http://www.shamela.ws

تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة

تفسير القشيري= لطائف اإلشارات : الكتاب )هـ465: المتوفى(عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري : المؤلف إبراهيم البسيوني: المحقق مصر -الهيئة المصرية العامة للكتاب : الناشر الثالثة: الطبعة

]ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة مقارنة التفاسير[

]الجزء االول[

مدخل :ترجع أهمية نشر هذا الكتاب إلى ثالثة عوامل رئيسية

ا منهج في التفسير نادر في المكتبة أنه من الناحية الموضوعية يعالج قضية هامة وهى تفسير القرآن الكريم على طريقة أرباب المجاهدات واألحوال، وهذ: أوالالفقه أو أسباب النزول أو العربية، فأنت تستطيع أن تجد عددا غير قليل من التفاسير التي تتناول النص القرآنى فى ضوء اللغة العربية أو اإلعراب أو البالغة أو

ومنذ ظهرت االتجاهات المختلفة فى دراسته، ويمكن أن تجد عدة التشريع أو القصص واألخبار أو نحو ذلك مما هو مألوف ومعروف منذ نزل القرآن .مصنفات لعدة شخصيات فى كل لون من هذه األلوان بحيث يغنيك واحد أو اثنان منها عما سواهما

لسهل » تفسير القرآن العظيمك«نادرا، وألفيت اإلنتاج فيه غير شاف، فإما أن يكون مقتضبا -على العكس من ذلك -فإذا بحثت عن التفسير الصوفي ألفيتهم فيما ال يزيد على مائتى صفحة، ويستطيع القارئ أن يتصور كيف يمكن 1908وقد طبعته السعادة فى عام ) هـ 283المتوفى سنة (بن عبد اهللا التستري

.لمائتى صفحة أن تعنى بدراسة القرآن على نحو مرضونحن نقتطف منه -الذي يقول فى وصفه) هـ 412المتوفى سنة (ألبى عبد الرحمن السلمى » التفسيرحقائق «وإما أن يكون مطعونا فيه كما هو الشأن فى

لما رأيت المتوسمين بعلوم الظاهر قد سبقوا فى أنواع فرائد القرآن من قراءات وتفاسير ومشكالت «: هذه الفقرة لنوضح ما قلناه آنفا عن ندرة التفسير الصوفيجمل ومفضل، وناسخ، ومنسوخ، ولم يشتغل أحد منهم بفهم الخطاب على لسان الحقيقة إال آيات متفرقة أحببت أن أجمع حروفا وأحكام وإعراب ولغة وم

تفسير دار 150حقائق التفسير للسلمى مخطوطة [» أستحسنها من ذلك وأضم أقوال مشايخ أهل الحقيقة إلى ذلك وأرتبه على السور حسب وسعى وطاقتى ] .221الكتب ص

)1/3(

والتشيع ووضع وعند ما ظهر حقائق التفسير، أحدث ضجة كبرى، فقد لقى معارضات شديدة من معاصريه وممن أتوا بعده، فانهم باالبتداع والتحريف والقرمطةالتفسير، فإن كان قد اعتقد أن ذلك وجدت عن اإلمام الواحدي أنه قد صنف أبو عبد الرحمن السلمى حقائق : (األحاديث على الصوفية يقول ابن الصالح

.249ص 3بمصائب وتأويالت للباطنية نسأل اهللا العافية تذكرة الحفاظ ج » حقائقه«أتى السلمى فى : » تذكرته«وقال الذهبي فى ) تفسير فقد كفر ) .155ص 4منهاج السنة ج : (ووصفه ابن تيمية بالكذب

طبقات المفسرين للسيوطى ط ليدن سنة (وإنما أوردته فى هذا القسم ألنه غير محمود .... «: معلال لذلك بقوله وعد السيوطي تفسيره ضمن التفاسير المبتدعة ) .31ص 1839

، فهم أوال غير صوفية وإنما هم جماعة من ) مذاهب التفسير اإلسالمى(أما إخوان الصفا الذين يحشرهم جولد تسيهر ضمن مفسرى الصوفية فى كتابه ية الفلسفة ذوى أغراض بعيدة خبيثة، ضمت صفوفهم لفيفا من الناس مختلفى النزعات والثقافات حتى كان من بينهم مالحدة، فإحالتهم على الصوفالمشتغلين ب

.مع تقديرنا لكتابه القيم -تجن على الحقيقة وعلى التاريخ وعلى التصوف، ولسنا نبرىء جولد تسيهر من ذلكأهم من حقائق السلمى ولطائف اإلشارات للقشيرى وتفسير سورة «) : تاريخ أدبيات در ايران(جد كما يقول صاحب وحتى القرن الخامس الهجري ال ن

] .257، 256فصل التفسير صفحة ) مكتوب بالفارسية(تاريخ أدبيات در ايران للدكتور ذبيح اهللا صفا [» اإلخالص للغزالىاشتبه على الناس فيه كالم (و قبل كل شىء مطعون فى نسبته إليه، وفى ذلك يقول الشيخ محمد عبده وبعد ذلك بنحو قرن نلتقى بتفسير ابن عربى الذي ه

وفيه من النزعات ما يتبرأ (ويضيف األستاذ اإلمام ) الباطنية بكالم الصوفية، وينسبونه للشيخ األكبر محيى الدين بن عربى، وإنما هو للقاشانى الباطني الشهير ) .18ص 1تفسير المنار ج ) العزيزمنه دين اهللا وكتابه

)1/4(

نا نشعر بالحاجة نعم صدق األستاذ اإلمام، فالكتاب مملوء بدعاوى وحدة الوجود، وما جره هذا المذهب من ويالت، ولسنا هنا بصدد دراسة تفصيلية له، ولكنكما حال لجولد تسيهر أن يظهره -يكون نموذجا لالتجاه الصوفي السديدإلى أن نسوق شواهد قليلة تثبت مجانبة هذا التفسير للحق، وكيف أنه ال يصح أن

.كأنما يروى غليله -ويتحمس له، ليخرج من ذلك بأحكام عامة يصدرها عن التصوف اإلسالمى .352ص 2ج ..) !! واذكر اسم ربك الذي هو أنت: (واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيال، يقول(ففى سورة المزمل عند قوله تعالى وليس هذا 291ص 2ج ) نحن خلقناكم بإظهاركم بوجودنا، وظهورنا فى صوركم: ، يقول) نحن خلقناكم فلوال تصدقون(وفى سورة الواقعة عند قوله تعالى

س هذا هو رأى الصوفية وليس من اإلنصاف أن يقال للنا!! التصور بمستغرب على من يقول إن عجل بنى إسرائيل أحد المظاهر التي اتخذها اهللا وحل فيهاباب المسلمين وال رأى بعده، بل يجب أن نضع فى اعتبارنا أن مذهب وحدة الوجود مذهب فلسفى يبتعد عن المنهج القلبي العرفانى الذي اختطه أر

م على حد تعريف أبى نصر ومهما قيل عنها من كالم ظاهره مستشنع وباطنه سلي -المجاهدات واألحوال للوصول إلى وحدة الشهود، وفى وحدة الشهوديبقى دائما شىء هام قوى ناصع أن العبد عبد والرب رب وال تداخل وال امتزاج وال حلول وال اتحاد، بل بمقدار ما يصل العبد إلى -السراج الطوسي للشطح

.راتعالى اهللا علوا كبي... تحقيق عبوديته يصل إلى التحقق من ربوبيته الرب وتنزيهه عن كل إفك وباطل لتفاسير ال يحول دون وال ينبغى لنا أن نغض الطرف عن قيمة التفاسير المبعثرة فى المراجع الصوفية الكبرى آليات بعينها من القرآن الكريم، فإن تبعثر هذه ا

ال تخرج عن كونها تفسيرا صوفيا تقديرها حق قدرها، ذلك ألنها غالبا ما سيقت لتدعيم موقف أو لتشهد على استمداد فكرة أو لفظة، فهى من هذه الناحية .غير مجموع

ألبى محمد روزبهان بن أبى النصر البقلى » عرائس البيان فى حقائق القرآن«وفيما عدا ذلك يمكن القول إن أبرز التفاسير الصوفية التي نعرفها كتابان أولهما ]21ص 2كشف الظنون ج [هـ 606الشيرازي المتوفى سنة

)1/5(

كشف الظنون ج (هـ 736هـ وقد مات قبل أن يكمله فأكمله عالء الدولة السمناني المتوفى 654لنجم الدين داية المتوفى سنة » أويالت النجميةوثانيهما الت ) .238ص 1

لتمثيل الصوفية والتصوف فأغلب ما سقناه من تفاسير صوفية ال يسلم من النقد، وال يصح أن يكون نموذجا صالحا » بلطائف اإلشارات«ألجل هذا كله نحتفل .بأمانة وصدق

سفر نفيس كتبه صاحبه محاوال أن يوفق بين علوم الحقيقة وعلوم الشريعة، وقاصدا إلى هدف بعيد أنه ال تعارض بين هذه وتلك، وأن أي » لطائف اإلشارات«مقبول، وكل حقيقة غير مقيدة بالشريعة فغير محصول، الشريعة أن فكل شريعة غير مؤيدة بالحقيقة فغير (كالم يناقض ذلك خروج على أى منهما وعلى كليهما

.46الرسالة القشيرية ص ) تعبده والحقيقة أن تشهدهتشعر أن كل صغيرة وكبيرة فى علوم الصوفية لها أصل من القرآن، ويتجلى ذلك بصفة خاصة حيثما ورد » اللطائف«فأنت خالل قراءة .. وهذا ما حدث فعالإلخ فال تملك إال أن تحكم ... ي صريحا فى النص القرآنى كالذكر والتوكل والرضا، والولي والوالية والحق والظاهر والباطن، والقبض والبسط المصطلح الصوف

لتصوف ا أن الصوفية قد استمدوا أصولهم وفروعهم من كتاب اهللا الكريم، وأن علومهم ليست غريبة وال مستوردة كما يحلو لبعض الباحثين حين يتهمون .اليونانية والفارسية والهندية والمسيحية ونحوها: اإلسالمى بالتأثر بالتيارات األجنبية

والصاحب، كذلك تلحظ عبقرية القشيري إزاء اللفظة أو اآلية حيثما ال يكون فيها اصطالح صوفى، فإنه يستخرج لك من آيات الطالق إشارات فى الصحبة ن الشيخ ومريديه، ومن مظاهر الطبيعة كالشمس والقمر والمطر والجبال إشارات رائعة تتصل اتصاال وثيقا بالرياضيات ومن عالقة النبي بأصحابه إشارات ع

.والمجاهدات أو بالمواصالت والمكشوفاتوبقي أن نتعرف األسباب وربما قيل إن صنيع القشيري مسبوق وملحوق، ولكن ها نحن منذ قليل أوضحنا مقدار ما أصاب التفاسير الصوفية من سهام النقد،

التي جعلتنا نحكم بأن لطائف اإلشارات، خير مناضل عن التفسير الصوفي بعامة، بل بأنه من أفضل األعمال

)1/6(

طيع أن ندعى نست التي أنتجتها قرائح الصوفية فى شتى العصور، وربما يبدو فى ذلك بعض التعميم مع أن األحكام العلمية ينبغى أال تخضع للتعميم ألننا الالموضوعات المعرفة الشاملة بكل التراث الصوفي، ونعترف أن عشرتنا مع الكتاب وصاحبه عشر سنوات كاملة أثناء إعداد بحثى الماجستير والدكتوراه فى

وجوه النقص فى سائر المصنفات التي الصوفية، ونعترف أن حماسنا لما نلحظه من االعتدال عند القشيري دون سائر الباحثين، ونعترف أن ما كنا نشعر به من .كل ذلك ربما كان الدافع إلى لجوئنا إلى هذا الحكم الذي سقناه -نهض بها غيره فى هذا الخصوص

من التي ال تخرج عن كونها مجموعة من األسانيد المنسوبة إلى الشيوخ فى موضوعات بعينها، ومجموعة » بالرسالة«ومن أعجب األمور أن القشيري يشتهر مطولة التي وضعت التراجم ألبرز الشيوخ الذين ظهروا منذ نهاية القرن الثاني الهجري حتى بداية القرن الخامس فى صفحات قليلة ربما أغنت عنها الكتب ال

عتبرها بحال من األحوال أفضل إال أننا ال ن» للرسالة«ومع تقديرنا . خصيصا لهذا الغرض مثل تذكرة العطار أو طبقات السلمى أو طبقات الشعراني ونحوها» الرسالة«ال صاحب » القشيري صاحب اللطائف«أعمال القشيري، وأنها ظلمته حين شهرته، وحين أوقفت اسمه عليها، وأصبح حتما منذ اآلن أن يقول الناس

لم يجد هذا الكتاب ما هو جدير به من االهتمام فى نقل صورة واضحة لشخصيته، ولست أدرى لماذا -فاللطائف هى أبلغ أعماله التي تزيد على العشرين. -وكما يقول بروكلمان» تذكرة النوادر«فى العصور الماضية؟ لماذا حكم عليه دائما أن يبقى فى منطقة الظل؟ حتى صار ما نعرفه عن نسخه كما نفهم من

.نذكر بعد قليل غير كاملمحدودا ومبعثرا بين روما وبرلين واسطنبول وتونس والهند والقاهرة، ومعظمها كما سونكتفى من ولكى ندرك أهمية هذا الكتاب فى تصحيح كثير من المقاييس العلمية عن التصوف والتفسير الصوفي ال بد لنا أن نلم بشىء من سيرة صاحبه،

:هو العامل الثاني ألهمية نشر هذا الكتابوذلكم . معالم هذه السيرة بما يمكن أن يتبرر به وصول هذا العمل الجليل بتلك األوصاف وإلى تلك النتائج .صاحب هذا الكتاب هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري، ولقبه زين اإلسالم، وشهرته القشيري: ثانيا

)1/7(

.م 986هـ الموافق يوليو 376ولد فى ربيع األول عام هـ وهو عربى النسب من جهة أبيه فهو من قبيلة قشير العدنانية المتصلة بهوازن، ويذكر ابن حزم 465آلخر عام وتوفى فى يوم األحد السادس عشر من ربيع ا

على خراسان أن سالالت من قشير اتجهت إلى المغرب نحو األندلس إبان الفتح اإلسالمى زمن األمويين، واتجه بعضها إلى المشرق وكان منها والة وقوادكذلك فإن القشيري عربى النسب من جهة أمه فهى سلمية وأخوها أبو عقيل السلمى من وجوه دهاقين أستوا، ) 459و 273ألنساب جمهرة ا. (ونيسابور

.واستوا هى الناحية التي ولد فيها القشيري وتلقى بها تعليمه األولى بعد -لى نيسابور لكى يتلقوا من دروس الحساب ما يمكنهموحدث أن اجتاحت المنطقة ضائقة اقتصادية، ففكر األهالى فى إرسال لفيف من أبنائهم إ

.من المشاركة فى تنظيم األمور االقتصادية، وكان القشيري أحد هؤالء األبناء -عودتهموالتفسير واألدب، ولم وبدأ القشيري فى نيسابور يتهيأ لهذا اللون من الدراسة، ولكنه ما لبث أن انصرف عنها عند ما اجتذبته مجالس الفقه والكالم والحديث

، وأبى إسحق تبخل نيسابور عليه بزاد، فلقد كانت فى ذلك الوقت تعج بالنشاط الفكرى، وتحفل بكبار الشيوخ أمثال ابن فورك، ومحمد بن أبى بكر الطوسيمعرفته عن قرب، ووضح لهم فيه حسن االستعداد، االسفرايينى، وقد ظفر القشيري فى كنف هؤالء األئمة برعاية خاصة حينما أتيح له االتصال بهم، وأتيح لهم

.والدأب، واستقامة الخلقلتي تتناول المسائل ولم يكن القشيري يضيع فترة ما بعد الدرس هباء، بل كان ينكب على القراءة واالستذكار وكان شديد الولع بالعلوم العقلية، وبخاصة تلك ا

.هل االعتزال، واستوعب فى هذه الفترة معظم ما صنف الباقالنيالتي طالما اشتجر الخالف حولها بين األشاعرة وأ أما علمت يا بنى أن هذا العلم ال يحصل بالسماع؟: حين وجده ال يكتب كما يكتب سائر الطالب -وجاء يوم سأل فيه اإلمام االسفرايينى تلميذه القشيري

إخالل بشىء فتعجب منه وأكرمه، وقال له ما كنت أدرى يا بنى أنك بلغت هذا المحل، ولكن القشيري أعاد عليه كل ما سمعه، وقرره أحسن تقرير، من غير( فلست تحتاج إلى درس يكفيك أن تطالع مصنفاتى، وتنظر فى طريقتى، وإن أشكل عليك شىء طالعتنى به

)1/8(

.وما بعدها 243 ص 3طبقات الشافعية للسبكى ج ) ففعل ذلك، وجمع بين طريقة االسفرايينى وطريقة ابن فوركن لون آخر وبينما كان القشيري منصرفا بكل همته إلى هذا اللون من الدراسة، دائب االتصال بهذا الطراز من الشيوخ ساقه القدر ذات يوم إلى مجلس م

مجاهدات، واألحوال استمع القشيري إلى أبى على الدقاق وهو يعظ على طريقة الصوفية ويتحدث فى الرياضات وال. يتصدره شيخ من طراز آخر، ويملكان فيه كل والمكشوفات، واألذواق والمواجيد، والمعارف العليا التي تنثال من الحق على عباده الذين اصطفاهم، وإذا بالرجل والحديث يستوليان عليه

ت أقدامه تسوقه نحو الدقاق ومجلسه فكان أول وعند ما كان يتهيأ ليغشى ما اعتاد من مجالس كان! إنى لهذا خلقت: ذرة، وإذا القشيري يحادث نفسه صامتا .من يجلس وآخر من ينهض

.ولمحه الشيخ، ورأى فيه إصغاء ملفتا للنظر، فقربه منه، وحباه بعطفهلس الدقاق، من شيخه، فشكا إليه أمرا حزبه إنه ال يستطيع أن يجمع بين المواظبة على ما اعتاد من مجالس وبين مج -فى استحياء -وذات يوم تقدم الطالب

:وهو يؤثر أن ينصرف بكل همته وعزيمته إلى علم القلوب، وابتسم الشيخ للشاب، وتطلع إلى وجهه، وربت على كتفه قائالومضى الشاب الطموح يجمع بين الدراستين، وساعده ذلك على أن يتكون تكوينا عقليا ووجدانيا فى ! إنما ينبغى لك أوال أن تتقن دراستك بقدر طاقتك - .لحلة من أدق مراحل العمر، كما ساعده على أن يتجنب كثيرا من المشاكل النفسية التي تلم بأمثاله نتيجة االغتراب عن بلده، ونتيجة الملمر

ص 2األعيان ج ، وفيات) فاختاره لكريمته فاطمة مؤثرا إياه على سائر أقربائها الذين تقدموا لخطبتها(وأعجب الدقاق بمثابرته وطموحه واستقامته وتواضعه 375.

، وكشف له عن وهكذا توثقت الصلة بين الشيخ والشاب، وصار الدقاق رائدة وملهمه الذي أعانه على مواجهة مشكالت الحياة، وبصره بآفات النفس وأدوائها .الكثير من الخفايا والدقائق

)1/9(

لمرحلة جديدة من النضج الفكرى، ألنه أتاح له أن يجد فى صهره شيخا ورائدا وصديقا، فكان هذا االتصال عامال جديدا من عوامل االستقرار النفسي، وبداية .ضغوط أو صراعات وسهل عليه أن يهرع إليه يستنصحه إزاء كل مسألة تعرض له أو أمر ينبهم عليه، فلم يقع تحت تأثير بلبلة، ولم يخضع ألزمة، ولم تتجاذبه

د فى مؤلفاته اضطرابا أو جموحا أو غموضا، ولسنا نشعر فيما وراء السطور بعقدة من العقد، ولسنا نحس بميل إلى كل ذلك ترك أثره فى شخصيته، فلسنا نج .ابتداع، إنما نجد أنفسنا أمام شخصية سوية، يتميز الخط الفكرى لها باالستقامة واالعتدال، والوضوح والصدق، واإلخالص والبذل

لما غاب اسم الدقاق عن عينك، وهو يذكر اسمه دائما مقرونا بالتكريم والترحم، » رسالته«شيخه أنك لو تصفحت ولعل أبسط دليل على وفاء القشيري لة المريد بشيخه، ويكفيك أن تقرأ هذه الفقرة لتوضح لك أوال شيئا عن مسلك القشيري خالل حياته العلمية وتوضح لك ثانيا مدى ما ينبغى أن تكون عليه عالق

.ما نرمى إليه من بعيد عن كشف جوانب فى سيرة الرجل الذي تقدم لك كتابه فهذه وتلك تصورفى وقت بدايتى إال صائما، وكنت أغتسل قبله، وكنت أحضر باب مدرسته غير مرة فأرجع من -رحمه اهللا -لم أدخل على األستاذ أبى على«: يقول القشيري

ت، كنت إذا بلغت وسط المدرسة يصحبنى شبه خدر حتى لو غرز فى إبرة مثال لعلى كنت ال أحس الباب احتشاما من أن أدخل عليه، فإذا تجاسرت مرة ودخلانا، وكنت ثم إذا قعدت لواقعة وقعت لى لم أحتج أن أسأله بلساني عن المسألة فكلما كنت أجلس كان يبتدىء بشرح واقعتى، وغير مرة رأيت منه هذا عي. بها

هللا عز وجل فى وقتى رسوال إلى الخلق هل يمكننى أن أزيد فى حشمته على قلبى فوق ما كان منه رحمه اهللا تعالى؟ فكان ال أفكر فى نفسى كثيرا إنه لو بعث ااعتراض إلى يتصور لى أن ذلك ممكن، وال أذكر أنى فى طول اختالفي إلى مجلسه ثم كونى معه بعد حصول الوصلة أن جرى فى قلبى أو خطر ببالي عليه قط

.147الرسالة ص ) من الدنيا -رحمه اهللا تعالى - أن خرج وليس استطرادا أن نذكر لك كلمة موجزة عن رأى عبد الرءوف المناوى فى الدقاق،

)1/10(

.ألن هذه الكلمة على إيجازها ال تكشف لك عن سمات الدقاق وحسب إنما هى سمات، القشيري ذاته فى أدق التفاصيلسن الدقاق النيسابورى الشافعي، كان لسان وقته وإمام عصره، فارها فى العلم، محمود السيرة، مجهود السريرة، جنيدى هو أبو على الح«يقول المناوى

ل فى ذلك، ثم الطريقة، سرى الحقيقة، أخذ مذهب الشافعي عن القفال والحصرى وغيرهما، وبرع فى األصول وفى الفقه وفى العربية حتى شدت إليه الرحاوله كرامات » الرسالة«وقد أخذ عنه القشيري صاحب ... وزاد عليه حاال ومقاما : ل، وسلك طريق التصوف، وأخذ عن النصرآباذي، قال ابن شهبهأخذ فى العم

] .الدقاق الكواكب الدرية فى تراجم الصوفية ترجمة[هـ كالم المناوى بعد أن أخذ يضرب أمثلته ألقواله المنثورة والمنظومة 104ظاهرة ومكاشفات باهرة .أما فى مجال الصداقة فلعل أوثق من نعرف اتصاال به صديقه أبو عبد الرحمن السلمى وصديقه أبو المعالي الجويني إمام الحرمين

» الرسالة«ى فى موترجع أهمية السلمى فى حياة القشيري إلى أنه غزير اإلنتاج فى العلوم الصوفية، وأن القشيري استفاد من علمه، وآية ذلك أنك تجد السلفى -األهم من ذلكحلقة اتصال بارزة فى العديد من األسانيد واألخبار التي عليها يعتمد القشيري موصولة بالدارقطنى والسراج والنصرآباذي وغيرهم، ولكن

ديقه إلى أن يتهم وأن يكون موضع نقد معاصريه ومن أن القشيري استفاد من السلمى فائدة أبعد أثرا، ذلك أنه تجنب التورط فى المزالق التي أدت بص -تقديرنا .» حقائقه«جاء بعده، وقد نوهنا بشىء من ذلك عند كالمنا عن

آلالم المحنة التي اكتوى -كالقشيرى -شافعيا من حيث المذهب الفقهي، أشعريا من حيث العقيدة الكالمية، وقد تعرض -كالقشيرى -أما الجويني فقد كان .عرة، والتي سنتحدث عنها بعد قليل، وهاجر البالد وجاور الحرمين، ولم يعد إلى وطنه إال بعد انجالء الغمةبنارها األشا

ويني أستاذ الغزالي وإذا كان السلمى صديقا أقرب إلى األستاذ فإن الجويني كان صديقا أقرب إلى التلميذ، فقد استفاد من علم القشيري، فإذا تذكرنا أن الج ل إنأمكن أن نقو

)1/11(

.القشيري موصول بالغزالي ال بطريق المصنفات التي خلفها وحسب بل بطريق السند الذي يمثله الجوينيعمره ويتضح وفى مجال الحياة العملية نجد القشيري يضطلع بأعمال تتفق واستعداده وثقافته، فقد اشتغل بالتدريس فى مسجد المطرز وهو فى الثالثين من

:النصذلك من هذا ، فكنت أمشى معه يوما » نسا«عقد لى المجلس فى مسجد المطرز، فاستأذنته وقتا للخروج إلى -رضى اهللا عنه -كنت فى ابتداء وصلتي باالستاذ أبى على «

.116الرسالة ص » إلخ.... ليته ينوب عنى فى مجالسى أيام غيبتى: فى طريق مجلسه، فخطر بباليهـ، ومن اللطائف عام 410قبل عام ) بالتيسير في التفسير(يعكف على التأليف دون انقطاع فانتهى من التفسير الكبير المعروف وإلى جوار ذلك كان القشيري

واستمر يمارس هذا النشاط فى دأب ال يعرف الكالل حتى وصلت كتبه إلى خمسة وعشرين كتابا أو نحوها، ومن أهمها إلى 437، ومن الرسالة عام 434ترتيب السلوك، والتحبير فى التذكير، واألربعون حديثا، وشكاية أهل السنة بحكاية ما نالهم من المحنة، واستفادات المرادات، والقصيدة : قجوار ما سب

.الصوفية، والتوحيد النبوي، واللمع، والفصول، والفتوة، ونحو القلوب الصغير، والكبير، والمقامات الثالثة، وفتوى، والمعراجبإخراج ما وقع لنا منها خالل رحالت طويلة عديدة، حتى يزداد الناس علما به - بعون من اهللا -من هذه الكتب إال النذر اليسير، وفى النية أن نقومولم يطبع .وتقديرا له

.اللعين الكندري ولم يسلم القشيري خالل حياته من المحن واآلالم، وربما كانت أشدها جميعا ما حدث له إبان حكم السلطان طغرل ووزيرهدر، وكان متعصبا فى كان السلطان طغرل سنيا حنفيا، ووزيره أبو نصر الكندري معتزليا رافضيا، خبيث العقيدة، ذا آراء مسرفة فى التشبيه وخلق األفعال، والق

.ذلك أشد التعصبحبة فائقة، ذلكم هو األستاذ أبو سهل بن الموفق أحد رجال الطبقة وفى هذا الوقت كان بنيسابور شخصية فذة لها فى أوساط العامة والخاصة نفوذ كبير، وم

الرابعة الشافعية،

)1/12(

وذود عنه، وسعى حثيث وكان كثير المال جوادا، وكان مرموقا بالوزارة، وداره مجتمع العلماء، وملتقى األئمة، ونظرا لما عرف عنه من تعلق بالمذهب األشعري، ولم . عنه التهم -لدى السلطان -الكندري، خاصة وقد كان يخشى أن يقع اختيار السلطان عليه للوزارة من دونه، فمضى يلفقلنشره فقد ألهب ذلك حقد

يه، ولكن يكتف بذلك بل لجأ إلى حيلة دنيئة حين حصل من السلطان على تفويض بسب المبتدعة على المنابر، فلم يجد السلطان فى ذلك بأسا، فوافق علل هذه الموافقة فأقحم اسم أبى الحسن األشعري ضمن المبتدعة الواجب سبهم، وكل من كان يرفض االنصياع لذلك من الوعاظ والخطباء يفصل الكندري استغ

.من عمله، ويطرد من البالد، فنجم عن ذلك شر خطير، وفتنة كبرى امتد شررهما إلى سائر المشرق، وبات األشاعرة فى حزن مقيم، وذات يوم كثيب أسود جاء األمر من قبل السلطان بالقبض على القشيري وإمام الحرمين والرئيس الفراتي وأبى سهل الموفق، ونفيهم، وفى وسط هذه المحنة

لهما أقذع ومنعهم من المحافل، وحين قرئ الكتاب هجم جماعة من األوباش على األستاذ الفراتي وعلى القشيري وأخذوا يجرونهما فى الطرقات، ويكيلون .نواع التهكم واالستخفاف حتى وصل الشرطة بهما إلى محبس القهندرأ

.فقد كان لحسن الحظ غائبا فى بعض النواحي. أما إمام الحرمين فقد هرب من البالد على طريق كرمان، واتجه إلى الحجاز، وهناك جاور، وأما أبو سهلناس إلنقاذهما، وحدثت حرب دامية بينهم وبين رجال السلطان انتهت بهزيمة رجال وبقي السجينان الجليالن فى المحبس، وقامت جماعات كبيرة من ال

ل أئمة المذهب السلطان، وأخرج السجينان الجليالن من سجنهما، ولكن كبار األشاعرة اجتمعوا وقرروا أن جهاز الحكم لن يهدأ له قرار، وأن الخير فى رحي .إلى أماكن نائية عن المشرق

وبيته وأهله وعشيرته، ومضى يضرب فى األرض الواسعة عشر سنوات كاملة، كان خاللها موضع التكريم والتبجيل، وأقبل الناس عليه وعلى فترك القشيري وطنهله مجلسا خاصا فى مسجد قصره، وكان يواظب على شهود وعظه ومجلس حديثه، -القائم بأمر اهللا -دروسه إقباال عظيما، حتى لقد خصص الخليفة العباسي

.يكرمه، ويحظى ببركتهو

)1/13(

) .حدثنا وكتبنا عنه وكان ثقة(مقدار إعجاب الناس بالقشيري، وكان هو نفسه أحد تالميذه حيث يقول ) صاحب تاريخ بغداد(وقد وصف الخطيب البغدادي ) .83ص 10تاريخ بغداد ج (

األئمة الذين شردتهم المحنة طوال سنوات عديدة، فاجتمعوا وتدارسوا أحوالهم وذهب القشيري الحج، وهناك التقى بصديقه الجويني وبعدد كبير من يكن ذلك الذي ومستقبلهم، واستقر رأيهم على أن يطيعوا كلمة واحد منهم مهما كانت هذه الكلمة حتى يتم االتفاق على مبدأ ثابت يسرى عليهم جميعا، ولم

.وقع عليه اختيار الجمع غير عبد الكريم القشيريضارعا ثم فصعد المنبر، وظل يتكلم، وهم يجدون لكالمه وقعا مؤثرا على قلوبهم وعقولهم، ثم مرت لحظات صمت، بعدها شخص القشيري ببصره إلى السماء

:ثم قبض على لحيته وصاح بصوت عال... أطرق، والناس من حوله يتابعون أمره، ويتفرسون مالمحه :ن الكندري غريمكم يقطع اآلن إربا إربا، وإنى أشاهده الساعة وقد تمزقت أعضاؤه ثم أنشدبالدكم بالدكم، إ.. يا أهل خراسان«

على ما شئت من درك المعالي... عميد الملك ساعدك الليالى بلعن المسلمين على التوالي... فلم يك منك شىء غير أمر

فذق ما تستحق من الوبال... فقابلك البالء بما تالقى وضبط التاريخ فكان ذلك اليوم بعينه وتلك الساعة بعينها قد أمر السلطان بأن : (ويقول السبكى فى طبقاته) 93لمفترى البن عساكر ليدن ص تبيين كذب ا(

.272ص 2ج » طبقات الشافعية«السبكى فى ) وأن يرسل عضو منه إلى كل مكان. يقطع الكندري إربا إرباإلى بالده، وهى وإن كانت أقسى فترات عمره، وأشدها آالما إال أنها كانت حافلة ) 455إلى 445من (ر الثقال وهكذا عاد القشيري بعد هذه السنوات العش

فعته إلى أن يصنف بالتجارب، وأعانته على زيادة خبرته بالحياة واألحياء، وساعدت على توثيق الصلة بينه وبين األوساط العلمية واألدبية خارج المشرق، ود مصنفات المتصلة بالمذهب األشعريالعديد من ال

)1/14(

، وهى قبل كل شىء وبعد كل شىء آية ثباته على مبدئه، وأنه خليق أن يتصدر » شكاية أهل السنة بحكاية ما نالهم من المحنة«وبخاصة كتابه الجليل القدر .المفكرين األحرار فى جيله

الن ووزيره الهمام الفذ نظام الملك استقبل العالم اإلسالمى كله واألشاعرة بوجه خاص والقشيري وجاء السلطان ألب أرسالن خلفا لعمه طغرل، وبمجىء أرسكان فيها مرفها محترما، ومطاعا (بوجه أخص عهدا زاهرا آمنا، وعاد القشيري إلى مدينته الحبيبة نيسابور حيث قضى بها بقية عمره، وقضى بها عشر سنوات

مه التي شاهدناه فيها آخرا، وازداد من يقرأ عليه كتبه وتصانيفه واألحاديث المسموعة له، وما يؤول إليه من نصرة المذهب حتى معظما، وأكثر صفوه فى آخر أيا .» تاريخ نيسابور لعبد الغافر الفارسي حفيد القشيري«) بلغ المنتمون إليه آالفا، فأملوا تذكيره وتصانيفه أطراف

لألشاعرة وللزهاد وللعلماء كل ما فقدوه إبان المحنة األليمة من كرامة -بفضل توجيه القشيري -ربين إليه، وأعاد الوزيروكان نظام الملك أحد تالميذه والمق .وحظوة

) .3080ص 1314قاموس األعالم باللغة األوزبكية ط اسطانبول سنة (أما أبناء القشيري فال نعرف له إال بنتا واحدة هى أمة الرحيم أم عبد الغافر الفارسي .ونعرف له ستة أبناء كلهم عبادلة وكلهم أئمة، سلكوا مسلك أبيهم وقد ترجم لهم السبكى فى طبقاته كما تحدث عنهم ابن عساكر وابن خلكان

عا أشاعرة وهم جميعا ولهذا ينبغى أن نتحفظ فى نسبة األقوال المنسوبة إلى القشيري فى بعض المراجع فقد تكون هذه األقوال صادرة عن أحد أبنائه فهم جمي .شافعية وهم جميعا سلكوا طريق اإلرادة

عا إلى نيسابور بعد كل لبث القشيري فى نيسابور فى أخريات حياته لم يكد يبرحها إال لزيارة أقاربه فى البالد المجاورة مثل نسا وأبيورد، ولكنه كان يعود مسر .زيارة

فوورى جثمانه إلى جوار صهره وشيخه وملهمه . هـ، كانت روحه الطاهرة قد عادت إلى بارئها 465عام وقبل أن تبزغ شمس السادس عشر من ربيع اآلخر من .وصديقه أبى على الدقاق فى مقبرة خاصة باألسرة ما زالت قائمة حتى وقتنا الحاضر يزورها الناس للتبرك

)1/15(

.لكتاب الذي نقدم لهمن خالل هذه السيرة التي حاولنا إيجازها نستطيع أن ندرك أهمية ارأينا كيف نصح الشيخ فصاحب الكتاب رجل أوتى حظا وفيرا من العلوم العقلية والنقلية قبل أن يلج باب الصوفية، وهذه فى حد ذاتها ظاهرة لها أهميتها، وقد

يتخرصون االتهامات عن الصوفية فيقولون إنهم قوم الدقاق له بالتعمق فى هذه الدراسات قيل البدء بالسير فى دروب اإلرادة، وفى ذلك أبلغ رد على من .كما يدعى ابن الجوزي غفر اهللا له -يجانبون العقل، ويحتقرون العلم ويأمرون تالمذتهم بكسر محابرهم

األطروحة التي أعددناها والقشيري بعد ذلك كله أديب ينظم الشعر ويتذوق األسلوب العربي تذوقا يعتمد على أسس قوية، وقد أوضحنا ذلك بتفصيل كبير فى .عنه ونلنا بها درجة الدكتوراه

بقدر ما لديه فإذا جاء بعد ذلك ليدرس األسلوب القرآنى، وليستخرج منه إشارات لطيفة فهو معد لذلك أحسن إعداد، وهو قمين بالوصول إلى نتائج باهرة، .من تهيؤ صالح مكتمل

إال جانب الحذر والحيطة - وهو يستخرج إشارة من العبارة -ألوصاف باحث متعمق منصف، ال يأخذثم هو شافعى أشعرى، وهو سنى متحفظ، وهو بهذه ا، ولذلك واالعتدال، وهو من أجل ذلك لم يخرج قيد أنملة عن هذا الخط، فلم ينصر الحقيقة على حساب الشريعة، ولم ينصر الشريعة على حساب الحقيقة

إلى جموح، وال نعجب إذا ألفيناه ال يسخط أوساط أهل السنة حتى من تعصب منهم ضد التصوف وأهله فقد كان ال نعجب إذا لم نجد عنده جموحا أو ميال فليس عند . تعبيرا صادقا عن التصوف فى أفضل درجات االعتدال، وأنقى صور التناول» لطائف اإلشارات«رائده دائما نصرة الحق، فليس غريبا أن يجىء

ن مساس باأللوهية، بل هو طالما يعلنها حربا ال هوادة فيها على المبتدعين والمضللين الذين أساءوا إلى التصوف وأهله تارة تحت ستار القشيري ما عند غيره م .الثوب، وتارة بدعوى الفناء المغرق، ونحو ذلك من األباطيل

وإن من كان صادقا . ن علما على تقواه، إنما هو صفاء النفس من كروراتهاوالتصوف عند القشيري ليس ثوبا مرقعا، أو خرقة بالية تفرد صاحبها عمن سواه، وتكو فى طويته ونيته سيكون محفوظا فى حالة انمحائه، سوف يرد فى حالة الجمع إلى حالة الفرق الثاني

)1/16(

كذلك فإن من كان صادقا فى بدايته ووسيلته . رادة موالهليؤدى الفرائض الواجبة عليه ثم يعود إلى حالة الجمع مرة أخرى، ويكون فى كل أحواله مصرفا بإ -ومثل هذا العبد ال ينتظر منه. فى كل كلمة ينطق بها أو كل حركة تصدر عنه، فإذا نطق نطق باهللا، وإذا تحرك تحرك باهللا -من قبل الحق -وغايته كان محفوظا

.كما يرى هذا اإلمام الجليل -فالصدق هو عمدة األمر فى هذا السبيل. األفعال أن يكون غريب األقوال أو غريب -وهو فى يد اهللا على هذا النحو .ى التحقيقننتقل بعد ذلك إلى العامل الثالث فى أهمية إخراج هذا الكتاب، وهو فى هذه المرة يعود إلى النسخة أو النسختين اللتين نعتمد عليهما ف: ثالثا

ما تقول تذكرة النوادر ال تزيد على خمس إحداها فى خزانة بانكى پور مكتوبة فى القرن التاسع، والثانية فى نادرة فهى حسب» اللطائف«النسخ الكاملة من وهى ناقصة من أولها، والثالثة فى الخزانة اآلصفية بخط قديم جدا، والرابعة فى مكتبة الجامعة العثمانية بحيدرآباد 844المكتبة الحبيبية تاريخ كتابتها عام

.والخامسة فى مكتبة محمد باشا باسطنبول 726طوط مختلفة سنة مكتوبة بخنادرة جدا كما يشير غير أننا نعتقد أن هناك عددا أكبر من النسخ يزيد عما ذكرت التذكرة وأنها منبثة فى أنحاء متفرقة من العالم، ونرجح أن النسخ الكاملة

على الكتاب كامال، فقد وجدنا فى مدينة طشقند عاصمة جمهوريات أوزبكستان -ألول مرة -وإنه لمن دواعى التوفيق أن يتاح لنا أن نحصل. بروكلمانوهى على جانب كبير -تفسير تبدأ بمقدمة بقلم القشيري 1302السوفيتية فى المركز الديني لمسلمى آسيا الوسطى وقازاخستان نسخة شبه كاملة تحت رقم

حتى سورة قريش، ومعنى ذلك أنها تنقص فقط سور الماعون والكوثر .... ثم بعدها الفاتحة والبقرة و ألنها تكشف عن منهجه فى الدراسة، - من األهميةأنظر فهرس (تفسير 266وهذه السور القصيرة موجودة فى النسخة األخرى التي عندنا فى مصر ورقمها . والكافرون والنصر والمسد واإلخالص والفلق والناس

فى سورة األنبياء وقد قمنا بنسخ هذه المخطوطة، كما قمنا ... ) إذ قال ألبيه وقومه ما هذه التماثيل (والتي تبدأ باآلية ) 230الخزانة التيمورية ط تفسير ص بالتقاط صورة بالميكروفيلم للنسخة الطشقندية ثم أجرينا تصويرها

)1/17(

.دنا عليها أثناء إعداد الدكتوراه عند كالمنا عن القشيري المفسروتكبيرها بحيث تسهل قراءتها وكانت النسختان المادة األساسية التي اعتمحقة فى مدى عام النسختان إذا تتكامالن، ويصبح هذا السفر النفيس كامال، ويقع فى نحو ألف ومائتين صفحة، اخترنا أن نقسمها إلى أربعة أجزاء تصدر متال

.أو عامين حسبما تساعدنا الظروف ويرزقنا اهللا العافية

وصف عام للنسخة السوفيتيةورقة، واألرقام التي كتبها الناسخ مطموسة فى كثير من األحيان ولذا حرصنا عند تكبير الميكروفيلم والتصوير والطبع أن نرقمها نحن من 597تبلغ أوراقها

.خلف حتى ال تضطرب األمور عند القراءة والدراسة :ة الدينية هكذاوعلى الورقة األولى توجد تعليقة مكتبة اإلدار

تفسير أبو القاسم القشيري

.أما الورقة الثانية فيبدو أنها كانت خالية فمألها أحد القراء بأحاديث وشواهد شعرية وكتابة باللغة الفارسية II 35 -1302صو ا -200 .ثم تبدأ مقدمة الكتاب بقلم القشيري منذ الورقة الثالثة

، وهناك خطأ آخر 215بدال من 225نجد رقم الورقة التالية هو 214ما نجد الحديث متصال غير منقطع بعد الورقة وقد وقع خطأ فى ترقيم الصفحات، فبيندون أن يحدث خلل أو سقوط، ومعنى هذا أن الكتاب رغم 431كلها موجودة عقب الورقة 401إلى 394فاألوراق من : ربما حدث قبل تغليف الكتاب

.كامل لم يضع منه شىء -هذا .وقد صححنا هذا الوضع. ضمن تفسير الفرقان -خطأ -ذلك يقع تفسير أواخر طه وأوائل األنبياءك

)1/18(

فلقد كنا نخشى أن يغيب عنا التذييل الذي يذكر فيه الناسخ اسم وتاريخ انتهائه من عمله كما جرت -كما قلنا من قبل -ونظرا لعدم اكتمال النسخة من آخرها، وعندها كتب هذه العبارة باللغة 378الحظ وجدناه قد قسم الكتاب قسمين كبيرين ينتهى القسم األول بنهاية تفسير سورة الكهف ورقة العادة، ولكن لحسن

:الفارسية المختلفة بالعربية ) .1224تم بعون اهللا وحسن توفيقه نصف أول از تفسير محقق إمام أبو قاسم القشيري رحمة اهللا عليه بتاريخ شهر شوال سنة (

زبكستان وأذربيجان يعتبرون ومن هذه العبارة يتضح أن الناسخ غير عربى، وأنه ربما كان فارسيا أو أفغانيا أو أوزبكيا أو أذربيجانيا، فكثرة من سكان أفغانستان وأ .الفارسية لغة اتصالهم بالعلوم اإلسالمية حتى اليوم

بته ومراعاته لإلمالء لم تكونا جيدتين، وكان علينا أن نقرأ الكتاب قراءة متفحصة لنحاول أن نحدد الطريقة وقد نجم عن كون الناسخ فارسيا جنسا أو لغة أن كتاهى التي جرى عليها عند نقله من النسخة األخرى التي يحتمل أنها -بما فيها من خطأ أحيانا أو خروج على المألوف فى الرسم أحيانا أخرى -التي اتبعها، ألنها .ا النحو، وربما كان الناسخ ينقل على نحو يكون مفهوما لديه، وميسور القراءة له وحدهتجرى على هذ

وقد وقع . وهو ال يهتم بضبط الكلمات، وال بترقيم العبارات فليس هناك ضبط أو فاصلة أو عالمات استفهام أو أقواس أو عالمات تعجب أو نحو ذلك .ن مسئوال عن ذلك أو يحتمل أن النسخة التي نقل عنها بهذا الوصفالناسخ فى أخطاء عديدة أثناء النسخ، وربما كا

.وهامش النسخة وبخاصة فى القسم األول من الكتاب حافلة بالتعليقات، بعضها مكتوب بالفارسية قصد منها شرح المفردات وترجمتهاقصد بعض القراء إلى أن يجمعها ليستفيد منها، وليحدد موقف وهناك عناوين جزئية مكتوبة باللغة العربية بخط حسن تشير إلى موضوعات متنوعة ربما

) .إلخ... النفس -الدعاء -حقوق الوالدين -الروح(المصنف إزاءها مثل وعند ما كانت تسقط بعض الكلمات أو العبارات من الناسخ أثناء النقل كان يستدرك

)1/19(

السقوط ويضع العالمة نفسها فى الهامش فوق الكلمة أو العبارة الساقطة، فإذا تكرر السقوط فى فيضع عالمة مميزة على آخر كلمة فى المتن بدأ بعدها كذلك فإنه كان يضع عالمة خاصة عند ما يعيد كتابة كلمة أو عبارة أو سطر بدون داع حتى يلفت . الصفحة الواحدة ميز كل موضع وكل مستدرك بعالمة مباينة

.سهونظر القارئ إلى ما وقع فيه من :ولم يحدث أن وضع الناسخ ترجمة فارسية لكلمة داخل المتن بل كان يكتب الترجمة أسفل نظيرها، اللهم إال فى حالة واحدة داخل شاهد شعرى

.أصبح حينئذ مسرورا بالعطاء: آن كه شاد شود در عطا دادن ومعناها .إال أنه حرص فيما نعرف له من مصنفات أن يكتب بالعربية خالصة ونستبعد أن القشيري يفعل ذلك، فعلى الرغم من إتقانه للغة الفارسية

. فى المتن ويبدو أن النسخة أتيح لها أن تراجع ذات مرة، فهناك تصحيحات مختلفة فى رسم الكتابة موجودة فى الهامش فى أماكن مقابلة لموضع التصحيح ) .وتوحد بعلو نعوته(تصحح فى المراجعة ) بعلو قعونهوتوحد (أول سورة اإلسراء 350ومن أمثلة ذلك ما جاء فى الورقة

) .لبالء أو شدة يقاسيها(تصحح فى الهامش ) لبالء أو شدة يقاليها( 361وفى الورقة ) .نعمها مشوبة بنقمها(نعمها مشوقة بنقمتها تصحح فى المراجعة (جاء فى سياق وصف الدنيا 372وفى الورقة

.تفادة من هذه المراجعة ألننا نفترض أنها قد تكون نوعا من االجتهاد الشخصي وليست تصويبا على نسخه أفضلوقد كنا نحكم الدقة عند االس .بقي شىء هام جدا، وهو توضيح موقفنا من أخطاء الناسخ، ويمكن أن نقول إننا اتخذنا منها ثالثة مواقف

.الكريمة حيث تسقط كلمة أو حرف أو تزيد كلمة أو حرف، فنصلح هذا الخطأ موقفا نجد فيه الخطأ مؤكدا ويتجلى ذلك عند كتابة بعض اآليات) ا(

)1/20(

، موضحين موقفا فيه الخطأ شبه مؤكد وعند ذلك نكتب فى المتن ما نراه صوابا دون أن نترك األمر على عواهنه بل نثبت فى الهامش ما جاء فى النسخة) ب(القارئ صورة أمينة لما نقوم به من عمل، وكان المفروض أن نكتب كل ما كتب الناسخ فى المتن وأن نصوب ما أسباب رفضنا لما كتبه الناسخ حتى نضع أمام

.نراه فى الهامش ولكن هذه األخطاء كثيرة جدا بحيث تعوق القراءة، وتشق على الدارسأو ال نستبعد ... ونرجح كذا (إلى موقفنا إزاءه فى الهامش قائلين موقفا فيه خطأ الناسخ محتمل، وعند ذلك ننقل عن الناسخ ما كتب فى المتن، ونشير ) ح(

.تاركين الرأى للقارئ والدارس فى أن يختارا ما يريانه أقرب إلى الصواب) أنها فى األصل كذا .ن الكتاب أكثر وضوحاأما المشتبهات فنضع مكانها نقطا بين أقواس ونشير إليها فى الهامش، وليس لنا فيها حيلة إال إذا ظهرت لنا نسخة م

.وإذا تطلب السياق كلمة أو حرفا ليتماسك ويتضح وضعناها من عندنا بين قوسين مشيرين إليها فى الهامشرا العشر، كذلك كثيوتجب مالحظة أننا ال نقحم أنفسنا فى تكملة أو ترجيح إال بناء على معرفة بأسلوب القشيري الذي ترجع معاشرتنا له إلى سنوات تزيد على

ه أن يقتنع بما نقول أو ما نرجع إلى مصنفاته األخرى لنتبين رأيه فى موضع مناظر ومع كل ذلك فإننا دائما نضع األمر بين يدى القارئ لنترك له أن يشاركنا، ول .يتقبل ما نقلناه عن الناسخ بحذافيره حسبما يحلو له، وله أن يرفض

خريجات للحديث الشريف إال أننا نشعر أنها مقتضبة وغير كافية، فحرصنا على تزويد الناس بالمتن كان رائدنا ومع أن الهوامش ال تخلو من تعليقات وشروح وتالتي » الرسالة«بأقل حاجة إلى الشروح من » اللطائف«أن نتمم هذا العمل بشروح أكثر بسطة، فليس -إن أعاننا اهللا -األول فى هذه المرحلة، على أننا نعد

.دارسين والباحثين طوال أجيال متعاقبةحظيت باهتمام ال

)1/21(

النسخة المصريةحتى نهاية الكتاب، وترجع أهمية هذه النسخة إلى أنها أوال أكملت ما ... ) إذ قال ألبيه وقومه ما هذه التماثيل (تبدأ هذه النسخة كما قلنا من قبل باآلية

على التقليل من المشتبهات، وتتجلى أهمية ذلك فى - نظرا لوضوح كتابتها أكثر من زميلتها -ساعدتينقص النسخة السوفيتية من قصار السور، كما أنها .المجلد الثاني

يتها، ونرجح أنها ولسنا ندرى شيئا عن الناسخ الذي اضطلع بها وال عن تاريخ نسخها نظرا ألنها ناقصة من بدايتها كما أن الناسخ لم يترك شيئا عنه فى نها .من النسخة السابقة اعتمادا على رسم الكتابة وقواعد اإلمالءأحدث عهدا

منهج القشيري فى تأليف الكتاب وأهميته

لى المقصود صدر القشيري كتابه بمقدمة مفيدة أوضحت خطته فى تناول األسلوب القرآنى، وهذه المقدمة ال تلقى ضوءا على الكتاب وحده إنما تقف بنا ع .وسائله وغاياته بالتفسير اإلشارى للقرآن،

غير 1339ط ثالثة سنة 257ص 2ج ) تاريخ أدبيات در ايران(وإذا فالتسمية التي زعمها صاحب كتاب » لطائف اإلشارات«أطلق القشيري على كتابه اسم :صحيحة حيث يقول

.» لطائف اإلشارات فى حقائق العبارات«دون التوقف عند حدود ظواهرها المألوفة ومعانيها -مفردة أو مركبة -ستبطان خفايا األلفاظومن المقدمة نفهم أن هذا اللون من التفسير يعتمد على ا

العلم -بفضل من اهللا -القاموسية، وإنما ينظر إلى اللفظة القرآنية على أنها ذات جوهر يدق على الفهم العادي، وأهل التجريد وحدهم هم الذين يتاح لهم .الذي يكشفون به عن هذا الجوهر

: ذه المهمة الجليلةناك رباط وثيق بين هذا العلم وبين العمل إذ ال يحظى به إال من جرد قلبه من كل سانحة، وصفى نفسه من كل كدورة، وتهيأ بكل الهمة لهوه .دراسة كالم الحق جل ذكره، وذلك فضل اهللا يؤتيه من يشاء

)1/22(

ن عباده بفهم ما أودعه من لطائف أسراره وأنواره الستبصار ما ضمنه من دقيق إشاراته وخفى رموزه، بما أكرم األصفياء م«: وفى ذلك يقول القشيري فى مقدمته -سبحانه وتعالى -لوح ألسرارهم من مكنونات، فوقفوا بما خصوا به من أنوار الغيب على ما استتر عن أغيارهم، ثم نطقوا على مراتبهم وأقدارهم، والحق

.» فهم به عنه ناطقون، وعن لطائفه مخبرون، وإليه يشيرون، وعنه يفصحون، والحكم إليه فى جميع ما يأتون به ويذرونيلهمهم بما به يكرمهم، أن هذا اللون من الدراسة يفترق عن سائر ألوان الفكر اإلسالمى فى أمور كثيرة، لعل أهمها عنصر االصطفاء من قبل اهللا، فليس - بادئ ذى بدء -ويتضح

فأنت تستطيع أن تكون متكلما أو فيلسوفا أو نحويا أو أديبا إذا توفرت لذلك، وكان لديك استعداد مالئم، . ن اختصهم اهللا بفضله أن يخوضوا فيهيمكن لغير معالما فى أي فرع من كذلك يمكنك أن تكون . وخصصته بعنايتك، أما أن تكون مستنبطا لإلشارة من العبارة فهذه خصوصية فريدة ال بد أن يسبقها اجتباء إلهى

ود مضنية فى فروع المعرفة دون أن يصحب ذلك عمل، أما أن تقبل على القرآن الكريم لتستشف الجواهر من وراء الظواهر فهذه مسألة ينبغى أن تقترن بجه .تصفية النفس والقلب من كل العالئق، وتخليتهما عن كل الشواغل الدنية، وتحليتهما بكل األوصاف السنية

قد تكون أسباب ما كانت هذه الشروط المتصلة باالجتباء المسبوق، والعمل المقترن بالعلم من أسباب ندرة ما وصلنا من هذا اللون من التفسير، كما أنها ورب .عن التفسير اإلشارى السديد -زورا أو خطأ -خروج بعض ما يحشر فى نطاقه

عتمد اعتمادا كليا أو مسرفا على العقل، إنما هو يعنى باألمور العقلية بالقدر الذي يعني به الصوفية فرق آخر يفرق هذا اللون من التفسير عن غيره أنه ال يملكات أخرى يناط بالعقل، ونعني به أن الذهن آلة لتصحيح اإليمان فى مراحل البداية، أما فيما فوق ذلك وفيما هو حثيث الخطو نحو المعارف العليا فهناك

معنى هذا أن استنباط اإلشارات . وهى فى مذهب القشيري تتدرج صعودا من القلب إلى الروح إلى السر ثم إلى سر السر أو عين السربها حمل هذا العبء، اللطيفة من النص القرآنى ليس عملية عقلية صرفة إال فى الحدود التي تضمن عدم

)1/23(

م مع األسلوب العربي سواء من حيث اللغة أو النحو أو االشتقاق أو الفنون األدبية، وال تخرج افتيات اإلشارة على العبارة، فال تخرج بها عن مألوف ما ينسجمنذ -ولكنها مقيدة بها عن الدالالت التي توافق أسباب النزول واألخبار الموثوقة وعلوم الحديث واألصول والفقه، فكأن اإلشارة ليست انبعاثا تلقائيا محضا

م العقلية والنقلية فما أشبه موقف اللفظة القرآنية فى هذا المجال بموقف من يتهيأ الرتياد الطريق الصوفي فكالهما يتعرى عن ظاهره، بالكثير من العلو -البداية ..ى القصودوارتق وكالهما يخضع لما تتطلبه المعارف العقلية والنقلية من شرائط البداية، وكالهما يصبح صافيا رائقا يشف درجة بعد درجة كلما زاد الصعود

.لمحبفاللفظة القرآنية فيها حياة وفيها نمو، وفيها عوالم مضيئة متألقة تشبه تلك العوالم التي يتدرج فيها العابد الزاهد المريد العارف اال يعنى بهذه األمور لذاتها، وال قد يقال وأي فرق إذا بين التفسير اإلشارى وغيره من التفاسير مادام يعنى باألمور العقلية والنقلية؟ والجواب على ذلك أنه

منها لكى يفض يوقف نفسه داخل أسوارها، وال يقطع العمر فى حزازاتها وخالفاتها، إنما هى وسيلة فى االبتداء يلجأ إليها المفسر بمقدار ما يسعفه حظهر اإلشارى ليس عشوائيا يخب فيه كل من هب ودب ولكنه خاضع وهذه العناية إن التزمت بذلك صارت وسيلة من وسائل إقناعنا بأن التفسي. األغلفة الظاهرية .لنواميس وقواعد

وبين أولئك الذين ننسب تفاسيرهم إلى التصوف وأهله، أولئك الذين أسرفوا حين حملوا النص » لطائفه«ونستطيع بعد ذلك أن نميز بين تفسير القشيري فى القرآنى أخضعوا النص القرآنى لنصرة مذاهبهم، وساروا فى الدروب العقلية حتى جمحوا، وابتعدوا عن القرآنى فوق ما يحتمل، وبدال من أن يخضعوا للنص

أما عند القشيري فليس . الخط األصيل حتى صارت تفاسيرهم جديرة بالدرس فى مجالس الفلسفة والكالم ال في مجالس الرياضات والمجاهدات واألحوالجل ذكره، ألنه إذا -باطنية مستورة، كل ما عنده من قصد أن يتم لقاء كامل بين الشريعة والحقيقة فى ظالل كلمات اهللا هناك مذهب عقلى خبىء، وال عقيدة

»الرسالة«مع المحاولة التي بذلها فى » اللطائف«وهنا تلتقى هذه المحاولة التي بذلها فى ! لم يتم هذا اللقاء فى كنف كالم اهللا فأين يمكن أن يتم؟

)1/24(

عقيدة سليمة ال تخرج في قليل أو كثير عن عقيدة التوحيد » الذين بهم اقتداء«يحاول أن يعرف بأن عقيدة الشيوخ » رسالته«فهو منذ الصفحة األولى فى توبة والزهد والتوكل والرضا والمحبة الرائقة الصافية، ثم يسير فى تراجم الشيوخ ليختار لك من أقوالهم وأخبارهم وأفعالهم ما يؤيد ذلك، ثم يبوب رسالته إلى ال

..وال ينثنى عند استفتاح كل باب عن ذكر آيات من كتاب اهللا الكريم بعدها أحاديث وأخبار عن الرسول صلوات اهللا عليه. إلخ... ..لماذا كل ذلك؟ لكى يثبت أن هناك لقاء بين الشريعة والحقيقة، وأنهما وجهان لشىء واحد

التي يطمح إليها هذا اإلمام الجليل، والتي من أجلها نذر عمره، وخصص جهده، ولم يضن عليها بشىء في استطاعته، ولم يفارقه تلك هى الغاية القصوىسبين فإذا كنا أخرجنا من نطاق التفسير اإلشارى هذه التفاسير المنسوبة لبعض المنت! وما أعظمها وما أشرفها من غاية... الطموح إليها فى مصنف من مصنفاته

وباطنا، ذلك ألن قضية للتصوف فأولى أن نخرج من هذه التأويالت االعتزالية والشيعية والبدعية واإللحادية وغيرها مما تعتمد فى مباحثها على أن للقرآن ظاهراخطيرة حين أريد له أن يؤول لنصرة األغراض الظاهر والباطن استغلت استغالال سيئا لخدمة الكثير من العقائد الهدامة، وارتكبت فى حق الظاهر القرآنى جرائم

سميت المالحدة باطنية ال دعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها بل لها «: المريضة والدعوات الجامحة، وفى ذلك يقول التفتازاني فى شرح العقائد النسفيةوأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على «: ك التفتازاني قائال، ويستدر » معان باطنة ال يعرفها إال المعلم، وقصدهم بذلك نفى الشريعة بالكلية

» ومحض اإليمان ظواهرها ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال العرفان ) .هـ 132شرح العقائد النسفية ط الحلبي سنة (قديس، وكان عمله الذي نحمده للقشيرى وينبغى أن نشيد به فى هذا التقديم أنه حرص أشد الحرص على النص القرآنى، وأنه التزم بالنظر إليه نظرة اعتبار وتو

ى درب من دروب الشطط، أشبه بمن يقبس قطفات من الضوء من مشكاة كبيرة ينير بها الطريق أمام الزهاد والعارفين، دون أن يتورط فى تعسف أو ينزلق ف والسبب الهام الذي يعود إليه هذا المنهج

)1/25(

فية، وأن أنه سني حريص على سنيته بقدر ما هو صوفى حريص على صوفيته، فكان عليه أن يرضى أوساط أهل السنة فى الوقت الذي كان عليه أن ينفع الصو .من كتاب اهللا الكريم يوضح لكال الطرفين أن األصول والفروع فى الحالين مستمدة

الذي حصلنا على مصورة -» التيسير فى التفسير«كتابا كامال فى تفسير القرآن على نحو تقليدى هو » اللطائف«ولقد أعان القشيري فى عمله أنه صنف قبل وقد . تقاق والنحو وأسباب النزول واألخبار والقصصيعنى أشد العناية باللغة واالش» التيسير«ونجده فى -للجزء الخامس منه من أكاديمية العلوم السوفيتية

حتى إذا بدأ صنفه قبل أن يلتقى بشيخه الدقاق أي قبل أن يسلك المسلك الصوفي، فأعانه ذلك على أن يفقه العبارة من معظم زواياها المتصلة بالظاهر، .را، وآفاقه مفتحةكان طريقه إلى اإلشارة وإلى فقه الباطن ممهدا، ومناله ميسو » اللطائف«يكتب

على خطة واضحة محددة التزم بها من أول الكتاب إلى آخره، فهو يبدأ بتفسير البسملة كلمة كلمة، وأحيانا حرفا حرفا، والبسملة » اللطائف«سار القشيري فى هى تختلف وتتنوع وال تكاد تتشابه، ويزداد تتكرر بلفظها فى مفتتح كل سورة، ومع ذلك فإننا نجده يلجأ إلى تفسير كل بسملة على نحو ملفت للنظر إذ

القارعة، ولها دالالت إعجابنا بالقشيري كلما وجدنا تفسير البسملة يتمشى مع السياق العام للسورة كلها، فاهللا والرحمن والرحيم لها دالالت خاصة فى سورة ...أخرى فى سورة النساء ولها دالالت خاصة فى األنفال وهكذا

:ذلك عدة نتائجونستنتج من للقاضى عبد الجبار » المغني«انظر (شيئا يستفتح به للتبرك، شأن ما نصنع فى بداية أقوالنا وأفعالنا -أنه يعتبر البسملة قرآنا وليست كما يقول البعض: أوال

) .161ص ) تراثنا(ط وزارة الثقافة 11هـ ج 415المتوفى سنة ، ومادام يجد لها مقاصد متجددة، فكأنه ال يؤمن بفكرة التكرار فى القرآن، وفى ذلك يقول فى الورقة الثالثة منأنه مادام يعتبر البسملة قرآنا: ثانيا

)1/26(

ات فى كل سورة، وثبت أنها منها أردنا أن نذكر فى كل سورة من إشار -أعنى بسم اهللا الرحمن الرحيم -هذه اآلية -سبحانه وتعالى -فلما أعاد اهللا«: اللطائف .» هذه اآلية كلمات غير مكررة وإشارات غير معادة

إلى نهايته، فإذا أن لدى القشيري قدرة غير عادية ونفسا طويال عند استبطان الظاهر، ألننا نجده أمام أربع كلمات تتكرر بلفظها ومعناها من بداية القرآن: ثالثا .إعجابنا به وعجبنا له ازداد» التيسير«أضفنا إلى ذلك أنه سار على هذه السنة فى

.لنستوضح مقاصده من هذا االتجاه» اللطائف«ومن الخير أن نضرب هنا مثلين لما صنع فى بسملة سقطت ألف الوصل من كتابة بسم اهللا وليس إلسقاطها علة، وزيد فى شكل الباء من بسم اهللا وليس لزيادتها علة، ليعلم أن «: » الحجر«يقول فى بسملة سورة

فإن قيل العلة فى إسقاط األلف من بسم اهللا كثرة . علة) الستحقاق(ت واإلسقاط بال علة فال يقبل من قبل الستحقاق علة، وال رد من رد الستيجاب اإلثباركة أفضالها بسم اهللا أشكل فإن قيل العلة في زيادة شكل الباء ب. االستعمال فى كتابتها أشكل بأن الباء فى بسم اهللا زيد فى كتابتها وكثرة االستعمال موجودة

.بحذف ألف الوصل ألن االتصال فيها موجود .» فلم يبق إال أن اإلثبات والنفي ليس لهما علة يرفع من يشاء ويمنع من يشاء

.ء، ومحاولة لإلقناعمسألة عشوائية إنما هو خاضع لقواعد وأصول، وإلى تفنيد لمختلف اآلرا -كما قلنا من قبل -ويتضح من هذا أن استنباط اإلشارة ليسأن هناك صلة وثيقة محكمة بين هذا الذي فسرت به البسملة وبين كالم فى -كما أدهشنى -بل إنك لو تعمقت داخل السورة ألدهشك.. وليس هذا فقط

ال سترهم ألنهم نظروا إلى كانوا فى ح(داخل السورة عن رفع الخلق بال علة، وخفضهم بال علة، وذلك كما ورد فى قصة خلق آدم، وكيف أن المالئكة

اختصه فسجدوا القوالب مع أن االعتبار بالمعاني التي يودعها، فالمالئكة استصغروا قدر آدم وحاله وتعجبوا من األمر لهم بالسجود فكشف لهم شظية مما أما إبليس فلم يفطن للمشيئة اإللهية) لألمر وكذا حال من ادعى الخيرية

)1/27(

ألنه ال (وبقي هو على عناده متأبيا أن يسجد لبشر مخلوق من صلصال من حمأ مسنون ) بعد ما الحت لهم المعرفة(مالئكة كلهم أجمعون العليا، فسجد ال ) .يعرف أن مشيئة اهللا تجرى على غير علة

وقف نظر القشيري فال يتركه كى يمردون استنباط التي نعرف أنها السورة الفريدة فى القرآن الكريم التي تبدأ بدون بسملة نجد األمر يست - وفى سورة براءةجرد هذه السورة عن ذكر البسملة ليعلم أنه يخص من يشاء وما يشاء بما يشاء، ويفرد من يشاء بما يشاء، ال -سبحانه -الحق «: إشارة، استمع إليه يقول

إال أنه ضعيف، -وإن كان وجها فى اإلشارة -فتتحة بالبراءة عن الكفار فهوومن قال إنه لم يذكرها ألن السورة م. لصنعه سبب، وال فى أفعاله غرض وال أربتـبت يدا أبي لهب «: وقوله» ويل لكل همزة لمزة «ومثل قوله » ... الذين كفروا «: وفى التحقيق كالبعيد، ألنه افتتح سورا من القرآن بذكر الكفار مثل قوله

.فهذه كلها مفاتح السور، والبسملة مثبتة فى أوائلها، وهى متضمنة ذكر الكفار» ... قل يا أيـها الكافرون «: هوقول» وتب بذلك الرحمة، وإذا وقد يقال إنها تضمنت ذكر الكفار دون ذكر صريح للبراءة، وإن تضمنته تلويحا هذه البراءة هنا فى ذكر البراءة من الكفار قطعا فلم تصدر

.» كان تجرد السورة عن هذه اآلية يشير إلى أنها لذكر الفراق فبالحرى أن يخشى أن تجرد الصالة عنها يمنع كمال الوصلة واالستحقاقفى مواضع وبعد أن ينتهى القشيري من بسط مذهبه فى كل بسملة على هذا النحو الطريف الممتع يبدأ فى تفسير السورة آية آية، ولم يتخل عن آية إال... ...

.كما يقول فى مقدمته» على سبيل اإلقالل خشية المالل«نادرة، بل ربما تكون اآلية طويلة نسبيا ومع ذلك ال يتركها دون إشارة حتى ولو كانت سريعة مقتضبة را لما دار حول هذه الحروف من جدل وال بد أن القارئ يتوقع أن تسوق إليه موقف القشيري من الحروف المقطعة التي تلى البسملة فى عديد من السور نظ

لقشيري فى كثير، ونظرا ألنها لبعدها عن مألوف الكالم العادي أقرب ما تكون إلى الرموز وبمعنى آخر أقرب ما تكون إلى اإلشارات أي أدخل فى عمل ا وربما كان أفضل. » لطائف اإلشارات«

)1/28(

هذه الحروف المقطعة فى أوائل «: يقول. بها سورة البقرة ألنها كانت أول حروف مقطعة يقابلها أثناء عمله التي افتتحت) الم(ما يورده هنا قول القشيري فى .ولكل كتاب سر، وسر اهللا فى القرآن هذه الحروف المقطعة. السور من المتشابه الذي ال يعلم تأويله إال اهللا عند قوم

.» الملك«و » المجيد«، والميم يدل على اسم » اللطيف«والالم يدل على اسم »اهللا«وعند قوم أنها مفاتيح أسمائه فاأللف من اسم والميم » جبريل«والالم على اسم » اهللا«وقيل أقسم اهللا بهذه الحروف لشرفها ألنها بسائط أسمائه وخطابه، وقيل إنها أسماء السور، وقيل األلف تدل على اسم

) .ص(هذا الكتاب نزل من اهللا على لسان جبريل إلى محمد صلى اهللا عليه وسلم ف» محمد«تدل على اسم ند تأمل هذه واأللف من بين سائر الحروف انفردت عن أشكالها بأنها ال تتصل بحرف فى الخط، وسائر الحروف يتصل بها إال أحرف يسيرة، فلينتبه العبد ع

.الصفة الحتياج الخلق بجملتهم إليه واستغنائه عن الجميععن التخصص ذلك أن سائر الحروف لها محل من الحلق والشفة واللسان -سبحانه وتعالى -ذكر العبد المخلص من حالة األلف تقدس الحقيت» 1«ويقال

.إلى غيرها من المخارج، غير األلف فإنها هويته ال تضاف إلى محل . يزول عن حالة االستقامة واالنتصاب بين يديهويقال اإلشارة منها إلى انفراد العبد هللا سبحانه فيكون كاأللف ال يتصل بحرف، وال

. وافقة أمره فيما يكلفهويقال يطالب العبد فى سره عند مخاطبته باأللف بانفراد القلب إلى اهللا تعالى، وعند مخاطبته بالالم بلين الجانب، وعند سماع الميم بميز عن االتصال بشىء من أضرابها من الحروف فجعل لها صدر الكتاب إشارة إلى وقد اختص كل حرف بصفة مخصوصة، وانفردت األلف باستواء القامة والتم

أن من تجرد عن االتصال باألمثال واألشغال حظى بالمرتبة العليا، وفاز بالدرجة القصوي، وصلح للتخاطب بالحروف المنفردة التي هى غير

__________ أنه يقصد إلى توضيح وجهة نظره من زوايا -وهذا هو الغالب -دائما أن يورد بعدئذ رأيا لغيره فربما فليس معنى ذلك» ... ويقال «عند ما يقول القشيري ) 1(

.مختلفة

)1/29(

:مركبة على سنة األحباب فى ستر الحال، وإخفاء األمر على األجنبى من هذه القصة، قال شاعرهملقلب الحبيب، وهكذا تكثر العبارات للعموم، والرموز واإلشارات للخصوص أسمع موسى قلت لها قفى قالت قاف ولم يقل وقفت سترا عن الرقيب، ومراعاة

:وقال بعضهم» أوتيت جوامع الكلم فاختصر لى الكالم اختصارا«: كالمه فى ألف موطن، وقال نبينا صلى اهللا عليه وسلم الم ألف: قلت تهوانى قال... قال لى موالى ما هذا الدنف

قشيري بعد ذلك فيستخرج للصوفية إشارات ثمينة مما يصادفه فى اآلية من حكم تشريعى يتصل بالقتال والغنيمة واألسر والكيل والميزان ويمضى ال... ... من حولها، التي رويتوالدين والشهادة ونحو ذلك أو كالم فى العبادات كالصوم والصالة والحج والزكاة أو ما يعود باآلية إلى أسباب نزولها واألخبار والقصص

.فى خلق اإلنسان والكون -جل وعال -أو ما تحتوى من مظاهر قدرة المولىئ أن يتوقع منه ذلك فهناك وينبغى أال ننتظر من القشيري إسهابا فى األحكام الفقهية والقواعد التعبدية واألسانيد ونحو ذلك فما لهذا ألف كتابه، وال يصح للقار

ه األمور، إنما قصد القشيري إلى استمداد شىء نافع للصوفية يتدعم به رأى من آرائهم أو عمل من أعمالهم، فهذا هو تفاسير مخصوصة وضعت للوفاء بهذيمثل تمثيال صادقا مذهب القشيري فى التصوف أكثر مما تمثله » لطائف اإلشارات«مقصوده، وتلك مراميه، ونحن من أجل ذلك نقول بال تحفظ إن

.وهى ال تغنى عنه فهو يغنى عنها» الرسالة«ففيما . ين يديهوعلينا اآلن أن نسوق أمثلة قليلة توضح موقف القشيري فى تلك األمور حتى يعرف القارئ منذ البداية أي نوع من التفسير ذلك الذي نضعه ب

:يقول» أن لله خمسه واعلموا أنما غنمتم من شيء ف «يختص باألحكام التشريعية نراه مثال عند اآلية الكريمة جهاد الظاهر مع الكفار وجهاد الباطن مع النفس : ولما كان الجهاد قسمين. الغنيمة ما يحصل عليه المؤمنون من أموال الكفار إذا ظفروا عند الجهاد والقتال

والشيطان، وكما أن للجهاد

)1/30(

الهوى والشيطان، وبعد أن كانت ظواهره مقرا لألعمال : وهو أن يملك نفسه التي كانت فى يد عدويه األصغر غنيمة عند الظفر كذلك للجهاد األكبر غنيمةوتصير النفس مستلبة الذميمة وباطنه مستقرا لألحوال الدنيئة يصير محل الهوى مسكن الرضا، ومقر الشهوات والمنى محال لما يرد عليه من مطالبات المولى،

وكما أن من جملة الغنيمة سهما . القلب مختطفا من وصف الغفالت، والروح منزوعة من أيدى العالقات، والسر مصونا من المالحظاتمن إصرار الشهوات، و ال سهم خالص هللا وهو ما ال يكون للعبد فيه نصيب ال من كرائم العقبى وال من ثمرات التقريب و -على لسان اإلشارة - هللا وللرسول وهو الخمس فما هو غنيمة

.» من خصائص اإلقبال، فيكون العبد عند ذلك محررا عن رق كل نصيب، خالصا هللا باهللا، يمحو ما سوى اهللاالنفس ثم القلب ثم الروح ثم السر، ولكل منها : ونلفت نظر القارئ إلى ما ورد فى هذا النص من ترتيب الملكات الباطنة لإلنسان من أسفل إلى أعلى، وهى

والكالم فى ذلك كله موزع فى الكتاب حسب السياق الذي توحى به آيات الكتاب ... غاية، كما أن لكل منها آفات ولكن لكل عالج وظيفة ولكل وظيفة له والقشيري مشكور أعظم الشكر حين التزم بهذا الترتيب، ولم يتخل عنه ال فى اللطائف وحده بل فى كل ما بين أيدينا من مصنفاته، حتى صار. الكريمالذي هو القسم األول من بحثنا » مذهبه فى التصوف«ب واضح السمات بارز القسمات فى المعراج الروحي، وتفصيل ذلك موضح فى كتابنا عن مذه

.للدكتوراهلذين آمنوا شهادة يا أيـها ا«: ويطابق القشيري بين ما يحدث من نسخ لبعض األحكام وبين ما يحدث من نسخ فى السلوك الصوفي حيث يقول عند قوله تعالى

والنسخ هو اإلزالة، ومعنى النسخ . حكم هذه اآلية كان ثابتا فى الشرع، ولكنه نسخ بعده» «... بـينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل يث المجاهدات، فإذا الح لهم من أحوال القلوب شىء آلت أحوالهم إلى مراعاة القلوب فى سلوك المريدين أنهم فى االبتداء فرضهم القيام بالظاهر من ح

.» فتسقط عنهم أوراد الظاهرليس ثمة عذر أما فيما يختص بالعبادات فإننا نلحظ أن القشيري يغتنم كل فرصة كى يوضح ضرورة التزام العبد بأدائها مهما أوغل فى الفناء عن نفسه، ف

إعفائهلسقوطها عنه أو

)1/31(

نها ذات مقاصد منها، كذلك نراه يهتم اهتماما ملحوظا بالحث على التغلغل فى بواطنها، ومعرفة جواهرها، فهى ليست رسوما ظاهرية يؤديها البدن وحسب ولك .بعيدة

) قلبك ال تعلق قلبك بأحجار وآثار، وأفرد قلبك لىلتكن القبلة مقصود نفسك، وسبحانه مقصود مشهود : (فاستقبال القبلة عند الصالة له عند القشيري إشارةإتمام الحج على لسان العلم القيام بأركانه وسننه وهيئته، وإراقة الدماء التي تجب فيه، وعلى لسان أهل «: يقول» وأتموا الحج والعمرة لله «وعند قوله تعالى

صد إلى الحق، فاألول حج العوام والثاني حج الخواص، وكما أن الذي يحج بنفسه يحرم ويقف ثم يطوف اإلشارة الحج هو القصد، فقصد إلى بيت الحق وقصبره وفقره، بالبيت ويسعى ثم يحلق، فكذلك من يحج بقلبه فإحرامه بعقد صحيح على قصد صحيح، ثم يتجرد عن لباس مخالفاته وشهواته ثم باشتماله بثوبي

باع الهوى وإطالق خواطر المنى، وما فى هذا المعنى، ثم الحاج أشعث أغبر تظهر عليه آثار الخشوع والخضوع والتلبية، وإمساكه عن متابعة حظوظه من اتستغاثة وأفضل الحج الشج والعج فالشج صب الدم والعج رفع الصوت بالتلبية فكذلك سفك دم النفس بسكاكين مخالفتها، ورفع أصوات السر بدوام اال

، ) أسماء اهللا الحسنى وصفاته(وموقف النفوس عرفات وموقف القلوب األسامى والصفات . لوقوف بساحات القربة باستكمال أوصاف الهيبةوحسن االلتجاء والمعارضات وطواف القلوب حول مشاهد العز، والسعى باألسرار بين صفى كشف الجالل ولطف الجمال، ثم التحلل بقطع أسباب الرغائب واالختيار والمنى وا

.» ل وجهبك :الصوم على ضربين«: يقول» ... كتب عليكم الصيام «: وتسمع القشيري عند

صوم ظاهر وهو اإلمساك عن المفطرات مصحوبا بالنية، وصوم باطن وهو صون القلب عن اآلفات، ثم صون الروح عن المساكنات، ثم صون السر عن ....المالحظات

والصوم لرؤية الهالل واإلفطار لرؤيته كما يقول عليه السالم فالرؤية . كن من أمسك عن األغيار فصومه نهايته أن يشهد الحق ونهاية الصوم إذا هجم الليل، ول .» اهللا عائدة على الهالل، وعند أهل التحقيق فالرؤية عائدة إلى الحق فصومهم هللا حتى شهودهم، وفطرهم هللا، وإقبالهم على اهللا، والغالب عليهم

)1/32(

ما قطعتم من لينة أو تـركتموها قائمة على أصولها فبإذن «هذا عن العبادات أما عن أسباب النزول فينظر إليها القشيري كما ينظر إلى مورد المثل ومضربه، فاآلية أي فائدة فى هذا؟: نزلت حين أمر اهللا رسوله بقطع بعضها فقالت اليهود«: يقول عندها القشيري» الله

أمن الصالح قطع النخل وعقر الشجر؟عللة، وأنه إذا جاء األمر فوجد المسلمون فى أنفسهم من قولهم، فأنزل اهللا تعالى اآلية، وأن ذلك بإذن اهللا، وانقطع الكالم وفى هذا دليل على أن الشريعة غير م

:لم؟ وهكذا من قال ألستاذه وشيخهب: الشرعى بطل طلب التعليل، وسكتت األلسنة عن المطالبةالرضا لكل ما لم؟ لم يفلح، وكل مريد يكون ألمثال هذه الخواطر فى قلبه جوالن ال يجىء منه شىء، ومن لم يتجرد قلبه عن طلب االعالل ولم يباشر حسن

.» فليس من اهللا فى شىء -بسره وقلبه -يجرى، واستحسان ما يبدو من الغيب من اهللانزلت هذه اآلية فى أهل رجل من اليمن ترك لهم جنة متمرة، وكان يتصدق منها للمساكين، «: يقول» إنا بـلوناهم كما بـلونا أصحاب الجنة «: تعالىوفى قوله

له بداية حسنة، ويجد التوفيق على التوالي، وهذه حال من » وندموا وتابوا. لن نفعل فعله، وأقسموا أال يعطوا شيئا، فأهلك اهللا جنتهم: فلما ورثه أهله قالوالك األحوال، ويقع ويجتنب المعاصي، فيعوضه اهللا فى الوقت نشاطا، وتلوح فى باطنه أحوال فإذا بدر منه سوء دعوى، وترك أدبا من آداب الخدمة تنسد عليه ت

إلى البعاد، ومن االقتراب إلى االغتراب عن الباب، وصارت صفوته قسوة، فى فترة، فإذا حصل منه بالعبادات والفرائض إخالل انقلب حاله، ورد عن الوصاليقبله بعد ذلك، رعاية فإن كان له بعد ذلك توبة على ما سلف، وندامة على ما فات من أمره، فقلما يصل إلى حاله، ولكن ال يبعد أن ينظر إليه الحق بأفضاله، ف

.» تعالى رءوف بعبادهلما سلف منه فى البداية من أحواله، فإن اهللا ألم «ول مثال عند ومن مظاهر القدرة اإللهية فى الكون والحياة واإلنسان ال يغيب عن القشيري أن يستمد إشارات مناسبة يوجهها نحو الموضوعات الصوفية فيق

نه ال جنس من المخلوقات والمخلوقين أشد دعوى من بنى آدم، ومن مهين أي حقير ذكرهم أصل خلقتهم لئال يعجبوا بأحوالهم، فإ«: » نخلقكم من ماء مهين الواجب أن يتفكر اإلنسان فى أصله،

)1/33(

ثم صوره فأحسن صورته فهو قادر على أن يرقيك من ... كان نطفة وفى انتهائه إلى جيفة، وفى وسائط حاله كنيف فى قميص، فبالحرى أال يدل وال يفخر .المنازل الشريفة النفيسة األحوال الخسيسة إلى

فإذا انكسر عاد به الماء إلى ما كان ) اإلنسان(أما الطين . واإلنسان أفضل من الجان ألن الجان من نار، والنار بالماء تنطفىء وتصبح رمادا وال يجىء منها شىء .» ثم اجتباه ربه: سالم لما اغتر جبره ماء العناية فقال تعالىانطفأ ما كان يلوح عليه من سراج الطاعة، ولكن آدم عليه ال) إبليس(عليه، ولذلك العدو

خلق اإلنسان من طين ولكنه يقول » رضى اهللا عنهم ورضوا عنه«خلق اإلنسان من طين ولكنه تعالى » يحبـهم ويحبونه «خلق اإلنسان من طين ولكنه تعالى « :ن ولكنخلق اإلنسان من طي» فاذكروني أذكركم «

عليك من الورى وقع اختياري... فكم أبصرت من حسن ولكن مجموع فهذه أمثلة سريعة أردنا أن نقدمها للتدليل على المواقف التي يتخذها القشيري فى ظالل القرآن من زوايا مختلفة وفى ظروف متنوعة، ومن ... وبعد

م، وهنا تجدر اإلشارة إلى أنه حاول أن يحل بطريق العلم الصوفي ما عجز المتكلمون عن هذه المواقف يتحصل مذهبه فى التصوف فضال عن مذهبه فى الكالتيار والحسن حله، فحين حل القلب محل العقل ليصعد ويقصد نحو المأل األعلى، وأصبح الحق مناط األمل لم يعد هناك معنى ألى حديث فى الجبر واالخ

مشهود -فى عرف هذا الصوفي وفى عرف الصوفية الخلص -اهللا. اشتجر من حوله الخالف بين المتكلمين على النحو الذي -والقبيح والثواب والعقابروعها ومحبوب ال معبود فقط، وكل كالم عن جبر الحب وعذاب الحب يسمج ويسخف، وهل هناك أجمل من أن يتعذب اإلنسان فى حبه حتى يهلك؟ أال ما أ

وما أعظم أن يكون الحق خلفا لك عن كل حطام الدنيا وأن تكون مشاهدته بديال لك عن كل نعيم ! بين فقد ووجد وما أجدر من أن يضيع العمر! من غاية !الجنان

)1/34(

.بقيت مسألة هامة ال أحب أن أنهى هذا التقديم دون أن أوضحها، وهى قيمة هذا الكتاب من الناحية األدبيةوحده أو حتى إلى أعمال القشيري كلها، إنها تتصل بقضية أعظم هى » لطائف اإلشارات«دا من أن تنصرف إلى والواقع أن المسألة أكثر شموال وأوسع أبعا

لتصوف فى جامعاتنا الطريقة التي يؤخذ بها اإلنتاج الصوفي عموما، فما زلنا حتى اآلن نكتفى بدراسة األعمال الصوفية ضمن الدراسات الفلسفية والعقلية، فا .لسفة بينما ال يدرس فى أقسام اللغة العربية وآدابها، وإذا حدث شىء من ذلك فهو ينتقل إليها بطريق أساتذة الفلسفةيدرس فى أقسام الف

درر -فى كثير من األحوال -إلى متى يظل الحال هكذا؟ إن الوضع مقلوب، فالمشتغلون باألدب أولى باحتضان التصوف، ألن اإلنتاج الصوفي: وإنى ألتساءلفوثيق والمنثور، والصوفية أنفسهم قوم يصرحون أن مذهبهم ال يعنى بالعقل إال فى مراحل البداية من أجل تصحيح اإليمان، أما طريقهم بعد ذلك من المنظوم

إلى من يتفكر الصلة بالقلب والوجدان، فهم بذلك يقتربون من أهل الفن وينأون عن أهل العقل، هم فى حاجة إلى من يتذوق أقوالهم أكثر مما هم فى حاجة

شتقاق، وهكذا فيها، وتجربتهم فى الفناء تدنو من تجربة اإللهام فى الفن، ومصطلحاتهم التي وضعوها ألنفسهم تنم عن بصر نافذ فى األسلوب العربي واال .يفرض اإلنتاج الصوفي نفسه على الدراسات األدبية، بينما المشتغلون بهذه الدراسات ال يكادون يحركون ساكنا

من الناحية األدبية بواسطة هذه السطور القليلة، فهذا له مكان آخر، إنما قصدت ألثير قضية عامة قد » اللطائف«س بمعقول أن أقنع القارئ بجدوى دراسة ولي .يؤدى األخذ بها إلى تصحيح كثير من المقاييس التي تتصل بالتصوف وباألدب على حد سواء

تذوقا ينبنى على أصول من اللغة -مفردة ومركبة -راج اإلشارة من العبارة منهج أدبى، ألنه يعتمد على تذوق اللفظةوفى تقديرنا أن منهج القشيري فى استخأنه نظر للقرآن واالشتقاق واإلعراب والبالغة، ثم إن التعبير الذي يفصح به القشيري تعبير أدبى له خصائص األسلوب األدبى والصياغة الفنية، ومعنى هذا

.أدب المفسر وأدب المفسر: بى وعبر عن نظرته بطريقة أدبية، وليس أدخل فى التفسير األدبى من منهج كهذا، حيث استكمل ناحيتينبمنظار أد

)1/35(

علوم، ويفتح الحقا إن القرآن كتاب دين وهداية وتشريع وعلم وغير ذلك مما يمكن أن تحج إليه المقاصد اإلنسانية تلتمس فيه زادا ينمى المعارف، ويثرى ولكنه قبل كل ذلك معجزة فنية بهرت سامعيها أول ما بهرتهم بالبيان، والنظم، والقول، فوجدوا لذلك حالوة، وعليه طالوة، وهم أهل لسن . مغاليق األمور

.مناال وفصاحة، فنحن نعلم أن المعجزة تكون من جنس معجزات المخاطبين ولكنها من حيث الدرجة أعلى قدرا وأصعب دركا وأعز إنما تغفل عن رافد غنى من روافد -راعى فيه صاحبه أدب المفسر وأدب المفسر -تخرج من هذا إلى أن دراسة إعجاز القرآن إن أغفلت تفسيرا كاللطائف

.الدراسات القرآنية .ويمكن أن نضرب أمثلة سريعة توضح طريقة القشيري عند ما يتصدى لبعض الجوانب فى األسلوب القرآنى

اللعب فعل يجرى على غير : » بل هم في شك يـلعبون «: من اللفظة المفردة تنبعث إيحاءات جميلة مؤثرة تزيد المعنى قوة وتأكيدا كأن يقول عند قوله تعالىف .» يدتهترتيب، تشبيها باللعاب الذي يسيل ال على نظام مخصوص، فوصف المنافق باللعاب تصويرا لتردده وتحيره وشكه فى عق

بالسباحة فى بحار التوحيد بال شاطئ، فبعد ما حصلوا فيها فال خروج وال براح فحازت أيديهم جواهر التفريد، نظموها فى عقود اإليمان «والتسبيح عنده مرتبط .» ورصعوها فى أطواق الوصلة

.» انفجار الصبح كما يتفجر الماء من الصخر«والفجر :» وهزى إليك بجذع النخلة«عة فمريم حين خوطبت ومن القصة تنبعث إيحاءات ممت

ى عليه السالم كان ذلك الجذع يابسا أخرج اهللا سبحانه فى الوقت الرطب الجنى، وكان ذلك آية وداللة على أن الذي قدر على فعل هذا قادر على خلق عيسكانت ال تتكلف السعى إذ كان زكريا يدخل عليها المحراب فيجد عندها رزقا، من غير أب، وقد أمرت بهز النخلة اليابسة حينما جاءتها عالقة الولد بعد أن

كنها ذلك وهى فى أمرت بهز النخلة وهى فى أضعف حالها زمان قرب عهدها بوضع الولد ليعلم أن العالقة توجب المشقة والعناء، أمرت بهز النخلة اليابسة وأم .» ... حال ضعفها وفى ذلك أوضح داللة على صدقها

)1/36(

لقشيري األديب وقع وإذا ضرب القرآن مثال بالكلب أو الذبابة أو البعوضة أو التي نقضت غزلها من بعد قوة، فإن هذا التصوير القرآنى األخاذله على وجدان ا» وما فوقها«. ان ليطغى أن رآه استغنىوضرب المثل بالبعوضة ألنها إذا جاعت فرت وطارت، وإذا شبعت تشققت وتلفت، كذلك اإلنس(.... مؤثر، يقول مثال

من الناس، وخلق أي الذباب، وجهة اإلشارة فى أن للذباب وقاحة حيث يعود عند البالغ فى الذب، واهللا سبحانه خلق القوة فى األسد ولكنه خلق فيه النفور ) .الضعف فى الذباب، ولكنه خلق فيه الوقاحة، وتلك حكمة اهللا

لقرآن مصادر إشارات ال تنتهى وهى من أقوى الوسائل التي استغلها القشيري لتوضيح حقائق العلم الصوفي فالشمس والقمر، والليل والمظاهر الكونية فى اليقين، كلها توحى بمعان كثيرة لتوضيح الفروق الدقيقة بين الطوالع واللوامع واللوائح، وعلم اليقين وحق ا.... والنهار، والجبال والبحار، والسحب واألمطار

....وعلوم اإلنسان العقلية والمعارف اللدنية .إلى آخره

، أقمار العلوم إذا أخذ هاللها فى الزيادة بزيادة البراهين فإنها تزداد حتى إذا صارت إلى حد التمام وبلغت الغاية تبدو أعالم المعرفة: » كال والقمر«يقول عند س المعرفة، وكما أن القمر كلما قرب من الشمس يزداد نقصانه حتى يصير محاقا كذلك إذا ظهر سلطان ثم تأخذ علوم البراهين فى النقصان حين تطلع شمو

) .العرفان تأخذ أقمار العلوم فى النقصان بزيادة المعارف كالسراج فى ضوء الشمسالكثير من أسرار اإلعجاز القرآنى كما أبان عن عبقريته وتوقف القشيري طويال عند المواقف النفسية وعند االستدالالت الوجدانية فى األسلوب القرآنى فكشف

يب يحسن فى التذوق الفنى، وليس ذلك غريبا بالنسبة لصوفى ذى بصيرة كاشفة، وشاعر له حس دقيق مرهف، وباحث متعمق فى أغوار النفس البشرية، وأد .التعبير عما يذوق ويجد .نفعنا اهللا بعلمه وبركته دكتور ابراهيم بسيونى

)1/37(

)بالرسالة( 1959ونرمز للرسالة القشيرية ط الحلبي سنة ) م(ونرمز للنسخة المصرية بالحرف ) ص(نرمز للنسخة السوفيتية المصورة بالحرف

)1/38(

صورة لورقة من النسخة السوفيتية

)1/39(

وأوضح نهج الحق بالئح برهانه، لمن أراد طريقه، وأتاح البصيرة لمن ابتغى رب يسر بسم اهللا الرحمن الرحيم الحمد هللا الذي شرح قلوب أوليائه بعرفانه، معجزة وبيانا، وأودع صدور العلماء معرفته وتأويله، وأكرمهم بعلم -تحقيقه، وأنزل الفرقان هدى وتبيانا، على صفيه محمد صلى اهللا عليه وسلم وعلى آله

الستبصار ما ) واره(وناسخه، ووعده ووعيده، وأكرم األصفياء من عباده بفهم ما أودعه من لطائف أسراره وأن قصصه ونزوله، ورزقهم اإليمان بمحكمه ومتشابهه ثم نطقوا على مراتبهم ضمنه من دقيق إشاراته، وخفى رموزه، بما لوح ألسرارهم من مكنونات، فوقفوا بما خصوا به من أنوار الغيب على ما استتر عن أغيارهم،

وإليه يشيرون، وعنه يفصحون، والحكم إليه فى جميع » 1«والحق سبحانه وتعالى يلهمهم بما به يكرمهم، فهم به عنه ناطقون وعن لطائفه مخبرون وأقدارهم، .ما يأتون به ويذرون

»وكتابنا هذا يأتى على ذكر طرف من إشارات القرآن: قال اإلمام جمال اإلسالم أبو القاسم القشيري رحمه اهللاخشية المالل، مستمدين من اهللا تعالى عوائد المنة، متبرئين من ) ل(ان أهل المعرفة، إما من معانى مقولهم، أو قضايا أصولهم، سلكنا فيه طريق اإلقال على لس

، ليختم ) سلم(يه و مستعصمين من الخطأ والخلل، مستوفقين ألصوب القول والعمل، ملتمسين أن يصلى على سيدنا محمد صلى اهللا عل» 3«الحول والمنة وتيسر األخذ. لنا بالحسنى بمنه وأفضاله

__________ .والسياق ال يتطلبها) مخيرون(وردت فى ص ) 1(

.التي اقتبست بضع فقرات رجوعا إلى نسخة أخرى) تذكرة النوادر(ما تحته خط هو تكملة اعتمدنا فى إثباتها هنا على ما جاء فى ) 2( .لقوةالمنة بضم الميم ا) 3(

)1/41(

.، وعلى اهللا إتمامه إن شاء اهللا تعالى عز وجل » 1«فى ابتداء هذا الكتاب فى شهور سنة أربع وثالثين وأربعمائة

سورة فاتحة الكتاب .وفى معناه قيل وابتداء» 2«( ... ) الكتاب، ومفاتحة األحباب بالخطاب والكتاب منه أجل النعمى، وأكرم الحسنى إذ هى ) ية(هذه السورة بدا

(.....)تفدين أياما ... أفديك بل أيام دهرى كلها »3«ما كان قلبى للصبابة معهدا ... سقيا لمعهدك الذي لو لم يكن

ذ فى الفرار، مه أخولقد كان صلى اهللا عليه وسلم غير مرتقب لهذا الشأن، وما كان هذا الحديث منه على بال، وحينما نزل عليه جبريل صلوات اهللا عليه وسال :فجأة، وصادفته القصة بغتة كما قيل(....) دثرونى دثرونى، زملونى زملونى، وكان يتحنث فى حراء، ويخلو هنالك : قائال( ... ) وآثر التباعد لهذا األمر آوى

»4«فصادف قلبى فارغا فتمكنا ... أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى يس «. يكون سيد األولين واآلخرين حيث قال» 5«) الحق سبحانه وتعالى أراده ألن(أن يقال له أجير خديجة ولكن وكان صلوات اهللا عليه وسلم رضى ب

إال عند من تقاصرت األوهام عن استحقاقه، ( ... ) أشرف المنازل وإن لم يسم إليه بطرف التأميل سنة منه تعالى وتقدس ) رفعه إلى(، » والقرآن الحكيم يتيم أبى طالب( ... ) ما قصوا العجب من شأنه ولذلك

__________ .حيث سقطا فى ص) تذكرة النوادر(اعتمدنا في استكمال رقمى اآلحاد والعشرات من السنة على ) 1(

بس على حاجى خليفة ، ويبدو أن األمر قد الت410بأن القشيري ألف اللطائف قبل عام ) 1551المجلد الثاني ص (وبهذا يبطل قول صاحب كشف الظنون .» اللطائف«هو تاريخ تأليف » التيسير فى التفسير«فظن تاريخ تأليف

) .ص(ما بين األقواس المفرغة ساقط فى ص ومن حسن الحظ أن السقوط الكثير على هذا النحو ال يتكرر بعد الورقتين األولى والثانية من ) 2( .كامال عند تفسير سورة الحديد) م(روده فى اعتمدنا فى تكملة البيت على هذا النحو على و ) 3( .علم القرآن من سورة الرحمن: عند تفسير آية) م(ومكمل فى ) ص(الشطر الثاني من البيت ناقص فى ) 4( زيادة أضفناها ليستقيم المعنى) 5(.

)1/42(

:ما على الكافة من أشكاله وأضرابه، وفى معناه قيلسبحانه وتعالى مقد ) علمه(من بين البرية، ولقد كان صلوات اهللا عليه وسلم فى سابق وكان فى فقر من السيار... أطمار ( ... ) هذا

جارى) ومن(من أخى ) ... باإلكبار(آثر عندى »1«فإن صاحب األمر مع اإلكثار ) ... والدينار(وصاحب الدرهم

) ( ... الكافرين(وكانوا يسمونه محمدا األمين، ولكن . ، ممدوح االسم، أمينا لكل واحدالذكر) محمود(ولقد كان صلى اهللا عليه وسلم قبل النبوة حميد الشأن، ( ... )حالته، بدلوا اسمه، وحرفوا وصفه، وهجنوا ذكره، فواحد كان يقول ساحر وآخر يقول )

:وثالث يقول كاذب، ورابع يقول شاعر ا لنا حرباوكانوا لنا سلما فصارو ... أشاعوا لنا فى الحي أشنع قصة

وهكذا صفة المحب، ال ينفك عن المالم ولكن كما قيل »2«حبا لذكرك فليلمنى اللوم ... أجد المالمة فى هواك لذيذة

أي استمع إلى ما يقال فيك » بك ولقد نـعلم أنك يضيق صدرك بما يـقولون فسبح بحمد ر «) : والحق سبحانه يقول(يقول، ) من(وماذا عليه من قبيح قالة .بحسن الثناء علينا

وهذه السورة لما تشتمل عليه من األمر بالعبودية، والثناء على اهللا . وتسمى هذه السورة أيضا أم الكتاب، وأم الشيء أصله، وإمام كل شىء مقدمه] فصل[قسمت الصالة بينى وبين «: وقوله صلى اهللا عليه وسلم مخبرا عنه سبحانه وتعالى. اال تصح الفرائض إال به -كمالها من الفضائل» 3«بجمال الربوبية، ثم

.يعنى قراءة هذه السورة، فصارت أم الكتاب، وأصال لما تنبنى عليه من لطائف الكرامات وبدائع التقريب واإليجاب» عبدى نصفين__________

.األبيات فحاولنا إضافة بعض األلفاظ أضاع البياض الذي فى المصورة كثيرا من ألفاظ هذه) 1( .وإن كان وزن الشعر ما زال غير سليم

.فليسلمنى اللؤم) : ص(وردت خطأ فى ) 2( ...كمالها ) تم (ال نستبعد أن تكون فى األصل ) 3(

)1/43(

) 1(بسم الله الرحمن الرحيم

:قوله جل ذكره ]1آية ) : 1(سورة الفاتحة [

)1(الله الرحمن الرحيم بسم حرف التضمين أي باهللا ظهرت الحادثات، وبه وجدت المخلوقات، فما من حادث مخلوق، وحاصل منسوق، من عين وأثر وغبر، وغير » بسم اهللا«الباء فى

وإلى الحق عوده، فبه وجد من وحد، وبه جحد إال بالحق وجوده، والحق ملكه، ومن الحق بدؤه، - من حجر ومدر، ونجم وشجر، ورسم وطلل، وحكم وعلل .، وبه عرف من اعترف، وبه تخلف من اقترف» 1«من ألحد

ولم يقل باهللا على وجه التبرك بذكر اسمه عند قوم، وللفرق بين هذا وبين القسم عند اآلخرين، وألن االسم هو المسمى عند العلماء، » بسم اهللا«وقال وقوم عند ذكر هذه . على قلب منقى وسر مصفى» اهللا«ئق والستخالص األسرار عن العوائق عند أهل العرفان، ليكون ورود قوله والستصفاء القلوب من العال

فظوا بأوليائه ومن السين سره مع أصفيائه ومن الميم منته على أهل واليته، فيعلمون أنهم ببره عرفوا سره، وبمنته عليهم ح» 2«) بره(اآلية يتذكرون من الباء سالمته سبحانه عن كل عيب، » 3«وقوم عند سماع بسم اهللا تذكروا بالباء براءة اهللا سبحانه وتعالى من كل سوء، وبالسين . أمره، وبه سبحانه وتعالى عرفوا قدره

اهللا سبحانه وتعالى هذه اآلية أعنى بسم وبالميم مجده سبحانه بعز وصفه، وآخرون يذكرون عند الباء بهاءه، وعند السين سناءه، وعند الميم ملكه، فلما أعاد، وإشارات غير معادة، فلذلك » 5«كلمات غير مكررة » 4«اهللا الرحمن الرحيم فى كل سورة وثبت أنها منها أردنا أن نذكر فى كل سورة من إشارات هذه اآلية

.نستقصى القول هاهنا وبه الثقة__________

) .اللحد(وردت فى ص ) 1( . [.....]ص وأثبتناها ألن ما بعدها يدل عليها سقطت فى) 2( ) .بالسنين(وردت فى ص ) 3(

أنظر المغني (فعال من هنا ندرك أن القشيري يعتبر البسملة قرآنا خالفا لمن يعدونها من قبيل االستفتاح والتبرك، فتبدأ بها القراءة كما يفعل فى سائر األ) 4( ) .161ة سلسلة تراثنا ص ط وزارة الثقاف 11للقاضى عبد الجبار ج

.هنامن هنا ومما نعلم من مذهب القشيري نراه ال يعتقد فى فكرة التكرار فى القرآن ألن التكرار أليق بالمخلوقين وألسباب أخرى ال محل لها ) 5(

)1/44(

) 2(الحمد لله رب العالمين

:قوله جل ذكره ]2آية ) : 1(سورة الفاتحة [

)2(مد لله رب العالمين الح سبحانه إما وصفا وإما حقيقة الحمد الثناء على المحمود، بذكر نعوته الجليلة وأفعاله الجميلة، والالم هاهنا للجنس، ومقتضاها االستغراق فجميع المحامد هللا

اقه لجالله وجماله، والشكر هللا لجزيل نواله وعزيز أفضاله، فحمده سبحانه له والحمد هللا الستحق. خلقا، فله الحمد لظهور سلطانه، وله الشكر لوفور إحسانه) قدرة(الوجود هو من صفات كماله وحوله، وحمد الخلق له على إنعامه وطوله، وجالله وجماله استحقاقه لصفات العلو، واستيجابه لنعوت العز والسمو، فله

دى، والكون الصمدى، والبقاء األزلى، والبهاء األبدى، والثناء الديمومى، وله السمع والبصر، والقضاء والقدر، القديم، وله الجود الكريم، وله الثبوت األح» 1«ؤه سناؤه، ومجده عزه، والكالم والقول، والعزة والطول، والرحمة والجود، والعين والوجه والجمال، والقدرة والجالل، وهو الواحد المتعال، كبرياؤه رداؤه، وعال

ادته مشيئته، وهو ذاته، وأزله أبده، وقدمه سرمده، وحقه يقينه، وثبوته عينه، ودوامه بقاؤه، وقدره قضاؤه، وجالله جماله، ونهيه أمره، وغضبه رحمته، وإر وكونه أوليائه بحمده وثنائه، وعجزهم علم الحق سبحانه وتعالى شدة إرادة ] فصل! [فسبحانه ما أعظم شأنه!! تبارك اهللا سبحانه. الملك بجبروته، واألحد فى ملكوته

فانتعشوا بعد الذلة، وعاشوا بعد الخمود، » الحمد هللا«: عن القيام بحق مدحه على مقتضى عزه وسنائه فأخبرهم أنه حمد نفسه بما افتتح به خطابه بقوله :وقالوا. على قضية األشكالواستقلت أسرارهم بكمال التعزز حيث سمعوا ثناء الحق عن الحق بخطاب الحق، فنطقوا ببيان الرمز

ولعينها من عينها كحل... ولوجهها من وجهها قمر ق به فى هذه الحالة هذا خطيب األولين واآلخرين، سيد الفصحاء، وإمام البلغاء، لما سمع حمده لنفسه، ومدحه سبحانه لحقه، علم النبي أن تقاصر اللسان ألي

.» على نفسكال أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت «: فقال لما ترنم باأللحان داوود... داوود لو سمعت أذناه قالتها ألحان داوود من الخجل... غنت سعاد بصوتها فتخاذلت

__________ ) .قدمه(هذه كلمة زائدة يمكن االستغناء عنها، ويرجح ذلك نظم األسلوب وسياق المعنى، أو ربما كانت ) 1(

)1/45(

لحامدين لتباينهم فى أحوالهم فطائفة حمدوه على ما نالوا من إنعامه وإكرامه من نوعى صفة نفعه ودفعه، وإزاحته وإتاحته، وما عقلوا وتتفاوت طبقات ا] فصل[ئب ، وطائفة حمدوه على ما الح لقلوبهم من عجا» وإن تعدوا نعمة اهللا ال تحصوها«: عنه من إحسانه بهم أكثره ما عرفوا من أفضاله معهم قال جل ذكره

وقوم حمدوه عند شهود ما كاشفهم به من . لطائفه، وأودع سرائرهم من مكنونات بره، وكاشف أسرارهم به من خفى غيبه، وأفرد أرواحهم به من بواده مواجدهالله وبين من يشكره من يمدحه بعز ج» 1«) فرق بين(صفات القدم، ولم يردوا من مالحظة العز والكرم إلى تصفح أقسام النعم، وتأمل خصائص القسم، و

:على وجود أفضاله، كما قال قائلهم ولكننا جئنا بلقياك نسعد... وما الفقر عن أرض العشيرة ساقنا

رون، يجرى عليهم وقوم حمدوه مستهلكين عنهم فيما استنطقوا من عبارات تحميده، بما اصطلم أسرارهم من حقائق توحيده، فهم به منه يعبرون، ومنه إليه يشي :الجمع، كما قالوا» 3«بنعت التفرقة مرعية، وأسرارهم مأخوذة بحكم جمع » 2«م التصريف، وظواهرهم أحكا

وكل معانى الغيب أنت لسانه... بيان بيان الحق أنت بيانه ماله على العقالء والجمادات فهو مالك رب العالمين الرب هو السيد، والعالمون جميع المخلوقات، واختصاص هذا الجمع بلفظ العالمين الشت: قوله جل ذكره

.األعيان ومنشيها، وموجد الرسوم والديار بما فيهاوهو مرب األشباح ويدل اسم الرب أيضا على تربية الخلق، فهو مرب نفوس العابدين بالتأييد ومرب قلوب الطالبين بالتسديد، ومرب أرواح العارفين بالتوحيد،

.ود الكرمبوجود النعم، ومرب األرواح بشهفايته، ومصلح ويدل اسم الرب أيضا على إصالحه ألمور عباده من ربيت العديم أربه فهو مصلح أمور الزاهدين بجميل رعايته، ومصلح أمور العابدين بحسن ك

أمور الواجدين__________

.ثم بعدها بياض فأكملناها على هذا النحو ليتم المعنى... ) وفر (وردت ) 1( .ولكن السياق يقتضى ما أثبتناه) اهرهموظ(وردت ) 2(ولكن االصطالح الصوفي هو جمع الجمع وهو درجة فوق الجمع وجمع الجمع هو االستهالك بالكلية وفناء اإلحساس بما سوى ) جميع الجمع(وردت ) 3(

) .39ص 1959رسالة القشيري ط سنة (اهللا

)1/46(

) 4(مالك يـوم الدين ) 3(الرحمن الرحيم

:بقديم عنايته، أصلح أمور قوم فاستغنوا بعطائه، وأصلح أمور آخرين فاشتاقوا للقائه، وثالث أصلح أمورهم فاستقاموا للقائه، قال قائلهم فال أبالى أعاش الناس أم فقدوا... مادام عزك مسعودا طوالعه

:قوله جل ذكره ]3آية ) : 1(سورة الفاتحة [

)3(الرحمن الرحيم .اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة صفة أزلية وهى إرادة النعمة وهما اسمان موضوعان للمبالغة وال فضل بينهما عند أهل التحقيق

ق، والرحيم ينعت به غيره، وبرحمته عرف العبد أنه الرحمن، ولوال وقيل الرحمن أشد مبالغة وأتم فى اإلفادة، وغير الحق سبحانه ال يسمى بالرحمن على اإلطال) عند قوم فالنعم فى أنفسها مختلفة، ومراتبها متفاوتة فنعمة هى(رحمته لما عرف أحد أنه الرحمن، وإذا كانت الرحمة إرادة النعمة، أو نفس النعمة كما هى

.ألسرارنعمة األشباح والظواهر، ونعمة هى نعمة األرواح وا» 1«رهم، وألنه الرحيم وعلى طريقة من فرق بينهما فالرحمن خاص االسم عام المعنى، والرحيم عام االسم خاص المعنى فألنه الرحمن رزق الجميع ما فيه راحة ظواه

:وفق المؤمنين لما به حياة سرائرهم، فالرحمن بما روح، والرحيم بما لوح فالترويح بالمبار، والتلويح باألنوارمن العرفان، والرحمن بما أعطى من العرفان والرحيم بما » 2«والرحمن بكشف تجليه والرحيم بلطف توليه، والرحمن بما أولى من اإليمان والرحيم بما أسدى

بما ينعم به من الرؤية والعيان، بل الرحمن تولى من الغفران، بل الرحمن بما ينعم به من الغفران والرحيم بما يمن به من الرضوان، بل الرحمن بما يكتم به والرحيمع لهم والرحيم بما بما يوفق، والرحيم بما تحقق، والتوفيق للمعامالت، والتحقيق للمواصالت، فالمعامالت للقاصدين، والمواصالت للواجدين، والرحمن بما يصن

.يدفع عنهم فالصنع بجميل الرعاية والدفع بحسن العناية

:قوله جل ذكره ]4آية ) : 1(ة الفاتحة سور [

)4(مالك يـوم الدين وكما ال إله إال هو . المالك من له الملك، وملك الحق سبحانه وتعالى قدرته على اإلبداع، فالملك مبالغة من المالك وهو سبحانه الملك المالك، وله الملك

ك نفوس العابدين فصرفها فى خدمته، وملك قلوب العارفين فشرفها بمعرفته، وملك نفوس فال قادر على اإلبداع إال هو، فهو بإلهيته متوحد، وبملكه متفرد، مل القاصدين

__________ .تكملة فى الهامش استدرك بها الناسخ فأثبتناها فى موضعها) 1( ) .أسدى(واألصح ) أسرى(وردت ) 2(

)1/47(

) 5(إياك نـعبد وإياك نستعين

فكاشفها بنعت جالله، ووصف » 1«(....) ملك أشباح من عبده فالطفها بنواله وأفضاله، وملك أرواح من أحبهم . وملك قلوب الواجدين فهيمهافتيمها، رهم سنة ملك زمام أرباب التوحيد فصرفهم حيث شاء على ما شاء ووفقهم حيث شاء على ما شاء كما شاء، ولم يكلهم إليهم لحظة، وال ملكهم من أم. جماله

.» 2«وال خطرة، وكان لهم عنهم، وأفناؤهم له منهم عرف أرباب التوحيد أنه مالكهم فسقط عنهم اختيارهم، . ملك قلوب العابدين إحسانه فطمعوا فى عطائه، وملك قلوب الموحدين سلطانه فقنعوا ببقائه] فصل[

م له ال اختيار له، فال لهم عن طاعته إعراض وال على حكمه اعتراض، وال فى اختياره علموا أن العبد ال ملك له، ومن ال ملك له ال حكم له، ومن ال حك .» ويوم الدين«معارضة، وال لمخالفته تعرض،

ن بين الحق سبحانه وتعالى يجزى كال بما يريد، فمن بين مقبول يوم الحشر بفضله سبحانه وتعالى ال بفعلهم، وم - يوم الجزاء والنشر، ويوم الحساب والحشر :فأما األعداء فيحاسبهم ثم يعذبهم وأما األولياء فيعاتبهم ثم يقربهم. مردود بحكمه سبحانه وتعالى ال بجرمهم

جادوا بعتق رقابنا... قوم إذا ظفروا بنا :قوله جل ذكره

]5آية ) : 1(سورة الفاتحة [

)5(إياك نـعبد وإياك نستعين . التي هى عبادته واستعانته، وهذه الصيغة أجزل فى اللفظ، وأعذب فى السمع -واالبتداء بذكر المعبود أتم من االبتداء بذكر صفته. ن بكمعناه نعبدك ونستعي

.من الخضوع، ويكون ذلك بموافقة األمر، والوقوف حيثما وقف الشرع» 3«) بابها(والعبادة اإلتيان بغاية ما فى .حقواالستعانة طلب اإلعانة من ال

فى العبادة . طف للعبدوالعبادة تشير إلى بذل الجهد والمنة، واالستعانة تخبر عن استجالب الطول والمنة، فبالعبادة يظهر شرف العبد، وباالستعانة يحصل الل :والعبادة ظاهرها تذلل، وحقيقتها تعزز وتحمل. وجود شرفه، وباالستعانة أمان تلفه

منا إليك، فعزها فى ذلها ...وإذا تذللت الرقاب تقربا __________

) .وأحبوه(مشتبهة فى ص، وربما كانت ) 1( :هنا معناها ألجله اى أنه أفناهم من أنفسهم ألجله ليبقوا به، وكان األسلم أن تكون العبارة) له) (2(

.وأفناؤهم منهم له ولكن حرص المصنف على مراعاة االنسجام بين عنهم ومنهم )بهبا(وردت ) 3(

)1/48(

) 6(اهدنا الصراط المستقيم

:وفى معناه »1«ألقيتنى فى عين وزاى ... حين أسلمتني لذال والم

بها قرة أعينهم، وفيها مسرة قلوبهم، ومنها راحة. ، ومستروح المريدين، ومربع األنس للمحبين، ومرتع البهجة للعارفين» 2«العبادة نزهة القاصدين ] فصل[ :ولقد قال مخلوق فى مخلوق. » أرحنا بها يا بالل: أشار صلى اهللا عليه وسلم بقوله» 3«وإليه . أرواحهم

يعرفه السامع والرائي... يا قوم ثارى عند أسمائى فإنه أصدق أسمائى... ال تدعنى إال بيا عبدها

، » 4«مه، فتقصده بأمل فسيح، وتخطو إليه بخطو وسيع، وتأمل فيه برجاء قوى واالستعانة إجاللك لنعوت كرمه، ونزلك بساحة جوده، وتسليمك إلى يد حك .» 5«) غير ضعف(وتثق بكرم أزلى، وتتكل على اختيار سابق، وتعتصم بسبب جوده

:قوله جل ذكره ]6آية ) : 1(سورة الفاتحة [

)6(اهدنا الصراط المستقيم والمؤمنون على -» 6«واألمر فى هذه اآلية مضمر فمعنا اهدنا بنا . المهدى من عرف الحق سبحانه، وآثر رضاه، وآمن بهالهداية اإلرشاد، وأصلها اإلمالة، و

ومعنى اهدنا أي مل بنا إليك، وخذنا لك، . والصراط المستقيم الطريق الحق وهو ما عليه أهل التوحيد. فمعنى السؤال االستدامة واالستزادة -الهداية فى الحال .ن علينا دليلنا، ويسر إليك سبيلنا، وأقم لنا هممنا، واجمع بك همومناوك اقطع أسرارنا عن شهود األغيار، ولوح فى قلوبنا طوالع األنوار، وأفرد] فصل[

__________ )زار(وردت و ) 1( ) [.....]القاصرين(وردت ) 2( أي وإلى ذلك أشار) 3( .وهى غير مناسبة للمعنى) قومى(وردت ) 4(أي غير متكثر باألسباب لجلب ) 563أساس البالغة ص ) (غير ضعف(أو تكون ) فى غير ضعف(إما أن تكون زائدة أو ينقصها حرف الجر في فتكون ) 5(

.المالألن ذلك يتفق مع ) اهدنا بك(ويكون المعنى على هذا أقم فينا ما يجعلنا نهتدى به إليك، ولكن نرجح أن يكون قد وقع خطأ من الناسخ وأن األصل ) 6(

على معرفة اهللا، وال على االهتداء - وحده -مذهب القشيري وغيره من الصوفية حيث يعتبرون كل شىء يقع من العبد مرده إلى الحق سبحانه، فال قدرة للعبد .مل بنا -ما بعدكما جاء في -أي) اهد بنا(واما أن يكون األصل ) . فنجدك بك(إليه، وتدل الدالئل فيما بعد على ذلك مثل قوله

)1/49(

.قصودنا إليك عن دنس اآلثار، ورقنا عن منازل الطلب واالستدالل إلى جمع ساحات القرب والوصال .األمثال واألشكال، بما تالطفنا به من وجود الوصال، وتكاشفنا به من شهود الجالل والجمال» 1«حل بيننا وبين مساكنة ] فصل[ .نتكل على وسائط المعامالت، ويقع على وجه التوحيد غبار الظنون وحسبان اإلعالل أرشدنا إلى الحق لئال] فصل[بأنوار قدسك عن التفيؤ بظالل طلبنا، وارفع عنا ظل جهدنا لنستبصر بنجوم جودك، » 2«أزل عنا ظلمات أحوالنا لنستضىء : أي» اهدنا الصراط المستقيم«

.فنجدك بك يصحبنا قرين من نزغات الشيطان ووساوسه، ورفيق من خطرات النفوس وهواجسها، أو يصدنا عن الوصول تعريج فى اهدنا الصراط المستقيم حتى ال] فصل[

إرادة، وطمع مال أو أوطان التقليد، أو يحول بيننا وبين االستبصار ركون لى معتاد من التلقين، وتستهوينا آفة من نشو أو هوادة، وظن أو عادة، وكلل أو ضعف .استزادة

الصراط المستقيم ما شهدت بصحته دالئل التوحيد، . الصراط المستقيم ما عليه من الكتاب والسنة دليل، وليس للبدعة عليه سلطان وال إليه سبيل] صلف[ .الصراط المستقيم ما درج عليه سلف األمة، ونطقت بصوابه دالئل العبرة. ونبهت عليه شواهد التحقيق

الصراط المستقيم ما يفضى بسالكه إلى ساحة التوحيد، ويشهد صاحبه أثر العناية . الحقوق قاصده» 3«سالكه، وفارق الصراط المستقيم ما باين الحظوظ .المجهود» 4«) ببذل(والجود، لئال يظنه موجب

__________ .واألصح بالميم فقد جاءت كذلك فى مواضع كثيرة أخرى) ساكنة(وردت ) 1( ) .لنصتضىء(وردت خطأ ) 2( .فى ص، واألصح أن تكون بالقاف فالحظوط للعبد والحقوق للحق) وفارن(ردت و ) 3(بدون باء واألقوى فى رأينا أن تكون بالباء وأن نقرأ موجب بفتح الجيم أي مستحق، وبذلك يتضح موقف القشيري من قضية هامة وهى هل ) بذل(وردت ) 4(

حين ) ص(وقد صدق الرسول . وب ألنه يربط كل عمل للعبد بالعناية اإللهية ال بالمجهود اإلنسانىيجب على اهللا أن يثيب المطيع؟ وال يرى القشيري هذا الوج .» وال أنا، إال أن يتغمدنى اهللا برحمته: وال أنت يا رسول اهللا؟ قال: ما منكم من أحد ينجيه عمله، قالوا«: قال

)1/50(

) 7(ضوب عليهم وال الضالين صراط الذين أنـعمت عليهم غير المغ

:قوله جل ذكره ]7آية ) : 1(سورة الفاتحة [

)7(صراط الذين أنـعمت عليهم غير المغضوب عليهم وال الضالين .يعنى طريق من أنعمت عليهم بالهداية إلى الصراط المستقيم، وهم األولياء واألصفياء

ويقال صراط من أنعمت عليهم بالقيام . عنهم، وأقمتهم بك لك، حتى لم يقفوا فى الطريق، ولم تصدهم عنك خفايا المكر» 1«) أفنيتهم(يقال طريق من و .بحقوقك دون التعريج على استجالب حظوظهم

.عن آثارهم حتى وصلوا إليك بك» 2«) طهرتهم(ويقال صراط من ) .ية(النفوس ومخاييل الظنون، وحسبانات الوصول قبل خمود آثار البشر » 3«ى تحرروا من مكائد الشيطان، ومغاليط ويقال صراط من أنعمت عليهم حت

بتوحيدك فيما ويقال صراط من أنعمت عليهم بالنظر واالستعانة بك، والتبري من الحول والقوة، وشهود ما سبق لهم من السعادة فى سابق االختيار، والعلم .سار والمضارتمضيه من الم

.ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بحفظ األدب فى أوقات الخدمة، واستشعار نعت الهيبةالحقائق حتى لم يخرجوا عن حد العلم، ولم يخلوا » 4«) بواده(ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بأن حفظت عليهم آداب الشريعة وأحكامها عند غلبات

.بشىء من أحكام الشريعة .» 5«اط الذين أنعمت عليهم حتى لم تطفئ شموس معارفهم أنوار ورعهم ولم يضيعوا شيئا من أحكام الشرع ويقال صر

.ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بالعبودية عند ظهور سلطان الحقيقة غير المغضوب عليهم وال الضالين : قوله جل ذكره

__________ .صفى ) أقنتهم(وردت ) 1( .فى ص) ظهرتهم(وردت ) 2( .فى ص) مغاليظ(وردت ) 3( ) .بواد(وردت ) 4(إلى اصطالح نالحظ أن القشيري يلح كثيرا على التزام آداب الشريعة مهما غلبت على العبد سطوة االنمحاء، واستلبه سلطان الفناء، ويحسن هنا أن نشير) 5(

ة يرد عندها العبد إلى الصحو لكى يؤدى ما يجب عليه من الفرائض فى أوقاتها، ويكون رجوعه هللا باهللا فى مذهب القشيري وهو الفرق الثاني وهى حالة عزيز ) .39انظر الرسالة القشيرية ص (

)1/51(

.، وأدركتهم مصائب الحرمان، وركبتهم سطوة الرد، وغلبتهم بواده الصد والطرد» 1«المغضوب عليهم الذين صدمتهم هواجم الخذالن إذ يحسبون أنهم على ) شقاء(وهو فى التحقيق -سوء الخسران، فشغلوا فى الحال باجتالب الحظوظ» 2«هم الذين لحقهم ذل الهوان، وأصابهم ويقال

.شىء، وللحق فى شقائهم سرى القرب فلم يجدوا مرادا، أولئك الذين ضل ويقال هم الذين أنسوا بنفحات التقريب زمانا ثم أظهر الحق سبحانه فى بابهم شانا بدلوا بالوصول بعادا، وطمعوا ف

.سعيهم، وخاب ظنهم .وال الضالين عن شهود سابق االختيار، وجريان التصاريف واألقدار. ويقال غير المغضوب عليهم بنسيان التوفيق، والتعامي عن رؤية التأييد

.طاعةويقال غير المغضوب عليهم بتضييعهم آداب الخدمة، وتقصيرهم فى أداء شروط ال .ويقال غير المغضوب عليهم هم الذين تقطعوا فى مفاوز الغيبة، وتفرقت بهم الهموم في أودية وجوه الحسبان

تحقيق لآلمال، ويقول العبد عند قراءة هذه السورة آمين، والتأمين سنة، ومعناه يا رب افعل واستجب، وكأنه يستدعى بهذه القالة التوفيق لألعمال، وال] فصل[وإن أقوى . عن الحول والطاقة والمنة واالستطاعة إلى حضرة الجود» 3«) بتبريه(جله بساحات االفتقار، ويناجى حضرة الكرم بلسان االبتهال، ويتوسل وتحط ر

.وسيلة للفقير تعلقه بدوام االستعانة لتحققه بصدق االستغاثة

السورة التي تذكر فيها البقرة :قوله تعالى

حمن الرحيم االسم مشتق من السمو والسمة، فسبيل من يذكر هذا االسم أن يتسم بظاهره بأنواع المجاهدات، ويسمو بهمته إلى محال بسم الله الر فمن عدم سمة المعامالت على ظاهرة، وفقد. المشاهدات

__________ . 44ص ) أولئك هم سادات الوقت.. نهم من يكون فوق ما يفجؤه حاال ووقتاومنهم من تغيرهم البواده وتصرفه الهواجم، وم(يقول القشيري في الرسالة ) 1(

[.....] ) .أحبابهم(وردت ) 2( ) .بتبريه(والصواب ) ببريته(وردت ) 3(

)1/52(

) 1(الم

.سمو الهمة للمواصالت بسرائره لم يجد لطائف الذكر عند قالته، وال كرائم القرب فى صفاء حالته :فمعنى بسم اهللا. الذي له اإللهية، واإللهية استحقاق نعوت الجالل: اهللامعنى ] فصل[

فسماع اإللهية يوجب الهيبة واالصطالم، وسماع الرحمة يوجب القربة . الرحمن الرحيم من توحد فى ابتداء الفضل والنصرة. باسم من تفرد بالقوة والقدرةوإذا كاشفه . ه اآلية رده بين صحو ومحو، وبقاء وفناء، فإذا كاشفه بنعت اإللهية أشهده جالله، فحاله محووكل من الطفه الحق سبحانه عند سماع هذ. واإلكرام

:بنعت الرحمة أشهده جماله فحاله صحو فكم أحيا لديك وكم أبيد... أغيب إذا شهدتك ثم أحيا

:قوله جل ذكره ]1آية ) : 2(سورة البقرة [

حيم بسم الله الرحمن الر )1(الم

عند قوم، ويقولون لكل كتاب سر، وسر اهللا فى القرآن هذه الحروف -هذه الحروف المقطعة فى أوائل السورة من المتشابه الذي ال يعلم تأويله إال اهللا .» الملك«و » المجيد«اسمه ، والميم يدل على» اللطيف«، والالم يدل على اسمه » اهللا«وعند قوم إنها مفاتح أسمائه، فاأللف من اسم . المقطعة

.وقيل أقسم اهللا بهذه الحروف لشرفها ألنها بسائط أسمائه وخطابه .وقيل إنها أسماء السور

صلى عليه وسلم، فهذا الكتاب نزل من اهللا على لسان جبريل » محمد«والميم تدل على اسم » جبريل«والالم تدل على اسم » اهللا«وقيل األلف تدل على اسم .صلى اهللا عليه وسلم إلى محمد

تأمل هذه واأللف من بين سائر الحروف انفردت عن أشكالها بأنها ال تتصل بحرف فى الخط وسائر الحروف يتصل بها إال حروف يسيرة، فينتبه العبد عند .الصفة إلى احتياج الخلق بجملتهم إليه، واستغنائه عن الجميع

تقدس الحق سبحانه وتعالى عن التخصص من حالة األلف» 1«ويقال يتذكر العبد المخلص __________

.وهى خطأ من الناسخ) المخلض(وردت في ص ) 1(

)1/53(

) 2(ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقين

.فإنها هويته، ال تضاف إلى محل غير األلف» 2«أو اللسان إلى غيره من المدارج » 1«بالمكان فإن سائر الحروف لها محل من الحلق أو الشفة .هويقال اإلشارة منها إلى انفراد العبد هللا سبحانه وتعالى فيكون كاأللف ال يتصل بحرف، وال يزول عن حالة االستقامة واالنتصاب بين يدي

حقه، وعند سماع الميم بموافقة ) مراعاة(ن جانبه فى ويقال يطالب العبد فى سره عند مخاطبته باأللف بانفراد القلب إلى اهللا تعالى، وعند مخاطبته بالالم بلي .أمره فيما يكلفه

ب إشارة ويقال اختص كل حرف بصيغة مخصوصة وانفردت األلف باستواء القامة، والتميز عن االتصال بشىء من أضرابها من الحروف، فجعل لها صدر الكتاالعليا، وفاز بالدرجة القصوى، وصلح للتخاطب بالحروف المنفردة التي هى غير مركبة، على سنة إلى أن من تجرد عن االتصال باألمثال واألشغال حظى بالرتبة :قال شاعرهم -األحباب فى ستر الحال، وإخفاء األمر على األجنبى من القصة

.» قالت قاف«: اة لقلب الحبيب بلقلت لها قفى لنا قالت قاف ال تحسبى أنا نسينا ال يخاف ولم يقل وقفت سترا على الرقيب ولم يقل ال أقف مراعوقال ... ألف : للعموم والرموز واإلشارات للخصوص، أسمع موسى كالمه فى ألف موطن، وقال لنبينا محمد صلى اهللا عليه وسلم» 3«ويقال تكثر العبارات

ما هذا الدنف؟: ىقال لى موال: وقال بعضهم» فاختصر لى الكالم اختصارا» 4«أوتيت جوامع الكلم : عليه السالم :الم الف قوله جل ذكره: تهوانى؟ قال: قلت ]2آية ) : 2(سورة البقرة [

)2(ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقين __________

.وهى خطأ من الناسخ) الشفق(وردت فى ص ) 1( .كما جاء فى الهامش -معناها المخارج) 2( .واألصح بالراء ألن القشيري فى مواضع كثيرة يقابل بين العبارة واإلشارة )العبادات(وردت فى ص ) 3( .وسيأتى تخريج الحديث فى هامش قريب. وهى خطأ من الناسخ) القلم(وردت فى ص ) 4(

)1/54(

) 3(الذين يـؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة ومما رزقـناهم يـنفقون

.ذلك الكتاب أي هذا الكتاب، وقيل إشارة إلى ما تقدم إنزاله من الخطاب، وقيل ذلك الكتاب الذي وعدتك إنزاله عليك يوم الميثاققيل .ال شك فيه، فتحقق بقولي -وقيل ذلك الكتاب الذي كتبت فيه الرحمة على نفسى المتك. ال ريب فيه، فهذا وقت إنزاله

.وقديم قضائى لمن حكمت له بالسعادة، أو ختمت عليه بالشقاوة ال شك فيهوقيل الكتاب الذي هو سابق حكمى، ) .» 1«حكمى الذي أخبرت أن رحمتى سبقت على غضبى ال شك فيه (وقيل

د اللقاء، وبكتاب قوقيل إشارة إلى ما كتب فى قلوب أوليائه من اإليمان والعرفان، والمحبة واإلحسان، وإن كتاب األحباب عزيز على األحباب، ال سيما عند ف :األحباب سلوتهم وأنسهم، وفيه شفاؤهم وروحهم، وفى معناه أنشدوا

وفيها شفاء للذى أنا كاتم... وكتبك حولى ال تفارق مضجعى :وأنشدوا

وشفى القلوب فنلن غايات المنى... ورد الكتاب بما أقر عيوننا »2« قسما وكان أجلهم حظا أنا... وتقاسم الناس المسرة بينهم

قائق هدى للمتقين أي بيانا وحجة، وضياء ومحجة، لمن وقاه الحق سبحانه وتعالى من ظلمات الجهل، وبصره بأنوار العقل، واستخلصه بح: قوله جل ذكره .ولم ير نجاته إال بفضل موالهالمتقى من اتقى رؤية تقاه، ولم يستند إلى تقواه، . وهذا الكتاب لألولياء شفاء، وعلى األعداء عمى وبالء. الوصل

:قوله جل ذكره ]3آية ) : 2(سورة البقرة [

)3(الذين يـؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة ومما رزقناهم يـنفقون __________

.ما بين القوسين تكملة استدرك بها الناسخ فأثبتها فى هامش الصفحة) 1(لى ناسخ يظهر اهتماما بأبيات الشعر فوصلتنا رديئة الخط كثيرة األخطاء فقمنا بتصحيحها بقدر اإلمكان حتى تبدو ذات معنى، وذلك استنادا إلم يكن ال) 2(

.حالة لها اكثر ضبطا إما في مواضع أخرى من هذا الكتاب أو من كتب القشيري األخرى

)1/55(

فالمؤمنون هم الذين . والتصديق بالعقل والتحقيق ببذل الجهد، فى حفظ العهد، ومراعاة الحد. مرين التوفيقحقيقة اإليمان التصديق ثم التحقيق، وموجب األ .صدقوا باعتقادهم ثم الذين صدقوا فى اجتهادهم

فالرب . فاإليمان به غيبي العبد مما خرج عن حد االضطرار فكل أمر دينى أدركه العبد بضرب استدالل، ونوع فكر واستشهاد » 1«وأما الغيب فما يعلمه .سبحانه وتعالى غيب

.غيب -وما أخبر الحق عنه من الحشر والنشر، والثواب والمآب، والحساب والعذابتبصار، الل ساحات االسوقيل إنما يؤمن بالغيب من كان معه سراج الغيب، وأن من أيدوا ببرهان العقول آمنوا بداللة العلم وإشارة اليقين، فأوردهم صدق االستد

.وأوصلهم صائب االستشهاد إلى مراتب السكون فإيمانهم بالغيب بمزاحمة علومهم دواعى الريبة، فطلعت شموس ومن كوشف بأنواع التعريف أسبل عليهم سجوف األنوار، فأغناهم بلوائح البيان عن كل فكر وروية، وطلب بخواطر ذكية، ورد وردع لدواع ردي

:استداللهم، وفى معناه أنشدوا أسرارهم فاستغنوا عن مصابيح وظالمه فى الناس سارى... ليلى من وجهك شمس الضحى

م ونحن فى ضوء النهار... والناس فى سدف الظال :وأنشدوا

فاستضاءت ومالها من غروب... طلعت شمس من أحبك ليال »2«وشمس القلوب ليست تغيب ... إن شمس النهار تغرب بالليل

.هود الغيب غاب فى شهود الغيب فصار غيبا يغيبومن آمن بالغيب بش »4«عن شهودها برؤية من يصلى له » 3«وأما إقامة الصالة فالقيام بأركانها وسننها ثم الغيبة

__________ .حتى تتالءم مع طبيعة الغيب) يعلمه(واألرجح أن تكون ) يعمله(وردت ) 1( وقد صححنا ذلك بما يتالءم مع الوزن والمعنى) غيبليت ت(، ) وتغيب بالليل(، ) مما لها(وردت ) 2( .كما سنجد فى الهامش التالي) الغيبة(وهى خطأ من الناسخ واألصح ) ثم الغيت(وردت ) 3(لطاعات ورؤية كان يأمرنا بالتزام ا: بماذا كان يأمركم شيخكم؟ فقالوا: القشيري هنا متأثر بفكرة الواسطي حينما دخل نيسابور وسأل أصحاب أبى عثمان) 4(

.34الرسالة ص » هال أمركم بالغيبة عنها برؤية منشئها ومجريها.... «فقال . التقصير فيها

)1/56(

:فيحفظ عليه أحكام األمر بما يجرى عليه منه، وهو عن مالحظتها محو، فنفوسهم مستقبلة القبلة، وقلوبهم مستغرقة فى حقائق الوصلة بوجهي وإن كان المصلى ورائيا. ..أرانى إذا صليت يممت نحوها أثنتين صليت الضحى أم ثمانيا؟... أصلى فال أدرى إذا ما قضيتها

أما أهل الخصوص فيردون . وإن أصحاب العموم يجتهدون عند افتتاح الصالة ليردوا قلوبهم إلى معرفة ما يؤدون من الفرض، ولكن عن أودية الغفلة ما يرجعون

ن ولكن عن حقائق الوصلة ما يرجعون فشتان بين غائب يحضر أحكام الشرع ولكن عند أوطان الغفلة، وبين غائب يرجع إلى أحكام قلوبهم إلى معرفة ما يؤدو .الشرع ولكن عند حقائق الوصلة

قون أموالهم إما نفال وإما فرضا على موجب تفصيل ومما رزقناهم يـنفقون الرزق ما تمكن اإلنسان من االنتفاع به، وعلى لسان التفسير أنهم ينف: قوله جل ذكرهشاهدة وبيان اإلشارة أنهم ال يدخرون عن اهللا سبحانه وتعالى شيئا من ميسورهم فينفقون نفوسهم فى آداب العبودية، وينفقون قلوبهم على دوام م. العلم» 1«

، » 2«من حيث األحوال، فهؤالء يكتفى منهم عشرين بنصف ومن المائتين بخمس فإنفاق أصحاب الشريعة من حيث األموال، وإنفاق أرباب الحقيقة. الربوبية .لحظة قامت عليهم القيامة -ألنفسهم ولحظوظهم -وأما أهل الحقائق فلو جعلوا من جميع أحوالهم. وعلى هذا السنن جميع األموال يعتبر فيه النصاب

. ا رضاء اهللا على مناهم، والعابدون أنفقوا فى سبيل اهللا وسعهم وقواهم، فالزموا سرا وعلنا نفوسهمالزاهدون أنفقوا فى طريقة متابعة هواهم، فآثرو ] فصل[والعارفون أنفقوا فى سبيل اهللا ما هو سوى موالهم فقربهم . والمريدون أنفقوا فى سبيله ما يشغلهم عن ذكر موالهم فلم يلتفتوا إلى شىء من دنياهم وعقباهم

.، وبحكم اإلفراد به لقاهمالحق سبحانه وأجزاهم__________

. [.....]وال يرجحها السياق فالمقصود ما يفصله العلم من مقادير زكاة المال) تفضيل(وردت ) 1( .إشارة إلى ان زكاة األموال مقدارها ربع العشر) 2(

)1/57(

) 5(أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) 4(لك وباآلخرة هم يوقنون والذين يـؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قـب

بقلوبهم، ويقال العبد بقلبه وببدنه وبماله، فبإيمانهم بالغيب قاموا » 1«والفقراء أنفقوا من هممهم على منابتهم . األغنياء أنفقوا من نعمهم على عاقبتهم] فصل[ .خصوصيةوبصالتهم قاموا بنفوسهم، وبإنفاقهم قاموا بأموالهم، فاستحقوا خصائص القربة من معبودهم، وحين قاموا لحقه بالكلية استوجبوا كمال ال

:قوله جل ذكره ]4آية ) : 2(سورة البقرة [

)4(ك وباآلخرة هم يوقنون والذين يـؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قـبل يد، وتصديق الواسطة إيمانهم بالغيب اقتضى إيمانهم بالقرآن، وبما أنزل اهللا من الكتب قبل القرآن، ولكنه أعاد ذكر اإليمان هاهنا على جهة التخصيص والتأك

صدقه تشهد على اإلطالق دون التخصيص، وإنما أيقنوا باآلخرة ألنهم صلى اهللا عليه وسلم فى بعض ما أخبر يوجب تصديقه فى جميع ما أخبر، فإن داللةأصبحت مؤمنا باهللا حقا، وكأنى بأهل الجنة يتزاورون وكأنى بأهل : شهدوا على الغيب فإن حارثة لما قال له رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كيف أصبحت؟ قال

.أصبت فالزم: اهللا صلى اهللا عليه وسلموكأنى بعرش ربى بارزا فقال رسول » 2«النار يتعاوون .وحقيقة اليقين التخلص عن تردد التخمين، والتقصي عن مجوزات الظنون. » لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا«: وهذا عامر بن عبد القيس يقول

:قوله جل ذكره ]5آية ) : 2(سورة البقرة [

)5(المفلحون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم يعنى على بيان

__________ التوبة بداية واألوبة نهاية واإلنابة واسطتهما، فكل من تاب لخوف عقوبة فهو صاحب توبة ومن تاب طمعا فى الثواب فهو : وعند القشيري) أناب(من ) 1(

) .50الرسالة ص (و صاحب اوبة صاحب إنابة، ومن تاب مراعاة لألمر ال لرغبة في الثواب، او رهبة من العقاب فهوبالرجوع إلى مصادر الحديث ) . يتعادون(من سورة البقرة 49ووردت فى موضع آخر من الكتاب عند تفسير اآلية ) وكانى بأهل النار تعاويون(وردت ) 2(

فت نفسى عن الدنيا، فأسهرت ليلى، واظمأت نهارى، عز : لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك؟ فقال: حارثة فقال) ص(سأل النبي «: وجدناه على النحو التالي .» .عرفت فالزم) : ص(فقال له النبي . وكأنى انظر إلى عرش ربى بارزا، وكأنى انظر إلى اهل الجنة يتزاورون، وإلى اهل النار فى النار كيف يتعاوون

ه ضعيف ايضاالبزاز بسند ضعيف عن انس، والطبراني فى الكبير من حديث الحارث بن مالك، وسند

)1/58(

) 6(إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتـهم أم لم تـنذرهم ال يـؤمنون

.من ربهم ويقين وكشف وتحقيق، وذلك أنه تجلى لقلوبهم أوال بآياته ثم تجلى لها بصفاته ثم تجلى لها بحقه وذاتهبدالئل العقول وضعوها فى موضعهما فوصلوا إلى حقائق العلوم، وقوم على بصيرة مالطفات التقريب فبمشاهدة الرحمة والكرم » بهم على هدى من ر «وقوم

.وصلوا إلى بيان اليقين، وآخرون ظهرت الحقيقة ألسرارهم فشهدوا بالغيب حقيقة الصمدية، فوصلوا بحكم العرفان إلى عين االستبصارالنفوس من » 2«، والفوز بالطلبة، ولقد نال القوم البقاء فى مشهد اللقاء فظفروا بقهر األعداء، وهى غانمة » 1«الفالح الظفر بالبغية » المفلحون وأولئك هم «

.، فوقفوا بالحق للحق بال واسطة من عقل، أو رجوع إلى ذكر وفكر» 3«هواجسها، ثم زالت القلوب من خواطرها :قوله جل ذكره

]6آية ) : 2(سورة البقرة [

)6(إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتـهم أم لم تـنذرهم ال يـؤمنون إلى هومن كان فى غطاء وصفه محجوبا عن شهود حقه فاإلشارة لنعته أنه سيان عنده قول من دله على الحق، وقول من أعانه على استجالب الحظ، بل

كيف ال؟ وهو بكى الفرقة موسوم، وفى سجن الغيبة محبوس، وعن محل القربة ممنوع، ال يحصل منهم إيمان، . دواعى الغفلة أميل، وفى اإلصغاء إليها أرغبكبسته » 4«احم الحق فى القضية حكم سبق من اهللا حتم، وقول له فصل، وإن القدرة ال تعارض، ومن ز . ألنه ليس لهم من الحق أمان فلما لم يؤمنوا لم يؤمنوا

.الحكم» 5«سطوات العزة، وقصمته بواده يسلك ويقال إن الكافر ال يرعوى عن ضاللته لما سبق من شقاوته، وكذلك المربوط بأغالل نفسه محجوب عن شهود غيبه وحقه، فهو ال يبصر رشده، وال

ويقال إن. قصده__________

.من الناسخوهى خطأ ) بالبغتة(وردت فى ص ) 1( .الغاغة مرعى البهائم) 2( .47، 46إن الهاجس خاص بالنفس والخاطر خاص بالقلب ص : يقول القشيري فى رسالته) 3( .القضية هنا معناها القضاء) 4( ) .44الرسالة ص (البواده ما يفجأ القلب من الغيب على سبيل الوهلة ) 5(

)1/59(

) 8(ومن الناس من يـقول آمنا بالله وباليـوم اآلخر وما هم بمؤمنين ) 7(على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ختم الله على قـلوبهم و

حانه وتعالى نزع عن أحواله بركات اإلنصاف، فال يدرك بسمع الذي بقي فى ظلمات رعونته سواء عنده نصح المرشدين وتسويالت المبطلين، ألن اهللا سب :القبول، وال يصغى إلى داعى الرشاد، كما قيل

وعلى عصيان النصوح... وعلى النصوح نصيحتى .فضالهويقال من ضل عن شهود المنة عليه فى سابق القسمة توهم أن األمر من حركاته وسكناته فاتكل على أعماله، وتعامى عن شهود أ

:قوله جل ذكره ]7آية ) : 2(سورة البقرة [

)7(ختم الله على قـلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم أعدائه ما فيها من الجهالة والضاللة، وال الختم على الشيء يمنع ما ليس فيه أن يدخله وما فيه أن يخرج منه، وكذلك حكم الحق سبحانه بأال يفارق قلوب

على أسماع قلوبهم غطاء الخذالن، سدت تلك المسامع عن إدراك خطاب الحق من حيث اإليمان، فوساوس الشيطان . يدخلها شىء من البصيرة والهداية .وهواجس النفوس شغلتها عن استماع خواطر الحق

المسائل فى قلوبهم شغلت قلوبهم عن ورود أسرار الحق عليهم بال واسطة، وإنما ذلك لخاص الخاص، لذا قال وأما الخواص فخواطر العلوم وجوالن تحقيقات فهذا المحدث مخصوص من الخواص كما أن صاحب العلوم » 1» «لقد كان فى األمم محدثون فإن يكن فى أمتى فعمر«: رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

ائر األجانب غشاوة فال يشهدون ال ببصر العلوم وال ببصيرة الحقائق، ولهم عذاب عظيم لحسبانهم أنهم على شىء، وعلى بص. مخصوص من بين العوام »... ) و (وغفلتهم عما منوا من المحنة

.، فى العاجل فرقته، وفى اآلجل حرقته» 3«فى الحال والمال :قوله جل ذكره

]8آية ) : 2(سورة البقرة [

)8(ن يـقول آمنا بالله وباليـوم اآلخر وما هم بمؤمنين ومن الناس م __________

.» إن من أمتى مكلمين ومحدثين وإن عمر منهم«للحديث صورة أخرى ) 1( .مشتبهة فى ص) 2( .حتى تنسجم مع العاجل واآلجل) فى الحال والمآل(واألرجح أنها ) 3(

)1/60(

فسهم وما يشعرون يخادعو ) 10(في قـلوبهم مرض فـزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ) 9(ن الله والذين آمنوا وما يخدعون إال أنـ

:وما هم بمؤمنين كذا قيل: فهتك اهللا أستارهم بقولهثبتوا على نفاقهم، ودأبوا على أن يلبسوا على المسلمين، فضح االمتحان ما يدعيه... من تحلى بغير ما هو فيه

ولوال » ار إن المنافقين في الدرك األسفل من الن «: ولما تجردت أقوالهم عن المعاني كان وبال ما حصلوه منها أكثر من النفع الذي توهموه فيها، ألنه تعالى قال .نفاقهم لم يزدد عذابهم

فكانوا يقولون نشهد إنك لرسول اهللا، » والله يشهد إن المنافقين لكاذبون «: ويقال لما عدموا صدق األحوال لم ينفعهم صدق األقوال، فإن اهللا تعالى قال :فى الحال، وقيل وكذلك من أظهر من نفسه ما لم يتحقق به افتضح عند أرباب التحقيق

لست منها وال قالمة ظفر... أيها المدعى سليمى هواها ألصقت فى الهجاء ظلما بعمرو... إنما أنت فى هواها كواو

:قوله جل ذكره

]9آية ) : 2(سورة البقرة [فسهم وما يشعرون )9( يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إال أنـ

