التوسل والصالحين باألنبياء

بذةــــــــــــــــــن :

التوسل الحقيقي المشروع هو الذي يكون عن طريق طاعة الله وطاعة رسوله بفعل الطاعات واجتناب المحرمات،

وعن طريق التقرب إلى الله باألعمال الصالحة، وسؤاله بأسمائه الحسنى

وصفاته العلى، فهذه هي أداة القربى إلى الله والطريق الموصلة إلى رحمته

.ومرضاته

الحمد لله وحده والصالة والسالم على من ال نبي بعده، وبعد:

فإنه نتيجة لبعد كثير من المسلمين عن ربهم، وجهلهم بدينهم في هذا الزمن، فقد كثرت فيهم الشركيات والبدع

والخرافات. ومن ضمن هذه الشركيات التي انتشرت بشكل كبير تعظيم بعض المسلمين لمن يسمونهم

باألولياء والصالحين ودعائهم من دون الله واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون، فعظموهم وطافوا على قبورهم، ويزعمون أنهم بذلك يتوسلون بهم إلى الله لقضاء

الحاجات وتفريج الكربات، ولو أن هؤالء الناس الجهلة رجعوا إلى القرآن والسنة وفقهوا ما جاء فيهما بشأن

.الدعاء والتوسل لعرفوا ما هو التوسل الحقيقي المشروع

إن التوسل الحقيقي المشروع هو الذي يكون عن طريق طاعة الله وطاعة رسوله بفعل الطاعات واجتناب المحرمات، وعن طريق

التقرب إلى الله باألعمال الصالحة، وسؤاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، فهذه هي

أداة القربى إلى الله والطريق الموصلة إلى رحمته ومرضاته. أما التوسل إلى الله عن طريق الفزع إلى قبور الموتى، والطواف

عليها وتقديم النذور ألصحابها، والترامي على أعتابهم لقضاء الحاجات وتفريج

W بل W مشروعا الكربات، فإن هذا ليس توسال .هذا هو الشرك والكفر والعياذ بالله

وأما ما جاء في توسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنهما، الذي قد يحتج به البعض، فإن عمر توسل بدعاء العباس ال بشخصه، والتوسل بدعاء األشخاص غير التوسل بشخصهم بشرط أن يكونوا أحياء،

ألن التوسل بدعاء الحي نوع من التوسل المشروع بشرط أن يكون المتوسل

W W صالحا .بدعائه رجال

ثم إن الميت الذي يذهب إليه السائل ليسأل الله ببركته ويطلب منه العون قد أصبح بعد W، وال يستطيع أن موته ال يملك لنفسه شيئاينفع نفسه بعد موته فكيف ينفع غيره؟ وال

يمكن ألي إنسان يتمتع بذرة من العقل السليم يستطيع أن يقرر أن الذي مات وفقد

حركته وتعطلت جوارحه يستطيع أن ينفع W عن أن ينفع غيره. وقد نفسه بعد موته فضالنفى النبي قدرة اإلنسان على فعل أي شيء

»إذا مات اإلنسان انقطع بعد موته فقال: عمله إال من ثالثة: من صدقة جارية، وعلم

]رواه ينتفع به، وولد صالح يدعو له« ،النسائي وصححه األلباني[

فتبين من الحديث أن الميت هو الذي بحاجة إلى من يدعو له ويستغفر له، وليس الحي هو

الذي بحاجة إلى دعاء الميت، وإذا كان الحديث يقرر انقطاع عمل ابن آدم بعد موته،

فكيف نعتقد أن الميت حي في قبره حياة تمكنه من اإلتصال بغيره وإمداده بأي نوع من

اإلمدادات، كيف نعتقد ذلك وفاقد الشيء ال يعطيه والميت ال يمكنه سماع من يدعوه

pذoينn مهما أطال في الدعاء قال تعالى: }وnال( sيرoمtطoن قoم nونu oك nمtل oهo مnا ي nدtعuونn مoن دuون ( 13ت

مoعuوا مnا nس tوn uمt وnل مnعuوا دuعnاءك tسn nدtعuوهuمt الn ي oن ت إ nون uرuفt nك nامnةo ي tقoي nوtمn ال uمt وnي nك uوا ل اب nجn ت tاس

}tمu oك ك tر oشo [14،13 ]فاطر: ب .

