P

شرح زاد املعاد يف قراءة القرآن-صلى اهلل عليه وسلم-)من قول املؤلف: فصل يف هديه

واستماعه وخشوعه وبكائه عند قراءته وحتسني صوته به وتوابع ذلك(

معالي الشيخ الدكتورعبد الكريم بن عبد الله الخضير

عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية

واإلفتاء

المكان:هـ1426 / 11 / 14تاريخ المحاضرة:

زاد المعاد في هديه -صلى الله عليه وسلم- في قراءةالقرآن واالستماع إليه

2

الحمد هلل رب العالمين، وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:فيقول المؤلف -رحمنا هللا تعالى وإياه-:

"فصل في هديه -صلى هللا عليه وســلم- في قـراءة القــرآن واســتماعه وخشــوعه وبكائـه عنـدقراءته واستماعه وتحسين صوته به، وتوابع ذلك.

كان له -صلى هللا عليه وسلم- حــزب يقــرؤه وال يخــل بــه، وكــانت قراءتــه تــرتيال ال هــذا وال عجلــة، بــل قــراءة مفســرة حرفــا حرفــا، وكــان يقطــع قراءتــه آيــة آيــة، وكــان يمــد عنــد حــروف المــد، فيمــد الــرحمن، ويمــد الــرحيم، وكــان يســتعيذ باهلل من الشــيطان الــرجيم في أول قراءتــه فيقــول: أعـوذ باهلل من الشــيطان الــرجيم، وربمـا كـان يقــول: اللهم إني أعـوذ بـك من الشـيطان الرجيم من همزه ونفخــه ونفثــه، وكــان تعــوذه قبــل القــراءة، وكــان يحب أن يســمع القــرآن من غــيره، وأمــر عبــد هللا بن مســعود فقــرأ عليــه وهــو يســمع، وخشــع -صــلى هللا عليــه وســلم-

لسماع القرآن منه حتى ذرفت عيناه. وكان يقرأ القرآن قائما وقاعدا ومضطجعا ومتوضئا ومحــدثا، ولم يكن يمنعــه من قراءتــه إال

الجنابة.ا كمــا رجح يــوم الفتح وكــان -صــلى هللا عليــه وســلم- يتغــنى بــه ويرجــع صــوته بــه أحيانــ

}بقراءته بينا [."1 ]سورة الفتح:{إنا فتحنا لك فتحا م ك���ان يق���رأ الق���رآن على ك���ل ح���ال م���ا لم يش���عر الح���ال باالس���تخفاف؛ ألن بعض الجلس���ات وبعض

الذين يذكرون}التص��رفات فيه��ا ش��يء من االس��تخفاف، ف��إذا لم يش��عر باالس��تخفاف يق��رأ [، وه������و أفض������ل191 ]س������ورة آل عم������ران:{الله قياما وقعودا وعلى جن!!وبهم

األذكار، وهذه صفة قراءت�ه- علي�ه الص�الة والس�الم- مرتل�ة م�ع الت�دبر م�ع الت�أثر ب�القرآن؛ ألن��هيقرأ كالم هللا كأنه يخاطب الرحمن.

كأنما خاطب الرحمن بالكلمهو الكتاب الذي من قام يقرؤه وعلى طالب العلم أن يعنى بهذا أشد العناية، يكون له ورد ي��ومي ال يخ��ل ب��ه س��فرا وال حض��را، وأن يكون على هذه الطريقة؛ ألنه إذا تعود على غيره صعب عليه أن يرج��ع، يص��عب علي��ه أن يرج��ع، في األم��ور المحسوس��ة إذا تع��ود الس��رعة في الس��يارة يص��عب علي��ه أن يه��دئ، ويتض��ايق من أي شخص يمشي أمامه غير مسرع، والذي تعود الهذ في القراءة ما يستطيع أن يق��رأ، وكمد ه�ذه الس�رعة أن�ه يس�جد في غ�ير موض�ع الس�جود، ويتج�اوز الس�جود، وال ينتب��ه حصل لمن تعو إال بع��د ورق��تين أو ثالث، والقل��وب -كم��ا تعلم��ون في ه��ذه األزم��ان- انتابه��ا م��ا انتابه��ا، وغطى عليها من الران ما هللا به عليم، هذا يحص��ل على كاف��ة المس��تويات ح��تى من بعض طالب العلم،

وهللا المستعان.

3 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير3

يعني يتصور أن شخص يبدأ بيونس وال يشعر إال وهو بيوس�ف؟ م�رت علي�ه ه�ود وم��ا ي�دري، ]س��ورة{فإذا نقر في الناقور}يعني من منا من تحرك فيه شعرة عندما يق��رأ اآلي��ة

[؟ نحس؟! وهللا م��ا نش��عر بش��يء ي��ا إخ��وان، نس��أل هللا -ج��ل وعال- أن يح��يي القل��وب،8الم��دثر: وأن يمن��ع الوس��ائل ال��تي ص��ارت س��ببا على تغطي��ة ه��ذه القل��وب، يع��ني التخلي��ط في المطعم أم��را، وعم���وم الن��اس اآلن ال يبحث��ون إال عن الم��ال ب��أي وس��يلة ك��انت، وال ينظ��رون في مش��كل ج��د السبب أو الوس��يلة ال�تي حص��ل به��ا ه��ذا الم��ال واألك��ل، والموظ��ف والت��اجر على ح��د س��واء، على ح����د س����واء، الن����اس كلهم أو جلهم ال يحت����اطون في أم����ر المطعم والمش����رب، وه����ذا الس����بب جع����ل

المسلمين لهذا الحد يدعون فال يستجاب لهم، ويقرؤون وال ينتفعون. وشيخ اإلسالم -رحمه هللا- يقول: قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث قلب المس�لم من العلم واليقين واإليم��ان م��ا ال يدرك��ه أح��د إال من يفعل��ه، ول��ذلك نق��رأ الق��رآن أو نق��رأ جرائ��د وهللا أم��ر واح��د، وإذا أردت أن تعت��بر ف��اعتبر بمن يق��رأ ويبكي، من يق��رأ ويبكي ه��ل ه��ذا خش��وع؟ ال ندخل في قلوب، وال في نيات، لكن هل هذا خشوع، يبكي في أول اآلية وفي آخر اآلي��ة يتعت��ع، وفي اآلي��ة الثاني��ة ك��أن ش��يئا م��ا ح��دث، ه��ذا خش��وع؟! خش��وع الس��لف إذا بكى الليل��ة بك��رة يع��اد، م��ريض، ه��ذا الت���أثر الحقيقي، أم���ا تت��أثر عيون��ك ت���دمع أنت خاش���ع وال ب���أس، وزين وأفض���ل من عدم��ه، لكن يبقى أن الخش��وع الحقيقي م��ا ه��و موج��ود، يع��ني اآلي��ة الثاني��ة كأن��ه ش��يئا م��ا ح��دث. ووقعت قصة- أظن ذكرتها لكم- أمامي بالعش��ر األواخ��ر في ص��الة في ال��وتر في القن��وت يبكي بكاء شديدا، ولما سلم ناقش صاحبه عند الثالجة التي يحفظ بها الشاي، وكادا أن يتض��اربا، وق��د

