارة، يعد هذا التدخل حسب وصف القايض اإلداري غري رشعي لخرقه حرية التجارة والصناعة571.

ويف نفس هذا السياق الذي يؤكد تكريس القايض لهذا الصنف من الحريات، اعتربت املحكمة

يف قرار استئنايف أن رفض البلدية متكني أحد األشخاص من شهادة صلوحية املحل واعتبارها رشطا

لتمكني ذلك الفرد من استغالل محل ملواد التنظيف، والحال أن تلك الشهادة ال وجود لها قانونا،

يعد خرقا لحرية التجارة والصناعة572 وعىل هذا األساس ألغت املحكمة قرار الرفض. لكن اإلشكال

املطروح هو: هل ميكن اعتبار رفض اإلدارة تسليم رخصة، ليس لها وجود قانوين، قرارا اداريا؟

566 قرار عدد 3879 بتاريخ 14 مارس 1995، كريشان / بلدية القرصين، م. ص. 128.

567 قرار عدد 26856 بتاريخ 23 ماي 2009، الدائرة االستئنافية الثالثة، رئيس بلدية املهدية / الظريف، قرار غري منشور.

SAOULI )I.(, Ordre public et libertés : recherches sur la police administrative en Tunisie, Thèse pour le doctorat 568

.d’Etat en droit, F.S.J.P.S.T, 1998, p. 235

569 قرار عدد 26856 بتاريخ 23 ماي 2009، الدائرة االستئنافية الثالثة، رئيس بلدية املهدية / الظريف، قرار غري منشور.

570 قرار عدد 3879 بتاريخ 14 مارس 1995، كريشان / بلدية القرصين، م. ص. 128.

571 قرار عدد 2666، غرة مارس 1994، املانيس / بلدية املحمدية، قرار غري منشور.

572 قرار عدد 14587/1 بتاريخ 30 جانفي 2007، الدائرة اإلبتدائية األوىل للمحكمة اإلدارية، الدامي / بلدية صفاقس، قرار غري منشور.

Page 223: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

222

لإلجابة عن هذا اإلشكال يكون من الرضوري العودة لتعريف القرار اإلداري. حيث اعتربه القايض

املراكز يف ومؤثرا وتنفيذيا املنفردة بإرادتها ادارية سلطة عن صادرا كان إذا للرشوط مستكمال

القانونية لألفراد573. وعىل أساس هذه العنارص ، اتخذ القايض يف مناسبة أخرى منحى آخر غري ذلك

الذي اعتمده يف القرار اإلستئنايف سالف الذكر.

وقد متثلت وقائع القضية يف طعن تقدم به شخص ضد قرار الوايل الذي رفض تسليمه رخصة

لبعث وكالة زواج. بهذه املناسبة، وبعد اطالعه عىل مختلف النصوص القانونية والرتتيبية املنظمة

الختصاصات الوايل ولنظام الرتاخيص اإلدارية، تبني للقايض عدم احتواء هذه النصوص القانونية عىل

مثل هذه الرخصة. فأكدت املحكمة عىل هذا األساس أنه »يكون للعارض حرية مامرسة التجارة

والصناعة«574. لكن القايض ورغم تأكيده عىل هذه الحرية، إال أنه ذكر يف املقابل أنه »استقر فقه

قانونا لها إسناد رخصة ال وجود املتعلقة برفض الطعون اإلدارية عىل عدم قبول املحكمة قضاء

باعتبار أنها ال تستهدف قرارات إدارية قابلة للطعن باإللغاء عىل معنى الفصل الثالث من قانون

املحكمة اإلدارية«. وبناء عليه اعترب القايض أن رفض اإلدارة اسناد رخصة غري موجودة قانونا ال يعترب

قرارا اداريا. ورغم عدم افصاح املحكمة عن تحديد العنرص الغائب العتبار هذا الرفض ال يولد قرارا،

لكن يبدو من الواضح أن مثل هذا الرفض ال يؤثر يف املراكز القانونية لألفراد وال يعد بذلك مقررا

اداريا قابال للطعن باإللغاء خاصة وأن مركز هؤوالء األفراد يبقى خاضعا لحرية التجارة والصناعة

التي أكدها القايض اإلداري. وال يتأثر مبثل هذا الرفض الذي ال يرتكز عىل قاعدة قانونية.

ويبقى األهم هو االستقرار الفقه قضايئ الذي تشهده املحكمة اإلدارية حول تكريس هذا النوع

من الحريات التي وإن اعتربها القايض اإلداري التونيس مبدأ من املبادئ العامة للقانون مثله يف

ذلك مثل نظريه الفرنيس575. إال أن هذا األخري قىض كذلك ومنذ سنة 1960 أن هذه الحرية تعد من

الحريات العمومية576.

573 قرار عدد 17744/1 بتاريخ 02 فيفري 2009، الدائرة االبتدائية السادسة، الوساليت / وزير التعليم العايل والبحث العلمي والتكنولوجيا، قرار

غري منشور.

574 قرار عدد 11970/1 بتاريخ 06 أفريل 2007، الدائرة االبتدائية الثالثة، الصانعي / وايل تونس، قرار غري منشور.

.C.E., Assemblée, 22 juin 1951, Arrêt Daudignac, Rec. Lebon 575

.C.E., Sieur Laboulaye, 28 octobre 1960, Rec. Lebon 576

Page 224: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

223

خامتةيف ختام هذه الدراسة ميكن القول بأن القايض اإلداري قد سعى إىل التأكيد عىل أن الحرية الفردية

متثل املبدأ وأن التقييد منها ال يعدو أن يكون استثناء وجب تأويله تأويال ضيقا وفق رشوط محددة

لعل أبرزها أن يكون هذا الحد خدمة للصالح العام أو املرفق العمومي. كام يجدر التذكري بأن هذه

الدراسة مل تتناول جميع أصناف الحرية الفردية بل اقترصت عىل البعض منها. وهذا ال يعني يف

شيئ التقليل من باقي أوجه هذه الحرية. فعل سبيل املثال الحرية السلوكية للعون العمومي متثل

مجال دراسة هام خاض فيها القايض يف عدة مناسبات. فأكد مثال أنه عىل العون العمومي أن يتجنب

أثناء مامرسته وظيفته وحتى يف حياته الخاصة كل ما من شأنه أن يخل بكرامة الوظيفة العمومية.

فاختالئه بتلميذة داخل حجرة املالبس مع غلق الباب من الداخل يعد مهام كانت نيته من وراء

ذلك، خطأ مهنيا مخال بسمعة املؤسسة الرتبوية التي يجب أن يكون أعوانها من مربني وموظفني

وعملة يف منأى عن كل الشكوك والشبهات577.

مثل هذه املواقف الفقه قضائية وغريها حول الحريات الفردية كحرية الضمري والوجدان والدين

إلخ تستدعي التحليل من خالل دراسات مقبلة لتحاول بذلك فهم أسس جميع الحريات الفردية

وحدودها وخاصة موقف القايض اإلداري منها.

577 قرار عدد 11114/1 بتاريخ 03 ديسمرب 2004، الدائرة اإلبتدائية الثالثة للمحكمة اإلدارية، فتح الله / وزير الرتبية والتكوين، قرار غري منشور.

Page 225: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

224

املراجعمراجع باللغة العربية

- الدايل الجازي »ثقافة حقوق اإلنسان »، يف افتتاح السنة الجامعية 1998-1997 بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بسوسة يف 06 أكتوبر 1997، منشور يف كتاب »حقوق اإلنسان عرب النصوص«،

الدايل الجازي، رافع ابن عاشور، سليم اللغامين، مركز النرش الجامعي، 2004، ص. 18.

- وحيد الفرشييش، »اتـجـاهـات القـضـاء اإلداري فـي رقـابة الـتـدابـري الضـبـطية«، أعامل ملتقى القضاء اإلداري بعد تعديالت 03 جوان 1996، الجمعية التونسية للعلوم اإلدارية واملدرسة الوطنية

لإلدارة، تونس، 2002، ص347-401.

أحكام املحكمة اإلدارية

- قرار عدد 1887 بتاريخ 27 جوان 1990، رافع بن عاشور ومن معه / وزير الرتبية والتعليم العايل والبحث العلمي، مجموعة قرارات وفقه املحكمة اإلدارية للسنوات 1988 و1989 و1990، ص.

.400

الخامسة باملحكمة اإلدارية، الدائرة االبتدائية بتاريخ 09 ديسمرب 2006، - قرار عدد 10976/1 العدايل / وزير الرتبية والتكوين، قرار غري منشور.

- قرار عدد 3879 بتاريخ 14 مارس 1995، كريشان / بلدية القرصين، م. ص. 128.

باملحكمة الرابعة االبتدائية الدائرة عن صادر ،2009 نوفمرب 19 بتاريخ 18509/1 عدد قرار -اإلدارية، بلعيدي / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

- قرار عدد 26255 بتاريخ 28 جانفي 2011، الدائرة االستئنافية الخامسة باملحكمة اإلدارية، وزير الرتبية / العدايل، قرار غري منشور.

- قرار عدد 26441 بتاريخ 27 جوان 2008، الدائرة االستئنافية الخامسة باملحكمة اإلدارية، وزير املالية / الدبايب، قرار غري منشور.

باملحكمة الثالثة االبتدائية الدائرة عن صادر ،2009 جانفي 30 بتاريخ 18293/1 عدد قرار -اإلدارية، جراد / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

باملحكمة الثانية االبتدائية الدائرة عن صادر ،2009 أكتوبر 21 بتاريخ 18259/1 عدد قرار -اإلدارية، الجبايل / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

باملحكمة الثالثة االبتدائية الدائرة عن صادر ،2009 جانفي 30 بتاريخ 16398/1 عدد قرار -اإلدارية، الورغي يف حق ابنه القارص / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

باملحكمة الرابعة االبتدائية الدائرة بتاريخ 19 نوفمرب 2009، صادر عن - قرار عدد 18509/1 اإلدارية، بلعيدي / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

- قرار عدد 828 صادر بتاريخ 14 جويلية 1986، الكويك / رئيس بلدية أريانة، مجموعة قرارات املحكمة اإلدارية للسنوات 1985 و1986 و1987، ص. 285.

Page 226: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

225

- قرار عدد 1887 صادر بتاريخ 27 جوان 1990، رافع بن عاشور ومن معه / وزير الرتبية والتعليم العايل والبحث العلمي، مجموعة قرارات املحكمة اإلدارية للسنوات 1988 و 1989 و 1990، ص

.400

- قرار عدد 16470 صادر عن الدائرة االبتدائية األوىل باملحكمة اإلدارية بتاريخ 18 جانفي 2000 الحمدي / وزير الصناعة، قرار غري منشور؛ قرار عدد 18600 صادر عن الدائرة االبتدائية الخامسة

باملحكمة اإلدارية بتاريخ 14 أفريل 2001 الربعي / وزير التعليم العايل، قرار غري منشور.

بتاريخ 13 جويلية الخامسة باملحكمة اإلدارية الدائرة االبتدائية - قرار عدد 18601 صادر عن 2002 قزقز / وزير التعليم العايل، قرار غري منشور.

- قرار عدد 17744/1 صادر عن الدائرة االبتدائية السادسة باملحكمة اإلدارية بتاريخ 02 فيفري 2009، الوساليت/ وزير التعليم العايل والبحث العلمي والتكنولوجيا، قرار غري منشور.

بتاريخ 20 نوفمرب السابعة باملحكمة اإلدارية الدائرة االبتدائية - قرار عدد 124042 صادر عن 2012، الحداد/ املكلف العام بنزاعات الدولة يف حق وزارة التعليم العايل، قرار غري منشور.

قرارات مجموعة الداخلية، وزارة / امليساوي ،1979 جانفي 30 بتاريخ صادر 31 عدد قرار -املحكمة اإلدارية لسنة 1979، ص 13 و 14.

- قرار استئنايف عدد 22936 صادر بتاريخ 27 أفريل 2001، صادر عن الدائرة االستئنافية الخامسة باملحكمة اإلدارية، رئيس بلدية ساقية الدائر / البهلول، قرار غري منشور.

باملحكمة الثالثة االبتدائية الدائرة عن صادر ،2009 فيفري 27 بتاريخ 13787/1 عدد قرار -اإلدارية، العوادي / وزير الداخلية، قرار غري منشور.

باملحكمة الثالثة االبتدائية الدائرة عن صادر ،2007 أكتوبر 19 بتاريخ 15283/1 عدد قرار -اإلدارية، بورقعة / وزير الشؤون االجتامعية والتضامن والتونسيني بالخارج، قرار غري منشور.

باملحكمة الرابعة االبتدائية الدائرة عن 2007، صادر جانفي 31 بتاريخ 12620/1 عدد قرار -اإلدارية، كريديس ومن معه / رئيس بلدية قابس، قرار غري منشور.

باملحكمة الثالثة االبتدائية الدائرة عن صادر ،2009 جانفي 30 بتاريخ 18293/1 عدد قرار -اإلدارية، جراد / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

باملحكمة الرابعة االبتدائية الدائرة عن صادر ،2009 نوفمرب 19 بتاريخ 18509/1 عدد قرار -اإلدارية، بلعيدي / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

قرارات مجموعة العدل، وزير / البلومي ،1985 مارس 18 بتاريخ الصادر 1069 عدد قرار -املحكمة اإلدارية للسنوات 1985 و1986 و1987، ص. 52.

باملحكمة الثالثة االبتدائية الدائرة عن صادر ،2009 فيفري 27 بتاريخ 13787/1 عدد قرار -اإلدارية، العوادي / وزير الداخلية، قرار غري منشور.

- قرار عدد 16398/1 بتاريخ 30 جانفي 2009، الدائرة االبتدائية الثالثة باملحكمة اإلدارية، الورغي / وزير الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

وزير / ابراهيم التنفيذ، توقيف مادة يف قرار ،2009 مارس 07 بتاريخ 2765/41 عدد قرار -

Page 227: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

226

الداخلية والتنمية املحلية، قرار غري منشور.

بتاريخ 13 جويلية الخامسة باملحكمة اإلدارية الدائرة االبتدائية - قرار عدد 18601 صادر عن 2002 قزقز / وزير التعليم العايل، قرار غري منشور.

- قرار عدد 2134 يف مادة تجاوز السلطة بتاريخ 19 ماي 1993، حميدة / وزير الرتبية والعلوم.

- قرار عدد بتاريخ جوان 1986، سهام / وزير الرتبية القومية.

- قرار عدد 2260 بتاريخ 27 ديسمرب 1989، أم السعد / وزير الرتبية القومية.

- قرار عدد 14992 بتاريخ 10 مارس 1999، الدائرة االبتدائية الثانية، سمرية / وزير الرتيبة.

- قرار استئنايف عدد 23846 بتاريخ 05 مارس 2003، وزير الرتبية / زهرة، قرارات غري منشورة.

الخامسة باملحكمة اإلدارية، الدائرة االبتدائية بتاريخ 09 ديسمرب 2006، - قرار عدد 10976/1 العدايل / وزير الرتبية والتكوين، قرار غري منشور.

اإلدارية، باملحكمة الرابعة االبتدائية الدائرة ،2008 جانفي 24 بتاريخ 10629/1 عدد قرار - العدايل / وزير الرتبية والتكوين، قرار غري منشور.

- قرار عدد 26255 بتاريخ 28 جانفي 2011، الدائرة االستئنافية الخامسة باملحكمة اإلدارية، وزير الرتبية / العدايل، قرار غري منشور.

- قرار الغرفة النقابية لرشكات اإلشهار / رئيس بلدية تونس الحارضة، القضية عدد 451 بتاريخ 15 فيفري 1982، قرارات وفقه املحكمة اإلدارية للسنوات 1982، 1983 و1984.

املالية / وزير التأمني الدراسات والوساطة يف بتاريخ 04 جوان 1999، رشكة قرار عدد 2853 -والتخطيط.

اإلدارية، باملحكمة التاسعة االبتدائية الدائرة ،2012 جويلية 14 بتاريخ 19589/1 عدد قرار -العبديل / وايل أريانة، قرار غري منشور.

- قرار عدد 1331 بتاريخ 18 أفريل 1988، السالمي / بلدية قابس، قرار غري منشور؛ قرار عدد 1650 بتاريخ 31 جانفي 1991، التومي / بلدية أريانة، قرار غري منشور.

/ املهدية بلدية رئيس الثالثة، االستئنافية الدائرة ،2009 ماي 23 بتاريخ 26856 عدد قرار -الظريف، قرار غري منشور.

- قرار عدد 3879 بتاريخ 14 مارس 1995، كريشان / بلدية القرصين، م. ص. 128.

- قرار عدد 2666، غرة مارس 1994، املانيس / بلدية املحمدية، قرار غري منشور.

- قرار عدد 11114/1 بتاريخ 03 ديسمرب 2004، الدائرة اإلبتدائية الثالثة للمحكمة اإلدارية، فتح الله / وزير الرتبية والتكوين، قرار غري منشور.

- قرار عدد 14587/1 بتاريخ 30 جانفي 2007، الدائرة اإلبتدائية األوىل للمحكمة اإلدارية، الدامي / بلدية صفاقس، قرار غري منشور.

- قرار عدد 17744/1 بتاريخ 02 فيفري 2009، الدائرة االبتدائية السادسة، الوساليت / وزير التعليم العايل والبحث العلمي والتكنولوجيا، قرار غري منشور. قرار عدد 26856 بتاريخ 23 ماي 2009،

الدائرة االستئنافية الثالثة، رئيس بلدية املهدية / الظريف، قرار غري منشور.

Page 228: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

227

قرار صادر عن مجلس املنافسة

- مجلس املنافسة، 06 جانفي 1994، عدد 93/3 رشكة م.س.إ. قرار غري منشور متت اإلشارة إليه يف : األحكام الكربى يف فقه القضاء اإلداري، محمد رضا جنيح، أحمد سهيل الراعي، املنترص الوردي،

فاضل املكور، سهام بوعجيلة، مركز النرش الجامعي، 2007، ص. 264.

Bibliographie

Ouvrages

Barbé (V.), L’essentiel du droit des libertés fondamentales, 2ème édi-tion, Lextenso éditions, Paris, 2011.

Colliard (C.A.), Libertés publiques, 7ème édition, Précis Dalloz, Paris, 2009.

FAVOREU (L.), GAÏA (P.), GHEVONTIAN (R.), MÉLIN-SOUCRAMANIEN (F.), PFERSMANN (O.), PINI (J.), ROUX (A.), SCOFFONI (G.) et TREMEAU (J.), Droits des libertés fondamentales, 3ème édition, Dalloz, Paris, 2005.

Leclercq (C.), Libertés publiques, Edition Litec, Paris, 1991.

Oberdorff (H.), Droits de l’Homme et libertés fondamentales, 3ème édi-tion, LGDJ, Paris, 2001.

Rivero (J.), Les libertés publiques, T1, 5ème édition, Les droits de l’Homme, PUF, Paris, 2003.

Robert (J.) et Duffar (J.), Droits de l’Homme et libertés fondamentales, 8ème édtion, Montchréstien, Paris, 2009, p. 501.

Articles

GUILLOIS (A.), « De l’arrêt Bouteyre à l’arrêt Barrel, Mél., Achille MESTRE, Paris, Sirey, 1956.

KOLBERT (E.), « Le port du foulard islamique dans l’exercice de la fonc-tion publique », conclusion sur C.A.A. Lyon, 19 novembre 2003, Mlle BEN ABDALAH C/ Ministre des Affaires Sociales et de l’Equipement, R.F.D.A., 2004.

MOUSSA (M-L-F), « Aspects constitutionnels de la jurisprudence admi-nistrative », in, L’œuvre jurisprudentielle du Tribunal Administratif, sous dir., Sadok BELAID, CERPA, 1990.

Page 229: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

228

Thèses

BEN MRAD (H.), Le principe de la liberté et de l’industrie, Thèse pour le doctorat d’Etat en droit, Faculté de Droit de Tunis, 1998.

SAOULI (I.), Ordre public et libertés : recherches sur la police admi-nistrative en Tunisie, Thèse pour le doctorat d’Etat en droit, F.S.J.P.S.T, 1998.

Décisions françaises

- C.E., Assemblée, 22 juin 1951, Arrêt Daudignac, Rec. Lebon.

- C.E., Sieur Laboulaye, 28 octobre 1960, Rec. Lebon.

- C.E., 25 juillet 1939, Demoiselle Beis, Lebon, p. 524 ; C.E., 5 janvier 1944, Demoiselle Tétaud, Lebon, p. 1 ; C.E., 7 juillet 1954, Janinet, Le-bon, p. 811.

- C.E., 28 mai 1954, Barel et autres, Lebon, p. 308.

- C.E., 26 août 1836, Dureau de la buffardière, Rec. p. 418, cité par Pac-teau (B), in, note sous l’arrêt Fouére, Rec., Dalloz, 1975, p. 135.

C.E., avis n° : 217017 du 03 mai 2000, J.O.R.F. n° : 144 du 23 juin 2000, p. 9471 ; TA de Paris, 22 février 2007, requête n° : 0415268-5-2-B, A.J.F.P., juillet-aout 2007, p. 208.

Page 230: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

229

Page 231: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

احلريات الفردية من خالل وسائل اإلعالم اإللكترونية

وحيد الشاهد

Page 232: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

231

الدراسات و للشغل الوطني املعهد من اإلجازة عىل متحصل صحفي شاهد وحيد

مركز مع االمن قطاع حوكمة و إلعالم مرشوع مساعد منصب حاليا يشغل ، االجتامعية

الحريات عن للدفاع التونسية الجمعية مع ناشط . )DCAF(الدميقراطية للرقابة جنيف

اإلنسان. بحقوق املتعلقة التدريبية الدورات من العديد يف شارك الفردية

وحيد الشاهد

Page 233: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

232

الفهرس

توطئة

–I الحريات الفردية من خالل وسائل اإلعالم اإللكرتونية

1- الحريات الفردية بني عدم اإلملام و التجاهل:

أ – عدم إملام الصحفي مباهية الحريات الفردية:

ب – تجاهل الصحفي لقضايا الحريات الفردية:

2 – الحريات الفردية من خالل العناوين و الصور يف الصحافة اإللكرتونية:

أ – عناوين تشهريية :

ب-الصورة يف قضايا الحريات الفردية :

3- الخرب الصحفي: املصدر وأسلوب التناول:

أ-مصادر األخبار عينة البحث:

ب-الخرب الصحفي و الحريات الفردية:

–II الحريات الفردية من خالل النصوص املنظمة لقطاع اإلعالم

أ – النصوص القانونية:

ب- ميثاق رشف املهنة الصحفية:

الخامتة

املراجع

Page 234: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

233

مقدمةإن هذه الدراسة هي عبارة عن عرض لواقع الحريات الفردية من خالل واقع اإلعالم اإللكرتوين يف

تونس أتت لتشري لبعض التجاوزات التي حصلت وذلك انطالقا من بعض املقاالت التي أثثت بعض

وسائل اإلعالم اإللكرتونية يف إطار تغطية أحداث و مواضيع مثلت الحدث و شدت االنتباه. األمثلة

كثرية لكننا سنقف يف دراستنا عند بعض منها عىل غرار حادثة االغتصاب التي تعرضت لها الفتاة

من طرف أعوان األمن و تهمة خدش الحياء التي وجهت لها، مسألة النقاب يف الفضاءات العامة

و حادثة العبدلية.

وتجدر اإلشارة أن هنالك العديد من املواضيع التي تستحق الذكر و التي وقعت فيها العديد

من التجاوزات لكن تأيت هذه الدراسة لتشري لبعض منها عىل سبيل الذكر و ال الحرص و ذلك استنادا

لبعض املواقع اإللكرتونية كموقع »التونسية578«, »الفجر نيوز579« و«كابيتليس580«.

وجب يف مرحلة أوىل تعريف الصحافة االلكرتونية و الحريات الفردية، كتحديد أويل للمفاهيم.

تعد الصحافة اإللكرتونية نوعا من االتصال بني البرش581 يتم عرب الفضاء اإللكرتوين االنرتنت وشبكات

معلومات. تستخدم فيه نفس فنون وآليات ومهارات العمل يف الصحافة الورقية مضافا إليها مهارات

وآليات تقنيات املعلومات التي تناسب استخدم الفضاء اإللكرتوين كوسيط أو وسيلة اتصال مبا يف

الستقصاء املتلقي، مع التفاعل من املختلفة واملستويات والصورة والصوت النص استخدام ذلك

األنباء اآلنية وغري اآلنية ومعالجتها وتحليلها ونرشها للجامهري عرب الفضاء االلكرتوين برسعة و من

خصائصها أنها تخلق حالة من الجدل بني الجمهور و تأثر كثريا يف القضايا العامة وعىل الرأي العام

الورقية و يتميز بناء املحتوى اإلخباري لصحافة االنرتنت التقليدية أي بصفة أرسع من الصحافة

بثالث خصائص هامة هي الرسعة و النجاعة و اإلختصار وقد عرفت ثالث مراحل بارزة أولهم عندما

كانت صحيفة اإلنرتنت تعيد نرش معظم أو كل أو جزء من محتوى الصحيفة األم) الورقية( وهذا

النوع من الصحافة مازال سائدا.

