رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh...

* Tahar Saoud | لطاهر سعود ا في الجزائرنتقالش في مراحل ا أدوار الجيe Algerian Military in the Midst of Transition 29 ، الجزائر.2 ، سطيف دباغ حمدنسانية، جامعة معية وا جتعلوم اية ال ع، كل جتذ علم ا أستا* * Professor of Sociology, Mohamed Lamine Debaghine University, Sétif 2, Algeria. اً تأصيلقتضي الجزائر؛ وذلــك ينتقــال فيجيــش عبر مراحل ا عن أدوار الاســة الحفــروم الدر تــرســةي إلى أن غدا المؤسش تحرير وطن ا لجيً ذ كان إرهاصه وســياقاته من نّ مراحل تكو ا لً خي تارياسة بما هية مع السيقة عضوية شبه دائم ا في عً ى الدولة، ومندمجمؤتمنة عل الراعية والجل فهم ذلــكوينــه. كلــة في تكــك وظيفة أصلي ذلماتــه، وقبلــة أساســية مــن مههم م. ســتعمد الدراســة1992 بيــة عقــب انقــمنســية والسيازمــة ار ا ودوره فــي مســا ســلوكهلتصالحزمة ومســعى ار حل الجيش بمســاســة اقة مؤسولة البحث في ع بعدها إلى محا المرتقب.فقحة في السا على اف دورهاستشرا أخرىٍ بمحاولةً ، منتهية الوطنيقاتسة، العلسيالحة الوطنية، المصامة الجزائرية، ازش الجزائري، ا الجي: مفتاحية كلمات العسكرية.- المدنيةOur study aims to put under scrutiny the Algerian army tasks and roles through different periods of time and this requires going back to the roots when the national liberation army was established, returning to the present as the army has become the institution protecting the state. An institution which has an everlasting organic relation with politics, embodying one of its central tasks. e study needs to highlight the above cited issues in its attempt to grasp and understand the army role during the 1992s' political crisis, and in so doing a particular attention is given to the ways how the army dealt with the crisis and what is the nature of its contribution in tackling and facing it. Finally, the study is concerned with the army role in the near future from a prospective approach. Keywords: Algerian Army, Algerian Crisis, National Reconciliation, Policy, Civil-military relations.

Transcript of رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh...

Page 1: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

*Tahar Saoud | الطاهر سعود

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائرThe Algerian Military in the Midst of Transition

2929

* أستاذ علم االجتامع، كلية العلوم االجتامعية واإلنسانية، جامعة محمد ملني دباغني، سطيف 2، الجزائر.* Professor of Sociology, Mohamed Lamine Debaghine University, Sétif 2, Algeria.

تــروم الدراســة الحفــر عن أدوار الجيــش عبر مراحل االنتقــال في الجزائر؛ وذلــك يقتضي تأصيلا تاريخيا لمراحل تكونه وســياقاته منذ كان إرهاصا لجيش تحرير وطني إلى أن غدا المؤسســة الراعية والمؤتمنة على الدولة، ومندمجا في عالقة عضوية شبه دائمة مع السياسة بما هي مهمــة أساســية مــن مهماتــه، وقبل ذلــك وظيفة أصليــة في تكوينــه. كل ذلــك ألجل فهم ســلوكه ودوره فــي مســار األزمــة السياســية واألمنيــة عقــب انقــالب 1992. ســتعمد الدراســة بعدها إلى محاولة البحث في عالقة مؤسســة الجيش بمســار حل األزمة ومســعى التصالح

الوطني، منتهية بمحاولة أخرى الستشراف دورها على الساحة في األفق المرتقب.

كلمات مفتاحية: الجيش الجزائري، األزمة الجزائرية، المصالحة الوطنية، السياسة، العالقات المدنية - العسكرية.

Our study aims to put under scrutiny the Algerian army tasks and roles through different periods of time and this requires going back to the roots when the national liberation army was established, returning to the present as the army has become the institution protecting the state. An institution which has an everlasting organic relation with politics, embodying one of its central tasks. The study needs to highlight the above cited issues in its attempt to grasp and understand the army role during the 1992s' political crisis, and in so doing a particular attention is given to the ways how the army dealt with the crisis and what is the nature of its contribution in tackling and facing it. Finally, the study is concerned with the army role in the near future from a prospective approach.

Keywords: Algerian Army, Algerian Crisis, National Reconciliation, Policy, Civil-military relations.

Page 2: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 30

مقدمةالدور املعارص الجزائري السيايس بالتاريخ للمهتم واضحا يتبدى

املحوري الذي قام به الجيش الوطني الشعبي، وهو دور حظي به

عسكريا كيانا بوصفه برز إذ الثورة؛ مرحلة يف العوامل من لعدد

الوطني وقادا معا املعركة ضد التحرير مع كيان سيايس هو جبهة

النظام الكولونيايل.

الجيش هذا قيادات بعض استطاع الثوري االطراد محطات وعرب

التغلغل يف جسم الثورة وتحسني مواقعه فيه إزاء القادة السياسيني

الحدود الجيش عىل والتاريخيني. بدا ذلك واضحا مع لجنة تنظيم

الغربية بقيادة هواري بومدين؛ بحيث متكنت من استحداث جهاز

ويخضع للقرارات، الكيل الخضوع روح تسوده وبريوقراطي منظم

أعضاؤه النضباطية قاسية))). سيمثل هذا التنظيم العسكري، الحقا،

النواة الصلبة لقوة جديدة هي هيئة األركان العامة وجيش الحدود

يف الرتجيحي دورها لها مؤسسة االستقالل اقرتاب مع ستربز التي

الزعامات بعض مع الظريف تحالفها بعد بخاصة السيايس، املشهد

األخرى والثقافية السياسية النخب إضعاف مقابل يف السياسية،

)بالتضييق، أو املراقبة، أو السجن، أو النفي).

ومل تكد متر ثالث سنوات عىل االستقالل حتى برز الجيش واملؤسسة

العسكرية األكرث قوة واقتدارا يف البالد، ومبرور الوقت تحولت إىل املؤسسة

الراعية واملؤمتنة Dépositaire عىل سيادة البالد؛ بحيث أصبح لها كامل

الصالحية يف استبعاد أي منافس عىل مقاليد السلطة أو تحييده.

الوليدة الدولة مواثيق تعززه متأخرة، فرتة إىل الدور هذا واستمر

الوطني "جيش شعبي، وهو يف خدمة الجيش أن التي نصت عىل

عن الدفاع يتوىل وهو ]...[ الحكومة، ترصف وتحت الشعب

النشاط السيايس واالقتصادي أرايض الجمهورية، ويسهم يف مناحي

واالجتامعي للبالد يف نطاق الحزب")2)، أو هو "أداة الثورة يف التغيري

االجتامعي مكلفة باملساهمة يف تنمية البالد وتوطيد االشرتاكية")))،

ليقترص دوره يف مرحلة االنفتاح السيايس والتعددية الحزبية مبوجب

عن والدفاع الوطني، االستقالل عىل املحافظة عىل (989 دستور

السيادة الوطنية ووحدة البالد وسيادتها وحرمتها الرتابية.

داغر قيرص كميل ترجمة والواقع، األسطورة الوطني: التحرير جبهة حريب، 1 محمد )بريوت: مؤسسة األبحاث العربية، )98))، ص 82).

يف شوهد ،8 املــادة: ،1963 دستور الشعبية، الدميقراطية الجزائرية 2 الجمهورية 25/)/7)20، يف:

http://bit.ly/2jdId6b.

3 الجمهورية الجزائرية الدميقراطية الشعبية، دستور 1976، الفصل السادس، املادة: 82، شوهد يف 25/)/7)20، يف:

http://bit.ly/2joUqIF.

ليس العسكرية للمؤسسة السيايس الثقل أن يعنى هذا لكن، هل

مثلام كان؟ أم أنها ستضطلع بالدور التقليدي الذي يقوم به جميع

الجيوش يف الدميقراطيات الناشئة؟

السياسية الحياة من الجيش فابتعاد الصحيح؛ هو طبعا العكس

املرحلة الحياد يف من لنوع ابتعاد شكيل، ومامرسته يكن سوى مل

عن للمشهد مراقبة سوى تكن مل السيايس االنفتاح أعقبت التي

بها لعام )99) وفوز اإلسالميني الترشيعية االنتخابات فنتائج بعد؛

السياسية، الساحة يف ثقلها بكل املؤسسة هذه تدخل استدعت

سياسية واجهات واستحدثت االنتخايب، املسار وقف عن وأعلنت

والسياسية التاريخية الوجوه بعض مع ذلك يف متعاونة انتقالية،

للمؤسسة الفاعل "الدور قاعدة تأكيد جديد من لتعيد والحزبية،

العسكرية يف الحياة السياسية الجزائرية".

النظام داخل متكامال بدا قد للجيش السيايس الثقل كان إذا لكن

السيايس يف السبعينيات والثامنينيات؛ حيث وزع الدستور الصالحيات

يومها عىل جهات مختلفة، وكان الجيش طرفا يف الحكم)))، فإنه غدا

يف تورطه فإن لذا، امليدان. يف وحده الحزبية األحادية نهاية بعد

بعض القرارات الخطرية، ومنها إلغاء املسار االنتخايب، كان ينظر إليه

بوصفه تدخال سافرا يف الشأن السيايس، وهو تواصل مع الدور الذي

أداه يف بعض املحطات التاريخية مع التكتل البنبيل الذي نفذ حركته

االنقالبية عىل املؤسسات الرشعية للدولة الجزائرية )املجلس الوطني

للثورة، والحكومة املؤقتة)، مدشنا بذلك عهد االنقالبات العسكرية

سلبيا سياسيا وتقليدا مسلكا وليسن املستقلة، الجزائر تاريخ يف

سيتحكم مستقبال يف مسار التغيري السيايس يف الجزائر وعملياته.

4 رياض الصيداوي، رصاعات النخب السياسية والعسكرية يف الجزائر: الحزب، الجيش، الدولة )بريوت: املؤسسة العربية للدراسات والنرش، 2000)، ص 57.

Page 3: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

31الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

لكن هذه التسوية املرحلية التي فرضها منطق الغلبة والقهر مل تحل

السياسية الطبقة داخل أزمة اندالع يف سببا ستكون بل املشكلة،

الجزائرية، وداخل املجتمع، نجم عنها تزعزع استقرار البالد، وخفوت

ودخل والــدويل، واإلقليمي العريب الصعيد عىل السيايس وهجها

والتدمري الداخيل واالقتتال الذايت االهتالك من مرحلة يف الجميع

الذايت الذي كاد يقيض عىل الجميع.

أمام هذه الوضعية، قدمت مجموعة من التدابري حيز التنفيذ لحل

ما أصبح يسمى بـ "األزمة الجزائرية"؛ فبعدما فشلت "سياسة الكل

مع التعامل يف الجيش اتبعها التي Le tout-sécuritaire أمني"

االنتخايب، املسار إلغاء السالح بعد التي رفعت املسلحة الجامعات

وبالنظر إىل الخسائر الكبرية يف األرواح واملمتلكات، اقتنع الفاعلون

يف الجيش برضورة البحث عن حلول، كان آخرها مرشوع املصالحة

الوطنية الذي استطاع معالجة جوانب مهمة من األزمة، إىل حد كبري.

استنادا إىل ما سبق، تحاول هذه الدراسة اإلجابة عن األسئلة التالية:

ما الدور الذي قامت به مؤسسة الجيش يف مراحل االنتقال األساسية

فيها الفاعلني وعالقة عالقتها وما الجزائري؟ املجتمع بها مر التي

بسريورة تدبري الوئام واملصالحة الوطنية؟ وما دورها عرب مسار حل

الفاعلني يف أن األزمة؟ وهل كان دورها تزكية املبادرة ودعمها؟ أم

املؤسسة كانوا سباقني إىل مبارشة نشاط ميداين انتهى بإقرار إجراءات

قانونية ملصلحة املتورطني يف املأساة الوطنية، ومل يكن دور السياسيني

سوى حشد التأييد الشعبي للمبادرة؟ وبناء عىل ما سبق، هل ميكن

التنبؤ مبستقبل عالقة الجيش بالفعل السيايس يف الجزائر؟

وتروم هذه الدراسة تحقيق ما يأيت من أهداف:

تتبع مسارات تطور مؤسسة الجيش وعالقة ذلك بسلوكها خالل

مراحل االنتقال األساسية يف التاريخ الجزائري املعارص.

حل - ــة ــ )األزم مــســار يف الجيش مؤسسة دور رصــد

األزمة) الجزائرية.

ودور وسريورتها الجزائرية الوطنية املصالحة مراحل تتبع

مؤسسة الجيش يف إقرارها ودعمها.

تقديم رؤية استرشافية ملستقبل عالقة الجيش بالفعل السيايس

يف الجزائر.

وتتطلب الدراسة تشكيلة منهجية تجمع بني املنهج التاريخي واملنهج

التحلييل، إضافة إىل املنهج الوصفي، مع التنبيه إىل بعض الصعوبات

البحثية، ويف مقدمتها ستار الرسية والكتامن الذي يحيط به الجيش

الجزائري مؤسساته لعوامل أمنية وإسرتاتيجية مبا يجعل الحديث عن

هذا الجيش يف غياب املعلومات املؤكدة محاولة ال تدعي أبدا متلك

مسألة بالفعل. وهي الوقائع كام حصلت عن التعبري أو الحقيقة،

أشار إليها بعض الباحثني عندما شبهوا محاولة إدراك ما يحصل داخل

لكن الطقس)5). بأحوال التكهن يحاول من بحالة الجيش - الدولة

هذا لن مينعنا من محاولة رسم صورة قريبة من واقع الحال يف حدود

ما توافر لنا من البيانات واملعلومات.

مؤسسة الجيش في الجزائر: محاولة في التأصيل التاريخي

لمراحل التكون وسياقاتهيف دورهــا وعن الجزائر، يف الجيش مؤسسة عن حديث كل إن

عوامل يبني تاريخيا تأطريا يتطلب بالتحديد، األخريتني العرشيتني

نشأتها التاريخية؛ ذلك أن بعض األدوار والخصائص التي صبغت هذه

املؤسسة وأعطتها شكلها النهايئ ترجع باألساس إىل لحظة ميالدها، وال

ميكن فهم ما اضطلعت به يف التسعينيات، من دون فهم مالبسات

من واحد غري عليها يشدد مسألة وهي وتطورها. تكونها لحظة

املهتمني باملوضوع)6).

يكشف الحفر التاريخي أن اإلرهاصات املمهدة لوالدة هذه املؤسسة

الوطنية ممثلة اقتنعت الحركة الثورة عندما تعود إىل فرتة ما قبل

PPA-( الدميقراطية للحريات االنتصار حركة - الشعب بحزب

مطلب تحقيق يف وحده السيايس النضال فاعلية بعدم (MTLD

االستقالل، ورضورة فتح الطريق أمام النضال الثوري املسلح.

المنظمة الخاصة السلف التاريخي 11لجيش التحرير الوطني

كان الشقاق الذي حصل يف "حركة االنتصار للحريات الدميقراطية"

بني الرصاع ثنائية تجاوزوا الذين الشبان املناضلني من لتيار فرصة

قيادة الحزب )مصاليني/ مركزيني)، للمبادرة إىل القيام بعمل عسكري

يقطع مع األساليب اإلصالحية، والنضال السيايس الذي أثبت فشله

5 املرجع نفسه، ص 0).

6 François Gèze, "Armée et nation en Algérie : l'irrémédiable divorce?," Hérodote, no. ((6 (2005/((, p. (76, accessed on 25/(/20(7, at: http://bit.ly/2j(9LzE;

انظر أيضا: عبد الحميد مهري، "الجيش والسياسة والسلطة يف الوطن العريب: تجربة الجزائر"، )بريوت: مركز العريب الوطن الجيش والسياسة والسلطة يف داداه وآخرون، يف: أحمد ولد

دراسات الوحدة العربية، 2002)، ص 57 - 70.

Page 4: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 32

الحركة أبناء أوصلت التي السياسية املامرسة ومع ،(9(5 عشية

الوطنية الجزائرية إىل رصاع حزيب هاميش.