إلى أنفسهم فصاروا فى التحقيق كأنهم خادعوا أنفسهم، فما استهانوا إال بأقدارهم، وما استخفوا إال بأنفسهم، وما ذاق » 1«عاد وبال خداعهم والعقوبة عليه .ومن كان عالما بحقائق المعلومات فمن رام خداعه إنما يخدع نفسه. وبال فعلهم سواهم، وما قطعوا إال وتينهم

ألنه » 2«شارة فى هذه اآلية أن من تناسى لطفه السابق وقال لى ربى ومنى وأنا يقع فى وهمه وظنه لك وبك ومنك وأنت، وهذا التوهم أصعب العقوبات واإل .يرى سرابا فيظنه شرابا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد اهللا عنده فوقاه حسابه

:قوله جل ذكره ]10آية ) : 2(سورة البقرة [ )10(ي قـلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ف

فى قلوب المنافقين مرض الشك، ويزيدهم اهللا مرضا بتوهمهم أنهم نجوا بما لبسوا__________

.وربما قصد القشيري عودة الضمير على مفهوم، وهو جريمة الخداعواألصح أن تكون عليه ألن الضمير يعود على الخداع ) عليها(وردت فى ص ) 1( 149ص » التوحيد إسقاط الياءات فال تقول لى وبي ومنى وإلى«جاء فى رسالة القشيري ) 2(

)1/61(

يتقدم فى ) أن(إرادته بهواه اإلشارة يحصل لمن خلط قصده بحظه، وشاب ) وفى. (على المسلمين، ثم لهم عذاب أليم مؤلم، يخلص وجعه إليهم فى المآلفى اآلخرة من » 1«ولو أن المنافقين أخلصوا فى عقائدهم ألمنوا . اإلرادة بقدم، ويتأخر بالحظوظ ومتابعة النفس بأخرى، فهو ال مريد صادق وال عاقل متثبت

، كذلك لو صدق المريد فى إرادته لوصل بقلبه إلى حقائق » 2«العقوبة كما أمنوا فى الدنيا من نحو بذل الجزية وغير ذلك مما هو صفة أهل الشرك والذمة :الوصلة، وألدركته بركات الصدق فيما رامه من الظفر بالبغية، ولكن حاله كما قيل

»3«ولو خلصنا تخلصنا من المحن ... فما ثبتنا فيثبت لنا عدل بال حنف وأما من ركن إلى الدنيا واتبع الهوى . حيل بينه وبين مواصالت القرب والمناجاة وإن من سقمت عبادته حيل بينه وبين درجات الجنات، ومن سقمت إرادته

يتضاعف حرصهم على -عجل لهم العقوبة عليه -إلى دار الغرور سقم لقلوبهم، والزيادة فى علتهم تكون بزيادة حرصهم كلما وجدوا منها شيئا» 4«فسكونهم .ما لم يجدوه

شتت همومهم ثم تنغص عيشهم فيبغون بها عن موالهم، ولم يكن لهم استمتاع وال راحة فيما آثروه من متابعة هواهم، وهذا جزاء ثم من العقوبات العاجلة لهم ت :من أعرض عن صحبة مواله، وفى معناه قيل

»5«لمن ابتغى عوضا ليسلو فلم يجد ... تبدلت فتبدلنا وا حسرتا .إنما هى الحسرة يوم الكشف إذا رأوا أشكالهم الذين صدقوا كيف وصلوا، ورأوا أنفسهم كيف خسرواواإلشارة فى العذاب األليم بما كانوا يكذبون

__________ . [.....]وهى خطأ من الناسخ) آلمنوا(وردت ) 1( .وهى خطأ فى الكتابة) وألزمته(وردت ) 2(وإن كان الحنف معناه الميل ) حنف(ال ) حيف(تفقده كل قيمة، وترجح أنها أصلحنا قليال فى البيت لكى يؤدى معنى، ألن ما فى البيت من اخطاء كتابية) 3(

.إال أن الحيف وهو الظلم أقرب .، وكالهما مقبول... ) ومن ركن (حتى تتالءم مع ) فركونهم(ويحتمل ايضا انها فى األصل ) 4( .د وقع فى اخطاء أخرى عند النقلويبدو أن الناسخ ق) ليلى(و ) وا خسرانا(وزن البيت غير سليم وقد ورد فيه ) 5(

)1/62(

وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا ) 12(أال إنـهم هم المفسدون ولكن ال يشعرون ) 11(وإذا قيل لهم ال تـفسدوا في األرض قالوا إنما نحن مصلحون ) 13(نـؤمن كما آمن السفهاء أال إنـهم هم السفهاء ولكن ال يـعلمون أ

:قوله جل ذكره ]12الى 11اآليات ) : 2(سورة البقرة [

)12(م المفسدون ولكن ال يشعرون أال إنـهم ه ) 11(وإذا قيل لهم ال تـفسدوا في األرض قالوا إنما نحن مصلحون ين أنه إذا دعاهم واعظ فى قلوبهم من خفى خواطرهم إلى ما فيه رشدهم تتبعوا رخص التأويل، ولبسوا على أنفسهم ما يشهد بقساوة قلوبهم، وح: اإلشارة منها

.وسلبهم اإليمان بها» 1«تصامما عن الحق، وابتالهم باالعتراض على الطريقة جحدوا برهان الحق من خواطر قلوبهم نزع اهللا البركة من أحوالهم، وأبدلهممن : هلها، وفى المثلوكما أن المرتد أشد على المسلمين عداوة كذلك من رجع عن اإلرادة إلى الدنيا والعادة فهو أشد الناس إنكارا لهذه الطريقة، وأبعد من أ

.ما أصابهتمنى أن يقع بجميع الناس » 2«اخترق كدسه .غير مقبول كما أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم لم يقبل زكاة ثعلبة -عند الصادقين منهم -وإرفاق المرتدين عن طريق اإلرادة

هم المفسدون أال إنـهم «: ويقال كفى لصاحب الكذب فضيحة بأن يقال له فى وجهه كذبت، فهم لما قالوا إنما نحن مصلحون، أكذبهم الحق سبحانه فقال .إنا نعلمهم فنفضحهم: » ولكن ال يشعرون :قوله عز ذكره

]13آية ) : 2(سورة البقرة [

)13(ن ال يـعلمون وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنـؤمن كما آمن السفهاء أال إنـهم هم السفهاء ولك الكسل والعجز، اإلشارة منها أن المنافقين لما دعوا إلى الحق وصفوا المسلمين بالسفه، وكذلك أصحاب الغنى إذا أمروا بترك الدنيا وصفوا أهل الرشد ب

ة وقعوا فى الذل مخالفة الذل، ويقولون إن الفقراء ليسوا على شىء، ألنه ال مال لهم وال جاه وال راحة وال عيش، وفى الحقيقة هم الفقراء وهم أصحاب المحن ومارسوا الهوان خشية الهوان، شيدوا القصور ولكن

__________ .يقصد القشيري طريقة الصوفية) 1( ) .الوسيط واللسان(المجتمع من كل شىء كالحب المحصود والتمر والدرام والرمل والجمع اكداس : الكدس بضم الكاف وتسكين الدال) 2(

)1/63(

) 15(الله يستـهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يـعمهون ) 14(مستـهزئون وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن

أدرجوا اللحد، ركضوا فى ميدان الغفلة ولكن عثروا فى أودية الحسرة، وعن قريب سيعلمون، ولكن حين ال ينفعهم علمهم، وال سكنوا القبور، زينوا المهد ولكن .يغنى عنهم شىء

أفرس تحتك أم حمار... سوف ترى إذا انجلى الغبار :قوله جل ذكره

]15الى 14اآليات ) : 2(سورة البقرة [

هم في طغيانهم يـعمهون ) 14(وا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستـهزؤن وإذا لقوا الذين آمن )15(الله يستـهزئ بهم ويمدمسلمين قالوا نحن معكم، وإذا خلوا بأضرابهم من الكفار أظهروا اإلخالص لهم، أراد المنافقون أن يجمعوا بين عشرة الكفار وصحبة المسلمين، فإذا برزوا لل

، وكذلك من رام أن يجمع بين طريق اإلرادة وما عليه » مذبذبين بـين ذلك ال إلى هؤالء وال إلى هؤالء «: قال اهللا تعالى. فأرادوا الجمع بين األمرين فنفوا عنهما، وإذا ادلهم الليل من هاهنا أدبر النهار من هاهنا، ومن كان له فى كل » المكاتب عبد ما بقي عليه درهم«ئم ذلك، فالضدان ال يجتمعان، و أهل العادة ال يلت

وال له فى التحقيق ، فقلبه أبدا خراب، ال يهنأ بعيش،» 1«(....) ناحية خليط، وفى زاوية من قلبه ربيط كان نهبا للطوارق، ينتابه كل قوم، وينزل فى قلبه كل :رزق من قلبه، قال قائلهم فهم ال يصبرون على طعام... أراك بقية من قوم موسى

أي يجازيهم على استهزائهم، كذلك لما ألقى القوم أزمتهم فى أيدى الشهوات » الله يستـهزئ بهم «: ولما قال المنافقون إنما نحن مستهزئون قال اهللا تعالىهؤالء فى » 2«ى أودية التفرقة، فلم يستقر لهم قدم على مقام فتطوحوا فى متاهات الغيبة، وكما يمد المنافقين فى طغيانهم يعمهون يطيل مدة استهوتهم ف

م القبيحة فى وتحسين أعماله. مخايل األمل فيكونون عند اقتراب آجالهم أطول ما كانوا أمال، وأسوأ ما كانوا عمال، ذلك جزاء ما عملوا، ووبال ما صنعوا أعينهم من

__________ .مشتبهة فى ص) 1( .والسياق يقبل كليهما) مد(وربما كانت يطيل ) 2(

)1/64(

قد نارا فـلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم مثـلهم كمثل الذي استـو ) 16(أولئك الذين اشتـروا الضاللة بالهدى فما ربحت تجارتـهم وما كانوا مهتدين ) 17(وتـركهم في ظلمات ال يـبصرون

.أجل مصيبة لهم» 1«أشد العقوبات لهم، ورضاؤهم بما فيه من الفترة :قوله جل ذكره

]16آية ) : 2(سورة البقرة [

)16(الضاللة بالهدى فما ربحت تجارتـهم وما كانوا مهتدين أولئك الذين اشتـروا :اإلشارة منها أن من بقي عن الحقوق بالبقاء فى أوطان الحظوظ خسرت صفقتهم

.والذي رضى بالدنيا عن العقبى لفى خسران ظاهر. وما ربحت تجارتهم .سراناومن آثر الدنيا أو العقبى على الحق تعالى ألشد خ

بقلبه عن مواله، وبقي فى أسر الشهوات، ال إلى قلبه رسول، وال » 3«بفوات النعيم مغبونا فالذى مني بالبعاد عن المناجاة وانحاز » 2«وإذا كان المصاب .فهذا هو المصاب والممتحن -لروحه وصول، وال معه مناجاة، وال عليه إقبال، وال فى سره شهود

:ته ربه، فاألوقات ال خلف عنها وال بدل منها، ولقد قال بعضهموإن من فاته وقت فقد فا فبكى عليك الناظر... كنت السواد لمقلتى

فعليك كنت أحاذر... من شاء بعدك فليمت :قوله جل ذكره

]17آية ) : 2(سورة البقرة [ )17(هب الله بنورهم وتـركهم في ظلمات ال يـبصرون مثـلهم كمثل الذي استـوقد نارا فـلما أضاءت ما حوله ذ فى ابتداء ليلته ثم أطفئت النيران فبقى صاحبها فى الظلمة، كذلك المنافق ظهر عليه شىء من » 4«هذا مثل ضربه اهللا سبحانه للمنافقين بمن استوقد نارا

.بأليم العقوبة، أو الح شىء من إقرارهم ثم بقوا فى ظلمة إنكارهم العوافي فى الدنيا بظاهره ثم امتحنوا فى اآلخرةإلى الحقيقة، ويعود إلى واإلشارة من هذه اآلية لمن له بداية جميلة يسلك طريق اإلرادة، ويتعني مدة، ويقاسى بعد الشدة شدة، ثم يرجع إلى الدنيا قبل الوصول

يثمر، وأزهر غصنه ثم لم يدركه، وعجل كسوف الفترة علىأورق عوده ثم لم . ما كان فيه من ظلمات البشرية__________

) .199الرسالة ص (الفترة رجوع عن اإلرادة وخروج منها، والوقفة سكون عن السير باستحالء حاالت الكسل، ووقفة المريد شر من فترته ) 1( .فى ص وهى غير مالئمة) المصايب(وردت ) 2( .ا اخترناواألرجح م) وأنجاز(وردت ) 3( .واألرجح ما اخترنا) نارى(وردت ) 4(

)1/65(

يط ذر الموت والله مح أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبـرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق ح ) 18(صم بكم عمي فـهم ال يـرجعون ) 19(بالكافرين

.أقمار حضوره، وردته يد القهر بعد ما أحضره لسان اللطف، فوطن عن القرب قلبه، وغل من الطالبين نفسه، فكان كما قيل وحسبنا من الفراق أمنا... حين قر الهوى وقلنا سررنا فأبادوا من شملنا ما جمعنا... بعث البين رسله فى خفاء

ماله من أحواله بقي فى ظلمة » 1«( ... ) إلشارة فى هذه اآلية لمن له أدنى شىء من المعاني فيظهر الدعاوى فوق ما هو به، فإذا انقطع عنه وكذلك تحصل ا .دعاواه

.يترك الكل ويحمل الكل برز عليه الموت من مكامن المكر ف -وكذلك الذي يركن إلى حطام الدنيا وزخرفها، فإذا استتبت األحوال وساعد األمل وارتفع المراد :قوله جل ذكره

]18آية ) : 2(سورة البقرة [

)18(صم بكم عمي فـهم ال يـرجعون ن عن تماديهم صم عن سماع دواعى الحق بآذان قلوبهم، بكم عن مناجاة الحق بألسنة أسرارهم، عمى عن شهود جريان المقادير بعيون بصائرهم، فهم ال يرجعو

.كهم، وال يرتدعون عن انهماكهم فى ضاللتهمفى تهت .ويقال صم عن السماع بالحق، بكم عن النطق بالحق، وعمى عن مطالعة الخلق بالحق

.لم يسبق لهم الحكم باإلقالع، ولم تساعدهم القسمة باالرتداع :قوله جل ذكره

]19آية ) : 2(سورة البقرة [

)19(ن ات ورعد وبـرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافريأو كصيب من السماء فيه ظلمفى المطر من الرعد معنى قوله أو إلباحته ضرب مثلهم إما بهذا وإما بذلك شبه القرآن بمطر ينزل من السماء، وشبه ما فى القرآن من الوعد والوعيد بما

كذلك اإلشارة ألصحاب الغفالت إذا طرق أسماعهم وعظ الواعظين، أو الحت لقلوبهم أنوار . والبرق، وشبه التجاءهم إلى الفرار عند سماع أصوات الرعد

يقتهم الفاسدة، وتعللوا بأعذار واهية،السعادة ولو أقلعوا عماهم فيه من الغفلة لسعدوا، لكنهم ركنوا إلى التشاغل بآمالهم الكاذبة، وأصروا على طر __________

.هنا كلمات زائدة وضع الناسخ عليها عالمات مميزة توضح ضرورة االستغناء عنها) 1(

)1/66(

يا أيـها ) 20(شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير يكاد البـرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو بلكم لعلكم تـتـقون ) 21(الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قـ

:» 1«لكون أنفسهم، ويسعون فى الخطر بأيمانهم ويحلفون باهللا لو استطعنا لخرجنا معكم، يه ستر القبيح وأظهر اإلحسانا... إن الكريم إذا حباك بوده

الوصال وقال كان وكانا» 3«مل ... إذا أراد قطيعة » 2«وكذا الملول :قوله جل ذكره

]20آية ) : 2(سورة البقرة [

)20(ه على كل شيء قدير اء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الل يكاد البـرق يخطف أبصارهم كلما أضأو داخلهم شىء من الوهلة تقرب أحوالهم قلوبهم إلى الرقة،» 4«إذا حضروا مشاهد الوعظ، أو جنحت -كذلك أصحاب الغفالت -من تمام مثل المنافقين

وبسطوا فيهم لسان النصح، من التوبة، وتقوى رغبتهم فى اإلنابة حتى إذا رجعوا إلى تدبرهم، وشاوروا إلى قرنائهم، أشار األهل والولد عليهم بالعود إلى دنياهم، :وهددوهم بالضعف والعجز، فيضعف قصودهم، وتسقط إرادتهم، وصاروا كما قيل

كذى الضنى عاد إلى نكسة... إذا ارعوى، عاد إلى جهله يعني سمع المنافقين الظاهر وأبصارهم الظاهرة، كما أصمهم وأعماهم بالسر، فكذلك أرباب الغفلة، والقانعون » ولو شاء اهللا لذهب بسمعهم وأبصارهم«: وقال

.عملونه من ظاهر الطاعات، كما سلبهم التحقيق فيما يستبطنونه من صفاء الحاالتفاهللا تعالى قادر على سلبهم التوفيق فيما يست -من اإلسالم بالظواهر :قوله جل ذكره

]21آية ) : 2(سورة البقرة [

)21(يا أيـها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قـبلكم لعلكم تـتـقون ى استفراغ الطاقة فى مطالبات تحقيق الغيب، ويدخل فيه التوحيد بالقلب، والتجريد بالسر، والتفريد بالقصد، والخضوع بالنفس، العبادة موافقة األمر، وه

.واالستسالم للحكم ويقال اعبدوه بالتجرد عن المحظورات، والتجلد فى أداء الطاعات، ومقابلة الواجبات

__________ ...]. [..جمع يمين ومعناها هنا اليد) 1( .وهى خطأ فى النسخ) الملوك(وردت ) 2( .وهى خطأ فى النسخ) مال(وردت ) 3( .وهى خطأ فى النسخ) جنهت(وردت في ص ) 4(

)1/67(

تم تـعلمون الذي جعل لكم األرض فراشا والسماء بناء وأنـزل من السماء ماء فأخرج به من الثمر وإن كنتم في ريب ) 22(ات رزقا لكم فال تجعلوا لله أندادا وأنـفإن لم تـفعلوا ولن تـفعلوا فاتـقوا النار التي وقودها الناس ) 23(ى عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين مما نـزلنا عل

) 24(والحجارة أعدت للكافرين

.لخشوع واالستكانة، والتجافي عن التعريج فى منازل الكسل واالستهانةبا .على حد الخوف والرجاء - أعنى لعل -تقريب األمر عليهم وتسهيله، ولقد وقفهم بهذه الكلمة: » لعلكم تـتـقون «: قوله

.عن متوعدات العقاب» 1«) بالطاعة(وحقيقة التقوى التحرز والوفاء :قوله جل ذكره

]22آية ) : 2(سورة البقرة [

تم تـعلمون الذي جعل لكم األرض فراشا والسماء بناء وأنـزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات ر )22(زقا لكم فال تجعلوا لله أندادا وأنـويقال . مرفوعا، وإنشاء األرض لهم فرشا موضوعا، وإخراج النبات لهم بالمطر رزقا مجموعا» 2«عليهم من خلق السماء لهم سقفا تعرف إليهم بذكر ما من به

غال، رفة، والعبادة شأعتقهم عن منة األمثال بما أزاح لهم من العلة فيما ال بد منه، فكافيهم السماء لهم غطاء، واألرض وطاء، والمباحات رزقا، والطاعة حفال تجعلوا هللا أندادا، وال تعلقوا قلوبكم باألغيار فى طلب ما تحتاجون إليه فإن الحق سبحانه وتعالى متوحد باإلبداع، ال محدث -والذكر مؤنسا، والرب وكيال

.كافى التحقيق شر -سواه، فإذا توهمتم أن شيئا من الحادثات من نفع أو ضرر، أو خير أو شر يحدث من مخلوق كان ذلكتم تـعلمون «: وقوله عز وجل .أن من له حاجة فى نفسه ال يصلح أن ترفع حاجتك إليه» وأنـ

.وتعلق المحتاج بالمحتاج، واعتماد الضعيف على الضعيف يزيد فى الفقر، وال يزيل هواجم الضر :قوله جل ذكره

]24الى 23اآليات ) : 2(سورة البقرة [

فإن لم تـفعلوا ولن تـفعلوا فاتـقوا النار التي ) 23(دقين ب مما نـزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صاوإن كنتم في ري )24(افرين وقودها الناس والحجارة أعدت للك

__________ ......) .وحقيقة االتقاء التحرز( 56هذه كلمة احتاجها السياق فآضفناها مستفيدين من اقوال القشيري فى موقف مماثل فى الرسالة ص ) 1( .وهى خطأ فى النسخ) شقفا(وردت ) 2(

)1/68(

هار كلما رزق ها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقـنا من قـبل وأتوا به متشابها ولهم وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها األنـ وا منـ ) 25(مطهرة وهم فيها خالدون فيها أزواج

هم إتيانا باآليات، لبس على بصائر األجانب حتى لم يشهدوا حبيبه صلوات اهللا عليه، فتاهوا فى أودية الظنون لما فقدوا نور العناية، فلم يزدد الرسول عليمن أعرض عن الحق سبحانه، ال يزيده ضياء الحجج إال عمى عن الحقيقة قال وإظهارا من المعجزات إال ازدادوا ريبا على ريب وشكا على شك، وهكذا سبيل

، وليبلغ عليهم فى إلزام الحجة عرفهم عجزهم عن معارضة ما آتاهم من معجزة القرآن الذي قهر » وما تـغني اآليات والنذر عن قـوم ال يـؤمنون «: اهللا تعالىوقدر عليهم أنهم لو تظاهروا فيما بينهم، واعتضدوا بأشكالهم، واستفرغوا كنه طاقتهم واحتيالهم لم يقدروا على اإلتيان بسورة مثل األنام من أولهم إلى آخرهم،

:وأخبر أنهم قطعا ال يقدرون على ذلك وال يفعلون فقال -ثم قال فإن لم تفعلوا. سورة القرآنبحيث وقودها الناس والحجارة، فإذا » 1«) سطوتها(احذروا الشرك الذي يوجب لكم عقوبة النار التي من فانظروا ألنفسكم، و -، فكان كما قال» ولن تفعلوا«

قلوب المؤمنين على غاية اإلشفاق من » 3«فكيف يطيقها الناس مع ضعفهم، وحين أشرفت » 2«() كانت تلك النار التي ال تثبت لها الحجارة مع صالبتها بشر مع ذلك » 4«إذا خوف أعداءه : وهذه سنة من الحق سبحانه. أعدت للكافرين، ففى ذلك بشارة للمؤمنين«: التثبيت فقال سماع ذكر النار تداركها بحكم

.أولياءهدعواه لمبطل فىوكما أن كيد الكافرين يضمحل فى مقابلة معجزات الرسل عليهم السالم فكذلك دعاوى الملبسين تتالشى عند ظهور أنوار الصديقين، وأمارة ا

.وعزيز من فصل وميز بين رجوع الزجر وبين وقوع القهر. منه على القلوب» 5«رجوع الزجر منه إلى القلوب، وعالمة الصادق فى معناه وقوع القهر :قوله جل ذكره

]25آية ) : 2(سورة البقرة [

توا به متشابها ولهم تجري من تحتها األنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قـبل وأ وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات )25(فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون

__________ ألنها أقرب إلى الشكل الوارد ولتالؤمها مع ) سطوتها(، وقد تخيرنا ) صفتها(طأ من الناسخ، وربما كانت فى األصل وردت بالصاد وعند ذلك يكون الخ) 1(

.المعنى والسياق .هنا كلمة زائدة وضع الناسخ عليها عالمة مميزة) 2( .وردت بالقاف وهى خطأ فى النسخ) 3( .وهى خطأ فى النسخ) اعداويه(وردت هكذا ) 4( .ولكن ما جاء بعدها يثبت خطأ الناسخ، فضال عن أنها غير ذات معنى هنا) التهم(وردت ) 5(

)1/69(

يـعلمون أ يـقولون ماذا أراد الله بهذا مثال يضل به نه الحق من ربهم وأما الذين إن الله ال يستحيي أن يضرب مثال ما بـعوضة فما فـوقـها فأما الذين آمنوا فـ كفروا فـ ) 26(كثيرا ويـهدي به كثيرا وما يضل به إال الفاسقين

البشارة للخواص بنعم معجلة مضافة إلى ويشير إلى. هذه البشارة بالجنان تتضمن تعريفا بنعم مؤجلة لعموم المؤمنين على الوصف الذي يشرح بلسان التفسيرجنان المثوبة وهذه جنان القربة، وتلك رياض النزهة وهذه رياض الزلفة، بل تلك حدائق » 1«اهللا لهم على التخصيص، فتلك المؤجلة ) ها(تلك النعم يتيح

هذه االشتعال بوجوده، وتلك راحة األبشار وهذه نزهة األسرار، األفضال وهذه حقائق الوصال، وتلك رفع الدرجات وهذه روح المناجاة، وتلك قضية جوده، .وتلك لطف العطاء للظواهر وهذه كشف الغطاء عن السرائر، وتلك لطف نواله وأفضاله وهذه كشف جماله وجالله

.وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قـبل : قوله جل ذكره: فكذلك أهل الحقائق - كاألول، فإذا ذاقوه وجدوه فوق ما تقدم -على ما يظنون -عليهم النعم فى كل وقت، فالثانى عندهم» 2«كما أن أهل الجنة تتجدد

ي، فإذا رقى أحدهم عن محله توهم أن الذي سيلقاه فى هذا النفس مثل ما تقدم فإذا ذاقه وجده فوق ذلك بأضعاف، كما أحوالهم فى السرائر أبدا فى الترق :قال قائلهم

تتحير األلباب دون نزوله... مازلت أنزل من ودادك منزال :قوله جل ذكره

]26آية ) : 2(سورة البقرة [

يـعلمون أنه الحق من ربهم وأما ال إن الله ال يستحيي أن يض يـقولون ماذا أراد الله بهذا مثال يضل به رب مثال ما بـعوضة فما فـوقها فأما الذين آمنوا فـ ذين كفروا فـ )26( الفاسقين كثيرا ويـهدي به كثيرا وما يضل به إال

.ى بفعل ذلكاالستحياء من اهللا تعالى بمعنى الترك، فإذا وصف نفسه بأنه يستحى من شىء فمعناه أنه ال يفعل ذلك وإذا قيل ال يستحى فمعناه ال يبال أقل من ذرة من الهباء فى الهواء، -باإلضافة إلى وجود الحق -والخلق فى التحقيق__________

.والسياق يرفضها ألن اإلشارة للبعيد بتلك وللقريب بهذه) المعجلة(ناسخ فى خطأ فكتبها وقع ال) 1( .أي الحق سبحانه وتعالى يجدد) يجدد(وربما كانت ) تتجدد(والسياق برفضها ويقبل ) يحدد(وردت ) 2(

)1/70(

»فى قدرته -فسيان. ألن هذا استهالك محدود فى محدود .ق العرش أشق وأعسر، وال خلق البعوضة أخف عليه وأيسر، فإنه سبحانه متقدس عن لحوق العسر واليسرالعرش والبعوضة، فال خل -

.مثال -فما دونه -فإذا كان األمر بذلك الوصف، فال يستحى أن يضرب بالبعوضة مثال كما ال يستحى أن يضرب بالعرشنسان ليطغى أن رآه استـغنى(وإذا شبعت تشققت فتلفت كذلك وطارت،» 1«وقيل إن جهة ضرب المثل بالبعوضة أنها إذا جاعت فرت ) .إن اإل

من الخلق، ولكنه لما وقيل ما فوقها يعنى الذباب، وجهة اإلشارة فيه إلى وقاحته، حتى إنه ليعود عند البالغ فى الذب، ولو كان ذلك فى األسد لم ينج منه أحد .افرا من الناس، ولما خلق الوقاحة فى الذباب خلق فيه الضعف، تنبيها منه سبحانه على كمال حكمته، ونفاذ قدرتهخلق القوة فى األسد خلق فيه تن

يـقولون ماذا أراد : قوله جل ذكره يـعلمون أنه الحق من ربهم، وأما الذين كفروا فـ .هذا مثال الله ب فأما الذين آمنوا فـوأما الذين سكرت أبصارهم بحكم الغفلة فال يزيدهم . فأما من فتحت أبصار سرائره فال ينظر إلى األغيار واآلثار إال بنظر االعتبار، وال يزداد إال نفاذ االستبصار

.ضرب األمثال إال زيادة الجهل واإلشكال واألنكال .ي به كثيرا وما يضل به إال الفاسقين يضل به كثيرا ويـهد : قوله جل ذكره

-تذكروا عند ورود الواسطة» ألست بربكم «: فمن تعرف إليه يوم الميثاق بأنوار العناية حين سمعوا قوله. هذا الكتاب لقوم شفاء ورحمة، وآلخرين شقاء وفتنةه فازدادوا بصيرة على بصيرة، ومن رسمه بذل القطيعة، وأنطقه ذلك اليوم عن الحسبان والرهبة ما ازدادوا قديم عهده، وسابق ود - صلوات اهللا عليه وعلى آله

عند حصول الدعوة__________

.وهى خطأ فى النسخ) فريت(وردت ) 1( ) . [.....]قدرة(وردت ) 3(

)1/71(

قضون عهد الله من بـعد ميثاقه و ) 27(يـقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويـفسدون في األرض أولئك هم الخاسرون الذين يـنـ

.» سقين وما يضل به إال الفا«: لذلك قال اهللا تعالى. النبوية إال جحدا على جحد، وما خفى عليهم اليوم صادق الداللة، إال لما تقدم لهم سابق الضاللة :قوله جل ذكره

]27آية ) : 2(سورة البقرة [

قضون عهد الله من بـعد ميثاقه ويـقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويـفسدون ف )27(ي األرض أولئك هم الخاسرون الذين يـنـرادة، ثم رجع إلى ما هو عليه أهل العادة، قال بترك نفسه ثم لم يصدق حين عزم األمر، ونزل من إشارة الحقيقة إلى اإلشارة فيه إلى حال من سلك طريق اإل

مادام يبقى نفس من -فغير محمود رجوعه فكذلك من قصد بقلبه -مادام يبقى درهم فى كيسه -، وكما أن من سلك الطريق بنفسه» 1«رخص الشريعة :هفغير مرضى رجوع - روحه

»2«وجدوا المنية منهال معلوال ... إن األلى ماتوا على دين الهدى .وصل أسباب الحق بقطع أسباب الخلق، وال يتم وصل ماله إال بقطع ما لك، فإذا كان األمر بالعكس كان الحال بالضد: ويقطعون ما أمر اهللا به أن يوصل

نفاق على تحصيل ذلك بصدق الهمم ال ببذل النعم، فهممهم على اتصال أسباب هذه الطريقة حفظه ذمام أهل هذه الطريقة، واإل: ومما أمر العبد بوصله :وفساد هذه الطريقة فى األرض. وانتظام أحوالها موقوفة، وقلوبهم إلى توقع الحراسة من اهللا تعالى ألهلها مصروفة .مهم، وإشحاذ قاصد بهممهم وذلك مما ال يرضى به الحق سبحانه منهمأما من لهم حواشى أحوالهم، وإطراق أمورهم فيتشاغلون عن إرشاد مريد بكال

ومن نقض العهد أيضا أن يحيد سرك لحظة عن شهوده، ومن قطع ما أمرت بوصله__________

إال -تاحة بأمر الشريعةوإن كانت م -من عناصر المذهب الصوفي عند القشيري إلحاحه الدائم على أال يلجأ الصوفي إلى االسترخاص، ذلك ألن الرخصة) 1(هؤالء الطائفة فليس لهم شغل سوى القيام بحقه «للعموم، وفيها يؤخذ فى االعتبار أمر المستضعفين وأصحاب األشغال والحوائج أما -أي الشريعة -أنها

.» سبحانه، فإذا انحط الفقير عن درجة الحقيقة إلى رخصة الشريعة فقد فسخ عهده مع اهللا تعالى .199 الرسالة ص

) .منهال معسوال: (وردت) 165و (وفى موضع آخر من اللطائف ) الهوى(وردت ) 2(

)1/72(

) 28(ن كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه تـرجعو

أال إن ذلك هو الخسران المبين، والمحنة العظمة، . م بحقه، ومن فسادك فى األرض ساعة تجرى عليك ولم تره فيهاأن يتخلل أوقاتك نفس لحظك دون القيا .والرزية الكبرى :قوله جل ذكره

]28آية ) : 2(سورة البقرة [

)28(م ثم إليه تـرجعون كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييك .هذه كلمة تعجيب وتعظيم لما فيه العبد، أي ال ينبغى مع ظهور اآليات أن يجنح إلى الكفر قلبه

تص بعض أجزاء النطفة بكونه بشرا اخ: » فأحياكم «يعنى نطفة، أجزاؤها متساوية، » وكنتم أمواتا «: فقال. ويقال تعرف إلى الخلق بلوائح دالالته، ولوامع آياته .إلى غير ذلك... عظما، وبعضها بكونه لحما، وبعضها بكونه شعرا، وبعضها بكونه جلدا

.لسعادة والشقاوةأي إلى ما سبق به حكم من ا» ثم إليه تـرجعون «بأن يحشركم بعد ما صرتم أمواتا، » ثم يحييكم «بأن يجعلكم عظاما ورفاتا، » ثم يميتكم «أي بحفظ » ثم إليه تـرجعون «به بأن يأخذكم عنكم، » ثم يحييكم «عن شواهدكم، » ثم يميتكم «بمعرفتكم بنا، » فأحياكم «بجهلكم عنا، » كنتم أمواتا «ويقال

.» 1«أحكام الشرع بإجراء الحق ء نفوسكم فأحياكم بفناء نفوسكم ثم يميتكم عنكم عن شهود ذلك لئال تالحظوه فيفسد عليكم، ثم يحييكم بأن يأخذكم عنكم ثم إليه لبقا» كنتم أمواتا «ويقال

.ترجعون بتقلبكم فى قبضته سبحانه وتعالىدال عليهم فأفناهم، فإذا صاروا إلى الفناء أثبتهم إذ أ -وبيناهم كذلك -ويقال يحبس عليهم األحوال فال حياة بالدوام وال فناء بالكلية، كلما قالوا هذه حياة

.كذلك جرت سنته سبحانه معهم... وأبقاهم، فهم أبدا بين نفى وإثبات، وبين بقاء وفناء، وبين صحو ومحو

__________ .وهى خطأ قطعا) بأجزاء(وردت ) 1(

يرد العبد إلى الصحو عند اوقات أداء الفرائض ليجرى عليه «الفرق الثاني حيث والمقصود بإجراء الحق هنا هو ما سبق ان نوهنا به فى هامش سابق عن حالة .الفرائض فى أوقاتها فيكون رجوعا هللا باهللا

.39الرسالة ص » فالحق مجرى أفعاله وأحواله عليه

)1/73(

وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في ) 29(بكل شيء عليم هو الذي خلق لكم ما في األرض جميعا ثم استـوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو ماء ونحن نسبح بحمدك ونـقدس لك قال إني أعلم ما ال تـعلم األرض خليفة قالوا أتجعل فيها م ) 30(ون ن يـفسد فيها ويسفك الد

:قوله جل ذكره ]29آية ) : 2(سورة البقرة [

)29(ماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم هو الذي خلق لكم ما في األرض جميعا ثم استوى إلى الس ق بوجه سخر لهم جميع المخلوقات على معنى حصول انتفاعهم بكل شىء منها، فعلى األرض يستقرون وتحت السماء يسكنون، وبالنجم يهتدون، وبكل مخلو

.قدرته وظهور ربوبيته به يعرفون ال بل ما من عين وأثر فكروا فيه إال وكمال. آخر ينتفعونال تسجدوا «ويقال مهد لهم سبيل العرفان، ونبههم إلى ما خصهم به من اإلحسان، ثم علمهم علو الهمة حيث استخلص لنفسه أعمالهم وأحوالهم فقال

.» للشمس وال للقمر .سبع سماوات، وهو بكل شيء عليم ثم استوى إلى السماء فسواهن : قوله جل ذكره

واألحدية والصمدية حقه وما توهموه من جواز التخصيص بمكان ! استوى، وأنى بذلك -على مخلوق -فاألكوان بقدرته استوت، ال أن الحق سبحانه بذاته .فمحال ما توهموه، إذ المكان به استوى، ال الحق سبحانه على مكان بذاته استوى

:قوله جل ذكره ]30آية ) : 2(سورة البقرة [

ك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونـقدس لك قال إني أعلم ما ال وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يـفسد فيها ويسف )30(تـعلمون

ما : العجب» 1«أمر حتى سل من كل بقعة طينة ثم أمر بأن يخمر طينه أربعين صباحا، وكل واحد من المالئكة يفضى . هذا ابتداء إظهار سره فى آدم وذريتهترجمت الظنون، » ... جاعل في األرض إني «حكم هذه الطينة؟ فلما ركب صورته لم يكونوا رأوا مثلها فى بديع الصنعة وعجيب الحكمة، فحين قال

:وتقسمت القلوب، وتجنت األقاويل، وكان كما قيل عليك من الورى وقع اختياري... وكم أبصرت من حسن ولكن

، فظاهر » في األرض خليفة إني جاعل «: ويقال إن اهللا سبحانه وتعالى خلق ما خلق من األشياء ولم يقل فى شأن شىء منه ما قال فى حديث آدم حيث قال هذا الخطاب يشبه المشاورة

__________ .بالفاء) يفضى(بالقاف والصواب أن تكون ) يقصى(وردت فى ص ) 1(

)1/74(

يقل إنى خالق عرشا أو جنة أو والحق سبحانه وتعالى خلق الجنان بما فيها، والعرش بما هو عليه من انتظام األجزاء وكمال الصورة، ولم . لو كان من المخلوقين .ملكا، وإنما قال تشريفا وتخصيصا آلدم إنى جاعل فى األرض خليفة

على وجه االعتراض على التقدير ولكن على جهة االستفهام، فإن حمل الخطاب على ما يوجب » أتجعل فيها من يـفسد فيها«: ولم يكن قول المالئكة] فصل[ .» ال يـعصون الله ما أمرهم «قال تعالى ... ألنهم معصومون تنزيه المالئكة أولى

: هم بقولهمويقال استخرج الحق سبحانه منهم ما استكن فى قلوبهم من استعظام طاعاتهم والمالحظة إلى أفعالهم بهذا الخطاب فأفصحوا عن خفايا أسرار رفهم أن الفضيلة بالعلم أتم من الفضيلة بالفعل، فهم كانوا أكثر فعال وأقدمه، وآدم كان أكثر علما وأوفره، ثم إن الحق سبحانه ع. » ونحن نسبح بحمدك «

.فظهرت فضيلته ومرتبته .، من غفرانى لهم» إني أعلم ما ال تـعلمون «: ويقال لم يقل الحق سبحانه أنتم ال تفسدون فيها وال تسفكون الدماء بل قال

، ومن غفرانه لمعاصى بنى آدم إظهار كرمه سبحانه ورحمته، والحق سبحانه غنى عن » 1«فى تسبيحهم إظهار فعلهم واشتهار خصائصهم وفضلهم : ويقال .طاعات كل مطيع، فلئن ظهر بتسبيحهم استحقاق تمدحهم ثبت بالغفران استحقاق تمدح الخالق سبحانه

:لمؤمنين منهم فى محبتنا، وذكاء سرائرهم فى حفظ عهودنا وإن تدنس بالعصيان ظاهرهم، كما قيلويقال إنى أعلم ما ال تعلمون من صفاء عقائد ا شفيع» 2«جاءت محاسنه بألف ... وإذا الحبيب أتى بذنب واحد

:ويقال إنى أعلم ما ال تعلمون من محبتى لهم، وأنتم تظهرون أحوالكم، وأنا أخفى عليهم أسرارى فيهم، وفى معناه أنشدوا عندى وال ضرك مغتاب... ا حطك الواشون عن رتبة م

»3«عليك عندى بالذي عابوا ... -ولم يعلموا -كأنهم أثنوا__________

الب، مالحظة نالحظ هنا تأثر القشيري بفكرة المالمة النيسابورية التي ظهرت فى موطنه، والتي من أصولها عدم إظهار الفعل، ألن فى ذلك مالحظة واستج) 1( .شرك خفى - فى نظر المالمتية -ل اإلنسان وهو مهما بلغ تافه حقير، واستجالب لرضاء الناس واالشتهار بينهم، وكال األمرينلفع

.وبها ينكر الوزن) بألفى(وردت ) 2( ) .يعلموا علمك(ولم ) ضربك(وردت أخطاء كثيرة فى البيتين مثل ) 3(

)1/75(

) 31(ثم عرضهم على المالئكة فـقال أنبئوني بأسماء هؤالء إن كنتم صادقين وعلم آدم األسماء كلها

وفاقكم وفى عصمة ويقال إنى أعلم ما ال تعلمون من انكسار قلوبهم وإن ارتكبوا قبيح أفعالهم، وصولة قلوبكم عند إظهار تسبيحكم وتقديسكم، فأنتم فى رتبة .فعالكم، وفى تجميل تسبيحكم، وهم منكرون عن شواهدهم، متذللون بقلوبهم، وإن النكسار قلوب العباد عندنا لذماما قوياأ

طاعتكم وفى حلة » 1«ويقال أي خطر لتسبيحكم لوال فضلى، وأي ضرر من ذنوبهم إذا كان عفوى؟ ويقال لبستكم طاعتكم ولبستهم رحمتى، فأنتم فى صدار .بيحكم، وهم فى تغمد عفوى وفى ستر رحمتى ألبستهم ثوب كرمى، وجللتهم رداء عفوىتقديسكم وتس

.إن أسعدتكم عصمتى فلقد أدركتهم رحمتى: ويقال .وإيصال عصمتى بكم عنده وجودكم وتعلق رحمتى بهم فى أزلى

.لئن كان محسنكم عتيق العصمة فإن مجرمهم غريق الرحمة: ويقالسبحانك ال علم لنا إال «: أحوالهم فألجأهم إلى االعتراف بالجهالة حتى يتبرأوا عن المعارف إال بمقدار ما من به الحق عليهم فقالوا اتكالهم على زكى: ويقال

.» ما علمتنا :قوله جل ذكره

]31آية ) : 2(سورة البقرة [

)31(لمالئكة فقال أنبئوني بأسماء هؤالء إن كنتم صادقين وعلم آدم األسماء كلها ثم عرضهم على اعلى ما نطق به تفسير ابن -عموم قوله األسماء يقتضى االستغراق، واقتران قوله سبحانه بكلها يوجب الشمول والتحقيق، وكما علمه أسماء المخلوقات كلها

محل تخصصه فى علمه أسماء المخلوقات وبذلك المقدار بان رجحانه عليهم، فأما » 2«، ولكن إنما أظهر لهم علمه أسماء الحق سبحانه -عباس وغيرهومن ليس له رتبة مساواة آدم فى معرفة أسماء المخلوقات فأى طمع فى مداناته فى . فذلك سر لم يطلع عليه ملك مقرب -سبحانه -انفراده بمعرفة أسمائه

ى أسرار الغيب؟أسماء الحق، ووقوفه عل المالئكة» 3«) به سجود(وإذا كان التخصيص بمعرفة أسماء المخلوقات يتقضى أن يصح

__________ .الصدار قميص صغير يلى الجسد، والحظ مقابلة القشيري بين الصدار للمالئكة وبين الثوب والرداء لإلنسان لتدرك مقاصده البعيدة) 1( .أي للمالئكة) 2( .ونرجح أنها كما أثبتنا) بسجود(وردت فى ص ) 3(

)1/76(

) 32(قالوا سبحانك ال علم لنا إال ما علمتـنا إنك أنت العليم الحكيم

فما الظن بالتخصيص بمعرفة أسماء الحق سبحانه؟ ما الذي يوجب لمن أكرم به؟ذه طاعات تليق بالمخلوقين فإن الطاعة سمة العبيد وال تتعداهم، والعلم فى الجملة صفة مدح يجب فى نعت ويقال خصوصية المالئكة بالتسبيح والتقديس وه

» 1«) بيانه وإن كان للمساواة أتم من الكرام بما يكون مخلوقا على جنس المخلوقات(الحق سبحانه واجبا ال يصح لغيره، فالذى يكرمه بما يتصف هو سبحانه .

إما على آدم فإنه أمهله من الوقت ما .. حرف تراخ ومهلة: ثم» ثم عرضهم «: ويقال قوله. لسر بما علمه ثم بين تخصيصه يوم الجهر وقدمهويقال أكرمه فى افلما لم يتقدم » أنبئوني«: ةوإما على المالئكة فقال لهم على وجه الوهل. تقرر ذلك فى قلبه، وتحقق المعلوم له بحقه ثم حينئذ استخبره عما تحقق به واستيقنه

.بشأنه -سبحانه -لهم تعريف تحيروا، ولما تقدم آلدم التعليم أجاب وأخبر، ونطق وأفلح، إظهارا لعنايته السابقةل ليس بتقديم تسبيحهم لكنه فى قديم فيه إشارة إلى أنهم تعرضوا لدعوى الخصوصية، والفضيلة والمزية على آدم، فعرفهم أن الفض» إن كنتم صادقين «: وقوله

لحكم ولما علم الحق سبحانه تقاصر علومهم عن معرفة أسماء المخلوقات ثم كلفهم اإلنباء عنها صار فيه أوضح داللة على أن األمر أمره، وا. تخصيصهب الغفلة بما يدعونه من قضايا العقول، ال بل له أن يلزم ما حكمه، فله تكليف المستطيع، ردا على من توهم أن أحكام الحق سبحانه معللة باستحسان أربا

.» 2«يشاء لمن يشاء، الحسن ما حكم بتحسينه والقبيح ما حكم بتقبيحه :قوله جل ذكره

]32آية ) : 2(سورة البقرة [

)32( قالوا سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، يعنى ال علم لنا بما سألتنا عنه، وال يتوجه عليك لوم فى » 3«قدموا الثناء على ذكر ما اعتذروا به، ونزهوا حقيقة حكمه عن أن يكون يعرض وهم المعترضون

تكليف العاجز__________

ها نظرا لخطورة الموقف الذي تصفه، ونرجح أن الناسخ مخطئ هكذا جاءت العبارة فى ص وهى ال تخلو من غموض ولكننا آثرنا عدم التدخل فى إصالح) 1( .فى نقله

ولكنهم نزهوا اهللا من حيث العقل فأخطأوا ونزهه الصوفية من حيث (يغمز القشيري هنا بالمعتزلة الذين يقيسون األفعال اإللهية بمقاييس إنسانية عقلية ) 2( .29الرسالة ص ) العلم فأصابوا

.، ويعرض هنا مضارع عرض فى اآلية السابقة) المعترضين(وردت ) 3(

)1/77(

بأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم هم بأسمائهم فـلما أنـ ) 33(ون غيب السماوات واألرض وأعلم ما تـبدون وما كنتم تكتم قال يا آدم أنبئـ

.بما علمت أنه غير مستطيع له، إنك أنت العليم الحكيم أي ما تفعله فهو حق صدق ليس ألحد عليك حكم، وال منك سفه وقبح :قوله جل ذكره

]33آية ) : 2(سورة البقرة [

بأهم بأسمائهم قال ألم أ هم بأسمائهم فـلما أنـ )33(قل لكم إني أعلم غيب السماوات واألرض وأعلم ما تـبدون وما كنتم تكتمون قال يا آدم أنبئـه ما لم تحط به داخلهم من هيبة الخطاب ما أخذهم عنهم، ال سيما حين طالبهم بإنبائهم إيا» أنبئوني«: من آثار العناية بآدم عليه السالم أنه لما قال للمالئكة

هم بأسمائهم «: ولما كان حديث آدم عليه السالم رده فى اإلنباء إليهم فقال. علومهم ومخاطبة آدم عليه السالم المالئكة لم يوجب له االستغراق فى » أنبئـيعنى ما » ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات واألرض «: لفلما أخبرهم آدم عليه السالم بأسماء ما تقاصرت عنها علومهم ظهرت فضيلته عليهم فقا. الهيبة

.تقاصرت عنه علوم الخلق، وأعلم ما تبدون من الطاعات، وتكتمون من اعتقاد الخيرية على آدم عليه السالم والصالةه آثار الرعاية حتى أخبر بما أخبر به، وحين أراد إمضاء حكمه فيه أدخل عليه آدم عصمه، وعلمه، وأظهر علي» 1«ولما أراد الحق سبحانه أن ينجى ] فصل[

بل فـنسي ولم نجد له عزما «: النسيان حتى نسى فى الحضرة عهده، وجاوز حده، فقال اهللا تعالى فالوقت الذي ساعدته العناية تقدم » ولقد عهدنا إلى آدم من قـالعلم واإلحسان، والوقت الذي أمضى عليه الحكم رده إلى حال النسيان والعصيان، كذا أحكام الحق سبحانه فيما تجرى وتمضى، ذل بحكمه على الجملة ب

.العبيد، وهو فعال لما يريدس بزلة جاحد عنيد، فردهم إلى ولما توهموا حصول تفضيلهم بتسبيحهم وتقديسهم عرفهم أن بساط العز مقدس عن التجمل بطاعة مطيع أو التدن] فصل[

.» 2«السجود آلدم أظهر الغناء عن كل وفاق وخالف __________

. [.....]أو ينجو آدم، واألرجح ما اخترناه -كما أثبتنا -وهى بال ريب خطأ فى النسخ ويمكن أن تكون ينجى آدم) ينجب(وردت ) 1( .ئم السياقوهى خطأ فى النسخ، وقد اخترنا ما يال) وخالق(وردت ) 2(

)1/78(

) 34(وإذ قـلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس أبى واستكبـر وكان من الكافرين

:قوله جل ذكره ]34آية ) : 2(سورة البقرة [

)34(إبليس أبى واستكبـر وكان من الكافرين وإذ قـلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال ولكن لموافقة أمره سبحانه، فكأن سجودهم آلدم عبادة هللا ألنه كان بأمره، وتعظيما آلدم ألنه أمرهم به تشريفا لشأنه، فكأن » 1«السجود ال يكون عبادة لعينه

.العبادة نهاية الخضوع وذلك ال يصح لغيره سبحانهذلك النوع خضوع له ولكن ال يسمى عبادة، ألن حقيقة بجالله ال بأفعالهم، وأن التجمل بتقديسهم وتسبيحهم عائد إليهم، فهو الذي يجل من أجله بإجالله ال بأفعالهم، ويعز من أعز -سبحانه -ويقال بين أن تقدسه

.الخلق ذكرهقدره سبحانه بإعزازه، جل عن إجالل الخلق قدره، وعز عن إعزاز ولقد كان إبليس مدة فى دالل طاعته . أبى بقلبه، واستكبر عن السجود بنفسه، وكان من الكافرين فى سابق حكمه وعلمه» فسجدوا إال إبليس «: قوله تعالى

:يختال فى صدار موافقته، سلموا له رتبة التقدم، واعتقدوا فيه استحقاق التخصيص، فصار أمره كما قيل فهبت به ريح من البين فانطفا... كان سراج الوصل أزهر بيننا و

:كان يحسب لنفسه استيجاب الخيرية، ويحسب استحقاق الزلفة والخصوصية وأصبح يوما والزمان تقلبا... مطمئنة » 2«فبات بخير والدنى

.ومن غلبه القضاء ال ينفعه العناء. أمسكته فال سالف طاعة نفعه، وال آنف رجعة رفعه، وال شفاعة شفيع أدركته، وال سابق عناية .خاب رجاؤه، وضل عناؤه. ولقد حصلت من آدم هفوة بشرية، فتداركته رحمة أحدية، وأما إبليس فأدركته شقوة أزلية، وغلبته قسمة وقضية

__________ )وذلك ال يصح لغيره سبحانه(فيما بعد بدليل قوله ) لغيره(الضمير عائد على آدم أي ليس السجود آلدم عينه، ويحتمل أنها ) 1( .وقد صححنا البيت طبقا لما ورد فى عيون األخبار البن قتيبة) والزمان(وردت ) 2(

)1/79(

ها رغدا حيث شئتما وال تـقربا هذه الش ) 35(جرة فـتكونا من الظالمين وقـلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكال منـ

:قوله جل ذكره ]35آية ) : 2(سورة البقرة [

)35(الجنة وكال منها رغدا حيث شئتما وال تـقربا هذه الشجرة فـتكونا من الظالمين وقـلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك قدا، وكانت الأسكنه الجنة ولكن أثبت مع دخوله شجرة المحنة، ولوال سابق التقدير لكان يبدل تلك الشجرة بالنضارة ذبوال، وبالخضرة يبسا، وبالوجود ف» 1«

.ويقع منه ما يقع -تصل يد آدم إلى األوراق ليخصفها على نفسه .ولو تطاولت تلك الشجرة حتى كانت ال تصل إليها يده حين مدها لم يقع فى شأنه كل ذلك التشويش ولكن بدا من التقدير ما سبق به الحكم

-قبل ارتكابه ما ارتكب، وال عزيمة أشد من عزيمته) منه(لحق عليه، وال غريبة وال مكان أفضل من الجنة وال بشر أكيس من آدم، وال ناصح يقابل قولة إشارة ا .ولكن القدرة ال تكابر، والحكم ال يعارض

باستجالب الحظ، وآدم كان فيه إشارة إلى أن الذي يليق بالخلق السكون إلى الخلق، والقيام » اسكن أنت وزوجك الجنة وكال منها رغدا «: ويقال لما قال لهما أشارت عليه عليه السالم وحده كان بكل خير وكل عافية، فلما جاء الشكل والزوج ظهرت أنياب الفتنة، وانفتح باب المحنة فحين ساكن حواء أطاعها في

:باألكل، فوقع فيما وقع، ولقد قيل صبوة إنسان بإنسان... داء قديم فى بنى آدم

.منه ابن آدم توفرت دواعيه إلى االقتراب منه» 2«وكل ما منع ] فصل[ل صبره حتى واقع فهذا آدم عليه السالم أبيحت له الجنة بجملتها ونهى عن شجرة واحدة، فليس فى المنقول أنه مد يده إلى شىء من جملة ما أبيح، وكان عي

.هكذا صفة الخلق -ما نهى عنهفإذا أخبر أنه جاعله خليفته فى » إني جاعل في األرض خليفة «: ارتكابه ما يوجب خروجه منها حين قال وإنما نبه على عاقبة دخول آدم الجنة من] فصل[

األرض كيف يمكن بقاؤه فى الجنة؟__________

.35: البقرة) وكال(، والصحيح ) فكال(وردت خطأ ) 1( .الهامشثم استدرك الناسخ فصححها على هذا النحو فى ) امتنع(وردت ) 2(

)1/80(

ها فأخرجهما مما كانا فيه وقـلنا اهبطوا بـعضكم لبـعض عدو ولك ) 36(م في األرض مستـقر ومتاع إلى حين فأزلهما الشيطان عنـ

الزلفة، ال أحد فوقه » 1«(....) ، على رأسه تاج الوصلة، وعلى وسطه نطاق القربة، وفى جيده ويقال أصبح آدم عليه السالم محمود المالئكة، مسجود الكافةفلم يمس حتى نزع عنه لباسه، وسلب استئناسه، والمالئكة يدفعونه بعنف . فى الرتبة، وال شخص مثله فى الرفعة، يتوالى عليه النداء فى كل لحظة يا آدم يا آدم

:أن اخرج بغير مكث مكرا، كذا من يأمن األحبابا... فأتاح لى من مأمنى وأمنته

:ولما تاه آدم عليه السالم فى مشيته لم يلبث إال ساعة حتى خرج بألف ألف عتاب، وكان كما قيل مثل الملوك وراحوا كالمساكين... هللا درهم من فتية بكروا

.لبس عليه ما أخفاه فيه من سرهنهاه عن قرب الشجرة بأمره، وألقاه فيما نهاه عنه بقهره، و ] فصل[ :قوله جل ذكره

]36آية ) : 2(سورة البقرة [

)36(ي األرض مستـقر ومتاع إلى حين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقـلنا اهبطوا بـعضكم لبـعض عدو ولكم ف ، وما كان تقلبهما إال فى القضية، أخرجهما عما كانا فيه من الرتبة والدرجة جهرا، ولكن » 2«ما صرفتهما إال القدرة : أي حملها على الزلة، وفى التحقيق أزلهما .شأنهما إال رفعة وقدرا -فى حكم الحق سبحانه -ما ازداد

.و وقـلنا اهبطوا بـعضكم لبـعض عد : قوله جل ذكره ) .» 3«وحرب وهو معهم محالهم بالظفر (أوقع العداوة بينهما وبين الشيطان، ولكن كان سبحانه مع آدم

.» إن عبادي ليس لك عليهم سلطان «: لم يكن للشيطان من الخطر ما يكون لعداوته إثبات، فإن خصوصية الحق سبحانه عزيزه قال تعالى] فصل[ بليس سلطان على غواية غيره لكان له إمكان فى هداية نفسه،لو كان إل] فصل[

__________ .فهى قريبة من ذلك فى الرسم) نضار(مشتبهة ولكن يحتمل انها ) 1( .هذا رأى على جانب كبير من األهمية) 2( .هكذا وردت العبارة فى ص وقد أثبتناها كما هى دون تصرف حتى فى رسم الحروف) 3(

)1/81(

تـل ) 37(قى آدم من ربه كلمات فـتاب عليه إنه هو التـواب الرحيم فـ

.وكيف يكون ذلك؟ والتفرد باإلبداع لكل شىء من خصائص نعته سبحانه .ولكم في األرض مستـقر ومتاع إلى حين : قوله جل ذكره

ض، ومعهد األرواح ومرتعها رداء العرش، ولفظ الرداء استعارة وتوسع فكيف يكون للهمم بالحدثان تعلق، ولصعود القصود إلى مشهد األشباح ومألفها أقطار األر

.الحقائق على األغيار وقوع :قوله جل ذكره

]37آية ) : 2(سورة البقرة [

تـلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التـو )37(اب الرحيم فـ :آدم كلمات، وأنشدوا -سبحانه -كلمات، وأسمع الحق -سبحانه - جرت على لسان آدم مع الحق

تكلمت السرائر فى القلوب... وإذا خفنا من الرقباء عينا .» 1«مله الحال من التأويل مطرح وأجمل الحق سبحانه القول فى ذلك إجماال ليبقى القصة مستورة، أو ليكون لالحتمال والظنون مساغ، ولما يحت

أفرارا منا يا آدم؟ : وعلى لسان التفسير أن قوله تعالى له. ويحتمل أن تكون كلمات آدم عليه السالم اعتذارا وتنصال، وكلمات الحق سبحانه قبوال وتفضال .نعم: قال أتردني إليها؟ فقالنعم، ف: أمخرجى أنت من الجنة؟ فقال: وقوله. ربنا ظلمنا أنفسنا: كذلك قوله عليه السالم

:ويقال حين أمر بخروجه من الجنة جعل ما أسمعه إياه من عزيز خطابه زادا، ليكون له تذكرة وعتادا من خشية أن تقطعا» 2«على كبدى ... وأذكر أيام الحمى ثم انثني على

إلشارة ال على معنى التفسير والتأويل، والحكم على الغيب بأنه كان كذلك ومخاطبات األحباب ال تحتمل الشرح، وال يحيط األجانب بها علما، وعلى طريق ا وأراد به الحق سبحانه

__________ .مطرح أي موضع) 1( ) .تقطعا(بدال من ) تصدعا) (واألصل فى البيت) . (كبد(وردت على ) 2(

)1/82(

ها جميعا فإما يأتيـنكم من بوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها ) 38(ي هدى فمن تبع هداي فال خوف عليهم وال هم يحزنون قـلنا اهبطوا منـ والذين كفروا وكذ ) 40(م وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنـعمت عليك ) 39(خالدون

تؤثر على ذلك يحتمل فى حال األحباب عند المفارقة، وأوقات الوداع أن بقال إذا خرجت من عندى فال تنس عهدى، وإن تقاصر عنك يوما خبرى فإياك أن . يتأخرن عنى رسولكغيرى، ومن المحتمل أيضا أن يقال إن فاتنى وصولك فال

:قوله جل ذكره ]38آية ) : 2(سورة البقرة [

)38(يحزنون قـلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتيـنكم مني هدى فمن تبع هداي فال خوف عليهم وال هم اهبطوا بـعضكم لبـعض عدو ولكم في «: اء آدم عليه السالم األدب فى عين القربة قال اهللا تعالىسوء األدب على البساط يوجب الرد إلى الباب، فلما أس

:آخرهم يعودون إلى الفقر، وأنشدوا) فى(األرض مستـقر، بعد أن كان لكم فى محل القربة قرار ومتاع إلى حين، يستمتعون يسيرا ولكن وإن أيسروا عادوا سراعا إلى الفقر... » 1«عادوا إلى الفقر حسبة إذا افتقروا

فإما يأتيـنكم مني هدى فمن تبع هداي فال خوف عليهم وال «: وحين أخرجه من الجنة وأنزله إلى األرض بشره بأنه يرده إلى حاله لو جنح بقلبه إلى الرجوع فقال .» ون هم يحزن

:قوله جل ذكره ]39آية ) : 2(سورة البقرة [

بوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )39(والذين كفروا وكذ .والذين قابلوا النعمة بغير الشكر، وغفلوا عن التصديق والتحقيق فلهم عذاب أليم مؤجل، وفراق معجل

:قوله جل ذكره ]40آية ) : 2(سورة البقرة [

)40(ارهبون يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنـعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي ف ة، وعند أهل الحقيقة النعمة ما أشهدك المنعم أو ما لذة خالصة عن الشوائب، وما يوجب مثلها فهى أيضا عندهم نعم» 2«حقيقة النعمة على لسان العلماء

.ذكرك بالمنعم أو ما أوصلك إلى إلى المنعم أو ما لم يحجبك عن المنعم__________

.هكذا فى الهامش -حسبة أي احتسابا) 1(ونحو ذلك فهو التفسير ) اإلشارة منه(و ) الحقيقة عند أهل(هو التفسير العادي، أما ) لسان التفسير(و ) لسان العلماء(واضح أن مقصود القشيري من ) 2(

.الصوفي

)1/83(

فمن النعم الباطنة عرفان القلوب . وتنقسم إلى نعمة أبشار وظواهر، ونعمة أرواح وسرائر، فاألولى وجوه الراحات والثانية صنوف المشاهدات والمكاشفات .» 1«ومحاب األرواح ومشاهدات السرائر

فاذكرونى : نى إسرائيل بذكر النعم وأمر أمة محمد صلى اهللا عليه وسلم بذكر المنعم، وفرق بين من يقال له اذكر نعمتى وبين من يقال لهويقال أمر ب] فصل[ .أذكركم

.وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون : قوله جل ذكره .لمغفرة، عهده حفظ محابه وعهدنا لطف ثوابه، عهده حضور الباب وعهدنا جزيل المآبحفظ المعرفة وعهدنا اتصال ا -سبحانه -عهده

هدي فى أال أوفوا بعهدي بحفظ السر أوف بعهدكم بجميل البر، أوفوا بعهدي الذي قبلتم يوم الميثاق أوف بعهدكم الذي ضمنت لكم يوم التالق، أوفوا بعلطفى وخيرى، أوفوا بعهدي برعاية ما أثبت فيكم من الودائع أوف بعهدكم بما أديم لكم من شوارق اللوامع تؤثروا على غيرى أوف بعهدكم فى أال أمنع عنكم

، أوفوا بعهدي بحفظ أسرارى أوف بعهدكم بجميل مبارى، أوفوا بعهدي باستدامة عرفانى أوف بعهدكم فى إدامة إحسانى، أوفوا بعهدي » 2«وزواهر الطوالع بعهدكم فى المنة عليكم بقبولها منكم، أوفوا بعهدي فى القيام بحسن المجاهدة والمعاملة أوف بعهدكم بدوام المواصلة والمشاهدة، فى القيام بخدمتي أوف

ا بعهدي تفضل، أوفو أوفوا بعهدي بالتبري عن الحول والمنة أوف بعهدكم باإلكرام بالطول والمنة، أوفوا بعهدي بالتفضيل والتوكل أوف بعهدكم بالكفاية واللخدمة بشد بصدق المحبة أوف بعهدكم بكمال القربة، أوفوا بعهدي اكتفوا منى بي أوف بعهدكم أرضى بكم عنكم، أوفوا بعهدي فى دار الغيبة على بساط ا

مام الزلفة، أوفوا بعهدي فى نطاق الطاعة، وبذل الوسع واالستطاعة أوف بعهدكم فى دار القربة على بساط الوصلة بإدامة األنس والرؤية وسماع الخطاب وت المطالبات بترك

__________ نعرف من هذا ان الملكات الباطنة عند القشيري هى فضال عن النفس التي هى محل المحظورات والمعلوالت، والعقل الذي به تصحيح اإليمان فى) 1(

ذي يشاهد الحقائق، وله فوق ذلك ملكة أخرى هى سر السر أو عين السر القلب وهو مستودع المعرفة والروح وهى مستودع المحبة ثم السر وهو ال -البداية .ال يطلع عليها سوى الحق

) . [.....]44، 43الرسالة ص (اللوامع تسبق الطوالع فى الظهور، والطوالع أبقى وقتا وأقوم سلطانا وأدوم مكثا وأذهب للظلمة وانفى للتهمة ) 2(

)1/84(

قا لما معكم وال تكونوا أول كافر به وال تشتـروا بآياتي ثمنا قليال وإياي فاتـق وآمنوا بما أنـزلت تم ) 41(ون مصد وال تـلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنـ ) 42(تـعلمون

وإياى فارهبون، أي . ربى ربى أوف بعهدكم بأن أقول لكم عبدى عبدى: ك المطالبات، أوفوا بعهدي بأن تقولوا أبداالشهوات أوف بعهدكم بكفايتكم تل .أفردونى بالخشية النفرادى بالقدرة على اإليجاد فال تصح الخشية ممن ليس له ذرة وال منة

:قوله جل ذكره ]41آية ) : 2(سورة البقرة [

قا لما معكم وال تكونوا أول كافر به وال تشتـروا بآياتي ثمنا قليال وإياي فاتـقون وآمنوا بما أنـزلت )41(مصدؤمنين لهم إيمان من إيمانه من حيث البيان بإيمانه من حيث البرهان، وجمهور المؤمنين لهم إيمان برهان بشرط االستدالل، وخواص الم) العبد(اإلشارة أن يقرن

.حيث البيان بحق اإلقبال، وأقبل الحق سبحانه عليهم فآمنوا باهللا، وآخر أحوالهم اإليمان من حيث العيان، وذلك لخواص الخواص .الكفر سنة فإن وزر المبتدئ فيما يسن أعظم من وزر المقتدى فيما يتابع» 1«وال تكونوا أول كافر به، وال تسنوا

.من يتقى عقوبته وعزيز من يهاب اطالعه ورؤيته» 2«كثير » وإياي فاتـقون «. ال تؤثروا على عظيم حقى خسيس حظكم» بآياتى ثمنا قليالوال تشتروا « :قوله جل ذكره

]42آية ) : 2(سورة البقرة [

تم تـعلمون )42(وال تـلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنـإما مبسوط بحق أو مربوط بحظ، وأما حصول األمرين ) فالعبد(، » 4«ال تتوهموا أن يلتئم لكم جمع الضدين، والكون فى حالة واحدة فى محلين » 3«

.فمحال من الظنتم تـعلمون «تلبيس، » وتكتموا الحق «تدنيس، » وال تـلبسوا الحق بالباطل « :حق الحق تقديس، وأنشدوا أن» وأنـ

!عمرك اهللا، كيف يلتقيان؟... أيها المنكح الثريا سهيال !وسهيل إذا استهل يمانى... هى شامية إذا ما استهلت

__________ .وهى خطأ فى النسخ) وال تنسوا(وردت ) 1( ) .من يتقى عقوبته كثير(وهى خطأ حيث يجب الرفع على تقدير ) كثيرا(وردت ) 2( ) .41: البقرة(والصحيح وال تلبسوا ) وال تلبس. (أخطأ الناسخ إذ كتبها) 3( .وهى خطأ فى النسخ) محلى(وردت فى ) 4(

)1/85(

لون الكتاب أفال تـعقلون ) 43(وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين تم تـتـ فسكم وأنـ ) 44(أتأمرون الناس بالبر وتـنسون أنـ

:قوله جل ذكره ]43آية ) : 2(سورة البقرة [

)43(الصالة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين وأقيموا :ائلهماحفظوا آداب الحضرة فحفظ اآلداب أتم فى الخدمة من الخدمة، واإلشارة فى إيتاء الزكاة إلى زكاة الهمم كما تؤدى زكاة النعم، قال ق

وزكاة الجمال رحمة مثلى... كل شىء له زكاة تؤدى ،» 1«( ... ) ائد هممه ولطائف نظره على المتبعين والمربين بما ينتعشون به و فيفيض من زو

.» 2«تقتدى بآثار السلف فى األحوال، وتجتنب سنن االنفراد فإن الكون فى غمار الجمع أسلم من االمتياز من الكافة : » واركعوا مع الراكعين « :قوله جل ذكره

]44آية ) : 2(سورة البقرة [

لون الكتاب أفال تـعقلون تم تـتـ فسكم وأنـ )44(أتأمرون الناس بالبر وتـنسون أنـق ؟ أتنافسون الخل» 4«وترضون بالتخلف؟ ويقال أتدعون الخلق إلينا وتقعدون عنا؟ أتسرحون الوفود وتقصرون فى الورود » 3«أتحرضون الناس على البدار

وتنافرونهم بدقائق األحوال وترضون بإفالسكم عن ظواهرها؟» 5« :ويقال أتبصرون من الحق مثقال الذر ومقياس الحب وتساهمون ألنفسكم أمثال الرمال والجبال؟ قال قائلهم

!وفى عينك الجذع ال تبصر؟... وتبصر فى العين منى القذى ؟وال تشربون بالنوب» 6«ويقال أتسقون بالنجب

__________ .هنا لفظتان مشتبهتان وفيهما شطب) 1( .االشارة وإن كانت لصالة الجماعة إال أنها توضح أيضا حرص القشيري على االهتمام باإلجماع كمصدر من مصادر الشريعة) 2( .وردت بالياء وهى خطأ فى النسخ) 3( .من ورد الماء أي ذهب ليستسقى) 4( .ضح أنها خطا فى النسخووا) الحق(وردت أتنافسون ) 5( .915ج نخب وهو الشربة العظيمة الوسيط ص ) بالخاء(نجب األشياء وتجائبها لبابها وخالصها، وربما كانت النخب ) 6(

)1/86(

) 46(هم مالقو ربهم وأنـهم إليه راجعون الذين يظنون أنـ ) 45(واستعينوا بالصبر والصالة وإنـها لكبيرة إال على الخاشعين

لون الكتاب « تم تـتـ .ثم تعاندون بخفايا الدعاوى وتجحدون بما شام قلوبكم من فضيحات الخواطر وصريحات الزواجر» وأنـ .إن ذلك ذميم من الخصال وقبيح من الفعال» أفال تـعقلون «

:قوله جل ذكره ]45آية ) : 2(سورة البقرة [

)45(واستعينوا بالصبر والصالة وإنها لكبيرة إال على الخاشعين ة الغيب، وإنالصبر فطم النفس عن المألوفات، والصالة التعرض لحصول المواصالت، فالصبر يشير إلى هجران الغير، والصالة تشير إلى دوام الوقوف بحضر

وإذا تجلى الحق، خف . » خشع له» 1«إن اهللا تعالى إذا تجلى لشىء «: االستعانة بهما لخصلة شديدة إال على من تجلى الحق لسره فإن فى الخبر المنقولتمام الوصلة ودوام يوجب -بحكم التحقيق -وسهل ما توقى الخلق ألن التوالي للطاعات يوجب التكليف بموجب مقاساة الكلفة، والتجلي بالمشاهدات

.الزلفة .ة الخدمةويقال استعينوا بي على الصبر معى، واستعينوا بحفظي لكم على صالتكم لى، حتى ال تستغرقكم واردات الكشف والهيبة، فال تقدرون على إقام

.» 3«عظيمة من الحق العبد على القيام بأحكام الفرق لمنة» 2«وإن تخفيف سطوات الوجود على القلب فى أوان الكشف حتى يقوى :اهللا» 4«وأقسام الصبر كلها محمودة الصبر فى اهللا، والصبر هللا، والصبر باهللا والصبر مع اهللا إال صبرا واحدا وهو الصبر عن

»5«إال عليك فإنه مذموم ... والصبر يخسن فى المواطن كلها :قوله جل ذكره

]46آية ) : 2(سورة البقرة [

) .46(أنـهم مالقوا ربهم وأنـهم إليه راجعون الذين يظنون __________

.وردت بدون الالم، واألصح بها) 1( .وهى خطأ فى النسخ) يقول(وردت حتى ) 2(ا الفرق حتى يستطيع أداء ما عليه من يشير القشيري بذلك إلى الفرق الثاني، ويعتبر أن من عالمة قبول العبد عند ربه أن يساعده على الرجوع إلى هذ) 3(

فريضة . [.....]فى سياق مماثل» الرسالة«بدليل ورودها فى البيت الشاهد، كذا في ) على(األرجح أنها ) 4( .93ص ) فإنه ال يجمل(و ) والصبر يجمل(ورد البيت فى الرسالة هكذا ) 5(

)1/87(

ها شفاعة وال يـؤخذ ) 47(تي أنـعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي ال واتـقوا يـوما ال تجزي نـفس عن نـفس شيئا وال يـقبل منـها عدل وال هم يـنصرون ) 48(منـ

.ين، وهو األظهر هاهناالظن يذكر، ويقال المراد به اليق .ويذكر ويراد به الحسبان فمن ظن ظن يقين فصاحب وصلة

لتحققهم بما يكون » 1«ولكن القوم . ومالقو ربهم، صيغة تصلح لماضى الزمان والحاضر وهم مالقون ربهم فى المستقبل. ومن ظن ظن تخمين فصاحب فرقة .لهم حضورمن أحكام الغيب صاروا كأن الوعد لهم تقرر، والغيب

:قوله جل ذكره ]47آية ) : 2(سورة البقرة [

)47(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنـعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين .» وأني فضلتكم على العالمين «: أشهد بنى إسرائيل فضل أنفسهم فقال

.» 2» «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فـليـفرحوا«: المسلمين من أمة محمد صلى اهللا عليه وسلم فضل نفسه فقال وأشهد -قفشتان بين من مشهوده فضل نفسه، وبين من مشهوده فضل ربه فشهود العبد فضل نفسه يوجب له الشكر وهو خطر اإلعجاب، وشهود العبد فضل الح

.» 3«يقتضى الثناء وهو يوجب اإليجاب -الذي هو جالله فى وصفه وجماله فى استحقاق نعته :قوله جل ذكره

]48آية ) : 2(سورة البقرة [

)48(ون يـنصر واتـقوا يـوما ال تجزي نـفس عن نـفس شيئا وال يـقبل منها شفاعة وال يـؤخذ منها عدل وال هم .» واتـقوا النار » «واتـقوا يـوما «: العوام خوفهم بأفعاله فقال

:وقال» وقل اعملوا فسيـرى الله عملكم ورسوله «: والخواص خوفهم بصفاته فقال .» 4» «إلى قوله إال كنا عليكم شهودا ... وما تكون في شأن «

.» ويحذركم الله نـفسه «: وخاص الخاص خوفهم بنفسه فقال__________

.يقصد الصوفية) 1( .58سورة يونس آية ) 2( .االستحقاق والقبول -اإليجاب) 3( .61يونس آية ) 4(

)1/88(

ناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذب يـ ناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بالء من ربكم عظيم وإذ نج ناكم ) 49(حون أبـ وإذ فـرقـنا بكم البحر فأنجيـتم تـنظرون ) 50(وأغرقـنا آل فرعون وأنـ

.والعدل الفداءوإن كان ال يطلق عليه لفظ الشفيع لعدم التوقيف -على التحقيق - لمن أمر الحق بالشفاعة له، وأذن فيه، فهو الشفيع األكبرويوم القيامة ال تسمع الشفاعة إال

»1 «. :وفى معناه قيل

فكل خير لديه... الحمد هللا شكرا إلى شفيع إليه... صار الحبيب شفيعا

.وما لهم من ناصرين، فال يقبل منهم فداء، ولو افتدوا بملء السموات وملء األرضين والذين أصابتهم نكبة القسمة ال تنفعهم شفاعة الشافعين، :قوله جل ذكره

]49آية ) : 2(سورة البقرة [

يناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم )49(م بالء من ربكم عظيم وفي ذلك وإذ نجله جميل عطائه فهؤالء بنو إسرائيل صبروا على مقاساة الضر من فرعون وقومه فجعل » 2«من صبر فى اهللا على بالء أعدائه عوضه اهللا صحبة أوليائه، وأتاح

وفى الحقيقة ما . قيل نعمة عظيمة وقيل محنة شديدة: » بالء من ربكم عظيم وفي ذلكم «. منهم أنبياءهم، وجعلهم ملوكا، وآتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين .نعمة ومنة -فى الحقيقة لمن عرفه -محنة فهو - فى الظاهر -كان من اهللا

:قوله جل ذكره ]50آية ) : 2(سورة البقرة [

تم تـنظرون وإذ فـرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل )50(فرعون وأنـأشحذ بصيرة كان تقاصرت بصائر بنى إسرائيل فأراهم المعجزات عيانا، ونفذت بصائر هذه األمة فكاشفهم بآياته سرا، وبذلك جرت سنته سبحانه، وكل من كان

األمر عليه أغمض،__________

يرى أنه ال ينبغى إضافة اسماء وصفات لما ورد فى الحديث المروى عن أبى هريرة -كغيره من الباحثين - وهى خطأ فى النسخ، والقشيري) التوفيق(وردت ) 1(

.والذي أبلغها تسعة وتسعين، فال يصح أن يسمى اهللا عاقال وال ذكيا ونحو ذلك .وهى خطأ فى النسخ) بالخاء(وردت ) 2(

)1/89(

لة تم ظالمون وإذ واعدنا موسى أربعين ليـ ) 51(ثم اتخذتم العجل من بـعده وأنـ

.» 1» «أوتيت جوامع الكلم واختصر لى الكالم اختصارا: » واإلشارات معه أوفر، قال صلى اهللا عليه وسلمحتى قذفهم البحر، فنظر بنو إسرائيل إليهم وهم » 2«ق إنه لم يغر : داخلهم ريب فقالوا -وحين شاهدوا ظاهر تلك اآليات من فلق البحر وإغراق آل فرعون

كأنى بأهل الجنة يتزاورون «: الناس» 3«قال واحد من أفتاء ) أن(وهذه األمة لفظ تصديقهم لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وعلى آله، وقوة بصائرهم . مغرقون .ن بين من يعاين فيرتاب مع عيانه، وبين من يسمع فكالعيان حاله من قوة إيمانهفشتا» 4» «وكأنى بأهل النار يتعاوون وكأنى أنظر عرش ربى بارزا

:قوله جل ذكره ]51آية ) : 2(سورة البقرة [

تم ظالمون لة ثم اتخذتم العجل من بـعده وأنـ )51(وإذ واعدنا موسى أربعين ليـ :غاب نبيهم عليه السالم أربعين يوما فاتخذوا العجل معبودهم، ورضوا بأن يكون لهم بمثل العجل معبودا، فقالوا -ى عليه السالمشتان بين أمة وأمة فأمة موس

وصف معبودهم وأمة محمد المصطفى صلى اهللا عليه وسلم مضى من وقت نبيهم سنون كثيرة فلو سمعوا واحدا يذكر فى » 5» «هذا إلهكم وإله موسى فـنسي « .» 6«ما يوجب تشبيها لما أبقوا على حشاشتهم ولو كان فى ذلك ذهاب أرواحهم

__________ البيهقي فى شعب اإليمان عن أبى قتادة » إنما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لى الحديث اختصارا فال يهلكنكم المتهوكون«) 1(

) .302ص 4لعمال المنتخب من كنز ا(مرسال .والتهوك االضطراب فى القول وأن يكون على غير استقامة

الفعل بالمفرد هنا ألنه عائد على لفظ آل أو على فرعون، ثم تحدث بعد ذلك بالجمع حين أعاده على المعنى) 2( .610إفتاء وفتاء جمع فتى وهو الشاب من إنسان أو حيوان الوسيط ص ) 3( .يث المروي عن حارثة فى هامش سبقخرجتا هذا الحد) 4( .88سورة طه آية ) 5(وأهل السنة يرفضون رفضا . يغمز القشيري هنا بالمشبهة، فيلحق من يقول بالتشبيه بعيدة العجل، فكالهما توقح ونسب لاللوهية ما ينبغى أن تتنزه عنه) 6(

.قاطعا كل ما يشين الذات اإللهية من تصورات مادية

)1/90(

نا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تـهتدون ) 52(ثم عفونا عنكم من بـعد ذلك لعلكم تشكرون فسكم ) 53(وإذ آتـيـ وإذ قال موسى لقومه يا قـوم إنكم ظلمتم أنـر لكم عند بارئكم فـتاب عليكم إنه هو الباتخاذكم العجل فـت فسكم ذلكم خيـ ) 54(تـواب الرحيم وبوا إلى بارئكم فاقـتـلوا أنـ

توكل على -صلوات اهللا عليه -، ونبينااخلفني فى قومى، وحين رجع وجدهم وقعوا فى الفتنة: سلم أمته إلى أخيه فقال -صلوات اهللا عليه -ويقال إن موسىلعمرى يضيعون . فانظر كيف تولى الحق رعاية أمته فى حفظ التوحيد عليهم. الرفيق األعلى: اهللا فلم يشر على أحد فى أمر األمة وكان يقول فى آخر حاله

.توحيدهم» 1«حدودهم ولكن ال ينقضون :قوله جل ذكره

]52آية ) : 2(سورة البقرة [ )52(م عفونا عنكم من بـعد ذلك لعلكم تشكرون ث

نة يضاعف «) : مخاطبا أمهات المسلمين(سرعة العفو على عظيم الجرم تدل على حقارة قدر المعفو عنه، يشهد لذلك قوله تعالى من يأت منكن بفاحشة مبـيـيقصد أمة محمد صلى اهللا عليه (، وقال لهذه األمة » ثم عفونا عنكم من بـعد ذلك «: ، هؤالء بنو إسرائيل عبدوا العجل فقال اهللا تعالى» لها العذاب ضعفين

:قوله جل ذكره» ومن يـعمل مثقال ذرة شرا يـره «) : وسلم ]53آية ) : 2(سورة البقرة [

)53(موسى الكتاب والفرقان لعلكم تـهتدون وإذ آتـينا .» 2» «استفت قلبك«: فرقان هذه األمة الذي اختصوا به نور فى قلوبهم، به يفرقون بين الحق والباطل، قال النبي صلى اهللا عليه وسلم لوابصة

.» 3» «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اهللا«: وقال .وذلك الفرقان ميراث ما قدموه من اإلحسان» إن تـتـقوا الله يجعل لكم فـرقانا «: تعالى وقال اهللا

:قوله جل ذكره ]54آية ) : 2(سورة البقرة [

فسكم باتخاذكم العجل فـتوبوا إلى ب ر لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التـواب وإذ قال موسى لقومه يا قـوم إنكم ظلمتم أنـ فسكم ذلكم خيـ ارئكم فاقـتـلوا أنـ )54(الرحيم

وافق هواه واتبع مناه أي ما أضررتم إال بأنفسكم فيما ارتكبتم من ذنوبكم، فأما الحق سبحانه فعزيز الوصف، ال يعود إلى عزه من ظلم الظالمين شىء، ومن .فعجله ما علق به همه، وأفرد له قصده

__________ . [.....]التوحيد) نقض(بعدم ) ص(بالصاد واألقوى أن تكون بالضاد ألن المقصود هو تمسك أمة محمد ) ينقصون(وردت ) 1( .» استفت نفسك وإن أفتاك المفتون«فى رياض الصالحين بلفظ هكذا رواه أحمد فى مسنده والبخاري فى تاريخه والدارمي فى سننه وحسنه النووي) 2( الترمذي والطبراني من حديث أبى أمامة والترمذي من حديث أبى سعد والطبراني وابو نعيم عن انس) 3(

)1/91(

تم تـنظرون وإذ قـلتم يا موسى لن نـؤمن لك حتى نـرى الله جهرة فأخذتكم الصاع ) 55(قة وأنـ

.فـتوبوا إلى بارئكم : قوله جل ذكره .اإلشارة إلى حقيقة التوبة بالخروج إلى اهللا بالكلية

.فاقـتـلوا أنـفسكم : قوله جل ذكرهتوبتهم بقتل أنفسهم في أنفسهم سرا، فأول قدم فى القصد إال أن بنى إسرائيل كان لهم قتل أنفسهم جهرا، وهذه األمة » 1«( ... ) التوبة بقتل النفوس غير

.إلى اهللا الخروج عن النفس» 2«) األمة(ولقد توهم الناس أن توبة بنى إسرائيل كانت أشق، وال كما توهموا فإن ذلك كان مقاساة القتل مرة واحدة، وأما أهل الخصوص من هذه ] فصل[

:ففى كل لحظة قتل، ولهذا

إنما الميت ميت األحياء... تراح بميت ليس من مات فاسبجملتها، -سبحانه -وقتل النفس فى الحقيقة التبري عن حولها وقوتها أو شهود شىء منها، ورد دعواها إليها، وتشويش تدبيرها عليها، وتسليم األمور إلى الحق

.م والهياكل فال خطر له وال عبرة بهوانسالخها من اختيارها وإرادتها، وانمحاء آثار البشرية عنها، فأما بقاء الرسو ر لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التـواب الرحيم : قوله جل ذكره .ذلكم خيـ

.كونه لكم عنكم أتم من كونكم ألنفسكم :قوله جل ذكره

]55آية ) : 2(سورة البقرة [

تم تـنظرون وإذ قـلتم يا موسى لن نـؤ )55(من لك حتى نـرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنـ .التعرض بمطالعة الذات على غير نعمة إلهية إفصاح بترك الحرمة، وذلك من أمارات البعد والشقوة

__________ .هنا كلمة مشتبهة) 1( .سالمهيقصد أمة المصطفى صلوات اهللا عليه و ) 2(

)1/92(

زلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقـناكم و ) 56(ثم بـعثـناكم من بـعد موتكم لعلكم تشكرون ما ظلمونا ولكن كانوا أنـفسهم وظللنا عليكم الغمام وأنـها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا ) 57(يظلمون ) 58(حطة نـغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين وإذ قـلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منـ

.الطفات القربة من عالمات الوصلة دالالت السعادةوإثبات نعت التولي بمكاشفات العزة مقرونا بم .فال جرم لما أطلقوا لسان الجهل بتقوية ترك الحشمة أخذتهم الرجفة والصعقة

:قوله جل ذكره ]56آية ) : 2(سورة البقرة [

)56(ثم بـعثناكم من بـعد موتكم لعلكم تشكرون د ما استوفتهم سطوات العذاب إمالء لهم بمقتضى الحكم، وإجراء للسنة فى الصفح عن الجرم، ومن قضايا الكرم إسبال الستر أعادهم إلى حال اإلحساس بع

.على هنات الخدم :قوله جل ذكره

]57آية ) : 2(سورة البقرة [

زلنا عليكم المن والسلوى كلوا م )57(ن طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنـفسهم يظلمون وظللنا عليكم الغمام وأنـإليه توالهم فال لما طرحهم فى متاهات الغربة لم يرض إال بأن ظللهم، وبلبسة الكفايات جللهم، وعن تكلف التكسب أغناهم، وبجميل صنعه فيما احتاجوا

وكذلك سنته لمن حال بينه وبين اختياره، يكون . فارهم كانت تنبت، وال ثيابهم كانت تتسخ، وال شعاع الشمس عليهم كان ينبسطشعورهم كانت تطول، وال أظ .ما يختاره سبحانه له خيرا مما يختاره لنفسه

:قوله جل ذكره ]58آية ) : 2(سورة البقرة [

)58(ن ها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نـغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنيوإذ قـلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا من ها، وعرضوا أنفسهم لهام بنو إسرائيل على تضييع ما كانوا يؤمرون، حتى قالة أوصوا بحفظها فبدلوها، وحالة من السجود أمروا بأن يدخلوا عليها فحولو » 1«()

.، وتعرضوا لمفاجات العقوبة فلم يثبتوا عند صدمات وقعها» 2«الغيب، ثم لم يطيقوا اإلصابة بقرعها __________

.كلمة مشتبهة فى ص) 1( .وردت بدون الباء فى ص وقد أضفناها ليستقيم المعنى) 2(

)1/93(

ر زلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يـفسقون فـبدل الذين ظلموا قـوال غيـ قلنا اضرب بعصاك ) 59(الذي قيل لهم فأنـ وإذ استسقى موسى لقومه فـنا قد علم كل أ نتا عشرة عيـ ) 60(ناس مشربـهم كلوا واشربوا من رزق الله وال تـعثـوا في األرض مفسدين الحجر فانـفجرت منه اثـ

:قوله جل ذكره ]59آية ) : 2(سورة البقرة [

زلنا على الذين ظلموا رجز ر الذي قيل لهم فأنـ )59(ا من السماء بما كانوا يـفسقون فـبدل الذين ظلموا قـوال غيـ »ابلم يمكنهم أن يردوا باب السماء باحتيالهم، أو يصدوا من دونهم أسباب البالء بما ركنوا إليه من أحوالهم، فزعوا من الندم لما عضهم ن

.األلم، وهيهات أن ينفعهم ذلك ألنه محال من الحسبان :قوله جل ذكره

]60آية ) : 2(سورة البقرة [

نتا عشرة عينا قد عل فجرت منه اثـ قلنا اضرب بعصاك الحجر فانـ م كل أناس مشربـهم كلوا واشربوا من رزق الله وال تـعثـوا في األرض وإذ استسقى موسى لقومه فـ )60(مفسدين

ه، وليكون على لذي قدر عل إخراج الماء من الصخرة الصماء كان قادرا على إروائهم بغير ماء ولكن إلظهار أثر المعجزة فيه، وإيصال محل االستغاثة إليإن ا .» 2«قائه لقومه مع نفسه شغل، ولتكليفه أن يضرب بالعصا مقاساة نوع من معالجة ما أمضى حكمه عند استس - أيضا فى نقل الحجر - موسى عليه السالم

الء ال يردون مشرب ثم أراد الحق سبحانه أن يكون كل قوم جاريا على سنة، مالزما لحده، غير مزاحم لصاحبه فأفرد لكل سبطة عالمة يعرفون بها مشربهم، فهؤ .اآلخرين، واآلخرون ال يردون مشرب األولين

:ار الوزر، فقالوحين كفاهم ما طلبوا أمرهم بالشكر، وحفظ األمر، وترك اختي .وال تعثوا فى األرض مفسدين

وسائق كل . » 3«والمناهل مختلفة، والمشارب متفاوتة، وكل يرد مشربه فمشرب عذب فرات، ومشرب ملح أجاج، ومشرب صاف زالل، ومشرب رتق أوشال قوم

__________ .بالتاء وهى خطأ فى النسخ) تاب(وردت ) 1( .التوكل، وكيف أنه ال يتعارض مع السعى الحظ هنا مذهب القشيري فى) 2( .1047جمع وشل وهو الماء القليل يتحلب من جبل أو صخرة وال يتصل قطره الوسيط ص : أوشال) 3(

)1/94(

ض من بـقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى وإذ قـلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تـنبت األر لة والمسكنة وباء ر اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذ الله ذلك بأنـهم كانوا يكفرون بآيات الله ويـقتـلون النبيين بغير وا بغضب من بالذي هو خيـ

) 61(الحق ذلك بما عصوا وكانوا يـعتدون

ت، واألرواح ترد مناهل الكشف والمشاهدات، يقودهم، ورائد كل طائفة يسوقهم فالنفوس ترد مناهل المنى والشهوات، والقلوب ترد مشارب التقوى والطاعا .واألسرار ترد مناهل الحقائق باالختطاف عن الكون والمرسومات، ثم عن اإلحساس والصفات ثم باالستهالك فى حقيقة الوجود والذات

:قوله جل ذكره ]61آية ) : 2(سورة البقرة [

أتستبدلون الذي هو أدنى فادع لنا ربك يخرج لنا مما تـنبت األرض من بـقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال وإذ قـلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ر اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم لة والمسكنة وباؤ بغضب من الله ذلك بأنـهم كانوا يكفرون بآيات الله ويـقتـلون البالذي هو خيـ نبيين بغير الذ

)61(الحق ذلك بما عصوا وكانوا يـعتدون عليه عاداتهم من » 1«كان يهمهم من كفاية مأكولهم وملبوسهم، فنزلوا فى التحير إلى ما جرت لم يرضوا بحسن اختياره لهم، ولم يصبروا على قيامه بتولي ما

حرمة األمر بقلة أكل الخسيس من الطعام، والرضا بالدون من الحال، فردهم إلى مقاساة الهوان، وربطهم بإدامة الخذالن، حتى سفكوا دماء األنبياء وهتكواالنصيحة، أدركتهم » 2«فعاقبهم على قبيح فعالهم، وردهم إلى ما اختاره ألنفسهم من خسائس أحوالهم، وحين لم تنجح فيهم االستحياء، وترك االروعاء،

ويقال كان بنو إسرائيل متفرقى الهموم مشتتي القصود لم يرضوا ألنفسهم بطعام واحد، ولم يكتفوا فى تدينهم بمعبود واحد، حتى قالوا . النقمة والفضيحة اجعل لنا إلها كما لهم إله،: يا موسى -» 3«لما رأوا قوما يعبدون الصنم -عليه السالم لموسى

__________ .وهى بالجيم أصوب) مرت(وردت فى ص ) 1( .وهى خطأ في النسخ) فهيم(وردت ) 2( .وهى خطأ فى النسخ) الضم(وردت ) 3(

)1/95(

لهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم وال هم يحزنون إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليـوم اآلخر وعمل وإذ ) 62(صالحا فـة واذكروا ما فيه لعلكم تـتـقون أخذنا ميثاقكم ور ناكم بقو ثم تـوليتم من بـعد ذلك فـلوال فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من ) 63(فـعنا فـوقكم الطور خذوا ما آتـيـ

قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ولقد علمتم ) 64(الخاسرين ) 65(الذين اعتدوا منكم في السبت فـ

.» وإذا ذكرت ربك فى القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا«: والصبر مع الواحد شديد، قال تعالى. وهكذا صفة أرباب التفرقة :قوله جل ذكره

]62آية ) : 2(سورة البقرة [

)62(لهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم وال هم يحزنون الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليـوم اآلخر وعمل صالحا فـ إن القبول، فمن صدق الحق سبحانه فى آياته، وآمن بما أخبر من حقه وصفاته، فتباين الشرع واختالف وقوع اختالف الطريق مع اتحاد األصل ال يمنع من حسن

من آمن منهم، أي إذا اتفقوا فى المعارف فالكل لهم «: ثم قال» إن الذين آمنوا والذين هادوا«: قال» 1«االسم غير قادح فى استحقاق الرضوان، لذلك

.فبالحرى أال خوف عليهم وال هم يحزنون -سبحانه وتعالى -والمؤمن من كان فى أمان الحق سبحانه، ومن كان فى أمانه .حسن المآب، وجزيل الثواب :قوله جل ذكره

]64الى 63اآليات ) : 2(سورة البقرة [

ة واذ ثم تـوليتم من بـعد ذلك فـلوال فضل الله عليكم ورحمته لكنتم ) 63(كروا ما فيه لعلكم تـتـقون وإذ أخذنا ميثاقكم ورفـعنا فـوقكم الطور خذوا ما آتـيناكم بقو )64(من الخاسرين

ه كرها ألنه ستر عليهم فجحدوه، وال حجة أقوى من عيان ما أخذ سبحانه ميثاق جميع المكلفين، ولكن قوما أجابوا طوعا ألنه تعرف إليهم فوحدوه وقوما أجابو ، أي رجعتم إلى العصيان بعد » ثم توليتم من بعد ذلك«قال اهللا تعالى . ولكن عدموا نور البصيرة، فال ينفعهم عيان البصر -وهو الجبل -رفع فوقهم من الطور

.فضاله لعاجلكم بالعقوبة، وأحل عليكم عظيم المصيبة ولخسرت صفقتكم بالكليةما شاهدتم تلك اآليات بالعيان، ولوال حكمه بإمهاله، وحلمه بأ :قوله جل ذكره

]65آية ) : 2(سورة البقرة [

) .65(ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فـقلنا لهم كونوا قردة خاسئين __________

.) كذلك(وردت ) 1(

)1/96(

ها وما خلفها وموعظة للمتقين ذ بالله أن أكون وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بـقرة قالوا أتـتخذنا هزوا قال أعو ) 66(فجعلناها نكاال لما بـين يديـ ) 68(بـين ذلك فافـعلوا ما تـؤمرون قالوا ادع لنا ربك يـبـين لنا ما هي قال إنه يـقول إنـها بـقرة ال فارض وال بكر عوان ) 67(من الجاهلين

عجلت عقوبتهم بالخسف والمسخ وغير ذلك من ضروب -واستهانوا بما ألزموا به من الشرعمسخ هذه األمة حصل على القلوب، فكما أنهم لما تركوا األمر ونـقلب أفئدتـهم وأبصارهم كما لم يـؤمنوا به «: ما ورد به النص، فهذه األمة من نقض العهد ورفض الحد عوقبت بمسخ القلوب، وتبديل األحوال، قال تعالى

:وعقوبات القلوب أنكى من عقوبات النفوس، وفى معناه أنشدوا» » 1«رة أول م لقيت ما ساءنى وسره... كيف كنت بعده؟ : يا سائلى

»2«أمنت من الزمان مكره ... ما زلت أختال فى وصالى حتى لم يبق مما شهدت ذرة... طال على الصدود حتى

:قوله جل ذكره ]66آية ) : 2(سورة البقرة [

)66(فجعلناها نكاال لما بـين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين . بعد عزه لكل خسيس سخرة - عليه الحسرة، وصار المسكين -من مالحظته لحاله -هكذا من منى بالهجران، ووسم بالخذالن صارت أحواله عبرة، وتجرع

:عن األصاغر هكذا آثار سخط الملوك وإعراض السادة على وأشلوا بالكالب ورائيا... وقد أحدق الصبيان بي وتجمعوا

:قوله جل ذكره ]68الى 67اآليات ) : 2(سورة البقرة [

قالوا ادع لنا ربك يـبـين لنا ما هي قال إنه ) 67(أن أكون من الجاهلين الله وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بـقرة قالوا أتـتخذنا هزوا قال أعوذ ب )68(يـقول إنها بـقرة ال فارض وال بكر عوان بـين ذلك فافـعلوا ما تـؤمرون

عن عهدة » 4«تفضى باإلخالد إلى االعتدال » 3«( ... ) اء األشكال توهما بأن يكون لهم كان الواجب عليهم استقبال األمر باالعتناق ولكنهم تعللوا ببق .ما حذروه من االفتضاح» 5«اإللزام فتضاعفت عليهم المشقة وحل بهم

أن الذي يصلح لهذه الطريقة من حصلت اإلشارة. ولما قال إنها بقرة ال فارض وال بكر عوان بين ذلك، أي ليست بفتية وال مسنة بل هى بين السنين] فصل[ ال يستهويه

__________ . [.....]110سورة األنعام آية ) 1( .من الزمان وقد أصلحنا ليستقيم المعنى والوزن) أتيت(و ) وجال(و ) أحتال(ورد في البيت ) 2( سقطت هنا لفظة من الناسخ وهو ينتقل من ورقة إلى أخرى) 3( .ل عن الشيءاالعتدال هنا بمعنى العدو ) 4( .وهى غير مالئمة للمعنى والسياق) وجلبهم(وردت ) 5(

)1/97(

نا وإنا إن قالوا ادع لنا ربك يـبـي ) 69(تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يـبـين لنا ما لونـها قال إنه يـقول إنـها بـقرة صفراء فاقع لونـها ن لنا ما هي إن البـقر تشابه عليـق فذبحوها وما كادوا يـفعلون الوا اآلن جئت بالح قال إنه يـقول إنـها بـقرة ال ذلول تثير األرض وال تسقي الحرث مسلمة ال شية فيها ق ) 70(شاء الله لمهتدون

)71 (

.نضارة من عمره -» 1«بعد -نزق الشباب وسكره، ولم يعطله عجز المشيب وضعفه، بل هو صاح استفاق عن سكره، وبقيت له :قوله جل ذكره

]70الى 69اآليات ) : 2(سورة البقرة [

قالوا ادع لنا ربك يـبـين لنا ما هي إن البـقر تشابه علينا وإنا إن ) 69(لونها قال إنه يـقول إنها بـقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يـبـين لنا ما )70(شاء الله لمهتدون

يستغرق شاهده القلوب لما ألبس من رداء الجبروت، وأقيم به من شاهد الغيب » 2«اإلشارة منها أن من كان من أهل القصة كما كان يأخذ لونها األبصار ف »4«(....) أولياء اهللا الذين إذا رأوا ذكر اهللا : حتى أن من الحظه تناسى أحوال البشرية، واستولى عليه ذكر الحق، كذا فى الخبر المنقول» 3«

:قوله جل ذكره ]71آية ) : 2(سورة البقرة [

)71(اآلن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يـفعلون قال إنه يـقول إنها بـقرة ال ذلول تثير األرض وال تسقي الحرث مسلمة ال شية فيها قالوا الذين لم يتبذلوا باألغيار » 6«، ولم تبتذل فى المكاسب، ال لون فيها يخالف عظم لونها فاإلشارة منه أن أهل الوالية كما أن تلك البقرة لم يذللها العمل» 5«

المنى، وال صيدا فى لتحصيل ما طلبوا من األسباب، ولم يركنوا بقلوبهم إلى األشكال واألمثال، ولم يتكلوا على االختيار واالحتيال، وليسوا نهبا لمطالبات رقم األغيار، لب الدنيا، وال حكم للشهوات عليهم، وال سلطان للبشرية تملكهم، ولم يسعوا قط فى تحصيل مرادهم، ولم يشقوا لدرك بغيتهم، وليس عليهم مخ

.اهللا -على قلوبهم -والغالب. فهم قائمون باهللا، فانون عما سوى اهللا، بل هم محو، مصرفهم اهللا -وال سمة األسباب .ودهم اهللا كذلك مقصودهم اهللاوكما أن معب

__________

ويكون المعنى وبقيت له بعض نضارة من ) بعض(ربما صحت على هذا ويكون المعنى ما زالت فيه بقية من نضارة عمره، ويحتمل أن تكون فى األصل ) 1( .عمره

.يقصد أهل التصوف) 2( .حدث ذلك األثروال معنى لها هنا ألن شهود الغيب هو الذي ي) الغير(وردت ) 3( ) .ذكر(بدل ) ذاكر(عالمات تدل على أن الكالم مبتور، ونرجح أن ) ص(فى ) 4( .من سورة البقرة 70اآلية ) قال(أخطأ الناسخ عند كتابة هذه اللفظة من اآلية الكريمة حيث وردت ) 5( .بدون تعريف واألصح بها) والية(فى ص ) 6(

)1/98(

تـلتم نـفسا ف قلنا اضربوه ببـعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تـعقلون ) 72(ادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون وإذ قـ ثم قست ) 73(فـها لما يشقق فـيخر قـلوبكم من بـعد ذلك فهي كالحجارة أ هار وإن منـ ر منه األنـ ها لما يـهبط من خشية و أشد قسوة وإن من الحجارة لما يـتـفج ج منه الماء وإن منـ

) 74(الله وما الله بغافل عما تـعملون

»1«(....) قصودهم اهللا كذلك مشهودهم اهللا، وموجودهم اهللا، بل هم محو باهللا و وكما أن م .عنهم اهللا، وأنشد قائلهم

وعنانى -ما عشنا معا -زمامى... إذا شئت أن أرضى وترضى وتملكى بأذنى وانطقى بلساني... إذن فارمقى الدنيا بعيني واسمعي

.ق فذبحوها وما كادوا يـفعلون قالوا اآلن جئت بالح : قوله جل ذكره .ليهم المشاقطلبوا الحيلة ما أمكنهم فلما ضاقت بهم الحيل استسلموا للحكم فتخلصوا من شدائد المطالبات، ولو أنهم فعلوا ما أمروا به لما تضاعفت ع

:قوله جل ذكره ]72آية ) : 2(سورة البقرة [

تـلتم نـفسا فادار )72(أتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون وإذ قـ. ن فعله أستارهالخائن خائف، ولخشية أن يظهر سره يركن إلى التلبيس والتدليس، واإلنكار والجحود وال محالة ينكشف عواره، وتتضح أسراره، وتهتك عن شي

:قال اهللا تعالى .» مون والله مخرج ما كنتم تكت «

:قوله جل ذكره ]73آية ) : 2(سورة البقرة [

)73(فـقلنا اضربوه ببـعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تـعقلون :تولهم قتل حيوان لهم، صارت اإلشارة منهأراد اهللا سبحانه أن يحيى ميتهم ليفضح بالشهادة على قاتله فأمر بقتل حيوان لهم فجعل سبب حياة مق

» 2«ه فى األبدال أن من أراد حياة قلبه ال يصل إليه إال بذبح نفسه فمن ذبح نفسه بالمجاهدات حيى قلبه بأنوار المشاهدات، وكذلك من أراد اهللا حياة ذكر .» 3«أمات فى الدنيا ذكره بالخمول

:قوله جل ذكره ]74آية ) : 2(سورة البقرة [

ر منه األنهار وإن منها لما يشقق فـيخرج منه الماء وإن منها لما يـهبط ثم قست قـلوبكم من بـعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يـتـفج ) .74(وما الله بغافل عما تـعملون من خشية الله

__________ .مشتبهة فى ص) 1( )األبد(ربما كانت فى األصل ) 2( .أي منع عنه االشتهار بين الخلق ألن المهم مرتبته لدى الحق) 3(

)1/99(

هم يسمعو تطمعون أن يـؤمنوا لكم وقد كان فريق منـ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خال ) 75(ن كالم الله ثم يحرفونه من بـعد ما عقلوه وهم يـعلمون أفـثونـهم بما فـتح الله عليكم ليحاجوكم به هم ) 77(أوال يـعلمون أن الله يـعلم ما يسرون وما يـعلنون ) 76(عند ربكم أفال تـعقلون بـعضهم إلى بـعض قالوا أتحد ومنـ

ن الكتاب بأيديهم ثم يـقولون هذا من عند الله ليشتـروا به ثمنا قليال فـويل لهم فـويل للذين يكتبو ) 78(أميون ال يـعلمون الكتاب إال أماني وإن هم إال يظنون ) 79(مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون

الهداية، لم تزدهم كثرة اآليات إال قسوة، ولم ) لهم(ساعدهم العناية ولم يخلق اهللا فحين لم ت -وإن شاهدوا عظيم اآليات وطالعوا واضح البينات -بين أنهمثم بين أنها . » 2«، وال تغنى » 1«على شقوة، وشبه قلوبهم بالحجارة ألنها ال تنبت وال تزكو، وكذلك قلوبهم ال تفهم (تبرز لهم من مكامن التقدير إال شقوة

، وأما قلوبهم فخالية عن كل خير، وكيف ال » 4«إن من الحجارة لما يتفجر منه األنهار، ومنها ما تظهر عليه آثار خشية اهللا من الحجارة، ف» 3«(......) أشد .وفد منيت بإعراض الحق عنها، وخصت بانتزاع الخيرات منها

:قوله جل ذكره ]76الى 75اآليات ) : 2(سورة البقرة [

تطمعون أن يـؤمنو هم يسمعون كالم الله ثم يحرفونه من بـعد ما عقلوه وهم يـعلم أفـ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خال ) 75(ون ا لكم وقد كان فريق منـثونـهم بما فـتح ا )76(لله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفال تـعقلون بـعضهم إلى بـعض قالوا أتحد

حرفوا وبدلوا فكيف يؤمنون لكم وإنما يسمعون بواسطة الرسالة، ومن لم يبق على -سبحانه -أنبأهم عن إيمانهم، وذكر أنهم بعد سماع الخطاب من اهللا .فكيف يحتشم منكم؟) يحتشم من الحق(والذي لم يصلح للحق ال يصلح لكم، ومن لم اإليمان بعد العيان فكيف يؤمن بالبرهان،

:قوله جل ذكره ]77آية ) : 2(سورة البقرة [

)77(أوال يـعلمون أن الله يـعلم ما يسرون وما يـعلنون علموا أن اهللا يطلع رسوله عليه السالم على أسرارهم، وأن نورا أظهره الغيب ال ينطفئ تواصوا فيما بينهم بإنكار الحق، وإخفاء الحال على المسلمين، ولم ي

.وموافقة اللسان مع مخالفة العقيدة ال يزيد إال زيادة الفرقة. بمزاولة األغيار :قوله جل ذكره

]79الى 78اآليات ) : 2(سورة البقرة [

هم أميون ال يـعلمون الكتاب ليال فـويل فـويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يـقولون هذا من عند الله ليشتـروا به ثمنا ق ) 78(إال أماني وإن هم إال يظنون ومنـ ) .79(سبون لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يك

__________

. [.....]تكملة فى الهامش استدرك بها الناسخ أثبتناها فى موضعها) 1( ) .ال نفهم(حتى تتالءم مع ) وال تعى(أي ال تغنى عنهم من اهللا شيئا، وربما كانت فى األصل ) 2( .ال لزوم لها - زيادة ميزها الناسخ) 3(ته خاشعا متصدعا من خشية الله لو أنـ «: إشارة إلى قوله تعالى) 4( .» زلنا هذا القرآن على جبل لرأيـ

)1/100(

بـلى من كسب سيئة وأحاطت ) 80(ن على الله ما ال تـعلمون ه عهده أم تـقولو وقالوا لن تمسنا النار إال أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فـلن يخلف الل ) 81(به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون

استيالء شبهة بل اغتروا بظن وتخمين، فهم الذين ال أخبر أنهم متفاوتون فى نقائص كفرهم، فقوم منهم أخس درجة وأكثر جهال ركنوا إلى التقليد، ولم يملكهم ثم أخبر عن سوء . ومنهم من أكثر شأنه ما يتمناه فى نفسه، وال يساعده إمكان، وال لظنونه قط تحقيق. نصيب لهم من كتبهم إال قراءتها، دون معرفة معانيها

:عاقبتهم بقوله جل ذكره .» م وويل لهم مما يكسبون فـويل لهم مما كتبت أيديه «

إرادة فهو مع أي خسروا فى الحال والمآل، واإلشارة فى هذه اآلية لمن عدم اإلخالص فى الصحبة فى طريق الحق ينضم إلى األولياء ظاهرا ثم ال تصدق لهيتكلف شيئا، -سبحانه -اإلجابة طوعا، وإذا قادته دواعى الحقأهل الغفلة مصاحب، وله مع هذه الطريقة جانب، كلما دعته هواتف الحظوظ تسارع إلى

.ثم ال يفلح! فبئست الحالة حين لم يخلص، وما أشد ندمه فيما ادخر عن اهللا :قوله جل ذكره

]80آية ) : 2(سورة البقرة [

)80(د الله عهدا فـلن يخلف الله عهده أم تـقولون على الله ما ال تـعلمون وقالوا لن تمسنا النار إال أياما معدودة قل أتخذتم عن ، ويخلد إلى هواجس » 1«بأنه من أهل القصة -لفرط غفلته -اإلشارة فى هذه اآلية لمن مرت على قلبه دعاواه العريضة، وغلب عليه حسبانه، فحكم لنفسه

ته الغيب بأنه يتجاوز عنه نسى قبائح ما أسلفه، ويذكر مغاليط ما ظنه، فهو عبد نفسه، يغلب عليه حسن ظنه، وفى الحقيقة تعتريه نتائج غفل مناه، فيحكم على .» وذلكم ظنكم الذي ظنـنتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين «: ومكره، قال تعالى

:رهقوله جل ذك ]81آية ) : 2(سورة البقرة [

)81(بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .» 2«على لسان العلم -الذي أحاطت به خطيئته هو الكافر

__________ .أي من أهل الطريق الصوفي) 1( .ير العادي أي غير االشارىأي على لسان التفس) 2(

)1/101(

ربى وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ال تـعبدون إال الله وبالوالدين إحسانا وذي الق ) 82(والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون تم معرضون واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة ثم تـوليتم إال وإذ أخذنا ميثاقكم ال تسفكون دماءكم وال ) 83( قليال منكم وأنـ

تم تشهدون تخرجون فسكم من دياركم ثم أقـررتم وأنـ فسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم ب ) 84(أنـ تم هؤالء تـقتـلون أنـ ثم والعدوان ثم أنـ اإلتـؤمنون ببـعض الكتاب وتكفرون ببـعض فما جزاء وإن يأتوكم أسارى تـ يا ويـوم فادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفـ نـ من يـفعل ذلك منكم إال خزي في الحياة الد

) 85(ما الله بغافل عما تـعملون القيامة يـردون إلى أشد العذاب و

فى أوقات صحوهم، فمن سكن فلفرط -على المقلى» 1«ولكن اإلشارة منه إلى من سكن قلبه على استغاثاته على وجه الدوام، فإن أصحاب الحقائق كالحب .» 2«ال يفترون -عزته

.بغى أن يتباعد عن السكون إليها ومن تحقق بالتوحيد علم أال وسيلة إليه إال بهومن استند إلى طاعة يتوسل بها ويظن أنه يقرب بها ين :قوله جل ذكره

]82آية ) : 2(سورة البقرة [

)82(والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون .........فى الحال جنان الوصل

.........)(. (..........) (.........)»3 «. :قوله جل ذكره

]85آية ) : 2(سورة البقرة [

فسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم باإل تم هؤالء تـقتـلون أنـ م وهو محرم عليكم إخراجهم ثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوه ثم أنـتـؤمنون ببـعض الكتاب وتكفرون ببـعض فما جزاء من يـفعل ذلك منكم إال خزي في الحياة نيا ويـوم القيامة يـردون إلى أشد العذاب وما الله بغاف أفـ ل عما الد

)85(تـعملون األخالء يومئذ أضرابكم وقرنائكم تظاهرون عليهم باإلثم والعدوان، اإلشارة فيه أن نصرتكم إلخوانكم على ما فيه بالؤهم نصرة عليهم بما فيه شقاؤهم، ف...

.بعضهم لبعض عدو .م عليكم إخراجهم، أفـتـؤمنون ببـعض الكتاب وتكفرون ببـعض تفادوهم، وهو محر » 4«وإن يأتوكم أسارى : قوله جل ذكرهحقوقهم، فكذلك يفترض عليكم كف أيديكم عنهم، وترك إزعاجهم عن أوطانهم، فإذا قمتم ببعض ما يجب عليكم فما الذي -بالفداء عنهم -أي كما تراعون

يقعدكم__________

.وهى خطأ فى النسخ) كالحسب(وردت ) 1( .من الفترة، وقد أوضحنا رأى المصنف فى الفترة والوقفة فى هامش سبق) 2( .84إلى 82وبذلك لم يصلنا تفسير اآليات الكريمة من رقم ) أضرابكم... (و ) الوصل(حدث سقوط فيما بين ) 3( .يستخرج القشيري من لفظة أسارى إشارات معينة بعد قليل) 4(

)1/102(

هم العذاب وال هم يـنصرون أ يا باآلخرة فال يخفف عنـ نـ ) 86(ولئك الذين اشتـروا الحياة الد

.أجر ما عمله -بما ضيعه -عن الباقي، حتى تقوموا به كما أمرتم؟ أما علمتم أن من فرق بين ما أمر به فآمن ببعض وكفر ببعض فقد حبطنيا، ويـوم القيامة يـردون إلى أشد : ه جل ذكرهقول .العذاب وما الله بغافل عما تـعملون فما جزاء من يـفعل ذلك منكم إال خزي في الحياة الد

.غير مقبول منهم -ما مزجوه باآلفات وجردوه عن الصدق واإلخالصل -أي ظنوا أن ما فعلوه نفعهم، فانكشف لهم فى اآلخرة أن جميع ما فعلوه .فمن أسير غرق فى بحار الهوى فإنقاذه بأن تدله على الهدى: واألسراء أصناف

. فيما تقوده إلى اليقينومن أسير بقي فى أيدى الوساوس فافتداؤه أن ترشده إلى اليقين بلوائح البراهين لتنقذه من الشك والتخمين، وتخرجه عن ظلمات التقليد ومن أسير تجده فى . ومن أسير تجده فى أسر هواجسه استأسرته غاغة نفسه، ففك أسره بأن تدله على شهود المنن، بتبريه عن حسبان كل حول يخلق وغير

أسره أن تدله على الحق بما يحل عليه من وثائق ومن أسير تجده فى أسر صفاته ففك . إلى إقالعه، وإنجاده على ارتداعه» 1«ربيطة ذاته ففك أسره إنشاده »الكون

ال من دونهم حيلة، ، ومن أسير تجده فى قبضة الحق فتخبره أنه ليس ألسرائهم فداء، وال لقتالهم عود، وال لربيطهم خالص، وال عنهم بد، وال إليهم سبيل، و .وال مع سواهم راحة، وال لحكمهم رد

:قوله جل ذكره ]86آية ) : 2(ة سورة البقر [

هم العذاب وال هم يـنصرون نيا باآلخرة فال يخفف عنـ )86(أولئك الذين اشتـروا الحياة الد :إن الذين آثروا عليه شيئا خسروا فى الدنيا واآلخرة كما قالوا

__________ .إنشاده إلى إقالعه أي مطالبته والنصح له) 1( .واألصوب الكون ألن المقصود يقتضى ذلك) المكون(وردت ) 2(

)1/103(

نا عيسى ابن مريم البـيـنات وأ نا من بـعده بالرسل وآتـيـ نا موسى الكتاب وقـفيـ ال تـهوى أنـفسكم استكبـرتم يدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما ولقد آتـيـتم وفريقا تـقتـلون بـ ) 88(وقالوا قـلوبـنا غلف بل لعنـهم الله بكفرهم فـقليال ما يـؤمنون ) 87(فـفريقا كذ

بال جرم وال معنى... أناس أعرضوا عنا فإنا عنهم أغنى ...قد استغنوا » 1«فإن كانوا

:قوله جل ذكره ]87آية ) : 2(سورة البقرة [

فسكم استكبـرتم ناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما ال تـهوى أنـ ولقد آتـينا موسى الكتاب وقـفينا من بـعده بالرسل وآتـينا عيسى ابن مريم البـينات وأيد تم وفريقا تـقتـلون بـ )87(فـفريقا كذ

.أوصلنا لهم الخطاب، وأردفنا رسوال بعد رسول، والجميع دعوا إلى واحد: اإلشارةصفتهم ثم » 4«فإذا كان الهوى ، » 3«أهواؤهم جحدوه » 2«ولكنهم أصغوا إلى دعاء الداعين بسمع الهوى، فما استلذته النفوس قبلوه، وما استثقلته

:قوله جل ذكره! صفات العابد، فال جرم الويل لهم ثم الويل» 5«عبدوه، صارت للمعبود ]88آية ) : 2(سورة البقرة [

)88(وقالوا قـلوبنا غلف بل لعنـهم الله بكفرهم فـقليال ما يـؤمنون

:وقيل» 6«(.....) ى لهان وجود المعاني، ولكن عند مطالبات التحقيق تفتر أنياب المتلبسين عن أسنان شاحذة بل لو كان منهم شىء بمجرد الدعو تبين من بكى ممن تباكى... إذا انسكبت دموع فى خدود

__________ .اللفظة ناقصة فى المتن ومصححة فى الهامش على اليسار) 1( .سخوهى خطأ فى الن) استسقلته(وردت ) 2( . [.....]على أساس نكرانهم للتوحيد) جحدوه: (وال يستبعد أنها) جهدوه(ثم تصحيح لها فى الهامش ) هجدوه(وردت ) 3( ) .الهوى(والصحيح ) الهوا(وردت ) 4( .وهى خطأ فى النسخ) المعبود(وردت ) 5( .هنا كلمة مشتبهة) 6(

)1/104(

بل يستـفتحون على الذين كفروا فـلما جاءهم ما عرفوا ك ولما جاءهم كتاب من عند الل لعنة الله على الكافرين ه مصدق لما معهم وكانوا من قـ ) 89(فروا به فـباءوا بغضب على غضب وللكاف بئسما اشتـروا به أنـفسهم أن يكفروا بما أنـزل الل ) 90(رين عذاب مهين ه بـغيا أن يـنـزل الله من فضله على من يشاء من عباده فـ

نا ويكف قا لما معهم قل فلم تـقتـلون أنبياء الله من قـبل إن وإذا قيل لهم آمنوا بما أنـزل الله قالوا نـؤمن بما أنزل عليـ كنتم مؤمنين رون بما وراءه وهو الحق مصد)91 (

:قوله جل ذكره ]89آية ) : 2(سورة البقرة [

لعنة اولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما م بل يستـفتحون على الذين كفروا فـلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فـ )89(لله على الكافرين عهم وكانوا من قـانهدم عند -ال، تنادى بالنزال وصدق القتالإلى القت» 1«اإلشارة فيه لمن عزم على الصفاء، ووعد من نفسه تحقيق الوفاء، ونشر أعالم النشاط عند البروز

لو صدقوا الله لكان خيرا لهم «: الصفوف، وانجزل عن الجملة خشية هجوم المحذور، قال تعالى» 2«التفات .» فإذا عزم األمر فـ :قوله جل ذكره

]90آية ) : 2(سورة البقرة [

)90(ؤ بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين سهم أن يكفروا بما أنـزل الله بـغيا أن يـنـزل الله من فضله على من يشاء من عباده فبابئسما اشتـروا به أنـف م يرضوا بمقتضى الحكم، فأضافوا استيجاب مقت آنف إلى استحقاق مقت إلى حضيض الخزي، وسامهم ذل الصغر حين ل» 3«أنزلهم التحاسد عن مقر العز

.سالف :قوله جل ذكره

]91آية ) : 2(سورة البقرة [

قا ل وإذا قيل لهم آمنوا بما أنـزل الله قالوا نـؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو ا ما معهم قل فلم تـقتـلون أنبياء الله من قـبل إن كنتم مؤمنين لحق مصد)91. (

__________ .وهى خطأ فى النسخ) البرود(وردت ) 1(

) .انهدم(بدال من ) انهزم(كذلك يحتمل ) التفاف(الصفوف أو ) التقاء(، وربما كانت فى األصل ) ص(وردت هكذا فى ) 2( .وهى خطأ فى النسخ) العسر(وردت ) 3(

)1/105(

تم ظالمون ة واس ) 92(ولقد جاءكم موسى بالبـيـنات ثم اتخذتم العجل من بـعده وأنـ ناكم بقو معوا قالوا وإذ أخذنا ميثاقكم ورفـعنا فـوقكم الطور خذوا ما آتـيـنا وأشربوا في قـلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن ) 93(كنتم مؤمنين سمعنا وعصيـ

نفوسهم ببعض ما التبس عندهم لما يوافق أهواءهم، ثم إذا قيل لهم حققوا ما أظهرتم من حكم الوفاق بتحقيق الحال وإقامة البرهان سمحت: اإلشارة فيه .بعدا عن زمرة الخواص، غير معدودين فى جملة أرباب االختصاص» 1«(....) يكفرون بما وراء حظوظهم،

:قوله جل ذكره ]92آية ) : 2(سورة البقرة [

تم ظالمون ولقد جاءكم موسى بالبـينات ثم اتخذتم العجل من )92(بـعده وأنـفرفع . يتموهأي دعاكم إلى التوحيد، وإفراد المعبود عن كل معبود ومحدود، ولكنكم لم تجنحوا إال إلى عبادة ما يليق بكم من عجل اتخذتموه، وصنم تمن» 2«

.ود بالتشبيهذلك من بين أيديهم، لكن بقيت آثاره فى قلوبهم وقلوب أعقابهم، ولذلك يقول أكثر اليه :قوله جل ذكره

]93آية ) : 2(سورة البقرة [

ة واسمعوا قالوا سمعنا وعص ركم به إيمانكم إن ينا وأشربوا في قـلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأم وإذ أخذنا ميثاقكم ورفـعنا فـوقكم الطور خذوا ما آتـيناكم بقو )93(كنتم مؤمنين

»3«(.........) كرر اإلخبار عن غلوهم فى حب العجل، ونبوهم عن قبول الحق، و ، وال » 4«احتفلوا وتعريفهم معاجلتهم بالعقوبة على ما يسيئون من العمل، فال النصح نجع فيهم، وال العقوبة أوجبت إقالعهم عن معاصيهم، وال بالذم فيهم

.بموجب األمر عملوا__________

.هنا لقطة مشتبهة) 1( .92فصححناها طبقا لالية ) جاءهم(أخطأ الناسخ حين كتبها ) 2( .هنا عبارة غامضة كتابة وبالتالى معنى) 3( .أي أظهروا االهتمام) احتفلوا(اختلفوا، والمالئم للسياق (وردت ) 4(

)1/106(

تمنـوا الموت إن كنتم ار اآلخرة عند الله خالصة من دون الناس فـ ولن يـتمنـوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ) 94( صادقين قل إن كانت لكم الد ) 96(حزحه من العذاب أن يـعمر والله بصير بما يـعملون أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يـود أحدهم لو يـعمر ألف سنة وما هو بمز ولتجدنـهم ) 95(

:قوله جل ذكره ]95الى 94اآليات ) : 2(سورة البقرة [

تمنـوا الموت إن كنتم ار اآلخرة عند الله خالصة من دون الناس فـ ولن يـتمنـوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ) 94(صادقين قل إن كانت لكم الد)95(

وأخبر اهللا سبحانه -» 1«يشتاق إليها، ولما لم يتمنوا الموت -فال محالة -ق تمنى الموت على بساط العوافي فمن وثق بأن له الجنة قطعامن عالمات االشتيا .صار هذا التعريف معجزة للرسول صلوات اهللا عليه وعلى آله إذ كان كما قال -أنهم لن يتمنوه أبدا

كفى للمقصر : ون إلى الموت أنهم مغفور لهم، وال يرزقهم االشتياق إال وتحقق لهم الوصول إلى الجنة، وقديما قيلللمؤمنين الذين يشتاق» 2«وفى هذا بشارة .الحياء يوم اللقاء .» ولن يـتمنـوه أبدا بما قدمت أيديهم «: قال اهللا تعالى :قوله جل ذكره

]96آية ) : 2(سورة البقرة [

)96(حزحه من العذاب أن يـعمر والله بصير بما يـعملون م أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يـود أحدهم لو يـعمر ألف سنة وما هو بمز ولتجدنـه وأما أهل الغفلة وأصحاب التهتك . وحال المؤمن من هذا على الضد . منه غفلة أحبهم للبقاء فى الدنياحب الحياة فى الدنيا نتيجة الغفلة عن اهللا، وأشد » 3«

واالنقالب إلى من هو خيره مرجو خير للمؤمنين من البقاء . فإنما حرصهم على الحياة لعلمهم بما فقدوا فيها من طاعتهم فالعبد اآلبق ال يريد رجوعا إلى سيده أمون، ثم إن امتداد العمر مع يقينمع من شره غير م

__________ .ضمير مذكر وليس ضمير مؤنث) لن يتمنوه أبدا(ولكن اآلية الكريمة والسياق يشيران إلى تمنى الموت ثم إن الضمير فيما بعد في ) الجنة(فى النسخة ) 1( .مما يرجح هذه على تلك) بشارة(والمعنى يتطلب ) وفى هذا إشارة(وردت ) 2( .فأثبتناه) أن يعمر(إلى ) وما هو(أسقط الناسخ من اآلية من أول ) 3(

)1/107(

قا لما بـين يديه وه ه ومالئكته ورسله وجبريل وميكال من كان عدوا لل ) 97(دى وبشرى للمؤمنين قل من كان عدوا لجبريل فإنه نـزله على قـلبك بإذن الله مصدزلنا إليك آيات بـيـنات وما يكفر بها إال الفاسقون ) 98(فإن الله عدو للكافرين هم بل أ ) 99(ولقد أنـ كثـرهم ال يـؤمنون أوكلما عاهدوا عهدا نـبذه فريق منـ

)100 (

.وكل ما هو آت فقريب، وإذا انقضت المدة فال مرد لهجوم األجل على أكتاف األمل. إذا فاجأ األمر وانقطع العمر) ال قيمة له(الموت :قوله جل ذكره

]98الى 97اآليات ) : 2(سورة البقرة [

من كان عدوا لله ومالئكته ورسله وجبريل وميكال ) 97(نـزله على قـلبك بإذن الله مصدقا لما بـين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين قل من كان عدوا لجبريل فإنه )98(فإن الله عدو للكافرين

من كان عدوا لجبريل ألنه ال يأتى : أتى بالخير، وأنهم ال يحبونه، ولو كان ميكائيل لكانوا آمنوا به، فأكذبهم الحق سبحانه فقالزعمت اليهود أن جبريل ال ي -ردجبريل وميكائيل فإن اهللا عدو له فإن رسول الحبيب إلى الحبيب العزيز المو » 1«ثم قال إن من عادى ! بالخير فأى خير أعظم مما نزل به من القرآن؟

بهذا » 2«عداوة الكفار، والحق سبحانه وتعالى وليه، ومن عادى جبريل فالحق عدوه، وما أعزز -عليه السالم -وما ضرت جبريل. كريم المنزلة، عظيم الشرف

:قوله جل ذكره! وما أكبر علوه! الشرف وما أجله ]100الى 99اآليات ) : 2(سورة البقرة [

زلنا إل هم بل أكثـرهم ال يـؤمنون ) 99(يك آيات بـينات وما يكفر بها إال الفاسقون ولقد أنـ )100(أوكلما عاهدوا عهدا نـبذه فريق منـ لم يكفر بواضح آياته إال من سدت عن اإلدراك بصائره، وسبقت من اهللا بالشقاوة

__________ . [.....]وهى خطأ في النسخ، فعادى مناسبة لعدم محبتهم لجبريل كما سبق) بادىع(وردت ) 1(كما تعلم من -ما أعز هذا الشرف فليس فى التعجب ما أفعل به فما حدث هو خطأ من الناسخ ألن القشيري: الصحيح ان يقال وأعزز بهذا الشرف أو) 2(

.حريص أشد الحرص على قواعد النحو -سيرته

)1/108(

لو الشياطين ) 101( الله وراء ظهورهم كأنـهم ال يـعلمون لما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نـبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب و واتـبـعوا ما تـتـبابل هاروت وماروت وما يـعلمان من أحد حتى يـقوال ما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يـعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ب على ملك سليمان و

يتـعلمون نة فال تكفر فـ هما ما يـفرقون به بـين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إال بإذن الله و إنما نحن فتـ فعهم ولقد علموا منـ يـتـعلمون ما يضرهم وال يـنـفسهم لو كانوا يـعلمون لمن اشتـراه ما له في اآلخرة من خالق ولب ) 102(ئس ما شروا به أنـ

أو كلما عاهدوا عهدا سابق التقدير لهم كان يشوش . قسمته، وال عقل لمن يجحد أن النهار نهار، وكذلك ال وصل لمن لم تساعده من الحق أنوار واستبصار .على أمره عليهم، وينقض عهدهم ال حق التدبير منهم، واهللا غالب

:قوله جل ذكره ]101آية ) : 2(سورة البقرة [

)101(الله وراء ظهورهم كأنـهم ال يـعلمون ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نـبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب ! ويا حرمانا قارنه خذالن! ق إلى قلوبهم من حيث الخواطر، وكذبوا رسلهم الذين أتوهم فى الظاهر، فيا جهال ما فيه شظية من العرفانجحدوا رسل الح» 1«

:قوله جل ذكره ]102آية ) : 2(سورة البقرة [

لوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يـعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما واتـبـعوا ما تـتـهما ما يـفرقون به بـ يتـعلمون منـ نة فال تكفر فـ مرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إال بإذن الله ويـتـعلمون ما ين ال يـعلمان من أحد حتى يـقوال إنما نحن فتـ

فعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في اآلخرة من خالق ولبئس ما شروا به فسهم لو كانوا يـع يضرهم وال يـنـ )102(لمون أنـ من فرقته األهواء وقع فى كل مطرح من مطارح الغفلة، فيستقبله كل جنس من قضايا

__________ .101اآلية ) مصدق(والصحيح ) مصدقا(أخطأ الناسخ فكتبها ) 1(

)1/109(

ر لو كانوا ) 103(يـعلمون ولو أنـهم آمنوا واتـقوا لمثوبة من عند الله خيـ

صفة هاروت الجهالة، ثم إن من طالت به الغيبة صار للناس عبرة، ولمن سلك طريقه فتنة، فمن اقتدى به فى غيه انخرط فى سلكه، والتحقق بجنسه، هكذا .بالؤهما، وأصابه فى اآلخرة عناؤهماوماروت فيما استقبلهما، صارا للخلق فتنة بل عبرة، فمن أصغى إلى قيلهما، ولم يعتبر بجهلهما تعلق به

، ويلقيه فى جهنم بباطله، » 1«واإلشارة من قصتهما إلى من مال فى هذه الطريقة إلى تمويه وتلبيس، وإظهار دعوى بتدليس، فهو يستهوى من اتبعه (............)»2«

.ومن تهتك بالجنوح إلى أباطيله تهتكت أستاره، وظهر لذوى البصائر عوارهدواعى الفتن إن هاروت وماروت لما اغترا بحاصل ما اعتاداه من المعصية بسطا لسان المالمة فى عصاة بنى آدم، فلما ركب فيهما من نوازع الشهوات، و و

شأنهما لما انتهى فى القيامة واآلفات، اقتحما فى العصيان، وظهر منهما ما انتشر ذكره على ألسنة القصاص، وهما منكسان إلى يوم القيامة ولوال الرفق بهما وبفعهم «: ولما قال اهللا تعالى. عذابهما، ولكن لطف اهللا مع الكافة كثير وإن كان صفة -علم أهل التحصيل أن العلم بكل معلوم» ويـتـعلمون ما يضرهم وال يـنـ

.أعوذ بك من علم ال ينفع: وسلم ففيه غير مرغوب فيه، بل هو مستعاذ منه قال النبي صلى اهللا عليه - مدحفسهم لو كانوا يـعلمون : قوله جل ذكره .ولبئس ما شروا به أنـ

.الذي فاته من الكرائم -يوم تبلى السرائر -لو علم المغبون ماذا أبقى وماذا أبلى لتقطعت أحشاؤه حسرات، ولكن سيعلم :قوله جل ذكره

]103ة آي) : 2(سورة البقرة [

ر لو كانوا يـعلمون )103(ولو أنـهم آمنوا واتـقوا لمثوبة من عند الله خيـ ولو آثروا اإلقبال على اهللا على اشتغالهم عن اهللا، لحصلوا ذخر الدارين، ووصلوا إلى

__________ .وهى خطأ فى النسخ) التبعة(وردت ) 1( .امضة كتابة ومعنى، ويرجح أن الناسخ قد وقع فى أخطاء نقليةهنا عبارة غ) 2(

)1/110(

مشركين أن يـنـزل عليكم من ما يـود الذين كفروا من أهل الكتاب وال ال ) 104(يا أيـها الذين آمنوا ال تـقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم ها أو مثلها ألم تـعلم أن الل ) 105(خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ه على كل شيء ما نـنسخ من آية أو نـنسها نأت بخير منـ

) 106(قدير

.عز الكونين، ولكن كبستهم سطوات القهر، فأثبتهم فى مواطن الهجر :قوله جل ذكره

]104آية ) : 2(سورة البقرة [

)104(يا أيـها الذين آمنوا ال تـقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم فسبيل األولياء التحرز عن مشابهتهم، . يبنون فيما يأتون ويذرون -على مناهجهم -قصود خبيثة فهم -من أعمالهم وأقوالهم -قصود األعداء فى جميع أحوالهم

.واألخذ فى طريق غير طريقهم :قوله جل ذكره

]105آية ) : 2(سورة البقرة [ )105(شاء والله ذو الفضل العظيم ل الكتاب وال المشركين أن يـنـزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من ي ما يـود الذين كفروا من أه

وإن زعم من األعداء -مقصود وخصائص الرحمة لألولياء كافية كراهية األعداء النتظام صالح األولياء متصلة مستدامة، ولكن الحسود ال يسود، وال يحصل له .أفاك أنه انهدمت من أوطان فرحهم أكناف وأطراف

:قوله جل ذكره ]106آية ) : 2(سورة البقرة [

)106(ل شيء قدير ما نـنسخ من آية أو نـنسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تـعلم أن الله على ك دة شيئا إال وأبدلنا النسخ اإلزالة أي ما ينقلك من حال إلى ما هى فوقها وأعلى منها، فغصن وصلك أبدا ناضر، ونجم عزك أبدا ظاهر، فال ننسخ من آثار العبا

.» 1«من أقمار العبودة عنه أشياء من أنوار العبودية، وال نسخنا من أنوار العبودية أشياء إال أقمنا مكانها أشياء __________

-) العبودة(وهى خطأ من الناسخ، ألن السياق هنا يتطلب ) من أقمار العبودية(وردت ) 1(

)1/111(

بل ومن يـتبدل ) 107( ألم تـعلم أن الله له ملك السماوات واألرض وما لكم من دون الله من ولي وال نصير أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قـيمان فـق ) 108(د ضل سواء السبيل الكفر باإل

» 2« سرك فى الترقي، وقدرك فى الزيادة بحسن التولي وقيل ما رقاك عن محل العبودية إال سلكك بساحات الحرية، وما رفع عنك شيئا من صفات» 1«فأبدا .البشرية إال أقامك بشاهد من شواهد األلوهية

:قوله جل ذكره ]107آية ) : 2(سورة البقرة [

)107(ألم تـعلم أن الله له ملك السماوات واألرض وما لكم من دون الله من ولي وال نصير اته إلى رؤية ، ثم يأخذهم من مطالعة ملكه إلى شهود حقه، فيأخذهم من رؤية آي» 3«أن يجذب أولياءه عن شهود ملكه إلى رؤية ملكه -سبحانه -سنته

.صفاته، ومن رؤية صفاته إلى شهود ذاته :قوله جل ذكره

]108آية ) : 2(سورة البقرة [

يمان فـقد ض بل ومن يـتبدل الكفر باإل )108(ل سواء السبيل أم تريدون أن تسئـلوا رسولكم كما سئل موسى من قـ رائيل آذوا موسى عليه السالم، فنهى المسلمون عن فعل ما أسلفوه، وأمرواإن بنى إس

__________ .فنحن نعرف من مذهب القشيري ان العبادة للعوام من المؤمنين، والعبودية للخواص، والعبودة لخاص الخاص -

...ات العبادة ألصحاب المجاهدات، والعبودية ألرباب المكابدات، والعبودة صفة أهل المشاهد، والترتيب هنا يمشى هكذا آثار العبادة، أنوار ) العبودة(نلحظ أن الدرجة القصوى في األمر هى -» الرسالة«ومن أسانيد كثيرة فى باب العبودية فى -وهكذا

.العبودية، أقمار العبودية، وهو ترتيب فى غاية الدقة، يعطى كل درجة قدرها .بدون تنوين) فأبد(وردت ) 1(

ليس سقوط البشرية فى حد ذاتها، وإنما صفاتها المعلولة، -حسب مذهب القشيري - قت النظر هنا إلى أهمية كلمة صفات البشرية، أي أن المقصودتل) 2(ية فالعبد عبد ال يقول بأدنى تداخل بين البشرية واأللوه -والقشيري من أفضل المعبرين عنه -وينبغى أن يكون واضحا تمام الوضوح أن التصوف اإلسالمى الحق

.والرب رب .» الملك«ضمن اسم » التحبير«ضبطنا ملك وملك مستفيدين من كالم القشيري فى كتابه ) 3(

)1/112(

فسهم تـبـين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله من بـعد ما ود كثير من أهل الكتاب لو يـردونكم من بـعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنـ ) 109(على كل شيء قدير

وحسن » روه وتـوقـروه تـعز «: قال تعالى. فكانوا بحضرته كأن على رءوسهم الطير. بمراعاة أن حشمة الرسول صلى اهللا عليه وسلم بغاية ما يتسع فى اإلمكان .عنوان حسن األدب مع اهللا فى الباطن -فى الظاهر -األدب

:قوله جل ذكره ]109آية ) : 2(سورة البقرة [

فسهم م د ما تـبـين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله ن بـع ود كثير من أهل الكتاب لو يـردونكم من بـعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنـ )109(على كل شيء قدير

.من لحقه خسران الفهم من أصحاب الغفلة ود أال يطلع ألحد بالسالمة نجم، ومن اعتراه الحسد أراد أال تنبسط على محسوده شمس .وجوههم» 1«كانت صفات الكفار، فأرغم اهللا أنفهم، وكبهم على وكذلك

» 2«) فى الصحبة، وعاشر أناسا مترسمين بالظواهر(واإلشارة من هذا إلى حال أصحاب اإلرادة فى البداية إذا رغبوا فى السلوك، فمن لم يساعده التوفيق لنصح، والتخويف بالعجز والتهديد بالفقر حتى ينقلوهم إلى سبيل الغفلة، ويقطعوا عليهم طريق فإنهم يمنعون هؤالء من السلوك وال يزالون يخاطبونهم بلسان ا

.اإلرادة، أولئك أعداء اهللا حقا، أدركهم مقت الوقت .وعقوبتهم حرمانهم من أن يشموا شيئا من روائح الصدق

، فعن قريب يفتح الحق » 4«، ويبذل فى الطلب رفعة » 3«كل أحد ضلة فسبيل المريد أن يحفظ عن األغيار سره، ويستعمل مع » ... فاعفوا واصفحوا « .عليه طريقه

__________ ) .على وجوههم(وقد آثرنا عليها ) وكبهم لوجوههم(فى النسخة ص ) 1( »رسالته«أصلحنا فى هذه العبارة قليال لكى يتضح معناها طبقا لوصايا القشيري للمريدين فى ) 2(بمعنى الصفة اى أن يحافظ على سره مع ربه عن طريق اتصافه مع صحبته ) خلة(وقد نقلناها كما جاءت، وربما كانت فى األصل ) ص(هكذا وردت فى ) 3(

تضمن أن يكون سره محفوظا. بصفات مالئمة ) .ويبذل فى الطلب وسعه(ربما كانت فى األصل ) 4(

)1/113(

فسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تـعملون بصير وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة وما موا ألنـ وقالوا لن يدخل الجنة إال من كان هودا أو نصارى ) 110(تـقدله أجره عند ربه وال خوف عليهم وال هم يحز ) 111( تلك أمانيـهم قل هاتوا بـرهانكم إن كنتم صادقين ) 112(نون بـلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فـ

:قوله جل ذكره ]110آية ) : 2(سورة البقرة [

موا ألنـفس )110(كم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تـعملون بصير وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة وما تـقد .ثمرته فى أواخر الحاالت» 2«القربات، واثقا بأن ما يقدمه من صدق المجاهدات تدرك » 1«الواجب على المريد إقامة المواصالت، وإدامة التوسل بفنون

:قوله جل ذكره ]111آية : ) 2(سورة البقرة [

)111(تم صادقين وقالوا لن يدخل الجنة إال من كان هودا أو نصارى تلك أمانيـهم قل هاتوا بـرهانكم إن كن .من سهمه» 4«كل حزب يمهد األمل لنفسه، ويظن النجاة لحاله، ويدعى الوسل » 3«

.تحقق البرهان ال يأتى بحاصل، وال يحوز بطائلولكن مجرد الحسبان دون :قوله جل ذكره

]112آية ) : 2(سورة البقرة [

له أجره عند ربه وال خوف عليهم وال هم يحزنو )112(ن بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فـ .رد هللا وجهه، وطهر عن الشوائب عقلهأسلم وجهه أي أخلص هللا قصده، وأف» 5« .عالم بحقيقة ما يفعله وحقيقة ما يستعمله، وهو محسن فى المآل كما أنه مسلم فى الحال. » وهو محسن«

.ويقال اإلحسان أن تعبد اهللا كأنك تراه فتكون مستسلما بظاهرك، مشاهدا بسرائرك، فى الظاهر جهد وسجود وفى الباطن كشف ووجود__________

. [.....]ثم صححها الناسخ فى الهامش) يقنون(جاءت هكذا فى ص ) 1( ) .تدركوا(جاءت فى ص ) 2( .111اآلية ) يدخل(والصحيح ) يدخلوا(أخطأ الناسخ إذ كتبها ) 3( ) .1044الوسيط ص (الوسل والوسيلة والواسلة الوصلة والقربى من اهللا ) 4( .112آلية والصحيح وجودها ا) بلى(أسقط الناسخ ) 5(

)1/114(

لون ولهم فالله يحكم وقالت اليـهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليـهود على شيء وهم يـتـ الكتاب كذلك قال الذين ال يـعلمون مثل قـنـهم يـوم ال م أن يدخلوها إال ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان له ) 113(قيامة فيما كانوا فيه يختلفون بـيـ

يا خزي ولهم ف نـ ) 114(ي اآلخرة عذاب عظيم خائفين لهم في الد

قائم بآداب الخدمة بحسن آداب الحضور، فهؤالء ليس عليهم خوف الهجر، وال يلحقهم خفى المكر، » وهو محسن«بالتزام الطاعات، » أسلم وجهه«ويقال .فال الدنيا تشغلهم عن المشاهدة وال اآلخرة تشغلهم غدا عن الرؤية

:قوله جل ذكره

]113آية ) : 2(قرة سورة الب[

لون الكت ولهم فالله يحكم وقالت اليـهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليـهود على شيء وهم يـتـ اب كذلك قال الذين ال يـعلمون مثل قـنـهم يـوم القيامة في )113(ما كانوا فيه يختلفون بـيـ

ال زالت الصوفية بخير ما : اإلشارة فى هذه اآلية على العكس من حكم الظاهر فاألعداء يتبرأ بعضهم من بعض اليوم، واألولياء من وجه كذلك، ولذا قالوا .تنافروا، وال يقبل بعضهم بعضا ألنه لو قبل بعضهم بعضا بقي بعضهم مع بعض

.وهذه ما ذكرنا من حكم العكس -عند تبرى بعضهم من بعض أما األولياء فكلهم على الحق. ء كلهم على الباطللكن األعدا :قوله جل ذكره

]114آية ) : 2(سورة البقرة [

نيا خزي ولهم في اآلخرة عذاب ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إال خائفين لهم في الد )114(عظيم

ب وخرب أوطان المعرفة بالمنى والعالقات، وأوطان المعرفة قلو . اإلشارة فيه أن الظالم من خرب أوطان العبادة بالشهوات، وأوطان العبادة نفوس العابدين .العارفين

وخرب أوطان. وخرب أوطان المحبة بالحظوظ والمساكنات، وهى أرواح الواجدين

)1/115(

نما تـولوا فـثم وجه الله إن الله واسع عليم ) 115(ولله المشرق والمغرب فأيـ

.» 1«الموحدين المشاهدات بااللتفات إلى القربات وهى أسرار نيا خزي ولهم في اآلخرة عذاب عظيم : قوله جل ذكره .لهم في الد

.ألهل اإلشارة خزى الدنيا بذل الحجاب، وعذاب اآلخرة االمتناع بالدرجات :قوله جل ذكره

]115آية ) : 2(سورة البقرة [

نما )115(تـولوا فـثم وجه الله إن الله واسع عليم ولله المشرق والمغرب فأيـ .وطوارقها هواجس النفوس تطرق فى ظلمات المنى والشهوات. وللقلوب شوارق وطوارق. اإلشارة منها إلى مشارق القلوب ومغاربها

.وشوارقها نجوم العلوم وأقمار الحضور وشموس المعارفالحقائق خفى سلطان الشوارق، كالنجوم تستتر عند طلوع الشمس، كذلك عند » 2«قبلة القلوب، واضحة ظاهرة، فإذا استولت فما دامت الشوارق طالعة ف

.ظهور الحق يحصل اصطالم وقهر، فال شهود رسم، وال بقاء حس وفهم، وال سلطان عقل وعلم، وال ضياء عرفاننما تـولوا فـثم وجه الله «: قال تعالى! وإذا صار الموصوف محوا فأنى لهم ببقاء الصفةهذه الجملة صفات الئقة ببقاء البشرية، » 3«فإن وجدان مادام يبقى » فأيـ

وعلى لسان العلم إذا اشتبهت الدالئل بكل وجهة، وال معرفة . فالقبلة مقصودة، فإن لم تكن معلومة تكون مطلوبة -ولو شظية -من اإلحساس والتمييز بقية .بلة تساوت الجهات فى جواز الصالة إلى كل واحد منها إذا لم يكن للنية ترجيحبالق

__________ .وقد أثبتناها هنا على هذا الترجيح) الواجدين(ولذا نرجح أن الناسخ أخطأ حينما كتبها ) للموحدين(نعرف من مذهب القشيري أن األسرار ) 1( .وهى خطأ فى النسخ) سولت(وردت ) 2(

التواجد بداية والوجد واسطة (بمعناها االصطالحي الدقيق فى موضعها لالئم ) الوجود(، ووجود مصدران لوجد، غير أن القشيري يؤثر استعمال لفظة وجدان) 3( ) .والوجود نهاية

)1/116(

) 117(بديع السماوات واألرض وإذا قضى أمرا فإنما يـقول له كن فـيكون ) 116(وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات واألرض كل له قانتون ولهم تشابـهت قـلو وقال الذين ال يـعلمون ل بلهم مثل قـ ) 118(بـهم قد بـيـنا اآليات لقوم يوقنون وال يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قـ

:قوله جل ذكره ]116آية ) : 2(سورة البقرة [

)116(دا سبحانه بل له ما في السماوات واألرض كل له قانتون وقالوا اتخذ الله ول فى الحال، بل جعل موجب اغترارهم طول اإلمهال، فنطقوا بعظيم الفرية على اهللا، واستنبطوا عجيب المرية فى وصف اهللا، -من اإلفناء -مكر بهم لم يفنهم .ال حد لذاته، وال تجوز الشهوة فى صفاته! حدى الذات؟وأني بالولد وهو أ! فوصفوه بالولد .بل له ما في السماوات واألرض كل له قانتون : قوله جل ذكره

اطق، وعلى ن أي ليس فى الكون شىء من اآلثار المفتقرة أو األعيان المستقلة إال وتنادى عليه آثار الخلقة، وتفصح منه شواهد الفطرة، وكل صامت منها .دليل وشاهد -سبحانه - وحدانيته

:قوله جل ذكره ]117آية ) : 2(سورة البقرة [

)117(بديع السماوات واألرض وإذا قضى أمرا فإنما يـقول له كن فـيكون فهذا االسم يشير إلى نفى المثل عن ذاته، ونفى المثال عن أفعاله، . لهالبديع عند العلماء موجد العين ال على مثل، وعند أهل اإلشارة الذي ليس له شىء مث

» 1«وإذا قضى أمرا فال يعارض . فهو األحد الذي ال عدد يجمعه، والصمد الذي ال أمد يقطعه، والحق الذي ال وهم يصوره، والموجود الذي ال فهم يقدره .عليه مقدور، وال ينفك من حكمه محظور

:قوله جل ذكره ]118آية ) : 2(ورة البقرة س[

بلهم مثل ولهم تشابـهت قـلوبـهم قد بـيـنا اآليات لقوم يوقنون وقال الذين ال يـعلمون لوال يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قـ )118( قـ»2» «3«

__________ .، فهكذا يعبر القشيري فى مثل هذا السياق) فال يعتاص(الصواب أن تكون ) 1( .117وهى خطأ، وقد صححناها طبقا لآلية ) لوال يكلمهم(وردت ) 2( .117اآلية ) بينا(والصحيح ) بين(وردت خطأ ) 3(

)1/117(

ن ولن تـرضى عنك اليـهود وال النصارى حتى تـتبع ملتـهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئ ) 119(ن أصحاب الجحيم إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وال تسأل ع ) 120(وال نصير اتـبـعت أهواءهم بـعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي

» 2«، لكن من عدم سمع الفهم تصامم » 1«) يتناول المكلفين وأفعال المكلفين(كالم اهللا سبحانه متعلق بجميع المخلوقات بأعيانها وآثارها، وأمر التكوين وفى . بعد ما رأوا من عظيم اآليات حرفوا وبدلوا، فلم يطيقوا سماعه، و » 3«خاطب قوما من أهل الكتاب، وأسمعهم خطابه - سبحانه -عن استماع الحق، فإنه

عمن حقت لهم الشقاوة وسبقت؟ -وإن وضحت -اآليات التي أظهرها ما يزيح العلة من األغيار، ويشفى الغلة من األخيار، ولكن ما تغني الدالئل :قوله جل ذكره

]119آية ) : 2(سورة البقرة [

)119(يرا ونذيرا وال تسئل عن أصحاب الجحيم إنا أرسلناك بالحق بش ر سؤال، أفردناك بخصائص لم نظهرها على غيرك فالجمهور والكافة تحت لوائك، والمقبول من وافقك، والمردود من خالفك، وليس عليك من أحوال األغيا

.» 4«( ... ) وال عنك ألحد :قوله جل ذكره

]120ية آ) : 2(سورة البقرة [

بـعت أهواءهم بـعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي وال ولن تـرضى عنك اليـهود وال النصارى حتى تـتبع ملتـهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتـ )120(نصير

التبري منهم، وأظهر » 5«اء األعداء بعد ما حصل لك رضانا، فإنهم ال يرضون عنك إال بمتابعة أديانهم، ودون ذلك لهم حظ القتال فأعلن ال تبال برض الخالف معهم، وانصب العداوة

__________ فاهللا خالق (إن اهللا خالق العباد وأفعال العباد : ميةمضطربة فى الخط والمعنى، وقد صحناها طبقا لما نعرف من آراء القشيري الكال) ص(العبارة التي فى ) 1(

) .كل شىء، أما اإلنسان فليس له أن يوصف بذلك ألن كل من لحقه وصف التكوين ال يصح منه اإليجاد .وهى خطأ فى النسخ) تصامح(وردت ) 2( ) .خطابه(واألرجح أنها فى األصل أسمعهم ) خاطبهم(وردت أسمعهم ) 3( ..]. [...مشتبهة) 4( .بعدها) وأظهر(لتالئم ) فأعلن(وهى خطأ فى النسخ، وقد جعلناها ) ما علف(وردت ) 5(

)1/118(

لونه حق تالوته أولئك يـؤمنون به ومن يكفر به فأولئك ه ناهم الكتاب يـتـ ائيل اذكروا نعمتي التي أنـعمت عليكم وأني يا بني إسر ) 121(م الخاسرون الذين آتـيـفعها شفاعة وال هم ) 122(فضلتكم على العالمين ها عدل وال تـنـ ) 123( يـنصرون واتـقوا يـوما ال تجزي نـفس عن نـفس شيئا وال يـقبل منـ

أمتك، وكن بنا -إلى البراءة عنهم وعن طريقتهم -، وادع» 1«م، وأعلم أن مساكنتهم إلى ما يرضون سبب الشقاوة المؤبدة، فاحرص أال يخطر ذلك ببالك له .لنا، متبريا عمن سوانا، واثقا بنصرتنا، فإنك بنا ولنا

:قوله جل ذكره ]121آية ) : 2(سورة البقرة [

لونه حق تالوته أولئك يـؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون الذين آتـيناهم )121(الكتاب يـتـ، يقومون ى أسرارهمالذين فتحنا أبصارهم بشهود حقنا وكلنا أسماع قلوبهم بسماع خطابنا، وخصصناهم بإسبال نور العناية عليهم، وأيدناهم بتحقيق التعريف ف

.بحق التالوة، ويتصفون بخصائص اإليمان والمعرفة فهم أهل التخصيص، ومن سواهم أصحاب الرد :قوله جل ذكره

]122آية ) : 2(سورة البقرة [

)122(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنـعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين » 2«يا بنى إسرائيل اذكروا، أي يا بنى يعقوب، ومع هذه األمة : فى الخطاب مع قوم موسى عليه السالم أن يناديهم بنداء العالمة فيقول -سبحانه -جرت سنته

.» يا أيـها الذين آمنوا«: أن يخاطبهم بنداء الكرامة فيقول :قوله جل ذكره

]123آية ) : 2(سورة البقرة [

فعها شفاعة وال هم يـنصرون واتـ )123( قوا يـوما ال تجزي نـفس عن نـفس شيئا وال يـقبل منها عدل وال تـنـشفاعة الشافعين فهذا حكم كل أمة ، والكفار ال تنفعهم » اتقوا النار ولو بشق تمرة«: أما األعداء فال يقبل منهم شيئا، وأما األولياء فقال صلى اهللا عليه وسلم

.تنفعهم شفاعة نبيهم صلى اهللا عليه وسلم -فعلى التخصيص -مع نبيها، وأما المؤمنون__________

.وسمحنا ألنفسنا بشىء من التصرف يقبح فهم المعنى، وربما كان أقرب إلى األصل) فاحرس عن أخطار ذلك ببالك(جاءت الجملة فى ص هكذا ) 1( .قصد أمة المصطفى صلوات اهللا عليه وسالمهي) 2(

)1/119(

راهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذري تـلى إبـ ) 124(تي قال ال يـنال عهدي الظالمين وإذ ابـ

.» 1«أمتى أمتى : ى ونبينا صلى اهللا عليه وسلم يقولوكل أحد يقول يومئذ نفسى نفس :قوله جل ذكره

]124آية ) : 2(سورة البقرة [

)124( ال ال ينال عهدي الظالمين وإذ ابـتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي ق .البالء تحقيق الوالء، فأصدقهم والء أشدهم بالء

وإبراهيم الذي «: خليله عليه السالم بما فرض عليه وشرع له، فقام بشرط وجوبها، ووفى بحكم مقتضاها، فأثنى عليه سبحانه بقوله -سبحانه -ولقد ابتلى الحق .أي لم يقصر بوجه البتة -من التوقية -» وفىبتصحيح ذلك حمله أعباء النبوة، وطالبه بأحكام الخلة، وأشد بالء له كان قيامه بشرائط الخلة، واالنفراد له بالتجافي عن كل واحد وكل شىء، فقام يقال

»2«. مختليا عن جميع ما سواه، سرا وعلنا :كذلك لم يالحظ جبريل عليه السالم حين تعرض له وهو يقذف فى لجة الهالك، فقال

.فال.... أما إليك: من حاجة؟ فقالهل !ومن كمال بالئه تعرض جبريل عليه السالم فى تلك الحالة، وأي بقية كانت بقيت له منه حتى يكون لمخلوق فيه مساغ كائنا من كان؟

__________

كما يقول فى رسالته فى باب -من أستاذه الدقاقوقد سمع القشيري هذه العبارة ... كل أحد » والصواب... كل عهد يقول «أخطأ الناسخ حين نقلها ) 1( .الفتوة

.، ونرى لزاما علينا أن ننبه إلى بعض اآلراء األخرى فيها» الخلة«هذا هو رأى القشيري فى ) 2(نى تخدم هذه الغاية، فلما لم يبذلون جهدهم فى االستعانة باللغة للحصول على تأويالت للنص القرآ -الذين يبتعدون عن كل ما يحمل على التشبيه -فالمعتزلة

:استشهدوا ببيت من الشعر القديم لزهير وهو) 125: النساء(» واتخذ الله إبراهيم خليال «يرضهم حمل لفظة الخليل على ظاهرها فى اآلية يقول ال غائب مالى وال حرم... وإن أتاه خليل يوم مسألة

النساء، أي أنه ال يعارض أن تحتمل 124يه خليل بمعنى محتاج، وقد أورد القشيري هذا الرأى ضمن تفسيره لآلية وف) 153ديوان زهير نشر دار الكتب ص ( .اللفظة هذا المعنى

على أن مقام الخلة هذا يمكن أن يفسر على: (بما يلى) إن رابعة قد ارتفعت إلى وصف معنى الخلة(ويفسر دكتور عبد الرحمن بدوي قول أبى طالب المكي فقد تجاوزا نطاق البشرية -رابعة ورباح -أما. أساس أنه شعور بتجاوز الخير والشر، ذلك أن القيم األخالقية ال اعتبار لها إال بالنسبة إلى بنى اإلنسان والدنيا

.» وصارا يلوذان بجوار األلوهية واطرحا الناسوت وشاع فيهما الالهوت 64، 63شهيد العشق اإللهي ص

)1/120(

:ههذا إشارة دقيقة إلى الفرق بين حال نبينا صلى اهللا عليه وسلم وحال إبراهيم عليه السالم، ألنه تعرض جبريل للخليل وعرض عليه نفس وفى :ولم يطق جبريل صحبة النبي صلى اهللا عليه وسلم فنطق بلسان العجز وقال. فال.. أما إليك: فقال

.» 1«لو دنوت أنملة الحترقت .فيها بعجزه -صلوات اهللا عليه -بين حالة يكون فيها جبريل عليه السالم من قوته بحيث يعرض للخليل عليه السالم نفسه، وبين حالة يعترف للحبيبوشتان

.علنا البـيت مثابة للناس وأمنا وإذ ج . ال ينال عهدي الظالمين : إني جاعلك للناس إماما، قال ومن ذريتي قال : قوله جل ذكرهأي اتبعوا ملة إبراهيم يعنى التوحيد، » ملة أبيكم إبراهيم«: اإلمام من يقتدى به، وقد حقق له هذا حتى خاطب جميع الخالئق إلى يوم القيامة باالقتداء به فقال

:وقال .» واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى«

ورتبة اإلمامة أن يفهم عن الحق ثم يفهم الخلق فيكون واسطة بين الحق والخلق، يكون بظاهره مع الخلق ال يفتر عن تبليغ الرسالة، . مةهذا هو تحقيق اإلما .وبباطنه مشاهدا للحق، ال يتغير له صفاء الحالة، ويقول للخلق ما يقوله له الحق

.ومن ذريتي: قوله جل ذكره: فأخبره أن ذلك ليس باستحقاق نسب، أو باستيجاب سبب، وإنما هى أقسام مضت بها أحكام فقال له. م، فطلب لهم ما أكرم بهنطق بمقتضى الشفقة عليه

»ال ينال عهدي الظالمين «__________

سنة ) الكتب الحديثة. (ط. ر على عبد القادرللقشيرى نشره دكتو ) انظر كتاب المعراج(يشير بهذا إلى ما حدث ليلة االسراء والمعراج فى المأل األعلى ) 1(1964.