- املرحلة الثانية يقوم الصحافيون بإعادة إنتاج بعض النصوص التي تتامىش مع مميزات ما ينرش

يف الشبكة وذلك بتغذية النص بالروابط واإلشارات املرجعية وما إىل ذلك، وهذا ميثل درجة متقدمة

عن النوع األول..

578 موقع إلكرتوين ناطق باللغة العربية يسجل نسبة كبرية من الزيار

579 موقع إلكرتوين باللغة العربية ناطق بإسم حزب حركة النهضة

580 موقع إلكرتوين ناطق بالفرنسية

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=166990 581

Page 235: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

234

ذلك يف ويعتمدون االنرتنت بصحيفة خاص محتوى بإنتاج الصحفيون يقوم الثالثة واملرحلة

األشكال و االجناس الصحفية املتفق عليها بالنسبة للصحافة الورقية.

أما فيام يتعلق بتعريف الحريات الفردية فهي: »حق الفرد يف أن ينفرد وأن يكون له582 مكان

ينسحب فيه من املجتمع دون أن يكون لآلخرين – سواء أكانوا أفرادا أم سلطة عامة – أن يقتحموه،

كام تتضمن حق الفرد يف أن يتميز عن غريه وأن ينرصف عن األمور التي ال تعنيه«.

لكن هذا التعريف نجده نوعا ما منقوص حيث إنه يقترص عىل الحق يف الخصوصية وحرمة

بكونها الفردية الحريات تعريف وميكن يذكرها. فلم الشخصية الحريات باقي أما و املسكن

حريات تأمن للفرد شيئا من االستقاللية إزاء السلطة يف ميادين النشاط البدين )األمن الشخيص،

حرية التنقل، حرمة املسكن و الترصف الحر يف الجسد( والنشاط االقتصادي )حق امللكية، حرية

الدينية( أما الحريات الجامعية فهي التجارة والصناعة( ويف امليدان الذهني والعقائدي )الحرية

الحريات التي متكن األفراد من التعايش معا583.

التي ميارسها االنسان يف إطار فردي بعيدا عن الفردية هي تلك و يف تعريف أخر للحريات

املجموعة و تتضمن الحريات الجسدية و الفكرية و العالئقية و انطالقا من منظومة حقوق اإلنسان

و القانون التونيس تعد هذه الحريات طبيعية مرتبطة بالتواجد اإلنساين و ليس بالوضعيات كام

تكتيس صبغة الكونية و الشمولية584.

/http://www.startimes.com 582

http://wasatiaonline.info 583

584 »حريات« واقع الحريات الفردية يف تونس . التقرير التجريبي للجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية . جانفي \ جويلية 2013 . ص

http://www.adlitn.org/fr/documentations?cat=2 4 و عىل املوقع

Page 236: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

235

أهداف الدراسة:تهدف الدراسة إىل تحديد العالقة القامئة بني الحريات الفردية و اإلعالم اإللكرتوين و ذلك من

خالل النقاط التالية:

- وعي الصحفي بقضايا الحريات الفردية يف إطار تغطيته لألحداث . مدى طرق تعامل الصحفي

و األساليب املتوخات عند تناوله لهذه القضايا و نقصد هنا األشكال و التقنيات الصحفية املستعملة.

- مدى حضور الحريات الفردية من خالل النصوص املنظمة لقطاع اإلعالم اإللكرتوين و باعتبار ان

هذا األخري ال يخضع لقانون خاص به بل ينضوي تحت لواء النصوص املنظمة لقطاع اإلعالم عموما

الذى يشمل اإلعالم املكتوب، السمعي، املرىئ و بالتايل سيكون مرجع عملنا مجلة الصحافة، ميثاق

الرشف الصحفي و املرسومان 116-115 و سيكون يف إطار مقاربايت مقارن مع النصوص املنظمة

لقطاع اإلعالم يف بعض الدول العربية و األوروبية.

إشكاليات الدراسة:تدور محاور دراسة اإلعالم اإللكرتوين يف عالقته بالحريات الفردية حول عدة إشكاليات رئيسية

تتصل حينا بالشكل و أخرى باملضمون طرحت لتحدد لنا طبيعة هده العالقة القامئة و ترسم لنا

اإلجابة عنها سوف نخطو نحو رسم مالمح عالقة جديدة أسئلة إن متكننا من صفاتها من خالل

مبنية عىل عمق يف التعامل و توازن يف التغطية و بالتايل تعامل إعالمي موضوعي مبني عىل مقاربة

حقوقية للحريات.

فكان تساؤلنا األول مرتبط مبدى حضور قضايا الحريات الفردية يف وسائل اإلعالم اإللكرتونية و

سوف لن نقف عند تحديد الجانب الكمي بل سوف نتجاوزه لنتساءل عن كيفية تعامل الصحفي

مع هذه القضايا من خالل رصد لتقنيات و أساليب الكتابة املعتمدة يف مختلف االجناس الصحفية

و سيكون الرتكيز عىل الصور املستعملة العناوين و الخرب كعنرص إخبار لغوي مبارش.

يف باب ثاين سوف نسعى لتحديد مدى حضور الحريات الفردية يف النصوص القانونية التي تنظم

الحريات و تدفع إلحرتامها و تثمن التي القانونية الضوابط األخالقية و لنستشف قطاع اإلعالم

تعاقب منتهكييها.

Page 237: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

236

منهجية الدراسة:تأيت هذه الدراسة يف شكل مسح ملواقع إلكرتونية وقع اإلختيار عليها. )ألسباب سوف نتعرض لها

يف عنرص العينات( و بالتدقيق سوف يشمل مسحنا مقاالت تناولت قضايا حريات فردية. و بدورها

وقع االختيار عىل هذه القضايا دون سواها الرتباطها الجوهري بالحريات الفردية. و قد ميكننا هذا

املسح من التوصل ملعلومات و أوصاف تكون مبثابة الركيزة لصياغة استنتاجات تسهم يف رسم مالمح

العالقة التي تربط الحريات الفردية باإلعالم اإللكرتوين و يجب اإلشارة هنا أن مسحنا سوف يحيلنا

لنتائج نسبية و كل ما سيصدر يف إطار هده الدراسة ماهو إال مجرد إستنتاجات ليست لها صبغة

التحليل شامال القضايا. و سيكون املكان وبنوعية و الزمان بعينة محددة يف إرتبطت عامة فقد

للمقال بكل مكوناته من العنوان، الصورة و الخرب.

عينة الدراسة:و األحداث. و اإللكرتونية املواقع هام و متداخلتني عينتني عىل الدراسة هذه يف إعتمدنا

كان إختيارنا لكالهام عشوايئ بحيث ال ميكننا أن نتحدث عن متثيلية العينة يف هذا اإلطار

فأختيارنا للمواقع كان عىل أساس لغة التحرير التوجه العام لخط التحرير و شعبية املوقع

بينام اإلحداث إخرتنا تلك التي أثارت جدال و حركت الرأي العام و هذا ال ينفي وجود قضايا

أخرى عىل غاية من األهمية. فكان إختيارنا كأليت : موقع التونسية، موقع كابتاليس و موقع

التي إغتصيها أعوان الفتاة بالنسبة لألحداث كان إختيارنا قد وقع عىل قضية الفجر نيوز

األمن و اتهمت بالفعل الفاحش585 يف الطريق العام مسألة النقاب يف الفضاءات العامة586

و حادثة العبدلية587.

585 حادثة جدت يف ليلة 3 سبتمرب 2012، إثنان من أعوان األمن يقومان بإغتصاب فتاة بينام قام ثالثهم بإبتزاز مرافق الفتاة عند رفع هذه

االخرية لشكوى أتهمت بالفعل الفاحش يف الطريق العام.

586 إرتداء النقاب يف الجامعات التونسية هي القضية التي سنتبعها من خالل هذه الدراسة و التى جدت يف شهر نوفمرب 2011 حيث أصدرت

العديد من املجالس العلمية لعدة كليات يف االسبوع االول من شهر نوفمرب حسب موقع »التونسية« قرار منع دخول املنقبات لقاعات الدرس.

و تتالت االحداث وصوال لقضية العميد الحبيب الكزدغيل الذي رفعت ضده قضية من طرف منقبة بتهمة العنف الجسدي

587 جدت حادثة العبدلية يوم 10 جوان 2012 بقرص العبدلية باملرىس و كانت يف شكل إحتجاجات قام بها اشخاص محسوبني عىل التيار السلفي

منددين باالعامل املعروضة يف »ربيع الفنون« و التى أعتربوها مسيئة للدين اإلسالمي و منافية لالخالق حسب موقع »كابيتاليس«. و قد تسببت

هذه اإلحتجاجات يف موجة من الفوىض تطلبت اللجوء وقتها لفرض حرض التجول من طرف السلط.

Page 238: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

237

اجلزء االول:احلريات الفردية من خالل وسائل اإلعالم اإللكترونية |

الكفيلة بنجاحها أو حيادها عن العديد من املكونات الفردية و اإلعالم الحريات تحكم عالقة

املطلوب أي عن ذلك التعامل املوضوعي املبني عىل مقاربة حقوقية للحريات و من بني األسباب

أو شموليتها و كونيتها يف الحقوقية املقاربة بهذه إملامه لعدم إما يحيد الصحفي تجعل التي

لتجاهله املتعمد لها و هو ما سرناه يف العنرصين اآلتيني.

• 1 • الحريات الفردية بني عدم اإلملام و التجاهل:

تصفحنا يف إطار بحثنا املسحي املواقع محور البحث سعيا منا للتعرف عيل حقل العمل و ما

يوفره من مادة ستكون مبثابة ركيزة التحليل و قاعدة معطيات ستمكننا من إعطاء مالحظاتنا و

الوصول الستنتاجات كفيلة بتحديد طبيعة العالقة القامئة بني الحريات الفردية و اإلعالم اإللكرتوين.

و كان تركيزنا عىل طريقة تناول الصحفي لهذه القضايا من خالل عمق تناولها أو سطحيتها و حاولنا

النظر يف أسباب ذلك كام مخلفاته. وقد نحيل هذه السطحية أو التعمق يف التناول لعدة أسباب

أهمها إما لعدم إملام الصحفي مباهيات الحريات الفردية أو لتجاهله لها و هو ما سنتعرض له يف

العنرص التايل.

أ – عدم إملام الصحفي مباهية الحريات الفردية:

ميارس الصحفي يف إطار مهنته حرية من أهم الحريات التي نصت عليها العديد من املواثيق

العاملية و املعاهدات الدولية إعتبارا أن الدميقراطيات ال تقوم و ال تستوي دون الحريات و منها

بالحريات مرتبطة قضايا أمام ما نوعا غامضا أسلوبا ينهج نجده املقابل يف لكنه التعبري حرية

عامة و الفردية منها خاصة. فنجده أمام قضايا متس الحريات يطنب يف رسم مالمح« الجرمية« أو

»الحادثة« و يصف لنا وصفا دقيقا كل ما احتواه املشهد من تفاصيل دون ان يتفطن أو يشري أن

الحادثة فيها إنتهاك لحرمة أو مس بكرامة احد األفراد و هذه السلوكيات تجعل من الصحفي يقع

يف العديد من الهفوات و التي قد تعود عليه بالرضر. و قد الحظنا يف عينة البحث أن الصحفي غري

قادر أن مييز القضايا التي ارتبطت بالحريات الفردية عن غريها إذ نجده عىل موقع »التونسية« يف

إطار تناوله لقضية الفتاة التي اتهمت بالفعل الفاضح بعد ان تم االعتداء عليها باالغتصاب يؤكد

عند ذلك و الفردية الحريات أخرى مست جوهر قضية إىل اإلشارة دون االغتصاب عىل جرمية

Page 239: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

238

اتهام الفتاة بالفعل الفاحش يف الطريق العام ملجرد أنها تواجدت مع مرافق لها يف وقت نوع ما

متأخر. يبدو االنتهاك واضحا هنا يف حق هذه الفتاة لكننا مل نلحظ هذا عند قراءتنا للمقاالت محور

البحث حيث ظهرت الفتاة عىل أساس تلك املذنبة التي »مارست الجنس يف الطريق العام« و التى

»ضبطت ىف وضعية مسرتابة« و هو ما صورته لنا عينة البحث حيث مل يهتم الصحفي بالجانب

اآلخر للقضية أي الحريات و مل ينوه به إذ مل يذكر يف أي مناسبة كون هذه الفتاة ميكن أن تكون

بريئة و أن التهمة املنسوبة إليها ميكن أن تكون باطلة بل ذهب يؤكد و يقر بالتهمة و هو ما حصل

عل موقع الفجر نيوز. نفس الشئ تكرر مع قضية العبدلية حيث قرأنا مقاالت أيدت الرأي القائل

بأن هذه التظاهرة مثلت حركة استفزازية قام بها علامنيون و تتطلب العقاب الشديد و قد ركز

الصحفيون يف تغطياتهم عىل مخلفات هذه التظاهرة من أحداث عنف و رسقة ونهب اجتاحت

البالد و كان ذلك عىل حساب الحريات إذ مل يذكروا إال القليل يف ما يخص حق الفنانني يف التعبري

و حتى يف املرات التى ذكر فيها ذلك كان ياىت بعده لوم و تأنيب ان مل نقل شتم و تشهري«معرض

املقابل وجدنا موقع كابيتاليس وقد رصح علنيا بحق إبليس يف تونس589« يف الفوااشل588««رفاق

التى التطورات إستغراب من أبدى موقف أن بعد املعرض الفنانني يف هذا التعبري ومثن مجهود

شهدتها البالد عىل إثر هذه التظاهرة الفنية و قد أحالنا املوقع هنا عىل فطنة صحفييه و حسهم

أمام الحريات حيث يذهب املوقع إىل طرح أعمق من خالل مقال جاء تحت عنوان »هل ميكن أن

نكون دون ديانة يف تونس« وهي إحالة مبارشة عىل حريات الضمري و املعتقد حيث ربط الصحفي

بني تجريم فناين العبدلية و إمكانية أن نختار الالديانة ويف إستنتاج أويل هذا املوقف من شأنه ان

يجعلنا نفكر و نطرح فرضية ثانية يف إطار رسم عالقة الحريات الفردية باإلعالم اإللكرتوين إذ إنتفى

عنرص عدم إملام الصحفي لكل ماهو حقوق إنسان و حريات متصلة باألفراد ميكننا أن نحيل طبيعة

هذه العالقة للتجاهل املبنى عىل عدم االكرتاث و هو متيش ميكن أن يكون إعتباطيا مثلام ميكن

أن تكون له أسبابه و هو ما سنتعرض له يف العنرص املوايل .

ب – تجاهل الصحفي لقضايا الحريات الفردية:

إنطالقا من أن الخرب مقدس و أنه من حق املواطن او باألحرى الرأي العام اإلطالع عىل ما يدور

من حوله، يسعى الصحفي إليصال املعلومة دون تحريف بزياد أو نقصان هدفه االسايس الحصول

عىل السبق الصحفي و جلب أكرث عدد من القراء ملقاله لذا نجده يف بعض األحيان يصوغ أخبارا

متعلقة بقضايا دون أن يكون قد أمل بكل حيثياتها أو تراه متجاهال لتفاصيلها اعتبارا منه أنها ال

تهم القارئ بطريقة مبارشة أو ألنها ستثري حفيظة بعضهم.

588 مقال صادر عىل موقع الفجر نيوز بتاريخ 12 جوان 2012

589 مقال صادر عىل موقع الفجر نيوز بتاريخ 12 جوان 2012

Page 240: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

239

و هذا يظهر جليا من خالل عينة البحث حيث سعى الصحفيون سواء من خالل قضية الفتاة

املغتصبة أو قضية العبدلية أو النقاب إىل حصد السبق و تسارعوا إىل تسويق الخرب خاصة وأن

هذه القضايا مثلت و مازالت متثل قضايا رأي عام و مل نجد الصحفي إال يف حاالت منفردة يقر

بجانب الحريات الفردية يف هذه القضايا وقد يعد هذا اإلقرار املحتشم دليال عىل تجاهل الصحفي

لهذا الجانب إذ يؤكد لنا بصفة ضمنية وعي الصحفي و إدراكه بوجود إنتهاك للحريات . حيث

أصدر موقع التونسية مقاال دعا فيه الحقوقيني للحديث يف قضية االفتاة املغتصبة كام اصدر الفجر

نيوز مقاال حلل فيه ظاهرة النقاب يف عالقته بالجانب الديني و االجتامعي و فعل نفس الشئ

مع حادثة العبدلية حيث اصدر مقال سعى من وراءه الصحفي إىل تفسري لإلبداع الفني كظاهرة

إجتامعية إنسانية بينام اظهر موقع كابيتاليس أكرث مهنية حيث وجدناه يف العديد من املقاالت

يضع إصبعه مكان الداء ليشري لإلنتهاك الحاصل و مل يتوان صحفييوه عن الترصيح مبواقفهم لكن

يف املقابل نجد املوقع قد حاد عن الحيادية يف ما يتعلق بقضية النقاب لكن حتى عدم حياده

نابعا عن وعي و إدراك حيث يرصح الصحفي يف مقال جاء تحت عنوان »نساء محجبات، كان

السافرات و هذا النقاب و مرسوقات، مغتصبات590« كون املرأة حرة يف جسدها يف حديثه عن

يحيلنا عىل وعي الصحفي و متكنه و إطالعه عىل مبادئ منظومة حقوق االنسان.

بالتايل ما ميكن أن نؤكده أن تجاهل الصحفي للحريات اثناء تغطيته لألحداث جد وارد و هو ما

أحالتنا عليه العديد من املقاالت وهذا يعد من األسباب التي تسهم يف إرتكاب الصحفي للهفوات

يف حق الحريات الفردية مام يزيد يف هوة اإلنتهكات املسلطة عىل األفراد يف حياتهم الخاصة أو يف

إختياراتهم و ميكن ان نعدد بعض االساليب التي يوظفها الصحفي و قد متس مبارشة بالحريات

هو استعامله للعناوين التشهريية و نرشه لصور االفراد او تلك التى تشري لهم.

• 2 • الحريات الفردية من خالل العناوين و الصور يف الصحافة اإللكرتونية:

تعترب قضايا الحريات الفردية من أكرث القضايا دقة و حساسية إذ ترتبط عادة بأحداث متصلة

بالحياة الخاصة لإلفراد يف ميوالتهم و اختياراتهم و سعي الصحفي وراء السبق و جلب أكرب عدد

فيوظف لغايته الوصول من متكنه اساليب إستعامل إىل األحيان معظم يف به يزج القراء من

العناوين و الصور لخدمة تسويق مقاله و ما يحيلنا خاصة مع قضايا الحريات الفردية عىل عناوين

بصيغ تشهريية فضائحية و صور متس الحياة الخاصة لبعضهم و هو ما سرناه يف العنرصين املواليني.

Femme voilée, volées violées 2012 590 مقال صادر عىل موقع كابيتاليس بتاريخ 9 اكتوبر

Page 241: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

240

أ – عناوين تشهريية:

عموما ويف إطار تغطيته لألحداث يعتمد الصحفي أساليب يوظفها لصالح مترير الخرب و يحكم

بلورتها سعيا منه إىل جلب أكرب عدد ممكن من القراء و ميثل العنوان أهم عنرص قد ميكنه من

ذلك لذا نجده يتفنن يف وضعه و يرثيه بكل ما ميكن أن يجعله جالبا لالنتباه و محط أنظار و لكن

قد يسقط الصحفي يف العديد من األحيان يف الثلب و التشهري من خالل عناوين تحوي احكاما

مسبقة او آراء متس باالفراد يف حياتهم الشخصية او يف كرامتهم. و قد سجلنا أن بعض صحفي

عينة البحث قد وظفوا يف العديد من االحيان عناوين فيها الكثري من املغاالة و التشهري متجاوزين

بذلك اخالقيات املهنة من جهة و من أخرى متغافلني عىل حق االفراد يف حامية معطياتهم الخاصة

القبيل الفجر نيوز« عدة عناوين من هذا و إحرتام كرامتهم. و يف هذا اإلطار نجد عىل موقع«

عند تغطية املوقع ألحداث العبدلية« العبدلية :معرض الفواشل« يف مقال أخر » رفاق إبليس يف

الطاغي عىل النفس التى تصدرت املوقع ومن الجيل أن العناوين تونس« كان هذا منوذج من

هذه العناوين هو نفس تشهريي و هذا االستنتاج ال يستحق التمعن إذ يرصح الصحفي بإستعامل

عبارات شتم مبارشة و هذا يحيلنا عىل كيفية تلقي و متثل الصحفي لهذه القضية و من أي جانب

تناولها و للتأكد من توجه هذا املوقع إزاء قضايا الحريات قمنا مبسح شمل عناوين أخرى عىل غرار

قضية الفتاة املغتصبة و وجدنا أن املوقع حافظ عىل نفس التوجه لكن بأقل حدة حيث يقول

يف عنوان »ضجة بعد إحالة شابة إغتصبها رشطيان عىل القضاء بتهمة خدش الحياء591« و رغم ان

العنوان مل يحتوي الشتم أو الثلب لكنه جاء مشريا لتهمة خدش الحياء و التي اثارت »ضجة« و من

هنا نستشف املوقف السلبي للصحفي من الحادثة بإستعامله لعبارة »ضجة« التي تفيد التضخيم

. و هنا يتضح كيف وظف الصحفي العنوان لحملة تشهري و ثلب مسبقة إتضحت جليا عند تناولنا

للخرب و يجب االشارة هنا إىل اهمية العنوان كعنرص من العمل الصحفي إذ له التأثري الكبري عند

القارئ و خاصة ذلك الذي يبحر يف الصحافة اإللكرتونية إذ يقف العديد منهم عند العناوين و هو

ما يجعل منه اي العنوان جد مهم و كفيل بان يرتك األثر يف نفس القارئ و يجعله يطور افكارا

خاطئة و يصدر احكاما مسبقة يف حق افراد و هذا يف حد ذاته يعد إنتهاكا يكون املتسبب الرئييس

فيه الصحفي. و قد الحظنا ايضا ان هذا التميش يف صياغة هذه النوعية من العناوين معتمد ايضا

عىل مستوى موقع »التونسية« لكن بأقل حدة و اكرث مهنية اذ متت الصياغة يف كنف الحياد التام

رغم الرتكيز يف بعض األحيان عىل عنارص معينة حيث يقول الصحفي يف إحدى العناوين املتعلقة

بالفتاة املغتصبة وقد سلط تركيزه عىل عملية اإلغتصاب »ماذا يخبئ اإلختبار الطببي يف قضية

591 مقال صادر عىل موقع الفجر نيوز بتاريخ 30 سبتمرب 2012

Page 242: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

241

الفتاة املغتصبة؟592« ، بالنسبة لقضية النقاب نجد الصحفي يؤكد عىل املنع حيث يقول«املجالس

العلمية بعدة جامعات متنع النقاب داخل قاعات الدروس593«، »وزيرة املرأة متنع إرتداء النقاب يف

مؤسسات الطفولة594« و نلحظ هنا أن الصحفي قد ركز يف الحالتني السالف ذكرهام عىل تسويق

الخرب دون مراعاة الطابع االنساين لهذه االحداث و جانب الحريات حيث نجده تعمد الرتكيز عىل

عملية االغتصاب متناسيا تهمة خدش الحياء املوجهة للفتاة و خاصة تسليطه للضوء عىل نتيجة

اإلختبار الطبي الذى قد يأىت بإدانة الفتاة وقد نجده ملح لهذه اإلدانة من خالل طريقة صياغته

للعنوان و هو ما طرحه ضمنيا و يف مرحلة ثانية متناوال لحادثة النقاب تعمده تكرار كلمة »منع«

يف جل العناوين وهو ما ميكن ان يولد لدى القارئ ذلك اإلحساس باملنع و الرفض للنقاب و ينمي

كابيتاليس و قد صاغ عناوينه املقابل نجد موقع القضية. لكن يف لديه موقفا سلبيا مسبقا من

بكل مهنية حيث كتب بطريقة ضمنية باالنتهاكات الحاصلة يف ما تعلق بقضيتي الفتاة املغتصبة

و العبدلية. فقد كتب الصحفي يف إحدى العناوين املتعلقة بقضية الفتاة املغتصبة«فتاة مغتصبة

العبدلية«« بحادثة تعلق عنوان الصحفي يف يقول آخر مقال العار595« يف و بالخزي متهمة: و

املنظامت غري الحكومية، الحريات األساسية مهددة يف تونس596« و هنا تطرق الصحفي إىل تثمني

جانب الحريات اذ مل يتواىن عن اإلشارة إىل مواطن االنتهاك بصفة رصيحة و معلنة ، و هذا يعد

الدفاع عنها فبعدم الحريات و إن مل ميكنه من مهام الصحفي إذ من املحبذ من جهة إنصاف

املساس بها، و من جهة أخرى تنوير الرأي العام بنرش مبادئ الحريات الفردية و التأكيد عليها و

تنمية الوعي العام بهذه املبادئ يف كونيتها و شموليتها.

