Transitional Justice Sur

25
The Transitional Justice and the National Reconciliation in the Arab World ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﳌﺼﺎﳊﺔ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻌﺎﱂ" لّ ﻛﻴﻒ ﻧﺤﻮ ﺑﺸﺮﻳﴼً اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﺪﻻ" ﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺋﻂ ُ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺧ ﻣﻨﺰل رﺋﻴﺲ أﺳﺎﻗﻔﺔ ﺟﻨﻮب إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ دﻳﺰﻣﻮﻧﺪ ﺗﻮﺗﻮ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻴﺐ ﺗﺎو ن. ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻘﻮﻕ ﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺩﻣﺸﻖ ﻣﺮﻛﺰ ﻣﺪﻳﺮ ﻫﺎﺭﻓﺮﺩ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺯﺍﺋﺮ ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﻛﺒﲑﺍ ﺇﺭﺛﺎ ﲤﺘﻠﻚ ﺍﻟﱵﺘﻤﻌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻳﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻣﻦ ﺣﻘﻞ ﺇﱃ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺗﺸﲑ ﺗﺸﻤ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺃﻭ، ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﺿﺪ ﺍﳉﺮﺍﺋﻢ ﺁﻣﻦ ﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﳎﺘﻤﻊ ﺑﻨﺎﺀ ﺃﺟﻞ ﻣﻦ ﻭﺫﻟﻚ، ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﳊﺮﺏ ،ﺃﻭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻪ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﱵ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﺧﻼﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺪ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ،ﻭﺇﺻﻼﺡ ﻟﻠﻀﺤﺎﻳﺎ ،ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﳉﺎﻥ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ،ﺗﺄﺳﻴﺲ ،ﺍﳌﺼﺎﳊﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﻟﺔ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻣﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﻗﻮﻯ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﳉﻴﺶ1 . 1 Louis Bickford , The Encyclopedia of Genocide and Crimes Against Humanity (Macmillan Reference USA, 2004), vol. 3, pp. 1045-1047.

Transcript of Transitional Justice Sur

Page 1: Transitional Justice Sur

The Transitional Justice and the National Reconciliation in the Arab World

واملصاحلة الوطنيةالعدالة االنتقالية

يف العامل العريب

"األخطاء البشرية عدال بشريا كيف نحول"

منزل رئيس أساقفة جنوب إفريقيا ديزموند توتو كتابة خطت على حائط ن في مدينة كيب تاو

رضوان زيادة .د

مدير مركز دمشق لدراسات حقوق اإلنسان

باحث زائر يف جامعة هارفرد

تشري العدالة االنتقالية إىل حقل من النشاط أو التحقيق يركز على اجملتمعات اليت متتلك إرثا كبريا من ل اجلرائم ضد انتهاكات حقوق اإلنسان ،اإلبادة اجلماعية ، أو أشكال أخرى من االنتهاكات تشم .اإلنسانية ،أو احلرب األهلية ، وذلك من أجل بناء جمتمع أكثر دميقراطية ملستقبل آمن

ميكن إدراك املفهوم من خالل عدد من املصطلحات اليت تدخل ضمنه من مثل إعادة البناء االجتماعي ولة العامة اليت ،املصاحلة الوطنية،تأسيس جلان احلقيقة ،التعويض للضحايا ،وإصالح مؤسسات الد

هلية الداخلية املسلحة مثل الشرطة وقوى األمن ألغالبا ما ترتبط هبا الشبهات اثناء النزاعات ا

واجليش1 .

1Louis Bickford , The Encyclopedia of Genocide and Crimes Against Humanity (Macmillan Reference USA, 2004), vol. 3, pp. 1045-1047.

Page 2: Transitional Justice Sur

يربط مفهوم العدالة االنتقالية بني مفهومني مها العدالة واالنتقال ،ولكن املعىن الداليل األدق للمفهوم

لية اليت متر هبا دولة من الدولحتقيق العدالة أثناء املرحلة االنتقا:يعين 2 1990(كما حصل يف تشيلي .

) 1999( وسرياليون ) 1997(وبولندا ) 1994( وجنوب أفريقيا ) 1994(وغواتيماال ) فمع حدوث التحول السياسي بعد فترة من العنف ) . 2004(واملغرب ) 2001(وتيمور الشرقية

تمع نفسه يف كثري من األحيان أمام تركة صعبة من جيد اجمل. أو القمع يف جمتمع من اجملتمعات انتهاكات حقوق اإلنسان ،ولذلك تسعى الدولة إىل التعامل مع جرائم املاضي رغبة منها يف تعزيز

العدالة والسالم واملصاحلة3

،ولذلك يفكر املسؤولون احلكوميون ونشطاء املنظمات غري احلكومية يف وغري القضائية للتصدي جلرائم حقوق اإلنسان ،وتستخدم يف ذلك عدة انتهاج خمتلف السبل القضائية

من مثل إقامة الدعاوى القضائية على .مناهج من أجل حتقيق إحساس بالعدالة أكثر مشوال وأبعد أثرا أو إرساء مبادرات لتقصي احلقائق ملعاجلة . مرتكيب االنتهاكات من األفراد ،كما حدث يف كوسوفو

ضيانتهاكات املا4

أو تقدمي التعويضات لضحايا انتهاكات حقوق . ،كما حصل يف سرياليون ، أو التمهيد لعمليات املصاحلة يف اجملتمعات املنقسمة على نفسها املغرب اإلنسان ،كما حدث يف

وعدد من دول أمريكا الالتينية ،كما حدث يف تيمور الشرقية5 .

2 Kritz, Neil, ed. (1995). Transitional Justice: How Emerging Democracies Reckon with Former Regimes, Vols. I–III. Washington, D.C.: U.S. Institute of Peace Press. 3 Boraine, Alex, Janet Levy, and Ronel Scheffer, eds.(1997). Dealing with the Past. Cape Town, South Africa: Institute for Democracy in South Africa .and , Crocker, D. A. (1999). "Reckoning with Past Wrongs :A Normative Framework." Ethics &International Affairs 13:43-61. 4 Hayner, Priscilla (2002). Unspeakable Truths :Facing the Challenge of Truth Commissions. New York: Routledge . and , Zalaquett, Jose (1993). "Introduction to the English Edition." In Chilean National Commission on Truth and Reconciliation: Report of the Chilean National Commission on Truth and Reconciliation, trans. Phillip E. Berryman. South Bend, Ind.: University of Notre Dame Press.

:للمزيد حول ذلك ،انظر 5Bassiouni, M. Cherif, ed. (2000). Post-Conflict Justice. New York: Transnational Publishers.

Page 3: Transitional Justice Sur

الت االنتهاكات اجلسيمة بعد انتهاء الصراعات إىل عدة ويرجع تزايد االهتمام بإقرار العدالة يف حا : يوجزها نيل كريتز املتخصص بقضايا العدالة االنتقالية فيما يليعوامل ،

ففي الوقت الذي يكون من املرجح فيه . تغري طبيعة وسائط اإلعالم اإلخبارية يف أحناء العامل -كافة أحناء العامل ،يكون منتظرا من أن تشاهد الفظائع اليت ترتكب يف مكان ما وتنقل إىل

على األقل بدرجة أكرب مما كان عليه احلال يف أي ( حكومة ذلك البلد أن ترد بصورة ما ويصح ذلك على األقل بالنسبة للحكومات األجنبية واهليئات ) . فترة سابقة يف التاريخ

باء الفظائع الواسعة النطاق الدولية ،اليت تتعرض لضغوط متزايدة إلقرار املساءلة عند نقل أن .بصورة حية ووافية يف وقت حدوثها تقريبا

النمو يف حجم وتأثري دوائر حقوق اإلنسان بصفة خاصة ،وقطاع املنظمات غري احلكومية -روز ببوجه عام ، مما أنشأ ضغطا جديدا من أجل مواجهة مسأليت العدالة واملساءلة ،ومع

السياسات العامة مل تعد تستطع احلكومات حجب هذه صوت هذه املنظمات يف مناقشة املسائل عن النقاش ، حىت عندما تتغافل وسائل اإلعالم عن هذه القضايا فإن هذه املنظمات أصبحت قادرة ومن خالل شبكة االنترنت نشر هذه املعلومات وإتاحتها للعموم ،بل إن

منه ، إىل تالقي هذه القوى غري احلكومية إنشاء احملكمة اجلنائية الدولية يرجع ، يف جزء كبري .اجلديدة

أصبح القانون الدويل واضحا بصورة متزايدة أنه فيما يتعلق جبرائم اإلبادة ،أو جرائم احلرب -،أو اجلرائم املرتكبة ضد اإلنسانية ،أو التعذيب ،حيظر إصدار عفو شامل ،وأن احلكومات

. اجلرائم ومقاضاة مرتكبيها يقع عليها التزام قاطع بالتحقيق يف هذه

يف املائة من 93كان ما اليقل عن املاضي تغري طبيعة احلرب ، فبحلول هناية القرن -ل ،وملا كانت هذه الصراعات العنيفة يف أحناء العامل ال يدور بني الدول ،وإمنا داخل الدو

حتم الوصول إىل نتهاكات واسعة حلقوق اإلنسان ،فإن ذلك اما تترافق مع الصراعات غالبا .شكل من أشكال تطبيق العدالة بني األطراف من أجل ضمان االستقرار يف املستقبل

إن الزيادة يف تواتر الصراعات داخل الدول قد واكبها توسع ملحوظ يف استهداف املدنيني -كتكتيك يف خوض هذه احلرب ، وهو ما لوحظ يف زيادة االنتهاكات الواسعة النطاق

Page 4: Transitional Justice Sur

وهذا االستهداف . ويل اإلنساين يف املعارك اليت دارت رحاها يف معظم القارات للقانون الداملتعمد للمدنيني ،الذي يرمي إىل زرع اخلوف وإجبار اجملتمعات احمللية املستهدفة على التعاون ،وتشريد السكان ،أو السيطرة على مناطق من األرض ، أو تعزيز مصاحل مجاعة

بعينها ،أو حتقيق مزايا لقوة عسكرية أضعف ختوض صراعا ضد عرقية أو دينية أو سياسية الدولة بقواهتا وأسلحتها األقوى بصورة طاغية ، كل ذلك أثار اهتماما واسعا بإقرار العدالة يف حاالت ما بعد انتهاء الصراعات كوسيلة للمعاقبة على هذا السلوك وتطهري البيئة اليت

ل للعودة إىل مثل هذا السلوكتنشأ بعد انتهاء الصراع من أي مي6 .