أزعج الناس ببكائه الشديد. ي��ا إخ��وان القل��وب تحت��اج إلى مراجع��ة، تحت��اج إلى مع��اودة، ه��ذا الم��رض الحقيقي، اإلنس��ان إذا أص�����يب بزك�����ام أو ب�����أدنى م�����رض حس�����ي ف�����زع إلى األطب�����اء، والقل�����وب م�����ا نس�����عى أدنى س�����عي إلصالحها، هذه مشكلة، يعني اإلنسان قد يمس��خ وه��و م��ا ي��دري؛ ألن المس��خ المعن��وي أعظم من

المسخ الحسي كما قرر أهل العلم، إذا مسخ القلب خالص انتهى، وهللا المستعان. "وحكى عبد هللا بن مغفل ترجيعه آ آ آ ثالث مرات، ذكره البخاري، وإذا جمعت هذه األحاديث

إلى قول.."يعني في قراءة سورة الفتح.

»ليس منــا من لم وقولــه: »زينــوا القــرآن بأصــواتكم«،"وإذا جمعت هــذه األحــاديث إلى قولــه: ."يتغن بالقرآن«

في��ه استش��كال يستش��كله كث��ير من اإلخ��وان وطالب العلم، وه��و أن اإلنس��ان ق��د يس��مع الس��ورة من شخص فال يتأثر، كأنه ما قرأ قرآنا، كأنه ينشد قصيدة، ويسمع السورة من شخص آخر فيتأثر،

فهل تأثر هذا الشخص بالقرآن أو بالصوت؟

زاد المعاد في هديه -صلى الله عليه وسلم- في قراءةالقرآن واالستماع إليه

4

طالب: ........... يع�����ني الت�����أثر ب�����القرآن أو بالص�����وت، أو ب�����القرآن الم�����ؤدى به�����ذا الص�����وت ال�����ذي أمرن�����ا بتحس�����ينه

وتزيينه؟ طالب: .............

ل��وال أن الص��وت ل��ه أث��ر في النفس وال ي��ؤثر في ك��ون اإلنس��ان ت��أثر ب��القرآن لم��ا أمرن��ا ب��تزيينالقرآن بالصوت والتغني به.

»ما أذن هللا لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت«.""وقوله يعني ما ستمع.

ــارا ال ــان اختيـ ــلم- كـ ــه وسـ ــلى هللا عليـ ــه -صـ ــترجيع منـ ــذا الـ ــالقرآن« علمت أن هـ ــنى بـ "»يتغـ اضطرارا لهزة الناقة له، فـإن هــذا لــو كــان لهــز الناقـة لمــا كــان داخال تحت االختيــار، فلم يكن عبــد هللا بن مغفــل يحكيــه ويفعلــه اختيــارا ليؤتســى بــه وهــو يــرى هــز الراحلــة لــه حــتى ينقطــع صوته ثم يقول: كان يرجع في قراءته فنسب الترجيع إلى فعله، ولــو كــان من هــز الراحلــة لم

يكن منه فعل يسمى ترجيعا." وال استمر في القراءة كلها وفي الح�روف كله�ا م�ا ه�و في ح�روف دون ح�روف ل�و ك��ان الس�بب

هز الناقة."وقد استمع.."

طالب: ...........الترجيع ترديد بعض الحروف، الثابت ترجيع الهمزة، والترجيع في األذان أيضا معروف.

"وقــد اســتمع ليلــة لقــراءة أبي موســى األشــعري -رضــي هللا عنــه- فلمــا أخــبره بــذلك قــال: لــوا. وروى أبــو داود كنت أعلم أنك تسمعه لحبرته لك تحبيرا. أي حسنته وزينتــه بصــوتي تزيينــ في ســننه عن عبــد الجبــار بن الــورد قــال: ســمعت ابن أبي مليكــة يقــول: قــال عبــد هللا بن أبي يزيد: مر بنـا أبـو لبابـة فاتبعنـاه حـتى دخـل بيتـه فـإذا رجـل رث الهيئـة فسـمعته يقــول: سـمعت

قــال: فقلت البن»ليس منــا من لم يتغن بــالقرآن«،رسول هللا -صلى هللا عليه وســلم- يقــول: أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يحسنه ما استطاع.

قلت: ال بد من كشـف هـذه المسـألة، وذكـر اختالف النـاس فيهـا، واحتجـاج كــل فريـق ومـا لهموعليهم في احتجاجهم، وذكر الصواب في ذلك بحول هللا تبارك وتعالى ومعونته.

فقالت طائفة: تكــره قــراءة األلحــان، وممن نص على ذلـك أحمــد ومالــك وغيرهمــا، فقــال أحمــدفي رواية علي..."

5 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير5

القراءة باأللح�ان والتط��ريب الممن�وع هي ال�تي تخ�رج الق�رآن عن مس��ماه بزي�ادة بعض الح�روف الناش���ئة عن بعض الم���دود ه���ذه ألح���ان، أو ق���راءة الق���رآن على طريق���ة أه���ل الفس���ق في أغ���انيهم ومجونهم هذه ال تجوز بحال، أما تحسين الصوت والم��دود ال��تي ج��اءت به��ا الرواي��ة عن الن��بي-

عليه الصالة والسالم- فهذه ليست من التطريب الممنوع. "فقــال أحمــد في روايــة علي بن ســعيد في قــراءة األلحــان: مــا تعجبــني وهــو محــدث. وقــال في روايــة المــروذي: القــراءة باأللحــان بدعــة ال تســمع. وقــال في روايــة عبــد الــرحمن المتطبب: قــراءة األلحــان بدعــة. وقــال في روايــة ابنــه عبــد هللا ويوســف بن موســى ويعقــوب بن بختــانا فيقــرأ بحــزن واألثرم وإبراهيم بن الحارث: القراءة باأللحان ال تعجبني إال أن يكون ذلك حزنــ

معنــاه أن يحســنه.»زينوا القــرآن بأصــواتكم«مثل صوت أبي موسى. وقال في رواية صالح: »ما أذن هللا لشيء كأذنه لنبي حســن الصــوت أن يتغــنى بــالقرآن«،وقال في رواية المروذي:

فقــال: كــان ابن عيينــة يقــول: يســتغني بــه.»ليس منا من لم يتغن بالقرآن«وفي رواية قوله: وقال الشافعي: يرفع صوته.."