)1/121(

راهيم مصلى وعهدنا إلى إ راهيم وإسماعيل أن طهرا بـيتي للطائفين والعاك وإذ جعلنا البـيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبـ وإذ ) 125(فين والركع السجود بـهم بالله وال راهيم رب اجعل هذا بـلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منـ عه قليال ثم أضطره إلى عذ قال إبـ اب النار وبئس يـوم اآلخر قال ومن كفر فأمتـ

) 126(المصير

:وليس هذا كنعيم الدنيا وسعة األرزاق فيها، فهى ال ادخار لها عن أحد وإن كان كافرا، ولذلكهم بالله واليـوم اآلخر : قال جل ذكره .وارزق أهله من الثمرات من آمن منـ :فقال اهللا تعالى

]126الى 125اآليات ) : 2(بقرة سورة ال[

وإذ )125(يم وإسماعيل أن طهرا بـيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود وإذ جعلنا البـيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراه هم بالله واليـو عه قليال ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس قال إبراهيم رب اجعل هذا بـلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منـ م اآلخر قال ومن كفر فأمتـ

)126(المصير .ليس للدنيا من الخطر ما يمنعها عن الكفار، ولكن عهدى ال يناله إال من اخترته من خواص عبادى يعنى

.أما الطعام والشراب فغير ممنوع من أحد .أما اإلسالم والمحاب فغير مبذول لكل أحد

.وإذ جعلنا البـيت مثابة للناس وأمنا : قوله جل ذكره .مثابة للناس إليه يثوبون، ومأمنا لهم إليه يرجعون، وإياه من كل نحو يقصدون -يعنى الكعبة - ين جعلنا البيتواذكر يا محمد ح

، وكل من التجأ إلى » 1«هو بيت خلقته من الحجر ولكن أضفته إلى األزل فمن نظر إلى البيت بعين الخلقة انفصل، ومن نظر إليه بعين اإلضافة وصل واتصل .من عقوبة اآلخرة إذا كان التجاؤه على جهة اإلعظام واالحترام، والتوبة عن اآلثامذلك البيت أمن

.ويقال بنى البيت من الحجر لكنه حجر يجذب القلوب كحجر المغناطيس يجذب الحديد .األمن» 2«بيت من وقع عليه ظله أناخ بعقوة

__________ .ية الذين أوتوا حظا من الجرأة فى التعبيرقارن رأى القشيري الصوفي الحريص بآراء بعض الصوف) 1(

1العطار ج . تذكرة األولياء(ولم تشأ أن تنظر إليها ... ال أريد الكعبة بل رب الكعبة أما الكعبة فماذا أفعل بها «عن هذا الموضوع، من ذلك مثال قول رابعة ) .61ص

.68بدوي ص . د. شخصيات قلقة فى اإلسالم«صورة الكعبة، كيما نجد من أقامها إن شوقنا إلى اهللا يجب أن يمحو عقليا فى نفوسنا «: وقول الحالج ) .624الوسيط ص (الموضع المتسع أمام الدار أو المحلة أو حولهما -العقوة) 2(

)1/122(

.بيت من وقع عليه طرفه بشر بتحقيق الغفران .بشوطة وهل جزاء اإلحسان إال اإلحسانبيت من طاف حوله طافت اللطائف بقلبه، فطوفة بطوفة، وشوطة

.إليه ماله» 1«بيت ما خسر من أنفق على الوصول .بيت ما ربح من ضن عليه بشىء من زاره نسى مزاره، وهجر دياره

.بيت ال تستبعد إليه المسافة، بيت ال تترك زيارته لحصول مخافة، أو هجوم آفة، بيت ليس له بمهجة الفقراء آفة .زيارته فلعدم فتوته، أو لقلة محبته بيت من قعد عن

.بيت من وقع عليه شعاع أنواره تسلى عن شموسه وأقماره. بيت من صبر عنه فقلبه أقسى من الحجارة

.ىواتخذوا من مقام إبراهيم مصل : قوله جل ذكره! كيف يصبر، إنما العجب ممن حضره كيف يرجع» 2«) عنه(بيت ليس العجب ممن بقي .عبد رفع هللا سبحانه قدما فإلى القيامة جعل أثر قدمه قبلة لجميع المسلمين إكراما ال مدى له

جعل هذا بـلدا آمنا وارزق أهله من وإذ قال إبراهيم رب ا. وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بـيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود : قوله جل ذكرههم بالله واليـوم اآلخر قال ومن كفر فأمتـعه الثمرات من آمن منـ

__________ .وهى خطا فى النسخ) الوصل(وردت ) 1( .تكملة جاءت فى هامش الصفحة وهى تكملة ضرورية) عنه) (2(

)1/123(

.قليال، ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير .األمر فى الظاهر بتطهير البيت، واإلشارة من اآلية إلى تطهير القلب

.وتطهير البيت بصونه عن األدناس واألوضار، وتطهير القلب بحفظه عن مالحظة األجناس واألغيارالشرع، وطواف المعاني معلوم ألهل الحق فقلوب العارفين المعاني فيها طائفة، وقلوب الموحدين الحقائق فيها وطواف الحجاج حول البيت معلوم بلسان

.وهؤالء أرباب التمكين» 1«عاكفة، فهؤالء أصحاب التلوين .وقلوب القاصدين بمالزمة الخضوع على باب الجود أبدا واقفة

.وقلوب الموحدين على بساط الوصل أبدا راكعة .قلوب الواجدين على بساط القرب أبدا ساجدةو

.أبدا عاكفة ويقال صواعد نوازع الطالبين بباب الكرم أبدا واقفة، وسوامى قصود المريدين بمشهد الجود أبدا طائفة، ووفود همم العارفين بحضرة العز .وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بـلدا آمنا : قوله جل ذكره

.ل إذا لم يكن مشوبا بحظ العبد كان مستجابا، ولم يكن سؤال إبراهيم هذا لحظ نفسه، وإنما كان لحق ربه عز وجل السؤا ولما حفظ شرط األدب طلب الرزق لمن آمن منهم على الخصوص أجيب فيهم

__________ ) .التلوين(وهى خطأ من الناسخ، والصحيح أنها ) التكوين(وردت ) 1(

التلوين صفة ارباب األحوال والتمكين صفة أهل الحقائق، فما دام العبد فى الطريق فهو صاحب تلوين ألنه يرتقى من : (والتمكين لفظان اصطالحيانوالتلوين .طلحال إلى حال، وينتقل من وصف إلى وصف وهو أبدا فى الزيادة أما صاحب التمكين فوصل ثم اتصل، وأمارة أنه اتصل أنه بالكلية عن كليته ب

44الرسالة ص ) والتغير بما يرد على العبد إما لقوة الوارد او لضعف صاحبه، والسكون إما لقوته أو لضعف الوارد عليه

)1/124(

راهيم القواعد من البـيت وإسماعيل ربـنا تـقبل منا إنك أنت السميع ا ربـنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا ) 127( لعليم وإذ يـرفع إبـنا إنك أنت التـواب الرحيم لو عليهم آياتك ويـع ) 128(وتب عليـ هم يـتـ يهم إنك أنت العزيز الحكيم ربـنا وابـعث فيهم رسوال منـ لمهم الكتاب والحكمة ويـزك

)129 (

:من غير إذن منع وقيل له» ومن ذريتى«: ولما قال فى حديث اإلمامة. وفى الذين لم يؤمنوا .» ال ينال عهدي الظالمين «

:قوله جل ذكره ]127آية ) : 2(سورة البقرة [

)127(ليم وإذ يـرفع إبراهيم القواعد من البـيت وإسماعيل ربنا تـقبل منا إنك أنت السميع الع .نجح السؤال فى صدق االبتهال فلما فزعا إلى الخضوع فى الدعاء أتاهما المدد، وتحقيق السؤال

.بأحوالنا» العليم «قوالنا أل» إنك أنت السميع « :قوله جل ذكره

]128آية ) : 2(سورة البقرة [

)128(أنت التـواب الرحيم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك دين لحكمك حتى ال يتحرك منا عرق بغير رضاك، واجعل من ذريتنا أمة مسلمة لك لتقوم بعدنا مقامنا فى القيام بحقوقك، وشتان بين من منقا: » مسلمين «

.يطلب وارثا لماله، وبين من يطلب نائبا بعده يقوم بطاعته فى أحواله .ق واإلعالمإذ ال سبيل إلى معرفة الموافقات إال بطريق التوفي» وأرنا مناسكنا«منا بعد قيامنا بجميع ما أمرتنا حتى ال نالحظ حركاتنا وسكناتنا، ونرجع إليك عن شهود أفعالنا لئال يكون خطر الشرك الخفى فى توهم شىء: » وتب علينا« .بنا

:قوله جل ذكره ]129آية ) : 2(سورة البقرة [

هم يـ يهم إنك أنت العزيز الحكيم ربنا وابـعث فيهم رسوال منـ لوا عليهم آياتك ويـعلمهم الكتاب والحكمة ويـزك )129(تـ

)1/125(

يا وإنه ف نـ ناه في الد راهيم إال من سفه نـفسه ولقد اصطفيـ إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ) 130(ي اآلخرة لمن الصالحين ومن يـرغب عن ملة إبـ)131 (

وطلب فى ذلك الموقف أن يكون الرسول . إن الواجبات لما كانت من قبل الرسل دون مجرد المعقول سأل أال يتركهم سدى، وأال يخليهم عن رسول وشرعحال نبينا صلى اهللا عليه وسلم سأل إنجاز ما وعده على الوجه الذي -سبحانه -ليكونوا أسكن إليه وأسهل عليهم، ويصح أن يكون معناه أنه لما عرفه» هم منـ «

) .» 1«أمره (به :قوله جل ذكره

]130آية ) : 2(سورة البقرة [

نيا وإنه في اآلخرة لمن الصالحين ومن يـرغب عن ملة إبراهيم إال من )130(سفه نـفسه ولقد اصطفيناه في الدفالباطل مطرحه، أخبر أنه آثر الخليل صلوات اهللا عليه على البرية، فجعل الدين دينه، والتوحيد شعاره والمعرفة صفته فمن رغب عن دينه أو حاد عن سنته

.هواه إذ ليست األنوار بجملتها إال مقتبسة من نورهوالكفر م :قوله جل ذكره

]131آية ) : 2(سورة البقرة [

)131(إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين : » أسلمت لرب العالمين «: تيار ومعارضات النفس، قالاإلسالم هو اإلخالص وهو االستسالم، وحقيقته الخروج عن أحوال البشرية بالكلية من منازعات االخ

ولم يدخر شيئا من ماله وبدنه وولده، وحين أمر بذبح الولد قصد الذبح، وحين قال له . قابلت األمر بالسمع والطاعة، واعتنقت الحكم على حسب االستطاعة .وال تدبير» اختيار«ن ما أمر به، فلم يكن له فى الحالي» 2«) عمل(خله من األسر فكأنه قال أقمنى فيما كلفتنى، » أسلمت «: ليس بدعوى من قبله ألن حقيقة اإلسالم إنما هو التبرى من الحول والقوة، فإذا قال: » أسلمت «: ويقال إن قوله

.فهو أحال األمر عليه، ال إلظهار معنى أو ضمان شىء من قبل نفسه. وحقق منى ما به أمرتنى .ما حل به -ال محالة - ويقال أمره بأن يستأثر بمطالبات القدرة فإن من حل فى الخلة محله يحل به

__________ .حتى تتالءم مع السياق وبذا يكون الناسخ مخطئا فى نقلها) أخبره(نرجح أنها فى األصل ) 1( .ى الداللة على االمتثالأقوى ف) عمل(ويمكن أن يحتملها المعنى، ولكن ترجيح ) فعلم(فى ص ) 2(

)1/126(

ين فال تموتن إال و راهيم بنيه ويـعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الد تم مسلمون ووصى بها إبـ ) 132(أنـ

.؟» علمت«ولم يقل نبينا صلى اهللا عليه وسلم حينما قيل له اعلم »أسلمت «: كيف قال إبراهيم صلوات اهللا عليه: ويسأل هاهنا سؤال فيقال .ولكن لم يرد بعده شرع فكان يخبر عنه بأنه قال علمت» » 1«أنا أعلمكم باهللا «منها أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال : والجواب عن ذلك من وجوه

-ألن اإليمان هو العلم باهللا سبحانه وتعالى، وقول الحق وإخباره عنه أتم من إخباره» آمن الرسول«: هإن اهللا سبحانه أخبر عن الرسول عليه السالم بقول: ويقال .عن نفسه -عليه السالم

.يتحرز عما هو صورة الدعوى فحفظ وكفى -صلى اهللا عليه وسلم -اقترنت به البلوى، ونبينا» أسلمت«: واآلخر أن إبراهيم لما أخبر بقوله» 2«) ولطائف العلم أقسام(ونبينا صلى اهللا عليه وسلم أمر بالعلم، . إبراهيم عليه السالم أمر بما يجرى مجرى األفعال، فإن االستسالم به إليه يشيرواآلخر أن

. :قوله جل ذكره

]132آية ) : 2(سورة البقرة [

تم مسلمون ووصى بها إبراهيم بنيه ويـعقوب يا بني إن الله )132(اصطفى لكم الدين فال تموتن إال وأنـوإن اختلفت فى -فشرائعهم. أخبر أن إبراهيم عليه السالم وصى بنيه، وكذلك يعقوب عليه السالم قال لبنيه ال يصيبنكم الموت إال وأنتم يوصف اإلسالم

»إن الله اصطفى لكم الدين «: وقوله تعالى -له فى التقسيم -ثانىفاألصل واحد، ومشرب التوحيد ال -األفعال__________

.» أنا أعلمكم باهللا وأخشاكم هللا«) 1( .» واهللا إنى ألخشاكم وأتقاكم له«البخارى عن أنس

. [.....]» واهللا إنى ألعلمكم باهللا وأشدكم له خشية«والشيخان عن عائشة . مضطربة وقد آثرنا أن نلتقط منها ما نرجح أنه مالئم للمعنى) ص(خ عالمة تدل على أنه أخطأ فى الثقل، ولهذا فإن العبارة التى وردت فى هنا وضع الناس) 2(

هو قسمة له ألن العلم ليس كسبا للعبد وإنما» علمت«) ص(وهذا فعل إنسانى بينما لم يقل الرسول » أسلمت«فالمقصود أن إبراهيم عليه السالم عبر بقوله .أى أنه من عين الجود ال من قبيل المجهود، واهللا أعلم

)1/127(

راهيم وإسماعيل وإ أم كنتم شهداء إذ حضر يـعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تـعبدون من بـعدي قالوا نـعبد إ سحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون لهك وإله آبائك إبـراهي) 134(تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم وال تسألون عما كانوا يـعملون ) 133( م حنيفا وقالوا كونوا هودا أو نصارى تـهتدوا قل بل ملة إبـ

) 135(وما كان من المشركين

يعينهم فيسهل عليهم بشارة بما تقوى به دواعيهم على الرغبة فيما يكلفهم من اإلسالم، ألنهم إذا تحققوا أن اهللا سبحانه اصطفى لهم ذلك علموا أنه ال محالة .القيام بحق اإلسالم

:قوله جل ذكره ]133آية ) : 2(سورة البقرة [

وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون أم كنتم شهداء إذ حضر يـعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تـعبدون من بـعدي قالوا نـعبد إلهك )133(

على منهاج واحد فى التوحيد واإلسالم، وتوارثوا ذلك خلفا عن سلف، فهم أهل بيت الزلفة، ومستحقو القربة، والمطهرون -يهمصلوات اهللا عل -جروا كلهم .على الحقيقة - من قبل اهللا

.وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون : قوله جل ذكرهونحن له «بقولهم » 1«وا إلهنا مراعاة لخصوصية قدره، حيث سلموا له المزية، ورأوا أنفسهم ملحقين بمقامه، ثم أخبروا عن أنفسهم أنهم طيع له لم يقول

.» مسلمون :قوله جل ذكره

]134آية ) : 2(سورة البقرة [

)134(بتم وال تسئـلون عما كانوا يـعملون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كس كال بمحله، وأفرد لكل واحد قدرا بموجب حكمه، فال لهؤالء عن أشكالهم خبر، وال بما خص به كل طائفة إلى آخرين أثر، وكل فى -سبحانه -أنزل الحق

.إقليمه ملك، ولكل يدور بالسعادة فلك :قوله جل ذكره

]135آية ) : 2(رة سورة البق[

) .135(وقالوا كونوا هودا أو نصارى تـهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين __________

طائع مثل ركع وسجد من راكع وطيع جمع) ونحن طيع له(معناه » ونحن له مسلمون«ونرجح أن الناسخ قد أخطأ فى النقل ألن ) طبع لهم(وردت ) 1( .وساجد

)1/128(

راهيم وإسماعيل وإسحاق ويـعقوب و نا وما أنزل إلى إبـ األسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ال نـفرق بـين أحد قولوا آمنا بالله وما أنزل إليـهم ونحن ) 137(الله وهو السميع العليم فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فـقد اهتدوا وإن تـولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم ) 136(له مسلمون منـ

كم بتقابل دعاواهم، وأزد من توجهك إلينا، جاريا على منهاج الخليل عليه السالم فى معناه إذا تجاذبتك الفرق، واختلفت عليك المطالبات بالموافقة، فاح .للحق بالحق» وأعتزلكم وما تدعون من دون اهللا«اعتزال الجملة، سواء كان أباه، أو كان ممن ال يوافق مواله، ولذا قال

:قوله جل ذكره ]136آية ) : 2(سورة البقرة [

ى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ال نـفرق بـين أحد ه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويـعقوب واألسباط وما أوتي موسقولوا آمنا بالل هم ونحن له مسلمون )136(منـ

آدم «: ائه فقالينا صلى اهللا عليه وسلم بجميع ما أنزل من قبله أكرم بجميع ما أكرمه من قبله، فلما أظهر موافقة الجميع أمر الكل بالكون تحت لو لما آمن نب .» » ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة

.فى التكريم بالسهم األعلى فتقدموا على كافة األمم، ولم يفرقوا بين أحد فهم ضربوا » 2«ولما آمنت أمته بجميع ما أنزل اهللا على رسله :قوله جل ذكره

]137آية ) : 2(سورة البقرة [

)137(ه وهو السميع العليم فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فـقد اهتدوا وإن تـولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الل فإن نظرنا لمن خدمك يا محمد بالوصلة،. إن سلكوا طريقتكم، وأخذوا بسبيلكم، أكرموا بما أكرمتم، ووصلوا إلى ما وصلتم، وإن أبوا إال امتيازا أبينا إال هوانهم

__________ .» ه إال تحت لوائىأنا سيد ولد آدم يوم القيامة وال فخر، وبيدي لواء الحمد وال فخر، وما نبى يومئذ آدم فمن سوا«) 1(

) .منتخب كنز العمال 6/ 79(من أحاديث الشفاعة رواه الترمذي .وردت رسوله، واألولى أن تكون رسله ألن السياق يقتضى ذلك) 2(

)1/129(

غة ونحن له عابدون غة الله ومن أحسن من الله صبـ ) 139(ي الله وهو ربـنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون قل أتحاجونـنا ف ) 138(صبـ

.األولياء» 2«، من خالفك فهو فى شق األعداء، ومن خدمك فهو فى شق » 1«( ... ) وإعراضنا عمن باينك وخالفك كفاية اهللا متحققة ألن عناية اهللا بكم متعلقة، فمن نابذكم قصمته أيادى النصرة، ومن خالفكم قهرته قضايا القسمة، : » يع العليم فسيكفيكهم الله وهو السم «

.خصائص اللطف واإلكرام» 3«) منا(وهو السميع لمناجاة أسراركم معنا على وصف الدوام، العليم باستحقاقكم :قوله جل ذكره

]138آية : ) 2(سورة البقرة [

غة ونحن له عابدون غة الله ومن أحسن من الله صبـ )138(صبـ .معناه الزموا صبغة اهللا، فهو نصب بإضمار فعل

.باته العبرةواإلشارة أن العبرة بما وضع الحق ال بما جمع العبد، فما يتكلفه الخلق فإلى الزوال مآله، وما أثبت الحق عليه الفطرة فبإث .صبغة األشباح والظواهر بآثار التوفيق، وصبغة األرواح والسرائر بأنوار التحقيق. وللقلوب صبغة ولألرواح صبغة ولألسرار صبغة وللظواهر صبغة

:قوله جل ذكره ]139آية ) : 2(سورة البقرة [

)139(عمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أ واألولياء فى ضياء الكشف وظهر الشهود؟. وهم تحت غطاء الغيبة، وفى ظالل الحجبة» 5«كيف تصح محاجة األجانب » 4«

__________ ) .الوصلة(او ما فى معناها لتقابل ) بالفرقة(ونظن أنها فى األصل ) بالواجب(هنا كلمة ) 1( ) .سلك(والمعنى يرفضها تماما مما يدل على أنها خطأ من الناسخ وربما كانت ) سك(وردت ) 2(فى الجملة ) معنا(مع -وهذه خصيصة فى أسلوب القشيري -حتى تنسجم الموسيقى الداخلية) منا(وهى مقبولة، ولكن األجمل أن تكون ) من(وردت ) 3(

.إعادة كل فضل إلى اهللا السابقة عليها، فضال عن أن فيها ) .مخلصون) (.. 138(وصحة اآلية ) مصلحون(أخطأ الناسخ وكتبها ) 4( .وهى خطأ من الناسخ) االجابة(وردت ) 5(

)1/130(

راهيم وإسماعيل وإسحاق ويـعقوب واألسباط كانوا هودا أو نصارى قل تم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل أم تـقولون إن إبـ أأنـ ) 141(لون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم وال تسألون عما كانوا يـعم ) 140(عما تـعملون

:قوله جل ذكره! ومتى يستوى حال من هو بنعت اإلفالس بغيبته مع حال من هو فى حكم االختصاص واإلخالص النغراقه فى قربته؟ هيهات ال سواء ]140آية ) : 2(سورة البقرة [

تم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله و أم تـقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويـعقوب واألسباط كا ما الله بغافل نوا هودا أو نصارى قل أأنـ )140(عما تـعملون

بمثل حالتهم، فرد -عليهم السالم -األجنبية حكم األنبياءمن نظر من نفسه إلى الخلق يتخيل كال برقمه، ويحسب الجميع بنعت مثله فلما كانوا بحكم وهل يكون المجدوب عن شاهده كالمحجوب فى شاهده؟. فيهم رأيهم» 1«( ... ) عليهم ظنهم و -سبحانه -الحق

عن كله بالمردود إلى مثله؟» 2«وهل يتساوى المختطف :قوله جل ذكره! لهم» 3«ذلك ظن الذين كفروا فتعسا

]141آية ) : 2(ورة البقرة س[

)141(تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم وال تسئـلون عما كانوا يـعملون يق فضلنا ال يشبه طريد قهرنا وعت. حالت بينكم وبينهم حواجز من القسمة فهم على الفرقة والغفلة أسسوا بنيانهم، وأنتم على الزلفة والوصلة ضربتم خيامكم

»4 «. __________

) .ص(مشتبهة فى ) 1(عن كله خذ مثال قوله فى مستهل رسالته معبرا عن الفكرة ) المختطف(وهى خطأ من الناسخ، فمن معرفتنا بأسلوب القشيري نجزم أنها ) المختلف(وردت ) 2(

) .واختطفوا عنهم بالكلية... ذاتها ) .فتعسا(الصحيح و ) فتعاسا(وردت ) 3(

إن من يتحرر : أنها بمعنى حر، فمعنى العبارة -حسب السياق العام -هنا على معنى قديم والمقصود هنا) عتيق(حينما فهم ) ص(أخطأ أحد قراء النسخة ) 4( .فى أكناف فضل اهللا ليس كمن يشرد في متاهات قهره

)1/131(

ها قل لله المشرق والمغرب يـهدي من يشاء إلى صراط م سيـقول السفهاء من الناس ما وال لتهم التي كانوا عليـ وكذلك جعلناكم أمة ) 142(ستقيم هم عن قبـقلب ع وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم ش ها إال لنـعلم من يـتبع الرسول ممن يـنـ لة التي كنت عليـ لى عقبـيه وإن كانت هيدا وما جعلنا القبـ

) 143(ه بالناس لرءوف رحيم لكبيرة إال على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الل

:قوله جل ذكره ]142آية ) : 2(سورة البقرة [

لتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغ )142(م رب يـهدي من يشاء إلى صراط مستقيسيـقول السفهاء من الناس ما والهم عن قبـفى كل ما كان » 1«سقمت بصائر الكفار فلم يلح لهم وجه الصواب فى جميع أحوال المؤمنين، فطالعوها بعين االستقباح، وانطلقت ألسنتهم باالعتراض

.ويكون منهم، فلم يروا شيئا جديدا إال أتوا عليه باعتراض جديد :عنها؟ فقال جل ذكره» 2«ن كانت قبلتهم حقا فما الذي والهم فمن ذلك تغير أمر القبلة حينما حولت إلى الكعبة قالوا إ

.قل لله المشرق والمغرب يـهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ها من األمر، يحملون عليها يطلبون وجو -عن شهود تصريف الحق ألوليائه -ونحو شاءوا، وكذلك أصحاب الغيبة والحجبة( ... ) يتعبد العباد إلى أي قطر و

.لنوره من شاء أحوالهم، ولو طالعوا الجميع من عين واحدة لتخلصوا عن ألم توزع الفكر، وشغل ترجم الخاطر، ومطالبات تقسم الظنون، ولكن اهللا يهدى :قوله جل ذكره

]143آية ) : 2(سورة البقرة [

لة التي كنت عليها إال وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكون قلب وا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبـ لنـعلم من يـتبع الرسول ممن يـنـ )143(له وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم على عقبـيه وإن كانت لكبيرة إال على الذين هدى ال

فكما أن هذه األمة شهداء على األمم فى القيامة فهذه . خيار هذه األمة فهم خيار الخيار» 3«الوسط الخيار، فجعل هذه األمة خيار األمم، وجعل هذه الطائفة . قلوبهم فهو المردود» 4«وعليهم المدار، وهم القطب، وبهم يحفظ اهللا جميع األمة، وكل من قبلته قلوبهم فهو المقبول، ومن ردته الطائفة هم األصول،

فالحكم الصادق لفراستهم، والصحيح حكمهم، والصائب نظرهم__________

. [.....]بعد قليل) االعتراض(الءمة، خصوصا وقد جاءت أكثر م) باالعتراض(وربما يقبلها المعنى، ولكن النطق ) باألعراض(وردت ) 1( .وهى خطأ فى الكتابة) وليهم(وردت ) 2( .يقصد أهل الحقائق) 3( .وهى الصحيحة) ردته(ومصححة فى الهامش ) روية(فى النسخة ) 4(

)1/132(

لة تـر لنـوليـنك قبـ أوتوا الكتاب ضاها فـول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فـولوا وجوهكم شطره وإن الذين قد نـرى تـقلب وجهك في السماء فـ ) 144(ليـعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يـعملون

االجتماع على الخطأ، وعصم هذه الطائفة عن الخطأ فى النظر والحكم، والقبول والرد، ثم إن بناء أمرهم مستند إلى سنة الرسول » 1«) عن(عصم جميع األمة .، وصاحبه على ال شىء» 3«عليه السالم فهو عليه رد » 2«وكل ما ال يكون فيه اقتداء بالرسول . صلى اهللا عليه وسلم

قلب على عقبـيه، و وما ج : قوله جل ذكره لة التي كنت عليها إال لنـعلم من يـتبع الرسول ممن يـنـ إن كانت لكبيرة إال على الذين هدى الله، وما كان الله علنا القبـ .رؤف رحيم ليضيع إيمانكم إن الله بالناس ل

، ومن نظر إلى » 4«بين أن الحكم فى تقرير أمر القبلة إلى وقت التحويل، وتحويلها من وقت التبديل كان اختبارا لهم من الحق ليتميز الصادق من المارق :ثم قال. األمر بعين التفرقة لكبر عليه أمر التحويل، ومن نظر بعين الحقيقة ظهرت لبصيرته وجوه الصواب

أي من كان مع اهللا فى جميع األحوال على قلب واحد فالمختلفات من األحوال له واحدة، فسواء غير أو قرر، وأثبت أو بدل، » ما كان اهللا ليضيع إيمانكمو « :وحقق أو حول فهم به له فى جميع األحوال، قال قائلهم

يحسب الجاهلون أنا جننا... كيفما دارت الزجاجة درنا .ا شرقا أو واجهوا غربا، وإن استقبلوا حجرا أو قاربوا مدرا، فمقصود قلوبهم واحد، وما كان للواحد فحكم الجميع فيه واحدفإن قابلو

:قوله جل ذكره ]144آية ) : 2(سورة البقرة [

لة تـرضاها فـول وجهك ش لنـوليـنك قبـ طر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فـولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب قد نرى تـقلب وجهك في السماء فـ ) .144(ليـعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يـعملون

__________ .فى الجملة التالية فى المعنى نفسه) عن(د استعملت وق) عن(والصحيح عصم ) على(وردت ) 1( ) .بالوصل(أخطأ الناسخ فكتبها ) 2( ) .فهو عليه رد(والصواب أن تكون ) فهو عليهم رد(جاءت ) 3( .ونرجح أنها كذلك فى األصل. لمالء منها للمعنى) المارق(وقد جعلناها ) المارن(وردت ) 4(

)1/133(

لتـهم وم لتك وما أنت بتابع قبـ لة بـعض ولئن اتـبـعت أهواءهم من بـعد ما جاءك من العلم إنك ولئن أتـيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبـ ا بـعضهم بتابع قبـ ) 145(الظالمين إذا لمن

اآلداب حيث سكت بلسانه عن سؤال ما تمناه من أمر القبلة بقلبه، فالحظ السماء ألنها طريق جبريل عليه السالم، فأنزل اهللا عز -صلوات اهللا عليه -حفظاء، فلقد غيرنا القبلة ألجلك، وهذه غاية ما يفعل الحبيب ألجل أي علمنا سؤلك عما لم تفصح عنه بلسان الدع» قد نرى تـقلب وجهك في السماء «: وجل

.الحبيب .» فلنولينك قبلة ترضاها: كل العبيد يجتهدون فى طلب رضائى وأنا أطلب رضاك

مشهود قلبك، وحيثما كنتم ولكن ال تعلق قلبك باألحجار واآلثار، وأفرد قلبك لى، ولتكن القبلة مقصود نفسك، والحق : » فول وجهك شطر المسجد الحرام« .أيها المؤمنون فولوا وجوهكم شطره، ولكن أخلصوا قلوبكم لى وأفردوا شهودكم بي

.وإن الذين أوتوا الكتاب ليـعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يـعملون : قوله جل ذكره .تهويال على األعداء، وتأميال على األولياء» وما الله بغافل عما يـعملون «ليهم حجة، وال تكون لهم فيه راحة أو منه زيادة، ولكنه علم ال يكون ع

:قوله جل ذكره ]145آية ) : 2(سورة البقرة [

لتك لة بـعض ولئن اتـبـعت أهواءهم من بـعد ما جا ولئن أتـيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبـ لتـهم وما بـعضهم بتابع قبـ ءك من العلم إنك وما أنت بتابع قبـ )145(إذا لمن الظالمين

كم فى شقانفراد بطريق الحق، ووقوع أعدائ» 2«( ... ) سبق لكم من قديم الحكم » 1«__________

.مالك من اهللا من ولى وال نصير، فأصلحناه) إنك إذا لمن الظالمين(وقع الناسخ فى الخطأ حين وضع مكان ) 1( .ثم استبعدها الناسخ لزيادتها) القرب(هنا كلمة ) 2(

)1/134(

هم ليكتمون الح ناءهم وإن فريقا منـ ناهم الكتاب يـعرفونه كما يـعرفون أبـ ولكل ) 147(الحق من ربك فال تكونن من الممترين ) 146(ق وهم يـعلمون الذين آتـيـرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير وجهة هو موليها ف ) 148(استبقوا الخيـ

أتوا بكل احتيال، بتابع قبلتهم وإن -البعد، فبينكما برزخ ال يبغيان، فما هم بتابعى قبلتكم وإن أريتهم من اآلثار ما هو أظهر من الشموس واألقمار، وال أنت .بذلك فى سابق األزل -سبحانه - حكما من اهللا :قوله جل ذكره

]146آية ) : 2(سورة البقرة [

هم ليكتمون الحق )146(وهم يـعلمون الذين آتـيناهم الكتاب يـعرفونه كما يـعرفون أبناءهم وإن فريقا منـجلباب الحياء فلم ينجع فيه مالم، ولم يردعه عن » 1«هم مستكنات الحسد على مكابرة ما علموه باالضطرار، فكذلك المغلوب فى ظلمات نفسه، ألقى حملت

.انهماكه كالم :قوله جل ذكره

]147آية ) : 2(سورة البقرة [

)147(الحق من ربك فال تكونن من الممترين .والخطاب له والمراد به األمة. » 3«إلى مجوزات التخمين » 2«بعد ما طلعت لك شموس اليقين فال تذعن أي

:قوله جل ذكره ]148آية ) : 2(سورة البقرة [

)148(لله على كل شيء قدير ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن ا :أن كل قوم اشتغلوا عنا بشىء حال بينهم وبيننا، فكونوا أنتم أيها المؤمنون لنا وبنا، وأنشد بعضهم: اإلشارة منه

جعلتك أشغالى فأنسيتنى شغلى... إذا األشغال ألهونى عنك بشغلهم __________

.وهى خطأ من الناسخ) تلقى(وردت ) 1( .بالذال) فال تذعن(والصواب أن تكون ) . فال ترعن(وردت ) 2(

محتمل لإلصابة بالتجويز يغمز القشيري هنا بما بين علوم أرباب األحوال وبين العلوم العقلية، ألننا نعرف من مذهبه أنه مع احترامه للعقل فى البداية إال أنه ) 3( .بالوصول إلى المعارف العليا -وحده -والتخمين وغيرهما من اآلفات التي ال تجعله جديرا

)1/135(

ومن حيث خرجت فـول وجهك شطر المسجد ) 149( عما تـعملون ومن حيث خرجت فـول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل ة إال الذين ا هم فال تخشوهم واخشوني وألتم نعمتي عليكم ولعلكم تـهتدون لحرام وحيث ما كنتم فـولوا وجوهكم شطره لئال يكون للناس عليكم حج ظلموا منـلو عليكم آياتنا ويـزكيكم ويـعلمكم الكتاب والحكمة ويـعلمك كما أرسلن ) 150( ) 151(م ما لم تكونوا تـعلمون ا فيكم رسوال منكم يـتـ

:قوله جل ذكره ]149آية ) : 2(سورة البقرة [

)149(المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تـعملون ومن حيث خرجت فـول وجهك شطر .فكذلك أقبلوا علينا بقلوبكم كيفما كنتم حظيتم منا أو منيتم -قربتم منها أم بعدتم -كما تستقبلون أينما كنتم القبلة

:قوله جل ذكره ]150آية ) : 2(سورة البقرة [

هم فال تخشوهم ومن حيث خرجت فـول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فـولوا وجوهكم شطره لئ ة إال الذين ظلموا منـ ال يكون للناس عليكم حج )150(ي عليكم ولعلكم تـهتدون واخشوني وألتم نعمت

ن منا، فإن من إذا أردت أال يكون ألحد عليك سبيل، وال يقع لمخلوق عليك ظل، وال تصل إليك بالسوء يد، فحيثما كنت وأينما كنت وكيفما كنت كن لنا وك .انقطع إلينا ال يتطرق إليه حدثان

.شونيفال تخشوهم واخ : قوله جل ذكره ؟!فأنى بالخشية منهم -إذا كانوا محوا عن كونهم رسوما تجرى عليهم أحكامنا

.وألتم نعمتي عليكم ولعلكم تـهتدون : قوله جل ذكره :إتمام النعمة إضافة الكشف إلى اللطف، فإن من كفاه بمقتضى جوده دون من أغناه بحق وجوده، وفى معناه أنشدوا

ليس إال بكم يتم السرور... نحن فى أكمل السرور ولكن أنكم غيب ونحن الحضور... -يا أهل ودى -عيب ما نحن فيه :قوله جل ذكره

]151آية ) : 2(سورة البقرة [

لوا عليكم آياتنا ويـزكيكم ويـعلمكم الك )151(تاب والحكمة ويـعلمكم ما لم تكونوا تـعلمون كما أرسلنا فيكم رسوال منكم يـتـ»1«

__________ ) .يتلون(أخطأ الناسخ حين كتبها ) 1(

)1/136(

) 152(فاذكروني أذكركم واشكروا لي وال تكفرون

وال سبيل ألحد إليه إال بواسطة الرسل فأقوام . أن قلوب أوليائه متعطشة إلى لقائه -بحانهس -إرسال الرسول مفاتحة ألبواب الوصول، فكان فى سابق علمه :قوله جل ذكره! بفنون القرب والزلف، وشتان بين قوم وقوم -بإرسال الرسل إليهم -بإرسال الرسل إليهم الكلف، وآخرون أكرمهم -ألزمهم

]152آية ) : 2(سورة البقرة [

)152(كركم واشكروا لي وال تكفرون فاذكروني أذ .الذكر استغراق الذاكر فى شهود المذكور، ثم استهالكه فى وجود المذكور، حتى ال يبقى منك أثر يذكر، فيقال قد كان مرة فالن

بل ذلك محسنين «: عالىأي كونوا مستهلكين فى وجودنا، نذكركم بعد فنائكم عنكم، قال اهللا ت» فاذكروني أذكركم « كانوا وقتا ولكنهم بانوا دائما » إنـهم كانوا قـ»1 «:

»2«فكن حديثا حسنا لمن وعنى ... أناس حديث حسن بأن أقيمكم بحقي بعد فنائكم ) ذكركم أ (بترك كل حظ ) فاذكروني(بالكرامات، وطريقة أهل اإلشارة ) أذكركم (بالموافقات ) فاذكروني(» 3«وطريقة أهل العبارة

.عنكم .راضيا بكم دون أفعالكم) أذكركم (عن عطائى وأفضالى » 4«مكتفين بي ) فاذكروني( .بذكرى لكم ما تذكرون، ولوال سابق ذكرى لما كان الحق ذكركم) فاذكروني( .حقائقبنعوت ال) أذكركم (بقطع العالئق ) فاذكروني(

.ويقال اذكرني لكل من لقيته أذكرك لمن خاطبته، فمن ذكرنى فى مأل ذكرته فى مأل خير منهم__________

) . [.....]157الرسالة ص (المعارف كان فبان : ومرة قال. العارف كائن بائن: يقول يحيى بن معاذ) 1( .مضطرب وزنا ومعنى البيت منقول كما جاء فى ص، لم نحاول أن نبدل فى كتابته وهو) 2( ) .اإلشارة(لتعبر عن درجة أدنى من درجة أهل ) العبارة(واألصوب أن يكون احتمال ورودها فى األصل ) العبادة(وردت ) 3( .ء اهللاواألقرب الى المعنى أن تجعلها فى صورة الجمع وأن يكون حرف الباء أولى من الالم حيث يقال اكتفيت باهللا عن عطا) مكتفيا لى(وردت ) 4(

)1/137(

) 153(يا أيـها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصالة إن الله مع الصابرين

) .فاذكروني أذكركم : (على عظيم المنة عليكم بأن قلت) واشكروا لي(ويقال النهى عن الكفران أمر بالشكر، الشكر ذكر، فكرر عليك األمر بالذكر، والثالث أول حد الكثرة، واألمر ) فرون وال تك (ويقال الشكر من قبيل الذكر، وقوله

أي أحبونى » فاذكروني أذكركم «أمر بالمحبة أي أحببني أحبك -فى الحقيقة -فهذا» من أحب شيئا أكثر ذكره«: بالذكر الكثير أمر بالمحبة ألن فى الخبر .بكمأحب

.بالتفضل) أذكركم (بالتذلل ) فاذكروني: (ويقال .بالمبار) أذكركم (باالنكسار ) فاذكروني( .بالجنان) أذكركم (باللسان ) فاذكروني( .بتحقيق مطلوبكم) أذكركم (بقلوبكم ) فاذكروني(

.باإليجاب على بساط القربة بإكمال النعمة) ذكركم أ (على الباب من حيث الخدمة ) فاذكروني( .بتوفية البر ) أذكركم (بتصفية السر ) فاذكروني( .بالجود والعطاء) أذكركم (بالجهد والعناء ) فاذكروني( .يوم القيامة يوم ال تنفع الندامة) أذكركم (بوصف السالمة ) فاذكروني( .بتحقيق الرغبة) أذكركم (بالرهبة ) كرونيفاذ (

:قوله جل ذكره ]153آية ) : 2(سورة البقرة [

)153(يا أيـها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصالة إن الله مع الصابرين : يقول» وبشر الصابرين «استحقاقكم صالة ربكم عليكم، ولذا فإنه تعالى بعد -عليكمعند جريان أحكام الحق -استعينوا بالصبر على الصالة أي بصبركم

.» أولئك عليهم صلوات من ربهم « :ويقال استوجب الصابرون نهاية الذخر، وعلو القدر حيث نالوا معية اهللا قال تعالى

.» إن الله مع الصابرين «

)1/138(

لونكم بشيء من الخوف والجوع ونـقص من األموال واألنـفس والثمرات وبشر ) 154(وال تـقولوا لمن يـقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن ال تشعرون ولنبـ ) 155(الصابرين

:قوله جل ذكره ]154آية ) : 2(سورة البقرة [

)154(وال تـقولوا لمن يـقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن ال تشعرون .اماتفاتتهم الحياة فى الدنيا ولكن وصلوا إلى الحياة األبدية فى العقبى، فهم فى الحقيقة أحياء، يجدون من اهللا فنون الكر

:ويقال هم أحياء ألن الخلف عنهم اهللا ومن كان الخلف عنه اهللا ال يكون ميتا، قال قائلهم فى مخلوق مات من يبقى له مثل خالد... إن يكن عنا مضى بسبيله فما

.ويقال هم أحياء بذكر اهللا لهم، والذي هو مذكور الحق بالجميل يذكره السرمدي ليس بميت .متحققة -بالحق سبحانه -ن كانت متفرقة، فإن أرواحهمويقال إن أشباحهم وإ

.ولئن فنيت باهللا أشباحهم فلقد بقيت باهللا أرواحهم ألن من كان فناؤه باهللا كان بقاؤه باهللا .» 1«ويقال هم أحياء بشواهد التعظيم، عليهم رداء الهيبة وهم فى ظالل األنس، يبسطهم جماله مرة، ويستغرقهم جالله أخرى

:ه جل ذكرهقول ]155آية ) : 2(سورة البقرة [

لونكم بشيء من الخوف والجوع ونـقص من األموال واألنـفس والثمرات وبشر الصا )155(برين ولنبـمن حالهم فى الوجود، ورسمهم بالرقم الذي قسمه، وأثبتهم على الوصف ابتالهم بالنعمة ليظهر شكرهم، وابتالهم بالمحنة ليظهر صبرهم، فلما أدخل المعلوم

الذي علمه، ابتالهم__________

من كاشفه بجالله أفناه، ومن كاشفه «: » الجليل الجميل«و » المحيي المميت«حينما شرح » التحبير فى التذكير«شبيه بذلك ما يقوله القشيري فى كتابه ) 1( .» الل يوجب محوا وغيبة، وكشف الجمال يوجب صحوا وقربةبجماله أحياه، فكشف الج

)1/139(

هم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) 157(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) 156(الذين إذا أصابـتـ

هم، وبآفة الثمرات بالخوف وفيه تصفية لصدورهم، وبالجوع وفيه تنقية ألبدانهم، وبنقص من األموال تزكو به نفوسهم، وبمصائب النفوس يعظم بها عند اهللا أجر .يتضاعف من اهللا خلفهم

.يعنى الذين ال اعتراض لهم على تقديره فيما أمضاه» وبشر الصابرين «عن عقوبته ثم بمقاساة الجوع ابتغاء قربته وكرامته، ونقص من األموال بتصدق األموال والخروج عنها طلبا للخير منه بحصول ) ابتعادا(وف ويقال طالبهم بالخ

.معرفته .على استحسان قضيته، واالنقياد لجريان قدرته» وبشر الصابرين «القول بترك ما يأملونه من الزوائد فى نعمته » والثمرات «. تسليما لها إلى عبادته» واألنـفس «

، ومن بذل لحكمه النفس فله الدرجات، ومن صبر عند » 1«ومطالبات الغيب إما أن تكون بالمال أو بالنفس أو باألقارب فمن أوقف المال هللا فله النجاة .تمصائب األقارب فله الخلف والقربات، ومن لم يدخر عنه الروح فله دوام المواصال

:قوله جل ذكره ]156آية ) : 2(سورة البقرة [

هم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )156(الذين إذا أصابـتـ .اآلية...

.قابلوا األمر بالصبر ال بل بالشكر ال بل بالفرح والفخر .ن حكمه فمنشىء الخلق أولى بالخلق من الخلقومن طالع األشياء ملكا للحق رأى نفسه أجنبيا بينه وبي

من كان باهللا الذي كان ويقال من شهد المصائب شهد نفسه هللا وإلى اهللا، ومن شاهد المبلى علم أن ما يكون من اهللا فهو عبد باهللا، وشتان بين من كان هللا وبين وإن محاه انمحى، وإن حركه تحرك، وإن سكنه سكن، فهو عن اختياراته فان، وفى هللا فصابر واقف، والذي هو باهللا فساقط االختيار والحكم، إن أثبته ثبت،

.القبضة مصرف :قوله جل ذكره

]157آية ) : 2(سورة البقرة [

) .157(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون __________

) .الجنات(صل ربما كانت فى األ) 1(

)1/140(

را فإن الله شاكر عليم إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البـيت أو اعتمر فال جناح عليه أن يطو ) 158(ف بهما ومن تطوع خيـ

إلى صبرهم ووقوفهم عند مطالبات التقدير، ال بصبرهم ووقوفهم وصلوا إلى صلواته، فلوال رحمته األزلية لما حصلت طاعتهم عليهم ابتداء وصلوا » 1«بصلواته .» 2«بشرط العبودية، فعنايته السابقة أوجبت لهم هداية خالصة

.لما رحمهم فى البداية اهتدوا فى النهاية» وأولئك هم المهتدون «: قال تعالى :له جل ذكرهقو ]158آية ) : 2(سورة البقرة [

)158(بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البـيت أو اعتمر فال جناح عليه أن يطوف :ألنها أطالل األحباب، وهنالك تلوح اآلثار» 4«وتزار، وتشد إليها الرحال » 3«وتلك األطالل والرقوم، تعظم تلك المشاهد والرسوم،

»5«وليس فى الدار هم وال طرب ... أهوى الديار لمن قد كان ساكنها :ألعز من المسك األذفر» 6«) طريقهم حافظات(أقدارا عظيمة، وكل غبرة تقع على -عند حاجة األحباب -وإن لتراب طريقهم بل لغبار آثارهم فى تربها وجرت به بردا... وما ذاك إال أن مشت عليه أميمة

.كر عليم فمن حج البـيت أو اعتمر فال جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شا : قوله جل ذكرهوالمروة بجوار البيت فشرع السعى بينهما كما شرع للبيت الطواف، فكما أن الطواف ركن فى النسك فالسعى أيضا ركن، والجار يكرم ألجل حظى الصفا

.الجار__________

مة إلى صالته ال إلى سبحانه عليهم فى سابق األزل، كذلك تشير اآلية الكري) صالته(وهى خطأ من الناسخ ألن السياق يؤدى إلى ) بصلواتهم(وردت ) 1( .صلواتهم

فاهللا فى رأى القشيري تنزه عن أن يجب عليه شىء، ألن طاعة المطيع أو ال فضل من . الحظ هنا معارضة القشيري لفكرة وجوب إثابة المطيع على اهللا) 2( .اهللا، وليست بفضل العبد

.وهى خطأ فى النسخ) تعظيم(وردت ) 3( .نسخوهى خطأ فى ال) الرجال(وردت ) 4( .لتناسب الطرب، وليتناسبا مع خلو الدار من أقل أثر للحياة) همس(صحيحة، أي ال حزن وال فرح، واما أنها فى األصل ) هم (إما أن تكون ) 5( ) .ص(هكذا وردت فى ) 6(

)1/141(

زلنا من البـيـنات والهدى من بـعد ما عنون إن الذين يكتمون ما أنـ إال الذين تابوا وأصلحوا وبـيـنوا ) 159(بـيـناه للناس في الكتاب أولئك يـلعنـهم الله ويـلعنـهم الالخالدين فيها ال ) 161(وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والمالئكة والناس أجمعين إن الذين كفروا وماتوا) 160(فأولئك أتوب عليهم وأنا التـواب الرحيم

هم العذاب وال هم يـنظرون ) 162(يخفف عنـ

:قوله جل ذكره ]159آية ) : 2(سورة البقرة [

زلنا من البـينات والهدى من بـعد ما بـيـناه للناس في الكتاب أولئك يـلعنـهم الله ويـل إن الذين يكتمون ما )159(عنـهم الالعنون أنـالنصيحة واإلرشاد استوجب المقت فى بإظهاره للمريدين على وجه » 1«اإلشارة فى هذه اآلية لمن كاشفه الحق سبحانه بعلم من آداب السلوك ثم ضن

.الوقت، ويخشى عليه نزع البركة عن علمه متى قصر فيه لما أخر من تعليم المستحق :قوله جل ذكره

]160آية ) : 2(سورة البقرة [

)160(حيم إال الذين تابوا وأصلحوا وبـيـنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التـواب الر حسن قيامهم -بجميل البيان وإقامة البرهان على ما يقولون -تداركوا ما سلف من تقصيرهم بحسن الرجعى، والقيام للمريدين على وجه النصيحة، وبينوا لهم

.بمعامالتهموما أريد «: املتك ما تشير إليه بمقالتك، قال اهللا تعالىأال يخالف بمع -فإن أظهر الحجج لبيان أفعالك وأصدق الشهادة لتصحيح ما تدعو به الخلق إلى اهللا

.» أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه :قوله جل ذكره

]162الى 161اآليات ) : 2(سورة البقرة [

هم العذاب وال هم يـنظرون ) 161(كة والناس أجمعين إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والمالئ )162(خالدين فيها ال يخفف عنـئك يرجعوا إلى أحوال العادة، ثم فى تلك الوحشة قبضوا، وعلى تلك الحالة من الدنيا خرجوا، أول) أن(اإلشارة فيه أن الذين بدا لهم بعد ما سلكوا طريق اإلرادة

أصحاب الفرقة،__________

.والسياق يؤيدها. التي سجلها الناسخ تحتها) بخل(من كلمة ) ضن (وهى خطأ من الناسخ وقد استندنا فى الوصول إلى أنها ) ضمن(وردت ) 1(

)1/142(

فع الن إن في خل ) 163(وإلهكم إله واحد ال إله إال هو الرحمن الرحيم اس وما ق السماوات واألرض واختالف الليل والنـهار والفلك التي تجري في البحر بما يـنـة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بـين السماء واألرض آليات لقوم يـعقلون أنـزل الله من السماء من ماء فأحيا به األرض بـعد موتها وبث فيها من كل داب

)164 (

.اءفال على أرواحهم إقبال وال لمصيبتهم جبران، وال ألحد عليهم ترحم، خسروا فى الدنيا واآلخرة، يلعنهم البق فى الهواء والنقع على الم .أي مقيمين أبدا فى هوانهم وصغرهم، ال تخفيف وال إسعاف، وال رفق وال ألطاف خالدين

:قوله جل ذكره ]163آية ) : 2(سورة البقرة [

)163(وإلهكم إله واحد ال إله إال هو الرحمن الرحيم :عبدى، وذلك أتم من هذا بكثير ألن قوله: مة من يعده من خاص الخواص أن يقول لهعال: وإن شيوخ هذه الطائفة قالوا. شرفهم غاية التشريف بقوله وإلهكم

؟» وإلهكم «ومتى قال لكم . وإضافة نعته أتم من إضافته إياك إلى نفسه ألن إلهيته لك بال علة، وكونك له عبد يعوض كل نقصك وآفتك: » وإلهكم « .ذاتك وصفاتك ال بل قبل ذلك أزل األزل حين ال حين وال أوان، وال رسم وال حدثانحين كانت طاعتك وحركاتك وسكناتك أو

.ال قسيم يجانسه وال قديم يؤانسه. من ال مثل له يدانيه، وال شكل يالقيه» الواحد«و .ال شريك يعاضده وال معين يساعده وال منازع يعانده

.لى الذاتأحدى الحق صمدى العين ديمومى البقاء أبدى العز أز وكل من أطنب فى وصفه أصبح منسوبا إلى . واحد فى عز سنائه فرد فى جالل بهائه، وتر فى جبروت كبريائه، قديم فى سلطان عزه، مجيد فى جمال ملكوته

.لوال أنه الرحمن الرحيم لتالشى العبد إذا تعرض لعرفانه عند أول ساطع من باديات عزه) ف(» 1«العمى :قوله جل ذكره

]164آية ) : 2(سورة البقرة [

فع الناس وما أنـزل الله من السماء من ماء فأحيا به األرض بـعد إن في خلق السماوات واألرض واختالف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما يـنـ )164( يـعقلون وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بـين السماء واألرض آليات لقوم موتها

__________ .فى ص ويمكن قبولها على أنها اسم جنس) األعمى(وردت ) 1(

)1/143(

ة لله جميعا وأن الله ومن الناس من يـتخذ من دون الله أندادا يحبونـهم كحب الله والذين آمنوا أشد حب ا لله ولو يـرى الذين ظلموا إذ يـرون العذاب أن القو ) 165(اب شديد العذ

ونبههم على وجود . تعرف إلى قلوب الطالبين من أصحاب االستدالل وأرباب العقول بدالالت قدرته، وأمارات وجوده، وسمات ربوبيته التي هى أقسام أفعالهمن شخص -من عين من العدم محصولةالحكمة ودالالت الوحدانية بما أثبت فيها من براهين تلطف عن العبارة، ووجوه من الدالالت تدق عن اإلشارة، فما

إال وهو على -، أو هواء أو ماء، أو شمس أو قمر، أو قطر أو مطر، أو رمل أو حجر، أو نجم أو شجر» 1«أو طلل، أو رسم أو أثر، أو سماء أو فضاء .الوحدانية دليل، ولمن يقصد وجوده سبيل

:قوله جل ذكره ]165آية ) : 2(سورة البقرة [

ة لله جميعا وأن الله اس من يـتخذ من دون الله أندادا يحبونـهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ول ومن الن و يـرى الذين ظلموا إذ يـرون العذاب أن القو )165(شديد العذاب

ن يعبدوه، ء قوم لم يجعلهم الحق سبحانه أهل المحبة، فشغلهم بمحبة األغيار حتى رضوا ألنفسهم أن يحبوا كل ما هوته أنفسهم، فرضوا بمعمول لهم أهؤال .أن يحبوه -من دونه -ومنحوت

ة لله جميعا وأن الله شديد العذاب والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يـرى الذين ظلموا إذ : قوله جل ذكره .يـرون العذاب أن القوبة الكفار ليس المقصود من هذا ذكر محبة األغيار لألصنام، ولكن المراد منه مدح المؤمنين على محبتهم، وال تحتاج إلى كثير محبة حتى تزيد على مح

.ر ذكره، بل استحسن كل شىء منهلألصنام، ولكن من أحب حبيبا استكث محبة الجنس) هذه(ويقال وجه رجحان محبة المؤمنين هللا على محبة الكفار ألصنامهم أن

__________ . [.....]فى ص) قضاء(وردت ) 1(

)1/144(

) 166(بهم األسباب إذ تـبـرأ الذين اتبعوا من الذين اتـبـعوا ورأوا العذاب وتـقطعت

.للجنس، وقد يميل الجنس إلى الجنس، وتلك محبة من ليس بجنس لهم فذلك أعز وأحق .رداء الكبرياء على وجهه) شهوده(ويقال إنهم أحبوا ما شاهدوه، وليس بعجيب محبة ما هو لك مشهود، وأما المؤمنون فإنهم أحبوا من حال بينهم وبين

إذ تـبـرأ الذين اتبعوا من «: والكافر تبرأ من الصنم والصنم من الكافر كما قال تعالى. ا أشد حبا هللا ألنهم ال يتبرأون من اهللا سبحانه وإن عذبهمويقال الذين آمنو .اآلية» ... الذين اتـبـعوا

.» بـهم ويحبونه يح «: ويقال محبة المؤمنين حاصلة من محبة اهللا لهم فهى أتم، قال تعالى .ومحبتهم لألصنام من قضايا هواهم

م، واتسعت ذات يدهم ويقال محبة المؤمنين أتم وأشد ألنها على موافقة األمر، ومحبة الكفار على موافقة الهوى والطبع، ويقال إنهم كانوا إذا صلحت أحوالهوعلى ... أصناما ويهجرون ما كان من الحديد -عند غناهم -ال فقرهم فكانوا يتخذون من الفضةاتخذوا أصناما أحسن من التي كانوا يعبدونها قبل ذلك فى ح

.وأما المؤمنون فأشد حبا هللا ألنهم عبدوا إلها واحدا فى السراء والضراء! هذا القياس :قوله جل ذكره

]166آية ) : 2(سورة البقرة [

)166(ذين اتـبـعوا ورأوا العذاب وتـقطعت بهم األسباب إذ تـبـرأ الذين اتبعوا من ال » 1«) أولئك(ن إذا بدت لهم أوائل العذاب اتضح أنهم لم يقفوا من الصدق على قدم، وأما المؤمنون فيسلبهم أرواحهم وأمالكهم وأزواجهم وأوالدهم، ويسك

.وسوء األعمال ثم يلقيهم فى النار» 2«ول اآلجال فى القبور سنين ثم يبتليهم فى القيامة بط__________

.ليمتنع اللبس) أولئك(أضفنا ) 1(ألن وصف األحوال بالطول غير مالئم فضال عن أننا نفترض أن القشيري ال يستعمل األحوال اال ) اآلجال(ونرجح أنها فى األصل ) طول األحوال(فى ص ) 2(

.ى جهنم معناه تأبيد العذابوطول اآلجال ف. ألرباب األحوال

)1/145(

هم كما تـبـرءوا منا كذلك يريهم الل نتبـرأ منـ ا الناس كلوا مما يا أيـه ) 167(ه أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار وقال الذين اتـبـعوا لو أن لنا كرة فـ ) 169(إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تـقولوا على الله ما ال تـعلمون ) 168(في األرض حالال طيبا وال تـتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين

.والذين آمنوا أشد حبا هللا: ولذلك قال» 2«) على محبة(فيأتى عليهم طول األيام واألعمال فال يزدادون إال محبة » 1«) أما المؤمنون( :قوله جل ذكره

]167آية ) : 2(سورة البقرة [

هم كما تـبـرؤا منا كذل نتبـرأ منـ )167(ك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار وقال الذين اتـبـعوا لو أن لنا كرة فـ .ذلك يعرفون مرارة طعم صحبة المخلوقين ولكن ال يحصلون إال على حسرات» 3«عند

:قوله جل ذكره ]168آية ) : 2(سورة البقرة [

)168(رض حالال طيبا وال تـتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين يا أيـها الناس كلوا مما في األ .فهو مرىء فى المآل -وإن استكره فى الحال -فهو وبيء فى المآل، والحالل -وإن استلذ فى الحال -الحرام

.» 4«والحالل الصافي ما لم ينس مكتسبه الحق فى حال اكتسابه .قال الحالل ما حصله الجامع له والمكتسب على شهود الحق فى كل حالوي

.وكل ما يحملك على نسيان الحق أو عصيان الحق فهو من خطوات الشيطان

:قوله جل ذكره ]169آية ) : 2(سورة البقرة [

)169(علمون إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تـقولوا على الله ما ال تـ .الجترائه على اهللا يدعوك به إلى افترائك على اهللا

__________ .أضفناها ليستقيم السياق إذ يبدو أنها سقطت أثناء النسخ) 1( .فى الهامش مستدركة وعليها عالمة بموضعها) 2( ) .عند(واألصح ) عن(وردت ) 3( ) .59الرسالة ص (لتستري للحالل الصافي القشيري هنا مستفيد من تعريف سهل بن عبد اهللا ا) 4(

)1/146(

نا عليه آباءنا أولو كان ومثل الذين كفروا كمثل الذي يـنعق بما ) 170(آباؤهم ال يـعقلون شيئا وال يـهتدون وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنـزل الله قالوا بل نـتبع ما ألفيـإنما ) 172( يا أيـها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقـناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تـعبدون ) 171(إال دعاء ونداء صم بكم عمي فـهم ال يـعقلون ال يسمع

ر باغ وال عاد فال إثم عليه إ حرم عليكم الميتة والد ) 173(ن الله غفور رحيم م ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غيـ

:قوله جل ذكره ]170آية ) : 2(سورة البقرة [

)170(الوا بل نـتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم ال يـعقلون شيئا وال يـهتدون وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنـزل الله ق علموا أن ال ترفع أبصارهم عن أشكالهم وأصنافهم، من أضرابهم وأسالفهم، فبنوا على منهاجهم، فال جرم انخرطوا فى النار، وانسلكوا فى سلكهم، ولو

.أسالفهم ال عقل يردعهم، وال رشد يجمعهم لنابذوهم مناصبين، وعاندوهم مخالفين، ولكن سلبوا أنوار البصيرة، وحرموا دالئل اليقين :قوله جل ذكره

]171آية ) : 2(سورة البقرة [

)171(ء صم بكم عمي فـهم ال يـعقلون ومثل الذين كفروا كمثل الذي يـنعق بما ال يسمع إال دعاء وندا .يه كثير قيمةعدموا سمع الفهم والقبول، فلم ينفعهم سمع الظاهر، فنزلوا منزلة البهائم فى الخلو عن التحصيل، ومن رضى أن يكون كالبهيمة لم يقع عل

:قوله جل ذكره ]172آية ) : 2(سورة البقرة [

)172(منوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تـعبدون يا أيـها الذين آ .يجتمع فيه الوصفان فهو الحالل الطيب) طعاما(الحالل ما ال تبعة عليه، والطيب الذي ليس لمخلوق فيه منة، وإذا وجد العبد

.رضاء الحق ما دام تبقى فيك القوة لذلك الطعام وحقيقة الشكر عليه أال تتنفس فى غير :قوله جل ذكره

]173آية ) : 2(سورة البقرة [م ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غيـ )173(ن الله غفور رحيم ر باغ وال عاد فال إثم عليه إ إنما حرم عليكم الميتة والد

)1/147(

يهم ولهم عذاب أليم في بطونهم إال النار وال يكلمهم الله يـوم القيامة وال إن الذين يكتمون ما أنـزل الله من الكتاب ويشتـرون به ثمنا قليال أولئك ما يأكلون يـزكالكتاب ذلك بأن الله نـزل الكتاب بالحق وإن الذين اختـلفوا في ) 175(أولئك الذين اشتـروا الضاللة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبـرهم على النار ) 174(

) 176(لفي شقاق بعيد

.حرم على الظواهر هذه المعدودات وهى ما أهل به لغير اهللا، وحرم على السرائر صحبةاهللا، فال يسلكن غير سبيل الشرع سبيال، فإما أن يكون محوا فى -أي لم يجد إلى االستهالك فى حقائق الحق وصوال -غير اهللا بل شهود غير اهللا، فمن اضطر

.أو يكون قائما باهللا، أو عامال هللا، والرابع همج ال خطر له :قوله جل ذكره

]174آية ) : 2(سورة البقرة [

يهم ولهم عذاب أليم ي بطونهم إال الن إن الذين يكتمون ما أنـزل الله من الكتاب ويشتـرون به ثمنا قليال أولئك ما يأكلون ف ار وال يكلمهم الله يـوم القيامة وال يـزك)174(

ظهر هؤالء شظية من السر العلماء مطالبون بنشر دالئل العلم، واألولياء مأمورون بحفظ ودائع السر فإن كتم هؤالء براهين العلوم ألجموا بلجام من النار، وإن أ .ولكل حد، وعلى كل أمر قطيعة. من األنوار» 1«بعاد األسرار، وسلب ما أوتوا عوجلوا ب

:قوله جل ذكره ]176الى 175اآليات ) : 2(سورة البقرة [

ن الله نـزل الكتاب بالحق وإن الذين اختـلفوا في الكتاب لفي ذلك بأ ) 175(أولئك الذين اشتـروا الضاللة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبـرهم على النار )176(شقاق بعيد

قدرهم، وما أفضح » 2«إن الذين آثروا الغير على الغيب، والخلق على الحق، والنفس على األنس، ما أقسى قلوبهم، وما أوقح محبوبهم ومطلوبهم، وما أخس ذلك بأن اهللا نزل الكتاب بالحق، وأمضى القضاء والحكم فيه بالصدق، وأوصلهم إلى ما له أهلهم، وأثبتهم على الوجه الذي عليه ! لذوى األبصار أمرهم» 3«

.جبلهم__________

.لتناسب المعنى) أوتوا(والصواب ) أتوا(وردت ) 1( .والصواب أخس لتناسب المعنى) أخص(وردت ) 2( ) .افضح(ونرجح أنها فى األصل ما ) أفصح( وردت ما) 3(

)1/148(

به ذوي القربى واليتامى م اآلخر والمالئكة والكتاب والنبيين وآتى المال على ح ليس البر أن تـولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليـو لئك الذين هدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أو والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصالة وآتى الزكاة والموفون بع

) 177(صدقوا وأولئك هم المتـقون

:قوله جل ذكره ]177آية ) : 2(سورة البقرة [

والمالئكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى اآلخر ليس البر أن تـولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليـوم ن في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين م إذا عاهدوا والصابريوالمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصالة وآتى الزكاة والموفون بعهده

)177(صدقوا وأولئك هم المتـقون .واإلشارة أن الظواهر ليس لها كثير اعتبار إنما الخبر عن اهللا عزيز» 1«

عوام، ووصل الليل بالنهار فى وظائف كثيرة ومجاهدات غزيرة عظيم الخطر فصفة ال -وإن عز -فحرفة العجائز، وإخالص الطاعات -وإن جلت -وكثرة األوراد .فى استحقاق الثواب، ولكن معرفة الحق عزيزة

عصم، والوفاء بالعهود، وما ذكر فى هذه اآلية من فنون اإلحسان، ووجوه قضايا اإليمان، وإيتاء المال، وتصفية األعمال، وصلة الرحم، والتمسك بفنون الذمم والعظيم األثر، كثير الخطر، محبوب الحق شرعا، ومطلوبه أمرا لكن قيام الحق عنك بعد فنائك، وامتحانك من شاهدك، واستهالكك فى وجود -ومراعاة الحدود

»2«أتم وأعلى فى المعنى ألن التوحيد ال يبقى رسما وال أثرا، وال يغادر غيرا وال غبرا -القدم، وتعطل رسومك عن مساكنات إحساسك__________

) .وأقاموا الصالة وآتوا الزكاة(اخطأ الناسخ فكتها ) 1( .فمعروف) الغبر(الغير السوي أما ) 2(

)1/149(

لى الحر بالحر والعبد بالعبد واأل ث يا أيـها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتـ ى فمن عفي له من أخيه شيء فاتـباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان نـثى باألنـله عذاب أليم ) 179(لعلكم تـتـقون ولكم في القصاص حياة يا أولي األلباب ) 178(ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بـعد ذلك فـ

:قوله جل ذكره ]178آية ) : 2(سورة البقرة [

اتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ثى باألنثى فمن عفي له من أخيه شيء ف يا أيـها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد واألن له عذاب أليم )178(ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بـعد ذلك فـ

عبادة بل عبودية، والثاني صاحب حق القصاص مشروع، والعفو خير، فمن جنح إلى استيفاء حقه فمسلم له، ومن نزل عن ابتغاء حقه فمحسن، فاألول صاحب :فدماؤهم مطلولة وأرواحهم هدرة قال» 1«فتوة بل حرية والدم المراق يجرى فيه القصاص على لسان أهل العلم، وأما على لسان اإلشارة ألهل القصة

وإن دما أجريته بك فاخر... وإن فؤدا رعته لك حامد خلوف أهل الوصال، قال النبي القرب» 3«بساط » 2«) فوق(وسفك دماء األحباب »والريح ريح المسك... اللون لون الدم «: صلى اهللا عليه وسلم

:قوله جل ذكره

]179آية ) : 2(سورة البقرة [ )179(ولكم في القصاص حياة يا أولي األلباب لعلكم تـتـقون

.قتل قتل أمسك عن القتل وفى ذلك حياة القاتل والمقتولفى استيفاء القصاص حياة ألنه إذا علم أنه إذا )سبحانه(فيه أعظم الحياة ألنه إذا تلف فيه -على بيان اإلشارة -ولكن ترك القصاص__________

.أهل القصة هم أرباب األحوال) 1( .واألصوب فوق) فى(وردت ) 2( . [.....]خرى هكذاالقرب لورودها فى مواضع أ) بساط(وقد رجحنا ) سباط(وردت ) 3(

)1/150(

را الوصية للوالدين واألقـربين بالم له بـعدما سمعه فإنما إثمه على ) 180(عروف حقا على المتقين كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن تـرك خيـ الذين فمن بدلونه إن الله سميع عليم ) 181(يـبد

.أعز من حياة من ورد عليه التلف» 1«فهو الخلف عنه، وحياته عنه أتم له من بقائه بنفسه، وإذا كان الوارث عنهم اهللا والخلف عنهم اهللا فبقاء الخلف :قوله جل ذكره

]180آية ) : 2(سورة البقرة [

)180(ا على المتقين يكم إذا حضر أحدكم الموت إن تـرك خيرا الوصية للوالدين واألقـربين بالمعروف حق كتب عل عمارهم بالثلث، أما األولياء فيخرجون فى فى حالة األغنياء يوصون فى آخر أ!! من ترك ماال فالوصية له فى ماله مستحبة، ومن لم يترك شيئا فأنى بالوصية

يت وحيدة منفصلة حياتهم عن الكل، فال تبقى منهم إال همة انفصلت عنهم ولم تتصل بشىء ألن الحق ال سبيل للهمة إليه، والهمة ال تعلق لها بمخلوق، فبق :غير متصلة، وأنشدوا

يحبكم عظمى فى التراب رميم... أحبكم ما دمت حيا فإن أمت :وقال بعضهم: هذه وصيتهم

(..............)»2« :ال بل كما قال قائلهم

رجعوا إلى أوطانهم فجرى له دمعى صبيبا... وأتى الرسول فأخبر أنهم رحلوا قريبا :قوله جل ذكره

]181آية ) : 2(سورة البقرة [

له بـعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين لونه إن الله سميع عليم فمن بد )181(يـبد .من حرف نطقا جرى بحقه لحقه شؤم ذلك ووباله

.فمن أعان الدين أعانه اهللا، ومن أعان على الدين خذله اهللا. وعقوبته أن يحرم رائحة الصدق أن يشمه__________

) .الخلف(والصواب ) الخلق(وردت ) 1( !!وما أكثر خطأ الناسخ فى نقل شواهد الشعر... زنا تماما عن قراءته أو إصالحه هنا شاهد شعرى عج) 2(

)1/151(

نـهم فال إثم عليه إن الله غفور رحيم م الصيام كما كتب على الذين من يا أيـها الذين آمنوا كتب عليك ) 182(فمن خاف من موص جنـفا أو إثما فأصلح بـيـبلكم لعلكم تـتـقون ) 183(قـ

:قوله جل ذكره ]182آية ) : 2(سورة البقرة [

نـهم فال إثم عليه إن الله غفور رحيم )182(فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بـيـأهل البداية رخاوة قصد أو وجد بعض الناصحين يتكلم بالصدق المحض على » 2«فى بعض المريدين ضعفا، أو رأى فى بعض » 1«أن من تفرس : إلشارة فيها

ناس على الصدق فال بأس به فإن حمل ال -فرأى أن يرفق بذلك المريد بما يكون ترخيصا له أو استمالة له أو مداراة أو رضا بتعاطى مباح -من لم يحتمله .ركن فى ابتغاء الصالح عظيم -إذا لم يكن لهم صارم عزم، وال صادق جهد -فالرفق بأهل البداية. المحض مما لم يثبت له كثير أجر

:قوله جل ذكره ]183آية ) : 2(سورة البقرة [

بلكم لعلكم تـتـقون يا أيـها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على ال )183(ذين من قـصوم ظاهر وهو اإلمساك عن المفطرات مصحوبا بالنية، وصوم باطن وهو صون القلب عن اآلفات، ثم صون الروح عن المساكنات، ثم : الصوم على ضربين

.صون السر عن المالحظات... ) ... من صام فليصم سمعه وبصره : (لغيبة، وصون الطرف عن النظر بالريبة كما فى الخبرصون اللسان عن ا -حتى يكمل -ويقال صوم العابدين شرطه

.، وأما صوم العارفين فهو حفظ السر عن شهود كل غيره» 3«الخبر صوموا لرؤيته «: ليه وسلموإن من أمسك عن المفطرات فنهاية صومه إذا هجم الليل، ومن أمسك عن األغيار فنهاية صومه أن يشهد الحق، قال صلى اهللا ع

الهاء فى قوله: » وأفطروا لرؤيته__________

.وردت بالصاد وهى خطأ من الناسخ) 1( .وواضح أنها خطأ من الناسخ) فى أهل بعض البداية(وردت ) 2( ) .دع طعامه وشرابهمعناه من لم يدع قول الزور والعمل به فليس هللا حاجة أن ي: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك ويدك) (3(

.رواه البخاري وأصحاب السنن عن أبى هريرة

)1/152(

ة من أيام أخر وعلى الذين يط ر أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعد ر له وأن تصوموا خيـ را فـهو خيـ يقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيـ ) 184(مون لكم إن كنتم تـعل

عائدة عند أهل التحقيق إلى الحق سبحانه، فالعلماء يقولون معناه عندهم صوموا إذا رأيتم هالل رمضان وأفطروا لرؤية هالل شوال، وأما -لرؤيته -عليه السالم .اهللا -به محو هم» 1«الخواص فصومهم هللا ألن شهودهم اهللا وفطرهم باهللا وإقبالهم على اهللا والغالب عليهم اهللا، والذي

:قوله جل ذكره ]184آية ) : 2(سورة البقرة [

ة من أيام أخر وعلى الذين يطيق ر ل أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعد ر ونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فـهو خيـ ه وأن تصوموا خيـ )184(لكم إن كنتم تـعلمون

الصوم هللا تحقيق العبادة والصوم باهللا تصحيح . من شهد الشهر صام هللا، ومن شهد خالق الشهر صام باهللا، فالصوم هللا يوجب المثوبة، والصوم باهللا يوجب القربةالصوم هللا إمساك من حيث عبادات الشريعة . الصوم هللا قيام بالظواهر والصوم باهللا قيام بالضمائر. نعت كل قاصدالصوم هللا صفة كل عابد والصوم باهللا . اإلرادة

.والصوم باهللا إمساك بإشارات الحقيقة .من شهد الشهر أمسك عن المفطرات ومن شهد الحق أمسك فى جميع أوقاته عن شهود المخلوقات

.نجبيل، ومن صام بقلبه سقى شراب المحاب بنعمة اإليجابمن صام بنفسه سقى شراب السلسبيل والز .» وسقاهم ربـهم شرابا طهورا «: ومن صام بسره فهم الذين قال فيهم اهللا تعالى

.شراب ال يدار على الكف لكنه يبدو له من اللطف!! شراب يا له من شراب .شراب استئناس ال شراب كاس

ة من أيام أخر فمن كان «: قوله تعالى اإلشارة لمن . أي من أفطر لهذه األعذار فعليه صوم عدة أيام بعدد ما أفطر قضاء لذلك» منكم مريضا أو على سفر فعد سقمت إرادته عن الصحة فيرجع إلى غيره إما لرخصة تأويل أو لقلة قوة واحتمال، أو عجز للقيام بأعباء أحكام الحقيقة

__________ .وهو خطأ من الناسخ) والذين(وردت ) 1(

)1/153(

ليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعد شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبـيـنات من الهدى والفرقان فمن شهد م ة من أيام أخر نكم الشهر فـة ولتكبـروا الله على ما ه ) 185(داكم ولعلكم تشكرون يريد الله بكم اليسر وال يريد بكم العسر ولتكملوا العد

ص له باألخذ بالتأويل، وتلك سنة اهللا سبحانه وتعالى فى التسهيل على أهل البداية، ثم فليمهل حتى تقوى عزيمته وتشتد إرادته، فعند ذلك يستدرك منه ما رخ .استيفاء ذلك منهم واجب فى آخر الحال

ر له وأن ............ » 1«وعلى الذين يطيقونه فدية : قوله جل ذكره ر لكم إن كنتم تـعلمون طعام مسكين فمن تطوع خيرا فـهو خيـ .تصوموا خيـجب الحال وهو الخروج اإلشارة منه أن من فيه بقية من القوة للوقوف لمطالبات الحقيقة ويرجع إلى تسهيل الشريعة وينحط إلى رخصة التأويل فعليه الغرامة بوا

.عما بقي له من معلوم مال أو مرسوم حال ويبقى مجردا للواحدأي مدة هذا الصوم أيام قليلة » أياما معدودات«: ويقال إنه لما علم أن التكليف يقتضى المشقة خففه عليك ذلك بأن قلل أيام الصوم فى قلبك فقال] صلف[

ين من ح «: ثم قال. وجاهدوا فى اهللا حق جهاده: فال يهولنكم سماع ذكره، وهذا كقوله تعالى رج أي ال يلحقكم كثير مشقة فى القيام وما جعل عليكم في الد .بحق جهاده

:قوله جل ذكره ]185آية ) : 2(سورة البقرة [

ليصمه ومن كان شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبـينات من الهدى والفرقان فمن شهد منك ة من أيام أخر م الشهر فـ مريضا أو على سفر فعدة ولتكبـروا الله على ما هدا )185(كم ولعلكم تشكرون يريد الله بكم اليسر وال يريد بكم العسر ولتكملوا العد

.شتان بين من تحرق ذنوبه رحمته وبين من تحرق رسومه حقيقتهرمضان يرمض ذنوب قوم ويرمض رسوم قوم، و

__________ .فى اآلية الكريمة) فدية، وطعام(وقع الناسخ فى سهو حين أعاد ثالثة أسطر مما سبق له أن كتبه، ووقعت هذه األسطر المعادة بين كلمتى ) 1(

)1/154(

ليستجيبوا لي وليـؤمنو ) 186(ا بي لعلهم يـرشدون وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فـ

شهر نزول . ف الكلفة، شهر تحقيق الزلفةشهر تخفي. شهر رمضان شهر مفاتحة الخطاب، شهر إنزال الكتاب، شهر حصول الثواب، شهر التقريب واإليجاب .الرحمة، شهر وفور النعمة .شهر النجاة، شهر المناجاة

.يريد الله بكم اليسر وال يريد بكم العسر : قوله جل ذكره .أنه أراد بك العسر) وأنت تظن(أراد بك اليسر

:بطلب اليسر ولو لم يرد به اليسر لما جعله راغبا فى اليسر، قال قائلهم» 1«) أقامه(ومن أمارات أنه أراد بعبده اليسر أنه من فيض جودك ما علمتنى الطلبا... لو لم ترد نيل ما أرجوا وأطلبه

.لينفى عن حقيقة التخصيص مجوزات الظنون» وال يريد بكم العسر«: حقق الرجاء وأكد الطمع وأوجب التحقيق حيث قال .تكملوا العدة ول : قوله جل ذكره

.على لسان العلم تكملوا مدة الصومفى النفس األخير، وتخرجوا من مدة عمركم » ولتكبروا اهللا على ما هداكم ولعلكم تشكرون» 3«) المآل(» 2«) وفاء(وعلى لسان اإلشارة لتقرنوا بصفاء الحال

.أعظم -يق أنه يختم عمرك بالسعادةوالتوفيق فى أن تكمل صوم شهرك عظيم لكن تحق. بسالمة إيمانكم :قوله جل ذكره

]186آية ) : 2(سورة البقرة [

ليستجيبوا لي وليـؤمنوا ب )186(ي لعلهم يـرشدون وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فـ__________

.ليزداد وضوح المعنى) أقامه(وقد جعلناها ) امأق(جاءت ) 1( .ونظن أن الواو األولى زائدة من الناسخ) ووفاء(جاءت ) 2(وقد اعتاد الناسخ أن يكتب المال مثل المآل أي بدون عالمة على المد، وآثرنا هنا أن نضعها، فالمقصود اإلعداد لليوم اآلخر بالطاعات ) المال(جاءت ) 3(

.هذا فضال عن أن اإلشارة للصوفية، والصوفية قوم ال مال لهم. التمام أن تجمع بين الحقيقة والشريعة والعبادات، وغاية

)1/155(

وإذا سألك عبادي «: وال عن دنيا وال عن عقبى بل سألوا عنه فقال تعالى» 1«سؤال كل أحد يدل على حاله لم يسألوا عن حكم وال عن مخلوق وال عن دين ويسئـلونك عن «: ، وال من جملة من قال» ويسئـلونك عن اليتامى«: ، وال من جملة من قال» ويسئـلونك عن الجبال «: وليس هؤالء من جملة من قال. » عني

يسئـلونك عن الشهر الحرام قتال «، و » ئـلونك عن الخمر والميسر يس «: ، وال من جملة من قال» ويسئـلونك عن الروح «: ، وال من جملة من قال» المحيض .» فيه

.» عبادي عني.... » 2«وإذا سألك «: هؤالء قوم مخصوصون» فإني قريب «وبين الخلق فهذا الجواب أنا أتواله أي إذا سألك عبادى عنى فبماذا تجيبهم؟ ليس هذا الجواب بلسانك يا محمد، فأنت وإن كنت السفير بيننا

.» 3«) فإنى قريب: رفع الواسطة من األغيار عن القربة فلم يقل قل لهم إنى قريب بل قال جل شأنه(وإن الحق سبحانه » يب دعوة الداع أج «: حيث تقدس الحق سبحانه عن كل اقتراب بجهة أو ابتعاد بجهة أو اختصاص ببقعة فقال: ثم بين أن تلك القربة ما هى

بالعلم والقدرة والسماع والرؤية، وهو قريب من المؤمنين على وجه التبرية والنصرة وإجابة الدعوة، وجل وتقدس عن أن يكون قريبا -من الجملة والكافة -قريب .كنه والمقدارمن أحد بالذات والبقعة فإنه أحدى ال يتجه فى األقطار، وعزيز ال يتصف بال

ليستجيبوا لي وليـؤمنوا بي لعلهم يـرشدون : قوله جل ذكره .أجيب دعوة الداع إذا دعان فـليست «: لم يعد إجابة من كان باستحقاق زهد أو فى زمان عبادة بل قال دعوة الداعي متى دعانى وكيفما دعانى وحيثما دعانى ثم قال هذا تكليف، » جيبوا ليفـ

:وقوله__________

) .عقبى(لتتقابل مع ) دنيا(وتركنا الثانية ) دين(مرتين فرجحنا أن تكون األولى ) دنيا(تكررت كلمة ) 1( .فحذفنا الزائدة) وعبادى) ... (سألك(وضع الناسخ عالمة تشعر بوجود كلمات زائدة بين ) 2( .مش استدركها الناسخ فوضعناها فى موضعهاما بين القوسين تكملة من الها) 3(

)1/156(

تم لباس لهن علم الله لة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنـ فسكم فـتاب عليكم وعفا عنكم أحل لكم ليـ تـغوا أنكم كنتم تختانون أنـ فاآلن باشروهن وابـتم عاكفو ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يـتبـين لكم الخيط األبـيض من الخيط األسود من ن في الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل وال تـباشروهن وأنـ

) 187(المساجد تلك حدود الله فال تـقربوها كذلك يـبـين الله آياته للناس لعلهم يـتـقون

ا دعوتك، أنا ال أرضى برد أجبتك، فأجبنى أيضا إذ -عبدى -إذا دعوتنى: تعريف وتخفيف، قدم التخفيف على التكليف، وكأنه قال» أجيب دعوة الداع «ليستجيبوا لي، وليـؤمنوا «. على دعائى، وال دعاؤك يحملنى على إجابتك -عبدى -إجابتى لك بالخير تحملك. بردى من نفسك -عبدى -دعائك فال ترض فـ

:وليثقوا فى، فإنى أجيب من دعانى، قال قائلهم: » بي »1«الحجيج وما حوت عرفات وله... يا عز أقسم بالذي أنا عبده فثقى بقولي والكرام ثقات... ال أبتغى بدال سواك خليلة

.أي ليس القصد من تكليفك ودعائك إال وصولك إلى إرشادك» لعلهم يـرشدون «: ثم قال فى آخر اآلية :قوله جل ذكره

]187آية ) : 2(سورة البقرة [

لة الصيام ا تم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنـفس أحل لكم ليـ تـغوا لرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنـ كم فتاب عليكم وعفا عنكم فاآلن باشروهن وابـتم عاكفون في بـين لكم الخيط األبـيض من الخيط األسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل والما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يـت تـباشروهن وأنـ

)187(ناس لعلهم يـتـقون المساجد تلك حدود الله فال تـقربوها كذلك يـبـين الله آياته للال يعود إليه عائد من أوصاف الخلق إن كنت فى العبادة التي هى حق الحق أو فى أحكام العادة من صحبة جنسك التي هى غاية -فى الحقيقة -أخبر أنه

.النفس والحظ، فسيان فى حالك إذا أورد فيه اإلذن__________

. [.....]النسخ وهى خطأ فى) عرفان(جاءت ) 1(

)1/157(

نكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال تم تـعلمون وال تأكلوا أموالكم بـيـ ثم وأنـ ) 188( الناس باإل

.وهكذا أحكام العناية. المسلمين إلى القيامة» 2«ب رخصة لجميع ، فجعل ذلك سب» 1«نزلت اآلية فى زلة بدرت من الفاروق ، وأما حظك ف » أتموا الصيام إلى الليل «ويقال علم أنه ال بد للعبد عن الحظوظ فقسم الليل والنهار فى هذا الشهر بين حقه وحظك، فقال أما حقى ف

.» الخيط األبـيض من الخيط األسود من الفجر كلوا واشربوا حتى يـتبـين لكم «تم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فال تـقربوها، كذلك يـبـين الله : قوله جل ذكره .آياته للناس لعلهم يـتـقون وال تـباشروهن وأنـ

.ليكممحل القدرة مقدس عن اجتالب الحظوظ، وقال إذا كنتم مشاغيل بنفوسكم كنتم محجوبين بكم فيكم، وإذا كنتم قائمين بنا فال تعودوا منا إأخبر أن ذريتى يا : السالميا رسول اهللا إنى أحبك وأحب قربك فقال عليه : ويقال غيرة الحق سبحانه على األوقات أن يمزج الجد بالهزل، قالت عائشة رضى اهللا عنها

:قوله جل ذكره» 3«وقال صلى اهللا عليه وسلم لى وقت ال يسعنى غير ربى . ابنة أبى أبكر أتعبد ربى ]188آية ) : 2(سورة البقرة [

نكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أم تم تـعلمون وال تأكلوا أموالكم بـيـ ثم وأنـ ) .188(وال الناس باإل__________

يا رسول اهللا إنى : قال هشام عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال قام عمر ابن الخطاب رضى اهللا عنه فقال. أي عمر بن الخطاب) 1(وهكذا روى ) أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم(ها قد نامت فظننتها تعتل فواقعتها فنزل فى عمر أردت أهلى البارحة على ما يريد الرجل أهله فقالت إن

) .ط الحلبي 221، 220ص 1تفسير القرآن العظيم البن كثير ج (عن مجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة ) .جميع(وردت ) 2( .والمعنى صحيح ولكن سنده غير معروف» ر اهللا عز وجل لى مع اهللا وقت ال يسعنى فيه شىء غي«للحديث صورة أخرى ) 3(

)1/158(

وابها واتـقوا الله لعلكم هورها ولكن البر من اتـقى وأتوا البـيوت من أبـ يسألونك عن األهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البـيوت من ظ ) 190(وقاتلوا في سبيل الله الذين يـقاتلونكم وال تـعتدوا إن الله ال يحب المعتدين ) 189(تـفلحون

عالمين » 1«فراقبوا موضع االستحياء من الحق سبحانه، ولئن كان المخلوقون إذا تحاكم إلى المخلوقين فاعلموا أن اهللا مطلع عليكم، وعلمه محيط بكم، .متولى السرائر -سبحانه وتعالى -بالظواهر فالحق :قوله جل ذكره

]189آية ) : 2(سورة البقرة [

كم تأتوا البـيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البـيوت من أبوابها واتـقوا الله لعل يسئـلونك عن األهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن )189(تـفلحون .مواقيت للناس ألشغالهم ومحاسباتهم -جمع هالل -األهلة

.ت أورادهم، وأما أقوام مخصوصون فهى لهم مواقيت لحاالتهم، قال قائلهموهى مواقيت ألهل القصة فى تفاوت أحوالهم فللزاهدين مواقي

وقد كنت قدما ال أعد اللبالبا... أعد الليالى ليلة بعد ليلة :وقال آخر

وما فى الصبر فضل عن ثمان... ثمان قد مضين بال تالق :وقال آخر

»2«بأنصاف لهن وال سرار ... شهور ينقضين وما شعرنا .واتـقوا الله لعلكم تـفلحون وليس البر بأن تأتوا البـيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البـيوت من أبوابها: كرهقوله جل ذ

.يعنى ليس البر مراعاة األمور الظاهرة، بل البر تصفية السرائر وتنقية الضمائر :ل ذكرهقوله ج

]190آية ) : 2(سورة البقرة [

)190(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم وال تـعتدوا إن الله ال يحب المعتدين لتكن نفوسكم عندكم ودائع الحق إن أمر بإمساكها أمسكوها وصونوها، وإن أمر

__________ .وهى خطأ من الناسخ ألن اسم كان مرفوع بالواو) المخلوقين(وردت ) 1( ) .428الوسيط ص (آخر ليلة فيه ) بالكسر والفتح(سرار النهر وسراره ) 2(

)1/159(

نة أشد من القتل وال تـ قاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يـقاتلوكم فيه فإن قاتـلوكم فاقـتـلوهم واقـتـلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتـ ) 191(رين كذلك جزاء الكاف

.وهو أن تقف حيثما أوقفت، وتفعل ما به أمرت» وال تـعتدوا«: بتسليمها إلى القتل فال تدخروها عن أمره، وهذا معنى قوله :قوله جل ذكره

]191آية ) : 2(سورة البقرة [

نة أشد من القتل وال تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتـلوك واقـتـلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم وا م فاقـتـلوهم لفتـ )191(كذلك جزاء الكافرين

الرحم ووشائج » 2«عليهم وإن كان بينكم واصد » 1«فال تشفقوا -ائىكما أن عليكم إثبات الوالية والمواالة مع أولي -يعنى عليكم بنصب العداوة مع أعدائى .القرابة

.عن أوطان اإلسالم ليكون الصغار جاريا عليهم» 3«(....) أوال أخرجوا حبهم ومواالتهم من قلوبكم، ثم . » وأخرجوهم من حيث أخرجوكم «نة أشد من ال : قوله جل ذكره .قتل والفتـ

أن المحنة التي ترد على القلوب من طوارق الحجب أشد من المحنة التي ترد على النفوس من بذل الروح، ألن فوات حياة القلب أشد من فوات: واإلشارة .حياة النفس، إذ النفوس حياتها بمألوفاتها، ولكن حياة القلب ال تكون إال باهللا

.تنأى عن اهللا أعظم من أن تنأى عن روحك وحياتك» 4«أن : ويقال الفتنة أشد من القتل .لكافرين وال تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتـلوكم فاقـتـلوهم كذلك جزاء ا: قوله جل ذكره ما تدخله على نفسكمع اهللا إذا كان بوصف الصفات ب» 5«ال تشوش وقتك : اإلشارة منه

__________

.والمعنى والسياق يرفضانها رفضا قاطعا وقد صوبناها بما يتالءم) فال تشقوا(ووردت ) 1( .مثل الورث واإلرث والوحد واألحد وربما كانت أواصر. الواصد واآلصد العهد) 2( ) .أخرجوهم(ثم : مشتبهة فى ص وربما كانت) 3( .ياق يرفضانها رفضا قاطعا وقد صوبناها بما يتالءموالمعنى والس) تنقى(وردت ) 4(الوقت ما أنت فيه فإن كنت بالدنيا فوقتك الدنيا، وإن كنت بالعقبى فوقتك العقبى، وإن كنت بالسرور : فى تعريف الوقت -شيخ القشيري -قال الدقاق) 5(

.فوقتك السرور، وإن كنت بالحزن فوقتك الحزنويقولون الصوفي ابن وقته يريدون بذلك أنه مشتغل بما هو أولى به . يريد بهذا أن الوقت ما كان هو الغالب على اإلنسان: ه قائالويعلق القشيري على رأى أستاذ

.وينبغى أال يفرط العبد فيما يقتضيه حق الشرع. فى الحال، قائم بما هو مطالب به فى الحين

)1/160(

تـهوا فإن الله غفور تـهوا فال عدوان إال على الظال ) 192(رحيم فإن انـ نة ويكون الدين لله فإن انـ الشهر الحرام بالشهر ) 193(مين وقاتلوهم حتى ال تكون فتـ ) 194(عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتـقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا

.عن اهللا» 1«وإن كانت نوافل من الطاعات، فإن زاحمك مزاحم يشغلك عن اهللا فاقطع مادة ذلك عن نفسك بكل ما أمكنك لئال تبقى لك عالقة تصدك :قوله جل ذكره

]192آية ) : 2(سورة البقرة [

تـهوا فإن الله غفور رحيم )192(فإن انـإذا انقطعت عنك غاغة خواطرك وأعداء نفسك، مما يخرجك عنه ويزاحمك، فلم حديث النفس ودع مجاهداتها فإن من طولب بحفظ األسرار ال : اإلشارة منه

.» 2«الفات يتفرغ إلى مجاهدات النفوس بفنون المخ :قوله جل ذكره

]193آية ) : 2(سورة البقرة [

تـهوا فال عدوان إال على الظالمين نة ويكون الدين لله فإن انـ )193( وقاتلوهم حتى ال تكون فتـ .بيكاإلشارة من اآلية إلى مجاهدات النفوس فإن أعدى عدوك نفسك التي بين جن

بالتلقى، ال بالتدبير أي استوف أحكام الرياضات حتى ال يبقى لآلثار البشرية شىء، وتسلم النفس والقلب هللا، فال يكون معارض وال منازع منك ال بالتوقي وال ه الحكم، فاذا استسلمت النفس محوا عن االختيارات، بخالف ما يرد ب» 4«كما يريد، وتكون » 3«بحال من األحوال تجرى عليك صروفه -وال باالختيار

.فال عدوان إال على أرباب التقصير، فأما من قام بحق األمر تقصى عن عهدة اإللزام :قوله جل ذكره

]194آية ) : 2(سورة البقرة [

) .194(ه بمثل ما اعتدى عليكم واتـقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا علي __________

:والمعنى والسياق يرفضانها رفضا قاطعا وقد صوبناها بما يتالءم) تصدق(وردت ) 1(إليها، فإذا اجتاز بك فضل اهللا مرحلة جهادك مع نفسك إلى ما فوقها فال تشغلن وقتك يريد القشيري بهذه الفقرة أن تنزل على حكم المرحلة التي وصلت) 2(

.إال بما صرت عليه، بمعنى أن تنزل على حكم الوقت

:والصواب صروفه، وقد جاء فى الرسالة هذا الشاهد) حروفه(وردت ) 3( )63الرسالة ص (وهموم سرك مطرقة ... تجرى عليك صروفه

. [.....]وهى خطأ من الناسخ )يكون(وردت ) 4(

)1/161(

) 195(نين وأنفقوا في سبيل الله وال تـلقوا بأيديكم إلى التـهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحس

-وإن قل -وقت، وإياك أن ترجح أحدهما على اآلخر بمالك من حظإذا تقابل حقان كالهما هللا فسلم الوقت بحكم الوقت، ودل مع إشارات ال: اإلشارة فيه .كان ذلك فى نفسه أصوب -وكل ما كان إلى خالف هواك أقرب، وعن استجالبك وسكونك إليه أبعد. فتحجب عن شهود الحق، وتعمى بصيرة قلبك

إن «: ال لهم فإن اهللا تعالى بالنصرة معهم، قال تعالى -فيما يأتون -ى ما فيه رضاه، فإذا قاموا هللالذين اتقوا إيثار هواهم عل: » واعلموا أن الله مع المتقين « »تـنصروا الله يـنصركم

:قوله جل ذكره - ]195آية ) : 2(سورة البقرة [

)195(أحسنوا إن الله يحب المحسنين وأنفقوا في سبيل الله وال تـلقوا بأيديكم إلى التـهلكة و حكامه، وإنفاق المحبين إنفاق األغنياء من أموالهم، وإنفاق العابدين بنفوسهم ال يدخرونها عن العبادات والوظائف، وإنفاق العارفين بقلوبهم ال يدخرونها عن أ

.بأرواحهم ال يدخرونها عن حبه .وإنفاق الفقراء من الهمم إنفاق األغنياء من النعم

.إنفاق األغنياء إخراج المال من الكيس، وإنفاق الفقراء إخراج الروح عن أنفس النفيس، وإنفاق الموحدين إخراج الخلق من السرإلى : ويقال. ادخر شيئا لنفسه فقد ألقى بيده إلى التهلكةاإلشارة فيه إلى إمساك يدك عن البذل فمن أمسك يده و » وال تـلقوا بأيديكم إلى التـهلكة «: قوله تعالى

.إيثار هواك على رضاه .أي الغفلة عنه باالختيار» وال تـلقوا بأيديكم إلى التـهلكة «ويقال

.ويقال توهم أنك تعيش من دون لطفه وإقباله لحظة .ويقال الرضا بما أنت فيه من الفترة والحجاب

.اك اللسان عن دوام االستغاثة فى كل نفسويقال إمس اإلحسان أن ترفق مع كل أحد» وأحسنوا إن الله يحب المحسنين «: قوله تعالى

)1/162(

لغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استـيسر من الهدي وال تحلقوا رء وسكم حتى يـبـعة إذا رجعتم تلك عشرة هدي فم صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استـيسر من ال ن لم يجد فصيام ثالثة أيام في الحج وسبـ

) 196(يد العقاب كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتـقوا الله واعلموا أن الله شد

واإلحسان أيضا ترك جميع . ك فإحسانك إلى نفسك فى صورة إساءتك إليها فى ظن االعتماد، وذلك الرتكابك كل شديدة، ومقاساتك فيه كل عظيمةإال معواإلحسان أن تعبده وأنت . واإلحسان أن تعبده على غير غفلة. حظوظك من غير بقية، واإلحسان أيضا تفرغك الى قضاء حق كل أحد علق عليك حديثه

.بوصف المشاهدة :قوله جل ذكره

]196آية ) : 2(سورة البقرة [

لغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استـيسر من الهدي وال تحلقوا رؤسكم ح أذى من رأسه ففدية من تى يـبـعة إذا رجعتم تل صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استـيسر من اله ك عشرة دي فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام في الحج وسبـ

)196(العقاب كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتـقوا الله واعلموا أن الله شديد .عض أحوالهاالتقصير فى ب) دون(إتمام الحج على لسان العلم القيام بأركانه وسننه وهيئته، وإراقة الدماء التي تجب فيها

.» 1«وفى التفسير أن تحرم بهما من دويرة أهلك .وعلى لسان اإلشارة الحج هو القصد فقصد إلى بيت الحق وقصد إلى الحق، فاألول حج العوام والثاني حج الخواصح على قصد صريح، ثم يتجرد عن لباس وكما أن الذي يحج بنفسه يحرم ويقف ثم يطوف بالبيت ويسعى ثم يحلق، فكذلك من يحج بقلبه فإحرامه بعقد صحي

ثم الحاج أشعث . مخالفاته وشهواته، ثم باشتماله بثوبي صبره وفقره، وإمساكه عن متابعة حظوظه من اتباع الهوى، وإطالق خواطر المنى، وما فى هذا المعنى .أغبر تظهر عليه آثار الخشوع والخضوع، ثم تلبية األسرار باستجابة كل جزء منك

، ورفع أصوات السر بدوام » 2«حج الشج والعج الشج صب الدم والعج رفع الصوت بالتلبية، فكذلك سفك دم النفس بسكاكين الخالف وأفضل ال وموقف النفوس عرفات وموقف. االستغاثة، وحسن االستجابة ثم الوقوف بساحات القربة باستكمال أوصاف الهيبة

__________ قال أن تحرم من دويرة أهلك، وكذا قال ابن ) وأتموا الحج والعمرة هللا(مرة عن عبد اهللا بن سلمة عن على أنه قال فى هذه اآلية قال شعبة عن عمرو بن ) 1(

.عباس وسعيد بن جبير وطاوس ) .ط الحلبي 230ص 1تفسير القرآن العظيم البن كثير ج ( .أي مخالفة النفس وأهوائها) المخالفة(الخالف هنا معناها ) 2(

)1/163(

العز، والسعى باألسرار بين صفى كشف الجالل » 2«) مشاهدة(ثم طواف القلوب حول . المواصالت» 1«) عند(القلوب األسامى والصفات لعز الذات .ولطف الجمال

.بكل وجه.. ثم التحلل بقطع أسباب الرغائب واالختيارات، والمنى والمعارضات .فما استـيسر من الهدي فإن أحصرتم : قوله جل ذكره

.الحصر بأمرين بعدو أو مرض مزاحمة مع واإلشارة فيه إن استولى عدو النفس فلم تجد بدا من اإلناخة بعقوة الرخص وتأويالت العلم فعند ذلك تتحلل بموجب العذر واالضطرار إذ ال

وإن مرضت الواردات . ن المعلوم، وتسليمه للفقراء، وانتظار أن يزول الحصر فيستأنف األمرالذي يهدى به عند التحلل بالعذر، والخروج ع» والهدى«. الحكملحلق وغير وسقمت القصود وآل األمر إلى التكليف فليجتهد أال ينصرف كما أنه فى الحج الظاهر يجتهد بأال ينصرف لكل مرض أو إن احتاج إلى اللبس وا

.بشرط الفدية -ذلك :لم يقابل إال بالرد والصد، وقيل -والعياذ باهللا -محله حيث حسبه فكذلك يقوم ويقعد فى أوصاف القصد وأحكام اإلرادة، فإن رجعثم إن عجز، اشترط أن

ولكنه دهر يشت ويجمع... فال عن قلى كان التقرب بيننا :وقال اآلخر

بأول راج حاجة ال ينالها... وإن أحببت من يسكن الفضا -ولستلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ف :قوله جل ذكره .فدية من صيام أو صدقة أو نسك وال تحلقوا رؤسكم حتى يـبـ

__________ .فى ص، واألسامى والصفات مقصود بها أسماء اهللا الحسنى وصفاته) عن(وردت ) 1( .الحج) مشاهد(جمع مشهد لتناظر ) مشاهد(نرجح أنها فى األصل ) 2(

)1/164(

ر الزاد التـقوى واتـقون يا فعلوا من خير يـعلمه الله وتـزودوا فإ الحج أشهر معلومات فمن فـرض فيهن الحج فال رفث وال فسوق وال جدال في الحج وما تـ ن خيـ ) 197(أولي األلباب

.يبذل ما أمكنه، ويخرج عن جميع ما يملكه، وعليه آثار الحسرة، واستشعار أحزان الحجبة .تقرب بما أمكنه من وجود االحتيال والدعاءاإلشارة منه أن يبتهل ويجتهد بالطواف على األولياء، والخدمة للفقراء، وال: إلخ» ... فمن كان منكم مريضا «

عة إذا رجعتم، تلك عشرة فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استـيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام : قوله جل ذكره كاملة ثالثة أيام في الحج وسبـ .واتـقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب . ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام

ستأنف للوصلة وقتا، فإذا تجلت أقمار القصود عن كشوف التعزز، وانجلت غيابة الحجبة عن شموس الوصلة وأشرق نور اإلقبال فى تضاعيف أيام الوقفة، فلي .فقد مضت أيام المحنة! حى على البهجة: وليفرش للقربة بساطا، وليجدد للقيام بحق السرور نشاطا، وليقل .وليكمل الحج والعمرة، وليستدم القيام بأحكام الصحبة والخدمة

.قتراببالحجاب لمن لم يره أهلة الوصلة واال» واعلموا أن الله شديد العقاب « :قوله جل ذكره

]197آية ) : 2(سورة البقرة [

ر الزاد التـقو الحج أشهر معلومات فمن فـرض فيهن الحج فال رفث وال فسوق وال جدال في الحج وما تـفعل ى واتـقون يا وا من خير يـعلمه الله وتـزودوا فإن خيـ )197(أولي األلباب

الوقت فاته كما أن الحج بالنفوس أشهر معلومات ال ينعقد اإلحرام به إال فيها، وال يجوز فعل الحج فى جميع السنة إال فى وقت مخصوص، من فاته ذلكتكن له إرادة فى حال شبابه فليست له وصلة فى حال مشيبه، فكذلك حج القلوب له أوقات معلومة ال يصح إال فيها، وهى أيام الشباب فمن لم -الحج

.فال.. وكذلك من فاته وقت قصده وحال إرادته فال يصلح إال للعبادة التي آخرها الجنة، فأما اإلرادة التي آخرها الوصلة .حج فمن فـرض فيهن الحج فال رفث وال فسوق وال جدال في ال : قوله جل ذكره

)1/165(

بتـغوا فضال من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند بله لمن الضالين ليس عليكم جناح أن تـ المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قـ ) 199(يث أفاض الناس واستـغفروا الله إن الله غفور رحيم ثم أفيضوا من ح ) 198(

سلم الكل للكل، فال ألجل -فمن نازعه أو عارضه أو زاحمه. كذلك اإلشارة لمن سلك طريق اإلرادة أال يعرج على شىء فى الطريق، وال يمزج إرادته بشىء .» وإذا خاطبـهم الجاهلون قالوا سالما «: حظوظ النفس والجاه مع أحد يزاحم، قال تعالىالدنيا مع أحد يخاصم، وال لشىء من

.وما تـفعلوا من خير يـعلمه الله : قوله جل ذكره .تكتفى بعلمه وحكمه عن شهود خلقه وحكم خلقه وعلم خلقه

ر الز : قوله جل ذكره .اد التـقوى واتـقون يا أولي األلباب وتـزودوا فإن خيـ .تقوى العامة مجانبة الزالت، وتقوى الخواص مجانبة األغيار بالسرائر

:قوله جل ذكره ]198آية ) : 2(سورة البقرة [

بتـغوا فضال من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فا بله لمن الضالين ليس عليكم جناح أن تـ ذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قـ)198(

ء حظك أو لما وما تطلبه الستيفا. فهو محمود -اإلشارة فيه أن ما تبتغى من فضل اهللا مما يعنيك على قضاء حقه، ويكون فيه نصيب للمسلمين أو قوة للدين .فهو معلول -فيه نصيب لنفسك

بله لمن الضالين فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم م : قوله جل ذكره .ن قـ .فضله معك فلوال أنه أرادك لما أردته، ولوال أنه اختارك لما آثرت رضاه اإلشارة فيه إذا وقفت حتى قمت بحق طلبه فاذكر

:قوله جل ذكره ]199آية ) : 2(سورة البقرة [

)199(ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستـغفروا الله إن الله غفور رحيم شكالك فى الظاهر ال بلبسة وال بخرقة وال بصفة،اإلشارة فيه أال تعلم نفسك بما تمتاز عن أ

)1/166(

يا وما له في اآلخرة من خالق فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يـقول نـ ) 200( ربـنا آتنا في الد

.كبل تكون كواحد من الناس، وإذا خطر ببالك أنك فعلت شيئا، أو بك أو لك أو معك شىء فاستغفر اهللا، وجدد إيمانك فإنه شرك خفى خامر قلب :قوله جل ذكره

]200آية ) : 2(سورة البقرة [

)200(د ذكرا فمن الناس من يـقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في اآلخرة من خالق فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أش .إشارة إلى القيام بحق العبودية» قضيتم مناسككم « .إشارة إلى القيام بحق المحبة» فاذكروا الله كذكركم آباءكم «

.قيام بالنفس قضاء المناسك .قيام له بالقلب على استدامة الوقت واستغراق العمر» فاذكروا الله كذكركم آباءكم «

.ويقال كما أن األغيار يفتخرون بآبائهم، ويستبشرون بأسالفهم فليكن افتخاركم بنا واستبشاركم بنا .ب، وأفضالنا عليكم أتمويقال إن كان آلبائكم عليكم حق التربية فحقنا عليكم أوج

.، فاستحقاقنا لنعوت الجالل فوق ما آلبائكم من حسن الحال» 1«ويقال إن كان ألسالفكم مآثر ومناقب .أو نسيان» 2«ويقال إنك ال تمل ذكر أبيك وال تنساه على غالب أحوالك، فاستدم ذكرنا، وال تعترضنك ماللة أو سآمة

.ض فكذلك ما تسمع من أقاويل أهل الضالل والبدع فذب عناويقال إن طعن فى نسبك طاعن لم تر .ويقال األب يذكر بالحرمة والحشمة فكذلك اذكرنا بالهيبة مع ذكر لطيف القربة بحسن التربية

.ولم يقل أمهاتكم ألن األب يذكر احتراما واألم تذكر شفقة عليها، واهللا يرحم وال يرحم» كذكركم آباءكم «وقال

__________ .وهى خطأ فى النسخ) مثاقب(وردت ) 1( .وهى خطأ فى النسخ) مسامة(وردت ) 2(

)1/167(

يا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار نـ هم من يـقول ربـنا آتنا في الد ) 201(ومنـ

د تستوحش كثيرا عن أبيك، والحق سبحانه منزه عن أن يخطر ببال من يعرفه أنه بخالف ما يقتضى الواجب حتى إن ألن الحق أحق، وألنك ق» أو أشد ذكرا « .كان ذرة

.األب على ما يستحقه والرب على ما يستحقه» كذكركم آباءكم «وقوله نيا : قوله جل ذكره .وما له في اآلخرة من خالق »1«فمن الناس من يـقول ربنا آتنا في الد

من الناس من : ، ولو أنه شكا منك كما شكا إليك لساءت الحالة، ولكن بفضله أحلك محل أن يشكو إليك فقال» 2«خطاب لوقاله مخلوق لك كان شاكرا .ه وحقهال يجنح قلبه إلينا، ويرضى بدوننا عنا، فال يبصر غير نفسه وحظه، وال يمكن إيمان له برب

:قوله جل ذكره ]201آية ) : 2(سورة البقرة [

نيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار هم من يـقول ربنا آتنا في الد )201(ومنـحفظ اإليمان عليهم فى المآل فإن من خرج من -نياإنما أراد بها حسنة تنتظم بوجودها جميع الحسنات، والحسنة التي بها تحصل جميع الحسنات فى الد

.المغفرة، فإذا غفر فبعدها ليس إال كل خير -والحسنة التي تنتظم بها حسنات اآلخرة. الدنيا مؤمنا ال يخلد فى النار، وبفوات هذا ال يحصل شىء .ويقال الحسنة فى الدنيا العروف عنها، والحسنة فى اآلخرة الصون عن مساكنتها

.الم جنس فتحصل االستعاذة عن نيران الحرقة ونيران الفرقة جميعا» النار«وقاية من النار ونيران الفرقة إذ الالم فى قوله وال .ويقال الحسنة فى الدنيا شهود باألسرار وفى اآلخرة رؤية باألبصار .ويقال حسنة الدنيا أال يغنيك عنك وحسنة اآلخرة أال يردك إليك

__________ .وهى زائدة) حسنة(بس على الناسخ نقل هذه اآلية باآلية التي تليها فوضع هنا الت) 1( .فى األصل) شاكيا(نرجح أنها ) 2(

)1/168(

ي يـومين فال إثم عليه ومن تأخر فال إثم عليه لمن اتـقى واذكروا الله في أيام معدودات فمن تـعجل ف ) 202(أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب يا ويشهد الله على ما في) 203(واتـقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون نـ لبه وهو ألد الخصام ومن الناس من يـعجبك قـوله في الحياة الد ) 204(قـ

.ويقال حسنة الدنيا توفيق الخدمة وحسنة اآلخرة تحقيق الوصلة :قوله جل ذكره

]202آية ) : 2(سورة البقرة [ )202(أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب

.للعوام فى الفرصة، وللخواص فى كل نفس» الله سريع الحساب و «. إن كان خيرا فخير وإن كان غير فغيرنون منهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا، والثاني يقول فى الدنيا والعقبى، وثالث لم يذكرهم وهم الراضون بقضائه، المستسلمون ألمره، الساك: ويقال ذكر فريقين

.عن كل دعاء واقتضاء :قوله جل ذكره

]203آية ) : 2(رة سورة البق[

)203( عليه لمن اتقى واتـقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون واذكروا الله في أيام معدودات فمن تـعجل في يـومين فال إثم عليه ومن تأخر فال إثم .وهو الرمي فى أيام مني لما قدموا بأركان الحج خفف عنهم بأن خيرهم فى المقام واإلفاضة والتعجيل فى التفريق هذه صفة أواخر النسك،

فإن سقط عنه شىء من فروع األوراد ففيما هو له مستديم من آداب -» 1«) سره(واإلشارة منه أن من خمدت نفسه، وحبى قلبه، واستدام بحقائق الشهود .الذي يفوتالحضور عوض عن

:قوله جل ذكره ]204آية ) : 2(سورة البقرة [

لبه وهو ألد الخ نيا ويشهد الله على ما في قـ )204(صام ومن الناس من يـعجبك قـوله في الحياة الدسطة فى اللسان ولكن ربط على قلوبهم أسباب الحرمان فهم فى غطاء جهلهم، أخبر أن قوما أعرض الحق سبحانه وتعالى عن قلوبهم فأعطاهم فى الظاهر ب

.ليس وراءهم معنى، وال على قولهم اعتماد، وال على إيمانهم اتكال، وال بهم ثقة بوجه__________

حيث نرجح أنها ) سره(ضروري للتوضيح ذكر نعلم من مذهب القشيري أن حقائق الشهود متصلة بالسر، وما دام قد ذكر النفس والقلب فقد وجدنا من ال) 1( .سقطت من الناسخ

)1/169(

ث ) 205(وإذا تـولى سعى في األرض ليـفسد فيها ويـهلك الحرث والنسل والله ال يحب الفساد م فحسبه جهنم ولبئس وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة باإل ) 206(المهاد

تبصار، فالواجب صون واإلشارة إلى أهل الظاهر الذين لم تساعدهم أنوار البصيرة فهم مربوطون بأحكام الظاهر ال لهم بهذا الحديث إيمان، وال بهذه الجملة اسمن العوام الذين فى قلوبهم تعظيم لهذه الطريقة، ولهم إيمان على » 2«وإن أهل الوداعة ،» 1«األسرار عنهم فإنهم ال يقابلون هذا الحديث إال باإلنكار

.الجملة بهذا الحديث ألقرب إلى هذه الطريقة من كثير ممن عد نفسه من الخواص وهو بمعزل عن اإليمان بهذا األمر :قوله جل ذكره

]205آية ) : 2(سورة البقرة [

)205(ألرض ليـفسد فيها ويـهلك الحرث والنسل والله ال يحب الفساد وإذا تـولى سعى في ا، وتنتظم أسباب اإلشارة لمن سعيه مقصور على استجالب حظوظه، فهو ال يبالى بما ينحل من عرى الدين، ويهى من أسباب اإلسالم، بعد ما تشتد حبال دنياهم

فإذا خلوا لوساوسهم وقصودهم الردية سعوا بالفساد بأحكام أسباب الدنيا، واستعمالهم من يستعينون بهم فى تمشية . ، وحطام حصلوهمناهم، من حرام جمعوه .أمورهم من القوم الذين نزع اهللا البصيرة من قلوبهم

.اد الظاهرما كان فيه خراب األمور الدينية ونظام األحوال الدنيوية فهو الفس: » واهللا ال يحب الفساد« :قوله جل ذكره

]206آية ) : 2(سورة البقرة [

ثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد )206(وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة باإل !ألمثلي يقال هذا؟: أمرته بمعروف قال هؤالء أقوام استولى عليهم التكبر، وزال عنهم خضوع اإلنصاف فشمخت آنافهم عن قبول الحق فإذا

__________ .وهذا موقف هام فى مسألة على جانب عظيم من الخطورة -هنا نالحظ أن القشيري يرى عدم البوح باسرار الطريقة وأن الكتمان خير) 1( .ونرجح أنها الوداعة ألنها أقرب إلى السياق) االوداعة(وردت ) 2(

)1/170(

لم كافة وال تـتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو ) 207(ومن الناس من يشري نـفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد يا أيـها الذين آمنوا ادخلوا في الس ) 208(مبين

.وأنت أولى بأن تؤمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فإن من حالك وقصتك كذا وكذا: فيقول» 1«( ... ) ثم يكبر عليك ! وكذاوأنا كذا إلى -وصفه، لم يطو على نصيحة جنبيه وتبقى فى القلب» 2«أو لو ساعده التوفيق وأدركته الرحمة، وتقلد المنة بمن هداه إلى رؤية خطئه، ونبهه على سوء

.آثارها -سنينيعنى ما هو فيه فى الحال من الوحشة وظلمات النفس وضيق االختيار حتى ال يسعى فى شىء غير مراده، فيقع فى كل لحظة غير » فحسبه جهنم«قال تعالى

.» عذاب األدنى دون العذاب األكبر ولنذيقنـهم من ال «: مرة فى العقوبة والمحنة، ثم إنه منقول من هذا العذاب إلى العذاب األكبر، قال اهللا تعالى :قوله جل ذكره

]207آية ) : 2(سورة البقرة [

)207(ومن الناس من يشري نـفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد ولرأفته بهم : ضاء الحق على أنفسهم، واستسلموا بالكلية لموالهم، واهللا رءوف بالعبادأولئك الذين أدركتهم خصائص الرحمة، ونعتتهم سوابق القسمة، فآثروا ر

.وصلوا إلى هذه األحوال، ال بهذه األحوال استوجبوا رأفته :قوله جل ذكره

]208آية ) : 2(سورة البقرة [

)208(ا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين يا أيـها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة وال تـتبعو صد، وموجب كلف المؤمن بأن يسالم كل أحد إال نفسه فإنها ال تتحرك إال بمخالفة سيده فإن من سالم نفسه فتر عن مجاهداته، وذلك سبب انقطاع كل قا

.فترة كل مريديام باستيفاء أحكام المعاملة، وترك نزعات ال عبرة بها، وال ينبغى أن يلتفت إليها، بل كما قال اهللا ما يوسوسه إليك من عجزك عن الق» خطوات الشيطان«و

.ثم أبصر ما الذي فعل به حين ألقته، وكيف مده إليها بعد ما نجاه» فإذا خفت عليه فألقيه في اليم «: تعالى__________

.مشتبهة) 1( .هى خطأ فى النسخو ) سواء(وردت ) 2(

)1/171(

ه هل يـنظرون إال أن يأتيـهم الله في ظلل من الغمام والمالئكة وقضي األمر وإلى الل ) 209(فإن زللتم من بـعد ما جاءتكم البـيـنات فاعلموا أن الله عزيز حكيم نة ومن يـبدل نعمة الله من بـعد ما جاءته ف ) 210( تـرجع األمور ناهم من آية بـيـ ) 211(إن الله شديد العقاب سل بني إسرائيل كم آتـيـ

:قوله جل ذكره ]209آية ) : 2(سورة البقرة [

)209(م البـينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم فإن زللتم من بـعد ما جاءتك إذا حلت كان فيها » 1«ومحنة األكابر . الزلة الواحدة بعد كشف البرهان أقبح من كثير منها قبل ذلك، ومن عرف فى الخيانة ال يعتمد عليه فى األمانة

.استئصالهم بالكلية :قوله جل ذكره

]210آية ) : 2(سورة البقرة [

)210( تـرجع األمور هل يـنظرون إال أن يأتيـهم الله في ظلل من الغمام والمالئكة وقضي األمر وإلى الله .استبطأ القوم قيام الساعة فأخبروا عن شدة األمر إذا قامت الساعة بتفصيل ما ذكر

وقضي األمر وإلى الله تـرجع «. ى األحوال، يظهرها اهللا سبحانه بما يزيل عنهم اإلشكال فى علو شأنه سبحانه وتعالى، ونفاذ قدرته فيما يريدوتلك أفعال فى معنطلب التأويل لهذه اآلية وأمثالها إذ ولقد استغنت قلوب الموحدين لما فيها من أنوار البصائر عن. أي انهتك ستر الغيب عن صريح التقدير السابق» األمور

.» 2«الحق سبحانه منزه عن كل انتقال وزوال، واختصاص بمكان أو زمان، تقدس عن كل حركة وإتيان :قوله جل ذكره

]211آية ) : 2(سورة البقرة [

نة ومن يـبدل نعمة )211(الله من بـعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب سل بني إسرائيل كم آتـيناهم من آية بـيـ .فائدة السؤال ليقرر عليهم بالسؤال الحجة، ال ليقرر للرسول صلى اهللا عليه وسلم بسؤالهم ما أشكل عليهم من واضح المحبة

:وعند ذلك يعرفون قدرها، ثم يندبونها وال يصلون إليها قط، قال قائلهم. بزوال تلك النعمة» لله شديد العقاب ومن يـبدل نعمة الله من بـعد ما جاءته فإن ا« فتطلبنى فال تجد... ستهجرنى وتتركنى __________

ق بأن من ترتكب فاحشة من أمهات المسلمين محنة األكابر المقصود بها هنا زالت األكابر، وعقوبتها أشد، وقد استدل القشيري على ذلك فى موضع ساب) 1( . [.....]يضاعف لها العذاب ضعفين

) .يأتيهم اهللا(إشارة إلى ما فى اآلية الكريمة ) 2(

)1/172(

يا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتـقوا فـوقـهم يـوم نـ بـعث ) 212( القيامة والله يـرزق من يشاء بغير حساب زين للذين كفروا الحياة الد كان الناس أمة واحدة فـما اختـلف فيه إال الذين أوتوه من بـعد ما جاءتـهم البـيـنات بـغيا اختـلفوا فيه و الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنـزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بـين الناس فيما

نـهم فـهدى الله الذين آمنوا لما اختـلفوا فيه من الحق بإذنه والله يـهدي من يشاء ) 213(إلى صراط مستقيم بـيـ

:وله جل ذكرهق ]212آية ) : 2(سورة البقرة [

نيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتـقوا فـوقـهم يـوم )212(القيامة والله يـرزق من يشاء بغير حساب زين للذين كفروا الحياة الدملهم اشتداد الظلمة على بصائرهم على الوقيعة فى أوليائه سبحانه، والسخرية منهم، وحين تقشعت غواية الجهل عن قلوبهم فلم يشعروا، وح» 1«مكروا

.علموا من الخاسر منهم من الذي كان فى ضالل بعيد» 2«(.....) :قوله جل ذكره

]213آية ) : 2(سورة البقرة [

فوا فيه وما اختـلف فيه إال الذين أوتوه من ه النبيين مبشرين ومنذرين وأنـزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بـين الناس فيما اختـل كان الناس أمة واحدة فـبـعث الل نـهم فـهدى الل )213(ه الذين آمنوا لما اختـلفوا فيه من الحق بإذنه والله يـهدي من يشاء إلى صراط مستقيم بـعد ما جاءتـهم البـينات بـغيا بـيـ

االختيار القديم، ويقال كانوا على ما سبق لهم من. يعنى الغيبة عن الحق جمعتهم، فلما أتتهم الرسل تباينوا على حسب ما رزقوا من أنوار البصيرة وحرموهاثم تفرقوا فى حكمه، وبمجىء الرسل تهود قوم وتنصر قوم، ثم فى العاقبة يرد كل واحد إلى ما سبق له من التقدير، وإن الناس اجتمعوا كلهم فى علمه سبحانه

فقوم هداهم وقوم أغواهم، وقوم حجهم وقوم__________

.فهم لم يشعروا بأن تزيين الدنيا لهم مكر من اهللا واهللا خير الماكرين... ) زين للذين (، فاآلية تقول فلم يشعروا) مكر بهم(ربما كانت فى األصل ) 1( .زائدة) 2(

)1/173(

هم البأس راء وزلزلوا حتى يـقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله أال إن اء والض أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قـبلكم مستـفقتم من خير فللوالدين واألقـربين واليتامى وال ) 214(نصر الله قريب مساكين وابن السبيل وما تـفعلوا من خير فإن الله به عليم يسألونك ماذا يـنفقون قل ما أنـ

)215 (

.جذبهم، وقوم ربطهم بالخذالن وقوم بسطهم باإلحسان، فال من المقبولين أمر مكتسب، وال لرد المردودين سبب، بل هو حكم بت وقضاء جزم :قوله جل ذكره

]214ة آي) : 2(سورة البقرة [

هم البأسا ء والضراء وزلزلوا حتى يـقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله أال إن أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قـبلكم مستـ )214(ه قريب نصر الل

ثم إن الحق سبحانه ابتلى األولين . خلق اهللا الجنة وحفها بالمصائب، وخلق النار وحفها بالشهوات والرغائب، فمن احتشم ركوب األهوال بقي عن إدراك اآلمال، فمن ظن غير ذلك فسراب ظنه ماء، وحكم لم بفنون من مقاساة الشدائد، وكل من ألحق بهم من خلف األولياء أدخلهم فى سلكهم، وأدرجهم فى غمارهم

ولقد مضت سنة اهللا سبحانه مع األولياء أنهم ال ينيخون بعقوة الظفر إال بعد إشرافهم على عرصات اليأس، فحين طال بهم الترقب . يحصل على ما ظنه تأويال

.» الله قريب أال إن نصر «قال تعالى . صادفهم اللطف بغتة وتحقق لهم المبتغى فجأة :قوله جل ذكره

]215آية ) : 2(سورة البقرة [

فقتم من خير فللوالدين واألقـربين واليتامى والمساكين )215(ليم وابن السبيل وما تـفعلوا من خير فإن الله به ع يسئـلونك ماذا يـنفقون قل ما أنـل اإلذن، ألن العبودية علموا أن العبد غير منفرد بالفاعلية أن يفعل، فإن العبد ليس له فعل شىء إال بإذن مواله فتوقفوا فى اإلنفاق على ما يشير إليه تفصي

.الوقوف حيثما أوقفك األمر

)1/174(

ر لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يـعلم وأنـتم كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى يسألونك عن ) 216(ال تـعلمون أن تكرهوا شيئا وهو خيـنة أكبـر من القت الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله ل وال يـزالون وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبـر عند الله والفتـ

يا واآلخرة وأولئك أصحاب النار يـقاتلونكم حتى يـردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يـرتدد منكم عن دينه نـ فـيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الد ) 217(هم فيها خالدون

تشير إلى نوع من » واألقـربين واليتامى«: وإن ما طالعوه تفاصيل األمر وإشارات الشرع والواو فى هذه اآلية فى قوله. ويقال لم ينفقوا على إشارات الهوى .الترتيب فاألولى بمعروفك والداك ثم أقاربك ثم على الترتيب الذي قاله

:قوله جل ذكره ]216آية ) : 2(سورة البقرة [

ر لكم تم ال تـعلمون كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيـ )216(وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يـعلم وأنـى فى وصف صعبت على النفوس مباشرة القتال، فبين أن راحات النفوس مؤجلة ألنها فى حكم التأديب، وبالعكس من هذا راحات القلوب فإنها معجلة إذ ه

.مخالفة النفوس فمن وافقها حاد عن المحبة المثلى، كما أن السعادة فى موافقة القلوب فمن خالفها زاغ عن السنة العلياالتقريب، فالسادة فى .وبشرى ضمان الحق باليسر أولى أن تقبل من محذرات هواجس النفوس فى حلول العسر وحصول الضر

:قوله جل ذكره ]217آية ) : 2(سورة البقرة [

نة أكبـر من القتل وال ن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحر يسئـلونك ع ام وإخراج أهله منه أكبـر عند الله والفتـنيا واآلخرة وأولئك أصحاب يـردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يـرتدد منكم عن دينه فـيمت وهو كافر فأولئك حبط يزالون يقاتلونكم حتى ت أعمالهم في الد )217(النار هم فيها خالدون

أصعب فى المعنى، فسوء األدب على الباب ال يوجب ما يوجبه على البساط فإذا حصلت الزلة بالنفس فأثرها بالعقوبة من المعاصي ما يكون أشد من غيره و القلب فالعقوبة معجلة وهى بالفراق، وأثر الغفلة على القلوب أعظم من ضرر الزلة» 1«المؤجلة وهى االحتراق، وإذا زل

__________ .النسخ وهى قطعا خطأ فى) زال(وردت ) 1(

)1/175(

يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ) 218(غفور رحيم إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يـرجون رحمت الله والله ) 219(كم تـتـفكرون كبـر من نـفعهما ويسألونك ماذا يـنفقون قل العفو كذلك يـبـين الله لكم اآليات لعل ومنافع للناس وإثمهما أ

تى يـردوكم عن دينكم إن استطاعوا، ومن يـرتدد منكم وال يزالون يقاتلونكم ح : على النفوس، فإن النفس عن الحظ تبقى، والقلب عن الحق يبقى قوله جل ذكرهنيا واآلخرة وأولئك أصحاب النار .هم فيها خالدون عن دينه فـيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الد

ا راودوك أرادوا صرفك إلى ما هم عليه من الغفلة، فال يرضون إال بأن تفسخ عقد إرادتك بما تعود إليه من سابق حالتك، ومن اإلشارة من هذا أن أهل الغفلة إذ .فسخ مع اهللا عهده مسخ قلبه

:قوله جل ذكره ]218آية ) : 2(سورة البقرة [

)218(ه أولئك يـرجون رحمت الله والله غفور رحيم إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الل ى كمال البقاء إن الذين صدقوا فى قصدهم، وأخلصوا فى عهدهم، ولم يرتدوا فى اإلرادة على أعقابهم، أولئك الذين عاشوا فى روح الرجاء إلى أن يصلوا إل

.ودار اللقاء :قوله جل ذكره

]219آية : ) 2(سورة البقرة [

هما ويسئـلونك ماذا يـنفقون قل العفو كذلك يـبـين الله لكم اآليات لعلكم يسئـلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبـر من نـفع )219( تـتـفكرون

:الخمر ما خامر العقول، وكما أن الخمر حرام بعينها فالسكر حرام بقوله صلى اهللا عليه وسلم، فمن سكر من شراب الغفلة استحق ما يستحق شارب الخمر من حيث اإلشارات، فكما أن السكران ممنوع » حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب«

.محجوب عن المواصالت وأوضح شواهد الوجود، فمن لم يصدق فليجرب من الصالة فصاحب السكر بالغفلة

)1/176(

ر وإن تخالطوهم فإخوانك يا واآلخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصالح لهم خيـ نـ اء الله ألعنتكم إن الله عزيز م والله يـعلم المفسد من المصلح ولو ش في الدر من مشركة ولو أعجبتكم وال تـن ) 220(حكيم من مشرك ولو كحوا المشركين حتى يـؤمنوا ولعبد مؤمن خيـر وال تـنكحوا المشركات حتى يـؤمن وألمة مؤمنة خيـ

) 221(اته للناس لعلهم يـتذكرون أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويـبـين آي

.وبذل الصدق واإلنصاف عزيز. ق الحيل والخداع والكذب فى المقالومعنى القمار موجود فى أكثر معامالت أهل الغفلة إذا سلكوا طري .نيا واآلخرة ويسئـلونك ماذا يـنفقون قل العفو كذلك يـبـين الله لكم اآليات لعلكم تـتـفكرون في الد : قوله جل ذكره

ص يخرجون من فاضل أموالهم عن قدر كفاياتهم، فأما خواص الخواص فطريقهم اإليثار وهو أن يؤثر به غيره على قيل العفو ما فضل عن حاجتك، وهذا للخوا .نفسه وبه فاقة إلى ما يخرج وإن كان صاحبه الذي يؤثر به غيبا

:قوله جل ذكره ]220آية ) : 2(سورة البقرة [

نيا واآلخرة ويسئـلونك عن اليت ر وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يـعلم المفسد من المصلح ولو شافي الد ء الله ألعنتكم إن الله عزيز امى قل إصالح لهم خيـ )220(حكيم

مفارقة المال من من إرشادهم خير من الترخص (حتمال عنهم مع بذل النصح، و إصالح حالهم بما يكون فيه تأديبهم أتم من إصالح مالهم، ثم الصبر على اال .» 1«) بأن يقول إنه ال يتوجه على فرضيهم

.والله يـعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله ألعنتكم إن الله عزيز حكيم : قوله جل ذكره .كن قلبه من القصود ال على ظواهر كسبه من جميع الفنونفيعامل كال على سوا

:قوله جل ذكره ]221آية ) : 2(سورة البقرة [

ر من مشركة ولو أعجبتكم وال تـنك ر من مشرك ولو أعجبكم أولئك حوا المشركين حتى يـؤمنو وال تـنكحوا المشركات حتى يـؤمن وألمة مؤمنة خيـ ا ولعبد مؤمن خيـ )221(هم يـتذكرون يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويـبـين آياته للناس لعل

__________ .ض ربما نتج عن خطأ فى النقلفيما بين قوسين غمو ) 1(

)1/177(

رن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التـوابين ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض وال تـقربوهن حتى يطهرن فإذا تطه ) 222(ويحب المتطهرين

رة الحقيقة صلة حبل الدين والتمسك بعصمة المسلمين أتم من الرضا بأن تنتهى إلى أحد يسلك إلى الكفر، ولئن كانت رخصة الشريعة حاصلة فى فعله فإشامباينتهم فى هذا الباب حكم مانعة من حيث التبرئة عن اختياره، هذا فى الكتابيات الالتي يجوز مواصلتهن، فأما أهل الشرك فحرام مواصلتهم قطعا، وأوجه

.جزم :قوله جل ذكره

]222آية ) : 2(سورة البقرة [

رن فأتوهن من حيث أمركم اويسئـلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض وال تـقربوهن حتى يطهرن لله إن الله يحب التـوابين فإذا تطه )222(ويحب المتطهرين

ن ذلك ما كتب ليس كل ما يكون موجب االستحياء والنفور مما هو باختيار العبد، فقد يكون من النقائص ما ليس للعبد فيه كسب، وهو ابتداء حكم الحق، فم. باعتزال المصلى فى أوان تلك الحالة، فالمصلى مناج ربه، فنحين عن محل المناجاة حكما من اهللا ال جرما لهن اهللا على بنات آدم من تلك الحالة، ثم أمرن

وإن منعن عن الصالة التي هى حضور بالبدن فلم يحجبن عن استدامة الذكر بالقلب واللسان، وذلك تعرض بساط القرب، قال -إنهن: وفى هذا إشارة فيقال .» أنا جليس من ذكرنى«: وسلم مخبرا عنه تعالىصلى اهللا عليه .إن الله يحب التـوابين ويحب المتطهرين : قوله جل ذكره

.يقال يحب التوابين من الذنوب، والمتطهرين من العيوب .ويقال التوابين من الزلة، والمتطهرين من التوهم أن نجاتهم بالتوبة

.من ارتكاب المحظورات، والمتطهرين من المساكنات والمالحظات ويقال التوابين .ويقال التوابين بماء االستغفار والمتطهرين بصوب ماء الخجل بنعت االنكسار

)1/178(

فسكم واتـقوا الله واعلم موا ألنـ وال تجعلوا الله عرضة أليمانكم أن تـبـروا ) 223(وا أنكم مالقوه وبشر المؤمنين نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقد ) 225(ن يـؤاخذكم بما كسبت قـلوبكم والله غفور حليم ال يـؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولك ) 224(وتـتـقوا وتصلحوا بـين الناس والله سميع عليم