الحزب، شبان صفوة من كانت وإن الشبابية املجموعة هذه إن

العمل يف خربة ذلك مع اكتسبت فهي السيايس، العمل ومارست

(L'OS( الرسي، ألن أغلبية أعضائها كانوا من ناشطي املنظمة الخاصة

عام الحزب قرارات أنشئت مبوجب منظمة العسكرية، وهي شبه

للثورة املسلحة، وإنضاج رشوط لها مهمة اإلعداد 7)9)، وأسندت

إعالن الكفاح املسلح.

الفرنسية اإلدارة طرف من وتفكيكها اكتشافها وحتى (9(7 منذ

التجنيد مبهامت املنظمة هذه اضطلعت ،(950 مارس آذار/ يف

العتاد والتسليح، وإنشاء بنية تحتية من القتايل، وتهيئة والتدريب

الخاليا عرب مناطق القطر)7).

وعىل الرغم من حلها، واصل من نجا من أعضائها من االعتقال دورهم

يف اإلعداد للثورة، ومنهم انبثقت اللجان واملجموعات الشهرية: اللجنة

ومجموعة ،5 ومجموعة ،22 ومجموعة والعمل، للوحدة الثورية

الوطني وجيش التحرير ولدت منها جبهة التي 9 ثم مجموعة ،6

التحرير الوطني.

يرص العديد من املهتمني عىل أن هذه اللحظة التأسيسية التي تؤرخ

أنها ستضع ذلك لحظة حاسمة، الوطني هي التحرير مليالد جيش

هذا التنظيم الوليد )الجيش) أو بعض مكوناته، يف رصاع يكاد يكون

مستمرا مع الساحة السياسية منذ النشأة إىل اليوم)8)، ومع املنظمة

الخاصة التي اختري أعضاؤها ممن لهم خربة عسكرية اكتسبوها جراء

التحاقهم بالخدمة العسكرية يف الجيش الفرنيس)9)، إضافة إىل معايري

الرسية والكتامن وااللتزام والروح النضالية العالية، وسيبدأ التنافس

"إن حريب: يقول السياسيني، الحزب وأعضاء أعضائها بني واضحا

بدتا نظريا، املتكاملتني الخاصة واملنظمة االنتصار[ ]حركة الحركة

تدريجيا متنافستني. ]...[ خلق هذا الوضع احتكاكات مستمرة بني

قد الثورة كانت سنوات وإذا املنظمتني")0)). من كل رايات حاميل

أفرزت ثنائية العسكري/ السيايس، فإن هذه الثنائية ميكن تحسسها

إىل وتحولها لتكرسها، الالحقة الحوادث وستأيت اللحظة، منذ هذه

الزمة ثابتة ارتبطت مبجمل تاريخنا السيايس املعارص. فعندما مل تجد

7 انظر: محمد العريب الزبريي، تاريخ الجزائر املعارص: دراسة، ج ) )دمشق: منشورات اتحاد الكتاب العرب، 999))، ص )8) وما بعدها.

8 مهري، ص )6.

9 كانت خدمة إجبارية عىل كل الجزائريني، وليس معناها والء للنظام االستعامري.

10 حريب، ص 9).

الخالف لحل الحثيثة ومحاوالتهم الخاصة املنظمة قدماء مساعي

تنظيم إلعــادة هؤالء انرصف الحزب، قيادة صفوف يف الناشب

ببعض املالحظني إىل الثورة، وهو ما حدا صفوفهم، وترسيع إعالن

كلها السياسية األطراف وضع معنى يحمل "كان بأنه ذلك تفسري

أمام األمر الواقع، ويكرس يف نظر كثري من املناضلني انتصار الحسم

العسكري يف مواجهة الرتدد السيايس")))).

مرحلة التأسيس 21أو والدة جيش التحرير الوطني

ماثلة يف فكرة الثورة من فكرة تحولت املرحلة عندما بدأت هذه

عقب فعيل واقع إىل الخاصة املنظمة يف الناشطني نخبة أذهان

جيش ووالدة ،(95( الثاين/ نوفمرب ترشين يف الثورة تفجري إعالن

التحرير الرسمية.

منذ تلك اللحظة أصبح هذا الجيش الذراع العسكرية لجبهة التحرير

يقود أن الستحالة الالمركزية، مبدأ ملبدأين)2)): وخضع الوطني،

الكفاح املسلح أي جسم ممركز، لذلك تركت حرية العمل واملبادرة

ميكن ال إنه أي الخارج))))؛ عىل الداخل أولوية ومبدأ جهة؛ لكل

فعل أي يشء من دون الرجوع إىل أولئك الذين يقاتلون عىل األرض؛

القادة العسكريني.

تستمر هذه املرحلة طيلة فرتة الثورة. وفيها استفاد جيش التحرير

الوطني من اندماج عنارص عديدة يف تركيبته، من الفالحني والطبقات

الشعبية الهشة، وتدعم بعنارص مدربة عسكريا من الذين حاربوا يف

صفوف الجيش الفرنيس خالل الحربني العامليتني. وأمد هؤالء الجيش

ببعض خرباتهم القتالية. كام تدعم يف فرتة متأخرة من الثورة بنخبة

الفارين من الرتب املتوسطة الجزائرية العسكرية القيادات من

الجزائريني إىل للمبتعثني الفرنيس )DAF)))))، كام كان الجيش من

11 مهري، ص 65.

12 حريب، ص 0)) - ))).

13 املقصود بالخارج الوفد السيايس للجبهة املوجود يف القاهرة الذي ضم أحمد بن بلة وحسني آيت أحمد ومحمد خيرض.

Déserteurs de l'Armée 14 يرى فرانسوا جيز أن الضباط الفارين من الجيش الفرنيسFrançaise ألفوا ثالث فئات رئيسة؛ تتكون األوىل من الذين فروا إىل جيش التحرير الوطني الشهور إال يف به يلتحقوا مل بعدها من يأيت قناعة وطنية حقيقية، يف 958) - 959) عن األخرية من الثورة ألغراض انتهازية أكرث منها وطنية، ثم فئة الذين حولوا مبارشة من الجيش عنرص 200 بنحو هؤالء عدد ر يقد االستقالل، بعد الوطني الشعبي الجيش إىل الفرنيس

التحقوا بجيش التحرير بعد عام )96)، انظر:Gèze, p. (77; Abdelhamid Brahimi, Aux origines de la tragédie Algérienne (1958-2000): Témoignage sur Hizb França (Genève - Suisse: Hoggar & the center for Maghreb studies, 2000(.

Page 5: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

33الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

هذا تطوير يف دور العسكري التكوين ذوي من العربية البلدان

الجيش وتنظيمه حني التحقوا بصفوفه.

ظل جيش التحرير يف هذه الفرتة يطور مهاراته عىل طريقة التجربة

والخطأ، دون أن مينع ذلك ظهور ثنائية السيايس – العسكري. وعىل

الوظائف بني تجمع كانت للثورة األوىل القيادات أن من الرغم

السياسية والعسكرية، ظلت الفروق قامئة بني السياسيني والعسكريني،

و"مل متنع هذه الصيغة يف تنظيم قيادات الثورة من ظهور خالفات

حادة، وأزمات متعددة طوال مرحلة الكفاح املسلح")5)).

التحرير املعلن عن ميالدها هي الغطاء السيايس وإذا كانت جبهة

جيش سموه "جيشا معها أسسوا فإنهم الثوار، حوله تجمع الذي

يف عضو فاملقاتل بالسيايس، العسكري اختلط بحيث التحرير؛

وعسكرية سياسية بني املسؤوليات وتراوح قائده، وكذلك الحزب

بعد التحرير جبهة تكن مل السياق، هذا ويف الحاجة")6)). بحسب

أكرث من حروف أوىل، ألن مؤسسيها كانوا جميعهم تقريبا عىل رأس

أقاليم عسكرية. وهكذا، ومنذ البدء كانت السلطة بني يدي جيش

التحرير الوطني)7)).

اتجاه يف اإليجايب أثره ((956 )آب/ أغسطس الصومام ملؤمتر كان

وتنظيم مسؤولة، هيئات باستحداث التحرير، جيش قوات تنظيم

الثورة العسكرية، وإنشاء تنظيم إداري جديد)8))، ثم تغذية الرتب

وهيئاتها املستحدثة بفعاليات جديدة؛ بحيث مل تبق جبهة التحرير

الخاصة، واملنظمة االنتصار حركة ناشطي من القدامى عىل حكرا

15 مهري، ص 65.

16 رياض الصيداوي، "سوسيولوجيا الجيش الجزائري ومخاطر التفكك"، الحوار املتمدن، 6)/)/2007، ص )، شوهد يف 25/)/7)20، يف:

http://bit.ly/2j(gfyt.

17 حريب، ص 2)).

18 انظر: النصوص األساسية لثورة نوفمرب 54 )نداء أول نوفمرب، مؤمتر الصومام، مؤمتر .(2005 ،ANEP طرابلس( )الجزائر: منشورات

التجمع يشبه ما إىل املؤمتر مهندس رمضان عبان مع تحولت بل

الوطني الواسع عندما التحقت التيارات الوطنية األخرى )املركزيون،

واالتحاد الدميقراطي، والعلامء) بالثورة. بيد أن قرارات املؤمتر، بقدر

التنظيمي وملمحها وهرياركيتها املؤسيس بعدها للثورة أعطت ما

الواضح، أخرجت إىل السطح حزازات بني قياداتها وزعامئها، وفتحت

عهدا جديدا للسجاالت والرصاعات فيام بينهم.

عىل السيايس و"أولوية الخارج" عىل الداخل "أولوية مبدأي إن

يثريا أن دون ميرا لن املؤمتر أرضية عليهام نصت كام العسكري"

ردات فعل شديدة، حدت بالبعض إىل شجب هذه القرارات، وعدها

انحرافا عن خط الثورة.

انتهت ((957 األول/ ديسمرب )كانون املغرب يف عبان وباغتيال

أطروحة تفضيل السيايس عىل العسكري، وانترص الجناح العسكري

انتصارا نهائيا تواصل إىل اليوم)9)). أما املحاوالت الالحقة من جانب

وقف عشية إىل املؤمتر هذا ومنذ الفشل. مآلها فكان السياسيني

النار، ستعرف مرحلة الكفاح خمس أزمات كربى يف العالقة إطالق

بني قيادات الثورة السياسية والعسكرية)20)، كانت كلها تعكس جدلية

الرصاع بني السيايس والعسكري وتفوق الثاين عىل األول، نجمل أهمها

يف ما يأيت))2):

بني العالقة حول الصومام مؤمتر أثناء وقع الذي السجال

رمضان عبان بني السياسية واألهداف العسكرية النشاطات

أن بعض الجيش )بن طوبال، وكريم..)؛ فقد رأى عبان وقادة

مجدية غري القادة هؤالء دشنها التي العسكرية املبادرات

سياسيا، بينام مل يقبل بعض القادة العسكريني يف قرارة أنفسهم

هذه الدروس من هذا الطارئ الذي مثله عبان. ويخلص حريب

إىل أن "الجبهة - جيش التحرير ]...[ مل تتوصل إىل تجاوز مكامن

كان وعسكريني سياسيني بني التمييز فخلف األصلية، ضعفها

يختفي يف الواقع الرصاع بني خطني متخاصمني")22).

التنسيق والتنفيذ الجزائر إىل خروج لجنة أدت تبعات معركة

)وهي أعىل هيئة قيادية للثورة) إىل الخارج، ما أسفر عن اختالل

أغسطس آب/ بعد بخاصة العسكريني، ملصلحة القوى ميزان

957) عندما طالب العسكريون بإلغاء مقررات مؤمتر الصومام،

19 الصيداوي، "سوسيولوجيا الجيش الجزائري ومخاطر التفكك"، ص ).

20 مهري، ص 67.

ص بعدها، وما (8( ص ،(56 - (55 ص حريب، 65-67؛ ص نفسه، املرجع 21 انظر: )20 - ))2، ص 6)2 وما بعدها؛

Brahimi, pp. 58 - 75.

22 حريب، ص 56).

Page 6: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 34

وانتخاب قيادة جديدة يستبعد منها بعض السياسيني. وانتهت

هذه األزمة بعدما أقر املجلس الوطني للثورة الجزائرية الهيئات

ال وأن تشكيلتها، يف النظر بإعادة ولكن املؤمتر، عن املنبثقة

أولوية للسيايس عىل العسكري، وال فرق بني الداخل والخارج.

يف أقلية كانوا العسكريني من الحارضين أن من الرغم وعىل

املجلس، فإنهم فرضوا وجهات نظرهم عىل السياسيني))2).

انتهت بتصفية عبان، وهي التي التنسيق والتنفيذ أزمة لجنة

نتيجة الستعادة العسكريني وأسياد الحرب زمام سيطرتهم.

شال خطي مد بسبب الثورة شمل الذي التضييق نتيجة

وموريس، ناقشت لجنة التنسيق والتنفيذ مسألة توحيد جيش

مقرتح تبني جرى (958 نيسان/ أبريل ويف الوطني. التحرير

خلق لجنة تنظيم عسكرية تسهر عىل تنظيم الجيش املوجود

عىل الحدود الرشقية والغربية. وأمام إخفاق هذه اللجنة جرى

لجنة ضباط وبخاصة األهلية، من الكبار الضباط كل تجريد

التنظيم الرشقية التي قرر بعض قادتها إطاحة الحكومة املؤقتة

التي أصبحت منذ أيلول/ سبتمرب 958) اإلطار القيادي الجديد

خلفا للجنة التنسيق.

مرور بعد الجزائرية للجمهورية املؤقتة الحكومة شلل أمام

أقل من سنة عىل تأسيسها نتيجة غياب التجانس بني أعضائها

املنحدرين من تيارات سياسية عديدة، وبسبب ما عرف بقضية

القادة األزمــة هذه لحل استدعي عمرية، املوظف انتحار

العسكريون )العقداء السبعة) الذين أصبحوا أعضاء يف املجلس

اجتمع هؤالء )صيف/ خريف 959)) إن للثورة. وما الوطني

حتى أصبحت السلطة بني أيديهم، وانتهى اجتامعهم إىل تعيني

مجلس وطني جديد، غالبية أعضائه من جيش التحرير.

املجلس قــرر التحرير، لجيش العسكرية القيادة لتوحيد

الوطني الجديد يف دورة كانون األول/ ديسمرب 959) - كانون

العقيد بقيادة العامة األركان هيئة إنشاء ،(960 الثاين/ يناير

مع الجهاز دخل يف سجال ورصاع لكن هذا بومدين، هواري

مع لالستقالل املمهدة املفاوضات مبناسبة املؤقتة الحكومة

الطرف الفرنيس، انتهى بفشل هذه األخرية يف إقالة هذه الهيئة،

تحالف التي (962 صائفة بأزمة عرفت عميقة أزمة وتفجر

فيها قادة الجيش مع بعض السياسيني لالنقالب عىل املؤسسات

وانتزاع للثورة) الوطني واملجلس املؤقتة، )الحكومة الرشعية

السلطة منها. ما جعل قادة الجيش وأسياد الحرب الذين نجحوا

23 املرجع نفسه، ص 69) - 70).

يف رفع شعار االنتقال إىل الكفاح املسلح، ونجحوا يف تطبيقه عىل

الذين إىل جانب دامئا الصواب هو أن يعتقدون الواقع، أرض

يحملون السالح، وأن تقويم السلطة السياسية عند اللزوم هو

مهمتهم الثورية األوىل))2). وتحول ذلك إىل عقيدة لدى الجيش

يف مراحل الحقة، غذتها خالل كامل فرتة الثورة خطابات تحرص

و"املقاتل نوفمرب"، ثورة "مقاتيل شأن من اإلعالء عىل دامئا

األول، وامللتحق فيام بعد".

العكس. وليس الدولة، أنشأ الذي هو الجيش إن القول خالصة

هي بل عنه، مستقلة وظيفة مهري، يقول السياسة، كام وليست

ذلك وأصبح مهامته. من أساسية ومهمة تكوينه أصلية يف وظيفة

عندما الجيش هذا قيادات من عريضة فئة لدى راسخة عقيدة

تحول إىل مسمى الجيش الوطني الشعبي عشية االستقالل، وألسباب

تاريخية أصبح يف قلب قضية بناء الدولة، وتحول قياديوه إىل أمناء أو

مؤمتنني عىل الوطنية dépositaires du nationalisme وعىل هذه

الدولة الوليدة)25).