يفسر التغني باالستغناء، يستغني به عن غيره، وهذا يقلب المعنى، هذا يقلب المعنى. "وقـال الشــافعي: يرفـع صــوته. وذكــر لــه حــديث معاويـة بن قـرة في قصـة قـراءة سـورة الفتح والترجيع فيها، فـأنكر أبـو عبـد هللا أن يكـون على معـنى األلحـان، وأنكــر األحــاديث الـتي يحتج بهـا في الرخصـة في األلحــان، وروى ابن القاسـم عن مالـك أنـه ســئل عن األلحــان في الصــالة فقال: ال تعجبني، وقال: إنما هو غنــاء يتغنــون بــه؛ ليأخــذوا عليــه الــدراهم. وممن رويت عنــه الكراهة أنس بن مالك وسعيد بن المسـيب وســعيد بن جبـير والقاســم بن محمــد والحسـن وابن سيرين وإبراهيم النخعي. وقال عبد هللا بن يزيد العكبري: سمعت رجال يســأل أحمــد: مـا تقـولــا موحمــد في القــراءة باأللحــان؟ فقــال: مــا اســمك؟ قــال: محمــد، قــال: أيســرك أن يقــال لــك: يــد العزيـــز ــال الحســـن بن عبـ ــذه مبالغـــة في الكراهـــة، وقـ ــال القاضـــي أبـــو يعلى: هـ ــدودا. قـ ممـ الجروي: أوصى إلي رجل بوصية وكان فيما خلف جارية تقرأ باأللحان وكانت أكثر تركتــه أو عامتهــا، فســألت أحمــد بن حنبــل والحــارث بن مســكين وأبــا عبيــد: كيــف أبيعهــا؟ فقــالوا: بعهــا

ساذجة.."من غير هذا الوصف، تباع على أنها ال تحسن هذا األمر وال تتقنه.

"فأخبرتهم بما في بيعها من النقصان فقالوا: بعها ساذجة. قال القاضي: وإنما قالوا ذلــك؛ ألنسماع ذلك منها مكروه، فال يجوز أن يعاوض عليه كالغناء.

قال ابن بطال: وقالت طائفة التغني بالقرآن هو تحسين الصوت بـه والــترجيع بقراءتـه، قـال: والتغني بما شاء من األصوات واللحون هو قــول ابن المبــارك والنضــر بن شــميل قــال: وممن

زاد المعاد في هديه -صلى الله عليه وسلم- في قراءةالقرآن واالستماع إليه

6

أجاز األلحان في القرآن ذكر الطبري عن عمر بن الخطــاب -رضــي هللا عنــه- أنــه كــان يقــولرنــا ربنــا، فيقــرأ أبــو موســى ويتالحن، وقــال: من اســتطاع أن يتغــنى بــالقرآن ألبي موســى: ذك غناء أبي موسى فليفعل. وكان عقبة بن عامر من أحسن الناس صوتا بالقرآن فقال له عمر: اعرض علي سورة كذا، فعرض عليه فبكى عمر وقال: ما كنت أظن أنها نزلت. قال: وأجــازه ابن عباس وابن مسعود وروي عن عطاء بن أبي ربــاح قــال: وكــان عبــد الــرحمن بن األســود

بن يزيد.."طالب: ..........

الق��رآن ق��د تس��معه من ش��خص كأن��ك أول م��ا س��معته مث��ل م��ا ق��رأ أب��و بك��ر -رض��ي هللا عن��ه- فييتون}ي��وم الوف��اة [ ق��ال عم��ر: م��ا ظننت أنه��ا30 ]س��ورة الزم��ر:{إنك ميت وإنهم م

ن�زلت وه�و ردده�ا م�رارا وكرره�ا، لكن الش�يء في وقت�ه وفي مناس��بته ولت��أثيره الب��الغ في القلبكأنه أول مرة يسمع بهذه الطريقة.

هذا سائل يقول: ذكر النووي في كتاب األذكار حال الســلف في قــراءة القــرآن وقــال: جــاء عن عثمان -رضي هللا عنه- أنه يختم القرآن في ركعة، وبعضهم قــال: يختم القــرآن ثمــان مــرات

أربعا في النهار وأربعا في الليل، فهل يصح ذلك؟ أم��ا ه��ذا فموج��ود ومع��روف من طريق��ة الس��لف، موج��ود وج��ود ك��ثرة في الت��ابعين، في الص��حابة يع���رف عن عثم���ان -رض���ي هللا عن���ه-، وأم���ا في الت���ابعين فك���ثر فيهم من يختم الق���رآن في ليل���ة، ومث��ل ه��ذا م��ا يظن ب��ه أن��ه ترتي��ل، وإن ك��ان الترتي��ل إذا قلن��ا: إن الق��رآن يمكن أن يرت��ل الج��زء بثلث س��اعة ف��القرآن يحت��اج إلى عش��ر س��اعات، وإذا قلن��ا: إن الج��زء يمكن أن يق��رأ برب��ع س��اعة، فيختم القرآن بسبع ساعات ونصف، وهناك من يقرأ الخمسة في ساعة، وحينئذ يحتاج إلى س��تب، لكن يبقى أن�ه ليس على الوج�ه الم��أمور ب�ه، ق�د يوج�د بعض الن�اس ممن س�اعات، وه�ذا مج�ر ذل لسانه بالقرآن من يسرع ويتأثر ويبكي ويتدبر وهو على هذه الحال، لكن هذه مرحلة تحتاج