ب- الصورة يف قضايا الحريات الفردية :

العالمات و مترير تهيئة تساعد عىل التي املكونات بني الصحفي من املقال الصورة يف تعترب

الرئيسية للخرب شأنها شأن الفراغ واأللوان597. يطرح تحليلها عدة قراءات باعتبارها تستعيص عىل

القراءة الخطية ووجب العود إىل نفس نقطة االنطالق املخاطب الواردة يف الرسالة اللغوية أي نص

الخرب وتفكيك ما تحتويه من دالالت وهذا ليس دامئا باالمر السهل فالصورة باعتبارها من العالمات

تبقى دوما مبهمة و قراءتها ترتبط باالختيارات و بقدر ما تلتصق الصورة يف مجاالتها بالواقع تكون

سهلة التفكيك اما اذا أوغلت يف التجريد فان احتامالت التأويل تقوى و تتسع598.

592 مقال صادر عىل موقع التونسية بتاريخ 30 اكتوبر 2012

593 مقال صادر عىل موقع التونسية بتاريخ بتاريخ 08 نوفمرب 2011

594 مقال صادر عىل موقع التونسية بتاريخ بتاريخ 23 ماى 2012

595 مقال صادر عىل موقع كابيتاليس بتاريخ 4 اكتوبر 2012

596 مقال صادر عىل موقع كابيتاليس بتاريخ14 اوت 2012

597 العدد 25 جانفي- جوان 1994 . صفحةة 93 املجلة التونسية لعلوم اإلتصال

598 العدد 25 جانفي- جوان 1994 . صفحةة 93 املجلة التونسية لعلوم اإلتصال

Page 243: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

242

إحتلت الصورة يف إطار قضايا العينة حيزا كبريا يف مترير الخرب وذلك إلعتبارين إثنني أولهام أننا

أمام مواقع إلكرتونية يعني أننا أمام عامل إفرتايض يخاطب الحواس بالدرجة االوىل و خاصة البرص

التواصل. عموما كانت عالقة الصورة وثانيهام أن الصورة أصبحت لها مكانة جد هامة يف عملية

املواقع تتأرجح بني االعتباطية والرضورة يف االستعامل إذ الحظنا أن بعض بالخرب يف إطار بحثنا

اعتمدت عىل صور ال متت بصلة للخرب اي صور قياسية وبالتايل مل العينية حني نقلها ألحداث

يكن لها االثر الكبري يف دعم بث الخرب أو دحضه . فموقع الفجر نيوز مثال اعتمد يف جل املقاالت

التي تناولت قضية النقاب، العبدلية أو الفتاة املغتصبة عىل صور إما للصحفي الذي كتب املقال

أو لصور تجريدية ال عالقة لها بالخرب املنشور و لكن يف مناسبات معدودة إعتمد املوقع يف نقله

لحادثة اغتصاب الفتاة عىل سبيل املثال وسعيا من الصحفي لدعم الخرب صورة خطية تجسد فتاة

منحنية مخبأة لوجهها و كتب عىل الصورة بالعربية عبارة »ما هذا؟؟؟« إذ عدنا لتعريف الصورة

الذي تعرضنا له يف بداية العنرص ميكن لنا تبويب هذه األخرية من بني تلك التي عرفناها مبجردة

وبالتايل فهي القابلة للتأويل و الحاملة ألكرث من معنى يختلف حسب القراءة فيمكن لنا أن يف

قراءة أوىل أن نقف عند كون هذه الفتاة هي ضحية انتهكت حرمة جسدها و حقها كإنسان وعبارة

»ما هذا« قد تعود عىل الصحفي الذي أندهش لهول ما تعرضت له هذه الفتاة و ابدى موقفه مام

حصل وبتايل تكون الصورة هنا قد وظفت لخدمة الخرب و لدعم و إنصاف الفتاة يف املقابل ميكن

لنا أن نقرأ الصورة يف االتجاه املعاكس لنقول بأن الصحفي مؤمن ومقتنع باإلدانة املوجهة للفتاة

حيث إختار لها صورة وهي منطوية عىل نفسها خجال من فعلتها وعبارة »ماهذا« ماهي إال موقف

إستغراب واستنكار مل فعلته هذه الفتاة هاتني قرائتني و من املؤكد انه توجد عدة قراءات أخرى و

من الجيل أن القراءتني ممكنتني و لهام مكان من الصحة لكن أين الصحفي من هذا هل هو من

صنف املدافعني املنارصين للفتاة ولحرمتها الفردية أو من املستنكرين لهذه الفعلة و هذا الميكننا

أن نستشفه من الصورة حتى إن قرأناها يف عالقتها بالعنوان و بالتايل وجب علينا اللجوء للرسالة

اللغوية لتحديد توجه ومسار املعاين التي تحملهام الصورة وهنا ميكن لنا أن نقر بأن وضع صورة

مامثلة لتلك املذكورة يف أول التحليل يف إطار قضايا الحريات هو محبذ باعتباره ينأى عن كل تشهري

أو فضح للحياة الخاصة رغم ان الصورة املذكورة اعاله إحتوت عىل العديد من الواقف و هي قابلة

للعديد من التأويالت لكنها ال تعطي اإلضافة بصفة مبارشة للخرب.

Page 244: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

243

و يف تعامله مع قضيتي النقاب والعبدلية إعتمد الصحفي يف موقع الفجر نيوز عىل صور يف عالقة

مبارشة باألحداث فكانت صورة اللوحة التي كتب عليها سبحان الله بإستعامل النمل ملقال تحت

عنوان » لوحات مسيئة للمقدسات يف معرض الفنون بتونس تثري الفتنة599« و يف هذه الحالة لسنا

واضحة الصحفي نية باتت إذ بإلجتهاد مطالبني

من وراء وضعه لهذه الصورة التي تعرب عن موقفه

عالقتها يف الصورة قرأنا إذا أكرث النية وتتضح

من الثنائية القراءة مكنت هذه بالعنوان حيث

الذي الصحفي موقف وتحديد الصورة رموز فك

بات معارضا مستنكرا لسلوكات اعتربها تثري الفتنة

املتهم موقف يف وفنانيه العبدلية معرض ووضع

بالفتنة وبتايل هي محاولة من الصحفي إلقناع القراء مبدى خطورة الفعلة املرتكبة من طرف فناين

العبدلية وبالتايل باتت هذه األخرية أي الصورة أداة لدحض حرية من الحريات الفردية ولكن يبقى

ذلك نسبيا حيث إذا إعتمدنا قراءة أحادية للصورة مبعزل عن الخرب او العنوان نجدها تعمم نوعا

من الحريات و تلك املرتبطة بالتعبري منها إذ بنرش هذه الصور ننرش فكرا جديدا و منهد ملتلقي

مهيئ و أكرث تقبل لكل أنواع التعبري.

،»dégage 600يف ما يتعلق بقضية النقاب يف مقال معنون كاأليت »مؤيدو« إتحاد الطلبة السلفيني

نجد الصحفي وقد دعم مقاله بصورة احتوت عىل جمع من املتحجبات و السلفيني جنبا لجنب

وهي يف عالقة مبارشة بالحدث وميكن لنا أن نقرأ منها العديد من النقاط االيجابية يف ما يتعلق

بأن ضمنيا ترصيحا تعد إذ الفردية بالحريات

دعوة فهي لذا موجودة فئة املنقبات و السلفيني

لتقبلهم والتعايش معهم إذ يساهم وضع مثل هذه

الصور يف تسهيل تقبل هذه الرشيحة من املجتمع و

قد ساهم االعالم و خاصة اإللكرتوين يف تقبل املجتمع

لهذه الفئة.

599 مقال صادر عىل موقع الفجر نيوز بتاريخ 15 جون 2012

600 مقال صادر عىل موقع الفجر نيوز بتاريخ 13 مارس 2012

Page 245: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

244

لقضايا تناوله إطار يف التونسية موقع نجد املقابل يف

عينة الدراسة قد إعتمد عىل صور ال تتعلق بصفة مبارشة

تعرضه عند مناسبات عدة يف إستعمل فقد باألحداث

لقضية الفتاة املغتصبة صورة فتاة تظهر وقد بدا عليها الهلع

والنرى سوى يدا وقد وضعت عىل فمها .

بالنسبة ألحداث النقاب إعتمد خاصة عىل صورة منقبة صورة مجهولة املصدر وليست مرتبطة

باحداث كام اعتمد يف تناوله لقضية العبدلية إما صورة ميزان أو صورة إشارة “مغلق للعموم” و

هي صور مثلام سبق و ذكرنا ميزتها أنها ال تسهم يف ثلب و ال تشهري و يف نفس الوقت هي ال تسهم

يف مساندة الحريات عن طريق بثها و إيصالها للقارئ حيث تم إستعامل الصور من باب ملئ الفراغ

و كان وجودها إعتباطيا من منطلق أنها مل تأيت باالضافة للخرب وهنا ميكن أن نسوق مالحظة أن

الصورة توضع لتتمم الخرب وتضفي عليه نوع من العمق601 والنظرة املقربة لألشياء و من املعلوم أن

الصور املستعملة يف موقع التونسية مثلت عكس ذلك.

بينام نجد موقع »كابتاليس« وقد دعم األخبار املتعلقة بقضايا العينية بصور جاءت لتمد الخرب

بأكرث عمق فعند تناوله لقضية العبدلية نجد الصحفي باملوقع قد تعمد نرش بعض اللوحات التي

الفن العبدلية و كان ذلك يف عدة مقاالت و هي إشارة من الصحفي بقيمة عرضت يف معرض

كشكل من اشكال التعبري و نرشه هو حق من الحقوق املضمونة إذ من حق الفنان ان يعرب كيفام

تلك الصور يف بإعادة نرش هذه املوقع نوعا ما تحديا و مجازفة من قبل أعترب يراه مناسبا فقد

الدفاع التي شهدت إظطرابات وهذا يحيلنا عىل مدى إقتناع صحفيي هذا املوقع بأهمية الفرتة

عن الحريات إذ تعرب الصور عن رأي راسمها وتعرب أيضا عن موقف من نرشها وقد دعم الصحفي

الرسائل اإليحائية الصادرة من الصور برسالة لغوية ساند فيها حرية التعبري ووقف موقف الدفاع

إزاء الحرية الفردية بطريقة واضحة و رصيحة.

لكن يف إطار تعامله مع قضية النقاب نجد أن موقع »كايتاليس« قد نهج طريق مختلفة مقارنة

بطريقة تعامله مع قضية العبدلية فقد إستعمل صور محجبات ومنقبات يف وضعيات مختلفة من

بينها ما جاءت يف مقال تحت عنوان:

602» ..Les femmes voilées, volées, violées«

601 العدد 25 جانفي- جوان 1994 . صفحةة 97 املجلة التونسية لعلوم اإلتصال

602 مقال صادر عىل موقع كابيتاليس بتاريخ الثالثاء 09 اكتزبر 2012

Page 246: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

245

تظهر صورة عىل الصحفي إعتمد حيث

فيها فتاة محجبة وقد ارتسمت عىل وجهها

الصورة مقدمة يف وكانت عريضة إبتسامة

خلفية الوقت نفس يف تحتوي كانت التي

ضبابية لفتاة منقبة وهنا يرتك لنا الصحفي

شفرات وتفكيك للتأويل الشاسع املجال

الصورة و يرتك املجال لفرضيتني إما أن يكون الصحفي منارصا للحجاب رافضا للنقاب أو تراه يلمح

أن كل متحجبة مآلها النقاب و يف كلتا القرائتني نستشف موقف الصحفي من النقاب أو الحجاب و

من املؤكد ان هذه الصورة مل تسقط يف التشهري و هذا يعد عنرصا أيجابيا لكنها كانت الوسيلة لتمرير

بعض الرسائل السلبية يف حق املحجبات و املنقبات خاصة و إن عدنا بالنظر للرسالة اللغوية املرافقة

لهذه الصورة والتي أكدت لنا الفرضية االوىل حيث رصح الصحفي علنا عن ولعه باملحجبات وقد

أحال ذلك عىل رغبات جنسية )دفينة( تفضل كل ما كان محضورا وممنوعا . ويتضح للقارئ هنا إىل

أي مدى يكون الغموض و الضبابية التي تحيط بالصورة دور يف أن يجعل لها قراءات مختلفة فيها

من التاويل ما يكفي بان يزج بالصحفي يف باب االنتهاكات واملساس من الحرية الفردية لالخرين.

مستوى عىل أيضا الحظنا بحثنا إطار يف

أخذت صورة وجود كابتاليس” موقع”

جد وجوههن وكانت الشارع يف ملحجبات

خاصة و عليهم التعرف يسهل إذ واضحة

يظهر أنهن مل يكن عىل علم بذلك و قد يعد

ما وهو األفراد لحق إنتهاكا الترصف هذا

إنتهاكات يف الصحفيني من البعض يسقط

مرتبطة بحق االفراد يف حفظ حياتهم الخاصة بعيدة عن النرش و اإلعالم وهو تعدي يخالف القانون

و يعد من جهة اخرى تجاوزا ألخالقيات املهنة عكس قضية النقاب أظهر موقع” كابتاليس” إهتامما

، إعتمد يف بعض الفتاة املغتصبة من طرف أعوان األمن يف إختياره للصور ودقة يف تعامله مع

مقاله أرفق حيث للحريات وإنصافا تعبريا أكرث أخرى وظف صور لكنه متداولة األحيان صور

املعنون :

Page 247: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

246

603« ! Une femme violée et accusée : après l’infamie, l’ignominie“

نسائية لتظاهرة بصورة

الفتاة بإدانة منددة خرجت

رفعت فيها شعارات عدة وهو

للمقال عمقا أكرث يعطي ما

جاء ما الصورة تدعم حيث

يف الخرب فتضفي عليه واقعية

وتجعله ملموسا.

لنا يكشف بان كفيل وهذا

الصورة متثل أن من إنطالقا انتهكت نراه مدافعا عن حرية القضية وحيث الصحفي من موقف

شكال إعالميا يحتل فضاء ال يستهان به يف الصحافة وخاصة منها االلكرتونية هدفنا من وراء مسح

تدور والتي الدراسة بداية التي رسمناها يف العالقة تلك إىل للوصول العينة مقاالت أثثت صور

حول عالقة الصحافة االلكرتونية بقضايا الحريات خاصة منها الفردية و حاولنا تقيص مدى مساهمة

الصورة يف إنصاف أو إقصاء الحريات الفردية فكانت أن وجدنا بعضها وقد نجح بطريقة ضمنية او

علنية يف الوقوف لصف الحريات و مترير بعض الرسائل يف صالح الحريات و حتى تلك الصور التي

جاءت يف سياق معادي لبعضها ميكن ان تكون ذات فائدة بإعتبارها تساهم يف نرش ثقافة حقوق

االنسان عامة و الحريات الفردية خاصة بطريقة ضمنية و ميكن للصورة نتيجة للتحليل و التاويل

الفردي أن تحمل اكرث مام تحتوي لذلك وجب قرائتها من خالل مقاربة شاملة تكون الصورة فيها

جزء من كل، يحتوي الخرب كعنرص جد هام يف املقال الصحفي لذا وجب علينا مسح الخرب يف عالقته

بالصورة يف إطار مزج اإليحاء باللغة علنا نجد إجابة عن سؤالنا املحوري الذي يتطلب منا يف هذه

املرحلة أن نغوص يف الرسالة اللغوية لنبني أهمية مصدر الخرب و أسلوب كتابته يف عالقته بقضايا

الحريات الفردية.

• 3 • الخرب الصحفي: املصدر واسلوب التناول:

يتكون الخرب الصحفي من العديد من املكونات التي يجب إحرتام وجودها لغاية الوصول لهدف

االبالغ الصحيح و الناجع من أهمها املصدر كعنرص جد هام يف مصداقية الخرب و الخرب يف حد ذاته

طريقة صياغته و أسلوب التقديم.

603 مقال صادر بتاريخ 04 اكتوبر 2012 عىل الساعة 14:46 - كابيتاليس

Page 248: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

247

أ-مصادر االخبار عينة البحث:

الدكتور عرفه ما مثل هو و اإلعالمية االنتاجات مكونات أهم من الصحافة يف املصدر يعترب

فاروق أبو زيد يف كتابه »فن الخرب الصحفي604«« يقصد مبصارد الخرب الصحفي األداة التي تحصل

عليها الصحيفة أو املجلة عىل الخرب الصحفي. وهذا املصدر قد يكون شخصا مثل كبار الشخصيات

الرسمية والشعبية أو نجوم الحياة االجتامعية أو كبار الشخصيات االجتامعية التي تزور البالد وغري

ذلك من املصادر الحية. وقد يكون هذا املصدر جهة مثل وكاالت األنباء واإلذاعات املحلية واألجنبية

والصحف املحلية واألجنبية.

فلكل صحيفة مصدران للخرب إما ذايت اي الصحفي نفسه بإعتباره إما مراسل أومندوب أومصادر

خارجية كوكاالت األنباء واإلذاعات املحلية واألجنبية والصحف املحلية واألجنبية« لذا وجب التثبت

من املصدرو ذكره إل ضفاء أكرث مصداقية عىل الخرب من جهة ومن جهة أخرى ميكن ذلك الصحفي

او الخاصة بافراد يف حياتهم او متس تعد خطرية قد تجاه معلومات املسؤولية التملص من من

املهنية. وهنا يتضح لنا الخيط الرابط بني أهمية هذا العنرص و قضايا الحريات الفردية باعتبارها

قضايا جد دقيقة وحساسة تتطلب قدرا من الدقة يف التناول و الكثري من التثبت. لذا وجب استقاء

املعلومات الخاصة بها من مصادر مطلعة موثوق فيها ليك ال يسقط الصحفي يف أخطاء مهنية قد

تتنايف مع اخالقيات مهنته والنصوص املنظمة للقطاع مام قد يتسبب يف حملة تشهري، شتم أو نرش

ملعلومات غري صحيحة و ميكن ان ينجر عنها ايضا تتبع الصحفي قضائيا.

لكن ما يجب ان نشري إليه انه يف بعض الحاالت ميكن للصحفي أن يتسرت عىل مصادر معلوماته

وذلك سعيا منه لحاميتها ونجد هذا خاصة يف إطار الصحافة االستقصائية عىل أن يكون قد دعم

العينة فهي بعالقة بالنسبة لقضايا الحال الخرب و لكن ليس هو بوثائق تحميه عند نرش موقفه

مبارشة بالحريات الفردية.

عموما ومن خالل عينة البحث راوح الصحفي يف نقله لالخبار املتعلقة بالقضايا محور الدراسة

أمام انفسنا وجدنا الدراسة عينة إطار يف أنه نحدد أن بنا يجدر له. للمصدر وحجب ذكر بني

ثالث أجناس صحفية وفرت تغطية لألحداث ومن املؤكد أنه غلب تواجد جنس عىل آخر و هو

ادابيات كتابته فقد صادفنا املقال التوضيح نظرا أن كل جنس له ما الحظناه و قد عمدنا لهذا

اإلخباري وهو جنس صحفي يتطلب إجباريا ذكر املصدر الذي استقى منه الصحفي خربه إذ ال يعد

الصحفي إال ذلك الوسيط بني مصدر الخرب واملتلقي، يف الجنس الثاين وهو مقال الرأي وهو جنس

604 »فن الخرب الصحفي« املبحث األول الفصل الخامس الصفحة 213. الطبعة الثانية. عامل الكتب 1992

Page 249: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

248

مبني عىل رأي أو فكرة استقاها الصحفي وعرب عنها عىل طريقته الخاصة وقد يخضع هذا الجنس

ألدبيات كتابية مثل املحاججة واإلستناد لألمثلة وهنا ال ميكننا التحدث باألساس عىل خرب وبالتايل

ينتفي رضورة ذكر املصدر باعتبار ان الصحفي هو املصدر االسايس و خاصة أن الفكرة الواردة يف

املقال ال تلزم إال صاحبها. الجنس الثالث وهو الحوار و عموما مصدره واضح إذ ال ميكن ان يكون غري

الشخص املحاور بإعتباره تدور حوله كل األحداث و متسه بصفة مبارشة وهو ملم بكل الحيثيات.

يف املقابل و يف إطار عينة بحثنا وجدنا أنفسنا أمام عدد هام من املقاالت االخبارية التى جاءت

موجزة مبنية عىل اإلثارة لشد انتباه أكرث نسبة من القراء و ليك تصل لإلقناع وجب ذكر املصدر

خاصة أننا أمام قضايا احداث إذ ال ميكن للصحفي أن ينسب لنفسه أخبارا ومعلومات ال ميكن أن

تصدرها إال جهات مختصة وذلك من باب املهنية وباب الحذر و عىل سبيل الذكر مثال خرب نقله

موقع »التونسية« مفاده أن قايض التحقيق باملكتب 13 باملحكمة االبتدائية املتعهد بقضية الفتاة

املغتصبة قد متت نقلته بطلب منه605 أورده الصحفي يف صيغة التأكيد دون ذكر للمصدر أو للجهة

التى أفادت مبثل هذه املعلومة فكيف للصحفي أن يبث مثل هذا الخرب و يتبناه بكل ما يحمله

من نسبة صحة أو مغالطة و ما يهمنا بالدرجة االوىل عىل هذا املستوى أن هذا الخرب قد يؤثر يف

قضية الفتاة أمام الرأي العام خاصة بإعتبار ما جاء يف بقية الخرب حيث يؤكد عىل كون القايض

الذي تسلم القضية وجه تهمة التجاهر مبا ينايف الحياء للفتاة كل ذلك دون اإلشارة للمصدر و هذا

من شأنه ان يبث الريبة عند القارئ ليتساؤل أول يشء عن مدى صدق هذا الخرب من ناحية و من

أخرى إن تغافل عن ذلك سيطرح العديد من االسئلة حول أسباب و عالقة هذا التحوير اي نقلة

القايض بقضية االغتصاب و ستكون الفتاة هي العنرص األول و االخري املترضر املبارش من هذا الخرب

و بالتايل يكون الصحفي ودون ان يتفطن قد مس بكرامة الفتاة بخرب ميكن أن يكون ال اساس له من

الصحة و يأيت إستنتاجنا هذا كنتيجة حتمية لغياب ذكر مصدر الخرب.

وقد تواترت عىل موقع التونسية مع جل األخبار عينة الدراسة عبارة » علمت التونسية« و

العلم بالشئ هو اإلطالع و إدراك اليشء بحقيقته606 حسب التفسري املعجمي للكلمة بالتايل يقر

املوقع بامتالكه للحقيقة و يجعل نفسه مكان املصدر وهذا من شأنه أن يجعل املقال مبهم مفتقر

لعنرص الدعم والسند عىل صحة كل ما ورد فيه . إذ يغفل الصحفي يف بعض االحيان أنه وسيط بني

التونسية أن قايض التحقيق باملكتب 13 مصدر للخرب وملتقى له فعندها يقول الصحفي علمت

باملحكمة االبتدائية بتونس عرض أمس نتيجة االختبار والطبي املأذون من قبله » هذا يحيلنا أن

الصحفي تجرد من مهنته كصحفي ليمدنا مبثل هذه املعلومات الدقيقة التي ال ميكننا أن يستقيها

605 مقال صادر عىل موقع التونسية بتاريخ 10 اكتوبر 2012

http://www.almaany.com 606

Page 250: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

249

هذا االخري إال من خالل محارض جلسات وهذا التجاهل بذكر املصدر من شأنه أن يجعل الخرب بكل

ما يحويه من معلومات موقع شك وحتى إن وردت فيه أخبار صحيحة تبقى دامئا نسبية بالنسبة

للقارئ خاصة إذا تعلق االمر بقضايا وأحداث مرتبطة بالحريات والتي تكون عادة جد دقيقة وجد

معقدة وحساسة و تتطلب التثبت من كل معلومة تنرش النها قد تغري حياة فرد من األفراد وال

يكفي التثبت يف املصادر يف قضايا الحريات الفردية و من املحبذ ترشيك كل من لديه معلومات

موثوق منها ميكن أن تفيد القضية و هي طريقة لكشف الحقيقة و إنصاف الحريات و إنارة الرأي

العام و الدليل يف أن املواقع عينة البحث مل تستند مثال »الحوار« كجنس صحفي يكون املترضر هو

املصدر االسايس للخرب حيث كان من املحبذ إجراء حوار مع إحدى املنقبات او احد فناين العبدلية

و هو كفيل أن يوضح الصورة أكرث للقارئ و ميكن املترضرين من التعبري عن أرائهم بهذه الطريقة

يسهل تعميم الحريات و يكون تقبلها و يف مرحلة موالية الدفاع عنها باكرث تلقائية و هي الغاية

املنشودة من وراء التأكيد عىل صحة االخبار و مصداقية مصادرها.