فنفى الله عنهم الملك وسماع الدعاء ومعلوم أن الذي ال يملك ال يعطي، وأن

الذي ال يسمع ال يستجيب وال يدري. وبينت W من اآلية أن كل مدعو من دون الله كائنا

كان فإنه ال يستطيع أن يحقق لداعيه W، وكل معبود من دون الله فعبادته شيئا

،باطلة

nنفnعuكn قال تعالى: n ي |هo مnا ال nدtعu مoن دuونo الل n ت }وnال nينoمo W م{نn الظpال oذا pكn إ oن oن فnعnلtتn فnإ كn فnإ nضuر~ n ي وnال

(106 uهn nاشoفn ل n ك oضuر� فnال |هu ب nمtسnسtكn الل oن ي ( وnإ}oهo oفnضtل آدp ل nر n tرs فnال ي nخo uرoدtكn ب oن ي p هuوn وnإ oال إ

[، ويتبين من هذه اآلية أن 107،106]يونس:كل مدعو من وهذا فيه تكذيب ألهل الخرافة

الذين يقولون ذهبنا للقبر الفالني أو دعونا الولي الفالني وحصل لنا ما نريد، دون الله ال

W ما الفائدة من عبادته ينفع وال يضر، فإذا ،ودعائه

فمن قال ذلك فقد كذب على الله، ولو فرض أنه :حصل شيء مما يقولون فإنه قد حصل بأحد سببين

إن كان األمر مما يقدر عليه الخلق عادة فهذا - 1W يحضرون عند حصل من الشياطين ألنهم دائما

القبور، ألنه ما من قبر أو صنم يعبد من دون الله إال تحضره الشياطين لتعبث في عقول الناس، وهؤالء

المتوسلون باألولياء لما كانوا من جنس عباد األوثان صار الشيطان يضلهم ويغويهم كما يضل عباد

W .األوثان قديما

فتتصور الشياطين في صورة ذلك المستغاث به وتخاطبهم بأشياء على سبيل المكاشفة،

كما تخاطب الشياطين الكهان وقد يكون W ولكن أكثره كذب. وقد بعض ذلك صدقا

تقضي بعض حاجاتهم وتدفع عنهم بعض ما يكرهون مما يقدر عليه البشر عادة، فيظن

هؤالء السذج أن الولي هو الذي خرج من قبره وفعل ذلك، وإنما هو في الحقيقة

الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك المستغيث به، كما تدخل الشياطين في

األصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم. كما نص على ذلك كثير من أهل

.العلم

أما إن كان األمر مما ال يقدر عليه إال الله كالحياة - 2والصحة والغنى والفقر إلى غير ذلك مما هو من

خصائص الله فهذا انقضى بقدر سابق قد كتبه الله قبل أن يخلق السماوات واألرض بخمسين ألف سنة

وجعل وقته هذه اللحظة، ولم يحصل ذلك ببركة دعاء .صاحب القبر كما يزعمون

فينبغي على اإلنسان العاقل أن ال يصدق مثل هذه الخرافات، وأن يعلق قلبه بالله وينزل حاجته به حتى

تقضي وال يلتفت إلى الخلق ألن الخلق ضعفاء ،مساكين فيهم الجهل والعجز

وكيف يطلب اإلنسان حاجته من مخلوق مثله، W ال يسمع وال W أيضا وقد يكون ذلك المخلوق ميتاW، بل إنه ألعجز من أن يرفع يرى وال يملك شيئا

ذرة من التراب الذي يواري جسده فهل هذا إال عين الضالل والجهل واالنحراف عن جادة

الصواب، ولكن الشيطان يزين للناس ما كانوا يعملون. ويكفي بهذا العمل حقارة وخسة أن صاحبه يفتقر إلى الخلق ويعرض على الخالق جل وعال، وهذا هو والله عمى البصائر وموت

.القلوب

:الكرامات المزعومة

لقد اختلط األمر على كثير من الناس W جعلهم يجهلون حقيقة W عجيبا اختالطا

المعجزات والكرامات، فلم يفهموها على وجهها الصحيح، ليفرقوا بين المعجزات والكرامات الحقيقية التي تأتي من الله

W W لرسالته إلى الناس، وتأييدا وحده إتماماW لبعض أوليائه الصالحين لرسله أو إكراما

الحقيقيين، لم يفرقوا بينها وبين الخرافات واألباطيل التي يخترعها الدجالون

ويسمونها معجزات وكرامات ليضحكوا بها على عقول الناس وليأكلوا أموالهم

،بالباطل

ولقد ظن الجهلة من الناس أن المعجزات والكرامات من من األمور الكسبية واألفعال االختيارية التي تدخل في استطاعة البشر، بحيث يفعلونها من تلقاء أنفسهم وبمحض إرادتهم، وبهذا الجهل اعتقدوا أن األولياء