إلى مران طويل. على ك��ل ح��ال الت��دبر أفض���ل عن���د الجمه��ور، ي���ذكرون عن الش���افعي أن الس���رعة أفض���ل لكس���ب أج��ر الح��روف، مع��روف الختم��ة فيه��ا ثالث��ة ماليين حس���نة، كون��ك تختم ك��ل ي��وم وتكس��ب ثالث��ة ماليين عن��ده أفض��ل من أن تق��رأ الق��رآن في س��بع، وفي الس��بع تكس��ب ه��ذه الماليين الثالث��ة، ه��ذا عند الش��افعي، وأم�ا الجمه��ور ف��القراءة على الوج��ه الم�أمور ب��ه ول��و لم تق�رأ إال في ش��هر أفض��ل، ي���ذكرون في كتبهم ويق���رون، يع���ني الحاف���ظ ابن كث���ير والن���ووي والقرط���بي كلهم ذك���روا عن ابنا باللي���ل، لكن ه���ذا م���ا الك���اتب الص���وفي أن���ه ك���ان يق���رأ الق���رآن يختم أرب���ع م���رات بالنه���ار وأربع��� يتص���ور. ذك��ر القس��طالني أن فالن��ا ي��روي عن��ه باإلس��ناد أن��ه ق���رأ الق��رآن في أس��بوع، م��ا مع��نى

أسبوع؟

7 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير7

ر أب���دا، وال اإلم���رار على س���بعة أش���واط؛ ألن���ه ق���ال، وفي رواي���ة في ش���وط، ك���ل ه���ذا م���ا يتص���و القلب، وال مج��رد التفك��ر م��ا يكفي ه��ذا، ه��ذا إلى العبث أق��رب، فعلى اإلنس��ان أن يس��دد ويق��ارب، ال يهجر القرآن، وال يعمل بهذه الطريقة، فإذا ق��رأ الق��رآن في س��بع، وه�ذا ال يش�ق على أح�د، ال عامل وال عالم وال متعلم، يجلس بعد صالة الصبح إلى أن ترتفع الشمس يقرأ القرآن في س��بع،

.»اقرأ القرآن في سبع وال تزد«والنبي -عليه الصالة والسالم- يقول لعبد بن عمرو: مما يحتج به في قراءة الهذ أجر الحروف، وأن��ه كلم��ا ك��ثرت الق�راءة عظم األج��ر، وك��ل ح��رفا يجلس س��اعة في فيه عش�ر حس��نات، فمث�ل ه�ذا يع�ني الص�ورة ال�تي يق�ع فيه�ا الخالف أن شخص� المس���جد يق���ول: األفض���ل أق���رأ ج���زأين بترتي���ل وت���دبر أو أق���رأ خمس���ة ألحص���ل على م���ائتي أل���ف حس�نة؛ ألن الج�زء في��ه مائ�ة أل�ف، أق��رأ ج�زأين م�ائتي أل�ف أو أق�رأ خمس��ة خمس�مائة أل�ف، أيهم�ا

أفضل؟ ه���ذا مح���ل الخالف، م���ا ه���و مح���ل الخالف أن يق���رأ ج���زأين ه���ذا أو ج���زأين ت���رتيال، ال، ه���ذا م���ا

يختلف فيه أحد. يس����تدل بعض الش����افعية كالحاف����ظ ابن حج����ر وغ����يره على ق����راءة اله����ذ أن ن����بي هللا داود -علي����ه

السالم- يقرأ القرآن كامال وفرسه تسرج، لكن هل قرآنه مثل قرآننا؟ هو الذي أنزل عليه؟طالب: ..............

الزب���ور، الزب���ور أن���زل علي���ه، وه���ل ه���و في حجم الق���رآن؟ عن���دهم األم���ر ال يختل���ف لم���اذا؟ ألن كالم هللا واح���د م���ا يتغ���ير، كالم هللا ال يتغ���ير، عن���دهم الق��رآن ه���و الزب���ور، الت���وراة ه���و اإلنجي���ل، ال���ذي يتغ���ير ه���و اللغ���ات، يع���ني إذا ق���رئ بالعربي���ة ص���ار قرآن���ا، ق���رئ بالس���ريانية ص���ار إنجي���ل، بالعبراني��ة ص��ار ت��وراة، ه��ذا الكالم ل��و ت��دبر باط��ل من ك��ل وج��ه، باط��ل من ك��ل وج��ه، ورق��ة بن نوفل لما قرأ عليه الن�بي -علي�ه الص��الة والس��الم- س�ورة اق��رأ ق�ال: ه�ذه أن��ا أعرفه�ا؟ ه�و ي�ترجم اإلنجي���ل بالعربي���ة وينقل���ه إلى اللغ���ات كله���ا، م���ا ق���ال: ه���ذه الس���ورة عن���دي من قب���ل، م���ا ق���ال إن

السورة هذه عندي من قبل، اسمع من ابن أخيك، سمع سورة اقرأ شيء جديد عليه. وعلى ك��ل ح��ال م��ا ه��و ه��ذا وقت ال��رد على ه��ذا الق��ول، لكن هم يف��رون من إثب��ات ك��ون الق��رآن متجدد اآلحاد يتكلم هللا -جل وعال- متى شاء كيف شاء بحرف وصوت، هم يمنعون مثل ه��ذا، يص��فون بص��فة الكالم، لكن على الهيئ��ة ال��تي ي��ذكرونها، وأن كالم هللا واح��د، تكلم في األزل وال يتكلم بع���د، فه���ذا ال���ذي جعلهم يس���تدلون ب���أن داود -علي���ه الس���الم- يق��رأ الق���رآن والف��رس تس���رج، عن���ده قرآنن���ا داود؟! م���ا عن���ده قرآنن���ا إال على رأيهم هم كالم هللا ال يتغ���ير، لكن ال���ذي علي���ه أه���ل الح��ق أه��ل الس��نة والجماع��ة من س��لف ه��ذه األم��ة وأئمته��ا من الص��حابة فمن بع��دهم أن كالم هللا

وإن كان قديم النوع إال أنه متجدد اآلحاد، يتكلم متى شاء كيف شاء.طالب: ..........

زاد المعاد في هديه -صلى الله عليه وسلم- في قراءةالقرآن واالستماع إليه

8

ه���و كتبت الت���وراة، كتبه���ا هللا -ج���ل وعال- بي���ده، وأم���ا المكالم���ة الش���فوية ه���ذه هللا أعلم به���ا، م���اا عنه�ا ال ي�درى م��ا ال�ذي دار بينهم�ا، ف��إن ك�ان مم��ا س�طر في الت�وراة يع�د منه�ا، وإن ك�ان خارج�

يعد منها، وهللا أعلم. "قــال: وكــان عبــد الــرحمن بن األســود بن يزيــد يتتبــع الصــوت الحســن في المســاجد في شــهر

رمضان، وذكر الطحاوي.." اإلم���ام -رحم���ه هللا- س���ئل فق���ال: اتب���ع األنف���ع لقلب���ك؛ ألن بعض الن���اس تص���لي وراءه م���ا كأن���ك تصلي، سبحان هللا، وبعض الناس يؤثر فيك، فمثل هذا األنفع للقلب م�ا لم يتهم الش�خص بأن�ه ال يص���لي إال م���ع من يتب���ع جماعت���ه، ف���إذا ارتفعت منزلت���ه عن ه���ذه، أو يتهم ب���أن بين���ه وبين اإلم���امشحناء أو بغضاء أو شيئا من هذا، مثل هذا إن ارتفعت منزلته عن هذه التهمة يتبع من يشاء.