مرحلة التحول من جيش التحرير الوطني 31إلى الجيش الوطني الشعبي

وإن هذا، يومنا إىل االستقالل لحظة من متتد التي املرحلة وهي

كان بإمكاننا تأكيد أن بعض الخصائص وامليزات التي طبعت الجيش

عندما تحول إىل مؤسسة من مؤسسات الدولة الوليدة يرجع باألساس

هيئة أنشئت عندما بخاصة الثورة، عمر األخريتني من السنتني إىل

األركان العامة.

التحرير جيش ثقل مركز الحدود جيش مثل املرحلة، هذه خالل

الدولة جيش ركيزة منه لتجعل عديدة عوامل وتظافرت الوطني،

هذا كان حريب. محمد بتعبري القادمة الدولة جنني أو املستقبيل

الجيش يتألف من )2 ألف رجل؛ 5) ألفا منهم عىل الحدود التونسية،

و8 آالف عىل الحدود املغربية، وتحت ترصفه كل املصالح التي تجعل

السياسية، واملفوضية التدريب، كمراكز بامتياز؛ تقليديا جيشا منه

واألمن العسكري، وما إىل ذلك)26). كان الجيش األكرث تنظيام وتسليحا

جراء واملنهك رجل)، آالف (0( عدديا القليل الداخل، جيش إزاء

سنوات الحرب العنيفة.

24 مهري، ص 66.

25 Lahouari Addi, "L'armée, la nation et l'Etat en Algérie," Confluences en Méditerranée, no. 29 ((999(, pp. (9-(6, accessed on 25/(/20(7, at : http://bit.ly/2ksoSyU.

26 حريب، ص 9)2.

Page 7: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

35الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

العامة، نجح بومدين الذي أصبح قائد هذا بعد إنشاء هيئة األركان

دا يدين له بالطاعة، واستعان يف اإلرشاف الجيش، يف جعله جيشا موح

عليه وتنظيمه بالفارين من الضباط من الجيش الفرنيس. ومثل هؤالء

الرجال املجردون من كل مرشوعية سياسية، بسبب ماضيهم يف الجيش

الفرنيس، كتلة مفيدة تتحرك لخدمة طموحات بومدين)27)، يف القيام

بدور فاعل يف الدولة الجديدة التي أصبحت معامل استقاللها بادية للعيان.

يرى بعض الباحثني أن إنشاء هيئة األركان كان سيرسع عملية إحكام

السيطرة عىل الثورة من جانب العسكريني)28)، وقد بدا ذلك واضحا حقا

عندما نشبت األزمة داخل مؤسسات الثورة، إزاء مسألة تأسيس مكتب

سيايس لحزب جبهة التحرير يتاميز عن الحكومة. وحصل حولها خالف

كبري بسبب تعدد املحاور والعصبيات، ومراكز القوى. وبحث كل طرف

عن طريقة للتموقع ضمن خريطة الوضع الجديد. وبدا ذلك واضحا أكرث

بني كتلة السياسيني املتموقعني يف الجهاز الحكومي، وكتلة العسكريني يف

هيئة األركان. وعندما وصلت النقاشات يف اجتامع طرابلس إىل طريق

إىل االصطفاف بومدين بزعامة األركان هيئة ضباط اختار مسدود،

جانب أحمد بن بلة بعد أن كانوا قد عقدوا معه ما يشبه االتفاق قبل

ذلك عندما كان سجينا مع الزعامء الخمسة، لينترص بعد مدة منطق

القوة يف حسم هذا الرصاع الذي كان بال منازع يف اتجاه ما قرره الجيش.

إىل الحدود جيش تحول مؤملة حوادث بعد سبتمرب أيلول/ 9 ويف

الذي للشعار تبعا التحرير جيش سليل الشعبي الوطني الجيش

سيتم تكريسه)29).

أدوار الجيش في التاريخ الجزائري المعاصر

تأثرياتهم دامئا لهم كانت العسكر أن عىل الباحثني عديد يشدد

فرتة منذ الجزائري السياق يف والدولة املجتمع مسار يف الواضحة

مبكرة، يرجعها بعضهم إىل الفرتة العثامنية، وهو ما حدا بواحد منهم

للحديث عام سامه "الوجه لوجه بني الثكنة واملجتمع"؛ إذ أطلق هذه

الثنائية عىل مجمل تاريخ الجزائر منذ الفرتة العثامنية إىل اليوم)0)).

27 Gèze, p. (77.

28 Abdelkader Yefsah, "L'armée et le pouvoir en Algérie de (962 à (992," Revue du monde musulman et de la Méditerranée, vol. 65, no. ( ((992(, p. 80, accessed on 25/(/20(7, at: http://bit.ly/2jdHPoe.

29 Ibid., p. 8(.

دراسات مركز )بريوت: الجزائر يف الدميقراطية مستقبل وآخرون، قرية 30 إسامعيل الوحدة العربية، 2002)، ص 00).

لقد أنتج تاريخ الجزائر الحديث يف الغالب قيادات وسلطات تفرض

نفسها عىل الهياكل املعرتف بها، فهو "تاريخ االنقالب املستمر عىل

الرشعية )التاريخية، أو الثورية، أو الحزبية، أو الشعبية - االنتخابية)،

التاريخ عمق يف سوابق نجد وقد العنيفة. أو السلمية بالطرق

الجزائري منذ تأسيس إيالة الجزائر يف القرن السادس عرش ]...[ إن

تاريخ الحركة الوطنية بعد ذلك عرف مناذج إعادة النظر يف النظام

القائم والسطو عىل السلطة الرشعية بطرق مختلفة")))).

عىل هذا املنوال يف التحليل السوسيوتاريخي يستعني لويس مارتيناز

مبفهوم "مخيال الحرب" لتفسري ظاهرة العنف التي اتسع نطاقها يف

جزائر التسعينيات، بالعودة إىل تاريخ الفرتة العثامنية واالستعامرية؛

بحيث يرى أن هذا "املخيال املشرتك للحرب" يسهم يف جعل العنف

البحر" "رياس أن ويرى الشهرة، وتحقيق الرثوة لتكديس طريقة

و"القياد" و"العقداء" هم مناذج تاريخية متيزت يف مختلف الفرتات

القرصان "إن يقول هذا ويف الحروب؛ بفضل االجتامعية برتقيتها

أو االستعامري العهد )موظف أهيل) يف والقايد العثامين العهد يف

عرفوا قد التحرير، حرب أثناء التحرير) جيش يف )ضابط العقيد

املسار من إن هذا السيايس. املسؤول إىل وظائف أفضت مسارات

الرتقية قد سجل العنف يف السجل الثقايف للرتقية االجتامعية؛ حيث

تطغى صورة قطاع الطرق السياسيني")2)).

التحليل كثريا مام سجله محمد حريب يف معرض جهده يقرتب هذا

النقدي لجبهة التحرير الوطني، نازعا عنها طابعها األسطوري الذي

كان الذي النموذج أن أكد عندما للتاريخ، الرسمية الكتابة كرسته

أو املوظف منوذج يكن مل الثوريون التحرير جبهة قادة يتمثله

31 املرجع نفسه، ص )9.

32 لويس مارتيناز، الحرب األهلية يف الجزائر، ترجمة محمد يحياتن )الجزائر: منشورات مرىس، 2005)، ص 27.

Page 8: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 36

)األعيان) مبا هم رمز لسلطة متد الريفي القايد والوجيه املعمر، بل

جذورها يف الرتاث الوطني، وقد شجع ذلك هؤالء القادة إلعادة إنتاج

تذكر أكرث مام البالط والرساي تذكر مامرساته مبامرسة مالك سيايس

بالروح النضالية)))).

تبعا ملا سبق، هل بوسعنا القول بأن رمزية العسكري ال يزال لها حضورها

يف السياق الجزائري الراهن، ذلك ما يؤيده عديد الشواهد الواقعية. إن

مقولة "الرياس"، "القياد"، "العقداء"، "الجرناالت" هي مقولة تفسريية

تربز لنا إىل أي حد يشغل العسكري ومعه املؤسسة العسكرية دورا

يف إدارة الشأن العام، ومامرسة سلطانهم عرب أساليب اإلكراه والعنف.

أدوار الجيش في مرحلة الثورة11تعد هذه املرحلة مرحلة تأسيسية بامتياز ملا طبعته من خصائص عىل

إن الجيش اليوم. مؤسسة الجيش ال يزال بعضها مستمرا معها إىل

اضطلع يف فرتة الثورة باملقاومة املسلحة منهيا بذلك 0)) عاما من

االستيطان الكولونيايل، لكنه وهو ميارس هذا الدور الثوري والتحريري

األسايس، مارس أيضا أدوارا ملحقة به، اضطرته إليها أوضاع الثورة،

أو دفعته إليها طموحات بعض قادته وحساباتهم، كام عزز بعضها

قادة من السياسيني رصاعات السيايس، الشأن يف تدخله بخاصة

تلك تكرس منذ الوضع أرىس مبدأ إن هذا الثورة وتشظيهم، حتى

الفرتة مفاده أنه "حني يختلف الساسة ويعجزون عن املبادرة، عىل

الحاسمة")))). القرارات العسكريني أن يأخذوا زمام األمور ويتخذوا

سلطته؛ توسيع رمضان يواصل عبان اغتيال منذ الجيش، يفتأ ومل

يتوىل أن قبل مهيمنة قوة ليتشكل فرصا االستقالل نيل ومنحه

لحسابه الخاص مصائر البالد)5))، مدفوعا بقوته وتنظيمه وانضباطه

ميزت التي التشتت حالة ومستثمرا الكاريزمية، قائده وشخصية

القيادات السياسية والقيادات التاريخية ورصاعاتهم حول من يكون

القائد األول للثورة، قبل وقف إطالق النار وعشيته )9) آذار/ مارس

962))، ليهيمن الجيش تدريجيا ويفرض نفسه عىل الساحة.

أدوار الجيش في مرحلة االستقالل21ميكن تقسيم مرحلة االستقالل نظريا إىل مرحلتني أساسيتني؛ مرحلة

ويحيلنا والحزبية. السياسية التعددية ومرحلة الحزبية، األحادية

الحفر عن أدوار الجيش يف هذه املرحلة إىل مجموعة من الخصائص

33 حريب، ص 20.

34 مسلم بابا عريب، "املؤسسة العسكرية ومسار التحول الدميقراطي يف الجزائر"، مجلة علوم إنسانية اإللكرتونية، عدد 5) )خريف 2007)، ص ).

35 Yefsah, p.80 .

عدة نرقب املراحل هذه وعرب املؤسسة. هذه سلوك ميزت التي

أشكال وطرق لالنتقال السيايس قام فيها الجيش بدور ما، إما بصورة

ظاهرة، وإما بصورة خفية.

االستعانة الظرفية بالسياسيأ. ميكن أن نصطلح عىل الفرتة بعد 9) آذار/ مارس 962) بفرتة االنتقال

السيايس األوىل يف تاريخ الجزائر؛ وفيها تخرج البالد من مرحلة النظام

الكولونيايل إىل مرحلة الدولة الوطنية. ولعله من املوجب للعربة أن

تكون هذه اللحظة االنتقالية لحظة أزمة، فقد اصطلح عليها البعض

بـ "أزمة صائفة 962)"؛ ألنه مل تجر فيها عملية نقل سلس للسلطة

بني الهيئات التي واكبت الثورة والهيئات التي كانت ستضطلع بهذا

الدور الحقا.

يكن مل وألنه املرحلة، بدور يف هذه القيام إىل الجيش يطمح كان

قادرا عىل استالم زمام السلطة مبفرده لعوامل تاريخية وظرفية، ترجع

باألساس إىل صغر سن قياداته، وعدم انتامئهم إىل القادة األوائل من

مؤسيس جبهة التحرير؛ إذ مل تكن لهم الرشعية التاريخية الالزمة التي

تخول لهم استالم السلطة)6))، يتحالف مع العنرص السيايس واملدين،

للتفرغ السياسية السلطة عىل استيالئه خطة يف بذكاء ويوظفه

إلدارتها مبفرده حينام تحني الفرصة.

بن الزعيم بربنس االحتامء قائده بزعامة الجيش قرر إذا هكذا

تحالف وتشكيل ثورية، ورشعية تاريخية رمزية من له ملا بلة

مدين - عسكري مكنه من السيطرة عىل مقاليد الحكم)7)). كان عىل

الجيش، كام يقول حريب، أن يتفاهم مع الرشائح املدينية ألنه مل يكن

منظام بعد ليضطلع وحده بالسلطة، ولكن يف الوقت ذاته يقاتل يف

داخل هذه الرشائح كل من ال يقبلون بهيمنته)8)).

التي وظفها القاعدة العمل بهذه إن الجيش بهذه املسلكية يجدد

قبله جيش التحرير الذي تحالف "عام 956) مع قوى مدنية ألسباب

ما لكن السلطة، كامل يضمن وحده أن بعجزه عن تتعلق ظرفية

إن اعرتضت تلك القوى عىل دوره كعامل السلطة الرئيس عمد إىل

تصفيتها كام يشهد عىل ذلك إخفاق عبان")9)). ويخلص محمد حريب

إىل نتيجة هي مبنزلة القاعدة التي حكمت سلوك الجيش، مفادها

36 الصيداوي، رصاعات النخب السياسية والعسكرية يف الجزائر، ص 9).

37 تسمى هذه العصبية مبجموعة وجدة أو مجموعة تلمسان التي كان عىل رأسها بن بلة وهيئة األركان والواليات األوىل والخامسة والسادسة، مدعومة ببعض العنارص السياسية

مثل محمد خيرض وعباس فرحات وأحمد فرنسيس.

38 حريب، ص 266.

39 املرجع نفسه، ص 05).

Page 9: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

37الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

إنه مل يتم يوما استبعاد التحالف مع القوى املدنية، لكن جرى إخضاع

هذا التحالف دامئا ملبدأ رجحان جانب الجيش)0)).

إن الجيش الجزائري ارتبط منذ تلك اللحظة ارتباطا وثيقا بالسلطة

السياسيني األسايس مبعية بعض أنه محركها السياسية، فعالوة عىل

واملدنيني الذين تحالف معهم ظرفيا، تحول إىل املالك األسايس لهذه

السلطة السياسية))))، حني استقل بإدارة القرار السيايس بعد حني.

التوسل بالعنف . بؤرة تكن مل بحيث بدقة؛ الجيش دور مسألة مارتيناز يالمس مل

تحكم التي امليكانيزمات تفسري مبحاولة منشغال كان ألنه لبحثه

ظاهرة العنف السيايس، وتعيد تشغيلها يف السياق الجزائري ضمن

العنف رشح يف برأينا، وفق، لكنه األهلية"، "الحرب بـ سامه ما

طموح وإشباع االرتقاء، لتحقيق تشغيله يجري ميكانيزما بوصفه

النخب الفاعلة يف القبض عىل مصادر الوجاهة والسيطرة. ونجد هذا

امليكانيزم حارضا بقوة يف تجربة االنتقال السيايس يف الجزائر عشية

وقف إطالق النار. وقد جرى تشغيله عرب جيش الحدود عندما استوىل

بضع واملادية، وسقط الرمزية موارده ذلك السلطة موظفا يف عىل

استخدامه جرى الذي الجزيئ للعنف ضحايا الجزائريني من مئات

يف حصاره للعاصمة، ورصاعه مع قوات الوالية الرابعة التي رفضت

قيادتها التجاوب مع ما عدته انقالبا عىل الهيئات الرشعية للثورة)2)).

إن التداول عىل السلطة يف الجزائر الحديثة متيز منذ البداية بطابعه

العسكرية)))). وهو السلطة نخبة بقوة أساسا ارتبط الذي العنيف

عديدة؛ تاريخية لحظات يف إليه واالحتكام تشغيله جرى مبدأ

جزئيا السلطة عىل هيمنت التي العسكرية النخبة تحس فعندما

بأن مصالحها مهددة، انقالب 965)، عقب االستقالل، ثم كليا بعد

تشغل آليات الضبط للحفاظ عىل التوازن ملصلحتها.

احتكار الشرعية التاريخية وتوظيفها . برر كل الذين تداولوا عىل الحكم يف الجزائر إىل اليوم ذلك بالرشعية

الثورية والتاريخية. وال يزال جيل الثورة يرى نفسه عىل الرغم من

مرور خمسة عقود عىل االستقالل، مبنزلة الويص عىل هذه الدولة. وال

خ لديها اعتقاد تشذ املؤسسة العسكرية عن هذه القاعدة؛ بحيث ترس

40 املرجع نفسه.