استند موقع املعلومات وقد الخرب ومنبع باألمر هو مصدر املعني أن الحوار تكمن يف أهمية

»التونسية« عىل هذا الجنس الصحفي يف مناسبة وحيدة مع الفتاة املغتصبة من طرف اعوان االمن

فكانت الفرصة للقارئ لالطالع عىل حيثيات الحادثة عىل لسان املترضرة وكانت الفرصة للمترضرة

للتعبري وابداء وجهة نظرها تجاه ما تعرضت له ووضعيتها أمام القضاء لكن مل يلتزم املوقع بهذا

التميش ووقع التخيل عنه يف التعامل مع باقي القضايا.و قد ال تهمنا التفاصيل الواردة يف الخرب يف

هذا الفصل بل الذي يهمنا هو تركيز إهتاممنا عىل أهمية املصدر بكل أشكاله فقد اعتمد موقع

»الفجر نيوز« يف إطار أخبار تغطيته األحداث عىل وكاالت أنباء مثل »ا ف ب« و »ا وب ي« وهي

املقال الوكاالت يكون عادة مستجيبا ملتطلبات باعتبار أن عمل أضمن طريقة إلعطاء خرب مؤكد

اإلخباري مع أقل األخطاء املهنية و هذا محبذ إذا نظرنا لألشياء من منطلق صحة الخرب و مصداقيته

فإعطاء معلومة صحيحة و موضوعية للقارئ من شانها أن ترتك له املجال أن يقرر الوقوف لصف

هذه القضية ام تلك و متكنه من تكوين نظرة و موقف من كل إنتهاك يراه هو كذلك.

و ميثل الصدق، الواقعية والقرب من الحقيقة، بالنسبة ملصدر الخرب، معيار الثقة بني الصحفي

وقرائه لذا وجب أن يكون هذا األخري مشخصا قامئا عىل العلم باليشء موثوق منه، معلن عنه ألن

هذه الصيغ إن مل توجد او تم تغييب ذكر املصدر تفتح باب التساؤالت عند القارئ و باب الشك

الحريات السلبي يف ما يتعلق بقضايا حقوق االنسان و الوقع الخرب ذاته و هذا قد يكون له يف

الفردية التي طاملا إرتبطت بأحداث شخصية تدور حولها دامئا العديد من الشائعات مثل قضية

الفتاة املغتصبة او العبدلية و قد ميس باالفراد يف حياتهم الخاصة و عدم التثبت من مصدر الخرب

Page 251: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

250

ميكن ان ينجر عنه نرش اخبار زائفة متس بحياة األفراد و تلصق بهم تهام أو تشهر بهم وهذا الخلل

يف مصدر املعلومة له اثاره السلبية وهو ما سرناه يف العنرص املوايل من خالل تحليل الخرب الصحفي

وابراز عمقه وتوازنه من عدمهام يف عالقته باملصدر.

ب- الخرب الصحفي و الحريات الفردية:

أول مالحظة ميكن أن نسوقها يف هذا اإلطار هو تواجد الطابع اإلخباري يف مقاالت العينة و هي

عبارة عن اخبار موجزة ال تتجاوز 10 أسطر كمعدل و تحتوي عىل ما يقارب بني 110 و120 كلمة و

نحن نقدر أن الكتابة للمواقع اإللكرتونية تتطلب االختصار و الرسعة و النجاعة لهذا السبب ميكن

لهذا التمىش ان يكون سليام يف إطار التعامل مع قضايا الحريات الفردية عىل أن يعود الصحفي يف

وقت الحق للتعمق أكرث يف معطيات الحدث من خالل مقاالت تحليلية حوارات تحقيق و هوما

سيمكنه من إبراز مواطن اإلخالل و اإلنتهاك .

عمليا مل يكن هذا التميش معتمدا يف إطار عينة بحثنا فقد سيطر الطابع اإلخباري و لكن هذا

التحقيق. و الحوار التى جاءت محتشمة مثل الصحفية األخرى االجناس ينفي وجود بعض ال

حيث تطرق موقع »التونسية »يف إطار قضية الفتاة املغتصبة إىل إجراء حوار مع الفتاة607 إستقى

من خالله الصحفي العديد من الحقائق جاءت من املترضرة مبارشة و مكنها بالتايل من التعبري عن

رأيها و الدفاع عن نفسها خاصة امام التهمة التى وجهت لها حينها و قد مكن الحوار من إيضاح

الصورة بالنسبة للقارىئ كام تطرق نفس املوقع يف نفس القضية إىل مقال تحقيقي إستقى من خالله

الصحفي أراء الحقوقيني و املختصني608 و هو متيش محبذ إذ ميكن من تسليط الضوء عىل املشكل

لحقت التى اإلخالالت و اإلنتهاكات مواطن ذلك من خالل يكشف و عمق بأكرث و يف جوهره

باألفراد و ينمي لدى القارىئ القدرة عىل متييز القضايا املتعلقة بحقوق االنسان عامة و بالحريات

الفردية خاصة عن غريها من القضايا و هو ما يخول له التعرف عىل مواطن اإلخالالت عند حصولها.

لكن ما ميكن ان نشري إليه يف هذا املستوى أن هذا التميش وقع التخيل عنه عىل مستوى موقع

األخبار بنقل إكتفى قد املوقع وجدنا العبدلية حيث و النقاب بقضيتي تعلق فيام »التونسية«

املتعلقة بالقضيتني بإيجاز كبري إفتقر للعمق و التحليل و كان عنرص التغييب لألطراف الفاعلة يف

القضايا من أبرز النقائص التي سجلناها و هذا يحيلنا عىل التميش املعتمد إذ تناول املوقع قضية

الفتاة املغتصبة يف إطار متيش عفوي غري ممنهج و مل يضبط إستعامله من خالل هدف محدد مسبقا

وهوما جعل املوقع يتخيل عنه عند تناوله لقضايا ال تقل أهمية يف مادة الحريات الفردية عىل غرار

قضية النقاب أو قضية العبدلية.

607 مقال صادر عىل موقع التونسية بتاريخ 28 سبتمرب 2012

608 مقال صادر عىل موقع التونسية بتاريخ 03 اكتوبر 2012

Page 252: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

251

املغتصبة يف مقال الفتاة لقضية تناوله التونسية عند الخرب، نجد موقع إطار كيفية صياغة يف

ركز قد و املغتصبة؟609« الفتاة قضية الطبي يف اإلختبار يخبئ عنوان«ماذا تحت موجز إخباري

الصحفي عىل قضية اإلغتصاب بإعتبارها إنتهاكا لحرمة الفرد جسديا لكنه اهمل نوعا ما اإلتهام

نجده يف الفتاة وقد لحرية فاضح إنتهاك العام و هو الطريق االفاضح يف بالفعل للفتاة املوجه

السابق ذكره »بعد ضبطها)يقصد املقال نفس بقوله يف التهمة يؤكد الصحفي أي مرحلة الحقة

الخرب يتبنى املوقف حيث أن صياغة الفتاة( صحبة مرافقها داخل سيارة يف وضعية مسرتابة« و

جاءت مؤكدة حيث يقول«بعد ضبطها« و مل ينسب الترصيح للجهة التى إستقى منها املعلومة.

يف املقابل نجد موقع الفجر نيوز يف إطار تناوله لقضايا العينة قد إعتمد مقاالت رأي و هي جنس

صحفي يعتمد عيل إبداء الرأي من خالل التحليل املنطقي لألشياء و املحاججة باإلضافة للمقاالت

االخبارية التي إستقاها املوقع من وكاالت أنباء عاملية.

أهم مالحظة ميكن لنا أن نسوقها ان جل مقاالت الرأي التى تناولت قضايا العينة كان فيها الكثري

من الثلب و الشتم و التشهري و يظهر جليا عند تناول املوقع لقضية العبدلية إذ يقول »رسوم الخزي

تباعا لهذا املوقف الرأي و إبداء إبليس« عبارات إستخدمها الصحفي يف إطار العار« »رفاق و

الساخط وقع تغييب األطراف الفاعلة و املترضرة يف الحادثة فقد سجلنا غياب ترصيحات صادرة

عنهم و كان الرتكيز خاصة عىل تبعات االحداث التى تسبب فيها قيام هذا املعرض فكأننا بالصحفي

يدفع بالقارئ أن يدين هذه األفعال التى إعتربها أفعاال مسيئة للدين اإلسالمي و تغافل عن كونه

أمام أعامل فنية و هو شكل من أشكال التعبري تضمنه كل النصوص املتعلقة بالحقوق و الحريات

الفردية.

وأعتمد املوقع نفس األسلوب يف التغطية عند تعامله مع قضية الفتاة املغتصبة حيث تواترت

مقاالت الرأي و كانت جلها مشحونة بنفس تشهريي ال يخلو من العبارات و الرتاكيب التي تحيلنا

عىل موقف الصحفي من القضية و تجاوز ذلك ليمدنا برأيه يف شخص الفتاة »فتاة وجدت متارس

الرذيلة يف الهواء الطلق يف الطريق العام« و هنا رصح الصحفي برأيه بكل تؤكد و ثقة يف النفس

و كأنه قايض يصدر األحكام وذلك عوض أن يراقب متيش األحداث و يتقيص للقارئ الحقيقة من

منطلق تحلييل و حجاجي ألطوار القضية وعوض أن يدخل مع الفتاة يف حوار بات الصحفي خارج

الحدث و أثقل كاهلها باألحكام املسبقة.

ما و الرأي مقاالت وجود مع موجز شكل يف اخباره جل كانت »كابيتاليس« ملوقع بالنسبة

الحظناه من خالل املقاالت التى نرشت يف هذا املوقع طابع املهنية يف صياغة األخبار حيث إقترصت

609 مقال صادر عىل موقع التونسية بتاريخ 30 اكتوبر 2012

Page 253: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

252

عىل التغطية دون اللجوء إلبداء الرأي. اخبار ذكرت مصادرها ووضعت بكل حيادية و موضوعية

الرأي و هو ما سجلناه من خالل لكن هذا مل مينع من وجود بعض اإلخالالت خاصة يف مقاالت

مقال بعنوان«نساء محجبات مرسوقات، مغتصبات« جاء يف إطار تناول املوقع لقضية النقاب حيث

إستعمل الصحفي عبارات أستعملت يف املطلق مبعنى انها مل توجه لشخص معني لكنها قد متس بكل

محجبة أو منقبة إذ أبدى الصحفي رأيه تجاه لبس النقاب و الحجاب و أطنب يف التحليل ليحيلنا

يف نهاية املطاف عىل ميوالته الجنسية و انه يفضل املحجبات عىل املنقبات و أن كالهام يرثن فيه

الرغبة بإعتبار كل ممنوع مرغوب و أن كل »جسم إختفى وراء ستار يوحي لنا مبغامرة جنسية«610.

باإلضافة إىل ما ذكرناه وجدنا جل صحفي مواقع عينة البحث و قد إتفقوا عيل إستعامل معجم

لفظي متشابه يف مقاالتهم عبارات كان لها وقعها يف الخرب الصحفي و يف تحديد توجهه و كان لها

األثر أيضا يف تطور األحداث فقد تواترت عبارة »اإلغتصاب، متارس الرذيلة، متارس الزنا،بلد مسلم،

أن بعد العام الطريق يف الفاضح بالفعل أتهمت التي للفتاة لنشري مسرتابة«، وضعية متلبسة،

تحيد أن شانها من املستعملة العبارات أن كيف للعيان يرتائ هنا و إغتصاب لعملية تعرضت

بالقارئ عن لب القضية و اإلنتهاك الذي تعرضت له الفتاة و تجعله يكثف تركيزه عىل عملية

اإلغتصاب دون سواه و ميكن إعتبار هذا الترصف إن كان نابعا عن وعي من الصحفي انه توجيه

للراي العام و بالتايل إنتهاك لحق و حرية الفرد يف الطرح السليم و املوضوعي لقضيته و هو ما تواتر

مع باقي قضايا العينة حيث نعت فناين العبدلية بالفواشل، »رفاق إبليس، الزنادقة«، ايضا قضية

النقاب نعتت الفتيات« بجسد متخفي يثري الشهوة، التي تخبأ وجهها خوفا من املواجهة«.

و قد تحيلنا هذه العبارات عىل توجه املقال و تعطينا فكرة عن مدى وعي الصحفي مببادئ

حقوق االنسان عامة و الحريات الفردية خاصة و ما يرتتب عن ذلك من حق االفراد يف حفظ حياتهم

الخاصة و كرامتهم وهو ما كان مفقودا يف معظم األحيان يف إطار عينة بحثنا. فقد إنقسمت االخبار

لنوعني فئة ذهبت تدافع عن إديلوجياتها وهذا مرشوع عىل رشط أن ال يكون عىل حساب حريات

أفراد و شق آخر ذهب لكسب أكرث نسبة من القراء فوظف الحادثة لذلك و هذا يعد أيضا رشعيا

و مربرا عىل أال ميس ذلك بكرامة األفراد و حرياتهم و حياتهم الخاصة و من هذه االخطاء املهنية

ما يؤدي للعقاب إذ يخضع قطاع اإلعالم لنصوص أخالقية و قانونية تنظمه و هو ما سرناه يف الجزء

الثاين من هذه الدراسة.

610 مقال صادر عىل موقع كابيتاليس بتاريخ 04 اكتوبر 2012

Page 254: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

253

اجلزء الثاني:

II- الحريات الفردية من خالل النصوص املنظمة لقطاع اإلعالم |

جاءت النصوص املنظمة لقطاع اإلعالم يف تعاملها مع الحريات واحرتام الذات البرشية وحفظ

الكرامة اإلنسانية جد رصيحة منها النصوص ذات القيمة القانونية و أخرى ذات القيمة األخالقية.

• 1 • النصوص القانونية:

العمل بها بعد 14 جانفي 2011 عند ظهورها يف سنة 1975 التي علق نصت مجلة الصحافة

و حسب الفصل 52 أنه » يعاقب بالسجن من عام إىل ثالثة أعوام و بخطية مالية من 120 إىل

اإلشكال ولكن املجلة..«611 هذه من 42 بالفصل املذكورة الوسائل بإحدى الثلب مرتكب دينار

الذي طرح يف تلك الفرتة كان يدور حول كيفية إثبات الثلب خاصة وأنه مفهوم يتعلق بالحكومات

وكل شخص يتحمل مسؤولية عمومية مستمرة أو مؤقتة. وقد فرقت مجلة الصحافة يف ما بعد بني

الثلب والشتم. فالثلب هو كل نقد وتتبع لنشاط أعوان الدولة للتنبيه لترصفاتهم الالمرشوعة إذا

بالنسبة للشتم هو كل ما ينرشه الصحفي متوجها به للخواص يكون فيه ما ثبت صحة األخبار،

نقدا أو كشف لحقيقة وقد نص املرشع يف إطار مجلة الصحافة عىل معاقبة املعتدي بالشتم إذا مل

يكن االعتداء مسبوقا باستفزاز وهذا يعني أن الشتم الذي يأيت نتيجة استفزاز ال يستوجب العقاب

الوارد يف مجلة الصحافة وقد ترتاوح عقوبة الشتم ضد االفراد ما بني 16 يوم وشهرين سجنا يف حني

تصل عقوبة الشتم ضد هيئات الدولة وأعوانها إىل 3 أشهر ومبوجب تنقيح 2 أوت 1992 تم توحيد

العقوبة ترتاوح بني 16 يوم و 3 أشهر.

إىل جانب مختلف االحكام الواردة يف تنقيح مجلة الصحافة يف 2 أوت 1993 تم تنقيح الفصل 44

من املجلة إلضافة جرم جديد ميكن أن يرتكبه الصحفي يف حق االفراد وهو التحريض عىل التباغض

بني األديان والسكان ونرش أخبار قامئة عىل امليز العنرصي أو التطرف الديني.

ويتضح جليا أن مجلة الصحافة قد ركزت عىل حامية الحريات من خالل وضع الجانب الزجري يف

حالة ارتكاب الصحفي النتهاكات بالشتم يف حق املواطن أو املس بكرامتهم وكان حق الرد مكفول

حسب املجلة.

611 الفصل 52 من القانون عدد 32 لسنة 1975 املؤرخ يف 28 افريل 1975 و يتعلق بإصار مجلة الصحافة. نقح بالقانون االسايس عدد 43 لسنة

2001 املؤرخ يف 03 ماي 2001

Page 255: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

254

يف وقت الحق و بعد احداث 14 جانفي 2011 جاء املرسومان 116613-612115 متضمنان آلليات

تضمن أكرب هامش من الحرية للصحفي و قلص بذلك من التهم التي ميكن ان توجه له أثناء أدائه

بالهيئات باملس تتعلق أخرى وجرائم الدولة رئيس كرامة من النيل جرمية تم حذف إذ لعمله

العمومية وقد أقر املرسوم 115 يف الفصل عدد 57 »يعترب شتام كل عبارة تنال من الكرامة أو لفظة

احتقار أو سب ال تتضمن نسبة يشء معني، واالعتداء بالشتم بالوسائل املبينة بالفصل13 من هذا

املرسوم يعاقب مرتكبه بخطية من خمسامئة إىل ألف دينار مع اإلذن بنرش مقتطفات من الحكم

الصادر يف القضية عىل عدد الدورية املحكوم ضدها املوايل لتاريخ إعالمها بالحكم«614. هنا إقرار

ملرتكبيها من املالية بالعقوبة هنا املرشع واكتفى لكن و الشتم هو جرمية أن واضح و رصيح

التي كانت الرقابة الصحافة ويقلص من لحرية املجال واسعا يفتح أن الصحفيني وهو من شانه

املواطن فهو يعاقب كل من ينسب ينال من حقوق النص قد الصحفي لكن هذا مفروضة عىل

إىل األشخاص شيئا غري صحيح ينال من رشفهم واعتبارهم رشيطة أن يرتتب عن ذلك رضر شخيص

ومبارش للشخص املستهدف وهذا يعني أن النيل من الرشف غري كاف لتجريم الفعل ويتعني عىل

الفصل 13 من املرسوم 115 » ال تجوز الالحق به وذلك حسب ما ورد يف إثبات الرضر املترضر

مساءلة أي صحفي عىل رأي أو أفكار أو معلومات ينرشها طبقا ألعراف وأخالقيات املهنة كام ال تجوز مساءلته بسبب عمله إال إذا ثبت إخالله باألحكام الواردة بهذا املرسوم.«615

فإصدار مقال بعنوان » رفاق ابليس« ،«معرض العبدلية معرض الفواشل« أو التنصيص يف إطار

تغطية قضية الفتاة املغتصبة » فتاة وجدت متارس الرذيلة يف الطريق العام« يعد هذا من باب

اثبات الرضر يكمن يف كيفية القانون لكن اإلشكال الثلب والشتم والتشهري و هو فعل يجرمه

الحاصل من هذه املقاالت خاصة فيام يتعلق بالرضر املعنوي.

والحياة االنسان لكرامة الصحفي احرتام عىل رضورة الخامس فصله يف 116 املرسوم وينص

الخاصة، احرتام حرية املعتقد، حامية الطفولة بينام يأيت املرسوم 115 ليحدد لنا الجانب الجزايئ

والعقوبات املتأتية عن الشتم أو الثلب يف حيث يقر الفصل 65 »أنه يعترب ثلبا كل ادعاء أو نسبة

يشء غري صحيح بصورة علنية من شانه أن ينال من رشف أو اعتبار شخص معني يشرتط أن يرتتب

عن ذلك رضر شخيص ومبارش للشخص املستهدف«. وقد ذهب املرسوم إىل ابعد من ذلك إذ ينص

يف الفصل 50 عىل انه يعاقب كمشاركني يف ارتكاب ما ميكن أن يوصف بجنحة عىل معنى الفصل

612 مرسوم عدد 115 لسنة 2011 املؤرخ يف 2 نوفمرب 2011 املتعلق بحرية الصحافة و الطباعة و النرش

613 مرسوم عدد 116 لسنة 2011 املؤرخ يف 2 نوفمرب 2011 املتعلق بحرية اإلتصال السمعي و البرصي و بإجداث هيئة عليا مستقلة لإلتصال

السمعي البرصي

614 الفصل 57 من املرسوم 115 لسنة 2011 املؤرخ يف 02 نوفمرب 2011 يتعلق بحرية الصحافة و الطباعة و النرش

615 الفصل 13 من املرسوم 115 لسنة 2011 املؤرخ يف 02 نوفمرب 2011 يتعلق بحرية الصحافة و الطباعة و النرش

Page 256: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

255

51 وما بعده من هذا املرسوم »كل من يحرض مبارشة شخصا أو عدة اشخاص عىل ارتكاب ما ذكر

مام يكون متبوعا بفعل وذلك إما بواسطة الخطب او االقوال أو التهديد يف االماكن العمومية وإما

بواسطة املطبوعات أو الصور أو املنقوشات أو الرموز أو بأي شكل من األشكال املكتوبة أو املصورة

املعروضة للبيع العموم...«

وهنا يحدد لنا وبوضح املرسوم األشكال و األجناس التي ميكن أن تحتوى انتهاكات مثل الثلب و

الشتم وقد صنفها إىل مطبوعات، صور و منقوشات ورموز وأي شكال من األشكال املكتوبة...و هذا

مهم جدا حيث ميكن لالنتهاك ان يأخذ أشكال أخرى غري الكتابة فيكون يف نرش صور شخصية و

أسامء و صفات.

ويذهب املرسوم 115 يف الفصل 52 إىل ذكر عقوبة األفعال املذكورة يف الفصل 50 حيث تصل

إىل السجن من عام إىل ثالث أعوام وبخطية من ألف إىل ألفي دينار كل من يدعو مبارشة بواسطة

وذلك السكان او االديان أو االجناس بني الكراهية إىل 50 الفصل يف املبينة الوسائل من وسيلة

بالتحريض عىل التمييز واستعامل الوسائل العدائية أو العنف أو نرش افكار قامئة عىل التمييز.

فكل تحريض عىل التمييز او العنف أو األفكار القامئة عىل العدائية بواسطة املطبوعات الصور

املنقوشات أو الرموز وأي االشكال املكتوبة أو املصورة يعترب مرتكبا لجنحة وقد خص املرسوم 115

هنا االنتهاكات املوجهة ضد املجموعات وهذا يحيلنا عىل قضية العبدلية حيث اتهم فنانيها بالكفر

ووقع التشهري بهم عىل أساس توجهاتهم وميوالتهم الفنية حيث يقول مقال صدر يف »الفجر نيوز«

» رسوم الخزى والعار تسللت لنا إىل الديار« وتعترب حادثة العبدلية و كيفية تعامل املوقع السالف

ذكره مثاال ميكن أن تطبق فيه االحكام التى جاءت يف الفصل 52 من املرسوم 115 حيث تم التشهري

بفناين العبدلية و نعتهم« بالفواشل« وكانت هنالك دعوى للعنف وللكراهية ضدهم ومنطقيا يرتتب

عىل هذا الترصف الذي يعد جرما مؤاخذة قانونية عىل معنى الفصل 50 من املرسوم.

و قد تعرض املرسوم 115 أيضا إىل التشهري والثلب املوجه ضد األشخاص حيث ينص الفصل 55

أنه يعترب »ثلبا كل ادعاء أو نسبة يشء غري صحيح بصورة علنية من شانه أن ينال من رشف أو اعتبار

شخص معني برشط أن يرتتب عن ذلك رضر شخيص ومبارش« كام ينص يف الفصل 57 انه »تعترب

شتام كل عبارة تنال من الكرامة أو لفظة احتقار أو سب تتضمن نسبة يشء معني واالعتداء بالشتم

بالوسائل املبينة بالفصل 50 من هذا املرسوم يعاقب مرتكبه بخطية من خمسامئة إىل ألف دينار

مع اإلذن بنرش مقتطفات من الحكم الصادر يف القضية عىل عدد من الدوريات املحكوم ضدها و

ذلك يف التاريخ املوايل للترصيح بالحكم. فكل تشهري او ادعاء غري صحيح هو فعل مجرم اعتامدا

Page 257: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

256

عىل املرسوم الذي تدرج يف العقوبة الناجمة عن هذه السلوكيات من حق الرد ) الفصل 40( إىل

التي ميكن ان ترتاوح ما بني عام إىل ثالثة أعوام السجن الفصل 57( إىل عقوبة ( املالية الخطية

مرفوقة بخطية من ثالث إىل خمسة أالف دينارا وهي املنصوص عليها بالفصل )60( واملتعلقة بنقل

معلومات عن جرائم االغتصاب او التحرش الجنيس ضد القرص بأي وسيلة كانت متعمدا ذكر اسم

الضحية أو ترسب أية معلومات قد تسمح بالتعرف عليها.