"وذكر الطحاوي عن أبي حنيفة وأصحابه.."وأصحابه.

ــد الحكم: رأيت أبي ــد بن عبـ ــال محمـ ــرآن باأللحـــان، وقـ ــتمعون القـ ــحابه أنهم كـــانوا يسـ "وأصـ والشافعي ويوسف بن عمر يستمعون القرآن باأللحان، وهــذا اختيــار ابن جريــر الطــبري، قـال

زون..." المجو الم��راد باأللح��ان التغ��ني وت��زيين الص��وت ب��القرآن، فال يك��ون ثم خالف، إن ش��اء هللا تع��الى، أم��ا

القراءات المحدثة بالتمطيط ما يقول بها أحد ممن يعتد بقوله. واللفــظ البن جريــر: الــدليل على أن معــنى الحــديث تحســين الصــوت والغنــاء"قــال المجــوزون

المعقول الذي هو تحزين القارئ سامع قراءته كما أن الغناء بالشعر هو الغناء المعقول الــذي يطرب سامعه ما روى سفيان عن الزهري عن أبي ســلمة عن أبي هريــرة -رضـي هللا عنـه-

ــال: ــلم- قـ ــه وسـ ــلى هللا عليـ ــبي -صـ ــترنمأن النـ ــن الـ ــبي حسـ ــا أذن لنـ ــيء مـ ــا أذن هللا لشـ »مـ ومعقول عند ذوي الحجا أن الترنم ال يكون إال بالصــوت إذا حســنه المــترنم وطــرببالقرآن«،

»مــا أذن هللا لشــيء مــا أذن لنــبي حســن الصــوت يتغــنى بــالقرآنبــه، وروي في هــذا الحــديث قال الطبري: وهذا الحديث من أبين البيان أن ذلك كما قلنا، قال: ولو كان كمــا قــاليجهر به«

ــنى، ــه معـ ــر بـ ــوت والجهـ ــن الصـ ــذكر حسـ ــيره لم يكن لـ ــه عن غـ ــتغني بـ ــني يسـ ــة يعـ ابن عيينـوالمعروف في كالم العرب أن التغني إنما هو الغناء الذي هو حسن الصوت بالترجيع."

التغني تفعل من المصدر الذي هو الغناء."قال الشاعر:

إن الغناء لهذا الشعر مضمارتغن بالشعر إما كنت قائله

9 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير9

قال: وأما ادعاء الزاعم أن تغنيت بمعنى استغنيت فاش في كالم العــرب فلم نعلم أحــدا قــال بــهمن أهل العلم بكالم العرب، وأما احتجاجه لتصحيح قوله بقول األعشى:

عفيف المناخ طويل التغنوكنت امرءا زمنا بالعراق وزعم أنــه أراد بقولــه: طويــل التغــني طويــل االســتغناء، فإنــه غلــط منــه، وإنمــا عــنى األعشــى بــالتغني في هــذا الموضــع اإلقامــة، من قــول العــرب: غــني فالن بمكــان كــذا إذا أقــام بــه، ومنــه

[ واستشهاده بقول اآلخر:92 ]سورة األعراف:{كأن لم يغنوا فيها}قوله تعالى: ونحن إذا متنا أشد تغانياكالنا غني عن أخيه حياته

فإنه إغفال منه؛ وذلـك ألن التغــاني تفاعــل من تغــنى إذا اســتغنى كــل واحــد منهمــا عن صــاحبه كما يقال: تضارب الرجالن إذا ضرب كل واحد منهما صاحبه، وتشاتما وتقاتال، ومن قال هــذا

في فعل اثنين." يعني صيغة المفاعلة في األصل تكون بين اثنين غالبا، بين اث�نين غالب�ا وإال س��افر مس��افر واح��د س���افر مس���افرة، س���افر من المفاعل���ة، من المس���افرة، مث���ل ط���ارق النع���ل وع���اقب اللص كله���ا من

واحد.ــد ــانى زيـ ــد فيقـــول: تغـ ــنين لم يجـــز أن يقـــول مثلـــه في فعـــل الواحـ ــال هـــذا في فعـــل اثـ "ومن قـ وتضارب عمرو، وذلك غير جائز أن يقول: تغنى زيد بمعنى استغنى إال أن يريد به قائلــه أنــه أظهر االســتغناء وهـو غــير مســتغن، كمــا يقــال تجلد فالن إذا أظهــر جلــدا من نفســه وهــو غــيره التغــني بـالقرآن إلى هـذا المعـنى على بعــده من مفهـوم ه موجـ جليد وتشــجع وتكــرم، فـإن وج كالم العرب كانت المصيبة في خطئه في ذلــك أعظم؛ ألنـه يـوجب على من تأولـه أن يكــون هللا تعالى ذكره لم يأذن لنبيه أن يستغني بالقرآن، وإنما أذن له أن يظهر من نفسه لنفســه خالف

ما هو به من الحال، وهذا ال يخفى فساده. قال: ومما يبين فساد تأويل ابن عيينة أيضا أن االستغناء عن الناس بالقرآن من المحــال أن يوصف أحد به أنه يــؤذن لــه فيــه أو ال يــؤذن إال أن يكــون األذن عنــد ابن عيينــة بمعــنى اإلذن الــذي هــو إطالق وإباحــة، وإن كــان كــذاك فهــو غلــط من وجهين أحــدهما: من اللغــة، والثــاني: من إحالة المعنى عن وجهه، أما اللغة فإن األذن مصدر قوله: أذن فالن لكالم فالن فهو يأذن

ت}: له إذا استمع له وأنصت، كما قال تعالى ]سورة االنشــقاق:{وأذنت لربها وحق [ بمعنى سمعت لربها وحق لها ذلك كما قال عدي بن زيد: إن همي في ســماع وأذن بمعــنى2

إنما هــو مــا اســتمع هللا لشــيء من كالم»ما أذن هللا لشيء«في سماع واستماع فمعنى قوله: الناس ما استمع لنبي يتغنى بالقرآن.