والصالحين يملكون القدرة على فعل المعجزات والكرامات في أي وقت يشاءون،

وما ذلك إال لجهل الناس بربهم وبحقيقة .دينهم

ونقول لهؤالء إن تصوير ما يحدث من هؤالء الدجالين على أنها معجزة أو كرامة لهذا الولي أو ذاك: إن ذلك

كله كذب، وإنما هذه الحوادث كلها من عبث الشياطين أو من اختراع عقلية ماكرة اصطنعت تلك الحوادث الوهمية وسمتها كرامات ومعجزات لتضفي

W فتجعل لهم على أصحاب هذه القبور مهابة وإجالالبركات ليعظمهم الناس، ولتجذب الجماهير الساذجة لزيارة هذه القبور والتبرك بها وطلب الحاجات من أصحابها فتأتي لهم بالنذور من أموال وهدايا، وفي هذا عيش وكسب حرام لكل عاطل ال يريد العمل

.وإنما يريد الضحك على الناس وأكل أموالهم بالباطل

وال يمكن ألي عاقل يحتفظ بفطرته السليمة أن يصدق أن الميت يمكنه القيام بأي عمل

بعد أن خرجت روحه من بدنه وبطلت حركته W بالية، من وأكل الدود جسمه وأصبح عظاما

الذي يصدق مثل هذه المزاعم المفضوحة إال إنسان جاهل ساذج، ألن هذه المزاعم التي

يزعمونها مما يستحيل أن يفعلها األحياء W عن األموات. فهل نلغي عقولنا التي فضالمنحنا الله لنصدق مثل هذه الخرافات؟ إن العقول المستنيرة والفطر السليمة ترفض بشدة تصديق مثل هذه الخرافات لما في

ذلك من مخالفة لسنن الله الشرعية .والكونية

W W وحديثا :المشركون قديما

إن الكثيرين من الناس من مرتادي القبور والمزارات يقولون إن المشركين في

الجاهلية كانوا يعبدون األصنام، أما نحن فال أصنام عندنا نعبدها، بل لدينا قبور

لبعض المشايخ والصالحين ال نعبدها ولكننا W فقط نسأل الله أن يقضي حاجتنا إكراما

.لهم، والعبادة غير الدعاء

ونقول لهؤالء إن طلب المدد والبركة من الميت هو في الحقيقة دعاء، كما كانت

W وال فرق بين الجاهلية تدعو أصنامها تماماW وبين الصنم الذي يعبده المشركون قديما

W القبر الذي يعيد الناس ساكنه حديثافالصنم والقر والطاغوت كلها أسماء

W وتطلق على كل عبد تحمل معنى واحدا W W أو ميتا W حيا من دون الله سواء كان إنسانا

W أو غير ذلك W أو حيوانا ،أو جمادا

ولما سئل المشركون قديما عن سبب توسلهم باألصنام ودعائهم لها كان جوابهم كما في

pهo قوله تعالى: oلnى الل nا إ uون ب uقnر{ oي oالp ل uدuهuمt إ nعtب }مnا نtفnى{ ل u[، أي وسطاء بيننا وبين الله 3 ]الزمر: ُز

لقضاء حاجاتنا، ومن ذلك يتبين أنه ال فرق بين دعوى الجاهلية األولى وبين عباد القبور

الذين ينتسبون إلى اإلسالم اليوم فغاية الجمع واحدة وهي الشرك بالله ودعاء غير

.الله

:شرك المحبة

إن مجرد انصراف القلب والمشاعر كلها إلى مخلوق بالحب والتعظيم فيما ال يجوُز إال لله يعتبر عبادة له، فالذين يزعمون أنهم يحبون

الموتى من األولياء والصالحين لكنهم يعظمونهم ويقدسونهم بما يزيد عن الحد

الشرعي هم في الحقيقة يعبدونهم ألنهم من فرط حبهم لهم انصرفوا إليهم فجعلوا لهم الموالد والنذور وطافوا حول قبورهم كما

يطوفون حول الكعبة واستغاثوا بهم وطلبوا ،المدد والعون منهم

ولوال التقديس والغلو فيهم ما فعلوا كل ذلك W أنهم من أجل الموتى، ومن غلوهم فيهم أيضا