أثناء الصحفي فيها يقع ان التي ميكن املرسوم 115 يف تفصيل مواطن االخالالت لقد أطنب

تناوله لقضايا متصلة باألشخاص أو باملجموعات فيام تعلق بحياتهم الخاصة وبحرياتهم )معتقدات،

دين، ميوالت، عرق( وفصل بكل دقة العقوبات الناجمة يف حال تواجد كل عوامل االخالل، لكن

االشكال يطرح يف مستوى العالقة القامئة ما بني النظري و التطبيقي أي بني النص القانوين املوجود

واملامرسات الفعلية امليدانية فتطبيق فصول هذا القانون كانت جد محتشمة إذ جدت العديد من

الفصول عىل غرار الخاصة لكن مل يقع تطبيق التي مست األفراد يف حرياتهم و حياتهم القضايا

قضية الفتاة التى إتهمت بخدش الحياء، معرض العبدلية و قضايا النقاب... و من جهة اخرى جاءت

نصوص هذا املرسوم املتعلقة بالجانب الزجري يف حاالت االخالالت الصحفية مناهضة لحرية التعبري

و حرية الصحافة فكانت أحكامها ال تتجاوز الخطايا و هذا من شأنه ان يجعل الصحفي يف بعض

االحيان مييض يف االخالالت عن قصد أو عن غري قصد و قد تغافل هذا املرسوم أيضا عىل ذكر االعالم

االلكرتوين بصفة رصيحة الذي بات خارجا عن نطاق كل النصوص املنظمة لقطاع االعالم.

و نشري هنا أن املرسوم 116 جاء لبعث هيئة تهتم بالشأن االعالمي من حيث املراقبة و السهر

لالتصال املستقلة العليا الهيئة هي و الشؤون تسيري و االخالل حاالت يف القانون تطبيق عىل

لتتأكد من مرئية او كانت الصحفية سمعية املادة الهيئة مبراقبة تقوم هذه و البرصي السمعي

إحرتامها لكرامة االفراد و حرمة حياتهم الشخصية و حرياتهم وقد وضعت الهيئة كراس رشوط

مستغيل و الجدد املرتشحني املساواة قدم عىل تضع التي واالقتصادية األخالقية القواعد لضبط

الرتاخيص القدامى يف البث االذاعي و التلفزي.

و قد تحركت الهيئة يف إطار مبارشتها ملهامها عىل إثر بث حلقة يف الربنامج االجتامعي »عندي ما

نقلك« عل قناة التونسية و قامت مبنع بث الربنامج ملدة شهر و خطية مالية بقيمة 200 الف دينارا

كإجراء زجري إثر تقييمها ملحتوى هاته الحلقة من الربنامج عىل انها مست بالحياة الخاصة و كرامة

االنسان كام قامت بإيقاف برنامج »كاميكاز« عىل قناة الجنوبية ملدة شهر و ذلك بعد إستامعها

للمثل القانوين للقناة و مقدم الربنامج و ذلك عن إثر بثهم لحلقة تم فيها تصوير أفراد دون إرادتهم

و املس من حياتهم الخاصة. بالتايل هل يكفي وجود النص القانوين لنقول ان الصحفي ميكن أن

Page 258: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

257

يحرتم األشخاص يف حياتهم الخاصة وحرياتهم أم انه وجب االمتداد إىل نصوص أخرى تكون ذات

صبغة أخالقية نابعة من ذات الصحفي نفسه مثل ميثاق رشف املهنة.

• 2 • ميثاق رشف املهنة:

عند تصفحنا مليثاق رشف املهنة الصحفية بتونس الحظنا تغافله بصفة كلية عن الذكر أو االشارة

إىل رضورة إحرتام الصحفي لكرامة األفراد وعدم التشهري بهم وحفظ حياتهم الخاصة يف إطار القيام

بتغطيته لالحداث.

وقد قسم ميثاق الرشف إىل ثالث أبواب أولها ينظم عالقة الصحفي باألخر أي القارء والجمهور،

مؤسسات الدولة واملجتمع املدين، ثانيها تنظيم كل ما له صلة بكل ما هو مصدر وحرفية ومهنية

الحريات التطرق لحامية انه مل يتم وثالثهم ينظم عالقة الصحفي بزمالئه وهنا ميكن أن نشري

والحياة الخاصة لألفراد وكرامتهم يف أي باب من األبواب وهذا يعد من النقائص.

لذا اقرتحت للفدرالية الدولية للصحفيني بندا وقع تبنيه يف املؤمتر الثاين يف أفريل 1954 وتم

تعديله يف املؤمتر الثامن للفدرالية يف جويلية 1986616 والذي ينص عىل أن الصحفي من واجبه أن

يتجنب خطر التمييز الذي تعرضه وسائل االعالم وعليه بذل ما يف وسعه لتفادي التميز يف أعامله

الصحفية املبني عىل أساس العرق، الجنس، التوجه الجنيس، اللغة الدين، السياسة أو اآلراء و األفكار.

ملا يجب عىل تحديده الدقة يف قليل عاما يف صياغته ما نوعا البند جاء ان هذا و نشري هنا

الصحفي عدم القيام به حيث اشار البند إىل ما يجب ان يتجنبه الصحفي و مل تكن الصياغة يف

إطار املنع املبارش و هذا كفيل بأن يرتك املجال لإلنتهاكات الصحفية هذا من جهة و من جهة أخرى

جاء هذا النص منقوصا حيث تكلم بحرصية عن التمييز و أغفل حق األفراد يف حفظ رسية الحياة

الخاصة و حفظ الكرامة و حامية الطفولة. لكن رغم هذه النقائص إال ان هذا البند مل يتم تبنيه و

مل يدرج يف ميثاق رشف املهنة الصحفية يف تونس.

بالحريات اإلعالم عالقة طبيعة عىل لرتكز أوروبية و عربية مواثيق عدة جاءت املقابل يف

يف اآلخر احرتام لكن يف حدود الحقوق من التعبري حق حرية ان منها إميانا تضبط حدودها و

خصوصياته و كرامته عىل غرار ميثاق رشف الصحفيني يف اململكة األردنية الذي ينص بصفة رصيحة

ومبارشة عىل حامية الحريات و االفراد يف عالقتها باإلعالم.

مكاسب للحصول عىل املهنة »استغالل الصحفي امليثاق عىل هذا من خالل مينع أنه حيث

باملسؤولية الشخيص وااللتزام السب والقدح والتجريم شخصية بدون وجه حق وتجنب عبارات

http://www.ayamm.org 616 ميثاق رشف الفيدرالية الدولية للصحفيني

Page 259: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

258

الوطنية دون شطط أو ابتذال ..« 617ويذهب يف بند اخر بأكرث دقة يف تحديد عالقة الصحفي باألفراد

حيث يقر أنه يجب عىل الصحفي » ... االبتعاد عن االثارة يف نرش أخبار الجرائم والفضائح وعدم

العائالت و االرس العامة واحرتام سمعة املنافية لالخالق واالداب والصور واملقاالت التقارير نرش

باعتبارها الفردية الحريات باملواطنني« وهي نقاط متس جوهر الخاصة الجبائية واألفراد واألمور

تحمي األفراد يف إطار حيا تهم الخاصة وترصفاتهم وسلوكاتهم.

أما بالنسبة مليثاق او بيان جمعية رؤساء تحرير الصحف األمريكية نجدها تقر يف املادة السادسة

يف باب »كتابة القصة الخربية بإنصاف«، انه يجب عىل الصحفيني أن يحرتموا حقوق األشخاص الذين

لهم عالقة باألخبار، وأن يراعوا املعايري املشرتكة لألمانة والرشف، وأن يكونوا مسؤولني أمام الجمهور

عن عدالة تقاريرهم اإلخبارية ودقتها.

فحق الفرد يف االنصاف والخصوصية عند كتابة الخرب الصحفي هي اكرث النقاط التي وقع الرتكيز

عليها نظرا ملا متثله هذه املبادئ من أهمية يف حقوق االنسان والحريات الفردية وقد اكد عىل ذلك

أيضا ميثاق رشف النقابة الوطنية للصحفيني بالجمهورية الفرنسية )SNJ( إذ أقر بكون الصحفي

ملزم باحرتام كرامة األفراد وبراءتهم يأيت عىل ذلك يف البند املوايل ليتكلم بأكرث تفصيال حيث يقر

بأن »الصحفي من واجبه أيضا أن يتحىل بالفكر النقدي، املحايد، الدقيق، العادل و يتجرد عن اسناد

التثبت من الصنرصة وعدم االكاذيب واالبتزاز، الصور واختالق الحقائق وتحوير تزييف التهم و

االحداث«618.

و قد يعد إحرتام هذه املبادئ ركيزة أساسية تنبني عليها املهنة الصحفية و اإلعالم الحر و املسؤول

وهو ما من شانه ان يجعل من الصحفي أكرث حرفية ، ونظرا ألهمية هذه املبادئ فقد وضعت يف

أول ميثاق النقابة الوطنية للصحفيني)SNJ( وذلك إميانا من النقابة بقيمة الفرد و إحرتام حرياته

وحقوقه فالصحفي يف خدمة الفرد حيث نجد يف توطئة امليثاق أن مسؤولية الصحفي تجاه الفرد،

بإعطائه معلومة ذات جودة، مكتملة حرة وتعددية تأيت فوق كل إعتبار.

لكن هذا ال مينع ان نذكر يف املقابل ان النقابة الوطنية للصحفيني التونسيني ال تتواىن يف كل

مناسبة عن إصدار التقارير و البيانات تدين فيها االنتهاكات إما الصادرة من وسائل اإلعالم أو تلك

املسلطة عليهم و هذا من شأنه أن ميلئ الفراغ املوجود يف ميثاق الرشف أيضا التقارير الشهرية

التي يصدرها مركز تونس لحرية الصحافة و التي تتعلق برصد االنتهاكات الحاصلة يف قطاع اإلعالم

كل هذه األعامل من شأنها أن تدعم حرية الصحافة و تبني إلعالم حر مستقل محايد يبحث عن

http://www.ayamm.org/arabic/Media%20codes.htm 617 ميثاق رشف الصحفيني االردنيني

http://www.snj.fr/spip.php?rubrique58 618

Page 260: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

259

الحقيقة و يحمي االفراد يف حياتهم الخاصة.

يظهر جليا أن الحريات الفردية يف اإلعالم أاللكرتوين وجدت حظها مع النصوص القانونية التي

أنصفتها من مجلة الصحافة التي كانت صارمة يف باب العقوبات يف كل ما تعلق بالشتم أو التشهري

والثلب إىل املرسوم 115 الذي حذا حذو مجلة الصحافة وذهب لرسم حدود الصحفي عىل مستوى

عدة نقاط تضبط عالقته باألفراد من احرتام لحياتهم الخاصة وكرامتهم و يأيت ذلك يف ظل سكوت و

تغافل ميثاق رشف املهنة الصحفية التونسية عن هذه النقاط األساسية التي تنظم عالقة للصحفي

باألفراد.

اخلامتةمن خالل املسح الذي قمنا به و تحليل املحتوى الذي شمل 45 مادة توصلنا إىل عدة مالحظات

و إستنتاجات )و يجب أن نشري أن مالحظاتنا هذه ماهي إال نسبية و ال تعد اكرث من عملية وضع

االصبع او تكبري لتفاصيل و دالالت قد ال تظهر للعيان وقد مير عليها الصحفي دون التفطن ملا ميكن

ان ينجر عنها.( اتضح لنا أن الصحافة االلكرتونية تشكو يف عالقتها بالحريات الفردية ضبابية حيث

مل نجد ذلك الوضوح و الدقة من طرف الصحفيني عند تناولهم ملثل هذه القضايا و هذا قد يعود

لعدة اسباب أولها ان الصحفي مل يتمكن من التمييز بني قضايا الحريات الفردية عن غريها نظرا إما

لعدم إملامه أو لتجاهل مقصود فتعامله معها كان جد سطحي مبني عىل النفعية يف تحقيقه ألكرب

نسبة من القراء حيث الحظنا يف بعض االحيان عناوين تشهريية و صور ال عالقة لها بالخرب و القضية

املعالجة. سيطرة األخبار املوجزة يف التغطية و ذلك يف إطار تغطيته لقضايا اتصلت بحرية التعبري،

بحرية التنقل والحرمة الجسدية وحرية اللباس.

وهذا يتطلب تجردا من كل ما هو ذايت وإبتعاد عن ردات الفعل و من املحبذ أن يكون الفعل

الصحفي عقالين و تناوله للقضايا مبني عىل حجج و براهني و مصادر موثوق منها و خاصة تجنب

املهنة الصحفية ومن الرضوري البعد عن ماهية إصدار االحكام يف حق االفراد إذ هذا بعيد كل

أيضا إالملام مببادئ منظومة حقوق اإلنسان يف كونيتها و الحريات الفردية كباب رئييس يؤثث هذه

املنظومة بالتايل يدعم الصحفي قدراته املعرفية يف مادة حقوق اإلنسان ويطور كيفية الكتابة لها و

هي تلك القضايا التي تتطلب من الحس والفطنة و خاصة اإلميان بالحريات كقيمة كونية و شمولية.

كام أنه من الرضوري مراجعة ميثاق الرشف يف الصحافة التونسية حيث سجلنا غياب كيل لحامية

Page 261: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

260

األفراد، كرامتهم، حياتهم الشخصية يف إطار العالقة بني األفراد واالعالم يف إطار مقارن مع مواثيق

اخرى و قد سجلت الساحة االعالمية بادرة جد طيبة يف هذا الخصوص و ذلك بإنشاء مدونة سلوك

يف وكالة تونس افريقيا لالنباء و هي و ثيقة تضبط متطلبات العمل الصحفي يف وكاالت االنباء و

املدين املجتمع السياسيني، الفاعليني السلط، تعامله مع الصحفي صلبها يف العمل تحدد عالقات

باملوضوعية بالحياد التحريري بالخط الصحفي يلتزم السلوك املعلومة. و طبقا ملدونة و مصادر

االستقاللية ورضورة تقديم الرأي و الرأي األخر. يف املقابل نجد ميثاق الرشف املغريب الذي يدور

الحقيقة عىل والبحث باالحرتام مطالب الصحفي فيها يكون أساسية محاور ثالثة حول محتواه

السلطة السياسيني و ممثيل لإلفراد مبا يف ذلك الخاصة الحياة االجتامعية و حامية باملسؤولية ،

املعرضني للثلب وهنا جاء التنصيص واضح و رصيح يف ما يتعلق بحامية الحياة الخاصة أي مبعنى

ادق الحريات الخاصة و حقوق االنسان619.

ينظم قطاع الذي املرسوم 115 إىل ملغى الصحافة قانون مجلة أمام أنفسنا ولالشارة وجدنا

االعالم لكنه مل ينص يف أي من أبوابه بصفة رصيحة يف ما يخص اإلعالم أاللكرتوين و هو ما يبقيه

رهن االجتهاد و التخمينات الحينية املرتبطة باالحداث و املستجدات و لتجنب الهفوات واألخطاء

والتجاوزات من املهم ان يوىل االهتامم التام للصحافة االلكرتونية خاصة لكرثة و جودها و تأثريها

عىل الرأي العام نظرا لسهولة الحصول عليها. ولكن دستور 2014 جاء بعدة نصوص ضامنة للحريات

»املواطنون الحريات باب يف 20 الفصل يف رصاحة بكل ذلك عىل نص قد و العامة و الفردية

واملواطنات متساوون يف الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غري متييز. تضمن الدولة

للمواطنني واملواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم«. و

يعترب هذا مكسبا دستوريا يكتمل بدعمه لحرية الرأي و الفكر و التعبري و النرش و الحق يف النفاذ

للمعلومة يف الفصليني 30 و 31620.

620 دستور الجمهورية التونسية 26 جانفي 2014. الرائد الرسمي عدد 10 بتاريخ 04 فيفري 2014 ص331

Page 262: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

261

املراجع

- املجلة التونسية لعلوم اإلتصال - العدد 25 جانفي- جوان -1994

عرضة االكرث للفئات للوصول السبل افضل حول التشاورية باالجتامعات الخاصة االبحاث -لإلصابة بااليدز يف الدول العربية. الجزء الثاين. االبحاث الخاصة بالقانون و االعالم.

- واقع الحريات الفردية يف تونس التقرير التجريبي جانفي/جويلية 2013 . الجمعية التونسية http://www.adlitn.org/fr .للدفاع عن الحريات الفردية

- دراسة حول تطور وسائل االعالم يف تونس افريل/ سبتمرب 2012. منظمة االمم املتحدة للرتبية و العلوم و الثقافة.

و املتقدمة الصحف يف الخرب بني مقارنة دراسة زيد. ابو فاروق د. الصحفي« الخرب »فن -النامية، الخرب يف الصحف املحافظة و الشعبية، الخرب يف الصحف و الراديو و التلفزيون. املبحث

األول الفصل الخامس الصفحة 213. الطبعة الثانية. عامل الكتب 1992

- الهياكل الرسمية لحقوق اإلنسان تونس 2013. د. وحيد الفرشييش، مبساهمة منية عامر و تقديم امني غايل .منشورات مركز الكواكبي للتحوالت الدميقراطية.) دراسة و مالحق(

الهيئة الوطنية الصالح االعالم: التقرير العام افريل 2012.

- مرسوم عدد 115 لسنة 2011 املؤرخ يف 2 نوفمرب 2011 املتعلق بحرية الصحافة و الطباعة و النرش.

- الرائد الرسمي عدد 84 بتاريخ 2011-11-04 ص 2559

فيفري 04 بتاريخ 10 عدد الرسمي الرائد .2014 جانفي 26 التونسية الجمهورية دستور -2014 ص331

- مرسوم عدد 116 لسنة 2011 املؤرخ يف 2 نوفمرب 2011 املتعلق بحرية اإلتصال السمعي و البرصي و بإجداث هيئة عليا مستقلة لإلتصال السمعي البرصي. الرائد الرسمي عدد 84 بتاريخ

2011-11-04 ص 2568

http://droitdesmedias-hamdanemohamed.blogspot.com

http://www.snj.fr ميثاق رشف الصحافة الفرنسية

http://www.ayamm.org ميثاق رشف الفيدرالية الولية للصحفيني

http://www.ayamm.org االردنيني ميثاق رشف الصحفيني

media-diversity.org ميثاق رشف الصحافة املغربية

http://www.ahewar.org

Page 263: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

التقرير التأليفي

جنان اإلمام

Page 264: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

263

جنان اإلمام

قانون اختصاص بتونس، واالجتامعية والسياسية القانونية العلوم بكلية عايل تعليم مساعدة

عام. وهي عضوة بالجمعية التونسية للدراسات السياسية والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات

الدميقراطي الحكم اشكاليات حول البحثية وموضوعاتها الرئيسية اهتامماتها وتتمحور الفردية.

وحقوق االنسان واملساواة بني الجنسني.

من أهم منشوراتها :

- اتفاق الرشاكة بني االتحاد األورويب وتونس والعملية الدميقراطية يف تونس.، الحوار بني الثقافات

واملواطنة، تحت ارشاف بيرت سويرب، مركز البحوث والتوثيق األورويب، مالطا، 2004.

الربملانية، تونس، 2010. -»مل يحن بعد البحوث والدراسات التنظيم اإلداري يف تونس، مركز -

فصل الربيع للنساء يف تونس« ، الجمعية التونسية للدراسات السياسية ، الثورة املضادة، 2013.

عملت كمستشارة لدى برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ - تونس يف اطار »برنامج املسار التأسييس

والربملاين يف تونس« )2013-2012( ولدى املركز الدويل للتنمية املحلية والحكم الرشيد – املكتب

اإلقليمي لوكالة التعاون الدويل لجمعية البلديات الهولندية )CILG/VNGi( يف اطار تنفيذ مرشوع

»تعزيز الحكم املحيل يف منطقة الرشق األوسط« )انطالقا من2012 إىل غاية اآلن(. يف ليبيا، عملت

يف للمرشحات االنتخابية »املساعدة مرشوع إطار يف اإلمنايئ املتحدة األمم لربنامج كمستشارة

القانون التأسيسية« و »سيادة العملية العام«)2012( ومرشوعي »دعم الوطني انتخابات املؤمتر

والوصول إىل العدالة« )2014(.

Page 265: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

264

مقدمةان محاولة تشخيص وضع الحريات الفردية يف تونس من خالل النصوص ويف بعدها التطبيقي

يطرح بإلحاح مدى نجاعة وفاعلية ضامنها. وتعترب هذه العملية فائقة األهمية يف الوقت الحارض

حيث تم وضع اللبنات األوىل ملنظومة دستورية جديدة سيستتبعها حتام مراجعة جذرية لكامل

املنظومة القانونية حتى تتامىش مع مقتضيات الدستور الجديد يف مجال حقوق االنسان.

عىل الرغم من أن حقوق االنسان والحريات الفردية والعامة عىل املستويني الداخيل والدويل

فيها املشككة االصوات تواصل فان البرشية الدول واملجتمعات قبل كل تتمتع بشبه اجامع من

واألفعال املنتهكة لها باسم الخصوصية الحضارية/الدينية من أخطر التحديات التي تواجهها منظومة

اال وبحرياته بالفرد يحيط الذي القدم يف املوغل التوجس هذا فهم ميكننا وال االنسان. حقوق

بالنبش يف التاريخ واستحضار للذاكرة الجامعية باالعتامد عىل مقاربة تتقاطع فيها األزمنة وتتشابك

فيها زوايا النظر والتمحيص.

القانون الوضعي ان الخروج من هذا املأزق الحضاري ليس باليسري ولكن يعد التمسك بخيار

والدولة املدنية وباملنظومة الكونية لحقوق االنسان وباألسس التي تقوم عليها املدرسة الدستورية

الحديثة أفضل املنطلقات حتى ال نكون عىل هامش املسار التاريخي.

الفلسفية النظريات مختلف لدى التاريخ عرب كبريا حيزا الفردية الحريات قضية شغلت لقد

والسياسية، وتعاليم األديان وتداخلت عوامل كثرية منذ القدم يف عملية تطوير الحقوق والحريات

والتي تدور يف حلقة عالقة الفرد بالسلطة مبختلف أشكالها كام تضافرت جهود األمم إليجاد مرجعية

فكرية وثقافية لها والوقوف عىل موقع الحقوق الفردية يف اطارها.

وقد وردت الحقوق والحريات مبتدأ يف عهد االمان الصادر يف 1857 ودستور 1861، كام نص

عليها دستور دولة االستقالل لسنة 1959 وتعزز حيز الحرية مبقتىض دستور 2014 الذي يعد وليد

مرحلة مفصلية يف تاريخ تونس انطلقت اثر أزاحة الشعب للنظام االستبدادي.

يف البداية كان البحث عن املعنى ملفهوم الفرد والحريات الفردية والنبش يف املكنون الحضاري

لفهم السواكن يف عالقة املجموعة بالفرد. وألن املعاين تلبست صيغا ومضامني قانونية، كان من

املهم البحث يف املنظومة القانونية عن الحقوق و الحريات الفردية وتقييم نجاعتها. وألن االكتفاء

بالنصوص يعد متشيا منقوصا كان من الرضوري أن تشمل عملية التقييم خرب الحريات الفردية يف

التي متيز القضائية ومن خالل استجالء مختلف االشكاليات املامرسة التطبيقي من خالل بعدها

عالقة االعالم االلكرتوين بالحريات الفردية.

Page 266: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

265

صراع املرجعياتأوال: البدايات |

لقد قطعت منظومة حقوق االنسان عرب التاريخ مسرية طويلة ووعرة حتى تتشكل يف وضعها

الحايل ولكن ال زالت بعض الحريات وأساسا منها الفردية محل احرتاز ورفض وهو ما ميثل يف حقيقة

األمر رجع صدى ملنظومة فكرية وعقائدية موغلة يف القدم ال تعرتف بالفرد وبحقوقه.

وكان من الرضوري اذن الرجوع اىل البدايات- النصوص املؤسسة- لفهم موقع الفرد وماهية

حقوقه وحرياته.

ان اشكالية الفرد أو االنسان هي اليوم، عىل قدمها، يف صميم كل التجاذبات عالوة عىل أن طرحها

يف الوقت الراهن أمر ملح فهي متس مسائل أساسية كالهوية و القيم و الحرية.