.ويقال التوابين من الزلة، والمتطهرين من الغفلة .ويقال التوابين من شهود التوبة، والمتطهرين من توهم أن شيئا بالزلة بل الحكم ابتداء من اهللا تعالى

:قوله جل ذكره ]223آية ) : 2(سورة البقرة [

فسكم واتـقوا الله واعلموا أنك موا ألنـ )223(م مالقوه وبشر المؤمنين نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدلى وصف اإلذن، فلما كانت القلوب فى محل الحضور حرم عليها لما كانت النفوس بوصف الغيبة عن الحقيقة أباح لها السكون إلى أشكالها إذا كان ع

.المساكنة إلى جميع األغيار والمخلوقاتموا ألنـفسكم « :من األعمال الصالحة ما ينفعكم يوم إفالسكم، لذلك قال» وقد .فانظروا ألنفسكم بتقديم ما يسركم وجدانه عند ربكم» واعلموا أنكم مالقوه «

:قوله جل ذكره ]224آية ) : 2(سورة البقرة [

)224(يم وال تجعلوا الله عرضة أليمانكم أن تـبـروا وتـتـقوا وتصلحوا بـين الناس والله سميع عل .نزهوا ذكر ربكم عن ابتذاله بأى حظ من الحظوظ

.يصطاد به حطام الدنياويقال ال تجعلوا ذكر اهللا شركا :قوله جل ذكره

]225آية ) : 2(سورة البقرة [

)225( ال يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قـلوبكم والله غفور حليم والشر، ولكن ما انطوت عليه الضمائر، واحتوت عليه السرائر، من قصود صحيحة، ما جرى به اللسان على مقتضى السهو فليس له كثير خطر فى الخير

.وعزائم قوية فذلك الذي يؤخذ به إن كان خيرا فجزاء جميل، وإن كان شرا فعناء طويل

)1/179(

والمطلقات يـتـربصن ) 227(وإن عزموا الطالق فإن الله سميع عليم ) 226(غفور رحيم للذين يـؤلون من نسائهم تـربص أربـعة أشهر فإن فاءوا فإن الله له واليـوم اآلخر وبـعولتـهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصالحا ولهن من بالبأنـفسهن ثالثة قـروء وال يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يـؤ

) 228(مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم

:قوله جل ذكره ]226آية ) : 2(سورة البقرة [

)226(للذين يـؤلون من نسائهم تـربص أربـعة أشهر فإن فاؤ فإن الله غفور رحيم :وأخذك بحكمه -حتى لو أخللت به -إذا كان حق صحبة األشكال محفوظا عليك

لكونها -فلما تقاصر لسان الزوجة» فإن الله غفور رحيم «اء ما أماتوا، واستدراك ما ضيعوا أي رجعوا إلى إحي» فإن فاؤ «. فحق الحق أحق بأن تجب مراعاته .األمر بمراعاة حقها فأمر الزوج بالرجوع إليها أو تسريحها -سبحانه -تولى اهللا -أسيرا فى يد الزوج

:قوله جل ذكره ]227آية ) : 2(سورة البقرة [

)227(الق فإن الله سميع عليم وإن عزموا الط .سبحانه عليم أنه طلقها إن مل حق صحبتها، وأكد العزم على مفارقتها فإن اهللا مطلع على حاله وسره، فإن بدا له باد من ندم فال يلبس بأركان الطالق فإن اهللا

.عنا موحش تلك القالة، فهذا تعزية لها من الحق سبحانهأي سم» سميع «ولما كان الفراق شديدا عزى المرأة بأن قال إنه :قوله جل ذكره

]228آية ) : 2(سورة البقرة [

لله واليـوم اآلخر وبـعولتـهن أحق بردهن في ذلك إن رحامهن إن كن يـؤمن باوالمطلقات يـتـربصن بأنـفسهن ثالثة قـروء وال يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أ )228(كيم أرادوا إصالحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز ح

زواج، يعنى إن انقطعت العالقة بينكما فأقيموا على شرط الوفاء لما سلف من الصحبة، وال تقيموا غيره مقامه بهذه أمر المطلقات بالعدة احتراما لصحبة األ أال ترى أن غير المدخول بها لم تؤمر بالعدة حيث لم تقم بينهما صحبة؟. السرعة فاصبروا حتى يمضى مقدار من المدة

.تمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يـؤمن بالله واليـوم اآلخر وال يحل لهن أن يك : ثم قال جل ذكره .يعنى إن انقطع بينكما السبب فال تقطعوا ما أثبت اهللا من النسب

.وبـعولتـهن أحق بردهن : ثم قال جل ذكره

)1/180(

ا أال يقيما حدود الله فإن خفتم أال يقيما حدود الله بمعروف أو تسريح بإحسان وال يحل لكم أن تأخذوا مما آتـيتموهن شيئا إال أن يخاف الطالق مرتان فإمساك ) 229(تلك حدود الله فال تـعتدوها ومن يـتـعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فال جناح عليهما فيما افـتدت به

.يعنى من سبق له الصحبة فهو أحق بالرجعة لما وقع فى النكاح من الثلمة في ذلك إن أرادوا إصالحا .حصل من الجفاء ال تطويل العدة عليها بأن يعزم على طالقها بعد ما أرجعهايعنى أن يكون القصد بالرجعة استدراك ما

.ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف .يعنى إن كان له عليها حق ما أنفق من المال فلها حق الخدمة لما سلف من الحال

.وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم .فى الفضيلة، ولهن مزية فى الضعف وعجز البشرية

:قوله جل ذكره

]229آية ) : 2(سورة البقرة [يما حدود الله فإن خفتم أال يقيما حدود الله شيئا إال أن يخافا أال يق الطالق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وال يحل لكم أن تأخذوا مما آتـيتموهن )229(ك هم الظالمون فال جناح عليهما فيما افـتدت به تلك حدود الله فال تـعتدوها ومن يـتـعد حدود الله فأولئ

:إتمام الفراق، وقيل فى معناه ندب إلى تفريق الطالق لئال تسارع إلى فذرينى أضنى قليال قليال... إن تبينت أن عزمك قتلى

.فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان : ثم قال جل ذكره .محمود فى الشريعة فأما سوء العشرة وإذهاب لذة العيش باألخالق الذميمة فغير مرضى فى الطريقة، وال. إما صحبة جميلة أو فرقة جميلة

.وال يحل لكم أن تأخذوا مما آتـيتموهن شيئا : قوله جل ذكره .والرجوع فيما خرجت عنه خسة» العائد فى هبته كالعائد فى قيئه«فإن فى الخبر

.أال يقيما حدود الله فال جناح عليهما فيما افـتدت به إال أن يخافا أال يقيما حدود الله فإن خفتم : ثم قال جل ذكره

)1/181(

ره فإن طلقها فال جناح عليهما نـها لقوم يـعلمون أن يـتـراجعا إن ظنا أن يقيم فإن طلقها فال تحل له من بـعد حتى تـنكح زوجا غيـ ا حدود الله وتلك حدود الله يـبـيـ)230 (

ة المرأة فلو يعنى إن أرادت المرأة أن تتخلص من زوجها فال جناح عليها فيما تبذل من مال، فإن النفس تساوى لصاحبها كل شىء، والرجل إذا فاتته صحب .تى إذا فاتته راحة الحال يصل إلى يده شىء من المالاعتاض عنها شيئا فال أقل من ذلك، ح

.تلك حدود الله فال تـعتدوها ومن يـتـعد حدود الله فأولئك هم الظالمون : قوله جل ذكره .هذه آداب يعلمكمها اهللا ويسنها لكم، فحافظوا على حدوده، وداوموا على معرفة حقوقه

:ذكره قوله جل ]230آية ) : 2(سورة البقرة [

ره فإن طلقها فال جناح عليهما أن م يـعلمون يـتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يـبـيـنها لقو فإن طلقها فال تحل له من بـعد حتى تـنكح زوجا غيـ)230(

غاية ما يشق » 2«لما بين أنها ال تحل له إن فارقها إال بأن تفعل » 1«الرجل يشق عليه أن ينكح زوجته غيره فمنعه عن اختيار الفراق بغاية الفراق بغية المنع .يعنى تتزوج بالزوج األول» ال جناح عليهما أن يـتراجعاف «يعنى الزوج » فإن طلقها«ثم قال . عليه وهو الزواج الثاني ليحذر الطالق ما أمكنه

صلة، وندما على ذلك واإلشارة فيه أن استيالء المحبة على القلب يهون مقاساة كل شديدة فلو انطوى الزوجان بعد الفرقة على التحسر على ما فاتهما من الو من الزوج األول بمكان الزوج الثاني والزوج كاآلتى على نفسه فى احتمال » 3«( ... ) فى هذه الحالة كأنها غاية الندامة فال جناح عليهما أن يتراجعا، والمرأة

.ذلك .إن ظنا أن يقيما حدود الله، وتلك حدود الله يـبـيـنها لقوم يـعلمون : ثم قال جل ذكره

:انيا إذا علما حاجة أحدهما إلى صاحبه، قال قائلهميعنى ال يعودان بعد ذلك إلى الفراق ث أال أعود إلى فراقك ثانية... ولقد حلفت لئن لقيتك مرة

__________ .فإن السياق يتطلب ذلك) بغية المنع(واألرجح أنها ) بغاية المنع(وردت ) 1( .ذا هو ما يشق على الزوج األولواألصوب أن تعود على المرأة ألنها هى التي ستتزوج ثانية وه) يفعل(وردت ) 2( ) .المبتور(وربما كانت ) الميشور(هنا كلمة رسمها هكذا ) 3(

)1/182(

من يـفعل ذلك فـقد ظلم نـفسه وال تـتخذوا آيات الله كوهن ضرارا لتـعتدوا و وإذا طلقتم النساء فـبـلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف وال تمس بـلغن ) 231(عليم قوا الله واعلموا أن الله بكل شيء هزوا واذكروا نعمت الله عليكم وما أنـزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتـ وإذا طلقتم النساء فـ

نـهم بالمعروف ذلك يوعظ به كى لكم وأطهر والله يـعلم من كان منكم يـؤمن بالله واليـوم اآلخر ذلكم أز أجلهن فال تـعضلوهن أن يـنكحن أزواجهن إذا تـراضوا بـيـتم ال تـعلمون كلف نـفس إال له رزقـهن وكسوتـهن بالمعروف ال ت والوالدات يـرضعن أوالدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود ) 232(وأنـ

هما وتشاور فال جناح عليهما وإن أردتم أن تستـرضعوا وسعها ال تضار والدة بولدها وال مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصاال عن تـراض منـيتم بالمعروف واتـقوا الله واعلموا أن ال ) 233(له بما تـعملون بصير أوالدكم فال جناح عليكم إذا سلمتم ما آتـ

:قوله جل ذكره ]231آية ) : 2(سورة البقرة [

قد ظلم نـفسه وال تـتخذوا آيات الله فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف وال تمسكوهن ضرارا لتـعتدوا ومن يـفعل ذلك فـ وإذا طلقتم النساء فـبـلغن أجلهن )231(الكتاب والحكمة يعظكم به واتـقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم هزوا واذكروا نعمت الله عليكم وما أنـزل عليكم من

على شرط تضمنت اآلية األمر بحسن العشرة، وترك المغايظة مع الزوجة، والمحك على وجه اللجاج فإما تخلية سبيل من غير جفاء أو قيام بحق الصحبة .الوفاء

:قوله جل ذكره ]232آية ) : 2(سورة البقرة [

نـه اآلخر ذلكم م بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يـؤمن بالله واليـوم وإذا طلقتم النساء فـبـلغن أجلهن فال تـعضلوهن أن يـنكحن أزواجهن إذا تراضوا بـيـتم ال تـعلمون )232(أزكى لكم وأطهر والله يـعلم وأنـ

.عن مضارتهن، وترك حمية الجاهلية، واالنقياد لحكم اهللا فى تزويج النساء إن أردن النكاح من دون استشعار األنفة والحمية» 1«تضمنت اآلية نهى األولياء .والتذويب عن أوصاف البشرية بقهر النفس أشد مجاهدة وأصدق معاملة هللا. طبها فحرام عليكم ظلمهابل إذا رضيت بكفو يخ

:قوله جل ذكره ]233آية ) : 2(سورة البقرة [

ه رزقـهن وكسوتـهن بالمعروف ال تكلف نـفس إال وسعها ال تضار والدة والوالدات يـرضعن أوالدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود ل هما وتشاور إن أردتم أن تستـرضعوا أوالدكم فال جناح عليكم فال جناح عليهما و بولدها وال مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصاال عن تراض منـ

يتم بالمعروف واتـقوا الله واعلموا أن الله بما تـعملون بصير ) .233(إذا سلمتم ما آتـ__________

.ن الوالية فى باب التصوفاألولياء هنا من والية الرجل على المرأة وليست م) 1(

)1/183(

عنه قبل الحولين غاية الرحمة التي يضرب بها المثل رحمة األمهات فأمر اهللا سبحانه األمهات بإكمال الرحمة بإرضاع المولود حولين كاملين، وقطع الرضاعة .إشارة إلى أن رحمة اهللا بالعبد أتم من رحمة األمهات

.المولود له رزقـهن وكسوتـهن بالمعروف وعلى : ثم قال جل ذكره .لما ينبن عنك وجب حقهن عليك، فإن من لك كله فعليك كله. بالمعروف -أي المرضعات -يعنى األب عليه رزقهن وكسوتهن

.ال تكلف نـفس إال وسعها: ثم قال جل ذكره .عذر -العجز عند -ادخار المستطاع بخل، والوقوف

.ال تضار والدة بولدها: ثم قال جل ذكره .فى اإلرضاع وما يجب عليه

.وال مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك .لى المولودفكما يجب حق المولود على الوالدين يجب حق الوالدين ع. بولده يعنى فيما يلزم من النفقة والشفقة» 1«يعنى الوالد

هما وتشاور فال جناح عليهما وإن أردتم أن تستـرضعوا أوالدك : ثم قوله جل ذكره يتم بالمعروف، فإن أرادا فصاال عن تراض منـ م فال جناح عليكم إذا سلمتم ما آتـ .أن الله بما تـعملون بصير واتـقوا الله واعلموا

اشتملت اآلية على تمهيد طريق الصحبة، وتعليم محاسن األخالق فى أحكام العسرة وإن من ال . يعنى فطاما قبل الحولين، فال جناح بعد ما كان القصد الصالح .يرحم ال يرحم

.» هللا ال ينزع الرحمة إال من قلب شقىإن ا«: وقال صلى اهللا عليه وسلم لمن ذكر أنه لم يقبل أوالده__________

) .الوالدة(بعد أن تحدث عن ) الوالد(والسياق يقتضى أن تكون ) الولد(وردت ) 1(

)1/184(

ا بـلغن أجلهن فال جناح عليكم فيما فـعلن في أنـفسهن بالمعروف والله بما والذين يـتـوفـون منكم ويذرون أزواجا يـتـربصن بأنـفسهن أربـعة أشهر وعشرا فإذ فسكم علم ) 234(تـعملون خبير الله أنكم ستذكرونـهن ولكن ال تـواعدوهن سرا إال أن تـقولوا وال جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكنـنتم في أنـ

لغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يـعلم فسكم فاحذروه قـوال معروفا وال تـعزموا عقدة النكاح حتى يـبـ ) 235(واعلموا أن الله غفور حليم ما في أنـ

:قوله جل ذكره ]234آية ) : 2(سورة البقرة [

م فيما فـعلن في أنـفسهن بالمعروف والله بما لغن أجلهن فال جناح عليك والذين يـتـوفـون منكم ويذرون أزواجا يـتـربصن بأنـفسهن أربـعة أشهر وعشرا فإذا بـ )234(تـعملون خبير

وكانت عدة الوفاة فى ابتداء اإلسالم سنة، ثم ردت إلى أربعة أشهر وعشرة . لما كان حق الميت أعظم ألن فراقه لم يكن باالختيار كانت مدة الوفاء له أطول :والميت ال يستديم وفاءه إلى آخر العمر أحد كما قيل. حم عن ماء الزوج، ثم إذا انقضت العدة أبيح لها التزوج بزوج آخرأيام لتتحق براءة الر

فكذا يبلى عليهن الحزن... وكما تبلى وجوه فى الثرى :قوله جل ذكره

]235آية ) : 2(سورة البقرة [

فسكم علم الله أنكم ستذكرونـهن ولكن ال تواعدوهن س وال جناح عليكم فيما عرضتم به من را إال أن تـقولوا قـوال معروفا وال خطبة النساء أو أكنـنتم في أنـلغ الكتاب أجله واعلموا أ فسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم تـعزموا عقدة النكاح حتى يـبـ )235(ن الله يـعلم ما في أنـ

.» 1«وحرم منه ما فيه ارتكاب المحظورات من إلمام بذنب أو عدة بجرم . أبيح من ذلك ما كان فيه استجالب للمودة، وتأسيس لحال الوصلةفسكم فاحذروه و وال تـعزموا: قوله جل ذكره لغ الكتاب أجله، واعلموا أن الله يـعلم ما في أنـ .اعلموا أن الله غفور حليم عقدة النكاح حتى يـبـ

__________ .وردت بالحاء والصحيح أن تكون بالجيم) 1(

)1/185(

لى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تـفرضوا لهن فريضة ومتـعوهن على الموسع قدره وع ال جناح عليكم إن ة النكاح وأن تـعفوا أقـرب للتـقوى وهن وقد فـرضتم لهن فريضة فنصف ما فـرضتم إال أن يـعفون أو يـعفو الذي بيده عقد وإن طلقتموهن من قـبل أن تمس ) 236(

نكم إن الله بما تـعملون بصير ) 237(وال تـنسوا الفضل بـيـ

.أي تنقضى عدة األول فإن حرمة الماضي ال تضيع :قوله جل ذكره

]236آية ) : 2(سورة البقرة [

ر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين الموسع قدره وعلى المقت ال جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تـفرضوا لهن فريضة ومتـعوهن على)236(

واحد فأما صحبة - فإن الذي ال يجوز اختيار فرقته -إذا أردتم -عليكم فى اختيار الفرقة» 2«أشكالكم ثم بدا لكم فال جناح » 1«إن ابتالء تم بوصيلة .جائز الخلق بعضهم مع بعض فليس بواجب، بل غاية وصفه أنه

.فهو شديد، فجعل ما يستحق من العوض كالخلف لها عند تجرع كأس الفرقة -كيفما كان -ولما وقع عليهن اسمكم فنصف المسمى يجب لهن، فإن الفراق .بالء عظيم -مجردا عن الراحة -فإن لم يكن مسمى فال يخلو العقد من متعة فإن تجرع الفرقة

:قوله جل ذكره ]237آية : ) 2(سورة البقرة [

يـعفون أو يـعفوا الذي بيده عقدة النكاح وأن تـعفوا أقـرب للتـقوى وال وإن طلقتموهن من قـبل أن تمسوهن وقد فـرضتم لهن فريضة فنصف ما فـرضتم إال أن نكم إن الله بما تـعملون بصير تـنسوا الفض )237(ل بـيـ

.ثم ذكر أن العفو أتم وأحسن، إما من جهة المرأة فى النصف المستحق لها، أو من قبل الزوج فى النصف العائد إليه__________

.أشكالكم) بوصلة(وربما كانت الياء زائدة وأنها ) بوصيلة(وردت ) 1( ) .فال جرم(طبقا لآلية، ويحتمل أيضا أنها فى األصل ) فال جناح(وهى خطأ من الناسخ، وقد صححناها ) جرحفالح (وردت ) 2(

)1/186(

) 239(مون فإن خفتم فرجاال أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تـعل ) 238(حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى وقوموا لله قانتين

نكم إن الله بما تـعملون بصير وال تـنسو : ثم قال جل ذكره .ا الفضل بـيـ .بالفرض» 1«يقال من أخذ بالفضل واقتصر على الفرض فعن قريب يخل

فتتوفر ويقال نسيان الفضل يقرب صاحبه من البخل، وإن من سنة الكرام إذا خفيت عليهم مواضع الكرم أن يشحذوا بصائر الجود لتطالع لطائف الكرم .دواعيهم فى اقتناء أسباب الفضل

:قوله جل ذكره ]238آية ) : 2(سورة البقرة [

)238(حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى وقوموا لله قانتين لتراعى » 2«) أيهم ذكرها على البيت(وسطى المحافظة على الصالة أن يدخلها بالهيبة، ويخرج بالتعظيم، ويستديم بدوام الشهود بنعت األدب، والصالة ال

.الجميع اعتقادا منك لكل واحدة أنها هى لئال يقع منك تقصير فى شىء منها :قوله جل ذكره

]239آية ) : 2(سورة البقرة [

)239(كونوا تـعلمون فإن خفتم فرجاال أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم ت من أعدائكم أنا سلطتهم عليكم، فاذا خلوتم بي بقلوبكم قصرت أيديهم » 3«أي ال تخلوا بمناجاتي ألوقاتها على الوصف الذي أمكنكم فان ما تحسونه

.م فى االعتكاف بحضرتي سرا وجهراعنكم، وجعلت لكم الظفر عليهم، ثم إذا زال عنكم الخوف وأمنتم فعودوا إلى استقراركم باستفراغ أوقاتك__________

، فإذا عرفنا أن الصوفية عموما يتشددون في التعبد ويتفوقون فيه على الكافة أمكن القول أن المعنى ممكن أن ينصرف إلى ) يخل (و ) بخل(يحتمل انها ) 1(ذا بدوره يؤدى إلى أن بخل بشأنه وقد وردت بخل وبخل فى السياق فيما بخل بمعنى أن القشيري يحذر من أن االكتفاء بالفرض قد يؤدى إلى البخل به، وه

. [.....]واهللا أعلم -بعد ) .أبهم ذكرها عن البت(وردت هكذا وقد نقلناها من النص دون تعديل وربما كانت ) 2( .فى اآلية» خفتم فإن «لتناسب ) تخشونه(من أعدائكم وكالهما مقبول، وإن كنا نؤثر ) تخشونه(يحتمل أن تكون ) 3(

)1/187(

ر إخراج عزيز فإن خرجن فال جناح عليكم في ما فـعلن في أنـفسهن من معروف والله والذين يـتـوفـون منكم ويذرون أزواجا وصية ألزواجهم متاعا إلى الحول غيـألم تـر إلى الذين خرجوا من ديارهم ) 242(كذلك يـبـين الله لكم آياته لعلكم تـعقلون ) 241(وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) 240(حكيم

) 243(شكرون فـقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثـر الناس ال ي وهم ألوف حذر الموت

:قوله جل ذكره ]240آية ) : 2(سورة البقرة [

ر إخراج فإن خرجن فال جناح عليكم في ما فـعلن في أنـفسهن والذين يـتـوفـون منكم ويذرون أزواجا وصية أل من معروف والله عزيز زواجهم متاعا إلى الحول غيـ )240(حكيم

:مكانت عدة الوفاة فى ابتداء اإلسالم سنة مستديمة كقول العرب وفعلهم ذلك حيث يقول قائله ومن لباك حوال كامال فقد اعتذر... إلى الحول ثم اسم السالم عليكم

:ثم نسخ ذلك إلى أربعة أشهر وعشرة أيام إذ ال بد من انتهاء مدة الحداد ولقد قال قائلهم

نافقت فاسكت: قلت... لو مت لم أعش : قال »1«! مات وجدا بميت؟... أي حى رأيته :قوله جل ذكره

]242الى 241اآليات ) : 2( سورة البقرة[

)242(كذلك يـبـين الله لكم آياته لعلكم تـعقلون ) 241(وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين .اإلشارة أال تجمعوا عليهن الفراق والحرمان فيتضاعف عليهن البالء

.ه لكم آياته لعلكم تـعقلون الدالئل، فتتأدبوا بما أشير عليكم، وتفلحوا بما تعقلون من إشارات حكمىكذلك يـبـين الل :قوله جل ذكره

]243آية ) : 2(سورة البقرة [

) 243(له موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثـر الناس ال يشكرون ألم تـر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم ال.

__________ .فى الشعر أخطاء كثيرة وقع فيها الناسخ فحاولنا إصالحها بقدر الممكن ليكون مفهوما) 1(

)1/188(

يه تـرجعون من ذا الذي يـقرض الله قـرضا حسنا فـيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يـقبض ويـبسط وإل ) 244(ه واعلموا أن الله سميع عليم وقاتلوا في سبيل الل )245 (

ومن قويت بصيرته لم يضره عدم تلك . ا، ثم لم ينفع إظهار ذلك لمن لم يشحذ بصيرته فى التوحيدلما استبعدوا قدرة اهللا فى اإلعادة أراهم فى أنفسهم عيان .المشاهدات فإنهم تحققوا بما أخبروا، لما آمنوا به بالغيب

:قوله جل ذكره ]244آية ) : 2(سورة البقرة [

)244(م وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع علي :واآلية توجب تسهيل ما يقاسونه من األلم، وقالوا. منكم أنين فاعلموا أن اهللا سميع ألنينكم، عليم بأحوالكم، بصير بأموركم» 1«يعنى إن مسكم ألم فتصاعد

تمنيت أن أشكو إليك فتسمع... إذا ما تمنى الناس روحا وراحة :قوله جل ذكره

]245آية ) : 2(سورة البقرة [ )245( تـرجعون ن ذا الذي يـقرض الله قـرضا حسنا فـيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يـقبض ويـبصط وإليه م

فالقرض القطع، ولكن هذه من ماله شيئا ليعطيه للمقترض، والمتصدق لما يقطع الصدقة من ماله سميت صدقته قرضا، » 2«سمى القرض قرضا ألنه يقطع .التسمية لحفظ قلوب األحباب حيث خاطبك فى باب الصدقة باسم القرض ولفظه

كل أحد » 3«ويقال دلت اآلية على عظم رتبة الغني حيث سأل منه القرض، ولكن رتبة الفقير فى هذا أعظم ألنه سأل ألجله القرض، وقد يسأل القرض من » 4«مات رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ودرعه مرهونة عند أبى شحمة اليهودي على شعير أخذه لقوت عياله «الخبر وفى. ولكن ال يسأل ألجل كل أحد

.ويقال القرض الحسن ما ال تتطلع عليه لجزاء وال تطلب بسببه العوض! أبصر ممن اقترض وألجل من اقترض__________

.وواضح أنها خطأ فى النسخ) فقصاعد(وردت ) 1( .القطع كما سيذكر بعد... لتناسب القرض ) يقطع(وقد اخترنا ) يقع(أخطأ الناسخ فجاءت ) 2( ) .من(والصحيح والمالئم للسياق أن يقال ) عن(وردت ) 3(توفي ودرعه مرهونة (ئشة البخاري ومسلم والترمذي عن عا) ولم يترك دينارا وال درهما، ولم يقسم له ميراث ولم يوجد له فى بيت أثاث( ... للحديث بقية ) 4(

وسنده حسن، . ، وعن البيهقي بثالثين صاعا من الشعير، والترمذي والنسائي والبيهقي عن ابن عباس بعشرين صاعا من طعام أخذه ألهله) عند يهودى بثالثين .ولم يترك وال درهما، مسلم عن عائشة

)1/189(

.عن شهود ويقال القرض الحسن أال يعطى على الغفلة، وإنما يعطى .إذا كان عند ظهر الغنى، ومن األكابر إذا كان بشرط اإليثار يعطى ما ال بد منه» 1«ويقال القرض الحسن من العلماء

.، وعلى لسان القوم بذل الكل، وزيادة الروح على ما يبذل» 2«ويقال القرض الحسن من العلماء عن مائتين خمسة .بصط وإليه تـرجعون والله يـقبض ويـ : قوله جل ذكره

.يقبض الصدقة من األغنياء قبض قبوله، ويبسط عليهم بسط خلفه .ويقال يقبض الرزق أي يضيق، يبسط الرزق أي يوسع يقبض على الفقراء ليمتحنهم بالصبر، ويبسط على األغنياء ليطالبهم بالشكر

.غنياء، ويبسط لئال يتقلدوا المنة من األغنياءويقال يقبض تسلية للفقراء ليطالبهم حتى ال يروا من األ .إذا أنا قبضت الرزق على الفقراء فال تذروهم، وإذا أنا بسطت عليكم فال تروا ذلك لفضيلة لكم: ويقال قال لألغنياء

.ويقال قبض القلوب بإعراضه وبسطها بإقباله .ن الرجاءويقال القبض لما غلب القلوب من الخوف، والبسط لما يغلب عليها م

.ويقال القبض لقهره والبسط لبره .ويقال القبض لسره والبسط لكشفه

.ويقال القبض للمريدين والبسط للمرادين .والبسط للعارفين» 3«ويقال القبض للمتسابقين

.ويقال يقبضك عنك ثم يبسطك به__________

.لسان الحقيقةعلى -على لسان الشريعة، وباألكابر. يقصد القشيري بالعلماء) 1( .يشير بذلك إلى مقدار زكاة المال وهى ربع العشر) 2( .» والسابقون السابقون أولئك المقربون «: إشارة إلى قوله تعالى» للسابقين«ربما كانت ) 3(

)1/190(

قتال أال تـقاتلوا قالوا وما قالوا لنبي لهم ابـعث لنا ملكا نـقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم ال ألم تـر إلى المإل من بني إسرائيل من بـعد موسى إذ نائن هم والله عليم بالظالمين لنا أال نـقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبـ وقال لهم نبيـهم إن الله قد ) 246(ا فـلما كتب عليهم القتال تـولوا إال قليال منـ

نا ونحن أحق م بالملك منه ولم يـؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العل بـعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك عليـ ) 247(والجسم والله يـؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم

.ويقال القبض حقه، والبسط حظك .ض لمن تولى عن الحق، والبسط لمن تجلى له الحقويقال القب

.ويقال يقبض إذا أشهدك فعلك، ويبسط إذا أشهدك فضله .ويقال يقبض بذكر العذاب ويبسط بذكر اإليجاب

:قوله جل ذكره ]246آية ) : 2(سورة البقرة [

ل أال تقاتلوا قالوا وما قالوا لنبي لهم ابـعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتاألم تـر إلى المإل من بني إسرائيل من بـعد موسى إذ هم والله عليم بالظالمين لنا أال نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فـلما كت )246(ب عليهم القتال تـولوا إال قليال منـ

ل، وعرجوا في أوطان استقبلوا األمر باالختيار، واقترحوا على نبيهم بسؤال اإلذن لهم فى القتال، فلما أجيبوا إلى ما ضمنوه من أنفسهم ركنوا إلى التكاس :ويقال إنهم أظهروا التصلب والجد فى القتال ذبا عن أموالهم ومنازلهم حيث. لتغافلالتجادل وا

هم والل قالوا وما لنا أال نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فـلما كتب عليهم .ه عليم بالظالمين القتال تـولوا إال قليال منـعزمهم، ولو أنهم قالوا وما لنا أال نقاتل فى سبيل اهللا ألنه قد أمرنا، وأوجب علينا، فإنه سيدنا وموالنا، -لحق اهللا -فلذلك لم يتم قصدهم ألنه لم يخلص

.لعلهم وفقوا إلتمام ما قصدوه -ويجب علينا أمره :قوله جل ذكره

]247آية ) : 2(سورة البقرة [

حن أحق بالملك منه ولم يـؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وقال لهم نبيـهم إن الله قد بـعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ون )247(في العلم والجسم والله يـؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم وزاده بسطة

)1/191(

آل هارون تحمله المالئكة إن في ذلك آلية لكم إن كنتم مؤمنين ا تـرك آل موسى و وقال لهم نبيـهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مم )248 (

كان فقيرا ال مال له، فبين لهم أن الفضيلة باختيار الحق، وأنه وإن » 1«نسوا حق االختيار فنظروا إلى الحال بعين الظاهر فاستبعدوا أن يكون طالوت ملكا ألنه أي ذكر » فالن اسم بال جسم«: المال فقد زاده اهللا علما ففضلكم بعلمه وجسمه، وقيل أراد أنه محمود خصال النفس ولم يرد عظيم البنية فإن فى المثل عدم

.بال معنى :قوله جل ذكره

]248آية ) : 2(سورة البقرة [

ي ذلك آلية لكم إن كنتم مؤمنين لتابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما تـرك آل موسى وآل هارون تحمله المالئكة إن ف وقال لهم نبيـهم إن آية ملكه أن يأتيكم ا)248(

اإلشكال عن صفته بما أظهر من آياته الدالة على صدق قول نبيهم فى اختياره، إن اهللا سبحانه إذا أظهر نورا أمده بتأييد من قبله، فلما ملك طالوت عليهم أزال

.فرد عليهم التابوت الذي فيه السكينة، فاتضحت لهم آية ملكه، وأن نبيهم عليه السالم صدقهم فيما أخبرهموجعل سكينة هذه األمة . ى عليه السالم، وآثار صاحب نبوتهمويقال إن اهللا تعالى جعل سكينة بنى إسرائيل فى التابوت الذي رضوا عن األلواح، وعصا موس

ثم إن التابوت كان تتداوله أيدى األعداء وغيرهم فمرة كان يدفن ومرة كان يغلب عليه » هو الذي أنـزل السكينة في قـلوب المؤمنين «: فى قلوبهم، فقال» 2« ...فيحمل، ومرة يرد ومرة ومرة

:وسلم قلوب المؤمنين فحال بين أربابها وبينها، ولم يستودعها ملكا وال نبيا، وال سماء وال هواء، وال مكانا وال شخصا، وقال صلى اهللا عليهوأما __________

.وهى خطأ فى النسخ) كأنه(وردت ) 1( .يقصد أمة محمد صلى اهللا عليه وسلم) 2(

)1/192(

هم لجنود قال إن الله مبتليكم بنـهر فمن شرب منه فـليس مني ومن لم يطعمه فإنه م فـلما فصل طالوت با ني إال من اغتـرف غرفة بيده فشربوا منه إال قليال منـمن فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع معه قالوا ال طاقة لنا اليـوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنـهم مالقو الله كم فـلما جاوزه هو والذين آمنوا

) 249(الصابرين

، وشتان بين أمة سكينتهم فيما » القدرة«يعنى فى قبضة الحق سبحانه، وتحت تغليبه وتصريفه، والمراد منه » بع الرحمنقلب المؤمن بين إصبعين من أصا« .لألعداء عليه تسلط وأمة سكينتهم فيما ليس لمخلوق عليه سلطان

:قوله جل ذكره ]249آية ) : 2(سورة البقرة [

هم ن الله مبتليكم بنـهر فمن شرب منه فـليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إال من افـلما فصل طالوت بالجنود قال إ غتـرف غرفة بيده فشربوا منه إال قليال منـلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع اقة لنا اليـوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنـهم مالقوا الله كم من فئة قليلة غ فـلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا ال ط

)249(الصابرين الخلق وبالدنيا وبالنفس، ومن كانت صحبته مع هذه األشياء على حد االضطرار بمقدار القوام، وما ال اإلشارة من هذه اآلية أن اهللا سبحانه ابتلى الخلق بصحبة

فليس -واالختيار» 2«، ومن جاوز حد االضطرار وانبسط فى صحبته مع شىء من ذلك من الدنيا والنفس والخلق بموجب الشهادة » 1«بد منه نجا وسلم .ظور، وليس من هذه الطريقة فى شىء إن كان على جهة الفضيلة وماله منه بدمن اهللا فى شىء إن كان ارتكاب مح

هم : ثم قال جل ذكره .فشربوا منه إال قليال منـ .كذلك الخواص فى كل وقت يقل عددهم ولكن يجل قدرهم

.لنا اليـوم بجالوت وجنوده فـلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا ال طاقة : قوله جل ذكره .فنظروا إلى الحال بعين الظاهر فداخلهم شىء من رعب البشرية، فربط اهللا على قلوبهم بما ذكرهم من نصرة الحق سبحانه ألوليائه إذا شاء

__________ .فى النظر إلى الدنيا والنفس والناس فى عرف أرباب القلوبهذه درجة فى االعتدال يتسم بها مذهب القشيري، يوفق بها بين الشريعة والحقيقة ) 1(أي ) الشهوة(أي أن يشهد الدنيا والنفس والخلق في شىء من األشياء والواجب أن يشهد اهللا فى كل شىء، غير أننا ال نستبعد أنها ربما كانت فى األصل ) 2(

[.....] .أنه ليس من اهللا فى شىء من ينظر إلى هذه األمور بشهوة واختيار

)1/193(

را وثـبت أقدامنا وانصرنا عل نا صبـ تل داوود جالوت وآتاه الله ) 250(ى القوم الكافرين ولما بـرزوا لجالوت وجنوده قالوا ربـنا أفرغ عليـ فـهزموهم بإذن الله وقـ ) 251(كن الله ذو فضل على العالمين لك والحكمة وعلمه مما يشاء ولوال دفع الله الناس بـعضهم ببـعض لفسدت األرض ول الم

.ئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين قال الذين يظنون أنـهم مالقوا الله كم من ف : قوله جل ذكره .ال بهم ولكن بإذن اهللا، بمشيئته وعونه ونصرته، واهللا مع الصابرين بالنصرة والتأييد والقوة

:قوله جل ذكره ]250آية ) : 2(سورة البقرة [

)250(ه قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثـبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ولما بـرزوا لجالوت وجنود وتوفيقه لهم، ثم وجود -سبحانه -كان أهم أمورهم الصبر والوقوف للعدو، ثم بعده النصرة عليهم، فإن الصبر حق الحق، والنصرة نصيبهم، فقدموا تحقيق حقه

.ولكن لكونهم كافرين، أعداء اهللا -ال لالنتقام منهم ألجل ما فاتهم من نصيبهم -هم من النصرة، ثم أشاروا إلى أنهم يطلبون النصرة عليهمحظ .فقاموا بكل وجه هللا باهللا فلذلك نصروا ووجدوا الظفر

:قوله جل ذكره ]251آية ) : 2(سورة البقرة [

هم ببـعض لفسدت األرض ولكن الله ذو فضل تل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولوال دفع الله الناس بـعض فـهزموهم بإذن الله وقـ )251(على العالمين

وكان كما فى القصة ربع القامة غير عظيم الجثة، . ة فى الجسم ولكن عند القتال جعل الظفر على يدى داودهيب اهللا األعداء بطالوت لما زاده من البسط .مختصر الشخص، ولم يكن معه من السالح إال مقالع، ولكن الظفر كان له ألن نصرة اهللا سبحانه كانت معه

.فـهزموهم بإذن الله : قوله جل ذكره .وداود باإلضافة إلى جالوت فى الضخامة والجسامة كان بحيث ال تتوهم غلبته إياه ولكن كما قال قائلهم. عين، وقتل داود جالوتفلم يبق منهم أثر وال

)1/194(

لوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين نا عيسى تلك الرسل فضلنا بـعضه ) 252(تلك آيات الله نـتـ هم من كلم الله ورفع بـعضهم درجات وآتـيـ م على بـعض منـهم من كفر ولو ن بـعد ما جاءتـهم البـيـناابن مريم البـيـنات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقـتتل الذين من بـعدهم م هم من آمن ومنـ ت ولكن اختـلفوا فمنـ

) 253(شاء الله ما اقـتتـلوا ولكن الله يـفعل ما يريد

»1«وقال لى واحدنا معذول ... استقبلني وسيفه مسلول .م ببـعض لفسدت األرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ولوال دفع الله الناس بـعضه : قوله جل ذكره

.لو تظاهر الخلق وتوافقوا بأجمعهم لهلك المستضعفون لغلبة األقوياء ولكن شغل بعضهم ببعض ليدفع بتشاغلهم شرهم عن قوم :قوله جل ذكره

]252آية ) : 2(سورة البقرة [

لوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين تلك آيات الله )252(نـتـ

.لم يكن فى علمك وال فى وسع احتيالك الوقوف على هذه الغائبات من الكائنات التي سلفت، وإنما وقفت عليها بتعريف من قبل اهللا سبحانه :قوله جل ذكره

]253آية ) : 2(سورة البقرة [

هم من كلم الله ورفع بـعضهم درجات وآتـينا عيسى ابن مريم ال تلك الرسل ف بـينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقـتتل الذين ضلنا بـعضهم على بـعض منـهم من كفر ولو شاء الله ما اقـتتـلوا ولكن الل من بـعدهم من بـعد ما جاءتـهم ال هم من آمن ومنـ )253(ه يـفعل ما يريد بـينات ولكن اختـلفوا فمنـ

فلم تكن . نورا، وأتم من الرفعة وفوراجمعتهم الرسالة ولكن تباينوا فى خصائص التفضيل، لكل واحد منهم أنوار، وألنوارهم مطارح، فمنهم من هو أعلى .فضائلهم استحقاقهم على أفعالهم وأحوالهم، بل حكم بالحسنى أدركهم، وعاقبة بالجميل تداركتهم

هم من كفر ولو شاء الله ما اقـتتـلوا، ولكن ولو شاء الله ما اقـتتل الذين من بـعدهم من بـعد ما جاءتـهم البـينات ولكن اختـلفوا: قوله جل ذكره هم من آمن ومنـ فمنـ .الله يـفعل ما يريد

__________ ) .مخذول(ربما كانت ) 1(

)1/195(

بل أن يأتي يـوم ال بـيع فيه وال خلة الله ال إله إال هو الحي القيوم ال ) 254( وال شفاعة والكافرون هم الظالمون يا أيـها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقـناكم من قـبـين أيديهم وما خلفهم وال يحيطون بشيء من علمه إال بما وال نـوم له ما في السماوات وما في األرض من ذا الذي يشفع عنده إال بإذنه يـعلم ما تأخذه سنة

) 255(واألرض وال يـئوده حفظهما وهو العلي العظيم شاء وسع كرسيه السماوات

.والعبودية شد نطاق الخدمة وشهود سابق القسمة. ولكنهم مصرفون بالمشيئة األزلية، ومسلوبون من االختيار الذي عليه المدار وبه االعتبار :قوله جل ذكره

]254آية ) : 2(سورة البقرة [

بل أن يأتي يـوم ال بـيع فيه وال خلة وال شفاع يا أيـ )254(ة والكافرون هم الظالمون ها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قـ .يعنى اغتنموا مساعدة اإلمكان فى تقديم اإلحسان قبل فتور الجلد وانقضاء األمل

:هقوله جل ذكر ]255آية ) : 2(سورة البقرة [

وال من ذا الذي يشفع عنده إال بإذنه يـعلم ما بـين أيديهم وما خلفهم الله ال إله إال هو الحي القيوم ال تأخذه سنة وال نـوم له ما في السماوات وما في األرض )255(العلي العظيم يحيطون بشيء من علمه إال بما شاء وسع كرسيه السماوات واألرض وال يـؤده حفظهما وهو

؟» اهللا«أي هل تعرف أحدا غيره تسمى »هل تـعلم له سميا«: قال اهللا تعالى. سبحانه فال سمى له فيه -اسم تفرد به الحق» اهللا«رض فيه من من اعتبر فى هذا االسم االشتقاق فهو كالمتعارض، فهذا اسم يدل على استحقاق صفات الجالل ال على اشتقاق األلفاظ، فال يعارض ما ال يعا

.األقوالومن تحقق بهذه القالة ال يرى ذرة من اإلثبات بغيره أو من غيره فال . التنزيهإخبار عن نفى النظير والشبيه، بما استوجب من التقديس و : » ال إله إال هو«قوله

باهللا، وال يقبل إال على يرفع إلى غيره حاجته، وال يشهد من غيره ذرة، فيصدق إليه انقطاعه، ويديم لوجوده انفراده، فال يسمع إال من اهللا وباهللا، وال يشهد إال -البتة -محو عما سوى اهللا، فما له شكوى وال دعوى، وال يتحرك منه لغيره عرق، فاذا استوفى الحق عبدا لم يبق للحظوظاهللا، وال يشتغل إال باهللا، فهو

.مساغ

سبحانه، فال وصل وال فصل وال قرب -ثم إن هذه القالة تقتضى التحقق بها، والفناء عن الموسومات بجملتها، والتحقق بأنه ال سبيل لمخلوق إلى وجود الحق .ال بعد، فإن ذلك أجمع آفات ال تليق بالقدمو

.، لكل عين وأثر» 1«) المحوى(المتولى ألمور عباده، القائم بكل حركة، و : » الحي القيوم«وقوله __________

:لى ملكهع) القيوم(أي القائم أو ) المجرى(أو أن تكون ) الحي(لتتالءم مع ) المحيي(وردت هكذا ويحتمل أن تكون فى األصل إما ) 1(

)1/196(

ألنه أحدى ال ترهقه غفلة، وصمد ال تمسه علة، وعزيز ال تقاربه قلة، وجبار ال تميزه عزلة، وفرد ال تضمه جثة، ووتر ال تحده جهة، » ال تأخذه سنة وال نـوم « .وقديم ال تلحقه آفة، وعظيم ال تدركه مسافةله ما في : اؤه بهاؤه، وبهاؤه سناؤه، وأزله أبده، وأبده سرمده، وسرمده قدمه، وقدمه وجوده قوله جل ذكرهتقدس من جماله جالله، وجالله جماله، وسن

.السماوات وما في األرض .ملكا وإبداعا، وخلقا واختراعا

.من ذا الذي يشفع عنده إال بإذنه ومن ظن أنه يتوسل إليه باستحقاق أو عمل، أو تذلل أو أمل، أو قربة . إجرائه، أو يتوسل إليه من دون إذنه وإبدائهإال ب» 1«( ... ) من ذا الذي يتنفس بنفس .فالظن وطنه والجهل مألفه والغلط غايته والبعد قصاراه -أو نسب، أو علة أو سبب

.يـعلم ما بـين أيديهم وما خلفهم : قوله جل ذكره .ج عن علمه معلوم، وال يلتبس عليه موجود وال معدومألنه ال يخر

.وال يحيطون بشيء من علمه إال بما شاء .يعنى من معلوماته، أي تقاصرت العلوم عن اإلحاطة بمعلوماته إال باذنه

.وسع كرسيه السماوات واألرض : قوله جل ذكره! ، وال يدركه حد؟فأى طمع لها فى اإلحاطة بذاته وحقه؟ وأنى تجوز اإلحاطة عليه وهو ال يقطعه فى عزه أمد وإال فأى خطر لألكوان عند صفاته؟. خطاب لهم على قدر فهمهم

.جل قدره عن التعزز بعرش أو كرسى، والتجمل بجن أو إنسى__________

.عالمة على ذلكويحتمل أن تكون مشطوبة لزيادتها فهناك شبه ) ص(مشتبهة فى ) 1(

)1/197(

ين قد تـبـين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويـؤمن بالله فـقد ا الله ولي ) 256(ستمسك بالعروة الوثـقى ال انفصام لها والله سميع عليم ال إكراه في الد ) 257(ظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون هم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونـهم من النور إلى الالذين آمنوا يخرج

.ظيم وال يـؤده حفظهما وهو العلي الع : قوله جل ذكره .له سواء فال من القليل له نيسر، وال من الكثير عليه تعسر -كيف تتعب المخلوقات من خلق الذرة والكون بجملته

:قوله جل ذكره

]256آية ) : 2(سورة البقرة [ين قد تـبـين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويـؤ )256(من بالله فـقد استمسك بالعروة الوثقى ال انفصام لها والله سميع عليم ال إكراه في الد

.فإن الحجج الئحة، والبراهين ظاهرة واضحة .قد تـبـين الرشد من الغي

.د األولية معلولة فهذا بنعت القدم وهذا بوصف العدموامتاز الليل بظالمه عن النهار بضيائه، والحقوق األزلية معلومة، والحدو ك بالعروة الوثقى االستمساك بالعروة الوثقى فمن يكفر بالطاغوت وطاغوت كل واحد ما يشغله عن ربه ويـؤمن بالله واإليمان حياة القلب باهللا فـقد استمس

.سلوك طريق المصطفى صلى اهللا عليه وسلم وعلى آلهالوقوف عند األمر والنهى، وهو .ال انفصام لها والله سميع عليم

.فمن تحقق بها سرا، وتعلق بها جهرا فاز فى الدارين وسعد فى الكونين :قوله جل ذكره

]257آية ) : 2(سورة البقرة [

ولئك أصحاب النار هم فيها خالدون الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونـهم من النور إلى الظلمات أ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من )257(

: وكالهما حق. طاعته» 1«فعيل فى معنى المفعول فالمؤمنون يقولون الولي بمعنى المتولى ألمورهم، والمتفرد بإصالح شئونهم، ويصح أن يكون الولي على وزن فاألول جمع والثاني فرق،

__________ .بالتاء) يتولون(بالقاف ونرجح أنها ) يقولون(أخطا الناسخ فكتبها ) 1(

)1/198(

راهيم في ربه أن آتاه الله الم راهيم فإن الل ألم تـر إلى الذي حاج إبـ راهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبـ ه يأتي بالشمس من لك إذ قال إبـ ) 258(المين المشرق فأت بها من المغرب فـبهت الذي كفر والله ال يـهدي القوم الظ

.واآلية تحمل عليهما جميعا» 1«وكل جمع ال يكون مقيدا بفرق وكل فرق ال يكون مؤيدا بجمع فذلك خطأ وصاحبه مبطل .فط فى سابق علمه ما كانوا فى الظلمات» 2«يخرجهم من الظلمات إلى النور يعنى بحكمه األزلى صانهم عن الظلمات التي هى الضالل والبدع، ألنهم

.ولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ما استهواهم من دواعى الكفر يخرجونـهم من النور إلى الظلمات أ .لحق بقاء أبدياباستيالء الشبه على قلوبهم، فيجحدون الربوبية، أولئك الذين بقوا عن ا

.ويقال يخرجهم من ظلمات تدبيرهم إلى سمة شهود تقديره .ويقال يخرجهم من ظلمات ظنونهم أنهم يتوسلون أو يصلون إليه بشىء من سكناتهم وحركاتهم

.ويقال يخرجهم من ظلماتهم بأن يرفع عنهم ظل أنفسهم ويدخلهم في ظل عنايته .ويقال يخلصهم عن حسبان النجاة بهم

.قال يحول بينهم وبين االعتماد على أعمالهم واالستناد إلى أحوالهموي :قوله جل ذكره

]258آية ) : 2(سورة البقرة [

نا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من حيي ويميت قال أ ألم تـر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي ي

)258(المشرق فأت بها من المغرب فـبهت الذي كفر والله ال يـهدي القوم الظالمين __________

سنى للعبد خالله أن يؤدى ما عليه من فرائض، وهذا ركن أساسى فى مذهب القشيري وغيره من يقصد القشيري من ذلك أن الفرق ضرورى وهام إذ يت) 1( .الشيوخ الثقات

.والمعنى يتطلبها) ما(سقطت ) 2(

)1/199(

ها فأماته الله مائة عام ثم بـعثه قال كم لبثت قال لبثت يـوما أو بـعض يـوم قال أو كالذي مر على قـرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بـعد موت اس وانظر إلى العظام كيف نـنشزها ثم نكسوها لحما فـلما تـبـين له ية للن بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يـتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آ

) 259(قال أعلم أن الله على كل شيء قدير

وإن الحق سبحانه أخبر أن . لو كانت لهم عين البصيرة -يقعجل الحق سبحانه العدائه عقوبة الفرقة قبل أن يعاقبهم بالحرقة، وهذه العقوبة أشد أثرا فى التحقولكن لقصور فى فهم الكافر، ومحك من -ال لخلل فى الحجة -إبراهيم عليه السالم انتقل مع العدو اللعين من الحجة الصحيحة إلى أخرى، أوضح منها

.من الحاجة ألمر ال بد منهسدت بصائره عن التحقيق تضييع الوقت بال فائدة تجدى، ال بمقدار ما يكون :قوله جل ذكره

]259آية ) : 2(سورة البقرة [

لبثت يـوما أو بـعض يـوم قال الله مائة عام ثم بـعثه قال كم لبثت قال أو كالذي مر على قـرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بـعد موتها فأماته ين له لناس وانظر إلى العظام كيف نـنشزها ثم نكسوها لحما فـلما تـبـ بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يـتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية ل

)259(قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ال يجوز عليهم لم يكن ذلك سؤال جحد، وال قضية جهل، وال داللة شك فى القدرة، فإن هذا الخبر عن عزير النبي عليه السالم، واألنبياء عليهم السالم

ذه المقالة زيادة اليقين، فأراه اهللا ذلك فى نفسه، بأن أماتهالشك والجهل، ولكنه كان سؤال تعجب، وأراد به

)1/200(

راهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تـؤمن قال بـلى ولكن ليطمئن قـ هن لبي قال فخذ أربـعة من الطير فصرهن إل وإذ قال إبـ يك ثم اجعل على كل جبل منـ ) 260(جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم

» 1«(.....) دن المتعرفين، ولذلك وسؤال اليقين من اهللا، والحيلة فى رد الخواطر المشكلة، دي. ثم أحياه ثم بعث حماره وهو ينظر إليه، فازداد يقينا على يقينمن اإلحياء واإلماتة أي ازددت » واعلم أن اهللا على كل شىء قدير«ثم قال . اهللا سبحانه عزيرا فى هذه المقالة حتى قدر عليه ما طلب من زيادة اليقين فيه

.ى طول تلك المدة، وحماره مات بال عظاممعرفة بذلك، وأرانى من عظيم اآليات ما ازداد به يقينا فإن طعامه وشرابه لم يتغيرا ف .والطعام والشراب بالتغيير أولى

:قوله جل ذكره ]260آية ) : 2(سورة البقرة [

هن قال فخذ أربـع وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تـؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قـلبي ة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منـ )260(جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم

.» 2«قين قيل كان فى طلب فى زيادة اليقين، فأراد أن يقرن حق اليقين بما كان له حاصال من عين الي» أولم تـؤمن «كنت أومن ولكنى اشتقت إلى قولك لى أو لم تؤمن، فإن بقولك لى » أولم تـؤمن قال بلى«: وقيل استجلب خطابه بهذه المقالة إلى قوله سبحانه

.تطمينا لقلبى .والمحب أبدا يجتهد فى أن يجد خطاب حبيبه على أي وجه أمكنه

__________ .بهةمشت) 1( .من أقوال القشيري التي تتناثر فى كتبه نجد أنه ينظر للمعرفة على أنها ثالث درجات) 2( .عقلية ونورها البرهان أو علم اليقين -1 :قلبية ونورها البيان أو عين اليقين -2 ) .ولكن كل األنوار تتبدد أمام شمس حق اليقين علم اليقين كالنجوم يطلع عليها بدر عين اليقين،: (كشفية ونورها العرفان أو حق اليقين، ويقول -3

.والواقع أن القشيري التزم بهذا الترتيب التزاما دقيقا ولم يتخل عنه فى كل ما كتب 44، 43الرسالة ص -70التحبير فى التذكير ص -اللطائف

)1/201(

لما سأل الرؤية -عليه السالم -وإن موسى. » واعلم أن الله عزيز حكيم «قوله وقيل إنه طلب رؤية الحق سبحانه ولكن بالرمز واإلشارة فمنع منها باإلشارة ب :جهرا وقال

.» لن ترانى«فرد بالجهر صريحا وقيل له » رب أرني أنظر إليك «، واإلشارة إلى ذبحه تعنى زينة الدنيا، وزهرتها، والغراب لحرصه، وقيل إنما طلب حياة قلبه فأشير إليه بأن ذلك بذبح هذه الطيور، وفى الطيور األربعة طاووس

.والديك لمشيته، والبط لطلبه لرزقه وأرنى كيف تذبح الحي؟: أرنى كيف تحيى الموتى؟ قيل له: ولما قال إبراهيم عليه السالم .طلبفلما وفى بما طولب به وفى الحق سبحانه بحكم ما . يعنى إسماعيل، مطالبة بمطالبة .أن يتخذه خليال، وأمارة ذلك إحياء الموتى على يده، فجرى ما جرى -سبحانه -وقيل كان تحت ميعاد من الحق

ى قصة الخليل صلى اهللا عليه وسلم فيما أراه وأظهره على يده من إحياء الموتى وبين عزير إذ أراه فى نفسه ألن الخليل يرجح على عزير ف» 1«ووصل بين لم يرد عليه فى شىء ولكنه تلطف فى السؤال، وعزير كلمه كالم من يشبه قوله قول المستبعد، فأراد الحق أن -عليه السالم -حال، فإن إبراهيمالسؤال وفى ال

أنا «ويميت، فقال ربى الذي يحيى -عليه السالم -يظهر له أقوى معجزة وأتم داللة حيث أظهر إحياء الموتى على يده حين التبس على نمرود ما قال إبراهيم .أراد إبراهيم أن يريه اهللا سبحانه إحياء الموتى ليعلم أنه ليس هو الذي ادعى» أحيى وأميت

.» 2«وفى هاتين اآليتين رخصة لمن طلب زيادة اليقين من اهللا سبحانه وتعالى فى حال النظر هذا «يعنى أما تذكر حال طلبك إيانا حين كنت تقول لكل شىء رأيته » أولم تـؤمن «: ويقال إن إبراهيم أراد إحياء القلب بنور الوصلة بحكم التمام، فقيل له

.فلم تدر كيف بلغناك إلى هذه الغاية، فكذلك يوصلك إلى ما سمعت إليه همتك» ربى__________

.جميل من القشيري أن يوضح التماسك وااللتئام فى السياق القرآنى بين قصة وقصة) 1( .صا فى مرحلة البداية من أجل تصحيح اإليمانخصو ) 2(

)1/202(

بتت سبع سنابل في كل سنبـل الذين يـنفقون ) 261(ة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم مثل الذين يـنفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنـفقوا منا وال أذى لهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم أموالهم في سب ) 262( وال هم يحزنون يل الله ثم ال يـتبعون ما أنـ

.لم يحى قلبه باهللاواإلشارة من هذا أن حياة القلب ال تكون إال بذبح هذه األشياء يعنى النفس فمن لم يذبح نفسه بالمجاهدات فإذا ناداه -مفرقا بيدهوفيه إشارة أيضا وهو أنه قال قطع بيدك هذه الطيور، وفرق أجزاءها، ثم ادعهن يأتينك سعيا، فما كان مذبوحا بيد صاحب الخلة، مقطعا

:كذلك الذي فرقه الحق وشتته فإذا ناداه استجاب.. استجاب له كل جزء مفرق ألجبت صوتك، والعظام رفات... ة ودعوتني ولو أن فوقى ترب :قوله جل ذكره

]261آية ) : 2(سورة البقرة [

بتت سبع سنابل في كل سنبـلة )261(والله واسع عليم مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء مثل الذين يـنفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنـفق حاله فوجد فالخلف لهم الجنة، والذين ينفقون أرواحهم فى سبيل اهللا فالخلف عنهم الحق سبحانه، وشتان بين خلف من أنفق ماله فوجد مثوبته، ومن أن

حظ ونصيب، فترضى لجريان حكمه عليك من غير تعبيس قربته فإنفاق المال فى سبيله بالصدقة، وإنفاق األحوال فى سبيله بمالزمة الصدق، وبنفي كل :القلب، قال قائلهم

فأترك ما أريد لما يريد... أريد وصاله ويريد هجرى :أما العابدون فاذا أنفقوا حبة ضاعف لهم سبعين إلى ما ليس فيه حساب، وأما الواجدون فكما قيل. إنفاق العابدين وإنفاق الواجدين: واإلنفاق على ضربين

وال إن أسأنا كان عندهم محو... فال حسن نأتى به يقبلونه :قوله جل ذكره

]262آية ) : 2(سورة البقرة [

فقوا منا وال أذى لهم أجرهم )262(ليهم وال هم يحزنون عند ربهم وال خوف ع الذين يـنفقون أموالهم في سبيل الله ثم ال يـتبعون ما أنـ .إحسانك -لمن أحسنت إليه -المن شهود ما تفعله، واألذى تذكيرك

)1/203(

ر من صدقة يـتبـعها أذى والله غني حليم دقاتكم بالمن واألذى كالذي يـنفق ماله رئاء الناس وال يا أيـها الذين آمنوا ال تـبطلوا ص ) 263(قـول معروف ومغفرة خيـتـركه صلدا ) 264(الله ال يـهدي القوم الكافرين ال يـقدرون على شيء مما كسبوا و يـؤمن بالله واليـوم اآلخر فمثـله كمثل صفوان عليه تـراب فأصابه وابل فـ

.ويقال ينفقون ما ينفقون ثم ال يشهدون البتة أفعالهم وال أعمالهم .ويقال كيف يمنون بشىء تستعذرونه وتستحقونه

.ويقال ال يمنون بفعلهم بل يشهدون المنة هللا بتوفيق ذلك عليهم :قوله جل ذكره

]263آية ) : 2(سورة البقرة [

ر من صدقة يـتبـعها أذى والله غني حليم )263(قـول معروف ومغفرة خيـ

.يرد به من تعرض له بإظهار العذر خير وأتم من صدقة المعجب بفعله، وما يتبع من إلزام المنة فيه -للفقير المجرد -يعنى قول .خير من صدقة بالمن مشوبة، وباألذى مصحوبة -وغفران اهللا لك على تلك القالة ويقال إقرار منك مع اهللا بعجزك وجرمك،

:قوله جل ذكره ]264آية ) : 2(سورة البقرة [

ه واليـوم اآلخر فمثـله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل يـؤمن بالل يا أيـها الذين آمنوا ال تـبطلوا صدقاتكم بالمن واألذى كالذي يـنفق ماله رئاء الناس وال تـركه صلدا ال يـقدرون على شيء مما كسبوا والله ال يـهدي القوم الكافرين )264(فـ

س ألحد على غيره منة فإن تحمل المنن من المخلوقين أعظم محنة، وشهود المنة من اهللا أعظم إنما يحمل جميل المنة من الحق سبحانه، فأما من الخلق فلي :نعمة، قال قائلهم

إنما الذل أن تجل الصغارا... ليس إجاللك الكبار بذل .له من اهللا ما لم يكن يحتسبهويقال أفقر الخلق من ظن نفسه موسرا فيبين له إفالسه، كذلك أقل الخلق قدرا من ظن أنه على شىء فيبدو

)1/204(

فسهم كمثل جنة بر ثبيتا من أنـ ها وابل فطل ومثل الذين يـنفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتـ وة أصابـها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبـ والله بما تـعملون بـهار له فيها من ) 265(بصير ار كل الثمرات وأصابه الكبـر وله ذرية ضعفاء فأصابـها إعص أيـود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها األنـ

) 266(فيه نار فاحتـرقت كذلك يـبـين الله لكم اآليات لعلكم تـتـفكرون

:قوله جل ذكره ]266الى 265اآليات ) : 2(سورة البقرة [

ثبيتا من أنـ وة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله ومثل الذين يـنفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتـ بما تـعملون فسهم كمثل جنة بربـنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبـر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار أيـود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها األ ) 265(بصير

)266(فيه نار فاحتـرقت كذلك يـبـين الله لكم اآليات لعلكم تـتـفكرون لمن أنفق فى سبيل اهللا، ولمن أنفق ماله فى الباطل فهؤالء يحصل لهم الشرف : مثل للمخلص والمنافقهذه آيات كثيرة ذكرها اهللا تعالى على جهة ضرب ال

وهؤالء ظل سعيهم مشكورا، وهؤالء يدعون ثبورا ويصلون سعيرا هؤالء تزكو . إال التلف» 1«والخلف، وهؤالء ال يحصل لهم فى الحال إال الرد، وفى المآل .لو عند اهللا أحوالهم وتكون الوصلة مآلهم، وهؤالء حبطت أعمالهم وخسرت أحوالهم وختم بالسوء آمالهم ويضاعف عليهم وبالهمأعمالهم وتنمو أموالهم وتع

على كبره -ومثل هؤالء كالذى خسرت صفقته وسرقت بضاعته وضاعت. فصله، وعال فرعه وكثر نفعه» 2«ويقال مثل هؤالء كالذى أنبت زرعا فزكا أصله ونما »3 «- __________ .على عادة القشيري فى المقابلة بين ما يحدث فى الدنيا وفى اآلخرة بين الحال والمآل) المآل(والصحيح أنها ) المال(وردت ) 1( .لينسجم التركيب الداخلى لألسلوب) نما(والصحيح أنها فعل ) نماء(وردت ) 2( ) .وأصابه الكبر: (إشارة إلى ما فى اآلية) 3(

)1/205(

موا الخبيث منه تـنفقون ولستم بآخذيه إال أن تـغمضوا فيه واعلموا أن الله أيـها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من األرض وال تـيم يا ) 268(اسع عليم الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضال والله و ) 267(غني حميد

هل يستويان مثال؟ وهل يتقاربان شبها؟.... حيلته وتواترت من كل وجه وفى كل وقت محنته :قوله جل ذكره

]267آية ) : 2(رة سورة البق[

وا الخبيث منه تـنفقون ولستم بآخذيه إال أن تـغمضوا فيه واعلموا أن الله يا أيـها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من األرض وال تـيمم )267(ني حميد غ

فما كان لحظك فنفائس ملكك، وما كان لربك : والذي يخرج عليك من ديوانك. لينظر كل واحد ما الذي ينفقه ألجل نفسه، وما الذي يخرجه بأمر ربه .، والذي ألجلك فأكثرها قيمة وأكملها نعمة» 1«) فاللقمة لقمته(فخصائص مالك الذي هللا بل كيف يقبله منك بل أبصر كيف يعوضك عليه، بل أبصر كيف يقبله منك، بل أبصر كيف بمدحك بل أبصر كيف ينسبه إليك ثم أبصر كيف يستر عليك

.، ثم يونى عليك عطاءه ويسمى العطاء جزاء، يوسعك بتوفيقه برا، ثم يمأل العالم منك شكرا» 2«الكل منه فضال لكنه ينسبه إليك فعال :قوله جل ذكره

]268آية ) : 2(رة سورة البق[

)268(ع عليم الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضال والله واس .يعد الشيطان الفقر لفقره، واهللا يعد المغفرة لكرمه

__________ . [.....]أن تكون كما أثبتنا، أو أن تكون فالقيمة لقيمته بدليل ما بعدها ويحتمل) فلقمته لقمته(وردت هكذا ) 1(وهذه مسألة هامة تتفرع عنها ... إنه على الحقيقة فضل من اهللا ولكن من الناحية النسبية فعل لالنسان : تأمل كيف يرى القشيري قيمة العمل اإلنسانى) 2(

.قضايا كالمية كثيرة يختلف فيها عن المعتزلة

)1/206(

را كثيرا وما يذكر إال أولو األ ) 269(لباب يـؤتي الحكمة من يشاء ومن يـؤت الحكمة فـقد أوتي خيـ

.بالحرص وال فقر فوقه -بطاعته -الشيطان يعدكم الفقر فيشير عليكم بإحراز المعلوم، ويقال يشير عليكم .ر باإلحالة على تدبيركم واختياركميعدكم الفق

.» 1«سبحانه -يعدكم الفقر بنسيان ما تعودتموه من فضله .ويقال يعدكم الفقر بأنه ال يزيد شكايتك

.ويقال يعدكم الفقر بتعليق قلبك بما ال تحتاج إليه .ويقال بالتلبيس عليك رؤية كفايته

نيا، ويقال باألسباب التي تقوى الحرص، ويقال بكثرة األمل ونسيان القناعة، ويقال بمتابعة الشهوات، ويقال بإيثار أي الرغبة فى الد» ويأمركم بالفحشاء « .الحظوظ، ويقال بالنظر إلى غيره، ويقال بإخطار شىء سواه ببالك .ويقال باالنحطاط إلى أوطان الرخص والتأويالت بعد وضوح الحق

.ويقال بالرجوع إلى ما تركته هللا

.والغفران» 2«(....) القناعة، وفى اآلجل الثواب والجنان والرؤية والرضوان و -فى العاجل -الفضل الموعود: » والله يعدكم مغفرة منه وفضال « .ويقال فى العاجل الظفر بالنفس، ويقال فتح باب العرفان، ونشر بساط القرب، والتلقي لمكاشفات األنس

:ذكره قوله جل ]269آية ) : 2(سورة البقرة [

) .269(لباب يـؤتي الحكمة من يشاء ومن يـؤت الحكمة فـقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إال أولوا األ __________

) .ص(ليمتنع اللبس وهى غير موجودة فى ) سبحانه(أضفنا ) 1( .ولكننا آثرنا عدم إثباتها فى النص لعدم التأكد) العفو(مشتبهة أقرب ما تكون إلى هنا لفظة) 2(

)1/207(

فقتم من نـفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يـعلمه وما للظالمين من أنصار ر لكم إن تـبدوا الصدقات فنعما) 270(وما أنـ هي وإن تخفوها وتـؤتوها الفقراء فـهو خيـ ) 271(ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تـعملون خبير

.يحكم عليكم خاطر الحق ال داعى النفس، وتحكم عليكم قواهر الحق ال زواجر الشيطان: الحكمة .اب األمورويقال الحكمة صو

.ويقال هى أال تحكم عليك رعونات البشرية .» 1«) ومن ال حكم له على نفسه ال حكم له على غيره(

.ويقال الحكمة موافقة أمر اهللا تعالى، والسفه مخالفة أمره :ويقال الحكمة شهود الحق والسفه شهود الغير قوله جل ذكره

]270آية ) : 2(سورة البقرة [

فقت )270(م من نـفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يـعلمه وما للظالمين من أنصار وما أنـ» ك بأعينناواصبر لحكم ربك فإن «: قال تعالى. وهؤالء الخواص» 2«وآخرون توعدهم بعلمه فهؤالء العوام .. قوم توعدهم بعقوبته، وآخرون توعدهم بمثوبته

.نفسه فى ذلك غاية الحذر» 3«فال شىء يوجب سقوط العبد من عين اهللا كمخالفته لعهوده معه بقلبه، فليحذر المريد من إزالل :قوله جل ذكره

]271آية ) : 2(سورة البقرة [

ر لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تـعملون خبير إن تـبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتـؤتوها الفقرا ) .271(ء فـهو خيـ__________

فنحن نعرف من مذهب القشيري أنه يرى ) زواجر الشيطان(ربما وقع الناسخ فى خطأ حين وضع هذه الجملة فى هذا المكان، واألقرب أن تكون بعد كلمة ) 1(ألنه لو كان قادرا على ذلك لكان يمسك على الهداية نفسه، ومن عجز أن يحافظ على نفسه كان في إغراء غيره أشد (الشيطان ال يملك أن يغرى الخلق أن

.» إن عبادي ليس لك عليهم سلطان «: قال تعالى) عجزا .بالعقوبةالعوام هنا تنصرف إلى الموعودين بالمثوبة والمتوعدين ) 2(بالذال إذا فهمنا أن ) إذالل(ومع ذلك فيمكن قبول ) بإذالل(بالزاي معناها اإليقاع فى الزلة والتسبب فى ارتكابها، أوضحناها حتى ال تلتبس ) إزالل) (3(

.لنفسه) ذلة(سقوط العبد من عين اهللا هو

)1/208(

فسكم وما تـنفق تم ال تظلمون ليس عليك هداهم ولكن الله يـهدي من يشاء وما تـنفقوا من خير فألنـ ون إال ابتغاء وجه الله وما تـنفقوا من خير يـوف إليكم وأنـتـعفف تـعرفـهم بسيماهم ال يسألون الناس إلحافا وما الذين أحصروا في سبيل الله ال يستطيعون ضربا في األرض يحسبـهم الجاهل أغنياء من ال للفقراء ) 272(

) 273( تـنفقوا من خير فإن الله به عليم

.مادإن أظهرت صحبتك معنا وأعلنت فلقد جودت وأحسنت، وإن حفظت سرنا عن دخول الوسائط بيننا صنت شروط الوداد، وشيدت من بناء الوصلة الع :قوله جل ذكره

]272آية ) : 2(سورة البقرة [

فسكم وما تـنفقون إال ابتغاء وجه الله وما تـنفقوا من خير يـوف إليك ليس عليك هداهم ولكن الله يـهدي من يشاء وما تـنفق تم ال تظلمون وا من خير فألنـ م وأنـ)272(

.لك المقام المحمود، واللواء المعقود، والرتب الشريفة، والمنازل العلية، والسنن المرضيةيا . فضال عن أن يساميك، ولكن ليس عليك هداهم فالهداية من خصائص حقنا، وليس لألغيار منه شظية -ولين واآلخرين، وال يدانيك أحدوأنت سيد األ

.» 1«أنت تدعوهم ولكن نحن نهديهم : محمد :قوله جل ذكره

]273آية ) : 2(سورة البقرة [

لون الناس إلحافا وما تـنفقوا من ال يستطيعون ضربا في األرض يحسبـهم الجاهل أغنياء من التـعفف تـعرفـهم بسيماهم ال يسئـ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله )273(خير فإن الله به عليم

:كيفما نظروا رأوا سرادقات التوحيد محدقة بهم. فى الشرق مذهب، وال لهم فى الغرب مضربأخذ عليهم سلطان الحقيقة كل طريق، فال لهم عليهم فما تزداد طوال وال عرضا... كأن فجاج األرض ضاقت برحبها

__________ قارن ذلك (جموح أو شطط - ما ترىك -من هذه الفقرة يتضح موقف التصوف اإلسالمى الحق في نظرته إلى الرسول صلوات اهللا عليه وليس في األمر) 1(

) .بنظرة ابن عربى وتالميذه

)1/209(

لهم أجرهم عند ربهم وال ) 274(خوف عليهم وال هم يحزنون الذين يـنفقون أموالهم بالليل والنـهار سرا وعالنية فـ

.فى التوحيد» 1«) سقها(وإذا لم يكن فإثبات ما ليس شرك !! مع الخلق، وأنى بذلك وال خلق وال يسلم لهم نفسيحسبـهم الجاهل «: لىوالفقير الصادق واقف مع اهللا باهللا، ال إشراف لألجانب عليه، وال سبيل لمخلوق إليه تنظره عين األغيار فى لبسة سوى ما هو به قال تعا

بسيماهم، فليست تلك السيماء مما يلوح للبصر -أنت -تعرفهم يا محمد. ، فأما من كان ذا بصيرة فال إشكال عليه في شىء من أحوالهم» تـعفف أغنياء من ال .ال إشراف عليهم إال بنور األحدية. ولكنها سيماء تدركها البصيرة

.» 2«عند ذبول ظاهرهم عن االنتعاش ) نشاطا عنه(اح أسرارهم إلى العرش استبشار قلوبهم عند انكسار نفوسهم، وصي: » تعرفهم بسيماهم«ويقال

لما يشير إليه دليل - ويقال تكسر الظاهر عند تكسر الباطن وبالعكس من هذه ال يسألون الناس إلحافا، فإن جرى منهم من الخلق بدون اإللحاف سؤال .» 3«ين السؤال، وليس على سرهم ذرة من اإلثبات لألغيار فذلك صيانة لهم ولسر قصتهم، لئال يالحظهم الخلق بع -الخطاب .وقفوا على حكم اهللا، وأحصروا نفوسهم على طاعته وقلوبهم على معرفته، وأرواحهم على محبته، وأسرارهم على رؤيته: » أحصروا فى سبيل اهللا«: ويقال

:قوله جل ذكره ]274آية ) : 2(سورة البقرة [

لهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم وال هم الذين يـنفقون )274( يحزنون أموالهم بالليل والنهار سرا وعالنية فـ .ما دام لهم مال ال يفترون ساعة عن إنفاقه ليال ونهارا، فإذا تفد المال ال يفترون عن شهوده لحظة ليال ونهارا

__________ .أي علة فى التوحيد) سقما(مشتبهة وقد أثرنا أن ننقلها كما هى وربما كانت ) 1(أنه بينما تبدوا ظواهرهم ذابلة بحكم التواضع واالنكسار فإن أسرارهم -واهللا أعلم -العبارة فيها شىء من غموض نتيجة اشتباه ما بين القوسين ولكن المراد) 2(

.جادة فى التسبيح من حول العرش .هنا يبدو القشيري متأثرا بتعاليم أهل المالمة النيسابورية) 3(

)1/210(

ل الله البـيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة أنـهم قالوا إنما البـيع مثل الربا وأح الذين يأكلون الربا ال يـقومون إال كما يـقوم الذي يـتخبطه الشيطان من المس ذلك ب له ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خ تـهى فـ والله ال يحب كل كفار يمحق الله الربا ويـربي الصدقات ) 275(الدون من ربه فانـ

نوا يا أيـها الذين آم ) 277( وال خوف عليهم وال هم يحزنون إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصالة وآتـوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ) 276(أثيم ) 278(اتـقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين

:قوله جل ذكره ]275آية ) : 2(سورة البقرة [

هم قالوا إنما البـيع مثل الربا وأحل الله البـيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة الذين يأكلون الربا ال يـقومون إال كما يـقوم الذي يـتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنـ له ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )275( من ربه فانـتهى فـ

حوا فى عرض عن األمر، ورخص لنفسه بما يسوله له خاطره من التأويل فال استقالل لهم فى الحال وال انتعاش فى المآل خسروا فى عاجلهم ولم يربمن أ .آجلهم

ينتظروا أوشك االستئصال ومن انتبه بزواجر الوعظ، وكبح لجام الهوى، ولم يطلق عنان اإلصرار فله اإلمهال فى الحال، فإن عاد إلى مذموم تلك األحوال فل .وفجاءة النكال :قوله جل ذكره

]276آية ) : 2(سورة البقرة [

)276(يمحق الله الربا ويـربي الصدقات والله ال يحب كل كفار أثيم .من التصرفات فمقرون بالخيرات، ومصحوب بالبركات -سبحانه -ما كان بإذن منه

:ان بمتابعة الهوى يسلط عليه المحق، وكانت عاقبة أمره الخسران قوله جل ذكرهوما ك

]277آية ) : 2(سورة البقرة [ )277(م يحزنون ال خوف عليهم وال ه إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصالة وآتـوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم و

.إن الذين كانوا لنا يكفيهم ما يجدون منا، ال نضيع أجر من أحسن عمال :قوله جل ذكره

]278آية ) : 2(سورة البقرة [

)278(يا أيـها الذين آمنوا اتـقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين

)1/211(

نظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا ) 279( وال تظلمون ن لم تـفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تـبتم فـلكم رءوس أموالكم ال تظلمون فإ وإن كان ذو عسرة فـر لكم إن كنتم تـع ) 281(واتـقوا يـوما تـرجعون فيه إلى الله ثم تـوفى كل نـفس ما كسبت وهم ال يظلمون ) 280(لمون خيـ

.االكتفاء بموعود الرب خير للمسلم من تعليق قلبه بمقصود نفسه .ومقصودك من تسويالت النفس، وموعودك مما ضمنه الحق

:هقوله جل ذكر ]279آية ) : 2(سورة البقرة [

)279(ن وال تظلمون فإن لم تـفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تـبتم فـلكم رؤس أموالكم ال تظلمو .إن صاحب اإلصرار ليس له عندنا وزن وال مقدار، وال قدر وال أخطار

:رهقوله جل ذك ]281الى 280اآليات ) : 2(سورة البقرة [

ر لكم إن كنتم تـعلمون نظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خيـ م ال واتـقوا يـوما تـرجعون فيه إلى الله ثم تـوفى كل نـفس ما كسبت وه ) 280(وإن كان ذو عسرة فـ )281(يظلمون

. إنظارإذا تقرر عند القاضي إفالس المحبوس فال تحل له استدامة حبسه، وإن ظهرت لذى الحق حجة المفلس فذلك مرتهن بحق خصمه، ولكنه فى إمهال و .يرحمنا -والرب ال يحكم بهذا علينا فمع علمه بإعسارنا وعجزنا، وصدق افتقارنا إليه وانقطاعنا له

ليس للفقير المفلس وجه يحصل له منه شىء إال من حيث ما جعل اهللا سبحانه من سهم الغارمين، فأما من جهة الغالت فالغلة تدخل من : » ى ميسرةإل«قوله ..رقاب األموال والعقد(..........) فلس إال قول من قال من الفقهاء ما بقي للم! فأنى للمفلس به؟.. وأما الربح فى التجارة من تقليب رأس المال والتصرف فيه! وأنى للمفلس به؟

.ما بقي له وجه إال ما يسبب له مواله -كما هو مفلس عن ماله -وإن كان ضعيفا، فذلك لمن بقيت له منة الحراك أما المفلس عن قوته» 1« .س ما كسبت وهم ال يظلمون واتـقوا يـوما تـرجعون فيه إلى الله ثم تـوفى كل نـف : قوله جل ذكره

__________ .هنا عبارة مطموسة) 1(

)1/212(

نكم كاتب كما علمه الله فـليكتب وليملل الذي عليه بالعدل وال يأب كاتب أن يكتب يا أيـها الذين آمنوا إذا تدايـنتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بـيـبالعدل واستشهدوا شهيدين من فا أو ال يستطيع أن يمل هو فـليملل وليه الحق وليتق الله ربه وال يـبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعي

ر إحداهما األخرى وال يأب الشهداء إذا ما دعوارجالكم فإن لم يكونا رجلين فـرجل وامرأتان ممن تـرضون من الشهداء أن تضل إحدا وال تسأموا أن هما فـتذكنكم فـليس عليكم جناح أال تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقـوم للشهادة وأدنى أال تـرتابوا إال أن تكون تجارة حاضرة تديرونـها بـيـ

) 282(واتـقوا الله ويـعلمكم الله والله بكل شيء عليم تكتبوها وأشهدوا إذا تـبايـعتم وال يضار كاتب وال شهيد وإن تـفعلوا فإنه فسوق بكم

التوفى، وباألسرار والقلوب فى كل نفس محاسبة نقد ووعد، فنقد مطالبته أحق مما سيكون فى القيامة من باألبشار والنفوس غدا عند : الرجوع على ضربين .وعده

:قوله جل ذكره» وإياى فاتقون«: وقال للخواص» واتقوا يوما«: وقال للعوام ]282آية ) : 2(سورة البقرة [

نكم كاتب بالعدل وال يأب كاتب أن يكتب كما علمه يا أيـها الذين آمنوا إذا تدايـنتم بدين الله فـليكتب وليملل الذي عليه إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بـيـشهدوا شهيدين من ذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو ال يستطيع أن يمل هو فـليملل وليه بالعدل واست الحق وليتق الله ربه وال يـبخس منه شيئا فإن كان ال

ر إحداهما األخرى وال يأب الشهداء إذا ما دعوا وال تسئموا أن رجالكم فإن لم يكونا رجلين فـرجل وامرأتان ممن تـرضون من الشهداء أ ن تضل إحداهما فـتذكنكم فـليس عليكم جناح أال تابوا إال أ تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقـوم للشهادة وأدنى أال تـر ن تكون تجارة حاضرة تديرونها بـيـ

)282(ه بكل شيء عليم قوا الله ويـعلمكم الله والل تكتبوها وأشهدوا إذا تبايـعتم وال يضار كاتب وال شهيد وإن تـفعلوا فإنه فسوق بكم واتـ

)1/213(

فسكم أو تخفوه يحاسبكم به الل يـغفر لمن يشاء ويـعذب من يشاء والله على كل شيء قدير لله ما في السماوات وما في األرض وإن تـبدوا ما في أنـ ) 284(ه فـ

حيفا، وذلك من -بعضهم على بعض -لصدق، وعلمهم كيفية معامالتهم فيما بينهم، واألخذ باالحتياط واالستشهاد لئال يجرىأمر اهللا سبحانه الخلق بالقيام با .فأمر بتحصين الحقوق بالكتابة واإلشهاد، وأمر الشهود بالتحمل ثم باإلقامة. مقتضى رحمته سبحانه عليهم، وموجب رفقه بهم كيال يتخاصموا

تواهبوا فيما بينكم فقد وهبت : بينهم، وفى الخبر المنقول» 1«طع الخصومة بينهم فبالحرى أن يجرى ما يرفع فى اآلخرة آثار الخصومة ومن شرع اليوم ما يق .منكم مالى عليكم، فإن الكريم إذا قدر غفر

الصدر عن االحتمال، ويمنعه حفظ التجمل عن رفق بأرباب الحاجات، ألن الحاجة تمس فيحمله الحال على االحتيال، ويضيق به» 2«وفيما شرع من الدين .ن لطفه تعالىالكدية والسؤال، فأذن له فى االستدانة ليجبر أمره فى الحال، وينتظر فضل اهللا فى المآل، وقد وعد على اإلدانة الثواب الكثير، وذلك م

:قوله جل ذكره ]284آية ) : 2(سورة البقرة [

يـغفر لمن يشاء ويـعذب لله ما في السماوات وما ف فسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فـ )284(من يشاء والله على كل شيء قدير ي األرض وإن تـبدوا ما في أنـ__________

) .الخصومة(ونظن أنها خطأ فى النسخ وأن األصل ) الحكومة(وردت ) 1( .ضبطناها هكذا وذلك هو المالئم للسياق) 2(

)1/214(

له ال نـفرق بـين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربـنا وإليك المصير آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله ومالئكته وكتبه ورس )285 (

.ن المعاني والدعاوى، ويقال من القصود والرغائب، وفنون الحوائج والمطالبم .اإلرادة» وما تخفيه«العبادة، : » تبديه«ويقال ما .» العبارات«: » ما تبديه«الخطرات و : » تخفيه«ويقال ما خطرة وال تحمل وقتك نفسا » 2«تصحاب المحاسبة، فال تغفل ويقال اإلشارة فيه إلى استدامة المراقبة واس» 1«السكنات والحركات : » تخفيه«ويقال ما

»3 «. :قوله جل ذكره

]285آية ) : 2(سورة البقرة [

من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ه ال نـفرق بـين أحد آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله ومالئكته وكتبه ورسل )285(

.باإليمان، وذلك أتم له من إخباره عن نفسه بشهادته - صلى اهللا عليه وسلم وعلى آله -لنبيه -سبحانه -هذه شهادة الحق .من حيث العيان -ليه السالمع -ويقال آمن الخلق كلهم من حيث البرهان وآمن الرسول

.بغير واسطة -صلى اهللا عليه وسلم -ويقال آمن الخلق بالوسائط وآمن محمد__________

. [.....]الحركات وسقطت تبديه من الناسخ» وتبديه«السكنات » تخفيه«ربما كانت فى األصل ) 1( .عنى استخدام العقل، وهو فى هذه الحالة آفة تعترض الفناء الكاملأو بم) بمعنى تحبس(تعقل وربما صحت على أساس أن تعقل (وردت ) 2( .أمارة عدم اكتمال الفناء) النفس(ضبطناها هكذا ألن االنتباه إلى ) 3(

)1/215(

ها ما اكتسبت ربـنا ال تـؤاخذ بلنا ال يكلف الله نـفسا إال وسعها لها ما كسبت وعليـ نا إصرا كما حملته على الذين من قـ نا إن نسينا أو أخطأنا ربـنا وال تحمل عليـلنا ما ال طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت موالنا فانصر ) 286(لى القوم الكافرين نا ع ربـنا وال تحم

قال الشيخ، وأنت : ، ولم يقل آمنت، كما تقول لعظيم الشأن من الناس» آمن الرسول«ويقال هذا خطاب الحق معه ليلة المعراج على جهة تعظيم القدر فقال .تريد قلت

.بين إيمان وإيمان، الكل آمنوا استدالال، وأنت يا محمد آمنت وصاالويقال آمن الرسول والمؤمنون كل آمن باهللا ومالئكته وكتبه ورسله، ولكن شتان :قوله جل ذكره

]286آية ) : 2(سورة البقرة [

بلنا ربنا و أخطأنا ربنا ال يكلف الله نـفسا إال وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا ال تؤاخذنا إن نسينا أ وال تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قـ

لنا ما ال طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت موالنا فانصرنا على القوم )286(الكافرين وال تحم .حد وسعهم ودون ذلك بكثير، كل ذلك رفق منه وفضللكمال رحمته بهم وقفهم على

.لها ما كسبت من الخيرات .» 1«وعليها ما اكتسبت ما تكسبه من التوبة التي تنجى من كسب

بلنا، ربنا وال: قوله جل ذكره لنا ما ال طاقة لنا به كان إذا وقعت حاجة كلموه بلسان الواسطةربنا وال تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قـ قالوا . تحم .» وقال ربكم ادعوني أستجب لكم «: وهذه األمة قال لهم» يا موسى ادع لنا ربك «

.» الندم توبة«: ى هذه األمة قال صلى اهللا عليه وسلمإذا أذنبوا احتاجوا إلى مضى مدة لقبول التوبة، وف» 2«) السالفة(وكانت األمم .ليه الشرحوكانت األمم السالفة منهم من قال اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، وهذه األمة اختصت بإشراق أنوار توحيدهم، وخصائصهم أكثر من أن يأتى ع

__________ يتجه اتجاها مخالفا للتفسير التقليدى، ولكن الواقع ان ) لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت(ن قد يبدو للوهلة األولى ان القشيري فى استخراج إشارته م) 1(

) ويتوب عليكم(العبد، انظر مثال تفسيره ) على(إشارة القشيري مرتبطة بمذهبه فى أن اهللا خالق كل شىء حتى أفعال العباد، فهو خالق التوبة وحين يتقبلها تعود ) .الكتابمن هذا .. من سورة النساء

.موجودة فى الهوامش فأثبتناها فى موضعها من المتن) السالفة) (2(

)1/216(

.واعف عنا فى الحال واغفر لنا فى المآل وارحمنا، أنت موالنا فانصرنا على القوم الكافرين : قوله جل ذكره .موالنا فاجعل النصرة لنا على ما يشغلنا عنك فى جميع األحوال إذ ليس لنا أحد سواك، فأنت

بلنا«ولما قالوا خسف اهللا ذنوبهم بدل خسف المتقدمين، فأبدل ذنوبهم حسنات بدل مسخهم، وأمطر » وال تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قـ .عليهم الرحمة بدل ما أمطر على المتقدمين من الحجارة

.والحمد اهللا رب العالمين

السورة التي يذكر فيها آل عمرانهل هو مشتق من معنى أم ال؟ فكثير منهم قالوا إنه ليس بمشتق من مغني، وهو له سبحانه على » اهللا«اختلف أهل التحقيق فى اسم » بسم اهللا الرحمن الرحيم«

غيره، فاذا قرع بهذا اللفظ أسماء أهل المعرفة لم تذهب فهومهم وال علومهم إلى ، يجرى فى وضعه مجرى أسماء األعالم فى صفة » 1«جهة االختصاص .» اهللا«أو سمع بآذانه شهد بقلبه » اهللا«وحق هذه القالة أن تكون مقرونة بشهود القلب فاذا قال بلسانه . معنى غير وجوده سبحانه وحقه

، ويحب » اهللا«، ويعرف بقلبه » اهللا«، ويعلم بفؤاده » اهللا«فيقول بلسانه » اهللا«د قائلها إال ال يكون مشهو » اهللا«وكما ال تدل هذه الكلمة على معنى سوى ،» اهللا«بروحه

__________ ) .االقتصاص(وردت ) 1(

)1/217(

) 2(الله ال إله إال هو الحي القيوم ) 1(الم

دى اهللا، ويتحقق بسره اهللا، ويخلو بأحواله هللا وفى اهللا فال يكون فيه نصيب لغير اهللا، وإذا أشرف على أن يصير بظاهره بين ي» 1«، ويتملق » اهللا«ويشهد بسره الرحمن الرحيم استبقاء لمهجتهم أن تتلف، وإرادة فى قلوبهم أن تنقى فالتلطف سنة منه » 2«محوا فى اهللا هللا باهللا تداركه الحق سبحانه برحمته فيكاشفه بقوله

.حانه لئال يفنى أولياؤه بالكليةسب :قوله جل ذكره

]2الى 1اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

بسم الله الرحمن الرحيم )2(الله ال إله إال هو الحي القيوم ) 1(الم

هتدى إلى صالحك ورشدك، وهو مجر ما يجبرك، وكاف بما ينصرك، فبغير أشار بقوله ألف إلى قيامه بكفايتك على عموم أحوالك، فأنت فى أسر الغفلة ال ت .يكفيك من حيث ال تشعر، ويعطيك من غير أن تطلب -بل بغير علمك بحالك -سؤالك

التقدير بمتعلقات الطلبة واإلشارة من الميم لموافقة جريان. واإلشارة من الالم إلى لطفه بك فى خفى السر حتى أنه ال يظهر عليك محل المنة فيما يثبتك فيهإن ذلك الشأن تحقيق » كل يـوم هو في شأن «: من األولياء، فال يتحرك فى العالم شىء، وال تظهر ذرة إال وهو بمحل الرضا منهم حتى أن قائال لو قال فى قوله

.لم يكن ذلك ببعيد - مراد األولياءكل معلوم ومرسوم، ومعتاد وموهوم، من ضرورة أو حس -لمقطعة التي هى خالف عادة الناس فى التخاطبباستماع هذه الحروف ا -ويقال تفرق عن القلوب

على قلب مقدس » اهللا«: أو اجتهاد، حتى إذا خلت القلوب عن الموهومات والمعلومات، وصفى األسرار عن المعتادات والمعهودات يرد هذا االسم وهو قوله .» الم الله ال إله إال هو الحي القيوم «ل كيف فقال من كل غير، وسر مصفى عن ك

، وفى » 3«فهو الذي ال يلهو فيشتغل عنك، وال يسهو فتبقى عنه، فهو على عموم أحوالك رقيب سرك إن خلوت فهو رقيبك، وإن توسطت الخلق فهو رقيبك .فهو حبيبك -كيفما دارت بك األحوال -الجملة

__________ وفى موضع آخر ) تذكير ما سلف من اإلنعام فتح لباب التملق فى اقتضاء أمثاله فى المستقبل(استخدم القشيري هذا الفعل فى موضع مماثل عند قوله ) 1( .من هذا الجزء 248فيحمله صدق اإلرادة على التملق والتضرع ص ( ) .بقو(وردت ) 2( مكررة) رقيبك(نسجام فى األسلوب يتطلب والمعنى يحتملها ولكن اال) قريبك(وردت فهو ) 3(

)1/218(

نجيل قا لما بـين يديه وأنـزل التـوراة واإل لهم عذاب شديد من قـبل هدى للناس وأنـزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله ) 3(نـزل عليك الكتاب بالحق مصد ) 5(إن الله ال يخفى عليه شيء في األرض وال في السماء ) 4(والله عزيز ذو انتقام

:قوله جل ذكره ]4الى 3اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

قا لما بـين نجيل نـزل عليك الكتاب بالحق مصد من قـبل هدى للناس وأنـزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد ) 3(يديه وأنـزل التـوراة واإل )4(والله عزيز ذو انتقام

.صادفك اختيار أزلى فألقاك فى أمر عجيب شانه، جلى برهانه، عزيز محله ومكانه وما كنت يا محمد تدرى ما الكتاب، وال قصة األحباب، ولكنماقا لما بـين يديه .مصد

.أي محققا لموعوده لك فى الكتاب على ألسنة الرسل عليهم السالم

بل هدى للناس وأنـزل الفرقا نجيل من قـ .ن وأنـزل التـوراة واإل :أي إنا وإن أنزلنا قبلك كتبنا على المرسلين فما أخلينا كتابا من ذكرك، قال قائلهم

صحائف ذكرك عنوانها... وعندى ألحبابنا الغائبين .وكما أتممنا بك أنوار األنبياء زينا بذكرك جميع ما أنزلنا من األذكار

.هم عذاب شديد إن الذين كفروا بآيات الله ل : قوله جل ذكره .وهو ذل الحجاب، ولكنهم ال يشعرون

.أحد -كثيرا -من أعدائه، عزيز يطلبه كل أحد، ولكن ال يجده» ذو انتقام «على أوليائه » والله عزيز « :قوله جل ذكره

]5آية ) : 3(سورة آل عمران [

)5(وال في السماء إن الله ال يخفى عليه شيء في األرض ، وال تحصل فى السماء واألرض ذرة ال وهو سبحانه محدثه ومبديه، وال يكون أحد بوصف وال نعت » 1«ال يتنفس عبد نفسا إال واهللا سبحانه وتعالى محصيه

.إال هو متوليه .أحد إليه فى نازلة إال وهو كافيها فال رفع أحد إليه حاجة إال وهو قاضيها، وال رجع: هذا على العموم، فأما على الخصوص

__________ .وهى خطا من الناسخ) محيصة(وردت ) 1(

)1/219(

محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات هو الذي أنـزل عليك الكتاب منه آيات ) 6(هو الذي يصوركم في األرحام كيف يشاء ال إله إال هو العزيز الحكيم نة وابتغاء تأويله يـقولون آمنا به كل من عند ربـنا وما يذكر وما يـعلم تأويله إال الله والراسخون في العلم فأما الذين في قـلوبهم زيغ فـيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتـ

) 7(إال أولو األلباب

:قوله جل ذكره ]6آية ) : 3(سورة آل عمران [

)6(هو الذي يصوركم في األرحام كيف يشاء ال إله إال هو العزيز الحكيم .ال يزال من حيث الخلقة، وهو الذي قدر أحوالكم فى األزل كيف شاء، وهذا فيما لم يزل من حيث القضاء والقسمة هذا فيما

.ال إله إال هو العزيز الحكيم .فال يعقب حكمه بالنقض، أو يعارض تقديره باإلهمال والرفض

:قوله جل ذكره ]7آية ) : 3(سورة آل عمران [

نة وابتغاء تأويله ذي أنـزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قـ هو ال لوبهم زيغ فـيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتـ )7(باب لله والراسخون في العلم يـقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إال أولوا األل وما يـعلم تأويله إال ا

انة األسرار عن القسم األول لبسط الشرع واهتداء أهل الظاهر، والقسم الثاني لصي. جنس عليهم الخطاب فمن ظاهر واضح تنزيله، ومن غامض مشكل تأويلهالتأثر فيه بمعلول اطالع األجانب عليها، فسبيل العلماء الرسوخ فى طلب معناه على ما يوافق األصول، فما حصل عليه الموقوف فمقابل بالقبول، وما امتنع من

.الفكر سلموه إلى عالم الغيب .إشارات الكشف» 1«) عليه(الئح التعريفات بنوا وسبيل أهل اإلشارة والفهم إلقاء السمع بحضور القلب، فما سنح لفهومهم من

__________ .حتى تتماسك العبارة ألن اإلشارة تنبنى على التعريف) بنوا عليه(واألصوب ) بنوا على(فى ص ) 1(

)1/220(

تـنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) 9(ربـنا إنك جامع الناس ليـوم ال ريب فيه إن الله ال يخلف الميعاد ) 8(ربـنا ال تزغ قـلوبـنا بـعد إذ هديـ

وطى السر تخارسوا عن النطق، وإن أمروا باإلظهار والنشر أطلقوا بيان الحق، ونطقوا عن تعريفات الغيبة، فأما الذين أيدوا باستدامة الستر» 1«) طولبوا(إن طيحون م الظنون، ويبأنوار البصائر فمستضيئون بشعاع شموس الفهم، وأما الذين ألبسوا غطاء الريب، وحرموا لطائف التحقيق، فتنقسم بهم األحوال وتترجم به

.فى أودية الريب والتلبيس، فال يزدادون إال جهال على جهل، ونفورا على شك .وما يـعلم تأويله إال الله : قوله جل ذكره

لصاحية ففى وأما أصحاب العقول ا. ومن وجد علمه من اهللا فيكون إيمانهم بال احتمال جوالن خواطر التجويز بل عن صريحات الظهور، وصافيات اليقين .أحكام التحصيل» 2«(....) صحبة التذكر، لظهور البراهين و

:قوله جل ذكره ]8آية ) : 3(سورة آل عمران [

تنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )8(ربنا ال تزغ قـلوبنا بـعد إذ هديـ .» 3«دبا، واللياذ إلى التباعد أقوى أسباب رعاية األدب ما ازدادوا قربا إال ازدادوا أ

.ويقال حين صدقوا فى حسن االستغاثة أمدوا بأنوار الكفاية :قوله جل ذكره

]9آية ) : 3(سورة آل عمران [

)9(ربنا إنك جامع الناس ليـوم ال ريب فيه إن الله ال يخلف الميعاد جمع األحباب على بساط االقتراب، وغدا جمع الكافة لمحل الثواب والعقاب، اليوم

__________ .التي بعدها، ألن فاعليتهم حينئذ مفقودة) أمروا(واألوفق أن تبنى للمجهول مثل ) طالبوا(فى ص ) 1( .مشتبهة) 2(بل لفضل اهللا، ومهما أسبغ عليهم يشعرون بأنهم ما زالوا -ال ألعمالهم -نربما يقصد القشيري من هذه العبارة أنهم أبدا طامعون فى الهداية محتاجو ) 3(

.» ما ازدادوا قربا إال ازدادوا أدبا«بعيدين عن التمام، وعلى هذا التفسير تنسجم هذه العبارة مع سابقتها

)1/221(

هم أموالهم وال أوالد بلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله ) 10(هم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار إن الذين كفروا لن تـغني عنـ كدأب آل فرعون والذين من قـ ) 12(رون إلى جهنم وبئس المهاد قل للذين كفروا ستـغلبون وتحش ) 11(بذنوبهم والله شديد العقاب

.اليوم جمع األسرار لكشف الجالل والجمال، وغدا جمع األبشار لشهود األحوال، ومقاساة ما أخبر عنه من تلك األحوال :قوله جل ذكره

]10آية ) : 3(سورة آل عمران [

هم أمواله )10(م وال أوالدهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار إن الذين كفروا لن تـغني عنـ .ليم، والبعد والحميمفال فداء ينفعهم، وال غناء يدفعهم، وال مال يقبل منهم، وال حجاب يرفع عنهم، وال مقال يسمع فيهم، بهم يسعر الجحيم، ولهم الطرد األ

:قوله جل ذكره ]11آية ) : 3( سورة آل عمران[

بلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد )11(العقاب كدأب آل فرعون والذين من قـ، ولعمرى إنهم هم الذين ندموا وتحسروا على ما أصروا فى العتو على سننهم، وأدمنا لهم فى االنتقام سنننا، فال عن اإلصرار أقلعوا، وال فى المبار طمعوا

.ولكن حينما وجدوا الباب مسدودا، والندم عليهم مردودا -قدموا :قوله جل ذكره

]12آية ) : 3(سورة آل عمران [

)12(قل للذين كفروا ستـغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد ، وال تكون لهم لذة عيش فى العاجل، والذي يلقونه فى اآلخرة من شدة العقوبة بالحرقة فوق ما يصيبهم فى » 1«تهم حديث الحق فى اآلجل أخبرهم أنهم يفو

.، ولكن سقمت البصائر فلم يحسوا بأليم العقاب» 2«الدنيا من الغيبة عن اهللا والفرقة __________

. [.....]» ال يكلمهم الله وال يـنظر إليهم يـوم القيامة وال يـزكيهم «يشير القشيري بهذا إلى اآلية الكريمة ) 1(هللا خواص من عباده لو حجبهم فى الجنة عن «: أما الخواص فيرون رؤية اهللا منتهى آمالهم، وصده عنهم أشد عليهم من عذاب السعير، يقول البسطامي) 2(

.» بالخروج من الجنة كما يستغيث أهل النار من النار رؤيته ساعة الستغاثوا

)1/222(

رة ألولي األبصار يهم رأي العين والله يـؤيد بنصره من يشاء إ قد كان لكم آية في فئتـين التـقتا فئة تـقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يـرونـهم مثـل ن في ذلك لعبـعام والحرث ذلك متاع الحي زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ) 13( يا والله عنده والخيل المسومة واألنـ نـ اة الد

) 14(حسن المآب

:قوله جل ذكره ]13آية ) : 3(سورة آل عمران [

رة ألولي األبصار م رأي العين والله يـ قد كان لكم آية في فئتـين التـقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يـرونـهم مثـليه ؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبـ)13(

ذا فتح أسرار آخرين فال إذا أراد اهللا إمضاء أمر قلل الكثير فى أعين قوم، وكثر القليل فى أعين قوم، وإذا لبس على بصيرة قوم لم ينفعهم نفاذ أبصارهم، وإ .» 1«يضرهم انسداد بصائرهم

:قوله جل ذكره ]14آية ) : 3(سورة آل عمران [

نيازين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة و والله عنده حسن الخيل المسومة واألنعام والحرث ذلك متاع الحياة الد )14(المآب

. وأصعب العوائق فى هذه الطريق الشهوة الخفية. يذكر بعض الشهوات على ما سواها مما هو فى معناها، وفى الجملة ما يحجبك عن الشهود فهو من جملتهاالمشكلة السكون إلى ما يلقاك به من فنون تقريبك، وكأنه فى حال ومن المقاطع . وأداء الطاعات على وجه االستحالء معدود عندهم فى جملة الشهوة الخفية

بإثباته فى لطيف » 3«) ال(ومن أدركته السعادة كاشفه بشهود جالله وجماله . وتحتها خدع خافية» 2«) فيطريك(ما يناجيك يناغيك، فإنه بكل لطيفة يصفك .أحواله وما يخصه به من أفضاله وإقباله

__________ البصر ثم البصيرة ثم السر: ا نفهم أن ترتيب ملكات االطالع عند القشيري هو على هذا النحومن هذ) 1( .مستدركة فى الهامش فأثبتناها فى موضعها) 2( ... ) .بإثباته فى (زائدة ألن السعادة التي تدرك العبد ال تتم إال ) ال(نظن أن ) 3(

)1/223(

هار خالدين فيها وأزواج مطه قل أؤنـبئكم بخير من ذ الذين ) 15(رة ورضوان من الله والله بصير بالعباد لكم للذين اتـقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها األنـ ) 17(الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستـغفرين باألسحار ) 16(ذنوبـنا وقنا عذاب النار يـقولون ربـنا إنـنا آمنا فاغفر لنا

:قوله جل ذكره ]15آية ) : 3(سورة آل عمران [

رة ورضوان من الله واقل أأنـبئكم بخير من ذلكم للذين اتـقوا ع )15(لله بصير بالعباد ند ربهم جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها وأزواج مطهات العلى، واهللا بصير بالعباد أنزل كل قوم منزله، هؤالء لهم متابعة المنى وموافقة الهوى وأولئك لهم الدرج: بين فضيلة أهل التقوى على أرباب الدنيا، فقال

.وأوصله إلى ما له أهله :قوله جل ذكره

]16آية ) : 3(سورة آل عمران [

)16(الذين يـقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار .ينا بذكر المحن والرزية، أولئك ينالون منا القربة والخصوصية، والدرجات العلية، والقسم المرضيةأي ينقطعون إلينا بالكلية، ويتضرعون بين أيد

:قوله جل ذكره ]17آية ) : 3(سورة آل عمران [

)17(الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستـغفرين باألسحار :، وذلك على ثالث مراتبالصبر حبس النفس

.» 1« صبر على ما أمر به العبد، وصبر عما نهى عنه وصبر هو الوقوف تحت جريان حكمه على ما يريد إما فى فوات محبوبك أو هجوم ما ال تستطيعه .» 2«فذلك رضا ال صبر -بأال تصيبك مشقة أو تنال راحة -فإذا ترقيت عن هذه الصفة .هللا، والصادقين، فيما عاهدوا اهللاويقال الصابرين على أمر ا

.، بنفوسهم باالستقامة فى محبة اهللا» القانتين«و __________

يرد على القلب بقوة الوقت من غير تصنع منك، ومنهم من تصرفه الهواجم (فوات المحبوب صده عنك وهجره لك، والهجوم الذي ال تستطيعه هو الذي ) 1( .44الرسالة ص ) ال وقوة، أولئك سادات الوقتومنهم من يكون فوق ما يفجؤه حا

.الحظ الفرق بين الرضا والصبر) 2(

)1/224(

بنفوسهم، و » القانتين«بأرواحهم و » الصادقين«بقلوبهم و » الصابرين«: ويقال» 1«عن جميع ما فعلوه لرؤية تقصيرهم فى اهللا » المستغفرين«و .بألسنتهم» المستغفرين«

عن أعمالهم وأحوالهم عند استيالء سلطان » المستغفرين«بحفظ الحدود و » القانتين«فى العهود و » الصادقين«على صدق القصود و » الصابرين«ويقال .التوحيدوى، وصبروا على البلوى، ورفضوا الشك. الذين صبروا على الطلب ولم يتعللوا بالهرب ولم يحتشموا من التعب، وهجروا كل راحة وطلب» الصابرين«ويقال

.شىء من الدنيا والعقبى» 2«حتى وصلوا إلى المولى، ولم يقطعهم فترتيبهم ... الذين صدقوا فى الطلب فقصدوا، ثم صدقوا حتى وردوا، ثم صدقوا حتى شهدوا، ثم صدقوا حتى وجدوا، ثم صدقوا حتى فقدوا » الصادقين«و

.» 3«قصود ثم ورود ثم شهود ثم وجود ثم خمود .ذين الزموا الباب، وداوموا على تجرع االكتئاب، وتركوا المحاب، ورفضوا األصحاب إلى أن تحققوا باالقترابال» القانتين«و ، ثم جادوا بقلوبهم بصدق األحوال، ثم جادوا بترك كل حظ » 4«) ثم جادوا بميسورهم من األموال(الذين جادوا بنفوسهم من حيث األعمال، » المنفقين«و

.» 5«ل، استهالكا عند القرب والوصال بما لقوا من االصطالم واالستئصال لهم فى العاجل اآلج .عن جميع ذلك إذا رجعوا إلى الصحو عند االسحار يعنى ظهور اإلسفار، وهو فجر القلوب ال فجر يظهر فى األقطار» المستغفرين«و

__________ ) .استغفارنا يحتاج إلى استغفار لعدم الصدق فيه: (عن رابعة أنها كانت تردد) فة الصفوةص(وابن الجوزي فى ) طبقاته(قارن ذلك بما يحكيه المناوى في ) 1( .قواطع الدنيا معروفة أما قواطع العقبى فهى تعليق العمل المبذول باألجر، إما الطمع فى المثوبة أو الخوف من العقوبة) 2( .فهمه واستيعابه هذا تلخيص دقيق للمعراج الروحي ينبغى أن نتمهل عنده لحسن) 3( .مستدركة فيما بين السطور فأثبتناها فى موضعها) 4(كأس تصطمهم منهم وتفنيهم وتختطفهم وال تبقهم، كأس ال تبقى وال تذر، تمحوهم بالكلية، وال : (االستئصال هو الذي عبر عنه القشيري فى رسالته بقوله) 5(

43الرسالة ص ) تبقى شظية من آثار البشرية

)1/225(

) 18(العزيز الحكيم شهد الله أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولو العلم قائما بالقسط ال إله إال هو

:قوله جل ذكره ]18آية ) : 3(سورة آل عمران [

)18(ة وأولوا العلم قائما بالقسط ال إله إال هو العزيز الحكيم شهد الله أنه ال إله إال هو والمالئك اهللا، فشهد فى آزاله بقوله وكالمه وخطابه -أي علم اهللا وأخبر اهللا وحكم اهللا بأنه ال إله إال هو، فهو شهادة الحق للحق بأنه الحق، وأول من شهد بأنه اهللا

ثم فى آباده، » شهد الله «: فقال. وجوده األحدى، وكونه الصمدى، وعونه القيومى، وذاته الدعومى، وجالله السرمدي، وجماله األبدىاألزلى، وأخبر عن ق وفطر، ومن كتم فكل جزء من جميع ما خل. أي بين اهللا بما نصب من البراهين، وأثبت من دالئل اليقين، وأوضح من اآليات، وأبدى من البينات» شهد الله «

وجودها مضمحلة، وذوات للمالقاة قابلة، وصفات فى المحال » 1«) ثانى(العدم أظهر، وعلى ما شاء من الصفة الذاتية حصل، من أعيان مستقلة، وآثار فى ه بجالل قدره، وكمال عزه، حين ال فهو لوجوده مفصح، ولربوبيته موضح، وعلى قدمه شاهد، وللعقول مخبر بأنه واحد، عزيز ماجد، شهد سبحان -متعاقبة

وال عرفان لمخلوق وال عقل، وال وفاق، وال كفر، وال حدثان، وال غير، وال إلحاد، وال شرك، وال فهم وال فكر، وال سماء وال فضاء، وال » 2«جحد وال جهود .، وال فضول باختالف اآلفات» 3«ظالم وال ضياء، وال وصول للمزدوجات

.دهملمالئكة لم يؤيد شهادته بوحدانيته بشهادة المالئكة بل أسعدهم وأيدهم، حين وفقهم بشهادته وسددهم، وإلى معرفة وجدانيته أرشوا: قوله جل ذكرهدوا عن شهود وتعيين، ال وأولوا العلم وهم أولياء بنى آدم إذ علموا جالل قدرته، وعرفوا نعت عزته فأكرمهم حيث قرن شهادته بشهادتهم، فشه: قوله جل ذكره

-اليوم -عن ظن وتخمين، إن لم يدركوه__________

.بتخفيف الهمز... وجودها ) شان(ربما كانت فى األصل فى ) 1( .فيكون المقصود الجهود اإلنسانية الكسبية) جهود(، ويحتمل أنها ) جحود(ربما كانت فى األصل ) 2( ) . [.....]للدرجات(نت ربما قصد منها كل شىء وضده، وربما كا) 3(

)1/226(

سالم وما اختـلف الذين أوتوا الكتاب إال من بـعد ما جاءهم الع ين عند الله اإل نـهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب إن الد ) 19(لم بـغيا بـيـ

.ضرورة وحسا، لم يعتقدوه ظنا وحدسا تعرف إليهم فعرفوه، وأشهدهم فلذلك شهدوا، ولو لم يقل لهم إنه من هو لما عرفوا من هو :ولكن العلماء يشهدون بصحو عقولهم، والموحدون يشهدون بعد خمودهم فهم كما قيل

واستنطقوا بعد افتنائهم بتوحيد... مستهلكون بقهر الحق قد همدوا :غيرهم، ولقد كانوا لكنهم بانوا، قال قائلهم -سواهم، والقائم عنهم بما هم عليه وبه -فالمجرى عليهم ما يبدو منهم ولم أدر أنى بعد موتى أكتب... كتابى إليكم بعد موتى بليلة

رف أحكام حالله وحرامه، وعالم يعلم أخباره وسننه وآثاره، وعالم فمن عالم نعته وفاق ورهبانية، ومن عالم وصفه فناء وربانية، وعالم يع: وأولو العلم على مراتب، وعالم الطفه حتى » 1«(....) يعلم كتابه ويعرف تفسيره وتأويله، ومحكمه وتنزيله، وعالم يعلم صفاته ونعوته ويستقوى حججه وتوحيده بحديث يخرجه

.لعبد محق، قال قائلهمأحضره ثم كاشفه فقهره، فاالسم باق، والعين محو، والحكم طارق وا فنعت الخلق فيهمو مستور... بنو حق غدوا بالحق صرفا

أعيانهم فمخلوقة، وما يفهم بذواتهم من أحوالهم فمسبوقة، » 2«وليست اإلشارة من هذا إال إلى فنائهم عن إحساسهم، وعند علمهم بأنفسهم، فأما أعمالهم تقبل اتصاال بالغير وال انفصاال عن الذات، تقدس الحق عن كل ضد وند، ووصل وفصل، وجمع وفرق، وذات الحق ال توصف بقبول حدثان، وصفات ذاته ال

.وعين وخلق، وملك وفلك، ورسم وأثر، وعبد وبشر، وشمس وقمر، وشخص وغبر :قوله جل ذكره

]19آية ) : 3(سورة آل عمران [سالم وما اختـلف ين عند الله اإل نـهم ومن يكفر بآيات الله فإن إن الد ) .19( الله سريع الحساب الذين أوتوا الكتاب إال من بـعد ما جاءهم العلم بـغيا بـيـ

__________ .مشتبهة) 1( .من خلق اهللا، وذلك األصل من األصول الكالمية عند القشيري -يصنعونوأن الواو سقطت من الناسخ أي أنهم وما ) وأعيانهم(نرجح أنه فى األصل ) 2(

)1/227(

تـولوا فإنما عليك البالغ والله بصير أسلمتم فإن أسلموا فـقد اهتدوا وإن فإن حاجوك فـقل أسلمت وجهي لله ومن اتـبـعن وقل للذين أوتوا الكتاب واألميين أ ) 21(يم القسط من الناس فـبشرهم بعذاب أل إن الذين يكفرون بآيات الله ويـقتـلون النبيين بغير حق ويـقتـلون الذين يأمرون ب ) 20(بالعباد

.هو اإلسالم -الدين الذي يرتضيه، والذي حكم لصاحبه بأنه يجازيه ويعليه، وبالفضل يلقيه .واإلسالم هو اإلخالص واالستسالم، وما سواه فمردود، وطريق النجاة على صاحبه مسدود

نـهم، ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب وما اختـلف الذين أوتوا الكتاب إال من بـعد ما جا: قوله جل ذكره .ءهم العلم بـغيا بـيـ .جاءهم العلم الذي عليهم حجة، ال المعرفة التي لها بيان ومحجة، فأصروا على الجحود، ألنهم حجبوا عن محل الشهود

:قوله جل ذكره ]20آية ) : 3(سورة آل عمران [سلمتم فإن أسلموا فـقد اهتدوا وإن تـولوا فإنما عليك البالغ والله بصير إن حاجوك فـقل أسلمت وجهي لله ومن اتـبـعن وقل للذين أوتوا الكتاب واألميين أأ ف

)20(بالعباد على ما اختص به -لعهم بعين التصريف كيال يفترق بك الحال فى شهود اختالفهم وتباين أطوارهم فإن من طالع الكائنات بعين القدرة علم أن المثبت للكل طا

.واحد -كل واحد من الكلرد سرك عن شهودهم، فليس الذي كلفناك من فادعهم جهرا بجهر، واشهد تصريفنا إياهم سرا بسر، واشغل لسانك بنصحهم، وفرغ قلبك عن حديثهم، وأف

.نحن -أمورهم إال البالغ، والمجرى لألمور والمبدى :قوله جل ذكره

]21آية ) : 3(سورة آل عمران [

)21(القسط من الناس فـبشرهم بعذاب أليم إن الذين يكفرون بآيات الله ويـقتـلون النبيين بغير حق ويـقتـلون الذين يأمرون ب

)1/228(

يا واآلخرة وما لهم من ناصرين نـ نـهم ثم ألم تـر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كت ) 22(أولئك الذين حبطت أعمالهم في الد اب الله ليحكم بـيـهم وهم معرضون ) 24(رون ذلك بأنـهم قالوا لن تمسنا النار إال أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يـفتـ ) 23(يـتـولى فريق منـ

أخبرهم بأن إعراضنا عنهم مؤبد، وأن حكمنا سبق بنقلهم عن دار الجنان إلى دار الهوان، من -ووسمناهم بوصف الحرمان إن الذين ربطناهم بالخذالن .الخذالن والحرمان إلى العقوبة والنيران

:قوله جل ذكره ]22آية ) : 3(سورة آل عمران [

نيا واآلخر )22(ة وما لهم من ناصرين أولئك الذين حبطت أعمالهم في الد .توفيق بأعمالهم، وال غدا تحقيق آلمالهم، وما ذلك إال ألنهم فقدوا فى الدارين نصرتنا، ولم يشهدوا عزنا وقدرتنا -اليوم -أولئك الذين ليس لهم

:قوله جل ذكره ]23آية ) : 3(سورة آل عمران [

هم وهم معرضون ألم تـر إلى الذين أوتوا نصي نـهم ثم يـتـولى فريق منـ )23(با من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بـيـقدوا منا حسن فامتحناك بدعوة من سبق علمنا بأنهم ال يستجيبون، فاصبر على ما أمرت فيهم، واعلم سوء أحوالهم، فإنهم أهل التولى عن اإلجابة، ألنهم

.التجلي بسابق اإلرادة :قوله جل ذكره

]24آية ) : 3(سورة آل عمران [

)24( ذلك بأنـهم قالوا لن تمسنا النار إال أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يـفتـرون هم بالنجاة وتخفيف العقاب، وسوف يعلمون تضاعف البالء عليهم، ويحسبون أنهم على شىء أال إنهم هم عاقبناهم فى الدنيا باالستدراج حتى حكموا ألنفس

.الكاذبون ...ظن المخطئون حكما

)1/229(

قل اللهم مالك الملك تـؤتي الملك من تشاء وتـنزع الملك ممن تشاء ) 25(فكيف إذا جمعناهم ليـوم ال ريب فيه ووفـيت كل نـفس ما كسبت وهم ال يظلمون ر إنك على كل شيء قدير وتعز من تشاء وتذل ) 26(من تشاء بيدك الخيـ

]25آية ) : 3(سورة آل عمران [ )25(فكيف إذا جمعناهم ليـوم ال ريب فيه ووفـيت كل نـفس ما كسبت وهم ال يظلمون

مر، وتفخيم الشأن عند بهتة عقولهم ودهشة أسرارهم، وانقطاع دواعيهم، وانخالع قلوبهم من مكامنها، وتراقيها إلى هذه كلمة تعجب لما أخبر به عن تعظيم األ .تراقيهم، ثم ما يلقونه من الحساب والعتاب، والعذاب والعقاب، وعدم اإلكرام واإليجاب، وما فى هذا الباب

:قوله جل ذكره» 1«شرح هذا تفسير طويل وقيامة الكفار يوم الحشر، وقيامة األحباب فى الوقت، ول ]26آية ) : 3(سورة آل عمران [

ر إنك على كل شيء ق قل اللهم مالك الملك تـؤتي الملك من تشاء وتـنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وت )26(دير ذل من تشاء بيدك الخيـيا : فهذا تعليم الحق كيفية الثناء على الحق، أي صفنى بما أستحقه من جالل القدر فقل. معناها يا اهللا والميم فى آخرها بدل عن حرف النداء وهو يا» اللهم «

.وال معارض فى اإلبداع مالك الملك ال شريك لك وال معين، وال ظهير وال قرين، وال مقاسم لك فى الذات، وال مساهم فى الملك، .تـؤتي الملك من تشاء وتـنزع الملك ممن تشاء

هم فيه، وبقاؤهم حتى نعلم أن الملك لك، والملك من المخلوقين من تذلل له، ومنزوع الملك ممن تكبر عليه فتجمل الخلق فى تذللهم للحق، وعزهم فى محو .ن تشاء بعز ذاتكفى فنائهم به وتعز م

.وتذل من تشاء .بخذالنك

وتعز . وتعز من تشاء بأن تهديه ليشهدك ويوحدك، وتذل من تشاء بأن يجحدك ويفقدك__________

:من كالم القشيري فى هذا الخصوص فى موضع آخر من هذا الكتاب) 1( )فراق، وليس لها كاشف غيره سبحانهوالقيامة عند هؤالء تقوم كل يوم غير مرة بالهجر والنوى وال(

)1/230(

) 27(من الحي وتـرزق من تشاء بغير حساب تولج الليل في النـهار وتولج النـهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت

وتعز من تشاء بأن تشغله بك، وتذل . وتعز من تشاء بأن تؤنسه بك، وتذل من تشاء بأن توحشه عنك. من تشاء بوحشة إعراضكمن تشاء بيمن إقبالك، وتذل » 1«وتعز من تشاء بطوالع أنسه وتذل من تشاء بطوارق . وتعز من تشاء بسقوط أحكام نفسه، وتذل من تشاء بغلبة غاغة نفسه. من تشاء بأن تشغله عنك

.تشاء ببسطه بك، وتذل من تشاء بقبضه عنك وتعز من. نفسهتؤتى الملك من تشاء بإفراد سره لك وتنزع الملك ممن . » 2«وتؤتى الملك من تشاء بشد نطاق خدمتك، وتنزع الملك ممن تشاء بنفيه عن بساط عبادتك

.ا عليه أهل العادةتشاء بأن تربط قلبه بمخلوق، وتعز من تشاء بإقامته باإلرادة، وتذل من تشاء برده إلى مر .بيدك الخيـ

.ولم يذكر الشر حفظا آلداب الخطاب، وتفاؤال بذكر الجميل، وتطيرا من ذكر السوء .إنك على كل شيء قدير .والخذالن، واألخذ والرد، والفرق والجمع، والقبض والبسط» 3«) والنصرة(من الحجب والجذب،

:قوله جل ذكره ]27آية ) : 3(ل عمران سورة آ[

) .27(ن الحي وتـرزق من تشاء بغير حساب تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت م __________

.» وأعوذ بك من شر طوارق الليل والنهار إال طارقا يطرق بخير«: أنه كان يدعو) ص(وى عن النبي الطوارق فى اللغة ما يطرق بالليل، ور ) 1( ) .422اللمع للطوسى ص . (يطرق سمعى علم من علوم أهل الحقائق فال أدعه أن يدخل قلبى إال بعد أن أعرضه على الكتاب والسنة: وعن بعض المشايخ

ألن العبودية ال تنتفى عن مخلوق، أما العبادة فهى حالة مخصوصة يعان عليها العبد أو ال يعان، فالعبد إما ) عبادتك(واألصوب أن يقال ) عبادك(وردت ) 2( :فى العبادة أو فى العادة

ن النهج الذي متمثلي -كدأبنا دائما -أضفنا هذه الكلمة من عندنا حتى يتم االنسجام الداخلى لألسلوب ويكون المعنى أوضح، ونحن فى هذه اإلضافة) 3( .يسلكه القشيري فى مثل هذا المواضع

)1/231(

هم تـقاة ويحذركم الله ال يـتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يـفعل ذلك فـليس من الله نـفسه وإلى الله المصير في شيء إال أن تـتـقوا منـ)28 (

وب كسفت، أو تولج الليل فى النهار حتى يغلب سلطان ضياء التوحيد فال يبقى من آثار النفس وظلماتها شىء، وتولج النهار فى الليل حتى كأن شموس القل .كأن الليل دام، وكأن الصبح فقد

.هد الوصال رجع فتيا، وعود القلوب صار غضا طرياوتخرج الحي من الميت حتى كأن الفترة لم تكن، وعكما لم يؤمنوا وتخرج الميت من الحي حتى كأن شجرة البرم أو رقت شوكا وأزهرت شوكا، وكأن اليائس لم يجد خيرا، ولم يشم ريحا، وتقلب أفئدتهم وأبصارهم

.به أول مرة .وتـرزق من تشاء بغير حساب

ليله روح وراحة، ونهاره طرب وبهجة، وساعاته كرامات، ولحظاته قربات، وأجناس أفعاله على . وال تعب يمين. وال جهد وال عرق جبين »1«) كدر(حتى ال .التفصيل ال يحصرها لسان، وال يأتى على استقصاء كنهها عبارة وال بيان

.وفيما لوحنا من ذلك تنبيه على طريق كيفية اإلفصاح عنهوتنزع الملك ممن تشاء انكسر خمار كل ظان أنه ملك ألنه شاهد ملكه يعرض للزوال فعلم أن التذلل إليه فى استبقاء ملكه أولى به من «: ويقال لما قال

.اإلعجاب واإلدالل .من ال يشغله شىء بااللتفات إليه عن شهود من هو الملك على الحقيقة -ويقال الملك فى الحقيقة

:قوله جل ذكره ]28آية ) : 3(ران سورة آل عم[

هم تقاة ويحذركم الله نـفسه وإلى الله المصير ال يـتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يـفعل ذلك فـليس من الله في شيء إال أن تـتـقوا منـ)28( .حقائق اإليمان المواالة فى اهللا والمعاداة فى اهللا من

نفسك فإنها مجبولة على -وأولى من تسومه الهجران واإلعراض عن الكفار__________

.بدون راء، ومع ذلك فالمعنى يتقبل كليهما) كد (نرجح أنها ) 1(

)1/232(

) 29(والله على كل شيء قدير قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تـبدوه يـعلمه الله ويـعلم ما في السماوات وما في األرض

.» 2» «تلوا الذين يـلونكم من الكفار يا أيـها الذين آمنوا قا«: ، وقال اهللا تعالى» 1«لى ومنى وبي : المجوسية حيث تقولفليسوا بأهل لمواالتك، -وإن كانوا قد بلغوا من الزهد والجهد مبلغا عظيما -وإن اإليمان فى هذه الطريقة عزيز، ومن ال إيمان له بهذه الطريقة من العوام

.والشكل بالشكل أليقهم تقاة ويحذركم الله نـفسه، وإلى الله المصيومن يـفعل ذلك فـل : قوله جل ذكره ر صحبة الحق سبحانه وقربته ال تكون يس من الله في شيء إال أن تـتـقوا منـ

.البتة -مقرونة بصحبة األضداد وقربتهمواتـقوا يـوما «: وقال» ... واتـقوا النار التي «: المعرفة، فأما الذين نزلت رتبتهم عن هذا فقال لهم هذا خطاب للخواص من أهل: » ويحذركم الله نـفسه «

.إلى غير ذلك من اآليات» ... تـرجعون :لهمأن يكون عندكم أنكم وصلتم فإن خفايا المكر تعترى األكابر، قال قائ» يحذركم الله نـفسه «: ويقال

مكرا، كذا من يأمن األحبابا... وأمنته فأتاح لى من مأمنى وإن من ظن أنه أقربهم ! ألن يجرى فى وهم أحد أنه يصل إليه مخلوق، أو يطأ بساط العز قدم همة بشر، جلت األحدية وعزت» يحذركم الله نـفسه «: ويقال

.إليه ففى الحقيقة أنه أبعدهم عنه :كرهقوله جل ذ

]29آية ) : 3(سورة آل عمران [

)29(له على كل شيء قدير قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تـبدوه يـعلمه الله ويـعلم ما في السماوات وما في األرض وال__________

ألن التوحيد الحق ال يقتضى شعورك بما سوى الموحد، ولكن النفس مجبولة . 149الرسالة ص ) ياءاتالتوحيد إسقاط ال(وإلى هذا يشيرون حين يقولون ) 1( .وهذا شرك خفى. على الدعوى

.123سورة التوبة آية ) 2(

)1/233(

نه أمدا بعيدا ويحذركم الله نـفسه والله رءوف بالعباد يـوم تجد كل نـفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تـود لو أن نـها وبـيـ ) 30(بـيـ

.دد والكفايةال يعزب معلوم عن علمه، فال تحتشم من نازلة بك تسوءك، فعن قريب سيأتيك الغوث واإلجابة، وعن قريب سيزول البالء والمحنة، ويعجل الم :كرهقوله جل ذ

]30آية ) : 3(سورة آل عمران [

نه نها وبـيـ )30(أمدا بعيدا ويحذركم الله نـفسه والله رؤف بالعباد يـوم تجد كل نـفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تـود لو أن بـيـ :عات أن لو استكثروا منها، وود أهل المخالفات أن لو كبحوا لجامهم عن الركض فى ميادينهم، قال قائلهمود أهل الطا

وما كل من يعطى المنى بمسدد... ولو اننى أعطيت من دهرى المني وقلت أليام أتين أال ابعدي... أال ارجعي : لقلت أليام مضين .فسه والله رؤف بالعباد ويحذركم الله نـ : قوله جل ذكرهللمستأنفين، فهؤالء أصحاب العنف والعنوة، وهؤالء أصحاب التخفيف » والله رؤف بالعباد «للعارفين، ومن قوله » ويحذركم الله نـفسه «: اإلشارة من قوله

.والسهولةلتحقيق تأميلهم، وكذلك سنته يطمعهم » والله رؤف بالعباد «فقال مقرونا به » 1«اقتضى أسماع هذا الخطاب تحويلهم » ه ويحذركم الله نـفس «: ويقال لما قال

.فى عين ما يروعهم» 2« »والله رؤف بالعباد «ثم أحياهم وأبقاهم بقوله » ويحذركم الله نـفسه «ويقال أفناهم بقوله

__________ .ربما يقصد القشيري تحويلهم من الخوف إلى الرجاء، فبعد أن خوفهم نفسه أطمعهم فى رافته) 1( .وواضح أنها خطا فى النسخ فأصلحناه بما يالئم السياق) يطعمهم(وردت ) 2(

)1/234(

) 31(لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويـغفر

:قوله جل ذكره ]31آية ) : 3(سورة آل عمران [

)31(يم قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويـغفر لكم ذنوبكم والله غفور رح .جمع» يحببكم الله «فرق، و » تحبون الله « .بال علة، بل هو حقيقة الوصلة» يحببكم الله «مشوب بالعلة، و » تحبون الله «

على -حانهسب -ارهومحبة العبد هللا حالة لطيفة يجدها من نفسه، وتحمله تلك الحالة على موافقة أمره على الرضا دون الكراهية، وتقتضى منه تلك الحالة إيث .كل شىء وعلى كل أحد

.وشرط المحبة أال يكون فيها حظ بحال، فمن لم يفن عن حظوظه بالكلية فليس له من المحبة شظية لمخصوص معه،ومحبة الحق للعبد إرادته إحسانه إليه ولطفه به، وهى إرادة فضل مخصوص، وتكون بمعنى ثنائه سبحانه عليه ومدحه له، وتكون بمعنى فضله ا

.فعلى هذا تكون من صفات فعله .ويقال شرط المحبة امتحاء كليتك عنك الستهالكك فى محبوبك، قال قائلهم

وتخرس حتى ال تجيب المناديا... وما الحب حتى تنزف العين بالبكا .» فمن تبعني فإنه منى«: بين الحبيب والخليل قال الخليل» 1«وهذا فرق

.» حببكم الله فاتبعوني ي «: وقال الحبيب .إفضاال فإن متابع الحبيب محبوب الحق سبحانه، وكفى بذلك قربة وحاال» منه«فإن كان متبع الخليل

.ويقال قطع أطماع الكافة أن يسلم ألحد نفس إال ومقتداهم وإمامهم سيد األولين واآلخرين محمد صلى اهللا عليه وسلم المحبة غير معلولة وليست باجتالب طاعة، أو التجردويقال فى هذه اآلية إشارة إلى أن

__________ .وإبراهيم عليه السالم) ص(وهى خطأ من الناسخ، إذ المراد التفرقة بين موقف المصطفى ) فراق(وردت ) 1(

)1/235(

ذرية بـعضها من ) 33(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبـراهيم وآل عمران على العالمين ) 32(رين قل أطيعوا الله والرسول فإن تـولوا فإن الله ال يحب الكاف ) 34(بـعض والله سميع عليم

.يرة ثم يحب اهللا ويحبه اهللاعن آفة ألنه قال يحببكم اهللا ويغفر لكم ذنوبكم، بين أنه يجوز أن يكون عبد له فنون كثيغفر ) وبعده(والواو تقتضى الترتيب ليعلم أن المحبة سابقة على الغفران أوال يحبهم ويحبونه » ويـغفر لكم ذنوبكم «: ثم قال» يحببكم الله «: ويقال قال أوال

.لهم ويستغفرونه، فالمحبة توجب الغفران ألن العفو يوجب المحبة .وهو صفاؤها» 1«والمحبة تشير إلى صفاء األحوال ومنه حبب األسنان .والمحبة توجب االعتكاف بحضرة المحبوب فى السر

.ويقال أحب البعير إذا استناخ فال يبرح بالضرب .قلبه وال بدنهوالحب حرفان حاء وباء، واإلشارة من الحاء إلى الروح ومن الباء إلى البدن، فالمحب ال يدخر عن محبوبه ال

:قوله جل ذكره

]32آية ) : 3(سورة آل عمران [ )32(قل أطيعوا الله والرسول فإن تـولوا فإن الله ال يحب الكافرين

لم يقل العاصين بل قال الكافرين، ودليل الخطاب » ال يحب الكافرين فإن الله «: أي قصروا فى الطاعة بأن خالفوا، ثم قال» فإن تـولوا«: أمرهم بالطاعة ثم قال :قوله جل ذكره» 2«أنه يحب المؤمنين وإن كانوا عصاة

]34الى 33اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

)34(رية بـعضها من بـعض والله سميع عليم ذ ) 33(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين .اتفق آدم وذريته فى الطينة، وإنما الخصوصية باالصطفاء الذي هو من قبله، ال بالنسب وال بالسبب

__________ ) .158أنظر الرسالة ص (وهى خطأ من الناسخ ) اإلنسان(وردت ) 1( . [.....]فى نظر القشيري المتكلم -اإليمان والكفر: منزلتينفالمؤمن العاصي منزلة بين ال) 2(

)1/236(

تـقبل مني إنك أنت الس ها قالت رب إني) 35(ميع العليم إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فـ وضعتـها أنـثى والله أعلم فـلما وضعتـيتـها مريم وإني أعيذها بك وذريـتـها من ا بتـها نـباتا) 36(لشيطان الرجيم بما وضعت وليس الذكر كاألنـثى وإني سم تـقبـلها ربـها بقبول حسن وأنـ حسنا وكفلها فـها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا ق ) 37(الت هو من عند الله إن الله يـرزق من يشاء بغير حساب زكريا كلما دخل عليـ

:قوله جل ذكره ]36الى 35اآليات ) : 3(ة آل عمران سور [

تـقبل مني إنك أنت السم فـلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم ) 35(يع العليم إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فـيتها مريم وإني أعيذها بك وذريـتها من الشي )36(طان الرجيم بما وضعت وليس الذكر كاألنثى وإني سم

فلما نذرت أم مريم ذلك، . لالمحرر الذي ليس فى رق شىء من المخلوقات، حرره الحق سبحانه فى سابق حكمه عن رق االشتغال بجميع الوجوه واألحوا :وهى ال تصلح أن تكون محررا فقال تعالى» رب إني وضعتها أنثى«ووضعتها أنثى خجلت، فلما رأتها قالت

.أعجوبة طلع عنها كل -سبحانه وتعالى -ولعمرى ليس الذكر كاألنثى في الظاهر، ولكن إذا تقبلها الحق » والله أعلم بما وضعت «تـقبل مني«قالت » إني نذرت لك ما في بطني محررا «ولما قالت فاستجاب، وظهرت آثار القبول عليها وعلى ابنها، ونجا بحديثها عالم وهلك بسببها عالم، » فـ

.ووقعت الفتنة ألجلهما فى عالميتها مريم وإني أعي«: قالت استجارت باهللا من أن يكون للشيطان فى حديثها شىء بما هو األسهل، لتمام ما هم » ذها بك وذريـتها من الشيطان الرجيم وإني سم

.به من أحكام القلوب :قوله جل ذكره

]37آية ) : 3(سورة آل عمران [

بتها نباتا حس تـقبـلها ربها بقبول حسن وأنـ هذا قالت هو من عند الله إن نا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك فـ )37(الله يـرزق من يشاء بغير حساب

تقبلها بقبول حس حتى أفردها لطاعته، وتوالها بما تولى به أولياءه، حتى أفضى جميع من فى عصرها العجب من حسن حيث بلغها فوق ما تمنت أمها، ويقال .توليه أمرها، وإن كانت بنتا

)1/237(

.بأنه يقال فيه بسببها ما يقال، فلم يبال بقبح مقال األعداء -سبحانه -ويقال القبول الحسن حسن تربيته لها مع علمه حبا لذكرك فليلمنى اللوم... المالمة فى هواك لذيذة أجد

:وكما قيل شاء فإنى ال أبالى... ليقل من شاء ما

.» إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا«: ويقال القبول الحسن أن رباها على نعت العصمة حتى كانت تقولفى جميع األوقات، وحتى كانت الثمرة منها مثل عيسى عليه السالم، وهذا هو -سبحانه -الطاعة، وآثرت رضاهحتى استقامت على » وأنبتها نباتا حسنا«

ومن القبول الحسن والنبات الحسن أن جعل كافلها والقيم بأمرها وحفظها نبيا من األنبياء مثل زكريا عليه السالم، وقد أوحى اهللا . النبات الحسن، وكفلها زكريا .إن رأيت لى طالبا فكن له خادما: عليه السالم إلى داود

.هو من عند الله إن الله يـرزق من يشاء بغير حساب : يا مريم أنى لك هذا؟ قالت : كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال : قوله جل ذكره .فذلك عبد عزيز - مارات القبول الحسن أنها لم تكن توجد إال فى المحراب، ومن كان مسكنه وموضعه الذي يتعبد فيه وهناك يوجد المحرابمن أ

علم العاملون أن رزقا ليويقال من القبول الحسن أنه لم يطرح أمرها كله وشغلها على زكريا عليه السالم فكان إذا دخل عليها زكريا ليتعهدها بطعام وجد عندها ، ومن خدم وليا من أوليائه كان هو فى رفق الولي ال إنه» 1«ال يلقى شغل أوليائه على غير -سبحانه -اهللا

__________ .وهى خطأ فى النسخ) عين(وردت على ) 1(

)1/238(

عاء هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية ط ) 38(يبة إنك سميع الد

.وفى هذا إشارة لمن يخدم الفقراء أن يعلم أنه فى رفق الفقراء. تكون عليه مشقة ألجل األولياءتعهدها ويسبقه بكفاية أنى لك هذا؟ ألنه لم يكن يعتقد فيها استحقاق تلك المنزلة، وكان يخاف أن غيره يغلبه وينتهز فرصة : ثم كان زكريا عليه السالم يقول

أنى لك هذا؟ ومن أتاك به؟: شغلها، فكان يسأل ويقول :هو من عند اهللا ال من عند مخلوق، فيكون لزكريا فيه راحتان: وكانت مريم تقول

فلفظة كلما » عليها زكريا المحرابكلما دخل «قوله . إحداهما شهود مقامها وكرامتها عند اهللا تعالى، والثانية أنه لم يغلبه أحد على تعهدها، ولم يسبق بهبل كل يوم وكل وقت كان يتفقد حالها ألن كرامات األولياء -وإن وجد عندها رزقا - وهو أن زكريا عليه السالم لم يذر تعهدها: وفى هذا إشارة» 1«للتكرار

، فما كان زكريا عليه السالم يعتمد على ذلك فيترك تفقد حالها، ثم ليست مما يجب أن يدوم ذلك قطعا فيجوز أن يظهر اهللا ذلك عليهم دائما، ويجوز أال يظهر» 2«لجواز أن يكون الذي هو اليوم ال على الوجه الذي كان باألمس، فإنه ال واجب على اهللا سبحانه » يا مريم أنى لك هذا؟«: كان يجدد السؤال عنها بقوله

إيضاح عن عين التوحيد، وأن رزقه للعباد، وإحسانه إليهم بمقتضى مشيئته، دون أن يكون معلال بطاعاتهم ووسيلة » ر حساب إن الله يـرزق من يشاء بغي «: وقوله .عباداتهم

:قوله جل ذكره ]38آية ) : 3(سورة آل عمران [

)38(إنك سميع الدعاء هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة

.ادةأي لما رأى كرامة اهللا سبحانه معها ازداد يقينا على يقين، ورجاء على رجاء فسأل الولد على كبر سنه، وإجابته إلى ذلك كانت نقضا للع__________

.أي لتكرار زيارة زكريا لها مرة بعد مرة) 1(أنه ال وجوب على اهللا فى إثابة المطيع، ألن طاعة المطيع ليست زينا هللا، ومعصيته -لذي يخالف المعتزلةا -هنا إشارة دقيقة تتصل بمذهب القشيري) 2(

.ليست شيئا هللا، وإنما المعول عليه فضل اهللا وهذا ال علة له، وال وجوب على اهللا فيه

)1/239(

نادته المالئكة وهو قائم يصلي في المحراب قا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين فـ ) 39(أن الله يـبشرك بيحيى مصد

إلجابة فإن السؤال إذا كان اويقال إن زكريا عليه السالم سأل الولد ليكون عونا له على الطاعة، ووارثا من نسله فى النبوة، ليكون قائما بحق اهللا، فلذلك استحق .» 1«ال يكون له الرد - ال لحظ النفس -لحق الحق

.ية ومعجزةوكان زكريا عليه السالم يرى الفاكهة الصيفية عند مريم فى الشتاء، وفاكهة الشتاء عندها فى الصيف، فسأل الولد فى حال الكبر ليكون آ :قوله جل ذكره

]39آية ) : 3(سورة آل عمران [

قا بكلمة من )39(الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين فنادته المالئكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يـبشرك بيحيى مصد .لما سأل السؤال، والزم الباب أتته اإلجابة

.إلى الملوك حاجة فعليه بمالزمة الباب إلى وقت اإلجابة وفيه إشارة إلى أن من له .أنه إنما يقبل باإلجابة على من هو معانق لخدمته، فأما من أعرض عن الطاعة ألقاه فى ذل الوحشة -سبحانه -ويقال حكم اهللاقا بكلمة من الله و : قوله جل ذكره .سيدا وحصورا ونبيا من الصالحين أن الله يـبشرك بيحيى مصد

.قيل سماه يحيى لحياة قلبه باهللا، ولسان التفسير أنه حيى به عقر أمه .ويقال إنه سبب حياة من آمن به بقلبه

.فيما تعبده به أو هو مكون بكلمة اهللا» اهللا«أن تصديقه بكلمة : مصدقا بكلمة من اهللا: قولهالسيد من ليس فى رق مخلوق، تحرر عن أسر هواه وعن كل مخلوق، ويقال السيد من تحقق بعلويته سبحانه، ويقال السيد من فاق أهل : » دا وسي «وقوله

.عصره، وكذلك كان يحيى عليه السالم__________

.الرد هنا معناها الرفض) 1(

)1/240(

قال رب اجعل لي آية قال آيـتك أال تكلم الناس ثالثة أيام إال ) 40(شاء قال رب أنى يكون لي غالم وقد بـلغني الكبـر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يـفعل ما ي بكار رمزا واذكر رب ) 41(ك كثيرا وسبح بالعشي واإل

.ولما أخلص فى تواضعه هللا بكل وجه رقاه على الجملة، وجعله سيدا للجميع. ويقال سيد ألنه لم يطلب لنفسه مقاما، وال شاهد لنفسه قدراويقال متوقيا عن المطالبات، مانعا نفسه عن ذلك تعززا وتقربا، وقيل . ة البشرأي معتقا من الشهوات، مكفيا أحكام البشرية مع كونه من جمل» وحصورا «وقوله

.منعته استئصاالت بواده الحقائق عليه فلم يبق فيه فضل لحظ .أي مستحقا لبلوغ رتبتهم» ونبيا من الصالحين «

:قوله جل ذكره ]40آية ) : 3(سورة آل عمران [

)40(لي غالم وقد بـلغني الكبـر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يـفعل ما يشاء قال رب أنى يكون أنى يكون لى غالم؟: قيل كان بين سؤاله وبين اإلجابة مدة طويلة ولذلك قال

بأى استحقاق منى تكون لى هذه اإلجابة لوال فضلك؟: ويحتمل أنه قال أعلى وجه التبني أم على وجه التناسل؟: ى يكون هذاويحتمل أنه قال أن

ويحتمل أنه يكون من امرأة أخرى سوى هذه التي طعنت فى السن أو من جهة التسرى بمملوكة؟ أم من هذه؟ .ال بل من هذه فإنكما قاسيتما وحشة االنفراد معا، فكذلك تكون بشارة الولد لكما جميعا: فقيل له

:قوله جل ذكره ]41آية ) : 3(ل عمران سورة آ[

بكار قال رب اجعل لي آية قال آيـتك أال تكلم الناس ثالثة أيام إال رمزا واذكر ربك كثير )41(ا وسبح بالعشي واإل .فى أصل اإلجابةطلب اآلية ليعلم الوقت الذي هو وقت اإلجابة على التعيين ال لشك له

.فى إمساك لسانه عن المخلوقين مع انطالقها مع اهللا بالتسبيح، أي ال تمتنع عن خطابى فإنى ال أمنع أوليائى من مناجاتى» 1«وجعل آية واليته __________

.وقد تكون مقبولة فى المعنى أيضا) داللته(وردت ) 1(

)1/241(

باء ) 43(يا مريم اقـنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) 42(يم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين وإذ قالت المالئكة يا مر ذلك من أنـ ) 44(أقالمهم أيـهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يـلقون

.واذكر ربك كثيرا : قوله جل ذكره .بقلبك ولسانك فى جميع أوقاتك

بكار .وسبح بالعشي واإل .فى الصالة الدائبة :قوله جل ذكره

]42ية آ) : 3(سورة آل عمران [

)42(وإذ قالت المالئكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين م تشاهدهيجوز أن يكون هذا ابتداء خطاب من المالئكة على مريم من قبلهم رفعا بشأنها، ويجوز أن تكون قد سمعت كالمهم وشاهدتهم، ويجوز أنها لم

، » 1«إن اهللا اصطفاك بتفضيلك، وإفرادك من أشكالك وأندادك، وطهرك من الفحشاء والمعاصي بجميل العصمة، وعن مباشرة الخلق : وأنهم هتفوا بها .واصطفاك على نساء العالمين فى وقتك

ك بأن حملت بعيسى عليه السالم من غير أب، ولم تشبهك األول اصطفاك بالكرامة والمنزلة وعلو الحالة والثاني اصطفا: ذكر االصطفاء» 2«وفائدة تكرار

.» على نساء العالمين «إلى يوم القيامة، ولذلك قال -ولن تشبهك -امرأة :قوله جل ذكره

]43آية ) : 3(سورة آل عمران [

)43(يا مريم اقـنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين .العبادة، وداومى على الطاعة، وال تقصرى فى استدامة الخدمة، فكما أفردك الحق بمقامك، كونى فى عبادته أو حد زمانك الزمى بساط :قوله جل ذكره

]44آية ) : 3(سورة آل عمران [

)44(يـهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يـلقون أقالمهم أ __________

.ربما يقصد القشيري من ذلك أنه أبعدها عن أن يباشرها الزوج شأن نساء العالمين) 1( .ال لداع متجددألنه ال يرى أن فى القرآن تكرارا إ -الحظ كيف يلتمس القشيري معنى متجددا لكلمة تتكرر بلفظها) 2(

)1/242(

يا واآلخرة ومن المقربين إذ قالت المالئكة يا مريم إن الله يـبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم نـ ال ويكلم الناس في المهد وكه ) 45(وجيها في الد ) 46(ومن الصالحين

.فعزيز خطابنا، وأعز وأتم من أن لو كنت مشاهدا لها -طبناك بمعانيها، وإن قصصنا نحن عليك هذا) خا(أي هذه القصص نحن عرفنا كهاو :قوله جل ذكره

]46الى 45اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

نيا واآلخرة ومن المقر إذ قالت المالئكة يا مريم إن الل ويكلم الناس في المهد وكهال ) 45(بين ه يـبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الد )46(ومن الصالحين

.ن حيث الحظوظ، ولكن بشرها بما أثبت فى ذلك من عظيم اآلية، وكونه نبيا هللا مؤيدا بالمعجزةلم يبشرها بنصيب لها فى الدنيا وال فى اآلخرة مولقد عاشت مريم مدة بجميل الصيت، واالشتهار . ويقال عرفها أن من وقع فى تغليب القدرة، وانتهى عند حكمه يلقى من عجائب القدرة ما ال عهد به ألحد

الذين سكرت أبصارهم » 1«ليس كما ظنه األغبياء -فى التحقيق -الحال بما كان عند الناس بسبب استحقاق مالم، ولكنبالعفة، فشوش عليها ظاهر تلك .من شهود جريان التقدير

.يؤثر فيه عرفها ذلك بالتدريج والتفصيل، فأخبرها أن ذلك الولد يعيش حتى يكلم الناس صبيا وكهال، وأن كيد األعداء ال» 2«(........) وقيل إنه .وقيل كهال بعد نزوله من السماء

.وجاللتهاويقال ربط على قلبها بما عرفها أنه إذا لم ينطق لسانها بذكر براءة ساحتها ينطق اهللا عيسى عليه السالم بما يكون داللة على صدقها __________

.والمعنى والسياق يرفضاتها) األغنياء(وردت ) 1( .مشتبهة) 2(

)1/243(

ويـعلمه الكتاب والحكمة والتـوراة ) 47(را فإنما يـقول له كن فـيكون قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أم نجيل را بإذن الله وأبرئ األكمه إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الط ورسوال ) 48(واإل ير فأنـفخ فيه فـيكون طيـ

) 49( وأنـبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بـيوتكم إن في ذلك آلية لكم إن كنتم مؤمنين واألبـرص وأحي الموتى بإذن الله

:قوله جل ذكره ]47آية ) : 3(سورة آل عمران [

)47(الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يـقول له كن فـيكون قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك .كما شاهدت ظهور أشياء ناقضة للعادة فى رزقنا فكذلك ننقض العادة فى خلق ولد من غير مسيس بشر

.إذا قضى أمرا : قوله جل ذكره .أي أراد إمضاء حكم

.فـيكون فإنما يـقول له كن .فال يتعسر عليه إبداء وال إنشاء

:ولما بسطوا فيها لسان المالمة أنطق اهللا عيسى عليه السالم وهو ابن يوم حتى قال .أني قد جئتكم بآية من ربكم

:قوله جل ذكره ]49الى 48اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

نجيل ويـعلمه الكتاب والحك ة الطير فأنـفخ فيه فـيكون ورسوال إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئ ) 48(مة والتـوراة واإل )49(لك آلية لكم إن كنتم مؤمنين ألبـرص وأحي الموتى بإذن الله وأنـبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بـيوتكم إن في ذطيرا بإذن الله وأبرئ األكمه وا

وأخبر أنه. برص، واإلخبار عما عملوه مسرين به، إلى غير ذلك من معجزاتهوتلك آياته الظاهرة، ودالالته القاهرة الباهرة من إحياء الموتى، وإبراء األكمه واأل

)1/244(

هم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله ربـنا آمنا بما أنـزلت واتـبـعنا الرسول ) 52( آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون فـلما أحس عيسى منـنا مع الشاهدين ر الماكرين ) 53(فاكتبـ ذين كفروا وجاعل الذين إذ قال الله يا عيسى إني متـوفيك ورافعك إلي ومطهرك من ال ) 54(ومكروا ومكر الله والله خيـ

نكم فيما كنت ) 55(م فيه تختلفون اتـبـعوك فـوق الذين كفروا إلى يـوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بـيـ

.على ما نطق به تفصيل القرآن -وأقرهم على البعضمصدق لما تقدمه من الشرائع، ومختص بشريعة تنسخ بعض ما تقدمه، :قوله جل ذكره

]53الى 52اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

هم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمن ربنا آمنا بما أنـزلت واتـبـعنا الرسول ) 52(ا مسلمون ا بالله واشهد بأن فـلما أحس عيسى منـ )53(فاكتبنا مع الشاهدين

.اآلية

وصدق علم أن النبوة ال تنفك عن البالء وتسليط األعداء، فقطع عنهم قلبه، -فمنهم من صدقه ومنهم من كذبه وهم األكثرون -حين بلغهم الرسالة واختلفوامن أنصارى إلى اهللا ليساعدونى على التجرد لحقه والخلوص فى قصده؟ فقال من انبسطت عليهم آثار العناية، واستخلصوا بآثار : إلى اهللا قصده، وقال لقومه

.شىء مما نحن فيه» 1«نحن أنصار اهللا، آمنا باهللا، واشهد علينا بالصدق، وليس يشكل عليك : التخصيصوا له المكائد، ومكروا ولكن أذاقهم اهللا وبال ما أنـزلت واتـبـعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين وأما الباقون فجدوا فى الشقاق، وبالغوا فى العداوة، ودس ربنا آمنا ب

رفع عيسى عليه السالم نبيه ووليه، وحق الطرد -سبحانه -فاهللا. مكرهم، فتوهموا أنهم صلبوا عيسى عليه السالم وقتلوه، وذلك جهل منهم، ولبس عليهم :واللعن على أعدائه، وهذا مكره بهم

]55آية ) : 3(سورة آل عمران [

نكم بـعوك فـ إذ قال الله يا عيسى إني متـوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتـ وق الذين كفروا إلى يـوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بـيـ )55(فيما كنتم فيه تختلفون

.إذ قال الله يا عيسى إني متـوفيك : قوله جل ذكره وت البشرية، ومطهرك من إرادتك بالكلية، حتى تكون مصرفا بنا لنا، وال يكون عليك منفيه إنى متوفيك عنك، وقابضك منك، ورافعك من نع» 2«اإلشارة

__________ ) عليك(، ألن هذا الترجيح يقوى المعنى، إذ يفصح عن مدى صحة إيمانهم، أما إذا كانت » شىء مما نحن فيه) علينا(يشكل «: نرجح أنها فى األصل) 1(

.أمر من أمورهم، بدليل ما أفصحوا عنه فى اآلية التالية) عليه(ن أنفسهم، وطلبوا إليه أال يستشكل فيكون المعنى أن أنصاره طمأنوه ع .تخدم هذه اإلشارة فى إبراز وتدعيم واحدة من أخطر قضايا الفكر الديني) 2(

)1/245(

لوه عليك من اآليات والذكر الحكيم الحق من ربك فال تكن من ) 59(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تـراب ثم قال له كن فـيكون ) 58(ذلك نـتـ ) 60(الممترين

.جلت -وبهذا الوصف كان يظهر على يده إحياء الموتى، وما كانت تلك األحداث حاصلة إال بالقدرة. ن إسبال التولي عليك قائما عليكاختيارك شىء، ويكو .ويقال طهر قلبه عن مطالعة األغيار، ومشاهدة األمثال واآلثار، فى جميع األحوال واألطوار

.فروا إلى يـوم القيامة وجاعل الذين اتـبـعوك فـوق الذين ك .بالنصرة والقهر والحجة

يوم -وهم المؤمنون، فهم على الحق، إلى يوم القيامة لهم النصرة، ثم إن اهللا سبحانه يحكم -ومتبعوه من لم يبدل دينه ومن هو على عقيدته فى التوحيد .ؤمنون ففى النعيمفأما الكفار ففى الجحيم وأما الم. بينه وبين أعدائه - القيامة

:قوله جل ذكره ]58آية ) : 3(سورة آل عمران [

لوه عليك من اآليات والذكر الحكيم )58(ذلك نـتـ .ستداللاالذلك نتلوه عليك يا محمد، نعرفك معانيه بما نوحى إليك، ال بتكلفك ما تصل إلى علمه، أو بتعلمك من األمثال، أو استنباطك ما تنزع من

:قوله جل ذكره ]59آية ) : 3(سورة آل عمران [

)59(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فـيكون

ص نفخ الروح فيه على وجه اإلعزاز، وهما وإن بتطهير الروح عن التناسخ فى األصالب وأفرد آدم بصفة البدء وعيسى عليه السالم بتخصي» 1«اآلية خصهما :كانا كبيرى الشأن فنقص الحدثان والمخلوقية الزم لهما

.ثم قال له كن فـيكون :قوله جل ذكره

]60آية ) : 3(سورة آل عمران [

)60(الحق من ربك فال تكن من الممترين اآلية

__________ .والصحيح خصهما لعودة الفعل على آدم وعيسى عليهما السالم) خصها(وردت ) 1(

)1/246(

ناءكم ونساءن ناءنا وأبـ فسكم ثم نـبته فمن حاجك فيه من بـعد ما جاءك من العلم فـقل تـعالوا ندع أبـ فسنا وأنـ ل فـنجعل لعنت الله على الكاذبين ا ونساءكم وأنـ ) 63(فإن تـولوا فإن الله عليم بالمفسدين ) 62(إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إال الله وإن الله لهو العزيز الحكيم ) 61(

وجودها » 1«(.....) والموجودات التي . ال يماثله فى اإليجاد أحد، وال على إثبات بينه لمخلوق قدرة - سبحانه -ا محمد، فال تشكن فى أنهالحق من ربك ي .من اهللا مبدؤها وإليه عودها - عن كتم العدم :قوله جل ذكره

]61آية ) : 3(سورة آل عمران [

فسكم ثم نـ فمن حاجك فيه من بـعد ما جاءك فسنا وأنـ بتهل فـنجعل لعنت الله على الكاذبين من العلم فـقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنـ)61(

طبناك، فال تحتشم من حملهم على المباهلة، وثق بأن لك القهر والنصرة، وأنا اآلية يعنى بعد ما ظهرت على صدق ما يقال لك، وتحققت بقلبك معرفة ما خاذلك عنهم لعلمه بمن فى -سبحانه - توليناك، وفى كنف قربنا آويناك، ولو أنهم رغبوا فى هذه المباهلة ألحرقت األودية عليهم نيرانا مؤججة، ولكن أخر اهللا

.» 2«أصالبهم من المؤمنين .اآلية لمن نزلت حالته عن أحوال الصديقين، فإنه إذا ظهرت أنوارهم انخنست آثار هؤالء فال إقرار، وال عنهم آثار واإلشارة فى هذه :قوله جل ذكره

]63الى 62اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

)63(فإن تـولوا فإن الله عليم بالمفسدين ) 62(زيز الحكيم إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إال الله وإن الله لهو الع .» 4«مخلوق، وال يدانيه معلوم يحصره الوجود، أو موهوم يصوره التقدير » 3«ال يتسلط على شواهد التوحيد غبار شبهة، وال يدرك سر حكمه وهم

.فإنه ال ثبات عند شعاع أنوارك لشبهة مبطل -يا محمد -بالمفسدين فإن تولوا فإن تـولوا فإن الله عليم .حتى إذا استمكنت ظنونهم يأخذهم بغتة وهم ال ينصرون» 6«، أو يحلم » 5«إما يجتاحهم » فإن الله عليم بالمفسدين «

__________ .مشتبهة) 1( . [.....]خالفينهذا تعليل ممتع إلمهال الم) 2(

.وهى مناسبة للسياق) وهم(وهى خطأ من الناسخ، ونظن أن األصل ) وهو(وردت ) 3( .» وكل ما تصوره األوهام فاهللا بخالف ذلك«: للقشيرى عبارة فى نفس الموضوع وردت فى مستهل رسالته) 4( .وهى خطأ من الناسخ) يحتاجهم(وردت ) 5( .من الحلم، ويكون المعنى على هذا األساس أنه إما أن يعجل بانتقامه فيجتاحهم أو يمهلهم بحلمه ثم يبغتهم) أو يحلم(والمالئم للمعنى ) ويحكم(وردت ) 6(

)1/247(

نكم أال نـعبد إال الله وال نش نـنا وبـيـ يئا وال يـتخذ بـعضنا بـعضا أربابا من دون الله فإن تـولوا فـقولوا اشهدوا بأنا رك به ش قل يا أهل الكتاب تـعالوا إلى كلمة سواء بـيـنجيل إال من بـعده ) 64(مسلمون راهيم وما أنزلت التـوراة واإل تم هؤالء حاججتم فيما لكم به علم ) 65(أفال تـعقلون يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبـ ها أنـ

تم ال تـعلمون ) 66(فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يـعلم وأنـ

:قوله جل ذكره ]64آية ) : 3(سورة آل عمران [

نكم أال نـعبد إال الله وال نشرك به شيئا وال يـتخ قل يا أهل الكتا ننا وبـيـ ذ بـعضنا بـعضا أربابا من دون الله فإن تـولوا فـقولوا اشهدوا بأنا ب تعالوا إلى كلمة سواء بـيـ )64(مسلمون

.وحيد وإفراد الحق سبحانه فى إنشاء األشياء بالشهوداآلية هى كلمة التوكما ال يكون غيره معبودك فينبغى أال يكون غيره مقصودك وال مشهودك، وهذا هو اتقاء الشرك، وأنت . ال تطالع بسرك مخلوقا: » أال نـعبد إال الله «: وقوله

.أول األغيار الذين يجب أال تشهدهم .ويظهر صدق هذا بترك المدح والذم لهم» بـعضنا بـعضا أربابا وال يـتخذ «

.» أصدق كلمة قالتها العرب قول لبيد«ونفى الشكوى والشك عنهم، وتنظيف السر عن حسبان ذرة من المحو واإلثبات منهم قال صلى اهللا عليه وسلم »1«وكل نعيم ال محالة زائل ... أال كل شىء ما خال اهللا باطل

وأما أهل البداية فاألمر مضيق عليهم فى الوظائف واألوراد، فسبيلهم األخذ بما هو األشق واألصعب، لفراغهم . فإن الذي على قلوبهم من المشاق أشد .، فمن ظن بخالف هذا فقد غلط» 2«بقلوبهم من المعاني

:واإلشارة من هذه اآلية أيضا فى قوله جل ذكره ]65آية : ) 3(سورة آل عمران [

نجيل إال من بـعده أفال تـ )65(عقلون يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التـوراة واإل .اآلية...