زاد المعاد في هديه -صلى الله عليه وسلم- في قراءةالقرآن واالستماع إليه

10

وأما اإلحالة في المعـنى فألن االسـتغناء بـالقرآن عن النـاس غـير جـائز وصـفه بأنـه مسـموعومأذون له انتهى كالم الطبري.

قال أبو الحسن بن بطال: وقد وقع اإلشــكال في هــذه المســألة أيضــا بمــا رواه ابن أبي شــيبةقال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني موسى بن علي بن رباح."

علي، ابن علي.

أحسن هللا إليك. "قال: حدثني موســى بن علي بن ربــاح عن أبيــه عن عقبــة بن عــامر -رضــي هللا عنــه- قــال:

تعلموا القرآن وتغنوا به واكتبوه فوالذي نفسي بيدهقال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم- » « قــال: وذكــر عمــر بن شــبة قــال: ذكــر ألبي عاصــملهــو أشــد تفصــيا من المخــاض من العقل

النبيل تأويل ابن عيينة في قوله: يتغنى بالقرآن يستغني به فقــال: لم يصــنع ابن عيينــة شــيئا. حــدثنا ابن جــريج عن عطــاء عن عبيــد بن عمــير قــال: كــانت لــداود نــبي هللا -صــلى هللا عليــها وسلم- معزفة يتغنى عليها يبكي ويبكي. وقال ابن عباس: إنه كان يقرأ الزبور بســبعين لحنــ تكـون فيهن ويقـرأ قـراءة يطـرب منهــا الجمـوع، وســئل الشــافعي -رحمـه هللا- عن تأويـل ابن

عيينة فقال: نحن أعلم بهذا، لو أراد به االستغناء لقال.."يطرب منها.. يقرأ قراءة يطرب منها..

ا تكــون فيهن ويقــرأ قـراءة يطــرب منهــا "وقـال ابن عبــاس: إنـه كــان يقــرأ الزبـور بســبعين لحنـالجموع."

األعداد الغفيرة الكثيرة.ــه ــ ــو أراد ب ــ ــذا ل ــال: نحن أعلم بهــ ــ ــة فق ــ ــل ابن عيين ــ ــه هللا- عن تأوي ــافعي -رحمــ ــئل الشــ "وســ

علمنــا أنــه أراد بــه»يتغــنى بــالقرآن«االســتغناء لقــال: من لم يســتغن بــالقرآن ولكن لمــا قــال: التغني، قالوا: وألن تزيينه وتحسين الصوت به والتطــريب بقراءتــه أوقــع في النفــوس وأدعى إلى االستماع واإلصغاء إليه، ففيه تنفيذ للفظه إلى األسماع ومعانيه إلى القلوب، وذلــك عــون على المقصود، وهو بمنزلة الحالوة التي تجعل في الدواء؛ لتنفــذه إلى موضــع الــداء وبمنزلــة

األفاويه والطيب.."ويكون الشفاء بسبب الدواء ال بسبب ما أدخل عليه.

"وبمنزلــة األفاويــه والطيب الــذي يجعــل في الطعــام؛ لتكــون الطبيعــة أدعى لــه قبــوال، وبمنزلــة الطيب والتحلي وتجمل المرأة لبعلها ليكون أدعى إلى مقاصد النكاح، قالوا: وال بد للنفس من طــرب واشــتياق إلى الغنــاء فعوضــت عن طــرب الغنــاء بطــرب القــرآن، كمــا عوضــت عن كــل محرم ومكروه بما هو خير لهــا منــه، وكمــا عوضــت عن االستقسـام بــاألزالم باالســتخارة الـتي

11

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

11

هي محض التوحيد والتوكــل، وعن الســفاح بالنكــاح، وعن القمــار بالمراهنــة بالنصــال وســباقا، قـــالوا: الخيـــل، وعن الســـماع الشـــيطاني بالســـماع الرحمـــاني القـــرآني، ونظـــائره كثـــيرة جـــد والمحرم ال بد أن يشتمل على مفسدة راجحة أو خالصة وقراءة التطريب واأللحان ال تتضــمن شيئا من ذلك فإنها ال تخرج الكالم عن وضعه، وال تحول بين السامع وبين فهمه، ولــو كــانتــادة الحــروف كمــا ظن المــانع منهــا ألخــرجت الكلمــة عن موضــعها، وحــالت بين متضــمنة لزي

السامع وبين فهمها، ولم يدر ما معناها، والواقع بخالف ذلك قالوا: وهذا التطريب.." الخالف بين أهل العلم في مثل هذه المسألة شبه لفظي، المج�يز له��ذا الفع�ل ال يمكن أن يج�يز م�ا يش���به أغ��اني المج���ان والفج���ار ول���و ك���انت ب���القرآن، إذا جعل��ه على أوزانهم وأداه على ط���رائقهم،

هذا ال يمكن أن يجيزه أحد، وأما مجرد تحسين الصوت فهذا يتفق عليه جميع األطراف. "قالوا: وهذا التطريب والتلحين أمر راجع إلى كيفية األداء، وتارة يكون سليقة وطبيعة وتارة يكون تكلفا وتعمال، وكيفيات األداء ال تخرج الكالم عن وضع مفرداته، بل هي صفات لصــوتــراء الطويلـــة المـــؤدي جاريـــة مجـــرى ترقيقـــه وتفخيمـــه وإمالتـــه، وجاريـــة مجـــرى مـــدود القـــة ــ ــريب متعلق ــان والتطــ ــات األلحــ ــ ــالحروف، وكيفي ــ ــة ب ــات متعلقــ ــ ــك الكيفي ــ ــطة، لكن تل والمتوســ باألصوات واآلثار في هــذه الكيفيــات ال يمكن نقلهــا بخالف كيفيــات أداء الحــروف، فلهــذا نقلت