41 Yefsah, p. 80.

42 انظر: لخرض بورقعة، مذكرات الرائد يس لخرض بورقعة، شاهد عىل اغتيال ثورة، ط 2 )الجزائر: دار الحكمة، 2000)، ص )2)-52)؛ حريب، ص 02) - )0).

43 قرية "وآخرون"، ص 92.

الرشعية األحق للدولة، وممثل الوحيد املالك أن تكون بأنها يجب

تربيرها يف والثورية التاريخية الرشعية وتجد هذه بتسيري شؤونها.

املشاركة الفعلية واملسلحة يف الثورة التحريرية. بيد أن هذا املنحى

الباحثني ملا رأوه مبالغة غري مربرة يف تعرض لنقد شديد من بعض

ربط هذه الرشعية وقرصها حرصا عىل النضال املسلح؛ بحيث جرى

حرر الذي هو الجيش أن فكرة "عىل لونييس، يقول كام الرتكيز،

البالد، دون أي متييز بني جيش الداخل الذي اكتوى بنار الحرب ودفع

الثمن غاليا، وجيش الحدود الذي كانت قياداته تناور لالستفادة من

الهادف املسعى هذا أن لونييس ويرى الداخل". جيش تضحيات

إلعطاء قيادات هذا الجيش الذي توىل مقاليد السلطة بعد االستقالل

رشعية تاريخية "رسخ يف أذهان الجزائريني عموما بأن هذا الجيش

هو سليل جيش التحرير الوطني، وأنه حرر البالد بالعمل املسلح من

دون أن مييز بني الدور الكبري وتضحيات مجاهدي الداخل.. وجيش

الحدود الذي مل يعرف كثري من أعضائه حرب التحرير")))).

هذا إذا رضبنا صفحا عن مسعى كثري من هؤالء األعضاء بخاصة من

الفارين من الجيش الفرنيس الذين كان هدفهم واضحا منذ البداية يف

اتجاه النفاذ إىل مؤسسات الثورة، وبخاصة مؤسسة الجيش. وعندما

الجيش، عن املسؤول الوزير بلقاسم كريم مع محاولتهم فشلت

اتجهوا لعرض خدماتهم إىل املسؤول الجديد الذي نصب رئيسا لهيئة

يف متقدمة مراكز إىل النفاذ امتياز منحهم بحيث العامة؛ األركان

مختلف مصالح جيش الحدود، ومنحهم بذلك الغطاء والرشعية التي

كانوا يبحثون عنها لينفذوا بالتدريج عرب الرتقيات إىل مناصب قيادية

متقدمة يف الجيش الوطني الشعبي مستقبال)5))، مقابل مشاركتهم يف

تسهيل السيطرة عىل السلطة ملصلحة التحالف البنبيل.

أما فرنسوا جيز فريى أن مصادرة الرشعية من جانب أقلية متحكمة

ستطبع بعمق الجزائر املستقلة؛ إذ عمد "التاريخ الرسمي" إىل محو

أي دور قام به الفعل والنشاط السيايس يف تحرير الجزائر وإخفائه

كليا، قارصا إياه حرصا عىل النضال الثوري املسلح)6)).

وأصبحت العسكر. أيدي يف نهائيا الحكم ترسخ الفرتة تلك منذ

إرثا عدت أن بعد وذلك الجزائر؛ عىل مهيمنة العسكرية الثقافة

من وتوظيفها؛ مقوالت تشغيل ويجري تاريخيا)7))، ومكسبا وطنيا

44 رابح لونييس، "عالقة العسكري بالسيايس يف تاريخ الجزائر املعارصة"، املجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 29 )يناير ))20)، ص 69، شوهد يف 25/)/7)20، يف:

http://bit.ly/2j(ByQq.

45 Brahimi, pp. 59 - 76.

46 Gèze, p. (77.

47 الصيداوي، رصاعات النخب السياسية والعسكرية يف الجزائر، ص 5).

Page 10: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 38

قبيل "الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني"، ويجري

استغالل رمزية الثورة وتوظيفها للوصول إىل السلطة أو البقاء فيها.

حراسة الثورة وتصحيح مسارهاد. تحولت التي البالد يف واقتدارا قوة األكرث املؤسسة الجيش أصبح

البالد)8)). سيادة عىل واملؤمتنة الراعية املؤسسة إىل الوقت مبرور

السياسيني من خصومها به أقصت الذي السابق املنوال وتوخت

)بن مدين رئيس أول لتقيص (962 صيف يف التاريخيني والقادة

بلة) ويتوىل الجيش إدارة شؤون البالد بصالحيات كاملة بدل البقاء

تقليدا العسكرية االنقالبات أسلوب بذلك مكرسا الواجهة، خلف

يف السيايس التغيري عمليات طبع املستقلة، الجزائر تاريخ يف سيئا

الجزائر منذئذ، تحت شعارات "التصحيح الثوري" ومسمياته. ومنذ

تلك الفرتة يجري تربير اإلجراءات االستثنائية والعقابية واالنقالبية،

مبقوالت شعبوية؛ كمقولة "الحفاظ عىل وحدة الصف"، و"املصلحة

للثورة"، األصيل للخط و"الوفاء الصفوف"، و"تطهري للبالد"، العليا

و"حامية املسار الدميقراطي"، وغريها. ومثلام يقول الباحث بابا عريب،

للقيام استعداد عىل يبقى الثورية املرشوعية حامل "الجيش فإن

الدستورية بالرضورة يف نطاق مهامه استثنائية، قد ال تدخل مبهام

الخاص األمور وتفسريها لواقع قيادته تقدير وفهم تنبع من لكنها

لحدود دورها يف الدولة")9)).

هـ. منع إرساء إطار سياسي للمعارضةاألحادية النشاط، بحجة جرى شطب كل تعدد سيايس ومنعه من

يف والوحيدة األساسية السياسية القوة الجيش ليبقى الحزبية،

التعددي النشاط السيايس البالد. وهكذا مسحت تقاليد عقود من

خربها الجزائريون يف ظل اإلدارة الفرنسية. وتم تهميش حزب جبهة

بعد بخاصة البالد، يف الطليعي الحزب عد الذي الوطني التحرير

انقالب 965) وتحويله إىل امتداد سيايس للجيش، وإىل جهاز ينظم

تحول بينام واختياراته، قائده سياسات ملصلحة الدعائية الحمالت

ميدانيا كمنظمة يشتغل نظام سيايس حقيقي إىل العسكري األمن

لتأطري قطاعات النشاط يف البلد)50)، ويراقب الجميع.

حساسية التعدد يثري حيث وذاكرتها، الثورة تراث إىل وباستناده

هذه يف الجيش يربز السيايس، باملختلف االعرتاف تأىب مستدمية

48 Aziz Enhaili & Oumelkheir Adda, "État & Islamisme au Maghreb," MERIA, vol. 7, no. ( (March 200((, accessed on 25/(/20(7, at: http://bit.ly/2j(E89(.

49 بابا عريب، ص 2.

50 Yefsah, pp. 8( - 8(.

عىل والويص األمة روح بوصفه الهواري عدي يقول كام املرحلة

بالدفاع امللتزم األمة الدولة. ومبعارضته ترسيم أحزاب أصبح حزب

عنها ضد أعداء الداخل والخارج))5).

شمل هذا املنع واإلغالق للمجال السيايس كل األحزاب التي أسسها

هذا وتكرس بن بلة - بومدين. نظام مع اختلفوا الذي الثورة آباء

حريب يقول مثلام الدولة، أصبحت لقد مربم. بشكل الحقا املنع

التيارات وسع يف يكون بحيث سيايس؛ إطار إرساء دون "الحائل

االجتامعية واأليديولوجية أن تعرب عن نفسها مبارشة")52).

الباحثني عىل جملة الحديث عنه، يشدد بعض إضافة إىل ما سبق

إىل باالستناد املرحلة، هذه خالل الجيش مارسها التي األدوار من

ما عىل التنصيص فيها جرى التي والدستورية القانونية النصوص

تحليل إىل أيضا وباالستناد املؤسسة هذه به تضطلع أن ينبغي

تجربتها ومامرساتها امليدانية خالل مختلف مراحل تطور البالد. ومن

هذه األدوار، نذكر:

الدفاع الوطني: هي املهمة الدستورية األوىل للجيش كام نص

عليها دستور 976)، واملحافظة عىل االستقالل الوطني، والدفاع

عن السيادة الوطنية ووحدة البالد وسيادتها وحرمتها الرتابية،

وحامية مجالها اإلقليمي الربي والجوي ومختلف مناطق أمالكها

البحرية كام نص عليه دستور 989)، وكام أكده دستور 996).

الجيش أصبح (96( دستور مبوجب التنمية: يف املساهمة

البالد، تنمية يف باإلسهام مكلفة للثورة أداة الشعبي الوطني

واملشاركة يف مختلف مناحي النشاط االجتامعي واالقتصادي))5).

ولعل املساهامت الكبرية للجيش يف عمليات تحديث املجتمع

51 Gèze, p. (78.

52 حريب، ص 05).

53 الجمهورية الجزائرية الدميقراطية الشعبية، دستور 1963، املادة: 8؛ املادة: 82.

Page 11: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

39الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

تم بحيث املرشوعية؛ من مزيد لتحقيق آخر مصدرا كانت

يف السيايس النظام أطلقها التي الكربى الورشات يف إرشاكه

الستينيات والسبعينيات.

الرغم عىل الجيش يكن مل (978 إىل (962 من األعــوام وخالل

عديد عرف بل التغيري، تقبل ال كتلة صامء ومركزيته تنظيمه من

البعض يفرسها التي والتصفيات الصدمات بعض وحتى التغيريات

عىل أنها رصاع حول مراكز النفوذ داخله أو لالستئثار مبطلق السلطة

كام هي الحال بالنسبة إىل قائده.

وكام يؤكد رياض الصيداوي))5)، شهد الجيش خالل هذه املدة تحوالت

عميقة يأيت عىل رأسها مغادرة كثري من ضباط جيش التحرير صفوفه،

الفرنيس؛ الجيش الفارين من الضباط نفاذ ويف مقابل ذلك تواصل

بحيث احتلوا فيه مراكز القيادة، ودافع بومدين عنهم من قبل حني

ارتفعت أصوات املجتمعني يف مؤمتر جبهة التحرير عام )96) مطالبة

إياه بتطهري الجيش)55)، مبوجب افتقاد الجيش إطارات يف مستواهم،

وأكد أن مهمة هؤالء الضباط هي تقنية باألساس، وأنه ال يرى فرقا

بني موزع بريد أو موظف أو ضابط عمل مع فرنسا.

قادها التي الفاشلة االنقالبية املحاولة حصلت املرحلة، هذه يف

ديسمرب األول/ كانون زبريي يف الطاهر العقيد الجيش أركان قائد

ملصالح فرصة الحادث هذا أعطى البعض، يرى كام لكن، .(967

عليها ينهض أساسية ركيزة وتصبح تتقوى ليك العسكري األمن

النظام البومديني؛ وتقوم بدور متزايد يف املجال السيايس، ويف تصفية

الخصوم ومواجهة حركات املعارضة)56)، ومراقبة املجتمع عامة.

عد الذي للجيش السيايس الدور تقنني محاولة من الرغم وعىل

مبوجب نصوص ميثاق ودستور 976) جزءا من نظام شمويل يضم

جبهة التحرير واملنظامت الجامهريية)57)، مل مينع هذا أن يبقى الجيش

سيد املشهد عىل الرغم من محاوالت بومدين أن يظهر نظامه مبظهر

ووالئية بلدية انتخابات بتنظيم قام أن بعد املؤسساتية الرشعية

ورئاسية ثم ترشيعية. كام أسهمت هذه املرحلة، بخاصة مع ارتفاع

بريوقراطية حريب محمد سامه ما إفراز يف النفطي، الريع عائدات

الدولة)58)، بحيث حصل تزاوج بني املدين بالعسكري، وسمح التواطؤ

بني الجانبني عرب مختلف هياكل الدولة )عالقات شخصية، وعائلية،

54 الصيداوي، رصاعات النخب السياسية والعسكرية يف الجزائر، ص ))، 7).

55 بورقعة، ص 72).

56 مهري، ص 68؛Yefsah, p. 8(.

57 مهري، ص 68.

58 حريب، ص 09) وما بعدها.

أكرث طفيلية بورجوازية بوالدة وفساد) سيايس، وتــزاوج وقبلية،

منها إنتاجية)59).

وعندما أزف موعد االنتقال السيايس الثاين يف تاريخ الجزائر بعد وفاة

الدولة رأس ليضع عىل أخرى مرة املوعد الجيش يف كان بومدين،

بوصفه جديد بن الشاذيل العقيد الثانية العسكرية الناحية قائد

"أقدم ضابط يف أعىل رتبة")60).

ومرة أخرى يتأكد حرص مؤسسة الجيش والفاعلني فيها عىل أن يبقى

الرئيس منصب للدولة عرب واملراقب السياسية اللعبة الجيش سيد

الذي يجمع يف سلطاته رئاسة الحزب والدولة والجيش.

من حذرة بطريقة الجيش انسحب (988 - (979 األعوام خالل

إعادة هيكلته وتنظيمه الذي متت العسكري األمن الساحة، ولكن

بقي الذراع التي يدير بها األمور من بعيد. وألن الرئيس الجديد كان

السيايس، العسكري والجناح الجناح التوازن بني حريصا عىل إعادة

اضطلع بتقوية حزب جبهة التحرير الوطني عىل غري ما كانت عليه

الحال مع سابقه، ولكن دون املساس مبوقع الجيش داخله؛ إذ ميثل

الضباط السامون 20 يف املئة من أعضاء اللجنة املركزية))6).

وعمد بن جديد إىل إحداث تغيريات عىل الرتكة البومدينية شملت

نظام تسيري املؤسسة التنفيذية ليعطي النظام وجها جديدا؛ بحيث

الشعبي املجلس من ينتظر وكان األول، الوزير منصب استحدث

الوطني أن يقوم بدور شبيه بذلك الذي تقوم به هذه املؤسسة يف

النظم الربملانية؛ أي الرقابة عىل الحكومة. وباملوازاة مع ذلك أدخل

تغيريات واضحة عىل هيكلية الجيش، وعىل الهرياركية العسكرية إىل

الحد الذي ابتدع فيه رتبة جرنال)62)، كام عمد إىل إبعاد بعض رموز

مراكز القوى داخل الجيش، لجهة دعم مركزه يف السلطة.

بروز رصاع خفي للحزب مل مينع منح الذي الجديد الوضع أن بيد

انتهى الثامنينيات بداية الحزبية يف الجيش واملؤسسة بني مؤسسة

بسيطرة الجيش عىل الحزب مرة أخرى؛ فتم إحداث تغيري يف قانونه

59 Yefsah, p. 8(.

الرئاسة بعد لقاء جمع عقداء الجيش )ألن رتبة 60 جرى إقرار تويل بن جديد منصب جرنال مل تنشأ يف هرمية الجيش إال بعد 980)) يف مدرسة عليا للجيش يرأسها العريب بلخري

شارك فيه املديرون املركزيون لوزارة الدفاع وقادة النواحي العسكرية الستة، انظر:Maxime Aït Kaki, "Armée, pouvoir et processus de décision en Algérie," Politique étrangère, vol. 69, no. 2 (200((, pp. (27-((9, accessed on 25/(/20(7, at: http://bit.ly/2ksJCuu.

61 الصيداوي، رصاعات النخب السياسية والعسكرية يف الجزائر، ص 50.

62 Lahouari Addi, "L'armée, La nation et l'état en Algérie," Algeria-Watch (octobre 2000(, accessed on 25/(/20(7, at: http://bit.ly/2jRDRDx.

Page 12: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 40

األسايس مبناورة من العسكريني وفيه تم تخويل أمينه العام، أي رئيس

الجمهورية، صالحيات واسعة، وبذلك كام يقول لونييس عاد الجيش

ليتحكم يف جهاز الحزب بواسطة الرئيس الذي عينه الجيش))6).

عرف نظام بن جديد هزات عنيفة انتهت بأحداث 988) التي طوت

مرحلة الحزب الواحد وأدخلت الجزائر إىل مرحلة التعددية الحزبية.

