دستور اإلسالم الموحد

1

دستور اإلسالم الموحد

2

اإلسالم الموحد دستور

دستور اإلسالم الموحد

3

الموحد اإلسالم دستور

راشد شاز

ىمل دار ال ىنيو دله

دستور اإلسالم الموحد

4

م2012سنة الطبع:

جمیع الحقوق محفوظة

978 -93 -81461 - 12 -9الترقیم الدولي:

أي جزء من ھذا الكتاب جميع الحقوق محفوظة، ويحظر نسخ

بغرض التجارة بأية حال باستثناء البحث والنقد واألغراض العلمية،

سواء كان ھذا النسخ سمعيا أم بصريا أم بأي مسلك علمي آخر، إال

بإذن مسبق من المؤلف.

دستور اإلسالم الموحد اسم الكتاب:

راشد شاز المؤلف:

م2012الطبعة األولى:

روبيةن خمسو الثمن: 2 -ىجلوريس للطباعة، نيو دله الطباعة:

ىمل دار ال Milli Publications

Milli Times Building, Abul Fazl Enclave, Jamia Nagar,

New Delhi-110025, India

: ھاتف +91-11-26946246, 26945499

26945499-11-91+فاكس:

millitimes@gmail.comالبرید اإللكتروني: www.barizmedia.com

دستور اإلسالم الموحد

5

بسم اهللا الرمحن الرحيم

دستور اإلسالم الموحد

6

على الرغم من انتماء الشيعة والسنة فى عصرنا

الحاضر لإلسالم، إال إنهم يعيشون فى منازل متفرقة،

ھم ؤفمصالحهم الملية مختلفة، وكتبهم مختلفة، وعلما

ف باتت منفصلة، ولم يق أيضا مختلفون، حتى أن مساجدھم

األمر على الشيعة والسنة فقط بل إن مختلف الفرق

والطوائف اإلسالمية من اإلسماعيلية واإلباضية أو تلك

السلفية، وجماعة التي ظهرت فى اآلونة األخيرة من

كل منها يضا قد خصصت والبريلوية أالتبليغ، والديوبندية،

مساجد مستقلة لها، ويمكن بسهولة معرفة إلى أية فرقة أو

ئفة ينتمى أي مسجد من خالل الكتب الدينية المتواجدة طا

حقيقة أن ھذه فلن تخفىفيه، وإذا أمعنت النظر قليال

المساجد أو المدارس الدينية وإن كانت فيما يبدو تلمع

بالتدين، وتغمر بالظواھر الدينية، وتصدع مآذنها بنداء

"هللا أكبر"، إال إنها فى الحقيقة صارت قالعا لضيق

فق، والتعصب، والتحزب، إذ ترفع فيها رايات للفرق األ

والطوائف المختلفة بدال من عبادة هللا الواحد، وال يسعنا

أنها فى الحقيقة ليست مراكز - وبكل أسف–إال أن نقول

للتوحيد بل ھي معاقل للشرك والوثنية تحارب اإلسالم

والمسلمين داخل المجتمع اإلسالمي ذاته.

دستور اإلسالم الموحد

7

تقدیم

ليس محاولة لبناء أي تور اإلسالم الموحددسإن

إسالم جديد، بل دعوة للعودة إلى اإلسالم العالمي والنبوي

الذي توجد وثيقته الخالدة غير المحرفة بين أيدينا اليوم فى

صورة القرآن الكريم، غير أن ھذه الدعوة بالعودة إلى

القرآن الكريم تختلف عن سائر المحاوالت اإلحيائية

حية السابقة حيث حاول المصلحون السابقون واإلصال

التزام الصمت بشأن االلتباسات الفكرية التي طرأت على

الدين الحنيف أو الفرار منها، وقد توصلنا إلى نتيجة

مفادھا أنه طالما ال تحرر األمة نفسها من المرجعيات

األجنبية غير النبوية، فإنها ال تتمكن من االعتصام بحبل

من جديد؛ لذا كان لزاما أن تقوم األمة اإلسالمية هللا المتين

بمحاسبة غاياتها وأھدافها ومسيرتها الفكرية فى ضوء

القرآن الكريم محاسبة خالصة أمينة، فتترك دونما تردد ما

ھو مغاير لإلسالم، حتى لو سقط بناء الطائفة المحببة لدينا

جراء ذلك.

بالكلية، إن اإلسالم شئ، والتاريخ اإلسالمي شئ آخر

فاألول عبارة عن الرسالة المحمدية، وھى رسالة خالدة

بحملها، وعلى النقيض منه �نتشرف نحن أتباع محمد

دستور اإلسالم الموحد

8

التاريخ اإلسالمي الذى ھو قصة المسيرة التاريخية ألتباع

عبر العصور، تلك المسيرة التى تحمل فى محمد

طياتها لمحات من العزيمة واإلرادة، وكذا وقائع مؤسفة

لألحداث.... عندما تفرقنا كأمة إلى شيعة وسنة بسبب

النزاع السياسي وااللتباس الفكري فى مرحلة تاريخية

معينة، وعندما انقسمنا إلى معسكرات األئمة األربعة

بسبب التعقيدات الكالمية والفقهية، وعندما دمي وجودنا

الملي جراء التحارب الدامي بين الشافعية والحنفية، فإذا

نا باألمس قد انقسمنا إلى فرق وطوائف بسبب االلتباس ك

الفكري، وتصادمت سيوفنا فيما بيننا، فال يلزم أن نصبغ

ھذه الزالت البشرية صبغة عقدية تجعل إصالحها أمرا

مستبعدا.

إن وجود تباين فى الرؤى واألفكار بين البشر ليس

بمذموم، ولكن صبغه صبغة عقائدية، وظهور فرق

متفرقة بناء على التفسيرات المختلفة أمر مذموم وطوائف

للغاية، وثمرة لالبتالء بالشرك، فعلماؤنا الكبار الذين قبلوا

الدين كمجموعة تناقضات ال يريدون أن يعملوا قلوبهم

وعقولهم كيال تهتز دعامة إسالمهم المفضل. وعلى صعيد

مغاير يعاني جيلنا الجديد الذى يعيش فى عصر االنترنت

ن ارتباك وتشتت فكري شديد، فهو يصعب عليه إدراك م

من لماذا انقسمت األمة الواحدة التي خلفها رسول هللا

أتباعه من بعده إلى فرق وطوائف شتى كالشيعة والسنة

واإلسماعيلية واإلباضية وغيرھا، ومن العجيب أنه ال

تتحسر قلوبنا وال تبكى عيوننا اليوم على غياب قالب

دستور اإلسالم الموحد

9

موحد، فكل فرقة أو جماعة تصر بكل وقاحة اإلسالم ال

وتبجح على أنها الحق، ويصعب على شبابنا الفطن فى

الذى يحوز اليوم سائر أمهات الكتب وكذا الثروة - النهاية

الفقهية والكالمية فى متناول يده، والذى يمكن له توفير كم

ھائل من الوثائق العلمية والمباحث الدقيقة بحركة بسيطة

إدراك بسبب أي تعليم -ه على لوحة المفاتيحمن أصابع

قرآني كان انقسام المسلمين فيما بينهم جراء اتباع األئمة

لم يبتعث سواء أبى حنيفة أم الشافعي أم �األربعة؟. فا�

كبار مؤسسي طوائف السنة والشيعة األخر جميعهم، وكذا

، فلماذا تبوءوا مكانة فإنهم لم يصحبوا رسول هللا

الدين والمفسرين األبديين؟ ولماذا أوجبت طوائف مؤسسي

مختلفة من المسلمين علي أنفسها اتباعهم؟ فعندما كان

المسلمون أمة واحدة فى عصر صدر اإلسالم، وعندما لم

يكن ھؤالء المؤسسون للمذاھب الفقهية والمدارس الطائفية

قد الحوا فى أفق التاريخ، كانت حياتنا الدينية تسير على

ما يكون، ولذلك فال مانع اليوم من تزيين بساط أفضل

الحياة الدينية دون تدخل منهم.

بأمانة اإلسالم إلى األمة، وكان عهد رسول هللا

حملة ھذه الرسالة فى عصر صدر اإلسالم يسمون أنفسهم

نعتهم بهذا الوصف، فكيف �بالمسلمين فقط ألن هللا

، ثم �ى نعت هللا تغلبت نعوت مختلقة كالشيعة والسنة عل

لم يقف األمر عند ھذا الحد، بل ظهرت داخل ھذه الفرق

أحزاب وجماعات فقهية مختلفة، ومن العجيب أن كل فرقة

وكل جماعة قد عمرت عالما خاصا بها من كتاباتها

دستور اإلسالم الموحد

10

الدينية، وكتب اآلثار العقيمة، والتعقيدات الفقهية والكالمية

مع عليها الخالدة، فى مقابل رسالة القرآن الكريم المج

وھكذا انقطعت صلتها بالرسالة المحمدية. ويشهد الوضع

الراھن تحزبا مشئوما وتنافرا متبادال يكتسح األمة بأسرھا

باسم الدين، فسواء المدارس الدينية أم مجالس الوعظ

واإلرشاد أم الصخب للتبليغ والتعليم أم الخطب الرنانة

ر أدركت أن جميع ھؤالء للخطباء، فإنك إذا أمعنت النظ

قد انحرفوا عن الدعوة العالمية لإلسالم فى الحقيقة، بل

بإنماء التحزب والتعصب الطائفي، -مكذبين لها-ويقومون

وكأن ھذا التفكك الكائن فى كل جانب باسم الدين وتبليغ

الدين ال يمت بصلة لهذا اإلسالم الذي يضع معتنقيه فى

ى بنيان مرصوص ال يقهر. وحدة التوحيد ويحولهم إل

إن اكتشاف قالب اإلسالم الموحد والمفقود وتنقيحه

من جديد اآلن إنما ھو مسئولية دينية مشتركة على كافة

فرق وطوائف المسلمين، وال يتوقف على ھذا األمر

مستقبلنا الديني فقط، بل ترتبط به المصلحة االجتماعية

إصدار ھذا لكافة شعوب العالم أيضا، ومن ھنا يهدف

الكتاب فى الحقيقة إلى تسريع عملية االكتشاف ھذه،

وسنحاول أن تجتمع فرق األمة المختلفة وتتشاور من أجل

استعادة ثروتها الفكرية الحقيقية وإعادة إعمار ھويتها

المشتركة حتى تبذل الجهود نحو اإلتيان بأوالئك الذين

الذين يعتبرون أنفسهم اليوم بمعزل عن المسلمين، أو

تفرقوا عنا فى أية مرحلة من التاريخ وكانوا جزءا من

قافلتنا قبل ذلك فى ھذه الدائرة النبوية مرة أخرى، ويمكن

دستور اإلسالم الموحد

11

أن تمهد بداية الحوارات بين األديان، وبين الفرق، بل

وبين الجماعات، وبين المذاھب الطريق نحو تحقيق ھذا

جميع الهدف وتذلل الصعاب الحائلة دونه، وإذا عزمت

على العودة إلى -مع الشعور بالخسارة الفادحة-الفرق

مأمنها الحقيقي أي اإلسالم الحنيف، فمن الممكن بدء جهود

مشتركة مستأنفة فى ھذا الصدد.

وقد اجتنب عمدا فى ھذا الكتاب ذكر المصادر

التاريخية والمراجع كي يظل أسلوبه السلس البسيط مع

فى المراجع العلمية والدراسة إيجازه الدقيق، أما الراغبون

" إدراك أسباب تراجع األمةالمستفيضة فعليهم مطالعة "

"، حيث يوجد ذكر تاريخنا كتاب العروجبمجلديه و"

الفكري الممتد آلالف السنين وما طرأ عليه من التباسات

وانحرافات على مر العصور مزيال بالمصادر والمراجع

العلمية.

جتاز اآلن عملية استعادة ومع إصدار ھذا الكتاب ت

- الممتدة ألكثر من ربع قرن من الزمن- الرسالة المحمدية

مرحلة الدراسة العلمية والبحث إلى المرحلة العملية

على ھذا التوفيق �والتطبيقية؛ لذا فمهما نشكر هللا

.والبسط فى العمر فما قدرناه حق قدره

زراشد شا م ٢٠١٢نوفمبر ۴على جره،

futureislam@gmail.com

دستور اإلسالم الموحد

12

دستور اإلسالم الموحد

13

اإلسالم الموحد دستور

ھل أنت مسلم؟ يا ليت إجابة ھذا السؤال باإليجاب،

لكن من سوء حظنا أنه ليس الحال كذلك فى الواقع، فإذا ما

سألت مسلما من أي نوع ھو؟، إلى أية طائفة أو مذھب

شيعي أم سني، ينتمى؟، إلى أية جماعة أو شيخ يتبع، أھو

إسماعيلي أم إباضي، حنفى أم شافعي، يتمذھب بمذھب

ديوبند أم يسير على نهج السلف الصالح، فحينئذ تذھب

) نعمل باإلسالم حنیفا مسلما فرضية أننا مسلمون فقط (

الخالص ھباء منثورا.

وعندما بلغ عدد المسلمين فى العالم اليوم قرابة

د تخلو منطقة جديرة بالذكر فى المليارين إال الربع، وال تكا

العالم من تحركنا ونشاطنا، فكان مما يبعث على الحيرة

الشديدة أن من يطلقون على أنفسهم مسلمين فقط ال غير

ويتمسكون بهذا النعت وسط ھذا الزحام الكثير من البشر

ھم قلة قليلة إن لم يكونوا غير متواجدين بالكلية، فكل منا

ات مختلفة، نتعارف بفرقنا وطوائفنا أسير تحزبات وانقسام

التي ننتمي إليها، والتى تحوى بداخلها أيضا مذاھب فقهية

مختلفة، وطوائف صغيرة فى طوائف كبيرة وھكذا، وكأن

دستور اإلسالم الموحد

14

مسلم اليوم يجب أن يعرف من أجل استمرار كونه مسلما

أنه أوال شيعي أم سني، وإذا كان سنيا فألي مذھب فقهي

ھب أئمة الفقه األربعة. وھذا ھو التقسيم ينتمى من بين مذا

األدنى الذى ال يتصور كون المسلم بدونه، فمن يخبرھم

اآلن إلى أية درجة تغاير بل وتتصادم ھده التحزبات

المختلفة التى خرجت إلى حيز الوجود باسم الفقه

والمذاھب مع دعوة اإلسالم للتوحيد، فالتوحيد يوحد الناس

ودية المطلقة � الواحد، فيجد كل فى عقد واحد تحت العب

من العرب والعجم، والسود والبيض، واألغنياء والفقراء،

والسادة والعبيد أنفسهم شركاء لبعضهم البعض فى ھذه

الرابطة الخالدة. فهذا بالل الحبشي وسلمان الفارسي

يشكالن أمة إيمانية إسالمية دولية، رغم انتمائهما ألمم

الم، ولكن عقب انخراطهما فى ومناطق مختلفة من الع

دائرة التوحيد توحدت مصلحتهما الدينية، والملية،

والسياسية، والجغرافية، فقد كانوا يحيون لهدف واحد

ويموتون من أجله. وعلى النقيض من ذلك، فرغم انتماء

الشيعة والسنة فى عصرنا الحاضر لإلسالم، إال إنهم

لية مختلفة، يعيشون فى منازل متفرقة، فمصالحهم الم

ھم مختلفون، حتى أن مساجدھم ؤوكتبهم مختلفة، وعلما

باتت منفصلة، ولم يقف األمر على الشيعة والسنة أيضا

فقط بل إن مختلف الفرق والطوائف اإلسالمية من

اإلسماعيلية واإلباضية أو تلك التي ظهرت فى اآلونة

السلفية، وجماعة التبليغ، والديوبندية، األخيرة من

كل منها مساجد مستقلة لها، يضا قد خصصت بريلوية أوال

دستور اإلسالم الموحد

15

ويمكن بسهولة معرفة إلى أية فرقة أو طائفة ينتمى أي

مسجد من خالل الكتب الدينية المتواجدة فيه، وإذا أمعنت

حقيقة أن ھذه المساجد أو المدارس فلن تخفىالنظر قليال

واھر الدينية وإن كانت فيما يبدو تلمع بالتدين، وتغمر بالظ

الدينية، وتصدع مآذنها بنداء "هللا أكبر"، إال إنها فى

الحقيقة صارت قالعا لضيق األفق، والتعصب، والتحزب،

إذ ترفع فيها رايات للفرق والطوائف المختلفة بدال من

أنها -وبكل أسف–عبادة هللا الواحد، وال يسعنا إال أن نقول

قل للشرك فى الحقيقة ليست مراكز للتوحيد بل ھي معا

والوثنية تحارب اإلسالم والمسلمين داخل المجتمع

اإلسالمي ذاته. وألنها ارتدت رداء الورع والتقوى فيما

يبدو؛ لذا فلو يوجد شعور بخطورتها فلن نشعر بضرورة

الحديث عن ھذا الوضع بصوت عال، وكالمنا ھذا بشأن

التفرق المذھبي والتعصب الطائفى ليس بمقتضى أي

حدة، وإنما بمقتضى فتوى القرآن الكريم ذاته شعور بال

قوا والتى ال تخفى يقينا على علمائنا الكرام: " إن الذین فر

دینھم وكانوا شیعا لست منھم فى شيء إنما أمرھم إلى

ثم ینبئھم بما كانوا یفعلون ( األنعام). " (سورة)159هللا

إن التفرق والتحزب شرك، فأوالئك الذين يروجون

للتعصب الحزبي أو النعت المذھبي، أو أوالئك الذين

يحبون ألنفسهم نعتا آخر سوى اإلسالم والمسلمين،

ويبذلون جهدھم فى سبيل نشره ورواجه، إنما ھم فى

الحقيقة تركوا سبيل هللا الواحد، وسلكوا طريق الشرك،

ديهم من اإلسالم إال اسمه. وتأمل قليال أي واقع ولم يعد ل

دستور اإلسالم الموحد

16

مرير ھذا أن تنقسم أمة رسول واحد إلى فرق وطوائف

شتى متباينة باسم الدين أو تفسير الدين، ففى المدارس

الشيعية يصرون على كون التفسير الشيعي للدين ھو

الحق، والتأكيد على ضالل وزيغ أھل السنة، وعلى

ل تبذل الجهود منذ قرون فى الجانب اآلخر فال تزا

المدارس السنية للتأكيد على أن موقف أھل السنة

والجماعة ھو سبيل المؤمنين، ثم إنه فى ھذه المدارس

السنية أيضا إذا انهمك الشافعية فى تمجيد وتقديس

علمائهم، يزعم األحناف أنه ال أدل وال أفضل من أقوال

ببصيرة ثاقبة فال يسعنا كبارھم فى فهم الدين. فإذا متعنا هللا

إال أن ندرك على الفور أنه ال يزال حقيقة فى ھذه المساجد

والمدارس والزوايا التي نعتبرھا بسبب النظرة الخادعة

قالعا للدين عمل تكذيب الدين، والتكبير والتهليل لطوائفها

وفرقها التي تنتمي إليها، فحيثما يجرى إعداد الطالب

تشيع، يجرى فى مكان آخر اإلعداد للجهاد العلمي ضد ال

لهدم قلعة البريلوية، وحيثما تعقد مناظرات تدريبية بين

الطالب إلثبات أحقية وأفضلية مدرسة ديوبند، تبذل

الجهود فى مكان آخر لتوسيع نطاق البيعة الروحية أكثر

ألي شيخ، وعليه فهذا العمل المذموم لتنمية التعصب

ة والتحزب باسم الدين ال يزال الطائفى وترسيخ الفرق

يوجه طعنات مستمرة لألمة من داخلها. إن ھذه التفسيرات

المختلفة للدين وما يقوم عليها من فرق وتحزبات مهما

تدعي سعة القلب ورحابة الصدر فيما بينها، فالواقع أن

قيام كل ھذه الفرق والطوائف يستمد وجوده من رفض

دستور اإلسالم الموحد

17

الشيعة دعواھا وإنكار بعضها البعض، فلو تسحب

السياسية ضد أھل السنة فال يكون ھناك أي مسوغ العتقاد

النص على األئمة االثنى عشر واتباعهم، وبالمثل إذا لم

يتهم السنة الشيعة بالزيغ واالنحراف النتهى بالنسبة لهم

مسوغ أن يحيوا (دينيا) دون االعتقاد فى األئمة االثنى

الشيعة والسنة، وال عشر، فال يمكن إذن اتحاد كل من

يمكن أيضا كون ھذه األمة المتشرذمة كبنيان موصوص

ما لم تتخل الشيعة عن تشيعها ويتنازل السنة عن سنيتهم،

وإن كان يبدو ذلك صعبا للغاية لكن إذا كان ھناك دافعا

حقيقيا فى القلوب للبراءة من الشرك واعتناق التوحيد فال

يكون ذلك صعب المنال.