كل ذلك شجع على القول إن أمناط تطبيق العدالة وحتقيقها تزداد يوما بعد يوم ،فاحملاكم اجلنائية ،واألنواع واحملكمة اجلنائية الدولية اخلاصة بلبنانالدولية ليوغوسالفيا السابقة ورواندا ودارفور

شأة حملاكمة جرائم احلرب ،واتساع قائمة البلدان اليت اجلديدة من احملاكم الدولية والوطنية املنمتارس الوالية القضائية العاملية على اجلرائم املرتكبة ضد اإلنسانية يف بلدان أخرى ،مث واألهم من ذلك ،إنشاء احملكمة اجلنائية الدولية ،هي مجيعها أدلة وافية على هذه املرحلة اجلديدة من البحث

.ية دولعن العدالة ال

مناهج العدالة االنتقالية7 :

إن تطبيق ثقافة املساءلة مكان ثقافة اإلفالت من اإلعقاب اليت مسحت بإرتكاب االنتهاكات ،يعطي كما أهنا . إحساسا باألمان للضحايا ويوجه حتذيرا ملن يفكرون يف ارتكاب انتهاكات يف املستقبل

أو (لى كبح امليل إىل ممارسة العدالة األهلية تعطي قدرا من اإلنصاف ملعاناة الضحايا ،وتساعد عكما أنه تتيح فرصة هامة لتوطيد مصداقية النظام ) . أي أن يقتص الناس ألنفسهم بأنفسهم :القصاص

املركز الدويل : نيو يورك ( البحث املتواصل عن العدالة يف حاالت ما بعد انتهاء الصراعات : كريتز ،التقدم والتواضع . نيل ج 6

. 3-2ص ) 2004للعدالة االنتقالية ، ) 2004املركز الدويل للعدالة االنتقالية ، : نيو يورك ( 2003/2004التقرير السنوي للمركز الدويل للعدالة االنتقالية ،: انظر 7بالقدرة ويعد املركز الدويل للعدالة االنتقالية من أبرز املنظمات الدولية املتخصصة بقضايا العدالة االنتقالية ، وغالبا ما تتميز دراساته .

.على دمج اخلربات العملية مع األفكار النظرية

Page 5: Transitional Justice Sur

وميكن .القضائي الذي أصابه الفساد والدمار ، أو الذي مل يكن يعمل على حنو سليم فيما مضى :ءات حتقيق ذلك عرب عدد من املناهج أو اإلجرا

:تقصي احلقائق - 1

بدأت األطراف الفاعلة احمللية يف عدد متزايد من البلدان يف التأكيد على التدابري غري القضائية لتقصي ،وهي جلان تقوم بتحقيقات رمسية يف أمناط " جلان احلقيقة " احلقائق ،اليت كثريا ما تأخذ صورة

قيق ملا وقع من األحداث ،كما يف حدث يف االنتهاكات اليت وقعت يف املاضي لوضع سجل تارخيي دعدد من البلدان مثل مجهورية الكونغو الدميقراطية ،وغواتيماال ، وجنوب إفريقيا،وبريو ،وسرياليون

،واملغرب8 .

ويعترب إنشاء جلان احلقيقة حتديا كبريا ،ألن من شأهنا أن تعمل على إنشاء أجهزة حتقيق قوية لكشف واليت كثريا ما .بالعنف الذي ترتكبه جهات تابعة للدولة أو جهات غري تابعة هلا كل احلقائق املتعلقة

تتعرض لإلنكار أو اإلخفاء أو سوء الفهم ،ولذلك يعد التعلم من دروس املاضي درسا بالغ األمهية تعلم فالبد من ال" .املاضي ليس ما ضيا أبدا ،إنه يعيش بيننا " ،وكما يقول الكاتب األمريكي فوكنر

من املاضي من اجل إحداث التغيري الالزم ملنع وقوع االنتهاكات يف املستقبل ،واالعتراف بالضحايا .وما كابدوه من احملن

لكن إنشاء اللجان جيب أن ال يتم إال بعد تشاور وطين موسع ،وحتديد صالحيات مناسبة للجنة ،كما أنه عند السعي حملاسبة مرتكيب ،ووجود التزام سياسي واضح يسمح بالتحقيق املستقل والفعال

انتهاكات حقوق اإلنسان اليت وقعت يف املاضي ،جيب بذل جهود قوية وجادة إلقامة الدعاوى وجيب إيالء نفس القدر من االهتمام واألولوية –مبا يف ذلك تدعيم نظم احملاكم احمللية –القضائية

.للتدابري الالزمة ملنع االنتهاكات يف املستقبل

وخيلط الكثري من املراقبني ما بني جلان احلقيقة واحملاكم ، وذلك ألن جلان احلقيقة تتناول العديد من الوقائع اليت ميكن هلا أن تكون موضوعا للمحاكمة ،إال أنه ينبغي أن ال نساوي بني جلان احلقيقة

هي هيئات غري قضائية وهلذا واهليئات القضائية أو أن تعترب بديال عن احملاكمات ، إن جلان احلقيقة

تشرين الثاين 30اجمللس االستشاري حلقوق اإلنسان ، :اململكة املغربية ( ي هليئة اإلنصاف واملصاحلة يف املغرب التقرير اخلتام:انظر 8 ) . 2005نوفمرب /

Page 6: Transitional Justice Sur

فصالحياهتا بالطبع هي أقل بكثري من سلطات احملاكم ،فليس هلا سلطة السجن ،وليس هلا سلطة إنفاذ

توصياهتا ،بل إن معظمها يفتقر حىت إىل سلطة إلزام أي شخص باملثول أمامها9 .

ق يف انتهاكات الدولة اليت ،وهي آليات حالية للتحقي" جلانا تارخيية "وقد أقامت عدد من احلكومات وقعت و انتهت منذ سنوات أو حىت عقود عديدة ،وعلى عكس جلان احلقيقة ال تتأسس اللجان التارخيية كجزء من عملية حتول سياسي ،بل وقد تكون مقطوعة الصلة بالقيادة السياسية أو

ائق التارخيية وتكرمي الضحايا فبدال من ذلك تعمل اللجان على جتلية احلق.املمارسات السياسية القائمة وهناك وجه آخر من وجوه املفارقة هو أن اللجان التارخيية . الذين مل تعترف هبم أو بذريتهم

بوجهس عام ،هلى عكس جلان احلقيقة ،مل حتقق يف وقائع القمع السياسي الواسع ،بل ركزت على أخرى بعينها ،ومن أمثلة هذه ممارسات قد تكون أضرت جبماعة عرقية أو عنصرية أو أية جمموعة

اللجنة " و " جلنة الواليات املتحدة حول إعادة التوطني زمن احلرب واحتجاز املدنيني " اللجان " .امللكية الكندية املعنية بالسكان األصليني

وهناك عدد كبري من املشروعات غري احلكومية اليت وثقت ،مثل جلان احلقيقة ، االنتهاكات يت ارتكبها النظام السابق ،وغالبا ما جرى ذلك يف ظل خماطر مجة على األنفس واألرواح والتعديات ال

،وعادة ما تقوم هبذه املشروعات منظمات حقوق اإلنسان الوطنية ،وقد خرجت يف بعض األحيان هيئة السالم والعدالة يف " بنتائج مبهرة ،ومن األمثلة البارزة على ذلك ، عمل منظمات من مثل

"كا الالتينية أمري10 .

:بصفة عامة إىل هيئات تشترك يف السمات التالية " جلنة احلقيقة " يشري، إذا ،مصطلح

.هيئات مؤقتة ،غالبا ما تعمل ملدة عام أو عامني -

هيئات معترف هبا رمسيا مفوضة من قبل الدولة وتستمد صالحياهتا منها ،ويف بعض األحيان من املعارضة - .ة إىل الدولة ،أو ينص عليها يف اتفاقية سالم املسلحة باإلضاف

.هيئات غري قضائية تتمتع بقدر من االستقالل القانوين -

. 2ص ) 2004املركز الدويل للعدالة االنتقالية ، : نيو يورك ( هاينر ،املصارحة .مارك فرميان و بريسيال ب 9

. 3املرجع نفسه ، ص 10

Page 7: Transitional Justice Sur

عادة ما تنشأ يف غمار عملية حتول وانتقال ،إما من احلرب إىل السـالم أو مـن احلكـم التسـلطي إىل - .الدميقراطي

.تصب اهتمامها على املاضي -

. ت معينة ارتكبت على مدار فترة من الزمن ال يف حدث واحد بعينه حتقق يف أمناط التعديات وانتهاكا -

.تكمل عملها بتقدمي تقرير هنائي يضم استنتاجاهتا وتوصياهتا -

تركز على انتهاكات حقوق اإلنسان ويف بعض األحيان على املعايري اإلنسانية كذلك -11 .

رمسية يف العامل برغم جلنة حقيقة 26وحىت اآلن ما يزيد على 1974وقد تأسس منذ عام جلان " ففي األرجنتني وأوغندا وسرييالنكا أنشئت . ما أطلق عليها من مسميات خمتلفة

،ويف تشيلي " جلان احلقيقة والعدالة " ،ويف هايييت واإلكوادور أنشئت " خاصة باملختفني ويف تيمور " جلان احلقيقة واملصاحلة"وجنوب أفريقيا وسرياليون ومجورية يوغسالفيا السابقة

هئية اإلنصاف " ،وأحدثها يف املغرب " جلنة االستقبال واحلقيقة واملصاحلة " الشرقية

"واملصاحلة 12 .

:يعود إنشاء جلنة احلقيقة إىل األسباب التالية

.إثبات احلقيقة بشان املاضي -

.حماسبة مرتكيب انتهاكات حقوق اإلنسان -

.توفر منربا عاما للضحايا -

.ى النقاش العام وتثريه حتفز عل -

.توصي بتعويضات للضحايا -

.توصي باإلصالحات القانونية واملؤسسية الالزمة -

.تعزز املصاحلة االجتماعية -

Hayner, Priscilla (2002). Unspeakable Truths :Facing the Challenge of: وانظر . 4ع نفسه ، صاملرج 11

Truth Commissions. New York: Routledge . Hayner, Priscilla (2002). Unspeakable Truths :Facing the: وانظر . 4املرجع نفسه ، ص 12

Challenge of Truth Commissions. New York: Routledge .