-وحكم بتعارض شبهاتهم، وكيف يكون إبراهيمنقاب الضنة وحجاب الغيرة، فقطع سببه عن جميعهم بعد ادعاء الكل فيه، -صلوات اهللا -ضرب على خليله .إن هذا تناقض من الظن! على دين من أتى بعده؟ -عليه السالم

:ثم قال ]66آية ) : 3(سورة آل عمران [

تم هؤالء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يـع تم ال تـعلمون ها أنـ )66(لم وأنـ__________

.رواه الشيخان عن أبى هريرة) 1( .هنا كل ما تميل إليه النفس، والنفس محل المعلوالت) المعاني(المقصود من ) 2(

)1/248(

راهيم يـهوديا وال نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وم راهيم للذين اتـبـعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي ) 67(ا كان من المشركين ما كان إبـ إن أولى الناس بإبـفسهم وما يشعرون ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إال ) 68(المؤمنين ) 69(أنـ

وال لكم إلى معرفته يعنى ما كان فى كتابكم له بيان، ويصح أن يكون لكم عليه برهان، فخصهم فى ذلك إما بحق وإما بباطل، فالذى ليس لكم البتة عليه دليل :قوله جل ذكره! سبيل فكيف تصديتم للحكم فيه، وادعاء اإلحاطة به؟

]67آية ) : 3(ران سورة آل عم[

)67(ما كان إبراهيم يـهوديا وال نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين م كان حنيفا ال مائال وإبراهيم عليه السال. » 1«الحنيف المستقيم على الحق، واألحنف هو المستقيم فى حلقة الرجل، ويسمى مائل القدم بذلك على التفاؤل

.إلى حكم اهللا وانتظار أمره -عن الحق، وال زائغا عن الشرع، وال معرجا على شىء فيه نصيب للنفس، فقد سلم ماله ونفسه وولده، وما كان له به جملة :قوله جل ذكره

]68آية ) : 3(سورة آل عمران [

)68(بـعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتـ بعضهم أولى لما تفرقت األهواء والبدع وصار كل حزب إلى خطأ آخر، بقي أهل الحق فى كل عصر وكل حين ووقت على الحجة المثلى، فكانوا حزبا واحدا، ف

على الدين الذي كان عليه إبراهيم عليه السالم وهو توحيد اهللا -كمثل رسولنا صلى اهللا عليه وسلم وأمته - ينهوإبراهيم صاحب الحق، ومن دان بد. ببعض .سبحانه وتعالى

.ألنهم تولوا دينه، ووافقوا توحيده، ووالية اهللا إنما تكون بالعون والنصرة والتخصيص والقربة» والله ولي المؤمنين « :هقوله جل ذكر

]69آية ) : 3(سورة آل عمران [

فسهم وما يشعرون )69(ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إال أنـ رضى لجميع الناس ما حل به، -من حلت به فتنة، وأصابته محنة، واستهوته غواية

__________ .ضداد مستقيم ومائلفكلمة حنيف من األ) 1(

)1/249(

تم تشهدون تم تـعلمون ) 70(يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنـ وقالت طائفة من أهل ) 71(يا أهل الكتاب لم تـلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنـوال تـؤمنوا إال لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يـؤتى أحد ) 72(الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النـهار واكفروا آخره لعلهم يـرجعون

) 73(و يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يـؤتيه من يشاء والله واسع عليم مثل ما أوتيتم أ

.فأهل الكتاب يريدون بالمؤمنين أن يزيغوا عن الحق، ولكن أبى اهللا إال أن يتم نوره، وأن يعود إليهم وبال فعلهم :قوله جل ذكره

]70آية ) : 3(مران سورة آل ع[

تم تشهدون )70(يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنـ ، فما الذي يحملكم على غيكم حتى جحدتم ما علمتم؟» 2«على صحة نبوته - صلى اهللا عليه وسلم -بعثه» 1«قبل

:قوله جل ذكره ]71آية ) : 3(سورة آل عمران [

تم تـعلمون يا أهل ا )71(لكتاب لم تـلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنـن ينافق فى حالته، تكتمون الحق فى شأن محمد عليه السالم وأنتم تعلمون أنه النبي الصادق، وهل هذا إال حكم الخذالن وقضية الحرمان، ثم أخبر أن منهم م

دهم نه أذى المسلمين، وال يخالف إخوانه من الكافرين، فتواصوا فيما بينهم بموافقة الرسول عليه السالم والمسلمين جهرا، والخلوص فى عقائفيريد أن يدفع ع .الفاسدة بعضهم مع بعض سرا

:قوله جل ذكره ]73الى 72اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

وال تـؤمنوا إال لمن تبع دينكم قل إن الهدى ) 72(ا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يـرجعون وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنو )73(ربكم قل إن الفضل بيد الله يـؤتيه من يشاء والله واسع عليم هدى الله أن يـؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند

عليه، وأما فى اآلخرة فلفقد -فبين اهللا سبحانه أن نفاقهم كشف للمسلمين، وأن ذلك ال ينفعهم أما فى الدنيا فإلطالع اهللا نبيه عليه السالم والمؤمنين .إخالصهم فيه .وال تـؤمنوا إال لمن تبع دينكم اآلية: قوله جل ذكره

__________ ...تشهدون قبل بعثه على صحة نبوته -يا أهل الكتاب -وهى خطأ في النسخ، ويكون المعنى أنتم) قيل(فى ص ) 1( .وهى خطأ فى النسخ) نبوية(فى ص ) 2(

)1/250(

هم من إن تأمنه بدينار ال يـ ) 74(اء والله ذو الفضل العظيم يختص برحمته من يش ؤده إليك إال ما دمت ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يـؤده إليك ومنـنا في األميين سبيل ويـقولون على الله الكذب وهم يـعلمون عليه قائما ذلك بأنـهم قالوا ليس ) 75(عليـ

.يحتمل أن يكون هذا ابتداء أمر من اهللا سبحانه للمسلمين، واإلشارة فيه أال تعاشروا األضداد، وال تفشوا أسراركم لألجانب .قل إن الفضل بيد الله

.الذي يختص من يشاء بأنوار التعريف، ويختص من يشاء بالخذالن والحرمان فهو

:قوله جل ذكره ]74آية ) : 3(سورة آل عمران [

)74(يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم وال بد من إضمار فيحتمل أن يختص بالرحمة من يشاء فال تجرى الرحمة . هيختص من يشاء بفنون إنعامه، فالرحمة على هذا سبب لتخصيص النعمة لمن أراد .مجرى السبب فالرحمة على هذا التأويل تكون بمعنى النبوة وتكون بمعنى الوالية

.يختص برحمته، أي بنعمته: عبدا من عباده، فيدخل تحت قوله -بشىء منها -وبمعنى العصمة وجميع أقسام الخيرات التي يختص ن بعطاء األبشار، م اختصهم بنعمة األخالق وقوم اختصهم بنعمة األرزاق، وقوم اختصهم بنعمة العبادة وآخرين بنعمة اإلرادة، وآخرين بتوفيق الظواهر وآخريفقو

.» وإن تـعدوا نعمة الله ال تحصوها«: وآخرين بلقاء األسرار، قال تعالى .، وإنما األمر باالبتداء والمشيئة» 1«، علموا أن الوسائل ليست بهادية » ص برحمته من يشاء يخت «: ويقال لما سمعوا قوله

.ويقال يختص برحمته من يشاء بالفهم عنه فيما يكاشفه به من األسرار ويلقيه إليه من فنون التعريفات :قوله جل ذكره

]75آية ) : 3(سورة آل عمران [

هم من إن تأمنه بدينار ال يـؤده إليك إال ومن أهل الك ما دمت عليه قائما ذلك بأنـهم قالوا ليس علينا في األميين سبيل تاب من إن تأمنه بقنطار يـؤده إليك ومنـ )75(ب وهم يـعلمون ويـقولون على الله الكذ

اآلية... __________

رواه الشيخان » إال أن يتغمدنى اهللا برحمته. وال أنا: وال أنت يا رسول اهللا؟ قال: إنه لن يدخل أحدكم الجنة عمله، قالوا«: وصدق الرسول الكريم حين قال) 1( عن عائشة

)1/251(

يهم ولهم عذاب أليم ه وأيمانهم ثمنا قليال أولئك ال خالق لهم في اآلخرة وال يكلمهم الله وال يـنظر إ إن الذين يشتـرون بعهد الل ) 77(ليهم يـوم القيامة وال يـزكهم لفريقا يـلوون ألسنتـهم ند الله ويـقولون على الله الكذب وهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويـقولون هو من عند الله وما هو من ع وإن منـ

) 78(يـعلمون

هم خونة فى أمانة الدين، ولكن منهم من يرجع إلى سداد المعاملة ثم وإن كانت معاملتهم متفاوتون فى أخالقهم، فكل -مع ضاللتهم وكفرهم -أخبر أنهمقل ذنبا كانوا بالصدق فال ينفعهم ذلك فى إيجاب الثواب ولكن ينفعهم من حيث تخفيف العذاب إذ الكفار مطالبون بتفصيل الشرائع، فإذا كانوا فى كفرهم أ

.وإن كانت عقوبتهم أيضا مؤبدة باإلضافة إلى األخسرين أقل عذابا، :ثم بين أنه ليس الحكم إليهم حتى إذا

.قالوا ليس علينا في األميين سبيل .فال تجرى عليهم هذه الحالة، أو تنفعهم هذه القالة، بل الحكم هللا تعالى

:قوله جل ذكره ]77آية ) : 3(سورة آل عمران [

يهم ولهم عذاب أليم ون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليال أولئك ال خالق لهم في اآلخرة وال يكلمهم الله والإن الذين يشتـر )77(يـنظر إليهم يـوم القيامة وال يـزك

.على موافقة موالهم أولئك ال نصيب لهم فى اآلخرة فلالستماع بما اختاروا من العاجل خسروا فى الدارين الذين آثروا هواهم على عقباهم، وقدموا مناهمال يكلمهم اهللا وال ينظر إليهم يوم القيامة وال يزكيهم، ثم مع هذا : بقوا عن الحق، وما استمتعوا بحظ، جمع عليهم فنون المحن ولكنهم ال يدرون ما أصابهم

.قوبة األبديةيخلدهم فى الع :قوله جل ذكره

]78آية ) : 3(سورة آل عمران [

هم لفريقا يـلوون ألسنتـهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويـق على الله الكذب وهم ولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويـقولون وإن منـ )78(يـعلمون

)1/252(

ة ثم يـقول للناس كونوا عبادا لي لمون الكتاب وبما كنتم تدرسون من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تـع ما كان لبشر أن يـؤتيه الله الكتاب والحكم والنبـو)79 (

.اإلشارة من هذه اآلية إلى المبطلين فى الدعاوى فى هذه الطريقةما ون أن لهم تحقيقيزينون العبارات، ويطلقون ألسنتهم بما ال خبر فى قلوبهم منه، وال لهم بذلك تحقيق، تلبيسا على األغبياء والعوام وأهل البداية يوهم

.يقولونه بألسنتهم، كذلك أرباب التلبيس والتدليس، يروجون قالتهم على المستضعفين، فأما أهل الحقائق » لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب «قال تعالى فى صفة هؤالء .فأسرارهم عندهم مكشوفة

، أي يعلمون أنهم كاذبون، كذلك أهل الباطل والتلبيس فى هذه الطريقة يتكلمون عن قلوب خربة، » وهم يـعلمون ويـقولون على الله الكذب «قال اهللا تعالى :قوله جل ذكره! وأسرار محجوبة، نعوذ باهللا من استحقاق المقت

]79آية ) : 3(سورة آل عمران [

ة ثم يـقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم ما كان لبشر أن يـؤتيه الله الكتاب والحك تـعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون م والنبـو)79(

إياهم للنبوة يتضمن -سبحانه -أو يقول بإثبات نفسه وحظه، ألن اختيارهأي ليس من صفة من اخترناه للنبوة واصطفيناه للوالية أن يدعو الخلق إلى نفسه، ولكن «: إلى اهللا سبحانه وتعالى، وهو معنى قوله تعالى -للخلق -عصمتهم عما ال يجوز، فتجويز ذلك فى وصفهم مناف لحالهم، وإنما دعاء الرسل واألولياء

.وبابه... لخلق بأن يكونوا ربانيين، والربانى منسوب إلى الرب كما يقال فالن دقيانى ولحيانى أي إنما أشار بهم على ا» كونوا ربانيين أنفسهم، ينطقون وهم العلماء باهللا الحلماء فى اهللا القائمون بفنائهم عن غير اهللا، المستهلكة حظوظهم، المستغرقون فى حقائق وجوده عن إحساسهم بأحوال

.رون باهللا، فهم باهللا محو عما سوى اهللاباهللا ويسمعون باهللا، وينظ

)1/253(

) 80(مسلمون وال يأمركم أن تـتخذوا المالئكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بـعد إذ أنـتم

.سبحانه -ويقال الرباني من ارتفع عنه ظل نفسه، وعاش فى كنف ظله .ويقال الرباني الذي ال يثبت غير ربه موحدا، وال يشهد ذرة من المحو واإلثبات لغيره أو من غيره

.ومحو عن شهوده، فالقائم عنه غيره، والمجرى لما عليه سواه -سبحانه -ويقال الرباني من هو محق فى وجوده .ويقال الربانى الذي ال تؤثر فيه تصاريف األقدار على اختالفها

.فهو على حالة واحدة فى اختالف الطوارق -ويقال الرباني الذي ال تغيره محنة وال تضره نعمة .فليس بربانى -ويقال الربانى الذي ال يتأثر بورود وارد عليه، فمن استنطقته رقة قلب، أو استماله هجوم أمر، أو تفاوتت عنده أخطار حادث

.ىء من الحوادث بقلبه وسره، ومن كان ال يقصر فى شىء من الشرع بفعلهويقال إن الرباني هو الذي ال يبالى بش .من توالى إحسانى إليكم، وتضاعف نعمتى لديكم» بما كنتم تـعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون «

:قوله جل ذكره ]80آية ) : 3(سورة آل عمران [

تم مسلمون وال يأمركم أن تـتخذوا ا )80(لمالئكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بـعد إذ أنـ .أي ال تنسبون إليهم ذرة من اإلثبات فى الخير والشر

.ويقال يعرفكم حد البشرية وحق الربوبيةتم مسلمون «. إلى الربوبية» 1«باإلضافة -ويقال يأمركم بتوقيرهم من حيث األمر والشريعة، وتحقير قدر الخلق أيأمركم بإثبات » أيأمركم بالكفر بـعد إذ أنـ

الخلق بعد شهود الحق؟__________

.جالل الربوبية وعظمتها) بالنسبة إلى(معناها ) باإلضافة إلى الربوبية(وتحقير قدر الخلق ) 1(

)1/254(

به ولتـنصرنه قال أأقـررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا ميثاق النبيين لما آتـيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتـؤمنن وإذ أخذ الله غون وله أسلم من في السماوات واألرض ) 82(فمن تـولى بـعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) 81(معكم من الشاهدين أقـررنا قال فاشهدوا وأنا ر دين الله يـبـ أفـغيـ

راهيم وإسماعيل وإسحاق ويـعقوب واألسباط وما أوتي قل آمنا بالله و ) 83(طوعا وكرها وإليه يـرجعون نا وما أنزل على إبـ موسى وعيسى والنبيون من ما أنزل عليـهم ونحن له مسلمون ) 84(ربهم ال نـفرق بـين أحد منـ

.بمطالعة األشكال، ونسبة الحدثان إلى األمثال، بعد أن الحت فى أسراركم أنوار التوحيد، وطلعت فى قلوبكم شموس التفريدأيأمركم «ويقال :قوله جل ذكره

]82الى 81اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

صري قالوا جاءكم رسول مصدق لما معكم لتـؤمنن به ولتـنصرنه قال أأقـررتم وأخذتم على ذلكم إ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتـيتكم من كتاب وحكمة ثم )82(فاسقون فمن تـولى بـعد ذلك فأولئك هم ال ) 81(أقـررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين

سبحانه، وهذا غاية التشريف للرسول -اآلية أخذ اهللا ميثاق محمد صلى اهللا عليه وسلم على جميع األنبياء عليهم السالم، كما أخذ ميثاقهم فى اإلقرار بربوبيتهبة، ثم سهل سبيل الكافة فى معرفة جالله بما أظهر عليه عليه السالم، فقد قرن اسمه باسم نفسه، وأثبت قدوه كما أثبت قدر نفسه، فهو أوحد الكافة فى الرت

.من المعجزاتفمن حاد عن سنته، أو زاغ عن اتباع طريقته بعد ظهور دليله، ووضوح معجزته فأولئك هم الذين خبثت : فمن تـولى بـعد ذلك فأولئك هم الفاسقون اإلشارة فيه

.دهم، وسقوطهم عن تعلق العناية بهمدرجتهم، ووجب المقت عليهم لجح

:قوله جل ذكره ]83آية ) : 3(سورة آل عمران [

غون وله أسلم من في السماوات واألرض طوعا وكرها وإليه يـرجعون ر دين الله يـبـ )83(أفـغيـومغاليط الحسبانات مقطعة مشكلة فمن حل . كراء السراب ظنه ماء فلما أتاه وجده هباء» 1«األهلية من الحظه على غير الحقيقة، أو طالع سواه فى توهم

.بها نزل بواد قفر .إلجراء حكم اإللهية على وجه القهر عليهم» وله أسلم من في السماوات واألرض طوعا وكرها «

:قوله جل ذكره ]84آية ) :3(سورة آل عمران [

هم قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويـعقوب واألسبا ط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم ال نـفرق بـين أحد منـ )84( ونحن له مسلمون

__________ ناس كونوا عبادا األهلية معناها االستحقاق، استحقاق كل تقديس، وال نستبعد أنها فى األصل األلوهية ألن السياق يسير متحدثا عن البشر الذين يقولون لل) 1(

.لنا، وعن المالئكة والنبيين ووجوب عدم اتخاذهم أربابا

)1/255(

سال ر اإل كيف يـهدي الله قـوما كفروا بـعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم ) 85(م دينا فـلن يـقبل منه وهو في اآلخرة من الخاسرين ومن يـبتغ غيـ ) 86(البـيـنات والله ال يـهدي القوم الظالمين

.ا باهللا ال بنفوسنا أو حولنا أو قوتناآمنواكتسابنا، ولوال أنه عرفنا أنه من هو ما عرفنا وإال فمتى » 1«ال بحولنا واختيارنا، وجهدنا -باهللا سبحانه -وآمنا بما أنزل علينا باهللا، وأنا ال نفرق بين أحد منهم

.» 2«! علمنا ذلك؟ :قوله جل ذكره

]85آية ) : 3(سورة آل عمران [

سالم دينا فـلن يـقبل منه وهو في اآلخرة من الخاسرين ر اإل )85(ومن يـبتغ غيـ .من المغاليط ال مدى لقعرها» 3«من سلك غير الخمود تحت جريان حكمه سبيال زلت قدمه فى وهدة

.من ربحهويقال من توسل إليه بشىء دون االعتصام به فخسرانه أكثر .ويقال من لم يفن عن شهود الكل لم يصل إلى من به الكل

.ويقال من لم يمش تحت راية المصطفى صلى اهللا عليه وسلم المعظم فى قدره، المعلى فى وصفه، لم يقبل منه شىء وال ذرة :قوله جل ذكره

]86آية ) : 3(سورة آل عمران [

)86(ا بـعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البـينات والله ال يـهدي القوم الظالمين كيف يـهدي الله قـوما كفرو __________

.وهى خطأ من الناسخ) وجحدتا(وردت ) 1( ) . [.....]156الة ص الرس. (عرفت ربى بربي ولوال ربى ما عرفت ربى: قارن ذلك بعبارة ذى النون المصري) 2( .بالحاء) وحدة(أخطأ الناسخ حين كتبها ) 3(

)1/256(

هم العذاب وال هم يـنظرون ) 87(أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والمالئكة والناس أجمعين إال الذين تابوا من بـعد ذلك ) 88(خالدين فيها ال يخفف عنـ ) 90( إن الذين كفروا بـعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تـقبل تـوبـتـهم وأولئك هم الضالون ) 89(فور رحيم وأصلحوا فإن الله غ

من أبعده عن استحقاق الوصلة فى سابق حكمه فمتى يقربه من بساط الخدمة بفعله فى وقته؟ .متى أدناه صدق العمل؟ واهللا غالب على أمره» 2«) األول(حكم » 1«الذي أقصاه : ويقال

:قوله جل ذكره ]89الى 87اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

هم العذاب ) 87(أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والمالئكة والناس أجمعين إال الذين تابوا من بـعد ذلك ) 88(وال هم يـنظرون خالدين فيها ال يخفف عنـ )89(وأصلحوا فإن الله غفور رحيم

.د والمذلةأولئك قصارى حالهم ما سبق لهم من حكمه فى ابتداء أمرهم، ابتداؤهم رد القسمة، ووسائطهم الصد عن الخدمة، ونهايتهم المصير إلى الطر هم العذاب وال هم يـنظرون خالدين فى تلك المذلة ال يفتر عنهم العذاب لحظة، وال يخفف .دونهم الفراق ساعة خالدين فيها ال يخفف عنـ

الرحمة، ولم يكونوا فى شق السبق من تلك الجملة، وإن كانوا فى توهم إال الذين تابوا من بـعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم أولئك هم الذين تداركتهم .الخلق من تلك الزمرة

:قوله جل ذكره ]90آية ) : 3(سورة آل عمران [

)90(إن الذين كفروا بـعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تـقبل تـوبـتـهم وأولئك هم الضالون أن الذين رجعوا إلى أحوال أهل العادة بعد سلوكهم طريق اإلرادة،: اإلشارة منه

__________ فذلك أقرب إلى طبيعة أسلوب القشيري فى هذا -التي جاءت بعدها) أدناه(بالصاد حتى تتالءم مع ) أقصاه(ونحن نرجح أن تكون ) أقضاه(وردت ) 1(

.السياق ) .األزل(يل إلى أنها فى األصل هكذا كتبها الناسخ، ونحن نم) 2(

.فالقشيرى يعتقد أن األقسام سبقت فى األزل وأن قيمة اإلنسان مرتهنة بذلك

)1/257(

لن تـنالوا البر حتى ) 91(عذاب أليم وما لهم من ناصرين ه أولئك لهم إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فـلن يـقبل من أحدهم ملء األرض ذهبا ولو افـتدى ب ) 92(تـنفقوا مما تحبون وما تـنفقوا من شيء فإن الله به عليم

وأولئك هم «لن تقبل توبتهم، -، وازدادوا فى وحشة ظلماتهموآثروا الدنيا ومطاوعة الهوى على طلب الحق سبحانه وتعالى، ثم أنكروا على أهل الطريقةوعقوبتهم أنهم على ممر األيام ال يزدادون إال نفرة قلب عن الطريقة، وال يتحسرون على ما . عن طريق الحق فإنه ال يقبل األمانة بعد ظهور الخيانة» الضالون

هم لها لقبلت توبتهم، ولكن الحق سبحانه أجرى سنته مع أصحاب الفترة فى هذه الطريقة إذا رجعوا إلى ولو أنهم رجعوا عن إصرار . فاتهم من صفاء الحالة .أصول العادة أال يتأسفوا على ما مضى من أوقاتهم

سالم ألشد عداوة للمسلمين من الكافر األصلى، فكذلك الراجع عن هذه وإن المرتد عن اإل» ونـقلب أفئدتـهم وأبصارهم كما لم يـؤمنوا به أول مرة «: قال تعالى .الطريقة ألشد إنكارا لها وأكثر إعراضا عن أهلها من األجنبى عنها

:قوله جل ذكره ]91آية ) : 3(سورة آل عمران [

)91(لء األرض ذهبا ولو افـتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فـلن يـقبل من أحدهم م فال يحشر فى اآلخرة مع أهل هذه القصة، ولو تشفع له ألف عارف، بل من كمال المكر به أنه -وإن كانت له بداية حسنة -لمن مات بعد فترته: اإلشارة منه .فال يخطر ببال أحد أنه ينبغى أن يشفع له -ى اآلخرة على غيره حتى يتوهم معارفه من أهل المعرفة أنه هويلقى شبهه ف :قوله جل ذكره

]92آية ) : 3(سورة آل عمران [

)92( لن تنالوا البر حتى تـنفقوا مما تحبون وما تـنفقوا من شيء فإن الله به عليم . فمن أراد البر فلينفق مما يحبه أي البعض، ومن أراد البار فلينفق جميع ما يحبه» مما تحبون «: التي للتبعيض فقال» من«لما كان وجود البر مطلوبا ذكر فيه

.هومن أنفق محبوبه من الدنيا وجد مطلوبه من الحق تعالى، ومن كان مربوطا بحظوظ نفسه لم يحظ بقرب رب منهم من ينفق على » وما تـنفقوا من شيء فإن الله به عليم «. ويقال إذا كنت ال تصل إلى البر إال بإنفاق محبوبك فمتى تصل إلى البار وأنت تؤثر عليه حظوظك

مالحظة الجزاء

)1/258(

بل أن تـنـزل التـوراة قل فأتوا بالتـوراة فاتـلوها إن كنت كل الطعام كان حال لبني إسرائيل إال ما ح فمن افـتـرى على الله ) 93(م صادقين رم إسرائيل على نـفسه من قـة ) 95(ه فاتبعوا ملة إبـراهيم حنيفا وما كان من المشركين قل صدق الل ) 94(الكذب من بـعد ذلك فأولئك هم الظالمون إن أول بـيت وضع للناس للذي ببك

) 96(مباركا وهدى للعالمين

:علمه، قال قائلهموالعوض، ومنهم من ينفق على مراقبة دفع البالء والحزن، ومنهم من ينفق اكتفاء ب شمائله -عند سلمى -لتذكر يوما... ويهتز للمعروف فى طلب العلى

:قوله جل ذكره ]94الى 93اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

بل أن تـنـزل التـ فمن افـترى على الله ) 93(وراة قل فأتوا بالتـوراة فاتـلوها إن كنتم صادقين كل الطعام كان حال لبني إسرائيل إال ما حرم إسرائيل على نـفسه من قـ )94(الكذب من بـعد ذلك فأولئك هم الظالمون

-توسعة ورفقة إلى أن يحصل فيه أمر وشرع فإن اهللا -هسبحان -األصل فى األشياء أال يشرع فيها بالتحليل والتحريم، فما ال يوجد فيه حد فذلك من الحق، فسبيلهم األخذ بما هو األسهل لتمام ما هم به من أحكام القلوب، فإن الذي على قلوبهم من المشاق » 1«وسع أحكام التكليف على أهل النهاية -سبحانههم األخذ بما هو األشق واألصعب لفراغهم بقلوبهم من المعاني، فمن ظن بخالف هذا وأما أهل البداية فاألمر مضيق عليهم فى الوظائف واألوراد فسبيل. أشد

.فقد غلط »فمن افـترى على الله الكذب «: واإلشارة من هذه اآلية أيضا فى قوله

.وعزيز عبد يفرق بين الخواطر والهواجس. رئ عنهاهواجسها، واهللا ب -سبحانه -إلى أحوال أهل الدعاوى والمغاليط فإنهم يخلون بنفوسهم فينسبون إلى اهللا :قوله جل ذكره

]95آية ) : 3(سورة آل عمران [

)95(قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين .فى التحقيق -بقية فإثبات ذرة فى الحسبان من الحدثان شركملة إبراهيم الخروج إلى اهللا بالكلية، والتسليم لحكمه من غير أن تبقى

:قوله جل ذكره ]96آية ) : 3(سورة آل عمران [

ة مباركا وهدى للعالمين )96(إن أول بـيت وضع للناس للذي ببك__________

.أهل النهاية هم العوام، وأهل البداية هم الخواص) 1(

)1/259(

.البيت حجرة والعبد مدرة، فربط المدرة بالحجرة، فالمدر مع الحجر .وتعزز وتقدس من لم يزل

:البيت أطالل وآثار وإنما هى رسوم وأحجار ولكن! ويقال البيت مطاف النفوس، والحق سبحانه مقصود القلوب فانظروا بعدنا إلى اآلثار... تلك آثارنا تدل علينا

.حجر، ولكن ليس كل حجر كالذى يجانسه من الحجرويقال البيت .، ال بل لقلوب قوم مثلج مبهج، ولقلوب اآلخرين منفج مزعج» 1«حجر ولكن لقلوب األحباب مزعج بل ألكباد الفقراء منفج

.بيت هو مقصد األحباب ومزارهم، وعنده يسمع أخبارهم ويشهد آثارهم: وهم على أصناف :عاد بسر خراب، ومن الحظه بعين اإلضافة حظى بكل تقريب وإيجاب، كما قيل بيت من طالعه بعين التفرقة

عهدا بأحبابنا إذ عندها نزلوا... فإن لها -وإن صمتت -إن الديار .بيت من زاره بنفسه وجد ألطافه، ومن شهده بقلبه نال كشوفاته

__________ .منفج شديد اإلثارةنفج األرب أثاره والنافجة الربح الشديدة، فيكون معنى ) 1(

)1/260(

ر بـيتي «: ويقال قال سبحانه .» 1«وفى هذا طرف من اإلشارة إلى عين الجمع » إن أول بـيت وضع للناس «: وأضافه إلى نفسه، وقال هاهنا» وطه .اف حواليه، ويبذلون المهج فى الطريق ليصلوا إليهالزدحام الناس، فالكل يتناجزون على البدار إليه، ويزدحمون فى الطو ) بكة(وسميت

هذا وصفه فى -والبيت لم يخاطب أحدا منذ بنى بمنية، ولم يستقبل أحدا بحظوة، وال راسل أحدا بسطر فى رسالة، فإذا كان البيت الذي خلقه من حجر

.» الكبرياء ردائى والعظمة إزارى«: قال صلى اهللا عليه وسلم مخبرا عنه سبحانه. فما ظنك بمن البيت له» 2«التعزز هوينى دون تحمل ويقال إذا كان البيت المنسوب إليه ال تصل إليه من ناحية من نواحيه إال بقطع المفاوز والمتاهات فكيف تطمع أن تصل إلى رب البيت بال

.ل حبيب آثركويقال ال تعلق قلبك بأول بيت وضع لك ولكن أفرد سرك ألو ! المشقات ومفارقة الراحات؟ .ويقال شتان بين عبد اعتكف عند أول بيت وضع له وبين عبد الزم حضرة أول عزيز كان له

قون عنه فيطوفون حوله ويقال ازدحام الفقراء بهممهم حول البيت ليس بأقل من ازدحام الطائفين بقدمهم، فاألغنياء يزورون البيت، ويطوفون بقدمهم، والفقراء يب .بهممهم :كعبة بيت الحق سبحانه فى الحجر، والقلب بيت الحق سبحانه فى السر، قال قائلهمويقال ال

أجعل القلب بيته والمقاما... لست من جملة المحبين إن لم وهو ركنى إذا أردت استالما... وطوافى إجالة السر فيه

.مقصود العبد بالحج، والقلب مقصود الحق بإفراده إياه بالتوحيد والوجدفاللطائف تطوف بقلوب العارفين، والحقائق تعتكف فى قلوب الموحدين، والكعبة __________

في األول نسب البيت إلى نفسه، وفى الثاني أشار إلى ) إشارة إلى الفرق» وأول بيت وضع للناس«اإلشارة إلى عين الجمع، (...... ربما كان فى األصل ) 1( .وضعه للناس

.من الناسخوسقطت هذه العبارة األخيرة ) .التعزز(والسياق يتطلب ) التعذر(وردت ) 2(

)1/261(

راهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البـيت من است ) 97(العالمين طاع إليه سبيال ومن كفر فإن الله غني عن فيه آيات بـيـنات مقام إبـ

.مباركا وهدى للعالمين : قوله جل ذكره .بركاته اتصال األلطاف والكشوفات، فمن قصده بهمته، ونزل عليه بقصده هداه إلى طريق رشده

:قوله جل ذكره ]97آية ) : 3(سورة آل عمران [

)97(لعالمين آمنا ولله على الناس حج البـيت من استطاع إليه سبيال ومن كفر فإن الله غني عن ا فيه آيات بـينات مقام إبراهيم ومن دخله كان ا وقف الخليل عليه السالم م: ما تأثر بقدمه، وفى اإلشارة -فى الظاهر -ولكن ال تدرك تلك اآليات بأبصار الرءوس ولكن ببصائر القلوب، ومقام إبراهيم

.بهممه .ويقال إن شرف مقام إبراهيم ألنه أثر الخليل، وألثر الخليل خطر عظيم

.ومن دخله كان آمنا : قوله جل ذكرهفاألمن ضده الخوف، والخوف إنما يقال من دخل مقام إبراهيم كان آمنا، ومقام إبراهيم التسليم، ومن كان مسلما أموره إلى اهللا لم يبق له اختيار، وكان آمنا

يكون على أال يحصل مرادك على ما تريد، فإذا لم تكن للعبد إرادة واختيار فأى مساغ للخوف فى وصفه؟ة أدب كان آمنا، وذلك بأن يكون دخوله على وصف األدب، وال محال -على الحقيقة -راجعة إلى البيت، فمن دخل بيته) دخله(بقوله » 1«ويقال إن الكناية

ودخول البيت إنما األدب فيه أن يكون دخوال على التسليم . دخول البيت تسليم األمور إلى رب البيت، فإن من لم يكن صاحب تسليم فهو معارض للتقدير .دون المعارضة والنزاع فيؤول إلى المعنى المتقدم

من نوازع البشرية وهواجس غاغة النفس، فإن من التجأ إلى ظل الملك لم يمتط وإن جعلت اإلشارة من البيت إلى القلب فمن دخل قلبه سلطان الحقيقة أمن .إليه محذورا

.إال بخروجك عنك، فإذا خرجت عنك صح دخولك فى البيت، وإذا خرجت عنك أمنت -على الحقيقة -ويقال ال يكون دخول البيت الواحدويقال دخول بيته ال يصح مع تعريجك فى أوطانك ومعاهدك، فإن الشخص

__________ ) .دخله(يقصد بها ضمير الغائب فى ) 1(

)1/262(

.نفسه» 1«ال يكون فى حالة واحدة فى مكانين فمن دخل بيت ربه فبالحرى أن يخرج عن معاهد .ولله على الناس حج البـيت من استطاع إليه سبيال : قوله جل ذكره

.خر عن البيت شيئا من ماله، وشرط الفقير أال يدخر عن الوصول إلى بيته نفسا من روحهشرط الغنى أال يد يع بربه وهذا ويقال االستطاعة فنون فمستطيع بنفسه وماله وهو الصحيح السليم، ومستطيع بغيره وهو الزمن المعصوب، وثالث غفل الكثيرون عنه وهو مستط

.ا إال مطايانانعت كل مخلص مستحق فإن بالياه ال تحملهرب البيت، وال ويقال حج البيت فرض على أصحاب األموال، ورب البيت فرض على الفقراء فرض حتم فقد ينسد الطريق إلى البيت ولكن ال ينسد الطريق إلى

.يمنع الفقير عن رب البيتإلى شهود رب البيت، فشتان بين حج وحج، هؤالء تحللهم عن إحرامهم فقاصد بنفسه إلى زيارة البيت، وقاصد بقلبه : ويقال الحج هو القصد إلى من تعظمه

شهود ربهم، فأما القاصدون بنفوسهم فأحرموا عن المعهودات من محرمات اإلحرام، » 2«عند قضاء منسكهم وأداء فرضهم، وهؤالء تحللهم عن إحرامهم عند .ر وجميع األناموأما القاصدون بقلوبهم فإنهم أحرموا عن المساكنات وشهود الغي

: فى كد التأويل، ثم قالومن كفر فإن الله غني عن العالمين ضرب رقم الكفر على من ترك حج البيت، ووقعت بسبب هذا القول قلوب العلماء : قوله جل ذكره .صيصوهذا زيادة تهديد تدل على زيادة تخ» فإن الله غني عن العالمين «

ويقال إن سبيل من حج البيت أن يقوم بآداب الحج، فإذا عقد بقلبه اإلحرام يجب أن__________

.أي مألوفات نفسه) 1( ) .عند(والصحيح ) عن(وردت ) 2(

)1/263(

األغيار بماء الخجل ثم بماء الحياء ثم يفسخ كل عقد يصده عن هذا الطريق، وينقض كل عزم يرده عن هذا التحقيق، وإذا طهر تطهر عن كل دنس من آثار بدنه إال وقد استجابت بماء الوفاء ثم بماء الصفاء، فإذا تجرد عن ثيابه تجرد عن كل ملبوس له من األخالق الذميمة، وإذا لبي بلسانه وجب أال تبقى شعرة من

تعرض لتخصيص فإذا وقف بعرفات عرف الحق سبحانه، وعرف له تعالى حقه على فإذا بلغ الموقف وقف بقلبه وسره حيث وقفه الحق بال اختيار مقام، وال . هللاوحوله، والحق سبحانه يتعرف إليه بمنته وطوله، فإذا بلغ المشعر الحرام يذكر مواله بنسيان نفسه، وال يصح » 1«نفسه، ويتعرف إلى اهللا تعالى بتبريه عن منته

.مني نفى عن قلبه كل طلب ومنى، وكل شهوة وهوىذكره لربه مع ذكره لنفسه، فإذا بلغ .وإذا رمى الجمار رمى عن قلبه وقذف عن سره كل عالقة فى الدنيا والعقبى

.يقةوإذا ذبح ذبح هواه بالكلية، وتقرب به إلى الحق سبحانه، فإذا دخل الحرم عزم على التباعد عن كل محرم على لسان الشريعة وإشارة الحق .ه على البيت شهد بقلبه رب البيت، فإذا طاف بالبيت أخذ سره بالجوالن فى الملكوتوإذا وقع طرف

.فإذا سعى بين الصفا والمروة صفى عنه كل كدورة بشرية وكل آفة إنسانية

.فإذا حلق قطع كل عالقة بقيت له .ج من بيت نفسه إلى بيت ربه يخرج من بيت ربه إلى ربه تعالىوإذا تحلل من إحرام نفسه وقصده إلى بيت ربه استأنف إحراما جديدا بقلبه، فكما خر

، فمن لم يتحقق بكمال الخضوع » الحاج أشعث أغبر«: فمن أكمل نسكه فإنما عمل لنفسه، ومن تكاسل فإن اهللا غنى عن العالمين وقال صلى اهللا عليه وسلم .والذوبان عن كليته فليس بأشعث وال أغبر

__________ .للعبد) المنة(للحق و ) المنة(ها هكذا ألن القشيري يميز بين ضبطنا) 1(

)1/264(

تم شهداء قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تـبـ ) 98(قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تـعملون غونـها عوجا وأنـلى وكيف تكفرون وأنـتم ) 100(فرين يا أيـها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يـردوكم بـعد إيمانكم كا) 99(وما الله بغافل عما تـعملون تـتـ

) 101(عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يـعتصم بالله فـقد هدي إلى صراط مستقيم

:قوله جل ذكره ]98آية ) : 3(سورة آل عمران [

)98(ا تـعملون قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على م .حكما وقهرا -شرعا وأمرا، مطرودون -الخطاب بهذه اآلية لتأكيد الحجة عليهم، ومن حيث الحقيقة والقهر يسد الحجة عليهم، فهم مدعوون

:قوله جل ذكره ]99آية ) : 3(سورة آل عمران [

تم شهداء وما الله بغافل عما تـعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آم غونها عوجا وأنـ )99(ن تـبـ .كيف يصد غيره من هو مصدود فى نفسه؟ إن فى هذا لسرا للربوبية

:قوله جل ذكره ]100آية ) : 3(سورة آل عمران [

)100(الذين أوتوا الكتاب يـردوكم بـعد إيمانكم كافرين يا أيـها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من .ألقاه فى وهدته» 1«) األعداء(الوحشة ليست بالزمة ألصحابها، بل هى متعدية إلى كل من يحوم حول أهلها، فمن أطاع عدو اهللا إلى شؤم صحبة

:قوله جل ذكره ]101آية ) : 3(سورة آل عمران [تم تـتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يـعتصم بالله فـقد هدي إلوك )101(ى صراط مستقيم يف تكفرون وأنـ

.ل من هاهناال ينبغى لمن أشرقت فى قلبه شموس العرفان أن يوقع الكفر عليه ظله، فإنه إذا أقبل النهار من هاهنا أدبر اللي اآلية إنما يعتصم باهللا من وجد العصمة من اهللا، فأما» ... ومن يـعتصم «: وقوله

__________ .أو ما فى معناهما طبقا لما نعرفه عن اتجاه القشيري فى مواضع مماثلة) األجانب(وربما ) األعداء(وسقطت بقية الكلمة فأكملناها ) إال(مكتوبة ) 1(

)1/265(

تم مسلمون ي واعتصموا بحبل الله جميعا وال تـفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء ) 102(ا أيـها الذين آمنوا اتـقوا الله حق تـقاته وال تموتن إال وأنـها كذلك فألف بـين قـ ) 103( يـبـين الله لكم آياته لعلكم تـهتدون لوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنـقذكم منـ

.عتصامك فى النهاية، ال االعتصام منك يوجب الهدايةمن لم يهده اهللا فمتى يعتصم باهللا؟ فالهداية منه فى البداية توجب ا .وحقيقة االعتصام صدق اللجوء إليه، ودوام الفرار إليه، واستصحاب االستغاثة إليه

صلوات اهللا عليه رين ومن كشف عن سره غطاء التفرقة تحقق بأنه ال لغير اهللا ذرة أو منه سينة، فهذا اإلنسان يعتصم به ممن يعتصم به قال سيد األولين واآلخ :وعلى آله

.» أعوذ بك منك« .فالشرك وطنه وليس يشعر -ومن اعتصم بنفسه دون أن يكون محوا عن حوله وقوته فى اعتصامه

:قوله جل ذكره ]102آية ) : 3(سورة آل عمران [

تم مسلمون يا أيـها الذين آمنوا اتـقوا الله حق تقاته وال تموتن إال و )102(أنـ .حق التقوى أن يكون على وفق األمر ال يزيد من قبل نفسه وال ينقص

تحريم وتنزيه، فيدخل فى جملة : على وجه الحتم وعلى وجه الندب وكذلك القول فى النهى على قسمين: هذا هو المعتمد من األقاويل فيه، وأمره على وجهينتناب الزلة ثم اجتناب الغفلة ثم التوقي عن كل خلة ثم التنقى من كل علة، فإذا تقيت عن شهود تقواك بعد اتصافك بتقواك فقد هذا أن يكون حق تقاته أوال اج

.اتقيت حق تقواكن الحكم بعد وحق التقوى رفض العصيان ونفى النسيان، وصون العهود، وحفظ الحدود، وشهود اإللهية، واالنسالخ عن أحكام البشرية، والخمود تحت جريا

.بعلةاجتناب كل جرم وظلم، واستشعار اآلنفة عن التوسل إليه بشىء من طاعتك دون صرف كرمه، والتحقق بأنه ال يقبل أحدا بعلة وال يرد أحدا تم مسلمون : قوله جل ذكره .وال تموتن إال وأنـ

.ال تصادفنكم الوفاة إال وأنتم بشرط الوفاء :كرهقوله جل ذ

]103آية ) : 3(سورة آل عمران [

النار ف بـين قـلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من واعتصموا بحبل الله جميعا وال تـفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فأل )103(فأنـقذكم منها كذلك يـبـين الله لكم آياته لعلكم تـهتدون

)1/266(

.وذلك بالتحقق والتعلق بالكتاب والسنة -العزيز صلوات اهللا عليه -التمسك بآثار الواسطة -سبحانه -االعتصام بحبله، ولمن رجع عند سوانحه إلى اختياره واحتياله، أو » واعتصموا بحبل الله «، وخاص الخاص قيل لهم » عتصموا بحبل الله ا«الخواص يقال لهم : ويصح أن يقال

.ء حالهفمرفوع عنه ظل العناية، وموكول إلى سو -» 1«فكرته واستدالله، أو معارفه وأشكاله، والتجأ إلى ظل تدبيره، واستضاء بنور عقله وتفكيره .التفرقة أشد العقوبات وهى قرينة الشرك: » وال تـفرقوا«: وقوله

.وكانوا أعداء حين كانوا قائمين بحظوظهم، معرجين على ضيق البشرية، متزاحمين بمقتضى شح النفوس. » واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء «: وقولهفهم -بالخالص من أسر المكونات، ودفع األخطار عن أسرارهم، فصار مقصودهم جميعا واحدا فلو ألف ألف شخص فى طلب واحد: » قـلوبكم فألف بـين «

.فى الحقيقة واحد .نفس وخفايا البخل والشح نعمته التي هى عصمته إياكم، إخوانا متفقى القصد والهمة، متفانين عن حظوظ ال» فأصبحتم بنعمته إخوانا « .بكونكم تحت أسر مناكم، ورباط حظوظكم وهواكم: » وكنتم على شفا حفرة من النار «

__________ -مختلفةذكرها القشيري فى مواضع -واضح أن القشيري يرى أن االلتجاء إلى العقل والفكر كوسيلة للوصول يعد قاطعا من القواطع، ألن للعقل آفات) 1(

.عند تصحيح اإليمان -تجعله غير جدير بأن يعتمد عليه العبد فى معرفة الحقائق العليا إن مهمة العقل عند هذا الباحث ال تتجاوز منطقة البداية

)1/267(

هون عن الم وال تكونوا كالذين تـفرقوا واختـلفوا من بـعد ما جاءهم ) 104(نكر وأولئك هم المفلحون ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ويـنـيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت ) 105(البـيـنات وأولئك لهم عذاب عظيم وجوههم أكفرتم بـعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون يـوم تـبـ

) 107(وأما الذين ابـيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون ) 106(

القضاء، وتلك حقا هى المكانة العظمى والدرجة الكبرى، ويدخل فى هذه الجملة ترك السكون إلى ما بنور الرضاء، والخمود عند جريان : » فأنـقذكم منها« .عن كل غير وسوى -عز وجل - منك من المناقب والتقى، ولعقل والحجا، والتحصيل والنهى، والفرار إلى اهللا

:قوله جل ذكره ]104آية ) : 3(سورة آل عمران [

هون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولتكن منكم أ )104(مة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ويـنـوا أنفاسهم واستغرقوا قصر هذه إشارة إلى أقوام قاموا باهللا هللا، ال تأخذهم لومة الئم، وال تقطعهم عن اهللا استنامة إلى علة، وقفوا جملتهم على دالالت أمره، و

.أعمارهم على تحصيل رضاه، عملوا هللا، ونصحوا الدين هللا، ودعوا خلق اهللا إلى اهللا، فربحت تجارتهم، وما خسرت صفقتهم :قوله جل ذكره

]105آية ) : 3(سورة آل عمران [

)105(بـينات وأولئك لهم عذاب عظيم وال تكونوا كالذين تـفرقوا واختـلفوا من بـعد ما جاءهم ال .» 2«فى االنتهاء بكى الفرقة، فباتوا فى شق األحباب، وأصبحوا فى زمرة األجانب » 1«هؤالء أقوام أظهر عليهم فى االبتداء رقوم الطلب، ثم وسمهم

:قوله جل ذكره ]107الى 106اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

يض وأما الذين ابـيضت وجوههم ففي ) 106(ا كنتم تكفرون وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بـعد إيمانكم فذوقوا العذاب بم يـوم تـبـ ) .107(رحمت الله هم فيها خالدون

__________ . [.....]الرقم نعت يجرى فى االبتداء والوسم نعت يجرى فى األبد بما جرى فى األزل) 1( .لتعبر عن النهاية) أصبحوا(وكيف تعبر عن البداية ثم ) باتوا(تأمل الدقة فى استعمال ) 2(

)1/268(

لوها عليك بالحق وما الله يريد ر أمة ) 109(ولله ما في السماوات وما في األرض وإلى الله تـرجع األمور ) 108(ظلما للعالمين تلك آيات الله نـتـ كنتم خيـهون عن المنكر وتـؤمنون بالله ولو هم المؤمنون وأكثـرهم الفاسقون أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتـنـ را لهم منـ ) 110(آمن أهل الكتاب لكان خيـ

أرباب الدعاوى تسود وجوههم، وأصحاب المعاني تبيض وجوههم، وأهل الكشوفات غدا تبيض باإلشراق وجوههم، وأصحاب الحجاب تسود بالحجبة .وترهقها قترة وجوههم، فتعلوها غبرة،

.وجهه، ومن كان بالضد فحاله العكس -غدا -قلبه ابيض - اليوم -ويقال من ابيضابيض وجهه بروح التفويض، ومن علق باألغيار قلبه عند الحوائج اسود محياه بغبار الطمع فأما الذين ابيضت -عند سوانحه -ويقال من أعرض عن الخلق

.ين اسودت وجوههم ففى محن ونوحوجوههم ففى أنس وروح، وأما الذ :قوله جل ذكره

]109الى 108اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

لوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين )109(جع األمور ولله ما في السماوات وما في األرض وإلى الله تـر ) 108(تلك آيات الله نـتـ :نديم مخاطبتنا معك على دوام األوقات فى كل قليل وكثير، عمارة لسبيل الوداد

والحكم عليهم حكمه؟ -والخلق كلهم خلقه -وما الله يريد ظلما للعالمين وأنى يجوز الظلم فى وصفه تقديرا ووجودا .إلى اهللا ترجع األمور حكماوهللا ما فى السموات وما فى األرض ملكا، و

:قوله جل ذكره ]110آية ) : 3(سورة آل عمران [

هون عن المنكر وتـؤمنون بالله ر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتـنـ ه كنتم خيـ م المؤمنون وأكثـرهم الفاسقون ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منـ)110(

ولما كانوا خير األمم كانوا أشرف األمم، ولما كانوا أشرف األمم كانوا . خير األمم -عليه السالم -لما كان المصطفى صلوات اهللا عليه أشرف األنبياء كانت أمته وما حصلت خيريتهم بكثرة صلواتهم. ر األعمار، وخلقهم آخر الخالئق لئال يطول مكثهم تحت األرضأشوق األمم، فلما كانوا أشوق األمم كانت أعمارهم أقص

)1/269(

لة أين ما ثقفوا ) 111(لن يضروكم إال أذى وإن يـقاتلوكم يـولوكم األدبار ثم ال يـنصرون إال بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من ضربت عليهم الذ ) 112(دون اء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يـعت الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنـهم كانوا يكفرون بآيات الله ويـقتـلون األنبي

.ولقد طال وقوف المتقدمين بالباب ولكن لما خرج اإلذن بالدخول تقدم المتأخرون. وعباداتهم، ولكن بزيادة إقبالهم، وتخصيصه إياهم أكفهم لم ينالوا نصيبا... وكم باسطين إلى وصلنا

هون عن المنكر ا: قوله جل ذكره .لمعروف خدمه الحق، والمنكر صحبة النفستأمرون بالمعروف وتـنـ .المعروف إيثار حق الحق، والمنكر اختيار حظ النفس

.المعروف ما يزلفك إليه، والمنكر ما يحجبك عنه

.وشرط اآلمر بالمعروف أن يكون متصفا بالمعروف، وحق الناهى عن المنكر أن يكون منصرفا عن المنكرهم المؤمنون وأكثـرهم الفاسقون لو دخل الكافة تحت أمرنا لوصلوا إلى حقيقة العز فى الولو آمن أهل الكتاب ل دنيا والعقبى، ولكن بعدوا عن كان خيرا لهم، منـ

.القبول فى سابق االختيار فصار أكثرهم موسوما بالشرك :قوله جل ذكره

]111آية ) : 3(سورة آل عمران [

)111(يضروكم إال أذى وإن يقاتلوكم يـولوكم األدبار ثم ال يـنصرون لن لى األولياء بموجب إن الحق سبحانه وتعالى ال يسلط على أوليائه إال بمقدار ما يصدق إلى اهللا فرارهم، فإذا حق فرارهم أكرم لديه قرارهم، وإن استطالوا ع

.الحال عليهم بالصغار والهوانحسبانهم انعكس :قال جل ذكره

]112آية ) : 3(سورة آل عمران [

لة أين ما ثقفوا إال بحبل من الله وحبل من الناس وباؤ بغضب من ال كانوا يكفرون بآيات الله ويـقتـلون له وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنـهم ضربت عليهم الذ )112(األنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يـعتدون

)1/270(

لون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون هون عن المنكر ) 113(ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يـتـ يـؤمنون بالله واليـوم اآلخر ويأمرون بالمعروف ويـنـرا ) 115(وما يـفعلوا من خير فـلن يكفروه والله عليم بالمتقين ) 114(ت وأولئك من الصالحين ويسارعون في الخيـ

بهم أضرابهم من الكفار علم الهجران ال ينكتم، وسمة البعد ال تخفى، ودليل القطيعة ال يستتر فهم فى صغار الطرد، وذل الرد، يعتبر بهم أولوا األبصار، ويغتر .الفجار

:قوله جل ذكره ]114الى 113اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

لون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون هون عن المنكر يـؤمنون بالله واليـوم اآلخر ويأ ) 113(ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يـتـ مرون بالمعروف ويـنـ )114(ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين

والوصلة ن والتهمة، كما غاير بين النور والظالم مغايرة تضاد فكذلك أثبت منافاة بين أحوال األولياء وأحوال األعداء، ومتى يستوى الضياء والظلمة، واليقي! فكيف يتفقان أو يستويان؟! والفرقة، والبعاد واأللفة، والمعتكف على البساط والمنصرف عن الباب، والمتصف بالوالء والمنحرف عن الوفاء؟ هيهات يلتقيان

:قوله جل ذكره ]115آية ) : 3(سورة آل عمران [

)115(م بالمتقين وما يـفعلوا من خير فـلن يكفروه والله علي .، ولم يستوحش معه مصاحب، ولم يذل له طالب» 1«) تاجر(لن يخيب عن بابه قاصد، ولم يخسر عليه

__________ ل شىء فقد من آثر اهللا على ك -واهللا أعلم -فيكون المعنى) اشتروا الضاللة بالهدى فما ربحت تجارتهم(هكذا فى ص، وربما استوحاها القشيري من اآلية ) 1(

.ربحت تجارته وما خسر

)1/271(

هم أموالهم وال أوالدهم من الله شيئا وأولئك أصحاب نـ ) 116(النار هم فيها خالدون إن الذين كفروا لن تـغني عنـ يا كمثل ريح مثل ما يـنفقون في هذه الحياة الدفسهم يظ فسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنـ يا أيـها الذين آمنوا ال تـتخذوا بطانة من دونكم ال يألونكم ) 117(لمون فيها صر أصابت حرث قـوم ظلموا أنـ

) 118(يات إن كنتم تـعقلون ودوا ما عنتم قد بدت البـغضاء من أفـواههم وما تخفي صدورهم أكبـر قد بـيـنا لكم اآل خباال

:قوله جل ذكره ]116آية ) : 3(سورة آل عمران [

ه )116(م أموالهم وال أوالدهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون إن الذين كفروا لن تـغني عنـ :فى عاجلهم خسروا، وفى آجلهم فى قطع وهجر، وبالء وخسر، وعذاب ونكر. ال فى الحال لهم بدل وال فى المآل عنهم خلف

عوضا لسلمى فلم يجدلمن ابتغى ... تبدلت وتبدلنا وا حسرة :قوله جل ذكره

]117آية ) : 3(سورة آل عمران [

فسهم ف نيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قـوم ظلموا أنـ فسهم يظلم مثل ما يـنفقون في هذه الحياة الد )117(ون أهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنـ :ه جل ذكرهما وجدوا ميراث ما بذلوا لغير اهللا إال حسرات متتابعة، وما حصلوا من حسباناتهم إال على محن مترادفة، وذلك جزاء من أعرض وتولى قول

]118آية ) : 3(سورة آل عمران [

ا لكم اآليات إن نكم خباال ودوا ما عنتم قد بدت البـغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبـر قد بـيـن يا أيـها الذين آمنوا ال تـتخذوا بطانة من دونكم ال يألو )118(كنتم تـعقلون

على المسلمين بالتحرز عن االعتراض، وإظهار البراءة -سبحانه -لحق إعانة على الحال بما ال يبلغه كيد العدو، فأشار ا -بعد تبين المشاق -الركون إلى الضد وأخبر أن مضادات القوم للرسول. بالقلب والسر -سبحانه -عن كل غير، ودوام الخلوص للحق

)1/272(

تم أوالء تحبونـهم وال يحبونكم وتـؤمنون بالكتاب كله وإذا ل عليم بذات قوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم األنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله ها أنـ ) 120(روا وتـتـقوا ال يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يـعملون محيط إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يـفرحوا بها وإن تصب ) 119(الصدور

:قوله جل ذكره! ومتى يجتمع الليل والنهار؟. صلى اهللا عليه وسلم أصلية غير طارئة عليهم، وكيف ال؟ وهو صلوات اهللا عليه محل اإلقبال وهم محل اإلعراض ]119آية ) : 3(ران سورة آل عم[

تم أوالء تحبونـهم وال يحبونكم وتـؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإ ذا خلوا عضوا عليكم األنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات ها أنـ )119(الصدور

يكيدون لكم ما استطاعوا، ولفرط وحشتهم ال تترشح -لعتوهم وخلفهم -قلوبكم فتغلبكم الشفقة عليهم، وهم -عن الكدورات -أنتم بقضية كرمكم تصفو

.قلبك منهم -يا محمد - ففرغ. منهم إال قطرات غيظهمدور دعهم يتفردوا بمقاساة ما نداخلهم من الغيظ، واستريحوا بقلوبكم عما يحل بهم، فإن اهللا أولى بعباده يوصل إلى قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الص

.من يشاء ما يشاء :قوله جل ذكره

]120آية ) : 3(سورة آل عمران [

)120(ا وإن تصبروا وتـتـقوا ال يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يـعملون محيط إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يـفرحوا به أن يكون لمريد نفاذ، وإذا رأوا فترة لقاصد استراحوا» 1«اإلشارة من هذه اآلية إلى المنصرفين عن طريق اإلرادة، الراجعين إلى أحوال أهل العادة ال يعجبهم

.عن سبيله فى عقوبة بعادهم، ال يبالى بما يستقبلهم» 2«يتم نوره على أهل عنايته، ويذر الظالمين الزائغين -بفضله ومنته -وإن اهللا. إلى ذلك__________

.والسياق والمعنى يرفضانها) ال يعجبكم(أخطأ الناسخ إذ كتبها ) 1( .بالقاف وهى خطأ من الناسخ) الذائقين(وردت ) 2(

)1/273(

ليتـوكل المؤمنون ) 121(وإذ غدوت من أهلك تـبـوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم إذ همت طائفتان منكم أن تـفشال والله وليـهما وعلى الله فـتم أذلة فاتـقوا الله لعلكم تشكرون ولقد نصركم ا) 122( زلين ) 123(لله ببدر وأنـ إذ تـقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثالثة آالف من المالئكة منـ ) 125(أتوكم من فـورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آالف من المالئكة مسومين بـلى إن تصبروا وتـتـقوا وي ) 124(

:قوله جل ذكره ]121آية ) : 3(سورة آل عمران [

)121(يم وإذ غدوت من أهلك تـبـوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عل بتبوئه األماكن للقتال، فانتدب لذلك بأمره ثم أظهر فى ذلك الباب مكنونات سره، فالمدار على قضائه وقدره، واالعتبار بإجرائه -صلى اهللا عليه وسلم -أقامه

.واختياره :قوله جلت قدرته

]122آية ) : 3(سورة آل عمران [

ليتـوكل المؤمنون إذ همت طائفتان منكم أن تـ )122(فشال والله وليـهما وعلى الله فـ .» 1«ليب القدرة يبرز الجميع فى صدار االختيار كأن األمر إليهم فى نفيهم وإثباتهم، وفعلهم وتركهم، وفى الحقيقة ال يتقلبون إال بتصريف القبضة، وتق

:قوله جل ذكره ]123آية ) : 3(سورة آل عمران [

تم أذلة فاتـقوا الله لعلكم تشكرون )123(ولقد نصركم الله ببدر وأنـ .» 2«تذكير ما سلف من اإلنعام فتح لباب التملق فى اقتضاء أمثاله فى المستأنف

:قوله جل ذكره

]125الى 124اآليات ) : 3(سورة آل عمران [زلين إذ بلى إن تصبروا وتـتـقوا ويأتوكم من فـورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة ) 124(تـقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثالثة آالف من المالئكة منـ

)125(مين آالف من المالئكة مسو بال واسطة من اهللا - صلى اهللا عليه وسلم -كان تسكين الحق سبحانه لقلب المصطفى

__________ وهذا من وجهة نظر الصوفي تعبير بالفرق، والحقيقة أن -أن التعبير القرآنى ظاهره نسبة األفعال لالنسان -خالصة معنى هذه العبارة التي قد تبدو غامضة) 1(

.عه إلى اهللا حيث يكون التعبير عنه بالجمع، وقد تقدم معنى الجمع والفرق فى هامش آخركل شىء مرج .المستقبل -المستأنف) 2(

)1/274(

قلبوا خائبين ) 126( زيز الحكيم وما جعله الله إال بشرى لكم ولتطمئن قـلوبكم به وما النصر إال من عند الله الع يـنـ ليـقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتـهم فـبـهم فإنـهم ظالمون ) 127( ض يـغفر لمن يشاء ويـعذب من يشاء ولله ما في السماوات وما في األر ) 128(ليس لك من األمر شيء أو يـتوب عليهم أو يـعذ

) 129(والله غفور رحيم

فلوال بقية بقيت عليهم ما ردهم فى حديث النصرة إلى إنزال الملك، وأنى -سبحانه، والربط على قلوب المؤمنين بواسطة الرسول صلى اهللا عليه وسلم - !.ملك؟واألمر كله بيد ال -بحديث الملك :قوله جل ذكره

]126آية ) : 3(سورة آل عمران [

)126(يز الحكيم وما جعله الله إال بشرى لكم ولتطمئن قـلوبكم به وما النصر إال من عند الله العز أراهم من األلطاف، وفنون - قلوبهم على بعض فترة» 2«إرادتهم أو أشرفت » 1«أو تناقصت سنته مع أوليائه أنه إذا ضعفت نياتهم، -سبحانه -أجرى اهللا

.الكرامات ما يقوى به أسباب عرفانهم، وتتأكد به حقائق يقينهم :ثم قطع قلوبهم وأسرارهم عن األغيار بالكلية فقال. فعلى هذه السنة أنزل هذا الخطاب

.» وما النصر إال من عند اهللا« :ه جل ذكرهقول ]129الى 127اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

قلبوا خائبين يـنـ بـهم فإنـهم ظالمون ) 127(ليـقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتـهم فـ ه ما في ولل ) 128(ليس لك من األمر شيء أو يـتوب عليهم أو يـعذ )129(السماوات وما في األرض يـغفر لمن يشاء ويـعذب من يشاء والله غفور رحيم

.اهللا فى الفتنة والعقوبة» 3«إن اهللا ال يشمت بأوليائه عدوا فالمؤمن وإن أصابته نكبة، فعدوه ال محالة يكبه بـهم، فإنـهم ظالمون ولله ما في السماوات وما فيليس لك م : قوله جل ذكره األرض، يـغفر لمن يشاء ويـعذب من يشاء ن األمر شيء، أو يـتوب عليهم، أو يـعذ

.والله غفور رحيم __________

.بالصاد حتى ينسجم النقص مع الضعف وال يمنع أن تكون) تناقضت(وردت ) 1( .وردت بالقاف وهى خطأ فى النسخ) 2( .حيث جاء هذا الفعل فى اآلية الكريمة التي نحن بصددها) يكبته(وهى صحيحة ولكننا ال نستبعد أن تكون فى األصل ) ص(هكذا فى ) 3(

)1/275(

وأطيعوا الله والرسول لعلكم ) 131(واتـقوا النار التي أعدت للكافرين ) 130(عافا مضاعفة واتـقوا الله لعلكم تـفلحون يا أيـها الذين آمنوا ال تأكلوا الربا أض ) 132(تـرحمون

.من األمر والنهى شىء -» 1«) صلى اهللا عليه وسلم( -له اإلله من له األمر والنهى، فلما لم يكن له فى اإللهية نظير لم يكنعن كل غير ونصيب ودعوى، حيث أخبر أنه ليس له من األمر شىء، فإذا لم يجز أن يكون لسيد األولين واآلخرين شىء من -بما عرفه وخاطبه -ويقال جرده

األمر فمن نزلت رتبته عن منزلته فمتى يكون له شىء من األمر؟ال -يا محمد -فقال أنا الذي أتوب على من أشاء من عبادى وأعذب من أشاء، والعواقب عليك مستورة، وإنك) » 2«بستر عباده فى حكمه (ل استأثر ويقا

.تدرى سرى فيهمليس لك من «: فى وقت آخر رمى بقبضة من التراب فأصاب جميع الوجوه، وقال له» وما رميت إذ رميت ولكن اهللا رمى«: ويقال أقامه فى وقت مقاما فقال

فمن شاء عذبه، ومن شاء -فإذا كان الملك ملكه، واألمر أمره، والحكم حكمه. » وهللا ما فى السموات وما فى األرض«: ثم زاد فى البيان فقال» األمر شىء .قربه، ومن شاء هداه، ومن شاء أغواه

:قوله جل ذكره ]131الى 130اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

)131(واتـقوا النار التي أعدت للكافرين ) 130(يا أيـها الذين آمنوا ال تأكلوا الربوا أضعافا مضاعفة واتـقوا الله لعلكم تـفلحون واحد بسبعمائة إلى ما ال نهاية له، واإلشارة فيه أن الكرم ال يليق بالخلق وإنما حرم الربا على العباد ومنه إقراض الواحد باثنين تستردهما، وسأل منك القرض ال

.هو صفة الحق سبحانه .دليل الخطاب أن المؤمن ال يعذب بها، وإن عذب بها مدة فال يخلد فيها: واتـقوا النار التي أعدت للكافرين

:قوله جل ذكره ]132آية ) :3(سورة آل عمران [

)132(وأطيعوا الله والرسول لعلكم تـرحمون __________

.أضفناها لتوضيح المعنى) 1() ستر عباده(أي أن المستأثر به هو السر، وكذلك كلمة ) ال تدرى سرى فيهم(ألنه بعد قليل يقول ) بسر حكمه فى عباده(ربما كانت فى األصل هكذا ) 2(

.ألولى أنه يستر الحكم، أو العواقب كما جاء بعد قليلمرفوضة فا

)1/276(

الذين يـنفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) 133(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات واألرض أعدت للمتقين ) 134(ين والله يحب المحسن

.لجنس أسكنقرن طاعة الرسول صلوات اهللا عليه بطاعة نفسه تشريفا لقدره، وتخفيفا على األمة حيث ردهم إلى صحبة شخص من أنفسهم، فإن الجنس إلى ا :قوله جل ذكره

]133آية ) : 3(سورة آل عمران [

)133(سماوات واألرض أعدت للمتقين وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها الوإنما توجب المغفرة التوبة » الندم توبة«: معناه سارعوا إلى عمل يوجب لكم المغفرة، فتقسمت القلوب وتوهمت أن ذلك أمر شديد فقال صلى اهللا عليه وسلم

.ألن العاصي هو الذي يحتاج إلى الغفرانفالعابدون يسارعون بقدمهم فى الطاعات، والعارفون يسارعون بهممهم فى القربات، والعاصون يسارعون بندمهم بتجرع : أقساموالناس فى المسارعة على

.فمن سارع بقدمه وجد مثوبته، ومن سارع بهممه وجد قربته، ومن سارع بندمه وجد رحمته. الحسراتالمغفرة من : ن الطول فى مقابلة العرض، وحين ذكر المغفرة لم يذكر الطول والعرض، فقوم قالواولما ذكر الجنة وصفها بسعة العرض، وفيه تنبيه على طولها أل

.صفات الذات وهى بمعنى الرحمة فعلى هذا فمغفرته حكمه بالتجاوز عن العبد وهو كالمه، وصفة الذات تتقدس عن الطول والعرض .غفران بالنهاية، إشارة إلى استغراقه جميع الذنوبمغفرته من صفات فعله قال لكثرة الذنوب لم يصف ال: ومن قال

:قوله جل ذكره ]134آية ) : 3(سورة آل عمران [

)134(محسنين الذين يـنفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب ال يئا، ويؤثرونه على جميع األشياء، ينفقون أبدانهم على الطاعات وفنون األوراد واالجتهاد، وأموالهم فى إفشاء الخيرات وابتغاء القرباتال يدخرون عن اهللا ش بوجوه الصدقات،

)1/277(

فسهم ذكروا الله فاستـغفروا لذنوب أولئك ) 135(هم ومن يـغفر الذنوب إال الله ولم يصروا على ما فـعلوا وهم يـعلمون والذين إذا فـعلوا فاحشة أو ظلموا أنـهار خالدين فيها ونعم أجر العا ) 136(ملين جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها األنـ

» 1«األوقات وقلوبهم فى الطلب ثم دوام المراعاة، وأرواحهم على صفاء المحبات والوفاء على عموم الحاالت، وينفقون أسرارهم على المشاهدات فى جميعق لمالحظاتهم إياهم بعين النسبة، يتجاوزون عن الخل: » والكاظمين الغيظ «: قوله» 2«ينتظرون إشارات المطالبات، متشمرين للبدار إلى دقيق المطالعات

ون فيهون وأقوام يحملون على الخلق علما بأن ذلك بسبب جرمهم فيشهدونهم بعين التسلط، وآخرون يكظمون الغيظ تحققا بأن الحق سبحانه يعلم ما يقاسفانية، وآخرون لم يشهدوا ذرة من األغيار فى اإلنشاء عليهم التحمل، وآخرون فنوا عن أحكام البشرية فوجدوا صافى الدرجات فى الذل ألن نفوسهم ساقطة

جها غير التسليم لحكمه، واإلجراء فعلموا أن المنشئ اهللا فزالت خصوماتهم ومنازعاتهم مع غير اهللا ألنهم لما أفردوه باإلبداع انقادوا لحكمه فلم يروا معه و .فأكرمهم الحق سبحانه ببرد الرضاء، فقاموا له بشرط الموافقة

:رأوه على أنفسهم ال فضال منهم على الناس، قال قائلهم» 3«فرضا » والعافين عن الناس «قوله لم أجد بدا من العطف عليه... رب رام لى بأحجار األذى

لق فاإلحسان أن تدع جميع حقك بالكلية كم كان على هذا فى معاملة الحق، وأما فى معاملة الخ.. واإلحسان أن تعبد اهللا كأنك تراه» والله يحب المحسنين « .منه وال تقلده فى ذلك منة» 4«(....) من كان، وتقبل :قوله جل ذكره

]136الى 135اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

فسهم ذكروا الله فاستـغفروا لذن أولئك ) 135(وبهم ومن يـغفر الذنوب إال الله ولم يصروا على ما فـعلوا وهم يـعلمون والذين إذا فـعلوا فاحشة أو ظلموا أنـ )136(ن جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملي

__________ .سقطت الواو فأثبتناها) 1(وصوبنا الثانية ) المطالبات(فقد تركنا األولى . أيضا، ونظرا ألن المطالعة مرتبطة بالكشف والكشف مرحلة متأخرة) المطالبات(أخطأ الناسخ إذ كتبها ) 2( ) .المطالعات( . [.....]بعدهوالصواب بالفاء فهكذا يرشدنا السياق، والشاهد الشعرى ) قرضا(وردت ) 3( .مشتبهة) 4(

)1/278(

بين ) 138(هذا بـيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ) 137(قد خلت من قـبلكم سنن فسيروا في األرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذ

:وقال لظلمة هذه األمة. » قل للظلمة حتى ال يذكرونى فإنى أوجبت أن أذكر من ذكرنى، وذكرى للظلمة باللعنة« أوحى اهللا تعالى إلى موسى عليه السالمفسهم ذكروا الله « .» ومن يـغفر الذنوب إال الله «: ثم قال فى آخر اآلية» أو ظلموا أنـ

:وإن خطور المخالفات ببال األكابر كفعلها من األغيار، قال قائلهم. ، وكذلك ظلمهمويقال فاحشة كل أحد على حسب حاله ومقامه »1«غض أجفانها على األقذاء ... أنت عينى وليس من حق عينى

.فليس الجرم على البساط كالذنب على البابا لذنوبهم بالتبري عن حركاتهم وسكناتهم علما منهم بأنه ال وسيلة إليه ويقال فعلوا فاحشة بركونهم إلى أفعالهم، أو ظلموا أنفسهم بمالحظة أحوالهم، فاستغفرو

وإن رؤية األحوال واألفعال لظلمات عند ظهور الحقائق، ومن طهره اهللا بنور العناية صانه عن التورط فى المغاليط البشرية . إال به، فخلصهم من ظلمات نفوسهم»2 «.

.بهم بردهم إلى شهود الربوبية، وما سبق لهم من الحسنى فى سابق القسمةأولئك جزاؤهم مغفرة من ر .مؤجال من الفراديس، ومعجال فى روح المباحات وتمام األنس» وجنات تجري من تحتها األنهار «

:قوله جل ذكره ]138الى 137اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

بين قد خلت من قـبل )138(هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ) 137(كم سنن فسيروا في األرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذ__________

.البيت البن الرومي يعاتب صديقه أبا القاسم التوزى الشطرنجى) 1(ر بتعاليم أهل المالمة النيسابورية الذين يعلنون حربا ال هوادة فيها على كل دعوى للنفس حتى ليحاولون ستر حياتهم الباطنية القشيري فى هذه الفقرة متأث) 2(

:بفعل ما يوجب مالمة الناس، وكل ذلك فى سبيل كسر النفس وعدم استشعار العبد ألى فضل منه

)1/279(

تم األ الله الذين آمنوا إن يمسسكم قـرح فـقد مس القوم قـرح مثـله وتلك األيام نداولها بـين الناس وليـعلم ) 139(علون إن كنتم مؤمنين وال تهنوا وال تحزنوا وأنـ ) 141(وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) 140(لمين ويـتخذ منكم شهداء والله ال يحب الظا

بيان لقوم من حيث أدلة العقول، وآلخرين من : يعنى اعتبروا بمن سلف، وانظروا كيف فعلنا بمن والى وكيف انتقمنا ممن عادى، وقوله تعالى هذا بيان للناس .خرين من حيث تجلى الحق فى األسرارحيث مكاشفات القلوب، وآل

:قوله جل ذكره ]139آية ) : 3(سورة آل عمران [

تم األعلون إن كنتم مؤمنين )139(وال تهنوا وال تحزنوا وأنـفوا فإن النصرة من عند اهللا، والغالب اهللا، وما سوى اهللا فليس منهم باهللا فال ينبغى أن تخافوا من غير اهللا، وال تهنوا وال تضع) » 1«ووصلتم (يعنى إذا قلتم باهللا .ذرة ال منهم سينة

.أي ينبغى للمؤمن أال تظله مهابة من غير اهللا» إن كنتم مؤمنين «: قوله :قوله جل ذكره

]140آية ) : 3(سورة آل عمران [

)140(داء والله ال يحب الظالمين رح مثـله وتلك األيام نداولها بـين الناس وليـعلم الله الذين آمنوا ويـتخذ منكم شه إن يمسسكم قـرح فـقد مس القوم قـ منهم ظفر، ومن ضجر من حمل ما لقى خسر، واأليام نوب والحاالت إن نالكم فينا مشقة فالذين تقدموكم لقوا مثل ما لقيتم، ومنوا بمثل ما به منيتم، فمن صبر

.دول، وال يخفى على الحق شىء :قوله جل ذكره

]141آية ) : 3(سورة آل عمران [

) .141(وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين __________

.يدعم ذلك حرف الجر بعده، وكذلك السياقمن صال يصول، و ) وصلتم(ال نستبعد أنها ) 1(

)1/280(

بل أن تـلقوه فـقد رأ ) 142(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يـعلم الله الذين جاهدوا منكم ويـعلم الصابرين تم تـنظرون ولقد كنتم تمنـون الموت من قـ تموه وأنـ يـقلبتم على أعقابك ) 143( بله الرسل أفإن مات أو قتل انـ قلب على عقبـيه فـلن يضر الله شيئا وسيجزي الله وما محمد إال رسول قد خلت من قـ م ومن يـنـ

) 144(اكرين الش

.للعبد فباختالف األطوار يخلصه من المشائب فيصير كالذهب الخالص ال خبث فيه، كذلك يصفو عن العلل فيتخلص هللا» 1«اختبارات الغيب سبك .» 2«) وأما الزبد فيذهب جفاء. (فى أودية التفرقة» ويمحق الكافرين «

:قوله جل ذكره ]142ة آي) : 3(سورة آل عمران [

)142(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يـعلم الله الذين جاهدوا منكم ويـعلم الصابرين

وهو : (......) همن ظن أنه يصل إلى محل عظيم من دون مقاساة الشدائد ألقته أمانيه فى مهواة الهالك، وإن من عرف قدر مطلوبه سهل عليه بذل مجهود :وقال قائلهم» 3«) بلذاته على من يظن يخلع العذار

فأهون فائت طيب الرقاد... إذا شام الفتى برق المعاني :قوله جل ذكره

]143آية ) : 3(سورة آل عمران [

تموه وأنـ بل أن تـلقوه فـقد رأيـ )143(تم تـنظرون ولقد كنتم تمنـون الموت من قـ :طوارق التمني بعد الصبر على احتمال المشاق ولكن

ممن تباكى» 4«تبين من بكى ... إذا انسكبت دموع فى خدود :قوله جل ذكره

]144آية ) : 3(سورة آل عمران [

بله الرسل أفإن مات أو ق قلب على عقبـيه فـلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الش وما محمد إال رسول قد خلت من قـ قلبتم على أعقابكم ومن يـنـ اكرين تل انـ)144(

__________ .فالسياق يدعم ذلك) سبك(ونرجح أنها ) شبك(وردت ) 1( .ليتماسك المعنى) ال خبث فيه(ترجح أن هذه اآلية موضوعة هنا خطا وأن مكانها عقب ) 2( :والصحيح أنه) ص(هكذا فى ) 3(

على من يضن بخلع العذار... وما جاد دهر بلذاته .وهو ألبى نواس فى مالحاة له مع مسلم بن الوليد

.وهى خطأ فى النسخ) تبين من بقي(جاءت فى الشطر ) 4(

)1/281(

ها ومن يرد ثـواب اآلخرة نـؤته وما كان لنـفس أن تموت إال بإ يا نـؤته منـ نـ ها وسنجزي الشاكرين ذن الله كتابا مؤجال ومن يرد ثـواب الد ) 145(منـ

ئر اطلعوا على مكنونات السرائر بلطائف التلويح بمقدار ما أعطوا إن الرسل موقوفون حيثما وقفوا، ومخبرون عما عرفوا بمقدار ما عرفوا فإذا أيدوا بأنوار البصا .من اإلشراق بوظائف البلوغ

قلبتم على أعقابكم « سقمت البصائر إال بصيرة الصديق رضى اهللا عنه فأمده اهللا بقوة - صلى اهللا عليه وسلم -لما توفى المصطفى» أفإن مات أو قتل انـفصار الكل مقهورين تحت سلطان قالته لما انبسط عليهم من نور حالته، » من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات«. ، وأفرغ عليه قوة التولي فقالالسكينة

.كالشمس بطلوعها تندرج فى شعاعها أنوار الكواكب فيستتر فيها مقادير مطارح شعاع كل نجم :وقيل أيضا ألنه قال. نه صلى اهللا عليه وسلم ماتأل» أفإن مات أو قتل «: وإنما قال

.» 1» «ما زالت أكلة خيبر تعاودنى فهذا أوان قطعت أبهرى« :قوله جل ذكره

]145آية ) : 3(سورة آل عمران [

نيا )145(نـؤته منها ومن يرد ثواب اآلخرة نـؤته منها وسنجزي الشاكرين وما كان لنـفس أن تموت إال بإذن الله كتابا مؤجال ومن يرد ثواب الد

.األنفاس محصورة ال زيادة فيها، وال نقصان منها» 2« .للصالحين العاقبة ولآلخرين الغفلة: » ومن يرد ثواب الدنيا نـؤته منها« .وثواب اآلخرة أو له الغفران ثم الجنان ثم الرضوان: » خرة نـؤته منهاومن يرد ثواب اآل «

__________ وهذا قاله فى مرض «: قال المقريزى» ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أيهرى من ذلك السم«وفى البخاري بلفظ ) 1(

.» موته .وقد التبس عليها ختام اآلية السابقة) يجزى اهللاوس(أخطأ الناسخ إذ أضاف ) 2(

)1/282(

ولهم إال أن قالوا ربـنا ) 146(وا وما استكانوا والله يحب الصابرين وكأين من نبي قاتل معه ربـيون كثير فما وهنوا لما أصابـهم في سبيل الله وما ضعف وما كان قـنا في أمرنا وثـبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين اغفر لنا ذنو يا وحسن ثـواب اآلخرة والله يحب المحسنين ) 147(بـنا وإسرافـ نـ فآتاهم الله ثـواب الد

)148 (

.الشكر الشكر وجزاء: » وسيجزي الله الشاكرين « :قوله جل ذكره

]146آية ) : 3(سورة آل عمران [

)146(ما استكانوا والله يحب الصابرين وكأين من نبي قاتل معه ربـيون كثير فما وهنوا لما أصابـهم في سبيل الله وما ضعفوا و وجدوا محبة الحق -ى الوفاء، وقاموا بحق الصفاء، ولم يرجعوا عن الطريق، وطالبوا نفوسهم بالتحقيق، وأخذوا عليها بالتضييق والتدقيقإن الذين درجوا عل

وا عن زاغوا عن شرط الجهد، وال زاغوا فى حفظ العهد، وسلموا تسليما، وخرج» 1«سبحانه ميراث صبرهم، وكان الخلف عنهم الحق عند نهاية أمرهم، فما .الدنيا وكان كل منهم للعهد مقيما مستديما، وعلى شرط الخدمة والوداد مستقيما

:قوله جل ذكره ]147آية ) : 3(سورة آل عمران [

ولهم إال أن قالوا ربـنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثـبت أقدامنا وانص )147(على القوم الكافرين رناوما كان قـ :عن إظهار الدعوى، ثم نطقوا بلسان االستغفار، ووقفوا فى موقف االستحياء، كما قيل» 2«تحققوا بحقائق المعنى فخرسوا

فكأنما حسناته آثام... يتجنب اآلثام ثم يخافها :قوله جل ذكره

]148آية ) : 3(سورة آل عمران [

نيا وحسن ثواب اآلخرة والله يحب المحسنين فآتاهم الله )148(ثواب الد .وأقل ذلك القناعة ثم الرضا ثم العيش معه ثم األنس فى الجلوس بين يديه ثم كمال الفرح بلقائه، ثم استقالل السر بوجوده

__________ )فما(ف المعنى المراد، والصحيح وهذا يخال) فلما زاغوا(أخطا الناسخ إذ نقلها ) 1( .وردت بالحاء والصواب أن تكون بالخاء، فالمعنى يتطلب ذلك ويقوى به) 2(

)1/283(

قلبوا خاسرين تـنـ ر الناصرين ) 149(يا أيـها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يـردوكم على أعقابكم فـ سنـلقي في قـلوب الذين ) 150(بل الله موالكم وهو خيـ ) 151(بالله ما لم يـنـزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثـوى الظالمين كفروا الرعب بما أشركوا

.وحسن ثواب اآلخرة، والله يحب المحسنين .يعنى دخولهم الجنة وهم محررون عنها، غير داخلين فى أسرها

.» 1«ة عن الدارين برؤية خالفهما ويقال ثواب الدنيا واآلخرة الغيبفوجب أن يكون لثواب اآلخرة مزية على ثواب الدنيا حيث خصه بوصف الحسن، وتلك المزية » وحسن ثواب اآلخرة «قال فى اآلخرة » ثواب الدنيا«ولما قال

.دوامها وتمامها وثمارها، وأنها ال يشوبها ما ينافيها، ويوقع آفة فيها :ذكرهقوله جل

]150الى 149اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

قلبوا خاسرين تـنـ ر الناصرين ) 149(يا أيـها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يـردوكم على أعقابكم فـ )150(بل الله موالكم وهو خيـ :، فألقوكم فى ظلماتهم، بل اهللا موالكم» 2«روكم إلى أحوالهم يعنى إن طاوعتم األضداد ج

ر الناصرين «ناصركم ومعينكم وسيدكم ومصلح أموركم، ألنه يعينكم على أنفسكم ليكفيكم شرها، ومن سواه يزيد فى بالئكم إذا ناصروكم ألنهم : » وهو خيـ .يعينون أنفسكم عليكم

ر الناصرين « .ألن من سواه يمن عليك بنصرته إياك، وهو يجازيك على استنصارك به» وهو خيـيعطيك كل لطيفة، وال يرضى بأال -سبحانه -ويقال كل من استنصرت به احتجت إلى أن تعطيه شيئا من كرائمك ثم قد ينصرك وقد ال ينصرك، فإذا استنصرته

.ينصرك :قوله جل ذكره

]151آية ) : 3(سورة آل عمران [ )151(ار وبئس مثـوى الظالمين نـلقي في قـلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم يـنـزل به سلطانا ومأواهم الن س

__________ العبد ) حضور(فكر فى عقاب، وعلى حسب الغيبة عن الخلق يكون الغيبة فى المصطلح الصوفي من مقوماتها أال يحس العبد بوارد من تذكر ثواب أو ت) 1(

.بالحق . [.....]وهذا خطأ فى النسخ) أحوالكم(وردت ) 2(

)1/284(

يا ومنكم من يريد اآلخرة صيتم م ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونـهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتـنازعتم في األمر وع نـ ن بـعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين ) 152(ثم صرفكم عنـ

فكذلك أجرى هذه السنة مع . » نصرت بالرعب«: بإلقاء الرعب منه فى قلوب أعدائه، قال عليه السالم -اهللا عليه وسلمصلى -إن اهللا سبحانه خص نبينا .هيبة فى القلوب وقهر -على المبطلين وأصحاب الدعوى والتمويه -أوليائه يطرح الهيبة منهم فى القلوب، فال يكاد يكون محق إال ومنه

:قوله جل ذكره ]152آية ) : 3(عمران سورة آل [

نيا ومنكم من يريد اآلخر ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونـهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في األمر وعص ة يتم من بـعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين )152(ثم صرفكم عنـ

-تنصرتهإنه سبحانه يجازيك على استنصارك به، ويقال كل من استنصرت به احتجت إلى أن يعطيه شيئا من كرائمك ثم قد ينصرك وقد ال ينصرك، فاذا اس( »1«) . يعطيك كل لطيفة، وال يرضى بأال ينصرك -هسبحان

طريق االستقامة، اإلشارة من هذه اآلية إلى أن الحق سبحانه أقام أولياءه بحق حقه، وأقعدهم عن تحصيل حظوظهم، وقام سبحانه بكفايتهم بكل وجه، فمن الزمعثر فى مشيته، واضطربت -ولو خطوة -اية ودوامها، ومن ضل عن االستقامةولم يزغ عن حده ولم يزغ فى عهده، فإنه سبحانه يصدق وعده له بجميل الكف

.حاله وكفايته، فمن زاد زيد له، ومن نقص نقص له -بمقدار جرمه -عليهنيا ومنكم من : قوله جل ذكره منكم من يريد الد

__________ ولقد صدقكم الله «فى ختام اآلية قبل السابقة وال ندرى هل أعادها القشيري هنا لتفسير » ر الناصرين وهو خيـ «ما بين القوسين سبق وروده عند تفسير ) 1(

أم أن الناسخ قد وقع فى التكرار سهوا أثناء الكتابة؟» وعده

)1/285(

ثم ) 153(ا تـعملون أخراكم فأثابكم غما بغم لكيال تحزنوا على ما فاتكم وال ما أصابكم والله خبير بم إذ تصعدون وال تـلوون على أحد والرسول يدعوكم فير الحق ظن الجاهلية يـقولون هل لنا من األمر م أنـزل عليكم من بـعد الغم أمنة نـعاسا يـغشى طائفة منكم وطائفة قد فسهم يظنون بالله غيـ هم أنـ تـ ن شيء قل أهم

فسهم ما ال يـبدون لك يـقولون لو كان لنا من ا ى ألمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بـيوتكم لبـرز الذين كتب عليهم القتل إل إن األمر كله لله يخفون في أنـ ) 154(ر مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قـلوبكم والله عليم بذات الصدو

هم ليبتليكم ولقد عفا عنكم، والله ذو فضل على المؤمن .ين يريد اآلخرة، ثم صرفكم عنـ .ة فهو سيد وقتهقيمة كل أحد إرادته فمن كانت همته الدنيا فقيمته خسيسة حقيرة كالدنيا، ومن كانت همته اآلخرة فشريف خطره، ومن كانت هممه رباني

.عليه، وأزلفه بمحل الخصوصية لديه -بلطفه -ويقال من صفا عن إرادته وصل إليه، ومن وصل إليه أقبلهم «: قوله اإلشارة منه أنه صرف قوما عنه فشغلهم بغيره عنه، وآخرون صرفهم عن كل غير فأفردهم له فالزاهدون صرفهم عن الدنيا، : » ثم صرفكم عنـ .ابدون صرفهم عن اتباع الهوى، والمريدون صرفهم عن المنى، والموحدون صرفهم عما هو غير وسوىوالع

:قوله جل ذكره ]154الى 153اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

ثم ) 153(لكيال تحزنوا على ما فاتكم وال ما أصابكم والله خبير بما تـعملون إذ تصعدون وال تـلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم هم أنـفسهم ر أنـزل عليكم من بـعد الغم أمنة نعاسا يـغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتـ الحق ظن الجاهلية يـقولون هل لنا من األمر من شيء قل يظنون بالله غيـ

فسهم ما ال يـبدون لك يـقولون لو كان لنا من األمر شي يوتكم لبـرز الذين كتب عليهم القتل إلى ء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بـ إن األمر كله لله يخفون في أنـ )154(مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قـلوبكم والله عليم بذات الصدور

)1/286(

من أنفسهم، ومن جميع األقطار حتى كأن األحجار من الشوارع واللبن -قع لهم فترة، ودواعى الحق سبحانهاإلشارة من هذه اآلية ألقوام ت» إذ تصعدون «: قولهوهو مصر فى ليه، مقيم على غيه، جاحد لما يعلم أنه هو األحق واألولى من حاله، فإذا قضى وطره واستوفى بهمته، ! ال تفعل يا عبد اهللا: تناديه -من الجدرانوحشة على -سبحانه -مسك من إرسال عنانه، ويقف عن ركضه فى ميدانه، فال يحصل إال على أنفاس متصاعدة، وحسرات متواترة فأورثه الحق فال محالة ي

، بجميل لطفه، وأقبل عليه بحسن عطفه، وأنقذه من ضيق أسره، ونقله إلى سعة عفوه وفضله -سبحانه -حتى إذا طال فى التحسر مقامه تداركه الحق. وحشة .ويقومون باهللا هللا بال انتظار تقريب وال مالحظة ترحيب» 1«(......) وكثير من هؤالء يصلون إلى محل األكابر ثم يقفون باهللا هللا

هم أ : قال تعالى تـ ر الحق ظن الجاهلية فأهل التحقيق والتوحيد ثم أنـزل عليكم من بـعد الغم أمنة نعاسا يـغشى طائفة منكم وطائفة قد أهم فسهم يظنون بالله غيـ نـإلى القول بترك أنفسهم، وغسل أيديهم منهم، ورفع قلوبهم عنهم فيعيشون باهللا هللا، بال مالحظة طمع وطلبة، بل على عقيدة اليأس » 2«يصلون بعد فتراتهم

.، وتركوا كل نصيب وحظ، وهذه صفة من أنزل عليه األمنة» 3«عهد، وبدلوا اللحظ عليه أكدوا ال. عن كل شىء فبقوا فى وحشة نفوسهم، ومن عاجل عقوبتهم سوء -فأما الطائفة التي أهمتهم أنفسهم

__________ .مشتبهة) 1( ) .وتجرع حسراتهم(ى تتالءم مع بالطاء واألصوب أن تكون بالتاء ألن الفترة وقت مقاساة ومعاناة فه) فطراتهم(وردت ) 2( .اللحظ هنا معناها المالحظة، مالحظة النفس أو مالحظة العوض) 3(

)1/287(

هم إن الذين تـولوا منكم يـوم التـقى الجمعان إنما استـزلهم الشيطان ببـعض ما كسبوا و ) 155(إن الله غفور حليم لقد عفا الله عنـ

.» ونـقلب أفئدتـهم وأبصارهم كما لم يـؤمنوا به أول مرة «: عقيدتهم فى الطريقة بعد إيمانهم بها قال تعالىفى أمرهم فال إقبال لهم على الصواب بالحقيقة، وال إعراض بالكلية، يحيلون فترتهم لهؤالء أنهم يتحيرون » هل لنا من األمر من شيء «: واإلشارة فى قوله تعالى

:قال تعالى. إلى اجتهادهم، وينسون ربهم فى الحالين، فال يبصرون تقدير الحق سبحانه -لو كانت لقلوبهم -على سوء اختيارهم، ويضيفون صفوةوأمارة من تحقق . ن المنشئ اهللا انسلخ عن اختياره وأحواله كانسالخ الشعر عن العجين، وسلم أموره إلى اهللا بالكليةفمن عرف أ: » قل إن األمر كله لله «

.بذلك أن يستريح من كد تدبيره، ويعيش فى سعة شهود تقديرهفسهم ما ال يـبدون لك «: وقوله الف ما أظهروا، وأعلنوا غير ما ستروا، وأحالوا الكائنات على أسباب لم يخلصوا فى عقائدهم، وأضمروا خ: » يخفون في أنـ

.توهموها :» قل لو كنتم في بـيوتكم لبـرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم «: قال تعالى

.وأن اهللا غالب على أمره ، والقدر ال يكابر، وأن الكائنات محتومة،» 1«أخبر أن التقدير ال يزاحم فأما أهل الحقائق فإنه تعالى ينتزع من قلوبهم كل آفة وحجبة، ويستخلص أسرارهم باإلقبال والزلفة، فتصبح قلوبهم : » وليبتلي الله ما في صدوركم «: وقوله

عن الحظ والنفس، ظاهرة عليها آثار اإلقبال، غالبا عليها حسن التولى، خالصة من الشوائب، صافية عن العالئق، منفردة للحق، مجردة عن الخلق، محررة .بادية فيها أنوار التجلي

:قوله جل ذكره ]155آية ) : 3(سورة آل عمران [

هم إن الله غفور حليم إن الذين تـولوا منكم يـوم التـقى الجمعان إنما استـزلهم الشيطان ببـعض ما كس ) .155(بوا ولقد عفا الله عنـ__________

.وردت بالهاء والصواب أن تكون بالحاء) 1(

)1/288(

خوانهم إذا ضربوا في األرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في يا أيـها الذين آمنوا ال تكونوا كالذين كفروا وقالوا إلر مما يجمعون ) 156(يي ويميت والله بما تـعملون بصير قـلوبهم والله يح ولئن متم أو قتلتم ) 157(ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خيـ

لى الله تحشرون ) 158(إل

.هذه اآلية إلى أحوال من سقمت إرادتهم، وضعفت نياتهم، وقادهم الهوى، وملكتهم الفترة اإلشارة من .عليه قابلهم نصح الناصحين، ودعوة المنى، ووساوس الشياطين فركنوا إلى الغيبة، وآثروا الهوى على التقى فبقوا عنه، ولم يتهنوا بما آثروه

:قوله جل ذكره ]156آية ) : 3(سورة آل عمران [

خوانهم إذا ضربوا في األرض أو كان وا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في يا أيـها الذين آمنوا ال تكونوا كالذين كفروا وقالوا إل )156(ميت والله بما تـعملون بصير قـلوبهم والله يحيي وي

عن قلبه لغفلته » 1«من تعود أن يتلهف على ماضيه وسالفه، أو يتدبر فى مستقبله وآنفه، فأقل عقوبة له ضيق قلبه فى تفرقة الهموم، وامتحاء نعت الحياة .وضيق القلب والتفرقة الوحشة والحسرة -وقالته ليت كذا ولعل كذا، وثمرة الفكرة فى ليت ولعل

:قوله جل ذكره ]158الى 157اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

ر مما يجمعون لى الله تحش ) 157(ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خيـ )158(رون ولئن متم أو قتلتم إلوالدنيا، : فغير مبارك، إن شئتبذل الروح فى اهللا خير من الحياة بغير اهللا، والرجوع إلى اهللا خير لمن عرف اهللا من البقاء مع غير اهللا، وما يؤثره العبد على اهللا

.والعقبى: وإن شئتلى الله تحشرون ان المصير إلى اهللا طاب المسيرإذا ك: قوله ولئن متم أو قتلتم إل

__________ .فهى مقبولة أيضا) الحياء(حياة القلب عمارته باهللا وقد وردت فى مطلع اإلشارة التالية، وال يستبعد أنها ) 1(

)1/289(

هم واستـغفر لهم وشاورهم في األمر فإذا عزمت فـتـوكل على الله إن الله فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب النـفضوا من حولك فاعف عنـلي ) 159(ن يحب المتـوك

:قوله جل ذكره! وإن سفرة إليه بعدها نحط رحالنا لمقاساتها أحلى من العسل: إلى اهللا

]159آية ) : 3(سورة آل عمران [هم فر لهم وشاورهم في األمر فإذا عزمت فـتـوكل على الله إن الله واستـغ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب النـفضوا من حولك فاعف عنـ

لين )159(يحب المتـوكال أنه استخلصه بما ولو جرده عن أوصاف البشرية، وأفرده بما ألبسه من نعت الربوبية، وأخبر أن ما يلوح إليه فمن أنوار التولي، ال من آثار الوفاق والتبري،

عليه أن قواه حتى صحبهم، وصبر على تبليغ الرسالة إليهم، وعلى ما كان يقاسيه -سبحانه -ويقال إن من خصائص رحمته! ألبسه وإال متى كان بتلك الصفة؟أال ترى إلى ! ه الحق بها وإال متى أطاق صحبتهم؟مع سلطان ما كان مستغرقا له ولجميع أوقاته من استيالء الحق عليه، فلوال قوة إلهية استأثر -من اختالفهم

موسى عليه السالم لما كان قريب العهد بسماع كالمه كيف لم يصبر على مخاطبة أخيه فأخذ برأس أخيه يجره إليه؟ .لما أطاق صحبتهم -ويقال لوال أنه صلى اهللا عليه وسلم شاهدهم محوا فيما كان يجرى عليهم من أحكام التصريف، وتحقق أن منشئها اهللا

لو سقيتهم صرف شراب التوحيد غير ممزوج بما فيه لهم حظ لتفرقوا عنك، هائمين على : » ولو كنت فظا غليظ القلب النـفضوا من حولك «: قوله تعالىهم «وجوههم، غير مطيقين للوقوف لحظة، فانتصب -قك وتوقيرك، وما عثرت عليه من تفريطهم فى خدمتنا وطاعتنافيما يكون تقصيرا منهم فى ح» فاعف عنـ

.لهم شفيعا إليناهم «ويقال ثم رده عن هذه الصفة بما أثبته فى مقام العبودية، ونقله إلى . عنهم فإن حكمك حكمنا، فأنت ال تعفو إال وقد عفونا - أنت -فاعف» فاعف عنـ

وصف التفرقة

)1/290(

مع أنبيائه عليهم السالم وأوليائه، يردهم من جمع إلى فرق ومن فرق إلى -سبحانه -وكذا سنته. ف فى محل التذلل مبتهال إلينا فى استغفارهمثم ق: فقالهم «: جمع، فقوله .فرق» واستـغفر لهم «: جمع، وقوله» فاعف عنـ

هم «ويقال .» اللهم اهد قومى فإنهم ال يعلمون«: تف بذلك ما لم تستغفر لهم إكماال للكرم ولهذا كان يقولوتجاوز عنهم فى حقوقك، وال تك» فاعف عنـحقك وحقى، فاذا عفوت أنت فال يكفى هذا القدر بل إن لم أتجاوز عنهم فى حقى كانوا مستوجبين للعقوبة فمن : ويقال ما يقصرون فى حقك تعلق به حقان

.م يغفر اهللا له فيما ترك من أمرهأرضى خصمه ال ينجبر حاله ما لأي أثبت لهم محال فإن المعفو عنه فى صدار الخجلة ال يرى لنفسه مقام الكرامة، فإذا شاورتهم أزلت عنهم » واستـغفر لهم وشاورهم في األمر «وقوله

.انكسارهم، وطيبت لهم قلوبهم .قه أمر بالعفو عنه، ومن مرتكب لذنوبه أمر باالستغفار له، ومن مطيع غير مقصر أمر بمشاورتهفمن مقصر فى ح: ويقال تجنسوا فى أحوالهم

.تتكل على رأى مخلوق وكل األمور إلى، فإنا ال نخليك عن تصريف القبضة بحال» 1«أي ال » فإذا عزمت فـتـوكل على الله «: ثم قال .ة القلوب عن كد التدبيروحقيقة التوكل شهود التقدير، واستراح

بعطائه، وآخرون -عند توكلهم -ونصب، وإنه يعامل كال بما يستوجبه فقوم يغنيهم» 2«يذيقهم برد الكفاية ليزول عنهم كل لغب » إن الله يحب المتـوكلين « .قدره وقضائه» 3«على تلوينات -يقفون معه به لهبلقائه، وقوم يرضيهم فى عموم أحوالهم حتى يكتفون ببقائه، و -عند توكلهم -يكفيهم

__________ .من الناسخ) ال(سقطت ) 1( )تعب(بالغين، وربما كانت فى األصل ) لغب(بالقاف والصواب أن تكون ) لقب(وردت ) 2( .ألحوال، ولهذا فالمعنى يتقبل كال اللفظينيتقلب ا -حسب االصطالح الصوفي -، وتلوين األحوال مصحوب) تقلبات(اللفظة رديئة الخط، ويحتمل أنها ) 3(

)1/291(

ليتـوكل المؤمنون إن يـنصركم الله فال غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي يـنصركم من بـعده وعلى الل ) 160(ه فـ

:قوله جل ذكره ]160ة آي) : 3(سورة آل عمران [

ليتـوكل المؤمنون إن يـنصركم الله فال غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي يـنصركم من بـعده وعلى الله )160( فـ .المؤمنون نصرته لهم بالتوفيق لألشباح ثم بالتحقيق لألرواح

.السرائر» 1«واهر وتسديد ويقال ينصركم اهللا بتأييد الظ .ويقال للنصرة إنما تكون على العدو، وأعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك

شبهات الدواعي التي والنصرة على النفس بأن تهزم دواعى منتها بعواصم رحمته حتى تنفض جنود الشهوات بهجوم وفود المنازالت فتبقى الوالية هللا خالصة من .وات النفوس وأمانيها، التي هى آثار الحجبة وموانع القربةهى أوصاف البشرية، وشه

رق الخذالن التخلية مع المعاصي، فمن نصره قبض على يديه عن تعاطى المكروه، ومن خذله ألقى حبله على غاربه، ووكله إلى سوء اختياره، فيفت» إن يخذلكم « .فال مجير له» 2«تارة يغرب غير محترم، أال ومن سيبه الحق فال آخذ بيده، ومن أسلمه عليه الحال فى أودية الشهوات، فمرة يشرق غير محتشم، و

العفو على هناة الجرم عند خلوص االلتجاء، بالتبري من المنة » 3«فى وجدان األمان عند صدق االبتهال، وإسبال ثوب : » وعلى الله فـليتـوكل المؤمنون « .والحولفمن ذا الذي يـنصركم من «: بل قال بالتلويح والرمز» فال ناصر لكم«، ولما كان حديث الخذالن لم يقل » فال غالب لكم «: ا كان حديث النصرة قالويقال لم

:» بـعده .وفى هذا لطيفة فى مراعاة دقائق أحكام الخطاب

__________ .من السداد) 1( :أي أسلمه إلى نفسه) 2( .ولذلك آثرناها) ثوب: (، والمالئم لالسبال) ثواب(وردت ) 3(

)1/292(

الله كمن باء بسخط من الله أفمن اتـبع رضوان ) 161(بت وهم ال يظلمون وما كان لنبي أن يـغل ومن يـغلل يأت بما غل يـوم القيامة ثم تـوفى كل نـفس ما كس ) 163(هم درجات عند الله والله بصير بما يـعملون ) 162(ومأواه جهنم وبئس المصير

:قوله جل ذكره ]161آية ) : 3(سورة آل عمران [

)161(يأت بما غل يـوم القيامة ثم تـوفى كل نـفس ما كسبت وهم ال يظلمون وما كان لنبي أن يـغل ومن يـغلل ن أمرنا، وال أحوال األنبياء عن الدنس بالخيانات، فمن حملناه من الرسالة إلى عبادنا يوصلها إلى مستحقيها واجبا، وال يعتنى بشأن حميم له من دو » 1«نزه مات : ألبى طالب لما قال له أمير المؤمنين على رضى اهللا عنه» اذهب فواره«: أال ترى كيف قال. نع نصيب أحد أمرناه بإيصاله إليه، بحقد ينطوى عليهيم

وكيف قبل الوحشى قاتل حمزة لما أسلم؟. الضال» 2«عمك » أمرنا أن ننزل الناس منازلهم«ى غير أهلها، بل ينزلون كل أحد عند ما يستوجبه، وفى األثر ويقال ما كان لنبى من األنبياء صلوات اهللا عليهم أن يضع أسرارنا ف

:قوله جل ذكره

]163الى 162اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

)163(هم درجات عند الله والله بصير بما يـعملون ) 162(أفمن اتـبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ما زجر عنه، ال يستوى من رضى عنه فى آزاله ومن سخط عليه فخذله فى أحواله، وجعله متكال على أعماله، ناسيا لشهود أفضاله، واتباع الرضوان بمفارقة

.د فى اعتناق المأمور فقد اتبع الرضوان، واستوجب الجنانومعانقة ما أمر به، فمن تجرد عن المزجور، وتجل __________

.بالحاء) نزح(أخطأ الناسخ فكتبها ) 1( :هكذا أخرجه ابن سعد وابن عساكر عن على رضى اهللا عنه» اذهب فغسله وكفنه وواره غفر اهللا له ورحمه«) 2(

بموته ) ص(لما مات أبو طالب أخبرت النبي : لنسائي وابن الجارود وابن خزيمة عن على قالإن هذا الحديث أخرجه أيضا أبو داود وا: وفى السيرة الحلبية :فبكى وقال

.» اذهب فغسله وكفنه وواره غفر اهللا له ورحمه« ) . [.....]44ص ( 1382لزينى دحالن ط طهران سنة » أسنى المطالب فى نجاة أبى طالب«وانظر أيضا

)1/293(

يهم ويـعلمهم لقد من الله لو عليهم آياته ويـزك فسهم يـتـ بل لفي ضالل مبين على المؤمنين إذ بـعث فيهم رسوال من أنـ ) 164( الكتاب والحكمة وإن كانوا من قـفسكم إن الله على كل شيء قدير أولما أصابـتكم مصيبة قد أصبت ها قـلتم أنى هذا قل هو من عند أنـ وما أصابكم يـوم التـقى الجمعان فبإذن الله ) 165(م مثـليـ

يمان يل لهم تـعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفـعوا قالوا لو نـعلم قتاال التـبـعناكم هم لل وليـعلم الذين نافـقوا وق ) 166(وليـعلم المؤمنين هم لإل كفر يـومئذ أقـرب منـ ) 167(كتمون يـقولون بأفـواههم ما ليس في قـلوبهم والله أعلم بما ي

.أي هم أصحاب درجات فى حكم اهللا، فمن سعيد مقرب، ومن شقى مبعد: هم درجات عند الله :قوله جل ذكره

]164آية ) : 3(سورة آل عمران [

لوا عل فسهم يـتـ بل لفي ضالل مبين لقد من الله على المؤمنين إذ بـعث فيهم رسوال من أنـ يهم ويـعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قـ )164(يهم آياته ويـزكم، وكان براهينه أجزل لديهم العارفة، وأحسن إليهم النعم حيث أرسل إليهم مثل المصطفى سيد الورى صلوات اهللا عليه وعلى آله، وعرفهم دينهم، وأوضح لهم

..لهم بكل وجه فال نعمه شكروا، وال حقه وقروا، وال بما أرشدهم استبصروا، وال عن ضاللتهم أقصرواوأما المؤمنون فتقلدوا المنة فى االختيار، وقابلوا األمر بالسمع والطاعة عن كنه االقتدار، فسعدوا فى الدنيا . هذا وصف أعدائه الذين جحدوا واستكبروا

.استوجبوا من اهللا الكرامة والزلفىوالعقبي، و :قوله جل ذكره

]165آية ) : 3(سورة آل عمران [

فسكم إن الل )165(ه على كل شيء قدير أولما أصابـتكم مصيبة قد أصبتم مثـليها قـلتم أنى هذا قل هو من عند أنـ( ... ى ان ما منهم من الخطأ والعصيان، والرجوع إلى اهللا بالتهمة فيما يتصل بهم من المحن والخسران، وفنون المكاره واالفتتان، وإن من تعاطعادة الخلق نسي

.اإلجرام فحقيق بأال ينسى حلول االنتقام» 1«) :قوله جل ذكره

]167الى 166اآليات ) : 3(سورة آل عمران [اال وليـعلم الذين نافـقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفـعوا قالوا لو نـعلم قت) 166(التـقى الجمعان فبإذن الله وليـعلم المؤمنين وما أصابكم يـوم

هم لإليمان يـقولون بأفواههم ما ليس في قـلوبهم والله أعلم بما يكتمون التـبـعناكم هم للكفر يـومئذ أقـرب )167(منـ__________

.مشتبهة) 1(

)1/294(

فسكم الموت إن خوانهم وقـعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنـ ) 168(كنتم صادقين الذين قالوا إل

بالء يصيب بإذن اهللا لمن العسل أحلى، ومن هون على المؤمنين وأصحاب البصائر ما لقوا من عظيم الفتنة يوم أحد، بأن قال إن ذلك أجمع كان بإذن اهللا، وإن .كل نعيم أشهى

:ثم أخبر أن الذين لم يكن لهم فى الصحبة خلوص كيف تعللوا وكيف تكاسلوا مل الوصال وقال كان وكانا... وكذا الملول إذا أراد قطيعة

.، ومكروا ومكر اهللا واهللا خير الماكرين» 1«) قوا العسل ودسوا له فيه الحنظلس(فال جرم » يـقولون بأفواههم ما ليس في قـلوبهم «: قوله تعالى :قوله جل ذكره

]168آية ) : 3(سورة آل عمران [

فسكم الموت إن كنت خوانهم وقـعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤا عن أنـ )168( م صادقين الذين قالوا إليسقطوا عن درجة الذين ركنوا إلى ما سولت لهم نفوسهم من إيثار الهوى، ثم اعترضوا على من يصرف أحكام القضاء وقالوا لو تحرزا عن البروز للقتال لم

.لمذمومة تلك الظنون، ولذاهبة عن شهود التحقيق تلك القلوب.. السالمة__________

فالفاعل فى ) . ودس لهم فيه الحنظل(رة لو بنى الفعالن فيها للمعلوم، أما لو بنيا للمجهول فإن الجزء الثاني منها يكون هكذا يمكن أن تقرأ هذه العبا) 1( يرجح الثانية، وإن كنا نميل) ص(الحالة األولى يكون ضميرا يعود على المنافقين، ونائب الفاعل فى الحالة الثانية يكون المولى عز وجل وما جاء فى النسخة

.لألولى

)1/295(

فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يـلحقوا بهم من خلفهم ) 169(وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يـرزقون ) 171(يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله ال يضيع أجر المؤمنين ) 170( خوف عليهم وال هم يحزنون أال

:قوله جل ذكره! اتهيهات هيه! ومتى تقدرون على ذلك؟! استديموا ألنفسكم الحياة، وادفعوا عنها هجوم الوفاة -يا محمد -قل لهم ]170الى 169اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

لحقوا بهم من خلفهم فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يـ ) 169(وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يـرزقون )170(أال خوف عليهم وال هم يحزنون

.الحياة بذكر الحق بعد ما تتلف النفوس فى رضاء الحق أتم من البقاء بنعمة الخلق مع الحجبة عن الحق :وإن قتل -ويقال إن الذي وارثه الحي الذي لم يزل فليس بميت

أفضل -ال شك -فقتل امرئ فى اهللا... لموت أنشئت وإن كانت العبدان ل .من علم أن أحباءه ينتظرونه وهم فى الرفة والنعمة ال يهنأ بعيش دون التأهب واإللمام بهم والنزول عليهم: ويستبشرون بالذين لم يـلحقوا بهم من خلفهم : قوله

:قوله جل ذكره ]171آية : )3(سورة آل عمران [

)171(يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله ال يضيع أجر المؤمنين نه بأنهم عباده وأ علة استبشارهم وموجبه فضل من اهللا ونعمة منه، أي لوال فضله ونعمته بهم وإال متى استبشروا؟ فليس استبشارهم بالنعمة إنما استبشارهم

.، ولوال فضله ونعمته عليهم لما كانت لهم هذه الحالة» 1«موالهم __________

فى أشرف ) ص(ليس أشرف من العبودية، وال اسم أتم للمؤمن من االسم له بالعبودية، وقد وصف بها الرسول -شيخ القشيري وصهره -يقول الدقاق) 1( »ه ما أوحىفأوحى إلى عبد «أوقاته فى الدنيا، قال تعالى

)100الرسالة ص (فإنه أشرف أسمائى ... ال تدعنى إال بيا عبدها

)1/296(

هم واتـقوا اس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم الذين قال لهم الن ) 172(أجر عظيم الذين استجابوا لله والرسول من بـعد ما أصابـهم القرح للذين أحسنوا منـ ) 173(فـزادهم إيمانا وقالوا حسبـنا الله ونعم الوكيل

:قوله جل ذكره ]172آية ) : 3(سورة آل عمران [

هم واتـقوا أجر عظيم الذين استجابوا لله والرسول من بـعد ما أصابـهم القرح )172(للذين أحسنوا منـوهو أنه يستجيب طوعا ال كرها، فهم استجابوا هللا من غير انطواء على تحمل » 1«لالستجابة مزية وفضيلة على اإلجابة من حيث اإلشارة ال من مقتضى العربية

بالتخلق بما -عليه السالم -فاالستجابة للحق بوجوده، واالستجابة للرسول. تحمل الحكم» 2«استحالء مشقة بل بإشارة القلب ومحبة الفؤاد واختيار الروح و .شرع من حدوده

.استجابة الحق بالتحقق بالصفاء فى حق الربوبية، واستجابة الرسول عليه السالم بالوفاء فى إقامة العبودية .داء معامالتهم قبل ظهور أنوار التجلي على قلوبهم، وابتسام الحقائق فى أسرارهمفى ابت: » من بـعد ما أصابـهم القرح «هم « وهو المراقبة فى حال - » 3«فإن لم تكن تراه فإنه يراك ... -وهو المشاهدة والتقوى -... اإلحسان أن تعبد اهللا كأنك تراه «: » للذين أحسنوا منـ

.المجاهدة .هل البداية مؤجال، وألهل النهاية معجالأل» أجر عظيم «

:قوله جل ذكره ]173آية ) : 3(سورة آل عمران [

)173(ه ونعم الوكيل الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبـنا الل .طوالع من الكشوفات، فازدادوا يقينا على يقين -فى أسرارهم -اهرهم شىء من أحوال الدنيا إال انفتحت لهملم يلتبس على ظو

__________ .أي على مقتضى صيغ االشتقاق فى اللغة) 1( .والصواب أن تكون بالحاء) استجالء(فى ص ) 2(أعبد «رجاله ثقات وفيه انقطاع : قال الحافظ العراقي. ن السيوطي سنده، وضعفه المنذرىرواه الطبراني عن أبى الدرداء، وحس » ... أعبد اهللا كأنك تراه «) 3(

.وفى الحلية عن زيد بن أرقم» اهللا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، واحسب نفسك فى الموتى، واتق دعوة المظلوم

)1/297(

قلبوا بنعمة من الله وفضل لم يم إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فال تخافوهم وخافون إن ) 174(سسهم سوء واتـبـعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم فانـ ) 176(هم لن يضروا الله شيئا يريد الله أال يجعل لهم حظا في اآلخرة ولهم عذاب عظيم وال يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنـ ) 175(كنتم مؤمنين

.ومن أمارات اليقين استقالل القلوب باهللا عند انقطاع المني من الخلق فى توهم اإلنجاد واإلعانة :قوله جل ذكره

]174آية : ) 3(سورة آل عمران [

قلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتـبـعوا رضوان الله والله ذو فضل عظ )174(يم فانـ .يظله» 1«، وال النصب مع من صدق فى التجائه إليه أن يمهد مقيله فى ظل كفايته فال البالء يمسه، وال العناء يصيبه -سبحانه -كذا سنة الحق :قوله جل ذكره

]175آية ) : 3(سورة آل عمران [

)175(إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فال تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين بى الذي يخوف بشىء يفزع الصبيان، فإذا خاف لم يهتد إلى غير أمه، اإلشارة فى تسليط دواعى الشيطان على قلوب األولياء صدق فرارهم إلى اهللا كالص» 2«

.فإذا أتى إليها آوته إلى نفسها، وضمته إلى نحرها، وألصقت بخده خدها .كذلك العبد إذا صدق فى ابتهاله إلى اهللا، ورجوعه إليه عن مخالفته، آواه إلى كنف قربته، وتداركه بحسن لطفه

:قوله جل ذكره ]176آية ) : 3(آل عمران سورة[

)176(لهم حظا في اآلخرة ولهم عذاب عظيم وال يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنـهم لن يضروا الله شيئا يريد الله أال يجعل .ه ال يشمت به عدوا، وال ى وصل إليه من قبلهم سوءازاد فى قوة قلبه بما جدد له من تأكيد العهد، بأن

__________ .فالمعنى يتطلب ذلك) النصب(والصواب ) النصيب(فى ص ) 1( .فحذفناها) اهللا(لفظة -سهوا -هنا أضاف الناسخ) 2(

)1/298(

يمان لن يضروا الله شيئا فسهم إنما نملي لهم ليـزدادوا إث ) 177(ولهم عذاب أليم إن الذين اشتـروا الكفر باإل ر ألنـ ما وال يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيـتم عل ) 178(ولهم عذاب مهين من يه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبيما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنـ

) 179(رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تـؤمنوا وتـتـقوا فـلكم أجر عظيم

:هقوله جل ذكر ]177آية ) : 3(سورة آل عمران [

يمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم )177(إن الذين اشتـروا الكفر باإل :إن أضروا فما أضروا إال بأنفسهم، وإن أصروا فما أصروا إال على خسرانهم

ساقتنا إليهم نوازع وال نحن... فما نحن عذبنا ببعد ديارهم :قوله جل ذكره

]178آية ) : 3(سورة آل عمران [

فسهم إنما نملي لهم ليـزدادوا إثما ر ألنـ )178(ولهم عذاب مهين وال يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيـتهم أنا نعذبهم وهم ال يشعرون، نستدرجهم من حيث ال يعلمون نملى لهم فيظنون ذلك إنعاما، وال يحسبونه انتقاما، فإذا من تمام المكر بهم، والمبالغة فى عقوب

دود من جملة برزت لهم كوامن التقدير عند مغاراتها علموا أنهم لفى خسران، وقد اتضح لكل ذى بصيرة أن ما يكون سبب العصيان وموجب النسيان غير مع .اإلنعام

:قوله جل ذكره ]179آية ) : 3(سورة آل عمران [

تم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله فآمنوا بالله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنـ )179(ورسله وإن تـؤمنوا وتـتـقوا فـلكم أجر عظيم

ففى بصيرة » 1«وهم وإن كانوا مشائب . جمعهم اليوم من حيث األشخاص والمبانى، ولكنه فرقهم فى الحقائق والمعاني فمن طيبة سجيته، ومن خبيئة طينته .» 2«الخواص هم ممتازون

__________ .مشائب أخالط) 1( .الذي فى اآلية الكريمة أي إنهم معلومون عندنا نميز طيبهم مهما كانوا أخالطا) يميز(ممتازون هنا مرتبطة بالفعل ) 2(

)1/299(

را لهم بل هو ش ر لهم سيطوقون ما بخلوا به يـوم القيامة ولله ميراث السماوات واألرض والله بما وال يحسبن الذين يـبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيـلهم األنبياء بغير حق ونـقول ذوقوا عذاب الحريق لقد سمع الله قـول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما ) 180(تـعملون خبير ) 181(قالوا وقـتـ

م للعبيد ) 182(ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظال

تظهر للمتلوثين بأدناس البشرية، وإن الحق سبحانه مستأثر بعلم ما جل وقل، فيختص من يشاء من فإن أسرار الغيب ال : » وما كان الله ليطلعكم على الغيب « :أنبيائه بمعرفة بعض أسراره

:قوله جل ذكره

]180آية ) : 3(سورة آل عمران [

ما ل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يـوم القيامة ولله ميراث السماوات واألرض والله ب وال يحسبن الذين يـبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم ب )180(تـعملون خبير

.عنه دفاع -رةفى اآلخ -بذلك استمتاع، وال للعقوبة عليه -فى الدنيا -من آثر شيئا على اهللا لم يبارك له فيه فال يدوم له .منع الواجب، وعلى مقتضى اإلشارة إبقاء شىء ولو ذرة من المال أو نفسا من األحوال -على لسان العلماء -والبخل

:قوله جل ذكره ]182الى 181اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

لهم األنبياء بغير حق ونـقول ذوقوا عذاب الحريق لقد سمع الله قـول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغن تـ ذلك بما قدمت أيديكم ) 181(ياء سنكتب ما قالوا وقـ )182(وأن الله ليس بظالم للعبيد

.ياء من األعداء سنة األحبابوالشكوى إلى األول. هذا الخطاب لو كان بين المخلوقين لكان شكوىل الكفار، فكأنه ويقال علم أن فى المؤمنين من يغتاب الناس، وذلك قبيح من قالتهم، فأظهر قبحا فوق ذلك ليتصاغر قبح قول المؤمنين باإلضافة إلى قبح قو

.يق بنعمتنالئن قبحت قالتهم فى االغتياب فأقبح من قولهم قول الكفار حيث قالوا فى وصفنا ما ال يل: قال

)1/300(

نا أال نـؤمن لرسول حتى يأتيـنا بقربان تأكله النار تـلتموهم إن كنتم صادقين الذين قالوا إن الله عهد إليـ قل قد جاءكم رسل من قـبلي بالبـيـنات وبالذي قـلتم فلم قـبلك جاءوا بالبـيـنات والزبر والكتاب المنير )183( ) 184(فإن كذبوك فـقد كذب رسل من قـ

.لم يسلبهم ما أوالهم مع قبيح ما ارتكبوه من التقصير فى حقوقه - سبحانه -وفيه أيضا إشارة إلى الدعاء إلى الخلق، والتجاوز عن الخصم، فإن اهللاهذه الكلمة من موجبات الخجلة ألهل التقصير بأدق إشارة يعنى أنهم وإن نسوا أحوالهم وأقوالهم فإنا ننشر لهم ما كتبنا عليهم قال : » سنكتب ما قالوا«: قوله

:قائلهم ستنشر يوما والعتاب يطول... صحائف عندى للعتاب طويتها

ما فسوف أقولفإن نلتق يو ... سأصبر حتى يجمع اهللا بيننا م للعبيد هذا لو كان من مخلوق مع مخلوق ألشبه العذر مما ع: قوله هذا : عبدى«: يقول -سبحانه -مله به، فكأنهذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظال

.» من العقوبة ألن الذنب لك، ولو لم تفعله لما عذبنك -اليوم -الذي تلقاه :وله جل ذكرهق

]183آية ) : 3(سورة آل عمران [

موهم إن كنتم صادقين قد جاءكم رسل من قـبلي بالبـينات وبالذي قـلتم فلم قـتـلت الذين قالوا إن الله عهد إلينا أال نـؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل )183(

لقد أمرنا أال نصدق أحدا إال لو أتانا بقربان يتقرب به إلى السماء، وتنزل نار من السماء، : فيما تعللوا به من ترك اإليمان، فقالوا -سبحانه - تقولوا على اهللابياء عليهم السالم أتوكم بما اقترحتم على من القربان، ثم لم تؤمنوا، فلو أجبتكم إليه لن قل لهم إن من تقدمنى من األن: فتأخذ القربان عيانا ببصر، فقال تعالىلم يلج العرفان فى قلبه، وما ازداد إال -فلو خاطبته الشمس بلسان فصيح، أو سجدت له الجبال فرآها بلحظ صحيح -تؤمنوا بي أيضا فإن من أقصته السوابق

.شكا على شك :قوله جل ذكره

]184آية ) : 3(ة آل عمران سور [

)184(فإن كذبوك فـقد كذب رسل من قـبلك جاؤ بالبـينات والزبر والكتاب المنير

)1/301(

يا إال متاع الغرور كل نـفس ذائقة الموت وإنما تـوفـون أجوركم يـوم القيامة فمن زحزح ع نـ لون في أموالكم ) 185(ن النار وأدخل الجنة فـقد فاز وما الحياة الد لتبـبلكم ومن الذين أشركوا أذى ك فسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قـ وإذ أخذ الله ميثاق ) 186(ثيرا وإن تصبروا وتـتـقوا فإن ذلك من عزم األمور وأنـنبذوه وراء ظهورهم واشتـروا به نـنه للناس وال تكتمونه فـ ) 187(فبئس ما يشتـرون ثمنا قليال الذين أوتوا الكتاب لتبـيـ

.وعلى هذا النحو درج سلفهم، ويهديهم اقتدى خلفهم: أي عادة الكفار تكذيب الرسل :قوله جل ذكره

]185آية ) : 3(سورة آل عمران [

نيا إال متاع الغرور كل نـفس ذائقة الموت وإنما تـوفـون أجوركم يـوم القيامة فمن زحزح عن )185(النار وأدخل الجنة فـقد فاز وما الحياة الدسم بكى الصد، ثم أي كأس الموت توضع على كف كل حى فمن تحالها طيبة نفسه أورثته سكر الوجد، ومن تجرعها على وجه التعبس، وقع فى وهدة الرد، وو

:ةيوم القيام .فمن أجير من النار وصل إلى الراحة الكبرى، ومن صلى بالسعير وقع فى المحنة الكبرى

نيا إال متاع الغرور « .ألن ما هو آت فقريب: » وما الحياة الد :قوله جل ذكره

]186آية ) : 3(سورة آل عمران [

فسكم ولتس لون في أموالكم وأنـ بلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتـتـ لتبـ )186(قوا فإن ذلك من عزم األمور معن من الذين أوتوا الكتاب من قـ .لهم إيثار الصبر واختيار السكون تحت مجارى األقداركفاهم أكثر أسباب الضر بما أخبرهم عن حلولها بهم قبل الهجوم، وعرفهم أن خير األمرين

:قوله جل ذكره ]187آية ) : 3(سورة آل عمران [

نبذوه وراء ظ نـنه للناس وال تكتمونه فـ )187(قليال فبئس ما يشتـرون هورهم واشتـروا به ثمنا وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبـيـ

)1/302(

اوات واألرض ولله ملك السم ) 188(بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم ال تحسبن الذين يـفرحون بما أتـوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يـفعلوا فال تحسبـنـهم الذين يذكرون الله قياما وقـعودا وعلى ) 190(إن في خلق السماوات واألرض واختالف الليل والنـهار آليات ألولي األلباب ) 189(والله على كل شيء قدير

) 191(كرون في خلق السماوات واألرض ربـنا ما خلقت هذا باطال سبحانك فقنا عذاب النار جنوبهم ويـتـف

من ذهاب الدين من عن وفائه، ولكنهم نقضوا أسباب الذمام بما صاروا إليه من الكفران، ثم تبين أن ما اعتاضوا» 1«أخبر أنهم أبرموا عهودهم أن ال يزولوا .أعراض يسيرة لم يبارك لهم فيه

:قوله جل ذكره ]188آية ) : 3(سورة آل عمران [

)188(أليم فازة من العذاب ولهم عذاب ال تحسبن الذين يـفرحون بما أتـوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يـفعلوا فال تحسبـنـهم بم بمفازة، وأى عذاب أشد من -فى الحال -إن من باشر رؤية الخلق قلبه، والحظهم بسره فال تظنن أن عقوبتهم مؤخرة إلى يوم القيامة، بل ليسوا من العذاب

الرد إلى الخلق والحجاب عن الحق؟ :قوله جل ذكره

]189آية ) : 3(سورة آل عمران [

)189(ماوات واألرض والله على كل شيء قدير ولله ملك الس .ولكنهم ال يجدون عنه خلفا، وال عليه بدال! عما فى الكون، وكيف يحتاج إليهم؟ -سبحانه -اإلشارة من هذه اآلية هاهنا إلى غناه

:قوله جل ذكره ]191الى 190اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

الذين يذكرون الله قياما وقـعودا وعلى جنوبهم ويـتـفكرون في خلق ) 190(لسماوات واألرض واختالف الليل والنهار آليات ألولي األلباب إن في خلق ا )191(قنا عذاب النار السماوات واألرض ربنا ما خلقت هذا باطال سبحانك ف

قال . لتى فى أنفسهماآليات التي تعرف الحق سبحانه وتعالى بها إلى العوام هى التي فى األقطار من العبر واآلثار، واآليات التي تعرف بها إلى الخواص فا :سبحانه

__________ ال (بعدها لقبلنا ) على(ه مناسبة للمراد من اآلية، ومن سياق المعنى، ولو كان حرف الجر ألن هذ) ان ال يزولوا(ونرجح انها فى األصل ) ان ال يزالوا(وردت ) 1(

) .يزالوا

)1/303(

.فاآليات الظاهرة توجب علم اليقين، واآليات الباطنة توجب عين اليقين» سنريهم آياتنا في اآلفاق وفي أنـفسهم « :إلى اختالف ليالى العباد فليالى أهل الوصلة قصيرة، وليالى أهل الفراق طويلة فهذا يقولواإلشارة من اختالف الليل والنهار

بأنصاف لهن وال سرار... شهور ينقضين وما شعرنا :ويقول

فنمت وأيام السرور قصار... صباحك سكر والمساء خمار :والثاني يقول

شكوت وليل العاشقين طويل(....) ... ليالى أقر الظاعنين :ثالث ليس له خبر عن طول الليل وال عن قصره فهو لما غلب عليه يقولو

!كيف يدرى بذاك من يتقلى؟... لست أدرى أطال ليلى أم ال؟ ورعيت النجوم كنت محال ... لو تفرغت الستطالة ليلى

.أولو األلباب هم الذين صحت عقولهم عن سكر الغفلة: » ألولي األلباب «: قوله تعالى

بت أفكاره مورثة وأمارة من كان كذلك أن يكون نظره بالحق فإذا نظر من الحق إلى الحق استقام نظره، وإذا نظر من الخلق إلى الحق انتكست نعمته، وانقل .للشبهة

:اآلية... الذين يذكرون الله قياما وقـعودا : قوله تعالىا فبذكره، وإن قعدوا أو ناموا أو سجدوا فجملة أحوالهم مستهلكة فى حقائق الذكر، فيقومون بحق ذكره ويقعدون عن استغرق الذكر جميع أوقاتهم فإن قامو

.» 1«إخالف أمره، ويقومون بصفاء األحوال ويقعدون عن مالحظتها والدعوى فيها .ويذكرون اهللا قياما على بساط الخدمة ثم يقعدون على بساط القربة

.اية قيامه عن التقصير لم يسلم له قعود فى نهايته بوصف الحضورومن لم يسلم فى بد__________

) .111الرسالة ص (فى اآلية الكريمة » قياما وقـعودا «القشيري هنا مستفيد من رآى استاذه اإلمام ابن فورك فى ) 1(

)1/304(

.لكان ذلك كافيا» أنا جليس من ذكرنى«: طريق الذكر، وإن لم يكن فيه سوى قولهفما سلك المريدون طريقا أصح وأوضح من -سبحانه -والذكر طريق الحقفذكر يوجب قبض الذاكر لما يذكره من نقص سلف له، أو قبح حصل منه، فيمنعه خجله عن ذكره، فذلك ذكر : والذاكرون على أقسام، وذلك لتباين أحوالهم

.قبض .ثم من تقريب الحق إياه بجميل إقباله عليهوذكر يوجب بسط الذاكر لما يجد من لذائذ الذكر

.وذاكر هو محو فى شهود مذكوره فالذكر يجرى على لسانه عادة، وقلبه مصطلم فيما بدا لهكون وال وال بقاء، وال» 2«) ثناء(، فكأنه لتصاغره عنه ال يريد أن يكون له فى الدنيا واآلخرة » 1«وذاكر هو محل اإلجالل يأنف من ذكره ويستقذر وصفه

:بهاء، قال قائلهم قلبى وروحى وسرى عند ذاكراكا... ما إن ذكرتك إال هم يلعننى

إياك ويحك والتذكار إياكا... حتى كأن رقيبا منك يهتف بي وجميع الخصال المحمودة راجعة إلى والذكر عنوان الوالية، وبيان الوصلة، وتحقيق اإلرادة، وعالمة صحة البداية، وداللة صفاء النهاية، فليس وراء الذكر شىء،

.الذكر، ومنشأة عن الذكر .ويـتـفكرون في خلق السماوات واألرض ربنا ما خلقت هذا باطال : قوله جل ذكره

التفكر نعمة كل طالب، وثمرته الوصال بشرط العلم، فإذا سلم الذكر عن الشوائب__________

.الذكر يلتقى بتعاليم أهل المالمة النيسابورية الذين ال ينظرون ألى عمل إال من حيث رؤية التقصير فيههذا النوع من ) 1( . [.....]وإن كان المعنى يتقبل كليهما) فناء(ربما كانت ) 2(

)1/305(

ته وما للظالمين من أنصار يمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربـنا فاغفر لنا ذن ) 192(ربـنا إنك من تدخل النار فـقد أخزيـ وبـنا وكفر عنا ربـنا إنـنا سمعنا مناديا يـنادي لإلرار سي ) 193(ئاتنا وتـوفـنا مع األبـ