إذ الجديد؛ الرئيس بشخصية متعلقة الهزات ألسباب وترجع هذه

مل تكن له الكاريزما التي كانت لسابقه؛ ولعوامل تتعلق بصعوبات

كان قد عرفها منوذج التنمية املتبع، بخاصة تدهور منظومة االقتصاد

السوق يف انهيارا رسيعا عرف الذي البرتويل للريع واملرتهن التابع

الدولية بدءا من منتصف الثامنينيات.

الجيش من الفارين من الجيش قادة كان املرحلة، هذه خالل

تراتبيته يف الحساسة املناصب ليتولوا مواقعهم يحسنون الفرنيس

التحرير، العنارص املحسوبة عىل قدماء جيش العامة، عىل حساب

أو تلك التي تلقت تكوينا يف البالد العربية. ويشري بعض الباحثني))6)

إىل الدور الذي قام به العريب بلخري بعد تعيينه يف منصب أمني عام

الجيش الفارين من التمكني لجامعة ديوانها، يف ثم مدير الرئاسة،

الفرنيس من تبوؤ املناصب الحساسة يف مؤسسة الجيش، "لقد حاز

ممثل عصبة فرنسا العريب بلخري ]كام يسميه عبد الحميد إبراهيمي

الوزير األول السابق يف عهد بن جديد[ عىل ثقة الرئيس بن جديد

بني للرئاسة عاما أمينا بوصفه شغلها التي اإلسرتاتيجية وباملراكز

الدولة رئيس ديوان ومدير و)99) (989 بني ثم و)98) (980

ومنهجية متأنية وبطريقة التنفيذ موضع ليضع و989) بني )98)

ثابتة اسرتاتيجية االستيالء عىل السلطة")65)، مبوقعة عنارص عصبته يف

وزارات الدفاع ومصالح األمن وغريها من املواقع الحساسة للدولة،

وبالتدريج والهدوء الالزمني.

الجيش وسياقات األزمة وحلها: من االنقال  إلى المصالحة

الوطنيةتاريخ يف فارقة محطة (988 األول/ أكتوبر مثلت حوادث ترشين

الجزائر املعارصة ألنها أدخلت املجتمع الجزائري يف مرحلة التعددية

63 لونييس، ص 62 - )6.

64 Brahimi, pp. (97-222; Gèze, pp. (8( - (85.

65 Ibid., p. (98.

أشبه هي املرحلة هذه أن بيد الدميقراطية، واملامرسة الحزبية

انتهت سنوات ثالث من أكرث تدم مل ألنها ،Parenthèse باملعرتضة

بانقالب عسكري عىل السلطة الرشعية بعد االنتخابات التعددية التي

فاز فيها اإلسالميون يف كانون األول/ ديسمرب )99) بنتيجة كاسحة.

جديد لعهد فاتحة ستكون أكتوبر ثورة أن البعض اعتقد أن بعد

انتخاب من ميثله بكل دميقراطية، من اسرتجاع الشعب لسيادته يف

وانسحاب مؤسسة الجيش للقيام بدورها الذي حدده لها دستور 989)،

عاد الجيش املرتبط ارتباطا وثيقا بالسلطة السياسية منذ االستقالل إىل

الواجهة من جديد وبصورة غري مسبوقة. وبعد أن كان قد أعرب عن

الوضع أماله ملا امتثاال الحزبية التعددية السيايس يف مرحلة حياده

من الطوعي انسحابه من خالل )دستور 989)) الجديد الدستوري

اللجنة املركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، عاد الجيش ليتدخل يف

عديد املرات )حزيران/ يونيو )99)، كانون األول/ ديسمرب )99)).

ميكننا القول مع البعض بأن تدخل الجيش وسقوط مئات القتىل )مبناسبة

اإلسالمية الجبهة وإرضاب ،(988 أكتوبر األول/ ترشين تظاهرات

لإلنقاذ يف حزيران/ يونيو )99)) مثال صدمة كبرية؛ إذ ألول مرة عىل

هذا املستوى، ومنذ 962) يطلق الجيش، بربودة، الرصاص عىل الشعب،

فاتحا بذلك ثغرة جديدة وعميقة يف أسطورة وحدة الجيش - األمة)66).

متزقت الصورة األسطورية للجيش التي عمل عىل ترسيخها طيلة ثالثة

عقود كاملة، لتبدأ مرحلة جديدة من تدخله السافر يف الشأن السيايس

عندما دشنها بانقالب كانون الثاين/ يناير 992).

الجيش الجزائري 11في أتون األزمة السياسية واألمنية

الترشيعي، االقرتاع نتائج إعالن وعند والخوف، الرتقب من جو يف

عىل املحسوبة السياسية والطبقة الفرنكوفونية الصحافة بارشت

التيار الدميقراطي حملة من الدعاية والتحريض ضد الحزب الفائز،

66 Ibid., p. (85.

Page 13: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

41الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

أعقبها تأسيس ما سمي بـ "لجنة إنقاذ الجزائر" التي دعت مبعية

الجيش تدخل إىل (RCD, PAGS,...( السياسية األحزاب بعض

ألنه االنتخايب، املسار وإلغاء الجمهورية، عىل الحفاظ بغية

للدولة الجمهوري بالطابع اإلرضار إىل استكامله سيؤدي يف حال

وتكوين دولة ثيوقراطية. يف غضون ذلك كانت النخبة العسكرية

قد عقدت اجتامعا موسعا إلطاراتها العليا، واتخذت قرارها بإلغاء

املسار االنتخايب، والتحضري الستقالة الرئيس بن جديد)67).

املجلس رئيس إىل دستوريا تعود الدولة إدارة سلطة أن ومبا

رئيس بقرار منحلة هيئة أصبح الذي )الربملان) الوطني الشعبي

الجمهورية املستقيل، ابتدعت النخبة العسكرية توليفة "قانونية"

بعد الرئاسية، الوالية من املتبقية املرحلة لتسيري و"دستورية"

بوصفه الدولة إدارة شؤون تويل الدستوري املجلس رئيس رفض

التوليفة الربملان. ومتثلت هذه رئيس بعد لذلك دستوريا املخول

بهيئة جامعية هي املجلس األعىل للدولة الذي انبثق عن مداوالت

املجلس األعىل لألمن)68) يوم )) كانون الثاين/ يناير 992)؛ أسندت

من استقدامه بعد بوضياف محمد التاريخية للشخصية رئاسته

منفاه يف اململكة املغربية، وعضوية أربعة أعضاء آخرين.

السياسيني بعض طرف من بالجيش والتوسل االستدعاء هذا إن

كثريا بأن القائل الرأي عن صفحا رضبنا إذا املدنية، والقوى

توجيه إلعادة املخابرات)69)، ألجهزة مدنية أذرعا ميثل منهم

سلوك تحكم ظلت قاعدة جديد من يؤكدان السيايس، املشهد

املؤسسة العسكرية يف الجزائر يف مراحل االنتقال، وهي التحالف

لجهة وتوظيفهم استخدامهم باألحرى أو املدنيني؛ بعض مع

خياراتها، رجحان عىل املؤسسة هذه فيه تحافظ وضع إقرار

من تبني كام املؤسسات". فوق "املؤسسة بوصفها وضعها وعىل

وضعية وهي وتشظيها، السياسية الطبقة هشاشة أخرى جهة

توظيفها ليعيد العسكري، الطرف سوى تاريخيا منها يستفد مل

لجهة بقائه حكام أعىل أو سيدا مطلقا لكل الوضعيات. كام تؤكد

العسكرية النخبة تشبث االنقالب عقب املتشكل املشهد قراءة

بغطاء "الرشعية التاريخية" لتسويغ خياراتها وإعطائها املرشوعية

67 جرى بثها من مقر املجلس الدستوري عرب التلفزيون الوطني يوم )) كانون الثاين/ يناير االنتخايب، املسار إللغاء التحضري سبقت التي األوضــاع حول التفاصيل وملزيد ،(992

واجتامعات القيادات العسكرية، انظر:Mohammed Samraoui, Chronique des années de sang Algérie: comment les services secrets ont manipulé les groupes islamistes (Paris: Éditions Denoël, 200((, pp. (27 - ((0.

68 املجلس األعىل لألمن هو هيئة دستورية يرأسها رئيس الجمهورية وتتكون من عضوية رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية واالقتصاد والعدل ورئيس أركان الجيش

الشعبي الوطني.

69 Samraoui, p. (29; Aït Kaki, p. ((5.

الالزمة، لذا يدخل استنجادها مبحمد بوضياف )ثم عيل كايف فيام

عىل ووضعه التحرير، لثورة التاريخية الوجوه أحد وهو بعد)

رأس املجلس األعىل للدولة، ضمن هذا السياق، متاما مثلام جرت

االستعانة بنب بلة عشية االستقالل لوصول الجيش إىل السلطة ولو

بطريقة جزئية.

السيناريو تكرار الجيش قادة يعاود عاما، ثالثني من أكرث بعد

من أي حجاب؛ خلف من ولكن فاعلني، بقائهم لتربير نفسه

خلف واجهة سياسية ومدنية، ستكون أكرث فاعلية إذا كانت تحوز

"صك" املرشوعية التاريخية والثورية.

استقطاب االنقالبيون أقرها التي "القانونية" الرتتيبات رافق لقد

حاد داخل الطبقة السياسية وداخل صفوف أنصار الحزب الفائز.

لكن التطويق األمني الذي بارشه الجيش، بخاصة بعد إعالن حالة

الشعبية التحركات كل أحبط (992 شباط/ فرباير يف الطوارئ

السجون يف منهم بعرشات وانتهى ومسريات..)، )تظاهرات،

السلمي األخرى السيايس النشاط واملعتقالت؛ وباءت كل أشكال

والوفد الداخيل، الحزيب والتنسيق والبيانات، السيايس، )االتصال

الربملاين،...) بالفشل الذريع.

االعتقاالت شملت بعدما تتعقد السياسية األزمة فصول وبدأت

الفائز ومنتخبيه ومناضليه، ثم حل الحزب، وحل قياديي الحزب

املجالس البلدية والوالئية املنتخبة، وإقرار مجموعة من الرتتيبات

املجالس وتعويض وطني، استشاري مجلس )إنشاء األخــرى

الفعاليات كانت عندئذ، معينة). مبندوبيات املنتخبة املحلية

جبهة لتأسيس سابقة مرحلة يف بعضها ن تكو التي الجهادية

عىل حربها إلعالن األرض، عىل تنشط بدأت قد نفسها، اإلنقاذ

النظام، بعدما استقر يف قناعاتها عدم جدوى التغيري عرب املسارين

السيايس واالنتخايب.

سياسة االستئصال والكل األمني 21وإخفاقاتها: من األزمة االنتخابية والسياسية

إلى األزمة األمنيةيف لقاء مع قناة )+Canal) الفرنسية رصح عيل هارون عضو املجلس

األعىل للدولة بأن انقالب 992) هو عمل غري دميقراطي لكنه ملصلحة

الدميقراطية. بيد أن واقع الحال والسياسات التي جرى اعتامدها عىل

األرض منذ إعالن االستقالة الرئاسية كانت تنحو يف اتجاه خلق وضع

أكرث راديكالية. بالفعل، فقد أخيل املكان بالتدريج آلليات االستبعاد

وتائره انفكت ما الذي املضاد والعنف والعنف، املسلح، والنزاع

تتصاعد كام وكيفا خالل عقد التسعينيات. وخالل السنتني الالحقتني

Page 14: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 42

))99)-995))، وصلت معدالت العنف إىل عتباتها القصوى، ودخلت

والكل االستئصال سياسة أدت فقد حقيقية؛ أهلية حرب يف البالد

األمني والكل القمعي التي اعتمدها النظام املوجه من طرف النخبة

العسكرية أسلوبا يف املواجهة املربمة للجامعات املسلحة، إىل ظهور

كل وأرغم وسط، فضاء كل معه امحى الجزائري املجتمع يف رشخ

الجيش معسكر بني لنفسه موقع تحديد عىل املواطنني من واحد

ومعسكر اإلسالميني)70).

تقوم إسرتاتيجيات جديدة اإلرهابية الجامعات املقابل، سلكت ويف

عمدت ثم به. املمكنة األرضار أكرب وإلحاق الخصم إنهاك عىل

الرشطة إىل رجال إضافة ليشمل توجيه عنفها إىل يف مرحلة الحقة

والدرك والعسكريني املثقفني وأساتذة الجامعات واألطباء والصحفيني،

ثم الرعايا األجانب. ثم جرى االنتقال إىل أسلوب يحتكم إىل منطق

ميكن تسميته بـ "الرعب غري املفهوم" ممثال يف املجازر الجامعية التي

ذهب ضحيتها مئات املدنيني غري املعنيني باملواجهة املسلحة. وهو ما

أفقدها حضورها الشعبي، وأدى إىل ازدياد منسوب معاداتها من جانب

كثري من الرشائح والطبقات املتوسطة والربجوازية الصغرية التي بقيت

إىل فرتة قريبة مصدرا مهام للرضائب املالية؛ إذ هربا من االبتزاز املايل

الواقع عليها من هذه الجامعات، اضطرت يف األخري إىل ترك أحيائها أو

البدء يف التقرب من النظام))7).

خالل السنتني اللتني أعقبتا االنقالب، كان رجحان كفة الحرب ملصلحة

الجامعات املسلحة التي أصبحت مقتنعة بأن نرصها بات قريبا. يف

املقابل طور الجيش إسرتاتيجياته وقدراته القتالية، واستحدث هيئات

متخصصة يف تنسيق مكافحة اإلرهاب، وأنشأ قوات رسمية وشعبية

جديدة للتصدي له )مجموعات الحرس البلدي، وقوات الدفاع الذايت

يف التحكم عىل أقدر وأصبح املدنيني)، السكان وتسليح الشعبية،

اآلخر" الرعب ونقله إىل املعسكر "توازن املعركة. لكن سياسة زمام

إسرتاتيجية جرى العمل بها يف فرتة رئاسة رضا مالك للحكومة، حققت

بعض املكاسب للمؤسسة األمنية، لكنها مل تحسم املعركة ملصلحتها؛

بأنه يف آخر الرسمي يف كل مرة التبشري الذي كان يجري فاإلرهاب

"املجازر عرب املدنيني صفوف يف خسائر ضخمة يحدث كان أيامه،

الجامعية" التي باتت تتكرر، مبا أثبت أن املواجهة األمنية الرصفة قارصة

عن تحقيق األمن، وهو ما عرض الجيش لحملة دولية لثنيه عن مواصلة

هذه السياسة)72).

70 محمد مداوي، "الدولة والجيش والعنف يف الجزائر"، يف: فرانسوا كليمنصو وآخرون، الرشق، أفريقيا املغرب: )بريوت/ حزل الرحيم عبد ترجمة املسلحة، اإلسالمية الجامعات

)200)، ص 9).

71 املرجع نفسه، ص )).

72 عبد النور منصوري، "املصالحة الوطنية يف الجزائر من منظور األمن اإلنساين"، مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستري يف العلوم السياسية، جامعة الحاج لخرض، باتنة، 2009 - 0)20،

ص 20).

الرئيس الجنرال زروال ومسارات التسوية31التسرت وراء واجهة مدنية العسكرية النخبة الرغم من محاولة عىل

جرى ابتداعها، وجهدوا إلعطائها طابع املرشوعية القانونية هي املجلس

األعىل للدولة، كانت املامرسة امليدانية والتوجه الحقيقي للسياسات

الذين املبادرة املتحكمني يف زمام بوحي من املتبعة واإلسرتاتيجيات

اصطلح عليهم يف تلك الفرتة بأصحاب القرار. هذا ما أكده بلعيد عبد

االنقالب، حني رصح بعد األوىل الحكومة رئيس نفسه، وهو السالم

بأن قبوله قيادة الحكومة كان التزاما إزاء الجيش، وأن واقع السلطة

وقراراتها كانت تتم عىل مستوى قيادة هذا الجيش؛ ومل يكن املجلس

األعىل للدولة برأيه، وبخاصة بعد اغتيال بوضياف سوى "غرفة تسجيل

وجهاز للصدور الرسمي لقرارات متخذة يف مكان آخر. ثم إن الرئيس

عيل كايف ذاته قال يل ]يقول بلعيد عبد السالم[ يف العديد من لقاءاتنا،

أنه وأنا مل نكن إال "خرضة فوق عشا" ]...[، من ناحية حيازة السلطة

"جميع إن وضوحا أكرث بطريقة ويقول ومامرستها".))7) الفعلية

املبادرات مل يكن لها يف الواقع مصدر آخر غري حاشية وزير الدفاع؛ أي

القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي التي كانت يف نهاية األمر هي

مصدر القرارات املتصلة مبصري البالد يف تلك املرحلة العصيبة"))7).