Page 8: Transitional Justice Sur

.تساعد على تعزيز التحول الدميقراطي -

: هناك حاالت ال تستخدم فيها جلان احلقيقة خوفا منلكن ، البد أن نذكر أن

.لعنف أو احلرب التخوف من استمرار أو جتدد ا -

.غياب االهتمام السياسي -

.من مثل تركيز احلكومة على مقومات احلياة وإعادة البناء يف أعقاب الدمار الشامل : األولويات األخرى -

.نقص اإلمكانيات -

وجود آليات أو تفضيالت أخرى ،كأن تكون الثقافة الوطنية اخلاصة تتالىف مواجهة جرائم املاضي ،أو أن

اك آليات قائمة يف اجملتمع احمللي ميكن هلا أن تستجيب إىل العنف الواقع حديثا بصورة أفضليكون هن13 .

:رفع الدعاوى القضائية - 2

ات الواسعة النطاق تعترب إقامة العدالة اجلنائية عنصرا أساسيا من عناصر التصدي املتكامل لالنتهاكى على املتهمني من األفراد ،فينبغي أن هتدف ، وإذا كان البد أن ينصب رفع الدعوحلقوق اإلنسان

.برامج إقامة الدعوى أيضا على استعادة كرامة الضحايا واسترداد ثقة اجلمهور يف سيادة القانون

التعويض عملية - 314 :

وجيب . التعويض هو إحقاق العدالة للضحايا إن اهلدف األساسي ألي سياسة من سياساتواسع بإدماج عناصر االعتراف بالضحية الصدد بشكل يف هذا" العدالة"أن يفهم مصطلح

بعضهم البعض، وبني املواطنني ومؤسسات ورد كرامته وإعادة بناء الثقة بني املواطننياختيار سياسة للتعويضات أو إقرارها، ميكن ولكن عند. الدولة، وإرساء التضامن االجتماعيوارد االقتصادية املتوفرة وااللتزام السياسي امل: بينها ومن. لعدة عوامل أن تؤثر يف االختيارات

الضحايا وفئات الضحايا من حيث العرق أو االنتماء اإلثين أو ؛ وعدد)الوطين والدويل(

Robert I.Rotberg , Apology ,Truth Commissions ,and Intrstate: و أيضا . 7املرجع نفسه ، ص 13

Conflict , Taking Wrongs Seriously :Apologies and Reconciliation,Edited by Elazar Barkan and Alexander Karn ,Stanford University Press ,2006,P.33-48 .

,Reconciliation After Violent Conflict, a Handbook, Handbook Series ، : انظر 14International Institute for Democracy and Electoral Assistance, Stockholm, 2003. ـ

www.ictj.org : للمزيد انظر أيضا

Page 9: Transitional Justice Sur

أو مرتكيب األفعال، وسياق النزاع من /االجتماعي مع ضحايا و اجلنس اخل، وحجم التعاطفنوع انتهاك حقوق أم نزاع مزمن دام عدة سنوات، حيث هل هو حادث جسيم وحيد

األراضي أو النفي أو الترحيل القسري أو االعتداء مثل، مصادرة(اإلنسان الذي مت ارتكابه .املدين الوطين والدويل والتزامات وجهود اجملتمع) اجلسدي

إىل ) يف أملانيا(مئات اآلالف وقد اختلف نطاق جهود التعويض املاضية بشكل كبري، مننطاق واسع ولكن يفشل رغم ذلك غري أن أحد الربامج قد يكون له. فقط يف الربازيل 280

ضحايا التعذيب من نطاق برامج وعلى سبيل املثال، مت إقصاء. يف أن يكون كامال أو شامالميكن من ضحايا فئات اجلرائم ومن األفضل بالطبع تعويض أقصى ما. التعويضات يف تشيلي

.اإلمكان املة قدراألضرار هبدف توفري استجابة شاملة وك/ ليس فقط أمام االنتشار الواسع النتهاكات حقوق اإلنسان، أصبح لزاما على احلكوماتو

أن وبوسع احلكومات. التصدي ملرتكيب هذه التجاوزات بل أيضا ضمان حقوق الضحاياما هتييء الظروف املالئمة لصيانة كرامة الضحايا وحتقيق العدل بواسطة التعويض عن بعض

التعويض وينطوي مفهوم التعويض على عدة معان من بينها. م من الضرر واملعاناةحلق هبويف حياهتم ملساندة الضحايا معنويا(، رد االعتبار )عن الضرر أو ضياع الفرص(املباشر التمييز بني التعويضات حبسب ،وميكن) استعادة ما فقد قدر املستطاع(واالسترجاع ) اليوميةوميكن أن يتم التعويض املادي عن ). مجاعية / فردية(والفئة املستهدفة ) ويةمادية ومعن(النوع

أن يشمل تقدمي خدمات جمانية أو تفضيلية طريق منح أموال أو حوافز مادية، كما ميكناملعنوي فيكون مثال عرب إصدار اعتذار رمسي، أو أما التعويض. كالصحة والتعليم واإلسكان

أو إعالن يوم وطين ) أو نصب تذكاري أو حديقة مثل متحف(تكريس مكان عام

للذكرى15

. فهي عديدة ومتنوعة ) سواء كانت مادية أو معنوية(التعويض أما األهداف املتوخاة من تدابري

الضحايا مجاعات وأفرادا، وترسيخ ذكرى االنتهاكات يف الذاكرة ومن بينها اإلقرار بفضلالضحايا، إعطاء رد ملموس على مطالب رفع التضامن االجتماعي مع اجلماعية، تشجيع

Tina Rosenberg, and A. Boraine, J. Levy & R. Scheffer (eds.), Dealing with the: انظر 15

Past : Truth and Reconciliation in South Africa, 1994, p. 66.

Page 10: Transitional Justice Sur

إضافة إىل أن مبدأ . املالئم للمصاحلة عري استرجاع ثقة الضحايا يف الدولة احليف وهتيئة املناخ .أصبح إلزاميا مبوجب القانون الدويل التعويضات

تفاصيلها الدقيقة تبعا الختالف االتفاقيات اليت و بالرغم من اختالف التزامات كل دولة يفالتوجه حنو إقرار مبدأ إلزامية تعويض ضحايا صادقت عليها، إال أننا نالحظ تناميومما يدعم هذه النظرة القائمة . بالنسبة لكافة الدول االنتهاكات اجلسيمة حلقوق اإلنسان

الدول، والتصرحيات الدبلوماسية واالجتهاد القانوين، على قانون املعاهدات، ممارساتوإذا استعرضنا برامج .املشرفة على احترام املواثيق واحملاكم الدولية للهيئاتوالدور املتنامي

نرى أن من بني التجارب اليت حظيت التعويضات املادية اليت نفذهتا بعض البلدان،

يف عقد التسعينيات باستحسان واسع، تلك اليت شهدهتا الصني واألرجنتني16 .

متنح، من املهم أن تؤخذ بعني االعتبار كذلك للضحايا تعويضات مادية أو مل سواء منحتوأوال، قد يكون من املهم يف . األشكال اإلضافية واهلامة من أشكال تعويض الضحايا عدد من السياقات، بالنسبة إىل حكومة جديدة أن حتاول إعادة احلقوق القانونية إىل الضحايا أو بعض

الذين ن الذين مت ترحيلهم بالقوة أوإجراءات ملساعدة السكا: ومن أمثلة ذلك. ممتلكاهتماإلدماج سرقت أراضيهم، أو إرجاع حقوق احلرية واملكانة االجتماعية واجلنسية، أو إعادة

بعض وثانيا، قد يكون كذلك من املهم يف. يف املناصب السابقة يف الوظائف العموميةوالعالج ساة العاطفيةالسياقات وضع برامج خاصة إلعادة تأهيل الضحايا، مبا يف ذلك املوا

جلرب الضرر واليت وثالثا، مثة جمموعة واسعة من اإلجراءات الرمزية. البدين أو املساعدة الطبيةمثال، رسائل (فردي ميكن أن تؤخذ كذلك بعني االعتبار، سواء بالنسبة إىل الضحايا بشكل) حايا القتلى، اخلللض شخصية لالعتذار من طرف احلكومات التالية، أو مراسيم دفن مالئمة

يف املاضي، أو ختصيص مثال االعتراف الرمسي مبا جرى من قمع(أو الضحايا بصفة عامة الفنية أو بناء النصب أماكن عامة وأمساء الشوارع أو رعاية املعارض اخلاصة أو األعمال

جوانب للعدالة االنتقالية وتتضمن إجراءات أخرى). التذكارية العامة واملآثر واملتاحف اخل، وتوفري )حتقيقات رمسية أخرى من خالل جلنة احلقيقة أو(جرب الضرر وخاصة إظهار احلقيقة

: نيو يورك ( بابلو دي جريف ، جهود التعويضات من املنظور الدويل مسامهة التعويضات يف حتقيق العدالة غري الكاملة : انظر 16

) . 2004الدويل للعدالة االنتقالية ، املركز

Page 11: Transitional Justice Sur

.)اإلصالح املؤسسي مثل(الظروف اليت متنع تكرار انتهاك حقوق اإلنسان وميكنها أن تصل إىل فئات واسعة إن فوائد اإلجراءات الرمزية هي أهنا نسبيا ممكنة التحقيق،

الذاكرة اجلماعية والتضامن فات أوسع للضحية وميكنها أن تشجعوأن تتبىن تعريكما أهنا يف . منافع مادية للضحايا أما السلبيات الكامنة فهي أهنا ال توفر أي. االجتماعي

انطباعا مؤملا بأهنا قدمت كتعويض كامل غياب إجراءات تعويضية ملموسة أخرى، قد تترك .هلا عن املعاناة اليت مت التعرض

أوال، . من جهود تعويض الضحايا على الصعيد العاملي، دروس تستحق الذكر اك عدةهنمن األفضل على العموم ونتيجة لذلك،. ليس هناك شكل واحد باستطاعته ترضيه الضحايا

أهنا إحقاق للعدالة متعدد اختيار وسائل شاملة أو خمتلطة تصور الغاية من التعويضات علىاملختلفة املشار إليها أعاله، ولكن ذلك فقط إجراءات التعويض وال يتضمن. األوجه وشامل

وثانيا، جيب أن . اجلنائية وجلان احلقيقة كذلك إظهار االهتمام بالضحايا مثل احملاكماتأو إعدادها موجهة حنو املستقبل بدال من تكون إجراءات التعويض سواء من حيث تربيرها