.» 1«ورد صاحبه على مناهل التحقيق، وإذا حصل الشهود والحضور سما صاحبه عن الفكر إلى حدود الذكر، فالذكر سرمد .ثم فكر الزاهدين فى فناء الدنيا وقلة وفائها لطالبها فيزدادون بالفكرة زهدا فيها

.لثواب فيزدادون نشاطا عليه ورغبة فيهوفكر العابدين فى جميل ا .وفكر العارفين فى اآلالء والنعم فيزدادون محبة للحق سبحانه

.سبحانك فقنا عذاب النار : قوله جل ذكره .التسبيح يشير إلى سبح األسرار فى بحار التعظيم

:قوله جل ذكره ]192آية ) : 3(سورة آل عمران [

ته وما للظالمين من أنصار ربنا إنك من )192(تدخل النار فـقد أخزيـ .من ابتليته فى اآلجل بالحرقة فقد أخزيته، ومن ابتليته بالفرقة فى العاجل فقد أشقيته، ومن أوليته بيمن الوصلة فقد آويته وأدنيته

:قوله جل ذكره ]193آية ) : 3(سورة آل عمران [

)193(نا سيئاتنا وتـوفنا مع األبرار ننا سمعنا مناديا ينادي لإليمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر ع ربنا إ .يعنى أجبنا الداعي ولكن أنت الهادي، فال تكلنا إلينا، وال ترفع ظل عنايتك عنا

يوجب إيمان العبد بالحق الذي هو تصديقه -الذي هو إجارته -واإليمان الدخول فى موجبات األمان، وإنما يؤمن بالحق من أمنه الحق، فأمان الحق للعبد .ومعرفته

__________ آلذكر أتم أم الفكر؟. سأل أبو عبد الرحمن السلمى الشيخ الدقاق) [1(

ما الذي يقع لك منه؟: فقال الدقاقعندى الذكر أتم من الفكر ألن الحق سبحانه يوصف بالذكر وال يوصف بالفكر وما وصف به الحق سبحانه أتم مما اختص به الخلق : فأجاب السلمى

.111الرسالة ص ] فاستحسنه الدقاق :اوال لتوضح الفرق بين الذكر والفكر وثانيا لتبرز قول القشيري: وقد ذكرنا هذه الرواية هنا

.أي مستدام) دالذكر سرم(

)1/306(

فاستجاب لهم ربـهم أني ال أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنـثى ) 194(ربـنا وآتنا ما وعدتـنا على رسلك وال تخزنا يـوم القيامة إنك ال تخلف الميعاد هار ثـوابا من بـعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتـلوا وقتلوا ألكفرن بـعضكم هم سيئاتهم وألدخلنـهم جنات تجري من تحتها األنـ عنـ

) 195(نده حسن الثـواب من عند الله والله ع

.وهم المختصون بحقائق التوحيد، القائمون هللا بشرائط التفريد، الواقفون مع اهللا بخصائص التجريد: » وتـوفنا مع األبرار « :قوله جل ذكره

]194آية ) : 3(سورة آل عمران [

)194(نا يـوم القيامة إنك ال تخلف الميعاد ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك وال تخز

.وغفران كل ما سبق منا من متابعات الهوى» 2«(.....) من إكمال النعمى » 1«حقق لنا ما وعدتنا على ألسنة الوسائط :قوله جل ذكره

]195آية ) : 3(سورة آل عمران [

أوذوا في سبيلي وقاتـلوا وقتلوا يع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بـعضكم من بـعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم و فاستجاب لهم ربـهم أني ال أض هم سيئاتهم وألدخلنـهم جنات تجري من تحته )195(ا األنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب ألكفرن عنـ

.ئجكيف ال يستجيب لهم وهو الذي لقنهم الدعاء، وهو الذي ضمن لهم اإلجابة، ووعده جميل الثواب على الدعاء زائد على ما يدعون ألجل الحوا .ار، وجميع المخالفين والموافقين من األغياريعنى الديار والمز : » فالذين هاجروا« .إلى مفارقة معاهدهم من مألوفاتهم: » وأخرجوا من ديارهم « .عيروا بالفقر والمالم، وفتنوا بفنون المحن واآلالم: » وأوذوا في سبيلي«

__________ .يقصد الرسل عليهم السالم) 1( .مشتبهة) 2(

)1/307(

هار ) 197(متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ) 196(ال يـغرنك تـقلب الذين كفروا في البالد لكن الذين اتـقوا ربـهم لهم جنات تجري من تحتها األنـرار خالدين فيها نـزال من ر لألبـ ه ال يشتـرون وإن من أهل الكتاب لمن يـؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لل ) 198(عند الله وما عند الله خيـ

) 200(يا أيـها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتـقوا الله لعلكم تـفلحون ) 199(م أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب بآيات الله ثمنا قليال أولئك له

.ذاقوا من اختالف األطوار الحلو والمر: » وقاتـلوا وقتلوا«هم سيئاتهم ألكف « .يعنى لنعطينهم فوق آمالهم وأكثر، مما استوجبوه بأعمالهم وأحوالهم: » رن عنـ

:قوله جل ذكره ]197الى 196اآليات ) : 3(سورة آل عمران [

)197(نم وبئس المهاد متاع قليل ثم مأواهم جه ) 196(ال يـغرنك تـقلب الذين كفروا في البالد .ال تتداخلنك تهمة بأن لهم عندنا قدرا وقيمة إنما هى أيام قالئل وأنفاس معدودة، ثم بعدها حسرات مترادفة، وأحزان متضاعفة

:قوله جل ذكره ]198آية ) : 3(سورة آل عمران [

ر لألبرار لكن الذين اتـقوا ربـهم لهم جنات تجري من )198(تحتها األنهار خالدين فيها نـزال من عند الله وما عند الله خيـاهللا والنعيم، وما عند الذين وسمناهم بذل الفرقة بئست حالتهم، والذين رفعوا قدما ألجلنا فنعمت الحالة والزلفة وصلوا إلى الثواب المقيم، وبقوا فى الوصلة

.مما ادخرنا لهم خير مما أملوه باختيارهم :قوله جل ذكره

]199آية ) : 3(سورة آل عمران [

قليال أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع يشتـرون بآيات الله ثمنا وإن من أهل الكتاب لمن يـؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله ال

)199(الحساب .يريد من ساعدتهم القسمة بالحسنى فهم مع أولياء اهللا نعمة كما كانوا معهم قسمة

:قوله جل ذكره ]200آية ) : 3(سورة آل عمران [

)200(بروا ورابطوا واتـقوا الله لعلكم تـفلحون يا أيـها الذين آمنوا اصبروا وصا

)1/308(

.الصبر فيما تفرد به العبد، والمصابرة مع العدو .والرباط نوع من الصبر ولكن على وجه مخصوص

.» 1«ويقال أول الصبر التصبر، ثم الصبر ثم المصابرة ثم االصطبار وهو نهاية طاعات وعن المخالفات، وتصابروا فى ترك الهوى والشهوات، وقطع المنى والعالقات، ورابطوا باالستقامة فى الصحبة فى عموم األوقات ويقال اصبروا على ال

.والحاالت .ويقال اصبروا بنفوسكم وصابروا بقلوبكم، ورابطوا بأسراركم

.على شهود الجمال والعزة -محل الدنو والزلفةويقال اصبروا على مالحظة الثواب، وصابروا على ابتغاء القربة، ورابطوا فى .والصبر مر مذاقه إذا كان العبد يتحساه على الغيبة، وهو لذيذ طعمه إذا شربه على الشهود والرؤية

م، وإذا ظفروا بنفوسهم ذبحوها بسيوف المجاهدة، الفالح الظفر بالبغية، وهمتهم اليوم الظفر بنفوسهم، فعند ذلك يتم خالصه: » واتـقوا الله لعلكم تـفلحون « .وصلبوها على عيدان المكابدة، وبعد فنائهم عنها يحصل بقاؤهم باهللا

__________ يحاول أن يؤسس المصطلح الصوفي على دعائم لغوية تعتمد على -وهذا شأنه دائما -انه) ص ب ر(يمكن أن يجد القارئ فى صنيع القشيري حول مادة ) 1( .وهكذا... روق الدقيقة بين صيغ االشتقاق المختلفة من المادة الواحدة فصيغة المفاعلة فيها المشاركة، وصيغة التفعل فيها تكلف يالئم البداية الف

)1/309(

السورة التي يذكر فيها النساء .ومنهم من قال إنه مشتق من السمة وهى الكية. و وهو العلو بسم اهللا الرحمن الرحيم اختلفوا فى االسم عن ماذا اشتق فمنهم من قال إنه مشتق من السم

فمن قال إنه مشتق من السمو فهو اسم من ذكره سمت رتبته، ومن عرفه سمت حالته، ومن صحبه سمت همته فسمو الرتبة يوجب وفور : وكالهما فى اإلشارة .مو الهمة يوجب التحرز عن رق األغبارالمثوبات والمبار، وسمو الحالة يوجب ظهور األنوار فى األسرار، وس

، ومن صحبه وسم بسمة اإلرادة، ومن أحبه وسم بسمة الخواص، ومن عرفه وسم بسمة » 1«ومن قال أصله من السمة فهو اسم من قصده وسم بسمة العبادة مع شرف خطرها، -الجنان أن تطمع فى استرقاق صاحبهافسمة العبادة توجب هيبة النار أن ترمى صاحبها بشررها، وسمة اإلرادة توجب حشمة . االختصاص

، وسمة االختصاص توجب امتحاء الحكم عند استيالء سلطان » 2«وسمة الخواص توجب سقوط العجب من استحقاق القربة للماء والطينة على الجملة .الحقيقة

.سم بكى الفرقة قلبهومن فاصله و . » 3«) سبحانه(األوهام قدره ) عن(ويقال اسم من واصله سما عنده __________

ذي يبدأ هنا حدث اضطراب من الناسخ فاخطأ فى النقل وقد رتبنا الكالم فى النصف األول من الفقرة حسب الترتيب الوارد فى النصف الثاني منها وال) 1( .» إلخ.... قسمة العبادة توجب«

.اتهذلك الترتيب الذي يتمشى مع المذهب العام للقشيرى فى كل مصنف .هو الذي خوطب بتبادل الذكر والمحبة مع الحق جل شأنه -دون سائر الكائنات -يقصد تشريف اإلنسان على جملة المخلوقات، فاالنسان وحده) 2( :يقول القشيري فى رسالته(ليمتنع اللبس، وهما غير موجودين فى النص ) سبحانه(و ) عن(وضعنا ) 3(

) .ما يصوره وهمك فاهللا بخالف ذلك

)1/310(

هم ها زوجها وبث منـ ا رجاال كثيرا ونساء واتـقوا الله الذي تساءلون به واألرحام إن الله كان يا أيـها الناس اتـقوا ربكم الذي خلقكم من نـفس واحدة وخلق منـ ) 1(رقيبا عليكم

.وعلى هذه الجملة يدل اسمه :قوله جل ذكره

]1آية ) : 4(سورة النساء [

بسم الله الرحمن الرحيم هما رج ونساء واتـقوا الله الذي تسائـلون به واألرحام إن الله كان اال كثيرا يا أيـها الناس اتـقوا ربكم الذي خلقكم من نـفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منـ

)1(عليكم رقيبا يا من ظهرتم عن كتم العدم بحكم تكليفى، ثم خصصت : فعلى هذه اإلشارة» 1«وقيل سمى اإلنس إنسا لظهوره . الناس اسم جنس، واالشتقاق فيه غير قوى

.ونقلتكم إلى ما شئت بل أوصلتكم إلى ما شئت بحكم تصريفى. بتشريفى، وحرمت من شئت منكم هدايتى وتعريفىمن شئت منكم .ويقال لم أظهر من العدم أمثالكم، ولم أظهر على أحد ما أظهرت عليكم من أحوالكم

.منك» 3«أحط منك، وإن نسيت ذكرى فال أحد » 2«ويقال سميت إنسانا لنسيانك، فإن نسيتنى فال شىء أخس .ويقال من نسى الحق فال غاية لمحنته، ومن نسى الخلق فال نهاية لعلو حالته

ويقول للعارفين، يا من . يا من أنسيت عهدى، ورفضت ودى، وتجاوزت حدى حان لك أن ترجع إلى بابى، لتستحق لطفى وإيجابى: ويقال يقول للمذنبين ..، وجل عندنا قدرك» 4«لقد عظم علينا حقك، ووجب لدينا نصرك -كنسيت فينا حظك، وصت عن غيرنا لحظك ولفظ

__________ .ربما كان قصد القشيري إلى ذلك. الختفائه) الجن(حتى يقابل ) 1( ) .أخص الكائنات بمحبتى(إن نسيتنى فأنت رغم ذلك : بالصاد، وربما نقبلها على أساس أن اهللا يعاتب عبده) أخص(وردت ) 2( .بالضاد وربما كانت أحصن) أحض(وردت ) 3(بخالف -فال وجوب على اهللا) علينا(ولم يقل ) لدينا(وجب واستوجب واإليجاب عند القشيري ترد بمعنى االستحقاق، وعلينا أن نتأمل الدقة فى استعمال ) 4(

.المعتزلة

)1/311(

.فأنت أجل عبادى عندى -بجالل قدرىبنسيم قربى، واستروحت إلى شهود وجهى، واعتززت » 1«ويقال يا من أنست التقوى جماع الطاعات، وأوله ترك الشرك وآخره اتقاء كل غير، وأول األغيار لك نفسك، ومن اتقى نفسه وقف مع اهللا بال مقام وال شهود : » اتـقوا ربكم «: قوله

.ال لشهود حظ فى الدنيا والعقبى... هللا ) وقف(حال، و وهو آدم عليه السالم، وإذا كنا مخلوقين منه وهو مخلوق باليد فنحن أيضا كذلك، لما ظهرت مزية آدم عليه السالم : » خلقكم من نـفس واحدة الذي «: قوله

ر البرية «: به على جميع المخلوقين والمخلوقات فكذلك وصفنا، قال تعالى .» أولئك هم خيـ .والعموم يوجب االستغراق للعموم» النفس«ولفظ .بمساكنة الخلق مع الخلق لبقاء النسل، ولرد المثل إلى المثل فربط الشكل بالشكل -سبحانه -حكم الحق : » وخلق منها زوجها«: قولههما رجاال كثيرا ونساء «: قوله راهين الربوبية ودالالت الحكمة حيث خلق جميع هذا الخلق من تعرف إلى العقالء على كمال القدرة بما أالح من ب: » وبث منـ

والحالة، نسل شخص واحد، على اختالف هيئتهم، وتفاوت صورهم، وتباين أخالقهم، وإن اثنين منهم ال يتشابهان، فلكل وجه فى الصورة والخلق، والهمة .فسبحان من ال حد لمقدوراته وال غاية لمعلوماته

.تكرير األمر بالتقوى يدل على تأكيد حكمه» الله واتـقوا«: ثم قال .أي اتقوا األرحام أن تقطعوها، فمن قطع الرحم قطع، ومن وصلها وصل: » تسائـلون به واألرحام «: وقوله

ومن علم أنه رقيب عليه . ك، ومنشىء حركاتك وسكناتكمطلعا شهيدا، يعد عليك أنفاسك، ويرى حواسك، وهو متول خطرات: » إن الله كان عليكم رقيبا « .فبالحرى أن يستحيى منه

__________ .التي وردت فى اآلية الكريمة) الناس(فمدار الكالم كله على لفظة ) باإلنس(بعد أن ربطها ) واألنس(الحظ كيف يربط القشيري بين الناس ) 1(

)1/312(

وإن خفتم أال تـقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب ) 2(ال تـتبدلوا الخبيث بالطيب وال تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا وآتوا اليتامى أموالهم و وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن ) 3(خفتم أال تـعدلوا فـواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أال تـعولوا لكم من النساء مثـنى وثالث ورباع فإن

) 4(شيء منه نـفسا فكلوه هنيئا مريئا

:قوله جل ذكره ]2آية ) : 4(نساء سورة ال[

)2(ه كان حوبا كبيرا وآتوا اليتامى أموالهم وال تـتبدلوا الخبيث بالطيب وال تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إن فولى اليتيم إن أنصف وأحسن فحقه على اهللا، وإن أساء . تقم لنفسهينتقم لعباده ما ال ين -سبحانه -من أقيم بمحل الرعاية فجاء على رعيته فخصمه ربه فإنه

.وتعدى فخصمه اهللا :قوله جل ذكره

]3آية ) : 4(سورة النساء [

ال تـعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أال تـعولوا تم أ وإن خفتم أال تـقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع فإن خف )3(

ذا الواجب آثر هذا أباح اهللا للرجال األحرار التزوج بأربع فى حالة واحدة، وأوجب العدل بينهن، فيجب على العبد أن يراعى الواجب فإن علم أنه يقوم بحق ه .صر فى الواجب فال يتعرض لهذا المباح، فإن الواجب مسئول عنهالمباح، وإن علم أنه يق

:قوله جل ذكره

]4آية ) : 4(سورة النساء [

)4(وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نـفسا فكلوه هنيئا مريئا ألنهم يرون أنفسهم، وإنما يطعمون عن » 2«األسخياء مرىء ألنهم ال يطعمون إال عن طيب نفس، وطعام البخالء ردىء و » 1«دل هذا على أن طعام الفتيان

.تكلف ال عن طيب نفس .» طعام السخى دواء وطعام البخيل داء«: قال صلى اهللا عليه وسلم

__________ إليثار والبذل والصفح والعفو، واألنفة عما فى الكونين إلى غير ذلك من محاسن السلوك التي والفتوة أصل من أصول الصوفية عماده ا. الفتيان جمع فتى) 1(

بالتزام ذلك بالنسية ينبغى للنفس أن ترتاضها، وأن تتحلى بها حتى يتهيأ العبد لما هو أجل وأعظم، وأن يكون إيثاره هللا وبذله هللا وروحه هللا، ألن من يؤمر .نسبة إلى الحقللمخلوق ال يضن بأضعافه بال

. [.....]وقد وضعناها مع التحفظ، والمعنى بتقبلها) ردىء(مشتبهة ولكنها أقرب ما تكون إلى ) 2(

)1/313(

هم ) 5(معروفا لهم قـوال وال تـؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا تـلوا اليتامى حتى إذا بـلغوا النكاح فإن آنستم منـ وابـليأكل بالمعروف فإذا دفـعتم إليهم أموالهم فأشهدوا ليستـعفف ومن كان فق رشدا فادفـعوا إليهم أموالهم وال تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبـروا ومن كان غنيا فـ يرا فـ

) 6(عليهم وكفى بالله حسيبا

:قوله جل ذكره ]5آية ) : 4(سورة النساء [

)5(وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قـوال معروفا وال تـؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما .السفيه من يمنعك عن الحق، ويشغلك عن الرب

.والسفيه من العيال واألوالد من تؤثر حظوظهم على حقوق اهللا تعالىوإنما يكون البذل خيرا من . ليكم من التعرض للتبذل والسؤال، والكدية واالحتيالحفظ التجمل فى الحال أجدى ع: » التي جعل الله لكم قياما «: قوله

فأما على نية الكدية وأن تجعل نفسك وعيالك كال على الناس فحفظك ما جعله اهللا كفاية لنفسك أولى، ثم الجود . اإلمساك عند تحرر القلب والثقة بالصبر .بفاضل كفايتك

فال تدخره عما تدعو إليه حاجتهم معلومك » 1«إذا كان ذات يدك يتسع لكفاية يومهم ويفضل : » ها واكسوهم وقولوا لهم قـوال معروفا وارزقوهم في«: قوله .لسانك بالقبيح من المقال» 2«خشية فقر فى الغد، فإن ضاقت يدك عن اإلنفاق فال يتسعن

.الباطل فأنت أسفه السفهاء فال تطع نفسك ويقال إذا دعتك نفسك إلى اإلنفاق فى :قوله جل ذكره

]6آية ) : 4(سورة النساء [

هم رشدا فادفـعوا إليهم أموالهم و تـلوا اليتامى حتى إذا بـلغوا النكاح فإن آنستم منـ ومن كان غنيا فـليستـعفف ومن كان فقيرا ال تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبـرواوابـليأكل بالمعروف فإذا دفـعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا ) .6(فـ

__________

.يفضل وفاضل هنا بمعنى يزيد وزيادة) 1( )يتسع لسانك(و ) ضاقت يدك(ميلة فى تعبير القشيري بين الحظ المقابلة الج) 2(

)1/314(

ا حضر القسمة أولو القربى وإذ ) 7(بون مما قل منه أو كثـر نصيبا مفروضا للرجال نصيب مما تـرك الوالدان واألقـربون وللنساء نصيب مما تـرك الوالدان واألقـر ) 8(واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قـوال معروفا

.إيناس الرشد العفة والديانة، والسخاء والصيانة، وصحبة الشيوخ، والحرص على مشاهدة الخير، وأداء العبادات على قضية األمر .من حوائجه ال يتكل على حوله وقوته، وتدبيره واختياره) حاجة(رشيد من اهتدى إلى ربه، وعند ما تسنح له ويقال ال

:قوله جل ذكره ]7آية ) : 4(سورة النساء [

)7(قـربون مما قل منه أو كثـر نصيبا مفروضا للرجال نصيب مما تـرك الوالدان واألقـربون وللنساء نصيب مما تـرك الوالدان واأل ما برا تقيا حكم الميراث ال يختلف بالفضل والمنقبة، وال يتفاوت بالعيب والنقص والذنب فلو مات رجل وخلف ابنين تساويا فى االستحقاق وإن كان أحده

كذلك . اجر بخس لفجوره، والمعنى فيه أن الميراث ابتداء عطية من قبل اهللا، فيتساوى فيه البر والفاجرواآلخر فاجرا عصيا، فال للتقى زيادة لتقواه، وال للف :حكم اإليمان ابتداء عطية للمسلمين

نا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا«: قال اهللا تعالى هم ظالم لنـفسه وم «: ، ثم قال» ثم أورثـ هم فمنـ .اآلية» ... نـ :قوله جل ذكره

]8آية ) : 4(سورة النساء [

)8(فا وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قـوال معرو فإن كان . ال نصيب لهم فى الميراث من المساكين فال تحرموهم من ذلكوالمستحقون، وحضر من » 1«يريد إذا حضر قسمة الميراث ذوو السهمان

وفى هذا إشارة . » وقولوا لهم قـوال معروفا «: وهذا معنى قوله» إذا بلغ الصبى قلنا له حتى يعطيك شيئا«: المستحق مولى عليه، فعدوهم وعدا جميال وقولوا الحق سبحانه يغفر للمطيعين ويعطيهم ثواب أعمالهم، فمن كان منكم من فقراء المسلمين ال يحرمهم الغفرانلطيفة للمذنبين إذا حضروا لعرصته غدا، و

__________ .السهمان ج سهم) 1(

)1/315(

ليتـقوا الله وليـق إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم ) 9(ولوا قـوال سديدا وليخش الذين لو تـركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فـثـيـين فإن كن نساء ) 10(نارا وسيصلون سعيرا لها النصف يوصيكم الله في أوالدكم للذكر مثل حظ األنـ نتـين فـلهن ثـلثا ما تـرك وإن كانت واحدة فـ فـوق اثـ

هما السدس مما تـرك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وور إن كان له إخوة فألمه السدس من بـعد وصية يوصي بها ثه أبـواه فألمه الثـلث ف وألبـويه لكل واحد منـناؤكم ال تدرون أيـهم أقـرب لكم نـفعا فريضة من الله إن الله ك ) 11(ان عليما حكيما أو دين آباؤكم وأبـ

انوا من أهل اإليمان، وكذلك يوم القسمة لم تكن حاضرا، وال لك استحقاق سابق فبفضله ما أهلك لمعرفته مع علمه بما يحصل منك فى إن شاء اهللا بعد ما ك .مستأنف أحوالك من زلتك

:قوله جل ذكره ]9آية ) : 4(سورة النساء [

ليتـقوا الله وليـقولوا قـوال سديدا وليخش الذين لو تـركوا من خلفهم ذرية ضعافا خا )9(فوا عليهم فـالتقوى والصالح ال المال ألنه لم يقل فليجمعوا المال وليكثروا لهم العقار وليخلفوا األثاث بل » 1«بين فى هذه اآلية أن الذي ينبغى للمسلم أن يدخره لعياله

ليتـقوا الله «: قال .يتولى الصالحينفانه » فـ :قوله جل ذكره

]10آية ) : 4(سورة النساء [

)10(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا .» 2«ل أمره إليه فتبرأ من حوله وقوته فالحق سبحانه ينتقم له بما ال ينتقم لنفسه إنما تولى الحق سبحانه خصمية اليتيم، ألنه ال أحد لليتيم غيره، وكل من وك

:قوله جل ذكره ]11آية ) : 4(سورة النساء [

نتـين فـلهن ثـيـين فإن كن نساء فـوق اثـ هما السدس ثـلثا مايوصيكم الله في أوالدكم للذكر مثل حظ األنـ لها النصف وألبـويه لكل واحد منـ تـرك وإن كانت واحدة فـمن بـعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم ال تدرون إخوة فألمه السدس مما تـرك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فألمه الثـلث فإن كان له

) .11(أيـهم أقـرب لكم نـفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما __________

.وهى خطأ فى النسخ) العبارة(وردت ) 1( .األولياء، فهم ال سند لهم من جاء أو سلطان أو مخلوق فإذا تعرضوا لألذى تولى اهللا عنهم خصومة المؤذى هذه إشارة موجهة إلى) 2(

)1/316(

وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تـركتم إن لم يكن ا تـركن من بـعد ولكم نصف ما تـرك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فـلكم الربع مم هما ن وإن كان رجل يورث كاللة لكم ولد فإن كان لكم ولد فـلهن الثمن مما تـركتم من بـعد وصية توصون بها أو دي أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منـ

ر مضار وصية من الله والله عليم حليم السدس فإن كانوا أكثـر من ذلك فـهم شركاء في الثـلث من بـعد وصية يوصى بها أو دين غ ) 12( يـ

:الوصية هاهنا بمعنى األمر، فانه سبحانه جعل الميراث بين الورثة مستحقا بوجهينالتعصيب، والتعصيب أقوى من الفرض ألن العصبة قد تستغرق جميع المال أما أكثر الفروض فال يزيد على الثلثين، ثم إن القسمة تبدأ -2الفرض -1

:قال صلى اهللا عليه وسلم. العصبة وهم أقوى استحقاقابأصحاب الفروض وهم أضعف استحقاقا، ثم :كذلك أبدا سنته، كما فى قوله تعالى» 1» «ما أبقت الفرائض فألولى عصبة ذكر«نا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا« تحقاقا إظهارا للكرم مع الظالم ألنه أعطاهم الكتاب بلفظ الميراث ثم قدم الظالم على السابق، وهو أضعف اس» ثم أورثـ

.منكسر القلب وال يحتمل وقته طول المدافعةثـيـين «وقوله » 2«غير معلل -سبحانه -لو كان األمر بالقياس لكانت األنثى بالتفضيل أولى لضعفها، ولعجزها عن الحراك، ولكن حكمه. » للذكر مثل حظ األنـ

.

.كم وأبناؤكم ال تدرون أيـهم أقـرب لكم نـفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما آباؤ : قوله جل ذكره .األبناء ينفعونكم بالخدمة، واآلباء بالرحمة اآلباء فى حال ضعفك فى بداية عمرك، واألبناء فى حال ضعفك فى نهاية عمرك

:قوله جل ذكره ]12آية ) : 4(سورة النساء [

كن ركن من بـعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تـركتم إن لم ي ولكم نصف ما تـرك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فـلكم الربع مما تـ هما لكم ولد فإن كان لكم ولد فـلهن الثمن مما تـركتم من بـعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كاللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منـ

ر مضار وصية م السدس فإن كانو )12(ن الله والله عليم حليم ا أكثـر من ذلك فـهم شركاء في الثـلث من بـعد وصية يوصى بها أو دين غيـ__________

»ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو ألولى رجل ذكر« 269ص 8صحيح البخاري ج ) 1( :وربما كان أفضل تحديد لها ما يذكره ذو النون المصري. تحتاج هذه العبارة إلى بعض توضيح) 2(أن وجود النقصان فى كل شىء -واهللا أعلم -معنى هذا القول«: ثم ما يوضحه أبو نصر السراج فى اللمع حيث يقول» علة كل شىء صنعه، وال علة لصنعه«

:فى صنع الصانع لمصنوعاته علة، وقال بعضهممصنوع كائن، ألنه لم يكن فكان، وليس )440اللمع ص (م وإن كنت علتى ... يا شقامى من السقا

)1/317(

هار خالدين ف ) 13(عظيم يها وذلك الفوز ال تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها األنـ

يه ويخامر قلبه من اإلشارة فى ثبوت الميراث لألقربين من الورثة بالنسب والسبب أن الميت إذا مات تحمل القريب أحزانه فعوض اهللا الوارث على ما يقاس ..التوجع مال الموروث

وكل من كان أقرب نسبا أو أقوى سببا من الميت كان . ما توهم قومك -» 1«جودا منه ال وجوبا عليه -التعويض على مقاساة األذى -سبحانه -وكذا سنته :أكثر استحقاقا لميراثه، وفى معناه أنشدوا

»2«عقب النوى موت الفتى ظل مغرما (.... ... ...) وما بات مطويا على أريحية :قوله جل ذكره

]13آية ) : 4(سورة النساء [

)13(لله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم تلك حدود الله ومن يطع ا__________

عليه، ووجوب -يلح القشيري دائما فى نفى كل وجوب على اهللا، كما الحظنا ذلك فى مواضع شتى بينما ال يمنع المعتزلة من وجوب المثوبة للمطيع) 1( .عليه -العقوبة للعاصى

.ومعنى البيت غير واضح. أصبح حينئذ مسرورا بالعطاء) آنگه شاد شود در عطاء ادن(توجد فى البيت كلمات فارسية ) 2(

)1/318(

تي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربـعة منكم فإن ) 14(مهين ومن يـعص الله ورسوله ويـتـعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب والال ) 15(شهدوا فأمسكوهن في البـيوت حتى يـتـوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيال

.واهيه، وما تعبد به عبادهأوامره ون: حدوده .وأصل العبودية حفظ الحدود، وصون العهود، ومن حفظ حده لم يصبه مكروه وال آفة، وأصل كل بالء مجاوزة الحدود

:قوله جل ذكره ]14آية ) : 4(سورة النساء [

)14(يها وله عذاب مهين ومن يـعص الله ورسوله ويـتـعد حدوده يدخله نارا خالدا ف معجلة ومؤجلة، ويقترن بهما جميعا الذل فلو اجتهد الخالئق على إذالل المعاصي بمثل الذل الذي يلحقهم بارتكاب المعصية لم يقدموا : وإنما هما عقوبتان

:لذلك قال قائلهم: عليها» 1« .بح مبرا ببر ظل وعليه مهابتهبذنب أصبح وعليه مذلته، فقلت ومن أص» 3«مسلما » 2«من بات

:قوله جل ذكره ]15آية ) : 4(سورة النساء [

)15(يجعل الله لهن سبيال هن في البـيوت حتى يـتـوفاهن الموت أو والالتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربـعة منكم فإن شهدوا فأمسكو زيادة الشهود إسباال لستر الكرم -التي هى الزنا -إنما اعتبر فى ثبوت الفاحشة

__________ .مما يرجح أن الناسخ قد أخطا) لم يقدموا(والمالئم للمعنى أن تكون ) لم يقدروا(وردت ) 1( ..، وظل ) وأصبح(، ) بات(والسياق يقتضى ) من مات(وردت ) 2( .وهى خطأ من الناسخ) مسلما(وردت ) 3(

)1/319(

هما إن الله كان تـواب السوء بجهالة ثم يـتوبون من إنما التـوبة على الله للذين يـعملون ) 16(ا رحيما واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنـ ) 17(قريب فأولئك يـتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما

.» 1«كالمتعذر -على الوجه الذي فى الشرع إلثبات تلك الحالة -على إجرام العباد، فإن إقامة الشهود: ثم قال فى بعض المرات.. لعلك قبلت: فقال. إنى زنيت فطهرنى -صلوات اهللا عليك - يا رسول اهللا: لما عز لما قال له -وسلمصلى اهللا عليه -وفى قوله

.» 2» «استنكهوه« .ففى هذا أقوى دليل لما ذكرت من إسباله الستر على األعمال القبيحة

:قوله جل ذكره ]16آية ) : 4(سورة النساء [

هما إن الله كان تـوابا رحيما والذان يأ )16(تيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنـ .شىء فى الردع والمنع منه بالرفع، لعل العبد يحذر ذلك فال يستحق التعذيب األعظم» 3«األمر بفنون العقوبات لهم على فعل ذلك أبلغ

:قوله جل ذكره

]17آية ) : 4(سورة النساء [

)17( الله عليهم وكان الله عليما حكيما إنما التـوبة على الله للذين يـعملون السوء بجهالة ثم يـتوبون من قريب فأولئك يـتوب .»4«

.غير إقالع سمه الكذابين فإن التوبة مع» 5«ال استغفار مع اإلصرار .يعنى عمل عمل الجهال: » السوء بجهالة «: وقوله

__________ أوال على فهم صائب لما وراء الحدود الشرعية من مرام بعيدة، ويدل ثانيا على سعة صدر الصوفية فى الصفح عن أرباب -فى نظرنا -يدل هذا الرأى) 1(

.النصيحة على المأل فضيحة: قد أحسن الحسن البصري حين قالالخطايا، وستر معايب الخالئق، ولإلخ قال نعم فعند ... قال له لعلك قبلت او غمزت أو نظرت ) ص(لما أنى ماعز بن مالك النبي : عن ابن عباس 298ص 8وفى صحيح البخاري ج ) 2(

) . [.....]ثمال أي ابحثوا فى فمه عن نكهة الخمر فربما يكون: ومعنى استنكهوه(ذلك أمر يرجمه .وهى خطأ فى النسخ) بلغ(وردت ) 3( ) .السوء بحجالة(، ) من قريبة(أخطأ الناسخ فى كتابة اآلية فجاءت ) 4( .بالسين والمعني يرفضها) االسرار(أخطأ الناسخ فكتبها ) 5(

)1/320(

يا أيـها ) 18( عذابا أليما حضر أحدهم الموت قال إني تـبت اآلن وال الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم وليست التـوبة للذين يـعملون السيئات حتى إذا نة وعاشروهن بالمعروف فإن ك الذين آمنوا ال يحل لكم أن ترثوا النساء كرها وال تـعضلوهن ل رهتموهن فـعسى تذهبوا ببـعض ما آتـيتموهن إال أن يأتين بفاحشة مبـيـ

را كثيرا ) 19(أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيـ

.بهم حسبانهم أنهم بطاعاتهم يستوجبون محال وكرامة، وهذا وهن فى المكانة إذ ال وسيلة إليه إال بهوذنب كل أحد يليق بحاله، فالخواص ذنو :قبل الموت، وعلى لسان المعاملة: على لسان أهل العلم: » ثم يـتوبون من قريب «قوله

:قبل أن تتعود النفس ذلك فيصير لها عادة، قال قائلهم فارجعى قبل أن يسد الطريق... عا قلت للنفس إن أردت رجو

:قوله جل ذكره ]18آية ) : 4(سورة النساء [

)18(دنا لهم عذابا أليما وال الذين يموتون وهم كفار أولئك أعت وليست التـوبة للذين يـعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تـبت اآلن ثم إن فى هذه الطريقة إذا عرف بالخيانة . أغلق باب التوبة فإن من شرط التكليف أن يكون اإليمان غيبيا» 1«يعنى إذا كشف الغطاء وصارت المعارف ضروريه

وقبلت » 2«ى لم تبكى يا داوود، وقد غفرت لك وأرضيت خصمك فى آخر بكائه لما قال اهللا تعال -عليه السالم -قال داوود. ال يشم بعده حقيقة الصدق توبتك؟ :وفى معناه أنشدوا!! هيهات يا داوود، ذاك ود قد مصى: إلهى، الوقت الذي كان بي رده إلى فقال: فقال

فليس أليام الصفاء رجوع... فخل سبيل العين بعدك للبكا :قوله جل ذكره

]19آية ) : 4(سورة النساء [

نة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن أيـها الذين آمنوا ال يحل لكم أن ترثوا النساء كرها وال تـعضلوهن لتذهبوا ببـعض ما آتـ يا يتموهن إال أن يأتين بفاحشة مبـيـ )19(هوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا فـعسى أن تكر

__________ هى التي تنال فى االنتهاء أما فى االبتداء فهى معرفة كسبية واألولى تشبه الشمس والثانية تشبه السراج، فإذا طلعت -عند القشيري -المعرفة الضرورية) 1(

) .149الرسالة ص (الشمس انبسط شعاعها على السراج .فإرضاء الخصم مالئم لقبول التوبة والغفران) خصمك(ولكن اإلرضاء حسبما نعلم من قصة داود كان لخصمه، لذلك رجحنا أن تكون ) حضك(وردت ) 2(

)1/321(

يتم إحداهن قنطارا فال تأخذوا من وكيف تأخذونه وقد أفضى بـعضكم إلى بـعض ) 20(ه شيئا أتأخذونه بـهتانا وإثما مبينا وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتـ ) 21(وأخذن منكم ميثاقا غليظا

فمن تعاط ذلك انتقم اهللا منه، ولم يبارك له فيما . اهللاغير محمودين عند -التلبيس على المستضعفين، والتدليس على أهل السالمة والوداعة من المسلمين .ومن استصغر خصمه فى اهللا فأهون ما يعاقبه اهللا به أن يحرمه الوصول إلى ما يأمل من محبوبه. يختزل من أموال الناس بالباطل واالحتيال

سلمين وحسن الصحبة على كراهة النفس، وأن تحتمل أذاهن وال تحملهن كلف أي بتعاليم الدين والتأدب بأخالق الم: » وعاشروهن بالمعروف «: وقوله .خدمتك، وتتعامى عن مواضع خجلتهن

.كل ما كان على نفسك أشق كانت عاقبته أهنأ وأمرأ» ... فإن كرهتموهن فـعسى أن تكرهوا شيئا «: قولهبأن مخالفة النفس توصل صاحبها -سبحانه -وقد حكم اهللا. ه، فأكثر ما يعافه اإلنسان قد تكون الخيرة فيه أتمواعلم أن الحق سبحانه لم يطلع أحدا على غيب

.إلى أعلى المنازل، وبعكس ذلك موافقتها، كما أن مخالفة القلوب توجب عمى البصيرة، وبعكس ذلك موافقتها :قوله جل ذكره

]21الى 20اآليات ) : 4(سورة النساء [

يتم إحداهن قنطارا فال تأخذوا منه شيئا أتأخذونه وإن وكيف تأخذونه وقد أفضى بـعضكم إلى بـعض ) 20(بـهتانا وإثما مبينا أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتـ )21( وأخذن منكم ميثاقا غليظا

)1/322(

حرمت عليكم أمهاتكم وبـناتكم وأخواتكم وعماتكم وخاالتكم ) 22(ال وال تـنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إال ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم وبـنات األخ وبـنات تي دخلتم بهن فإن األخت وأمهاتكم الال تي في حجوركم من نسائكم الال الال

نائكم الذين من أصالبكم وأن تجمعوا بـين األختـين إال ما قد سل لم تكونوا دخلتم بهن فال جناح ) 23(ف إن الله كان غفورا رحيما عليكم وحالئل أبـ

ن ذلك ترك الكرم فإن خولت واحدة ماال كثيرا ثم جفوتها بالفراق يعلمهم حسن العهد ونعت الكرم فى العشرة، فيقول ال تجمع الفرقة واسترداد المال عليها، فإ .فما آتيتها يسير فى جنب ما أذقتها من الفراق

.يعنى أن للصحبة السالفة حرمة أكيدة، فقفوا عند مراعاة الذمام، وأوفوا بموجب الميثاق... : وكيف تأخذونه : قوله :قوله جل ذكره

]22آية ) : 4(سورة النساء [ )22(وال تـنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إال ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيال

طى حقوق اآلباء فى تشير اآلية إلى حفظ الذمام، والوقوف على حد االحترام، فإن السجية تتداخلها األنفة من أن ينكح فراشه غيره، فنهى األبناء عن تخ .استفراش منكوحة األب

:قوله جل ذكره ]23آية ) : 4(سورة النساء [

اتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وأمهاتكم الالتي أرضعنكم وأخو حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخاالتكم وبنات األخ وبنات األخت تجمعوا بـين فال جناح عليكم وحالئل أبنائكم الذين من أصالبكم وأن وربائبكم الالتي في حجوركم من نسائكم الالتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن

)23(األختـين إال ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما

)1/323(

بتـغوا ب والمحصنات من النساء إال ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذ هن لكم أن تـ ر مسافحين فما استمتـعتم به منـ أموالكم محصنين غيـطع منكم طوال أن يـنكح المحصنات ومن لم يست ) 24(كان عليما حكيما فآتوهن أجورهن فريضة وال جناح عليكم فيما تـراضيتم به من بـعد الفريضة إن الله

تـياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بـعضك لمعروف محصنات م من بـعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن باالمؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فـر مسافحات وال متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتـين بفاحشة فـعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا غيـ

ر لكم وا ) 25(لله غفور رحيم خيـ

، بل الحق تعالى حرم ما شاء على من شاء، وكذلك اإلباحة، » 1«تكلف انتزاع المعاني التي ألجلها حصل هذا التحريم محال من األمر ألن الشرع غير معلل .الكان ذلك سائغ» 2«] محرمات[وال علة للشرائع بحال، ولو كانت المحرمات من هؤالء محلالت

:قوله جل ذكره ]24آية ) : 4(سورة النساء [

ر مسافحين فما استمتـعتم به والمحصنات من النساء إال ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أ بتـغوا بأموالكم محصنين غيـ هن ن تـ منـ )24(عليما حكيما فآتوهن أجورهن فريضة وال جناح عليكم فيما تراضيتم به من بـعد الفريضة إن الله كان

، وال من الحق سبحانه منه تبعة، فذلك مباح إذا حافظت الحدود، وراعيت العهود، وحصل التراضي بين النساء بحكم الشرع فما ال يكون فيه للخلق خصيمة .طلق

:قوله جل ذكره ]25آية ) : 4(سورة النساء [

يمانكم بـعضكم من بـعض فانكحوهن تكم المؤمنات والله أعلم بإ ومن لم يستطع منكم طوال أن يـنكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فـتيار مسافحات وال متخذات أخدان فإذا أ ن حصن فإن أتـين بفاحشة فـعليهن نصف ما على المحصنات م بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غيـ

ر لكم والله غفور رحيم )25(العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيـ__________

.نظن أن هذه النظرة التي يأخذ بها القشيري أمور التشريع قابلة للمناقشة) 1( .وحدث سقوط» والمحلالت محرمات«: ت فى األصلهذه كلمة زائدة ولم ينبه الناسخ إلى زيادتها، وربما كان) 2(

)1/324(

بلكم ويـتوب عليكم والله عليم حك ) 26(يم يريد الله ليبـين لكم ويـهديكم سنن الذين من قـ

والتضييق إذ ال شغل لهم سوى القيام بحق الحق، فإن كان أمر الظاهر يشغلهم عن الرخص جعلت للمستضعفين، فأما األقوياء فأمرهم الجد، واألخذ باالحتياط األهم واألجل، فمن مراعاة القلوب فاآلخذ فى األمور الظاهرة بالسهولة واألخف أولى من االستقصاء فيما يمنع من مراعاة السر، ألنه ترك بعض األمور لما هو

.» 1«باح له االنحدار إلى وصف الترخص نزلت درجته عن األخذ باألوثق واألحوط فمر لكم «: ثم قال فى آخر اآلية ر «: يعنى على مقاساة ما فيه الشدة، وفى هذا نوع استمالة للعبيد حيث لم يقل اصبروا بل قال: » وأن تصبروا خيـ وأن تصبروا خيـ

.» لكم :قوله جل ذكره

]26آية ) : 4(سورة النساء [بلكم ويـتوب عليكم والله عليم حكيي )26(م ريد الله ليبـين لكم ويـهديكم سنن الذين من قـ

فيهم أيضا من ارتكب ما ال وأمته أخبار من مضى من األمم، وما عملوا، وما عاملهم به انتظروا ما الذي يفعل بهم فإن - صلى اهللا عليه وسلم -لما عرف النبي أبا لخسف أو بالمسخ أو بالعذاب أو بماذا؟... ليت شعرنا بأي نوع يعاملنا : يجوز، فقالوا .نعرفكم ما الذي عملنا بهم» ويـهديكم سنن الذين من قـبلكم «: فقال تعالى

__________ الرخصة فى الشريعة للمستضعفين واصحاب (ولكن القشيري يرى بالنسبة ألرباب األحوال أن » عزائمه أن اهللا يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى«القاعدة ) 1(

ليس لهم شغل سوى القيام بحقه سبحانه، ولهذا قيل إذا انحط الفقير عن درجة الحقيقة إلى رخصة الشريعة فقد ) الصوفية(الحوائج واألشغال، وهؤالء الطائفة .199الرسالة ص ) ونقض عهده فيما بينه وبينه سبحانهفسخ عقده مع اهللا تعالى،

)1/325(

نسان ضعيفا ) 27(والله يريد أن يـتوب عليكم ويريد الذين يـتبعون الشهوات أن تميلوا ميال عظيما ) 28(يريد الله أن يخفف عنكم وخلق اإل

.أما أنتم فأتوب عليكم، أما من تقدم فلقد دمرت عليهم» ويـتوب عليكم « .أي يكاشفكم بأسراره فيظهر لكم ما خفى على غيركم: » يريد الله ليبـين لكم «ويقال

.باإليجاد واإلبداع، وأنه ليس ألحد شىء -سبحانه -ويقال يريد اهللا ليبين لكم انفرادهبلكم « .طريقة األنبياء واألولياء وهو التفويض والرضاء، واالستسالم للحكم والقضاء» ويـهديكم سنن الذين من قـ

.» 1«أي يتقبل توبتكم بعد ما خلق توبتكم، ثم يثيبكم على ما خلق لكم من توبتكم » ويـتوب عليكم «وقيل :قوله جل ذكره

]28الى 27اآليات ) : 4(سورة النساء [

نسان ضعيفا ) 27(والله يريد أن يـتوب عليكم ويريد الذين يـتبعون الشهوات أن تميلوا ميال عظيما )28(يريد الله أن يخفف عنكم وخلق اإل .خرينعزل بهذا الحديث حديث األولين واآل

.ومن أراد اهللا توبته فال يشمت به عدوا، وال يناله فى الدارين سوء .ضائعة مردودة -سبحانه -إرادتهم منكوسة، وهى عند إرادة الحق: » ... ويريد الذين يـتبعون الشهوات «

د إلى قلوبكم، ويقال يريد اهللا أن يخفف عنكم مقاساة المجاهدات بما يلج لقلوبكم من أنوار يعنى ثقل األوزار بمواترة األورا: ويريد الله أن يخفف عنكم .المشاهدات

.ويقال يريد اهللا أن يخفف عنكم أتعاب الخدمة بحالوة الطاعات .ويقال يخفف عنكم كلف األمانة بحملها عنكم

__________ لها ما (لق توبة العبد وهو الذي يثيبه على توبته، وقد ربطنا بين هذا وبين ما ذكره القشيري عند واضح من هذا الكالم أن الفضل كله هللا هو الذي يخ) 1(

)216من هذا الكتاب ص (التي جاء ذكرها فيما سبق ) كسبت وعليها ما اكتسبت

)1/326(

نكم بالباطل إ فسكم إن الله كان بكم رحيما يا أيـها الذين آمنوا ال تأكلوا أموالكم بـيـ ومن يـفعل ذلك ) 29(ال أن تكون تجارة عن تـراض منكم وال تـقتـلوا أنـهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخال كريما إن تجتنبوا كب ) 30(عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا ) 31(ائر ما تـنـ

.ويقال يخفف عنكم أتعاب الطلب بروح الوصولنسان ضعيفا « .بها عذرهم» 1«( ... ) وصف بهذا فقرهم وضرهم، و : » وخلق اإل

:قوله جل ذكره ]30الى 29اآليات : )4(سورة النساء [

نكم بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض من فسكم إن الله كان بكم رحيما يا أيـها الذين آمنوا ال تأكلوا أموالكم بـيـ ومن يـفعل ذلك ) 29(كم وال تـقتـلوا أنـ )30(لما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا عدوانا وظ

.كل نفقة كانت لغير اهللا فهى أكل مال بالباطلل تعريضها يعنى بارتكاب الذنوب، ويقا: » وال تـقتـلوا أنـفسكم «، فكل ذلك باطل، » 2«ويقال القبض إذا كان على غفلة، والبذل إذا لم يكن بمشهد الحقيقة

.لمساخطته سبحانه .ويقال بنظركم إليها ومالحظتكم إياها

.ويقال باستحسانكم شيئا منها بإيثارها دون رضاء الحق .ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فإنا ال نخليه من عقوبة شديدة، وهو أن نكلها إلى صاحبها، ونلقى حبلها على غاربها

:قوله جل ذكره ]31ة آي) : 4(سورة النساء [

هون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخال كريما )31(إن تجتنبوا كبائر ما تـنـ هاهنا الشرك باهللا، وعلى بيان اإلشارة أيضا الشرك -على لسان العلم -الكبائر

__________ .مشتبهة) 1( .يقة، أي لو كان ما تبذله وأنت تشهد نفسك دون أن تشهد الحق، فهو عمل ضائع، ألنك حينئذ ستحسب قدرا لنفسكوالبذل إذا لم يكن بمشهد الحق) 2(

)1/327(

يب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما وال تـتمنـوا ما فضل الله به بـعضكم على بـعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نص )32 (

.» 1«حظة الخلق، واستحالء قبولهم، والتودد إليهم، واإلغماض على حق اهللا بسببهم ومن جملة ذلك مال. الخفى .الحد فهو بعيد عن التكفير» 2«ويقال إذا سلم العهد فما حصل من مجاوزة

إدخاال حسنا ال ترون » ال كريما مدخ «فى أموركم » وندخلكم «. من أسر المحن» 4«تخلصت » 3«ويقال أكبر الكبائر إثباتك نفسك فإذا شاهدت نفيها .منكم دخولكم وال خروجكم وإنما ترون المصرف لكم

:قوله جل ذكره ]32آية ) : 4(سورة النساء [

تسبن وسئـلوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما ما اك وال تـتمنـوا ما فضل الله به بـعضكم على بـعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب م )32(

ويقال اسلكوا سبيل من تقدمكم فى قيامكم بحق اهللا، . لسان المعاملة أن األمر بالتعنى ال بالتمني، ولسان التوحيد أن األمر بالحكم والقضاء ال باإلرادة والمنى .قوموا بحق موالكم وال تقوموا بمتابعة هواكم واختيار مناكم. ل ما خصوا به من فضل اهللاوال تتعرضوا لني

.فإن ذلك جور من الظن.. مقام السادة دون أن تسلكوا سبلهم، وتالزموا سيرهم، وتعملوا عملهم» 5«ويقال ال تتمنوا .أشركت فى توحيدك من حيث لم تشعر» 6«) وإال (دنيا وآخرة : ويقال كن طالب حقوقه ال طالب نصيبك على أي وجه شئت

__________ جالب ربما يشترك كثير من الباحثين فى هذا الرأي مع القشيري ولكنه عند أهل المالمة عنصر أساسى وخطير فى تعاليمهم، حيث يزيد إلى درجة است) 1(

.سخط الناس ولو مهم للعبد .نى إن اهللا يغفر مجاوزة الحد على شرط سالمة العهد وعدم الشركوهى خطأ فى النسخ، ويكون المع) بالراء(وردت ) 2( . [.....]وهى خطأ فى النسخ) ففيها(وردت ) 3( .وردت بالتاء المربوطة ال المفتوحة وهى خطأ فى النسخ) 4( ) .ال تتمن مقامات الرجال(وردت بالهاء ال بالميم والصحيح أنها بالميم ويتأيد ذلك بقوله بعد قليل ) 5( .إضافة منا ليستقيم المعنى، إذ واضح أنها سقطت من الناسخ) 6(

)1/328(

) 33(يبـهم إن الله كان على كل شيء شهيدا ولكل جعلنا موالي مما تـرك الوالدان واألقـربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نص

» جعلكم خالئف «: ويقال ال تتمن مقامات الرجال فإن لكل مقام أهال عند اهللا، وهم معدودون فما لم يمت واحد منهم ال يورث مكانه غيره، قال تعالى .صيل، وذلك غير مسلموالخليفة من يخلف من تقدمه، فإذا تمنيت مقام ولى من األولياء فكأنك استعجلت وفاته على الجملة تمنيت أو على التف

.أحظى لك من تعرضك لوجود مناك، إذ قد يكون حتفك فى منيتك -على ما سبق به اختياره -ويقال خمودك تحت جريان حكمه! يكون ذلك المنازالت فال ينبغى أن يتصدى لنيل المواصالت، وهيهات هيهات متى» 1«ويقال من لم يؤدب ظاهره بفنون المعامالت، ولم يهذب باطنه بوجوه

:بين التمني وبين السؤال من فضله من وجوه» 2«الفرق : » وسئـلوا الله من فضله «السائل ال يرى يكون التمني للشىء مع غفلتك عن ربك فتتمنى بقلبك وجود ذلك الشيء من غير توقعه من اهللا، فإذا سألت اهللا فال محالة تذكره، واآلخر أن

.ه صدق اإلرادة على التملق والتضرع، والمتمنى يخلو عن هذه الجملةاستحقاق نفسه فيحملل ما أعطى واآلخر أن اهللا نهى عن تمنى ما فضل اهللا به غيرك إذ معناه أن يسلب صاحبك ما أعطاه ويعطيك إياه، وأباح السؤال من فضله بأن يعطيك مث

.صاحبك .رضا بفقد العطاء وذلك أتم من العطاء، فإن التحرر من رق األشياء أتم من تملكهاويقال ال تتمن العطاء وسل اهللا أن يعطيك من فضله ال

:قوله جل ذكره ]33آية ) : 4(سورة النساء [

)33(الله كان على كل شيء شهيدا م إن ولكل جعلنا موالي مما تـرك الوالدان واألقـربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبـه جعل المعاقدة فى ابتداء اإلسالم نظيرة النسب فى ثبوت الميراث بها فنسخ حكم الميراث

__________ .غير مستقيمة) بوجوده المنازالت(كذلك فإن ) فنون(والصواب أن الدال زائدة ليتالءم المعنى مع ) بوجوده(وردت ) 1( .كيف تثرى بحوث القشيري التي من هذا القبيل علوم اللغة والبالغةالحظ ) 2(

)1/329(

فقوا من أموالهم ف تي تخافون الصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الرجال قـوامون على النساء بما فضل الله بـعضهم على بـعض وبما أنـ الله والالغوا عليهن سب ) 34(يال إن الله كان عليا كبيرا نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فال تـبـ

.بهذه المثابة فما ظنك بالمعاهدة مع اهللا؟وبقي حكم االحترام، فإذا كانت المعاقدة بين الناس :وأنشدوا» رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه «: قال اهللا تعالى

وجدوا المنية منهال معسوال... إن األلى ماتوا على دين الهوى :قوله جل ذكره

]34آية ) : 4(سورة النساء [

فقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بمالرجال قـوامون على النساء ب ا حفظ الله والالتي تخافون ما فضل الله بـعضهم على بـعض وبما أنـغوا عليهن سبيال إن الله كان عليا كبيرا نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنك )34(م فال تـبـ

.والعبرة بالقلوب والهمم ال بالنفوس والجثث. الرجال بالقوة فزيد بالحمل عليهم فالحمل على حسب القوة» 1«خص تي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن ف «: قوله أي ارتقوا فى تهذيبهن بالتدريج والرفق، وإن صلح األمر بالوعظ فال تستعمل : » ي المضاجع واضربوهن والال

.العصا بالضرب، فاآلية تتضمن آداب العشرةغوا عليهن سبيال «: ثم قال ورجعت إلى الطاعة فال تنتقم منها عما سلف، وال » 2«) (........يعنى إن وقفت فى الحال عن سوء العشرة : » فإن أطعنكم فال تـبـ

.تمتنع من قبول عذرها والتأبى عليهاغوا عليهن سبيال «: يقال .من نقمتك» 3«بمجاوزتك عن مقدار ما تستوجب » فال تـبـ

__________ .أي أخطأ الناسخ فنقل نقطة الخاء إلى الضاد) حض (جاءت ) 1(

.مات زائدة وضع الناسخ عالمة مميزة للتنبيه على ضرورة حذفها لتكرارها بدون داعهنا ثالث كل) 2( .أي تستحق المرأة) 3(

)1/330(

عثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا يـوف نـهماوإن خفتم شقاق بـينهما فابـ واعبدوا الله وال تشركوا به ) 35(إن الله كان عليما خبيرا ق الله بـيـبيل وما ملكت أيمانكم إن الله ال يحب لجنب والصاحب بالجنب وابن الس شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار ا

)37(افرين عذابا مهينا الذين يـبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للك ) 36(من كان مختاال فخورا

:قوله جل ذكره ]35آية ) : 4(سورة النساء [

عثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا يـوفق نـهما إن الله كان عليما خبيرا وإن خفتم شقاق بـينهما فابـ )35(الله بـيـ، ن، فأما المحبة والميل إليك بالقلب فذلك إلى اهللا، فال تكلفها ماال يرزقك اهللا منها فإن القلوب بقدرة اهللا، يحبب إليها من يشاءيقال لك عليها الطاعة بالبد

.ويبغض إليها من يشاءغوا عليهن سبيال «ويقال .دو فى الحال فربما يعود األمر إلى الجميلجفاء يب» 1«أي ال تنس وفاءها فى الماضي بنادر » فإن أطعنكم فال تـبـ

:قوله جل ذكره ]36آية ) : 4(سورة النساء [

احب بالجنب وابن السبيل وما لجار ذي القربى والجار الجنب والص واعبدوا الله وال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين وا )36(ملكت أيمانكم إن الله ال يحب من كان مختاال فخورا

قوله ]37آية ) : 4(سورة النساء [

)37(ه وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا الذين يـبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضل .» 2«العبودية معانقة األمر ومفارقة الزجر : مالحظة موجود سواه،: الشرك مجليه اعتقاد معبود سواه، وخفيه» وال تشركوا«

__________ .فكالهما يدل على قدر من الحفاء ال يستحق االهتمام ويستوجب العفو) بادر(و ) نادر(والمعنى يتقبل ) ببادر(ال نستبعد أنها ربما كانت فى األصل ) 1( .أي طاعة ما أمرك به وترك ما نهاك عنه) 2(

)1/331(

.واإلبداع من اإليجاد والتوحيد أن تعرف أن الحادثات كلها حاصلة باهللا، قائمة به فهو مجريها ومنشيها ومبقيها، وليس ألحد ذرة وال شظية وال سينة وال شمة .كل ذلك من الشرك الخفى -ودقائق الرياء وخفايا المصانعات وكوامن اإلعجاب والعمل على رؤية الخلق، واستحالء مدحهم والذبول تحت ردهم وذمهم

ك ومنهما تربيتك، ومنهما تصل إلى اإلحسان إلى الوالدين على وجه التدريج إلى صحبة فإنك أمرت أوال بحقوقهما ألنهما من جنس» وبالوالدين «: قولهرقيت عن ذلك إلى -وإذا صلحت للصحبة والعشرة مع ذوى القربى والفقراء والمساكين واليتامى ومن فى طبقتهم. استحقاق زيادتك وتتحقق بمعرفتك

.سبحانه -استيجاب صحبتهفال تؤذهما بعصيانك، وراع حقهما بما تولى عليهما من » 1«(....) اآلية من جيرانك » ... نب والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالج «: قوله

.إحسانك .أولى بأال تضيعه وال تغفل عنه، وال تمكن حلول الخواطر الرديئة به -وهو قلبك -فإذا كان جار دارك مستوجبا لإلحسان إليه ومراعاة حقه فجار نفسك

وهو -وجار روحك. أولى أن تحامى على حقها، وال تمكن لما يخالفها من مساكنتها ومجاورتها -وهو روحك -حكمه فجار قلبكوإذا كان جار نفسك هذا .أولى أن ترعى حقه، فال تمكنه من الغيبة عن أوطان الشهود على دوام الساعات -سرك .على قلوب ذوى التحقيقاإلشارة منه غير ملتبسة » وهو معكم أين ما كنتم «: قولهوأمر الناس بالبخل معناه منعهم عن . البخل على لسان العلم منع الواجب، وعلى بيان اإلشارة ترك اإليثار فى زمان االضطرار: اآلية... الذين يـبخلون : قوله

: خ عن العالئق وحذف فضوالت الحالة فمن نصحه بأن يقولمطالبات الحقائق فى معرض الشفقة عليهم بموجب الشرع، وبيان هذا أن يقع بلسانك االنسال ربما ال تقوى على هذا، وألن تكون مع معلومك الحالل أولى بأن تصير مكديا، وربما تخرج إلى سؤال الناس وأن تكون كال على«

__________ .مشتبهة) 1(

)1/332(

) 38(لشيطان له قرينا فساء قرينا والذين يـنفقون أموالهم رئاء الناس وال يـؤمنون بالله وال باليـوم اآلخر ومن يكن ا

بدل أن يمنع عنه » 2«المستكن فى قلبه ألعانه بهمته فيما يسنح لقلبه » 1«فلوال بخله » ....ويروى له فى هذا الباب األخبار واآلثار أمثال هذا -المسلمينه أنه نصيحة وشفقة ومن كانت هذه صفته أدركه عاجل المقت حيث أطفأ شرر إرادة ذلك المستضعف بما هو عند نفس. يقول فى معرض النصح) يجب ان(ما

.فى الشرع .إن كان اهللا أغناهم عن طلب الفضيلة بما خولهم وآتاهم كتموا ذلك طمعا فى الزيادة على غير وجه اإلذن: » ويكتمون ما آتاهم الله من فضله «: وقوله

.ضنوا عليه بإرشادهويقال يكتمون ما آتاهم اهللا من فضله إذا سألهم مريد شيئا عندهم فيه نجاته، و .ويقال بخل األغنياء بمنع النعمة، وبخل الفقراء بمنع الهمة

:قوله جل ذكره ]38آية ) : 4(سورة النساء [

)38(رينا فساء قرينا يطان له ق والذين يـنفقون أموالهم رئاء الناس وال يـؤمنون بالله وال باليـوم اآلخر ومن يكن الش .فعقوبتهم فى العاجل أنهم ليسوا من جملة محبيه، وكفى بذلك محنة» إن الله ال يحب من كان مختاال فخورا «: أدخل هؤالء أيضا تحت قوله

والفخور من اإلبل كالمصراة من . رك الخفى واهللا ال يحب المشركينوالمختال الذي ينظر إلى نفسه والمرائى الذي ينظر إلى أبناء جنسه، وكالهما مسومان بالشفيتوهم المشترى أن جميع ذلك معتاد لها وليس كذلك، فكذلك الذي يرى من نفسه حاال ورتبة وهو فى » 3«الغنم وهو الذي سدت أخالفه ليجتمع فيها الدر

.نفق ماله رئاء الناسذلك مدع وهو الفخور، واهللا ال يحبه، وكذلك المرائى الذي ي__________

) .بخله(والصحيح أنها ) تجعله(حاول بعضهم أن يصححها فى الهامش فطن أن صوابها ) 1(للداللة على ما يرد القلب من خواطر قد تصبح هواجس فنشده نحو العالئق والخالئق، وقد تكون إلهاما من قبل الحق ) يسنح(يستعمل القشيري الفعل ) 2(

.هديه السبيلسبحانه فت . [.....]اللبن الغزير -الدر) 3(

)1/333(

فقوا مما رزقـهم الله وكان الله بهم نة يضاعفها ويـؤت من لدنه إن الله ال يظلم مثـقال ذرة وإن تك حس ) 39(عليما وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليـوم اآلخر وأنـنا بك على هؤالء شهيدا ) 40(أجرا عظيما نا من كل أمة بشهيد وجئـ يـومئذ يـود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم األرض وال ) 41(فكيف إذا جئـ

) 42(يكتمون الله حديثا

:قوله جل ذكره ]39آية ) : 4(سورة النساء [

فقوا مما رزقـهم الله وكان الله بهم ع )39(ليما وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليـوم اآلخر وأنـ .نوا لوصلوا إلى عز الدنيا واآلخرة، وال يحملهم على اإلعراض عنه إال قلة الوفاء والحرمةليس فى إيمانهم باهللا عليهم مشقة، بل لو آم

:قوله جل ذكره ]40آية ) : 4(سورة النساء [

)40(إن الله ال يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويـؤت من لدنه أجرا عظيما بفضله، ويضاعف أجورهم على أعمالهم فأما الظلم فمحال تقديره فى وصفه ألن الخلق خلقه، -من غير استحقاقهم -من ثوابهم شيئا بل يبتدئهمال ينقص

.والملك ملكه .وهو فى وصفه محال لعزه فى جالل قدره -والظالم من يعتدى حدا رسم له

:قوله جل ذكره ]42الى 41اآليات ) : 4(سورة النساء [

يـومئذ يـود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم األرض وال يكتمون الله حديثا ) 41(فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤالء شهيدا )42(

.الشهيد على أمته، وهو الشفيع لهم، فإنما يشهد بما يبقى للشفاعة موضعها -مصلى اهللا عليه وسل -إذا كان الرسوليحصلون على ندم ثم ال ينفعهم، ويعضون على أناملهم ثم ال يسكن عنهم جزعهم، فيتقنعون بخمار الذل، : اآلية... يـومئذ يـود الذين كفروا : قوله تعالى

.والضر» 1«وينقلبون إلى أوطان المحن __________

) .المحن(والسين زيادة من الناسخ والصواب ) المحسن(وردت ) 1(

)1/334(

تم سكارى حتى تـعلموا ما تـقولون وال جنبا إ إن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد ال عابري سبيل حتى تـغتسلوا و يا أيـها الذين آمنوا ال تـقربوا الصالة وأنـتـيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوج لم تجدوا ماء فـ ) 43(وهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا منكم من الغائط أو المستم النساء فـ

:ل ذكرهقوله ج ]43آية ) : 4(سورة النساء [

تم سكارى حتى تـعلموا ما تـقولون وال جنبا إال ع ابري سبيل حتى تـغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد يا أيـها الذين آمنوا ال تـقربوا الصالة وأنـتـيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم من لم تجدوا ماء فـ )43(وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا كم من الغائط أو المستم النساء فـ

صفة السكر، أي امتنعوا عن شرب ما يسكر فإنكم إن شربتم سكرتم، ثم النهى عن موجب السكر من الشراب ال من الصالة، أي ال تصادفنكم الصالة وأنتم ب .إذا صادفكم الصالة على تلك الحالة ال تقبل منكم صالتكم

.والسكر ذهاب العقل واالستشعار، وال تصح معه المناجاة مع الحق :شارة وألجل هذه الجملة حصل، والسكر على أقسامالمصلى يناجى ربه فكل ما أوجب للقلب الذهول عن اهللا فهو ملحق بهذا من حيث اإل

.فسكر من الخمر وسكر من الغفلة الستيالء حب الدنياومن سكر من نفسه فحاله . إن لم يغفر له -وأصعب السكر سكرك من نفسك فهو الذي يلقيك فى الفرقة عنه، فإن من سكر من الخمر فقصاراه الحرقة

.عن الحقيقة -فى الوقت -الفرقةفإذا خرج عن الصالة هجم عليه غالبه فاختطفه عنه ومن : (فصاحبه محفوظ عليه وقته حتى يصلى واألمر مخفف عليه» 1«ا السكر الذي يشير إليه القوم فأم

.» 3«) فمشوب بحظ (عليه أحكام الشرع » 2«) لم يكن محفوظا__________

.أي السكر عند الصوفية) 1( .فى هامش الصفحة وضعناه فى موضعه من النص هذا الذي بين قوسين مستدرك) 2( وضعنا هاتين اللفظتين هنا مستفيدين من أقوال القشيري فى مواضع مناظرة) فمشوب بحظ) (3(

)1/335(

من ) 45(والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا ) 44(ل ألم تـر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشتـرون الضاللة ويريدون أن تضلوا السبير مسمع وراع نا واسمع غيـ ين ولو أنـهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع نا ليا بألسنت الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويـقولون سمعنا وعصيـ هم وطعنا في الد

را لهم وأقـوم ولكن لعنـهم الله بكفرهم فال يـؤمنون إال قليال ) 46(وانظرنا لكان خيـ

أذن للمضطر أن يترخص فى عبور المسجد وهو على وصف الجنابة، فإذا عرج زائدا على قدر الضرورة : اآلية» ... بيل وال جنبا إال عابري س «: وقوله تعالى .فمعاتب غير معذور، وكذلك فيما يحصل من معاذير الوقت فى القيام بشرائط الوقت فمرفوعة عن صاحبه المطالبة به

بقدر ما يحصل من -الجمع» 1«ارة بالماء عند عوز الماء كذلك النزول إلى ساحات الفرق عن ارتقاء ذرة بفضله جعل التيمم بدال من الطه -سبحانه -ثم إنه .بدل ألهل الحقائق -الضعف

.أعم وجودا من الماء، وأقل استعماال من األصل، فإن كل من كان أقرب كانت المطالبات عليه أصعب -الذي هو بدل الماء -ثم إن التيمم .» 2«أمرنا باستعمال التراب وفى الباطن باستشعار الخضوع واستدامة الذبول ثم فى الظاهر

أولى من الذل لما هو مفلس فيه من -ومواله باستحقاق الجالل -ورد التيمم إلى التقليل، وراعى فيه صيانة لرأسك عن التراب ولقدمك فإن العز بالمؤمن .ذلل فعرفانه بجالل سيده يوجب كل تعزز وتجملالحال، ولئن كان إفالسه عن أعماله يوجب له الت

:قوله جل ذكره

]46الى 44اآليات ) : 4(سورة النساء [

من ) 45(كم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا والله أعلم بأعدائ ) 44(ألم تـر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشتـرون الضاللة ويريدون أن تضلوا السبيل ر مسمع وراعنا ل ين ولو أنـهم قالذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويـقولون سمعنا وعصينا واسمع غيـ الوا سمعنا وأطعنا واسمع يا بألسنتهم وطعنا في الد

)46(وانظرنا لكان خيرا لهم وأقـوم ولكن لعنـهم الله بكفرهم فال يـؤمنون إال قليال __________

) .41عن السكر فى الرسالة ص انظر حديث القشيري (فى مصنفاته األخرى، وذلك نظرا النبهام الكلمتين هنا لرداءة خط الناسخ .وأن الواو قد سقطت من الناسخ) ذروة الجمع(نرجح أنها في األصل ) 1( .ألن فيه تذكيرا لالنسان بأصله) 2(

)1/336(

بل أن نطمس قا لما معكم من قـ نـردها على أدبارها أو نـلعنـهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله يا أيـها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نـزلنا مصد وجوها فـ ) 48(فـتـرى إثما عظيما إن الله ال يـغفر أن يشرك به ويـغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فـقد ا) 47(مفعوال

.ومكروا مكرا ولم يشعروا وجهة مكرهم أن أعطوا الكتاب ثم حرموا بركات الفهم حتى حرفوا وأصروا) محتشم(حشمته ورفضوا حرمته، فعوقبوا بالشك فى أمره، ولذلك لم يترك أحد -صلى اهللا عليه وسلم -تركوا حشمة الرسول: اآلية... من الذين هادوا : قوله

ولو أنهم عاجلوا فى نفى ما داخلهم من الحسد وقابلوا حاله بالتبجيل واإلعظام لوجدوا بركات . إال حيل بينه وبين نيل بركات صحبته وزوائد خدمته» 1«وإن من قعدت به األقدار لم ينهض به متابعته، فأسعدوا به فى الدارين، وكيف لم يكونوا كذلك وقد أقصتهم السوابق فأقعدتهم القسمة عن بساط الخدمة؟

.االحتيال :قوله جل ذكره

]47آية ) : 4(سورة النساء [

بل أن نطمس وجوها فـ قا لما معكم من قـ كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله نـردها على أدبارها أو نـلعنـهم يا أيـها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نـزلنا مصد )47(مفعوال

.ومنعها» 2«صرف القلوب عن اإلرادة إلى أحوال أهل العادة حتى كانت دواعيه يتوفر فى رفض الدنيا فعاد ال يصبر عن جمعها :قوله جل ذكره

]48آية ) : 4(سورة النساء [

)48(يشرك به ويـغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فـقد افـترى إثما عظيما إن الله ال يـغفر أن __________

) .حشمة محتشم(نرجح أن هذه الكلمة زائدة من الناسخ، أو ربما كان األصل ) 1( .وهى خطأ فى النسخ) جميعها(وردت ) 2(

)1/337(

فسهم بل الله يـزكي من يشاء وال يظلمون فتيال ألم تـ ألم تـر إلى الذين ) 50(انظر كيف يـفتـرون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا ) 49(ر إلى الذين يـزكون أنـأولئك الذين لعنـهم الله ومن يـلعن الله فـلن ) 51(يـؤمنون بالجبت والطاغوت ويـقولون للذين كفروا هؤالء أهدى من الذين آمنوا سبيال أوتوا نصيبا من الكتاب

) 52(تجد له نصيرا

معلولة بحركاته -سبحانه -، والخواص طولبوا بترك الشرك الخفى، فمن توسل إليه بعمله ويظنه منه، أو توهم أن أحكامهالعوام طولبوا بترك الشرك الجلى .» 1«وسكناته، أو راعى خلقا أو الحظ نفسا فوطنه الشرك عند أهل الحقائق

.تحق بهمواهللا ال يغفر أن يشرك به وكذلك من توهم أن مخالفته حصلت من غير تقديره فهو مل :قوله جل ذكره

]50الى 49اآليات ) : 4(سورة النساء [

فسهم بل الله يـزكي من يشاء وال يظلمون فتيال )50( انظر كيف يـفتـرون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا ) 49(ألم تـر إلى الذين يـزكون أنـ: فهو من زكى نفسه، ورؤية النفس أعظم حجاب، ومن توهم أنه بتكلفه يزكى نفسه -فضال عن العوام -من ركن إلى تزكية الناس له، واستحلى قبول الخواص له

.فهو فى غطاء جهله - بأوراده أو اجتهاده، بحركاته أو سكناتهال ينطق بشىء إال أجبته اآلذان -فى قالته فى هذا األمر -رة إلى من أطلق لسان الدعوى من غير تحقيق، والمفترىاإلشا: اآلية... انظر كيف يـفتـرون : قوله

.وانزجرت له القلوب، فإذا سكت عاد إلى قلب خراب :قوله جل ذكره

]52الى 51اآليات ) : 4(سورة النساء [

أولئك الذين لعنـهم الله ) 51(كتاب يـؤمنون بالجبت والطاغوت ويـقولون للذين كفروا هؤالء أهدى من الذين آمنوا سبيال ألم تـر إلى الذين أوتوا نصيبا من ال )52(ومن يـلعن الله فـلن تجد له نصيرا

__________ من كانت أفعاله هللا تعالى وشاهدها طاعة له تعالى فهو فى التفرقة ومن شاهدها جارية عليه فضال من اهللا فقد شاهدها : (اري شارح الرسالةيقول زكريا األنص) 1(

) .39هامش (باهللا فهو فى الجمع

)1/338(

راهيم الكتاب والحكمة ) 53(أم لهم نصيب من الملك فإذا ال يـؤتون الناس نقيرا نا آل إبـ ناهم أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فـقد آتـيـ وآتـيـ ) 54(ملكا عظيما

مقصوده من األغيار، فمن الحظ شخصا أو طالع سببا أو عرج على علة أو أطاع هوى، فذلك جبته » 1«(.....) نفسه وهواه وجبته و طاغوت كل أحد .وأصحاب الجبت والطاغوت يستوجبون اللعن وهو الطرد عن بساط العبودية، والحجاب عن شهود الربوبية. وطاغوته

:قوله جل ذكره ]54الى 53ات اآلي) : 4(سورة النساء [

ناهم أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فـقد آتـينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتـي ) 53(أم لهم نصيب من الملك فإذا ال يـؤتون الناس نقيرا )54(ملكا عظيما أم يحسدون الناس : قوله! لى الشح ال يزداد بسعة يده إال تأسفا على راحة ينالها الخلق، كأن من شرب قطرة ماء قد تحسى بل رشف من ماء حياتهمن جبل ع

مع أوليائه مضت بالتعزيز والتوقير بل ينكرون تخصيص الحق سبحانه ألوليائه بما يشاء حسدا من عند أنفسهم فال يقابلونهم باإلجالل، وسنة اهللا سبحانه... : .ودأب الكافرين جرى باالرتياب فى القدرة فمنهم من آمن بهم، ومنهم من رد ذلك وجحد، وكفى بعقوبة اهللا منتقما عنهم. لهم .الملك العظيم معرفة الملك، ويقال هو الملك على النفس: » وآتـيناهم ملكا عظيما «: قوله

__________ .مشتبهة )1(

)1/339(

ره لناهم جلودا غيـ والذين آمنوا وعملوا ) 56(ا ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة ون الصالحات ) 57(دخلهم ظال ظليال سندخلهم جنات تجري من تحتها األنـ

.ويقال اإلشراف على أسرار المملكة حتى ال يخفى عليه شىء .ويقال االطالع على أسرار الخلق

:هقوله جل ذكر ]56آية ) : 4(سورة النساء [

رها لي لناهم جلودا غيـ )56(ذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدجرهم إنكارهم » 2«كلما الح لقلوبهم شىء من هذه القصة » 1«يقيمهم بوصف الصغار ويبقيهم فى وحشة اإلنكار اإلشارة منه إلى الجاحدين آليات األولياء

.إلى ترك اإليمان بها واإلزراء بأهلها على وجه االستبعاد، فهم مؤبدة عقوبتهم :قوله جل ذكره

]57آية ) : 4(سورة النساء [

)57(دخلهم ظال ظليال ات سندخلهم جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة ون والذين آمنوا وعملوا الصالح .هم اليوم فى ظل الرعاية، وغدا فى ظل الحماية والكفاية، بل هم فى الدنيا والعقبى فى ظل العناية

فمنهم من هو فى ظل رحمته، ومنهم من هو فى ظل رعايته، ومنهم من هو فى ظل كرامته، ومنهم من هو فى ظل عنايته، ومنهم : فى هذه الدنيا متفاوتونوالناس .من هو فى ظل قربته__________

) .اإلنكار(ن تكون أ) وجرهم إنكارهم(وكما جاء بعد قليل فى -حسب المعنى والسياق -بالفاء والصواب) األفكار(وردت ) 1( .التصوف وأهله) : القصة(يقصد من ) 2(

)1/340(

يا أيـها الذين ) 58(ن سميعا بصيرا العدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كاإن الله يأمركم أن تـؤدوا األمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بـين الناس أن تحكموا ب ر وأحسن تأويال الله والرسول إن كنتم تـؤمنون بالله واليـوم اآلخر ذل آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم فإن تـنازعتم في شيء فـردوه إلى ك خيـ

)59 (

:قوله جل ذكره ]58آية ) : 4(سورة النساء [

)58(الله كان سميعا بصيرا دل إن الله نعما يعظكم به إن إن الله يأمركم أن تـؤدوا األمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بـين الناس أن تحكموا بالع .الخلق لهم بعد إشرافك عليها بحيث ال تفسد عليهم» 1«رد األمانات إلى أهلها تسليم أموال

قلب ادعاؤك سالمة من خيانتك فيها فالخيانة فى أمانة ال -سبحانه - أمانات وضعها عندك فرد األمانة إلى أهلها تسليمها إلى اهللا -سبحانه وتعالى -ويقال هللا .فيها، والخيانة فى أمانة السر مالحظتك إياها

.والحكم بين الناس بالعدل تسوية القريب والبعيد فى العطاء والبذل، وأال تحملك مخامرة حقد على انتقام لنفس :قوله جل ذكره

]59آية ) : 4(سورة النساء [

ر عوا الرسول وأولي األمر منكم فإن تنازعتم في شيء فـردوه إلى الله والرسول إن كنتم يا أيـها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطي تـؤمنون بالله واليـوم اآلخر ذلك خيـ )59(وأحسن تأويال

.تفخيما لشأنه ورفعا لقدره -صلى اهللا عليه وسلم -قرن طاعته بطاعة الرسولالسلطان، وعلى بيان المعرفة العارف ذو األمر على المستأنف، والشيخ أولو األمر على المريد، وإمام كل طائفة ذو األمر - فعلى لسان العلم -وأما أولوا األمر

.عليهم__________

[.....]لناس عندك بل أموالهم ألن األحوال ال تكون ودائع ل) أموال(والصواب أنها ) أحوال(وردت ) 1(

)1/341(

بلك يريدون أن أن يضلهم يـتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان ألم تـر إلى الذين يـزعمون أنـهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قـ ) 61(ودا وإذا قيل لهم تـعالوا إلى ما أنـزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صد ) 60(ضالال بعيدا

.للمريد» 1«) من المريد(ويقال الولي أولى بالمريد إلى الكتاب والسنة، وعلى بيان التوحيد فوض ذلك ووكل علمه إلى اهللا سبحانه، وإذا اختلف -على لسان العلم» ي شيء فـردوه إلى الله فإن تنازعتم ف «: قوله

وراعى ما -حانهسب -الخاطران فى قلب المؤمن فإن كان له اجتهاد العلماء تأمل ما يسنح لخاطره بإشارة فهمه، ومن كان صاحب قلب وكل ذلك إلى الحق .فى قلبه - » 2«بال واسطة -خوطب به فى سرائره، وألقى

:قوله جل ذكره ]60آية ) : 4(سورة النساء [

بلك يريدون أن اغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم يـتحاكموا إلى الط ألم تـر إلى الذين يـزعمون أنـهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قـ )60(ضالال بعيدا

» ن يكفروا به يريدون أن يـتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أ «: على لسان جبريل عليه السالم بقوله -سبحانه - أظهروا اإلخالص، ونافقوا فى السر، ففضحهم .أي يرفضوه

.فمن حاد عن طريقه ورجع إلى غير أستاذه استوجب الحرمان والذم :قوله جل ذكره

]61آية ) : 4(سورة النساء [

)61( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنـزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ون ما هو الحق كل شىء سوى كلمة الحق فهو خفيف على المنافقين، فأما التوحيد فال يسمع كلمته إال مخلص، وأهل الفترة فى اهللا وأصحاب النفرة ال يسمع

ال يقوى على مقابلة الشمس فكذلك» 3«وكما أن ناظر الخلق . ألن خالف الهوى يشق على غير الصديقين__________

.استدراك موجود فى هامش الصفحة أثبتناه فى موضعه من النص هذا) 1( .فهذا وصف هام للمعرفة عند الصوفية، يميزها ويكشف جوهرها) بال واسطة(تأمل جيدا ) 2( .أي العين) 3(

)1/342(

هم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون ب هم ) 62(الله إن أردنا إال إحسانا وتـوفيقا فكيف إذا أصابـتـ أولئك الذين يـعلم الله ما في قـلوبهم فأعرض عنـفسهم قـوال بليغا فسهم جاءوك فاستـغفروا الله واستـغفر لهم الرسول وما أرسلنا من رسول إال ليطاع بإذن ) 63(وعظهم وقل لهم في أنـ الله ولو أنـهم إذ ظلموا أنـ

) 64(لوجدوا الله تـوابا رحيما

.فلذلك كان صدودهم -صلى اهللا عليه وسلم -المنافقون لم يطيقوا الثبات له :قوله جل ذكره

]62آية ) : 4(لنساء سورة ا[

هم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤك يحلفون بالله إن أردنا إال إحس )62(انا وتـوفيقا فكيف إذا أصابـتـبما يحصل (زوال المحنة، والمصيبة العظمى ترك المباالة ال أصل له، فال ينبغى أن يكون به اعتبار ألن بقاءه إلى» 1«تضرع غير المخلص عند هجوم الضر

.» 2«) من التقصير .» 3«ويقال من المصيبة أن يمحقك وقتك فيما ال يجدى عليك

:قوله جل ذكره ]63آية ) : 4(سورة النساء [

هم وعظهم و فسهم قـوال بليغا أولئك الذين يـعلم الله ما في قـلوبهم فأعرض عنـ )63(قل لهم في أنـأن من ال نكون نحن له ال يغنى عنه أن » 4«أبسط لهم لسان الوعظ بمقتضى الشفقة عليهم، ولكن انقبض بقلبك عن المباالة بهم والسكون إليهم، واعلم

.شيئا» 5«تعينه :قوله جل ذكره

]64آية ) : 4(سورة النساء [

فسهم جاؤك فاستـغفروا الله و وما أرسل )64(استـغفر لهم الرسول لوجدوا الله تـوابا رحيما نا من رسول إال ليطاع بإذن الله ولو أنـهم إذ ظلموا أنـ .ما أمرنا الرسل إال بدعوة الخلق إلينا

__________ .فالمعنى يقتضى ذلك ويؤيد أن الخطأ في النسخ) الضر(والصواب ) الضرورة(دت ور ) 1(

وترك المباالة بما يحصل منك (حيث يقول 34ما بين قوسين تكملة وجدناها ضرورية لتوضيح المعنى فاستفدنا مما جاء فى موقف مشابه فى الرسالة ص ) 2( ) .من التقصير خروج عن الدين

.الوقت مبرد يستحقك وال يمحقك، والوقت سيف فكما أن السيف قاطع فالوقت بما يمضيه الحق ويجريه غالب: قتمن أقوالهم فى الو ) 3( .فى األصل واشتبهت على الناسخ) فاعلم(وهى خطأ فى النسخ، وربما كانت ) ما علم(وردت ) 4( ) .نىيغ(يقع فاعال للفعل ) أي عونك له(المصدر المؤول من ان والفعل ) أن تعينه) (5(

)1/343(

فسهم حرجا مم نـهم ثم ال يجدوا في أنـ فسكم ) 65(ا قضيت ويسلموا تسليما فال وربك ال يـؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بـيـ نا عليهم أن اقـتـلوا أنـ ولو أنا كتبـرا لهم وأشد تـث أو اخرجوا من ديار هم ولو أنـهم فـعلوا ما يوعظون به لكان خيـ ناهم من لدنا أجرا عظيما ) 66(بيتا كم ما فـعلوه إال قليل منـ ) 67(وإذا آلتـيـ

ناهم صراطا مستقيما ) 68(ولهديـ

فسهم جاؤك ول «: وقوله .لو جعلوك ذريعتهم لوصلوا إلينا، ويقال لو الزموا التذلل واالفتقار وركبوا مطية االستغفار ألناخوا بعقوة المبار. » و أنـهم إذ ظلموا أنـ :قوله جل ذكره

]65آية ) : 4(سورة النساء [

فسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فال وربك ال يـؤمنون حتى يحكموك فيما نـهم ثم ال يجدوا في أنـ )65(شجر بـيـ .على الكافة إال بعد اإليمان بمحمد صلى اهللا عليه وسلم، فمن لم يمش تحت رايته فليس له من اهللا نفس -إلى نفسه -سد الطريق

.عارضات بالكلية بقلبكثم جعل من شرط اإليمان زوال الم :تلك المهالك بوجه ضاحك، كما قال بعضهم» 1«( ... ) فال بد لك من : » ... ثم ال يجدوا «: قوله

أتحسى له األمر وأسقيه ماصفا... وحبيب إن لم يكن منصفا كنت منصفا اخترت رضا ال تكلفا... إن يقل لى انشق :قوله جل ذكره

]68الى 66اآليات : )4(سورة النساء [

فسكم أو اخرجوا من دياركم ما فـعلوه إال قليل منـ وإذا ) 66(هم ولو أنـهم فـعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تـثبيتا ولو أنا كتبنا عليهم أن اقـتـلوا أنـ )68(ولهديناهم صراطا مستقيما ) 67(يناهم من لدنا أجرا عظيما آلتـ

.أخبر عن سقم إخالصهم وقوة إفالسهم، ثم أخبر اهللا بعلمه بتقصيرهم خالهم عن كثير من االمتحانات ثم قال ولو أنهم جنحوا إلى الخدمة، وشدوا نطاق الطاعة

__________ .تلك المهالك بوجه ضاحك) مقابلة(أو ) مواجهة(ناقصة ربما كانت هنا كلمة) 1(

)1/344(

يقين عم الله عليهم من النبيين والصد ذلك الفضل من الله وكفى ) 69(والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنـوإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابـتكم مصيبة قال قد أنـعم الله علي إذ لم ) 71(أيـها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثـبات أو انفروا جميعا يا ) 70(بالله عليما

نه مودة يا ليتني كنت معهم فأف ولئن أصاب ) 72(أكن معهم شهيدا نكم وبـيـ ) 73(وز فـوزا عظيما كم فضل من الله ليـقولن كأن لم تكن بـيـ

رشدناهم صراطا مستقيما وألوليناهم عطاء ولو أنهم فعلوا ذلك آلتيناهم من عندنا ثوابا عظيما، وأل. لكان ذلك خيرا لهم من إصرارهم على كفرهم واستكبارهم .مقيما» 2«) إرادة(، ومفارقة أوطان » 1«) تقبل النفس(يرجع إلى مخالفة الهوى وذبح النفوس بمنعها عن المألوفات، والخروج من ديار -على بيان اإلشارة -واألمر .الدنيا

:قوله جل ذكره ]70الى 69اآليات ) : 4(سورة النساء [

يقين والش ومن عم الله عليهم من النبيين والصد ذلك الفضل من الله وكفى ) 69(هداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنـ )70(بالله عليما

مفتاح الوصول إلى مقامات النبيين والصديقين والشهداء على الوجه الذي يصح لألمة وكفى له عليه السالم - صلى اهللا عليه وسلم -جعل طاعة المصطفى .بذلك شرفا

.كرمهجرد عليهم محلهم عن كل علة واستحقاق وسبب فإن ما الح لهم وأصابهم صرف فضله وابتداء : » ذلك الفضل من الله «: ثم قال :قوله جل ذكره

]73الى 71اآليات ) : 4(سورة النساء [

إذ لم أكن معهم شهيدا وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابـتكم مصيبة قال قد أنـعم الله علي ) 71(يا أيـها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا نه مودة يا ليتني كنت م ) 72( نكم وبـيـ ) .73(عهم فأفوز فـوزا عظيما ولئن أصابكم فضل من الله ليـقولن كأن لم تكن بـيـ

__________ والصواب أن تكون في مكانها الذي اخترناه حتى يستقيم ) على بيان اإلشارة(خاطئ يبهم المعنى إذ وضعها قبل فى مكان ) تقبل النفس(وضع الناسخ ) 1(

.السياق .لمالءمتها للسياق) إرادة(بدون همز لأللف وبدون تاء مربوطة فاخترنا ) أراد(وردت ) 2(

)1/345(

ليـقاتل في سبيل الله الذين يشرون ال يـقتل أو يـغلب فسوف نـؤتيه أجرا عظ فـ يا باآلخرة ومن يـقاتل في سبيل الله فـ نـ وما لكم ال تـقاتلون في ) 74(يما حياة الدعل لنا من لدنك نصيرا ين يـقولون ربـنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واج سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذ

)75 (

والفرار من كل غير شأن كل . ال من صدق فى الفرار إلى اهللالفرار إلى اهللا من صفات القاصدين، والفرار مع اهللا من صفات الواصلين فال يجد القرار مع اهللا إ .موحد

أي لم تستقر عقائدهم على وصف واحد، فكانوا مرتبطين بالحظوظ فإذا رأوا مكروها يظل المسلمين شكروا : اآلية... وإن منكم لمن ليبطئن : قوله تعالىتهم فكان يصيبنا ما أصابهم، وإن كانت لكم نعمة وخير سكنوا إليكم، وتمنوا أن لو كانوا معكم، خسروا فى الدنيا الحمد اهللا الذي حفظنا من متابع: وقالوا .فهم ال كافر قبيح وال مؤمن مخلص: واآلخرة

نه مودة «: قوله نكم وبـيـ .يعنى طرحوا حشمة الحياة فلم يراعوا حرمتكم: » كأن لم تكن بـيـ :ذكره قوله جل

]74آية ) : 4(سورة النساء [

نيا باآلخرة ومن يقاتل في سبيل الله فـيـ ليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الد )74(قتل أو يـغلب فسوف نـؤتيه أجرا عظيما فـ .من القلب ثم تسليم النفس للقتل» 1«) إخراج خطر الروح(هاده بنفسه فأوال من لم يقتل نفسه فى نفسه ال يصح ج

:يعنى بقاؤنا بعده خير له من حياته بنفسه لنفسه، قال قائلهم» فسوف نـؤتيه أجرا عظيما «وقوله فما وراءك لى قصد ومطلوب... ألست لى عوضا منى؟ كفى شرفا

:قوله جل ذكره ]75آية ) : 4(سورة النساء [

ون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا وما لكم ال تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يـقول ) .75(ا من لدنك نصيرا واجعل لن

__________ .وربما كان المقصود أنك ال تستطيع أن تبذل نفسك إال إذا قويت على قهرها والتهوين من خطرها) ص(هكذا فى النسخة ) 1(

)1/346(

ألم تـر إلى الذين قيل لهم ) 76(يل الطاغوت فـقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا الذين آمنوا يـقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يـقاتلون في سب نا القتال لو كفوا أيديكم وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة فـلما كتب عليهم القتال إذا فريق م هم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربـنا لم كتبت عليـ ال نـ

ر لمن اتـقى وال تظلمون فتيال يا قليل واآلخرة خيـ نـ ) 77( أخرتـنا إلى أجل قريب قل متاع الد

هللا؟» 1«أي شىء يمنعكم عن القتال فى سبيل اهللا؟ وما الذي ال يرغبكم فى بذل المهجة ه بعد فنائكم فى اهللا؟وماذا عليكم لو بذلتم أرواحكم فى اهللا وهللا؟ أتخافون أن تخسروا على اهللا؟ أم ال تعلمون أنكم تحشرون إلى اهللا؟ فلم ال تكتفون ببقائ

:قوله جل ذكره ]76آية ) : 4(ة النساء سور [

)76(اء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أوليثم قواهم . بشىء عن اهللا، فهم أبدا على نفوسهم ألجل اهللا، والذين كفروا على العكس من أحوال المؤمنينالمخلصون هللا ال يؤثرون شيئا على اهللا، وال يضنون

:وشجعهم بقوله .أي ال تضمروا لهم مخافة، فإنى متوليكم وكافيكم على أعدائكم» فقاتلوا أولياء الشيطان «

:قوله جل ذكره ]77آية ) : 4(سورة النساء [

هم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا ر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة فـلما كتب عليهم الق ألم تـ تال إذا فريق منـنا ا ر لمن اتقى وال تظلم لم كتبت عليـ نيا قليل واآلخرة خيـ )77(ون فتيال لقتال لوال أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الد

.أخرجوا أيديكم عن أموركم، وكلوها إلى معبودكم

.ويقال اقصروها عن أخذ الحرام والتصرف فيه .ويقال امتنعوا عن الشهوات

.إال عن رفعها إلى اهللا فى السؤال بوصف االبتهال» كفوا أيديكم «يقال و __________

.لمالءمتها للسياق) المهجة(بالحاء وهذا خطا فى النسخ وصوابها ) المحجة(وردت ) 1(

)1/347(

نما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بـروج مشيدة هم سيئة يـقولوا هذه من عندك ق أيـ هم حسنة يـقولوا هذه من عند الله وإن تصبـ ل كل من عند الله وإن تصبـ ) 78(فمال هؤالء القوم ال يكادون يـفقهون حديثا

.والعبودية فى ترك االستثقال، ونفى االستعجال، والتباعد عن التبرم واالستثقال. أمره، واستعجلوا لطفه فلما كتب عليهم القتال استثقلوار لمن اتقى وال تظلمون فتيال : قوله جل ذكره نيا قليل واآلخرة خيـ .قل متاع الد

نيا قليل «: مكنك من الدنيا ثم قال .، فلم يعدها شيئا لك ثم لو تصدقت منها بشق تمرة لتخلصت من النار، وحظيت بالجنة، وهذا غاية الكرم» قل متاع الد .أقوى أمارات صحبتك -ألجل حبيبك -واستقالل الكثير من نفسك

.تركها) » 1«عليها (ويقال لما زهدهم فى الدنيا قللها فى أعينهم ليهون ، لو سلم عهدك من التبديل؟» 2«) بالتخليل(قليل، والذي هو نصيبك منها أقل من القليل، فمتى يناقشك ألجلها ويقال قل متاع الدنيا بجملتها

.وإذا كانت قيمة الدنيا قليلة فأخس من الخسيس من رضى بالخسيس بدال عن النفيسنيا قليل و «: فقال أوال. وقد اختلع المؤمن من الكون بالتدريج ر قل متاع الد : عن الدنيا بالعقبى، ثم سلبهم عن الكونين بقوله» 3«) فأحفظهم(» اآلخرة خيـ

ر وأبقى« .» والله خيـ :قوله جل ذكره

]78آية ) : 4(سورة النساء [

هم حس نما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بـروج مشيدة وإن تصبـ هم سيئة يـقولوا هذه من عندك قل كل من عند الل أيـ ه نة يـقولوا هذه من عند الله وإن تصبـ ) .78(فمال هؤالء القوم ال يكادون يـفقهون حديثا

__________ . [.....]فيعود الضمير على الزهاد) عليهم(فى األصل يعود على أعينهم، وربما كانت) عليها(الضمير فى ) 1( .حاللها حساب وحرامها عقاب) ص(إشارة إلى قوله ) التحليل(نرجح أنها فى األصل ) 2( .فهذا أقرب إلى مراحل تدرج الفناء الصوفي... عن الدنيا بالعقبى ثم سلبهم ) فاختطفهم(نرجح أنها فى األصل ) 3(

)1/348(

) 79(وكفى بالله شهيدا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نـفسك وأرسلناك للناس رسوال

.قاءهالموت فرح للمؤمن، فالخبر عن قربه بشارة له، ألنه سبب يوصله إلى الحق، ومن أحب لقاء اهللا أحب اهللا ل .ويقال إذا كان الموت ال بد منه فاالستسالم لحكمه طوعا خير من أن يحمل كرها

إذا أصابتهم حسنة فرحوا بها، وأظهروا الشكر، وإن أصابتهم سيئة لم يهتدوا إلى اهللا فجرى فيهم العرق -لضعف بصائرهم ومرض عقائدهم -ثم أخبر أنهم .قل لهم يا محمد كل من عند اهللا خلقا وإبداعا، وإنشاء واختراعا، وتقديرا وتيسيرا: عليهم وقال إلى المخلوق، فرد » 2«فأضافوه » 1«المجوسى

:قوله جل ذكره ]79آية ) : 4(سورة النساء [

)79(كفى بالله شهيدا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نـفسك وأرسلناك للناس رسوال و :قوله جل ذكره» 3«ما أصابك من حسنة فمن اهللا فضال، وما أصابك من سيئة فمن نفسك كسبا وكالهما من اهللا سبحانه خلقا

]80آية ) : 4(سورة النساء [

)80(حفيظا من يطع الرسول فـقد أطاع الله ومن تـولى فما أرسلناك عليهم .صلى اهللا عليه وسلم، فقال سبحانه طاعته طاعتنا، فمن تقرب منه تقرب منا، ومقبوله مقبولنا، ومردوده مردودنا -هذه اآلية تشير إلى الجمع لحال الرسول

:قوله جل ذكره ]81آية ) : 4(سورة النساء [

هم وتـوكل على الله ويـقولون طاعة فإذا بـرزوا من عندك بـي ر الذي تـقول والله يكتب ما يـبـيتون فأعرض عنـ هم غيـ )81(وكفى بالله وكيال ت طائفة منـ__________

.لعل القشيري يقصد بذلك إلى أنهم بنسبتهم شيئا لغير اهللا يشركون، وينأون عن التوحيد) 1( .فصوبناها بما يالئم السياق) فاذاقوه(أخطأ الناسخ فنقلها ) 2( .هذا تلخيص دقيق لرأى القشيري فيما يصيب العباد) 3(

)1/349(

ر من األمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي وإذا جاءهم أم ) 82(أفال يـتدبـرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختالفا كثيرا هم ولوال فضل الله عليكم ورحمته التـبـع هم لعلمه الذين يستـنبطونه منـ ) 83( تم الشيطان إال قليال األمر منـ

:استسلموا فى مشاهدتك، فإذا خرجوا انقطع عنهم نور إقبالك، فعادوا إلى ظلمات، كما قالوا» 1«يعنى إذا حضروك كذى الضنى عاد إلى نكسة... إذا ارعوى عاد إلى جهله

:قوله جل ذكره ]83الى 82اآليات ) : 4(سورة النساء [

وإذا جاءهم أمر من األمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي ) 82(من عند غير الله لوجدوا فيه اختالفا كثيرا أفال يـتدبـرون القرآن ولو كان هم ولو هم لعلمه الذين يستـنبطونه منـ )83(ال فضل الله عليكم ورحمته التـبـعتم الشيطان إال قليال األمر منـ

.تدبر إشارة المعاني بغوص األفكار، واستخراج جواهر المعاني بدقائق االستنباطفأما المؤمنون فعالم أسرارهم موالهم، . فأظهروا السر بعضهم لبعض لما كانوا غافلين عن الحق لم يكن لهم من ينقل إليه أسرارهم... : وإذا جاءهم أمر : قوله

.وما يسنح لهم خاطبوه فيه فلم يحتاجوا إلى إذاعة السر لمخلوق فسامع نجواهم اهللا، وعالم خطابهم اهللاهم «: قوله تعالى »2«ا أي لو بثو » ... ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي األمر منـ

__________

.فصوبناها بما يالئم السياق) حقروك(أخطأ الناسخ فنقلها ) 1( ) .بثوا أسرارهم: (فصوبناها بما يالئم السياق) ثبوا(كتبها الناسخ ) 2(

)1/350(

من يشفع شفاعة حسنة ) 84(ين كفروا والله أشد بأسا وأشد تـنكيال فـقاتل في سبيل الله ال تكلف إال نـفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذ ها ومن ها وكان الله على كل شيء مقيتا يكن له نصيب منـ ها أو ردوها إن الله كان ) 85(يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منـ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منـ

) 86(على كل شيء حسيبا

.» 2«ومن هو من أهل القصد ألزالوا عنهم اإلشكال، وأمدوهم بنور الهداية واإلرشاد » 1«...) (.أسرارهم عند من هو .مع أوليائه لهاموا فى كل واد من التفرقة كأشكالهم فى الوقت» ولوال فضل الله «

:قوله جل ذكره ]84آية ) : 4(سورة النساء [

)84( تـنكيال ال نـفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد فقاتل في سبيل الله ال تكلف إ ل ما تكلفت، وال نحمل غيرك ما فنحن ال نكلف غيرك بمث - كما ال يقارنك أحد فى رتبتك لعلوك على الكل -استقم معنا بتسليم الكل منك إلى أمرنا فإنك

.» 3«تحملت النفرادك عن أشكالك فى القدوة :قوله جل ذكره

]85آية ) : 4(سورة النساء [

)85(شيء مقيتا الله على كل من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان .عظيم الرتبة، ومن سعى فى أمرنا بالفساد تحمل الوزر واحتقب اإلثم -من اهللا سبحانه على شفاعته -ويستوجب الشفيع. الشفيع يخلص للمشفوع له حاله

:قوله جل ذكره ]86آية ) : 4(سورة النساء [

)86(نها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن م __________

.مشتبهة، وما بعدها قد يكفى عنها) 1(إلى فى هذا الخصوص بحث القشيري فى إحدى وصاياه على أال يقضى المريد بذات نفسه إال ألوباب الطريقة من الشيوخ إذ يقبح بالمريد أن ينتسب ) 2(

أظهر من حجج كل أحد، وقواعد مذاهبهم أقوى من قواعد كل مذهب، والذي للناس غيب فهو لهم -فى مسائلهم -فحجج أهلها. ير هذه الطريقةمذهب غ .198، 197ظهور فهم من أهل الوصال، والناس أهل استدالل الرسالة ص

) .القدرة(و ) القدوة(ى يتقبل لتالئم التكليف والتحمل والمعن) القدرة(ال نستبعد أيضا أنها فى األصل ) 3(

)1/351(

أتريدون أن فما لكم في المنافقين فئتـين والله أركسهم بما كسبوا) 87(يثا الله ال إله إال هو ليجمعنكم إلى يـوم القيامة ال ريب فيه ومن أصدق من الله حد هم أولياء حتى يـهاجروا في س ) 88(تـهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فـلن تجد له سبيال بيل الله فإن ودوا لو تكفرون كما كفروا فـتكونون سواء فال تـتخذوا منـ

هم وليا وال نصيرا تـو نـهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم ) 89(لوا فخذوهم واقـتـلوهم حيث وجدتموهم وال تـتخذوا منـ نكم وبـيـ إال الذين يصلون إلى قـوم بـيـلم يـقاتلوكم وأ أن يـقاتلوكم أو يـقاتل ) 90(لقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيال وا قـومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فـلقاتـلوكم فإن اعتـزلوكم فـ

.له قرضا، فإما زدت على فعله وإال فال تنقص عن مثله -فى ذمتك -فضال صار ذلك وإن من حملك. تعليم لهم حسن العشرة وآداب الصحبة :قوله جل ذكره

]87آية ) : 4(سورة النساء [

)87(الله ال إله إال هو ليجمعنكم إلى يـوم القيامة ال ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا .اب يتضمن نفيا وإثباتا فالنفى يعود إلى األغيار ويستحيل لغيره ما نفاه، واإلثبات له باإللهية ويستحيل له النفي فيما أثبتههذا الخط

:قوله جل ذكره ]88آية ) : 4(سورة النساء [

)88(تـهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فـلن تجد له سبيال فما لكم في المنافقين فئتـين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن فإن المدار على القسم دون » 2«العهد فيهم أنهم أعدائى، ال ينالون منى فى الدنيا والعقبى رضائى، وإنكم ال تنقذون بهممكم من أقمته بقسمتي » 1«(....) (....)»3 «.

:هقوله جل ذكر ]90الى 89اآليات ) : 4(سورة النساء [

هم أولياء حتى يهاجروا في سبيل هم الله فإن تـولوا فخذوهم واقـتـلوهم حيث وجدتموهم وال تـتخذ ودوا لو تكفرون كما كفروا فـتكونون سواء فال تـتخذوا منـ وا منـنـهم ميثاق أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم ) 89(وليا وال نصيرا نكم وبـيـ أو يقاتلوا قـومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم إال الذين يصلون إلى قـوم بـيـ

لم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيال فـلقاتـلوكم ف )90(إن اعتـزلوكم فـ__________

.مشتبهة) 1( .أي ما قسمته له فى سابق اآلزال ال قدرة لمخلوق على تغييره) 2( .فكالهما يفيد أنه ال منجاة إلنسان بعمله وحده بل المدار على القسمة) الهمم(ربما كانت و ) االحتيال(سقطت كلمة من الناسخ ربما كانت ) 3(

)1/352(

نة أركسوا في قوا إليكم السلم ويكفوا أيديـهم فخذوهم واقـتـلوهم ها فإن لم يـعتزلوكم ويـل ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قـومهم كل ما ردوا إلى الفتـ ) 91(حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا

ومادام المخالفون لكم غير موافقين ! ن لمناهم تحقيقاإلشارة إلى أرباب التخليط واألحوال السقيمة يتمنون أن يكون الصديقون منهم، وهيهات أن يكو .تعاشره فبائنوهم وخالفوهم وال تطابقوهم بحال، وال تعاشروهم، وال تتخذوا منهم وليا وال نصيرا وموافق لك فى قصدك خير لك من مخالف على الكره

.رفقا بالمستضعفين» 1«عند االعذار أذن فى معاشرة فى الظاهر اإلشارة من هذه اآلية أن ... إال الذين يصلون إلى قـوم : قولهفإن . اإلشارة منه أنه إذا عاشركم من ليس من أهل القصة معرجين فى أوطان نصيبهم فال تدعوهم إلى طريقتكم وسلموا لهم أحوالهم» ... فإن اعتـزلوكم «

.وإال فسلموا لهم أحوالهم» 2« أمكنكم أن تالحظوهم بعين الرحمة بحيث تؤثر فيهم همتكم :قوله جل ذكره

]91آية ) : 4(سورة النساء [

نة أركسوا فيها م ويكفوا أيديـهم فخذوهم واقـتـلوهم فإن لم يـعتزلوكم ويـلقوا إليكم السل ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قـومهم كلما ردوا إلى الفتـ )91(حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا

__________ مبدأ نادى به القشيري وطبقه على نفسه وهذا ... أي أن الصحبة والمعاشرة ينبغى أال يصل أمرهما الى حد المساكنة، ألن صحبة الحق أولى من كل غير ) 1(

. [.....]إبان محنته األليمة ) .همتكم(وهى خطأ من الناسخ ألن المعنى يتطلب ) همتهم(وردت ) 2(

)1/353(

بة مؤمن تل مؤمنا خطأ فـتحرير رقـ ة ودية مسلمة إلى أهله إال أن يصدقوا فإن كان من قـوم عدو لكم وهو مؤمن وما كان لمؤمن أن يـقتل مؤمنا إال خطأ ومن قـنـهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله نكم وبـيـ بة مؤمنة وإن كان من قـوم بـيـ بة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين تـوبة من الله وكان الله وتحري فـتحرير رقـ ر رقـ

دا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه و ) 92(عليما حكيما ) 93(أعد له عذابا عظيما ومن يـقتل مؤمنا متـعم

لى أحكام إن من رام الجمع بين الضدين خاب سعيه، ولم يرتفع عزمه، فكما ال يكون شخص واحد منافقا ومسلما ال يكون شخص واحد مريدا للحق ومقيما ع .، والواجب مباينة األضداد، ومجانبة األجانب» 1«فإن اإلرادة والعادة ضدان . أهل العادة

:قوله جل ذكره ]92آية ) : 4(سورة النساء [

بة مؤمنة ود تل مؤمنا خطأ فـتحرير رقـ لكم وهو مؤمن ية مسلمة إلى أهله إال أن يصدقوا فإن كان من قـوم عدو وما كان لمؤمن أن يـقتل مؤمنا إال خطأ ومن قـنـهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله و نكم وبـيـ بة مؤمنة وإن كان من قـوم بـيـ بة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين تـوبة من الله و فـتحرير رقـ كان الله تحرير رقـ

)92(عليما حكيما الشيوخ عاقلة خفف أمر الخطأ على فاعله حتى حمل موجب قتل الخطأ على العاقلة فالخواص عاقلة المستضعفين من األمة، وأهل المعرفة عاقلة المريدين، و

.الفقراء فسبيلهم أن يحملوا أثقال المستضعفين فيما ينوبهم :قوله جل ذكره

]93آية ) : 4(ء سورة النسا[

)93(عذابا عظيما ومن يـقتل مؤمنا متـعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له ا بحسن وعظه ولم يعنه بهمته فقد سعى فى دمه، كما يحرم قتل غيرك عليك يحرم قتل نفسك عليك، ومن اتبع هواه سعى فى دم نفسه، ومن لم ينصح مريد

وهو مأخوذ بحاله__________

.إما أهل العادة أو أهل اإلرادة -عند القشيري -الناس) 1(

)1/354(

تبـيـنوا وال تـقولوا لمن ألقى إليك تم في سبيل الله فـ يا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم يا أيـها الذين آمنوا إذا ضربـ نـ بتـغون عرض الحياة الد م السالم لست مؤمنا تـتبـيـنوا إن الله كان بما تـعملون خبيرا بل فمن الله عليكم فـ ر أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم ال يستوي القاعد ) 94(من قـ ون من المؤمنين غيـ

فسهم على القاعدين درجة وكال وعد ال فسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنـ درجات ) 95(له المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما له الحسنى وفضل الوأنـ ) 96(منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما

» 2«) خادما(رأيت لى طالبا فكن له يا داود إذا: -سبحانه -ولقد قال: بأن تكون له عقوبة األذية بأال يتمتع بما ضن به على المريدين من أحواله» 1«وخليق :قوله جل ذكره

]94آية ) : 4(سورة النساء [

تبـيـنوا وال تـقولوا لمن ألقى إليكم الس تم في سبيل الله فـ بتـغون عرض الحياة الد يا أيـها الذين آمنوا إذا ضربـ نيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم الم لست مؤمنا تـتبـيـنوا إن الله كان بما تـعملون خبيرا بل فمن الله عليكم فـ )94(من قـ

هذا إذا كان غرض فاسد يحملكم عليه من أحكام . » 4« عاشروا الناس على ما يظهرون من أحوالهم، وال تتفرسوا فيهم بالبطالن فإن متولى األسرار اهللا» 3« .النفس، فأما من كان نظره باهللا ولم ينستر عليه شىء فليحفظ سر اهللا فيما كوشف به، وال يظهر لصاحبه ما أراد اهللا فيه

:قوله جل ذكره ]96الى 95اآليات ) : 4(سورة النساء [

فسهم فضل الله المجاهديال يستوي القاعدون من المؤم ر أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنـ فسهم على القاعدين درجة نين غيـ ن بأموالهم وأنـ )96(درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما ) 95(ى القاعدين أجرا عظيما وكال وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين عل

__________ .حتى يمتنع اللبس) وخليق بأن(وصوابها وحقيق بان ولكننا آثرنا ) وحقيقة بأن(وردت ) 1( 237فسير آية وأنبتها نباتا حسنا ص انظر ت(مشتبهة هنا ولكنها واضحة فى موضع سبق ) 2( .من الناسخ فأثبتناها) آمنوا(سقطت ) 3(اركين تدل هذه النظرة على سماحة الصوفية واتساع صدورهم، فاألصل عندهم أن كل الناس طيبون، ويجب أن تحسن الظن بهم جميعا، ونتقبل ظواهرهم ت) 4(

.أسرارهم للمولى سبحانه

)1/355(

فسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في األرض قالواإن الذين تـهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم تـوفاهم المالئكة ظالمي أنـ ألم تكن أرض الله واسعة فـهم وكان الله ) 98(ستضعفين من الرجال والنساء والولدان ال يستطيعون حيلة وال يـهتدون سبيال إال الم ) 97(وساءت مصيرا فأولئك عسى الله أن يـعفو عنـ

) 99(عفوا غفورا

، ومن كبير ومن هو أكبر منه، هذه الكواكب » 1«بينهم فى الدرجات، فمن غني ومن عبد هو أغنى منه الحق سبحانه جمع جميع أوليائه فى أفضاله لكنه غابر :قوله جل ذكره! درية ولكن القمر فوقها، وإذا طلعت الشمس بهرت الجميع بنورها

]97آية ) : 4(سورة النساء [

يها فأولئك مأواهم جهنم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في األرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فـتهاجروا ف إن الذين تـوفاهم المالئكة ظالمي أنـفسهم )97(وساءت مصيرا

إذ ال حجاب » 2«عذر حيث لم يهاجر إلى ظل قربته ليتخلص من هوى نفسه ليس له -اإلشارة منه إلى من أدركه األجل وهو فى أسر نفسه وفى رق شهواته .بينك وبين هذا الحديث إال هواك

:قوله جل ذكره ]99الى 98اآليات ) : 4(سورة النساء [

هم وكان الله عفوا غفورا ) 98(ن سبيال إال المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ال يستطيعون حيلة وال يـهتدو )99(فأولئك عسى الله أن يـعفو عنـعليهم، فهم بعد عود نفوسهم -سبحانه - اإلشارة منه إلى الذين ملكتهم المعاني فأفنتهم عنهم، فبقوا مصرفين له، ال لهم حول وال قوة، يبدو عليهم ما يجريه

.محو عنهم، فال يهتدون إلى غيره سبيال، وال يتنفسون لغيره نفسا بحق الحق __________

.واضح أن القشيري يقصد الغنى فى األحوال ال الغنى فى األموال فليس لهذه كبير قيمة) 1( .فصوبناها) هوى نفسه(وردت هكذا ) 2(

)1/356(

ا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فـقد وقع أجره على الله وكان الله ومن يـهاجر في سبيل الله يجد في األرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بـيته مهاجر تم في األرض فـليس عليكم جناح أن تـقصروا من الصالة إن خفتم أن يـفتنكم ) 100(غفورا رحيما الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا ضربـ

)101 (

.عليهم بالعفو -سبحانه -عن االختيار فعسى أن يتفضل الحق ويقال على موجب ظاهر اآلية إن الذين أقعدتهم األعذار :قوله جل ذكره

]100آية ) : 4(سورة النساء [

يدركه الموت فـقد وقع أجره على الله وكان الله إلى الله ورسوله ثم ومن يهاجر في سبيل الله يجد في األرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بـيته مهاجرا )100(غفورا رحيما

.من هاجر فى اهللا عما سوى اهللا، وصحح قصده إلى اهللا وجد فسحة فى عفوة الكرم، ومقيال فى ذرى القبول، وحياة وسعة فى كنف القربه، وال يصح ذلك إال بانسالخه عن جميع مراداته، ومن قصده ثم أدركه األجل قبل وصوله فال ينزل إال بساحات من هجر نفسه وهوا -فى الحقيقة -والمهاجر

.وصله، وال يكون محط روحه إال أوطان قربه :قوله جل ذكره

]101آية ) : 4(سورة النساء [

تم في األرض فـليس عليكم جناح أن تـقصر )101(وا من الصالة إن خفتم أن يـفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا ضربـل السفر ، فأقر ذلك مع زوال الخوف رفقا بالعباد، فلما دخل الفرض القصر ألج» 1«القصر فى الصالة سنة فى السفر، وكان فى ابتداء الشرع عند الخوف

عوضوا بإباحة النفل فى السفر على الراحلة أينما توجهت به دابته من غير استقبال، فكذلك الماشي ليعلم أن اإلذن__________

لإلسالم ألن فى مبدا اإلسالم بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة، بل ما كانوا ينهضون إال إلى غزو عام، أو فى سرية خاصة، وسائر األحيان حرب) 1(

.ويرى ابن عمر أن هناك فرقا بين صالة السفر وصالة الخوف، وهو يحتج على قصر الصالة فى السفر ويراه فى صالة الخوف... وأهله .البن كثير) 546ص 1تفسير القرآن العظيم ج (

)1/357(

لتـقم طائفة منـ ليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم ي وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصالة فـ ليصلوا معك هم معك وليأخذوا أسلحتـهم فإذا سجدوا فـ صلوا فـلة واحدة وال جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أ وليأخذوا حذرهم وأسلحتـهم ود الذين كفروا لو تـغفلون عن أسلحتك و كنتم م وأمتعتكم فـيميلون عليكم ميـ

فإذا قضيتم الصالة فاذكروا الله قياما وقـعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأنـنتم )102(مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا ) 103(فأقيموا الصالة إن الصالة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا

فمتى شئت، وإن أردت التباعد مترخصا فلك ما شئت، وهذا غاية الكرم، وحفظ سنة الوفاء، وتحقق فى المناجاة مستديم فى كل وقت فإن أردت الدخول .معنى الوالء

:قوله جل ذكره ]102آية ) : 4(سورة النساء [

هم معك وليأخذوا أسلحتـه لتـقم طائفة منـ ليصلوا معك وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصالة فـ ليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فـ م فإذا سجدوا فـلة واحدة وال جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم ميلون عليكم وليأخذوا حذرهم وأسلحتـهم ود الذين كفروا لو تـغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فـي ميـ

)102(مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا ام فيه نفس من االختيار ال فى الخوف وال فى األمن، وال عند غلبات أحكام الشرع إذا كنت بوصف تدل هذه اآلية على أن الصالة ال ترتفع عن العبد ماد

:التفرقة، وال عند استيالء سلطان الحقيقة إذا كنت بعين الجمع :قوله جل ذكره

]103آية ) : 4(سورة النساء [

)103(ا وعلى جنوبكم فإذا اطمأنـنتم فأقيموا الصالة إن الصالة كانت على المؤمنين كتابا موقوت فإذا قضيتم الصالة فاذكروا الله قياما وقـعودا ، وحضور القلب بالذكر مسرمد غير منقطع أما بالرسوم» 1«الوظائف الظاهرة موقته

__________ .أي حسب ميقات) 1(

)1/358(

زلنا إليك الكتاب بالحق ) 104(ه ما ال يـرجون وكان الله عليما حكيما تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنـهم يألمون كما تألمون وتـرجون من الل وال إنا أنـ ) 106(واستـغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ) 105(لناس بما أراك الله وال تكن للخائنين خصيما لتحكم بـين ا

..فوقتا دون وقت، وأما بالقلوب فإياكم والغيبة عن الحقيقة لحظة كيفما اختلفت بكم األحوال .أما الصالة فإذا اطمأننتمالذكر كيفما كنتم وكما كنتم، و

:قوله جل ذكره

]104آية ) : 4(سورة النساء [

)104(له ما ال يـرجون وكان الله عليما حكيما وال تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنـهم يألمون كما تألمون وتـرجون من ال .استنادكم فى جهادكم إلى اهللا» 1«قوموا باهللا وليكن :القوم شاركوكم فى إحساس األلم، ولكن خالفوكم فى شهود القلب، وأنتم تشهدون ما ال يشهدون، وتجدون لقلوبكم ما ال : » إن تكونوا تألمون فإنـهم يألمون «

.الجهديجدون، فال ينبغى أن تستأخروا عنهم فى الجد و :قوله جل ذكره

]106الى 105اآليات ) : 4(سورة النساء [

زلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بـين الناس بما أراك الله وال تكن للخائنين خص )106(واستـغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ) 105(يما إنا أنـأي كاشفك به من أنوار البصيرة حتى وقفت عليه بتعريفنا إياك وتسديدنا لك، وكذلك » 4«بالحكم بينهم على عمى ولكن بما أراك اهللا » 3«لم يأمرك » 2«

.من يحكم بالحق من أمتك أي ال تناضل عن أرباب الحظوظ ولكن مع: » وال تكن للخائنين خصيما «: قوله

__________ ) .وال يكن(أخطأ الناسخ إذ كتبها ) 1( .أخطأ الناسخ إذ كتبها واستغفروا) 2( ) .ص(ألن الخطاب كله موجه إلى الرسول ) لم يأمرك(والصواب ) لم يأمركم(وردت ) 3(رواه أبو داود من حديث أسامة بن زيد عن يحتج من ذهب من علماء األصول بهذه اآلية على أنه صلى اهللا عليه وسلم كان له أن يحكم باالجتهاد، وفيما) 4(

.ينتهى الحديث على النحو التالي.. فى مواريث بينهما قد درست وليس عندهما بينة) ص(رجلين من األنصار اختصما إلى الرسول . [.....]» إنى إنما أقضى بينكما يرأى فيما لم ينزل على فيه«

)1/359(

فسهم إن الله ال يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس وال يستخفون من الله وهو معهم إذ يـبـيتون ما ال يـرضى ) 107(وال تجادل عن الذين يختانون أنـهم يـوم القيامة أ ) 108(ه بما يـعملون محيطا من القول وكان الل يا فمن يجادل الله عنـ نـ هم في الحياة الد تم هؤالء جادلتم عنـ م من يكون عليهم وكيال ها أنـ

)109 (

.» 1«ه من التقوى، ومن ركن إلى أنواع نوزاع المنى خان فيما طولب به من الحياء الطالع المولى أبناء الحقوق، ومن جنح إلى الهوى خان فيما أودع نفس .ليغفر لك اهللا نما تقدم من ذنبك: واستـغفر الله ألمتك فإنا قد كفيناك حديثك بقولنا

:قوله جل ذكره ]108الى 107اآليات ) : 4(سورة النساء [

فسهم إن الله ال يحب من كان خوانا أثيما وال تجادل عن ال يستخفون من الناس وال يستخفون من الله وهو معهم إذ يـبـيتون ما ال يـرضى ) 107(ذين يختانون أنـ )108(من القول وكان الله بما يـعملون محيطا

وال -ال جرم -هم المؤثرون حظوظهم على حقوقه، والراضون بالتعريج فى أوطان هواهم دون النقلة إلى منازل الرضا، إن اهللا ال يحب أهل الخيانة فيذلهم .يكرمهم يستخفون من الناس : قوله

.الذين وسم اهللا قلوبهم بوسم الفرقةالغالب على قلوبهم رؤية الخلق وال يشعرون أن الحق مطلع على قلوبهم أولئك :قوله جل ذكره

]109آية ) : 4(سورة النساء [

هم يـوم القيامة أم من نيا فمن يجادل الله عنـ هم في الحياة الد تم هؤالء جادلتم عنـ )109(يكون عليهم وكيال ها أنـ !ألنك فيهم، فكيف حالهم يوم القيامة إذ زالت عنهم بركاتكم أيها المؤمنون؟ -تكبحرم - أي ندفع عنهم

__________ ن عشيرته يقال إن سبب نزول هذه اآلية أن رجال شكا أن طعمة بن أبيرق سرق درعه، فلما رأى السارق ذلك ألقى الدرع فى بيت رجل برىء، وقال لنفر م) (1(

وإن صاحب الدرع فالن وقد أحطنا بذلك علما فاعذر . يا نبى اهللا إن صاحبنا برىء: ليال فقالوا) ص(طلقوا إلى النبي إنى غيبت الدرع فى بيت فالن، فانوقد حرصنا ) فبراه وعذره على رءوس الناس، فأنزل اهللا هذه اآلية) ص(فقام رسول اهللا . صاحبنا على رءوس الناس وجادل عنه، فإنه إن لم يعصمه اهللا بك يهلك

.ثبات سبب نزولها ألن ما بعدها من اآلي مرتبط بهذه الواقعةعلى إ

)1/360(

ومن ) 111(عليما حكيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نـفسه وكان الله ) 110(ومن يـعمل سوءا أو يظلم نـفسه ثم يستـغفر الله يجد الله غفورا رحيما هم أن يضلوك وما يضلون إال ) 112(يكسب خطيئة أو إثما ثم يـرم به بريئا فـقد احتمل بـهتانا وإثما مبينا فسهم ولوال فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منـ أنـ

) 113(ان فضل الله عليك عظيما وما يضرونك من شيء وأنـزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تـعلم وك

:قوله جل ذكره ]110آية ) : 4(سورة النساء [

)110(يظلم نـفسه ثم يستـغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يـعمل سوءا أو »ثم « .عمرهم فى البطاالت والمخالفات ثم فى آخر أعمارهم يستغفرون اهللا» 1«حرف يدل على التراخي أي يزجون :

»يجد الله «وقوله إذا شاء، فسنته تحقيق ما فوق المأمول لمن -سبحانه يوصله إلى النهاية بفضله -ير الغفران، ولكن اهللا، والعاصي ال يطلب غ» 2«الوجود غاية الحديث :

.رجاه :قوله جل ذكره

]111آية ) : 4(سورة النساء [

)111(ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نـفسه وكان الله عليما حكيما .العاصين، فمن أطاع فحظه حصل، ومن عصى فحظه أخذ» 3«طاعة المطيعين، وزلة الحق غني عن :قوله جل ذكره

]112آية ) : 4(سورة النساء [

)112(ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يـرم به بريئا فـقد احتمل بـهتانا وإثما مبينا صفته من المخازي عكس اهللا عليه الحال، وألبس ذلك البريء ثواب محاسن راميه، وسحب ذيل العفو على مساويه، وقلب الحال من نسب إلى برىء ما هو

.على المتعدى بما يفضحه بين أشكاله، فى عامة أحواله :قوله جل ذكره

]113آية ) : 4(سورة النساء [

فسهم وما يضرونك من شيء وأنـزل الله عل ولوال فضل الله عليك ورحمته لهم هم أن يضلوك وما يضلون إال أنـ يك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم ت طائفة منـ )113(تكن تـعلم وكان فضل الله عليك عظيما

__________ .بالراء والصواب بالزاي) يرجون(ت ورد) 1( :التواجد بداية والوجود نهاية والوجد واسطة، وسمعت األستاذ أبا على الدقاق يقول) (2(

الرسالة ) بحرالتواجد يوجد استيعاب العبد، والوجد يوجب استغراق العبد، والوجود يوجب استهالك العبد فهو كمن شهد البحر ثم ركب البحر ثم غرق فى ال .37ص

.بالذال والصواب أن تكون بالزاي ألن المناسب للسياق لفظ ضد الطاعة) ذلة(وردت ) 3(

)1/361(

ر في كثير من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح بـين الناس ومن يـ ) 114(ه فسوف نـؤتيه أجرا عظيما فعل ذلك ابتغاء مرضات الل ال خيـ

عصمه تخصيصا له بتلك العصمة، وكما عصمه عن ترك -سبحانه -إلى عصمته إياه، فالحق -من الفضل -، واإلشارة هاهنا» 1«الفضل إحسان غير مستحق »..ورحمته ولوال فضل الله عليك «: عصمه بأن كف عنه كيد خلقه فقال -سبحانه -حقه .اآلية

، وإن اهللا كال، لن يكون ألحد سبيل إلى إضاللك فأنت فى قبضة العزة، وما يضلون إال أنفسهم، وما يضرونك بشىء، إذ المحفوظ منا محروس عن كل غيرعليك بشىء بمثل ما من به على من خصه سبحانه قد اختصك بإنزال الكتاب، واستخلصك بوجوه االختصاص واإليجاب، وعلمك ما لم تكن تعلم، ولم يمن

.باهللا بجالله، وعلمه بعبودية نفسه، ومقدار حاله فى استحقاق عزه وجماله -صلى اهللا عليه -ويحتمل أنه أراد به علمه. به من العلم .ويقال علمك ما لم تكن تعلم من آداب الخدمة إذ لم تكن ملتبسا عليك معرفة الحقيقة

.تعليم األغيار حتى ال يكون ألحد نور إال مقتبسا من نورك، ومن لم يمش تحت رايتك ال يصل إلى جميع برنا، وال يحظى بقربنا ووصلناويقال أغناك عن »وكان فضل الله عليك عظيما « .تعلم من علو رتبتك على الكافة ويقال وعلمك ما لم تكن. معلوما -لنا بشرف العز وكرم الربوبية فى اآلزال -فى اآلباد أنك كنت:

»علمك ما لم تكن تـعلم «ويقال :أن أحدا ال يقدر قدرنا إال بمقدار موافقته ألمرنا قوله جل ذكره

]114آية ) : 4(سورة النساء [

ر في كثير من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إ )114(صالح بـين الناس ومن يـفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نـؤتيه أجرا عظيما ال خيـ__________

ألن الفضل معناه الزيادة، فربما يرمى القشيري إلى أنه غير مستحق بسبب ذلك ألنه يفوق المستحق) 1(

)1/362(

شر الناس «: تتعدى صاحبه إلى غيره ففضيلة الصدقة يتعدى نفعها إلى من تصل إليه، والفتوة أن يكون سعيك لغيرك، ففى الخبر أفضل األعمال ما كانت بركاته .وكل أصناف اإلحسان ينطبق عليها لفظ الصدقة» من أكل وحده

صدقتك على نفسك، : والصدقة على أقسام» 1» «صدقته هذه صدقة تصدقها اهللا عليكم فاقبلوا«: قال صلى اهللا عليه وسلم فى قصر الصالة فى السفرعلى نفسك فحملها على أداء حقوقه تعالى، ومنعها عن مخالفة أمره، وقصر يدها عن أذية الخلق، وصون خواطرها (وصدقتك على غيرك فأما صدقتك

.بدنعلى الغير فصدقة بالمال وصدقة بالقلب وصدقة بال» 2«) وأما صدقتك. وعقائدها عن السوء .فصدقة بالمال بإنفاق النعمة، وصدقة بالبدن بالقيام بالخدمة، وصدقة بالقلب بحسن النية وتوكيد الهمة

.والصدقة على الفقراء ظاهرة ال إشكال فيها، أما الصدقة على األغنياء فتكون بأن تجود عليهم بهم، فتقطع رجاءك عنهم فال تطمع فيهم .ع فهو معروف، ومن ذلك إنجاد المسلمين وإسعادهم فيما لهم فيه قربة إلى اهللا، وزلفى عنده، وإعالء النواصي بالطاعةفكل حسن فى الشر : وأما المعروف

__________ .هكذا رواه مسلم وأهل السنن من حديث ابن جريج عن عبد الرحمن بن عبد اهللا بن أبى عمار) 1(

ي هذا حديث حسن صحيح من حديث عمر بن الخطاب، وال يحفظ اال من هذا الوجه ورجاله وقال على بن المدين. وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح .معروفون

.ما بين القوسين استدراك فى الهامش وضعناه فى موضعه من النص حسب العالمة المميزة) 2(

)1/363(

ر سبيل المؤمنين نـوله ما تـولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ومن يشاقق الرسول من بـعد ما تـبـين له الهدى ويـتبع إن الله ال يـغفر أن يشرك به ويـغفر ) 115(غيـ ) 116(ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فـقد ضل ضالال بعيدا

به، وأصلح بين تصدق بنفسه على طاعة ربه، وتصدق بقلبه على الرضا بحكمه، ولم يخرج باالنتقام لنفسه، وحث الناس على ما فيه نجاتهم بالهداية إلى ر ومنيره، وكذلك من لم يهذب ومن لم يؤدب نفسه لم يتأدب به غ. فإن لسان فعله أبلغ فى الوعظ من لسان نطقه، فهو الصديق فى وقته -الناس بصدقه فى حاله .حاله لم يتهذب به غيره

غير سائل به ماال أو حائز لنفسه به حاال فعن قريب يبلغ رتبة اإلمامة فى طريق اهللا، وهذا هو األجر الموعود فى هذه » ومن يـفعل ذلك ابتغاء مرضات الله « .» 1«اآلية

:قوله جل ذكره ]115 آية) : 4(سورة النساء [

ر سبيل المؤمنين نـوله ما تـول )115(ى ونصله جهنم وساءت مصيرا ومن يشاقق الرسول من بـعد ما تـبـين له الهدى ويـتبع غيـوكما أن . استوجب عقوبات القلوب، ومنها أن يعمى عن إبصار رشده خواطر الحق سفراؤه تعالى إلى العبد، فمن خالف إشارات ما طولب به من طريق الباطن .ساقط -مخالف اإلجماع عن الدين خارج فمخالف ما عرف من الحقيقة بعد ما تبين له الطريق

:قوله جل ذكره ]116آية ) : 4(سورة النساء [

)116(لمن يشاء ومن يشرك بالله فـقد ضل ضالال بعيدا إن الله ال يـغفر أن يشرك به ويـغفر ما دون ذلك

__________ .لومه إلى بعض الوعاظ المحترقين الذين ظهروا فى عصره وقبل عصره -بطريق غير مباشر -نالحظ فى هذه الفقرة أن القشيري يوجه) 1(

)1/364(

يـنـهم وآلمرنـهم ) 118(لعنه الله وقال ألتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ) 117(إن يدعون من دونه إال إناثا وإن يدعون إال شيطانا مريدا وألضلنـهم وألمنـليبتكن آذان ليـغيـرن خلق الله ومن يـتخذ الشيطان وليا من دون الله فـقد فـ عام وآلمرنـهم فـ يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان ) 119( خسر خسرانا مبينا األنـ

ها محيصا أولئك مأواه ) 120(إال غرورا ) 121(م جهنم وال يجدون عنـ

قوله ]120الى 117اآليات ) : 4(سورة النساء [

يـنـهم وآلمرنـهم ) 118(روضا لعنه الله وقال ألتخذن من عبادك نصيبا مف ) 117(إن يدعون من دونه إال إناثا وإن يدعون إال شيطانا مريدا وألضلنـهم وألمنـليـغيـرن خلق الله ومن يـتخذ الشيطان وليا من ليبتكن آذان األنعام وآلمرنـهم فـ هم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إال يعد ) 119( دون الله فـقد خسر خسرانا مبينا فـ

)120(غرورا وما دون الشرك فللعفو فيه مساغ، ومن توسل إليه سبحانه بما توهم من نفسه فقد . إثبات الغير فى توهم ذرة من اإلبداع عين الشرك، فال للعفو فيه مساغ:

.حدكال، بل هو اهللا الوا. أشرك من حيث لم يعلم، وانخرطوا فى سلك التوهم، وركنوا إلى مغاليط الحسبان، فضلوا عن » 1«أوقعوا على الجمادات تسميات : وإن يدعون إال شيطانا مريدا لعنه الله : قوله

.الحقيقةببعده، وما إبليس إال مقلب فى القبضة على ما » 2«ليس الذي أبعده الحق عن رحمته، وأسحقه ، أي ما يدعون إال إب» وإن يدعون إال شيطانا مريدا لعنه الله «

عقيب وساوسه » 3«على الخلق أحواال، ويخلق -سبحانه -كال، إنما يجرى الحق . يريده المنشئ، ولو كان به ذرة من اإلثبات لكان به شريكا فى اإللهيةفى قلوبهم عقيب وساوسه إليهم طول اآلمال، ويحسن فى أعينهم » 4«(....) المصرف للكل، فيخلق -سبحانه -هوللخلق ضالال، فهو الهادي والمضل، و

ة، وإلى الكافر مرة، قبيح األعمال، ثم ال يجعل ألمانيهم تحقيقا، وال يعقب لما أملوه تصديقا، فهو تعالى موجد تلك اآلثار جملة، ويضيفها إلى الشيطان مر يـنـهم «: ولهوهذا معنى ق .» يعدهم ويمنيهم «اآلية ومعنى قوله تعالى ... » وألضلنـهم وألمنـ :قوله جل ذكره

]121آية ) : 4(سورة النساء [

) .121(أولئك مأواهم جهنم وال يجدون عنها محيصا __________

وروى عن بعض الصحابة أنها المالئكة إشارة إلى قوله تعالى فى موضع . يفهم اإلناث على أنها األوثان، وهكذا عن عائشةواضح من كالم القشيري أنه ) 1( .اإلناث كل شىء ميت ليس فيه روح: وعن الحسن) . وجعلوا المالئكة الذين هم عباد الرحمن إناثا(آخر

.وهى خطأ فى النسخ) استحقه(فى النسخة ص ) 2( .قشيري نسبة خلق كل شىء هللا، وتجريد الشيطان من كل سلطانيؤكد ال) 3( .مشتبهة) 4(

)1/365(

هار خالدين فيها أ ليس بأمانيكم وال ) 122(ه قيال بدا وعد الله حقا ومن أصدق من الل والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها األنـلئك ومن يـعمل من الصالحات من ذكر أو أنـثى وهو مؤمن فأو ) 123(أماني أهل الكتاب من يـعمل سوءا يجز به وال يجد له من دون الله وليا وال نصيرا

) 124(يدخلون الجنة وال يظلمون نقيرا

! ، ولوال أنه أظهر ما أظهر بقدرته وإال متى كانت شظية من الضاللة والهداية ألربابها؟» 1«الذين قسم لهم الضاللة فى الحال حكم عليهم بالعقوبة فى المآل .يلوالوقوف على صدق التوحيد عزيز، وأرباب التوحيد قل

:قوله جل ذكره ]122آية ) : 4(سورة النساء [

)122( وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيال والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها أبدا .ا وقوال، أنجدناهم حين أوجدناهم كرما وطوال، ثم إنا نحقق لهم الموعود من الثواب، بما نكرمهم به من حسن المآبالذين أسعدناهم حكم

:قوله جل ذكره ]124الى 123اآليات ) : 4(سورة النساء [

ومن يـعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو ) 123(جد له من دون الله وليا وال نصيرا ليس بأمانيكم وال أماني أهل الكتاب من يـعمل سوءا يجز به وال ي )124(مؤمن فأولئك يدخلون الجنة وال يظلمون نقيرا

الزعاف لم يجد طعم العسل، كذلك من ضيع حق الخدمة لم يستمكن على بساط القربة، ومن ، ومن شرب السم » 2«من زرع الحنظل لم يجتن الورد والعبهر .فال ناصر له من البرية» 3«وسم بالشقوة لم يرزق الصفوة، ومن نفته القضية

من تعني فى خدمتنا لم يبق عن نيل. اآلية.... ومن يـعمل من الصالحات : قوله__________

) .المآل(وصوابها ) المال(ت ورد) 1( . [.....]ط بيروت) 536ص 20لسان العرب ج (الياسمين وقيل النرجس -العبهر) 2( .القضية مقصود بها القضاء، قضاء اهللا) 3(

)1/366(

راهيم خليال ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتـبع ملة إبـراهيم ) 125(حنيفا واتخذ الله إبـ

.فى طلبنا أكرمناه بوجودنا، بل من جرعناه كأس اشتياقنا أنلناه أنس لقائنا» 1«نعمتنا، بل من أغنيناه :قوله جل ذكره

]125آية ) : 4(سورة النساء [

)125(وهو محسن واتـبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليال ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله ولم يدخر شيئا عن اهللا ال أحد أحسن دينا ممن أسلم وجهه هللا يعنى أفرد قصده إلى اهللا، وأخلص عقده هللا عما سوى اهللا، ثم استسلم فى عموم أحواله هللا باهللا،

.ماله وال من جسده، وال من روحه وال من جلده، وال من أهله وال من ولده، وكذلك كان حال إبراهيم عليه السالمال من

ألنه -سبحانه -من عين الفرق حتى يصح قيامه بحقوقه» 2«أن تعبد اهللا كأنك تراه، وال بد للعبد من بقية -بشهادة الشرع -اإلحسان: » وهو محسن «وقوله .بالحقيقة لم يصح إسالمه وال إحسانه، وهذا اتباع إبراهيم عليه السالم الحنيف الذي لم يبق منه شىء على وصف الدوام» 3«) مستوفى(حصل إذا

فعلم أن الخلة لبسة يلبسها الحق ال » ليال واتخذ الله إبراهيم خ «: جرد الحديث عن كل سعى وكد وطلب وجهد حيث قال: » واتخذ الله إبراهيم خليال «وقوله .صفة يكتسبها العبد__________

.بالغين فيكون معناها أوجدنا فيه الغناء عما سوانا) أغنيناه(أما ) جرعناه كأس(بالعين أي من احتمل العناء فى سبيلنا لتالئم ) عنيناه(ربما كانت ) 1( .تى يستطيع أن يقوم بالفرائض الواجبة عليه فى أوقاتهاأي ال بد أن يرد إلى القرق الثاني ح) 2(بالحقيقة، فنحن نعرف عن مذهب القشيري فى هذا الخصوص أن العبد ينبغى أن يحافظ ) مساس(هكذا جاءت فى النسخة ص وربما كانت فى األصل ) 3(

.دود، وهو آية تقص فى صدق صاحبهفمر -على الشريعة مهما كانت الظروف، وأي مساس بالشريعة بدعوى االصطالم أو الفناء

)1/367(

لى عليكم في الكتاب في يـتامى الن تي ال تـؤتونـهن ما كتب لهن وتـرغبون أن تـنكحوهن و ويستـفتونك في النساء قل الله يـفتيكم فيهن وما يـتـ المستضعفين ساء الال ) 127(من الولدان وأن تـقوموا لليتامى بالقسط وما تـفعلوا من خير فإن الله كان به عليما

التي هى الخصاصة (، اشتقاقا من الخلة بالكلية إلى الحق فى كل نفس ليس له شىء منه بل هو باهللا هللا فى جميع أنفاسه وأحواله» 1«ويقال الخليل المحتاج .» 2«) وهى الحاجة

.ويقال إنه من الخلة التي هى المحبة، والخلة أن تباشر المحبة جميع أجزائه، وتتخلل سره حتى ال يكون فيه مساغ للغير .عن كل شىء ليس اهللا سبحانه» 3«عنه، وأخاله منه نصبه للقيام بحقه بعد امتحائه ) عليه السالم( -سبحانه -فلما صفاه اهللا

.» 5«ال يلبى الحاج إال هللا، وهذه إشارة إلى جمع الجمع : » 4» «....وأذن في الناس بالحج يأتوك رجاال «: ثم قال :قوله جل ذكره

]127آية ) : 4(سورة النساء [

أن تـنكحوهن والمستضعفين هن وما يـتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء الالتي ال تـؤتونـهن ما كتب لهن وتـرغبون ويستـفتونك في النساء قل الله يـفتيكم في )127(الله كان به عليما من الولدان وأن تـقوموا لليتامى بالقسط وما تـفعلوا من خير فإن

فيهم لم يخسر على نهاهم عن الطمع الذي يحملهم على الحيف والظلم على المستضعفين من النسوان واليتامى، وبين أن المنتقم به لهم اهللا، فمن راقب اهللا .اهللا بل يجد جميل الجزاء، ومن تجاسر عليهم قاسى لذلك أليم البالء

__________ نبهنا إلى يشير القشيري بذلك إلى محاولة فريق من المعتزلة صرف الخلة عن كل ما يتطرق إليها من داللة حسبة، والتماسهم ذلك فى الشعر القديم وقد) 1(

.ذلك فى هامش سبق .هذه العبارة مكررة خطأ من الناسخ) 2( .صوله إلى المحوأي بعد و ) امتحائه(بالنون وقد صوبناها إلى ) بعد امتحانه(وردت ) 3( سورة الحج 27آية ) 4( )جمع الجمع(والصواب ) جميع الجمع(وردت ) 5(

)1/368(

نـهما صلحا ر وأحضرت األنـفس الشح وإن تحسنوا وتـتـقوا فإن الله كان وإن امرأة خافت من بـعلها نشوزا أو إعراضا فال جناح عليهما أن يصلحا بـيـ والصلح خيـ ) 128(ا بما تـعملون خبير

:قوله جل ذكره ]128آية ) : 4(سورة النساء [

نـهما صلحا والص ر وأحضرت األنـفس الشح وإن تحسنوا وتـتـقوا فإ وإن امرأة خافت من بـعلها نشوزا أو إعراضا فال جناح عليهما أن يصلحا بـيـ ن الله كان لح خيـ )128(بما تـعملون خبيرا

فمن أعرض عن اهللا بقلبه أعرض الخلق . صحبة الخلق بعضهم مع بعض إن تجردت عن حديث الحق فإنها تتعرض للوحشة والمالمة، وممازجة النفرة والسآمةالحتمال ما » 1«أمره، واتسع - فى الجملة والتفصيل -اهللا بقلبه، استوى لهومن رجع إلى . عن مراعاة حقه، وخرج الكافة عليه باستصغار أمره واستحقار قدره

والصلح «: ذيل العفو على هنات جميعهم، ويؤثر الصلح بترك نصيبه وتسليم نصيبهم قال اهللا تعالى» 2«يستقبل من سوء خلق الخلق صدره فهو يسحب ر .» خيـ

وأكثر . ليك، وأخرى لك من تطاولك على خصمك باغيا االنتقام، وشهود مالك فى مزية المقامواتضاعك فى نفسك عن منافرة من يخاصمك أجدى ع .المنافقين فى أسر هذه المحنة

.وشح النفس قيام العبد بحظه: » ... وأحضرت األنـفس الشح «: قوله تعالى .فال محالة من حجب عن شهود الحق رد إلى شهود النفس

.واإلحسان أن تعبد اهللا كأنك تراه. يعنى يكن ذلك خيرا لكم: » وإن تحسنوا«: قوله تعالى .يعنى عن رؤيتكم مقام أنفسكم، وشهود قدركم، يعنى وأن تروا ربكم، وتفنوا برؤيته عن رؤية قدركم: » وتـتـقوا«

__________ .وهى خطأ فى النسخ) والتسع(وردت ) 1( .خطأ النسخوهى ) ويستحب(وردت ) 2(

)1/369(

تذروها كالم ) 129(علقة وإن تصلحوا وتـتـقوا فإن الله كان غفورا رحيما ولن تستطيعوا أن تـعدلوا بـين النساء ولو حرصتم فال تميلوا كل الميل فـ

.» 1«يعنى إذا فنيتم عنكم وعن عملكم، فكفى باهللا عليما بعد فنائكم، وكفى به موجدا عقب امتحائكم : » بما تـعملون خبيرا فإن الله كان « :قوله جل ذكره

]129آية ) : 4(سورة النساء [

تذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتـتـقوا فإن الله كان غفورا رحيما ولن تستطيعوا أن تـعدلوا بـين النساء ولو حرصتم فال تميلوا كل )129(الميل فـفى أموركم انعكس الحال عليكم، وانعكس صالح ذات بينكم فسادا لكم، فإذا قمتم باهللا فى أموركم استوى العيش لكم، » 3«(....) يعنى أنكم إذا » 2«

.عن الكدر وقتكموصفا .فال تقتدرون أن تجبروا نقصانهم بكفايتكم» 4«ويقال من حكم اهللا بنقصان عقله فى حاله

.قفوا حيثما وقفتم، وأنفذوا فيما أمرتم. يعنى ال تزيغوا عن نهج األمر: » فال تميلوا كل الميل «قوله تعالى