صحيح مسار انحراف تاريخي كبير كهذا مضى إن ت

عليه قرابة األلف عام، ظل خاللها كال الفريقين يسير على

درب التعايش ظاھريا والتناقض واإلنكار باطنيا، األمر

الذى أطلقا عليه كالھما الدين المعتبر، يحتاج إلى طي

بساط ھذا النفاق الذى ھو عمل صعب للغاية بالتأكيد، إال

ھذه التجربة المريرة الممتدة أللف عام أصبحنا إنه عقب

نعى اليوم أكثر من ذى قبل أنه طالما لم نوحد صفنا،

ونصلح بيتنا من الداخل فال يسعنا أن ندخل فى معركة

فاصلة مع األعداء الخارجيين.

ولنتدبر قليال! أليس حقيقة أن التتار عندما تجنبوا

رمزية للخليفة اقتحام بغداد بسبب الهيبة الروحية ال

العباسي، كان قد رغبهم وحرضهم على ذلك العالم الشيعي

"نصير الدين الطوسي" من أجل إطفاء سراج ھذه الخالفة

دستور اإلسالم الموحد

18

السنية، وبالمثل عندما أراد المغول تدمير بقايا الخالفة

الفاطمية فى قلعة الموت، أيدھم وناصرھم العالم السني

لقرن الرابع "عالء الدين عطا ملك الجويني". ومنذ ا

الهجري عندما انقسمنا إلى فرق مختلفة، وعندما قامت

لدينا خالفتان متبادلتان فى آن واحد، ظل يبذل الجزء

األكبر من قوانا وجهودنا فى دعم وترسيخ فرقتنا، وھدم

واستئصال الفرق األخرى، فهل نستطيع إنكار الحقيقة

فى العصر التاريخية القائلة بأنه عقب إنشاء جامعة األزھر

الفاطمي، والتي أنشئت من أجل نشر وترويج المذھب

الفاطمي (الشيعي)، أنشئ عدد من المدارس لدينا باسم

تدريس العلوم الشرعية تحت مصالح سياسية من أجل

كسر شوكة الفاطميين ابتداء، فأنشئت مدارس بغداد

جت الزوايا لمواجهة اإلسالم االسماعيلي أو الفاطمي، ورو

كايا، وھكذا ظهر التحزب السياسي والمذھبي فى العالم والت

اإلسالمي باسم العلم الديني منذ القرن الرابع الهجري،

ورغم غياب سبب سقوط كل من الخالفة الفاطمية

والعباسية من صفحات التاريخ، إال أننا لم نتخلص حتى

اليوم من التشتت والتحزب والتشخص الفقهي والمذھبي

العصر، بل الحق أنه مع مرور الوقت الظاھر فى ذلك

تظل ھذه التفسيرات الخاطئة للدين تغذى وتروج باستمرار

بعد البحث –للفرقة والتعصب الطائفي، األمر الذي أسفر

عن عدم وجود أناس يجترأون على -فى ھذه األمة اآلن

القول بأنهم مسلمون فقط ال غير، وال يتصفون بنعوت

والسنة، واإلسماعلية، شتى غير إسالمية كالشيعة،

دستور اإلسالم الموحد

19

واإلباضية، والعلوية، والدروزية، وغيرھا، وكذا أنهم لم

يؤمنوا بأبي حنيفة أو بالشافعي.

الحاجة إلى بدایة جدیدة

اللذين اعتبرا صميم - يبدو عجيبا أن الفرقة والتحزب

اإلسالم بدال من الكفر، واللذين يعتبرھما السواد األعظم

تثار الشكوك -الرسالة المحمدية من األمة اليوم بمثابة

والشبهات على أسسهما، ولعلك يخطر ببالك أن الفرق

والتحزبات التي ال زلنا نعتبرھا صميم الدين اإلسالمي،

ومستمرون عليها منذ ألف عام على األقل، ما الحاجة فجأة

اليوم إلى إسقاط تلك األسس من االعتبار؟ فكم من العلماء

ھذه األمة طوال تلك السنوات األلف، والمفكرين ولدوا فى

وكم من المفسرين وعلماء الكالم، فلماذا لم يشر ھؤالء إلى

ھذا االنحراف والزيغ العظيم الذي أشير إليه اليوم عقب

قرابة األلف عام؟ ففى تلك األثناء ظهر فى ھذه األمة

علماء الكالم أمثال "الغزالي" و"ابن تيمية"، ومجددون

هللا" و"محمد بن عبد الوھاب"، وعقب أمثال "شاه ولي

سقوط الخالفة فى القرن العشرين لم يدع تالمذة

"األفغاني"، ومدحة "إقبال"، وحركات كل من "حسن

البنا"، والشيخ "إلياس"، و"أبي األعلى المودودي" إلى

استئصال ھذا اإلنحراف واقتالعه من جذوره، بل ظل

األضداد ھذه كمرض موقفهم جميعا التعايش مع مجموعة

مزمن يستحيل عالجه، وانحراف ال يسع االنسان إصالحه

دستور اإلسالم الموحد

20

اآلن. فعلى سبيل المثال يؤكد "شاه ولي هللا" أن أصل

المذاھب الفقهية اثنين فقط ھما الحنفى والشافعي، أما

االثنان اآلخران فممزوجان داخلهما، غير أنه ال ينجو من

األربعة ھو من التصور الباطل كقوله بأن ظهور األئمة

عند هللا، وأما "الغزالي" فكان يعد محاميا للموقف العباسي

الذي -بسبب تدوينه "فضائح الباطنية"، وأما "ابن تيميه"

فإنه يقول بأن - يتصف بأنه مجاھدا ومجددا فى آن واحد

أئمة الشيعة االثنى عشر انحراف وزيغ فى الدين، غير أنه

الشيعي العالمة "الحلي" أنه ال يجيب على اعتراض العالم

إذا كان تصور األئمة االثنى عشر باطال، فما المسوغ

الديني ألوالئك األئمة األربعة السنة؟. إذا ما قرأت كتبا

للفرق المختلفة، وحاولت تفهم موقفهم تأسف أسفا شديدا أن

األمور التي أكد ھؤالء فى حلقاتهم ودوائرھم أنها أمور

خر مدارسهم الدينية بتعليمها وتعلمها، إنما دينية، والتي تذ

ھى فى الحقيقة تحزبات سياسية على مر العصور ال

مقدار الواقع أن فعالقة لها على اإلطالق بالدين وغايته،

لدين شكل ومالمح االطائفية الشروحھذه مسخت ما

مقدار ما أھدر الدين اإلسالمي وضاع فى تلك و ،المبين

على لم نعزم المحق قدره طا هقدركن م يالالمناظرات

الفرق بموضوعية الدينية لجميع تلك ابات دراسة الكت

.ماثلة على حد سواءم

قد مضى فقط ألنه االنحراف قبول الزيغ و عنأما

قديم ألنه والتفرق فقط التحزب تحمل وعام، أعليه ألف

دليل من الدين والشرع يقوم عليه ال هذا أمر منذ قرون، ف

دستور اإلسالم الموحد

21

وجدنا آباءنا كذلك "بشدة إلسالم الذي يستنكراف ،والعقل

العلماء ونهج أقوال إذا تصادمت هأنب" يطالب یفعلون

قام أ ثلمافموالعقل فإنها ال يعتد بها، الوحي مع السلف

فكذلك ،ول على التوحيدالقرآن الكريم الرعيل األل ونز

سنةال غيابظل فى اليوم �تتمثل مسئولية أتباع محمد

فى ضوء مسارھم باستمرارظلوا يصححوا أن يالنبوية

أھل كأنه فرض على . وةحرفمالغير رسالة القرآن الخالدة

فى النبوية و سنةغياب الظل ألمة فى فى االحل والعقد

يعد القرآن التي - واألسوة الحسنةالكريم ضوء القرآن

وادرسظلوا يأن ي - المعتمدمصدرھا الكريم ذاته

ھو ون ما ر ق في ، وأعمالهم باستمرارأفكارھم واضستعريو

حتى ،مخالفا لهما ھو يرفضون دونما تردد و له، بقا مطا

بعمل تاريخي محرف منذ قرون، وإن كان مدعوما

.حبه من قبل السلف الصال ومعموال

أي إن قدم خرى!أھذه القضية من زاوية أمل وت

على يس دليال العام لعلى المستوى انحراف أو قبوله

يعدم خطأ كهذا الأي انحراف كهذا أوأي أن كما ،صحته

الحقيقة علم تأال بسبب قدمه فقط،مكانية إصالحه إ

ه د الذي ع - "فرح بن برقوق"أن التاريخية القائلة

كان قد أقام فى الحرم المكي - الملوك وأالمؤرخون من أس

بعد حدة األربعة على من الفقهاء ه يفقمنفصل لكل مصلي

والطائفى فى عهده،التحارب المذھبي أن ضاق ذرعا ب

خلف هااألمة الواحدة صلواتاألمر الذى أسفر عن أداء

مدة تقارب الخمسمائة أئمة مختلفة فى الحرم المكي لأربعة

دستور اإلسالم الموحد

22

وعلماء كالم األثناء ظهر فى األمة فقهاء تلك فى عام.

ھذا ى لم يتجرأ أحد منهم على القضاء عل، غير أنه كبار

حركة اإلصالح النجدية جمعت لدرجة أن االنحراف،

فى بدايات فتحها الحجاز عقبى مصلى واحد فالناس

ع قرن اربقرابة ثالثة أ ضى م وبعد، واآلن القرن العشرين

خلل فقهي ي ال يخطر ببال أحد أ ،ن على ذلكامن الزم

. المختلفة المصليات األربعةجراء دمج اتنا وفى صلوقع

االنحرافات مثل تلك إصالح عتقدوجه أن ي فالوعليه

.مستحيال األخرى

المتواصل فى الرسم البياني لنا أن التدھورندرك ليتنا

لذي تحاربنا الفكري المتبادل فى الحقيقة، واجراء إنما ھو

،والبريلوية ،والشافعية، فاحنواأل ،والسنة ،الشيعةجعل

ع زناتت األخرىة المختلف فئرق والطواوالف ،والديوبندية

ذه زال ھتوال تتحارب مع بعضها البعض فيما بينهم، و

السلسلة من العداوة والبغضاء المتبادلة والممتدة لقرابة

وتحتدم بمرور الوقت،شتد ت ا، بل إنهاأللف عام مستمرة

زاھر مستقبل آمن فى مثل ھذا الوضع تصوركيف ألمة ف

ألخرى.االعالم عن ريادة وقيادة أمم لها فضال

شك تؤجل المشاكل لكن ال تحلها، إن صفة النعامة بال

فمنذ وخطورتها على الدوام،ها من حدت تزيدتظل بل

من الشيعة ن كال أفكرة كررون صلحي األمة يقرون ظل م

رغم - أن المذاھب األربعة و ،والسنة على الصواب

النوع من اللدين. ھذصورا معتمدا تقدم ت - اختالفها

إدراك المشكالت أعاقنا عن الحقيقةت فى المغالطا

دستور اإلسالم الموحد

23

المعرضين عنأن القول ب يجدى نفعا ن فاليوم ل حقيقية،ال

عبودية ال ةبآف نوام ن ) الذيحنیفا مسلما الواحد (هللاھوية

،خيعبودية للمشاالو ،عبودية لألئمةالووالطوائف، للفرق

وعلى عالنية ا، والذين رفعومثل تلك العبوديات األخرىو

� من راية التوحيد بدال فرقهم وطوائفهم رايات المأل

ھذا القول ألن ؛معا جادةال جميعا علىھم ما ، إنالواحد

سابقا قول الحق ذكرنافكما ،لوحي والعقل كليهمال إنكار

قوا دینھم وكانوا شیعا لست منھم فى " � إن الذین فر

واعقل ال يخفى عليه أن من بنذرة ه من لديف، "شيء

مستقلة داخل األمة اإلسالمية فقد طائفيةھوية نفسهم أل

فى الحقيقة. رفعوا راية التمرد والبغي على سبيل المؤمنين

إن مصلحة األمة وقوتها تكمن فى القضاء على الفرق

األمة تكون جميع فرق وطوائف ذن أن إفكيف يمكن ،كلها

ھويات ورفعت راية ،لم الحنيفالتي تركت ھوية المس-

ف، احنوأ، ةسنة، وشيعارت إسالمية ص يرونعوت غ

فى على الحق -حبل هللا المتين اوانفلت من أيديه ة،شافعيو

!!آن واحد

واإلسالم التاریخي الحنیفالفرق بین اإلسالم

المسلمين وقامت كتل لدىحزب فرق والتظهر الت

العصورعبر سياسية وفقهية وعرقية صغيرة مختلفة

منزھا الرعيل األول سالم إالتاريخية المختلفة، فكان

درك كنا نذا فإ رھات،االتهامات والتتلك كل بالكلية عن

دستور اإلسالم الموحد

24

كثيرا التغلب على يسهل علينا فتاريخنا الفكري ما إلى حد

.الطرف المعارض نظروجهة فهم توطائفية ات اليالعصب

ن أمة ولمسلماكان إلسالم لقرون الثالثة األولى ال فىف

فمنذ ،النظريةالفكرية وواحدة رغم كل اختالفاتهم

وصفين، جمل حتى معركتي ال استشهاد عثمان

كن يم ل بعدھا إال إنه رغم ذلك الثورات األموية والعباسيةو

وإن ظل ھناك فى تلك ،باسم الدينفرق أو طوائف ھناك

ل أھما بين صغير وكبير باسم أئمة مختلف خروج األثناء

يخطر ببال يكن دولة البويهيين لم قيام قبل إال إنه ،بيتلا

ةنظريھوية إلسالم لشري عقالب االثني ال يحملأحد أن

وما كانت التفسيرات الباطنية لإلسالم االسماعيلي ة،مستقل

قبل خالفة معترف بها بديلة ية مدرسة فكر لتصير

اإلسالم السني لم تكن لتتضح مالمح هكما أن ،الفاطميين

األمة بأسرھا كانت وحدة قبل ظهور العباسيين. ف أيضا

تسمية كانت و ،النظريةالفكرية و ارغم كل اختالفاتهواحدة

من الدعاية تعد أو قطعي ،أو سبعي ،عشري ىثناأحد ب

أھل العدل إذا كان أحد يطلق على نفسه و ،المعارضة

سبيل المؤمنين، ا أنه متبع، كان اآلخر يزعم واالستقامة

وكتب ،حلقات أھل العلم، ومدارس الفقه والمعرفةت وكان

حتى القرون لألمة بأسرھا ا مشترك ا عد تراثت الحديث

كتابا البخاري ومسلم وعشرات كما كان الثالثة األولى،

محل التاريخية المصادرالوارد ذكرھا فى مثلهما الكتب

كانت توجد فى لجميع المدارس الفكرية، واھتمام مماثل

سنية تحمل ميول شيعية و روايات وآثارديث تلك كتب الح

دستور اإلسالم الموحد

25

خمرة مثل حتى اليوم يوجد فى مسلم روايات شيعية ف، معا

وجود رواية ھى من ذلك داألوبل ،الصالة ونكاح المتعة

مسند مثل األحاديث السنية كتبالشيعية فى "خم غدير"

قد أخرج فلمعان. عالوة على ذلك رونق واإلمام أحمد بكل

وفاته، حين النبي كتابة وصية ديثحالبخاري

"حسبنا كتاب بحجة اخيرھأعلى ت عمرسيدنا إصرارو

علماء التي يستدل بها لهاامثأوعشرات الروايات ، هللا"

نظرا لعدم وجود لواقع أنه االشيعة على صحة موقفهم. ف

حتى مطلع القرن ةنة على أسس مذھبيستقسيم شيعة و

البخاري أمثال الحديث اجامعوكان ف ،الرابع الهجري

غير أنه عندما أسرھا،ممثلين لألمة ب اومسلم يعتبرو

فى الربع األول خاصة بهم حديثلل كتبا الشيعة خصص

المتروكة مصادركتب التلك من القرن الرابع صارت

ل العمل ج الدولة البويهية عهد الحديث السنية. فقد تم فى

لمستقل والذى أظهر لتشكيل وتدوين الفكر الشيعي االعلمي

فلم تكن كتب الحديث التى مستقلة. يةكمدرسة فكرالشيعة

يتم اختيارھا لم ما علمية قط فخرة كم اتحيل "كليني"جمعها

لم إذا و ،يينلبويهاالشيعة فى عهد لدى كتب الأمهات ضمن

"الشريف الرضي"على أيدي "نهج البالغة"يتم تدوين

مدينتي النجف تظهر مزاراتم ذا لكو ،"مرتضى"و

قالب ظهر االعهد لمذات الوجود فى لى حيزإكربالء و

بالمثل أيضا و .إلى حيز الوجودإلسالم الشيعي لمستقل

س ودرتروج ولم ،لم تقم الخالفة الفاطمية فى القاھرةفإذا

يشعر بالحاجة إلى ولم ،دعائم اإلسالم فى جامعة األزھر

دستور اإلسالم الموحد

26

للتدليل مبلغين الو ،دعاةنفر كثير من العلماء، والإعداد

دعاة إسماعيليون يصللم ذا وإ على اإلمامة االسماعيلية،

،ودھلي ،وكرمان ،ملتانمدن الالصوفية إلى تحت شعار

دت ع اولم ،إلسالم اإلسماعيلي اعتبارا كان ل اوأجمير لم

ة كبيرة يقدسذات جماھير المسلمين أوساط الخمسة فى

ت العباسية لخلخالفة قم الل البيت. كما أنه إذا لم تآبسبب

تقف وراء كأنه و يين،خطب الجمعة لدينا من مدح العباس

األحداث السياسية التي تلكم ھذه التفسيرات المختلفة للدين

السياسية بال رحمة والمآربها استغلت الدين لمصالحها و

فى ونة وأخرى آت بين غابومع أن ھذه الدول ھوادة.