جيب أن ترفع من مستوى حياة الضحايا أهنا ومعىن ذلك. أن تكون موجهة حنو املاضي. نفسه بأن الترضية الكاملة مستحيلة بأقصى قدر ممكن مع االعتراف والقبول يف الوقتبني اإلجراءات الفردية واجلماعية مع وثالثا، من األفضل بصفة عامة حماولة إقامة توازنر اليت يفضلها الضحايا ضرره واألمو األخذ بعني االعتبار نوع العنف الذي ينبغي جرب

.وحاجياهتم وكذا أقارهبمواملصاحلة، ) والسيما إجراءات التعويض املادي(العالقة بني إجراءات التعويض وفيما خيص االعتراف أوال بأن األغلبية الواسعة من سياقات العدالة االنتقالية تتصف بظروف من املهم

أو منحت التعويضات دون االستناد إىل مبادئويف هذه السياقات، إذا . الفقر والعجز املادي استعملت كشكل من أشكال الرعاية السياسية، فقد تكون كمصدر إلثارة النزاع

وهلذا السبب، فعند تعويض األفراد وباخلصوص تعويض اجلماعات، ينبغي توخي. واالنقسامي من احلذر يف عدم إثارة التوترات املوجودة من قبل وأن ال يقصى بشكل جمحف أ

ومن شأن غياب تعويض لصاحل اجلماعات اليت هلا . اليت هلا حق بديهي يف ذلك األطرافوحىت . مشروعة واضحة أن يعقد جهود املصاحلة ويؤدي إىل نوع من املظامل التارخيية مطالب

Page 12: Transitional Justice Sur

كان برنامج للتعويض يستند بالكامل إىل مبادئ ويتصف بعدم التحيز، فسيكون مثة دائما إننقسام اجتماعي خصوصا عندما تنعدم إجراءات لضمان احلقوق األساسية خطر وجود ا

أما من حيث للتعويضات.)والسيما احلقوق االجتماعية واالقتصادية(املواطنني جلميععامني الرمزية، فقد تكون أكثر مدعاة إىل املصاحلة عندما تكون مثرة لعملية تشاور ونقاش

االنقسام أو ،وعندما تسعي إىل اإلدماج بدال منوعندما يكون الغرض منها عالج املظامل

التفاخر17

.

املادية التعويضات: حتديات التصميم واإلدارة18

:

بينها ضرورة حتديد أنواع األضرار هناك حتديات كبرية أخرى تواجه برامج التعويضات املادية ومنسية، وحتديد طبيعة وقيمة اقتصادية أو جسدية أو نف املمكن التعويض عنها، سواء أكانت ذات طبيعة

كل مستفيد حمتمل، وما إذا كان التعويض يقوم على أساس الضرر احلجج الواجب اإلدالء هبا من طرفمثل حتديد مبلغ التعويض (ومن التحديات كذلك كيفية تقدير حجم الضرر .أو احلاجة أو كليهما

د املوارد لتمويل الربنامج على اعتباروإجيا) البصر أو تعرض لالغتصاب أو عذب نفسيا املناسب ملن فقد

املوارد، ناهيك عن أنه سيالقي يف أغلب احلاالت منافسة من برامج اجتماعية أخرى خاصة يف ظروف قلةينبغي كذلك حتديد مبلغ . حملية مهمة كون املنح الدولية ال تعطى غالبا يف غياب توفري مسامهات مالية

سيتقاضون نفس قيمة التعويض مهما اختلفت حاالهتم، أو مجاعةالتعويض ومعرفة ما إذا كان كل فرد مالية تصرف مجلة واحدة أم يف شكل دفعات منتظمة، من هي مبالغ(وكذا كيفية توزيع التعويضات

ومن الضروري كذلك معرفة املرحلة الزمنية املشمولة بربنامج التعويض ). احلالتني اجلهة اليت تقوم بذلك يفاملالية على إلزامية كام املدنية ومنح التأمني وغريها من املصادر املستقلة املاحنة للمساعداتتأثري األح ومدى

كما جيب التحقق من إمكان . التعويض استفادة املعين باألمر من محلة التعويضات عن الضرر أو على قيمةمتويل برامج حقوق اإلنسان أو مرتكبيها يف وجود سبيل إلشراك اجلهة املستفيدة من انتهاكات

.التعويضات

نرى أن من بني التجارب اليت حظيت وإذا استعرضنا برامج التعويضات املادية اليت نفذهتا بعض البلدان،

املركز : نيو يورك ( بابلو دي جريف ، جهود التعويضات من املنظور الدويل مسامهة التعويضات يف حتقيق العدالة غري الكاملة 17

ملصاحلة الوطنية ، رضوان زيادة، أمهية احترام حقوق الضحايا عند احلديث عن ا. د :وانظر ) . 2004الدويل للعدالة االنتقالية ، . 30/4/2006، احلياة

www.ictj.org: انظر 18

Page 13: Transitional Justice Sur

.يف عقد التسعينيات باستحسان واسع، تلك اليت شهدهتا الصني واألرجنتني

أشكال إضافية من التعويض19

:

من املهم أن تؤخذ بعني االعتبار كذلك عدد من للضحايا تعويضات مادية أو مل متنح، سواء منحت

السياقات، أوال، قد يكون من املهم يف بعض. األشكال اإلضافية واهلامة من أشكال تعويض الضحايا: ومن أمثلة ذلك. ممتلكاهتم بالنسبة إىل حكومة جديدة أن حتاول إعادة احلقوق القانونية إىل الضحايا أو

الذين سرقت أراضيهم، أو إرجاع حقوق احلرية ين مت ترحيلهم بالقوة أوإجراءات ملساعدة السكان الذوثانيا، قد . اإلدماج يف املناصب السابقة يف الوظائف العمومية واملكانة االجتماعية واجلنسية، أو إعادة

بعض السياقات وضع برامج خاصة إلعادة تأهيل الضحايا، مبا يف ذلك املواساة يكون كذلك من املهم يفجلرب الضرر وثالثا، مثة جمموعة واسعة من اإلجراءات الرمزية. والعالج البدين أو املساعدة الطبية لعاطفيةا

مثال، رسائل (فردي واليت ميكن أن تؤخذ كذلك بعني االعتبار، سواء بالنسبة إىل الضحايا بشكلأو الضحايا ) القتلى، اخلللضحايا شخصية لالعتذار من طرف احلكومات التالية، أو مراسيم دفن مالئمة

يف املاضي، أو ختصيص أماكن عامة وأمساء الشوارع مثال االعتراف الرمسي مبا جرى من قمع(بصفة عامة ). الفنية أو بناء النصب التذكارية العامة واملآثر واملتاحف اخل أو رعاية املعارض اخلاصة أو األعمال

من خالل جلنة (ب جرب الضرر وخاصة إظهار احلقيقة للعدالة االنتقالية جوان وتتضمن إجراءات أخرىاإلصالح مثل(، وتوفري الظروف اليت متنع تكرار انتهاك حقوق اإلنسان )حتقيقات رمسية أخرى احلقيقة أو .)املؤسسي

وميكنها أن تصل إىل فئات واسعة وأن تتبىن إن فوائد اإلجراءات الرمزية هي أهنا نسبيا ممكنة التحقيق،أما السلبيات الكامنة . الذاكرة اجلماعية والتضامن االجتماعي وسع للضحية وميكنها أن تشجعتعريفات أ

كما أهنا يف غياب إجراءات تعويضية ملموسة أخرى، قد تترك. منافع مادية للضحايا فهي أهنا ال توفر أي

.هلا انطباعا مؤملا بأهنا قدمت كتعويض كامل عن املعاناة اليت مت التعرض

: نيـو يـورك ( جهود التعويضات من املنظور الدويل مسامهة التعويضات يف حتقيق العدالة غري الكاملة ، بابلو دي جريف :انظر 19

. ) 2004املركز الدويل للعدالة االنتقالية ،

Page 14: Transitional Justice Sur

إصالح املؤسسات -420 :

إصالحات تشمل مؤسساهتا وقوانينها كثريا ما حتتاج البلدان اخلارجة حديثا من الديكتاتورية إىل تبينة البعيدة املدى، االجتماعية واالقتصادية والسياسي وسياستها، هبدف متكني البالد من حتقيق األهداف

ففي فترات الصراعات، . أو دميقراطي يف املستقبل/اهنيار حضاري و واليت تعترب ضرورية لتفادي وقوعمعايري حقوق اإلنسان وإفساد إجراءات العمل االعتيادية وعقليات وقت السلم يف عادة ما يتم تعليق

ي االضطراب، فإن اإلصالحاتوعندما ينته. من مؤسسات الدولة، إن مل يكن يف جمملها العديد. النزاع أو القمع املؤسساتية بشكل عام يكون اهلدف منها هو إزالة الشروط اليت أدت إىل نشوء فترة

:هذا اهلدف متكن من بلوغهناك ثالث وسائل و .االنتهاك إعادة هيكلة مؤسسات الدولة اليت تواطأت يف أعمال العنف أو (1)

.العهد و اإلثين أو اجلنسي القدميإزالة التمييز العرقي أ (2)شغل مناصب يف منع مرتكيب انتهاكات حقوق اإلنسان من االستمرار يف االستفادة من (3)

21.املؤسسات العموميةفإن بدون إصالحات يف جماالت مثل النظام القضائي الوطين والربملان وأجهزة أمن الدولة، احلقيقة أنه

لدى عامة كل شبه مؤكد، وبالتايل ستفشل يف خلق صدى إجيايبأية عملية حماسبة ستظل ناقصة بشواحلكومة بنوع من االرتياب فاملواطنون الذين تعلموا أن ينظروا إىل أجهزة الشرطة واجليش. الشعب

وإذا كان عليهم . هذه املؤسسات سوف يصعب عليهم أن يؤمنوا جبدوى أية إجراءات مساءلة تشملالثقافات املؤسساتية اليت مسحت بوقوع انتهاكات عليهم االقتناع بأن أن يقوموا بذلك، فإنه يتعني

.بشكل هنائي حقوق اإلنسان أو غذهتا قد مت تقوميهافالعالقات داخل أجهزة الدولة وفيما . بشكل كبري غري أن جمال اإلصالحات املؤسساتية شاسع ومعقد