يحرصون على أن يحلفوا بهم صادقين، بينما ال يتحرجون من أن يحلفوا بالله كاذبين هاُزلين، والبعض منهم قد يسمع من يسب الله تعالى

فال يغضب لذلك وال يتأثر بينما لو سمع من W، أليس في W شديدا يسب شيخه لغضب غضبا

ذلك غلو في أوليائهم ومشايخهم أكثر من تعظيمهم لله؟ وأن محبتهم لهم غلبت محبة

pخoذu مoن الله، قال تعالى: nت pاسo مnن ي }وnمoنn الن nينoذp |هo وnال nحuب{ الل nهuمt ك ~ون ب oحu W ي nندnادا |هo أ دuونo الل

}oه| {ل W ل |ا ب uد~ ح nشn t أ uوا [، وهذا 165]البقرة: آمnن.النوع من الشرك هو شرك المحبة

:الله قريب من عباده

oذnا إن الله تعالى قريب من عباده، قال تعالى: }وnإ nةnوtعnد uيبoج

u {ي قnرoيب� أ oن {ي فnإ nادoي عnن ب oع nكnلn أ nسoي t ب uوا uؤtمoن tي t لoي وnل uوا يب oجn ت tسn tي oذnا دnعnانo فnل الدpاعo إ

}nونuد uش tرn pهuمt ي nعnل [. فليس بين 186]البقرة: لالله وبين عباده ما يمنع من مناجاته واللجوء

إليه وطلب الحاجة منه مباشرة حتى يلجأ اإلنسان إلى قبور الموتى يتوسل بهم ويدعوهم

ليشفعوا له عند الله ويسألهم ما ال يملكون .ويطلب منهم ما ال يقدرون عليه

بل يجب على اإلنسان أن يلجأ إلى ربه مباشرة وأن يسأله بلسانه هو، ويتوسل إليه التوسل

المشروع وذلك بالتقرب إليه بالطاعات واألعمال الصالحة ودعائه بأسمائه الحسنى

W تمام اإلعتقاد وصفاته العلى وأن يكون معتقداأن الله تعالى هو المعز المحيي المميت الراُزق النافع المدبر لشؤون الحياة كلها وأن بيده وحده

النفع والضر، وأن يعتقد أنه ال يستطيع أي إنسان مهما عظم شأنه عند الله وعند الناس W أو ينفعه بشيء لم يكتبه الله له أن يضر أحدا

: رسول الله صلى الله عليه و سلمقال»واعلم أن األمة لو اجتمعت على أن

ينفعوك بشيء، لم ينفعوك بشيء إال قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن

يضروك بشيء لم يضروك إال بشيء قد ]رواه الترمذي في كتبه الله عليك«

.صحيحه[

فإذا كانت األمة كلها لو اجتمعت على أن تنفع اإلنسان أو تضره لم تستطع ذلك إال

W بشيء قد كتبه الله، فالفرد سواءW كان حياW من باب أولى، إنه لن ينفع ولن أو ميتا

W فما W إال بشيء قد كتبه الله. إذا يضر أحداالداعي لدعاء من ال ينفع وال يضر؟ أليس .ذلك هو غاية الجهل والضالل؟ بلى والله

لذا فيجب على كل من ابتلي بمثل هذه الشركيات وهذه البدع والخرافات من طواف

على القبور وتعظيمها وسؤال أصحابها الحاجات وتفريج الكربات، يجب عليه أن يتوب إلى الله

من هذا العمل الفاسد الذي هو في الحقيقة شرك بالله تعالى وصاحبه مخلد في النار

|هo والعياذ بالله. قال تعالى: oالل رoكt ب tشu pهu مnن ي oن }إpارu وnمnا وnاهu الن

t pةn وnمnأ ن nجt nيهo ال |هu عnل مn الل pرnح tدnقnف }sارnنصn oمoينn مoنt أ oلظpال [72]المائدة: ل .

وأن يخلص العبادة لله وحده ال شريك له في كل شأن من W في إسالمه، وأن ال يلتفت شؤون حياته إن كان صادقا

W من كان ال في دعاء وال غيره مما ال ألحد من الخلق كائنايقدر عليه إال الله. وأن يلتزم كتاب الله وسنة رسوله

وأن ال يخالط أهل البدع وأهل الشرك لئال يتأثر بهم ويقلدهم فيهلك معهم ويخسر الدنيا واآلخرة، والله

أعلم.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

أجمعين.