خلفته من ، فإن مامشتركال التاريخ نتيجة صراعهاغياھب

فال ،فتن وانقسام وتمزق يجرح روح اإلسالم حتى اليوم

نعتبره ال و ،ريخالتاريخ كتا أجل بداية جديدة أن نقرأبد من

بينما التاريخ عظة من فاألول يحثنا على العبرة وال ،ا دين

الثاني نصير نحن سببا للعظة والعبرة عقب تمسكنا ب

.واتباعه

ھامةالنحرافات ض االبعنظرة على

اإلمامة مالخالفة أ

ما عن بعضهكل من الشيعة والسنة بين يباعدإن ما

ممامة أاإلبشأن المتضادةنظرھما وجهة ھو البعض

ىاألئمة االثنأن عشرية يعتقدون ىفالشيعة االثن ،الخالفة

هللا، عند من عليهم ومنصوص بهم مور أعشر م

فى األئمة السبعة ءداتباعتقدوا اواإلسماعيليون الذين

دستور اإلسالم الموحد

27

األئمة األحياء. أما أھل السنة فى ن اآليوقنون صاروا

غير أنه من العقيدة ا الخلفاء األربعة جزءبرون فإنهم يعت

،نية منذ قرونيير حياتهم الديستاألئمة األربعة عمليا تولى

جميع وجهات النظر تلك بقلب اليوم ما استعرضتإذا ف

ھذه جميع قليل أن بحث بوجدت لفتح تمواع عقل و

وإنما على اإلطالق، ال تمت بصلة إلى اإلسالم تادقتعمال

عصور تاريخية فى تھي تفسيرات مختلفة للتاريخ دون

إذن فال مسوغ اإلسالمي،استكمال الدين عقب مختلفة

السني تصورفقد تشكل الالعقيدة. ة واعتباريقدسلمنحها

العباسي يفة عهد الخل ىربعة فلخلفاء األالرائج ل

سياسة تهت قد ان هكان يعتقد قبل ذلك أنو "،المتوكل"

إذ "عثمانسيدنا "المسلمين المجمع عليها باستشهاد

ونصف سنوات ربع ألالممتد "عليسيدنا "عهد ظل

من كبير جزء نكر وأداخلية متبادلة، عبارة عن حروب

عهده على ىن فومع المسلمتلم يجو ،خالفتهبالد الشام

"معاوية"عهد ىفلهذا السبب كان يكتفى و ة،دحواالفة خ

العصر العباسي ، غير أنه فى بذكر الخلفاء الثالثة فقط

جزءا من "علي" سيدنا "أحمد بن حنبل"اإلمام جعل

ين مراعاة راشدفاء الخلالموقف السياسي السني كرابع ال

ظهار ھذا على أية حال فقد كان إ ،مصالح اجتماعيةل

أسلوب جديد بة التاريخ اءمحاولة لقره عهدحتى الموقف

عام ول قبموقف بسرعان ما حظى ھذا الو ،غير الفقط

من كان ف وخدماته الجليلة، "عليسيدنا "جالل ل نظرا

أن تكون لديهم سعة السياسي العباسيين قرار الستالمناسب

دستور اإلسالم الموحد

28

لذا أصبح ؛المسلمين طوائفورحابة صدر تشمل كافة

البيت جزءا من خطب الجمعة جنبا إلى بيان فضائل أھل

منابر أخذت ، وسرعان ما األربعةئمة مع األجنب

سيدة "و "بنداءات "سيدا شباب أھل الجنةصدع مساجد تال

""اللهم اغفر للعباسمع أدعية أخرى مثل النساء فاطمة"

اإلسالم أن تعميرفيه ال شك مما جعل الخالفة فيهم"، واو"

مهما للغاية لعب دورا صالحي تالموقف ھذا الوالمشترك

جماھير والوثوق بها لدىلخالفة العباسية ا قبولفى

، إال إنه بسبب اتخاذ ھذه اإلجراءات السياسية فى المسلمين

لذا ؛تفسير للدينمتعاقبة لها كألجيال الونظرة ا قالب ديني،

على صعيد مغاير فالحقيقة صارت فيما بعد عقيدة سنية.

عليه اإلسالم يقوم عشر الذي ىاالثن ن تصور األئمةأ

أنفسهم على علملم يكن كبار أھل البيت اليوم الشيعي

، واليوم يعتبر علماء الشيعة معرفة األئمةھؤالء سلسلة ب

ألئمة االثنى عشر جزءا من هؤالء االفهرس المرتب ل

موجودا إبان عهدفهرس كهذا وبالتأكيد لم يكن أي ة،عقيدال

لم فإنه "زيد بن علي"خرج عندما ف "،جعفر الصادق"

الشيعة يعلم فلو "،محمد الباقروتأييد أخيه " م عب دسكي

عليه، ا منصوص ا إمام "محمد الباقر"أن فى ذلك العهد

اتخاذ خطوة ثم إنه كيف يمكن له به، "زيد"يعلم لم فكيف

محمد بن و" إمام الوقت.موافقة نفسه دون تلقاء إقدامية من

علي لذى ھو من النسل غير الفاطمي لإلمام ا– "الحنفية

،مصدر اضطراب آثاره حركاته الثورية وظلت ىوالذ

سلسلة لم أيضا بلم يكن يع -مدة طويلةلوقلق لألمويين

دستور اإلسالم الموحد

29

وإال فلم عليها، المنصوص اإلمامة الحسنية والحسينية

ينعهدالفى و .بنفسه؟ يةوراتخاذ إجراءات ثاضطر إلى

ة ما بين محاولت قرابة الستون حدثاألموي والعباسي

مختلف أوساط الخروج من قبل صغرى وكبرى للثورة و

ل يعلم أھفلو عالوة على اإلمام "الحسين"، البيت أھل

لما السلسلة الملهمة لألئمة المنصوص عليهم بهذه البيت

فى ظل أنفسهم تلقاءبضرورة الخروج من يقينا شعروا

- أن فهرس األئمة ىعني، األمر الذى األئمةوجود ھؤالء

أھل كن يم ل - يمانإت معرفته اليوم قضية دين وغد ىالذ

المسوغ إذن فما ى علم به،علالبيت فى العصور األولى

عصورفى كل كان يوجد هثم إن. للدين؟ ا أساسه عتبارال

أنفسهم البيت شيعة أھل خالف بين مختلف أوساط التاريخ

تقوم لهذا السبب و ؛إلمامةلسلسلة السماوية ھذه ال بشأن

والنحل ،واالثنى عشرية ،مستقلة لإلسماعيليةكيانات اليوم

يلفكروالتشرذم افرق تھذا الكل الشيعية األخرى. إن

حقيقة أھل السنة أو الشيعة إنما ينبعث سواء لدى يوالنظر

اإلمام ما كان دنع! قليال وتأمل ،ة التاريخ كعقيدةاءعن قر

على هحكمبسط ي، وعندما كان للمسلمينخليفة "علي"

عهده أذان ىهل كان فف ،العالم اإلسالميبقعة كبيرة من

هكان يأخذ الخمس من أتباعھل ى الشيعة، أم مستقل لد

فلماذا يصر ،كذلكذلك لم يكن ذا إ .سم سهم اإلمام؟اب

يسوا أل .ديني جديد؟ ونعتأتباعه اليوم على أذان جديد

هذا ھو حال بالمثل فو. يكذبون إمامهم المحترم؟ھكذا

منحوا الذين أيضا والجماعة أھل السنة بعض حملة لواء

دستور اإلسالم الموحد

30

ويرون فى ،ة عقديةيقدسالتاريخي خطاب األئمة األربعة

اإلسالم السني. إن تصور لبنيان ا توجيه النقد إليه ھدم

عقيدة جامدة فقط، وأما حياتهم ل الخلفاء األربعة ھو إظهار

ت انكاألئمة األربعة الذين إشراف تحت يا فعلفتسير الدينية

مثل العديد منالفقه الكالمي ىفلهم اليد الطولى حقيقة

دعامة تكانقد ف ھم،فى عصر ىخراأل أصحاب الفنون

كما كل فى عهده، ةھؤالء األئمة األربعة السنة قائم دعوة

،األوزاعي"أمثال ينخرالعلماء األالعديد من كان حال

وابن ،وسفيان بن عيينة ،ث بن سعدليالو ،وسفيان الثوري

وقد نال "،وابن جرير الطبري ،د الظاھريوودا ،راھوية

ثم حظى "المنصور"خليفة من ال ا تأديب أوال "مالك"اإلمام

مما تسبب فى االعتقاد بأن ،بعد ذلكيده ونصرته أيتب

فقد "ليث بن سعد"المعاصره أما ،رسميا فقها أ"طوم"ال

موقفه غير اإلجتماعية بسبب لساحةكان راكدا على ا

لم هأنلدرجة ،ما له من جاللة علميةالمهادن فقط رغم

يتمكن من االحتفاظ بسيرة مفصلة له كمدرسة فكرية فى

قد تمتع برعاية الدولة فالفقه الحنفى أما و .األيام المتعاقبة

ابن "فقه اشتهر و "،القاضي أبي يوسف"لمقام نظرا

فى عهد ا ديني ا راشستمه بسبب صيرورت "حنبل

مدة وبعده بفى عهده ذاته بل أھل الفن وإال ف "،المتوكل"

على استعداد وما كانوا ،كمحدث فقطعرفونه ي واطويلة كان

الشافعي ةكانت قلعة لتالمذفمصر أما و ،هيفقال لمنحه صفة

غير أنه عندما أدرك الشافعي ضرورة كسر شوكة تلقائيا،

شعرت فى عهد المماليك السياسية القاضى بسبب المصالح

دستور اإلسالم الموحد

31

وعليه قام بدالء،قضاة القيادة السياسية بالحاجة إلى وجود

توقير فائق بسبب حظي بالذي كان قد - "بيبرس "الظاھر

بتعيين قضاة -المغول فى عين جالوتوقفه زحف

،الصلح بين الفقهاء المتحاربينمن أجل للمذاھب األربعة

ال المؤقت لحاكم عسكري رن ھذا القراكان يعلم أمن ف

ستمراريةبالدين ومصالحه سوف يحصل على االدراية له

المسلمين سيتحتم على هوأن متعاقبة،يام الفى األ يةوالقدس

"بيبرسلم يقم "فلو اتباع أحد ھؤالء األئمة األربعة.

لصار ،على حدةكل المذاھب األربعة لتلك بتعيين قضاة

من تاريخنا العلمي والفكري األئمة األربعة جزءا ھؤالء

، األخرالفقهاء من كبار عشرات ال شأنهم شأنغير الفقط

اإلسالم السني.وأساطين أعمدةحظوا بمكانة اولم

لدى المسلمين دول بديلة تقمالقول أنه إذا لم خالصة

ن فى مويوشيد الخلفاء األلم يذا وإ ،الخالف السياسي بسبب

بغداد ن فى عباسيوالو ،رةالقاھفى نفاطميوالو ،ندلساأل

ولم يستغلوا الدين لتدعيم ،السياسية المختلفة مقالعه

القوالب وجدت على اإلطالق ھذه الم ،سياستهم وتبرير

المستقلة. هاهوياتبالمختلفة الدينية

بشریةلدین الملھم: مرجعیات ا

عند المنزل من يدين اإلسالمالھل فكرت تارة أن

كما المباركة حياته التمام إبان تم علىوالذي ،هللا

ما "، فالیوم أكملت لكم دینكم : "اآلية القرآنيةيتضح من

دستور اإلسالم الموحد

32

.؟ى ھذا الدين السماويف البشريةللمرجعيات المسوغ إذن

ولو كان من "صدقه بقوله: فالقرآن الكريم يستدل على

لوجدوا فیھ اختالفا عند غیر أي إذا لم تجدوا ،"كثیرا هللا

جع إلى هذا رافالكريم القرآن تعاليم فى تعارضا وتضاربا

من وضعيا ا كان دينال فلو وإ ،هللاعند من كونه منزال

ويرجع وعقيدة. فيه اختالف كثير فكرا د ج لو بشر صنع ال

مختلفة القوالب ال هھذالسبب فى الحقيقة وراء ظهور

اإلسالمي إلى تدخل التفسيرات لدين ا اليوم فىكثيرة ال

، أكثر من الوحي الربانيشكيلها فى توالشروح البشرية

وثيقته توجد ملهما ومما يبعث على الحيرة أن دينا

غير المحرفة بكامل رونقها اليوم فى شكل القرآن السماوية

مثل صفات ألنفسهم الدين ھذاة ملينسب حكيف ف، الكريم

وإسماعيلية ،سلفيةو ،جعفريةويدية، زوشافعية، وحنفية،

"أبو الحسن األشعري"أن نال حدث وغيرھا؟ وكيف

ىتضحو ،لإلسالم السني ومفسرا شارحا كونه سلطة

قد المتعاقبة، فلألجيال ال غنى عنه مدونته العقائدية مرجعا

مأ "األشعريسواء " مسألة العقيدةفى تجاوز

"المأمونلخليفة "ا مأ ء"واصل بن عطاو" ،"الماتريدي"

جميعهم تعدوا تلك الحدود التى حددھا هللا ، "ابن حنبل"و

كلقوله: "جالء تام فى كتابه العزيز بب � آمن با�

سلھ ن ر ق بین أحد م فبعد ،"ومالئكتھ وكتبھ ورسلھ ال نفر

جعلكانت مندوحة متى المفصل العقائدي ھذا البيان

مأ حادثا الكريم أو كون القرآن ،والقدرقضاء لة الأمس

القضايا الخالفية المتعلقة بذات هللا وصفاته جزءا أو ،قديما

دستور اإلسالم الموحد

33

األول أمخليفة ال علي اإلمام يعد كون أومن العقيدة،

أنزل �من التاريخ. إن هللا رابع من العقيدة بدال الخليفة ال

حالل الكتابه العزيز حدود فى بين بجالء و ،واحدا دينا

فمتى كان بكافة تفصيالته، الترغيب والترھيب وحرام وال

حرام عند فقيه جائزا وشئ مكروه إقرار خيار –بعد ذلك–

فى الفهم البشري اختالف بالطبع يمكن عند آخر. مباحا و

ما المسوغ إذن لهذا الجور لكن ،التوصل إلى غاية الوحي

. لقاصر مكانة مصدر للدين؟ابشري أن يعطى الفهم الب

يحتمل مثلنا بشرا كانوا أن السلف أيضا قول اليوم نئيا مبد

من رغم لكن على ال ،ليهماكالصواب الخطأ وصدور منهم

نبذ لشيعة ال يستطيع ا" فكما رجالنحن رجال وھم " ةقولم

والشريف الرضي ،والشيخ مفيد ،دواوين الكليني

، " وراء ظهورھمسيطو"الوشيخ الطائفة ،والمرتضى

من جديد أن يتصوروا أيضا كذلك ال يتجرأ أھل السنة ف

األئمة األربعة، بدون الحقيقية النبويةمعالم الدين المبين

من واألخذترك التقليد التجديد و يزعمونحتى أن الذين

الصالح ال يعدون اتباع السلف ةمباشرالكتاب والسنة

لسلف الصالح عتبرھم ان نأن الذياآلن مهم من يفه ف. أيضا

بل زمانهم،ما كان لهم ذلك االعتبار والقداسة فى اليوم

إذا ف ،بينهم وبين معاصريهموتباعد ھناك تطاعن ظل

ال تكف تالمذتهم،مادحيهم وھل العلم على ألحلقة اشتملت

أيضا فى كثير عن تكذيبهم بل وتكفيرھمالحلقة األخرى

تطاعن ال "يب البغداديالخطقد سجل لنا ". ومن األحيان

لعظة بينهم ل هم فيماتكبار الفقهاء وتالمذوالتباعد بشأن

دستور اإلسالم الموحد

34

يقدس كتابهما اليوم مثل ن اذلال- البخاري ومسلمف ،العبرةو

ما كتابه وصفينتبه لحتى أن البعض ال القرآن الكريم

كان حولهما خالف -"صح الكتب بعد كتاب هللاأ" قولهب

ف بين الخال احتدم عندما فيقال أنه زمانهما،فى أيضا

"ليھي الذيمحمد بن يح"و "سماعيل البخاريإمحمد بن "

من تقرير من يؤيد "مسلم"إلمام على ا من اليسيرلم يكن

وذھب فى "،الذھليـ "قطع صلته بوفى النهاية ،اذيهتأس

ثار اآلواألحاديث جميع لهأرجع هأنلدرجة معارضته له

بين الف خحتدم اللم ي فلوال! قليتأمل ھنا و التى أخذھا عنه.