الدولة يستلزم " أجهزة أمن"إصالح لإلصالحات، إذ إن بينها ال تسمح حىت بإجراء تشخيص بسيطواجلمارك، ومراقبة اهلجرة، وأجهزة املخابرات، والقطاعات إصالح اجليش، والشرطة، والقضاء،

وهكذا فإن حماولة تغيري البنيات املؤسساتية واحلساسيات داخل هيئة ما .العديدة األخرى ذات الصلةل الصالت القائمة بينها دائما واضحة العديد من اهليئات األخرى، وال تكون ك سينعكس على

.مباشر للعيان بشكل

) . 2004املركز الدويل للعدالة االنتقالية،:نيو يورك( 2003/2004التقرير السنوي للمركز الدويل للعدالة االنتقالية،: انظر 20 K. Kumar, Rebuilding Societies after Civil War, Lynne: وأيضا www.ictj.org : انظر 21

Rienner Pub., Boulder, CO, 1997

Page 15: Transitional Justice Sur

واملهنية يف مؤسسات الدولة املتعسفة وقد تكون احلاجة إىل اإلدخال التدرجيي لنوع من النزاهة يف ثالثة جماالت، يتعلق األول بإصالح جهاز الشرطة ، والثاين . واضحة بشكل مباشر وخاصة، فيما )و القدمي العهد/تقومي التمييز الشامل أو(إلصالح املؤسسايت اجلنسني وا يتناول املساواة بني

منع مرتكيب انتهاكات حقوق اإلنسان من االستمرار يف تقلد(الثالث إىل تطهري السياسة يتطرق .)مناصب يف مؤسسات الدولة

ون اختاذاملؤسسات املتعسفة، كما يف مجيع جماالت العدالة االنتقالية األخرى، يك يف جمال إصالحومن . بأهداف واقعية القرار مقيدا باملناخ السياسي القائم واملوارد املتاحة واحلاجة إىل صياغة مشروع

املتعسفة أن اجلهود املبذولة لتحقيق بني الدروس املستخلصة من احملاوالت املاضية إلصالح املؤسساتدرات احمللية من حيث البنية أكرب من حجم الق اإلصالح من حيث الكم والكيف، ال جيب أن تكون

إذ إن الوقوع يف مثل هذا اخلطأ قد جير عملية اإلصالح إىل الوراء املؤسساتية واملوارد البشرية واملالية،ومثة درس آخر مرتبط باألول، ال سيما يف جمال الفحص، يتمثل يف وجوب . قدما عوض الدفع هبا

خصوصا(عزل األشخاص من املناصب العمومية إىل املخاطر اليت ميكن أن ينطوي عليها االنتباهإىل العمل يف ، والذين غالبا ما يتحولون فرادى)املسؤولني يف الشرطة واجليش وأجهزة االستخبارات

التحدي من خالل السماح هليئة لذا يتعني استباق هذا. جمال اجلرمية بعد عزهلم من مؤسسات الدولةويف الفترات االنتقالية على وجه . جديدة ء املسؤولني حلياةالفحص بالتفكري يف طريقة إلعداد هؤال

عالية، ميكن التفكري يف إعادة التدريب، وبرامج اخلصوص، حيث تكون مستويات البطالة واجلرميةغري . إىل أشكال أخرى إلعادة اإلدماج االقتصادي بطريقة مستدمية التعلم يف اجملاالت املدنية، إضافة

هذه اإلجراءات حبذر كبري حىت ال تبدو وكأهنا مكافآت على االنتهاكات أنه ينبغي صياغة مثليتعني تدبري اإلصالحات املؤسساتية وفق أسلوب عادل وشفاف، مع ضمان مشاركة كما. السابقةوصياغة واسعة، مبا يف ذلك املنظمات غري احلكومية والسكان املدنيني يف عمليات االستشارة شعبية

املؤسساتية بتدابري هتدف كما ينبغي، عالوة على ذلك، إرفاق اإلصالحات. تيةاإلصالحات املؤسسااملراقبة املنتظمة واالحتفاظ بسجالت دقيقة مثل تطبيق(إىل احلد من احتماالت النكوص واالرتداد

والتقييم ضروريان لضمان االمتثال، وقد يستلزمان إقامة كما أن املراقبة). النموذج/وحتليل التوجه .املؤسسات موضع املراقبة سات جديدة مستقلة عنمؤس

إصالح املؤسسات املتعسفة على أنه عملية طويلة ينبغي اعتبار –ورمبا يكون هذا هو األهم -وأخريا قبل أن يتبني مدى جناح أو فشل القوانني واملؤسسات إذ يستغرق األمر سنوات عديدة. األمد

22.ن العمل يف هذا اجملال بإرادة ولكن دومنا تسرعمبكا اجلديدة، ومن مث فإنه من األمهية

Luc Huyse, «Justice after transition: On the choices successor elites make in: انظر 22dealing with the past», Law & Social Inquiry, Vol. 20, No. 1, Winter 1995

Page 16: Transitional Justice Sur

: 23أو أجهزة األمن واالستخبارات صالح الشرطةإ

غالبا ما يتم تأويل مهمة ضابط الشرطة املتمثلة يف فرض النظام على أهنا ضوء أخضر خالل فترة النزاعات،

االستخبارات يف ارتكاب هزةوقد تواطأ ضباط الشرطة الوطنية مع أج. الرتكاب احنرافات سياسية وعرقيةالواجب احترامها يف ما يتعلق بالتفتيش، وأوامر انتهاكات فظيعة حلقوق اإلنسان، مبا يف ذلك جتاهل احلقوق

.إىل الضرب والتعذيب وحىت القتل االعتقال، وإجراءات االحتجاز، وصوال

عقلية شرطة زمن السلم وإدراك أن أن تشجع اإلصالحات عودة وعندما تنتهي حالة الصراع أو القمع، يتعنيغري أن . مبهنية عالية للحفاظ على سيادة القانون واحترام حقوق اإلنسان واجب ضابط الشرطة هو التصرف

شرطة الدولة وحىت لو مت قطع العالقات الداخلية املعقدة بني أنظمة. هذه العقلية ليس بالشيء اهلني استرجاع مثلداخل اجلهاز نفسه من لدن الضباط من احملتمل جدا أن تصطدم اإلصالحات مبقاومةوأجهزة األمن األخرى، فإنه

.عواقبها ويرفضون احلاجة إىل أي مراقبة أو تدخل خارجي واملسؤولني الذين خيشون فقدان السلطة ويستأؤون من

إتباع ن النزاهة يستلزمشرطة تتميز باالحترافية وعدم التمييز وتسري نفسها بنفسها يف إطار م لذا، فإن بناء قواتالتدريب، وإعادة اهليكلة، مثال اإلصالح الذي خيص التوظيف، وإعادة(منهج شامل جتاه اإلصالح املؤسسايت

إصالح الشرطة املتكونة من ثالث نقاط، واليت أعدهتا وقد كانت خطة). كتابة التقارير وتدابري املراقبة/والتدبريإعادة هيكلة شرطة ما بعد احلكم الشيوعي وما بعد النظام ) 1: (سنة هتدف إىلالبو قوات حفظ السالم الدولية يف

اتباع أسلوب (3) اإلصالح بتطبيق إجراءات جديدة يف التدريب واالختيار ومنح الشهادات،) 2(العسكري، شبهونزيهة، وقابلة للمحاسبة، ومتعددة اإلثنيات، دميقراطي من خالل إنشاء قوات شرطة ال ختضع لألمور السياسية،

. وتؤمن مببادئ شرطة اجملموعة

أخالقي مؤسسايت، والعمل على تعليم وميكن أن تتضمن إستراتيجية شاملة جمموعة من العناصر، منها تبين ميثاقوتدبريية لتشجيع جديدة، وتطبيق إجراءات إدارية وتواصلية اجلمهور وإعادة تدريب الشرطة على إجراءات سياسة

إجراءات وتطبيق إجراءات تأديبية لضمان االنضباط، وتوفري وسائل الشكاية والتقومي، ومراجعة الشفافية واملراقبة ، .التوظيف لتشجيع قوات شرطة تكون مجيع الطوائف ممثلة فيها دون متييز

دائرة العنف جمددا، فيجب عليها إىل وإذا كان يلزم على اإلصالحات املؤسساتية أن تساهم يف ضمان عدم العودةاليت شجعت الوسائل البوليسية املنحرفة ميكن مقاومتها فثقافة الال عقاب املؤسساتية. أن تعاجل مشكلة التحيز

من ضباط الشرطة % 88، كان 2000ففي سنة . جلميع األعراق دون استثناء بتشجيع سياسة التوظيف الشاملحاجة إىل القول إن وليس مثة. فقط من الكاثوليك% 8الشمالية من الربوتستانت، وحنو امللكية بأيرلندا يف الشرطة

لذا فإن تقومي هذا . الشمالية تدافع عن مصاحلهم السكان الكاثوليك كانوا ال يشعرون أن الشرطة امللكية بأيرلندادوجة، تتمثل يف إزالة الضرر الذي حلق هذا اجلهاز ميكن أن يكون ذا فائدة مز التباين الصارخ يف نسبة التمثيل داخل

عامال حموريا يف كما ميكن أن يكون. بسبب الشرطة وإعادة بناء ثقة املواطنني يف نزاهة قوات الشرطة املواطنني .تعزيز ثقة النساء

ات ورمبا يتطلب األمر خلق مؤسس. أساسي لضمان احترام اإلجراءات اجلديدة إن املراقبة الفعالة واملوضوعية شرطعليا لتدقيق هذه الغاية، مبا يف ذلك هيئات مراقبة مدنية، وجلنة وطنية حلقوق اإلنسان، ومؤسسة جديدة لبلوغ

www.ictj.org: انظر 23

Page 17: Transitional Justice Sur

، ومكتب حملاربة الفساد، )والتحقيق بشأهنا الستقبال الشكايات ضد مسؤويل الدولة(احلسابات، ومكتب للتظلمات كما يتعني أيضا وضع برامج وسياسات . ونية للفقراءاملساعدة القان وحماكم خاصة، ومستوصفات متخصصة لتقدمي

: التمييز كجزء من النظام تغيري: املساواة بني اجلنسني، واإلصالح املؤسسايت .مكافحة الفساد للتدريب يف جمال

يري بنية لذا فإن تغ. أو غري ممثلة باملرة يف بنيات السلطة املؤسساتية غالبا ما يكون متثيل النساء منعدما أو بشكل باهتوتنمية وميكن أن يشمل ذلك جماالت من قبيل التعليم،. ضروري إلعطاء املزيد من السلطة للنساء املؤسسات