تذروها كالمعلقة «: وقوله كم إذا منعتموهن عن صحبة أغياركم ثم قطعتم عنهن ما هو حظوظهن منكم أضررتم بهن من الوجهين ال منكم نصيب، وال يعنى أن» فـعليك شهود حقه، ووجود لطفه فإن من -سبحانه -من هذا أنه إذا انسد عليك طريق حظوظك فتح» 5«واإلشارة . إلى غيركم سبيل، وإن هذا الحيف عظيم

.خلفه، وإن تصلحوا ما بينكم وبين الخلق، وتثقوا فيما بينكم وبين الحق فإن اهللا غفور لعيوبكم، رحيم بالعفو عن ذنوبكم -سبحانه -حقكان فى اهللا تلفه فال__________

.وهى خطأ فى النسخ فاالمتحاء يرادف الفناء) امتحانكم(وردت ) 1( .وهى خطأ في النسخ) وان(وردت ) 2( ) . [.....]فإذا قمتم باهللا(لتقابل ما جاء بعد ) قمتم بأنفسكم(تساوى فى المعنى مشتبهة، ونرجح أنها كلمة) 3( .يشير القشيري بذلك الى النساء) 4( -والمغفرة. أسلوب القشيري في هذه اإلشارة فى حاجة منا الى وعى وتيقظ، فالحظوظ للعبد، والحقوق للحق، والشهود للحق والوجود يكون للطف) 5(

.يكون للذنب والعيب قد يبقى مغطى ولكن الذنب يزول -اإلزالة -تكون للعيب، والعفو -بمعنى التغطية

)1/370(

نا) 130(وإن يـتـفرقا يـغن الله كال من سعته وكان الله واسعا حكيما بلكم وإياكم أن ولله ما في السماوات وما في األرض ولقد وصيـ الذين أوتوا الكتاب من قـإن ) 132(بالله وكيال ولله ما في السماوات وما في األرض وكفى) 131(ا اتـقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في األرض وكان الله غنيا حميد

) 133(يشأ يذهبكم أيـها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا

:قوله جل ذكره ]130آية ) : 4(سورة النساء [

)130(كيما وإن يـتـفرقا يـغن الله كال من سعته وكان الله واسعا ح فأما األغيار فال حاجة لبعضهم إلى بعض إال من حيث الظاهر، وذلك فى . الصحبة التي ال بد منها صحبة القلب مع دوام افتقار إلى اهللا إذ الحق ال بد منه

.ظنون أصحاب التفرقة، فأما أهل التحقيق فال تجرية لهم أن حاجة الخلق بجملتها إلى اهللا سبحانه :ل ذكرهقوله ج

]131آية ) : 4(سورة النساء [

بلكم وإياكم نا الذين أوتوا الكتاب من قـ وكان أن اتـقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في األرض ولله ما في السماوات وما في األرض ولقد وصيـ )131(الله غنيا حميدا

ثم عرف أهل التحقيق أنه غنى عن طاعة كل ولى، وبرىء عن . كلف الكافة بالرجوع إليه، ومجانبة من سواه، والوقوف على أمره، ولكن فريقا وفق وفريقا خذل .كل غوى » 2«زلة » 1«

:قوله جل ذكره ]132آية ) : 4(سورة النساء [

)132(ما في السماوات وما في األرض وكفى بالله وكيال ولله يه بجميل اللطف قطع األسرار عن التعلق باألغيار بأن عرفهم انفراده بملك ما فى السموات واألرض، ثم أطمعهم فى حسن توليه، وقيامه بما يحتاجون إل

:وحسن الكفاية بقوله .يصلح يملك حالك وال يختزل مالك» وكفى بالله وكيال «

:قوله جل ذكره ]133آية ) : 4(سورة النساء [

) .133(إن يشأ يذهبكم أيـها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا __________

واو زائدة فحذفناها) عن(قبل ) 1( .أن تكون هنا بالزاي بالذال والصواب) ذلة(وردت ) 2(

)1/371(

يا واآلخرة وكان الله سميعا بصيرا نـ يا فعند الله ثـواب الد نـ فسكم يا أيـها الذين آمنوا كونوا قـوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنـ ) 134(من كان يريد ثـواب الد ) 135(أن تـعدلوا وإن تـلووا أو تـعرضوا فإن الله كان بما تـعملون خبيرا أو الوالدين واألقـربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فال تـتبعوا الهوى

.ويقال ال يحتاج إلى أحد والعبد ال يستغنى عنه فى نفس. زاله فال حاجة له إليه فى آبادهمن استغنى عنه فى آ .ويقال ال نهاية للمقدورات فإن لم يكن عمرو فزيد، وإن لم يكن عبد فعبيد، والذي ال بدل عنه وال خلف فهو الواحد األحد

:قوله جل ذكره ]134آية ) : 4(سورة النساء [

نيا واآلخرة وكان الله سميعا بصيرا من كان يريد نيا فعند الله ثواب الد )134(ثواب الدنيا واآلخرة «لما علقوا قلوبهم بالعاجل من الدنيا ذكرهم حديث اآلخرة، فقال ما هو » 1«تعريفا لهم أن فوق هممهم من هذه الخسيسة » فعند الله ثواب الد

ر وأبقى«: ومخلوق بقوله» 2«أعلى منها من نعيم اآلخرة، فلما سمت إلى اآلخرة قصودهم قطعهم عن كل مرسوم .» 3» «والله خيـ :قوله جل ذكره

]135آية ) : 4(سورة النساء [

فسكم أو الوالدين واألقـربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فال تـ يا أيـها الذين آمنوا كونوا قـوامين بالقسط شهداء لله و تبعوا الهوى أن تـعدلوا لو على أنـ ) .135(وإن تـلووا أو تـعرضوا فإن الله كان بما تـعملون خبيرا

__________ .يقصد الدنيا بهذا الوصف) 1( .هو ما رسم به ظاهر الخلق برسم العلم ورسم الخلق فيمتحى بإظهار سلطان الحق عليه -كما يقول أبو نصر السراج فى لمعه -الرسم) 2(

فيكون ذلك معنى قوله امتحى نعم عند مشاهدته قيام الحق له بنفسه لنفسه فى ملكه، : سئل الجنيد عن رجل غاب اسمه وذهب وصفه وامتحى رسمه فقال ) .427اللمع ص (رسومه يعنى علمه وفعله المضاف إليه بنظره إلى قيام اهللا له فى قيامه

سورة طه 73آية ) 3(

)1/372(

بل ومن يكفر بالله ومالئكته وكتبه ورسله واليـوم اآلخر فـقد ضل يا أيـها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نـزل على رسوله والكتاب الذي أنـزل من قـ ) 136(ضالال بعيدا

يل ذلك الحق سبيل إما أمر بمعروف أو القسط العدل، والقيام باهللا العدل بإيفاء حقوقه من نفسك، واستيفاء حقوقه من كل من هو لك عليه أمر، وإلى تحص .زجر عن مكروه أو وعظ بنصح أو إرشاد إلى شرع أو هداية إلى حق

.ومن بقي هللا عليه حق لم يباشر خالصة التحقيق سره هللاأو نسيبا، أو ادخر عنه نصيبا فهو بمعزل سبحانه أحدا إما والدا أو أما أو ولدا أو قريبا -إيثار حق الحق على حق الخلق، فمن آثر على اهللا» 1«وأصل الدين

.عن القيام بالقسط :قوله جل ذكره

]136آية ) : 4(سورة النساء [

بل ومن يك يا أيـها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نـزل على رسوله والكتاب الذي أ فر بالله ومالئكته وكتبه ورسله واليـوم اآلخر فـقد ضل نـزل من قـ )136(ضالال بعيدا

.يا أيها الذين آمنوا من حيث البرهان آمنوا من حيث البيان إلى أن تؤمنوا من حيث الكشف والعيان .بفضله ال بإيمانكم ويقال يا أيها الذين آمنوا تصديقا آمنوا تحقيقا بأن نجاتكم

.ووجد وفقد» 3«ويقال يا أيها الذين آمنوا آمنوا وراء كل وصل وفصل » 2«ويقال يا أيها الذين آمنوا فى الحال آمنوا باستدامة اإليمان إلى المآل __________

.بالحق وصاحب الحق -ى نحو ماعل -إذ يكون لكل منهما ارتباط) الدين(و ) الدين(بهذا نستطيع أن نجد صلة رحم بين لفظتى ) 1( العقبى: الدنيا، والمآل: وهى خطأ فى النسخ، فالمقصود بالحال) المال(وردت ) 2(يعنى لم يلحق ما فاته . » من لم يعم عينيه عن النظر إلى ما تحت العرش لم يصل إلى ما فوق العرش«: وقال يحيى بن معاذ. الوصل معناه لحوق الغائب) 3(

:وقال الشبلي. ي خلق العرشمن مراقبة الذ .من زعم أنه واصل فليس له حاصل

.والفصل فوت الشيء المرجو من المحبوب )433اللمع ص (قال بعضهم فرح االتصال ممزوج بترح االنفصال

)1/373(

الذين ) 138(بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ) 137(يكن الله ليـغفر لهم وال ليـهديـهم سبيال إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ) 139(زة لله جميعا يـتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيـبتـغون عندهم العزة فإن الع

) 140(المنافقين والكافرين في جهنم جميعا جامع ويستـهزأ بها فال تـقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثـلهم إن الله

ثم أفقتم عن تلك » 2«وغلبات الذهول » 1«ويقال يا أيها الذين آمنوا باستعمال أدلة العقول آمنوا إذا أنختم بعقوة الوصول، واستمكنت منكم حيره البديهة .فإن الصمدية منزهة متقدسة عن كل قرب وبعد، ووصل وفصل» 3«ال حقيقة الذات الغيبة فآمنوا أن الذي كان غالبا عليكم كان شاهد الحق

:قوله جل ذكره ]138الى 137اآليات ) : 4(سورة النساء [

)138(بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ) 137(ال ليـهديـهم سبيال هم و إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليـغفر ل

سطوة العزة حكما، وأدركتهم شقاوة القسمة خاتمة » 4«الذين تبدلت بهم األحوال فقاموا وسقطوا ثم انتعشوا ثم ختم بالسوء أحوالهم، أولئك الذين قصمتهم .ال يهديهم لقصد، وال يدلهم على رشد، فبشرهم بالفرقة األبدية، وأخبرهم بالعقوبة السرمدية فالحق سبحانه -وحاال

:قوله جل ذكره ]140الى 139اآليات ) : 4(سورة النساء [

وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر ) 139(العزة لله جميعا الذين يـتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيـبتـغون عندهم العزة فإن )140(المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ه جامع بها ويستـهزأ بها فال تـقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثـلهم إن الل

__________ حيرة البديهة أجل من سكون التولي : الحيرة بديهة ترد على قلوب العارفين عند تأملهم وحضورهم وتفكرهم تحجبهم عن التأمل والفكرة، وقال الواسطي) 1(

) .421اللمع ص (عن الحيرة لرغبة واالنفالت من دواعى الهوى والنفوس، عند قوة رغبة الطالب إذا الح له أعالم المزيد فى حال طلبه المطلوب، فلو ظن أن مطلوبه الغلبات عند قوة ا) 2(

) .417اللمع ص (وراء بحر سبحه أو فى تيه سلكه بالهجوم عند غلبات اإلرادة وقوة سلطان المطالبة عليه والذين أساءوا إلى التصوف » رسالته«ين واألدعياء، أولئك الذين شن عليهم القشيري هجومه العنيف فى مستهل هذا تنبيه هام وخطير يدحض به المضلل) 3(

.وأهلهلو أن المعاصي كانت شيئا اخترته لنفسى ما أجزتنى ذلك ألن ذلك يشيهنى، وإنما قصم ظهرى حين سبق لى : حكى عن الزقاق أنه قال. الكسر: القصم) 4(

) . [.....]434ص اللمع . (منه ذلك

)1/374(

أيبتغون العز عند الذي أصابه ذل . من اعتصم بمخلوق فقد التجأ إلى غير مجير، واستند إلى غير كهف، وسقط فى مهواة من الغلط بعيد قعرها، شديد مكرها غيره؟متى يكون له عز على التحقيق؟ ومن ال عز له يلزمه فكيف يكون له عز يتعدى إلى ! التكوين؟

طلب العز وهم فى ذل القهر وأسر القبضة أم حسبان ذلك وتوهمه من غير اهللا؟: ويقال ال ندرى أي حالتهم أقبح .فى مواطن الفاقة فاإلمالق قصارى كده» 2«غاية جهده، ومن رام الغنى » 1«ويقال من طلب الشيء من غير وجهه فاإلخفاق .هم إلى من ليس بيده شىء من األمرويقال لو هدوا بوجدان العز لما صرفت قصود

.» 3«ملكا ومنه لطفا -تعالى -عز قديم فهو هللا وصفا، وعز حادث يختص به سبحانه من يشاء فهو له: العز على قسمين» فإن العزة لله جميعا «: قولهاب الوحشة فإن ظلمات أنفسهم تتعدى إلى قلوبكم عند استنشاقكم ما يردون من أنفاسهم، فمن كان ال تجاوروا أرب: اآلية.... قوله وقد نـزل عليكم في الكتاب

.، وجليس من هو فى ظلمة مستوحش» 4«بوصف ما متحققا شاركه حاضروه فيه فجليس من هو فى أنس مستأنس .ب الغفلة قرع باب الفرقةويقال هجران أعداء الحق فرض، ومخالفة األضداد ومفارقتهم دين، والركون إلى أصحا

__________ .وهى خطأ فى النسخ إذ المقصود الخيبة واإلخفاق) األحقاف(وردت ) 1( ) .الغنا: (أخطأ الناسخ فكتبها باأللف هكذا) 2(وقوله » ن يريد العزة فلله العزة جميعا من كا«: فإن قيل كيف الجمع بين قوله تعالى: » العزيز«تحت اسم » التحبير فى التذكير«يتساءل القشيري فى كتابه ) 3(

له وصفا، -سبحانه وتعالى -ال تنافى بينهما فان العز الذي للرسول وللمؤمنين هو هللا تعالى ملكا وخلقا، وعزه: ثم يجيب» ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين «تعالى .فاذا العز كله هللا تعالى

)مستوحش(لتقابل ) مستأنس(وال معنى لها هنا والصواب ) مستأنف(أخطأ الناسخ إذ كتبها ) 4(

)1/375(

رين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنـعكم من المؤمنين فالله يحكم الذين يـتـربصون بكم فإن كان لكم فـتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكاف نكم يـوم القي إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصالة قاموا كسالى يـراءون ) 141(امة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيال بـيـ

) 143(مذبذبين بـين ذلك ال إلى هؤالء وال إلى هؤالء ومن يضلل الله فـلن تجد له سبيال ) 142(الناس وال يذكرون الله إال قليال

.، والفرع منتشر عن أصلهوعشرة من يخادنه فالشكل مقيد بشكله» 2«صحبة من يقارنه » 1«(....) أوضح برهان على سريرة : » إنكم إذا مثـلهم «: قوله :قوله جل ذكره

]141آية ) : 4(سورة النساء [

ن المؤمنين فالله يحكم نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنـعكم م الذين يـتـربصون بكم فإن كان لكم فـتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نكم يـوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيال )141(بـيـ

ين فى االسم، وواجب على أهل عن المسلمين فى الحكم، وباينوا الكافر » 3«لما عدموا اإلخالص فى الحقيقة، وما ذقوا فيما استشعروا من العقيدة، امتازوا وهذا على العموم فإن » 4» «ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيال «: جميل الكفاية بقوله -سبحانه -الحق التحرز عنهم والتحفظ منهم، ثم ضمن لهم

.مجتث أصله -بنصر الحق سبحانه -منصور أهله، والباطل -بل الحق سبحانهمن ق -وبال كيدهم إليهم مصروف، وجزاء مكرهم عليهم موقوف، والحق :قوله جل ذكره

]143الى 142اآليات ) : 4(سورة النساء [

مذبذبين بـين ذلك ال إلى هؤالء وال ) 142(ون الله إال قليال يذكر إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصالة قاموا كسالى يراؤن الناس وال )143(إلى هؤالء ومن يضلل الله فـلن تجد له سبيال

__________ .ونحوهما) ... الشخص(أو ) المرء(مشتبهة وال بد أنها كلمة بمعنى ) 1( .كون له قرينيقارنه هنا معناها أن ي) 2( .امتازوا هنا معناها افترقوا بعالمات مخصوصة) 3(ويرى غيره أن . قال على رضى اهللا عنه لن يجعل اهللا للكافرين على المؤمنين سبيال يوم القيامة حين يحكم اهللا بينهم، فال يكون للكافرين سبيل إلى حجة) 4(

لن يستطيعوا عليهم نصرا بالكلية، ولكن قد يحصل لهم ظفر فى بعض األحيان على بعض الناس ولكن اهللا لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيال فى الدنيا ف )567ابن كثير ص . (العاقبة للمتقين فى الدنيا واآلخرة

)1/376(

) 144(ون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا يا أيـها الذين آمنوا ال تـتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريد

.إظهار الوفاق فى الطريقة واستشعار الشرك فى العقيدة: خداع المنافقينان سرابا، قال ما توهموه من الخالص، وحكموا به ألنفسهم من استحقاق االختصاص، فإذا كشف الغطاء أيقنوا أن الذي ظنوه شرابا ك: وخداع الحق إياهم

»....وإذا قاموا إلى الصالة قاموا«: وقوله» 1» «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون «: تعالى .عالمة النفاق وجود النشاط عند شهود الخلق، وفتور العزم عند فوات رؤية الخلق: اآلية، فال له من العز شظية، وال فى » 3«صدار العبودية، ولم يجد سبيال إلى حقيقة الحرية » 2«أخس الخلق من يدع : اآلية» ... مذبذبين بـين ذلك «: وقوله

.الغفلة عيشة هنية :قوله جل ذكره

]144آية ) : 4(سورة النساء [

) .144(ؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا يا أيـها الذين آمنوا ال تـتخذوا الكافرين أولياء من دون الم __________

.سورة الزمر 47: آية) 1( .ألن الكالم ليس خطابا، ومعناها ترك) يدع(والصواب ) تدع(وردت ) 2(لكك شىء من المكونات وغيرها، فتكون حرا إذا كنت هللا عبدا، كما قال بشر الحافى حقيقة الحرية إشارة إلى نهاية التحقق بالعبودية هللا تعالى، وهو أال يم) 3(

:لسرى السقطي رحمهما اهللا فيما حكى عنه أنه قال .إن اهللا تعالى خلقك حرا فكن كما خلقك، ال تراء أهلك فى الحضر، وال وفقتك فى السفر، اعمل هللا، ودع الناس عنك

.لحريةآخر مقام العارف ا: وقال الجنيد )450اللمع ص (ال يكون العبد عبدا حقا ويكون لما سوى اهللا مسترقا : وقال بعضهم

)1/377(

) 145(إن المنافقين في الدرك األسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا

.موضع العذر» 2«(....) ى اإلنذار، وتغليظا فى الزجر، وإلزاما للحجة عليهم الوعظ، وأكد بمباينة األعداء عليهم األمر، إبالغا ف» 1«كرر توعدهم على مواالتهم للكفار بما لم يتوعد على غيره من المخالفات، لما فيه من إيثار الغير على المعبود : » أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا «: قوله

باألغيار استوجب ذلك العقوبة فكيف إذا شغل محال -كان للمؤمنين -فإذا شغل من قلبه محال. على المحبوب من أعظم الكبائر فى أحكام الودادوإيثار الغير ق تركه مع الح» 3«) عن(كذلك من بقي ! والعقوبة التي توعدهم بها أن يكلهم وما اختاروه من مواالة الكفار، وبئس البدل! بالغير؟ -هو للحق -من قلبه

.الخلق فيتضاعف عليه البالء للبقاء عن الحق والبقاء مع الخلق، وكالهما شديد من العقوبة :قوله جل ذكره

]145آية ) : 4(سورة النساء [

)145(إن المنافقين في الدرك األسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا نافق ليس بمستأمن ألن اإليمان ما يوجب األمان، فالمؤمن يتخلص بإيمانه من النار، فما يكون سبب وقوعه فى الدرك األسفل من النار الدلت اآلية على أن الم

ر الماكرين «: يكون إيمانا، ويقال هذا تحقيق قوله ت عقوبتهم أشد من عقوبة لما أظهر المنافق ما هو مكر مع المؤمنين كان. أي مكره فوق كل مكر» والله خيـ .بكفره» 4«من جاهر

من كان«: إلى أشد ما هم عليه فى عاجلهم، لما فى الخبر» 6«فى آجلهم » 5«ويقال نقلهم __________

التي تأنى فى مستهل نعرف من مذهب القشيري أنه ال يميل إلى القول بالتكرار في القرآن الكريم، ولعل أبسط نتائج هذا المذهب أنه ال يرى فى البسملة) 1(ونتدبر األسباب القوية التي أرجع » كرر«: أي شىء من التكرار، بل هى عنده متجددة بما يتالءم والسورة، ألجل هذا تستوقفنا هنا كلمة -كل سورة بلفظها

.إليها التكرار .مشتبهة) 2( . [.....]ى العبارة التالية التي هى بمثابة نتيجه للجزء األول من الكالمف) عن(خصوصا وقد جاءت ) عن(ولكن المعنى يرفضها قطعا ويؤيد ) من(وردت ) 3(

.بالراء فالمعنى يقتضى ذلك) جاهر(بالدال والصواب ان تكون ) جاهد(وردت ) 4(فأخطا وحذف النقطة التي بنقطة محذوفة فوق الحرف األول ثم ثالث نقط فوق القاف وربما أراد الناسخ أن يحذف النقطة الثالثة ) نقلهم(وردت هكذا ) 5(

.فوق النون ) .آجلهم(والصواب ) أجلهم(وردت ) 6(

)1/378(

) 146(ما وسوف يـؤت الله المؤمنين أجرا عظيإال الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينـهم لله فأولئك مع المؤمنين

لهم -اليوم - والدرك األسفل من الحجر. فكذلك ينقلون إلى الدرك األسفل من النار» 1«فى الدرك األسفل من الحجر -اليوم -فالمنافق» بحالة لقى اهللا بها .ما عليهم من اسم اإليمان وليس لهم من اهللا شظية وهذا هو البالء األكبر

ويقال استوجبوا ذلك ألنهم أساءوا األدب فى حال حضورهم . ر ألنهم صحبوا اليوم اسم اهللا األعظم ال على طريقة الحرمةويقال استوجبوا الدرك األسفل من النا .بألسنتهم، وسوء األدب يوجب الطرد

:قوله جل ذكره ]146آية ) : 4(سورة النساء [

)146(وا دينـهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يـؤت الله المؤمنين أجرا عظيما إال الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلص وبعد تحصيلهم هذه الشروط قال . لم يشترط كل هذه الشرائط فى رجوع أحد عن جرمه ما اشترط فى رجوع المنافقين عن نفاقهم لصعوبة حالهم فى كفرهم

:ولم يقل من المؤمنين، وفى هذا إشارة أيضا إلى نقصان رتبتهم وإن تداركوا بإخالصهم ما سبق من آفتهم، وفى معناه أنشدوا» ولئك مع المؤمنين فأ «: لهم شتان بين العذر والشكر... والعذر مبسوط ولكنما

بصدقهم فى -جماعة المؤمنين، فالتوبة هاهنا أي رجعوا عن نفاقهم، وأصلحوا للمصاحبة، فإذا كانوا مع المؤمنين استوجبوا ما يستوجب) مع(ويقال إن حرف .إيمانهم، واعتصموا باهللا بالتبرؤ من حولهم وقوتهم، وشاهدوا المنة هللا عليهم حيث هداهم، وعن نفاقهم نجاهم

.رجوعهم عن نفاقهم فيما مضى عليهم من األحوالونجاتهم بفضل ربهم ال بإيمانهم فى الحال، و : » وأخلصوا دينـهم لله «: قوله .ويقال أخلصوا دينهم هللا وهو دوام االستعانة باهللا فى أن يثبتهم على اإليمان، ويعصمهم عن الرجوع إلى ما كانوا عليه من النفاق

__________ ) .ليس لهم من اهللا شظية(بالهاء ويتأيد ذلك بقوله فيما بعد ) الهجر(نرجح أنها ) 1(

)1/379(

) 147(ما يـفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما

م بهذه ولطفه ال بإتيانه ويقال تابوا عن النفاق، وأصلحوا باإلخالص فى االعتقاد، واعتصموا باهللا باستدعاء التوفيق وأخلصوا دينهم هللا فى أن نجاتهم بفضل اهللا .فى التحقيق -األشياء

:قوله جل ذكره ]147آية ) : 4(سورة النساء [

)147(ما يـفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما الشكر واإليمان، وهما خصلتان يسيرتان : وبات شيئين اثنينهذه اآلية من اآليات التي توجب حسن الرجاء وقوة األمل، ألنه جعل من أمارات األمان من العق

والشكر ال يصح إال من المؤمنين فأما الكافر فال . رضى منه بقالته وحالته» 1«خفيفتان فإن الشكر قالة، واإليمان حالة، ولقد هون السبيل على العبد حين .يصح منه الشكر ألن الشكر طاعة والطاعة ال تصح من غير المؤمن

إن شكرتم فى » 2«يعنى فى المآل فكأنه بين أن النجاة إنما تكون لمن كانت عاقبته على اإليمان، فمعنى اآلية ال يعذبكم اهللا عذاب التخليد » وآمنتم «: وقوله .الحال وآمنتم فى المآل

.ويقال إن شكرتم وآمنتم صدقتم بأن نجاتكم باهللا ال بشكركم وبإيمانكم .إن شاهدتم النعمة من اهللا فال يقطعنكم شهودها عن شهود المنعم: د النعمة من اهللا واإليمان رؤية اهللا فى النعمة، فكأنه قالويقال الشكر شهو

الثناء على المحسن أي واهللا شاكر عليم، ومعنى كونه شاكرا أنه مادح للعبد ومشهد عليه فيما يفعله ألن حقيقة الشكر وحده » وكان الله شاكرا عليما «: وقولهي هو طاعته له، فإن اهللا بذكر إحسانه فالعبد بشكر اهللا أي يثنى عليه بذكر إحسانه إليه الذي هو نعمته عليه، والرب يشكر للعبد أن يثنى عليه بذكر إحسانه الذ

.يثنى عليه بما يفعله من الطاعة مع علمه بأن له ذنوبا كثيرة .فى المستأنف إلى قبيح أعمالهوإن علم أنه سيرجع -ويقال يشكره

__________ ) .حين(ونرجح أنها فى األصل ) من(وردت ) 1( .فهو وصف عذاب جهنم) التخليد(ونرجح أنها ) التخليل(وردت ) 2(

)1/380(

) 148(ال يحب الله الجهر بالسوء من القول إال من ظلم وكان الله سميعا عليما

.ات غالبةويقال يشكره ألنه يعلم ضعفه، ويقال يشكره ألنه يعلم أنه ال يعصى وقصده مخالفة ربه ولكنه يذنب الستيالء أحوال البشرية عليه من شهو .يشكره ألن العبد يعلم فى حالة ذنوبه أن له ربا يغفر له ويقال

:قوله جل ذكره ]148آية ) : 4(سورة النساء [

)148(ال يحب الله الجهر بالسوء من القول إال من ظلم وكان الله سميعا عليما والجزاء » 1» «وجزاء سيئة سيئة مثـلها«: بسوء فى الحقيقة، لكنه يصح وقوع لفظة السوء عليه كقوله تعالىليس -على وجه اإلذن له -قول المظلوم فى ظالمه

.ليس بسيئة .ويقال من علم أن مواله يسمع استحيا من النطق بكثير مما تدعو نفسه إليه

) يعد(بما » 2«اءة الخلق فإن الخواص يحاسبون على ما يتحدثون فى أنفسهم ويقال الجهر بالسوء هو ما تسمعه نفسك منك فيما تحدث فى نفسك من مس .ال يطالب به كثير من العوام فيما يسمع منهم الناس» 3«

.» 4«وقيل معناه ولكن من ظلم فله أن يذكر ظالمه بالسوء . قيل وال من ظلم: » إال من ظلم «: قوله .فى الخلق فهو المغبون فى الحال ويقال من لم يؤثر مدح الحق على القنح

ويقال من طالع الخلق بعين اإلضافة إلى الحق بأنهم عبيد اهللا لم ينبسط فيهم لسان اللوم__________

.سورة الشورى 40اآلية ) 1(ففتح له بمنديل حسن -رحمه اهللا -قال بعضهم كنت مع الشبلي«: عن الشبلي حيث يقول» التحبير فى التذكير«من ذلك ما يحكيه القشيري فى كتابه ) 2(

ما سبب ذلك : فلم يقل لى شيئا فقلت له. ال: وعدت إليه فقال لى فعلت ما أمرتك به؟ فقلت. كفن هذا الكلب بهذا المنديل: فمر بكلب ميت فقال لى .» تك بذلك كفارة لما خطر لىألسنا نحن خلقناه؟ فأمر : عند ما مررت به استقذرته واستقبحته، فنوديت في سرى: الذي أمرتنى به؟ فقال

.ال يحسب وال يعتبر) ال يعد(قبلها فيكون معنى ) ال(زائدة، أو سقطت ) يعد(ربما كانت هذه اللفظة ) 3( .إن اهللا ال يحب أن يدعو أحد على أحد إال أن يكون مظلوما فإنه قد أرخص له: عن ابن عباس) 4(

وفى رواية عنه أنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدى » أعنى عليه واستخرج حقى منه اللهم«وعن الحسن البصري يكفى أن يقول المظلوم .عليه

)1/381(

را أو تخفوه أو تـعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا ) 149(إن تـبدوا خيـ

، فإذا كان مثل هذا معهودا بين الخلق فالعبد بمراعاة هذا » خدمتك حرمة لك ما ال أحتمله من ولدي» 1«) (....أنا أحتمل من «: يقول الرجل لصاحبه .أولى -بينه وبين مواله -األدب

.من الخواص» 2«ويقال ال يحب اهللا الجهر بالسوء من القول من العوام، وال يحب ذلك بخطوره .ل فى صفة اهللا ما لم يرد به اإلذن والتوفيقويقال الجهر بالسوء من القول من العوام أن يقو

صفة الخلق عن والجهر بالسوء من القول فى صفة الخلق أن تقول ما ورد الشرع بالمنع منه، وتقول فى صفة الحق ما ال يتصف به فإنك تكون فيه كاذبا، وفى .وإن كنت فيه صادقا -الخواص ما اتصفوا به من النقصان

.سميعا ألقوالكم، عليما بعيوبكم، يعنى ال تقولوا لألغيار ما تعلمون أنكم بمثابتهم: » ميعا عليما وكان الله س «قوله .بما يتقول عليه -لبرىء الساحة -ويقال سميعا ألقوالكم عليما ببراءة ساحة من تقولتم عليه، فيكون فيه تهديد للقائل

.هديد لهؤالء وتبشير لهؤالءأيها المظلوم ت: أيها الظالم، عليما: ويقال سميعا :قوله جل ذكره

]149آية ) : 4(سورة النساء [

)149(إن تـبدوا خيرا أو تخفوه أو تـعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا .تخلقا بآداب الشريعة، وتخفوه تحققا بأحكام الحقيقة» إن تـبدوا خيرا « .أخذا من اهللا ما ندبكم إليه من محاسن الخلق» تـعفوا عن سوء أو « .على تحصيل محبوبكم وتحقيق مطلوبكم» قديرا «لعيوبكم » فإن الله كان عفوا«

فوه اكتفاء بعلمه، وصيانة لنفوسكم عن ويقال إن تبدوا خيرا لتكونوا للناس قدوة فيما تسنون وما تعينون غيركم على ما يهدون به من سلوك سنتكم، وإن تخ آفات التصنع، وثقة__________

.مشتبهة) 1( )الخاطر(فعقوبة العوام على النطق والقول وعقوبة الخواص على ) بأن يخطر عليهم خاطر(أي ) 2(

)1/382(

أولئك هم ) 150( ين الله ورسله ويـقولون نـؤمن ببـعض ونكفر ببـعض ويريدون أن يـتخذوا بـين ذلك سبيال إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يـفرقوا بـ ) 151(الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا

فاهللا يجازيكم بعفوه على ما تفعلون، وهو » 3«ويعلمه منكم، وإن تعفوا عن سوء أي تتركوا ما تدعوكم إليه نفوسكم له يرى ذلك» 2«من تعملون » 1«بأن مة، وأن يخذلوا حتى قادر على أن يبتليكم بما ابتلى به الظالم، فيكون تحذيرا لهم من أن يغفلوا عن شهود المنة، وتنبيها على أن يستعيذوا أن يسلبوا العص

.فى الفتنة والمحنةيقعوا .ويقال إن تبدوا خيرا فتحسنوا إلى الناس، أو تخفوه بأن تدعوا لهم فى السر، أو تعفوا عن سوء إن ظلمتم

عما اهللا عفوه عنك ويقال من أحسن إليك فأبد معه خيرا جهرا، ومن كفاك شره فأخلص بالوالء والدعاء له سرا، ومن أساء إليك فاعف عنه كرما وفضال تجد من .» 4«ارتكبت، فإن ذنوبك أكثر، وهو قادر على أن يعطيك من الفضل واإلنعام ما ال تصل إليه باالنتصاف من خصمك، وما تجده باالنتقام

:قوله جل ذكره ]151الى 150اآليات ) : 4(سورة النساء [

أولئك هم ) 150(بيال وا بـين الله ورسله ويـقولون نـؤمن ببـعض ونكفر ببـعض ويريدون أن يـتخذوا بـين ذلك س إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يـفرق )151(الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا

رهم ما عد من ذميم فعلهم، ثم بين أنهأخبر عنهم أنهم أضافوا إلى قبيح كف__________

) .باب(أخطا الناسخ فكتبها ) 1( . [.....]والصواب ما جاء فى الهامش) تعلمون(ألنها فى المتن ) تعلمون(مستدركة في الهامش ) 2(لك ألنه حسب ما نعرف عنه يعتبر صراعك مع نفسك هو الميدان إشارة القشيري هنا فى حاجة منا إلى تدبر، فهو يبدأ أوال بالنفس، ثم ينتقل إلى الناس، ذ) 3(

.األول الذي ينبغى أن تحارب فيه أهواءك وأطماعك ودعواك هى أعدى أعدائك، ثم تأتى من بعد ذلك عالقاتك خارج نفسك أي مع الناس .واضح من هذا مقدار ما يتمتع به الصوفية من رحابة الصدر ولين الجانب وسماحة الطبع) 4(

)1/383(

هم أولئك سوف يـؤتيهم أجورهم و يسألك أهل الكتاب أن تـنـزل عليهم كتابا من ) 152(كان الله غفورا رحيما والذين آمنوا بالله ورسله ولم يـفرقوا بـين أحد منـنا قد سألوا موسى أكبـر من ذلك فـقالوا أرنا الله جهرة فأخذتـهم الصاعقة بظلمهم ثم االسماء فـ تخذوا العجل من بـعد ما جاءتـهم البـيـنات فـعفونا عن ذلك وآتـيـ

) 153(موسى سلطانا مبينا

.من عذابهم ما كان جزاء جرمهم، لتعلم أنه ألهل الفساد بالمرصاد» 1«ضاعف :قوله جل ذكره

]152آية ) : 4(سورة النساء [

هم أولئك سوف يـؤتيهم أجورهم و )152(را رحيما كان الله غفو والذين آمنوا بالله ورسله ولم يـفرقوا بـين أحد منـ .لما آمنوا بجميع الرسل، وصدقوا فى جميع ما أمروا به استوجبوا القبول وحسن الجزاء

كذلك ال يقبل -إلى آخر ما له» 2«(....) وتقاصر اإليمان عن بعض األعيان كتقاصره عن بعض األزمان، فكما أنه ال يقبل إيمان من لم يستغرق إيمانه جميع فاإلشارة فى هذا أن من لم يخرج عن عهدة اإللزام بالكلية . أمر باإليمان به إذ جعل ذلك شرط تحقيقه وكماله» 3«) من(ق إيمانه جميع إيمان من لم يستغر

ية ثم بقي عن عرفات بأدنى بق -وإن كان من فج عميق -فمن قطع المسافة» 4» «الحج عرفة«: فليس له من حقيقة الوصل شظية، قال صلى اهللا عليه وسلم

.لم يدرك الحج :قوله جل ذكره» 5» «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم«: وقال صلى اهللا عليه وسلم

]153آية ) : 4(سورة النساء [

ا الله جهرة فأخذتـهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من وا أرن يسئـلك أهل الكتاب أن تـنـزل عليهم كتابا من السماء فـقد سألوا موسى أكبـر من ذلك فقال )153(بـعد ما جاءتـهم البـينات فـعفونا عن ذلك وآتـينا موسى سلطانا مبينا

__________ .العذاب ألن جزاء الكافرين عذاب مهين وهو الذل الدنيوي الموصول بالذل األخروى )ضاعف(وهى خطأ من الناسخ، وال بد أن تكون ) أضعف(وردت ) 1( .مشتبهة) 2( .على أنها مرتبطة بالرسل) من(أمر باإليمان به منعا للبس، ويمكن أن تقبل ) ما(نرجح أنها في األصل ) 3(االمام أحمد فى (ثة فمن تعجل فى يومين فال إثم عليه ومن تأخر فال إثم عليه الحج عرفه من جاء قبل طلوع الفجر من ليلة فقد أدرك الحج أيام منى ثال«) 4(

.منتخب كنز العمال 2/ 358) مسنده وأبو عدى فى الكامل والحاكم فى مستدركه والبيهقي فى السنن .» المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شىء«) 5(

وسنن ابن ماجه كتاب 1باب 28لجنة ترجمة دائرة المعارف االسالمية، ومراجعه سنن أبى داود كتاب فنسنك ط . للدكتور ا) مادة العتق(مفتاح كنوز السنة .184، 178ص 2ومسند أحمد ج 39وموطأ مالك كتاب 3باب 19

)1/384(

.يات الباهرةأحدهما سؤالهم الرؤية والثاني عبادة العجل بعد ما ظهرت لهم اآل: اشتملت اآلية على جنسين من قبيح ما فعلوهأو على موجب التصديق به، فأما سؤالهم الرؤية فذموا عليه ألنهم اقترحوا عليه ذلك بعد ما قطع عذرهم بإقامة المعجزات، ثم طلبوا الرؤية ال على وجه التعليم،

.أو على ما تحملهم عليه شدة االشتياق، وكل ذلك سوء أدب يسلم له أن يكون الحق مشهوده؟ -متى - جل معبودهاإلشارة فيه أيضا أن من يكتفى بأن يكون الع

.على ما يليق بهم من محدود جوزوا أن يكون معبودهم» 1«ويقال القوم لم يباشر العرفان أسرارهم فلذلك عكفوا بعقولهم .وآتـينا موسى سلطانا مبينا : قوله جل ذكره

.حجة ظاهرة، بل تفردا صانه من التمثيل والتعطيل .لطان المبين التحصيل والتنزيه المانع من التعطيل والتشبيهوالس

.ويقال السلطان المبين القوة بسماع الخطاب من غير واسطة__________

.هذا كالم له أهمية قصوى فى تحديد مدى تقدير القشيري لقيمة العقل) 1(تجب البداءة بتصحيح اعتقاد بين العبد وبين اهللا تعالى ( 197ول في رسالته ص فنحن نعرف من مذهبه فى المعرفة أن العقل يعول عليه فقط فى البداية، يق

ولكن العقل بعدئذ غير جدير بمواصلة الصعود إلى ما هو أعلى من ذلك ألنه ) صاف عن الظنون والشبه خال من الضالل والبدع صادر عن البراهين والحججط بغير العقل من الملكات األخرى وهى القلب والروح والسر وعين السر أو سر السر أن تواصل القصود وينا) التجويز والتحير والتوهم والتحدد(يصاب بآفات

!وعكفوا بعقولهم على المحدود! فما أشبه الذين يريدون تطبيق الوسائل العقلية على الربوبية بمن عبدوا العجل. نحو الذرى العليا

)1/385(

هم ميث ورفـعنا فـوقـهم الطور بم فبما نـقضهم ميثاقـهم وكفرهم ) 154(اقا غليظا يثاقهم وقـلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقـلنا لهم ال تـعدوا في السبت وأخذنا منـتلهم األنبياء بغير حق وقـ ها بكفرهم فال يـؤمنون إال قليال بآيات الله وقـ ) 155(ولهم قـلوبـنا غلف بل طبع الله عليـ

.فى خبر الرؤية -» 1» «ال تضامون فى رؤيته«: قال صلى اهللا عليه وسلم -ويقال السلطان المبين لهذه األمة غدا، وهو بقاؤهم فى حال لقائهم :قوله جل ذكره

]154آية ) : 4(سورة النساء [

هم ميثاقا غليظا ورفـعنا فـوقـهم الطور بميثاقهم وقـلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقـلنا لهم ال تـعدوا في الس )154(بت وأخذنا منـوما تـغني «: ، فلم تنفعهم زيادة نصيب اإلعالم لما لم تنفتح لشهودها بصائر قلوبهم، قال تعالىما زادهم فى الظاهر آية إال زادوا فى قلوبهم جحدا ونكرا

.» 2» «اآليات والنذر عن قـوم ال يـؤمنون :قوله جل ذكره

]155آية ) : 4(سورة النساء [

ولهم قـلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فال يـؤمنون فبما نـقضهم ميثاقـهم وكفرهم بآيات الله وقـت )155(إال قليال لهم األنبياء بغير حق وقـ .وانمعناه الرتكابهم هذه المناهي، وال تصافهم بهذه المخازي، أحللناهم منازل الهوان، وأنزلنا بهم من العقوبة فنون األل

، جرهم إلى كفرهم ويقال لحقهم شؤم المخالفات حالة بعد حالة، ألن من عقوبات المعاصي الخذالن لغيرها من ارتكاب المناهي فبنقضهم الميثاق، ثم لم يتوبواقلوبنا أوعية العلوم، : التفهم، وقالوابغير حق، ثم لشؤم ذلك تجاسروا حتى ادعوا شدة -عليهم السالم -باآليات، ثم لشؤم كفرهم خذلوا حتى قتلوا أنبياءهم

.فحجبهم عن محل العرفان، فعمهوا فى ضاللتهم» بل طبع الله عليها بكفرهم «: فرد اهللا عليهم وقال__________

.57ز السنة ص مفتاح كنو 4سورة 65وكتاب 26و 15باب 9البخاري كتاب » إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر... « ) 1( سورة يونس 101آية ) 2(

)1/386(

ولهم على مريم بـهتانا عظيما تـلوه وما صلبوه ولكن شب ) 156(وبكفرهم وقـ تـلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قـ ه لهم وإن الذين اختـلفوا وقـولهم إنا قـتـلوه يقينا فيه لفي شك من عه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ) 157(ه ما لهم به من علم إال اتـباع الظن وما قـ ) 158(بل رفـ

:قوله جل ذكره ]158الى 156اآليات ) : 4(سورة النساء [

ولهم على مريم تـلوه وما صلبوه ولكن شبه ) 156(بـهتانا عظيما وبكفرهم وقـ تـلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قـ لهم وإن الذين اختـلفوا وقـولهم إنا قـتـلوه يقينا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إال اتباع ا عه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ) 157(لظن وما قـ )158(بل رفـ

ابنها ابن : تقولوا على مريم ورموها بالزنا، وآخرون جاوزوا الحد فى تعظيمها فقالوا» 1«مجاوزة الحد ضالل، كما أن النقصان والتقاصر عن الحق ضالل، فقوم .اهللا، وكال الطائفتين وقعوا فى الضالل

فمنكرهم يشقى بترك احترامهم، -سبحانه -وكذلك كان أولياؤه. أهل اإلفراط وأهل التفريط: كانت ولية اهللا، فشقى بها فرقتان -رضى اهللا عنها -ويقال مريم .لة درج األكثرون من األكابروالذين يعتقدون فيهم ما ال يستوجبونه يشقون بالزيادة فى إعظامهم، وعلى هذه الجم

تـلوه : قوله تعالى تـلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قـ ولهم إنا قـ عه الله ... وقـ .يقينا بل رفـ

من حفر بئرا ألخيه وقع : على الساعي به فقتل وصلب مكانه، وقد قيل» 2« شبهه قيل أوقع اهللا» عزيزا حكيما .... وما صلبوه ولكن شبه لهم «: قوله تعالى »3«فيها

__________ ) .فقوموا(أخطأ الناسخ فكتبها ) 1( ) .شبهه(بالتاء المربوطة والصواب ) شبهة(وردت ) 2(نقال عن (ويقول ابن اسحق . ومنهم ليودس زكريا يوطا) سماءهمذكر أ(اختار ابن جرير أن شبه عيسى ألقى على جميع أصحابه، وكانوا اثنى عشر رجال ) 3(

.انتهت الرواية. أن ليودس مقابل ثالثين درهما هو الذي دل األعداء على عيسى بأن قبله ساعة دخولهم فأخذوه فصلبوه) رواية نصرانية .عة وليودس هذا هو يهوذا االسخريوطىهذه الرواية التي اعتمد عليها ابن اسحق تتفق مع ما جاء فى األناجيل األرب: تعليق

)1/387(

بل موته ويـوم القيامة يكون عليهم شهيدا هم عن فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) 159(وإن من أهل الكتاب إال ليـؤمنن به قـ وبصدهم ) 160(سبيل الله كثيرا ) 161(عذابا أليما وأخذهم الربا وقد نـهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منـ

، فيقال لما صبر على مقاساة التلف لم » 1«هى فيقتل دونى فله الجنة، فرضى به بعض أصحابه من رضى بأن يلقى عليه شب: وقيل إن عيسى عليه السالم قال .» 3» «إنا ال نضيع أجر من أحسن عمال «: ، قال اهللا تعالى» 2«يعدم من اهللا الخلف

إلى محل الزلفة، رفع روح هذا الذي فداه -عليه السالم -فع عيسىبنفسه صحبه بروحه، فلما ر -عليه السالم -ويقال لما صحت صحبة الرجل مع عيسى .» 4«بنفسه إلى محل القربة

:قوله جل ذكره ]159آية ) : 4(سورة النساء [

بل موته ويـوم القيامة يكون عليهم شهيدا )159(وإن من أهل الكتاب إال ليـؤمنن به قـ .لما حكم بأن ال أمان لهم فى وقت اليأس لم ينفعهم اإليمان فى تلك الحالة، فعلم أن العبرة بأمان الحق ال بإيمان العبد

:قال جل ذكره ]161الى 160اآليات ) : 4(سورة النساء [

هم عن سبيل الله كثيرا فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبص وأخذهم الربوا وقد نـهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا ) 160(دهم عذابا أليما ) .161(للكافرين منـ

__________ أيكم يحب أن يكون رفيقى في : ن عيسى حين جاءه من اهللا إنى رافعك قال يا معشر الحواريينعن ابن اسحق عن رجل كان نصرانيا وأسلم أنه ذكر له أ) 1(

) عم(فاجلس فى مجلسى فجلس فيه، ورفع عيسى : قال. أنا يا روح اهللا: الجنة حتى يشبه للقوم فى صورتى فيقتلوه فى مكانى فقال أحدهم واسمه سرجس .فدخلوا على سرجس وصلبوه

) . [.....]سرجس(ن جبير عن ابن عباس اتفاق كبير مع ذلك دون ذكر اسم وفى رواية لسعيد ب .بالقاف) الخلق(أخطأ الناسخ إذ نقلها ) 2( .سورة الكهف 30آية ) 3(، ) رفع روحه(ال دون أن يحدد كيفية الرفع، أبا الجسد أم بالروح أم بهما معا، وفى حالة الثاني ق) رفع(فى تعبير القشيري ذكاء، ففى حالة عيسى قال ) 4(

.أن الزلفة أقوى من القربة -من حيث المصطلح -ونفهم

)1/388(

هم والمؤمنون يـؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قـبلك المؤمنون بالله واليـوم اآلخر أولئك والمقيمين الصالة والمؤتون الزكاة و لكن الراسخون في العلم منـ ) 162(سنـؤتيهم أجرا عظيما

.يقال ارتكاب المحظورات يوجب تحريم المباحات .ما كان يجده من األحوال المباحة، واأللطاف الحاصلة فى سرائره» 1«فمن ركب محظورا بظاهره حرم

:قوله جل ذكره ]162آية ) : 4(سورة النساء [

بلك و هم والمؤمنون يـؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قـ المقيمين الصالة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليـوم اآلخر أولئك لكن الراسخون في العلم منـ )162(م أجرا عظيما سنـؤتيه

. فى عقله مساغالراسخ فى العلم هو أال يكون فى الدليل مقلدا، كما ال يكون فى الحكم مقلدا، بل يضع النظر موضعه إلى أن ينتهى إلى حد ال يكون للشك .ويصل إلى حقائق البيان» 2«ويقال الراسخ فى العلم من يرتقى عن حد تأمل البرهان

:فى العلم أن يكون بعلمه عامال حتى يفيد عمله علم ما خفى على غيره، ففى الخبر ويقال الراسخ .» 3» «من عمل بما علمه ورثه اهللا علم ما لم يعلم«

ان فى أكثر فى اإلعراب فنصب اللفظ بإضمار أعنى على المدح لما للصالة من التخصيص من بين العبادات ألنها تالية اإليم» المقيمين الصالة «وخص المواضع فى القرآن، وألن اهللا

__________ .بالجيم والصواب أن تكون بالحاء الرتباطها بتحريم المباحات فيما سبق) جرم(أخطأ الناسخ حين كتبها ) 1( .أي ينبغى أال يعكف اإلنسان على العقل وحده بل عليه أن يرتقى عن هذا الحد) 2( )ضية من هذا الكتابراجع الهامش الذي يتناول هذه الق( .أورده أبو نعيم فى حلية األولياء عن أنس بن مالك) 3(

المخزونة وغرائب ويرى أبو نصر السراج أن هذا العلم الموروث هو علم االشارة، فيكشف اهللا سبحانه لقلوب أصفيائه المعاني المذخورة، واللطائف واألسرار ) .كتاب المستنبطات( 147ع ص اللم... العلوم وطرائف الحكم فى معانى القرآن

)1/389(

راهيم وإ نا إلى إبـ نا إلى نوح والنبيين من بـعده وأوحيـ نا إليك كما أوحيـ نا سماعيل وإسحاق ويـعقوب واألسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون و إنا أوحيـ سليمان وآتـيـبل ورسال لم نـقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما ) 163(داوود زبورا ) 164(ورسال قد قصصناهم عليك من قـ

.وغير هذا من الوجوه... يل عليه السالم ليلة المعراج بغير واسطة جبر » 1«) بها(أمر الرسول صلى اهللا عليه وسلم -سبحانه - .األجر العظيم هو الذي يزيد على قدر االستحقاق بالعمل: » أجرا عظيما «قوله تعالى

:قال جل ذكره

]163آية ) : 4(سورة النساء [ وآتـينا حينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويـعقوب واألسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بـعده وأو

)163(داود زبورا ما استحقه من المقام وأفرد رسولنا عليه السالم على ما إفراد النبي صلى اهللا عليه وسلم من األنبياء باإليمان إلفرادهم بالتخصيص والفضيلة فأفرد نوحا على

بألف » 2«ن أضرابه استحقه هو، فاشتركا فى اإلفراد لكنهما تباينا فى الفضيلة على حسب المقام، فتفرد واحد من بين أشكاله بغير فضائل، وتفرد آخر من بي .فضيلة

:قوله جل ذكره ]164آية ) : 4(سورة النساء [

بل ورسال لم نـقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما ورسال )164(قد قصصناهم عليك من قـميع واإليمان واجب بج. أظهر أسماء قوم وأجمل تفصيل آخرين -عليهم السالم -سنة اهللا فى أوليائه ستر قوم، وشهر قوم، وبذلك جرت سنته أيضا فى األنبياء

- ما أظهرها لهماألنبياء جملة وتفصيال، كما أن االحترام واجب لجميع األولياء جملة وتفصيال، وكذلك أحوال العباد ستر عليهم بعضا وأظهر لهم بعضها، ف طالبهم باإلخالص فيها، وما سترها

__________ .إضافة وضعناها ليتماسك المعنى) 1( .التي سبقت، والفقرة كلها غير واضحة، وقد أثبتناها كما هى) أشكاله(أي ) أضرابه(النسخ والصواب بالخاء وهى خطأ فى) أخرابه(وردت ) 2(

)1/390(

ة بـعد الرسل وكان الله عزيزا زله بعلمه والمالئكة لكن الله ) 165(حكيما رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على الله حج يشهد بما أنـزل إليك أنـن الله ليـغفر لهم وال إن الذين كفروا وظلموا لم يك ) 167(إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضالال بعيدا ) 166(يشهدون وكفى بالله شهيدا

) 169(إال طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا ) 168(ليـهديـهم طريقا

.على قلوبهم من مالحظة أحوالهم تأهيال لهم لالختصاص بحقائق أفردهم بمعانيها» 1«فألنه غار - عليهم .إخبار عن تخصيصه إياه باستماع كالمه بال واسطة: » وكلم الله موسى تكليما «

:قوله جل ذكره ]165آية ) : 4(سورة النساء [

ة بـعد الرسل وكان الله عزيزا )165(يما حك رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على الله حجخلق سبيل إلى راحة وقف الخلق عند مقاديرهم وبين أنه أرسل إليهم الرسل فتفردوا عليهم إلى اجتباء ثوابهم، واجتناب ما فيه استحقاق عذابهم، وأنه ليس لل

.يطلبونها وال إلى آفة يجتنبونها إما فى الحال أو فى المآلة بـعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما لئال يكون للناس عل : قوله جل ذكره .ى الله حج

.ولكن اهللا خاطبهم على حسب عقولهم! أنى يكون لمن له إلى اهللا حاجة على اهللا حجة؟ :قوله جل ذكره

]166آية ) : 4(سورة النساء [

زله بعل )166(مه والمالئكة يشهدون وكفى بالله شهيدا لكن الله يشهد بما أنـزل إليك أنـ

.» وكفى بالله شهيدا «: ساله اهللا عن تكذيب الخلق إياه بما ذكره من علم اهللا بصدقه، ولذلك قال :قوله جل ذكره

]169الى 167اآليات ) : 4(سورة النساء [

إال طريق جهنم ) 168(إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليـغفر لهم وال ليـهديـهم طريقا ) 167(ن سبيل الله قد ضلوا ضالال بعيدا إن الذين كفروا وصدوا ع .) 169(خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا

__________ 126إن اهللا يغار وإن المؤمن يغار وغيرة اهللا تعالى أن يأتي العبد المؤمن ما حرم اهللا تعالى عليه، الرسالة ص ) : ص(قال رسول اهللا : عن أبى هريرة قال) 1(

) .الرسالة نفس الصفحة. (طاعة عبده إذا وصف الحق سبحانه بالغيرة فمعناه أنه ال يرضى بمشاركة الغير معه فيما هو حق له من: وقال القشيري

)1/391(

را لكم وإن تكفروا فإن يا أهل الكتاب ) 170(لله ما في السماوات واألرض وكان الله عليما حكيما يا أيـها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيـا إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله وال تـقولوا ثالثة وال تـقولوا على الله إال الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاه ال تـغلوا في دينكم

را لكم إنما الله تـهوا خيـ ) 171( إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في األرض وكفى بالله وكيال انـ

جعل » ذين كفروا وظلمواإن ال «: اتباع الحق نظير كفرهم باهللا، واهللا تعالى عظم حقوق أوليائه كتعظيم حق نفسه، ثم قال» 1«) من(جعل صدهم المؤمنين فلشؤم الظلم ال يبعد أن يخذله اهللا -وإن لم يكن كالكفر فى استحقاق وعيد األبد -والظلم. ظلمهم سبيل كفرهم، فعلق استحقاق العقوبة المؤبدة عليها جميعا

.حتى يوافى ربه على الكفر :قوله جل ذكره

]170آية ) : 4(سورة النساء [

)170(ي السماوات واألرض وكان الله عليما حكيما ا الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما ف يا أيـه منزه -تعالى -والحق . فبالياهم ألنفسهم اجتلبوها» 2«ظ أنفسهم اكتسبوها وإن كفروا أخبر أنه سبحانه غنى عنهم، فإن آمنوا فحظو : » يا أهل الكتاب «

.لوفاق أحد، والنقص لخالف أحد» 3«) الجهل(الوصف عن : خلقا، قال تعالى -حقيقة كونهم عبيده فعال، لم يخرجوا عن -يعنى إن خرجوا عن استعمال العبودية» وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات واألرض «: قوله

.» 4» «إن كل من في السماوات واألرض إال آتي الرحمن عبدا « :قوله جل ذكره

]171آية ) : 4(سورة النساء [

ورسله وال نما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله يا أهل الكتاب ال تـغلوا في دينكم وال تـقولوا على الله إال الحق إ تـهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له )171(ما في السماوات وما في األرض وكفى بالله وكيال تـقولوا ثالثة انـ

__________ .فهكذا فى اآلية الكريمة) عن(ربما كانت ) 1( .وهو األصوب) وإن كفروا(ولكنها مصححة باستدراك فى الهامش ) وإن لم تكفروا(فى النسخة ) 2(فان من عادة القشيري فى مثل هذا السياق أن يذكر أن طاعة المطيع ليست زينا للحق ومعصية العاصي نظن أن الناسخ قد أخطأ فى نقل هذه الكلمة ) 3(

) .والحق تعالى منزه الوصف عن الكمال لوفاق أحد وعن النقص لخالف أحد(ليست شينا له، ألجل هذا نرجح أن العبارة هنا تستقيم لو كانت .سورة مريم 93آية ) 4(

)1/392(

) 172(يستكبر فسيحشرهم إليه جميعا تـنكف المسيح أن يكون عبدا لله وال المالئكة المقربون ومن يستـنكف عن عبادته و لن يس

، » 1«ثم مناقضتهم حيث قالوا الواحد ثالثة والثالثة واحد معبودهم، -بمشابهة الخلق -غلوهم فى دينهم جريهم على مقتضى حسبانهم حيث وصفوا .والتمادي فى الباطل ال يزيد غير الباطل

:قوله جل ذكره ]172آية ) : 4(سورة النساء [

)172(بادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا لن يستـنكف المسيح أن يكون عبدا لله وال المالئكة المقربون ومن يستـنكف عن ع إنى عبد اهللا، وتجمل : كيف يستنكف عن عبوديته وبالعبودية شرفه، وكيف يستكبر عن التذلل وفى استكباره تلفه، ولهذا الشأن نطق المسيح أول ما نطق بقوله

.» بةالعبيد فى التذلل للسادة، هذا معلوم ال تدخله ري »ال المالئكة المقربون : وقوله

.ال يدل على أنهم أفضل من المسيح، ألنه إنما خاطبهم على حسب عقائدهم، والقوم اعتقدوا تفضيل المالئكة على بنى آدم__________

ب واالبن والروح القدس، وسواء انصرفت إلى هؤالء أم إلى أولئك األ -كما ورد فى األناجيل -اهللا والمسيح ومريم، وإما: الثالثة إما أن يكون مقصودا منها) 1( . [.....]فانه شرك محض تولى القرآن الكريم تفنيده فى مواضع شتى

.أي هذا معلوم ال شك فيه) ريبة(وال نحسب أن لها معنى هنا، ونرجح أنها فى األصل ) رتبة(وردت ) 2(

)1/393(

بـهم عذابا أليما وال يجدون لهم من دون الله وليا لوا الصالحات فـيـوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استـنكفوا واستكبـروا فـ فأما الذين آمنوا وعم يـعذزلنا إليكم نورا مبينا يا أيـها الناس قد ) 173(وال نصيرا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ) 174(جاءكم بـرهان من ربكم وأنـ

) 175(ويـهديهم إليه صراطا مستقيما

:قوله جل ذكره ]173آية ) : 4(ة النساء سور [

بـهم عذابا أليما وال يجدون لهم من دون الله ول فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فـيـوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين يـعذ يا استـنكفوا واستكبـروا فـ )173(وال نصيرا

، فحسراتهم حينئذ على ما » 3«فإنهم يعرفون أنهم عنه بقوا » 2«أبدا بعد ما عرفوا جالله، فإذا صارت معارفهم ضرورية » 1«العذاب األليم أال يصلوا إليه .فاتهم أشد عقوبة لهم

:قوله جل ذكره

]174آية ) : 4(سورة النساء [

زلنا إليكم نورا مبينا يا أيـها الناس ق )174(د جاءكم بـرهان من ربكم وأنـ .البرهان ماالح فى سرائرهم من شواهد الحق

زلنا إليكم نورا مبينا : قوله جل ذكره .وأنـ .وهو خطابه الذي فى تأملهم معانيه حصول استبصارهم

:قوله جل ذكره ]175آية : )4(سورة النساء [

)175(صراطا مستقيما فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويـهديهم إليه .عند التوفى، كما أكرمهم بالعرفان واإليمان فى الحال» 5«ل والسين لالستقبال أي يحفظ عليهم إيمانهم فى المآ: » سيدخلهم الله في رحمته » «4«

.ويـهديهم إليه صراطا مستقيما : قوله جل ذكره__________

خوف النار إذا قيس إلى خوف القطع عن المحبوب كقطرة الماء تقذف فى أعظم (أي يقطع بينهم وبين رؤيته سبحانه، وفى هذا يقول ذو النون ) 1( .لمحيطاتا

.إلهى إذا شئت أن تعذبنى فألق بي إلى النار وال تعذبنى بذل الحجاب: ويقول بعضهمإن المعرفة فى البداية كسبية وفى االنتهاء ضرورية، ومعنى الكالم هنا أنهم يحرمون من أعظم : نقال عن مذهب القشيري -قلنا من قبل فى هامش سابق) 2(

.وذلك غاية فى التعذيب... المعارف األشياء متعة بعد ما الحت لهم بعض .البقاء عن اهللا سبحانه أشد أنواع العقاب) عنه بقوا) (3( .من الناسخ فأثبتناها فى موضعها) باهللا(سقطت ) 4( .وقد تكرر هذا فى مواضع كثيرة فيما سبق) المآل(ويلزم وضع المد على األلف لتكون ) المال(وردت ) 5(

)1/394(

لها نصف ما تـرك وه يستـفتونك نتـين فـلهما الثـلثان مما قل الله يـفتيكم في الكاللة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فـ و يرثـها إن لم يكن لها ولد فإن كانـتا اثـثـيـين يـبـين الله لكم أن تضلوا والله بكل شي تـرك وإن كانوا إخو ) 176(ء عليم ة رجاال ونساء فللذكر مثل حظ األنـ

.» 1«هم هذه الهداية هى إكرامهم بأن عرفوا أن هذه الهداية من اهللا لهم فضل ال ألنهم استوجبوها بطلبهم وجهدهم، وال بتعبهم وكد :قوله جل ذكره

]176آية ) : 4(سورة النساء [

نتـي يستـفتونك قل الله يـفتيكم في الكاللة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فـلها نصف م ن فـلهما الثـلثان مما ا تـرك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانـتا اثـثـيـين يـبـين الله لكم أن تضل )176(وا والله بكل شيء عليم تـرك وإن كانوا إخوة رجاال ونساء فللذكر مثل حظ األنـ

لنص على الحكم، فإن المال محبب إلى اإلنسان، وجبلت النفوس على الشح فلو لم ينص الميراث فيما أظهر لهم من ا» 2«قطع الخصومة بينهم فى قسمة فى االجتهاد، فكان يؤدى ذلك إلى التجاذب والتواثب فحسم تلك الجملة بما نص على المقادير فى الميراث » 3«) لقابلة األشباه(على مقادير االستحقاق

» 4«وفى تفضيل الذكور عليهن لما عليهم من حمل . داللة على النظر لضعفهن -وجد منهن الذب عن العشيرةوإن لم ي -ولتوريثه للنسوان. قطعا للخصام .المؤن وكذا السعى فى تحصيل المال، والقيام عليهن

__________ للنجاة، فاذا طالع العبد نفسه فى شىء ما يهدف القشيري دائما إلى أن يعود بكل شىء إلى فضل اهللا، وأن يشعر العبد دائما بأن عمله ليس وحده كافيا ) 1(

.ففى ذلك وبال عليه .فى األصل) قضية(والصواب أن تكون بالسين، وربما كانت ) بالصاد(وردت ) 2( .فى االجتهاد اى ان النص على المواريث أزال كل اشتباه ينجم عن االجتهاد) لقابله االشتباه(ونرجح أنها فى األصل ) ص(هكذا فى النسخة ) 3( .فقبلها جار) حمل: (ونرجح أنها فى األصل) يحمل(وردت ) 4(ولقد كنا نود لو أوضح الرأى فيها، خصوصا وأن موضوعها منبهم، وتسمى هذه اآلية األخيرة من سورة النساء بآية ) الكاللة(لم يتعرض القشيري لمعنى ) حاشية(

:بن مغول يقول سمعت الفضل بن عمرو عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب قالحدثنا أبو نعيم حدثنا مالك يعنى ا: الصيف، قال اإلمام أحمدفقال ألن أكون سألت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عنها أحب إلى من ان » يكفيك آية الصيف«: سألت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عن الكاللة فقال

.يكون لى حمر النعم

)1/395(

ر محلي الصيد يا أيـها الذين لى عليكم غيـ عام إال ما يـتـ تم حرم إن الله يحكم ما يريد آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة األنـ ) 1(وأنـ

السورة التي تذكر فيها المائدةتتضمن الفناء والغيبة، وسماع الرحمن الرحيم يوجب الحضور واألوبة، والحضور يتضمن » 1«) والهيبة(الهيبة، بسم اهللا الرحمن الرحيم سماع اسم اهللا يوجب

.البقاء والقربة .عيشه بلطف أفضاله» الرحمن الرحيم «أدهشه فى كشف جالله، ومن أسمعه » بسم الله «فمن أسمعه :قوله جل ذكره

]1آية ) : 5(سورة المائدة [

بسم الله الرحمن الرحيم ر تم حرم إن الله يحكم ما يريد يا أيـها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة األنعام إال ما يـتلى عليكم غيـ )1(محلي الصيد وأنـ

ناداهم قبل أن بداهم، وسماهم قبل أن براهم، وأهلهم فى آزاله لما . صلة المنادى» الذين آمنوا«تنبيه، و » ها«اسم منادى، » أي« حرف نداء، و» يا« .أوصلهم إليه فى آباده

.قدم التشريف بالثناء على التكليف الموجب للعناء ، ولما علم أن التكليف يوجب المشقة» أوفوا«، وكلفهم بقوله » يا أيـها الذين آمنوا«: شرفهم بقوله .أحدهما يشير إلى عين الجود، والثاني إلى بذل المجهود: ويقال اإليمان صنفان

.فبذل المجهود خدمتك، وعين الجود قسمته فبخدمتك عناء األشباح، وبقسمته ضياء األرواح .وحقيقة اإليمان تحقق القلب بما أخبر من الغيب

.يا من دخلوا فى إيمانى، ما وصلتم إلى أمانى إال بسابق إحسانى: » ا أيـها الذين آمنواي«ويقال .ويقال يا من فتحت بصيرتهم لشهود حقى حتى ال يكونوا كمن أعرضت عنهم من خلقى

__________ .وذكر اإلمام أحمد بإسناد آخر أكثر صحة مما سبق -

انها مأخوذة من اإلكليل الذي يحيط بالرأس من جوانبه ولهذا فسرها اكثر العلماء بمن يموت وليس له ولد، ومن الناس من ومن األقوال التي ذكرت عن الكاللة ) .إن امرؤ هلك ليس له ولد(يقول الكاللة من ال ولد له كما دلت عليه اآلية

.أضفناها ألن السياق يستدعيها، إذ نرجح أنها سقطت فى النسخ) 1(

)1/396(

وال آمين البـيت الحرام يـبتـغون فضال من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا يا أيـها الذين آمنوا ال تحلوا شعائر الله وال الشهر الحرام وال الهدي وال القالئد ثم والعدوان واتـقوا الله إن الله شديد العقاب كم شنآن قـوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تـعتدوا وتـعاونوا على البر والتـقوى وال وال يجرمن تـعاونوا على اإل

)2 (

.عقود أوفوا بال : قوله جل ذكره، فانبرم العقد بحصول الخطاب، » 1«بجوابه -بعد ما أظهرك عند خطابه -كل مكلف مطالب بالوفاء بعقده، والعقد ما ألزمك بسابق إيجابه، ثم وفقك

.والقبول بالجواب .كوشف به أو طولب به فقبله ما عقد القلب معه سرا بسر من خلوص له أضمره، أو شىء تبينه، أو معنى -بل يلتحق به -ويدخل فى ذلك

.» 2«بلطائف المنة -سبحانه -ويقال الوفاء بالعهد بصفاء القصد، وال يكون ذلك إال بالتبرى من المنة، والتحقق بتولي الحقر محلي الصيد وأ : قوله جل ذكره تم حرم أحلت لكم بهيمة األنعام إال ما يـتلى عليكم غيـ .نـ

.دليل على أال علة لصنعه -تحليل بعض الحيوانات وإباحتها من غير جرم سبق منها، وتحريم بعضها والمنع من ذبحها من غير طاعة حصلت منها .وحرم الصيد على المحرم خصوصا ألن المحرم متجرد عن نصيب نفسه بقصده إليه، فاألليق بصفاته كف األذى عن كل حيوان

.إن الله يحكم ما يريد : ه جل ذكرهقول .آزالهال حجر عليه فى أفعاله، فيخص من يشاء بالنعماء، ويفرد من يشاء باليلوى فهو يمضى األمور فى آباده على حسب ما أراد وأخبر وقضى فى

:قوله جل ذكره ]2آية ) : 5(سورة المائدة [

فضال من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا لوا شعائر الله وال الشهر الحرام وال الهدي وال القالئد وال آمين البـيت الحرام يـبتـغون يا أيـها الذين آمنوا ال تح ثم والعدوان واتـقواوال يجرمنكم شنآن قـوم أن صدوكم عن المسج الله إن الله شديد العقاب د الحرام أن تـعتدوا وتعاونوا على البر والتـقوى وال تعاونوا على اإل

)2( هجوم التقدير، والتزام األمر بجميل االعتناق، وإخالل الشعائر الشعائر معالم الدين وتعظيم ذلك وإجالله خالصة الدين، وال يكون ذلك إال باالستسالم عند

.باإلخالل باألوامر) يكون( .وال الشهر الحرام وال الهدي وال القالئد : قوله جل ذكره

__________ .» ألست بربكم؟ قالوا بلى«: يشير القشيري إلى قوله تعالى يوم الذر) 1( . [.....]فرق القشيري بين المنة للعبد والمنة للحقي) 2(

)1/397(

.هو المطلوب من العبيد أمرا، والمحبوب منه حاال -وتشريف اإلعالم على ما أمر به اهللا. تعظيم المكان الذي عظمه اهللا، وإكرام الزمان الذي أكرمه اهللا .غون فضال من ربهم ورضوانا وال آمين البـيت الحرام يـبتـ : قوله جل ذكره

.وبالحرى لمن يقصد البيت أال يخالف رب البيت .واالبتغاء للفضل والرضوان بتوقى موجبات السخط، ومجانبة العصيان

.سجد الحرام أن تـعتدواوإذا حللتم فاصطادوا وال يجرمنكم شنآن قـوم أن صدوكم عن الم : قوله جل ذكره .وإذا خرجتم عن أمر حقوقنا فارجعوا إلى استجالب حظوظكم، فأما ما دمتم تحت قهر بطشنا فال نصيب لكم منكم، وإنكم لنا

وا حد اإلذن فى االنتقام، أي كونوا قائمين بنا، أي ال يحملكم بغض قوم ألنهم صدوكم عن المسجد الحرام على أال تجاوز » ... وال يجرمنكم شنآن قـوم «قوله .متجردين عن كل نصيب وحظ لكم

.وتعاونوا على البر والتـقوى: قوله جل ذكره .البر فعل ما أمرت به، والتقوى ترك ما زجرت عنه

.سبحانه، والتقوى ترك حظك -ويقال البر إيثار حقه .تقوى مخالفة النفسويقال البر موافقة الشرع، وال

من جميل الوعظ، ويقال المعاونة على البر بحسن النصيحة وجميل اإلشارة للمؤمنين، والمعاونة على التقوى بالقبض على أيدى الخطائين بما يقتضيه الحال .وبليغ الزجر، وتمام المنع على ما يقتضيه شرط العلم. نبو وزرها) عليك(سنة تظهرها و ) فيه(يقتدى بك ال يرضاه الدين، فيكون قولك الذي تفعله ويقتدى بك والمعاونة على اإلثم والعدوان بأن تعمل شيئا مما

وكذلك المعاونة

)1/398(

م ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والم يتم وما ذبح على النصب وأن وقوذ حرمت عليكم الميتة والد ة والمتـردية والنطيحة وما أكل السبع إال ما ذكسالم ن اليـوم تستـقسموا باألزالم ذلكم فسق اليـوم يئس الذين كفروا من دينكم فال تخشوهم واخشو أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإل

ثم فإن الله غفور رحيم ر متجانف إل ) 3(دينا فمن اضطر في مخمصة غيـ

.ى بك فيهعلى البر والتقوى أي االتصاف بجميل الخصال على الوجه الذي يقتد .واتـقوا الله إن الله شديد العقاب : قوله جل ذكره

.وأشد العقوبة حجاب المعاقب عن شهود المعاقب فإن تجرع كاسات البالء بشهود المبلى أحلى من العسل والشهد. العقوبة ما تعقب الجرم بما يسوء صاحبه :قوله جل ذكره

]3آية ) : 5(سورة المائدة [

م ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والم يتم وما ذبح على النصب وأن حرمت عليكم الميتة والد وقوذة والمتـردية والنطيحة وما أكل السبع إال ما ذكسالم سموا باألزالم ذلكم فسق اليـوم يئس الذين كفروا من دينكم فال تخشوهم واخشون اليـوم تستـق أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإل

ثم فإن الله غفور رحيم دينا فمن اضطر في مخمصة ر متجانف إل )3(غيـ، وليس ذلك مما فيه رخصة بحال ال باالضطرار وال باالختيار، وغير هذا من الميتة مباح فى حال » 1«وأكل الميتة أن تتناول من عرض أخيك على وجه الغيبة

.الضرورة. مباح قربه، حالل صحبته -ه مباحا والميتة منه حراما فكذلك من ذبح نفسه بسكاكين المجاهدات وطهر نفسهويقال كما أن فى الحيوان ما يكون المزكى من

.ومن ماتت نفسه فى ظلمة غفلته حتى ال إحساس له باألمور الدينية فخبيثة نفسه، محظور قربه، حرام معاشرته، غير مباركة صحبتهفهو محرم على القلوب ففى طريقة القوم حب -ا يلهى قربه، وينسى المعبود ركونه، ويحمل على العصيان جنوحهوإن السلف سموا الدنيا خنزيرة، ورأوا أن م

.الدنيا حرام على القلوب، وإن كان إمساك بعضها حالال على األبدان والنفوس .المتـردية والنطيحة وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة و : قوله جل ذكره

الب األغراض كما أن المذبوح على غير اسمه ليس بطيب فمن بذل روحه فيه وجد روحه منه، ومن تهارشته كالب الدنيا، وقلته مخالب األطماع، وأسرته مط .فحرام ماله على أهل الحقائق فى مذهب التعزز، فللشريعة الظرف والتقدير -واألعراض

لمنخنقة فاإلشارة منه إلى الذي ارتبك فى حبال المنى والرغائب، وأخذه خناقوأما ا__________

.» ... أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا «: يشير القشيري بذلك إلى قوله تعالى) 1(

)1/399(

.خطتهم، ومحظور على المريدين متابعة مذهبهمفحرام على السالكين سلوك » 1«) الحرص(الطمع، وخنقته سالسل على أهل وأما الموقوذة فاإلشارة منها إلى نفوس جبلت على طلب الخسائس حتى استملكتها كلها فهى التي ذهبت بال عوض حصل منها، وأمثال ذلك حرام

.هذه القصة .الحقيقة فهو يهيم فى مفاوز الظنون، وينهك فى متاهات المنى واإلشارة من المتردية إلى من هلك فى أودية التفرقة، وعمى عن استبصار رشد

:ارة منواإلشارة من النطيحة إلى من صارع األمثال، وقارع األشكال، وناطح كالب الدنيا فحطموه بكلب حرصهم، وهزموه بزيادة تكلبهم، وكذلك اإلش .وما أكل السبع إال ما ذكيتم : قوله جل ذكره

: د المؤمن من الدنياة السبع ما ولغت فيه كالب الدنيا، فإن الدنيا جيفة، وأكلة الجيف الكالب ويستثنى منه المزكى وهو ما تقرر من متاع الدنيا هللا ألن زاوأكيل .ما كان هللا فهو محمود، وما كان للنفس فهو مذموم

.باألزالم وما ذبح على النصب وأن تستـقسموا: قوله جل ذكره .يعنى اتخذ هواه إلهه» أفـرأيت من اتخذ إلهه هواه «: معبوده من حيث هواه قال اهللا تعالى -بموجب شرعه -فهو ما أرصد لغير اهللا، ومقصود كل حريص

وقلت . إذ القمار ذلك معناه -ال على وجه اإلذن -ب الحظوظ الدنيوية، اإلشارة منه إلى كل معاملة ومصاحبة بنيت على استجال» وأن تستـقسموا باألزالم « .المعامالت المجردة عن هذه الصفة فيما نحن فيه من الوقت

.ذلكم فسق : قوله جل ذكره .أي إيثار هذه األشياء انسالخ عن الدين

__________ .وهى خطأ فى النسخ) الحرس(وردت ) 1(

)1/400(

.اليـوم يئس الذين كفروا من دينكم فال تخشوهم واخشون : هقوله جل ذكر .أي بعد ما أزحتم عن قلوبكم آثار الحسبان، وتحققتم بأن المتفرد باإلبداع نحن، فال تالحظوا سواى، وال يظللن قلوبكم إشفاق من غيرى

على - من مخلوق -سبحانه، فمن المحال أن تنطوى -، والخير والشر ال تحصل شظية منها إال بقدرة الحقويقال إذا كانت البصائر متحققة بأن النفع والضر .رغب أو رهب .اليـوم أكملت لكم دينكم : قوله جل ذكرهده أملها بأنوار تأييده وتسديده، حتى وضعوا صونه العقيدة عن النقصان وهو أنه لما أزعج قلوب المتعرفين لطلب توحي -وقد أضافه إلى نفسه - إكماله الدين

.النظر موضعه من غير تقصير، وحتى وصلوا إلى كمال العرفان من غير قصورقيقه لم يكن للدين ويقال إكمال الدين تحقيق القبول فى المآل، كما أن ابتداء الدين توفيق الحصول فى الحال فلوال توفيقه لم يكن للدين حصول، ولوال تح

.لقبو .من أوصافه وقد علمك -سبحانه -ويقال إكمال الدين أنه لم يبق شىء يعلمه الحق

.أكرمك بأن عرفك ذلك من جهة اإلخبار -على التفصيل -ويقال إكمال الدين أن ما تقاصر عنه عقلك من تعيين صفاته .ال يعود إلى عين إكمال الدين، ولكن إلى تعريفنا ذلك الوقت» ليـوم ا«وتقييد الوقت فى الخطاب بقوله . وقت نزول اآلية» اليـوم «وإنما أراد بذكر

.والدين موهوب ومطلوب فالمطلوب ما أمكن تحصيله، والموهوب ما سبق منه حصوله .وأتممت عليكم نعمتي: قوله جل ذكره

المذكورةما ال يقطعك عن المنعم بل يوصلك إليه، والنعمة -على الحقيقة -النعمة

)1/401(

وهذا خطاب لجماعة . فإكمال الدين تحقيق المعرفة، وإتمام النعمة تحصيل المغفرة. هاهنا نعمة الدين، وإتمامها وفاء المآل، واقتران الغفران وحصوله المسلمين، وال شك فى مغفرة جميع المؤمنين، وإنما الشك يعترى فى اآلحاد واألفراد هل يبقى على اإليمان؟

سالم دينا : وله جل ذكرهق .ورضيت لكم اإل .رانوذلك لما قسم للخلق أديانهم فخص قوما باليهودية، وقوما بالنصرانية، إلى غير ذلك من النحل والملل، وأفرد المسلمين بالتوحيد والغف

.نعمة لقبول النعم للزيادة، وال رتبة بعد الكمال فلذلك وصف به الديناإلتمام يقبل الزيادة، فلذلك وصف به ال: وقدم قوم اإلكمال على اإلتمام، فقالوافوجه . » دينكم «: وإلى العبد فقال» نعمتي«: ويقال ال فرق بين الدين والنعمة المذكورة هاهنا، وإنما ذكر بلفظين على جهة التأكيد، ثم أضافه إلى نفسه فقال

، وحقيقة اإلسالم اإلخالص » 1«فالدين من اهللا عطاء، ومن العبد عناء . وجه إضافته إلى نفسه من حيث الخلقإضافته إلى العبد من حيث االكتساب، و .واالنقياد والخضوع لجريان الحكم بال نزاع فى السر

ثم فإن الله غفور رحيم : قوله جل ذكره ر متجانف إل .فمن اضطر في مخمصة غيـسر على ما جرى تداركته إلشارة من هذه اآلية أنه لو وقع لسالك فترة، أو لمريد فى السلوك وقفة، ثم تنبه لعظيم واقعه فبادر إلى جميع الرجعة باستشعار التحا

.إليه بقبول الرجعة -سبحانه - الرحمة، ونظر اهللاثم «واإلشارة من قوله ر متجانف إل الفترة، وال مستديم لعقدة اإلصرار، ويحتمل أن يكون معناه من نزل عن مطالبات الحقائق إلى رخص أي غير معرج على» غيـ

.العلم لضعف وجده فى الحال فربما تجرى معه مساهلة إذا لم يفسخ عقد اإلرادة__________

.ء أن الدين معاناة وممارسة من جانب العبدوالمقصود بالعنا» الدين موهوب ومطلوب«هذه العبارة تساوى فى المعنى ما سبق ذكره ان ) 1(

)1/402(

ذكروا اسم الله عليه مونـهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم وايسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تـعل ) 4(واتـقوا الله إن الله سريع الحساب

:قوله جل ذكره ]4آية ) : 5(سورة المائدة [

تـعلمونـهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه يسئـلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين )4(واتـقوا الله إن الله سريع الحساب

:ثم قال» يسئـلونك ماذا أحل لهم «: لشرع، فقاللما علموا أن الحسن من أفعالهم ما ورد به األمر وحصل فيه اإلذن تعرفوا ذلك من تفصيل ا

وهو الحالل الذي تحصل من تناوله طيبة القلوب فإن أكل الحرام يوجب قسوة القلب، والوحشة مقرونة بقسوة القلب، وضياء » قل أحل لكم الطيبات « .شبهاتالقلوب وطيب األوقات متصل بصون الخلق عن تناول الحرام وال

ولما كان الكلب المعلم ترك حظه، وأمسك ما اصطاده على صاحبه حلت فريسته، وجاز اقتناؤه، واستغرق فى ذلك : » وما علمتم من الجوارح مكلبين «: وقوله .و حالتهمختصة، وال يشوبها حظ تجل رتبته وتعل -سبحانه -حكم خساسته فكذلك من كانت أعماله وأحواله هللا

.ويقال حسن األدب يلحق األخسة برتبة األكابر، وسوء األدب يرد األعزة إلى حالة األصاغرث ال يشغله شأن بحي» واتـقوا الله إن الله سريع الحساب » «1«) فى القيمة(غير مرضى عنه -على الغفلة -بين أن األكل: » واذكروا اسم الله عليه «: ثم قال

-فى الوقت -وال فى اللحظة، معجل حسابهم، مضاعف» 2«) الخطوة(مع األحباب واألولياء، فهم ال يسامحون فى -اليوم -عن شأن، وسريع الحساب .ثوابهم وعقابهم

__________ .بعد سريع الحساب وقد أثبتناها فى موضعها الصحيح) فى القيمة خطأ(وضعت ) 1( .بالراء فاألكابر يحاسبون على أدق خاطر يخطر على قلوبهم) الخطرة(فى األصل ربما كانت ) 2(

)1/403(

بلكم إذا حصنات من المؤمنات والمحصنات م اليـوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والم ن الذين أوتوا الكتاب من قـيمان فـقد ر مسافحين وال متخذي أخدان ومن يكفر باإل ذين آمنوا إذا يا أيـها ال ) 5(حبط عمله وهو في اآلخرة من الخاسرين آتـيتموهن أجورهن محصنين غيـإلى الكعبـين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم

تـيمموا صعيدا طيبا فامسحوا جاء لم تجدوا ماء فـ بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن أحد منكم من الغائط أو المستم النساء فـ ) 6(م نعمته عليكم لعلكم تشكرون يريد ليطهركم وليت

:قوله جل ذكره ]5آية ) : 5(سورة المائدة [

بلكم إذا نات من المؤمنات والمح اليـوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحص صنات من الذين أوتوا الكتاب من قـيمان فـقد حب ر مسافحين وال متخذي أخدان ومن يكفر باإل )5(ط عمله وهو في اآلخرة من الخاسرين آتـيتموهن أجورهن محصنين غيـ

.فتوجد عند ذلك راحة القلوب -سبحانه -تستطيبه النفوس، ولكن الطيب ما يوجد فيه رضاء الحق ليس الطيب ماهم مودة ولتجدن أقـربـ «: القدر الذي بيننا وبينهم من الوفاق فى إثبات الربوبية لم يعر من أثر فى القربة فقال اهللا تعالى: » وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم «

وأحل الطعام والذبيحة بيننا وبينهم من الوجهين فيحل لنا أكل ذبائحهم، . وكذلك األمر فى المحصنات من نسائهم» 1» «للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى .نا ألن اإلسالم يعلو وال يعلىويجوز لنا أن نطعمهم من ذبائحنا، ولكن التزوج بنسائهم يجوز لنا، وال يجوز تزوجهم بنسائ

ر مسافحين «ثم قال ألمر السفاح، وتنبيها على وجوب مراعاة األمر من » 2«يعنى إنهم وإن كانوا كفارا فال تجب صحبتهن بغير نكاح تعظيما » محصنين غيـ ى وجه المخادنة فمتى يسلم ذلك مع الكفار الذين هم األعداء؟ألنه إذا لم يجز تعلق قلبك بالمؤمنين عل» وال متخذي أخدان «وكذلك . الحق

:قوله جل ذكره ]6آية ) : 5(سورة المائدة [

إلى الكعبـين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم وا برؤسكم وأرجلكم يا أيـها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسح تـيمموا منه ما يريد الله ليجعل صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو المستم النساء فـلم تجدوا ماء فـ

)6(عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون

__________ .سورة المائدة 82آية ) 1( .تعظيما هنا معناها تهويال واستبشاعا) 2(

)1/404(

.بغير طهور - فى الحقيقة -ريعة ال تصح الصالة بغير الطهور فال تصح كما أن فى الش .ء والوجلوكما أن للظاهر طهارة فللسرائر أيضا طهارة، وطهارة األبدان بماء السماء أي المطر، وطهارة القلوب بماء الندم والخجل، ثم بماء الحيا

.صيانة الوجه عن التبذل لألشكال عن طلب خسائس األعراض -شارةفى بيان اإل -وكما يجب غسل الوجه عند القيام إلى الصالة يجب .وكما يجب غسل اليدين فى اليدين فى الطهارة يجب قصرهما عن الحرام والشبهة

.وكما يجب مسح الرأس يجب صونه عن التواضع والخفض لكل أحدوإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على : ل فيما ال يجوز قوله جل ذكرهوكما يجب غسل الرجلين فى الطهارة يجب صونهما فى الطهارة الباطنة عن التنق

تـيمموا صعيدا طيبا لم تجدوا ماء فـ .يديكم منه فامسحوا بوجوهكم وأ سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو المستم النساء فـوتأكيد عهد، كما يقتضى غسل جميع البدن فى الطهارة، كذلك فى الطهارة الباطنة ما يوجب االستقصاء وذلك عند ما تقع للمريد فترة فيقوم بتجديد عقد،

.والتزام عزامة، وتسليم وقت، واستدامة ندامة، واستشعار خجليمم فكذلك إذا لم يجد المريد من يفيض عليه صوب همته، ويغسله ببركات إشارته، ويعينه بما يئوب به من زيادة وكما أنه إذا لم يجد المتطهر الماء ففرضه الت

اشتغل بما تيسر له من اقتفاء آثارهم، واالستراحة إلى ما يجد من سالف سيرهم، وما ورد من حكاياتهم -حالته

)1/405(

) 7(ور يثاقه الذي واثـقكم به إذ قـلتم سمعنا وأطعنا واتـقوا الله إن الله عليم بذات الصد واذكروا نعمة الله عليكم وم

.وكما أن فرض التيمم على الشطر والنقصان فكذلك المطالبات على إصفاء هذه الحالة تكون أخف ألنه وقت الفترة وزمان الضعف .ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج : ذكره قوله جل

يستدم الوظائف على وتلوح من هذه الجملة اإلشارة إلى أنه إذا بقي المريد عن أحكام اإلرادة فليحطط رجله بساحات العبادة، فإذا عدم اللطائف فى سرائره فل .لشريعة، وإن لم يتحرج عن تركه الفضيلة فال يدنس تصرفه بالحرام والشبهةظاهره، وإذا لم يتحقق بأحكام الحقيقة فليتخلق بآداب ا

.ولكن يريد ليطهركم : قوله جل ذكره .أي يطهر ظواهركم عن الزلة بعصمته، ويطهر قلوبكم عن الغفلة برحمته

.لويقال يطهر سرائركم عن مالحظة األشكال، ويطهر ظواهركم عن الوقوع فى شباك األشغا .ويقال يطهر عقائدكم عن أن تتوهموا تدنس المقادير باألعالل

.وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون : قوله جل ذكره !.إتمام النعمة على قوم بنجاة نفوسهم، وعلى آخرين بنجاتهم عن نفوسهم، وشتان بين قوم وقوم

.فإذا خرج من الدنيا على وصف العرفان واإليمان فقد تمت سعادته، وصفت نعمتهويقال إتمام النعمة فى وفاء العاقبة .ويقال إتمام النعمة فى شهود المنعم فإن وجود النعمة لكل أحد ولكن إتمامها فى شهود المنعم

:قوله جل ذكره

]7آية ) : 5(سورة المائدة [

)7(الذي واثـقكم به إذ قـلتم سمعنا وأطعنا واتـقوا الله إن الله عليم بذات الصدور واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه .اإلشارة منه إلى التعريف السابق الذي لواله ما علمت أنه من هو

خبر،ويقال أمرهم بتذكر ما سبق لهم من القسم وهم فى كتم العدم، فال لألغيار عنهم

)1/406(

) 8(ال تـعدلوا اعدلوا هو أقـرب للتـقوى واتـقوا الله إن الله خبير بما تـعملون يا أيـها الذين آمنوا كونوا قـوامين لله شهداء بالقسط وال يجرمنكم شنآن قـوم على أ

باإليمان، وحكم لهم بالغفران قبل حصول العصيان، ثم لما أظهرهم وأحياهم عرفهم التوحيد » 1«) سماهم(وال لهم عين وال أثر، وال وقع عليهم بصيرة، وقد شرط التحقيق، فأمدهم بحسن قبل أن كلفهم الحدود، وعرض عليهم بعد ذلك األمانة وحذرهم الخيانة، فقابلوا قوله بالتصديق، ووعدوا من أنفسهم الوفاء ب

.» إذ قـلتم سمعنا وأطعنا«: التوفيق، وثبتهم على الطريق، ثم شكرهم حيث أخبر عنهم بقوله جل ذكرهال يخفى عليه من خطرات قلوبكم » لصدور إن الله عليم بذات ا«يعنى فى نقض ما أبرمتم من العقود، والرجوع عما قدمتم من العهود، : » واتـقوا الله «: ثم قال

.ونيات صدوركم :قوله جل ذكره

]8آية ) : 5(سورة المائدة [

)8(للتـقوى واتـقوا الله إن الله خبير بما تـعملون تـعدلوا اعدلوا هو أقـرب يا أيـها الذين آمنوا كونوا قـوامين لله شهداء بالقسط وال يجرمنكم شنآن قـوم على أال .ال يعوقنكم حصول نصيب لكم فى شىء عن الوفاء لنا، والقيام بما يتوجب عليكم من حقنا

.بشرط ويقال من لم يقسط عند مواعد رغائبه، ولم يمح عنه نواجم شهواته ومطالبه لم يقم هللا بحق ولم يف لواجباته . خبير بما تـعملون وال يجرمنكم شنآن قـوم على أال تـعدلوا اعدلوا هو أقـرب للتـقوى واتـقوا الله إن الله : قوله جل ذكره

.يغ مهلكةأي ال تحملكم ضغائن صدوركم على الحلول بجنبات الحيف فإن مرتع الظلم وبيء، ومواضع الز .عن كل حظ ونصيب» 2«) بالعدول(وال تكون حقيقة العدل إال » اعدلوا«: ثم صرح باألمر بالعدل فقال

__________ .فالوسم فى االصطالح تتعلق باألزل وهذا يتفق مع السياق) وسمهم(نرجح أنها فى األصل ) 1( .حكما هو واض) بالعدول(والصواب أن تكون ) بالعدوان(وردت ) 2(

)1/407(

بوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) 9(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم يا أيـها الذين آمنوا اذكروا نعمت ) 10(والذين كفروا وكذ ) 11(فـليتـوكل المؤمنون م إذ هم قـوم أن يـبسطوا إليكم أيديـهم فكف أيديـهم عنكم واتـقوا الله وعلى الله الله عليك

.والعدل أقرب إلى التقوى، والجور أقرب من الردى، ويوقع عن قريب فى عظيم البلوى :قوله جل ذكره

]9آية ) : 5(سورة المائدة [ )9(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم

غفرانها، تاج إلى والمغفرة ال تكون إال للذنب، فوصفهم باألعمال الصالحات، ثم وعدهم المغفرة ليعلم أن العبد تكون له أعمال صالحة وإن كانت له ذنوب تح .بخالف ما توهم من قال إن المعاصي تحبط الطاعات

لبريء ويجب أن يثيب ويقال بين أن العبد وإن كانت له أعمال صالحة فإنه يحتاج إلى عفوه وغفرانه، ولوال ذلك لهلك، خالفا لمن قال إنه ال يجوز أن يعذب ا .» 1«المحسنين

.البريء غير حسنة لكان التجاوز عنه واجبا عليه، ولم يكن حينئذ فضل يمن به عليهمويقال لو كان ثواب المحسنين واجبا، وعقوبة :قوله جل ذكره

]10آية ) : 5(سورة المائدة [

بوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم )10(والذين كفروا وكذ .معجلة وهى الفراق، ومؤجلة وهى االحتراق: لهم عقوبتان :ذكره قوله جل

]11آية ) : 5(سورة المائدة [

ليتـوكل المؤمنون يا أيـها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قـوم أن يـبسطوا إليكم أيديـهم )11( فكف أيديـهم عنكم واتـقوا الله وعلى الله فـ وهو ما قصر عنهم أيدى األعداء، وذلك من أمارات» 2«يذكرهم ما سلف لهم من نعم الدفع

__________ على اهللا، وإنما كل شىء منه فضل، وال -فى نظره -على اهللا، فال وجوب -يشير القشيري بذلك إلى أقوال المعتزلة بوجوب إثابة المطيع ومعاقبة العاصي) 1(

.بجانب هذا الفضلقيمة لعمل العبد .نعمة دفع ونعمة نفع: يميز القشيري بين نعمتين) 2(

)1/408(

ني عشر نقيبا وقال الله إني معك هم اثـ يتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقـرضتم الله ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبـعثـنا منـ م لئن أقمتم الصالة وآتـهار فمن كفر بـع قـرضا حس ) 12(د ذلك منكم فـقد ضل سواء السبيل نا ألكفرن عنكم سيئاتكم وألدخلنكم جنات تجري من تحتها األنـ

منك، أو حصول ربح فى » 1«سبق شفاعة فيك، أو رجاء نفع من المستأنف ولقد بالغ فى اإلحسان إليك من كان يظهر لك الغيب من غير التماس أو. العناية .الحال عليك، أو وجود حق فى المستأنف لك

ليتـوكل المؤمنون «: ثم قال ) اباستيج(من غير » 2«) الغابر(يعنى كما أحسنت إليكم فى السالف من غير استحقاق فانتظروا جميل إحسانى فى » وعلى الله فـ»3 «.

:قوله جل ذكره ]12آية ) : 5(سورة المائدة [

ني عشر نقيبا وقال الله إني معكم هم اثـ يتم الزكاة وآمنتم برسلي وعز ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبـعثنا منـ رتموهم وأقـرضتم الله قـرضا لئن أقمتم الصالة وآتـ )12(عد ذلك منكم فـقد ضل سواء السبيل حسنا ألكفرن عنكم سيئاتكم وألدخلنكم جنات تجري من تحتها األنهار فمن كفر بـ

.فى مقابلة إحسانه بنقضهم عهدهم» 4«) فعلهم(يذكرهم حسن أفضاله معهم، وقبح

.أال ينزلوا منزلتهم فيستوجبوا مثل ما استوجبوه من عقوبتهم -تحذيرا لهم - وعرف المؤمنينيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم : قوله جل ذكره .لئن أقمتم الصالة وآتـ

.إليكم حظوظكم، ولئن أجللتم أمرى فى العاجل ألجلن قدركم فى اآلجلأي لئن قمتم بحقي ألوصلن .» اعبد اهللا كأنك تراه«: وإقامة الصالة أن تشهد من تعبده، ولذا قال النبي صلى اهللا عليه وسلم

.ويقال إقامة الصالة شرطها أن تقبل على من تناجيه بأن تستقبل القطر الذي الكعبة فيه ة فحقه أن تكسب المال من وجهه، وتصرفه فى حقه، وال تمنع الحقوأما إيتاء الزكا

__________ .أي ما يمكن أن نقدمه من طاعات فى المستقبل، فاهللا غنى عنه) 1( ) .الماضي(بمعنى ) السالف(و ) الغابر(حتى ينسجم السياق فإن ) الحاضر(نرجح أنها ) 2( . [.....]يعنى استحقاق) 3( .بميم زائدة من الناسخ) فعلهم(وردت ) 4(

)1/409(

هم إال قليال م فبما نـقضهم ميثاقـهم لعناهم وجعلنا قـلوبـهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونس هم فاعف وا حظا مما ذكروا به وال تـزال تطلع على خائنة منـ نـهم واصفح إن الله يحب المحسنين ) 13(عنـ

.الواجب فيه عن أهله، وال تؤخر اإليتاء عن وقته، وال تحوج الفقير إلى طلبه فإن الواجب عليك أن توصل ذلك إلى مستحقه .لجد واالستقالل، وإيثارهم عليك فى جميع األحوالالرسل اإليمان بهم على وجه اإلجالل، واعتناق أمرهم بتمام ا» 1«وتعزير

.وأقـرضتم الله قـرضا حسنا : قوله جل ذكرهعن مائتى درهم يخرجون خمسة، وهؤالء ال يدخرون » 2«) فأولئك(األغنياء ينفقون أموالهم فى سبيل اهللا، والفقراء يبدلون مهجتهم وأرواحهم فى طلب اهللا،

. ذرةعن أمره نفسا وال .ألكفرن عنكم سيئاتكم وألدخلنكم جنات تجري من تحتها األنهار : قوله جل ذكره

سلفه، وال وينفى عن قلبه تذكر ما أ. فيمحو من ديوانه، وينسى الحفظة سوالف عصيانه» 3«) العاصي(التكفير هو الستر والتغطية، وإنه يستر الذنوب حتى عن :، كما قيل» وألدخلنـهم جنات تجري من تحتها األنهار «: يوقفه فى العرصة على ما قدم من ذنبه، ثم بعد ذلك يدخله الجنة بفضله كما قال

حتى أنالوا كفه وازدادوا... ولما رضوا بالعفو عن ذى زلة .ك منكم فـقد ضل سواء السبيل فمن كفر بـعد ذل : قوله جل ذكره

.فمن جحد هذه األيادى بعد اتضاحها فقد عدل عن نهج أهل الوفاء، وحاد عن سنن أصحاب الوالء :قوله جل ذكره

]13آية ) : 5(سورة المائدة [

هم إال قليفبما نـقضهم ميثاقـهم لعناهم وجعلنا قـلوبـهم قاسية يحرف هم فاعف ون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به وال تزال تطلع على خائنة منـ ال منـهم واصفح إن الله يحب المحسنين )13(عنـ

.جعل جزاء العصيان الخذالن للزيادة فى العصيان__________

.والعزر في اللغة الرد ومعناها هنا رددتم عنهم أعداءهم ونصرتموهم) وتعزير(والصحيح ) وتعزم(وردت ) 1(

.وقد جعلناها أولئك إشارة إلى البعيد ليتميز كل فريق) فهؤالء(وردت ) 2( .بالميم والصواب بدونها فهكذا يتطلب السياق) المعاصي(وردت ) 3(

)1/410(

.وجعلنا قـلوبـهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه : قوله جل ذكرهوقسوة القلب عقوبة لهم من قبل اهللا تعالى على ما نقضوه من العهود، ونقض . وتحريفهم الكلم عن مواضعه نوع عصيان منهم، وإنما حرفوا لقساوة قلوبهم

شد عقوبة يعاقب بها العبد، وقسوة القلب عدم التوجع مما يمتحن به من الصد، وعن قريب يمتحن بمحنة الرد العهد أعظم وزر يلم به العبد، والعقوبة عليه أ .، وذلك غاية الفراق، ونهاية البعد» 1«بعد الصد

.ه الجملة فهو تمام الشقوةويقال قسوة القلب أولها فقد الصفوة ثم استيالء الشهوة ثم جريان الهفوة ثم استحكام القسوة، فإن لم يتفق إقالع عن هذ .» 2«حمل الكلم على وجوه من التأويل مما تسول لصاحبه نفسه، وال تشهد له دالئل العلم وال أصله -على بيان اإلشارة -ومن تحريف الكلم

.ونسوا حظا مما ذكروا به : قوله جل ذكره .، فالنسيان أول العصيان، والنسيان حاصل من الخذالنأول آفاتهم نسيانهم، وما عصوا ربهم إال بعد ما نسوا

هم : قوله جل ذكره هم إال قليال منـ .وال تزال تطلع على خائنة منـبذلك الخلق إلى آخر ومن تعود اتباع الشهوات، وأشرب فى قلبه حب الخيانة فال يزال يعيش. الخيانة أمرها شديد وهى من الكبار أبعد، وعليهم أشد وأصعب

.عليه بجميل اللطف -سبحانه -عمره، اللهم إال أن يجود الحق هم واصفح إن الله يحب المحسنين : قوله جل ذكره .فاعف عنـ

وللصفح. قد يكون موجب العفو حقارة قدر المعفو عنه إذ ليس كل أحد أهال للعقاب__________

) .الصد(عند القشيري أقرب وأشد وقعا من ) الرد(أن من هذا نفهم) 1( .هذا أصل من أصول التأويل المقبول فى نظر القشيري، وهو في الوقت نفسه يوضح صفة في التفسير اإلشارى) 2(

)1/411(

نـهم العداوة والبـغضاء إلى يـوم القيامة وسوف يـنبئـهم الله بما كان ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقـهم فـنسوا حظا مما ذكروا نا بـيـ ) 14(وا يصنـعون به فأغريـ

بعين االستحقار -بعد التجاوز -حظهعلى العفو مزية وهى أن فى العفو رفع الجناح، وفى الصفح إخراج ذكر اإلثارة من القلب، فمن تجاوز عن الجاني، ولم يال .واالزدراء فهو صاحب الصفح

.بإسداء الفضل -للجمهور -واإلحسان تعميم :قوله جل ذكره

]14آية ) : 5(سورة المائدة [

نـ )14(هم العداوة والبـغضاء إلى يـوم القيامة وسوف يـنبئـهم الله بما كانوا يصنـعون ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقـهم فـنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بـيـ .» قالوا إنا نصارى«: اإلشارة فى هذه اآلية أن النصارى أثبت لهم االسم بدعواهم فقال

.» 1» «هو سماكم المسلمين «: مسلمون فقالوسموا نصارى لتناصرهم، وبدعواهم حرفوا وبدلوا، وأما ال

سالم دينا «: كما قال .ولما سماهم الحق باإلسالم ورضى لهم به صانهم عن التبديل فعصموا. فال جرم أال يسموا بالتناصر» 2» «ورضيت لكم اإلوأهل الوفاء ال مباينة لبعضهم من بعض، قال صلى اهللا . ات البين فأرباب الغفلة ال ألفة بينهمولما استمكن منهم النسيان أبدلوا بالعداوة فيما بينهم، وفساد ذ

:عليه وسلم .» 4» «إخوانا على سرر متقابلين «: ، وقال تعالى فى صفة أهل الجنة» 3» «المؤمنون كنفس واحدة«

__________ .سورة الحج 78آية ) 1( .ةسورة المائد 2آية ) 2( .فى رواية اإلمام مسلم عن النعمان بن بشير) 3(

.271ص 4صحيح مسلم ج » ... المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله، وإن اشتكى عينه اشتكى كله .سورة الصافات 44آية ) 4(

)1/412(

يـهدي به الله من اتـبع ) 15(عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يـبـين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويـعفولقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك ) 16(م ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويـهديهم إلى صراط مستقيم رضوانه سبل السال

نـهمامن الله شيئا إن أراد أن يـهلك ا يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير لمسيح ابن مريم وأمه ومن في األرض جميعا ولله ملك السماوات واألرض وما بـيـ)17 (

:قوله جل ذكره ]16الى 15اآليات ) : 5(سورة المائدة [

يـهدي به الله من اتـبع ) 15( جاءكم من الله نور وكتاب مبين كتاب قد جاءكم رسولنا يـبـين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويـعفوا عن كثير قد يا أهل ال )16(ن الظلمات إلى النور بإذنه ويـهديهم إلى صراط مستقيم رضوانه سبل السالم ويخرجهم م

ووصفه بالعفو عن كثير من أفعالهم، . بإظهار بعض ما أخفوه، وذلك عالمة على صدقه إذ لوال صدقه لما عرف ذلك - صلى اهللا عليه وسلم -وصف الرسول .فعل ذلك فإظهار ما أبداه دليل علمه، والعفو عما أخفى برهان حلمهوذلك من أمارات خلقه إذ لوال خلقه لما

يهم إلى صراط م من الظلمات إلى النور بإذنه ويـهد قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يـهدي به الله من اتـبع رضوانه سبل السالم ويخرجه : قوله جل ذكره .مستقيم

سره شواهد أنوار التوحيد ظاهرة لكنها ال تغنى عند فقد البصيرة، فمن استخلصه بقديم العناية أخرجه من ظلمات التفرقة إلى ساحات الجمع فامتحى عن .األغيار، وذلك نعت كل من وقف على الحجة المثلى

:قوله جل ذكره ]17آية ) : 5(سورة المائدة [

راد أن يـهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في األرض جميعا ولله ملك لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أ نـهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير السماوات واألرض وما )17(بـيـ

من اشتملت عليه أرحام الطوامث متى يفارقه نقص الخلقة؟ ومن الحت عليه شواهد التغير أنى يليق به نعت الربوبية؟

)1/413(

ناء الله وأحب تم بشر ممن خلق يـغفر لمن يشاء ويـعذب من ي وقالت اليـهود والنصارى نحن أبـ بكم بذنوبكم بل أنـ شاء ولله ملك السماوات اؤه قل فلم يـعذنـهما وإليه المصير رة من الرسل أن تـقولوا ما جاءنا من بشير وال نذير فـقد جاء يا أهل الكتاب قد جاءكم ) 18(واألرض وما بـيـ كم بشير رسولنا يـبـين لكم على فـتـ

) 19(ونذير والله على كل شيء قدير

ولو قطع البقاء عن جميع ما أوجد فأى نقص يعود إلى الصمد؟ :ذكرهقوله جل

]18آية ) : 5(سورة المائدة [

تم بكم بذنوبكم بل أنـ بشر ممن خلق يـغفر لمن يشاء ويـعذب من يشاء ولله ملك السماوات وقالت اليـهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يـعذنـهما وإليه المصير )18(واألرض وما بـيـ

.تقتضى المجانسة، والحق عنها منزه، والمحبة بين المتجانسين تقتضى االحتظاظ والمؤانسة، والحق سبحانه عن ذلك مقدس» 1«البنوة تم بشر ممن خلق «: عليهم فقال تعالى -سبحانه -فرد اهللا .» بل أنـ

-وإذا لم يجز له ولد لم تجز. والمخلوق ال يصلح أن يكون بعضا للقديم فالقديم ال بعض له ألن األحدية حقه، فإذا لم يكن له عدد لم يجز أن يكون له ولد .بينهم وبينه محبة -على الوجه الذي اعتقدوه

بكم بذنوبكم «: ويقال فى اآلية بشارة ألهل المحبة باألمان من العذاب والعقوبة به ألنه قال .» قل فلم يـعذ .ويقال بين فى هذه اآلية أن قصارى الخلق إما عذاب وإما غفران وال سبيل إلى شىء وراء ذلك

:قوله جل ذكره ]19آية ) : 5(سورة المائدة [

رة من ا ) 19(ير لرسل أن تـقولوا ما جاءنا من بشير وال نذير فـقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قد يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يـبـين لكم على فـتـ.

__________ :وهى خطا فى النسخ ألن اإلشارة عائدة إلى ما جاء فى اآلية) النبوة(وردت ) 1( »نحن أبناء الله «

)1/414(

) 20(ملوكا وآتاكم ما لم يـؤت أحدا من العالمين وإذ قال موسى لقومه يا قـوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم

أكثر -صلى اهللا عليه وسلم -الطريق بإبداء السالكين من كتم العدم، ولقد كان زمان الرسول كل زمان تقع فترة فى سبيل اهللا ثم تتجدد الحال، ويعم : يقال فى .األزمنة بركة، فأحيا بظهوره ما اندرس من السبيل، وأضاء بنوره ما انطمس من الدليل، وبذلك من عليهم، وذكرهم عظيم نعمته فيهم

:قوله جل ذكره

]20آية ) : 5(سورة المائدة [ )20(آتاكم ما لم يـؤت أحدا من العالمين قال موسى لقومه يا قـوم اذكروا نعمت الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا و وإذ

: بأن يذكروه فقال -بخطاب اهللا ال على لسان مخلوق -» 1«األمر لهذه األمة بأن يتذكروا نعمة اهللا عليهم، وكان -على لسان نبيهم -كان األمر لبنى إسرائيلثم جعل جزاءهم ثوابه الذي هو فضله، وجعل جزاء هذه األمة خطابه ! وبين من أمره بذكر نعمته -سبحانه -وشتان بين من أمره بذكره» 2» «فاذكروني أذكركم «

:الذي هو قوله تعالى .» أذكركم فاذكروني «

.وجعلكم ملوكا : قوله جل ذكره .الملك من المخلوقين من عبد الملك الحقيقي

.ويقال الملك من ملك هواه، والعبد من هو فى رق شهواته .حوالكملم يخرجكم إلى أمثالكم، ولم يحجبكم عن نفسه بأشغالكم، وسهل إليه سبيلكم فى عموم أ: » جعلكم ملوكا «ويقال

.وآتاكم ما لم يـؤت أحدا من العالمين : قوله جل ذكره .هلئن آتى بنى إسرائيل بمقتضى جوده فقد أغنى عن اإليتاء هذه األمة فاستقلوا بوجوده، واالستقالل بوجوده أتم من االستغناء بمقتضى جود

__________ .يقصد أمة المصطفى صلى اهللا عليه وسلم) 1( .سورة البقرة 152آية ) 2(

)1/415(

قلب تـنـ سة التي كتب الله لكم وال تـرتدوا على أدباركم فـ ا حتى قالوا يا موسى إن فيها قـوما جبارين وإنا لن ندخله ) 21(وا خاسرين يا قـوم ادخلوا األرض المقدها فإنا داخلون ها فإن يخرجوا منـ إنكم غالبون وعلى الله قال رجالن من الذين يخافون أنـعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه ف ) 22(يخرجوا منـ

) 23(ن كنتم مؤمنين فـتـوكلوا إ

:قوله جل ذكره ]21آية ) : 5(سورة المائدة [

قلبوا تـنـ سة التي كتب الله لكم وال تـرتدوا على أدباركم فـ )21(خاسرين يا قـوم ادخلوا األرض المقدسة التي كتب الله لكم «: ه أباح لهم دخول األرض المقدسة على الخصوص فقالمن الفرق بين هذه األمة وبين بنى إسرائيل أن ثم » يا قـوم ادخلوا األرض المقد

» 1» «ألرض يرثها عبادي الصالحون ولقد كتبنا في الزبور من بـعد الذكر أن ا«إنهم لم يدخلوها إال بعد مدة، وبعد جهد وشدة، وقال فى شأن هذه األمة .روافأولئك كتب لهم دخول األرض كتابة تكليف ثم قصروا، وهذه األمة كتب لهم جميع األرض على جهة التشريف، ثم وصلوا إلى ما كتب لهم وما قص

فهؤالء ذلل لهم وسهل » 2» «عل لكم األرض ذلوال فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه هو الذي ج «: وقال لهذه األمة» .....ادخلوا األرض المقدسة «: وقال .عليهم، وأولئك صعب عليهم الوصول إلى ما أمرهم فيما أنزل اهللا عليهم

قلبوا خاسرين : قوله جل ذكره .وال تـرتدوا على أدباركم فـتـنـ .على القلوب -التي هى الفراق -عن الشريعة وإقامة العبودية وذلك يوجب عقوبة النفوس بالقتل، وعن اإلرادة وذلك يوجب الشقوة: د على قسميناالرتدا

:قوله جل ذكره ]22آية ) : 5(سورة المائدة [

)22(رجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قالوا يا موسى إن فيها قـوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخ

ومن طالع األغيار بأنوار البصائر شاهدهم فى . الحظوا األغيار بعين الحسبان فتوهموا أن شيئا من الحدثان، وداخلتهم هواجم الرعب فأصروا على ترك األمر .على قلبه ظل التوهمأسر التقدير قوالب متعرية عن إمكان اإليجاد، ولم يقع

:قوله جل ذكره ]23آية ) : 5(سورة المائدة [

عم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإن )23(ين كم غالبون وعلى الله فـتـوكلوا إن كنتم مؤمن قال رجالن من الذين يخافون أنـ__________

. [.....]سورة األنبياء 105آية ) 1( .سورة الملك 15آية ) 2(

)1/416(

نـنا وبـين القوم قال رب إني ال أم ) 24(اعدون قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فـقاتال إنا هاهنا ق لك إال نـفسي وأخي فافـرق بـيـ ) 25(الفاسقين

:بأنوار العرفان فلم يحتشما من المخلوقين، وعلما أن من رجع إليه بنعت االستكفاء تداركته عواجل الكفاية ثم قال» 1«) عليهما(أنعم اهللا ) .تم مؤمنين وعلى الله فـتـوكلوا إن كن (

.أي من شأن المؤمنين أن يتوكلوا، وينبغى للمؤمن أن يتوكلوظاهر التوكل الذي لعوام المؤمنين العلم بأن قضاءه ال راد له، وحقائق التوكل ولطائفه التي لخواص المؤمنين شهود . ويحتمل أن يقال التوكل من شرط اإليمان

.من فقد ذلك انتفى عنه اسم اإليمانالحادثات باهللا ومن اهللا وهللا، فإن :قوله جل ذكره

]24آية ) : 5(سورة المائدة [

)24(قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتال إنا هاهنا قاعدون . نفورا وجحوداإال» 2«) العظة(من أقصته سوابق التقدير لم يزده تواتر

.فاذهب أنت وربك فقاتال إنا هاهنا قاعدون : قوله جل ذكره .تركوا آداب الخطاب فصرحوا ببيان الجحد ولم يحتشموا من مجاهرة الرد

:قوله جل ذكره ]25آية ) : 5(سورة المائدة [

ننا وبـين القوم الفاسقين قال رب إني ال أملك إال نـفسي وأخي فا )25(فـرق بـيـ .لما ادعى أنه يملك نفسه عرف عجزه عن ملكه لنفسه حيث أخذ برأس أخيه يجره إليه

.ال أملك إال أخى فإنه ال يؤثر نفسه عن الذي أكلفه من قبلك. ويقال ال أملك إال نفسى أي ال أدخرها عن البذل فى أمرك__________

.زيادة أضفناها ليتضح المعنى) عليهما( )1( .التي وردت فى اآليات السابقة) العظة(والمعنى يرفضها ويتطلب ) العظمة(وردت ) 2(

)1/417(

تـقبل من أحدهما ولم )26( قال فإنـها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في األرض فال تأس على القوم الفاسقين ني آدم بالحق إذ قـربا قـربانا فـ واتل عليهم نـبأ ابـتـلني ما أنا بباسط يدي إليك ألقـتـلك إني أخاف الله رب العالمين لئن بسطت إلي يدك لتـق ) 27(يـتـقبل من اآلخر قال ألقـتـلنك قال إنما يـتـقبل الله من المتقين

)28 (

:قوله جل ذكره ]26آية ) : 5(سورة المائدة [

)26(م الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في األرض فال تأس على القو .مجاهرة الرد تعجل العقوبة فإن من ماكر الحقيقة أبدت الحقيقة له من مكامن التقدير ما يلجئه إلى التطوح فى أوطان الذل

ى مفاوز القلب يتقلب ويقال حيرهم فى مفاوزهم حتى عموا عن القصد فصاروا يبيتون حيث يصبحون، بعد طول التعب وإدامة السير، وكذلك من حيره اهللا فمن بعده ليال ونهارا فى مطارح الظنون ثم ال يحصل إال على مناهل الحيرة، فيحطون بحيث يرحلون عنها، فال وجه للرأى الصائب يلوح لهم، وال خالص

.وهمللتجويز يساعدهم، والذي التجأ إلى شهود الصمدية استراح عن نقلة فكره، ووقع فى روح االستبصار بعد أتعاب الت :قوله جل ذكره

]27آية ) : 5(سورة المائدة [

تـقبل من أحدهما ولم يـتـقبل من ني آدم بالحق إذ قـربا قـربانا فـ )27(اآلخر قال ألقـتـلنك قال إنما يـتـقبل الله من المتقين واتل عليهم نـبأ ابـ، ورأى ذلك كانت الدنيا بحذافيرها فى أيديهما فحسد أحدهما صاحبه، فلم يصبر حتى أسرع فى شىء بإتالفه، وحين لم يقبل قربانه اشتد حسده على صاحبه

.منه فهدده بالقتل .فأجابه بنطق التوحيد

.قال إنما يـتـقبل الله من المتقين : قوله جل ذكره .طالع فى القربان مساعدة القدرة، وألقى توهم كونه باستحقاقه واستيجابه» 1«ا يتقبل القربان ممن يعنى إنم

:قوله جل ذكره ]28آية ) : 5(سورة المائدة [

) .28(العالمين لئن بسطت إلي يدك لتـقتـلني ما أنا بباسط يدي إليك ألقـتـلك إني أخاف الله رب __________

.وهى خطأ فى النسخ) من(وردت ) 1(

)1/418(

قتـله فأصبح من الخاسرين ) 29(إني أريد أن تـبوء بإثمي وإثمك فـتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين تل أخيه فـ فـبـعث الله ) 30(فطوعت له نـفسه قـلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سو غرابا يـبحث في األرض ل ) 31(ءة أخي فأصبح من النادمين يريه كيف يـواري سوءة أخيه قال يا ويـ

.األمورلم أقابلك كأوصاف أهل الجهل بل أكل أمرى إلى من بيده مقاليد » 1«لئن بدأتنى باإلثارة :قوله جل ذكره

]29آية ) : 5(سورة المائدة [

)29(إني أريد أن تـبوء بإثمي وإثمك فـتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين .تحقق بأن العقوبة الحقة به على ما يسلفه من الذنب فرضى بانتقام اهللا دون انتقامه لنفسه

الذي تستوجبه بسبب قتلك إياى، فأضافه إلى نفسه، وإذا رأى المظلوم ما يحل بالظالم من أليم البالء يهون عليه ما يقاسيه » أن تـبوء بإثمي وإثمك «: قولهو .ويطيب قلبه

:قوله جل ذكره ]30آية ) : 5(سورة المائدة [

تل أخيه فـق )30(تـله فأصبح من الخاسرين فطوعت له نـفسه قـت دواعى الحق ال تستولى هواجس النفوس على صاحبها إال بعد استتار مواعظ الحق، فإذا توالت العزائم الرديئة، واستحكمت القصود الفاسدة من العبد صار

.خفية مغمورةفمن تابع الشهوات ال يلبث أن ينزل بساحات . ، وهى مجبولة على األخالق المجوسية» 3«اتباع الشهوات ومتابعة المعصية » 2«) إلى(والنفس ال تدعو إال .الندم ثم ال ينفعه ذلك

:قوله جل ذكره ]31آية ) : 5(سورة المائدة [

) .31(ت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين فـبـعث الله غرابا يـبحث في األرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويـلتى أعجز __________

) .اإلثارة(والمالئم أن تكون ) اإلشارة(وردت ) 1( .من الناسخ والمعنى يستلزمها) إلى(سقطت ) 2( ) .لمعصيةا(وال معنى لها هنا وإنما المالئم ) العصيبه(وردت ) 3(

)1/419(

تل نـفسا بغير نـفس أو فساد في األرض نا على بني إسرائيل أنه من قـ تل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد من أجل ذلك كتبـ فكأنما قـهم بـعد ذلك في األرض لمسرفون جاءتـهم رسلنا بال إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في األرض فسادا أن يـقتـلوا أو ) 32(بـيـنات ثم إن كثيرا منـ

يا ولهم في اآلخرة عذاب عظيم يصلبوا أو تـقطع أيديهم وأرجله نـ فوا من األرض ذلك لهم خزي في الد ) 33(م من خالف أو يـنـ

.به وصول الخلق إلى لطف االحتياط فى أسباب التعيش، فإذا أشكل عليهم وجه من لطائف الحيلة سبب اهللا شيئا يعرفهم ذلك -سبحانه -إرادة الحق :قوله جل ذكره

]32آية ) : 5(سورة المائدة [

تل نـفسا بغير نـفس أو فساد في األرض فكأ تل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعمن أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قـ ا ولقد نما قـهم بـعد ذلك في األرض لمسرفون )32(جاءتـهم رسلنا بالبـينات ثم إن كثيرا منـ

:هذا قريب مما قال النبي صلى اهللا عليه وسلم .» » 1«عمل بها إلى يوم القيامة من سن حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سيئة فعليه وزرها ووزر من«

:قوله جل ذكره ]33آية ) : 5(سورة المائدة [

فوا من األرض ذلك لهم خزي أو تـقطع أيديهم وأرجلهم من خالف إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في األرض فسادا أن يـقتـلوا أو يصلبوا أو يـنـنيا ولهم في اآلخرة عذاب عظيم )33(في الد

بالظاهر وعقوبته معلومة فى مسائل الفقه بلسان العلم، وفى الباطن وعقوبته واردة على األسرار، وذلك بقطع ما كان متصال من : السعى فى الفساد على ضربين والحجاب استشعار. الحق، وكسوف شمس العرفان، والستر بعد الكشف، والحجاب بعد البسط واردات

__________ من سن فى اإلسالم سنة حسنة فعمل بها كتب له مثل أجر من عمل بها وال ينقص من أجورهم شيئا، ومن سن : (.. فى رواية مسلم عن جرير بن عبد اهللا) 1(

.ط ع الحلبي 2059ص 4ج ) بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها وال ينقص من أوزارهم شيئافى اإلسالم سنة سيئة فعمل بها

)1/420(

تـغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تـفلحون يا أيـها الذين آمنوا اتـقوا الله وابـ ) 34(إال الذين تابوا من قـبل أن تـقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم )35 (

.» 1«الوحشة بعد األنس، وتبديل توالى التوفيق بصنوف الخذالن، والنفي على بساط العبادة .خزى عظيم وعذاب أليم -واهللا -واإلخراج إلى متابعة النفوس، وذلك

:قوله جل ذكره ]34آية ) : 5(ئدة سورة الما[

)34(إال الذين تابوا من قـبل أن تـقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم م، وال يؤاخذه حدود الشريعة الشتباهها على اإلما - في الظاهر -من أقلع عن معاصيه، وارتدع عن ارتكاب مساويه، قبل أن يهتك عنه ستر السداد ال تقام عليه

.جرمه أقيم عليه الحد وإن تقنع بنقاب التقوى» 2«الحق سبحانه بقضايا إجرامه أخذا بظاهر ما يثبت من حاله ماله فى استيجاب السداد، فإذا بدا لإلمام .سبحانه -وكذلك إذا سقط العبد عن عين اهللا لم يصل بعده إلى ما كان عليه من معاودة تقريب الحق

:رهقوله جل ذك ]35آية ) : 5(سورة المائدة [

تـغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تـفلح )35(ون يا أيـها الذين آمنوا اتـقوا الله وابـ .ابتغاء الوسيلة التبري عن الحول والقوة، والتحقق بشهود الطول والمنة

.هو التقريب إليه بما سبق لك من إحسانه ويقال ابتغاء الوسيلة .ويقال الوسيلة ما سبق لك من العناية القديمة

.ويقال الوسيلة اختياره لك بالجميل .عن الشك» 3«) العقد(ويقال الوسيلة خلوص

.ويقال ابتغاء الوسيلة استدامة الصدق فى الوالء إلى آخر العمر

.لرياء، وتجريد األحوال عن اإلعجاب، وتخليص النفس عن الحظوظويقال ابتغاء الوسيلة تجريد األعمال عن ا__________

.أي اإلخراج من نطاق االرادة إلى نطاق العبادة) 1( .وهى خطأ فى النسخ إذ االمام هو الذي يقيم الحد) لاليمان(وردت ) 2( ول فى المعنىفهو الذي يصاب بآفة الشك، وكالهما مقب) العقل(وربما كانت ) العقد(وردت ) 3(

)1/421(

هم ولهم عذاب أليم إن الذين كفروا لو أن لهم ما في األرض جميعا ومثـله معه ليـفتدوا به من عذاب يـوم يريدون أن يخرجوا من النار ) 36(القيامة ما تـقبل منـها ولهم عذاب مقيم فمن تاب من بـعد ) 38(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديـهما جزاء بما كسبا نكاال من الله والله عزيز حكيم ) 37(وما هم بخارجين منـ

) 39(وب عليه إن الله غفور رحيم ظلمه وأصلح فإن الله يـت

:قوله جل ذكره ]36آية ) : 5(سورة المائدة [

هم وله إن الذين كفروا لو أن لهم ما في األرض جميعا ومثـله معه ليـفتدوا به من عذاب يـوم ا )36(م عذاب أليم لقيامة ما تـقبل منـ .ال يقبل من األعداء ملء األرض ذهبا، كذا يكون األمر -يقبل من األحباب مثقال ذرة، وغدا -اليوم

.فى التودد إحكام ألسباب الحب» 1«ويقال إفراط العدو فى التقرب موجب للمقت، وتستر الولي :قوله جل ذكره

]37آية ) : 5(سورة المائدة [

)37(يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم يريدون أن .ما يركسهم فى وهدة العناء -من فجأة الخذالن -كما أن األعداء ال محيص لهم من النار كذلك المبعدون عن التوفيق كلما أرادوا إقالعا عن التهتك أدركهم

:قوله جل ذكره ]38آية ) : 5(سورة المائدة [

)38(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديـهما جزاء بما كسبا نكاال من الله والله عزيز حكيم واإلشارة فيه أن أمر . لصالحهلو أن وليا من األولياء سرق نصابا من جرد، ووجد فيه استحقاق القطع، أقيم عليه الحد كما يقام على المتهتك، وال يسقط الحد

وتحسبونه هينا وهو عند الله «فال يستخفن أحد اإللمام بزلة . » 2«الملك مقابل بالتعظيم، بل كل من كان أعلى رتبة فخطره أتم وأخفى، والمطالبة عليه أشد .» عظيم

:قوله جل ذكره ]39آية ) : 5(سورة المائدة [

)39(اب من بـعد ظلمه وأصلح فإن الله يـتوب عليه إن الله غفور رحيم فمن ت__________

حسبما نعرف من أسلوب القشيري) العدو(ضد ) الولي(المولى والصواب أن تكون (وردت ) 1( .تبعهمألن أصحاب الرتبة الكبيرة بهم اقتداء فعليهم وزرهم ووزر من ) 2(

)1/422(

يا أيـها الرسول ال يحزنك الذين يسارعون في ) 40( على كل شيء قدير ألم تـعلم أن الله له ملك السماوات واألرض يـعذب من يشاء ويـغفر لمن يشاء والله ون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بـعد مواضعه يـقولون الذين قالوا آمنا بأفـواههم ولم تـؤمن قـلوبـهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماع الكفر من

نته فـلن تملك له من الله شيئا أولئك الذيإن أوتيتم هذا فخذوه و يا خزي ولهم إن لم تـؤتـوه فاحذروا ومن يرد الله فتـ نـ ر قـلوبـهم لهم في الد ن لم يرد الله أن يطه ) 41(في اآلخرة عذاب عظيم

.، وعاد إليه باللطف فجبره» 1«أقبل اهللا عليه بفضله فغفره -وفى أحكام التوبة فتدارك ما ضيعه، وندم على ما صنعه، وأصلح من أمره ما أفسدهمن است :قوله جل ذكره

]40آية ) : 5(سورة المائدة [

)40(يشاء ويـغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير ألم تـعلم أن الله له ملك السماوات واألرض يـعذب من .بين أنه ال يعذب من يعذب بعلة، وال يرحم من يرحم بعلة، وإنما يتصرف فى عبده بحق ملكه، وأن الحكم حكمه، واألمر أمره

:قوله جل ذكره ]41آية ) : 5(سورة المائدة [

من الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم ال يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تـؤمن قـلوبـهم و يا أيـها الرسول نته فـلن تم يأتوك يحرفون الكلم من بـعد مواض لك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد عه يـقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تـؤتـوه فاحذروا ومن يرد الله فتـ

نيا خزي وله ر قـلوبـهم لهم في الد )41(م في اآلخرة عذاب عظيم الله أن يطهيسعى فى أمر نفسه من أقصاه الحق عن محل التقريب، وأرخى له عنان اإلمهال وكله إلى مكره، ولبس عليه حاله وسره، فهو ينهمك فى أودية حسبانه، وإنما

بأمثالهم، وقلة االهتمام بأحوالهم، وعرفه أنهم بمعزل عن رحمته وإن من ردته القسمة بترك المباالة - صلى اهللا عليه وسلم -فيعمل بما يعود إليه وباله، فأمر نبيه األزلية ال تنفعه األعالل

__________ . [.....]غفره أي غطاه وستر خطاياه) 1(

)1/423(

نـهم أو أ نـهم بالقسط إن الل سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بـيـ هم فـلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بـيـ هم وإن تـعرض عنـ ه عرض عنـ ) 42(يحب المقسطين

نته فـلن تملك له من الله شيئا «: فى االستقبال، فقال يعنى إن أهله اهللا للحرمان، وقيده بشباك الخذالن فشفاعة األغيار فيه غير مقبولة، » ومن يرد الله فتـ .ولطائف القبول إليه غير موصولة

ر قـلوبـهم : قوله جل ذكره .أولئك الذين لم يرد الله أن يطه .إن عدم الطهارة األصلية ال يتنقى بفنون المعامالتأولئك الذين لم تعجن طينتهم بماء السعادة فجبلوا على نجاسة الشرك ف

نته «: ويقال .القضاء، فليس يلقى عليه غير الشقاء» 1«( ... ) من أرسل عليه غاغة الهوى، وسلط عليه نوازع المنى، وأذله : » من يرد الله فتـ

نيا ولهم في اآلخ : قوله جل ذكره .رة عذاب عظيم لهم خزي في الدنهايتهم فى الشرك وردوا من الهوان إلى الهوان، ووعدوا بالفراق، وردوا إلى االحتراق، فال تدرى أي حاليهم أقرب من استيجاب الذل؟ بدايتهم فى الرد أم

والجحد؟ :قوله جل ذكره

]42آية ) : 5(سورة المائدة [

هم فـلن يضروك شيئا وإن حكم سماعون للكذب أكالون للسح هم وإن تـعرض عنـ نـهم أو أعرض عنـ نـهم بالقسط إن الله ت فإن جاؤك فاحكم بـيـ ت فاحكم بـيـ )42(يحب المقسطين

، فإذا تحاكموا إليك فأحللهم من حلمك على ما يستحق » 3«) النذرة(» 2«) باألعواض(واكتفوا يعنى إنهم طرحوا حشمة الدين، وقنعوا بالحظوظ الخسيسة ،» 4«) اآلزال(أمثالهم من

__________ .مشتبهة) 1( .جمع عرض، وكالهما مقبول) األعراض(األعواض جمع عوض وربما كانت في األصل ) 2( أي الخسيسة وعند ذلك تكون الكلمة التالية رقم) العذلة(أي القليلة الهينة وال نستبعد أنها ) النذرة) (3(من . فأحللهم من حلمك على ما يستحق أمثالهم من االحالل االنزال(األنذال جمع نذل، وليس بمستبعد أن تكون االنزال أي االحالل فيكون السياق ) 4(

) .قولهم خللت بالمكان أي نزلت به .من القسمة وربما كان المقصود باآلزال ما سبق لهم

)1/424(

زلنا التـوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين ) 43( بالمؤمنين وكيف يحكمونك وعندهم التـوراة فيها حكم الله ثم يـتـولون من بـعد ذلك وما أولئك إنا أنـتخشوا الناس واخشون وال تشتـروا بآياتي ثمنا قليال ومن لم يحكم ذين هادوا والربانيون واألحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فال أسلموا لل

) 44(هم الكافرون بما أنـزل الله فأولئك

.وأنت مخير فيما تريد فسواء أقبلت عليهم فحكمت أو أعرضت فرددت فاالختيار لك .إلى الحظ» 1«) حنف(اإلقساط الوقوف على حد األمر من غير : » إن الله يحب المقسطين «: قوله

:قوله جل ذكره ]43آية ) : 5(سورة المائدة [

)43(ن حكمونك وعندهم التـوراة فيها حكم الله ثم يـتـولون من بـعد ذلك وما أولئك بالمؤمنيوكيف ي بع على قلوبهم سابق يعنى أنهم قارفوا الجحد، وأصروا على الغى، وتعودوا اإلعراض عن اإليمان، فمتى تؤثر فيهم دعوتك، وقد سدت مسامعهم عن القبول، وط

الحكم؟ :قوله جل ذكره

]44آية ) : 5(سورة المائدة [

زلنا التـوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والر له وكانوا عليه شهداء فال تخشوا بانيون واألحبار بما استحفظوا من كتاب الإنا أنـ )44(كافرون الناس واخشون وال تشتـروا بآياتي ثمنا قليال ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم ال

.يعوهايخبر أنه استحفظ بنى إسرائيل التوراة فحرفوها، فلما وكل إليهم حفظها ضفال جرم لو غير واحد حركة أو سكونا من » 2» «إنا نحن نـزلنا الذكر وإنا له لحافظون «: حفظه عليهم فقال -سبحانه -وأما هذه األمة فخصهم بالقرآن، وتولى

.القرآن لنادى الصبيان بتخطيئه .فال تخشوا الناس واخشون : قوله جل ذكره

!خشية؟إن الخلق تجرى عليهم أحكام القدرة وأقسام التصريف فالخشية منهم فرع من المحال، فإن من ليس له شظية من اإليجاد فأنى تصح منه ال__________

.إلى الحظ وكالهما مقبول) حيف(ميل وليس بمستبعد أن تكون فى األصل -حنف) 1( .سورة الحجر 9آية ) 2(

)1/425(

نا عليهم فيها أن النـفس بالنـفس والعين بالعين واألنف باألنف واألذن باألذن و وكت السن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فـهو كفارة له ومن لم يحكم بما بـن ) 45(فأولئك هم الظالمون أنـزل الله ناه اإل قا لما بـين يديه من التـوراة وآتـيـ نا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصد قا لما بـين يديه وقـفيـ جيل فيه هدى ونور ومصد

) 46(ظة للمتقين من التـوراة وهدى وموع

.وال تشتـروا بآياتي ثمنا قليال ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون : قوله جل ذكره .لكم فيما تأخذون من العوضأوليائى والركون إلى ما فيه رضاء أعدائى عوضا يسيرا فتبقوا بذلك عنى، وال يبارك » 1«ال تأخذوا على جحد

»رضى واستسالما - تحت جريان حكمه -فمن اتخذ بغيره حكما، ولم يجد» ... ومن لم يحكم بما أنـزل الله « :قوله جل ذكره! وهيهات أن يكون على سواء. ففى شرك خامر قلبه، وكفر قارن سره

]45آية ) : 5(سورة المائدة [

لسن والجروح قصاص فمن تصدق به فـهو كفارة له ومن لم يحكم بما هم فيها أن النـفس بالنـفس والعين بالعين واألنف باألنف واألذن باألذن والسن باوكتبنا علي )45(الظالمون أنـزل الله فأولئك هم

.بين أن اعتبار العدالة كان حتما فى شرعهم، ولما جنحوا إلى التضييع استوجبوا المالموى فهم ، يعنى فمن آثر ترك ماله باعتناق العفو لم يخسر علينا باستيجاب الشكر، ومن أبى إال تماديا فى إجابة دواعى اله» فمن تصدق به فـهو كفارة له «

.» 3«الذين وضعوا الشيء فى غير موضعه أي استبدلوا بلزوم الحقائق متابعة الحظوظ، وبإيثار الفتوة موافقة البشرية :قوله جل ذكره

]46آية ) : 5(سورة المائدة [

قا لما بـين يديه من التـوراة قا لما بـين يديه من التـوراة وهدى وموعظة للمت وقـفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصد نجيل فيه هدى ونور ومصد قين وآتـيناه اإل)46(

__________ .جحد األولياء فهكذا تشير اآلية الكريمة، وكذلك السياق إن رضاء األعداء يقابله) جحد(بالهاء والمالئم أن تكون ) جهد(وردت ) 1( .أي أي انقيادا وطاعة) استسالما(والصواب ) واستالما(وردت ) 2( .البذل واإليثار والتضحية -عند الصوفية -ألن من عناصر الفتوة) 3(

)1/426(

نجيل بما أنـزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنـزل الله ف قا لما بـين يديه من الكتاب ) 47(أولئك هم الفاسقون وليحكم أهل اإل زلنا إليك الكتاب بالحق مصد وأنـنـهم بما أنـزل الله وال تـتبع أهواءهم عما جاءك من الحق هاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ل ومهيمنا عليه فاحكم بـيـ كل جعلنا منكم شرعة ومنـ

يـنبئكم بما كنتم رات إلى الله مرجعكم جميعا فـ لوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيـ ) 48(فيه تختلفون ليبـ

ه، وال اإلنجيل عرفوا يعنى أتبعناهم بعيسى ابن مريم، وخصصناه باإلنجيل، وفى اإلنجيل تصديق لما تقدمه، وتحقيق لما أوجب اهللا وألزمه، فال الدين قضوا حق .فرضه، وال الرسول حفظوا أمره ففسقوا وضلوا، وظلموا وزلوا

:قوله جل ذكره ]47آية ) : 5(سورة المائدة [

نجيل بما أنـزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الفاسقون ولي )47( حكم أهل اإل .» ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون «: » 1«قال اهللا تعالى فى هذه السورة

... وال تشتـروا بآياتي ثمنا قليال «: أما فى األول فقال» فأولئك هم الفاسقون ... « وقال فى هذه اآلية » فأولئك هم الظالمون ... « آخر وقال فى موضع .ألن من لم يحكم بما أنزل اهللا فهو جاحد والجاحد كافر» فأولئك هم الكافرون

ألن من جاوز حد القصاص واعتبار المماثلة، وتعدى على خصمه فهو ظالم » فأولئك هم الظالمون ... وكتبنا عليهم فيها أن النـفس بالنـفس «: الوفى الثاني ق .ألنه ظلم بعضهم على بعض

نجيل بما أنـزل الل «: وأما هاهنا فقال .» 2«أراد به معصية دون الكفر والجحد » فأولئك هم الفاسقون ... ه وليحكم أهل اإل :قوله جل ذكره

]48آية ) : 5(سورة المائدة [

قا لما بـين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بـ زلنا إليك الكتاب بالحق مصد نـهم بما وأنـ أنـزل الله وال تـتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم يـلوكم في ما آتاكم فاستبقوا ال يـنبئكم بما كنتم فيه تختلفون خيرات إلى الله مرجع شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبـ ) .48(كم جميعا فـ

__________ .ألن القشيري ألقى نظرة شاملة على آية واحدة ذات نهايات شتى فى السورة كلها) السورة(والصواب أن تكون ) اآلية(وردت فى هذه ) 1( .عض علماء الكالمكما يسميها ب -وهذه هى المنزلة بين الكفر واإليمان) 2(

)1/427(

.قصص األولين على تكليفه باتباع ما أنزل اهللا عليه لئال يسلك سبيل من تقدمه فيستوجب ما استوجبوه -صلى اهللا عليه وسلم -قدم تعريفهنـهم بما أنـزل الله، وال تـتبع أهواءهم عما جاءك : قوله جل ذكره من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن فاحكم بـيـ

لوكم في ما آتاكم .ليبـ .بترك كل نصيب لك -تبارك وتعالى -ال تتملكك مودة قريب أو حميم، واعتنق مالزمة أمر اهللا

أنت فال يدانيك فى طريقتك ) » 1«وأما (بطريقة، -معاشر األنبياء -يعنى طريقة وسنة أي أفردنا كل واحد منكم» لنا منكم شرعة ومنهاجا لكل جع «: ثم قال .على بعض امتحاناأحد، وأنت المقدم على الكافة، والمفضل على الجملة، ولو شاء اهللا لسوى مراتبكم، ولكن غاير بينكم ابتالء، وفضل بعضكم

يـنبئكم بما كنتم فيه تختلفون : قوله جل ذكره .فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فـ .» 2«مسارعة كل أحد على ما يليق بوقته فالعابدون تقدمهم من حيث األوراد، والعارفون همتهم من حيث المواجد

.والعقبى اق الزاهدين برفض الدنيا، واستباق العابدين بقطع الهوى، واستباق العارفين بنفي المنى، واستباق الموحدين بترك الورى، ونسيان الدنياويقال استب__________

.وهى خطأ فى النسخ) ولما(وردت ) 1( فحذفناها..) والعارفون(وقع الناسخ فى تكرار عبارة ) 2(

)1/428(

نـهم بما أنـزل الله وال تـتبع أهواءهم واحذرهم أن يـفتنوك عن بـعض ما أنـزل الل وأن احكم ه إليك فإن تـولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبـهم ببـعض ذنوبهم وإن بـيـغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) 49(اس لفاسقون كثيرا من الن ) 50(أفحكم الجاهلية يـبـ

:قوله جل ذكره ]49آية ) : 5(سورة المائدة [

نـهم بما أنـزل الله وال تـتبع أهواءهم واحذرهم ببـعض ذنوبهم وإن أن يـفتنوك عن بـعض ما أنـزل الله إليك فإن تـولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبـهم وأن احكم بـيـ )49(كثيرا من الناس لفاسقون

.أو تذر، فإن الكل محو فى التحقيق» 1«) تؤثر(حظ األغيار فيما قم باهللا فيما تحكم بينهم، وأقم حقوقه فيما تؤخر وتقدم، وال تال .اسقون فإن تـولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبـهم ببـعض ذنوبهم، وإن كثيرا من الناس لف: قوله جل ذكره

أشدد عليهم باعتناق لوازم التكليف، فإن أعرضوا فعاينهم بعين التصريف فان : ويقال. اهدهم بعين الحكمبلسان العلم فإن أبوا قبوال فش» 2«) عظهم(يعنى .بشرط التكليف يلزمهم وبحكم التصريف يؤخرهم ويقدمهم، فالتكليف فيما أوجب، والتصريف فيما أوجد، والعبرة باإليجاد واإليجاب -سبحانه -الحق

:قوله جل ذكره ]50آية ) : 5( سورة المائدة[

غون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )50(أفحكم الجاهلية يـبـ أيعودون فى ظلمة الحجاب ووحشة االلتباس بعد ما سطع فجر العرفان، وطلعت شموس التحقيق، وانهتكت أستار الريب؟

لى، وقد اتضحت لك البراهين وتجلى اليقين؟ويقال أيطلبون منك أن تحيد عن المحبة المث ويقال أيطمعون فى استتار الحقائق فى السرائر وقد تجلت شموس اليقين؟

__________ . [.....]بالشين وهى خطأ فى النسخ) تؤشر(وردت ) 1( .بزيادة ميم وهى خطأ فى النسخ) عظمهم(وردت ) 2(

)1/429(

فـتـرى الذين في ) 51(م إن الله ال يـهدي القوم الظالمين تـتخذوا اليـهود والنصارى أولياء بـعضهم أولياء بـعض ومن يـتـولهم منكم فإنه منـه يا أيـها الذين آمنوا ال فسهم نادمين نخشى أن تصيبـنا دائرة فـعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فـيصبحوا على ما قـلوبهم مرض يسارعون فيهم يـقولون ) 52(أسروا في أنـ

) 53(هم إنـهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ويـقول الذين آمنوا أهؤالء الذين أقسموا بالله جهد أيمان

.كال، فإن ذلك محال... » 2«ظلمة الشك لها سلطان، وقد متتع نهار الحقائق » 1«(....) ويقال أتحسبون أن :قوله جل ذكره

]51آية ) : 5(سورة المائدة [

هم إ يا أيـها الذين آمنوا ال )51(ن الله ال يـهدي القوم الظالمين تـتخذوا اليـهود والنصارى أولياء بـعضهم أولياء بـعض ومن يـتـولهم منكم فإنه منـن القيام للحق، أو ركونا إلى قرابة نسب، أو استحقاقا لمودة حميم، أو إيثارا للسكون إلى الحظ، أو احتشاما م -سبحانه -ال تجنحوا إلى المواالة مع أعدائه

ومن «. » 3«بل صمموا عقودكم على التبرى منهم بكل وجه فهم بعضهم أولياء بعض، والضدية بينكم وبينهم قائمة إلى الدين . تهيبا من استيحاش صديق .عد فى جملتهمالتحق بهم، وانخرط فى سلكهم، و » يـتـولهم منكم :قوله جل ذكره

]53الى 52اآليات ) : 5(سورة المائدة [

فسهم أتي بالفتح أو أمر من عنده فـيصبحوا علىفـتـرى الذين في قـلوبهم مرض يسارعون فيهم يـقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فـعسى الله أن ي ما أسروا في أنـ ) .53(لهم فأصبحوا خاسرين ويـقول الذين آمنوا أهؤالء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنـهم لمعكم حبطت أعما) 52(نادمين

__________ مشتبهة) 1( .ى تحدث القشيري عنه فى مواضع أخرى من هذا الكتاب ضمن اللوائح واللوامع والطوالعمتوع النهار اصطالح صوف) 2(إن العداوة بينكم وبينهم قائمة دائمة : فيكون المعنى) الدين(قائمة إلى الدين اى راجعة إلى اختالف دينهم عنكم، وربما سقطت من الناسخ كلمة يوم قبل ) 3(

.إلى يوم الدين

)1/430(

ه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله وال يخافون يا أيـها الذين آمنوا من يـرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبـهم ويحبون ) 54(ذلك فضل الله يـؤتيه من يشاء والله واسع عليم لومة الئم

األعداء خوفا من معاداتهم، وطمعا فى المأمول من صحبتهم، » 1«يعنى إن الذين سقمت ضمائرهم، وضعفت فى التحقيق بصائرهم تسبق إلى قلوبهم مداراة نفى الطرد ألملوا الموعود من كفاية الحق، والمعهود من جميل رعايته، ولكنهم حجبوا عن محل التوحيد ولو استيقنوا أنهم فى أسر العجز وذل اإلعراض و

أيها المؤمنون، وترزقون الفتح بحسن اإلقبال، والظفر بالمسئول لسابق االختيار، فيشعرون -فتفرقوا فى أودية الحسبان والظنون، وعن قريب يأتيكم الفرجحينئذ يقول الذين آمنوا . رءوسكم بعد اإلطراق، وتصفو لكم مشارب اإلكرام، وتضىء بزواهر القرب مشارق القلوب» 2«) تعلون(وأنتم الندم، ويقاسون األلم،

.صودهمهؤالء الذين أقسموا باهللا جهد أيمانهم يعاينون بأبصارهم ما تحققوه بالغيب فى أسرارهم، ويصلون من موعودهم إلى ما يوفى ويربو على مق :جل ذكره قوله ]54آية ) : 5(سورة المائدة [

ه وال يخافون ه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الل يا أيـها الذين آمنوا من يـرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبـهم ويحبون )54(لومة الئم ذلك فضل الله يـؤتيه من يشاء والله واسع عليم