اإلمام كان سيختلف اليوم شكل صحيحفكم ن،شيخيھذين ال

م - بشرية لمنح مؤلفات فال وجه "، وعليه مسلم" عقل ال تحك

مكانة - هاوتحليل هاوتحقيق هاوتدوين هاجمعبشري فى ال

اإلسالم السني على معها يتشكل درجة ل أبديةمصادر دينية

اإلسالم الشيعي شيد معها بنيان وي ،أساس الصحاح الستة

استبصار "، وه"ابن بابوي"، و"الكافي"على أساس

."نهج البالغة"و "،طوسيال

أحبار اإلسالم ظهور

فكارنا د أليوحالمرجع الما كان القرآن الكريم عند

يخطر ببال أحد م ل ،فى القرون األولى لإلسالموأعمالنا

قدف ،د بشأن أية مسألةلالسترشاع إلى شيوخ كبار ورجال

سيدنا ض عالنية على فهم اعتراالمرأة بدوية اكان بإمكان

ويرجع ،هئبخط "عمر"ويشعر للقرآن، "عمر"

دستور اإلسالم الموحد

35

تفصيل كتب العلى المنبر كما نقلت عنه بعن موقفه من

أبي "ظل موقف كما قضية المهر. بشأن التاريخ واآلثار

جمد لتفريسة لتجاه مانعي الزكاة حاسم ال "بكر الصديق

أسرى تم إطالق سراح جماع عليه إلى أن عدم اإلبسبب

كون ال يعندما ف ،" عمرسيدنا "الردة فى عهد حروب

رضي هللا بكر وعمر ىفهم واستنباط كبار الصحابة كأب

فى تحديه عامة المسلمين بل ويرى ،الفتوىبمنزلة عنهما

مية األھمدى حينئذ يمكن تقدير ،هما لضوء القرآن حق

،حياة األمة الفكرية ىلقرآن الكريم فالقصوى التى بلغها ا

حقيقة أن تماما يدرك للمسلميناألول رعيل الوكان

يس من فلبال واسطة، بط العبد با� مباشرة ر اإلسالم قد

قدف ،خة بين العبد وربهيو مشأية بابوية مجال اآلن أل

رسول هللا "محمدجالء تام "عرف القرآن الكريم ب

الدينية والقيود طقوسال إصرنبي يضع عن الناس ك

ویضع عنهم إصرھم واألغالل " :وعالئقها المصطنعة

ھذا الوصف طالع غاب سوء الل إال أنه "،التي كانت علیهم

داية ذلك بورغم أن ، المتعاقبةالقرون فىالمميز لإلسالم

نقح اإلسالمي عالم ور التصإال أن " للشافعي، الرسالة"من

دين التفسير السياسي للعندما حاز ى عهد الفاطميين تماما ف

الدينية ووتغلغلت العلوم الروحية ة،شرعيالم وعلمرتبة ال

،ر العلمودستقلة عن المدارس النظامية المسلسلة فى

بالكلية من القرآن الكريم ويخلو لصوفية. اتكايا وزوايا و

التحليل ومنا أن التحريم عل ي ھذا و ،الشرعيةمصطلح العلوم

حتى أن رسول ال غير، فقط �ھو أمر يرجع إلى هللا إنما

دستور اإلسالم الموحد

36

: كما روي عنه ا شارحبل ا شرعمليس أيضا هللا

وال أحرم إال ما حرم ،أحل هللا فى كتابه إني ال أحل إال ما"

."هللا فى كتابه

ى � حق الفتو بوضوح تاميخصص القرآن الكريم

ویستفتونك في النساء "كما تدل عليه اآلية: ال غيرفقط

یفتیكم ھذه فليس من مجال نظري عقب كل "،قل هللا

خ يوالمشالوجود طبقة من العلماء ينة التصريحات المب

زعم يين تانوالرب ة،، واألساقفالكهنةعلى نحو طبقة عندنا

غير أنه من لفتوى. أھل لرعية وأنها بارعة فى العلوم الش

ن وكان الخلفاء العباسيون مضطر المؤسف أنه عندما

،ين زمن انحطاط الخالفةبوالغاصمحتلين لل ةالسلط تسليمل

االجتماعي بعض الفقهاء صعيدعلى المكنوا فقد

ى وخة بحجة الورع والتقيمنصب المشمن والمحدثين

شعبيا، ة قبوال صوفمتالعلماء والوكان لدى ،العلم الدينيو

ن فى يالسالجقة الطامحكما كانت قوة السيف فى أيدى

تصالح فى الفانتهزت الخالفة المضمحلة الفرصة ، السلطة

ھكذا وفريقين من أجل بقائها، الكال ھذين مع ھمافتالو

الدينية ةالقيادحينا مزيجا من التي كانت -الخالفة تمزقت

وقع جراء ھذه . وقد فرقتينإلى - فى آن واحدوالسياسية

المصلحة المؤقتة ضرر جسيم ال يعوض بصيرورة

السالطين والعلماء بدال ىة فى أيديدمذاته الخليفة شخص

تولوا السالطين قد ألن و ة،مؤثرإيجابية دةايقكونه من

عيانا تهم وبشاعتهم كانت شناع؛ لذا السيفقوة بسدة الحكم

لباس الورع رتدوا العلماء فألنهم اأما بيانا للجميع،

دستور اإلسالم الموحد

37

ومطامعهم نواياھم على لذا أسدلوا الستار ؛والتقوى

على أنهم الشراح أخذ ينظر إليهم بمرور الوقت و ،الحقيقية

تعد ورويدا رويدا أخذت، ياإلسالمالمعتمدين للدين

قامت ما عتبار، رغم أنه عندقداسة واذات وآثارھم أقوالهم

آثار لرباني لم تكن بالوحي االمباشرة لمسلمين عالقة ا

وال أدل على ذلك ،ناشيوخل غالال أاألسالف قيودا و

آثارر يتغيعهده بفى قام "عمرسيدنا "من أن تاريخيا

سبيل المثال ىعلأو عناء، فدون تكلف ذاته رسول هللا

إطار فى آثاره أو لسنة رسول هللا مغايرا موقفا تبنى

.همقلوب لمؤلفةاالخراج أو ىراضأتوزيع

بالنسبة لنا كعالمة الطريق التى الوحي الرباني كان

درس الفأين حظة، فى كل لعلى طريق الهدى ترشدنا

النبي المرسل وأين التقليد األعمى ثار بداعي آلوالتحليل اإل

؟ وأين "أبي يوسف"و "الشافعي"بأقوال ستدالل لال

نظرا لتغير الرسول آثار تغيير حاجة إلى الشعور بال

الظروف وأين السعي المذموم للبحث عن غاية األوضاع و

فقد أضحى .؟"الكاساني"و "الشامي"الشرع فى كتابات

أفسحوا ألنفسهم مجاال فى الذين -السالطين السالجقة

جزءا من التاريخ فى - النظام السياسي لإلسالم بقوة الذراع

ضمحلةالخالفة العباسية الماأليام المتعاقبة، كما عانقت

ت جعلالمشيخة غير أن المغول، ىعلى أيد نهايتها أيضا

مسميات عبرإلسالم لمركز النظري الفى لها مكانا

،والخلفاء الروحانيينة، والمتصوف ،مختلفة كعلماء الشرع

النظام درجة لم يمكن معها طي ھذا والسيادة العرقية، ل

دستور اإلسالم الموحد

38

المحاوالت للتجديد آالف الدخيل حتى اليوم رغم ياألجنب

كل علماء اإلسالم اآلن بحيازة د اقساد اعتو .صالحاإلو

نهم ورثة علوم النبوة إذ أ الدين، تفسيرفى شرح والحق

ذات ھو كان ھذا .إسرائيل وأنبياء بن عنتقل مكانتهم وال

مفسري التلمود حقيةأ" بي أكيواائربالوضع عندما أخبر "

ن هللاعندما أعرب عالنية أو ه،مفاھيم التورا تفسيرفى

اآلن يتوقف إن تحديد مفاھيمها ف ،فجأة هسلمنا التوراعندما

حصار من الشروح والتفاسير امقوقد . رؤيتنالى ع

ھذه المشيخة ظهورجراء الوحي الرباني البشرية حول

القرآن الكريمدفات أغلقت و فى الدين اإلسالمي،الجديدة

اقد استأثرواآلن الء العلماء ألن ھؤو عموم البشر،على

بحق االجتهاد والتفقه الذي ينتهي إلى أقوال جامدة للسلف

لوحي،الخالدة لوثيقة الإلى يس ول ،الح كمرجع نهائيصال

ألنه ، يفتح كتاب الهدى مرة أخرىأال جل مساعيهم ظلت ف

مكن أن يتزلزل معين الفلن يكون تخوفا بل إن حدث ذلك

لهم ثقافة السلف وجال دخلاإلسالم التاريخي، وتبنيان

المكانة المركزية الشك، وفوق ذلك كله تنهاردائرة ى العلم

ك الغصن لفكيف يقطعون بأيديهم ذ الحالية لرجال الدين،

عليه.تربعوا الذي

منذ التى تمت اإلصالحالتجديد وكافة محاوالت إن

وتنضيرا طالء إال فى الحقيقة ليست ماضية قرون بضعة

مشورة سواءف، المحرولإلسالم التاريخي المصطنع

أو ،ئمة األربعةألالخالفي لفقه الفى باتساع األفق التحلى

بشرى أو ،بين السنة والشيعةالحديث عن سد الفجوة

دستور اإلسالم الموحد

39

تشدد والعنت بل اكتشاف حيلة فقهية جديدة للخروج من ال

دل الستار ال نزال نسنحن ، فلعلماءالفقهي ألقوال االتعذيب

أحد أن يدعو ؤال يجررافنا بحيل وأعذار شتى، وعلى انح

بأعلى صوته إلى ترك تلك االنحرافات الفكرية

سون إنكم ويشير إلى االلتباسات المصطنعة و ال زلتم تدر

لقراءات المختلفة المتنوعة فى مدارسكم منذ فترة طويلة ا

سم علوم القرآن، وبحوث الناسخ والمنسوخ التي ال طائل اب

، عارضةتالنزول المسبب ، وروايات من ورائها

لسبعة أحرف، والحكايات لمفهومة الويالت غير أوالت

مكروھة للوفق التجارة الو ،القوارعولفضائل واھية لال

وأبحاث اختلقها ة،عطنمصال كمكلها علومفهذه ،والنقوش

يقينا على ينلمسلماألول ليل رعالولم يكن ،خرونأالمت

.علم بها

أنه عندما تاريخ المسلمين الفكريھو طعن كبير لفكم

كان وعندما ،بالوحي الربانينا فى عالقة إبداعية رتبطا

كان وعندما كتاب هللا يرشدنا فى كل أمر من أمور الحياة،

،دعم موقفهمل ينص القرآناليكتفون بتقديم �أتباع محمد

يخطر ببال أحد م ول ،الفقهاء كتب آنذاك وجدتتكن لم

والسنة ،استخدام مصطلحات كالمية كالفرض والواجب

تكاليف ء الاوغيرھا ألد ،والمكروه والمباح ،والنفل

اإلسالم على عندنا جيل شقي ألحبارولم يوجد ،الشرعية

يي اليهود، يفكر فى ھزيمة غاية الشرع بتقسيم ائنحو رب

كراھة تنزيه ومكروه كراھة عمل مكروه إلى مكروه

،كلغصب مال اليتامى بحيلة التملي تحريم، أو يعلم تدبيرا

دستور اإلسالم الموحد

40

يلقب أحد يطلق عليه موالنا الشيخ، ولم بيننايوجد مكما ل

وأو حجة اإلسالم أتقديسية أمثال شيخ اإلسالم ألقاب بأحد

شيخا وأدامت بركاتهم وأسماحة الشيخ وأفضيلة الشيخ

"الرسالة" من تبدأ تىاليرة سمال هأن ھذالحقيقة محض.

مؤسسة أسفرت فى النهاية عن تشكيل تىوال- للشافعي

تقسيم الخالفة خلفية ضوء علماء اإلسالم فى

ياإلسالمفى الدين للغاية رىبدعة كب تكان -هامحاللضاو

نظرنا دين جامد بال روح. وإذا حيوي إلى دين حولته من

واستطعنا فى نظرة جامعة ،لى التاريخ الفكري والعلميإ

وااللتباسات الفكرية محاللها،ضاو ،تصور تقسيم الخالفة

يصعب علينا إدراك أن أية فال ناجمة فى تلك األثناء،ال

نحد لإلسالم فى األيام القادمة لومحاولة لتشكيل قالب م

من تمحيص النقد والما لم نجترئ على طالكلل بالنجاح ت

فى ضوء القرآنلعلوم الشرعية الرائج ل تصورجديد لل

تستخدم المعايير المصطنعة ال تزال حتى اليوم الكريم، ف

،تفسير وبيان الغاية القرآنيةفى محرفة للعلوم الشرعية وال

زمام القرآن الكريميولى أن ةجديد بد من أجل بداية فال

.نقد اآلن بشكل تامالنقاش وال

ن المنهج الكالمي سنحت له فرصة ھذا أل أقول

منذ لدينا هفى تدوين أصول الدين وأصول الفقالتدخل

مفكرينا كبارمعه لم يستطع على نحوعصور األولى ال

،النقاش والجدالمن بيئة ھذه المضاره فى تقديرأيضا

كان يريد ضبط ىلذا- "عبد الرحمن المهدي"بإيعاز من ف

موضوعية لالستنباط والعلمية القواعد الصول واأل

دستور اإلسالم الموحد

41

تأليف الجد لعدي عن سا "الشافعي" شمر -الشرعي

الكتب التي أتت أن ظلت الطالعومن سوء "،الرسالة"

نقدھا،من تنقيح منهجها و بدال لها ب كتوسعة كتت اعدھب

بدال من ة يقدسمكانة تدريجيا تبوأت "الرسالة"وھكذا

بل يمكن القول أن الريادة فى ،محاولة علمية فقط ونهاك

ىظلت فى أيدمتعاقبة الفقه فى األزمان الرقي وتطور

"اصل بن عطاءوتمعن قليال! فإن "و. "الرسالة"صاحب

فى بسبب توجهاته االعتزالية ذى كان يعد مخذوال ال–

نظر ال أوال أربعة للتوصل إلى الحق، أصوال وضع -عهده

فىنظائره البحث عن ، ثم القرآن بشأن أمر ماما يقول إلى

إذا لم يكن ف ،اإلجماع فى االعتبار ثالثا ثم أخذ ،السنة ثانيا

أي لقياس باعان فيستجراء ھذه الثالثة ھناك إرشاد واضح

وبعد ذلك أخذ ينظر إلى أصول "واصل" .جتهاداال

حتى أن ھذه األصول ،الشأناألربعة ھذه كمنهج عظيم

ال يمكن "واصل"ولعل ،عيشرتللاألربعة صارت مصادر

إلى بدي الخالدالمصدر األ القرآن الكريمنزل اتهامه ألنه أ

صار فيما بعد لكن ،الظنية الثالثة األخرى المصادرمرتبة

قد أخذ ذاتها. وبة دعامة مستقلة منها بمنزل مصدركل

أن ولون من أجل زيادة توقير اإلجماع قيبعض المفسرين

ألن ،متوقفة على اإلجماعالكريم عصمة وسالمة القرآن

سور ضمن المعوذتين لم يكن يعد "عبد هللا بن مسعود"

،موقفه ھذا بسبب اإلجماع نع عدللكنه الكريم، القرآن

إن وجود ھاتين السورتين فى القرآن الكريم اليوم فيه وعل

رغم أنه ،اإلجماعطبقا لوجهة النظر ھذه إنما ھو بسبب

دستور اإلسالم الموحد

42

تلك كشف حقيقة من البحث والتدقيق يمكن قليل ب

ستحوذ تاألربعة الفقهية ھيبة ھذه المصادر لكن ،رواياتال

تنفلت من أيديهم درجة أنه جراء تأييدھا لمفسرين على ال

وال يخفى ذاته،ان عقيدة عصمة القرآن يض األحفى بع

الشافعي حتى اليوم عصر ذمنيحدد أنه لم أيضا علينا

عامة مجماع أھل العلم فقط أإ لھالمراد من اإلجماع،

ممصر أألي إجماع العلماء والعامة وھل ؟ أيضا الناس

وھل يكون إجماع كافة البلدان واألمصار؟ المراد منه

إجماع عصر ھل سيعد و ،خرىألة إجماع مدينة حج

ولكننا اآلن، البت فى ھذه األمور ىبقيم ال؟ أآلخر ا عتبرم

لة أأية مسبشأن الفقهاء وتم بين العلماء إجماعا أن ال نعلم

المكتوبة وات الخمس فى الصلفعندما يصل الحال أم ال.

ىأب"عند إلى أن القراءة فرض فى الركعة األولى فقط

عند "الشافعي"، ركعاتجميع الفى فرض بينما "،حنيفة

واجبة و "،مالكفرض فى الركعات الثالث األول عند "و

فإذا لم "،الحسن البصريفى الركعة األولى فقط عند "

فكيف الصالة المكتوبة،بشأن ينعقد اإلجماع حتى اليوم

ر ي ،األمور األخرىبشأن حق دعوى اإلجماع ت ذلك قد

العاقلون بأنفسهم.