الطبية، واملأوى، واملساعدة، املهارات، والتوظيف، والتمثيلية، واحلصول على املوارد، والعدالة، والرعايةعليه احلال يف اإلصالحات املؤسساتية بشكل أكثر وكما هو. واالستشارة، وإعادة التوطني وإعادة التدريب

استراتيجيات للتنفيذ واملراقبة الفعليني، فإن االنتهاكات ستستمر، وهنا ميكن أن ينشأ عمومية، فإن مل تتوفر وجود

اإلصالحات املؤسساتية يف منصب حمقق يف شكاوى النساء أو هيئة رمسية أخرى لتطبيق إستراتيجية لتنفيذ ومتابعة .ال املساواة بني اجلنسنيجم

النساء يف فكثريا ما يتم جتاهل. للنساء عامل رئيسي يف تشكيل عمليات اختاذ القرار وتعزيزها إن التمثيل العادلغري أن " . أو األفكار النمطية املسبقة افتقادهن للخربة الالزمة للتفاوض أو بسبب التمييز"مفاوضات السالم، بداعي

املستقبلية واإلصالحات املؤسساتية، وإذا مل تكن النساء ممثالت منذ لبا ما تضع قواعد البنيةمفاوضات السالم غالذا يتعني . للمجتمع اهتماماهتن لن تكون منعكسة يف البنية السياسية واملدنية واالقتصادية واالجتماعية البداية، فإن

اإلصالحات املؤسساتية والتشريعية والقضائية يف محاية حقوق النساء من خالل التركيز على املساواة بني اجلنسنيويف هذا . جدا يف جمال السياسة وتدبري الشأن العام على مجيع املستويات ونسبة متثيل النساء ضعيفة. واالنتخابية

سياسات أن تكون أنظمة احلصص وبرامج املراقبة من الشروط الضرورية والكفيلة بضمان احترام اإلطار، ميكن .اليت تراعي متثيل النساءالتوظيف

فقد تبني من الدراسات أن . مع الرجال يف صياغة وتدبري النشاطات اإلنسانية كما يتعني إشراك النساء بالتساويخاصة يف جمال حصوهلن النساء يف عمليات حفظ السالم يساهم يف حتسني املساعدة املقدمة للنساء احملليات، اشتراك

السالم أكثر جتاوبا وأكثر إحساسا بروح املسؤولية، ، وجيعل الرجال املسؤولني عن حفظعلى العالج الطيب والنفسيوالتخصصات املوجودة يف البعثة، وخيفف يف غالب األمر من حدة النزاع واملواجهة، ويوسع من تشكيلة املهارات

السيئ للقوة أو ستخدامعنه اخنفاض نسبة الشكايات املقدمة من السكان احملليني، واخنفاض حاالت اال وينتجاحملليات وبالتايل تأمني محاية أفضل السالح، ويساهم يف الوقت نفسه يف ختفيض معدل الدعارة يف صفوف النساء

هذا الوعي، فإن اتفاقيات دايتون للسالم يف يوغوسالفيا السابقة ورغم. لعناصر قوات حفظ السالم من وباء اإليدز تنفيذ اء يف عملية الصياغة، مما نتج عنه غياب الوعي حبقوق النساء يف مرحلةإشراك النس مل تركز كثريا على

.االتفاقيات

القرار مقيدا املؤسسات املتعسفة، كما يف مجيع جماالت العدالة االنتقالية األخرى، يكون اختاذ يف جمال إصالحومن بني الدروس املستخلصة . اف واقعيةبأهد باملناخ السياسي القائم واملوارد املتاحة واحلاجة إىل صياغة مشروع

املتعسفة أن اجلهود املبذولة لتحقيق اإلصالح من حيث الكم والكيف، ال من احملاوالت املاضية إلصالح املؤسساتإذ إن الوقوع يف أكرب من حجم القدرات احمللية من حيث البنية املؤسساتية واملوارد البشرية واملالية، جيب أن تكون

ومثة درس آخر مرتبط باألول، ال سيما يف . قدما خلطأ قد جير عملية اإلصالح إىل الوراء عوض الدفع هبامثل هذا اإىل املخاطر اليت ميكن أن ينطوي عليها عزل األشخاص من املناصب جمال الفحص، يتمثل يف وجوب االنتباه

Page 18: Transitional Justice Sur

إىل لذين غالبا ما يتحولون فرادى، وا)املسؤولني يف الشرطة واجليش وأجهزة االستخبارات خصوصا(العمومية التحدي من خالل السماح هليئة لذا يتعني استباق هذا. العمل يف جمال اجلرمية بعد عزهلم من مؤسسات الدولة

ويف الفترات االنتقالية على وجه اخلصوص، حيث . جديدة الفحص بالتفكري يف طريقة إلعداد هؤالء املسؤولني حلياةإىل عالية، ميكن التفكري يف إعادة التدريب، وبرامج التعلم يف اجملاالت املدنية، إضافة اجلرميةتكون مستويات البطالة و

هذه اإلجراءات حبذر كبري غري أنه ينبغي صياغة مثل. أشكال أخرى إلعادة اإلدماج االقتصادي بطريقة مستدميةاإلصالحات املؤسساتية وفق أسلوب عادل يتعني تدبري كما. حىت ال تبدو وكأهنا مكافآت على االنتهاكات السابقة

واسعة، مبا يف ذلك املنظمات غري احلكومية والسكان املدنيني يف عمليات وشفاف، مع ضمان مشاركة شعبيةاملؤسساتية بتدابري كما ينبغي، عالوة على ذلك، إرفاق اإلصالحات. وصياغة اإلصالحات املؤسساتية االستشارة

املراقبة املنتظمة واالحتفاظ بسجالت دقيقة وحتليل مثل تطبيق(ت النكوص واالرتداد هتدف إىل احلد من احتماالوالتقييم ضروريان لضمان االمتثال، وقد يستلزمان إقامة مؤسسات جديدة كما أن املراقبة). النموذج/التوجه

.املؤسسات موضع املراقبة مستقلة عن

إذ . إصالح املؤسسات املتعسفة على أنه عملية طويلة األمد ارينبغي اعتب –ورمبا يكون هذا هو األهم -وأخريا قبل أن يتبني مدى جناح أو فشل القوانني واملؤسسات اجلديدة، ومن مث فإنه من األمهية يستغرق األمر سنوات عديدة

24.مبكان العمل يف هذا اجملال بإرادة ولكن دومنا تسرع : 25الذكرى إحياء - 5

وميكن أن يتم . مبثابة آلية للتذكر ق أي حدث أو واقعة أو بناء يستخدميتم إحياء الذكرى عن طريمثل بناء جدارية يف جمتمع (أو غري رمسي (مثل إقامة نصب تذكاري(إحياء الذكرى بشكل رمسي

ويسعى الناس إىل إحياء ذكرى أحداث . طرف املواطنني ؛ رمسيا من طرف الدولة أو تلقائيا من)حمليأو التعرف عليهم، أو تعريف /يف استحضار ذكرى الضحايا و دة، منها الرغبةاملاضي ألسباب عدي

اجملتمع، أو دعم أو تعديل رواية تارخيية، أو تشجيع تبين االحتفال الناس مباضيهم، أو زيادة وعي .العدالة االنتقالية من طرف مستوى حملي أو عملية/ بالذكرى

ناجني من الفظاعات اجلماعية وانتهاكات حقوق اإلنسان وعائالهتم وال وميثل فهم احتياجات الضحاياورغم عدم وجود شكل وحيد لتعامل الضحية . العناصر الرئيسية يف العدالة االنتقالية الصارخة أحد

أهداف املاضي، إال أن الضحايا ومجعياهتم املنظمة كثريا ما يطالبون بالعمل على بلوغ عدد من مع

www.ictj.org: انظر 24 , Robert I.Rotberg , Apology ,Truth Commissions ,and Intrstate Conflict: انظر 25

Taking Wrongs Seriously :Apologies and Reconciliation ,Edited by Elazar Barkan and Alexander Karn ,Stanford University Press ,2006,P.33-48 .

Page 19: Transitional Justice Sur

وجرب األضرار، وضمان عدم ذلك حتقيق العدالة واحملاسبة، وإظهار احلقيقة،العدالة االنتقالية، مبا يف فتذكر املاضي يتيح نوعا . بالتذكر إضافة إىل كل ذلك، غالبا ما يكون هناك مطلب. تكرار ما جرى

غري أن آليات التذكر ميكن أن تساهم يف بلوغ .من تكرمي أولئك الذين ماتوا أو متت التضحية هبمذلك البحث عن احلقيقة، وضمان عدم تكرار االنتهاكات للعدالة االنتقالية، مبا يف أهداف أخرى

حول املاضي، ووضع سجل تارخيي مناسب، واإلنصات ألصوات مستقبال، وحتفيز احلوار والنقاش .املرتبطة جبرب أضرار الضحايا الضحايا ومتابعة األهداف

يقع يف صميم سياسات احملاسبة اليت تعقب " اجلماعية" إن الصراع حول التحكم يف الذاكرة الوطنية أووكثريا ما يشعر الضحايا ونشطاء حقوق اإلنسان . سقوط السلطة حاالت ما بعد انتهاء النزاعات أو

احلكومة اجلديدة أو القدمية، حىت لو كانت حكومة دميقراطية، قصد خلق بغنب عميق من جراء جهود وأحيانا ما ينظر إىل استراتيجيات العدالة. لدولة حول املاضيأي رواية تؤلفها ا ،"رواية رمسية"

كخطوة غري كخطوة ضرورية يف اجتاه التذكر، لكن أيضا –مثل إنشاء جلنة للحقيقة -االنتقالية الصعوبة، بل إن وسبب ذلك أن احلفاظ على الذاكرة حية هو أمر يف غاية. كافية يف الوقت نفسه

ومن مث فإن التحدي الذي جزءا من رواية رمسية جامدة عن املاضي، جلان احلقيقة الرمسية تصبح ."أن ال ننسى أبدا"يفرض نفسه من هذا املنظور هو

اإلنسان يف ويتضمن مطلب عدم النسيان على اإلطالق حول ما حدث لضحايا انتهاكات حقوقيا، وإذا ما كان الناس الضحا املاضي التنازع حول ما يتعني تلقينه يف املدارس، وكيف ينبغي تذكر

تقرير جلنة للحقيقة أو جناح حماكمة سيستمرون يف االستماع إىل أصوات الضحايا، حىت بعد نشرالتاريخ برواية قصص الضحايا، فإن التذكر جيب وحىت لو تكفلت كتب. أحد مرتكيب االنتهاكات

وأحداثه –اضي وديناميكي ودائم، ليس فقط حول امل أن جيعل الناس ينخرطون يف حوار حياليت يستفيد هبا احلاضر من هذا املاضي وميكن اجملتمعات من بل أيضا حول الطريقة –ودالالهتا

استعداد أفضل للمستقبل26

.