لألزمات التي اشتغل بها الجيش يف تسيريه احتكمت هذه الطريقة

بنظرية الباحثني بعض سامه ملا السالم، عبد بلعيد يرشحها والتي

"كاظم أو الكهربائية)75)"؛ والقواطع "القوابس أو العازل" "الطوق

الصدمات". إن الجيش ال يظهر مبقتضاها بطريقة مبارشة، وإمنا يدير

الوضع عرب واجهات مدنية يختفي وراءها، وقد كان الرؤساء منذ بن

بلة ثم بن جديد وبوضياف وكايف، ومختلف رؤساء الحكومات )غزايل،

وبلعيد، ومالك..) قوابس يجري "حرقها" بهذه الكيفية أو تلك ليبقى

الجهاز الخفي بعيدا عن االحرتاق. وعندما مل تفلح هذه األطواق العازلة

)الواجهات املدنية) التي جرى تنصيبها بعد االنقالب، راهنت النخبة

العسكرية عىل شخص الجرنال اليامني زروال العائد من التقاعد، لتدفع

به وزيرا للدفاع. ثم بدعم وتأييد واضحني منها تحول إىل رئيس الدولة

األعىل املجلس انتهاء عهدة أعقبت التي الوطني الوفاق ندوة بعد

للدولة؛ ثم إىل رئيس للجمهورية بعد انتخابات 995) ليقود بالتدريج

مسار حل األزمة، قبل أن يتم استخدامه هو اآلخر طوقا عازال بـ "فرتة

صالحية معينة"، ثم التخلص منه واستبداله مبن يقوم باملهمة بطريقة

أفضل، ويحفظ للمؤسسة العسكرية وجاهتها.

73 انظر: بلعيد عبد السالم، مذكرات رئيس الحكومة الجزائري السابق، كام نرشتها جريدة الرشوق مرتجمة عن املذكرات األصلية، ص 25، 26، 58، 62، شوهد يف 25/)/7)20، يف:

http://bit.ly/2ji(xeJ

74 املرجع نفسه، ص 58.

75 قرية وآخرون، ص 98 - 99.

Page 15: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

43الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

قانون الرحمة ثغرة في الطريق المسدودأ.

السيايس النزاع تسيري فرتة هي األزمة من األوىل الفرتة كانت إذا

واألمني املندلق بسبب األزمة االنتخابية، فإن املرحلة الالحقة كانت

مجاال لتعقد هذا الرصاع وخطورة تداعياته؛ بحيث بقي كل طرف

الوضع هذا وعزز والسالح، العنف بقوة اآلخر إنهاء عىل مصمام

السلطة، معسكر يف االستئصايل التيار الجانبني؛ كال يف متطرفون

قبالة أمراء الحرب وجامعات اإلرهاب املتطرف الذين كانوا يسعون

هذا عزز كام الجزائريني. جامجم عىل ولو إسالمية دولة لتأسيس

الوضع أن كل طرف من هذه األطراف كان يتغذى "من نفس املرياث

النفيس والتاريخي واالجتامعي املؤسس عىل الهيام بالحرية، واالعتداد

شحنات وعىل القرسي، االجتامعي الضبط عىل والتمرد بالنفس،

ليست يسرية من روح تغنانت أو العناد الحاد، ورفض الحقرة، ورسعة

للبطولة املادية باألبعاد العادي غري واالعتداد وحدته، االنفعال

والفحولة")76). وهو مخزون جرى اسرتجاعه وتوظيفه، ما أطال عمر

الكفاح ثقافة "إن الصيداوي يقول املأساوية. آثارها وعمق األزمة

التي اكتسبها الجزائريون أثناء حرب التحرير الوطني ))95)-962))

متيزت بتمجيد البطولة وتثمني مفهوم الشهادة و"الصعود إىل الجبل"

احتجاجا عىل جور املستعمر وظلمه، ]سيعاد اسرتجاعها من طرف

إسالميي اإلنقاذ بالعودة[ إىل هذا املخزون الجامعي الحي يف ذاكرة

مستخدمني الناس من مجموعة لدى إحياءه ليعيدوا الجزائريني

اليوم الجيش وقادة باألمس املستعمر بني يطابق تعبويا خطابا

الذين يوصفون بـ 'حزب فرنسا'")77). ولكن مل ينهر النظام. ومل تنترص

اإلمكان من هدر مزيد إىل آل الوضع أن غري املسلحة. الجامعات

الحضاري واملادي والسيكولوجي للمجتمع، وإىل تضعضع يف مكانة

الجزائر وانغالقها عىل نفسها يف ظل شبه مقاطعة دولية.

وأمام ما بدا أنه حرب أهلية كانت تتسع، كان الشعور بالعجز واضحا

تجاه العنف الناجم عنها وخروجه عن السيطرة؛ عنف بدت السلطة

الوضعية، السلم املدين بديال منه. أمام هذه غري قادرة عىل إحالل

كانت تنطلق بعض املبادرات الحوارية، ثم رسعان ما تنتهي بنتائج

ال ترقى إىل مستوى إيجاد حل مربم لألزمة املتصاعدة. ومن أهم تلك

زروال الرئيس عليه أرشف الذي الوطني الوفاق مسعى املبادرات

فيها يسفر مل كاملة سنة استغرق والذي اإلنقاذ، جبهة قيادة مع

عن تقدم يف اتجاه الحل؛ وانتهى هذا املسار يف صائفة 995) بإعالن

الرئيس نفسه غلق ملف الحوار، وملف الجبهة وعده ملفا مطويا.

76 الطيب برغوث، إطاللة عىل تجربة جامعة البناء الحضاري اإلسالمية، طبعة تجريبية )الجزائر: د.ن، د.ت)، ص 69).

االنتصار"، إىل العجز من الجزائر: يف واإلسالميني العسكر "رصاع الصيداوي، 77 رياض 7/)/2009، مدونة الكاتب اإللكرتونية، يف:

http://bit.ly/2kmgbY0

خالل تلك الفرتة أعلن الرئيس اليامني زروال )يف شباط/ فرباير 995))

عن سلسلة تدابري تتيح للمسلحني العودة إىل أحضان املجتمع، ونبذ

العمل املسلح، وتسليم أنفسهم للجيش يف مقابل تخفيف العقوبات

هذا لكن الرحمة")78). "قانون بـ عليها اصطلح ضدهم، الصادرة

وفتح املسدود، الطريق يف ثغرة كان أنه من الرغم عىل القانون

مجاال إلمكانية وجود خط رجعة للذين انتهى بهم األمر إىل العمل

املسلح، مل يكن يسعى إىل تحويل النزاع القائم من مستواه األمني إىل

لألزمة، بل العميقة والحقيقية مستواه السيايس، ومعالجة األسباب

اكتفى باملحافظة عىل مقاربة أمنية تعالج بعض أعراض األزمة وليس

أسبابها. ويفرس ذلك هيمنة الجناح االستئصايل يف الجيش الذي كان

باستعامل اإلرهاب القضاء عىل بإمكانية اللحظة تلك يعتقد حتى

القوة وحدها. ما جعل نتائج "قانون الرحمة" ضعيفة، وإن أقنعت

بعض املسلحني بالرتاجع عن النشاط املسلح)79).

تم التي التسامح األوىل الرحمة تعد مبادرة مهام يكن، فإن تدابري

تبنيها، حتى وإن كانت "تقع ضمن إطار التوبة والعفو الذي يتبناه

معظم الترشيعات ملن تخىل عن الجرمية وساعد عىل الكشف عنها؛

أي إنها إطار ضيق جدا من سياسة تعتمد عىل تشديد العقوبات يف

مواجهة الجرمية اإلرهابية")80)، ومل تتجه إىل ما يسميه رجال القانون

العقاب، غري بديلة، وإجراءات سبل يف تبحث التي املصالحة نحو

وهي إجراءات العفو والتسامح.

إسرتاتيجيتني اتباع إىل السلطة اتجهت اإلجراءات هذه إقرار مع

متوازيتني؛ تقوم األوىل عىل االستمرار يف محاربة اإلرهاب بكل حزم،

وتنصيب املؤسسايت" "الرصح بناء إعادة إىل فتسعى الثانية أما

مؤسسات منتخبة؛ بحيث تم تنظيم انتخابات رئاسية تعددية أعيد

أجريت ثم ،(995 أبريل نيسان/ يف زروال الرئيس انتخاب فيها

انتخابات ترشيعية عام 997) شارك فيها مختلف األحزاب السياسية.

مسار التفاوض مع المسلحين  . أو إعالن الهدنة ودور الجيش

النظام واجهات تأهيل إعادة مجال يف املحققة املكاسب عدت

السياسية عرب االنتخابات مؤرشا عىل بداية نهاية األزمة، ومنحت له

بعض الرشعية الشعبية املفقودة، وأخرجته من أزمة الفراغ الدستوري

الجبال يف أما جديد. بن الرئيس استقالة منذ البالد عاشته الذي

78 صدر بناء عىل األمر رقم 2) / 95 املؤرخ يف 25 شباط/ فرباير 995).

79 يذكر بعض املصادر أن مجموع من استجابوا لقانون الرحمة ال يتجاوز 500 مسلح.

80 باخالد عبد الرزاق، "املصالحة الوطنية يف ظل السياسة الجنائية"، مذكرة ماجستري يف القانون الجنايئ والعلوم الجنائية، كلية الحقوق والعلوم القانونية، جامعة منتوري - قسنطينة،

2009 / 0)20، ص )5.

Page 16: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 44

انقسامات ورصاعات يف صفوف إىل اإلرهابية األعامل بعض فأدى

الجامعات املسلحة، انتهت يف األخري إىل إضعافها وإفقادها سندها

الشعبي، يف مقابل ذلك أصبح الجيش أكرث اقتدارا وتأهيال يف حربه

ضد هذه الجامعات، وبات يحقق انتصارات واضحة عىل األرض.

لكن رجحان الخيار التفاويض أملته برأينا عدة عوامل؛ فجنوح الجيش

إىل هذا الخيار مل يتأت من ضعف كان بدأ يلحق هذه الجامعات عىل

امليدانية فقد بقيت هذه التنظيمية و/ أو فاعليتها صعيد وحدتها

وازدادت املفهوم"، غري "العنف البعض ما سامه متارس الجامعات

حصيلة املجازر املروعة التي باتت ترتكبها يف كل مكان، بخاصة يف

أماكن قريبة من ثكنات الجيش وحول املدن؛ أو بسبب تحسن قدراته

عىل مبادأة هذه الجامعات وكرس شوكتها. ولكنه يتأىت بخاصة من

العامل الخارجي الذي أصبح يتساءل عن وتائر العنف، وعمن يقتل

من. ومن هنا، يضغط يف اتجاه حل لألزمة؛ والعامل الداخيل ويتعلق

الجيش - الحكم املعتدل داخل مؤسسة الجناح البعض مبا يسميه

الذي وجد الفرصة مواتية لقبول سلسلة من الوساطات، أفضت يف

األخري إىل التفاوض والهدنة))8) مع الجيش اإلسالمي لإلنقاذ الذي كان

هو اآلخر يبحث عن محاولة تسوية سلمية لألزمة بعدما رآها بعض

الحقيقية أهدافه عن )الجهادي) املسلح بالعمل انحرافا قيادييه

كانت قد بدأت متارسه أطراف أخرى من الجامعات اإلرهابية وعىل

رأسها الجامعة اإلسالمية املسلحة)82).

االتصاالت من مسار إىل اإلسالمي الجيش تنظيم قياديو بــادر

والوساطات بدأ بلقاءات مبارشة جمعت قيادات يف الجيش الوطني

بإعالن هذا لإلنقاذ، وانتهت الجيش اإلسالمي الشعبي وقيادات يف

األخري هدنة من جانب واحد يف ترشين األول/ أكتوبر 997).

من الالفت لالنتباه أن يقود مسار التفاوض مع جيش اإلنقاذ شخصية

ما عرف عن مع العامري، إسامعيل الجرنال مركزية هي عسكرية

هذا العسكري من اندفاع شديد تجاه القطع الحاسم مع اإلسالميني

غداة انقالب 992). ولكن يبدو أن العامري كان يعرب مبسعاه هذا

عن اتجاه بدأ يتغلب لدى "صناع القرار" للبحث عن تسوية لألزمة،

ولو بالتفاوض مع مسلحني رفعوا السالح ضد الدولة.

من بالخروج التعجيل يف أسهم ما بقدر املسعى هذا أن بيد

وضعية االقتتال الداخيل والحرب األهلية ألنه استطاع تحييد مئات

يف املسلحة اإلسالمية الحركة الطويل، كميل انظر: الوساطات، هذه عن 81 للمزيد الجزائر: من اإلنقاذ إىل الجامعة )بريوت: دار النهار للنرش، 998))، ص )29 - 7)).

"الحلقة حصة يف لإلنقاذ اإلسالمي الجيش قائد مــزراق مدين به رصح ما 82 ذلــك املفقودة"، قناة الرشوق.

فجر فقد الهدنة))8)، لنداء استجابت جامعات وبضع املسلحني،

أزمة داخل معسكر الجيش - السلطة انتهت بإعالن الرئيس زروال

انقضاء قبل رئاسية انتخابات إجراء عن (998 أيلول/ سبتمرب يف

وبني بينه عميقة بخالفات البعض فرسه ما وهو الرئاسية، عهدته

اإلسالميني، مع السيايس الحوار مسألة إزاء للجيش العليا القيادة

وإسرتاتيجيات التعامل مع الجامعات املسلحة))8).

رئيس مدني ألجل وئام مدني . يذهب عدي الهواري إىل أن تنحية الرئيس زروال من منصبه جرت

بسبب رفضه املوافقة عىل االتفاق الذي ظل رسيا بني قوات األمن

العسكرية والجيش اإلسالمي لإلنقاذ)85). لذلك كانت مؤسسة الجيش،

وهي تؤدي دورها القديم الجديد يف حاجة ماسة إىل واجهة جديدة

مبستطاعها تأمني غطاء سيايس فاعل لالتفاق.

بناء عليه، أدت استقالة الرئيس زروال وانتخاب الرئيس عبد العزيز

بوتفليقة يف االنتخابات الرئاسية لعام 999) إىل تفعيل قانون الرحمة،

ولكن بآليات جديدة ونفس مختلف، مبسمى الوئام املدين.

ينبغي اإلشارة هنا إىل الدور الفاعل الذي ستقوم به مؤسسة الجيش

مجددا، مبا هي صانعة الرؤساء، يف اعتالء الرئيس الجديد سدة الحكم؛

إليها عرب أسلوب االنتخاب، مل يكن خافيا أنه جاء الرغم من فعىل

الدور الذي مارسته اليد الخفية ملؤسسة األمن العسكري يف توجيه

والجمعوية)86) والنقابية والصحافية الحزبية األوساط يف عمالئها

فإن الهواري، عدي وبحسب اإلجــامع". "مرشح يسمى ما لتأييد

االنسحاب ديناميكية ضمن تندرج مدين رئيس الختيار العودة

املرشوط للجيش من الحياة السياسية)87)، وتعرب عن إرادة الجيش يف

التغيري، أي عن إرادة نفي الطابع العسكري عن النظام، ذلك الذي

أصبح لصيقا به منذ استقالة بن جديد.

يعد قانون الوئام املدين الذي يعد الحلقة الثانية يف تجربة املصالحة

الوطنية الجزائرية تتويجا لجهد الهدنة والتهدئة التي بارشها، مثلام

القيادات العسكرية واألمنية للجيش مبعية قياديني يف ذكرنا، بعض

الجيش اإلسالمي لإلنقاذ؛ بحيث مثل مخرجا للمسلحني ممن اقتنعوا

83 كالرابطة اإلسالمية للدعوة والجهاد، والحركة اإلسالمية للدعوة والجهاد.