بمثابة معترك ھذا التفقه التفسير ون منهج وكلو يف

إصالحه تطهيره وتنقيحه بل لظلت احتماالت ،علمي فقط

ه،أصول الفقطالع أن صار بمثابة سوء اللكن ل ية،قاب

اآلن النظر فيما يقول عتقد أنه يلزم لكل أحد وصار ي

على النص بشأن المسألة المذكورة عالوة اإلجماع واآلثار

دستور اإلسالم الموحد

43

أنكروا وإذا كانت الظاھرية وعلماء الشيعة شأنها،ب القرآني

لمجتهد حي تحت مسميات فسحوا المجال فإنهم أ ،القياس

بالنسبة لمصطلحي الحال ذات ھو وھذا ،مختلفةأخرى

أيضا، واللذان يعدان "المصالح المرسلة"و "االستحسان"

قد أوصدت . وعليه ففى الحقيقة للقياس واالجتهادتوسعة

لبحث عن غاية الوحي أبواب الوحي المعقدة لية عملھذه ال

الرباني ليس فقط على العامة بل على العلماء والخواص

.أيضا

االرشاد واالتباع والخالفة الروحانیة أ

الحصار الذي أقامه لقد ضلت األمة طريقها نتيجة

اإللهي، وبدأت شريعة المسلمين الفقهاء حول الوحي

الناس المتعارضةء آراوحياتهم تدور في فلك

ولم يعد أحد يهتم بما يقوله كتاب هللا قدر تضاربة،والم

الناس بعضاھتمامه بما يقوله مذھبه، ولما صار فجأة ل

آلهة ظهوركان من الطبيعي بعضهم،سلطة على رقاب

، كما بمسميات جديدة في اإلسالمروحية صغيرة وأحبار

كان الوضع عندما قامت البابوية قبل البعثة النبوية، والتي

مع مرور الوقت بدأ رجال الكنيسة فيها يقدمون صكوك

يتدبر يريد أن كان فمن الغفران وصكوك الجنة والنار،

أمر نجاته بصورة مطمئنة فعليه بعطية سخية قدر

.المستطاع

دستور اإلسالم الموحد

44

ي ـ جوھر دعوة النب أنإن ما يدعو إلى الحيرة ھو

سرالعباد من أرقاب تحرير تكانـ الذي نعتز به

ـ كيف ف ة،المصطنعة ووصلهم با� تعالى مباشر الزعامات

في جديدة بابويةفكرة تبلورت ـ عديدة بعد مضي قرون

إن بداية واالتباع.الخالفة الروحية واإلرشاد باسم دين هللا

التصوف في الحقيقة لم تكن من أجل استغالل سياسي

ثم ، المادية الجامحةضد كظاھرة احتجاجية لدين، وإنما ل

في قالبهم صبهبعد في صورة حركة استخدمه الفاطميون

فقد انتشر الدعاة ،دعوتهم السياسية من أجل تقوية

اإلسماعيليون في مختلف البلدان واألمصار لتنظيم حركة

ولك أن تقدر ما كان من أثر ،هللا في عباءة أولياء سرية

في ةلييإلسماعل حيث أقيمت والية ،لهذه الحركةبالغ

ھكذا و ذاته،ملتان في عهد الفاطميين المنطقة نائية مثل

تقوم بدورمحمود الغزنوي ھجومقبل ظلت الملتان وحتى

،لقارة الهنديةفي شبه ارئيس للحركة الصوفية المقر ال

،شتيششواھد تاريخية تفيد أن معين الدين لهذا األمر و

ما آخرين كانوا كثيرا أولياء و ،دين بختيار كاكيوقطب ال

أمثال سماعيليةلإل الصغيرة ھذه الوالية يترددون على

ونظام ،وبهاء الدين زكريا الملتاني ،عثمان الهاروني

والبابا الفريد، وشهباز ،وعلي الهجويري ،الدين أولياء

كل ھؤالء في الحقيقة كانوا دعاة إسماعيليين و ،قلندر

تقوية لأصحاب ھمم عالية، اسند إليهم مهمة سرية أجالء و

أن فيه شك مما ال. ويناإلسماعيلي والية وزيادة رقعة

قد أدركوا إلى حد كبير تخلفهم السياسي الدعاة الفاطميين

دستور اإلسالم الموحد

45

يمكن إنكار أنه ال كما إقامة الخالفة الباطنية، بسبب

بهممهم العالية وطريقة عملهم السرية وصلت دعوة

لك المناطق في الوقت الذي لم تكن فيه األوضاع اإلسالم لت

السياسية فقط غير مؤاتية، وإنما أيضا غير قابلة لنشر

الذي وصل للناس عن إال أن تصوراإلسالمالدعوة،

مصبوغا بمغاالة اإلسماعلية كان طريق ھؤالء المتصوفة

ووحدت األطهار،علي والخمسة سيدنا تفضيل القائم على

ن معظم إ العلوي. المرشدنظرة تعبيراوت الوجود،

منذ صارت مالذا للخلقالصوفية وزواياھم التي أضرحة

للدعوة اإلسماعيلية، سريةمراكز ، ھى في الحقيقة قرون

المريد، الشيخ، :حتى أن معظم مصطلحات التصوف مثل

وغيرھا كانت من ، الطريقة، الباطن والظاھر الشريعة،

وضع دعاة االسماعيلية.

على دراية باالنتشار الخلفاء العباسيونكان ھذا وقد

الطريقة أن سلسلة وأغلب الظن ،المتزايد ألولياء هللا

من علي بي بكر الصديق بدالأل نتسبالتي تـ النقشبنديه

المرجعية قد حظيت بدعم وتأييد العباسيين، كما أن ـ

غالبية ونشاطات وخطب الفاطمية كانت ظاھرة في كتابات

،يلقبون أنفسهم بـ محي الدينممن تاريخنا فيالشيوخ

لموالنا و .ابن العربي، أوعبد القادر الجيالني :أمثال

ورغم الدعوة اإلسماعيلية،نسق مكانة كبيرة في يالروم

ما له مكانة علمية عظيمة فقد جعل نفسه من أتباع إمام

الشهرستاني أما (شمس تبريز)، اإلسماعلية شمس الدين

عالم جليل القدر في الفكر ينظر إليه على أنه فظاھريا كان

دستور اإلسالم الموحد

46

داعي الدعاة في إال أنه داخليا قد حاز على منصب السني،

عباقرة أمثال إن كتابات ،الدعوة اإلسماعيلية تنظيم

ا لعبوا دور ممنعطار سعدي والالنسفي، والشبستري، و

ةعلى عالق دلت في تشكيل العقلية السنية المسلمة ا كبير

فإن دعاة اإلسماعيلية قد وبهذا ة،لدعوة اإلسماعيليخفية با

الخالفة تحت غطاء شكلوا بنجاح فائق حركة عالمية

الفرصة إقامة دولة في ، ورغم أنه لم تسنح لهمالروحية

ھؤالء الخلفاء ، إال أن ملتانالالقارة الهندية بعد سقوط شبه

سكان من كبيرا عددا اخضعوا قد وابهمالروحيين ون

.لنفوذھمسلمين في مختلف مناطق العالم اإلسالمي الم

اليوم أن عمل الخالفة الروحية سيصدق من و

لحركة إال بقايا فتات عفن ھو ما ھذا واالتباعواإلرشاد

وثقافة اإلسالم لهيالوحي اإللها بسياسية ال صلة

إذ كيف ،خالف ھذا التصور من أساسه، فاإلسالم يالفطرية

متعلقة حرجة للغايةقضية ثله فيأناس م اإلنسان فوضي

سماوي يكون ھناك شخص في صورة موفد و أن، أنجاتهب

تختلق الحركة الفاطمية لقد ظلت -يحول بين اإلنسان وربه

المختلفة حتى بعد تشرذمها، لتباسات الفكريةأسبابا لال

استنادا إلى ةخالفالتدعو إلى وھى التي كانت من قبل

بالنسبة م فإن شخصية آغا خان وحتى اليو تفوق عنصري،

وعلى إمام يتجلى فيه هللا، ين ھوالنزاري ينالسماعيليإلى ا

تحت اإلسماعيلية المستعليةالجانب اآلخر فإن بقية جماعة

النجاة تهبهم تجارة رابحة منشغلين في دعاة مختلفينإمرة

ھذه الصوفية والنذور. إن سلسلة عن حق اإلمام عوضا

دستور اإلسالم الموحد

47

لسيادة الروحية لإلسالم السني ا حارس ا يالتي تعتبر ظاھر

وھذا ،"فيض وبركات" صاحب القبرتظهر ألولي أمرھم

ومذاھب طرق ـ إلى منذ قرونـ قد قسم األمة حالال

األشخاص ھؤالء أن إن ما يدعو إلى الحيرة ھو .ختلفةم

على الروحية هيمنةالوال رسوله بهللا يأمرھمالذين لم

ناك دليل عقلي وال نص قرآني ، حيث ال يوجد ھألمةا

يمارسون فبأي ظلم ،الهباتالناس بالبيعة وتوزيع إلسعاد

في لباس الورع والتقوى.ھذا العمل المكروه

أن البيعة في الحياة ھوفهمه أول شئ يجب إن

أي ؛ألميرالمؤمنينتكون فقط االجتماعية للمسلمين

الخلفاء تقلدفقد ، قوة نافذة للخالفة ن تكون، ويجب ألخليفةا

خلفا له، ولي األمرامنصب � هللا ولالراشدون بعد رس

بفالن البيعة من صوفييأخذ أما أن فالن أو أن ينص

من يمكنهأو يتفضل عليه بخلعة، أن أو ،خليفة له فالنا

له صلةال وعبث،هذا كله لغو ف ،أجمير دھلي أو والية

األجالء ـ علمائنا ومن سوء الحظ أن بعض ،باإلسالم

ھذه منحوا الضالة ـهذه السالسل ل أسير ورھنوأكثرھم

بل ساھموا واشتركوا بأنفسهم في قيمة،الخالفة الخيالية

لهذا يصعب على عامة المسلمين اليوم ، ضالھذا العمل ال

وتجارة واالتباع، الرشاد فهم أن عمال مذموما مثل ا

فات لصاحب القبر تصرأن ، ودعاوي المربحة القبور

،عليها من الشرعيمكن االستدال ال روحية، كلها أمور

أم ال الوالية مكتملكان ـ سواء نفهم أن إنسانا فكيف لنا أن

دستور اإلسالم الموحد

48

تصرفات قرون بروحه بعد موته بثالث أو أربعة تحظى ـ

.شاه ولي هللا الدھلويعند عتقاد االكما ھو ، خارقة

ن إنه من الصعب علي ـ باعتباري أحد طالب القرآ

الكريم ـ فهم أن ظهور سالسل مختلفة للتصوف ھو نظام

سماوي، أو أن تنتسب سلسلة ما للصديقية، وأخرى

للفاروقية، وأخرى للعلوية، أو أن تشرف سلسلة بامتزاجها

ال نعلم من أين ف وانصهارھا مع مختلف تلك األنساب،

ھي وسيلة اتصاله ، ومامورھذه األعلى شاه السيد حصل

من الضروري علينا أن نعرف أنه نعم، ، ألعلىبالمأل ا

غيرفكار العبثية الباطلة على ھذه األ يتم القضاءلم طالما

، خةية المشأرقاب السذج من وط تحررتوما لم ، القرآنية

ستظل مقسمة إلى جماعات ذات أنساب متفرقة، األمة فإن

.لهيالوحي اإلب منقطعة الصلة وستبقى

العنصریة الھیمنة

الجنسي والتباھيلتفاخر ا إلسالم يعارضاإن

في ، فليس ھناك أھمية على اإلطالق معارضة شديدة

، ا يأوعجم يا كون الشخص عرباإلسالمي في أن يالمجتمع

ينتمي ألسرة مرموقة ويحظى بفضل ومكانة إجتماعية أم

ال، فمقياس التميز والتفرد في اإلسالم ھو التقوى فقط،

ى وإلى قض" قد أتقاكم هللا عند أكرمكم إن فالبيان القرآني "

غيرالمصطنعة، الشرف والفضل مقاييسعلى كل األبد

بمسميات البدايةأن ھذه العصبية الجاھلية التي ظهرت في

دستور اإلسالم الموحد

49

مؤثرة ةآلقد اعتبرت والعباسي، ،والطالبي ،لقرشيكا

ة الخالف وحتى انتهى األمر إلى أن مدع، للخالفة والسيادة

ومن ، آل البيتبقية ل فاطمة على ة قرروا تفضيل آالفاطمي

فاطمة رضي هللا عنها تضم انيةثم ظهرت أسرة روح

حسين رضي هللا الحسن والوابنيهما وزوجها علي

، واعتبرت ھذه األسرة مع رسول هللا ذات قداسة عنهما

باسم الخمسة األطهار، كما ھو الحال عند المسيحيين في

.)trinityسرة السماوية المتمثلة في التثليث (ألتقديسهم ل

اليوم توجد للسادات (أبناء سيدنا علي والسيدة و

رسول هللا صل هللا عليه منتسبة لسالسل مختلفة فاطمة)

، تدعم سيطرة وتواصل المشيخية في الدين استنادا وسلم

دليل عقلي أو بأي لم تثبت دعواھم إلى ھذا، والوقع أن

والتباھي ظاھر التفاخرمكانت اريخي. لقد نقلي أو حتى ت

، ولم العرب مثل األمم األخرى موجودة عند عنصريال

يكن األمر ليقف عند العرب، فكل من تسلط على رقاب

الناس بذريعة المشيخية أو الملكية على مدار التاريخ

اإلنساني أثبت لنفسه أنه ركن ركين ألسرة سماوية.

الخالفة من منظور القرابة ال وعندما بدأ ينظر إلى قضية

من منظور األھلية والتقوى، حظيت مثل ھذه القضايا

والمشكلة . ؟النبيبخالفة من ھو األحق بأھمية كبيرة إذ

ورا، وقد ذكأوالدا تركلم ي �أن رسول هللا كانت في

أوضحت آيات القرآن الكريم صراحة ھذه الحقيقة، وھو

ما كان "سلسلة نسبية: لم يترك في الدنيا �أن محمد

د وأبا أحد من رجالكم و محم . "خاتم النبیین لكن رسول هللا

دستور اإلسالم الموحد

50

يطلقون علىأن من علىالتاريخية المصادروتجمع

يمكن أن يكونوا في أنحاء شتى من العالم أنفسهم السادات

،أبي طالب أو أنهم ينتمون إلى أسرة ين،أو مطلبي ينھاشمي

.�إلى رسول هللا وليس ،عباس وحمزةوالوأبي جهل

إنه لمن الضروي فهم متى وكيف ظهر مسار الهيمنة

فأحد األئمة األربعة لإلسالم السني العنصرية في اإلسالم،

بوضوح أعرب ، وقد الشافعي يدعي النسب القرشيوھو

، إال أن النسب القرشي رحلته أسفار فيمنزلته عن علو

، ثم إن �برسول هللا ذاك لم يكن يعني النسب المباشر آن

بن علي غير محمد بن حنفيةل الثورية حركةالنيل

النسب الفاطمي يدل على أن فلسفة دونالقبول ،فاطميال

هللا المباشر برسولنتساب أو إدعاء اال ألطهار،الخمسة ا

لدعاة اإلسماعيلية، السرية الدعوة مدينة بالفضل إلى

ھي بها مدارس الشيعة تأثرتالتي ـ راإلسماعيلية مصادفال

أسطورية، وتقر السيدة فاطمة شخصية ـ ترى أن األخرى

والفكرة ،لحسن والحسينل رغم إنجابهابتول و بأنها بكر

األئمة خلقأن النطفة التي استخدمت في السائدة بينهم ھو

دية.العا ةالبشري خلقال عالقة لها بمراحل ال

با طالب كان بمثابة أأن في ماعيليون سويعتقد اإل

سن البلوغ بلغ عليعندما رسول هللا، لذا أمين سر

عبره إلى ذريته، وبهذه الحيثية اإلمامة سلسلة انتقلت

ترتبط عالقة الحسن والحسين باألسرة السماوية لألئمة في

النظام التكويني لإلسماعلية، ومن ثم منحت الدعوة السرية

دستور اإلسالم الموحد

51

تدريجيا ـ السيدة فاطمة وأسرة الخمسة لهذه العقيدة ـ

اآلن فإن وحتى األطهار االفتراضية مركزية في اإلسالم،

ترتكز على أساس األوالد النسبية السلسلة دعاويكل

قد فاطمة الذكور، إال أن تكوين صورة أسطورية للسيدة

وقد أرسى دعائم سلسلة نسبية من جهة األم بدال من األب،

، فالسلسلة خيانة تاريخيةكبيرة ممتزجة ب ھذه جراءةكانت

النسبية المنقطعة لرسول هللا والتي يشهد عليها القرآن قد

ة وباألسانيد الطريقه وبهذ، استأنفت من جديد في األمة

الكاذبة للسادات أحكمت المشيخية المذمومة من جديد

قبضتها على رقاب األمة.

على ما يستعصي على الفهم أيضا ھو ما الدليلو

خروج بنات الرسول األخريات وأوالدھم من ھذه األسرة

السماوية االفتراضية وحرمانهم من ھذا العز والشرف؟،

الكبرى، وابنها على الرسولفزينب رضي هللا عنها ابنة

فتح في �بن أبي العاص الذي كان يمتطي ناقة النبي

، ورقية وأم في معركة اليرموك فيما بعد واستشهد ،مكة

، وقد شاركا على رضي هللا عنهما توفيتا بالمدينةوم كلث

يعتبر الدعاة فلماذا لم ، �ا مرسالة أبيهالسواء في

. الشرف؟العز وھذا السياسيون أن من حق أوالدھن نيل

ككثير من أوالدھن في صفحات التاريخ فلم يرد ذكر

، فلو أن الدعوة اإلسماعلية لقرشيذوي النسب ا لمسلمينا

لسيدة فاطمة رضي هللا عنها كلبنة لسياستها، لم تستخدم ا

لما وجد التصور المبتدع للخمسة األطهار، وما أطلق

جيش المدعين الفاتح نسب مصطنع برسول هللا، ولقبوا

دستور اإلسالم الموحد

52

أنفسهم بالسيد، ومن المثير أن ظهور علو منزلة السادات

على المستوى االجتماعي حدث في عهد دولة البويهيين،

لشرافة كافظ سادات للشريف، حيث راج استخدام ل

، أسماء الشريف الرضي والشريف المرتضىالموجود في

شيئ له عالقة وفيما بعد بدأ يطلق لفظ شريف على كل

ھذه ، رغم أن مسكنهم ومولدھمفيما يتعلق ببالسادات حتى

أو أي أمر يدل على شائبة ذاتها لم يكن يوجد بها األماكن

عليه وسلم.صل هللا شرفها أو ارتباطها بنسب الرسول

فالتاريخ يشهد وباكستان الهند ساداتأما فيما يخص

نسل الذي كان من ،د محمد الكابليوالأمن غالبيتهم أن ب

فاطمي،المحمد بن حنفية أي ابن علي غير سلسلة أوالد

محمد قد اضطر و، سلسلة الحسنية أو الحسينية وليس من

يار المكوث في بسبب خروجه على الحاكم إلى اخت الكابلي

تزوج ھناك بإبنة حاكم كابل كابل خشية على نفسه، حيث

ـ في ضوء التاريخ والعقل حقيقةتوجد فال ، مسلمالغير

والنقل ـ أوضح من ھذه لمن يدعون كذبا نسبهم برسول

بمتصوفي الهند وباكستان الذين كانوا هللا، وفيما يتعلق

صورة دعاة يقدمون إلى الهند في زمانهم متخفيين في

إلسماعيليةإسماعليين، حيث كانوا فقط دعاة، أمرھم أئمة ا

، باألئمةفي الحقيقة أي صلة نسبية لهم بالدعوة، ولم يكن

في حلقات البوھرة حرالداعي الويقر ھذه الحقيقة اليوم

، ھذا وقد لعب الدعاة الفاطميون دورا أساسيا في ديةوالدا

ة السيدة فاطمة رضي نشر معلومات مبالغ فيها تخص ذري

الذي ظل يقحم فكره في بن عربيهللا عنها، مثال ذلك ا

دستور اإلسالم الموحد

53

فكر العقيدة السنية الراسخة، ودافع بقوة في الفتوحات

اإلسالمية عن فكرة أن هللا تعالى وعد رسوله بغفران ما

تقدم من ذبه وما تأخر، وأن ھذا الوعد يشمل أوالد السيدة

وم القيامة، وانتشار فاطمة وكل من ينتسب إليهم إلى ي

روايات تقول بأن كبائر الذنوب تغتفر بحسن السلوك مع

ليس بالقليل بين المسلمين. آل فاطمة

بها حر الوباء الحاطمة ئأطف لي خمسة

المصطفى والمرتضى وابناھما والفاطمة

إن ھذه األنشودة اإلسماعيلية األصل رائجة ومنتشرة

ھنا يمكن استنتاج أن بكثرة بين عامة مسلمي السنة، ومن

من أجل رسول هللال النسبية سلسلةالن انقطاع ع قيلما

دعوةقد حطمته ال ،المجيد صدقه القرآناألفضلية، و

قضي على وھكذا ،الفاطمية بدھاء ومكر كبيرين السرية

النسبيةالمشيخية الفكرية على أيدي اإلسالم حرية

المصطنعة.