26 Vamik.D.Volkan ,What Some Monuments tell us about :Mourning and Forgiveness ,

Taking Wrongs Seriously :Apologies and Reconciliation ,Edited by Elazar Barkan and Alexander Karn ,Stanford University Press ,2006,P.115-130 .

Page 20: Transitional Justice Sur

وهي فئة. التذكارية جتسيد ألحداث وأشخاص أو نشاطات حدثت يف فترة تارخيية سابقة النصبمثل متحف ترييزين ) ت، وحدائق تذكارية،واسعة للغاية وتشمل أشكاال فنية عديدة، وأعمال حن، واللوحات التذكارية، )أفريقيا يف جنوب 6التذكاري يف مجهورية التشيك أو متحف املقاطعة

، واجلدران )موقع تيول سليتغ يف كمبوديا مثل(وحتويل مراكز تعذيب سابقة إىل ساحات للتذكر وجهود أخرى هتدف إىل ) نام يف واشنطنحرب فيت مثل جدار مايا لينز التذكاري عن(التذكارية

.إثارة التذكر والنقاش حول املاضي وقد أشار تقرير احلقيقة واملصاحلة يف. النصب التذكارية مبثابة تعويض رمزي للضرر ميكن أن تكون

. جنوب أفريقيا إىل هذه الوظيفة، مركزا على األمهية االجتماعية املرتبطة هبا

بة بأماكن عامةالنصب التذكارية واملطال27

:

واسعة للغاية وهي فئة. التذكارية جتسيد ألحداث وأشخاص أو نشاطات حدثت يف فترة تارخيية سابقة النصبمثل متحف ترييزين التذكاري يف ) وتشمل أشكاال فنية عديدة، وأعمال حنت، وحدائق تذكارية، ومتاحف ضمري

، واللوحات التذكارية، وحتويل مراكز تعذيب سابقة إىل )اأفريقي يف جنوب 6مجهورية التشيك أو متحف املقاطعة مثل جدار مايا لينز التذكاري عن(، واجلدران التذكارية )موقع تيول سليتغ يف كمبوديا مثل(ساحات للتذكر

.وجهود أخرى هتدف إىل إثارة التذكر والنقاش حول املاضي) حرب فيتنام يف واشنطن

األماكن اليت متت سرقتها، وإعادة استعادة"لنصب التذكارية بكونه يتمثل يف وتشرح مارغريت فيتلوفيتز دور اشيلي، يقع النصب تففي ". أماكن يتردد فيها صدى احلياة ختصيص األماكن العمومية وحتويل مراكز املوت إىل

ى إىل أرواح الذيناملختفني واملعدمني السياسيني يف مقربة سانتياغو العامة، وهو مهد التذكاري اخلاص باملعتقلني

ويف االحتاد . معامل سانتياغو وقد أصبح موقعا مهما للقاء ومعلما بارزا من. قتلوا أو اختفوا خالل احلكم العسكريعلى تشجيع استعادة الذاكرة عرب جتميع الوثائق وإقامة "ميموريال"السوفييت سابقا، عملت منظمة حقوق اإلنسان

...املواقع التذكارية

وتعترب النصب . واجلمالية نصب تذكاري هو عملية تنطوي يف طياهتا على عناصر السياسة والتاريخإن بناء جزءا من بيئة مادية واجتماعية ميكن أن تساعد يف حتديد التذكارية، من حيث كوهنا ممارسات يف عملية بناء األمة،

وتتفاعل مجيع النصب التذكارية . من الشعوباجلماعية واخليال والنظرة الذاتية لشعب وبناء مفهوم مشترك للتجربة

27 Vamik.D.Volkan ,What Some Monuments tell us about :Mourning and Forgiveness

, Taking Wrongs Seriously :Apologies and Reconciliation,Edited by Elazar Barkan and Alexander Karn ,Stanford University Press ,2006,P.115-130 .

Page 21: Transitional Justice Sur

قبل الناس، وهي تتوقف وليس هلا أية سلطة ذاتية، وإمنا يتم تنشيطها من. األشخاص الذين يشتركون يف إقامتها مع .لزيارهتا يف تأثريها النهائي إلحياء الذكرى على الناس الذين يأتون

: احلقيقة النصب التذكارية كأسلوب للبحث عن

وقد جرت العادة على أن تتخذ شكل متاثيل . اإلنسانية ب التذكارية موجودة تقريبا يف مجيع اجملتمعاتالنصغري أن النصب . أو متاحف وطنية كبرية حتتفي بالتراث الثقايف ألمة من األمم ولوحات تذكارية ختلد أبطال احلرب

. تقدمها الدولة للرواية الرمسية كما –احتفاء أكثر من كوهنا –أصبحت تفهم أكثر فأكثر على أهنا حتد التذكارية حقوق اإلنسان يف ظل الديكتاتوريات باجملتمعات املتحولة إىل الدميقراطية مثل وسواء تعلق األمر بتذكر انتهاكات

األخطاء اليت ارتكبتها األرجنتني، أو ختليد ذكرى ضحايا نظام الفصل العنصري جبنوب أفريقيا، أو مكافحة ذكرىأصبح ينظر إليها أكثر فأكثر على أهنا عنصر أساسي يات املتحدة، فإن مواجهة املاضي بإقامة نصب تذكاريةالوال

.واملستقبل لتحقيق الدميقراطية يف احلاضر

التركيز على احلوار بالناقد جيمس يونغ إىل وقد أدى. كما أن النصب التذكارية ختلق ساحة عامة الستمرار احلوارإن أفضل نصب تذكاري أملاين : "ويقول يف هذا الصدد. التذكاري نفسه ياء الذكرى على النصبتفضيل عملية إححول أي وضحاياها قد ال يكون نصبا تذكاريا واحدا باملرة، ولكنه جمرد احلوار الذي ال ينتهي عن احلقبة الفاشية

فائدة احلوار حول املاضي يف كونه مثلوتت" . ذاكرة يتعني احلفاظ عليها، وكيف ميكن ذلك، وباسم من، وألية غايةوأيضا ضمانا ضد خلق رواية رمسية تتبناها الدولة وتروج – ما قد يساهم يف تكرار ما جرى –ضمانا بعدم نسيان

. النصب التذكارية يقصد منها أن تنتج هذا احلوار، وقد تفشل إذا مل تقم بذلك لذا فإن. ألجندة سياسية معينة .عدمية من متثال، مثال، مل تعد تربطه أي عالقة باملوضوع هناك شيء أكثر فليس

النصب التذكارية كجرب رمزي لألضرار28

:

جنوب أفريقيا وقد أشار تقرير احلقيقة واملصاحلة يف. النصب التذكارية مبثابة تعويض رمزي للضرر ميكن أن تكون :إىل هذه الوظيفة، مركزا على األمهية االجتماعية املرتبطة هبا

االعتراف العمومي والرمسي من التوصيات الواسعة تشمل تقدمي تعويض رمزي للضحايا، من قبيل استمرار ... "فهناك وسائل مؤقتة ... عالوة على ذلك . وما إىل ذلك خالل املآثر، والنصب التذكارية احلية، وأيام التذكر

تشاف جثث ضحايا الناشطني الذين قتلتهم قوات األمن مت فيها اك...احلاالت اليت مثال، يف... للتعويض مت توفريها وتؤكد حاالت .بدفنهم سرا، فإن اللجنة تقوم مبساعدة العائالت من خالل إقامة مدافن رمسية ومكرمة وقامت

."أوسع التعويض هذه على أمهية وضع احلاالت الفردية يف سياق اجتماعي وسياسي

www.ictj.org: يف ياجنوب أفريق تقرير احلقيقة واملصاحلة يفانظر 28

Page 22: Transitional Justice Sur

ففي . حاليا من أصناف إحياء الذكرى وار مع أشكال قدمية ومتجاوزةوميكن للتعويض الرمزي إتاحة الدخول يف حتتضمن أمساء الشيوعيني الذين قتلوا خالل احلرب العاملية الثانية اليونان، على سبيل املثال، أقيمت نصب تذكارية

.قتلوا ينالتذكارية القدمية واألكثر تقليدية، واليت سقطت منها عن قصد أمساء الشيوعيني الذ قرب اللوحات

عامال إلثارة حوار ضروري لبناء واستدامة وقد تصلح النصب التذكارية أيضا لتحفيز التغيري اجملتمعي، باعتبارهاجبنوب أفريقيا 6وقد ساعد إنشاء متحف املقاطعة . العنف والقمع جمتمع سلمي ودميقراطي عقب فترات طويلة من

حول على إطالق حوار –عة من الطبقة العمالية جرفت مساكنها التسعينيات ختليدا لذكرى جممو الذي بين يف – .واسعة حقوق األرض اليت رمبا تؤدي إىل إجراء إصالحات قانونية

: النصب التذكارية كالتزام حضاري

القانونية التذكارية دورا حضاريا هاما ميكن أن يكون مكمال، لكن خمتلفا للغاية عن اإلجراءات تلعب النصبوميكن . أو إنشاء جلنة للحقيقة وبريوقراطية من قبيل إجراء حماكمات، أو سن سياسات عمومية جديدة، املعقدة

حوارات يف اجملتمع املدين أن تلقى أحيانا صدى إجيابيا للمطالبة ختصيص مكان عمومي متاح للجميع قصد إطالق صحيح أن. رقام، عن انتهاكات حقوق اإلنسانالتحاليل املطولة، الغارقة يف لغة األ لدى املواطنني أكثر مما تفعله

، غري أن )الصراع ونتائجه ليس آخرها مسامهتها يف إتاحة فهم أكرب ألشكال(التحاليل احلسابية هلا أمهية واضحة ويتعني أال . العاطفي العميق الذي يشكل صلب العدالة االنتقالية الطبيعة املوضوعية لألرقام واحلقائق تتجاهل التعقيد