وان كانت االجابات املقرتحة ال تدعي االملام بجميع جوانب املوضوع نظرا لتعقدها و تشعبها ,

فإن الخوض يف هذه املسألة بالذات كثرية املزالق. فمسألة الفرد شأنها يف ذلك شأن املسألة الدينية

أو مسألة القيم و القوانني و علم االجتامع و علم النفس و الفلسفة و حقوق االنسان , هي مرتبطة

أساسا بظروف و حيثيات انتاج و تدوين النصوص زد عىل ذلك مناخ الرصاعات السلطوية و تضارب

املنافع االنية.

وكان من املهم االنطالق بالنظر يف االصول العميقة للرتاث االنساين الهائل يف ما يسمى بالعامل

اختلفت فارس. منطقة حتى رشقا املمتد الخصيب الهالل أو املتوسط رشق منطقة أي القديم

النصوص القدمية يف املوضوع املتعلق مبنزلة االنسان ففي حني كان االنسان السومري عبدا مسخرا

لخدمة االلهة نجد االنسان البابيل أنكيدو الذي جسده جلجامش يف ملحمته يكدح و يشقى إليجاد

حل لقلقه الوجودي و يبحث بال هوادة عن رس الخلود بعيدا عن تدخل االلهة يف مسريته تلك و

يف املقابل صورت امليثولوجبا اإلغريقية االنسان عىل أنه بطل مأسوي يف مواجهة دامئة مع االقدار و

االلهة و هو مع ذلك مجرب عىل العمل لكسب قوته.

و تعود فكرة الشخص اىل املرحلتني اليونانية و الرومانية حيث ارتبطت يف أول عهدها مبجاالت

املرسح و التمثيل و يشري الشخص اىل القناع الذي يرتديه املمثل عند القيام بأدواره املرسحية. من

منظومة صياغة وابتدأت أفالطون مثل القدامى الفالسفة عند تتبلور الشخص فكرة بدأت هنا

التبلور. و مع ذلك ظلت فكرة الشخص محدودة حقوق األشخاص من خالل نصوص قانونية يف

Page 267: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

266

حيث مل يكن يعرتف للمرأة و العبد و االجنبي بصفة الشخص كام اصطبغ املفهوم بأبعاد عنرصية

قامئة عىل اعتبارات لغوية و حضارية.

يف الديانات التوحيدية، تبلور مفهوم الفرد حول عدد من املسلامت بأنه مسخر لعبادة الله و

اتباع تعاليمه و طاعته لنيل السعادة و الفوز. و قد كرمت االديان العبد املؤمن و منحته حقوقه

مقابل حقوق الله أما االنسان الخارج عن هذا الرابط املقدس فهو انسان بال حقوق مصريه عذاب

اآلخرة.

تبدو مسألة الفرد يف سائر الديانات التوحيدية من اليهودية اىل االسالم مرورا باملسيحية يف عالقة

دقيقة مع رؤية شمولية لإلنسان و التي يعرب عنها توجهني اثنني و هام الكونية و الخصوصية. و قد

تناولت الديانات الثالثة هذين التوجهني بصفة غلب عليها الخلط يف الكثري من جوانبها.

ففي حني ورد يف العديد من مقاطع كل من النصوص الثالث أفكار تأكد عىل كونية االنسان نجد

مقاطع أخرى تفند ذلك. اذ رسعان ما برزت يف الديانة اليهودية خصوصية ذات بعد اثني عنرصي و

متعصب بزعم أن بني ارسائيل هم شعب الله املختار و أنهم أبنائه و أحبائه دون غريهم من البرش

وقد الزم هذا املفهوم الفكر الديني اليهودي حتى اليوم. واستنبط املسيحيون ’عقيدة االستبدال’

)théologie de substitution( التي تجعل من عالقة الله مع املسيحيني بديال للعهد الذي قطعه

الله مع بني ارسائيل و صارت هذه الفكرة عقيدة راسخة يف الفكر املسيحي.

للناس‹ أخرجت أمة ›خري أنفسهم املسلمون يعترب اذ املوقف هذا من االسالم يستثنى مل و

ساحبني بذلك البساط تحت أرجل من سبقهم بل ذهبوا اىل أبعد من ذلك طارحني الدين االسالمي

دينا للبرشية جمعاء: ›ان الدين عند الله االسالم‹ .

و قد شغلت منزلة االنسان خاصة الفكر املسيحي الذي خاض طويال يف مسألة طبيعة املسيح و

من ثم دخل االنسان بوتقة مغلقة و تخبط بني هويته كانسان عاقل مفكر ذو ارادة و بني هويته

كفرد محدود بانتامء مجتمعي ثقايف و ديني يسطر له قيمه االخالقية. و ظل االنسان طويال عىل

هذا الحال ينساب ما بني الحرية و الجرب و املعرفة و الطاعة حتى مجيء عرص التنوير.

وقد تبلور املفهوم الحديث للشخص مع ديكارت الذي خاض تجربة الشك يف املعرفة الحسية

و غريها التي أدت به اىل نوع من الشك الجذري يف كل يشء. انتهى به هذا الشك اىل حقيقة أن

’أنا أفكر فأنا الذات و يعكس حقيقتها و أطلق مقولته املشهورة الذي يخص التفكري هو اليشء

موجود’ و تتحدد حقيقة االنسان كشخص يف نظر ديكارت يف طبيعة االنا املفكر الذي يتميز بأفعال

مختلفة ال متس من وحدته.

Page 268: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

267

وتزامنت هذه التوجهات الفكرية مع بروز االتجاه العلمي و االنجازات الفائقة التي أحرزتها

العلوم الطبيعية و التي أكدت تفوق االنسان الحديث. و يذهب العلم حاليا اىل تصنيف االنسان

كانسان واحد ال يتجزأ دون اعتبار لونه أو عرقه او ما شابه. وقد تدعم هذا التوجه باعالن املواثيق

باسم الجميع بها من معرتف املواثيق غري أن هذه إال الكونية االنسان املتعلقة بحقوق الدولية

الخصوصية الدينية التي تعتمد عىل مفهوم خاص وضيق لالنسان ومرتبة دونية للمرأة.

ان تصاعد الخطاب املعتد بالخصوصية الحضارية والذي مييز التيارات االسالمية ما هو اال امتداد

للنظام االديولوجي االرثودكيس السني و الذي فرض نفسه عىل أنه املمثل الوحيد للقيم االخالقية

و الدينية الصحيحة و أفىض عليه مسحة من القداسة لريتدع كل من تخول له نفسه املساس به أو

حتى مجرد النقاش فيه.

الوعي من يتجزأ ال جزء صارت و الشيعية االديولوجية النظم موازي بشكل تشكلت قد و

بالقرآن مستشهدين الحقيقة ميتلك من حول بينهم الرصاع احتد و منهم فريق لكل الجامعي

يسمى ما الينا ظروف تشكيل نقلت التي التاريخية الرؤى الحائط الحديث و ضارببني عرض و

بالرشعيات االوىل.

ثانيا. املنظومة الدولية حلقوق االنسان | تقتيض موقعة القانون التونيس للحريات الفردية ضمن اإلطار الكوين التعرض إىل أهم املواثيق

الدولية املنجزة يف اطار منظمة األمم املتحدة والتي صادقت عليها تونس وهي تعد بالتايل جزء ال

التونسية. كام أن انفتاح هذه الدراسة عىل القانون املقارن هدفه القانونية يتجزأ من املنظومة

االستنارة باملنظومات اإلقليمية والتجارب الوطنية األكرث اكتامال يف هذا املجال.

العرشين للقرن الثاين النصف بداية من تطورا متسارعا اإلنسان لحقوق الدويل القانون عرف

وقد أصبحت املنظومة الدولية لحقوق اإلنسان مصدرا ومرجعية قانونية ال ميكن للقوانني الوطنية

التغايض عنها. وقد متيزت الخمسني سنة األخرية بكرثة املواثيق الدولية وتعزيز الضامنات.

»بالحقوق املتحدة األمم شعوب إميان عن عرب الذي املتحدة األمم ميثاق مع البداية كانت

من حقوق كبريها وصغريها واألمم والنساء للرجال ومبا وقدره الفرد وبكرامة لإلنسان األساسية

متساوية«. ثم كان إصدار اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان يف 10 ديسمرب 1948 الذي ال قيمة قانونية

ملقتضياته فهو إطار عام لعمل الدولة وال تنجر عنه التزامات قانونية.

ومل تضح لحقوق اإلنسان قيمة قانونية إال مع استكامل بقية أجزاء هذه »الرشعة الدولية« عرب

تبني العهد الدويل الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية والربوتوكول االختياري امللحق

Page 269: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

268

التقدم بشكاوى بشأن الحقوق املنصوص عليها به يف ديسمرب 2008 والذي يتيح لألفراد إمكانية

بالعهد إىل لجنة الحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية وتبنيها يف نفس التاريخ )1966( للعهد

أول ميكن اختياري بروتوكول به ألحق قد والسياسية وهو عهد املدنية بالحقوق الخاص الدويل

اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان املنشأة مبقتضاه )التي حل محلها مجلس حقوق اإلنسان يف العام

أنهم يدعون الذين األفراد قبل من إليها املوجهة والشكايات الرسائل باستالم القيام من )2006

ضحايا أي انتهاك ألي حق من الحقوق املقررة بالعهد

صت لحقوق بعينها وقد اتصلت مبنع التمييز العنرصي، وقد تعددت الصكوك الدولية التي خص

منع الرق، حامية املسجونني واملحتجزين من قبل سلطات الدولة، االختفاء القرسي، منع التعذيب.

كام تنوعت الصكوك الدولية التي تعرضت إىل حقوق فئات خاصة أهمها ما يتعلق بالطفل واملرأة

واملعاقني بدنيا أو ذهنيا والالجئني.

أما عىل املستوى اإلقليمي، فال تكاد تخلو منطقة من مواثيق لضامن حقوق االنسان من أهمها

عموما اإلنسان حقوق حامية تتميز حيث اإلنسان حقوق مجال يف األورويب اإلقليمي القانون

والحريات الفردية بتطورها ونجاعتها فهي حامية يؤمنها قانون االتحاد األورويب عىل مستوى االتحاد

من خالل وميثاق الحقوق األساسية لالتحاد األورويب لسنة 2000 ناحية وحامية اتفاقية من ناحية

أخرى وهي الحامية التي توفرها االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان لسنة 1950.

اىل جانب تعدد النصوص الدولية واالقليمية يالحظ التوجه نحو تعزيز وحامية حقوق االنسان

من خالل تعدد الضامنات املؤسسية لهذه الحقوق عىل املستوى األممي واالقليمي. اذ يقوم نظام

لجان وسبع اإلنسان أهمها مجلس حقوق اآلليات من املجال عىل جملة املتحدة يف هذا األمم

منشأة مبوجب معاهدات حقوق اإلنسان ملتابعة تنفيذ بنود املعاهدات الدولية األساسية يف مجال

حقوق االنسان. كام تتميز املنظومة األوروبية لحامية حقوق اإلنسان برتكيزها أوىل املنظومات التي

أقرت حامية قضائية إقليمية لهذه الحقوق وميكن القول إنها الحامية األكرث فعالية إذا ما قارناها

مبختلف بقاع العامل من خالل املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان.

ومن املهم االشارة يف هذا الخصوص اىل أهمية التفاعل بني مختلف املنظومات القانونية الوطنية

القانون الحقوق والحريات. وقد مثل األورويب حيث ساهم ذلك يف تطوير الفضاء واالقليمية يف

الذاتية للفرد وللحقوق األملاين يف هذا املجال قاطرة يف هذا املضامر نظرا اليالئه ملكانة مركزية

الدولة وأعاملها منذورة لتحقيق رفاه اإلنسان ومصلحته والحفاظ عىل كرامته كام تحدد فوجود

هذه األهداف معنى املصلحة العامة الذي تعمل يف ظله اإلدارة والدولة عموما. وقد كرس فقه قضاء

املحكمة الدستورية الفدرالية هذه املعاين جاعال للحقوق قيمة فوق-قانونية إن مل نقل طبيعية.

Page 270: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

269

اشكاليات املضامني

تعني الحرية، حسب لسان العرب البن منظور، أساسا انتفاء أي إجبار أو إرغام أو ضغط يف اختيار

الفرد لسلوكه فهي يف الواقع تعني قدرة الفرد عىل التحديد الذايت لسلوكه الشخيص. و تعني كذلك

الصالحيات القانونية املعرتف بها للفرد يف مواجهة السلطة العامة والتي تخوله إمكانية إلزام السلطة

باالمتناع عن التعرض لبعض نواحي نشاطه املادي واملعنوي.

أمام غياب التعريف القانوين ملفهوم الحريات الفردية يف القوانني و يف فقه القضاء التونيس و نظرا

ألن املصطلحات متعددة و متنوعة يف هذا املجال فغالبا ما يقع استعامل مصطلح الحرية الفردية

أو كذلك الحرية الذاتية أو الحرية الشخصية و جب التوقف عند تعريف املفاهيم .

أو هي عىل اإلنسان بطريقة فردية أوال وقبل كل يشء حريات ميارسها الفردية هي الحريات

األقل تلك التي ال يفرتض يف مامرستها اإلطار الجامعي. فالحقوق الفردية هي حقوق الفرد برصف

النظر عن انتامئه االجتامعي وتختلف بذلك عن الحقوق الجامعية التي تهتم بحقوق فئة معينة

من املجتمع. وال يفوتنا أن نؤكد عىل أن حقوق الجامعة تتخذ يف العرص الحايل كوسيلة لدعم حقوق

الفرد فال يكون فصلها عنها إال فصال إجرائيا.

ة أن جميع الحريات لمر وتتخذ الحريات الفردية أبعاد ثالث. وتقوم الحريات الجسدية عىل مسر

بضامنات فرد لكل باالعرتاف إال يتحقق ال ما وهو جسده يف الشخص تحكم ملامرستها تفرتض

الحق يف ومبدإ الشخص وكرامة البرشية الذات باحرتام تتصل املبادئ من مترعرب جملة أساسية

السالمة الشخصية وحرمة الحياة الخاصة وحرية التنقل وحرية اختيار مكان اإلقامة.

والدين واإلعراب عنها التفكري والضمري ناحية مبدأ حرية فيعرب عنها من الفكرية أماالحريات

بالتعليم واملامرسة وإقامة الشعائر ومن ناحية أخرى مبدأ حرية الرأي والتعبري.

وأما الحريات العالئقية فتخص أساسا الحق يف امللكية والحق يف العمل وحرية اختياره وحرية

التجارة والصناعة.

ويتميز القانون التونيس بتكريسه لجملة من الحريات الفردية يف إطار فهم حقوقي كوين يؤكد

املنظومة يف متجذرة أصيلة مبادئ عىل ويؤسسها الحقوق من الصنف هذا خصوصيات عىل

القانونية منذ بداية تشكلها الحديث اذ تختص حقوق اإلنسان عموما والحريات الفردية عىل وجه

الخصوص بسامت مميزة أقرها القانون التونيس منذ عهد األمان وهي تعلق هذه الحريات بالذات

اإلنسانية واعتبارها حقوقا طبيعية تصل اىل مرتبة فوق دستورية.

وقد تضمن دستور 1959 يف الباب األول »أحكام عامة« بعض الفصول املتعلقة بالحريات الفردية

Page 271: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

270

والحريات )10 الفصل يف التنقل 9 وحرية الفصل يف مكوناتها كل الشخص يف )حرية الجسدية

الفردية الفكرية )حرية املعتقد الفصل 5( والحريات الفردية العالئقية.

وأضفى تنقيح الفصل الخامس يف 1 جوان 2002 عىل منظومة حقوق االنسان الصبغة الكونية

والبعد الشمويل.

التي تتداخل فيام التونيس من جملة من املبادئ األصيلة القانون الفردية يف وتنبثق الحريات

بينها وتتكامل إال أنه ميكن تقسيمها إىل ثالثة مبادئ أصيلة وتتمثل ومتجذرة يف املنظومة القانونية

الهادفة القواعد التأسيس ملختلف تم الثالث القيم والكرامة واملساواة. وعىل هذه الحرية وهي

لضامن الحريات الفردية يف هذه البالد مبا يجعل الحريات تكريسا لهذه القيم وبعضا من مظاهرها.

وتجدر املالحظة أن الترشيع للحريات الفردية مل ينحرص يف نص الدستور فحسب، بل ان هناك

عددا كبريا من القوانني التي جاءت عىل مر السنني لترشع لكل هذه الحقوق والحريات ولتفصل

فان والحريات الحقوق تعزيز اىل يؤدي مبا الترشيع جاء ولنئ مضمونها. من ولتحسن أحكامها

اضافة والوضوح االنسجام اىل بافتقادها اتسمت الفردية الحريات لبعض الترشيعية املقاربة

تبقى فهي القانونية املقاربة أهمية من الرغم وعىل املؤسسية. الضامنات ملجمل افتقادها اىل

نظرية استوجب مجابهتها بالواقع السيايس واالجتامعي الذي ترصف فيه هذه الحقوق. فقد تجعل

املامرسة السياسية الحريات مفعلة كام قد تنجح يف حرص مجالها يف نصوص القانون فتغدو بذلك

مجرد واجهة ترشيعية براقة ملامرسة سلطوية غاشمة كتلك التي رزحت تحت نريها البالد التونسية

طيلة عقود.

املسار أثناء الخالفية النقاط أهم بني من ومرجعياتها والحريات الحقوق دسرتة مثلت وقد

اإلنسان بالحذر من مرجعيات حقوق املجال الدستوري يف هذا املرشع اتسم عمل اذ التأسييس

الدولية مقابل تواتر اإلشارات إىل املرجعية الدينية يف التوطئة ويف منت الدستور باسم الخصوصية

الحضارية ويعزى ذلك اىل غلبة البعد املحافظ داخل املجلس التأسييس. و بقراءة الدستور الجديد

نالحظ التطور امللحوظ و العام للحقوق و الحريات مقارنة باملرشوع األوىل )6 أوت 2012(. وقد

املؤمنة املدين املجتمع نتيجة إسهامات وضغوطات متعددة مارستها مكونات التطور حصل هذا

بكونية حقوق االنسان و كان للحوار و اللقاءات و النقاشات حول كل حق و كل حرية صداها يف

فصول الدستور. هذا التأثري ال حظناه عىل جميع املستويات:

أوال من حيث اإلطار العام الذي تكرس يف إطاره الحريات الفردية اذ أن الدستور التونيس الجديد

حقوق مبنظومة و 21 الفصل دستوري صلب كمفهوم الفردية« بالحريات « بشكل رصيح يقر

االنسان يف بعدها الكوين و الشامل و مبدنية الدولة.

Page 272: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

271

هذا الكسب الهام ال يجب أن يحجب عنا أن الدستور التونيس مل يحسم بوضوح مسألة عالقة

الدولة املدنية باالبعاد الدينية املنصوص عليها يف الدستور.فاإلشارات الدينية سواء يف توطئة الدستور

أو يف مختلف فصوله هي عديدة و بإمكانها أن تؤدي إىل تضارب مع مفهوم مدنية الدولة.

ثانيا بإقراره لعديد من الحريات الفردية التي ميكن أن نصنفها إىل حريات ذهنية وفكرية مثل

حرية الضمري و الحريات الدينية و حرية الرأي و الفكر و التعبري واالبداع وحريات أخرى تتعلق

بالحياة الخاصة للفرد واملضمنة يف الفصل 24 بوصفها كتلة حريات لصيقة بالفرد بفضائه الخاص أي

حميميته وباملعلومات واملعطيات املتعلقة به سواء املوجهة إليه أو التي يتم الحصول عليها بدون

علمه اضافة اىل عدد من الحريات سبق وجودها يف دستور 1959 ) حرية املراسالت، حرمة املسكن،

حامية املعطيات الشخصية(.

هذا باالضافة اىل بعض الحريات التي ميكن أن نصنفها يف إطار االختيارات املادية الجغرافية للفرد

مثل الحرية يف اختيار مقر االقامة و يف التنقل داخل الوطن والحق يف مغادرته.

بالرغم من احتواء نص الدستور عىل مجموعة كربى من الحقوق ومن الحريات الفردية إال أن

نص الدستور قد غابت عنه مجموعة أخرى من الحريات اللصيقة بالفرد أهمها االختيار الحر ويعزى

ذلك باالساس اىل غلبة البعد املحافظ داخل املجلس. وتشمل هذه الحرية األساسية حرية اختيار

، الحق يف إختيار امللبس و املظهر و الحياة و حرية تأسيس أرسة و تحديد عدد أفرادها رشيك

الحق يف االختالف. ثالثا تضمن دستور 2014 فصال جامعا ملختلف الحدود والضوابط عىل مامرسة

الحريات )الفصل 49(.

وتتمثل هذه القيود يف عدم امكانية الحد من الحقوق و الحريات و مامرستها إال مبقتىض »قانون«

اضافة اىل مبدأي الرضورة والتناسب. وعىل الرغم من أهمية هذه الضامنات ، فإن تعداد العنارص

التي ميكن اعتامدها لتحديد الحقوق و الحريات و مامرستها من حقوق الغري و مقتضيات األمن

الباب الحقا العامة ميكن أن يؤدي إىل فتح العامة أو اآلداب الدفاع الوطني أو الصحة العام و

للنيل من الحقوق و الحريات ذلك أن هذه املفاهيم املطاطية » كاألمن العام و الدفاع واآلداب ...

ميكن تطويعها و التوسع فيها لجعلها اداة لرضب الحريات الفردية.

من الحريات و الحقوق حامية حاولت التي الضامنات من مجموعة الدستور تضمن رابعا

ناحية بإكسائها منزلة قانونية سامية ) فوق دستورية( و جعل الدولة الضامن لحامية مامرستها و

تكليف الهيئات القضائية بحاميتها إىل جانب إحداث هيئات مستقلة صلب الباب السادس بإمكانها

املساهمة يف هذه الحامية. ان أهمية هذه الضامنات االجرائية واملؤسسية للحريات الفردية ال يجب

أن تحجب عنا الكم الهائل للتحديات، اذ أن تطبيق نص الدستور فيام يتعلق بالحريات الفردية

Page 273: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

272

وتأويلها سيطرح العديد من الصعوبات كام أن تشكيل األجهزة الرقابية وعملها سيتأثر بشكل كبري

باملناخ السيايس الذي ستفرزه انتخابات 26 أكتوبر 2014.

القايض والحريات الفردية

تجدر االشارة يف البداية اىل أهمية الحكم االستعجايل الصادر عن محكمة االستئناف بتونس يف

5 فيفري 2013 من حيث تدعيمه لدور القايض بوصفه حامي الحريات. فعىل الرغم من غياب

النص استندت املحكمة عىل العمل بدستور1959 الغاء باعتبار للحقوق والحريات مرجعية عليا

الدستوري معتربة أنه يبقى نافذا يف أحكامه الضامنة للحقوق والحريات األساسية لكونها غري قابلة

بطبيعتها لإللغاء، وهو ما يجعلها حقوقا طبيعية تكتفي النصوص بإثباتها وال تضعها وضعا.

وأن الحرية »األصل أن يعترب اإلدارية للمحكمة ثابت قضاء فقه مع تواصل النظرة يف هذه

الفهم هذا ويؤدي األشياء. يف أصل هو ما إلغاء ميكن فال وبالتايل اإلستثناء« هو منها التضييق

بعدم أو بعدم وجود دستور تتأثر أحكاما فوق دستورية ال الحقوق والحريات أحكام إىل جعل

التنصيص عليها صلب الدساتري.

إىل االنتهاكات من الحريات و الحقوق مهمة حامية 2014 لسنة الجديد الدستور أوكل وقد

الهيئات القضائية صلب الفصل 49 و الفصل 102.

اإلجراءات مجلة تنص و الفردية. الحريات يف بالنظر دراجاته مبختلف العديل القضاء يختص

الجزائية يف القسم الرابع املتعلق بالبطاقات القضائية يف الفصل 83 يف فقرته الثانية عىل أنه »

الفردية من اختصاص بالحرية البطاقة أو مبدى مساسها البت يف كل نزاع يتعلق مبوضوع يكون

القضاء العديل وحده« . و يستنتج من أحكام املجلة الجزائية أن املحاكم الجزائية هي التي تنظر

يف جرائم االعتداء عىل الحرية الذاتية من طرف الخواص أو أعوان السلطة العمومية و كذلك يف

االعتداء عىل السالمة البدنية و حرمة املسكن....

فقه انتهاج وعدم بالتذبذب موقفها اتسام يالحظ التعقيب محكمة قرارات املتأمل يف ولكن

قضاء موحد تجاه العديد من الحريات الفردية . ففيام عدى حامية الحرية الذاتية ال يوجد فقه

قضاء واضح املعامل بخصوص حرية املعتقد و حق الوالء عىل الجسد وحامية حرمة املسكن كذلك

بخصوص الجرائم األخالقية التي كرسها املرشع.