النبویة لسنةل التفسیر الطائفي

إن جماعات المسلمين المختلفة والتي تحتفظ ـ فيما

بينها ـ بوجود نظري وفكري مستقل كل عن اآلخر، لديها

ذخائرھا الخاصة المستقلة التي تحوي سنة الرسول صل

ند فرقة هللا عليه وسلم، وعلى ھذا فكتاب فرقة ال قيمة له ع

الشيعة ، سواء وجدت فيه أحاديث الرسول أم ال، فأخرى

عيرون كتب السنة إھتماما إال إذا كانت تتفق مع ي ال

دستور اإلسالم الموحد

54

آراءھم، وعلى الجانب اآلخر يرى علماء السنة أن

جماعة تصر وكل المؤلفات الشيعية غير جديرة باالھتمام،

على أن ما لديها ھو سنة رسول هللا، وھي فقط الجديرة

أدى إلى ظهور الشيعة والسنة ھذا الوضع بالحجة،

اضية وجماعات أخرى ال حصر لها، واإلسماعيلية واألب

، لذا السنة التكتالت قد نمت وترعرت في ظلوبما أن ھذه

ھدم أسس الفرقة والتعصب ھذه.فليس من السهل

إن ما يدعو إلى الحيرة ھو أن عاشقي سنة الرسول

رسول الحديث ھؤالء لم يدركوا حقيقة أن التسليم واالنقياد ل

ت أيا كانسلمين شرط من شروط اإليمان باعتبارنا م

لنا أن نرد فكيف الجماعة التي تحفظ حديث رسول هللا،

حديثا لمجرد أنه ال يوجد في كتب الجماعة التي ننتمي

في تلك الكتب كما ھو شائع، فإن السنة وجدت فإنإليها،

كل فرق األمة على شتى المستويات ضمن قائمة منكري

عملهم الحديث، إذا أنهم يتجنبون وضع أسس لفكرھم و

على حديث لرسول هللا موجود في كتب الفرق األخرى،

وحدة ويطلب ،قةر تقلقه الف أما المسلم العادي المضطرب ف

تقوم بين المسلمين قةر عائم الف ديرى ، لكنه عندما األمة

وسريعا يتوصل ،تفتر ھمته، فإن على أساس الدين والسنة

ا مرده الدين، فعلي األمرھذا أنه إذا كان إلى نتيجة مفادھا

وأقوال فعلية للرسول متناقضة ھناك رواياتت وإذا كان

في تلك الكتب، فإن ھذه الفرق ال يمكن أن متضاربة و

في عملية التقسيم التي بدأت وأنتتوحد إلى يوم القيامة،

دستور اإلسالم الموحد

55

لن تستطيع قوة في العالم ،الهجري منذ القرن الرابعاألمة

تحجيمها.

إلسالمية والحرب األھلية الفكري لألمة االتشتت فهل

الدائرة بين مختلف فرقها ھو مستقبلها؟، وھل من

، جسد واحد من جديد؟إلى ھذه األمة المستحيل أن تتحول

مضت يستنكرون ھذا قرونطوال مفكري األمة لقد ظل

وقد سدت الطرق أمامهم المتزاج األساس الديني ،الوضع

لوضع المؤلم، بالتشتت الفكري للفرق، واستسلموا لهذا ا

علينا أن نتعايش مع ھذا أنهاآلن بشكل عام فصار يعتقد

التناقض واالنقسام المتبادل، وأنه من غير الممكن إعادة

ي أن مؤشر رسمنا النتيجة ھتشكيل قالب األمة الموحد، و

يقع وكل مخطط لبداية جديدةالبياني يتراجع يوم بعد يوم،

.متبادلةمؤامرات الال أو قل الف الداخليخفريسة لل

، للخروج من ھذا الوضع المتأزمإنه لمن الضروري

كان الذي ،ذلك العمل التاريخي أن نسعى جاھدين لفهم

عن السنة النبوية، الذي صور السائدمن نتائجه أن ظهر الت

بدال من جعلها أمة قوية متحاربة جماعاتإلى قسم األمة

ذه النقطة، وھو أن ومتحدة، فلو أننا استطعنا أن نفهم ھ

التصور السائد عن السنة النبوية وتقسيمها إلى سني

سياسي واجتماعي خاص،وشيعي ما ھو إال نتاج عهد

بلعنة الحرب األھلية المتبادلة فعندما أبتلي المسلمون

ظهر في العالم اإلسالمي ، وعندماالسياسيوالتحزب

بيئة ثالثة دول للخالفة في وقت واحد، وعندما تهيئت

لصالح إمارة آل البويهيين إبان تدھور الخالفةمناسبة

دستور اإلسالم الموحد

56

وسلطنة السلجوقيين ومشيخية العلماء وأھل التصوف،

وقبل المضي قدما في ھذا الصدد سيكون من ولكن

.المناسب أن نتدبر بعض أھم القضايا

عند ينمختلف ينحديثيوجد فيما يتعلق بالسنة النبوية

للحديث تلف طريقيهما، فطبقا سببهما اخب، الشيعة والسنة

"تركت فيكم السني المنسوب إلى رسول هللا أنه قال:

. "كتاب هللا وسنة رسوله أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما

كتاب هللا وعترة ھما ھنا الشيعة إن المراد بالشيئينيقول و

فيبين الفريقين أنه ال اختالف كيف أھل بيته. رأيت

التمسك قبل أمر الرسول في ي فكالمهما ،ألولالمراد ا

ما أمر ، فهل ثانياد المرالعلى الخالف ولكن بالقرأن،

الخطير األمرھذا ھو .؟العترة مھو السنة أالرسول به

ھذه النقطة إلى حتاج تلذا جماعتين،األمة إلى قسمالذي

نسأل اإلشكالية يمكن أن أني، ولفهم ھذه متتفكير وتمحيص

الرسول قد في ذات الوقت، لو أن سؤاال كلتا الجماعتين

كان مراده من فما، بالتمسك بالسنة أو بالعترة ا أمر حق

كتاب . فبذكر كتاب هللا يتبادر إلى العقل على الفور ذلك؟

نجد فيما يتعلق بالسنةلكن ،معين، وھو (القرآن الكريم)

بالصحاح اليوم المسماةوأھل السنة المتداولة إما كتب

لمصادر المعتمدة عند الشيعة لعترة آل البيت ، وإما االستة

طوسي ونهج ال لكليني وابن بابوية واستبصارككتب ا

، كل ھذه الكتب لم يكن مطلقا للمسلمين في عهد البالغة

األحاديث كل كتب الرسول علم بها، فقد ظهرت

فبأي ي،لهجرافي القرنين الثالث والرابع والروايات ھذه

دستور اإلسالم الموحد

57

ون في عهد الرسول للبحث عن الكتب كان يشتغل المسلم

السنة أو العترة؟.

الخالدة للسنة إن الكتب التي نعتبرھا اليوم المصادر

قد لم تكن الدينيالتحزب بنيةوالتي عليها تقوم ،العترة وأ

ظهرت في ذلك الوقت، فإلى متى تبقى دعوى أن السنة

الكتب ، وأن المراد بالعترة الستةتتجلى في الصحاح

، إذن فبماذا حقق مسلمو الرعيل األول لشيعةلاألربعة

مرادھم في الوقت الذي لم تكن فيه كتب السنة والعترة

بغض موجودة؟ ـ إن ھذا األمر أيضا جدير بالبحث ـ و

هم لم يشغلوا عقولهم لحقيقة أنفاھذه الرواية قوة النظرعن

، كما لم تنبهر أعينهم في بإسم السنة بكتب الصحاح الستة

إن بل ،األربعة كتب الشيعةفي عترة آل البيتعن البحث

كانت ال زالت تنمو، آل البيت أن سلسلةالحقيقة ھي

سماء األئمة لم يكونوا على علم با األول فمسلموا الرعيل

، ولم ينالوا شرف مأحكامهآثارھم وال بى عشر ونثاإل

يمكن ومن ثم ، أصح الكتب بعد كتاب هللاالشتغال ب

، فإنه لم عترةالسنة أو ا كان المراد باليأأنه فهم بسهولة

يكن المقصود مطلقا اإلشارة إلى تلك الكتب.

ولنبحث ھذه القضية الخطيرة والحساسة من جانب

آخر، فلو أن للسنة أو العترة حقا نفس أھمية القرآن في

الدين، فلما لم يترك الرسول وراءه كتب موثوق فيها

قواعد س اسقامت من األكالقرآن، فلو أن ذلك حدث، لما

لهذه الكراھية الدينية المتبادلة وخطورة لهذه الخالفات،

كل الخسران االختالففي أن بفمن أعلم من هللا ورسوله

دستور اإلسالم الموحد

58

هللا واعتصموا بحبل : "والقرآن يقولوفي االتحاد قوة،

قوا ، كما يرشدنا إلى أال نسير في طريق " جمیعا وال تفر

إن ، ""وال تنازعوا فتفشلوا وتذھب ریحكم "تالف: االخ

قوا دینھم وكانوا شیعا ". ثم لست منھم في شيء الذین فر

القرآن حفظ بالتزم في النهاية كيف يمكن للرسول الذي

كتاب لنا في صورة هواھتم أن يتركته في حياته، وكتاب

أدنى اھتمام من األساس، لمصدر الثانياال يعير أن ، كامل

وخلفاءھم أيضا لم يهتموا �إن كبار صحابة النبي بل

أقوال الرسول في أي كتاب، علينا أن نمعن كتابة وتدوين ب

دونها محدثي الكتب التي النظر أيضا في أن كل ھذه

ل ال تستطع اإللمام الكامل بأيام وليا الثالث والرابعالقرنين

ثالثة وعشرين سنة نبوية، رغم أنها في أعلى درجات

الصحة والثقة، وال يستطيع مدوني األحاديث أن يزعموا

أنهم جمعوا في ھذه الكتب تسجيال لكل أقوال وأفعال

يوجد يفهم من أن األمة اليوم الإذن فماذا ،�الرسول

يحوي أقوال الرسول وكل تفاصيل أيام كامللديها تسجيل

ثالثة وعشرين سنة نبوية؟.وليال

المتمسكون يذھبسفأين ،كذالكاألمر وإذا كان

األمر ذاته مع و ؟الكاملة البحث عن السنة عندبالسنة

حيث إن للجماعات ،ل بيتي"آشكالية "عترتي تفسير إ

اإلسالمية المختلفة تصورات متعددة عن آل البيت، فعند

ألطهار، لفظ آل البيت ينحصر فقط في الخمسة اعض الب

والبعض ، األئمة السبعة أو األثني عشروالبعض يرى أنهم

، وطبقا لتأويل اليوم يعتقد في تواصل ھذه السلسلة إلى

دستور اإلسالم الموحد

59

ضمن آل البيت استنادا إلى حديث إن آل العباس فالبعض

أيضا ضمن آل �أن أزواج النبي يرى والبعض ، لكساءا

ضمن آل بأسرھا اإلسالمية األمة والبعض يرى أن ،البيت

كالسنة رة تالعالبيت باعتبارھم حاملين للرسالة، وكأن

تحدد حدوده األربعة.يمكن أن مفهموم مبهم ال

التاويالت بين لسنة والعترة وبين افهذا االختالف

إلى فرق ألمةالتي مزقت ا سوة الرسول،حول أ المتناقضة

، حيث بدأت في ألف سنة ما يقرب منمنذ مختلفة

الهجري، لكنها في القرنين الثالث والرابعصورتها األولى

ساد أن إلى ،القداسةلنيل الثقة وعدة استغرقت قرونا

آثار العلم الذي ضمته ھذه المؤلفات البشرية تصور أن

أن مجرد مناقشته بشكل وفوق كل الشبهات والشكوك،

نقدي ال يزلزل فقط قواعد منهجنا وجماعتنا، وإنما يضيع

.ك السنةإيماننا أيضا بتر

أن السنة إن أول ما يجب فهمه في ھذا الصدد ھو

يوجد فالقرآن ،قرآنيا بمعنى سنة الرسول ليس مصطلحا

سنة لمصطلح ذكر وجد فيه لكن ال ي ،هللاسنة فيه ذكر ل

أن لهم أسوة حسنة في نونيلقن المؤم !نعم ،الرسول

ـ اأن شخصية الرسول بكل أبعادھفي وال شك ،رسول هللا

ما وال يسعنا إذا ، التقليدوباالتباع كمسلمين ـ جديرةلنا

ننصاع له وننقاد، وإال أن إال قول لرسول هللا أمامنا ورد

فالسم القاتل إليماننا أن نظهر أدنى تردد في العمل به،

يدفعنا إلى أن نتعامل بحذر وحيطة حبنا للرسول ومع ذلك ف

يحدث شديدين فيما يتعلق بصحة قول رسول هللا، حتى ال

دستور اإلسالم الموحد

60

أن نؤمن بقول لرسول هللا ثم يشك في أصله بعد ذلك، فإذا

حدث ذلك ال قدر هللا فسيكون مدعاة للكذب واالفتراء على

من كذب رسول هللا، وفي ذلك يقول صل هللا عليه وسلم: "

."فليتبوأ مقعده من النار متعمدا علي

المحاوالت البشرية التي استخدمت إن كل ھذه

، وكذا في عملية الجمع والتدوين البشريقل البصيرة والع

، والتي بسببها تنقيحالو التدقيقأعملت المعايير البشرية في

ال الرواية والرواة،يما يتعلق ببين المحدثين فوقع الخالف

لهذا ال يوجد سبب يجعل ،الكاملة موثوقيةالها إدعاء يمكن

ة تلك الكتب سنية كانت أم شيعية تحظي بالحجية والقدسي

مام مسلم أو البخاري أو اإلاإلمام كان في حلقاتهم، فسواء

جمع وتدوين بلم يأمرھم فإن هللا كان الكليني أو ابن بابوية

العلمية جهودن نؤمن بهذه البأهللا البنا لم يط، كما السنة

لم يكلفنا هللا ئا شيثم إن كإيماننا بالكتب السماوية، بشرية ال

فلو أن ھذه لدين؟ من اجزءا ره الحاجة في أن نقما ھي ،به

الجهود البشرية للجمع والتدوين قد تمت حقا تحت مظلة

ا وجد لم، الوحي أنها صدقا تعبر عن لووتدبير إلهي، و

واآلية القرآنية تؤكد ھذا: ،تعارضھذا القدر من البينها

."ولو كان من عند غير هللا لوجدوا فيه اختالفا كثيرا"

، وفي كل مجتمع ھناك بعض السنة عمل مستمرإن

الروايات ـ تتعلق باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ

تقوى مع مرور الوقت، في حين أنها في حاجة إلى أن

تعرض للنقاش من جديد، نظرا لتغير األوضاع والزمان

�الرسول بسوة األعكس من ذلك فإن الوعلى والمكان،

دستور اإلسالم الموحد

61

، دل غاياتها وأھدافهاتتبيمكن أن رسالة خالدة ال إلى شيرت

فيما رؤية إبداعية أصحاباألول كانوا عيل فمسلموا الر

مثال على ذلك سنة الرسول صل هللا عليه وسلم، يتعلق ب

بدال من االتباع عدلروح الالعمل ب حاول عمر عندما

أو ، األراضي الخراجية قضيةفي لسنة الرسول يالظاھر

فيما يتعلق �بي مغايرا لموقف الن اتخذ موقفا عندما

قطع اليد في حدالعمل بعطل عندما أو هم، مؤلفة قلوببال

، حيث كان يرى أن ھذه الخطوات أكثر اتساقا زمن القحط

، فلو أن السنة ھي التشبه في األحوال المتغيرةمع العدل

بالرسول، ومواقفه العملية، فهي إذن عمل نامي

ومتواصل، يتغير شكله وصورته بتغير الظروف

أكثر من �أن يكون متبع لسنته كن ممن يالمكان، وو

فالسنة ليست بالشيء الجامد، وإنما عمل صحابته الكرام؟

مرتكزة على �صحابة النبي ، وقد كانت أنظار مستمر

االختالف عدونلذلك ال يظاھرھا، روح السنة ال على

، ولن يجرؤ أحد على للسنة نتهاكالنبوية إعلى المحاكاة

كار السنة. اتهامهم بإن

لقد شغف المسلمون منذ البداية بعلم السيرة بسبب

يوجد ال تعلقهم الفائق وارتباطهم العاطفي برسول هللا، و

المجالس بذكر أيام رسولهم ھمحرج في إحياءأدنى

عطرة، بذكرياته العقولهم وتعطير ،الحبيب وسرد وقائعه

كانت مجالس المحدثين تكتظ بسبب ھذا الحب الفائقو

امة الناس، وما أن فارق أصحاب رسول هللا الدنيا حتى بع

بدأ اإلحساس بضرورة جمع وتدوين وقائع تلك األيام

دستور اإلسالم الموحد

62

قد قام الناس بصورة شخصية بإعداد كتب في والمقدسة،

ال ھذا الصدد، ولكنهم عمال بالحديث الذي أورده مسلم: "