.غري يف شكلها األكثر بساطة باعتبارها استراتيجيات معقدة هتدف إىل احملاسبة ال "الذاكرة"ظر إىل ين

النقاش احلضاري، واملفعول احلواري، إن جناح نصب تذكاري ميكن أن يقاس بردود الفعل اليت خيلفها من حيثالهتم، ومرتكبو االنتهاكات، واجملتمع املدين يف ذلك الضحايا وعائ والقيم التربوية، وجتاوب اجملموعات املعنية، مبا

النصب وعلى أية حال، فسواء كان. ، واحلكومة وحىت السياح)الفنانون، املنظمات غري احلكومية املدارس،(الزائر وزائرين آخرين أو مع جمموعته، فإن التذكاري يولد تفاعال ماديا بني الزائر والنصب أو تفاعال فرديا ذاتيا بني

.االلتزام مع الذاكرة التذكارية لديها القدرة على تشجيعالنصب

:املصاحلة الوطنية يف العامل العريب

" العدالة االنتقالية "يف حاجة إىل الدخول يف مرحلة جديدة من ة اليوم العربيكثري من الدول بدو التكسورية اضيوخاصة تلك الدول اليت شهدت انتهاكات كبرية على مستوى حقوق اإلنسان يف امل

" املصاحلة " إرث إنالعدالة االنتقالية وحدها تؤسس للمصاحلة الوطنية ،. ولبنان واجلزائر ولبنان وليبيا

Page 23: Transitional Justice Sur

،ولذلك تبدو اجملتمعات العربية حباجة إىل 29اإلسالمي –يعود جبذوره بعيدا إىل التاريخ العريب ،و خاصة تلك اليت مرت بفترات من استعادة هذا التراث ممزوجا باخلربات املتراكمة للمجتمعات

النزاع األهلي أو انتهاكات جسيمة حلقوق اإلنسان أخلت بثقة املواطن يف النظام السياسي والقضائي .لبلده إخالال كامال ،وبات أكثر شعورا أن الدولة ذاهتا متورطة يف ما يعيش فيه

سي التارخيي شارل ديغول، وقد استخدمه فيما بعد يعود إىل الزعيم الفرن» املصاحلة الوطنية«إن تعبري على التوايل كل من جورج بومبيدو وفرنسوا ميتران، وذلك عندما رسخ عندمها االعتقاد بضرورة

حتمل مسؤولية حمو ديون وجرائم املاضي اليت وقعت حتت االحتالل أو إبان حرب اجلزائر30

.

فيها كلمة شهرية حول وحدة وفرادة فرنسا، شكل فديغول عندما عاد للمرة األوىل إىل فيشي وألقىمفهوم املصاحلة الوطنية حلمة اخلطاب الديغويل، وهو األمر ذاته الذي فعله بومبيدو الذي حتدث يف

وعن االنقسام الذي مت التغلب عليه، جراء عفوه عن توفيي "املصاحلة الوطنية"ندوة شهرية له عن Touvier .موضوع خطاب ميتران ملا أعلن عن تأكيده يف مناسبات عدة وكان هذا املفهوم ذاته

أنه ضامن الوحدة الوطنية، ورفض اعالن أن فرنسا مسؤولة عن اجلرائم املقترفة حتت حكم فيشي .الذي وصفه بالسلطة الالشرعية أو غري التمثيلية اليت استولت عليها أقلية من املتطرفني

وب أفريقيا عندما كان ما يزال قابعا يف السجن، إذ رأى أن من مث استخدم مانديال هذا املفهوم يف جنواجبه أن يضطلع بنفسه بقرار التفاوض حول مبدأ إجراء العفو العام، الذي سيتبع أوال عودة منفيي

ويطمح إىل مصاحلة وطنية، بدوهنا سيكون البلد عرضة ملزيد من ) ANC(املؤمتر الوطين اإلفريقي إن املصاحلة هي شكل من أشكال .دماء اليت سيقف وراءها االنتقام بكل تأكيداالحتراق وإراقة ال

العدالة االنتقالية اليت تكون ضرورية إلعادة تأسيس األمة على أسس شرعية قانونية وتعددية .ودميوقراطية يف الوقت ذاته

George Emile Irani ,Apologies and Reconciliation : Middle East Rituals, Taking:انظر 29

Wrongs Seriously :Apologies and Reconciliation,Edited by Elazar Barkan and Alexander Karn ,Stanford University press ,2006 . عبد احلسني شعبان ،فقه التسامح يف الفكر : وأيضا

) . 2005دار النهار ،:بريوت ( الثقافة والدولة : العريب اإلسالمي دار توبقال للنشر :الدار البيضاء (جاك دريدا وآخرون ،املصاحلة والتسامح وسياسات الذاكرة ، ترمجة حسن العمراين : انظر 30 . 37-7ص ) 2005،

Page 24: Transitional Justice Sur

تبدو جتربة املغرب مغرية يف ذلك31

،وحاجة العراق ماسة هلا اليوم أكثر من غريه 32

،وال خمرج ،وإرث املاضي يف " املصاحلة الوطنية "لسورية من استحكام أزماهتا الداخلية إال بقرار تارخيي من منط

لبنان لن يتم جتاوزه دون الدخول يف سياسة الصفح واملصاحلة اليت هي وحدها الكفيلة باخلروج من .أسر املاضي الثقيل الوطأة إىل رحاب املستقبل

واحملاسبة يف العامل العريب تعود بالدرجة األوىل إىل ضعف استقالل القضاء، وتبعية إن أزمة العدالة أجهزة النيابة العامة للسلطات التنفيذية، وتآكل الثقة يف القضاء الوطين بفعل االنقسامات الداخلية احلادة كما يف لبنان و السودان و العراق وفلسطني، وغياب إرادة تسوية ملفات املاضي، وكشفاحلقيقة، حيث أن معظم الدول العربية شهدت انتهاكات منهجية حلقوق اإلنسان على مدار عقود ما بعد االستقالل، ويف إطار سعيها اىل التستر على اجلالدين، ومنحهم حصانة قضائية، تتبىن بعض

د من احلكومات ما يعرف بقوانني العفو كما حدث يف البحرين أو اجلزائر، وتفرض تدابري صارمة ضيسعى اىل انتقاد مثل هذه القوانني، واألغرب أهنا تصدر هذه القوانني إعالميا باعتبارها مصاحلة

!وطنية33 .

لذلك ال يبدوا غريبا أن تتزايد تطلعات ضحايا انتهاكات حقوق اإلنسان يف املنطقة العربية إىل وسائل حماسبة منتهكي حقوق اإلنسان، االنتصاف الدولية كبديل عن عجز وعدم رغبة القضاء الوطين يف

األوىل هي : وإقرار العدالة وحكم القانون، حيث شهدت املنطقة مؤخرا أهم سابقتني يف هذا اإلطارحتويل ملف جرائم دارفور إىل احملكمة اجلنائية الدولية يف الهاي بواسطة قرار من جملس األمن،

ص حملاكمة املتورطني يف اغتيال رفيق والسابقة الثانية هي تشكيل حمكمة دولية ذات طابع خااحلريري، واليت تشكلت يف سياق سياسي متأزم يف لبنان، ويف أعقاب سلسلة من االغتياالت اليت

. طالت رموز السياسة والصحافة املنحازين إىل االستقالل الوطين الدميقراطي

تشرين الثاين 30اجمللس االستشاري حلقوق اإلنسان ، :اململكة املغربية ( التقرير اخلتامي هليئة اإلنصاف واملصاحلة يف املغرب : انظر 31خطوة أخرى حنو احلقيقة والعدالة ،تقرير املركز الدويل للعدالة االنتقالية :جتربة هيئة احلقيقة املغربية: وأيضا ) . 2005نوفمرب /،2005 .

املركز الدويل للعدالة االنتقالية : نيويورك ( مواقف من العدالة االنتقالية وإعادة البناء االجتماعي :أصوات عراقية : تقرير : انظر 32مقدمات :غامن جواد ،ماذا بعد التغيري يف العراق :وانظر ) . 2004مايو /بريكلي ، أيار /،ومركز حقوق اإلنسان يف جامعة كاليفورنيا

) . 2005املؤلف نفسه ،:بغداد (ملشروع العدالة االنتقالية 2007سبتمرب / أيلول 16رضوان زيادة ومعتز الفجريي ، العدالة االنتقالية كمدخل إلعادة تأسيس شرعية الدولة العربية احلياة، 33.

Page 25: Transitional Justice Sur

م استقالليته من ناحية، وعدم لقد فشل القضاء الوطين يف كال النموذجني عن اخلوض يف احملاسبة، لعدقدرته يف بيئة منقسمة اثنيا وعرقيا وسياسيا على فتح ملفات من هذا القبيل، وأصبح يف كال البلدين حتدي العدالة جزء ال ينفصل عن النضال الدميقراطي يف مواجهة أنظمة مشولية، وحلقة من إحقاق

.الت من العقابالسالم الداخلي الذي يتطلب العدل، وإهناء ثقافة اإلفوسائل العدالة الدولية هي تطور بشري وإنتاج حضاري مشترك، وليست إنتاجا غربيا، البد من تعزيزه بدال من تقويضه، لكنها ال ميكن أن تكون بديلة عن اآلليات الوطنية للعدالة، واليت تعد العدالة

ود بعض التحفظات على مسارها االنتقالية أحد جتلياهتا، تبدو جتربة املغرب مغرية يف ذلك مع وجلوجود ملفات وجرائم مل يكشف عنها النقاب بعد، وتباطؤ تنفيذ توصيات هيئة اإلنصاف واملصاحلة، واستمرار انتهاج السلطات ملمارسات ضد حقوق اإلنسان، وخاصة على خلفية احلرب على

.بوقة يف هذه املنطقة من العاملاإلرهاب، لكن بشكل عام تعترب التجربة املغربية خطوة لألمام وغري مس

. الالزمة لوضعها موضع التنفيذ بنجاح إن املصاحلة تدعم الدميوقراطية من خالل إقامة عالقات التعاونبدعم العدالة اإلقتصادية والسياسية وبتشارك كذلك، على املصاحلة أن حتظى، من بني أمور أخرى،

. 34إجتماعي للسلطة

. 2008-12-22النهار ، ةومصافح غاية ومسار ال عفوية :املصاحلة األهلية يف القانون الدويل ، فادي فاضل 34