و لهذا التذبذب أثر سلبي عىل حامية الحريات الفردية خاصة أمام انتهاج محكمة التعقيب

يف العديد من القرارات للتأويل املحافظ للنص القانوين و هو ما يجعل منها غالبا محكمة تضيق

من الحريات الفردية بدل حاميتها. وبالرغم من التقدم الحاصل يف بعض قرارات محكمة التعقيب

Page 274: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

273

فيام يتعلق بحرية املعتقد من خالل عالقتها بالحق يف املرياث و بحرية الزواج فان ذلك ال ينم عن

توجه مبديئ ومستقر يف حامية الحريات الفردية اذ ال تزال عالقة بني قراءات متضاربة تعتمد تارة

يف مرجعياتها القواعد الدستورية و املعاهدات الدولية وطورا الفقه اإلسالمي.

من جهتها لعبت املحكمة اإلدارية دورا هاما يف حامية الحريات الفردية من تعسف اإلدارة و

اعتدائها اذ لطاملا كانت اإلدارة يف تونس مسؤولة عىل اخرتاقات جسيمة للحريات الفردية وهو ما

ولد فقها قضائيا هاما يخص العديد من الحريات الفردية خاصة منها حرية التنقل داخل البالد و

خارجها و حرية اختيار املسكن و االقامة و حرية اختيار اللباس و املعتقد و حرية الرأي و التعبري

و النرش و حرية التجارة والصناعة.

لقد سعى القايض اإلداري إىل التأكيد عىل أن الحرية الفردية متثل املبدأ وأن التقييد منها ال يعدو

الحد أبرزها أن يكون هذا تأويال ضيقا وفق رشوط محددة لعل تأويله استثناء وجب أن يكون

خدمة للصالح العام أو املرفق العمومي.

اإلعالم اإللكرتوين والحريات الفردية

ان التعرض لواقع الحريات الفردية من خالل واقع اإلعالم اإللكرتوين يف تونس يثري مسألة شديدة

الدقة وذلك بالنظر اىل أهمية الصحافة االلكرتونية باعتبار أنها تخلق حالة من الجدل بني الجمهور

و تؤثر كثريا يف القضايا العامة وعىل الرأي العام بصفة أرسع من الصحافة التقليدية أي الورقية.

تشري عملية رصد تغطية بعض املواقع اإللكرتونية كموقع »التونسية, »الفجر نيوز« و«كابيتليس«

ألحداث و مواضيع شدت االنتباه عىل غرار حادثة االغتصاب التي تعرضت لها الفتاة »مريم« من

طرف أعوان األمن و تهمة خدش الحياء التي وجهت لها، ومسألة النقاب يف الفضاءات العامة و

حادثة العبدلية إىل وقوع العديد من التجاوزات.

ويبدو جليا أن الصحافة االلكرتونية تشكو يف عالقتها بالحريات الفردية ضبابية حيث مل نجد ذلك

الوضوح و الدقة من طرف الصحفيني عند تناولهم ملثل هذه القضايا وقد يرجع ذلك لعدة اسباب

أولها ان الصحفي مل يتمكن من التمييز بني قضايا الحريات الفردية عن غريها نظرا إما لعدم إملامه أو

لتجاهل مقصود فتعامله معها كان جد سطحي مبني عىل النفعية يف تحقيقه ألكرب نسبة من القراء

حيث الحظنا يف بعض االحيان عناوين تشهريية و صور ال عالقة لها بالخرب و القضية املعالجة اضافة

اىل سيطرة األخبار املوجزة والسطحية لتغطيته قضايا اتصلت بحرية التعبري، بحرية التنقل والحرمة

بقوة منها وحرض موثوق املصادر و الرباهني و والحجج التجرد فغاب اللباس. وحرية الجسدية

إصدار االحكام يف حق االفراد وهو بعيد كل البعد عن ماهية املهنة الصحفية. كل هذه املظاهر تبني

Page 275: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

274

مدى أهمية املام الصحفي مببادئ منظومة حقوق اإلنسان يف كونيتها و شموليتها وترابطها وتطوير

قدراته ومهاراته حتى يكتسب الحرفية املطلوبة لتناول مثل هذه القضايا الحساسة.

أما عىل املستوى القانوين، فقد جاءت النصوص املنظمة لقطاع اإلعالم يف تعاملها مع الحريات

واحرتام الذات البرشية وحفظ الكرامة اإلنسانية جد رصيحة منها النصوص ذات القيمة القانونية

و أخرى ذات القيمة األخالقية. ويتضح جليا أن مجلة الصحافة قد ركزت عىل حامية الحريات من

خالل وضع الجانب الزجري يف حالة ارتكاب الصحفي النتهاكات بالشتم يف حق املواطن أو املس

بكرامتهم وكان حق الرد مكفول حسب املجلة. وقد حذت النصوص الجديدة املنظمة لقطاع االعالم

)املرسومني 115 و116( حذو مجلة الصحافة وذهبت لرسم حدود الصحفي عىل مستوى عدة نقاط

تضبط عالقته باألفراد من احرتام لحياتهم الخاصة وكرامتهم ولكنهام يتضمنان روحا جديدة واليات

هامة تضمن أكرب هامش من الحرية للصحفي و هو ما قلص بذلك من التهم التي ميكن ان توجه

له أثناء أدائه لعمله . ولكن تجدر االشارة اىل النقائص العديدة التي يتظمنها االطار القانوين املنظم

لالعالم حيث مل يتم التنصيص بصفة رصيحة عىل اإلعالم أاللكرتوين و هو ما يبقي هذا القطاع رهن

املهنة رشف ميثاق تغافل كام املستجدات و باالحداث املرتبطة الحينية التخمينات و االجتهاد

الصحفية التونسية عن التعرض اىل الضوابط التي تحكم التي عالقة الصحفي باألفراد ومسألة احرتام

الحريات الفردية.

Page 276: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

275

التوصياتان تعزيز الحريات الفردية يف تونس يقتيض عددا من الخطوات:

مبا القانوين لإلطار شاملة مراجعة الجديد عىل الترشيعي املجلس يعمل أن الرضوري من 1-

التونسية يف مجال التي صادقت عليها الدولة يتوافق مع احكام الدستور واملعاهدات الدولية

حقوق االنسان مبا يضمن االنفاذ الفعيل لكامل الحقوق املنصوص عليها يف الدستور.

2- من املهم أن يتم تضمني النصوص املنظمة للقضاء العديل واالداري بندا ينص عىل أن القضاة

ملزمون بتأويل القانون ، مبا يف ذلك الدستور ، مبا يضمن انفاذ الحقوق والحريات ، مع مراعاة

تأويل املعاهدات املتعلقة بحقوق اإلنسان وفق ما ذهبت اليه املحاكم و اللجان الدولية املختصة

و اعتامدها كحد ادين من قبل القضاء.

و الدين حرية حامية لتفعيل مدعوة االدارية والسلطات والترشيعية القضائية الهيئات -3

املعتقد مبا يف ذلك حرية اعتناق أي دين او معتقد او تغيريه او التخيل عنه. ويجب عالوة عىل

ذلك ان تتالءم الضوابط املتعلقة بهذه الحريات مع روح بند القيود العامة عىل الحقوق املضمن

يف نص الدستور.

إنشائها فور الكاملة السلطة األولويات ومنحها أوكد الدستورية من املحكمة انشاء اعتبار 4-

حقوق تنتهك التي والفصول القوانني وإسقاط واملقرتحة النافذة القوانني دستورية يف للنظر

االنسان عىل النحو الذي يكفله الدستور.

-5 عىل القانون املنظم لهيئة حقوق االنسان أن يضمن استقالليتها حتى يتسنى لها تنفيذ واليتها

تنفيذا فعليا. مع إسناد والية واسعة النطاق اليها من أجل حامية جميع حقوق اإلنسان وتعزيزها

وتزويد هذه املؤسسات بالسلطات الكافية للتحقيق يف ادعاءات انتهاك حقوق اإلنسان، مبا يف

مبا اإلنسان تزويد مجلس حقوق االحتجاز. مع رضورة ضامن مراكز بزيارة لها الرتخيص ذلك

ميزانياته وإدارته الالزمة القرتاح الذاتية االستقاللية واملالية، ومنحه البرشية املوارد يكفي من

وتعيني موظفيه.

الصحافة يف الرشف ميثاق ومراجعة االلكرتونية للصحافة واضح قانوين اطار -6 رضورة وضع

التونسية بشكل يضمن حامية حقوق األفراد.

Page 277: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

276

Page 278: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

40

Page 279: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

39

mais uniquement « …en cas de nécessité exigée par un Etat civil et démocratique ». Le même article invoque le principe de proportionnalité, obligeant l’Etat à respecter « la proportionnalité des restrictions à l’objectif recherché ». Malgré l’importance de ces garanties, il est important de relever que les droits et libertés peuvent être restreints par le législateur pour protéger les droits d’autrui, la sécurité publique et la défense nationale, la santé ou la moralité publiques. L’emploi de notions aussi ambiguës que la sécurité, la défense et la morale publiques pourrait provoquer l’érosion de la substance même de telles libertés.

Enfin, la création d’une Cour constitutionnelle est une avancée fondamentale en ce sens qu’elle limite le pouvoir législatif et la possibilité, pour le législateur, de voter des lois contraires aux droits et libertés inscrits dans la constitution. En outre, le chapitre six de la Constitution du 27 janvier 2014 prévoit la création d’une instance nationale des droits humains afin de garantir leur respect et d’enquêter sur les cas de violation.

Mais, si l’adoption de la Constitution représente, certes, une étape clé de la phase transitionnelle, elle n’est pas suffisante à elle seule pour garantir un passage réussi de l’autoritarisme vers la démocratie. L’étape de mise en œuvre de la Constitution, et plus précisément l’harmonisation des lois et règlements avec les principes constitutionnels des droits humains, sera essentielle pour garantir le respect de ces engagements. Ce processus devrait être mené de façon à garantir un haut degré de protection des libertés individuelles.

Enfin, l’éclairage sur l’état des libertés individuelles dans la presse électronique nous renseigne sur le flou et les lacunes qui entourent toujours ce secteur en pleine expansion. La couverture de certaines affaires qui ont secoué l’opinion publique manque largement de précision et de professionnalisme. Le respect des libertés individuelles est souvent sacrifié sur l’autel de la recherche du sensationnel et la quête de l’audience.

On s’aperçoit alors que la reconnaissance de la liberté dans ses divers aspects demande conscience, efforts et responsabilité et que son

maintien et sa reconquête en exigent encore davantage.

Page 280: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

38

Le tribunal administratif est lui aussi juge des libertés. Dans sa jurisprudence, la tendance protectrice des libertés individuelles est bien ancrée. Il s’agit notamment de la liberté de mouvement à l’intérieur du pays et à l’étranger, la liberté de choix du domicile, la liberté de l’apparence, la liberté de culte, la liberté d’opinion, d’expression, la liberté d’édition et la liberté du commerce et de l’industrie.

Selon le juge administratif, la liberté individuelle constitue le principe et la restriction l’exception qui est d’interprétation stricte, car les restrictions ne sont légitimes que si elles se justifient par l’intérêt général.

Lors du processus constituant qu’a connu la Tunisie entre 2011 et 2014, la portée des droits et libertés et leur interaction ont suscité des débats houleux. Au sein de la nouvelle Constitution de 2014, Le chapitre relatif aux droits et libertés est l’un de ceux qui ont le plus évolué, grâce à la mobilisation de la société civile et sous la pression exercée par les défenseurs des droits humains. Toutefois, la persistance d’éléments à connotation religieuse dans le texte constitutionnel pourrait à l’avenir justifier des interprétations contredisant le dispositif constitutionnel portant sur le caractère civil de l’Etat et l’universalité des droits humains.

Parmi les avancées, la nouvelle Constitution reconnaît désormais explicitement la notion des « Libertés individuelles » (article 21) et garantit désormais les libertés de l’esprit, telles que la liberté de conscience, de culte, d’opinion, de pensée, d’expression, de créativité ; les libertés étroitement liées à la protection de la vie privée de l’individu et des libertés spatiales telles que le libre choix du lieu de résidence, la liberté de circulation à l’intérieur du pays et le droit de le quitter.

Toutefois, la Constitution omet de reconnaître certaines libertés fondamentales, inhérentes au libre choix individuel. Il s’agit notamment de la liberté de choix du partenaire, de la liberté de fonder une famille et de déterminer le nombre de ses membres et le droit de choisir son apparence. Cette omission est sans doute due à la prédominance d’une tendance politique conservatrice au sein de l’ANC.

Par ailleurs la nouvelle Constitution comporte une clause de limitation générale (chapitre 49), permettant des restrictions aux droits et libertés,

Page 281: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

37

En Tunisie, les droits de la personne humaine ne sont pas étrangers à l’histoire constitutionnelle. Déjà, le pacte fondamental de 1857 garantissait la sécurité et l’intégrité des sujets indépendamment de leur religion, couleur et langue. La constitution de 1861 garantissait le respect de l’égalité des droits entre les différents sujets de la Régence.

La Constitution du 1er juin 1959 incluait dans son chapitre premier intitulé «Dispositions générales» un certain nombre de libertés individuelles physiques (inviolabilité du domicile, secret de la correspondance, liberté de circulation et du choix du domicile), des libertés individuelles intellectuelles (liberté de croyance et d’expression) et des libertés relationnelles (droit de propriété).

Au niveau de cette ancienne norme suprême, le respect des libertés individuelles reposait sur trois principes fondamentaux qui sont la liberté, la dignité et l’égalité, tout comme il se fonde sur un référentiel explicitement universel, conformément à son article 5 qui garantissait les libertés fondamentales et les droits de l’homme « dans leur acception universelle, globale, complémentaire et interdépendante ».

En dépit de la consécration de certaines libertés individuelles dans le corpus juridique tunisien, l’approche législative se caractérisait cependant par l’absence de cohérence entre les textes et l’inexistence de véritables garanties. La sauvegarde des droits et libertés était souvent de pure forme.

Par ailleurs, en droit tunisien, aucune règle de compétence n’attribue le traitement de la totalité des litiges afférents aux libertés individuelles à un juge unique. Il en résulte une sorte de fragmentation de la notion de liberté individuelle et une véritable difficulté à fixer une définition monolithique de la notion. En outre, la jurisprudence de la Cour de cassation se caractérise par son ambiguïté quant à la liberté de culte, l’inviolabilité du domicile ou les crimes moraux. Les avancées enregistrées, notamment au niveau de la liberté de culte ne traduisent pas toutefois une jurisprudence constante protectrice des libertés individuelles. Les décisions demeurent fluctuantes, je juge puise parfois ses références dans les normes constitutionnelles et internationales ; il opte dans d’autres cas pour une interprétation conservatrice du texte juridique en se fondant sur la jurisprudence islamique et cela au détriment des libertés individuelles.

Page 282: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

36

Bien que les droits humains fassent largement l’objet d’un consensus à travers le monde, des voix s’élèvent encore contre leur garantie et des violations sont commises à leur encontre au nom de la spécificité culturelle et religieuse. Ces atteintes aux libertés se rattachent aux conceptions que l’on a de l’individu, de la vie sociale, de l’Etat et de son régime politique. Elles constituent l’un des défis majeurs auxquels sont confrontés les droits humains et les libertés.

Pour comprendre ces résistances, il est toujours important de revenir sur le passé, au temps de l’émergence de l’individu en tant que sujet de droit à part entière et retracer l’évolution historique de la construction juridique des libertés individuelles. Un tel examen repose sur l’esprit critique et une solide approche comparatiste permettant une double profondeur temporelle et spatiale.

La protection et la garantie des droits et libertés sont devenues un aspect central et même une priorité dans les constitutions modernes. Il ne peut en effet y avoir d’État de droit si celui-ci ne proclame pas les droits et libertés et s’il ne prévoit pas des mécanismes et procédures appropriés pour les faire respecter. Parallèlement s’est développé, à l’échelle mondiale et régionale, un dispositif de protection des libertés individuelles physiques, intellectuelles et relationnelles. Tous ces textes oeuvrent au dépassement de la symbolique et à l’effectivité toujours plus grande des droits humains parce qu’ils sont susceptibles d’être invoqués devant les juridictions internes, qu’ils s’accompagnent d’un mécanisme de contrôle de leur respect par les Etats parties et que la réalisation de ce contrôle international provoque des évolutions du droit et des pratiques internes.

Toute tentative d’évaluer la situation des libertés individuelles en Tunisie à l’aune des textes juridiques et dans leur portée pratique pose la problématique de l’efficacité de leur garantie. Cette opération est d’autant plus judicieuse à l’heure actuelle compte tenu de l’adoption d’une nouvelle Constitution le 27 janvier 2014, ce qui rend inéluctable la révision de l’ensemble de la législation relative aux droits humains et aux libertés individuelles pour qu’elle soit en conformité avec les exigences constitutionnelles.

Page 283: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

35

Mme. Jinan LIMAM

Jinan Limam est assistante de l’enseignement supérieur à la Faculté des sciences juridiques, politiques et sociales de Tunis, spécialisée en droit public. Elle est membre du bureau de l’Association tunisienne d’études politiques et de l’Association tunisienne de défense des libertés individuelles. Ses principaux centres d’intérêt et objets de recherche sont la gouvernance démocratique et l’égalité des genres.

Certaines de ses publications sont :

- “ L’accord d’association Tunisie-Union européenne et le processus démocratique en Tunisie” in le dialogue interculturel et la citoyenneté, sous la direction XUEREB ( P.), Centre de recherche et de documentation européenne, Malte , 2004. - Organisation administrative en Tunisie, Centre de recherche et d’études parlementaires, Tunisie, 2010. - « Ce n’est pas encore le printemps pour les femmes tunisiennes » 7ème conférence de l’Association Tunisienne d’Etudes Politiques (ATEP), La contre-révolution, Décembre 2013.

Elle est consultante auprès de certains organismes internationaux tels le PNUD - Tunisie pour le projet « Processus constituant et parlementaire en Tunisie » (2012-2013) et VNG International / CILG Tunisie pour le projet « La promotion de la gouvernance locale dans la région MENA » (2012-jusqu’à présent). En Libye, elle a travaillé en 2012 en tant que consultante auprès du PNUD dans le cadre du projet « Assistance électorale aux femmes candidates aux élections du Congrès national ». Elle collabore actuellement avec le PNUD et la MANUL - Libye dans les projets : «Assistance au processus constituant » et « Etat de droit et accès à la justice “.

Page 284: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

SYNTHESE

Mme. Jinan LIMAM

Page 285: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

33

Renforcer les connaissances relatives aux libertés

Les dépassements constatés concernaient principalement le manque de sensibilité des journalistes vis-à-vis des questions relatives aux droits humains en général et aux libertés individuelles en particulier. Ceci nécessite un travail de sensibilisation et de formation initiale et continue des journalistes aux différents domaines des droits humains et à la réglementation du secteur.

Sanctions allant jusqu’à des peines privatives de liberté, mais silence de la charte déontologique

On se demande enfin comment situer ces dépassements journalistiques par rapport aux textes juridiques qui réglementent les médias et quelle est l`importance de la charte déontologique ?

Les décrets-lois n° 2011-115 et 2011-116 du 2 novembre 2011 relatifs respectivement à la liberté de la presse, de l’impression et de la publication, ainsi qu’à la liberté de la communication audiovisuelle, tout en portant création d’une Haute Autorité Indépendante de la Communication Audiovisuelle (HAICA), ont cité d’une expressément les sanctions des violations du droit à la vie privée, qui peuvent aller jusqu’à des peines privatives de liberté.

Toutefois, on a constaté un vide au niveau de la Charte déontologique des journalistes qui n’a pas évoqué cette obligation de respect de la vie privée et des données personnelles !

Page 286: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

32

Les libertés en général et les libertés individuelles en particulier sont dans une situation critique, principalement due aux violations continues et répétées de la part de divers acteurs. On se demande à ce niveau où se situent les médias par rapport à ces violations ? Contribue-t-ils d’une façon directe ou indirecte aux dépassements en matière de libertés individuelles ?

Supports médiatiques et affaires traitées

Dans notre étude, nous avons procédé à l’analyse d’un ensemble d’articles traitant un certain nombre de libertés individuelles. L`accent a été mis clairement sur l’affaire « Meriem », jeune tunisienne violée par des agents des forces de l`ordre (policiers), l’affaire « Al Abdelia » et la question du port du « nikab » dans les lieux publics. Quant aux médias électroniques concernés par notre étude, il s’agit des trois publications suivantes : le journal électronique « Kapitalis », le journal électronique « Attounssia » et le journal électronique « Al fajr news ».

Il est important de noter que les conclusions tirées de cette étude sont relatives, étant donné que l’échantillon a été choisi de façon arbitraire. Ainsi, les résultas de notre étude n`ont qu`une valeur indicative.

Photos publiées, noms cités…

Nous avons procédé lors du commentaire des événements traités à l`analyse de leur contenu : les titres, les images utilisées, l’information en tant que telle et les sources citées.

Nous avons constaté que les dépassements en matière de libertés individuelles étaient parfois directes et explicites et d’autres fois implicites. Généralement, les infractions enregistrées consistent à publier les photos et à citer les noms des personnes, ce qui peut entraîner immédiatement l`engagement de poursuites judicaires à l`encontre du journaliste. En effet, les faits relatés, les images insérées et les données personnelles mentionnées, constituent une atteinte directe à la réputation des personnes et peuvent inciter à la haine et au mépris, voire exposer les personnes à un danger physique.

Page 287: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

31

M. Wahid CHEHED

Wahid chehed, diplomé de l’Institut de travail et des études sociales, occupe le poste d’assistant projet média avec le centre de Genève pour le contrôle démocratique (DCAF). Actif dans le cadre de l’Association Tunisienne de défense des libertés individuelles (ADLI), ayant participé à divers sessions de formations en relation avec les droits de l’homme.

Page 288: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

Les libertés individuelles à travers la presse électronique

M. Wahid CHEHED

Page 289: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

29

Dans le même sens, le juge administratif considère que chaque chef d’administration, même en l’absence de toute délégation législative ou réglementaire, a le pouvoir d’édicter des mesures et des règlements intérieurs en vue d’organiser les services administratifs et ses agents, et ce, afin de réaliser l’intérêt général. Ces mesures sont légales même si leur édiction est de nature à limiter quelques libertés individuelles tout en prenant en considération les spécificités de chaque administration.

Page 290: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

28

La liberté est le principe et sa limitation l’exception. Pour l’intérêt collectif une liberté individuelle peut être restreinte. Devant l’intérêt personnel, l’intérêt général l’emporte. Par le biais législatif ou réglementaire, l’administration peut limiter l’exercice des libertés individuelles.

Ainsi, des limitations administratives des libertés au nom de l’intérêt général ou de l’ordre public peuvent être décidées et une liberté pourtant constitutionnellement garantie peut se retrouvée vidée de son sens par un simple acte administratif. Afin de garantir la jouissance de ses libertés, chaque individu a le droit d’intenter un recours pour excès de pouvoir devant le Tribunal administratif contre tout acte de nature à entraver l’exercice d’une ou plusieurs libertés individuelles.

Le juge administratif, garant des libertés, se trouve ainsi devant un dilemme : d’une part, le juge doit déclarer la légalité des actes adoptés au nom de l’intérêt général et d’autre part il doit garantir le respect des libertés touchées par lesdits actes. Le juge se trouve dans l’obligation de réaliser ce « fragile » équilibre.

Face à ce dilemme, on peut affirmer que le Tribunal administratif a connu une évolution jurisprudentielle dont la tendance générale est d’ancrer le respect des libertés et de déclarer l’annulation des actes administratifs entachés d’illégalité. Cette étude prouve que le juge a quasi-systématiquement tendance à garantir les libertés individuelles, qu’elles soient subjectives ou relatives à la candidature à un concours ou à l’exercice d’un emploi.

En outre cette étude, limitée à quelques types de libertés individuelles, montre l’effort fourni par le juge en tant que gardien des libertés. C’est ainsi qu’il a toujours affirmé que la liberté représentait un principe et le fait de la limiter une exception devant être impérativement interprétée de façon stricte.

Le Tribunal administratif a aussi consacré une jurisprudence spéciale aux agents publics et aux règlements administratifs. Selon le juge administratif, l’agent public jouit d’une liberté lors de l’exercice de sa tâche, sans que cette liberté puisse dépasser l’obligation de réserve.

Page 291: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

27

M. Emir EL GHOUL

Enseignant Universitaire en Droit Public, chercheur à la Faculté des Sciences Juridiques Politiques et Sociales de Tunis. Il a été chargé de plusieurs cours dont notamment le Droit Constitutionnel, les Droits de l’Homme et les Libertés Publiques et le Droit Administratif.

Il est aussi membre du Centre de recherches en droit public Versailles Saint-Quentin Institutions Publiques. Il a travaillé comme consultant auprès du programme des nations Unies pour le développement en Tunisie et en Libye. Monsieur ELGHOUL est aussi formateur en matière des Droits de l’Homme et en matière électorale.