فمن كتب مني غير القرآن ،غير القرآن تكتبوا عنى شيئا

بضبط وتدوين ". لم يكن أحدا ليتجرأ على أن يهتم هفليمح

. إن قرار الرسميأو على الصعيد العامسواء الحديث

القت قبوال كبيرا التي ـ والبخاري ومسلم جمع ونشر كتب

أصول ـ وكذلك بسبب محاسن التدوين وتراجم األبواب

للمذھب التي صارت فيما بعد أساسا ـ الكلييني وفروعه

اجتهادا كانبسبب وجهتها الشيعية ـ كل ذلك ، الشيعي

مشتركا كن مشروعا يولم شخصيا من قبل أصحابها،

في ذلك الوقت، فقد خليفة المن بإيعازيتم لم أنه كما ،لألمة

كسائر الكثير من الكتب وقتئذ كان ينظر إلى تلك الكتب

لم تكن ذات حيثية تشريعية والرائجة عن سيرة الرسول،

لمة أو مصدر أبدي للسنة، ولو أن األمر كذلك، وتقديسي

ستاذيه الذھلي والبخاري جرأ اإلمام مسلم في جداله مع أ

على أن يرد إليهما األحاديث التي جمعها عنهما، حيث كان

ينظر إلى تفاسير تلك الكتب على أنها مناظرات ذات نزاع

سياسي، وأنها أقوال منسوبة للرسول، وليست أقوال

.هللا عليه وسلمه صل خالصة عن

تارة تقول بأحقية آل العباس بالخالفة، فهذه الكتب

تذكروتارة أخرى ترى أنها خاصة بـ الفاطميين، وأحيانا

ن ، وأفي غدير خملإلمامة ب علي ينصت (تلك الكتب)

كتابة من حين وفاته �قد منع رسول هللا عمر

ضية (قضية قررا التعجيل بهذه القالشيخين ، وأنالوصية

دستور اإلسالم الموحد

63

الخالفة) في غياب اإلمام علي لحرمانه من الخالفة،

فتهيأت بذلك بيئة جاھلية وسط حرب وجدال متبادل،

التاريخي،وعلى ھذا يفهم أن ھذه التفاسير ھي نتاج التلون

الروايات في الصحاح الستة ومسند اإلمام تلك ووجود

خرى دليل على أن ھذه الحديث السنية األكتب أحمد و

لكن عندما ظهرت إلى . ا مشترك ا ثقافيإرثا الكتب كانت تعد

حيز الوجود ـ بسبب تمزق الخالفة في القرن الرابع

الهجري ـ جماعات العباسيين والفاطميين واالثنا عشرية،

ونالت تلك الجماعات رعاية اإلمارة، واتخذت لنفسها كتبا

سياسي، خاصة، فقدم الشيعة الكتب األربعة ذات التاريخ ال

ووضعوھا منزلة الدين والعقيدة، وأضفى أھل السنة قدسية

اليوم وعلى كتب الصحاح الستة المهجورة من قبل الشيعة.

الموجد الحقيقي لمصطلح الصحاح معرفةعلينا يصعب

ولكننا ؟متى استعمل ھذا المصطلح أوال ، والستة

ال يمكن أن يكون ھناك اتفاق بين بالضرورة نعلم أنه

حول الكتب التي بعد مضي ألف سنةالحديث علماء

تشملها الصحاح الست، فالبعض يعتقد في أن كتاب الموطأ

ضمنها، والبعض يصر على أن ابن ماجه أحق بهذه

) أصح كتاب بعد كتاب هللالمنزلة، أما فيما يتعلق بمقولة (

المبالغ فيها، فالبعض يرى أن المراد بها صحيح البخاري،

عض أن مسند اإلمام مسلم جدير بها.في حين يرى الب

بشدة اإلمام مالك رفض وفي عهد الخليفة منصور

ألنه كان يدرك منح الموطأ منزلة فقهية أو تشريعية لألمة،

جرب معه من أساليب الحيطة في علمي مهما جهدي أأن

دستور اإلسالم الموحد

64

ـ فإذا جمعه وتدوينه، فإنه ال يرقى إلى المكانة التشريعية،

مل الذي ظل اإلمام مالك يتدبر فيه أي سبب ـ بالع ودون

فعله للمدونين فيما بعد.رغم القرب الزماني والمكاني،يبرر

الحزبیة الجدیدة

فرق تقويةفي سببا الخالفة وتدھورھا تمزقإذا كان

وإذا كانت ، كالشيعة والسنة واإلسماعيلية واإلباضية

معسكرات منحتالتدابير السلمية السياسية المؤقتة قد

لمثيرة حركات افإن ال، التقديس والخلودألئمة األربعة ا

في القرن العشرين بعد سقوط الخالفة ظهرتالتي و للفتنة

قيام المزيد في سببا كانتھي أيضا ،لفراغ السياسيا دلس

قد أخطأوا المتقدمين فكما أن ،األمةداخل من المعسكرات

ج عنه ، الذي نتاالختالف السياسيالعقيدة بصبغة في صبغ

ظهور أمم متعددة داخل األمة الواحدة، فقد ارتكبت

ذاته في حمية اإلصالح، حركات القرن العشرين الخطأ

فقد قامت جماعة اإلخوان المسلمون لحسن البنا، وحركة

اإليمان للشيخ الياس، والجماعة اإلسالمية ألبي األعلى

المودودي، جميعها في البداية كان من أجل إحياء النظام

الجتماعي لإلسالم، وإعادة تنظيم األمة من جديد على ا

حقيقة رسالة اإليمان واإلخالص، ولم تمض أياما كثيرة

حتى صارت ھذه التنظيمات ذاتها أسيرة للنفسية الطائفية،

فهل كان المسلم ـ وحتى اليوم ـ مبتال بالطائفية الشيعية

لفقهية الطوائف اوالسنية، أم أن دعاة الخالفة الروحانية و

دستور اإلسالم الموحد

65

قد شتتوا حياته اإلجتماعية؟. وبذلك أصبحت المتحاربة

تلك الحركات الجديدة سببا في قيام المزيد من المعسكرات

بدال من أن تعمل على تنظيم وحدة األمة وأمورھا

اإلجتماعية.

د واجهوا قمؤسسي ھذه الحركات ورغم أن

في جالس مسافر ك في البداية، معارضة شعبية شديدة

ه لكل قادم جديد، وبقي وتحفظ هضيق صدريظهر قطارال

واجهت على سبيل المثالھذا ھو حال ھذه الحركات، ف

الجماعة اإلسالمية رفضا كامال من علماء األمة والسواد

األعظم في وقت حظيت فيه جمعية العلماء وحزب

دعمت الجماعة عندما لكنالرابطة اإلسالمية بالقبول،

شيئا، بدأ ينظر إليها كجزء من منهج معسكرھا شيئا ف

المؤمنين.

إن الحركات التي ظهرت في القرن العشرين تحت

شعار التجديد واإلصالح، لها خدمات جديرة باإلشادة، لكن

بعد أن قامت ھذه الحركات بدورھا فإن استمرار بقاء

بقاياھا في صورة جماعة ذات نظرة مستقلة، ليس ـ يقينا ـ

لى وحدة األمة، فعندما كان ينظر إلى تنظيمات فأل خير ع

القرن العشرين ھذه باعتبارھا استجابة وقتية، لم يكن ھناك

فيما بعد وعندما اتخذت إال أنها خطورة على وحدة األمة،

طابع الجماعة ذات النظرة المستقلة التي تقوم على مبادئ

ا طابع الفرقة بدال من كونهكتابات مؤسسيها، وغلب عليها

، ماإلى حد طورة الوضع قدرت خحينئذ ، وقتيةة حرك

وضعت برامج متعددة لألمة التي المختلفة ه الجماعاتفهذ

دستور اإلسالم الموحد

66

وتفاسير مختلفة للدين، ليس من السهل اتحادھا واتفاقها،

فقد وضعت كل جماعة نظاما بديال لإلمارة والخالفة،

ه حيث يطالب أمير التنظيم من أتباعه باسم التنظيم إطاعت

كخليفة للعصر، وفضال عن ھذه الجماعت جاء إلى

حاولوا تنظيم ھوية الميدان تحت شعار الدين أشخاص

نظرية جديدة بمسميات مختلفة مثل "المنهاج الدولي"،

و"مهمة الرسالة"، و"القرآنيين"، وبالنظر يبدو جليا أن

بإسم التجديد ھذه الجماعات المختلفة دعمت ونظمت ـ

ـ مزيدا من الهوية الطائفية بدال عوة والتبليغواإلحياء والد

.وحدة األمةمن تشكيل

واآلن فإن لفظ الفرقة يعتبر ھو األنسب لتلك الهويات

من التي كانت تواجه الطائفة بدال من الحركة، وكأن األمة

ا منذ قرون كان وجودھة، التي والسني ةالشيعي طائفيةالقبل

الحنفية والشافعية، تواجه بالمذابح المشتركة بينمتلطخا

اآلن في عصرنا ھذا تفككا داخليا في ظل جماعات

كالتبليغ، والجماعة، والسلفية، وجمعية العلماء،

والديوبندية، والبريلوية، وغيرھا الكثير، والمصيبة ھى أن

ھويات جديدة متواصلة آخذة في النمو داخل ھذه الهويات.

تنقسم مدرسةأو وحين تنقسم جماعة إلى فريقين،

ار العلوم ودارالعلوم نتيجة للتفكك الداخلي إلى مدرستين د

فإن اتخاذ ھذا القرار يشكل إشكالية للمسلمين، إذا وقف،

أن الحق مع من؟ مع مدرسة دار العلوم ديوبند أم مع

مدرسة مظاھر العلوم أم مع جمعية العلماء أم مع الحركة

اصلة ھذه تشتد حدة ھذا السلفية، فمع عملية التقسيم المتو

دستور اإلسالم الموحد

67

السؤال في أذھان عامة المسلمين، ھل التفرق والتشرذم

جزء ال يتجزء من اإلسالم واإلسالميين؟.

وفي النهاية ما السبب في أن ھؤالء العلماء الربانيين ـ

الذين يدعون األمة ليل نهار إلى االتحاد ـ جماعاتهم ذاتها

مي؟ إن منقسمة وصراعاتهم تنظر في القضاء الرس

تحركنا ھذا باسم الدين الذي أصابنا بمسلسل التفرق،

والذي بسببه اليوم صار من المستحيل اتحاد واتفاق

الجماعات والفرق اإلسالمية المختلفة على الرسالة

الطريق مسدود اإللهية، فإلى أين ينتهي بنا ھذا الوضع؟. ف

ورحلة الطائفية اإلسالمية على مدار ألف عام قد أمامنا،

انتهت بنا إلى ھذا المنعطف المسدود، حيث ال سبيل إلى

زالة بذلت من أجل إو كل المحاوالت التي الخروج منه،

المنهج الفقهي أسباب ھذا التفرق والتشتت استظلت بظل

أسلوب الفكر الطائفي، الذي ھو في األصل مسئول عن و

خلق ھذه القضايا، وفي اعتقادي إن طريقة العمل التي

ذه القضايا، وعملت على إزكاءھا، ال يمكن بها أن أثارت ھ

ينصلح ھذا الوضع، لهذا نحتاج إلى أن تكون ھناك بداية

جديدة، إال أن المشكلة تكمن في أن علماء اإلسالم

التقليديين وأھل العلم الذين منحوا أحداثنا التاريخية

والفكرية والنظرية قدسية الدين واإليمان يخشون من أي

دة، وتخوفهم يكمن في أن أي محاولة واقعية بداية جدي

لالجتهاد واإلصالح يمكن أن تؤثر على صرح اإلسالم

ما الشاعر والمفکر الهندی محمد اقبال التاريخي. يقول

ترجمته:

دستور اإلسالم الموحد

68

أو السير على منهج قديمجديد لخوف من دستورا

.في حياة األمم شاقةالرحلة المإنها

ختالف السياسي، إن انحراف فكرنا ورؤانا بدأ مع اال

وإن كان قد وجد بيئة مناسبة للنمو بصورة منتظمة في

القرنين الثالث والرابع الهجري، وظل ينمو ويتزايد في

انهار الهيكل االجتماعي لألمة تحت حتى القرون التالية،

وطأة تفككها الداخلي، فقد ظلت الخالفات الداخلية ھى

والفاطمية المحرك الرئيس في سقوط الخالفة األموية

والعباسية أكثر من العوامل الخارجية، ونجد الدرس نفسه

في سقوط الخالفة المغولية والصفوية والتركية، فنحن ال

يمكن أن ننهزم إال بأنفسنا، فعملية إحياء العالم اإلسالمي

ووحدته الممكنة معرضة اليوم أيضا لخطر كبير من

ولك، تأكدت داخله، فإذا ما نظرت نظرة ثاقبة على ما ح

ھذه النقطة أكثر، وتذكر! أنه لم تمر أيام كثيرة على

انتصار المسلمين بعزيمتهم وتضيحياتهم الفائقة في جهاد

أفغانستان على أكبر جيوش العالم، لكن عندما حان وقت

تشكيل نظام جديد، تشابكت سيوفنا مع بعضها البعض

ية، بسبب العصبيات العرقية والقبلية والفقهية والطائف

وصار اإلسالم الفقهي لطالبان بمثابة تعذيبا وتعزيرا للفرق

األخرى. وباكستان التي نزعت كمختبر لإلسالم، وراح

ضحيتها ليس فقط مئات اآلالف، وإنما تم التضحية أيضا

بماضي ومستقبل اإلسالم في شبه القارة الهندية، فهناك لم

م أحق بأن نستطع أن نلتف حول ھذه النقطة، وھى أي إسال

يكون دينا للدولة؟ بمعنى أي فرقة وأي فقه يجب أن تكون

دستور اإلسالم الموحد

69

له السيادة؟ فالوضع المتمثل في "كل حزب بما لديهم

فرحون" مهد الطريق للديمقراطية العلمانية، وكلما تقدم

الدين بمفهوم سياسة الفرقة، كلما أصبح من الصعب على

فهناك في جماعة من المسلمين تحمل الجماعات األخرى،

الشرق األوسط نجد الكراھية بين السنة والشيعة تنمو

بصورة متواصلة في ظل رعاية إقليمية منضبطة.

ال يعلم أحد متى ينفجر ھذا البركان؟ وال ھذه النار و

بدمار -هللا القدر–التي تهدد مركز العالم اإلسالمي

مخيف، إن ھذا ھو الموقف الذي نواجهه اليوم، والذي جاء

نتيجة منطقية النحرافنا الفكري على مدار ألف عام، ك

وشاركنا في ترسيخه، وتبدو األوضاع غاية في الخطورة،

وعملية التصدي لها اآلن لن تتأتى باألساليب التقليدية

المحضة.

عملھ ینبغي ما

إذا أمكننا أن ندرك ھذه الحقيقة، وھى أن التفسير

قرون بالتشتت الطائفي للدين الذي واجهنا على مدار

النظري والحرب األھلية المتبادلة، والذي اعتبرناه

مخطئين الدين عينه، في حين أنه ليس له عالقة بدين

محمد صل هللا عليه وسلم، إنما ھو في األصل نتاج

تاريخنا المتأزم، إننا نمتلك من اإلمكانات ما يمكن أن يعمر

ليس بمطلب عالم بأسره، فإنقسامنا وتصارعنا فيما بيننا

إلهي، كما أنه أيضا ليست من تعاليم الرسول، الذي منحتنا

دستور اإلسالم الموحد

70

شخصيته الكريمة نحن المسلمين األسوة الحسنة (السنة)،

التي ال يمكن أن تهتم بمثل تلك المسميات المصطنعة

كالشيعة والسنة والحنفية والمالكية والسلفية والظاھرية.

خية وھى أن فلو أننا وقفنا على ھذه الحقيقة التاري

معسكرات الشيعة والسنة واإلسماعلية قد تم تنقيحها بصفة

منضبطة في القرن الرابع الهجري، وأن الخالفة العباسية

غدت رائدة لإلسالم السني بعد التقسيم النظري لإلمامة،

حيث كانت قد واجهت في البداية حركة آل البيت، واستنادا

لتقوية خالفتهم، فلو إلى ھذا وجد دعاة آل العباس الفرصة

لم يبسط الفاطميون سيطرتهم على مصر، ولو لم تقم آلل

البويهيين إمارة تحت ظل الخالفة العباسية ذاتها بسبب

ضعفها، لما كانت ھناك ھويات مختلفة للمسلمين كالشيعة

والسنة واإلسماعلية، ولما وجد األباضيون فرصة ليعرفوا

أنفسهم بأھل العدل واإلستقامة.

كوننا شيعة أو سنة ليس منزال من عند هللا، وإنما إن

ھو من بقايا الوقائع التاريخية، كما ھو الحال مع ھويتنا

المنهجية، التي لم يختارھا هللا لنا، كما لم يعلمنا الرسول

اتباع األئمة األربعة أو الثمانية، فكل الجهود العلمية �

لثاني ألبي حنيفة ومالك والشافعي كانت في القرن ا

الهجري، لكن تراءى لهذه القاعدة فيما بعد في مختلف

البالد واألمصار نشاط لعشرات من كوكبة أھل العلم

كسفيان الثوري، واألوزاعي، وابن راھوية، وابن جرير

الطبري. فلو أن الملك "بيبرس" لم يقم بتعيين أربعة فقهاء

لك بدائل في وقت واحد إلنهاء الجدال الفقهي، ولو أن الم

دستور اإلسالم الموحد

71

"برقوق" فيما بعد في مطلع القرن التاسع الهجري لم يهتم

بالمصليات الفقهية األربعة في حرم الكعبة، لما عرف

اإلسالم السني مصطلح األئمة، واليوم وكما لم يتأثر الدين

واألوزاعي والطبرياإلسالمي بغياب مدارس الثوري

األئمة الفقهية، فإن حياتنا الدينية ستستمر في التحرك بدون

بن حنبل وضع تصور الخلفاء األربعة في عهد افاألبعة،

"، وفي المقابل عرف الشيعة الخليفة بال فصل، المتوكل"

الذي لم يكن يعترف به كفقيه ليس فقط في عصره، وإنما

حتى فيما بعد بزمن بعيد، وكانت خطبة الجمعة قبل ظهور

العقيدة، الفاطميين تعبر عن وجهة النظر السياسية بدال من

ثم جعل الفاطميون تفضيل الخمسة األطهار جزء من

الخطبة، ثم أضاف العباسيون لها ـ مع دعواھم األحقية

بالخالفة ـ ما اعتبروا به أنفسهم ممثلين لسبيل المؤمنين.