84 مداوي، ص 8).

le monde diplomatique جريدة املستمرة"، الحرب "الجزائر: عدي، 85 الهواري )200))، ص )، شوهد يف 25/)/7)20، يف:

http://bit.ly/2jhEaFK.

86 املرجع نفسه، ص ).

87 Addi, "L'armée, la nation et l'Etat en Algérie," p. 7.

Page 17: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

45الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

بعد سنوات من النزاع بأن العمل املسلح عديم الجدوى، بخاصة بعد

ما انتهى إليه من مآالت خطرية.

يف املتمثلة السامية الغاية إطار "يف يندرج الذي القانون هذا إن

الوئام املدين، ويهدف إىل تأسيس تدابري خاصة بغية توفري استعادة

حلول مالمئة لألشخاص املورطني واملتورطني يف أعامل إرهاب أو تخريب،

نشاطاتهم عن وعي بكل التوقف، يف إرادتهم عن يعربون الذين

اإلجرامية، بإعطائهم الفرصة لتجسيد هذا الطموح، عىل نهج إعادة

مثلام رئاسية، بأوامر إقراره يجر مل املجتمع")88)، يف املدين اإلدماج

الترشيعية، الهيئات تزكيته عرب بل متت الرحمة، قانون كانت حال

الشعبي؛ االستفتاء عىل عرضه خالل من شعبية بإرادة وتحصينه

إذ حظي بتأييد أكرث من 85 يف املئة من أصوات الناخبني. وإن كان

الرئيس بوتفليقة قد أخذ عىل عاتقه العمل عىل التسويق السيايس له

بعد أن ظل اتفاقا رسيا بني الجيش الوطني وجيش اإلنقاذ)89).

أما حصيلة ما أسفر عنه تدبري الوئام املدين من حيث عدد املسلحني

لجهة املسلحة نشاطاتهم عن التوقف يف إرادتهم عن عربوا الذين

إعادة اندماجهم املدين، فقد وصلت، بني فرتة إقراره وانتهاء مدته التي

قدرت مبوجب نصوص القانون بستة أشهر )من )) متوز/ يوليو 999)

إىل حدود 6000 و6500 مسلح. الثاين/ يناير 2000)، كانون إىل ))

منذ الناشب املسلح الرصاع جبهة بوضوح ضيق معترب، رقم وهو

سنوات)90). عىل الرغم من ذلك وجه بعض االنتقادات لتدبري الوئام

املدين، فنتائجه كانت بحسب البعض معروفة، وكان الهدف منها هو

املناورة واكتساب الرشعية، بخاصة لرئيس "منتخب" وصل إىل كريس

الرئاسة منقوص الرشعية بعد انسحاب جميع املرتشحني اآلخرين، ملا

تأكد لهم بأن السلطة الفعلية عازمة عىل تزوير االنتخابات ملصلحة

املدين) الوئام قانون )أي اإلجــراء هذا أن كام املعروف. مرشحها

استنكف عن معالجة األزمة يف جانبها السيايس، واكتفى مبعالجة بعض

88 انظر النص الكامل لقانون الوئام املدين عىل املوقع اإللكرتوين لرئاسة الجمهورية، يف:http://bit.ly/2kvSuj5.

89 عدي، ص ).

تقريبا، مسلح و0000) 25000 بني (996 - (99( أعوام يف املسلحني عدد 90 يراوح تم التي واملصالحة السلم ميثاق لتطبيق القضائية املساعدة خلية أعدته تقرير وبحسب إنشاؤها يف حزيران/ يونيو 2006 فإن عدد اإلرهابيني الذين تم القضاء عليهم منذ 992) إىل غاية 2006 قدر بناء عىل قامئة وطنية لإلرهابيني تم إعدادها بنحو 7000) إرهايب، بينام تبقى أعداد الذين قضوا من قوات األمن والجيش أحد أرسار الدولة، أما املجموعات التي تدخل ضمن مسمى بقايا اإلرهاب فهناك مؤرشات تؤكد أن بعضها غادر البالد ليواصل نشاطه يف الجزائرية أعدادهم بني 600 و000) الحكومة أماكن أخرى. ويف )200 قدرت العراق ويف

عنرص جزائري كانوا ينشطون يف شبكات إرهابية عابرة للدول، انظر:Rachid Tlemçani, "Algeria under Bouteflika Civil Strife and National Reconciliation," Carnegie Middle East Center (February 2008(, p. ((, accessed on 25/(/20(7, at:http://ceip.org/(JZU265.

الظواهر األمنية املحدودة ليطيل بذلك عمرها وتستمر ذهنية الهروب

إىل األمام))9).

مهام يكن، فقد استطاع هذا التدبري الجديد، وإن مل يقض عىل الظاهرة

اإلرهابية نهائيا بحيث استمرت أعامل القتل والتخريب، أن يدخل الدولة

أكرث والتعايش السلم مالمح فيها بدت جديدة مرحلة يف واملجتمع

وضوحا. كام أن إسرتاتيجية النشاط املسلح واألعامل اإلرهابية ال تحظى

بالتأييد، وزاد من عزلتها وانغالق أفقها، الحرب العاملية عىل اإلرهاب

التي أعلنتها الواليات املتحدة األمريكية بعد أيلول/ سبتمرب )200؛ بحيث

الجزائري يف مكافحته اإلرهاب، وحظي النظام تفهم الجميع مسعى

بالتأييد واملساعدة، بل أصبحت الجزائر رشيكا مميزا يف التحالف الدويل

ملكافحة اإلرهاب لام تراكم لديها من مخزون خربة يف هذا الصدد.

الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية:

الخطوة الثالثة في مسار المصالحة الجزائرية

كان كام واملجتمع للدولة تهديدا متثل املسلحة الجامعات تعد مل

األمر يف السابق بعد تطبيق تدبري الوئام املدين، ولكن هذا ال يعني،

مثلام ذكرنا، أن هذه الجامعات امحت من الوجود، بل يوجد دامئا ما

يسمى "بقايا اإلرهاب"، وكان يعلن عرب بعض األعامل االستعراضية

أنه "ال يزال موجودا"، ولكن من غري أفق سيايس أو إسرتاتيجي، سوى

امليض يف مرشوع القتل واإلجرام العبثي.

وأمام النجاح امللحوظ الذي أعقب تطبيق ترتيبات تدبري الوئام املدين

عىل الصعيدين الداخيل والخارجي خالل العهدة األوىل لحكم الرئيس

بوتفليقة، كان من املحتم تكريس خيار االنتقال النهايئ إىل مرحلة ما

بعد األزمة، وتدعيم االستقرار املحقق بصورة أكرث انغراسا واستدامة.

وهو ما كان يتطلب خطوة الحقة أشار إليها الرئيس نفسه يف عدد

من خطاباته، هي "املصالحة الشاملة".

كانت مناسبة ترشحه لعهدة ثانية فرصة إلطالق هذا املرشوع، ألن

السلم ينبغي برأيه أن يتجاوز مرحلة ما سامه بـ "سلم السالح"، إىل

"سلم الرجال، وسلم القلوب، وسلم العقول")92)، مبا هو الحل املربم

91 نور الدين خبابة، املصالحة الوطنية: مرشوع نهضة شاملة )فرنسا: مؤسسة املصالحة، ))20)، ص 7).

92 انظر خطاب الرئيس لدى استدعائه الهيئة االنتخابية الستفتاء 6) أيلول/ سبتمرب يوم 2 آب/ أغسطس 999)، موقع رئاسة الجمهورية، شوهد يف 25/)/7)20، يف:

http://bit.ly/2kmBj07.

Page 18: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 46

ألزمة الوطن. ومن هذا املنظور أكد أنه "ال ميكن االستغناء عن أي

فرصة. يجب تشجيع كل عمل من شأنه أن يدفع حركية السلم، كام

يجب أن تبارش هذه الحركية، وتواصل إىل نهايتها"))9). إنها "املصالحة

الشاملة" التي جرى التبشري بها طويال، وأصبحت فعال ناجزا عندما

الجزائريني عليه. وبالفعل طرحت بوصفها مرشوع ميثاق الستفتاء

املئة من حظي هذا املرشوع مبوافقة شعبية وصلت إىل 6).97 يف

األصوات يف 29 أيلول/ سبتمرب 2005، وبدأ تنفيذ هذا امليثاق بوصفه

قانونا يف 27 شباط/ فرباير 2006 ))9).

لقد كانت مسألة الذهاب إىل مصالحة وطنية، وتطوير بدائل أخرى

بعض تسوية رأسها عىل الجديدة، املرحلة مقتضيات تفرضه أمرا

املظامل والتجاوزات واآلثار اإلنسانية واالجتامعية لألزمة األمنية التي

مل تحظ بعناية كبرية يف نصوص قانوين الرحمة والوئام املدين. هذا

بحيث األمني؛ الصعيد عىل الحاصلة التطورات بعض إىل إضافة

أعداد تدفق استمرار لكن الوئام، لقانون القانونية اآلجال انقضت

أخرى من التائبني كان يستدعي ترتيبات قانونية ومدنية جديدة.

أمام وضعية كهذه أصبح من الالزم الذهاب إىل طور جديد يف تجربة

التصالح والوفاق الوطني، بخاصة أن صوت االستئصال الذي كانت

تدعمه بعض الجهات يف مؤسسة الجيش، وبعض أذرعها املدنية من

األحزاب وجمعيات املجتمع املدين قد انتهى أمام منجزات مبادرات

السلم واسرتجاع األمن.

عالج كان وإن واملصالحة، السلم أجل من امليثاق مرشوع إن

جوانب عديدة كمسائل من قبيل التكفل مبلف املفقودين يف بعده

أنفسهم سلموا الذين األشخاص بقضايا أو والسيايس؛ االجتامعي

إدماج وتعويض بإعادة أو اإلرهابيني؛ بعائالت أو السالح؛ ووضعوا

املفصولني بسبب املأساة)95)، ال يشغلنا هنا عىل أهميته، بل سرنكز

عىل ما له صلة مبوضوع الجيش.

الجيش عرا  للمصالحة11يبدو أن مؤسسة الجيش أو عىل األقل تيارا مهام من الفاعلني فيها

أصبح مقتنعا بجدوى الجنوح إىل السلم، ومعالجة األزمة بعيدا عن

سياسات الكل األمني التي وإن أفضت إىل الحد الجزيئ من ظاهرة

اإلرهاب، إال أنها مل تقض عليها. وبغض النظر عن بعض اآلراء التي

93 الخطاب نفسه.

94 صدر برقم 06 - )0 مؤرخ يف 28 محرم عام 27)) املوافق 27 شباط/ فرباير 2006 يتضمن تنفيذ ميثاق السلم واملصالحة الوطني.

95 انظر: الطاهر سعود، "تدبري املصالحة الوطنية يف الجزائر: قراءة يف مرشوع امليثاق من أجل السلم واملصالحة الوطنية"، ورقة مقدمة يف املؤمتر الثاين حول: صناعة التطرف: قراءة يف

تدابري املواجهة الفكرية، ) - 5 كانون الثاين/ يناير 6)20، مكتبة اإلسكندرية، مرص.

يؤمن راديكايل اتجاه املؤسسة؛ هذه داخل اتجاهني وجود تؤكد

عرب حوامله وعىل عليه املربم والقضاء اإلرهــاب، منابع بتجفيف

املكافحة األمنية، يتزعمه قائد أركان الجيش الجرنال محمد العامري،

التفاوض والحوار السلمية عرب التوافقات إىل واتجاه تصالحي مييل

الذي االتجاه فإن توفيق مدين)96)، الجرنال املخابرات قائد يتزعمه

اإلنقاذ هو الهدنة مع جيش إقرار األخري ومنذ تغلب يف أنه يبدو

معسكر املصالحة.

ينبغي االلتفات إىل أن قيادات أمنية عديدة بقيت يف الواجهة منذ

إلغاء املسار االنتخايب، ففي مقابل خمسة رؤساء دولة وستة رؤساء

حكومات تعاقبوا عىل السلطة بقي كبار الضباط أنفسهم يف مراكزهم،

يف العسكريني ثبات قاعدة يؤكد مبا بفاعليتهم، احتفظوا هم أو

مقابل تغري املدنيني)97).

ال ميكن تفسري هذا الثبات إال بقوة املؤسسة العسكرية، بخاصة قوة

النخبة القيادية التي تولت إدارة املرحلة من 992) إىل ما بعد 2000.

ومن نافلة القول إن أغلب هؤالء كانوا من جناح الفارين من الجيش

الفرنيس، وبغض النظر عن التغيريات التي لحقت جسمهم العسكري

خالل هذه الفرتة بحيث أحيل البعض عىل التقاعد فإن بعض العنارص

القيادية ألكرث من مراكزها تغادر ومل أطول، ملدة فرضت وجودها

عرشيتني كاملتني.

بارشت التي القيادية العسكرية للنخبة االستمرارية هذه ولعل

تطبيق تدابري الهدنة، وساعدت يف إنجاحها، ثم ضمنت تطويرها يف

شكل تدابري الوئام املدين عندما حيدت الرئيس زروال وأسهمت يف

96 نجد هذا التقسيم يف كل الدراسات والتحليالت املنجزة عن الجيش الجزائري.

الجزائر: والعسكرية يف السياسية النخب الصيداوي، "رصاعات رياض 2؛ 97 عدي، ص يف شوهد ،(2007( (876 العدد ،20 الحلقة املتمدن، الحوار الدولة"، الجيش، الحزب،

25/)/7)20، يف:http://bit.ly/2jsoGC5.

Page 19: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

47الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

زكت التي تقريبا نفسها هي الحكم، إىل بوتفليقة الرئيس مجيء

مسعى املصالحة قبل أن يحيلها زخم حركية الرئيس الجديد، بخاصة

بعد عهدته الرئاسية الثالثة إىل مؤخرة املشهد.

لقد أوضح رشيد تلمساين يف إطار ما سامه "استعادة السلطة املدنية"

جهد الرئيس بوتفليقة يف هذا الصدد؛ بحيث يرى أنه خاض، بوصفه

جميع عىل رصاعا الدفاع، ووزير املسلحة للقوات العام القائد

عندما والجيش؛ الحكومة بني التقليدية العالقة لقطع الجبهات

أحل بالتدريج ضباطا موالني له محل الضباط الكبار، وخفض الدور

السيايس للجيش. وقد أظهرت نتائج انتخابات نيسان/ أبريل )200

200( أغسطس آب/ ففي املسعى؛ هذا يف كبري حد إىل نجح أنه

أجرب الجرنال محمد العامري )املحسوب عىل التيار االستئصايل) عىل

أحمد بدله حليفه وصديقه ليعني لألركان، رئيسا بوصفه االستقالة

صالح قايد. ويقيم تلمساين كل ذلك بتأكيده أن بوتفليقة نجح ولو

جزئيا يف معركته الستعادة السلطة املدنية، ويف الحد من دور الجيش

يف السياسة، ولكن سلطته مل متتد إىل األجهزة األمنية)98). وهي املعركة

التي يبدو أن الرئيس ومحيطه قد بدآ يخوضانها منذ ))20، عندما

وإحالة واألمن االستعالمات مديرية هيكلة بإعادة قرارات صدرت

قائدها الجرنال توفيق مدين عىل التقاعد.

الجيش في نصوص مشروع الميثاق 21من أجل السلم والمصالحة

إذا كان تصميم مرشوع امليثاق من أجل السلم واملصالحة قد اتجه

وطي الحمراء"، "للعرشية السلبية اآلثار ملعالجة معلوم هو مثلام

أيضا صمم فإنه املعارص، الجزائر تاريخ من ومؤملة طويلة صفحة

"لوقف ادعاءات ومحاوالت تشويه سمعة الجيش")99).

ضمن الجيش موضوعة مركزية تربز امليثاق لهذا متأنية قراءة إن

نصوص مواده، فعىل الرغم من أن الجيش أسهم يف صنع مسار املصالحة

الوطنية عرب مراحلها املختلفة وعىل الشكل والهيئة التي أرادها، عندما

اقتنع تيار واسع من قياداته بجدوى هذا املسعى يف حل األزمة الناجمة

عن إلغاء املسار االنتخايب، مل يعف ذلك محرري هذا امليثاق من إدراج

عديد النصوص والفقرات ال لتأكيد الدور الريادي ملؤسسة الجيش يف

االنتصار لخيار التصالح فحسب، ولكن بإدراج مضامني تكتيس طابع

النزعة الدفاعية والحامئية تجاه هذه املؤسسة.