Il a présenté plusieurs études et conférences dont notamment :

«La délimitation du domaine public», «Les prérogatives de la puissance publique accordées aux agences foncières», «Les constructions anarchiques et le Droit de l’environnement», «Les principes constitutionnels du Droit à la ville ».

Page 292: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

Le juge administratif et quelques libertés individuelles

M. Emir EL GHOUL

Page 293: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

25

moraux. La Cour de cassation tunisienne consacre une jurisprudence conservatrice dans ces cas.

4. L’inviolabilité du domicile figure dans certains arrêts de la Cour. La jurisprudence en la matière donne une définition large de la notion de domicile, dans le but de garantir une protection plus étendue de la vie privée. Néanmoins, lors de l’examen des procédures de fouille et d’inspection des logements, la Cour n’impose pas la protection essentielle en la matière en prévoyant que l’autorisation n’est pas nécessaire.

5. La haute juridiction civile s’est prononcée sur la liberté de culte à propos d’affaires en matière de mariage de musulmanes avec des non musulmans. Cet examen s’est étendu pour traiter du droit aux successions d’une part et de la liberté de choix du conjoint d’autre part. A cet égard, la jurisprudence de la Cour de cassation est qualifiée d’instable, ce qui constitue un danger pour l’exercice des libertés individuelles, notamment pour les femmes.

Page 294: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

24

Cette recherche vise à analyser la jurisprudence de la Cour de cassation tunisienne en matière de libertés individuelles en se fondant sur l’analyse de 35 arrêts de cette instance, publiés de 1960 à nos jours.

Les libertés individuelles concernées par cette étude sont : les libertés d’aller et venir que le législateur intitule « la liberté individuelle », le droit à l’intégrité physique, l’inviolabilité du domicile, la liberté de religion et de conscience et les libertés liées aux crimes sexuels et moraux. Certaines libertés individuelles n’ont pas été examinées par la Cour dans ses arrêts publiés.

Suite à l’analyse des arrêts publiés de la Cour de cassation tunisienne, on remarque que sa jurisprudence n’est pas toujours en faveur de la protection des libertés individuelles sur lesquelles elle s’est prononcée.

Il est à soulever aussi que la cour de cassation tunisienne ne donne pas une définition de la « liberté individuelle ». D’ailleurs, le terme même n’est pas utilisé dans ses considérants.

1. Concernant la liberté individuelle dont la violation est sanctionnée par les articles 250, 251 et 252 du Code pénal tunisien, la Cour de cassation consacre 4 principes jurisprudentiels.

Elle prévoit que l’incrimination ne peut avoir lieu que si violation des droits ou libertés s’exerce suite à une intention criminelle, que l’acte doit être illégitime pour être sanctionné et que la qualification de l’acte ne peut se faire que par les juges du fond dont les décisions et arrêts doivent être fondés et motivés et ils ont en outre la possibilité de diminuer la peine ou d’exempter l’auteur de l’acte de violation.

2. En matière de détention et de garde à vue, la Cour de cassation tunisienne tend à contrôler le respect des procédures et le respect de la dignité du détenu.

3. L’intégrité physique a fait l’objet du contrôle de la Cour à travers l’examen des crimes sexuels sanctionnés par le code pénal. A cet égard, la jurisprudence témoigne de certaines limites. Ces limites sont imposées par l’interprétation stricte du texte juridique en matière pénale. Le même constat se vérifie lors du traitement des crimes

Page 295: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

23

Mme. Mouna TABEI

Mouna TABEI Ep. MARZOUK est enseignante universitaire de droit public à la faculté des sciences juridiques économiques et de gestion de Jendouba, doctorante à la faculté des sciences juridiques de Tunis, diplômée de l’Académie internationale du droit constitutionnel, membre du bureau de l’Association Tunisienne du Droit Constitutionnel, membre de la commission technique chargée de la supervision du dialogue national sur la justice transitionnelle en Tunisie, consultante et experte juridique auprès de l’OCDE et de International IDEA.

Publications récentes : « Le processus d’élaboration de la loi sur la justice transitionnelle en Tunisie » in the Rule of Law and Transitional Justice: Towards a Triangular Learning, Conférence du Centre européen interuniversitaire des droits de l’homme et de la démocratie du 11 et 12 novembre 2012, Venise, 2013, pp. 108-112. «Les droits constitutionnels et le conseil constitutionnel tunisien » in. Les droits constitutionnels, Actes du colloque de commémoration du cinquantenaire de la promulgation de la constitution tunisienne, Organisés par l’A.T.D.C. et la F.S.J.E.G.J., à Ain Drahem le 08/04/2009, 2010, pp.199-218.

Page 296: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

Les libertés individuelles devant la Cour de cassation

Mme. Mouna TABEI

Page 297: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

21

Page 298: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

20

Le droit tunisien est basé sur le respect d’un ensemble de droits et libertés individuelles. Il fonde ses règles sur des principes fondamentaux de protection de ces libertés et consacre ceci à travers certaines règles spécifiques ayant trait aux libertés corporelles, aux libertés intellectuelles et aux libertés relationnelles.

Néanmoins, un grand nombre de ces libertés reste limité par des considérations diverses, dont notamment celles relatives aux préceptes religieux.

L’on peut donc parler d’une contradiction entre la nature de ces droits tels qu’ils apparaissent dans les textes fondateurs de l’ordre juridique, spécialement ceux qui forment l’histoire constitutionnelle du pays, et leur contenu tel qu’il ressort du droit positif.

Partant d’un rappel du cadre théorique des libertés individuelles et d’un survol du droit comparé en la matière, cette étude présente un cadre de référence incitant à réfléchir à l’état des libertés individuelles en droit tunisien, aujourd’hui.

Page 299: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

19

M. Khaled MEJRI

Assistant universitaire à la Faculté des Sciences Juridiques, Politiques et Sociales de Tunis. Il est le Secrétaire général-fondateur de l’Association tunisienne d’études politiques et ancien membre de la Commission nationale d’investigation sur la corruption et la malversation,

Membre du laboratoire de recherche sur le droit communautaire et les relations Maghreb-Europe (FSJPST), il prépare une thèse sur « Le droit international humanitaire dans la jurisprudence internationale ».

Ses travaux de recherche touchent notamment au droit international, au droit constitutionnel, au droit administratif et à la science politique.

Outre des articles de recherche, il a publié Guantanamo ou le droit tragique. Le statut juridique des détenus du 11 septembre (Tunis, Miskiliani éditions, 2006). Il est également poète, et à ce titre, il est l’auteur de plusieurs recueils de poésies couronnés au niveau national ainsi qu’au niveau du monde arabe.

Page 300: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

Les libertés individuelles en droit tunisien infraconstitutionnel

M. Khaled MEJRI

Page 301: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

17

l’appareil sécuritaire dans la protection des individus et le respect des libertés.

• Le rôle des instances juridictionnelles dans la protection des libertés :

L’article 49 est clair sur ce rôle traditionnel des instances juridictionnelles. En effet, bien que cette reconnaissance explicite du rôle du pouvoir judiciaire dans la protection des droits et libertés, constitue une innovation de la Constitution de 2014, il convient de rappeler que l`intervention du juge est toujours postérieure à la violation du droit ou de la liberté concernée.

La Constitution a prévu la création d’une Cour Constitutionnelle qui, selon le texte de la Constitution, a la prérogative de contrôler « les projets de lois qui lui sont soumis par le Président de la République ou par le chef du gouvernement ou par trente élus de l’Assemblée des représentants du peuple […]. La cour examine aussi les « lois qui lui sont soumises par les tribunaux, suite à une exception d’inconstitutionnalité à la demande de l’une des parties à un litige, dans les cas et selon les procédures définies par la loi ».

• Le rôle des instances constitutionnelles indépendantes :

La nouvelle Constitution a prévu explicitement la création d’instances constitutionnelles indépendantes qui veillent à la protection de la démocratie. En examinant les cinq instances prévues par le texte de la Constitution, on remarque qu’elles sont toutes liées aux droits et libertés individuelles ou collectives (l’instance des élections, l’instance de la communication audiovisuelle, l’instance des droits humains, l’instance du développement durable et des droits des générations futures, l’instance de la bonne gouvernance et de la lutte contre la corruption).

Page 302: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

16

être « édictées que dans la mesure nécessaire, au sein d’un Etat civil et démocratique, à la protection des droits des tiers, de la sécurité publique, de la défense nationale, de la santé publique ou de la morale publique et dans le respect de la proportionnalité des mesures adoptées à l’objectif recherché».

Toutefois, la lecture de cette liste de restrictions révèle le danger qui guette les droits et libertés du fait de l’étendue et de l`élasticité de notions telles que la sécurité publique, la morale publique, la défense nationale…

L`article 49 aurait pu se contenter des deux conditions de nécessité et de proportionnalité et laisser aux juges et à la Cour constitutionnelle la charge d`en préciser le contenu.

4. les garanties constitutionnelles de la protection des libertés

La simple déclaration des droits et libertés dans le texte de la Constitution demeure insuffisante pour garantir l`exercice des libertés individuelles. Ainsi, la Constitution de 2014 a prévu un ensemble de garanties pour protéger les droits et libertés.

• La protection des droits et libertés contre toute révision constitutionnelle :

L’article 49 consacre clairement la valeur supra-constitutionnelle des droits et libertés. Cette consécration est en harmonie avec la jurisprudence tunisienne, qui a confirmé la valeur supra-constitutionnelle des droits et libertés dans un arrêt célèbre de la Cour d’Appel de Tunis en date du 5 février 2013.

• L’Etat garant des droits et libertés :

Selon la Constitution 2014, « l’État garantit aux citoyens les libertés et les droits individuels et collectifs ». Concernant les outils de cette garantie, la Constitution de 2014 prévoit deux mécanismes importants. D’une part, elle prévoit le rôle du pouvoir législatif en la matière, en prévoyant que « Prennent la forme de lois organiques les textes relatifs aux … libertés et les droits de l’Homme ». D’une autre part, la Constitution prévoit pour la première fois dans un texte constitutionnel, le rôle de

Page 303: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

15

disposition devrait avoir une véritable influence sur l`adaptation, voire la refonte de plusieurs lois en matière de libertés individuelles, notamment le code pénal, le code de procédure pénale et la loi relative aux stupéfiants.

• La confidentialité de la correspondance et des communications :

La confidentialité des communications est une innovation de la Constitution de 2014, liée au développement des moyens et technologiques de communication.

• La protection des données personnelles : La Constitution de 2014 a reconduit la formulation de la Constitution de 1959 concernant les dispositions relatives à la protection des données personnelles ; ce qui constitue une confirmation de ce principe en harmonie avec la législation relative à la matière.

3. Les restrictions constitutionnelles à l`exercice des libertés

L’article 49 de la Constitution a prévu deux types de restrictions :

• Des restrictions procédurales :

en disposant que « La loi fixe le cadre relatif aux droits et libertés garantis dans cette Constitution ainsi que les conditions de leur exercice sans porter atteinte à leur essence », l’article 49 de la Constitution accorde l’exclusivité d`encadrement des libertés au seul pouvoir législatif. Cette condition, bien qu’intéressante, demeure cependant insuffisante pour deux raisons.

D’une part, cette prérogative accordée au pouvoir législatif ne doit pas être illimitée, sinon nous risquons de revivre les mêmes pratiques de dépassement des droits et libertés que celles qui ont pu avoir lieu sous l’empire de la Constitution de 1959. D’une autre part, la loi, en tant que texte juridique, ne doit pas se désister au profit des textes inférieurs ; une pratique qui a été également très répandue.

• Des restrictions objectives :

Selon l’article 49 les restrictions aux droits et libertés ne peuvent

Page 304: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

14

1. La nouvelle Constitution : cadre favorable au renforcement des libertés individuelles

Les dispositions de la nouvelle Constitution consacrent un cadre favorable aux libertés individuelles à travers la reconnaissance explicite de la notion de libertés individuelles, la confirmation de l`approche globale et universelle des droits de l’Homme et la confirmation de la civilité de l’Etat.

• La reconnaissance explicite de la notion de libertés individuelles : La nouvelle Constitution consacre clairement la notion de libertés individuelles dans son article 21.

• La consécration limitée de l`approche universelle des droits de l’Homme :

La nouvelle Constitution s’est référée à cette approche à plusieurs reprises et a essayé de consacrer un ensemble de droits humains des différentes générations. Cette panoplie de droits et libertés peut faire du chapitre relatif aux droits et libertés une « Déclaration tunisienne des droits humains ». Cela a été également accompagné par la consécration d’un ensemble de principes fondamentaux qui renforcent les libertés individuelles, dont notamment le principe d`égalité et le principe de non-discrimination.

• La confirmation du principe de l’Etat civil :

Ce principe a été explicitement prévu au niveau du préambule de la Constitution et consacré au sein de son article 2, qui le considère en outre comme un principe supra-constitutionnel. Cette reconnaissance devrait influer positivement sur la protection des libertés individuelles, étant donné que la notion de la civilité de l’Etat repose sur l’idée des droits humains et des libertés.

2. Pluralité des libertés individuelles

• La protection de la vie privée :

Jusqu’à la Constitution de 2014, le droit tunisien n’avait pas prévu la protection de la vie privée comme un principe général. Cette nouvelle

Page 305: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

13

M. Wahid FERCHICHI

Wahid FERCHICHI est docteur en droit, professeur agrégé en droit

public des Universités tunisiennes depuis 1995, responsable de Master, et

professeur visiteur dans des universités étrangères (Egypte, France, Liban

et Suisse). Il a été membre de la Commission nationale d’investigation sur

la corruption et la malversation (2011-2012) et de la Commission technique

de supervision du dialogue national sur la justice transitionnelle (2012-

2013). Par ailleurs, il est expert auprès de l`Institut arabe des droits de

l`Homme, du Centre international de la justice transitionnelle (ICTJ) et de

l`Union internationale de conservation de la nature (UICN).

Wahid FERCHICHI est membre dirigeant de plusieurs associations – il

préside notamment l’Association Tunisienne de Défense des Libertés

Individuelles-ADLI, (www.adlitn.org),

Principales publications : Les associations des magistrats dans le Monde

Arabe (collectif, Beyrouth 2007) ; Le travail des enfants dans le monde

arabe (Etude, Tunis 2008) ; Les minorités sexuelles dans le monde arabe

(Etude, Beyrouth 2009) ; Structures publiques des droits de l`Homme en

Tunisie, Quelle gouvernance ? (Etude, Tunis 2013) ; La société civile en

Tunisie en période de transition (Etude, Tunis 2013) ; les « Avocat(e)s et la

défense des droits humains en Tunisie », (Etude, Beyrouth, 2013)…

Page 306: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

La constitutionnalisation des libertés individuelles : Les libertés individuelles dans la Constitution du 27 janvier 2014

M. Wahid FERCHICHI

Page 307: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

11

Page 308: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

10

aussi bien anciens que modernes et, dans une moindre mesure à des

juristes/juriconsultes tels que Cicéron que la notion de la personne a pu

se développer, prendre son essor et se libérer. L’histoire nous enseigne

que la pensée philosophique, contrairement à la pensée théologique,

n’est pas une de ces réalités immuables car elle est sans cesse remise

en cause et doit sa force à sa capacité d’évolution, d’adaptation et de

changement et non à un usage d’une vérité admise supposée.

La tourmente, la servitude et la précarité de l’homme n’auront,

théoriquement pris fin qu’à partir du XVIe siècle avec la naissance de

l’humanisme occidental ; mais surtout avec l’avènement de l’État

moderne au XIXe siècle. La question de la femme demeure, quant à elle

le miroir du respect ou du non respect de la personne humaine.

Page 309: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

9

ont été menées et continuent de l’être dans la violence et la négation

de la différence de l’autre. Ces intolérances engendrant des malaises

ont incité un bon nombre d’historiens à revisiter les textes fondateurs

pour essayer de trouver le lien entre religions et ethnocentrisme. En

effet, la doctrine de la révélation et les notions de l’élection et de la

théocratie sont souvent à l’origine des préjugés ethniques, raciaux et

confessionnels.

La notion de personne humaine, en tant que créature à l’image de

Dieu est restée pendant longtemps tributaire de la sphère du religieux.

Dès lors, la personne, selon les textes monothéistes, essaie de se frayer

son chemin dans la foi et la soumission inconditionnelle à Dieu. La

chute de l’homme, reprise dans les textes, avec des récits différents et

représentée comme la conséquence du péché originel, plonge l’homme

dans le mal et la souffrance et crée une rupture dramatique entre lui

et son Dieu. Adam étant l’ancêtre biologique de l’espèce humaine,

lègue son péché en héritage à sa descendance. La faute, propagée de

génération en génération, fait tomber l’homme en disgrâce, le rend faible

et mortel, et, par-dessus tout exposé aux séductions de Satan. L’homme

se doit donc de combattre ses propres passions par l’observance des

commandements divins afin de rétablir une relation privilégiée avec

Dieu, et demeure par là même confiné dans le champ clos du sacré.

Tandis que dans le judaïsme, Dieu se fait proche de l’homme en

adoptant des traits de caractère humains, tels que la jalousie ou la colère,

le christianisme illustre cette proximité divine par l’incarnation dans la

chair. L’islam, quant à lui donne à Dieu un caractère transcendantal par

excellence, au-delà du temps et de l’espace, et c’est dans ce contexte

qu’il accomplit sa création.

Qu’il nous soit permis de préciser que c’est grâce aux philosophes,

Page 310: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

8

La question de la personne ou de l’homme est aujourd’hui au cœur de

tous les débats et, bien qu’elle soit ancienne, elle se pose actuellement

d’une manière lancinante. En effet, la question de la personne, à l’instar

de toutes les autres questions d’ordre théologique, éthique, juridique,

sociologique, psychologique ou philosophique, est strictement liée aux

conditions de la formation et à l’élaboration des textes, en plus des

conflits d’autorité et d’intérêts du moment. Elle reflète par là même

les préoccupations et les priorités de leur auteur. L’onomastique (ilm

an nasab) serait aussi intéressante à consulter puisque, dans le monde

sémite, le nom fait partie intégrante de la personne.

La question de la personne dans le judaïsme, le christianisme et

l’islam est en étroite relation avec une notion plus large, celle de la

condition humaine, laquelle est traduite par deux grandes tendances :

universalisme et particularisme. Ces dernières sont exprimées, dans

les trois monothéismes avec un arrière plan d’ambiguïté et de tension.

Les trois religions retracent une histoire singulière à plus d’un titre,

celle du monothéisme. Les réflexions théologiques qui ont développé

une littérature abondante traduisent aussi bien la quête identitaire des

groupes religieux, que celle des croyants, à travers des choix liés à une

histoire religieuse propre à eux. L’historien se trouve désormais tributaire

de ces textes pour comprendre le dessein théologique et dévoiler les

significations du langage religieux, véhiculé par les communautés des

croyants. Ce sur quoi s’entendent les trois monothéismes, en se référant

à Dieu, c’est l’idée de l’humanisme reposant sur des valeurs communes.

Chacune d’elles enseigne en effet à ses fidèles les principes de l’égalité

entre tous les hommes devant Dieu, la fraternité, la justice, la paix, la

solidarité et la non-violence envers son prochain. Mais, le paradoxe est

qu’au nom de ces mêmes religions, des guerres prétendument ‘saintes’

Page 311: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

7

Mme. Saloua GHRISSA

Saloua Ghrissa est universitaire tunisienne et présidente de

l’association tunisienne pour la promotion du droit à la différence depuis

2011.

Après s’être spécialisée en philologie et histoire comparée du Proche

Orient ancien à Paris, elle enseigne, depuis 1997 à l’Institut Supérieur

de Théologie de Tunis.

Elle est l’auteur de trois ouvrages portant sur la langue hébraïque

ancienne et son histoire et de plusieurs articles publiés dans diverse

revues scientifiques en Tunisie et à l’étranger sur le fonctionnement

du fait socio- culturel et religieux dans les sociétés aussi bien juives,

chrétiennes que musulmanes.

Page 312: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

Personne » ou « personne dans la foi dans les trois monothéismes

Mme. Saloua GHRISSA

Page 313: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

5

Suite à l’adoption de la nouvelle Constitution, le 27 janvier 2014, la

question s’est posée de savoir si le droit tunisien (infra constitutionnel)

existant était conforme ou non aux dispositions du nouveau texte

suprême ?

C’est ainsi que s’est imposé un travail pluridisciplinaire

d`évaluation de la situation des libertés individuelles, qui a donné

lieu à une rencontre et à des débats fructueux. Et c’est dans ce cadre

l’Association tunisienne de défense des libertés individuelles publie son

ouvrage sur les libertés individuelles en Tunisie, comme un premier état

des lieux en la matière.

Association de Défense des Libertés Individuelles

www.adlitn.org

Page 314: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

4

INTRODUCTION

Bien que la réalité des libertés individuelles en Tunisie laisse entrevoir

un espoir, avec l’adoption de la nouvelle Constitution en date du 27

janvier 2014, elle demeure critique.

Les problèmes liés aux libertés individuelles sont principalement dus

à une raison culturelle majeure : l’absence de l’individu dans la sphère

sociale, juridique et politique.

En effet, les causes directes de la plupart des problèmes en la matière

sont l’absence de la notion d’individu dans la culture sociale ambiante en

Tunisie. En effet, le contexte socio- culturel en Tunisie conçoit l’individu

par rapport au groupe, notamment la famille et non par rapport à sa

personne, ce qui crée une ambiguïté dans les rapports avec la famille, la

société, la législation et même la vie socio- professionnelle. À cet égard,

ce n’est pas la multiplicité et/ou la multiplication des textes qui pourrait

garantir la défense des libertés individuelles, dans la mesure où le code

pénal ne protège aucunement ces libertés, ni sur le plan des poursuites

judiciaires, ni par rapport aux prérogatives des services judiciaires.

Quant au code civil ou au code du statut personnel, ils ne donnent pas

la place qu’il faut aux libertés individuelles en raison de l’absence de

mécanismes de protection.

Somme toute, les domaines relatifs aux libertés individuelles

semblent bel et bien oblitérés, excepté si l’on tient compte de la Haute

instance des données personnelles, et ce malgré la multiplicité des

instances officielles intervenant dans le champ des Droits Humains. En

outre, ces instances n’ont pas de marge de manœuvre décisionnelle,

du fait qu’elles demeurent sous la coupe de l’Exécutif, qui ne prend pas

nécessairement la défense de ces libertés.

Page 315: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

3

Table des matières

IntroductionAssociation Tunisienne de défense des libertés individuelles p. 4

{L’individu dans les trois monothéismes}Mme. Saloua GHRISSA p. 7

{La constitutionnalisation des libertés individuelles} M. Wahid FERCHICHI p. 13

{Les libertés individuelles en droit tunisien} M. Khaled MEJRI p. 19

{Les libertés individuelles devant la Cour de Cassation}

Mme. Mouna TABEI p. 23

{Les libertés individuelles devant le Tribunal administratif }M. Emir EL GHOUL p. 27

{Les libertés individuelles et les médias électroniques }M. Wahid CHEHED p. 31

{Synthèse}Mme. Jinan LIMAM p. 35

Page 316: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

2

Auteurs |M. Wahid CHEHED • M. Emir EL GHOUL • M. Wahid FERCHICHI Mme. Saloua GHRISSA • Mme. Jinane LIMAM • M. Khaled MEJRI Mme. Mouna TABEI

Ouvrage collectif Sous la direction de |Professeur Wahid FERCHICHI

Publication |Format : 15,5 / 23,5 cmPapier : 80 gr Offset (intérieur) + 350 gr (couverture) couchéVolume : 316 pages1er édition : 250 exemplaires Conception & Mise en page : Anis MENZLIALPHAWIN STUDIO / [email protected]

Cette étude a été élaborée avec le soutien de OPEN SOCIETY FOUNDATIONS

ISBN : 978-9938-12-726-3

© Tous droits réservés à l’Association Tunisienne de défense des libertés individuelles - Tunis www.adlitn.org

NOVEMBRE 2014 • TUNISIE

Page 317: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ

1

Association Tunisienne de défense des libertés individuelles

www.adlitn.org

• Ouvrage collectif Sous la direction du Professeur Wahid FERCHICHI •

• Auteurs •

M. Wahid CHEHED, M. Emir EL GHOUL, M. Wahid FERCHICHI,

Mme. Saloua GHRISSA, Mme. Jinane LIMAM, M. Khaled MEJRI,

Mme. Mouna TABEI

Ouvrage réalisé avec le soutien de

| Tunis 2014 |

Page 318: 'libertés individuelles approches croisées'.pdfخيراتلا سيردت جهنم في ايجولوبوثرنأ ةملك لخدأ نم لوأ وه و نيالمأ ايجولوبوثرنأ