تلك.." نعم ال يمكن نقله�����ا، األداء ال يمكن نقل�����ه، ول�����ذا ين�����ازع في ك�����ون األداء مت�����واترا، نعم الح�����روف مت���واترة، ونقل���ه المت���وارث المت���واتر عن أه���ل العلم مع���روف، نق���ول: ه���و قطعي، ت���واتر الطبق���ة معروف عند أهل العلم التي نقل بها القرآن من نزوله إلى أن يرف��ع، لكن أداؤه ل��و ك��ان مت��واترا الت���واتر حج���ة قطعي���ة ال يختل���ف وال يتغ���ير، ال م���ا وج���د ه���ذا االختالف في ق���راءة الق���راء، ول���ذا بعض���هم ي���رى أن األداء غ���ير مت���واتر، ول���ذا يك���ون الخالف في���ه ش���يء من الس���عة، وإذا قلن���ا: إن األداء مت��واتر ال يج��وز الخ��روج عن ق��راءات الق��راءات ال��تي رس��موها، ب��ل يجب أن ي��ؤدى على القوانين التي قننوها ورسموها، منهم من يؤثم من يقرأ القرآن بغير تجويد، ومنهم من ي��رى أن��ه ال يأثم، وأن قولهم: إنه يجب قراءة القرآن بالتجويد كما أنزل بالترتيل، الوجوب بمعنى اللزوم، مث��ل يجب رف��ع الفاع��ل، يجب نص��ب المفع��ول، يع��ني الوج��وب االص��طالحي، ال أن قارئ��ه على غير هذه الكيفية ما لم يلحن، أو ما لم يخرجه عن الم�راد من��ه، ف��إن األم�ر في�ه ش�يء من الس�عة.

ابن الجزري يقول: من لم يجود القرآن آثم

فبين أن المراد عنده المراد بالوجوب القسيم لألحكام التكليفية. "فلهذا نقلت تلـك بألفاظهـا، ولم يمكن نقــل هـذه بألفاظهــا، بـل نقــل منهــا مــا أمكن نقلــه كــترجيع

قــالوا: والتطــريب والتلحين »آ آ آ« النــبي -صــلى هللا عليــه وســلم- في ســورة الفتح بقولــه:

زاد المعاد في هديه -صلى الله عليه وسلم- في قراءةالقرآن واالستماع إليه

12

راجع إلى أمرين مد وترجيع، وقد ثبت عن النبي -صلى هللا عليه وسلم- أنه كان يمد صوته بالقراءة، يمد الــرحمن، ويمـد الـرحيم، وثبت عنـه الــترجيع كمـا تقــدم. قـال المـانعون من ذلــك: الحجة لنا من وجــوه أحـدها: مــا رواه حذيفـة بن اليمـان -رضـي هللا عنـه- عن النـبي- صـلى

»اقـــرؤوا القـــرآن بلحـــون العـــرب وأصـــواتها وإيـــاكم ولحـــون أهـــل الكتـــابهللا عليـــه وســـلم-: .والفسق فإنه سيجيء..«

ولذا الحافظ ابن رجب -رحمه هللا- اش��ترط في ج��واز النش��يد واإلنش��اد أن ي��ؤدى بلح��ون الع��رب ال بلحون األعاجم، وال بلحون أهل الفسق، حتى النشيد في الكالم الع��ادي في الش��عر الع��ربي إذا س����لمت ألفاظ����ه من الم����ادة الممنوع���ة من الكالم ال����ذي في����ه فحش أو خن���ا أو م����دح من ال يس����تحق الم���دح أو تش���بيب أو فخ���ر أو هج���اء، إذا س���لم من ذل���ك س���لمت مادت���ه وأدي على لح���ون الع���رب ج��از، والن��بي -علي���ه الص���الة والس���الم- أنش���د الش���عر بين يدي���ه أنش���د الش���عر بين يدي��ه، ف���إذا أدي

على لحون العرب جاز وإال فال. "»فإنه سـيجيء من بعــدي أقـوام يرجعـون بـالقرآن ترجيـع الغنـاء والنوح، ال يجـاوز حنـاجرهم

رواه أبــو الحســن رزين في تجريــد الصــحاح،مفتونــة قلــوبهم وقلــوب الــذين يعجبهم شــأنهم«ــو يعلى في ــي أبـ ــه القاضـ ــول، واحتج بـ ــوادر األصـ ــذي في نـ ــد هللا الحكيم الترمـ ــو عبـ ورواه أبـ الجــامع، واحتج معــه بحــديث آخــر أنــه -صــلى هللا عليــه وســلم- ذكــر شــرائط الســاعة وذكــر

»أن يتخذ القرآن مزامير يقدمون أحدهم..«."أشياء منها: نعم وج����د في الق���رن الماض���ي في منتص���فه إلى آخ���ره من ه���ذه ص���فة قراءت����ه، ول���ذا تج����دون في ترجم���ة بعض الق���راء ال���ذين يق���رؤون الق���رآن على ه���ذه الص���فة، تج���دون في ترجمت���ه أن���ه يجي���د

األغاني والموسيقى والمزامير، وجد هذا في ترجمة من شهر بالقراءة، وهللا المستعان. قــالوا: وقــد جــاء"»يقــدمون أحــدهم ليس بــأقرئهم وال أفضــلهم مــا يقدمونــه إال ليغــنيهم غنــاء«

ب وكـان زياد النهدي إلى أنس -رضي هللا عنه- مع القراء فقيـل لـه: اقـرأ فرفـع صـوته وطــر رفيع الصوت، فكشف أنس عن وجهه وكان على وجهه خرقة سوداء وقــال: يــا هــذا مــا هكــذا كــانوا يفعلــون، وكــان إذا رأى شــيئا ينكــره رفــع الخرقــة عن وجهــه، قــالوا: وقــد منــع النــبي- صلى هللا عليه وسلم- المؤذن المطرب في أذانه من التطريب كما روى ابن جريج عن عطاء

عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال.." اآلن الخرق����ة الس����وداء ه����ذه م����ا فائ����دتها؟ اآلن ال����ذي أنك����ر على ه����ذا الق����ارئ على وجه����ه خرق����ة

سوداء.طالب: أنس..

أنس -رضي هللا عنها- ما الفائدة منها؟ يعني لما كبرت سنه وضعف بص��ره ص��ار الن��ور ي��ؤثرعليه مثل النظارات الشمسية، ما هو يتعبد بها مثل ما يتعبد المتصوفة بخرقهم، ال.