ومعلوم أن السياق الذي جاءت فيه هذه النصوص متيز عىل عديد

األصعدة باتهامات خطرية يف مجال انتهاك حقوق اإلنسان، كانت قد

98 Tlemçani, pp. (2 - ((.

99 Ibid, p. 9.

توسع دائرة األمنية بعد الجزائري واألجهزة الجيش ه إىل بدأت توج

العنف والرعب غري املفهوم، بخاصة بني عامي 997) و999)؛ وعرب عنها

بعض الترصيحات والكتابات)00))، ووصل بعض املالحظات التي قدمها

بعض الجهات واملنظامت غري الحكومية، إىل حد املطالبة باستنطاق

الجرنال محمد العامري وتوفيق مدين وإسامعيل العامري حول بعض

"االختفاءات" واإلعدامات التي مل تخضع لإلجراءات القضائية))0)).

وضمن مسعى حامية مؤسسات الجمهورية، بخاصة يف دولة قامت

عىل إرث تاريخي يعيل من شأن اإلجامع الوطني ويكافح للمحافظة

الشأن يف تدخل أنها عىل يقيمها محاولة أي من ويتحسس عليه،

الداخيل، ويرفض أي شكل من أشكال تدويل الرصاع الجزائري، بل وصل

الحد إىل تخوين قادة تاريخيني أمثال مهري وبن بلة وآيت أحمد ألنهم

شاركوا يف اجتامع سانت إيجيديو يف روما وأصدروا ما سمي بـ "بيان

التنصيص يف هذا العقد الوطني" عام 995)، ليس غريبا إذا أن يتم

امليثاق عىل جملة من املسائل الهادفة باإلجامل إىل تحصني مؤسسة

الجيش واملؤسسات األمنية األخرى من الوقوع تحت طائلة أي مساءلة

بخصوص وقائع الحرب. نذكر من هذه النصوص ما يأيت:

عرفان الشعب الجزائري لصناع نجدة أ. الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

ويف هذا املحور الذي يرد بعد ديباجة مرشوع امليثاق مبارشة،

جرى اإلشادة بدور الجيش ومختلف األسالك األمنية وتضحياتهم

مؤسسات مبس السامح عدم وتأكيد الجمهورية، إلنقاذ

الوطنية. املأساة خلفته مبا التذرع طائلة تحت الجمهورية

وقبلها مل ينس محررو الديباجة التشديد عىل أن نجاة الجزائر

تضحيات من وبذلته وطنية من به تحلت ما بفضل "كانت

وحدات الجيش الوطني الشعبي وقوات األمن")02)).

تكريس الحصانة القانونية  . لألسالك األمنية المختلفة

وهو إجراء يسعى إىل تحصني املؤسسات األمنية من أي متابعات

محتملة أمام الجهات القضائية داخل الوطن أو خارجه؛ بحيث

تم التنصيص مبوجب املادة 5) من األمر رقم 06 / )0 عىل أنه

100 منها عىل الخصوص كتابات: سليمة مالح ونرص الله يوس يف كتابهام من قتل يف بن طلحة؟، وكتاب الحرب القذرة لحبيب سوايدية، وكتاب محمد سمراوي حول وقائع سنوات

الدم يف الجزائر: كيف تالعبت املخابرات بالجامعات اإلسالمية؟، وغريها.

101 عدي، ص ).

السلم أجل من امليثاق مرشوع الشعبية، الدميقراطية الجزائرية 102 الجمهورية واملصالحة الوطنية )كتيب)، )الجزائر: د.ن، 2005)، ص 6.

Page 20: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 48

أي متابعة، بصورة فردية أو جامعية، يف "ال يجوز الرشوع يف

أسالكها، بجميع للجمهورية، واألمن الدفاع قوى أفراد حق

واملمتلكات، األشخاص حامية أجل من نفذت أعامل بسبب

الجزائرية الجمهورية مؤسسات عىل والحفاظ األمة ونجدة

الدميقراطية الشعبية".

وقوع بإمكانية أقر القيادات بعض أن إىل التنبيه وينبغي

الجيش، ومن ثم أو إليها عنارص األمن حوادث يكون قد لجأ

ألحقت أرضارا مادية ببعض املواطنني يف إطار عمليات مكافحة

فردية حوادث بأنها نفسه الوقت يف يقرون لكنهم اإلرهاب،

ومعزولة، وال تعرب عن تبني املؤسسة األمنية لها، أو أنها تأيت يف

سياق يعطي لهذه الحوادث طابعا مؤسسيا.

على سبيل الختام: نحو أفق يستشرف دور الجيش الجزائري

تطبع التي والفرادة التميز أوجه بعض إىل الباحثني عديد يشري

املؤسسة الجيش مبا هي الجزائري، ومعه مؤسسة السيايس النظام

الجيش هذا فإن العامل جيوش عكس عىل إذ وقوة؛ تنظيام األكرث

مل تصنعه دولة، بل هو الذي صنع دولته))0))، وميزت هذه القاعدة

مجرى تاريخ الجزائر املعارص يف قسم كبري منه، وحددته.

لقد دفع منطق تطور هذا الجيش بوصفه جهازا ليرشف شيئا فشيئا

وسيدها، الدولة مالك ساعة أول منذ وليغدو املجتمع، كامل عىل

الناشبة فيها، ليرشط بذلك السلطة والحكم بني الرصاعات ومصدر

عىل كامل تاريخ الجزائر؛ فأي مرحلة من مراحله ال نرقب فيها أثرا

لقياداته أو أجهزته؟

انصياعا أم قادته من باقتناع أكان سواء الدائم، الحضور هذا إن

له بأن يقتنع جعله تاريخية، لرتاكامت نتيجة أم عارض، لتحريض

من ويجعل التقليدية، السياسية السلطة عىل يسمو سياسيا دورا

تدخله يف الشأن السيايس وظيفة شبه دامئة))0))، فالجيش الجزائري

من هذه الزاوية ليس جيشا ميارس دوره الدفاعي لحراسة الحدود

فحسب كام هي حال الجيوش التقليدية، بل هو جيش مسيس إىل

أو االعرتاض السياسة من خالل توظيفه حق الحدود، مارس أقىص

النقض يف األزمات؛ أو عرب االختيار أو التزكية للقيادات السياسية يف

103 حريب، ص )0).

104 مهري، ص 59 - 60.

أوضاع السلم)05))، لذلك مل يتوان عديد الباحثني عن تأكيد أن الهيئات

والحكومات ومختلف الواجهات السياسية التي حكمت يف الجزائر

كانت أقرب إىل الخدعة التي تختبئ وراءها يف النهاية سلطة العقداء

والجرناالت، كان آخرها انقالب 992) الذي كان موجها لقطع الطريق

أمام كل دمقرطة سياسية منفلتة من رقابة الجيش)06)).

لكن السؤال املطروح اليوم هو: هل من أفق جديد للجيش الجزائري؟

الجيش منذ باتت ملموسة عىل صعيد مؤسسة التي التغيريات إن

مدة غري يسرية أصبحت أكرث من ملحوظة، فعىل الرغم من أن الجيش

مل ينسحب بالكلية من نطاق املجال السيايس؛ بحيث ال تزال "لوثة"

التسييس التي علقت به منذ عقود الثورة واالستقالل األوىل تستهوي

بنهاية املتابعني أحد نرقب عهدا جديدا سامه بدأنا قياداته، بعض

الوارد غري من كان "وإذا يقول كتب عندما أفولهم؛ أو الجرناالت

فينبغي األحداث، التأثري يف يعد مبستطاعه الجيش مل بأن االعتقاد

القبول بأننا نشهد نهاية حقبة الجرناالت")07)).

يبدو أن الجيش الجزائري يتعلم من ماضيه، ويتعلم من متطلبات

املرحلة الجديدة، ولعل الدور الذي قامت به مؤسسة الرئاسة خالل

األعوام 999) - 6)20 يف الحد من دور الجيش يف السياسة، وتوجيهه

واتجاهه ووسائله، بنيته وتحديث األساسية، مبهامته لالضطالع

نحو التخصص واالحرتافية، دور ملحوظ تؤكده القرارات األخرية يف

التاريخيني قادته إعادة هيكلة بعض مصالحه، وإحالة بعض اتجاه

عىل التقاعد.

تنوع بسبب املؤسسة هذه ميزت التي السابقة الرتاكامت إن

موردها البرشي )ضباط جيش التحرير، والضباط الفارين من الجيش

الفرنيس، والضباط الذين تخرجوا يف مدارس عسكرية يف املرشق) قد

أصبح بعضها شيئا من ماض يبدو أنه قد وىل، ألن عامل الزمن كان

كفيال بإحالة كل هؤالء إىل التاريخ.

عن بعيدة االستقالل جيل من شابة قيادات اليوم الجيش أمام

التجاذبات األيديولوجية والتاريخية التي كانت متيز القيادات املسنة

واالستقالل، )الثورة، التاريخية األوضاع تلك عايشت بوصفها فيه،

الحزبية). واألحادية االشــرتايك، املجتمع مرشوع ضمن واالنــدراج

وبإمكان هذه القيادات الشابة أن تجعل من الجيش تلك املؤسسة

تاريخية مرحلة يف املجتمعي التقدم دفع يف تسهم التي القوية

105 بابا عريب، ص ) - 5.

106 Yefsah, pp. 9( - 92.

107 Farid Alilat, "Algérie: le crépuscule des généraux," Afrique Magazine, ((0 March 2009(, p. 59, accessed on 25/(/20(7, at: http://bit.ly/2jhFokp.

Page 21: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

49الجيوش والسياسة واالنتقال الديمقراطي

أدوار الجيش في مراحل االنتقال في الجزائر

أصبحت املحافظة عىل مكسب الدولة الوطنية، وعىل وحدة الشعب

تعيشه الذي والتدمري التفتيت منطق ظل يف كبريا رهانا فيها

املنطقة العربية.

الجزائر يتحول إىل جيش محرتف بعيد فهل بوسعنا أن نرى جيش

عن تجاذبات الساسة ورصاعاتهم؟ ذلك ما ميكن أن نرقبه يف العقد

املقبل عىل األقل.

المراجع

العربيةبابا عريب، مسلم. "املؤسسة العسكرية ومسار التحول الدميقراطي يف

الجزائر". مجلة علوم إنسانية اإللكرتونية، العدد 5) )خريف 2007).

الجنائية". السياسة الوطنية يف ظل "املصالحة الرزاق. عبد باخالد،

مذكرة ماجستري يف القانون الجنايئ والعلوم الجنائية، كلية الحقوق

والعلوم القانونية. جامعة منتوري، قسنطينة. 2009 / 0)20.

برغوث، الطيب. أضواء عىل تجربة جامعة البناء الحضاري اإلسالمية.

طبعة تجريبية. د.ن، د.ت.

بورقعة، لخرض. مذكرات الرائد يس لخرض بورقعة: شاهد عىل اغتيال

ثورة. ط2. الجزائر: دار الحكمة، 2000.

الرعب املقدس. تقديم إرفيه بورج. ترجمة الجزائر: لياس. بوكراع،

خليل أحمد خليل. الجزائر/ بريوت: ANEP ودار الفارايب، )200.

جايب، عبد النارص. االنتخابات: الدولة واملجتمع. الجزائر: دار القصبة

للنرش، د.ت.

حريب، محمد. جبهة التحرير: األسطورة والواقع. ترجمة كميل قيرص

داغر. بريوت: مؤسسة األبحاث العربية، )98).

خبابة، نور الدين. املصالحة الوطنية: مرشوع نهضة شاملة. فرنسا:

مؤسسة املصالحة الوطنية، ))20.

دمشق: دراسة. املعارص: الجزائر تاريخ العريب. محمد الزبريي،

منشورات اتحاد الكتاب العرب، 999).

سعود، الطاهر. "تدبري املصالحة الوطنية يف الجزائر: قراءة يف مرشوع

امليثاق من أجل السلم واملصالحة الوطنية". ورقة قدمت يف املؤمتر

الثاين حول: صناعة التطرف: قراءة يف تدابري املواجهة الفكرية. ) - 5

كانون الثاين/ يناير .6)20. مكتبة اإلسكندرية، مرص.

التفكك". ومخاطر الجزائري الجيش "سوسيولوجيا رياض. الصيداوي، الحوار املتمدن )نيسان/ أبريل 2007). يف:

http://bit.ly/2j(gfyt

الجزائر: يف والعسكرية السياسية النخب "رصاعات .___________ (876 العدد .20 الحلقة املتمدن. الحوار الدولة". الجيش، الحزب،

)2007). يف:

http://bit.ly/2kvr9K(

__________. رصاعات النخب السياسية والعسكرية يف الجزائر: الحزب، الجيش، الدولة. بريوت: املؤسسة العربية للدراسات والنرش، 2000.

إىل اإلنقاذ الجزائر: من املسلحة يف اإلسالمية الحركة الطويل، كميل. الجامعة. بريوت: دار النهار للنرش، 998).

قرية إسامعيل، وآخرون. مستقبل الدميقراطية يف الجزائر. بريوت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2002.

كليمنصو فرانسوا، وآخرون. الجامعات اإلسالمية املسلحة. ترجمة عبد الرحيم حزل. بريوت/ املغرب: أفريقيا الرشق، )200.

لونييس، رابح. "عالقة السيايس بالعسكري يف الجزائر املعارصة". املجلة العربية للعلوم السياسية )كانون الثاين/ يناير ))20) يف:

http://bit.ly/2j(ByQq

يحياتن. محمد ترجمة: الجزائر. يف األهلية الحرب لويس. مارتيناز، الجزائر: منشورات مرىس، 2005.

مجلة الجيش. سلسلة خاصة. العدد ) / ) )متوز/ يوليو 2)20).

األمن الجزائر من منظور الوطنية يف "املصالحة النور. عبد منصوري، السياسية. العلوم يف املاجستري شهادة لنيل مقدمة مذكرة اإلنساين".

جامعة الحاج لخرض، باتنة. 2009 - 0)20.

النصوص األساسية لثورة نوفمرب54. نداء أول نوفمرب، مؤمتر الصومام، .2005 ،ANEP مؤمتر طرابلس. الجزائر: منشورات

ولد داداه أحمد، وآخرون. الجيش والسياسة والسلطة يف الوطن العريب. بريوت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2002.

األجنبيةAddi, Lahouari. "L'armée, la nation et l'Etat en Algérie."

Confluences en Méditerranée ((999(, at: http://bit.

ly/2k(hPQh

____________. "L'armée, La nation et l'état en Algérie."

Algeria-Watch )Octobre 2000(, at: http://bit.ly/2jRDRDx

Page 22: رئازجلا يف لاقتنلاا لحارم يف شيجلا راودأ · 31 ffTh رئازجلا ،ف يطسينغاا بدارلم ،ف دمجلا حامةع ّلحت لم رهقلاو

العدد 24

كانون الثاني / يناير 2017 50

Aït Kaki, Maxime. "Armée, pouvoir et processus de

décision en Algérie." Politique étrangère. vol. 69. no. 2

(200((, at: http://bit.ly/2ksJCuu

Alilat, Farid. "Algérie: le crépuscule des généraux."

Afrique Magazine (March (0, 2009(, at: http://bit.

ly/2jhFokp

Brahimi, Abdelhamid. Aux origines de la tragédie

Algérienne ((958-2000(: Témoignage sur Hizb França.

Genève - Suisse: Hoggar & the center for Maghreb

studies, 2000, at: www.hoggar.org

Enhaili Aziz & Adda, Oumelkheir. État & Islamisme au

Maghreb, at: http://bit.ly/2k6fYuo

Gèze, François. "Armée et nation en Algérie:

l'irrémédiable divorce." Hérodote. no. ((6 (2005/((, at:

http://bit.ly/2j(9LzE

Samraoui, Mohammed. Chronique des années de sang

Algérie: comment les services secrets ont manipulé les

groupes islamistes. Paris: Éditions Denoël, 200(.

Tlemçani, Rachid. "Algeria under Bouteflika Civil Strife

and National Reconciliation." Carnegie Middle East

Center. (February 2008(, at: http://ceip.org/(JZU265

Yefsah, Abdelkader. "L'armée et le pouvoir en Algérie

de (962 à (992." Revue du monde musulman et de la

Méditerranée. no. 65 ((992(, at: http://bit.ly/2jdHPoe