كبيرا ا لعب دور عندنامصطلح العلوم الشرعية إن

لوم الدينية نوية العاقرآني لث في تعميم التصور الغير

صفحات القرآن والحديث خالية من ، في حين أن والدنيوية

عبد هللا الكاتب الخوارزمي (المتوفي و أب ، وكانذكره

العلوم الشرعية استخدم مصطلح من أولھو )ـھ 387

أسفر فيما بعد عن ظهور أحدى حلقات وارثي علوم الذي

ين، سم الدبا ةالمنقسم يةإلسالمافهذه المدارس النبوة،

عتبرھا اليوم قالع اإلسالم السني أو اإلسالم نالتي و

كنتيجة للمصلحة الوقتية والرقابة ظهرت قد الشيعي

السياسية للفاطميين والعباسيين، وعليه فاستمرار بقاياھم،

دستور اإلسالم الموحد

72

واعتبارھا قالع لإلسالم ما ھو إال نتيجة نابعة من الجهل

بالتاريخ.

ه يبدون الذي فيوكما أن لباس العلماء الخاص،

، ال تجد كأنهم مخلوق سماويمختلفين عن عامة الناس و

عهد الصحابة رضي في وال �سول له أثر في عهد الر

زي ج يرولم يقم بتلقاضي أبو يوسف ، فلو أن اهللا عنهم

للعلماء مالبس خاص للقضاة، لما شهد المجتمع المسلم

، إن ھذه المعلومات التاريخية عامة المسلمينمختلفة عن

منفصلة، وبسببها مت الشيعة والسنة إلى فرق لتي قس ى اھ

لم يحدث فقط اإلختالف فيما بينهما، وإنما أيضا النفور

الديني، فكل ھذه الكتب التاريخية واألثرية قد جمعت في

الهجري، ولو أن الفرق اإلسالمية الثالث والرابعالقرنين

وايات تلك المختلفة لم تمنح حيثية تفسيرية أو تشريعية لر

أنها فقدت بين طيات التاريخ شأنها شأن بقية أو الكتب،

إبان سقوط أنها وقعت في يد األعداء أوالكتب األخرى،

وجداننا اليوم الختلف بغداد أو سقوط قلعة الموت،

كليتا. التاريخي

ولو أن دعاة الخالفة المتحاربين لم ينتهجوا نهج

لصفاء، ولو أن الدعاة الخالفة الروحانية في لباس أھل ا

سان نحو خرولي العزم الفاطميين لم يرسلوا مبعوثيهم ا

واإلتباع مصطلحات اإلرشاد ا عرفنا لم ،يلوملتان ودھ

بضرورة سذج ، وما أحس المسلمون الةعوالبيعة والخل

عملية تشكل ، كما أن سم الديناوالتكايا ب الزوايااالرتباط ب

دينية أمر لم يمض قايا الجماعات والحركات في فرقة ب

دستور اإلسالم الموحد

73

عليه وقت طويل، عندما بدأنا نعتقد ـ نتيجة لحالة اليأس ـ

اآلن أن المركزية العالمية لإلسالم في حالة غياب الخالفة

أديرت األمور عن لذاما ھي إال فكرة غير قابلة للتطبيق،

في أعمال المشاركةإن طريق إمارات صغيرة كهذه.

، ھو جزء من إيماننا الخيرات" الخير وروح "فاستبقوا

لكن العيش في بيئة الفرقة الدينية وقيام اإلمارة والخالفة

بداخلها والمطالبة بإطاعة قائدھا كإطاعة أمير المؤمنين،

وفوق كل ھذا العمل على إعطائها صفة الخلود والدوام،

كل ھذه األمور ما ھى إال نتاج تاريخنا المتأزم، وإن كانت

ه ال يمكن االستشهاد عليها بدليل قد فرضت عليه، إال أن

من الكتاب والسنة.

،أن هللا تعالى قد أنزل كتابه واقعيا ليتنا ندرك إدراكا

بعد حدث ، وما�الدين في حياته ليتم ھذا وأرسل رسوله

العزيمة لحظات يحوي لمؤمنين، تاريخ لإال ھو ما ذلك

واحتماالت حدوث الزالت، فلو قرئ باعتباره تاريخا،

سيكون مدعاة لنا ألخذ العظة والعبرة، كما يمكننا في

المستقبل عدم الوقوع في أخطاء الماضي، ولو أننا منحناه

منزلة تشريعية وتقديسية النفلت من بين أيدينا حبل هللا

المتين.

المخاوفت وحتماالحد: اإلوإلسالم الما

إننا نتبع اإلسالم المتوارث منذ ألف عام مضت،

ن على أنه تصورات مختلفة مشكلة في مراحل ونرى الدي

دستور اإلسالم الموحد

74

التاريخ المختلفة، والتخوف من وضع كهذا ھو أمر

فطري، فلو طوي بساط التدين السائد، فماذا سيحدث لدين

المسلمين الفقهيين، سيقال بشكل عام، أنه بدون الفقهاء

والمحدثين سيكون من الصعب أداء الصالة والصيام

طأ شائع، وھو أنه لو لم يقم والحج والزكاة، وھناك خ

المفسرون بتوضيح أسباب النزول، ما انجلت لنا معاني

نصوص القرآن الكريم، كما أنه لوال المتصوفة وأھل هللا

ما كان لقلوبنا أن تستنير بتجليات المشاھدة وسكينة

المراقبة، وكأنك تعطل العمل بالدين ذاته بالسير على نهج

ي أن ھذا النوع من المخاوف ھو التدين السائد، وفي اعتقاد

! كيف كانت لقاصر للدين الحق، ولتتدبر قليالنتيجة الفهم ا

عليه حياة المسلمين الدينية والعقائدية قبل ظهور ھؤالء

الفقهاء والمحدثين والمفسرين والمتصوفين؟ فقد كانت

توجد ھناك آراء متنوعة حول القضايا السياسية المختلفة

مور التفسير والتأويل، ورغم ذلك كانت وكذا فيما يتعلق بأ

األمة في حالة وحدة مستقرة، وذلك ألن القرآن الكريم كان

له منزلة المرجع الرئيس في غياب الرسول، ولم تكن

مناقشات المكروه والمباح قد ظهرت بعد، كما لم يكن ألحد

أن يثير سؤاال عن طريق حديث قولي أو بخبر اآلحاد

الواضحة، حيث كان يعتبر كتاب هللا حول السنة الثابتة

ن هللا يخطر ببال أحد أم يكن للكتابا مبينا ومبرھنا، كما

تعالى ترك شيئا ناقصا أو نقطة ما ففرض عليه أن يفسرھا

ه في حيات �أو يشرحها حتى تفهم، لقد أقام رسول هللا

لمة، كانت تعمل القرآن المباركة مجتمعا للنفوس المس

دستور اإلسالم الموحد

75

م ـ في كل مراحل تاريخها المقبل ـ وكأنه منارة لها، الكري

وكأن كتاب هللا وسنة رسوله قد تبلورا في صورة إبداعية

حية، لم يشعر معها أھل اإليمان بمكان خال للربائية

والبابوية والمشيخية.

فقهاء الدين بحياة تشتت واليوم يشعر البعيدين عن

ط عند مجيئ رحبة وسعة في الدين اإلسالمي، تحدث فق

رسول جديد وعند القضاء على تقاليد تدينية جامدة، ولربما

حرموا من معرفة أن فرائض الوضوء أربعة أو ستة أو

سبعة، أو ما ھي سننه أو نوافله، وكم عددھا، وما ھى

أھمية رفع اليدين عند الصالة وقراءة الفاتحة خلف اإلمام

ي والجهر بـ (آمين)، كما لن تعترضهم صعوبات ف

الوضوء نفسه أو عند أداء الصالة، وذلك ألن مثل رسول

المقررة قد نقلت إلينا جيل بعد جيل وعصر بعد �هللا

وأما نجد أنفسنا اليوم جزء من ھذه الحلقة، حيثعصر،

إما نتاج تدقيقات وتعقيدات للفقهاء، أو أن فهي ختالفاتاال

ني! كم الروايات المتضاربة للرواة قد أوجدتها. إذن أخبر

سنن الوضوء أو نوافله لميعمنا نحن المسلمون

.ومع ذلك فإن صلواتنا مستمرة، ومستحباته

والحقيقة ھى أن ھناك أسفارا ضخمة ونقاشات طويلة

لتعقيدات فقهية باسم الدين ال عالقة لها بالحياة العملية

توجد ھناك مادة خاصة للجدال الفقهي نعم المتحركة،

ضرورية، واألھم من كل ذلك أننا ال والنقاشات الغير

نطالب بالقضاء على ھذه المجلدات الضخمة، وإنما نطالب

فقط بعزلها عن المقام التشريعي، حتى يتسنى للقرآن

دستور اإلسالم الموحد

76

الكريم أن يستعيد من جديد منزلته المركزية في المجتمع

المسلم.

القرآن الكريم ھو وثيقة الوحي الوحيدة في أن !تذكر

يحتل وھو فوق كل الشكوك والشبهات، وة، غياب الرسال

ين على متفق عليه بين المسلمين أجمعال دستورال مكانة

كتابا آخر جديمكن أن نفأين األقل ولو بشكل نظري،

ألھداف ومقاصد رسالة النبي يانكتاب هللا فيه بأفضل من

من بأن ھذا المصدر الخالد للوحي ؤننا نوأولوياتها؟ إ

اإلرشاد لشعوب العالم قاطبة حتى سيؤدي دور الهداية و

وعلية فأي ظلم أكبرمن أن يجعل كتاب اللحظة األخيرة،

ألسبابالتأويالت الظنية عن طريق كالعدم هللا المنير

قي أو أن ينت، والناسخ والمنسوخوالعام والخاص النزول

منه ظلما، لتجعل الكثير من علماء الشرع آيات األحكام

والحكمة فقط للتالوة. آيات الكشف والموعظة

منارة القرآن ـ وھى جعلهذه الدعوة لنتوقع إننا

قدر إذا دراساتنا، فإلى طاولة كله القرآنطريق ـ أن تعيد

لذلك أن يحدث، فلن تذھب فقط الحيثية التشريعية للمصادر

الثانوية للدين، والتي دخلت المجتمع المسلم عن طريق

ا دفعة واحدة، فبسببها وقعت العلم ذاته، بل ويمكن تنحيته

قافلتنا الفكرية منذ زمن فريسة للتخبط والترنح، وھكذا

يمكن فهم أن كتب الفقه والروايات وكذا كتب التفاسير

والشروح ستبقى بيننا في صورة إرث ثقافي وعلمي

متواصل، ولن يستطيع أحد أن يقدم حجة عن طريق

أقوال القدماء تأويالت المفسرين والفقهاء أو االستشهاد ب

دستور اإلسالم الموحد

77

في ظل وجود القرآن الكريم، كل ھذا سيخلق حالة تزول

فيها حيثية حجة هللا البالغة عن أي مؤلف بشري، ويبقى

ھذا الحق فقط خاصا بكتاب هللا.

يكون من المصادر الثانويةوبسقوط الحيثية عن

البديهي أن تحل الفرق القائمة على أسس تلك المصادر،

الصحاح كتب على أساس ستقلقالب ديني م كما لن يشكل

اإلذعان ولن يكون ھناك إحساس بضرورة ،السنية الستة

. وإن كان ال بد وأن يستفاد من كتب لكتب الشيعة األربعة

األئمة األربعة لعظم قدرھا العلمي، فإن كتب تفاسير

الشيعة واإلسماعيلية واألباضية وكل الفرق األخري

وليها إھتمامنا، وھى التي ظل تستحق على السواء أن ن

ماضيها متصل ومشترك بنا، إلى أن انفصل عنا ألسباب

قصةوذلك يعني أن في لحظة من لحظات التاريخ،

ثقافيالتفسيري والدب طائفية القائمة على أساس األال

حتى أن أحدا لن يجد ،ةسها األخيرانفأتاريخي ستلفظ الو

ئفة مستقلة إستنادا فرصة ألن يعلن من تلقاء نفسه عن طا

لقب أھل القرآن تاركا لنفسه يختاروأن كتاب هللا،إلى

.من هللا تعالىمنوحة ھوية "المسلم" الم

ما أعطى القرآن الكريم الصدارة إذا أنه وفي رأيي

حقا في النقاش، فلن يكون ھناك متسع للطائفية، كما لن

ال تكون ھناك حاجة لمعامل العلماء واألحبار بعد زو

الفرق، ولن يشعر أحد بالحاجة إلى أن يبحث عن اختالف

آراء الفقهاء في كتب الفقه المقارن، كما لن يهتم بتطور

البحث والعلم في مجال كتابة شروح على شروح كتابات

دستور اإلسالم الموحد

78

األقدمين، ولن تكون ھناك حاجة إلى تسويد صفحات

وصفحات من أجل مرجع ضمير، ولن تكون ھناك حاجة

بكتب علم الكالم والمنطق البالية كأداة للفهم إلى اإلنشغال

والتفسير، ولن تضيع أعمارا في البحث عن أن راويا

مشكوك في ثقته أو أن آخر يمكن أن يعتبر جدير بالثقة

واألھم حقا، وكأن أشياء كثيرة أنجزت لصالح البشرية،

ذي نسير أسرى في ركابه منذ الثنوية العلم من كل ذلك أن

ذي بفضله أوجدت عملية تقسيم العلوم إلى قرون، وال

شرعية وحديثة بداخلنا عقليتين مختلفتين ومتصارعتين،

سينتهي ھذا الصراع والتشتت الداخلي تماما، وسيتمكن كل

لهي مباشرة ما يوفق من الوحي اإل يكتسبشخص من أن

وسيجد طالب الحق أنفسهم ـ في عدم وجود العلماء ،له

المفتيين ـ في حالة يعبر عنها القرآن واألحبار والمشائخ و

ال قيمة لكل التدقيقات حيث، بقوله "قل هللا يفتيكم "الكريم

الفقهية والفتاوى البشرية أمام فتوى هللا تبارك وتعالى.

لخالص في االدين ما مثل أمامنا ! أنه إذاا يقيناعلم

راحة لوا حالة مليئة بالسعادةتولدت ، صورته األصلية

ھو الدين ية، سبق وأن جربها مسلمي الرعيل األول، فالنفس

التسليم الكامل غير المشروط، وعلى العكس منه الدين

الجامد، الذي يوجده من يظنون أن الدين فقط نوع من

العادت التعبدية، ففي الوقت الذي كانت تنزل فيه رسالة هللا

، الخاتمة على رسوله في مكة لم تكن عادات التدين بالقليلة

فيها ؤدىت فمكة كانت مهدا لألصولية الدينية، حيث كانت

ومراسم مظاھر الصوم والصالة بشكل منضبط جدا

دستور اإلسالم الموحد

79

ا لهذا شديد نقدا القرآن الكريم ، وقد وجه الطواف والزيارة

: النوع من المتاجرة بالدين، حيث يقول

ین أرأیت ب بالد () دع الیتیم الذي ی فذلك () الذي یكذ

الذین () للمصلین فویل () یحض على طعام المسكین وال

ویمنعون () ھم یراؤون الذین () ھم عن صالتھم ساھون

.(سورة الماعون) الماعون

، ويتركز اھتمام المذھبعباءة الدين إنه عندما يرتدي

أتباع الدين على مراعاة مراسم جامدة فقط دون االھتمام

بأھداف ومقاصد الدين، عندھا تظهر في المجتمع طبقة من

العلماء تتأھب طوال الوقت لجمع وتدوين التفاصيل الدقيقة

الذي من خالله سريوھذا ھو الباب العن تلك المراسم،

إلىالدين تحوليوربه، ثم عبدتتدخل المشيخية بين ال

مسمى للحفاظ على المصالح السياسية واإلقتصادية

في المجتمع المكي قبل للمشيخية، مثلما كان الحال

نقد ـ على سبيل المثال، وھو ما سبق وأن قدمنا ـ اإلسالم

ولم ينتهي األمر عند ھذا الحد، بل تصبح ،الشديد لهالقرآن

ي رفعة األحبار عائقا لنا في االستفادة المباشرة من الوح

اإللهي، ومن ثم تظهر فرق وجماعات مختلفة نتيجة

العطاء قدسية وموثوقية لفهم شخصي ألناس مختلفين،

األمة اإلسالمية اليوم بعد حال قد وصلفسوء الحظ ول

أنه لن يكون لهاقرون إلى تاريخي على مدار نحرافإ

، ولن يمكنها أن تكون مرة مستقبل بدون إصالحها الداخلي

كهذا منعطف تاريخي ر لشعوب العالم في أخرى منارة نو

.بوغرتؤول إلى ال حيث شمس الرأسمالية

دستور اإلسالم الموحد

80

اليأس حالة منفكري النظري ولقد أوجد الفراغ ال

ومن الضروري على حملة المستقبل،ب فيما يتعلقالشديد

الوحي األخير أن يتقدموا لهداية شعوب العالم في ظل

ذا الوقت غياب النبوة، وھو ما يستحيل أن يحدث في ھ

طالما لم نهتم نحن أنفسنا بالفهم الواقعي لرسالة اإلسالم

الموحد وما ھو وراء ھذا التشتت النظري والحروب

األھلية الداخلية، فطالما لم نصلح بيتنا من الداخل، فكيف

لقد ؟يمكننا القيام بمهمة ھداية وإرشاد اآلخرين في الخارج

مرة أخرى إلى خيرالوحي األحان الوقت اآلن ليتقدم حملة

وإصالح وجهتها العالم إلعادة تنظيم القافلة البشرية

.ومسارھا من جديد

دستور اإلسالم الموحد

81

�����������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������