13

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

13

ــبي -صــلى هللا عليــه ــال الن ــه وســلم- مــؤذن يطــرب فق ــال كــان لرســول هللا -صــلى هللا علي "ق رواه»إن األذان ســــهل ســــمح، فــــإن كــــان أذانــــك ســــهال ســــمحا وإال فال تــــؤذن«،وســــلم-:

الدارقطني. وروى عبد الغني بن سعيد الحافظ من حديث قتــادة عن عبــد الــرحمن بن أبي بكــرا ليس فيهــا ترجيــع قــالوا عن أبيــه قــال: كــانت قــراءة رســول هللا -صــلى هللا عليــه وســلم- مــدــف ــع األل ــا ليس بممــدود وترجي ــا ليس بمهمــوز ومــد م والــترجيع والتطــريب يتضــمن همــز م الواحد ألفات والواو واوات والياء ياءات، فيؤدي ذلك إلى زيادة في القرآن، وذلك غــير جــائزا في كتــاب قالوا: وال حد لما يجوز من ذلك ومــا ال يجــوز منــه، فــإن حــد بحــد معين كــان تحكمــ هللا تعـــالى ودينـــه، وإن لم يحـــد بحـــد أفضـــى إلى أن يطلـــق لفاعلـــه ترديـــد األصـــوات وكـــثرة

الترجيعات والتنويع في أصناف.." لكن تحديد المدود بالحركات هذا يمد حركتين، وهذا أربع، وهذا س�ت ل�ه أص��ل أو م�ا ل�ه أص�ل؟ هم يقول��ون: أخ��ذوه ب��التلقي، ك��ل واح��د عن ش��يخه إلى أن يص��ل للن��بي -علي��ه الص��الة والس��الم- وه���ذا مح���ل الخالف ال���ذي ه���و مت���واتر أو غ���ير مت���واتر، ال���ذي ه���و األداء ه���و األص���ل، إذا أردن���ا األص����ل مث����ل ه����ذه األم����ور ينص عليه����ا كم����ا نص على قول����ه في الم����رة الثالث����ة »س����بحان المل����كل لع��ل القدوس« يمد بها صوته، يمد الرحمن، يمد الرحيم، هذه أمور ثابتة، لكن ما ترك ولم ينق��

األمر فيه شيء من السعة. " وإن لم يحد بحد أفضى إلى أن يطلق لفاعله ترديد األصوات وكــثرة الترجيعــات والتنويــع في

أصناف اإليقاعات واأللحان المشبهة للغناء."المشبهة.

"المشبهة للغناء.."أحسن هللا إليك.

ريض ابن القيم -رحمه هللا- ما ينتهي.م. حتى ما تقرأ األسبوع الجاي، مقد

"كما يفعل أهل الغناء باألبيات وكما يفعله كثير من القراء أمام الجنائز، ويفعله كثير من قــراء األصوات مما يتضمن تغيـير كتـاب هللا والغنـاء بـه على نحـو ألحـان الشـعر والغنـاء، ويوقعـونا إلى تــزيين ا بــالقرآن وركونــ اإليقاعات عليه مثل الغناء سواء اجتراء على هللا وكتابه وتالعبــ الشيطان، وال يجيز ذلك أحد من علماء اإلسالم، ومعلوم أن التطريب والتلحين ذريعة مفضــية إلى هذا إفضاء قريبا، فالمنع منه كالمنع من الذرائع الموصلة إلى الحرام فهذا إقدام الفريقين

ومنتهى احتجاج الطائفتين."نهاية إقدام واال أقدام؟

زاد المعاد في هديه -صلى الله عليه وسلم- في قراءةالقرآن واالستماع إليه

14

أقدام أقدام..أحسن هللا إليك.

"فهذا نهاية أقدام الفريقين.."يعني وقفوا عند هذا، وقفوا عند هذا.

أحسن هللا إليك. "ومنتهى احتجاج الطائفتين وفصل النزاع أن يقال: التطريب والتغني على وجهين أحدهما: ماــه ــل إذا خلي وطبعــ ــ ــرين وال تعليم، ب ــير تكلــــف وال تمــ ــه من غــ ــ ــمحت ب ــة وســ ــته الطبيعــ اقتضــ واسترســلت طبيعتــه جــاءت بــذلك التطــريب والتلحين، فــذلك جــائز، وإن أعــان طبيعتــه بفضــل تزيين وتحسين كما قال أبو موســى األشــعري للنــبي -صــلى هللا عليــه وســلم-: لــو علمت أنــك تسمع لحبرته لك تحبيرا، والحزين ومن هاجه الطرب والحب والشوق ال يملك من نفسه دفــع التحزين والتطريب في القراءة، ولكن النفوس تقبله وتستحليه؛ لموافقته الطبع وعـدم التكلـف والتصــنع فيــه فهــو مطبــوع ال متطبــع وكلــف ال متكلــف، فهــذا هــو الــذي كــان الســلف يفعلونــه ويستمعونه، وهو التغني الممدوح المحمود، وهو الـذي يتـأثر بـه التـالي والسـامع، وعلى هـذا

الوجه تحمل أدلة أرباب هذا القول كلها. الوجــه الثــاني: مــا كــان من ذلــك صــناعة من الصــنائع، وليس في الطبــع الســماحة بــه، بــل ال يحصل إال بتكلف وتصنع وتمرن، كما يتعلم أصوات الغناء بأنواع األلحــان البســيطة والمركبــة على إيقاعــات مخصوصــة وأوزان مخترعــة، ال تحصــل إال بــالتعلم والتكلــف، فهــذه هي الــتي كرهها السلف وعابوها وذموها، ومنعوا القراءة بها، وأنكروا على من قرأ بها، وأدلة أربــاب هذا القول إنما تتناول هذا الوجه، وبهذا التفصيل يزول االشــتباه، ويتـبين الصـواب من غـيره، وكل من له علم بأحوال الســلف يعلم قطعــا أنهم بــرآء من القــراءة بألحــان الموســيقى المتكلفــة الـــتي هي إيقاعـــات وحركـــات موزونـــة معـــدودة محـــدودة، وأنهم أتقى هلل من أن يقـــرؤوا بهـــاــواتهم ــنون أصــ ــريب، ويحســ ــرؤون بـــالتحزين والتطــ ــانوا يقــ ويســــوغوها، ويعلم قطعـــا أنهم كــ بــالقرآن ويقرؤونــه بشــجى تــارة، وبطــرب تــارة، وبشــوق تــارة، وهــذا أمــر مركــوز في الطبــاع تقاضيه، ولم ينه عنه الشارع مع شدة تقاضي الطبــاع لــه، بــل أرشــد إليــه ونــدب إليــه، وأخــبر

«.ليس منا من لم يتغن بالقرآنعن استماع هللا لمن قرأ به وقال: » وفيــه وجهــان: أحــدهما: أنــه إخبــار بــالواقع الــذي كلنــا نفعلــه، والثــاني أنــه نفي لهــدي من لم

يفعله عن هديه وطريقته -صلى هللا عليه وسلم-."