وفيه إشارة . هللا يحبهجعل صفة من ال يرتد عن الدين أن اهللا يحبه ويحب اهللا، وفى ذلك بشارة عظيمة للمؤمنين ألنه يجب أن يعلم أن من كان غير مرتد فإن ا .وفى اآلية دليل على جواز محبة العبد هللا وجواز محبة اهللا للعبد. قة فإن من كان مؤمنا يجب أن يكون هللا محبا، فإذا لم تكن له محبة فالخطر بصحة إيمانهدقي

.يهإما أن تكون بمعنى الرحمة عليه أو بمعنى اللطف واإلحسان إليه، والمدح والثناء عل: ومحبة الحق للعبد ال تخرج عن وجوه

.أو يقال إنها بمعنى إرادته لتقريبه وتخصيص محلهحمة إرادة كل نعمة وكما أن رحمته إرادته إلنعامه فمحبته إرادته إلكرامه، والفرق بين المحبة والرحمة على هذا القول أن المحبة إرادة إنعام مخصوص، والر

فتكون المحبة أخص من الرحمة،__________

) .انظر تفسير وجدي) (مداراة(لرجوع إلى كتب التفسير ساعدتنا على اختيار ، وبا) هرارة(وردت ) 1( .رءوسكم بعد اإلطراق) تعلون(والمالئم أن تكون ) تعلمون(وردت ) 2(

)1/431(

.اف المتعلقواللفظان يعودان إلى معنى واحد فإن إرادة اهللا تعالى واحدة وبها يريد سائر مراداته، وتختلف أسماء اإلرادة باختالف أوص -سبحانه -موافقة أمره، وترك حظوظ نفسه، وإيثار حقوقه» 1«فهى حالة لطيفة يجدها فى قلبه، وتحمله تلك الحالة على إيثار -سبحانه -وأما محبة العبد هللا

.بكل وجهرتياح القلب لوجود المحبوب، ويقال المحبة ذهاب وتحصل العبارة عن تلك الحالة على قدر ما تكون صفة العبد فى الوقت الذي يعبر عنه فيقال المحبة ا

ته أعلى المحب بالكلية فى ذكر المحبوب، ويقال المحبة خلوص المحب لمحبوبه بكل وجه، والمحبة بالء كل كريم، والمحبة نتيجة الهمة فمن كانت هم .فمحبته أصفى بل أوفى بل أعلى

ويقال المحبة . يوجب التعطل عن التمييز، ويقال المحبة بالء ال يرجى شفاؤه، وسقام ال يعرف دواؤهويقال المحبة سكر ال صحو فيه ودهش فى لقاء المحبوب جبت محبة غريم يالزمك ال يبرح، ورقيب من المحبوب يستوفى له منك دقائق الحقوق فى دوام األحوال، ويقال المحبة قضية توجب المحبة فمحبة الحق أو

.» 2«العبد ون لومة الئم ذلك فضل الله يـؤتيه من يشاء والله واسع بـهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله وال يخاف يح : قوله جل ذكره

.عليم عن المحبة فأنى تكون للطينة ذكر المحبة؟لوال أنه يحبهم لما أحبوه، ولوال أنه أخبر

يبذلون المهج فى المحبوب من غير كراهة، ويبذلون األرواح فى الذب عن . » أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين «ثم بين اهللا تعالى صفة المحبين فقال .المحبوب من غير ادخار شظية من الميسور

__________ بالسين) إيسار(وردت خطأ ) 1( )الرسالة(كالم القشيري فى المحبة هنا ال يكاد يختلف كثيرا عن كالمه عنها فى ) 2(

)1/432(

من يـتـول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون و ) 55(اكعون إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصالة ويـؤتون الزكاة وهم ر )56 (

أي يجاهدون بنفوسهم من حيث استدامة الطاعة، ويجاهدون بقلوبهم بقطع المنى والمطالبات، ويجاهدون » يجاهدون في سبيل الله «: ثم قال تعالى فى صفتهم .حهم بحذف العالقات، ويجاهدون بأسرارهم باالستقامة على الشهود فى دوام األوقاتبأروا

.أي ال يالحظون نصح حميم، وال يركنون إلى استقالل حكم، وال يجنحون إلى حظ ونصيب، وال يزيغون عن سنن الوفاء بحال» ال يخافون لومة الئم «: ثم قال

.متفضل عليم بمن يخص بذلك من عبيده» ذلك فضل الله يـؤتيه من يشاء والله واسع عليم «و : ال منهم فقال أن جميع ذلك إليه -سبحانه -ثم بين :قوله جل ذكره

]55آية ) : 5(سورة المائدة [

)55(ويـؤتون الزكاة وهم راكعون إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصالة .فأعداء الحق هم أعداء الدين -سبحانه -الولي أي الناصر، وال مواالة بين المؤمنين وبين أعداء الحق

خلق وبالمعارضة فيها ومن عادى نفسه لم يخرج بالمخاصمة عنها مع ال -كما فى الخبر -حرف يقتضى أن ما عداه بخالفه، وأعدى عدوك نفسك» إنما«و .» 1«مع الحق

:قوله جل ذكره ]56آية ) : 5(سورة المائدة [

)56(ومن يـتـول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون .والغلبة بالحجة والبرهان دون اليد الفائزون على حظوظهم الذين هم خصم للحق على أنفسهم ال خصم ألنفسهم على موالهم،

.ويقال إذا طلعت أنوار الحق أدبر ليل أهل الباطل. ويقال من قام هللا بصدق انخنس دونه كل مبطل__________

.به بال معارضةأي إن من خاصم نفسه لم تقم بينه وبين الناس وال بينه وبين الحق خصومة من أجل نفسه فقد، انتفت حظوظها بالكلية وأسلمها لر ) 1(

)1/433(

بلكم والكفار أولياء واتـقوا الله إن كنتم مؤمنين يا أيـها الذين آمنوا ال تـتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكت تم إلى وإذا ن ) 57(اب من قـ اديـنا وما أنزل من ) 58(الصالة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنـهم قـوم ال يـعقلون بل وأن أكثـرك قل يا أهل الكتاب هل تـنقمون منا إال أن آمنا بالله وما أنزل إليـ م قـ

هم ) 59(فاسقون القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن قل هل أنـبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منـ ) 60(سواء السبيل

:قوله جل ذكره ]57آية ) : 5(سورة المائدة [

بلكم والكفار أولياء واتـقوا الله إن كنتم مؤمن يا أيـها الذين آمنوا ال تـتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب )57(ين من قـ .نبههم على وجوب التحيز عنهم والتميز منهم، فإن المخالف فى العقيدة ال يكون موافقا فى الحقيقة

.ويقال أمرهم بأن يالحظوهم بعين االستصغار كما الحظوا دين المسلمين بعين االستحقار :قوله جل ذكره

]58آية ) : 5(سورة المائدة [

تم إلى الصال )58(ة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنـهم قـوم ال يـعقلون وإذا ناديـحال الحظ ذلك األذان دعاء إلى محل النجوى، فمن تحقق بعلو المحل فسماع األذان يوجب له روح القلب واسترواح الروح، ومن كان محجوبا عن حقيقة ال

.غاير بين عباده على ما يشاء: كم اهللابعين اللعب وأدركه بسمع االستهزاء، وذلك ح :قوله جل ذكره

]59آية ) : 5(سورة المائدة [

)59(ل وأن أكثـركم فاسقون قل يا أهل الكتاب هل تـنقمون منا إال أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قـب عيب زائل، ونقص ليس -واهللا -، وهذا» 1«) وأن الكائنات حاصلة باهللا وال نتقفى أثرا سوى هللا فى اهللا(عيب إال أننا تحققنا أننا محو فى اهللا، ما لنا عندكم

.حاصل -فى التحقيق -له :قوله جل ذكره

]60آية ) : 5(سورة المائدة [

هم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئ قل هل أنـبئكم بشر من ذلك مثوبة ع ك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منـ)60(

__________ .لعالمة المميزةما بين القوسين موجود فى الهامش أثبتناه فى موضعه من النص حسب ا) 1(

)1/434(

ثم والعدوان وأكلهم السحت ) 61(تمون وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يك هم يسارعون في اإل وتـرى كثيرا منـثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا ي ) 62(لبئس ما كانوا يـعملون ولهم اإل هاهم الربانيون واألحبار عن قـ ) 63(صنـعون لوال يـنـ

عن نعت التخصيص فأضله، ومنعه عن وصف التقريب وأبعده، وحجبه يعنى أخس من المذكورين قدرا، وأقل منهم خطرا من سقط عن عين اهللا فأذله، وأبعده .عن شهود الحقيقة وطرده

:قوله جل ذكره ]61آية ) : 5(سورة المائدة [

)61(ن وإذا جاؤكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمو ، وهذا نعت كل » 1«أظهروا الصدق، وفى التحقيق نافقوا، وافتضحوا من حيث أوهموا ولبسوا فال حالهم بقيت مستورة، وال أسرارهم كانت عند اهللا مكبوتة

.وعند أرباب الحقائق أحوالهم ظاهرة فى أنوار فراستهم. مبطل :قوله جل ذكره

]62آية ) : 5(سورة المائدة [

ثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يـعملون وترى كثيرا هم يسارعون في اإل )62(منـ .فى غير مطمع ذل حاضر، وصغار مستول» 2«) طالع(تملكتهم األطماع فاستهوتهم فى متاهات العناء، وذلك نعت كل

:قوله جل ذكره ]63آية ) : 5(سورة المائدة [ثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنـعو ل ولهم اإل ) .63(ن وال يـنهاهم الربانيون واألحبار عن قـ

__________

.والصواب أن تكون مكبوتة لتالئم مستورة التي سبقت) مكتوبة(وردت ) 1( )ضالع(فى غير مطمع وربما كانت ) طامع(ربما كانت ) 2(

)1/435(

نا وقالت اليـهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان يـنف هم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقيـ ق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منـنـهم ) 64(في األرض فسادا والله ال يحب المفسدين العداوة والبـغضاء إلى يـوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون بـيـ

.الربانى من كان هللا وباهللا لم تبق منه بقية لغير اهللا .بانى الذي ارتقى عن الحدودويقال الر

.وبربهوالربانى من توقى اآلفات ثم ترقى إلى الساحات، ثم تلقى ما كوشف به من زوائد القربات، فخال عن نفسه، وصفا عن وصفه، وقام لربه لهم أكثر مما ينهونهم بأقوالهم، فإنهم إذا أشاروا إلى اهللا حقق وقد جعل اهللا الربانيين تالين لألنبياء الذين هم أولو الدين، فهم خلفاء ينهون الخلق بممارسة أحوا

.اهللا ما يؤمئون إليه، وتحقق ما علقوا هممهم به :قوله جل ذكره

]64آية ) : 5(سورة المائدة [

هم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألق وقالت اليـهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبس ينا وطتان يـنفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منـنـهم العداوة والبـغضاء إلى يـوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسع )64(ون في األرض فسادا والله ال يحب المفسدين بـيـ

باإلضافة إلى ما قاله الكفار من سوء القول فى اهللا يعنى -فى اغتياب بعضهم لبعض بعد ما كانوا بالتوحيد قائلين وبالشهادة ناطقين -صغر سوء قالة الموحدين .نهم من نسبنا إلى ما نحن عنه منزه، وأطلق فى وصفنا ما نحن عنه مقدسأنهم وإن أساءوا قوال فلقد كان أسوأ قوال م

.فال ريح الصدق يشمون، وال نفسا من الحق يجدون» غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا«: سبحانه قال -ثم إن الحق

)1/436(

هم سيئاتهم وألدخلناهم جنات النعيم ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتـقوا لكفرنا نجيل وما أنزل إليهم من ربهم ألكلوا من ) 65(عنـ ولو أنـهم أقاموا التـوراة واإلهم أمة مقتصدة وكث هم ساء ما يـعملون فـوقهم ومن تحت أرجلهم منـ ) 66(ير منـ

.أي بل قدرته بالغة ومشيئته نافذة، ونعمته سابغة وإرادته ماضية» 1» «بل يداه مبسوطتان «: ثم أثنى على نفسه فقال .نعم الدفعأي يرفع ويضع، وينفع ويدفع، وال يخلو أحد عن نعم النفع وإن خال عن » بل يداه مبسوطتان «ويقال

:قوله جل ذكره ]65آية ) : 5(سورة المائدة [

هم سيئاتهم وألدخلناهم جنات النعيم )65(ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتـقوا لكفرنا عنـ .منهمإنما وعدهم الغفران بشرط التقوى ودليل الخطاب يقتضى أنه ال يغفر لمن لم يتق

هم ظالم لنـفسه «: وقال لظالمى هذه األمة نا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنـ أي أهل » جنات عدن يدخلونها«: ثم قال فى آخر اآلية» 2» «ثم أورثـ .لو أنهم راعوا أمرنا أصلحنا لهم أمرهم، ولكنهم وقفوا فوقفواالتقوى ألنه هو أهل المغفرة، فإن تركتم التقوى فهو أهل ألن يغفر ويقال

:قوله جل ذكره ]66آية ) : 5(سورة المائدة [

نجيل وما أنزل إليهم من ربهم ألكلوا من فـوقهم ومن ه ولو أنـهم أقاموا التـوراة واإل هم ساء ما يـعملون تحت أرجلهم منـ )66(م أمة مقتصدة وكثير منـ .وجدوا إال اليسر أي لو سلكوا سبيل الطاعة لوسعنا عليهم أسباب المعيشة وسهلنا لهم الحال حتى إن ضربوا بيمين ما لقوا غير اليمن، وإن ذهبوا يسرة ما

هم أمة مقتصدة، : قوله جل ذكره هم ساء ما يـعملون منـ .وكثير منـ .المقتصد الواقف على حد األمر ال يقصر فينقص، وال يجاوز فيزيد

__________ .ليبعد عنها كل داللة حسية ويجعلها من األوصاف االلهية) اليد(الحظ كيف يؤول القشيري ) 1( . [.....]سورة فاطر 32آية ) 2(

)1/437(

قل يا أهل الكتاب ) 67(لناس إن الله ال يـهدي القوم الكافرين سول بـلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تـفعل فما بـلغت رسالته والله يـعصمك من ايا أيـها الر هم ما أنزل إليك م لستم على شيء حتى تقيموا ا نجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منـ ن ربك طغيانا وكفرا فال تأس على القوم الكافرين لتـوراة واإل

)68 (

.الحادثات ويقال المقتصد الذي تساوى فى همته الفقد والوجود فى :قوله جل ذكره

]67آية ) : 5(سورة المائدة [

)67(صمك من الناس إن الله ال يـهدي القوم الكافرين يا أيـها الرسول بـلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تـفعل فما بـلغت رسالته والله يـع .إال رسوم موضعة، وأحكام القدرة عليها جارية -فى التحقيق -تكتم شيئا مما أوحينا إليك مالحظة لغير، إذ ال غير ال

.ويقال بين للكافة أنك سيد ولد آدم، وأن آدم دون لوائك »1«. ويقال بلغ ما أنزل إليك أنى أغفر للعصاة وال أبالى، وأرد من المطيعين من شئت وال أبالى

.والله يـعصمك من الناس إن الله ال يـهدي القوم الكافرين : له جل ذكرهقو .يحفظ ظاهرك من أن يمسك أذاهم، فال يتسلط بعد هذا عليك عدو، أو يصون سرك عنهم حتى ال يقع عليه احتشام منهم

.دهم كما هم وجودا بين طرفى العدمويقال يعصمك من الناس حتى ال تغرق فى بحر التوهم بل تشاه :قوله جل ذكره

]68آية ) : 5(سورة المائدة [

نجيل وما أنزل إليكم من رب هم ما أنزل إلي قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التـوراة واإل ك من ربك طغيانا وكفرا فال تأس على كم وليزيدن كثيرا منـ ) .68(القوم الكافرين

__________ أولهما مدى اتساع صدور الصوفية للتسامح وفطرتهم المتفائلة إلى سعة الرحمة اإللهية مما يطمئن العصاة ويحمس على : يتضح من هذه اإلشارة شيئان) 1(

.على اهللا بخالفهم -عنده -الفة القشيري للمعتزلة فى مسألة وجوب المثوبة أو العقوبة على اهللا سبحانه، فال وجوبالتوبة، وثانيهما مدى مخ

)1/438(

لقد أخذنا ميثاق بني ) 69(خوف عليهم وال هم يحزنون صالحا فال إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليـوم اآلخر وعمل بوا و فسهم فريقا كذ نة فـعموا وصموا ثم تاب الله عليهم وحسبوا أال تكون ف ) 70(فريقا يـقتـلون إسرائيل وأرسلنا إليهم رسال كلما جاءهم رسول بما ال تـهوى أنـ تـ

هم والله بصير بما يـعملون اعبدوا الله ربي وربكم لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل ) 71(ثم عموا وصموا كثير منـ ) 72(صار إنه من يشرك بالله فـقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أن

نزلكم فى حال من حاالتكم إال بمراعاة األمر والنهى، والمحافظة على أي ليس انتعاشكم وال نظام معاشكم، وال قدركم فى الدنيا والعقبى، وال مقداركم وال م .أحكام الشرع :قوله جل ذكره

]69آية ) : 5(سورة المائدة [

)69(وف عليهم وال هم يحزنون حا فال خ إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليـوم اآلخر وعمل صال .فبعدما تجمعهم أصول التوحيد فلهم األمان من الوعيد، والفوز بالمزيد -وإن نجنست أحوالهم -بين أنهم

:قوله جل ذكره ]71الى 70اآليات ) : 5(سورة المائدة [

بوا وفريقا يـقتـلون لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليه فسهم فريقا كذ نة فـعموا وصموا ) 70(م رسال كلما جاءهم رسول بما ال تـهوى أنـ وحسبوا أال تكون فتـهم والله بصير ب )71(ما يـعملون ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منـ

واغتروا بطول اإلمهال فأصروا على . ومن أمارات الشقاء اإلصرار على متابعة الهوى، وحسبوا أال تكون فتنة، فعموا وصموا. داروا مع الهوى فوقعوا فى البالء .قبيح األعمال، فلما أخذتهم فجاءة االنتقام لم ينفعهم الندم، وبرح بهم األلم

:قوله جل ذكره ]72آية ) : 5(ورة المائدة س[

أواه النار الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فـقد حرم الله عليه الجنة وم لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا )72(وما للظالمين من أنصار

)1/439(

هم عذ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثالثة وما من إله إال إله واحد وإن لم يـنتـهو أفال يـتوبون إلى الله ) 73(اب أليم ا عما يـقولون ليمسن الذين كفروا منـيقة كانا يأكالن الط ) 74(ويستـغفرونه والله غفور رحيم بله الرسل وأمه صد لهم اآليات ثم انظر عام انظر كيف نـبـين ما المسيح ابن مريم إال رسول قد خلت من قـ

) 75(أنى يـؤفكون

:قوله جل ذكره! سقمت بصائرهم والتبست عليهم أمارات الحدوث، فخلطوا فى عقائدهم استحقاق أوصاف القدم بنعوت الحدوث

]74الى 73اآليات ) : 5(سورة المائدة [هم لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث أفال يـتوبون إلى الله ) 73( عذاب أليم ثالثة وما من إله إال إله واحد وإن لم يـنتـهوا عما يـقولون ليمسن الذين كفروا منـ

)74(ويستـغفرونه والله غفور رحيم أفال يـتوبون إلى الله : قوله! فكيف على عاقل؟.. ابروا الضرورة فحكموا للواحد بأنه ثالثة، وال يخفى فساد هذا على مجنونبلغ الخذالن بهم حدا أن ك

.صائص رحمتهآلمال المؤمنين بخ» 1«تضعيفا -مع قبيح أقوالهم، وفساد عقائدهم -ويستـغفرونه والله غفور رحيم لم يغلق باب التوبة عليهم :قوله جل ذكره

]75آية ) : 5(سورة المائدة [

يقة كانا يأكالن الطعا بله الرسل وأمه صد )75( م انظر كيف نـبـين لهم اآليات ثم انظر أنى يـؤفكون ما المسيح ابن مريم إال رسول قد خلت من قـ من اشتملت عليه األرحام، وتناوبته اآلثار المتعاقبة أنى يليق بوصف اإللهية؟

ة؟ثم من مسته الحاجة حتى اتصف باألكل وأصابته الضرورة إلى أن يخلص من بقايا الطعام فأنى يليق به استيجاب العبادة والتسمية باإللهي س عليهم سلوك المحجة؟كيف نزيد فى إيضاح الحجة وكيف تلب - يا محمد -انظر

__________ .تضعيفا أي جعلها مضاعفة) 1(

)1/440(

ر الحق وال تـتبعوا أهواء قـوم قد ) 76(قل أتـعبدون من دون الله ما ال يملك لكم ضرا وال نـفعا والله هو السميع العليم قل يا أهل الكتاب ال تـغلوا في دينكم غيـبل و وا يـعتدون لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكان ) 77(أضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ضلوا من قـ

) 79(بئس ما كانوا يـفعلون كانوا ال يـتـناهون عن منكر فـعلوه ل ) 78(

:قوله جل ذكره ]76آية ) : 5(سورة المائدة [

)76(قل أتـعبدون من دون الله ما ال يملك لكم ضرا وال نـفعا والله هو السميع العليم ر بمحيق للوقت فيما ال يجدى، وإذهاب للعمر فيما ال يغنى إذ المتفرد باإليجاد برىء عن فى استدفاع الشر واستجالب الخي -بدون الرب -تعليق القلوب

.األنداد :قوله جل ذكره

]77آية ) : 5(سورة المائدة [

ر الحق وال تـتبعوا أهواء قـوم قد ضلوا من قـب )77(ل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل قل يا أهل الكتاب ال تـغلوا في دينكم غيـألن المبتدع يبنى التعمق فى الباطل قطع آلمال الرجوع فكلما كان بعد المسافة من الحق أتم كان اليأس من الرجعة أوجب، ومتبع الضاللة شر من مبتدعها

.ابتداء الشر والمتبع يتم البناء، ومن به كمال الشر شر ممن منه :قوله جل ذكره

]78آية ) : 5(سورة المائدة [

)78(دون لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يـعت

فلعنة الكفار بلسان األنبياء، » 1» «هو الذي يصلي عليكم «: ولياء فخصهم بذكر نفسه فقالحتى ذكروا الكفار بالسوء، وأما األ -عليهم السالم - أمر األنبياء :؟ ولقد قال قائلهم!سبحانه، ولو كان ذلك ذكرا بالسوء لكان فيه استحقاق فضيلة، فكيف وهو ذكر بالجميل -وذكر المؤمنين بالجميل بلسان الحق

فقد سرنى أني خطرت ببالكا. ..لئن ساءنى أن تلقني بمساءة :قوله جل ذكره

]79آية ) : 5(سورة المائدة [

)79(كانوا ال يـتناهون عن منكر فـعلوه لبئس ما كانوا يـفعلون __________

.سورة األحزاب 43آية ) 1(

)1/441(

هم يـتـولون الذين كفروا فسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون تـرى كثيرا منـ ولو كانوا يـؤمنون بالله والنبي وما أنزل ) 80(لبئس ما قدمت لهم أنـهم فاسقون ة للذين آمنوا الذين لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليـهود والذين أشركوا ولتجدن أقـربـهم مود ) 81(إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منـ

هم قسيسين ورهبانا وأنـهم ال يست ) 82(كبرون قالوا إنا نصارى ذلك بأن منـ

.والسكوت عن جفاء تعامل به كرم، واإلغضاء عما يقال فى محبوبك دناءة. الرضاء بمخالفة أمر الحبيب موافقة للمخالف، وال أنفة بعد تميز الخالف» 1« :قوله جل ذكره

]80آية ) : 5(سورة المائدة [

هم يـتـولون الذين كفروا لب فسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ترى كثيرا منـ )80(ئس ما قدمت لهم أنـ .سبحانه فى معاداة أعدائه -شر خصال اللئام مطابقة من يضاد الصديق، فإذا كان سخط اهللا فى مواالة أعدائه، فرحمته

:قوله جل ذكره ]81آية ) : 5(سورة المائدة [

ه )81(م فاسقون ولو كانوا يـؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منـ .صافاتكفى مواالته، وأخلص فى م» 3«آثر التباعد عنك إذ لو كانت بينكما شهرة غير منقطعة ألخلصت » 2«صرح بأن موافق من ناوءك

:قوله جل ذكره ]82آية ) : 5(سورة المائدة [

هم قس لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليـهود والذين أشركوا ولتجدن أقـربـهم مود يسين ورهبانا وأنـهم ال ة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منـ )82(يستكبرون

بين أن صفة العداوة وإن كانت تجمعهم فمعاداة بعضهم تزيد على بعض، وبقدر__________

.من الناسخ فاثبتناها) فعلوه(سقطت ) 1( .والتبست على الناسخ فظنها الما) ناواك(وربما كانت فى األصل ) ناولك(وردت ) 2(

) .ألخصلت(أخطأ الناسخ فكتبها ) 3(.

)1/442(

مع مما عرفوا من الحق يـقول نا مع الشاهدين وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول تـرى أعيـنـهم تفيض من الد ه وما جاءنا وما لنا ال نـؤمن بالل ) 83(ون ربـنا آمنا فاكتبـهار خالدين فيها وذلك جزاء المحس ) 84(من الحق ونطمع أن يدخلنا ربـنا مع القوم الصالحين ) 85(نين فأثابـهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها األنـ

بمقاربة أهل -من أهل الحق فإنهم وإن لم ينتفعوا بهم من حيث الخالص فقد ذكرهم اهللا سبحانه» 1«) بالمقاربة(الترهب أثر فيهم ما للنصارى من .االختصاص

:قوله جل ذكره ]83آية ) : 5(سورة المائدة [

)83(ع مما عرفوا من الحق يـقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعيـنـهم تفيض من الدم .حقيقهذه صفة من نظر إليه الحق نظر القبول، فإذا قرعت سمعهم دعوة الحق ابتسمت البصيرة فى قلوبهم، فسكنوا إلى المسموع لما وجدوا من الت

:قوله جل ذكره ]84آية ) : 5(سورة المائدة [

)84(وما لنا ال نـؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين لبه؟متى بدونه يمكن أن نط. وأي عذر لنا فى التعريج فى أوطان االرتياب، وقد تجلت لقلوبنا الحجج؟ ثم ما نؤمله من حسن العاقبة

:قوله جل ذكره ]85آية ) : 5(سورة المائدة [

)85(فأثابـهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين ، وإنما علق الثواب على قول القلب الذي هو شهادة عن » 2«يه أال يخيب راجيه، وال يرد مؤمل - سبحانه -لما صدقت آمالهم قابلها بالتحقيق، سنة منه

.» 3«شهوده، فأما النظر المنفرد عن البصيرة فال ثواب عليه وال إيجاب __________

على أساس ) المقارنة(قبلنا وربما... ) . أقربهم مودة (فقد وردت كذلك فيما بعد إشارة إلى ما فى اآلية ) المقاربة(والصواب أن تكون ) بالمقارنة(وردت ) 1( .مقارنة النصارى باليهود

.وهى خطأ فى النسخ) مؤلميه(وردت ) 2( .الحظ هنا قيمة اإليمان النظري بالقياس إلى اإليمان القلبي ومغزى ذلك فى التسامح الديني) 3(

)1/443(

بوا بآياتنا أولئك أصحاب الج ) 87( المعتدين يا أيـها الذين آمنوا ال تحرموا طيبات ما أحل الله لكم وال تـعتدوا إن الله ال يحب ) 86(حيم والذين كفروا وكذتم به مؤ إطعام ال يـؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يـؤاخذكم بما عقدتم األيمان فكفارته ) 88(منون وكلوا مما رزقكم الله حالال طيبا واتـقوا الله الذي أنـ

بة فم ك ن لم يجد فصيام ثالثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذل عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتـهم أو تحرير رقـ ) 89(يـبـين الله لكم آياته لعلكم تشكرون

:قوله جل ذكره ]86آية ) : 5(سورة المائدة [

بوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم والذين كفروا )86(وكذ .أثر اإلعراض عن األعداء فى مقابلة أثر اإلقبال على األولياء معجال ومؤجال) هذا(

:قوله جل ذكره ]87آية ) : 5(سورة المائدة [

)87(م وال تـعتدوا إن الله ال يحب المعتدين يا أيـها الذين آمنوا ال تحرموا طيبات ما أحل الله لك .من أمارات السعادة الوقوف على حد األمر إن أباح الحق شيئا قبله، وقابله بالخشوع، وإن حظر شيئا وقف ولم يتعرض للجحود

ن استبدل تلك الحالة بالخلطة دون العزلة والعشرة دون الخلوة، وذلك إ: ومما أباحه من الطيبات االسترواح إلى نسيم القرب فى أوطان الخلوة، وتحريم ذلك .هو العدوان العظيم والخسران المبين

:قوله جل ذكره ]88آية ) : 5(سورة المائدة [

تم به مؤمنون )88(وكلوا مما رزقكم الله حالال طيبا واتـقوا الله الذي أنـفإن األكل على الغفلة حرام فى شريعة -سبحانه -فإن نزلت الحالة عن هذا فعلى ذكره -سبحانه -ل الصافى بأن يأكل العبد ما يأكل على شهودهالحال .اإلرادة

:قوله جل ذكره ]89آية ) : 5(سورة المائدة [

بة بما عقدتم األيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتـ ال يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم هم أو تحرير رقـ )89(وا أيمانكم كذلك يـبـين الله لكم آياته لعلكم تشكرون فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظ

)1/444(

) 90(حون فاجتنبوه لعلكم تـفل يا أيـها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر واألنصاب واألزالم رجس من عمل الشيطان

ك فى شريعة اإلشارة منه إلى وقت يغلب على قلبك التعطش إلى شىء من إقباله أو وصاله، فتقسم عليه بجماله أو جالله أن يرزقك شظية من إقباله، فكذلحكامه فى الرد والصد، وأن واألولى الذوبان والخمود بحسن الرضا تحت ما يجرى عليك من أ. الرضا نوع من اليمين، فيعفو عنك رحمة عليك لضعف حالك

:تؤثر استقامتك فى أداء حقوقه على إكرامك بحسن تقريبه وإقباله، كما قال قائلهم فأترك ما أريد لما يريد... أريد وصاله ويريد هجرى

:ما يجرى على لسانهم فى حال غلبات الوجد من تجريد العهد وتأكيد العقد، فيقول -عندهم -ومن اللغو فى اليمين ...وال حلت عن عهدك، وأمثال هذا .. ك ما نظرت إلى سواكا، وال قلت بغيركوحق

ومن أنت فى الرفعة حتى تعدم نفسك؟ وأين فى الدار ديار حتى تقول بتركه أو تتحقق بوصله أو ... وكله فى حكم التوحيد لغو، وعن شهود عهد األحدية سهو .» 1«بل هو اهللا الواحد القهار ... هجره؟ كال

إما بذل الروح بحكم الوجد، أو بذل -على موجب اإلشارة -فكفارتهم: وكما أن الكفارة الشرعية إما عتق أو إطعام وإما كسوة فإن لم تستطع فصيام ثالثة أيام .القلب بصحة القصد، أو بذل النفس بدوام الجهد، فإن عجزت فإمساك وصيام عن المناهي والزواجر

:قوله جل ذكره ]90آية ) : 5(المائدة سورة [

)90(جتنبوه لعلكم تـفلحون يا أيـها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر واألنصاب واألزالم رجس من عمل الشيطان فا__________

التوحيد بالعبارة فهو ملحد، ومن أشار إليه فهو ثنوى، ومن أومأ إليه فهو عابد وثن، ومن من أجاب عن (وشبيه بذلك قول الشبلي حين سئل عن التوحيد ) 1( .149الرسالة ص » وكل ما ميزتموه بأوهامكم وأدركتموه بعقولكم فى أتم معانيكم فهو مصروف مردود إليكم، محدث مصنوع مثلكم... نطق فيه فهو غافل

)1/445(

.حرامالخمر ما خامر العقول، والخمر .واإلشارة فيه أنه يزيد نفاد العقل بما يوجب عليه من االلتباس

.ومن شرب من خمر الغفلة فسكره أصعب فشراب الغفلة يوجب البعد عن الحقيقة .وكما أن من سكر من خمر الدنيا ممنوع عن الصالة فمن سكر من خمر الغفلة فهو محجوب عن المواصالت

.وجب عليه الحد فكذلك من شرب شراب الغفلة فعليه الحد إذ يضرب بسياط الخوفوكما أن من شرب من خمر الدنيا .وكما أن السكران ال يقام عليه الحد ما لم يفق فالغافل ال ينجح فيه الوعظ ما لم ينته

.تعالى أصل كل زلة، وسبب كل ذلة وبدء كل بعد وحجبة عن اهللا» 1«) فالغفلة(وكما أن مفتاح الكبائر شرب الخمر وشراب االستئناس مبذول، وعلى حسب المواجد حظى القوم (ويقال لم يحرم عليه الشراب فى الدنيا إال وأباح له شراب القلوب فشراب الكبائر محظور

») بالشراب :، وحيثما كان الشراب كان السكر، وفى معناه أنشدوا

باعقار لحاظ كأسه يسكر الل ... فما مل ساقيها وما مل شارب وسكرك من لحظى يبيح لك الشربا... فصحوك من لفظى هو الوصل كله

صادرين من عين وحرم الميسر فى الشرع، وفى شريعة الحب القوم مقهورون فمن حيث اإلشارة أبدانهم مطروحة فى شوارع التقدير، يطؤها كل عابر سبيل من ال »فساهم فكان من المدحضين «الحكم، قال تعالى » 3«( ... ) رعة من المقادير، وأرواحهم مستباحة بحكم القهر، عليها خرجت الق

»4 «. __________

.وليست موجودة فى النص ليتضح المعنى) الغفلة(أضفنا ) 1( .ما بين القوسين مثبت فى الهامش نقلناه إلى موضعه حسب العالمات) 2( .مشتبهة) 3( . [.....]سورة الصافات 141آية ) 4(

)1/446(

نكم العداوة والبـغضاء في الخمر والميسر ويصدكم ع تم منتـهون إنما يريد الشيطان أن يوقع بـيـ وأطيعوا الله وأطيعوا ) 91(ن ذكر الله وعن الصالة فـهل أنـليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتـقوا وآمنوا وعملوا ) 92(وا فإن تـوليتم فاعلموا أنما على رسولنا البالغ المبين الرسول واحذر

) 93(اتـقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين الصالحات ثم اتـقوا وآمنوا ثم

:قوله جل ذكره ]91آية ) : 5(سورة المائدة [

نكم العداوة والبـغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن تم منتـهون ذكر الله وعن الص إنما يريد الشيطان أن يوقع بـيـ )91(الة فـهل أنـات بينهم بما طال بعدهم عن الحقيقة فقاسوا الهوان فى مطارح الغربة، وصاروا سخرة للشيطان فبقوا الصالة التي هى محل النجوى وكمال الراحة، وفسدت ذ

.تولد من الشحناء والبغضاء :قوله جل ذكره

]92آية ) : 5(سورة المائدة [

)92(وا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن تـوليتم فاعلموا أنما على رسولنا البالغ المبين وأطيع . لك عند دخول الجنةوذ» 1» «أولئك لهم األمن «: كلما كان العبد أعرف بربه كان أخوف من ربه، وإنما ينتفى الحذر عن العبد عند تحقيق الموعد بقوله

.وحقيقة الحذر نهوض القلب بدوام االستغاثة مع مجارى األنفاس :قوله جل ذكره

]93آية ) : 5(سورة المائدة [

اتـقوا وآمنوا ثم اتـقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين حات ثم ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتـقوا وآمنوا وعملوا الصال )93(

تقى الشرك تعرف، ثم من حافظ على األمر والنهى فليس للقمة يتناولها من الخطر ما يضايق فيها، وإنما المقصود من العبد التأدب بصحبة طريقه سبحانه، فإذا ا .ثم اتقى الشح فآثر وما أسرفاتقى الحرام فما تصرف،

__________ .سورة األنعام 82آية ) 1(

)1/447(

لونكم الله بشيء من الصيد تـناله أيديكم ورماحكم ليـعل له عذاب أليم م الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بـ يا أيـها الذين آمنوا ليبـ يا أيـها ) 94(عد ذلك فـتـله منكم متـعمدا فجزاء مثل ما قـتل تم حرم ومن قـ ة أو كفارة طعام مساكين من النـعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعب الذين آمنوا ال تـقتـلوا الصيد وأنـ

يـنتقم الله منه و ) 95(الله عزيز ذو انتقام أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فـ

ثم اتقوا شهود الخلق فأحسن الشهود الحق، واإلحسان أن تعبد . وهذا للعموم -وأحسنوا للخلق» 1«يعنى اتقوا المنع » ... ثم اتـقوا وآمنوا ثم اتـقوا «وقوله .وهذا للخواص -اهللا كأنك تراه

.والمحسنين أحواال» 2«) آماال(واهللا يحب المحسنين أعماال والمحسنين :قوله جل ذكره

]95الى 94اآليات ) : 5(سورة المائدة [لونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليـعلم الل يا له عذاب أليم أيـها الذين آمنوا ليبـ يا أيـها الذين ) 94(ه من يخافه بالغيب فمن اعتدى بـعد ذلك فـ

تـله منكم متـعمدا فجزاء مثل ما قـتل من النـعم يحكم به ذواآمنوا ال تـقتـلوا تم حرم ومن قـ عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل الصيد وأنـيـنتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام ذلك صياما ليذوق وبال أمره ع )95(فا الله عما سلف ومن عاد فـ

.، وحرم الصيد على المحرم الذي قصده زيارة البيت» 3«أباح الصيد لمن كان حالال .البر من ال يؤذى الذر وال يضمر الشر: نه حيوان بحال، لذا قالواواإلشارة فيه أن من قصد بيتنا فينبغى أن يكون الصيد منه فى األمان، ال يتأذى م

.ويقال اإلشارة فى هذا أن من قصدنا فعليه نبذ األطماع جملة، وال ينبغى أن تكون له مطالبة بحال من األحوال__________

.أي منع اإلحسان) 1( ) .أمواال(نرجح أنها فى األصل ) 2( ) .مادة حل: المنجد(رام الخارج من اإلح -الحالل) 3(

)1/448(

ت الحرام جعل الله الكعبة البـي ) 96( حرما واتـقوا الله الذي إليه تحشرون أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البـر ما دمتم ) 97(ماوات وما في األرض وأن الله بكل شيء عليم قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقالئد ذلك لتـعلموا أن الله يـعلم ما في الس

.حرام ما دام محرما بقلبه -على الواجد -فكذلك الطلب والطمع واالختيار وكما أن الصيد على المحرم حرام إلى أن يتحلل .ويقال العارف صيد الحق، وال يكون للصيد صيد

نه بجزاء المثل، وال وإذا قتل المحرم الصيد فعليه الكفارة، وإذا الحظ العارف األغيار، أو طمع أو رغب فى شىء أو اختار لزمته الكفارة، ولكن ال يكتفى م .عن كل غير، قليل أو كثير، صغير أو كبير -على الحقيقة -بأضعاف أمثال ما تصرف فيه أو طمع، ولكن كفارته تجرده

:قوله جل ذكره ]96آية ) : 5(سورة المائدة [

)96(ر ما دمتم حرما واتـقوا الله الذي إليه تحشرون أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البـ وإذا غرق العبد فى بحار الحقائق سقط حكمه، فصيد البحر مباح له ألنه إذا غرق صار محوا، فما إليه ليس به وال منه إذ هو . حكم البحر خالف حكم البر .محو، واهللا غالب على أمره

:قوله جل ذكره ]97آية ) : 5(سورة المائدة [

يم لموا أن الله يـعلم ما في السماوات وما في األرض وأن الله بكل شيء عل جعل الله الكعبة البـيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقالئد ذلك لتـع )97(

.اليوم ملجأ يلوذ به كل مؤمل، ويستقيم ببركات زيارته كل مائل عن نهج االستقامة، ويستنجح بابتهاله هنا لك كل ذى أرب -بأن يكون بيته -حكم اهللا سبحانه .يروالبيت حجر والعبد مدر، والحق سبحانه ربط المدر بالحجر ليعلم أنه الذي لم يزل ال سبيل إليه للحدثان والغ

)1/449(

قل ال يستوي الخبيث والطيب ولو ) 99(ما على الرسول إال البالغ والله يـعلم ما تـبدون وما تكتمون ) 98(اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم ها حين يـ ) 100(فاتـقوا الله يا أولي األلباب لعلكم تـفلحون أعجبك كثـرة الخبيث نـزل يا أيـها الذين آمنوا ال تسألوا عن أشياء إن تـبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنـ

ها وا ) 101(لله غفور حليم القرآن تـبد لكم عفا الله عنـ

:قوله جل ذكره ]98آية ) : 5(سورة المائدة [

)98(اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم .شديد العقاب لألعداء، غفور رحيم لألولياء

.غفور رحيم للعوام إن رجعوا إليه بتوبة وحسرة ويقال شديد العقاب للخواص بتعجيل الحجاب إن زاغوا عن الشهود لحظة، :قوله جل ذكره

]100الى 99اآليات ) : 5(سورة المائدة [

ة الخبيث فاتـقوا الله يا أولي األلباب لعلكم قل ال يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثـر ) 99(ما على الرسول إال البالغ والله يـعلم ما تـبدون وما تكتمون )100(تـفلحون

.» 1«) بتسييره(فليس عليه إال البالغ وهو أيضا -وإن جل قدره -والرسول. المتفرد باإللهية اهللا . تعالى فى حالة اكتسابه، والطيب ما اكتسبه على شهود الحقالخبيث ما اكتسبه الغافل عن اهللا: قل ال يستوي الخبيث والطيب : قوله

.سبحانه -ويقال الخبيث ما لم يخرج منه حق اهللا تعالى، والطيب ما أخرج منه حقه .ويقال الخبيث ما ادخرته لنفسك، والطيب ما قدمته ألمره

:قوله جل ذكره ]101آية ) : 5(سورة المائدة [

) .101(م عفا الله عنها والله غفور حليم نوا ال تسئـلوا عن أشياء إن تـبد لكم تسؤكم وإن تسئـلوا عنها حين يـنـزل القرآن تـبد لك يا أيـها الذين آم __________

.ما مقبول فى السياق، وكاله) بتيسيره(ال نستبعد ايضا انها ربما كانت فى األصل ) 1(

)1/450(

الله الكذب ما جعل الله من بحيرة وال سائبة وال وصيلة وال حام ولكن الذين كفروا يـفتـرون على ) 102(قد سألها قـوم من قـبلكم ثم أصبحوا بها كافرين نا أولو كان آباؤهم ال يـعلمون شيئا وال يـهتدون وإذا قيل لهم تـعالوا إلى ما أنـزل الله وإلى الرسول قالوا حسبـنا ما وجدنا عليه آباء ) 103(ثـرهم ال يـعقلون وأك

)104 (

»1«... ) بالتج (للطف فال تتعرضوا لعلم أخفى عنكم، فيتنغص إذا أسبل عليكم ستر ا .عيشكم -عليكم -

.فيسوءكم تقاصر رتبتكم -حيث ال تستوجبون ذلك -ويقال ال تتعرضوا للوقوف على محل األكابروال » 3«) ظلكم(إلى روح المنى فى استدفاع ما وال تطلبوا أسرار الباري، واركنوا» 2«) التفال(ويقال إذا بدا من اإلعراض علم فاطلبوا له عندكم وجها من

.تبحثوا عن سر ذلك، وراعوا األمر مجمال :قوله جل ذكره

]102آية ) : 5(سورة المائدة [

بلكم ثم أصبحوا بها كافرين )102(قد سألها قـوم من قـ :اءة التقدير، وذلك منهم ظن، كما يقول بعضهميعنى توهم قوم أنهم محررون عن التأثر فيما يصادفهم من فج

على الصبر من إحدى الظنون الكواذب... تبين يوم البين أن اعتزامه :قوله جل ذكره

]103آية ) : 5(سورة المائدة [

)103(تـرون على الله الكذب وأكثـرهم ال يـعقلون ما جعل الله من بحيرة وال سائبة وال وصيلة وال حام ولكن الذين كفروا يـف .عن االبتداع، وأمرهم بحسن االتباع، وأخبر أن ما صدر من عاداتهم ال يعد من جملة عباداتهم -سبحانه -هذه أحكام ابتدعوها، فردهم الحق

قوله جل ذكره ]104آية ) : 5(سورة المائدة [

)104(هم ال يـعلمون شيئا وال يـهتدون لهم تعالوا إلى ما أنـزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤ وإذا قيل :

__________ هكذا فى السياق أي ال تجعلوا التجسس ومحاولة معرفة األسرار ينغص عليكم وهى مقبولة ) التجسس(بقية الكلمة مشتبهة ولكنها أقرب ما تكون إلى ) 1(

.عيشكم .وإن كانت بعيدة فى الرسم) التأويل(هكذا فى النسخ ونرجح أنها فى األصل ) 2( .أي ما غشيكم من سحب اإلعراض) 3(

)1/451(

تم إلى الله مرجعك فسكم ال يضركم من ضل إذا اهتديـ نبئكم بما كنتم تـعملون يا أيـها الذين آمنوا عليكم أنـ يـ يا أيـها الذين آمنوا شهادة بـينكم ) 105(م جميعا فـتم فيإذا حضر أح تم ضربـ نان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنـ األرض فأصابـتكم مصيبة الموت تحبسونـهما من بـعد دكم الموت حين الوصية اثـ

بتم ال يـقسمان بالله إن ارتـ فإن عثر على أنـهما استحقا إثما فآخران ) 106(نشتري به ثمنا ولو كان ذا قـربى وال نكتم شهادة الله إنا إذا لمن اآلثمين الصالة فـ

نا إنا إذا لمن الظالمين يـقومان مقامهما من الذين استحق عليهم األوليان يـقسمان بالله لشهادتـنا أحق من شهادتهما وما اعتديـ ذلك أدنى أن يأتوا ) 107(فـ ) 108(ا الله واسمعوا والله ال يـهدي القوم الفاسقين بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن تـرد أيمان بـعد أيمانهم واتـقو

، وإن أسالفهم الذين وافقوهم لم يكونوا إال » 1«) التقليد(إذا هتفت بهم دواعى الحق بالجنوح إلى وصف الصدق صدهم عن اإلجابة ما مرنوا عليه من سهولة .فى ضالل

:قوله جل ذكره ]105آية ) : 5( سورة المائدة[

تم إلى الله مرجعكم فسكم ال يضركم من ضل إذا اهتديـ نبئكم بما كنتم تـعملون يا أيـها الذين آمنوا عليكم أنـ يـ )105( جميعا فـ .والظن» 3«) الحدث(دعى التقدم أو الطمع فى إنجاد من سواه فمحال من ، فأما إذا ا» 2«) كسره(يكفى للفقير أن يمشى وقد جبر بعض

.ويقال من يفرغ إلى غيره يتشاغل عن نفسه، ومن اشتغل بنفسه لم يتفرغ إلى غيره :قوله جل ذكره

]108الى 106اآليات ) : 5(سورة المائدة [

تم ف يا أيـها الذين آمنوا شهادة بـينكم إذا حضر تم ضربـ ي األرض فأصابـتكم مصيبة أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنـبتم ال ن يـقسمان بالله إن ارتـ فإن عثر على ) 106(شتري به ثمنا ولو كان ذا قـربى وال نكتم شهادة الله إنا إذا لمن اآلثمين الموت تحبسونـهما من بـعد الصالة فـ

يـقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين أنـهما استحقا إثما فآخران يـقومان مقامهما من الذين استحق عليهم األوليان فـ )108(ه ال يـهدي القوم الفاسقين ه واسمعوا والل ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن تـرد أيمان بـعد أيمانهم واتـقوا الل ) 107(

__________ .ابائهم وأسالفهم كما فى اآلية) تقليد(والصواب ) التقليل(وردت ) 1( .بالسين) كسره(جبر : بالثاء والصواب) كثره(وردت ) 2( .لتتمشى مع الظن) الحدس(ربما كانت فى األصل ) 3(

)1/452(

م الغيوب يـوم يجمع الله الر يـقول ماذا أجبتم قالوا ال علم لنا إنك أنت عال ) 109(سل فـ

.حكم هذه اآلية كان ثابتا فى الشرع ونسخ، وفى بيان التفسير تفصيله .والنسخ هو اإلزالة، وذلك جائز فى العبادات

فإذا الح لهم من أحوال القلوب شىء آلت أحوالهم . ء فرضهم القيام بالظواهر من حيث المجاهداتومعنى النسخ يوجد فى سلوك المريدين فهم فى االبتدا .إلى مراعاة القلوب فتسقط عنهم أوراد الظاهر، فهو كالنسخ من حيث الصورة

.» 2«م بمراعاة الثلوب أتم بتأديبهم بأحكام المعامالت واتصافه. » 1» «ما نـنسخ من آية أو نـنسها نأت بخير منها أو مثلها«: قال تعالى :قوله جل ذكره

]109آية ) : 5(سورة المائدة [

يـقول ماذا أجبتم قالوا ال علم لنا إنك أنت عالم الغيوب )109(يـوم يجمع الله الرسل فـ علومهم حتى ينطقوا بالبراءة عن التحقيقيكاشفهم بنعت الجالل فتنخنس فهومهم و

__________ .سورة البقرة 106آية ) 1( .أي أن مراعاة الحقيقة تتم بمراعاة الشريعة) 2(

)1/453(

تكلم الناس في المهد وكهال وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتـوراة إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس را بإذني وتـ فخ فيها فـتكون طيـ تـنـ نجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فـ رص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل برئ األكمه واألبـ واإل

هم إن هذا إال سحر مبين بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأنـنا مسلمون وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا ) 110(عنك إذ جئتـهم بالبـيـنات فـقال الذين كفروا منـ)111 (

من قال لشىء، أو مال لشىء مما يكون نعتا بمخلوق فعند ظهور وابل التعزز تتالشى الجملة، فالمالئكة : ، وهكذا تكون الحالة غدا» ال علم لنا«: ويقولون .» ال علم لنا«: ء يقولونواألنبيا» ما عبدناك حق عبادتك«: يقولون

:قوله جل ذكره ]110آية ) : 5(سورة المائدة [

الكتاب والحكمة والتـوراة كلم الناس في المهد وكهال وإذ علمتك إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس ت فخ فيها فـتكون طيرا بإذني وتـ تـنـ نجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فـ ت بني إسرائيل برئ األكمه واألبـرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كفف واإل

هم إن هذا إال سحر مبين )110(عنك إذ جئتـهم بالبـينات فقال الذين كفروا منـ .م وإما عنهمإما عليه: ، وكل وقت لألحباب يمضى يصير لهم حديثا يتلى من بعدهم» 1«التذكير بوجوه النعم يستخرج خالصة الحب والهيمان فى المذكور

:قوله جل ذكره ]111آية ) : 5(سورة المائدة [

) .111(وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون __________

فكأن القشيري يقصد بإشارته إلى ان تذكير عيسى . بد من مرتبة ذكر النعم إلى ذكر المنعمأعلى درجات الذكر أن يفنى الذاكر فى المذكور وفيها ينتقل الع) 1( . [.....]الهيمان فيهوامه بالنعم التي وردت فى اآلية حث لهما على االرتقاء من مرحلة النظر إلى النعم إلى مرحلة النظر إلى صاحبها سبحانه وتعالى، وحبه و

)1/454(

نا مائدة من السماء قال اتـقو إذ قال الحو ها وتطمئن ) 112(ا الله إن كنتم مؤمنين اريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن يـنـزل عليـ قالوا نريد أن نأكل منـها من الشاهدين قـلوبـنا ونـعلم أن قد صدقـ نا مائدة من السماء تكون لنا عيدا ألولن ) 113(تـنا ونكون عليـ ا وآخرنا وآية قال عيسى ابن مريم اللهم ربـنا أنزل عليـ

ر الرازقين ) 114(منك وارزقـنا وأنت خيـ

:، وفى األثر» 1«إنما خصهم بالوحى إليهم إلهاما وإكراما النبساط ضياء عيسى عليهم و .» هم القوم ال يشقى بهم جليس«

:قوله جل ذكره ]113الى 112اآليات ) : 5(سورة المائدة [

قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن ) 112(علينا مائدة من السماء قال اتـقوا الله إن كنتم مؤمنين إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن يـنـزل )113(قـلوبنا ونـعلم أن قد صدقـتنا ونكون عليها من الشاهدين

.اهدونه من عظيم اآلية وعجيب المعجزة، فعذروا وأجيبوا إليها إذ كان مرادهم حصول اليقين وزيادة البصيرةطلبوا المائدة لتسكن قلوبهم بما يشمن الموارد » 2«) فائدة(ويقال كل يطلب سؤله على حسب ضرورته وحالته، فمنهم من كان سكونه فى مائدة من الطعام يجدها، ومنهم من يكون سكونه فى

.عن برهان يتأمله، أو بيان دليل يطلبه» 3«الفناء يردها، وعزيز منهم من يجد :قوله جل ذكره

]114آية ) : 5(سورة المائدة [

ر الرازقين رنا وآية منك وارزقنا وأن قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا ألولنا وآخ )114(ت خيـ -سبحانه -شتان بين أمة طلب لهم نبيهم سكونا بإنزال المائدة عليهم، وبين إمة بدأهم

__________ .رهوهذا يطابق فكرة القشيري فى الوالية وكيف انها ملحقة بالمعجزة، فما يظهر على الولي من كرامة هو بركة النبي الذي الولي من أمته وعص) 1( .ليتم التقابل بين المائدتين الحسية والمعنوية) مائدة(ربما كانت ) 2( ..بالفاء على معنى أن فناءه فى اهللا ال يحوجه إلى برهان أو دليل) الفناء(اى يجد االستغناء عن كل برهان ودليل، وتصح ) الغناء(ربما كانت ) 3(

)1/455(

به أ به عذابا ال أعذ وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قـلت للناس ) 115(حدا من العالمين قال الله إني منـزلها عليكم فمن يكفر بـعد منكم فإني أعذلمته تـعلم ما في نـفسي وال أعلم ما في نـفسك إنك هين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قـلته فـقد ع اتخذوني وأمي إل

م الغيوب ) 116(أنت عال

وقال فى صفتهم » 1» «هو الذي أنـزل السكينة في قـلوب المؤمنين ليـزدادوا إيمانا مع إيمانهم «: من غير سؤال أحد، قال اهللا تعالىبإنزال السكينة عليهم، .عليهم وبين من يكون سكونهم إلى كرامات وعطايا تباح لهم وفرق بين من زيادة إيمانه بآياته التي تتلى» 2» «وإذا تليت عليهم آياته زادتـهم إيمانا «

:قوله جل ذكره ]115آية ) : 5(سورة المائدة [

به أحدا به عذابا ال أعذ )115( من العالمين قال الله إني منـزلها عليكم فمن يكفر بـعد منكم فإني أعذفالخطر أشد والحال -بأليم العقاب لو خالفوا بعده ليعلم السالكون أن المراد إذا حصل، وأن الكرامة إذا تحققت» 3«إلى سؤاله لهم، ولكن توعدهم أجابه

.من اآلفة أقرب، وكلما كانت الرتبة أعلى كانت اآلفة أخفى، ومحن األكابر إذا حلت جلت :قوله جل ذكره

]116ة آي) : 5(سورة المائدة [

سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قـلته فـقد وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قـلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال )116(ي وال أعلم ما في نـفسك إنك أنت عالم الغيوب علمته تـعلم ما في نـفس

.المراد من هذا السؤال إظهار براءة ساحته عما نسب إليه من الدعاء إلى القول بالتثليث، فهذا ليس خطاب تعنيف بل هو سؤال تشريف__________

.سورة الفتح 4آية ) 1( .سورة األنفال 2آية ) 2( ) .يوعدهم(دت ور ) 3(

)1/456(

ت فيهم فـلما تـوفـيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ما قـلت لهم إال ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دم بـهم ) 117( ) 118(فإنـهم عبادك وإن تـغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم إن تـعذ

.إننى أنزهك عما ال يليق بوصفك! تنزيها لك: فقال -سبحانه -حفظ أدب الخطاب فلم يزك نفسه، بل بدأ بالثناء على الحق -عليه السالم -ثم إن عيسى .فكيف يجوز أن أفعل ما ال يجوز لى؟ -وشرط النبوة العصمة -أي إنى إن كنت مخصوصا من قبلك بالرسالة» أقول ما ليس لي بحق ما يكون لي أن «: ثم قال .عليم بنزاهته من تلك القالة -سبحانه -كان واثقا بأن الحق . » إن كنت قـلته فـقد علمته «ثم إنى

.أي علمك محيط بكل معلوم: » تـعلم ما في نـفسي«م الغيوب «. أي ال أطلع على غيبك إال بقدر ما تعرفني بإعالمك» وال أعلم ما في نـفسك « الذي ال يخرج معلوم عن علمك، وال مقدور عن » إنك أنت عال

.حكمك :قوله جل ذكره

]117آية ) : 5(سورة المائدة [

وفـيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ال ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فـلما تـ ما قـلت لهم إ )117(

على هذه الجملة، فلما فارقتهم كان تصرفهم فى قبضتك » 1«(....) حيدك وتقديسك، وما دمت حيا فيهم كنت ما دعوتهم إال لعبادتك، وما أمرتهم إال بتو .وإسرافهم» 2«على مقتضى مشيئتك، فأنت أعلم بما كانوا عليه من وصفي وفاقهم وخالفهم، ونعمتى اقتصادهم

:قوله جل ذكره ]118آية ) : 5(سورة المائدة [

هم ف بـ ) .118(إنـهم عبادك وإن تـغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم إن تـعذ__________

.مشتبهة) 1( .االقتصاد هنا معناها االعتدال) 2(

)1/457(

فع الصادقين صدقـهم لهم جنات تجري من تحتها هم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم قال الله هذا يـوم يـنـ هار خالدين فيها أبدا رضي الله عنـ ) 119(األنـ

العزيز بين أن حكم المولى فى عبيده نافذ بحكم إطالق ملكه، فقال إن تعذبهم يحسن منك تعذيبهم وكان ذلك ألنهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنك أنت .ي المعز لهم بمغفرتك لهمالحكيم أ

.ويقال أنت العزيز الحكيم الذي ال يضرك كفرهم .القدرة سمة الكرم، وعند العجز أمارة الذل » 1«) عند(القادر على االنتقام منهم فالعفو » العزيز «ويقال

غفران الشرك ليس بصحيح فى : رد على من قال» الحكيم «وله وق. بزلة عاص» 3«بطاعة مطيع أو تنتقص » 2«) تتجمل(ويقال إن تغفر لهم فإنك أعز من أن .الحكمة

:قوله جل ذكره ]119آية ) : 5(سورة المائدة [

فع الصادقين صدقـهم لهم جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها هم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم أبدا رضي الل قال الله هذا يـوم يـنـ )119(ه عنـفال شىء له فى آجله من صواب . أو مال» 4«من تعجل ميراث صدقه فى دنياه من قبول حصل له من الناس، أو رياسة عقدت له، أو نفع وصل إليه من جاه

.ين صدقهمنص بأن يوم القيامة ينفع فيه الصادق -سبحانه -صدقه، ألن الحق هم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم : قوله جل ذكره .رضي الله عنـفى اآلخرة وصولهم إلى -سبحانه -ورضاؤهم عن الحق. إثبات محل لهم، وثناؤه عليهم ومدحه لهم، وتخصيصهم بأفضاله وفنون نواله -سبحانه -ورضاء الحق

.اة الكبرىمناهم فهو الفوز العظيم والنج__________

.وهى خطأ فى النسخ) عن(وردت ) 1( .وهى خطأ فى النسخ) تتحمل(وردت ) 2( .بالضاد وهى خطأ فى النسخ) تنتقض(وردت ) 3( .وهى خطأ فى النسخ) جاره(وردت ) 4(

)1/458(

) 1(والنور ثم الذين كفروا بربهم يـعدلون الحمد لله الذي خلق السماوات واألرض وجعل الظلمات

:قوله جل ذكره ]120آية ) : 5(سورة المائدة [

)120(لله ملك السماوات واألرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير ورات، الصالحة إليجاد المصنوعات، ولم يتجمل بإضافة غير إلى نفسه من اسم أو أثر، أو عين أو بقدرته القديمة الشاملة لجميع المقد -سبحانه -تمدح الحق

.طلل .وهو على كل شيء قدير : قوله جل ذكره

.من اإلبعاد واإلسعاد، والصد والرد، والدفع والنفع، والقمع والمنع

السورة التي تذكر فيها األنعامانخنست » 1«( ... ) باسمه استنارت القلوب واستقلت، وباسمه زالت الكروب واضمحلت، وبرحمته عرفت األرواح وارتاحت، وبا » يمبسم اهللا الرحمن الرح«

.العقول فطاحت

.ويقال باسم اهللا نال كل مؤمل مأموله، وبرحمة اهللا وجد كل واجد وصوله :قوله جل ذكره

]1آية ) : 6(سورة األنعام [

الرحمن الرحيم بسم الله )1(يـعدلون الحمد لله الذي خلق السماوات واألرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم

.» الحمد لله «: ألحدى فقالبالثناء على نفسه، فحمد نفسه بثنائه األزلى وأخبر عن سنائه الصمدى، وعالئه ا -سبحانه -بدأ اهللالتحققها بوجوده، » الذي«استقلت األسرار بسماع . عبارة» خلق السماوات واألرض «إشارة و » الذي«ف : » الذي خلق السماوات واألرض «: وقوله عز وجل

خلق «: من األسماء الموصولة بكون القلوب تحت ستر الغيب فقال» الذي«الصلة ألن إلى سماع» الذي«ودوامها لشهوده، واحتاجت القلوب عند سماع .» السماوات واألرض __________

.مشتبهة) 1(

)1/459(

تم تمتـرون هو الله في السماوات وفي األرض يـعلم سركم وجهركم ويـعلم ما تكسبون و ) 2(هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجال وأجل مسمى عنده ثم أنـ)3 (

.قوله جل ذكره وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يـعدلون .نور العرفان واالستبصارخلق ظلمة الليل وضياء النهار، ووحشة الكفر والشرك، و

.ويقال جعل الظلمات نصيب قوم ال لجرم سلف، والنور نصيب قوم ال الستحقاق سبق، ولكنه حكم به جرى قضاؤه .ويقال جعل ظلمات العصيان محنة قوم، ونور العرفان نزهة قوم

:قوله جل ذكره ]2آية ) : 6(سورة األنعام [

تم تمتـرون هو الذي خلقكم من طين ث )2(م قضى أجال وأجل مسمى عنده ثم أنـ، وأظهر عليها ما لم يظهر على مخلوق، فالعبرة بالوصل ال باألصل فالوصل قربة واألصل تربة، األصل » 1«) السير(أثبت األصل من الطين وأودعها عجائب

.بة والنصرةمن حيث النطفة والقطرة، والوصل من حيث القر .جعل لالمتحان أجال، ثم جعل لالمتنان أجال، فأجل االمتحان فى الدنيا، وأجل االمتنان فى العقبى: » ثم قضى أجال وأجل مسمى عنده «قوله

وصلة بال مدى وال منتهى فوقت الوجود له ويقال ضرب للطلب أجال وهو وقت المهلة، ثم عقبه بأجل بعده وهو وقت الوصلة فالمهلة لها مدى ومنتهى، وال .فال غروب لها بعد الطلوع» 2«ابتداء وهو حين تطلع شموس التوحيد ثم يتسرمد

:قوله جل ذكره ]3آية ) : 6(سورة األنعام [

) .3( وهو الله في السماوات وفي األرض يـعلم سركم وجهركم ويـعلم ما تكسبون __________

.مصدر سار يسير، وال نستبعد) السير(جمع سيرة او تكون ) السير(إما ان تكون ) 1(

) [.....]430اللمع ص (هو خفاء بين العدم والوجود -كما يقول صاحب اللمع - فالسر) السر(انها فى األصل :وفى ذلك يقول الشبلي) 2(

ى فصرت مجرداوأفنيتني عن... تسرمد وقتى فيك وهو مسرمد )442اللمع ص (

)1/460(

ها معرضين باء ما كانوا به يستـهزئون ) 4(وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إال كانوا عنـ بوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنـ م أهلكنا من ألم يـروا ك ) 5(فـقد كذبلهم من قـرن مكناهم في األرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا و هار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بـعدهم قـ قـرنا جعلنا األنـ

) 6(آخرين

.روهو الذي هو معبود من فى السماء، مقصود من فى األرض، وهو الموجود قبل كل سماء وفضاء، وظالم وضياء، وشمس وقمر، وعين وأثر، وغير وغب :قوله جل ذكره

]4آية ) : 6(سورة األنعام [

)4(نها معرضين وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إال كانوا ع .بانقباض» 1«(....) أي ال يزيدهم كشفا ولطفا إال قابلوه جحدا وكفرا، وال يوليهم إقباال إال قابلوه بإعراض، وال يلقاهم بسطا إال

:قوله جل ذكره ]5آية ) : 6(سورة األنعام [

بوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أ )5(نباء ما كانوا به يستـهزؤن فـقد كذ .إنهم أصروا على الخالف مستكبرين، وعن قريب يقاسون وبال أمرهم، ويذوقون غب جحدهم

:قوله جل ذكره ]6آية ) : 6(سورة األنعام [

بلهم من قـرن مكناهم في األرض ما لم بذنوبهم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا األنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم ألم يـروا كم أهلكنا من قـ )6(وأنشأنا من بـعدهم قـرنا آخرين

من أقوالنا سهلنا لهم أسباب المعاش، ووسعنا عليهم أبواب االنتعاش، فحين وطنوا -ظاهرفى ال -يعنى من تقدمهم كانوا أشد تمكنا فى إمهالنا، وأكثر نصيباعليه من الندم، على كواذب المنى قلوبهم، وأدركوا من الدنيا محبوبهم ومطلوبهم فتحنا عليهم من مكامن التقدير، وأبرزنا لهم من غوامض األمور ما فزعوا

عن -في الغى -نا من بعدهم قرنا آخرين، وأورثناهم مساكنهم، وأسكناهم أماكنهم، فلما انخرطواثم أنشأ. وذاقوا دونه طعم األلم__________

.مشتبهة) 1(

)1/461(

زلنا ملكا لقضي األمر ثم ال ) 7(ر مبين ولو نـزلنا عليك كتابا في قرطاس فـلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إال سح وقالوا لوال أنزل عليه ملك ولو أنـهم ما كانوا به يستـهزئون ) 9(لو جعلناه ملكا لجعلناه رجال وللبسنا عليهم ما يـلبسون و ) 8(يـنظرون بلك فحاق بالذين سخروا منـ ولقد استـهزئ برسل من قـ

بين قل سيروا في األرض ثم انظروا ) 10( ) 11(كيف كان عاقبة المكذ

.سلكهم، ألحقناهم فى اإلهالك بهم، سنة منا فى االنتقام قضيناها على أعدائنا، وعادة فى اإلكرام أجريناها ألوليائنا :قوله جل ذكره

]7آية ) : 6(سورة األنعام [

)7(بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إال سحر مبين ولو نـزلنا عليك كتابا في قرطاس فـلمسوه لضالل والنفرة، يخبر عن كمال قدرته فى إبداء ما يريده بعد ما قضى لهم الضالل، فلو أشهدهم كل دليل، وأوضح لهم كل سبيل ما ازدادوا إال تماديا فى ا

.وانهماكا فى الجهل والغى :قوله جل ذكره

]8آية ) : 6(سورة األنعام [

زلنا ملكا لقضي األمر ثم ال يـنظرون )8(وقالوا لوال أنزل عليه ملك ولو أنـ بين أن العبرة بالقسمة دون االعتبار بالحجة، وما يغنى السراج عند من فقد البصر؟

زل؟كذلك ما تغنى الحجج عند من عدم عناية األ :قوله جل ذكره

]9آية ) : 6(سورة األنعام [

)9(ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجال وللبسنا عليهم ما يـلبسون .من لم يقدس سره لبس عليه أمره

:قوله جل ذكره ]10آية ) : 6(سورة األنعام [

هم ما كانوا به يستـهزؤن ولقد استـهزئ برسل من قـبلك )10(فحاق بالذين سخروا منـ .من كذب به كما كذبت، فحق لهم نصرنا، فانتقمنا ممن ناوءهم، فعاد إليهم وبال كيدهم -يا محمد -أي سبقك

:قوله جل ذكره ]11آية ) : 6(سورة األنعام [

بين قل سيروا في األرض ثم انظر )11(وا كيف كان عاقبة المكذ

)1/462(

فسهم فـهم ال يـؤ قل لمن ما في السماوات واألرض قل لله كتب على نـفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يـوم ا وله ما ) 12(منون لقيامة ال ريب فيه الذين خسروا أنـر الله أتخذ وليا فاطر السماوات واألرض وهو يطعم وال يطعم قل إني أمرت ) 13(سكن في الليل والنـهار وهو السميع العليم أن أكون أول من أسلم قل أغيـ

) 14(ال تكونن من المشركين و

؟» 1«قل دوخوا فى األرض، وسيحوا فى سيركم فيها من الطول والعرض، ثم انظروا هل أفلت من حكمنا أحد، وهل وجد من دون أمرنا ملتحدا :قوله جل ذكره

]12آية ) : 6(سورة األنعام [

)12(م فـهم ال يـؤمنون له كتب على نـفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يـوم القيامة ال ريب فيه الذين خسروا أنـفسه قل لمن ما في السماوات واألرض قل ل .لربوبية يكفىاهللا فى ا: عند الحق مقدار؟ فإن بقوا عن جواب يشفى، فقل -فى التحقيق -سلهم هل فى الدار ديار؟ وهل للكون

أخبر وحكم وأراد على حسب ما علم، فمن تعلق بنجاته علمه سبق بدرجاته حكمه، ومن علمه فى آزاله أنه يشقى فبقدر : » كتب على نـفسه الرحمة «: قوله .شقائه فى البالء يبقى

:قوله جل ذكره ]13آية ) : 6(سورة األنعام [

)13(والنهار وهو السميع العليم وله ما سكن في الليل .بحنين الواجدين» العليم «ألنين المشتاقين، » السميع «وهو . الحادثات هللا ملكا، وباهللا ظهورا، ومن اهللا بدءا، وإلى اهللا رجوعا

:قوله جل ذكره ]14آية ) : 6(سورة األنعام [

ر الله أتخذ ولي )14(كونن من المشركين ا فاطر السماوات واألرض وهو يطعم وال يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم وال ت قل أغيـ .ن هذا محال فى الظن والتقديرأبعد ما أكرمنى بجميل واليته أتولى غيره؟ وبعد ما وقع على ضيا عنايته أنظر فى الدارين إلى أحد؟ إ

.وهو يطعم وال يطعم : قوله جل ذكره .له نعت الكرم فلذلك يطعم، وله حق القدم فلذلك ال يطعم

__________ ) .المنجد(الملجأ ألن الالجئ يلجأ إليه -الملتحد) 1(

)1/463(

وإن يمسسك الله بضر فال كاشف له إال هو ) 16(من يصرف عنه يـومئذ فـقد رحمه وذلك الفوز المبين ) 15(م عظيم قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يـو نكم ) 18(باده وهو الحكيم الخبير وهو القاهر فـوق ع ) 17(وإن يمسسك بخير فـهو على كل شيء قدير قل أي شيء أكبـر شهادة قل الله شهيد بـيني وبـيـ

) 19(ال أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون رى قل وأوحي إلي هذا القرآن ألنذركم به ومن بـلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخ

:قوله جل ذكره ]15آية ) : 6(سورة األنعام [

)15(قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يـوم عظيم .متخلقأي إنى بعجزي متحقق، ومن عذاب ربى مشفق، وبمتابعة أمره

:قوله جل ذكره ]16آية ) : 6(سورة األنعام [

)16(من يصرف عنه يـومئذ فـقد رحمه وذلك الفوز المبين .من أدركه سابق عنايته صرف عنه الحق عقوبته

:قوله جل ذكره ]17آية ) : 6(سورة األنعام [

)17(كاشف له إال هو وإن يمسسك بخير فـهو على كل شيء قدير وإن يمسسك الله بضر فال .وإذ المتفرد باإلبالغ واحد فاألغيار كلهم أفعاله وإن اإليجاد ال يصلح من األفعال. إنه من ينجيك من البالء، ومن يلقيك فى العناء

:قوله جل ذكره ]18آية ) : 6(سورة األنعام [

)18(وهو القاهر فـوق عباده وهو الحكيم الخبير ومتى يكون بقاء للحدثان مع وضوح سلطان التوحيد؟. » 1«علت رتبة األحدية صفة البشرية، فهذا لم يزل وهذا لم يكن فحصل

:قوله جل ذكره ]19آية ) : 6(سورة األنعام [

نكم وأوحي إلي هذا القرآن ألنذركم به ومن بـلغ أإنكم قل أي شيء أكبـر شها لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل ال أشهد قل إنما دة قل الله شهيد بـيني وبـيـ ) .19(ون هو إله واحد وإنني بريء مما تشرك

__________ .كما يقول أهل الفلسفة -وبتعبير آخر هذا واجب الوجود وهذا ممكن الوجود) 1(

)1/464(

فسهم فـهم ال يـ ناءهم الذين خسروا أنـ ناهم الكتاب يـعرفونه كما يـعرفون أبـ لم ممن افـتـرى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه ال ومن أظ ) 20(ؤمنون الذين آتـيـن ) 22(ويـوم نحشرهم جميعا ثم نـقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تـزعمون ) 21(يـفلح الظالمون تـهم إال أن قالوا والله ربـنا ما كنا ثم لم تكن فتـ

) 23(مشركين

هو الذي ال يخفى عليه شىء، ثم -سبحانه -كل شهادة، فهم إذا أقبلوا يشهدون فال تحيط بحقائق الشيء علومهم، والحق -سبحانه -غلبت شهادة الحق .ة ومن سيوجد إلى يوم القيامةصلى اهللا عليه وسلم أنه مبعوث إلى الكاف -أخبره

:قوله جل ذكره ]20آية ) : 6(سورة األنعام [

فسهم فـهم ال يـؤمن )20(ون الذين آتـيناهم الكتاب يـعرفونه كما يـعرفون أبناءهم الذين خسروا أنـنبوته، ولكن أدركتهم الشقاوة األزلية فعقدت ألسنتهم عن اإلقرار به فجحدوه جهرا، وعلموا صدقه فى -صلى اهللا عليه وسلم -أحاط علمهم بصدق المصطفى

.سرا :قوله جل ذكره

]21آية ) : 6(سورة األنعام [

)21(ومن أظلم ممن افـترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه ال يـفلح الظالمون .شؤم الخذالن بلغ بالنكاية فيهم ما جرهم إلى اإلصرار على الكذب على اهللا تعالى، ثم لم يستحيوا من اطالعه، ولم يخشوا من عذابه

:قوله جل ذكره ]22آية ) : 6(سورة األنعام [

)22(ذين كنتم تـزعمون ويـوم نحشرهم جميعا ثم نـقول للذين أشركوا أين شركاؤكم ال .يجمعهم ليوم الحشر والنشر، لكنه يفرقهم فى الحكم واألمر، فالبعث يجمعهم ولكن الحكم يفرقهم

:قوله جل ذكره ]23آية ) : 6(سورة األنعام [

نتـهم إال أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين )23(ثم لم تكن فتـ يخفى عليه هذا الذي أخبر عنهم غاية التمرد حيث جحدوا ما كذبوا فيه وأقسموا عليه، ولو كان لهم باهللا علم لتحققوا بأنه يعلم سرهم ونجواهم، وال» 1«

.شىء من أوالهم وعقباهم، لكن الجهل الغالب عليهم استنطقهم بما فيه فضائحهم__________

.بالقاف) مشرقين(أخطأ الناسخ فكتبها ) 1(

)1/465(

هم ما كانوا يـفتـرون فسهم وضل عنـ هم من يستمع إليك وجعلنا على قـلوبهم أكنة أن يـفقهوه وفي آذانهم وقـرا وإن ) 24(انظر كيف كذبوا على أنـ يـروا كل ومنـفسهم وما ) 25( يـؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يـقول الذين كفروا إن هذا إال أساطير األولين آية ال هون عنه ويـنأون عنه وإن يـهلكون إال أنـ وهم يـنـ

) 26(يشعرون

:قوله جل ذكره ]24آية ) : 6(ورة األنعام س[

هم ما كانوا يـفتـرون فسهم وضل عنـ )24(انظر كيف كذبوا على أنـ .هذه كلمة تعجب يعنى إن قصتهم منها ما هو محل التعجب ألمثالكم

:قوله جل ذكره ]25آية ) : 6(سورة األنعام [

هم من يستمع إليك وج ى إذا جاؤك يجادلونك يـقول الذين كفروا إن هذا علنا على قـلوبهم أكنة أن يـفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يـروا كل آية ال يـؤمنوا بها حت ومنـ )25(إال أساطير األولين

.ع القبول، وذلك عن عين اليقين يصدر، فأما سمع الظاهر فال عبرة بهسم -فى الحقيقة -بين أن السمع .ويقال من ابتاله الحق بقلب مطبق، ووضع فوق بصيرته غطاء التلبيس لم يزده ذلك إال نفرة على نفرة

.الذين كفروا إن هذا إال أساطير األولين وإن يـروا كل آية ال يـؤمنوا بها حتى إذا جاؤك يجادلونك يـقول : قوله جل ذكره .» 1«يعنى من أقصته القسمة األزلية لم تنعشه الحيلة األبدية

:قوله جل ذكره

]26آية ) : 6(سورة األنعام [

فسهم وما يش هون عنه ويـنأون عنه وإن يـهلكون إال أنـ )26(عرون وهم يـنـ .يدعو إلى الحق جهرا ثم ال يأتى بذلك سرا» 3«) لمن(فى هذه اآلية إشارة صعبة » 2«

.ويقال خالفت أحوالهم قضايا أقوالهم، وجرى إجرامهم مجرى من ألقوا حبالهم على غاربهم، وكذلك من أبعده عن القسمة لم يقربه فعله__________

) .وكذلك من أبعده عن القسمة لم يقربه فعله(ما يأتى بعد قليل تساوى هذه العبارة فى المعنى ) 1( .سقطت الواو من الناسخ فأثبتناها) 2( .وهى خطأ فى النسخ) لم(وردت ) 3(

)1/466(

بل ولو ردوا لعادوا لما نـهوا ) 27(من المؤمنين ولو تـرى إذ وقفوا على النار فـقالوا يا ليتـنا نـرد وال نكذب بآيات ربـنا ونكون بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قـعوثين ) 28(عنه وإنـهم لكاذبون يا وما نحن بمبـ نـ فوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بـلى وربـنا قال فذوقوا ولو تـرى إذ وق ) 29(وقالوا إن هي إال حياتـنا الد

) 30(العذاب بما كنتم تكفرون

:قوله جل ذكره ]27آية ) : 6(سورة األنعام [

)27(نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نـرد وال .يعنى حين ينجز للعبد ما وعده له من القربة يشغل من شاء بنوع من العلة حتى ال يطلع أحد على محل األسرار

:قوله جل ذكره ]28آية ) : 6(سورة األنعام [

بل ول )28(و ردوا لعادوا لما نـهوا عنه وإنـهم لكاذبون بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قـفكم من مجلل بثوب تقواه، ويحكم له معارفه بانه زاهد فى دنياه، راغب فى عقباه، محب لمواله، مفارق لهواه، -غدا يوم تنهتك األستار، وتظهر األسرار

.ما ظنوهفيكشف األمر عن خالف ما فهموه، ويفتضح عندهم بغير ظن الكل أنه خليع العذار هين األعالل، مشوش األسرار، فظهر لذوى البصائر جوهره، وبدت عن خفايا الستر حقيقته ! وكم من متهتك ستر بما أظهر عليه

»1 «. قال لو رد أهل العقوبة إلى دنياهم لعادوا إلى جحدهم أخبر عما علم أنه ال يكون أنه لو كان كيف كان يكون ف» ولو ردوا لعادوا لما نـهوا عنه «: ثم قال

:وإنكارهم، وكذلك لو رد أهل الصفاء والوفاء إلى دنياهم لعادوا إلى أحسن أعمالهم :قوله جل ذكره

]30آية ) : 6(سورة األنعام [

)30(ربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى و __________

حوالهم قصدا الحظ كيف ان القشيري متاثر إلى حد كبير بتعاليم المالمتية، فأهل المالمة يقومون بأعمال تستوجب مالمة الناس سترا ألسرارهم وصونا أل) 1( .حق بأحوالهم وحقائقهمإلى محاربة دعوى النفس، واالكتفاء بعلم ال

)1/467(

) 31(ما فـرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم أال ساء ما يزرون قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتـهم الساعة بـغتة قالوا يا حسرتـنا على يا نـ ر للذين يـتـقون أفال تـعقلون وما الحياة الد ار اآلخرة خيـ بونك ولكن الظالمين بآيات ) 32(إال لعب ولهو وللد قد نـعلم إنه ليحزنك الذي يـقولون فإنـهم ال يكذ

) 33(الله يجحدون

فهم واقفون على أقدام الحسرة، يقرعون أسنان الندم حين ال ندم ينفعهم، وال ! هم من موقف الخجل، ومحل مقاساة الوجل، وتذكر تقصير العمليا حسرة علي .شكوى تسمع منهم، وال رحمة تنزل عليهم

:أليس هذا بالحق؟ يقرون كارهين، ويصرخون بالتبري عن كل غير قوله جل ذكره: وحين يقول لهم ]33الى 31اآليات ) : 6(األنعام سورة[

وما ) 31(طنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم أال ساء ما يزرون قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتـهم الساعة بـغتة قالوا يا حسرتنا على ما فـر ر للذين يـتـقون أفال تـعقلون ال ار اآلخرة خيـ نيا إال لعب ولهو وللد بونك ولكن الظالمين بآيات الله ) 32(حياة الد قد نـعلم إنه ليحزنك الذي يـقولون فإنـهم ال يكذ

)33(يجحدون :لم يخسروا ماال، وال مقاما وال حاال، ولكن كما قيل! خسران وأي خسران

لفرقة من أفنيت فى ذكره عمرى... لعمرى لئن أنزفت دمعى فإنه نيا إال «: وقوله! المصيبة لهم والحسرة على غيرهم، ومن لم يعرف جالل قدره متى تأسف على ما يفوته من حديثه وأمره؟ ما كان : » لعب ولهو وما الحياة الد

.يلهيك عن موالك، وما يشغلك عن الحق ركونه فغير مبارك قربه -ال محالة -للنفس فيه حظ ونصيب اليوم فهو من الدنيا، وما كان من الدنيا فإنهبونك ولكن : قوله صلى اهللا عليه وسلم -هذه تعزية للرسول: الظالمين بآيات الله يجحدون قد نـعلم إنه ليحزنك الذي يـقولون فإنـهم ال يكذ

)1/468(

بوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا وال مبدل ل بلك فصبـروا على ما كذ بت رسل من قـ وإن كان كبـر عليك ) 34(من نـبإ المرسلين كلمات الله ولقد جاءك ولقد كذتأتيـهم بآية و بتغي نـفقا في األرض أو سلما في السماء فـ ) 35(لجاهلين لو شاء الله لجمعهم على الهدى فال تكونن من اإعراضهم فإن استطعت أن تـ

ولقد كنت عظيم الجاه فيهم قبل أن أوقعنا عليك هذا الرقم وكانوا يسمونك محمدا . أي قد نعلم ما قالوا فيك وهم إنما قالوا ذلك بسببنا وألجلنا. وتسلية :األمين، فإن أصابك ما يصيبك فألجل حديثنا، وغير ضائع لك هذا عندنا، وحالك فينا كما قيل

وكانوا لنا سلما فصاروا لنا حربا... فى الحى أشنع قصة أشاعوا لنا :قوله جل ذكره

]34آية ) : 6(سورة األنعام [

بوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا وال مبدل لكل بلك فصبـروا على ما كذ بت رسل من قـ )34(نـبإ المرسلين مات الله ولقد جاءك من ولقد كذمهج، وما حملوا يعنى إن من سلك سبيلنا صبر على ما أصابه من حديثنا، فال خسرت فينا صفقته، وال خفيت علينا حالته، وما قابل حكمنا من عرفنا إال بال

:مالقوا فينا إال على الحدق وجدوا المنية منهال معسوال... إن األلى ماتوا على دين الهوى

:له جل ذكرهقو ]35آية ) : 6(سورة األنعام [

بتغي نـفقا في األرض أو سلما في السماء تأتيـهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فال تكونن من وإن كان كبـر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تـ فـ )35(الجاهلين استقصى فى التماس الرحمة من اهللا لهم، وحمل على قلبه العزيز بسبب ما علم من سوء أحوالهم ما أثر فيه من فنون -صلى اهللا عليه وسلم -لفرط شفقته

.فعرفه أنهم مبعدون عن التقريب، منكوبون بسالف القسمة. األحزان .ولو شاء أن يهديهم لكان لهم مقيل فى الصدور، ومثوى على النشاط، ولكن من كبسته العزة لم تنعشه الحيلة لخفف عنهم، -سبحانه -ولو أراد الحق

)1/469(

عثـهم الله ثم إليه يـرجعون ة من ربه قل إن الله قادر على أن يـنـزل آية ولكن أكثـرهم ال وقالوا لوال نـزل عليه آي ) 36(إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يـبـبوا بآياتنا ) 38(م إلى ربهم يحشرون ب من شيء ث وما من دابة في األرض وال طائر يطير بجناحيه إال أمم أمثالكم ما فـرطنا في الكتا) 37(يـعلمون والذين كذ

) 39(صم وبكم في الظلمات من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم

:قوله جل ذكره ]36آية ) : 6(سورة األنعام [

عثـهم الله ثم إليه يـرجعون إنما يستجيب ا )36(لذين يسمعون والموتى يـبـ .غالب -سبحانه -من فقد االستماع فى سرائره عدم توفيق االتباع بظاهره، واالختيار السابق فى معلومه

:قوله جل ذكره ]37آية ) : 6(سورة األنعام [

)37(آية من ربه قل إن الله قادر على أن يـنـزل آية ولكن أكثـرهم ال يـعلمون وقالوا لوال نـزل عليه .من بصائرهم لما تواهموا من عدم دالئلهم» 1«( ... ) استزادوا من المعجزات وقد حصل من ذلك ما يذبح العذر، ولم يعلموا أن اهللا المانع لهم فلوال ما

:وله جل ذكرهق ]38آية ) : 6(سورة األنعام [

)38(شيء ثم إلى ربهم يحشرون وما من دابة في األرض وال طائر يطير بجناحيه إال أمم أمثالكم ما فـرطنا في الكتاب من فى حال اإلبداع ثم فى حال البقاء، وكذلك جميع الصفات النفسية والنعوت الذاتية : لحاجة إلى المنشئيعنى تساوت المخلوقات، وتماثلت المصنوعات فى ا

.دليل ظاهر.. إال وهو على وحدانيته شاهد، وعلى كون أنه مخلوق.. توقفت عن اإليجاد واالختيار، فما من شىء من عين وأثر، ورسم وطلل :قوله جل ذكره

]39آية ) : 6(سورة األنعام [

)39(راط مستقيم والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على ص

.الذين فاتتهم العناية األزلية سد الحرمان أسماعهم، وغشى الخذالن أبصارهم__________

.فهى فى الخط إلى ذلك أقرب) سد( مشتبهة وربما كانت) 1(

)1/470(

ر الله تدعون إن كنتم صادق تكم إن أتاكم عذاب الله أو أتـتكم الساعة أغيـ ن ما تشركون بل إياه تدعون فـيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتـنسو ) 40(ين قل أرأيـبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يـتضرعون ) 41( ) 42(ولقد أرسلنا إلى أمم من قـ

.فى جميع األحوال غالب -سبحانه -، والحق » 1«واإلرادة ال تعارض، والمشيئة ال تزاحم :قوله جل ذكره

]41الى 40اآليات ) : 6(عام سورة األن[

ر الله تدعون إن كنتم صادقين تكم إن أتاكم عذاب الله أو أتـتكم الساعة أغيـ بل إياه تدعون فـيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتـنسون ما تشركون ) 40( قل أرأيـ)41(

إذا مسكم الضر، ونابكم أمر فممن ترومون كشفه؟ ومن الذي تؤملون لطفه؟ أمخلوقا شرقيا أم شخصا غربيا؟ أم ملكا سماويا أم عبدا أرضيا؟

تحدا، فتعودون إليه فى لن تجدوا من دونه أحدا، وال عن حكمه مل -إن تذللتم بنفوسكم أو فكرتم طويال بقلوبكم -أي إنكم: » بل إياه تدعون «: ثم قال :استكشاف الضر، واستلطاف الخير والبر، كما قيل

معرفة الرجال -ديارى عنك... وإن تناءت -ويرجعنى إليك فعسى إن خبرته أن تعودا... وقد تركناك للذى تريد

إن شاء أتاح اليسر : اهد الذل واالضطرار، فإنه يفعل ما يريدفإذا جربت الكل، وذقت الحلو والمر، أفضى بك الضر إلى بابه، فإذا رجعت بنعت االنكسار، وشو .السؤال واالبتهال» 2«) قبل(وأزال العسر، وإن شاء ضاعف الضر وعوض األجر، وإن شاء ترك الحال على ما

:قوله جل ذكره ]42آية ) : 6(سورة األنعام [

بلك فأخذناهم ) .42(بالبأساء والضراء لعلهم يـتضرعون ولقد أرسلنا إلى أمم من قـ__________

.بالهاء وهى خطأ فى النسخ) تزاهم(وردت ) 1( .وهى خطأ فى النسخ) قيل(وردت ) 2(

)1/471(

تحنا عليهم أبـواب كل شيء حتى إذا ) 43(يطان ما كانوا يـعملون فـلوال إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قـلوبـهم وزين لهم الش فـلما نسوا ما ذكروا به فـ ) 45(حمد لله رب العالمين فـقطع دابر القوم الذين ظلموا وال ) 44(فرحوا بما أوتوا أخذناهم بـغتة فإذا هم مبلسون

.يخبر عن سالف سنته فى أبداء األمم وما أوجب لمن أطاعه منهم من النعم والكرم، وما أحل بمن خالفه من األلم وفنون النقم :قوله جل ذكره

]44الى 43اآليات ) : 6(سورة األنعام [

تحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا ) 43(لكن قست قـلوبـهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يـعملون فـلوال إذ جاءهم بأسنا تضرعوا و فـلما نسوا ما ذكروا به فـ )44(فرحوا بما أوتوا أخذناهم بـغتة فإذا هم مبلسون

ى أظلهم البالء، فلو رجعوا بجميل التضرع وحسن االبتهال والتملق لكشفنا عنهم المحن، وألتحنا لهم المنن، ولكن صدهم الخذالن عن العقب يعنى أنهم لما .فأصروا على تمردهم، فقست قلوبهم وتضاعفت أسباب شقوتهم

لما طالت عن الحضرة غيبتهم، ولم تنجح : نه استدرجهم، ثم أذاقهم وبال أمرهم فقالفـلما نسوا ما ذكروا به يخبر عن خفى مكره بهم، وكيف أ: قوله تعالىالنعم، وفتحنا لهم أبواب الرفاهية، فلما استمكن الرجاء من قلوبهم أخذناهم بغتة وعذبناهم » 1«مواعظنا فيهم سهلنا لهم أسباب العوافي وصببنا عليهم عزالى

.آيسون -من أسباب الوحشة عن االستراحة بدوام المناجاة -رحمة قانطون، ولما خامر قلوبهمفجأة، وأذقناهم حسرة فإذا هم من ال :قوله جل ذكره

]45آية ) : 6(سورة األنعام [

)45(فـقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين وال أثر، ولم يرد حديث منهم أو خبر،فلم يلبثوا إال يسيرا حتى لم يبق منهم عين

__________ يقال أنزلت السماء عزاليها إشارة إلى شدة وقع المطر: العزالي) 1(

)1/472(

ر الله يأت تم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قـلوبكم من إله غيـ تكم إن أتاكم ) 46(يكم به انظر كيف نصرف اآليات ثم هم يصدفون قل أرأيـ قل أرأيـحزنون وما نـرسل المرسلين إال مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فال خوف عليهم وال هم ي ) 47(ة أو جهرة هل يـهلك إال القوم الظالمون عذاب الله بـغت

بوا بآياتنا يمسهم ال ) 48( ) 49(عذاب بما كانوا يـفسقون والذين كذ

:قوله جل ذكره» 1«بنعت العز واستحقاق الجالل ال عن فقدهم له استيحاش، وال بوجودهم استرواح أو استبشار -سبحانه وتعالى -واهللا ]46آية ) : 6(سورة األنعام [

تم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم و ر الله يأتيكم به انظر كيف نصرف اآليات ثم هم يصدفون قل أرأيـ )46(ختم على قـلوبكم من إله غيـ .عرفهم محل عجزهم، وحقيقة حاجتهم إلى القدرة القديمة لدوام فقرهم

فمن الذي يهب ما سلبه، أو -بكل وجه فى كل لحظة -لهم ما ألبسهم من العوافي إن لم يدم عليهم نعمة أسماعهم وأبصارهم، ولم يوجب: وحذرهم فقال .بل هو اهللا تعالى... يضع ما منعه، أو يعيد ما نفاه، أو يرد ما أبداه؟ كال

:قوله جل ذكره ]49الى 47اآليات ) : 6(سورة األنعام [

تكم إن أتاكم عذاب الله بـغتة وما نـرسل المرسلين إال مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فال خوف عليهم ) 47(أو جهرة هل يـهلك إال القوم الظالمون قل أرأيـ )49(بما كانوا يـفسقون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب ) 48(وال هم يحزنون

.ظنيقول إن عجل موعوده لكم من العقاب أفترون أن غير المستوجب يبتلى؟ أو أن المستحق له يجد من دونه مهربا ومنجى؟ إن هذا محال من ال» 2«بوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا وما نـرسل المرسلين إال مبشرين ومنذرين فمن آمن وأ : قوله جل ذكره صلح فال خوف عليهم وال هم يحزنون والذين كذ

.يـفسقون __________

. [.....]ال يلحقه زين بطاعة المطيع وال شين بمعصية العاصي -سبحانه -فالحق) 1( )الظالمين(أخطأ الناسخ فكتبها ) 2(

)1/473(

وأنذر ) 50(إال ما يوحى إلي قل هل يستوي األعمى والبصير أفال تـتـفكرون قل ال أقول لكم عندي خزائن الله وال أعلم الغيب وال أقول لكم إني ملك إن أتبع ) 51(ن يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي وال شفيع لعلهم يـتـقون به الذي

.خالفهم يعنى ليس أمرنا لهم إال بالتزام ما فيه تجاتهم، ثم بجميل الوعد لهم، ومفارقة ما فيه هالكهم، ثم بأليم العقوبة فى اآلجل ما يحصل من .فمن آمن وصدق أنجزنا له الوعد، ومن كفر وجحد عارضنا عليه األمر، وأدخلنا عليه الضر

:قوله جل ذكره ]50آية ) : 6(سورة األنعام [

)50(ما يوحى إلي قل هل يستوي األعمى والبصير أفال تـتـفكرون قل ال أقول لكم عندي خزائن الله وال أعلم الغيب وال أقول لكم إني ملك إن أتبع إال .أجل، أوصلت: يعنى قل لهم إنى ال أتخطى خطى، وال أتعدى حدى، وال أثبت من ذات نفسى شيئا، وإنما يقال لى أبلغت؟ وأقول

.ال يكون ذلك... هل يتشاكل الضوء والظالم؟ وهل يتماثل الجحد والتوحيد؟ كال :» قل هل يستوي األعمى والبصير «: ثم قال :قوله جل ذكره

]51آية ) : 6(سورة األنعام [

)51( يـتـقون وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي وال شفيع لعلهم ألن االنتفاع واالتباع بالتقوى، » هدى للمتقين «: اإلنذار إعالم بمواضع الخوف، وإنما خص الخائفين باإلنذار كما خص المتقين بإضافة الهدى إليهم حيث قال

.واإلنذار اختص بهم .ل فال تباشرها طوارق الخوفالخوف هاهنا العلم، وإنما يخاف من علم، فأما القلوب التي هى تحت غطاء الجه: ويقالشيئا سوى » 1«) يؤمنون(يعنى كما أنه ال ناصر لهم من األغيار فال معتمد لهم من أفعالهم، وال مستند من أحوالهم، وال » من دونه من ولي وال شفيع «: قوله

.صرف العناية وخصائص الرحمة__________

) .يأمنون(بعدها منصوب، ولو كانت يؤمنون لكان ما بعدها مجرورا، والسياق يقوى اختيار ألن ما) يأمنون(الصواب أن تكون ) 1(

)1/474(

تطردهم فـتكون من الظالمين شيء وما من حسابك عليهم وال تطرد الذين يدعون ربـهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من من شيء فـ)52 (

:قوله جل ذكره ]52آية ) : 6(سورة األنعام [

تطردهم فـتكون من الظالمين ء وما من حسابك ع وال تطرد الذين يدعون ربـهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شي ليهم من شيء فـ)52(

-فى باب الفقراء والمستضعفين، وذلك لما قصروا لسان المعارضة عن استدفاع ما كانوا بصدده من أمر إخالء الرسول -صلى اهللا عليه وسلم -هذه وصية له .خصيمتهم -سبحانه -رعين بقلوبهم بين يدى اهللا أراد أن يبين له أثر حسن االبتهال فتولىمجلسه منهم، وسكنوا متض -صلوات اهللا عليه وسالمه

قال وي» 1«ال تنظر يا محمد إلى خرقتهم على ظاهرهم وانظر إلى حرقتهم فى سرائرهم : » وال تطرد الذين يدعون ربـهم بالغداة والعشي يريدون وجهه «: وقالفشهد لهم باإلرادة وإال فمن يتجاسر أن يقول إن شخصا مخلوقا » يريدون وجهه «قال -سبحانه -كانوا مستورين بحالتهم فشهرهم بأن أظهر قصتهم، ولوال أنه

يريد الحق سبحانه؟صاف بالحدثان، فمن المعلوم أن هذه اإلرادة ليست بمعنى إال بالحدوث، وحقيقة الصمدية متقدسة عن االت -فى التحقيق - ويقال إذا كانت اإلرادة ال تتعلق

.» 2«المشيئة، وال كاشتقاق أهل اللغة لها وأكثر تحقيقها أنها احتياج يحصل فى القلوب يسلب: فيقال تكلم الناس فى اإلرادة

__________ يوضح أن سبب » عوارفه«وهكذا نجد أن السهروردي فى مقدمة واضح من كالم القشيري اتصاف هذا النفر بصفات كثيرة تدنو بهم من أهل التصوف، ) 1(

بض بيديه مخافة أن نزول هذه اآلية فى أهل الصفة الذين كانوا يالزمون صفة مسجد المدينة وليس لهم شغل سوى العبادة وتالوة القرآن وكان أحدهم إذا ركع ق ) .47عوارف المعارف ص (إلخ ... تبدو عورته لتمزق ثوبه

-من له إرادة كالعالم من له علم، ألنه من األسماء المشتقة، ولكن المريد -على موجب االشتقاق - المريد: » رسالته«ل القشيري فى هذا المعنى فى يقو ) 2( )101الرسالة ص (في عرف هذه الطائفة من ال إرادة له، فمن لم يتجرد عن إرادته ال يكون مريدا

)1/475(

تـنا بـع ) 53(ضهم ببـعض ليـقولوا أهؤالء من الله عليهم من بـيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين وكذلك فـ

:كما قال قائلهم سكونا وال قرارا، -سبحانه -ليال وال نهارا، وال يجد من دون وصوله إليه» 1«القرار من العبد حتى يصل إلى اهللا فصاحب اإلرادة ال يهدأ ال أسدا أخشى وال ذيبا... ثم قطعت الليل فى مهمه

ولم يزل ذو الشوق مغلوبا... يغلبنى شوقى فأطوى السرى الباطنة، ها من األحوالويقال تقيدت دعوتهم بالغداة والعشى ألنها من األعمال الظاهرة، واألعمال الظاهرة مؤقتة، ودامت إرادتهم فاستغرقت جميع أوقاتهم ألن

.» 2«أي مريدين وجهه فهى فى موضع الحال » يريدون وجهه «: ثم قال» يدعون ربـهم بالغداة والعشي «: واألحوال الباطنة مسرمدة غير مؤقتة، فقال: تجردوا هللا تمحضت عناية الحق لهم، فتولى حديثهم وقالويقال أصبحوا وال سؤال لهم من دنياهم، وال مطالبة من عقباهم، وال هم سوى حديث موالهم، فلما

ما عليك من حسابهم «: ما عليك من حسابهم من شىء فالفقير خفيف الظهر ال يكون منه على أحد كثير مئونة قال تعالى: ثم قال -يا محمد -وال تطردهم .» من شيء وما من حسابك عليهم من شيء

.حسابه فإن كان أمره خيرا فهو مالقيه، وإن كان شرا فهو مقاسيه -سبحانه -تطالب بحسابهم وال يطالبون بحسابك، بل كل يتولى الحق ال :قوله جل ذكره

]53آية ) : 6(سورة األنعام [

تـنا بـعضهم ببـعض ليـقولوا أهؤالء من الله عليهم من )53(بـيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين وكذلك فـ .أما الفاضل فليشكر، وأما المفضول فليصبر

:ويقال سبيل المفضول على لسان المحبة الشكر، وال يتقاصر شكره عن شكر الفاضل، قال قائلهم فى معناه أليس جرى بفيك اسمى؟ فحسبي... أتانى منك سبك لى فسبي

__________ .منعا للبس) وال يهدأ(والصواب أن تكتب ) وال يهدى(وردت ) 1( تعرب حاال) يريدون وجهه(أي إن الجملة الفعلية ) 2(

)1/476(

مل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بـعده وأصلح فأنه غفور رحيم ه من ع وإذا جاءك الذين يـؤمنون بآياتنا فـقل سالم عليكم كتب ربكم على نـفسه الرحمة أن ) 55(وكذلك نـفصل اآليات ولتستبين سبيل المجرمين ) 54(

:وقال آخر لك حامد -وإن دما أجريته... لك شاكر -وإن فؤادا بعته :قوله جل ذكره

]54آية ) : 6(سورة األنعام [

عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بـعده وأصلح فأنه غفور رحيم وإذا جاءك الذين يـؤمنون بآياتنا فـقل سالم عليكم كتب ربكم على نـفسه الرحمة أنه من )54(

لمقصود بالسؤال أحله محل األكابر والسادة، فإن السالم من شأن الجائى إال فى صفة األكابر فإن الجائى أو اآلتي يسكت لهيبة المأتى حتى يبتدئ ذلك ا .فعند ذلك يجيب اآلتي

.» سالم عليكم «: ويقال إذا قاسوا تعب المجيء فأزل عنهم المشقة بأن قل .» 1«مة أي فقل لهم سالم عليكم سلمتم فى الحال عن الفرقة وفى المآل عن الحرقة ويقال السالم هو السال

.كتب ربكم على نـفسه الرحمة : قوله جل ذكره .إن وكل بك من كتب عليك الزلة فقد تولى بنفسه لك كتابة الرحمة

.ويقال كتب بمعنى حكم، وإنه ما حكم إال بما علم .أزلية، وكتابته عليك وقتية، والوقتية ال تبطل األزلية ويقال كتابته لك .أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بـعده وأصلح فأنه غفور رحيم : قوله جل ذكره

تعاطى شيئا بحسن اإلمهال وجميل األفضال، فإذا عاد بتوبة وحسرة أقبلنا يعنى من تعاطى شيئا من أعمال الجهال ثم سوف فى الرجوع واألوبة قابلناه، يعنى من .عليه بكل لطف وقبول

:قوله جل ذكره ]55آية ) : 6(سورة األنعام [

) .55(وكذلك نـفصل اآليات ولتستبين سبيل المجرمين

__________ .هجره، وسلمتم فى اآلخرة من عذاب جهنم ذات الحريقاى سلمتم فى الدنيا من عذاب نأبه و ) 1(

)1/477(

تم به ما عندي ما ) 56(وما أنا من المهتدين قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل ال أتبع أهواءكم قد ضللت إذا بـ نة من ربي وكذ قل إني على بـيـر الفاصلين تستـعجلون ب نكم والله أعلم بالظالمين ) 57(ه إن الحكم إال لله يـقص الحق وهو خيـ ) 58(قل لو أن عندي ما تستـعجلون به لقضي األمر بـيني وبـيـ

ات األرض وال رطب وال يابس إال في كتاب مبين ا إال هو ويـعلم ما في البـر والبحر وما تسقط من ورقة إال يـعلمها وال حبة في ظلم وعنده مفاتح الغيب ال يـعلمه )59 (

حيد، ونمد أهله بحسن التأييد، ونسم قلوب األعداء بوسم الخذالن، ونذيقهم شؤم الحرمان طريق االستدالل، ونطلع شموس التو » 1«نزيل اإلشكال، ونفصح .لئال يبقى ألحد عذر، وال فى الطريق إشكال

:قوله جل ذكره ]56آية ) : 6(سورة األنعام [

)56(أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل ال أتبع مصرف فال للهوى عليك ) الصون(يعنى صرح باالعتراف بجميل ما خصصناك به من وجوه العصمة والنعمة، وأخبرهم أنك فى كنف اإليواء متقلب، وفى قبضة

.ةسلطان، وال لك من محل التحقيق تباعد أو عن الحضور غيب :قوله جل ذكره

]57آية ) : 6(سورة األنعام [

تم به ما عندي ما تستـعجلون به إن الحكم إال لله يـ بـ نة من ربي وكذ ر الفاصلين قل إني على بـيـ )57(قص الحق وهو خيـولئن بقيتم فى ظلمة االلتباس . االستدالل، وروحنى بشموس الحقيقة» 2«) كد (الطلب والتباس التحير، وأغنانى عن لم يغادرنى فى قطر -سبحانه -قل إن اهللا

.فليس لى قدرة على إزالة ما مننيتم به من التحير، ونفى ما امتحنتم به من الجهالة والتردد :قوله جل ذكره

]59الى 58اآليات ) : 6(سورة األنعام [

نكم والله أعلم بالظالمين قل لو وعنده مفاتح الغيب ال يـعلمها إال هو ويـعلم ما في البـر والبحر وما ) 58(أن عندي ما تستـعجلون به لقضي األمر بـيني وبـيـ )59(ها وال حبة في ظلمات األرض وال رطب وال يابس إال في كتاب مبين تسقط من ورقة إال يـعلم

__________ .من اإلفصاح وهو اإلبانة واإليضاح) 1( .حسبما نعرف من أسلوب القشيري فى مثل هذا الموضع -والقصود عناء االستدالل وكده) قد(وردت ) 2(

)1/478(

عثكم فيه ليـقضى أجل مسمى ثم إ وهو الذي وهو القاهر فـوق ) 60(ليه مرجعكم ثم يـنبئكم بما كنتم تـعملون يـتـوفاكم بالليل ويـعلم ما جرحتم بالنـهار ثم يـبـ ) 61(فظة حتى إذا جاء أحدكم الموت تـوفـته رسلنا وهم ال يـفرطون عباده ويـرسل عليكم ح

.شفقة عليكم، لكن المتفرد بالحكم ال يعارض فيما يريد -لو قدرت على إبداء ما طلبتم من إقامة البراهين ألجبتكم إلى كل ما اقترحتم على سبحانه فإن التأثير لها فى اإليجاد، والموصوف بقدرة -المفتاح ما به يرتفع الغلق، والذي يحصل مقصود كل أحد، وهو قدرة الحق: ب وعنده مفاتح الغي :اإليجاد هو اهللا

.ويقال أراد بهذا شمول علمه، أي هو المتفرد باإلحاطة بكل معلوم، وقطعا ال يسأل عن شىء، وال يخفى عليه شىء .الغيب وعنده مفاتح الغيب فان آمنت بغيبه مد الشمس على غيبك» 1«اتح ويقال عندك مف :قوله جل ذكره

]60آية ) : 6(سورة األنعام [

عثكم فيه ليـقضى أجل مسم )60(رجعكم ثم يـنبئكم بما كنتم تـعملون ى ثم إليه م وهو الذي يـتـوفاكم بالليل ويـعلم ما جرحتم بالنهار ثم يـبـعلى ما جرحت بالنهار مع علمه بأفعالك، فبالحرى أال -إذا توفاك -إنه يتوفى األنفس فى حال النوم وفى حال الوفاة، وكما أنه ال يعاقبك بالليل فإنه ال يعذبك

.أحوالكعلى ما علمه من قبيح - إذا توفاك -يعذبك غدا :قوله جل ذكره

]61آية ) : 6(سورة األنعام [

)61(هم ال يـفرطون وهو القاهر فـوق عباده ويـرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت تـوفـته رسلنا و __________

يمكن تأويلها على انها جمع مفتح مصدر ميمى بمعنى الفتح والفتوح وهما من فضل اهللا، -شيري قالهاإن صح أن الق -نسبة المفاتح إلى اإلنسان) 1(واهللا -هكذا نفهم من السياق... ولكنهما بالنسبة إلى المفاتح االلهية كنسبة ضوء المصباح إلى ضوء الشمس، إذا ظهر شعاع الشمس غمر ضوء المصباح

.أعلم

)1/479(

قل من يـنجيكم من ظلمات البـر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه ) 62(ثم ردوا إلى الله موالهم الحق أال له الحكم وهو أسرع الحاسبين تم تشركون ) 63(ين لنكونن من الشاكر ها ومن كل كرب ثم أنـ عث عليكم عذابا من فـوقكم أو من تحت ) 64(قل الله يـنجيكم منـ قل هو القادر على أن يـبـ

) 65(بـعض انظر كيف نصرف اآليات لعلهم يـفقهون أرجلكم أو يـلبسكم شيـعا ويذيق بـعضكم بأس

.فوق عباده بالقهر والرفعة، وفوقهم بالقدرة على أن يعذبهم من فوقهم بإنزال العقوبة عليهم والسخطة :قوله جل ذكره

]62آية ) : 6(سورة األنعام [

)62(أال له الحكم وهو أسرع الحاسبين ثم ردوا إلى الله موالهم الحق .وما غابوا عن القبضة. ردهم إلى نفسه :قوله جل ذكره

]63آية ) : 6(سورة األنعام [ )63(نكونن من الشاكرين قل من يـنجيكم من ظلمات البـر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه ل

.تذكير النعمة يوجب الزيادة فى المحبة، فإنه إذا عرف جميال أسداه تمكن من قلبه الحب :قوله جل ذكره

]64آية ) : 6(سورة األنعام [

تم تشركون يكم منها ومن كل كرب ثم أنـ )64(قل الله يـنج .عما يفوتكم اهللا، والذي حكم بنجاتكم اهللا، والذي يأخذ بأيديكم كلما عثرتم اهللا» 1«) الخلف(بالقدرة على إيجادكم اهللا، والذي هو المتفرد

:قوله جل ذكره ]65آية ) : 6(سورة األنعام [

عث عليكم عذابا من فـوقكم أو من تحت هون أرجلكم أو يـلبسكم شيعا ويذيق بـعضكم بأس بـعض انظر كيف نصرف اآليات لعلهم يـفق قل هو القادر على أن يـبـ)65(

إذا أراد اهللا هالك قوم أمر البالء حتى يحيط بهم سرادقه كما يحيط بالكفار غدا إذا__________

.خطأ فى النسخ بالقاف وهى) الخلق(وردت ) 1(

)1/480(

هم حتى ) 67(لكل نـبإ مستـقر وسوف تـعلمون ) 66(وكذب به قـومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنـ ) 68(غيره وإما يـنسيـنك الشيطان فال تـقعد بـعد الذكرى مع القوم الظالمين يخوضوا في حديث

.أدركتهم العقوبة، وخرج بعضهم على بعض حتى يتبرأ التابع من المتبوع، والمتبوع من التابع .كيف نصرف اآليات لعلهم يـفقهون ويذيق بـعضكم بأس بـعض، انظر : قوله جل ذكره

إن شئت من الوالية والمحبة، وإن شئت فى العداوة والبغضة فمن مني بالبغضة مع أشكاله تنغص عليه عيشه فى الدنيا، : ال طعم أردأ لإلنسان من طعم اإلنسان .» 1«) المعاني(لخلق فهو المحفوظ ومن منى بمحبة أمثاله تكدر عليه حاله مع المولى، ومن صانه عن ا

:قوله جل ذكره ]67الى 66اآليات ) : 6(سورة األنعام [

)67(لكل نـبإ مستـقر وسوف تـعلمون ) 66(وكذب به قـومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل .ا تحقيق الوصلة بالوجود والحال فمن خصائص القدرة وأحكام المشيئة األزليةيعنى قل لهم إنما على تبليغ الرسالة، فأم

:قوله جل ذكره ]68آية ) : 6(سورة األنعام [

هم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما يـنسيـن )68(فال تـقعد بـعد الذكرى مع القوم الظالمين ك الشيطان وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنـ .ذرهم ووحشتهم بحسن اإلعراض عنهم، والبعد عن اإلصغاء إلى تهاويشهم بحسن االنقباض. ال توافقهم فى الحالة، وال ترد عليهم ببسط القالة

.بـعد الذكرى مع القوم الظالمين وإما يـنسيـنك الشيطان فال تـقعد : قوله جل ذكره

__________ .بالفاء المفتوحة أي المصون عن كل أذى وعلة) المعاني(اى محفوظة معانيه، وربما كانت فى األصل ) المعاني(المحفوظ ) 1(

)1/481(

ر به أن تـبسل نـف ) 69(ى لعلهم يـتـقون وما على الذين يـتـقون من حسابهم من شيء ولكن ذكر يا وذك نـ س وذر الذين اتخذوا دينـهم لعبا ولهوا وغرتـهم الحياة الدها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانو بما كسبت ليس لها من دون الله ولي وال شفيع وإن تـعدل كل عدل ا ال يـؤخذ منـ

فعنا وال يضرنا ونـرد على أعقابنا بـعد إذ ) 70(يكفرون ران له أصحاب يدعونه قل أندعو من دون الله ما ال يـنـ هدانا الله كالذي استـهوته الشياطين في األرض حيـ ) 71(إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين

.فى تلك الغلطة قدمك ثانية لئال تقاسى أليم العقوبة منا) » 1«تزل (لتذكر وجميل التنبه، فاجتهد أال أي إن بدر منك تغافل فتداركته بحسن ا :قوله جل ذكره

]69آية ) : 6(سورة األنعام [

)69(وما على الذين يـتـقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يـتـقون .عن ارتكاب اإلجرام يعزل يوم نشره عن مالقاة تلك اآلالم» 2«) الثوب(قى أي من كان ن :قوله جل ذكره

]70آية ) : 6(سورة األنعام [

ر به أن تـبسل نـفس نيا وذك س لها من دون الله ولي وال شفيع وإن تـعدل كل عدل ال يـؤخذ بما كسبت لي وذر الذين اتخذوا دينـهم لعبا ولهوا وغرتـهم الحياة الد )70(منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون

.خمار الوهم والغلظة» 3«) فى المكر ما إذا أحللناه بهم كسرنا عليهممن خ(أي كلهم وما اختاروه فإنا أعتدنا لهم :قوله جل ذكره

]71آية ) : 6(سورة األنعام [

فعنا وال يضرنا ونـرد على أعقابنا بـعد إذ هدانا الله كال شياطين في األرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ذي استـهوته القل أندعوا من دون الله ما ال يـنـ )71(ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين

__________ .سياقاى تقع فهذا هو المالئم لل) تزل(بالذال والصواب أن تكون بالزاي ) تذل(وردت ) 1( . [.....]فهو الذي يوصف بالنقاء) الثوب(والصواب أن تكون ) الثواب(وردت ) 2( .ما بين القوسين موجود فى هامش الورقة أثبتناه فى موضعه حسب العالمة المميزة) 3(

)1/482(

فخ في لذي خلق السماوات واألرض بالحق ويـوم يـقول كن فـيكون قـوله الحق وله الملك يـوم وهو ا) 72(وأن أقيموا الصالة واتـقوه وهو الذي إليه تحشرون يـنـ ) 73(الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير

أنؤثر الضالل على الهدى بعد طلوع شمس : -يا محمد -قل لهم: عن الدين والعود إلى الشرك، فقال لهم اهللاأي كان الكفار يدعون المسلمين إلى الرجوع البرهان؟

.، محال من الظنونوندع الطريقة المثلى بعد ظهور البيان؟ ونترك عقوة الجنة وقد نزلناها؟ ونطلب الجحيم مثوى بعد ما كفيناها؟ إن هذا بعيد من المعقول عد أتباع الشيطان من وجد الخالص من صحبتهم، وأبصر الغى من صفتهم؟وكيف يسا

:قوله جل ذكره ]72آية ) : 6(سورة األنعام [

)72(وأن أقيموا الصالة واتـقوه وهو الذي إليه تحشرون :قوله جل ذكره! األخس؟» 1«) بمكالمة(طق أي أمرنا بمالزمة محل المناجاة ألن اللسان إن تعود نجوى السلطان متى ين

]73آية ) : 6(سورة األنعام [

فخ في الصور عالم الغيب والشهادة وه وهو الذي خلق السماوات واألرض بالحق ويـوم يـقول كن فـيكون قـوله الحق وله الملك يـ )73(و الحكيم الخبير وم يـنـ .حدوث مقصود، وال يتقاصر حكمه عن تصريف موجود -سبحانه -يعنى أنه ال يعترض على قدرته

__________ ) .مكالمة(واألوفق بالنسبة للسان أن تكون ) مكاملة(وردت ) 1(

)1/483(

راهيم ألبيه آزر أتـتخذ أصناما وكذلك نري إبـراهيم ملكوت السماوات واألرض وليكون من الموقنين ) 74(آلهة إني أراك وقـومك في ضالل مبين وإذ قال إبـفـلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فـلما أفل قال لئن لم يـهدني ربي ) 76(أحب اآلفلين فـلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فـلما أفل قال ال ) 75(

) 78(فـلت قال يا قـوم إني بريء مما تشركون فـلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبـر فـلما أ ) 77(ألكونن من القوم الضالين

:قوله جل ذكره ]74آية ) : 6(سورة األنعام [

)74(وإذ قال إبراهيم ألبيه آزر أتـتخذ أصناما آلهة إني أراك وقـومك في ضالل مبين .يفعل ما يريد -سبحانه -متصف بالتوحيد، والحق األصل متهم فى الجحود، والنسل

:قوله جل ذكره ]75آية ) : 6(سورة األنعام [

)75(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات واألرض وليكون من الموقنين » 2«سره شظية من غبار العيب، فلما صحا من غيم التجوز » 1«) قضاء(ا لم يبق فى الطفه بسابق العناية، ثم كاشفه بالحق الهداية فأراه من دالالت توحيده م .سما سره فقال بنفي األغيار جملة، وتبرأ عن الجميع ولم يغادر منها تهمة

:قوله جل ذكره

]78الى 76اآليات ) : 6(سورة األنعام [

فـلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فـلما أفل قال لئن لم يـهدني ربي ألكونن ) 76(ربي فـلما أفل قال ال أحب اآلفلين فـلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ) .78(أكبـر فـلما أفـلت قال يا قـوم إني بريء مما تشركون فـلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا ) 77(من القوم الضالين __________

.بالفاء فالغبار والغيم يعلقان بالفضاء) فضاء(ربما كانت ) 1(حصار دائرته فى نطاق الحس، وعدم المقصود من ذلك ما أصاب إبراهيم من اضطراب، وهنا لفتة ذكية من القشيري حيث أراد وصم العقل بالتجويز الن) 2(

.استطاعته تجاوز هذا النطاق ألنه معتمد عليه

)1/484(

ه قـومه قال أتحاجوني في الله وق ) 79(إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات واألرض حنيفا وما أنا من المشركين د هدان وال أخاف ما تشركون به إال وحاج ) 80(أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفال تـتذكرون

هذا ربى ثم يزيد فى ضيائه : لالطلب، ولم يتجل له بعد صباح الوجود، فطلع نجم العقول فشاهد الحق بسره بنور البرهان، فقا» 1«) سجوف(يعنى أحاطت به .» قال هذا ربي«فطلع له قمر العلم فطالعه بشرط البيان،

يا قـوم «: من برج شرفها فلم يبق للطلب مكان، وال للتجويز حكم، وال للتهمة قرار فقال» 3«) العرفان(الصبح ومتع النهار فطلعت شموس » 2«) أسفر(ثم .إذ ليس بعد العيان ريب، وال عقب الظهور ستر» ون إني بريء مما تشرك

إنه كان يالحظ اآلثار واألغيار باهللا، ثم كان يرى األشياء هللا ومن اهللا، ثم طالع األغيار محوا » هذا ربي« -عند شهود الكواكب والشمس والقمر -ويقال قوله .فى اهللا

:قوله جل ذكره ]79آية ) : 6(سورة األنعام [

)79(جهت وجهي للذي فطر السماوات واألرض حنيفا وما أنا من المشركين إني و .فى اهللا واهللا اهللا» 5«) محو(عقدى عن غير اهللا، وحفظت عهدى فى اهللا هللا، وخلصت وجدي باهللا، فإنى هللا باهللا، بل » 4«) وطهرت(أفردت قصدى هللا،

:قوله جل ذكره ]80آية ) : 6(سورة األنعام [

ه قـومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان وال أخاف ما تشركون به إال أن يشاء ربي ش )80(يئا وسع ربي كل شيء علما أفال تـتذكرون وحاجبال أكمامكم عليها أو تريدون أن تجروا ذيولكم وأن تسدلوا سجوفكم على ضياء النهار وقد تعالى سلطانه وتوالى يعنى قال لهم أترومون ستر الشموس بإس

بيانه؟__________

.سجوف جمع سجف وسجف وهو الستر، وأرخى الليل سجوفه أي ظلمته) 1( .الصبح) أسفر(والصواب أن تكون ) أصفر(وردت ) 2(فى الوصول إلى حقيقة األلوهية من عقلية ونورها البرهان إلى قلبية ونورها البيان إلى ) عم(ته فى المعرفة على ندرج ابراهيم الحظ كيف طبق القشيري نظري) 3(

كشفية ونورها العرفان،

بالظاء والصواب أن تكون بالطاء) ظهرت(وردت ) 4( .بالهاء والصواب أن تكون بالحاء) مهو(وردت ) 5(

)1/485(

الذين آمنوا ولم يـلبسوا ) 81(انا فأي الفريقين أحق باألمن إن كنتم تـعلمون وكيف أخاف ما أشركتم وال تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم يـنـزل به عليكم سلط راهيم على قـومه نـرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ) 82(لم أولئك لهم األمن وهم مهتدون إيمانـهم بظ ناها إبـ ) 83(وتلك حجتـنا آتـيـ

:قوله جل ذكره ]81آية ) : 6(سورة األنعام [

)81(باألمن إن كنتم تـعلمون م وال تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم يـنـزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق وكيف أخاف ما أشركت ئحة التوحيد فى طول عمركم، وال ذقتم طعم اإليمان فى يعنى وأي خوف يقع على قلبى ظله ولم ألم بشرك ولم أجنح قط إلى جحد؟ وأنتم ما شممتم را» 1«

فأينا أولى أن يعلن بسره ما هو بصدده من سوء مكره وعاقبة أمره؟. ثم بسوء ظنكم تجاسرتم وما ارعويتم، وخسرتم وما باليتم! سالف دهركم :قوله جلت قدرته

]82آية ) : 6(سورة األنعام [

)82(وا إيمانـهم بظلم أولئك لهم األمن وهم مهتدون الذين آمنوا ولم يـلبس -عند حاجاته أو مطالباته أو شىء من حاالته إلى غير اهللا فخصمه -ثم رجع بالتفضيل» اهللا«أي الذين أشاروا إلى اهللا ثم لم يرجعوا إلى غير اهللا فإن من قال

.اهللا -فى الدنيا والعقبىوضع الشيء في غير موضعه، وأصعبه حسبان أن من الحدثان ما لم يكن وكان فإن المنشئ اهللا، والمجرى اهللا، وال إله إال اهللا، وسقط -التحقيق فى -والظلم

.ما سوى اهللا :قوله جل ذكره

]83آية ) : 6(سورة األنعام [

تنا آتـيناها إبراهيم على قـومه نـرفع درج )83(ات من نشاء إن ربك حكيم عليم وتلك حجة ذلك وهى األولى ثم أشار إلى ترقيه من شهود آياته إلى إثبات ذاته، وذلك ترتيب أهل السلوك فى وصولهم إلى اهللا، فالتحقق باآليات التي هى أفعاله ومراعا

.» 2«صول، فبرسومه يعرف العبد نعوته، وبنعوته يعرف ثبوته إثبات صفاته وهى الثانية، ثم التحقق بوجوده وذاته وهو غاية الو __________

)فكيف(أخطأ الناسخ إذ كتبها ) 1(لم تصل بعد أيدينا إليها، أولهما توجد منه مخطوطة بالفاتيكان والثاني استعاره بعضهم من مكتبة ) المقامات الثالث(و ) ترتيب السلوك(للقشيرى كتابان ) 2(

.ولم يرده، فهل يمكن أن نحدس أن هذه الفقرة خالصة مقتضية لوجهة نظره فى ترتيب مقامات السلوك وعددها جامعة القاهرة

)1/486(

بل ومن ذريته داوود وسليم نا من قـ نا ونوحا هديـ نا له إسحاق ويـعقوب كال هديـ وزكريا ) 84(وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ان وأيوب ويوسف ووهبـناهم ومن آبائهم وذريات ) 86(وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكال فضلنا على العالمين ) 85(ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين هم وإخوانهم واجتبـيـ

ناهم إلى صراط مستقيم هم ما كانوا يـعملون ) 87(وهديـ ناهم الكتا) 88(ذلك هدى الله يـهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنـ ب أولئك الذين آتـيـلنا بها قـوما ليسوا بها بكافرين ة فإن يكفر بها هؤالء فـقد وك ) 89(والحكم والنبـو

:قوله جل ذكره ]88الى 84اآليات ) : 6(سورة األنعام [

بل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ووهبنا له إسحاق ويـعقوب كال هدينا ونوحا هدينا من وزكريا ) 84(قـومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبـيناهم ) 86(نا على العالمين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكال فضل ) 85(ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين

هم ما كانوا يـعملون ) 87(وهديناهم إلى صراط مستقيم )88(ذلك هدى الله يـهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنـصلوات اهللا عليهم، وبين أنه لوال تخصيصه إياهم بالتعريف، وتفضيله لهم على سواهم بغاية التشريف، وإال لم يكن لهم -ذكر عظيم المنة على كافتهم

.استيجاب وال استحقاقفى الظهور -إلى غير قدرتنا -يئا، أو نسبوا شظية من الحدثانش -من دوننا -يعنى لوال حظوا غيرا، أو شاهدوا» يـعملون ....... ذلك هدى الله «: ثم قال

.ما دونه لمن أراد» 1«) يغفر(ال يغفر الشرك بحال، وإن كان -سبحانه -لتالشى ما أسلفوه من عرفانهم وإحسانهم، فإن اهللا :قوله جل ذكره

]89آية ) : 6(سورة األنعام [

لنا بها قـوما ليسوا بها بكافرين أولئك الذين آتـيناهم الكتاب و ة فإن يكفر بها هؤالء فـقد وك ) .89(الحكم والنبـو__________

) .إلخ... إن اهللا ال يغفر أن يشرك به (طبقا لآلية ) يغفر(والصواب ) يفقر(وردت ) 1(

)1/487(

وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنـزل الله على بشر من ) 90(هداهم اقـتده قل ال أسألكم عليه أجرا إن هو إال ذكرى للعالمين أولئك الذين هدى الله فب م وال آباؤكم قل الله ثم ذرهم ى نورا وهدى للناس تجعلونه قـراطيس تـبدونـها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تـعلموا أنـت شيء قل من أنـزل الكتاب الذي جاء به موس

) 91(في خوضهم يـلعبون

قلوبهم، وعجنا بماء السعادة -عن الجحود -على الجحود أظهرناهم، بل كثير من عبادنا نزهنا» 1«(.....) فليس كل من -يا محمد -يعنى إن أعرض قومك .طينتهم وهم ال يحيدون عن التوحيد لحظة، وال يزيغون عن التحصيل شمة

:قوله جل ذكره ]90آية ) : 6(سورة األنعام [

)90(ل ال أسئـلكم عليه أجرا إن هو إال ذكرى للعالمين أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقـتده ق .هداهم، فإن من سلك الجادة أمن من العناء -يا محمد -أولئك الذين طهر اهللا عن الجحد أسرارهم، ورفع على الكافة أقدارهم، فاقتف

:قوله جل ذكره

]91آية ) : 6(سورة األنعام [ه موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تـبدونها وتخفون وا الله حق قدره إذ قالوا ما أنـزل الله على بشر من شيء قل من أنـزل الكتاب الذي جاء ب وما قدر

)91(م وال آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يـلعبون كثيرا وعلمتم ما لم تـعلموا أنـت .تحيط بجالله فاإلحاطة غير سائغة فى نعته، كما أن اإلدراك غير جائز فى وصفه، وكما أن اإلشراف محال على ذاته» 2«من توهم أن العلوم

) الحيرة(أي سلهم عن األحوال، وخاطبهم فى معانى أحكام الرسوم واألطالل، فإن بقوا فى ظلمة » به موسى نورا قل من أنـزل الكتاب الذي جاء «: ثم قال .يعنى صرح باإلخبار عن التوحيد، وال يهولنك نماديهم فى الباطل، فإن تمويهات الباطل ال تأثير لها فى الحقائق. اهللا تعالى، ثم ذرهم: فقل» 3«

__________ .مشتبهة) 1( . [.....]يقصد بها علوم العقل) 2( .والخطأ فى النقط) الجبرة(وردت ) 3(

)1/488(

زلناه مبارك مصدق الذي بـين يديه ولتـنذر أم القرى ومن حولها وال ومن أظلم ) 92(ذين يـؤمنون باآلخرة يـؤمنون به وهم على صالتهم يحافظون وهذا كتاب أنـلو تـرى إذ الظالمون في غمرات الموت والمالئكة باسطو لله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنـزل الله و ممن افـتـرى على ا

فسكم اليـوم تجز ر الحق وكنتم عن آياته تستكبرون أيديهم أخرجوا أنـ ) 93(ون عذاب الهون بما كنتم تـقولون على الله غيـ

:قوله جل ذكره ]92آية ) : 6(سورة األنعام [

زلناه مبارك مصدق الذي بـين يديه ولتـنذر أم )92(القرى ومن حولها والذين يـؤمنون باآلخرة يـؤمنون به وهم على صالتهم يحافظون وهذا كتاب أنـ :عند غلبات الوجد، ومن بقي عن الوصول تذلل للرسول، وقيل» 1«كتاب األحباب عزيز الخطر جليل األثر، فيه سلوة

ها شفاء للذى أنا كاتموفي... وكتبك حولى ال تفارق مضجعى ومن حوالى الرقى والتمائم... كأنى ملحوظ من الجن نظرة

:قوله جل ذكره ]93آية ) : 6(سورة األنعام [

ل ما أنـزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والمالئكة نزل مث ومن أظلم ممن افـترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأ فسكم اليـوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تـقولون على الله غيـ )93(ستكبرون ر الحق وكنتم عن آياته ت باسطوا أيديهم أخرجوا أنـ

والمتبع بما لم ينل كالبس ثوبى زور، وفى معناه . سبحانه عنهم برىء -فالحق -يعنى إن الذين ينزلون منزلة المحدثين، ولم تلق إلى أسرارهم خصائص الخطاب .أنشدوا

تبين من بكى ممن تباكى... إذا اشتبكت دموع فى خدود __________

.وهى خطأ فى النسخ بالصاد) صلوة(وردت ) 1(

)1/489(

نك ولقد جئتمونا فـرادى كما خلقناكم أول مرة وتـركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما م وضل نـرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنـهم فيكم شركاء لقد تـقطع بـيـصباح وجعل ) 95(ه فأنى تـؤفكون إن الله فالق الحب والنـوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الل ) 94(عنكم ما كنتم تـزعمون فالق اإل

) 96(الشمس والقمر حسبانا ذلك تـقدير العزيز العليم الليل سكنا و

:قوله جل ذكره ]94آية ) : 6(سورة األنعام [

نكم وضل كم شفعولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتـركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى مع اءكم الذين زعمتم أنـهم فيكم شركاء لقد تـقطع بـيـ )94(عنكم ما كنتم تـزعمون

،» 1«(.....) دخلت الدنيا بخرقة، وخرجت منها بخرقة، أال وتلك الخرقة أيضا األثقال واألوزار، واألحمال واألوضار ال يأتى عليها حصر وال مقدار فال مالكم أغنى عنكم وال ثم. وما دخلت إال بوصف التجرد، وال خرجت إال بحكم التفرد

.وسعكم -فى التحقيق -حالكم يرفع منكم، وال لكم شفيع يخاطبنا فيكم فقد تقطع بينكم، وتفرق وصلكم، وتبدد شملكم، وتالشى ظنكم، وخانكم :قوله جل ذكره

]95آية ) : 6(سورة األنعام [

)95(فأنى تـؤفكون إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله بقاء لما يريد من مخلوقاته، فال لحكمه رد، وال موجد ما فى العالم من األعيان واآلثار والرسوم واألطالل يسلط العدم على ما يريد من مصنوعاته، ويحكم بال

.لحقه جحد :قوله جل ذكره

]96آية ) : 6(سورة األنعام [

صباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تـقدير العزيز العليم )96(فالق اإلكذلك فلق صبح القلوب فاستنارت به األسرار، وكما جعل الليل سكنا لتسكن فيه النفوس من كد التصرف عن أسباب وكما فلق صبح الكون فأشرقت األنوار

المعاش__________

.مشتبهة) 1(

)1/490(

وهو الذي أنشأكم من نـفس واحدة فمستـقر ومستـودع ) 97(يات لقوم يـعلمون وهو الذي جعل لكم النجوم لتـهتدوا بها في ظلمات البـر والبحر قد فصلنا اآل جنا منه خضرا نخرج منه حبا متـراكبا ومن النخل من وهو الذي أنـزل من السماء ماء فأخرجنا به نـبات كل شيء فأخر ) 98(قد فصلنا اآليات لقوم يـفقهون

ر متشابه انظر تون والرمان مشتبها وغيـ وان دانية وجنات من أعناب والزيـ ) 99(ي ذلكم آليات لقوم يـؤمنون وا إلى ثمره إذا أثمر ويـنعه إن ف طلعها قنـ

.كذلك جعل الليل سكنا لألحباب يسكنون فيه إلى روح المناجاة إذا هدأت العيون من األغيارحالة معلوم على حد معلوم، فالشمس بوصفها مذ خلقت لم تنقص ولم تزد، والقمر ال يبقى ليلة واحدة على» 1«وجعل الشمس والقمر يجريان بحسبان

.ن تنقض عليه العادةواحدة فأبدا فى الزيادة والنقصان، وال يزال ينمو حتى يصير بدرا، ثم يتناقص حتى ال يرى، ثم يأخذ فى الظهور، وكذلك دأبه دائما إلى أ :قوله جل ذكره

]97آية ) : 6(سورة األنعام [

)97(ظلمات البـر والبحر قد فصلنا اآليات لقوم يـعلمون وهو الذي جعل لكم النجوم لتـهتدوا بها في .كما أن نجوم السماء يهتدى بها فى الفلوات فكذلك نجوم القلوب يهتدى بها فى معرفة رب األرضين والسموات

:قوله جل ذكره ]98آية ) : 6(سورة األنعام [

)98(نـفس واحدة فمستـقر ومستـودع قد فصلنا اآليات لقوم يـفقهون وهو الذي أنشأكم من وكما أن للنفوس واألبشار مستقرا ومستودعا فلألسرار والضمائر مستقر ومستودع، فمن عبد مستقر قلبه . ذكرهم وصفهم حين خلقهم من آدم عليه السالم

.» 2«وراء الورى -حيث ال مسكن وال مأوى -من عبد مستقره موقع الزهد والتقى، ومن عبد مستقرهأوطان الشهوات والمنى، و :قوله جل ذكره

]99آية ) : 6(سورة األنعام [

حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب وهو الذي أنـزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه ر متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر ويـنعه إن في ذلك تون والرمان مشتبها وغيـ )99(م آليات لقوم يـؤمنون والزيـ

__________ )بحسبان(بالميم والصواب أن تكون ) بحسمان(وردت ) 1( .أي فى حال الفناء يتالشى فى الوجود الذي ال تحده حدود) 2(

)1/491(

بديع السماوات واألرض أنى يكون له ولد ولم تكن له ) 100(ما يصفون وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبـنات بغير علم سبحانه وتـعالى ع ) 102(ذلكم الله ربكم ال إله إال هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ) 101(ء وهو بكل شيء عليم صاحبة وخلق كل شي

كل مخلوق بلسان فصيح، وبيان صريح أنه بنفسه غير تجانست أجزاء األرض وتوافقت أقطار الكون، وتباين النبات فى اللون والطعم واختلفت األشياء، ودل .مستقل

:قوله جل ذكره ]100آية ) : 6(سورة األنعام [

)100(يصفون وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما .م فاكتفوا بكل منقوص أن يعبدوه، وتلك عقوبة ألرباب الغفلة عن اهللا تعالى عجلتسدت بصائره» 1«

:قوله جل ذكره ]101آية ) : 6(سورة األنعام [

)101(يم يء عل بديع السماوات واألرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل ش

.البديع الذي ال مثل له، أو هو المنشئ ال على مثال، وكالهما فى وصفه مستحق .والواحد يستحيل له الولد القتضائه البعضية، والتوحيد ينافيه

:قوله جل ذكره ]102آية ) : 6(سورة األنعام [

)102(بدوه وهو على كل شيء وكيل ذلكم الله ربكم ال إله إال هو خالق كل شيء فاع __________

.وإشارة القشيري تعتمد على المعنيين) اشتقوا له: (خرق اإلفك اختلقه، أو من خرق الثوب إذا شقه فيكون المعنى) 1(

)1/492(

ها وما أنا عليكم بحفي) 103(بير ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار وهو اللطيف الخ عليـ ظ قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنـفسه ومن عمي فـنه لقوم يـعلمون ) 104( ولو شاء ) 106(أوحي إليك من ربك ال إله إال هو وأعرض عن المشركين اتبع ما ) 105(وكذلك نصرف اآليات وليـقولوا درست ولنبـيـ

) 107(الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل

.م بحقائق ذاتهتعرف إليهم بآياته، ثم تعرف إليهم بصفاته، ثم كاشفه .تعريف للعوام واألصاغر» خالق كل شيء «: تعريف للسادات واألكابر، وقوله» ال إله إال هو «: فقوله

:قوله جل ذكره ]103آية ) : 6(سورة األنعام [

)103(ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار وهو اللطيف الخبير .الذي أحاط علمه بكل معلوم» الخبير «الذي ال يخفى عليه شىء، » وهو اللطيف «! س الصمدية عن كل لحوق ودرك، فأنى باإلدراك وال حد له وال طرف؟قد

:قوله جل ذكره ]104آية ) : 6(سورة األنعام [

)104(ومن عمي فـعليها وما أنا عليكم بحفيظ قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنـفسه :أوضح البيان وأالح الدليل، وأزاح العلل وأنار السبيل، ولكن قيل

إذا استوت عنده األنوار والظلم... وما انتفاع أخى الدنيا بمقلته :قوله جل ذكره

]105آية ) : 6(سورة األنعام [

نه لقوم يـعلمون وكذلك نصرف اآل )105(يات وليـقولوا درست ولنبـيـ .فمن شبهة داخلتهم ومن حيرة ملكتهم: أوقع الفتنة فى قلوبهم فخنست عليهم األحوال

.ومن تحقيق أدركه قوم، وتعريف توقف على آخرين :قوله جل ذكره

]107آية ) : 6(سورة األنعام [

)107(ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ولو شاء الله !العجب ممن أقر بقصور حاله عن استحقاق المدح ببقائه عن مراده، وكيف يصف معبوده بجواز أال يرتفع فى ملكه مراده؟

)1/493(

يـنبئـهم بما كانوا يـعملون وال تسبوا الذين يدعون من دون الله فـيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زيـنا لكل وأقسموا ) 108(أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فـونـقلب أفئدتـهم وأبصارهم كما لم يـؤمنوا ) 109(إذا جاءت ال يـؤمنون أيمانهم لئن جاءتـهم آية ليـؤمنن بها قل إنما اآليات عند الله وما يشعركم أنـها بالله جهد

) 110(رهم في طغيانهم يـعمهون به أول مرة ونذ

:قوله جل ذكره ]108آية ) : 6(سورة األنعام [

يـنبئـهم بما كانوا يـعملون مة عملهم ثم إلى ربهم مر وال تسبوا الذين يدعون من دون الله فـيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زيـنا لكل أ )108(جعهم فـ .ذكر اهللايعنى خاطبهم بلسان الحجة والتزام الدالئل ونفى الشبهة، وال تكلمهم على موجب نوازع النفس والعادة، فيحملهم ذلك على ترك اإلجالل ل

.فعلك سببا وعلة لزيادة كفرهم وفسقهم ويقال ال تطابقهم على قبيح ما يفعلون فيزدادوا جرأة فى غيهم، فسيكونيـنبئـهم بما كانوا يـعملون لبسنا: قوله جل ذكره عليهم حقائق األشياء حتى ظنوا القبيح جميال، ولم يروا لسوء كذلك زيـنا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فـ

.إلى الهوى، ولم يميزوا بين العوافي والبال حالتهم تبديال، فركنوا :قوله جل ذكره

]109آية ) : 6(سورة األنعام [

)109(منون ما يشعركم أنها إذا جاءت ال يـؤ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتـهم آية ليـؤمنن بها قل إنما اآليات عند الله و واحق الحفظ وعدوا من أنفسهم اإليمان لو شاهدوا البرهان، ولم يعلموا أنهم تحت قهر الحكم، وما يغنى وضوح األدلة لمن ال تساعده سوابق الرحمة، ول

.بموجبات القسمة :قوله جل ذكره

]110آية ) : 6(سورة األنعام [

)110(لم يـؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يـعمهون ونـقلب أفئدتـهم وأبصارهم كما :يقول -سبحانه -، والحق » 1«العجب ممن تبقى على قلبه شبهة فى مسألة القدر

__________ .الشيء بضده، بينما سمى خصومهم بالجبريةيشير القشيري بذلك إلى القدرية الذين يقولون بخلق األفعال، فسموا قدرية من قبيل تسمية ) 1(

يخرجون أعمال -أي القدرية -ويوصف القدرية بانهم مجوس هذه األمة، ألنه كما أن أتباع زرادشت يعارضون خالق الخير بمبدإ ثان هو علة الشر كذلك هم .المستقلة اإلنسان السيئة من دائرة خلق اهللا، فاهللا ليس هو الذي يخلق المعصية بل إرادة اإلنسان

)1/494(

ا لكل وكذلك جعلن ) 111(كانوا ليـؤمنوا إال أن يشاء الله ولكن أكثـرهم يجهلون ولو أنـنا نـزلنا إليهم المالئكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قـبال مانس والجن يوحي بـعضهم إلى بـعض زخرف القول غرورا ولو شاء رب ولتصغى إليه أفئدة الذين ال ) 112(ك ما فـعلوه فذرهم وما يـفتـرون نبي عدوا شياطين اإل

ناهم الكت ) 113(ة وليـرضوه وليـقترفوا ما هم مقترفون يـؤمنون باآلخر تغي حكما وهو الذي أنـزل إليكم الكتاب مفصال والذين آتـيـ ر الله أبـ اب يـعلمون أنه أفـغيـ ) 114(كونن من الممترين منـزل من ربك بالحق فال ت

على قلوب من هو من جملة العقالء، فسبحان -مع وضوحه -، ال بل من حقائق التقليب بقاء إشكال هذا األمر» ونـقلب أفئدتـهم وأبصارهم كما لم يـؤمنوا به « .احدهذا هو قهر القادر وحكم الو ! من يخفى هذا األمر مع وضوحه

:قوله جل ذكره ]111آية ) : 6(سورة األنعام [

)111(ا ليـؤمنوا إال أن يشاء الله ولكن أكثـرهم يجهلون ولو أننا نـزلنا إليهم المالئكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قـبال ما كانو .وة حاالألن اآليات وإن توالت، وشموس البرهان وإن تعالت فمن قصمته العزة وكبسته القسمة لم يزده ذلك إال حيرة وضالال، ولم يستنجز إال للشق

:قوله جل ذكره ]112آية ) : 6(سورة األنعام [

نس والجن يو )112(حي بـعضهم إلى بـعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فـعلوه فذرهم وما يـفتـرون وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين اإل .أشرف كانت العداوة معهم أشد وأصعب -عليهم السالم -كلما كان المحل أعلى كانت الباليا أوفى، والمطالبات أقوى، فلما كانت رتب األنبياء

:ه جل ذكرهقول ]113آية ) : 6(سورة األنعام [

)113(ولتصغى إليه أفئدة الذين ال يـؤمنون باآلخرة وليـرضوه وليـقترفوا ما هم مقترفون .» 1«وكلت أسماع الكفار باللغو وقلوبهم بالسوء فرضوا ألنفسهم أخس األنصباء

:قوله جل ذكره ]114آية ) : 6(سورة األنعام [

تغي حكما وهو الذي أنـزل إليكم الكتاب مفصال والذين آتـيناهم الكتاب ر الله أبـ )114( يـعلمون أنه منـزل من ربك بالحق فال تكونن من الممترين أفـغيـ__________ ) .المنجد(األنصباء جمع نصيب وهو الحصة من الشيء ) 1(

)1/495(

ن يـتبعون إال الظن وإن هم وإن تطع أكثـر من في األرض يضلوك عن سبيل الله إ ) 115(وتمت كلمت ربك صدقا وعدال ال مبدل لكلماته وهو السميع العليم ) 118(فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين ) 117(إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) 116(إال يخرصون

.الحظ؟ إن هذا محال من الظن» 1«أذر اليقين، وأوتر التخمين وأفارق الحق، وأقارن -بعد ظهور البيان ووضوح البرهان -لهم أترون أنى قل :قوله جل ذكره

]115آية ) : 6(سورة األنعام [ )115(العليم وتمت كلمة ربك صدقا وعدال ال مبدل لكلماته وهو السميع

والقدم وصفه؟ -وكل نقصان فمن الحدث أصله، وأنى بالنقص. والتمام ينفى النقصان. تقدست عن التغيير ذاته، وتنزهت عن التبديل صفاته :قوله جل ذكره

]116آية ) : 6(سورة األنعام [

)116(له إن يـتبعون إال الظن وإن هم إال يخرصون وإن تطع أكثـر من في األرض يضلوك عن سبيل ال .أهل اهللا قليلون عددا وإن كانوا كثيرين وزنا وخطرا، وأما األعداء ففيهم كثرة

.فتنوك، وإن صاحبتهم منعوك عن الحق وقلبوك -يا محمد -فإن الحظتهم :قوله جل ذكره

]117آية ) : 6(سورة األنعام [

)117(إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين .سبحانه -تقاصرت علوم الخلق عن إدراك غيبه إال بقدر ما عرفهم من أمره، والذي ال يخفى عليه شىء فهو الواحد

:قوله جل ذكره ]118آية ) : 6(سورة األنعام [

)118(ما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين فكلوا م هذا فى حكم التفسير مختص بالذبيحة، وفى معنى اإلشارة منع األكل على الغفلة، فإن من

__________ .بالفاء، وكالهما صحيح فى السياق) أقارف(ربما كانت فى األصل ) 1(

)1/496(

ليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين ال تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إال ما اضطررتم إ وما لكم أ ثم سيجزون بما كانوا يـقترفون وذروا ظ ) 119( ثم وباطنه إن الذين يكسبون اإل ) 120(اهر اإل

.أكل على الغفلة فما دامت تلك القوة باقية فيه فخواطره إما هواجس النفس أو وساوس الشيطان :قوله جل ذكره

]119آية ) : 6(سورة األنعام [

ليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين أال تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إال ما اضطررتم إ وما لكم )119(

ىء عليكم لو تركتم الغفلة؟ وما الذي يضركم لو استدمتم الذكر؟يعنى أي ش .تعرفوا حكم الثواب والعقاب فى المآل» 1«) أال(وقد تبين لكم الفرق بين أنس الذكر ووحشة الغفلة فى الحال والوقت،

:قوله جل ذكره

]120آية ) : 6(سورة األنعام [ثم وباطنه إن ثم سيجزون بما كانوا يـقترفون وذروا ظاهر اإل )120(الذين يكسبون اإل

.ظاهر اإلثم ما لألغيار عليه اطالع، وباطن اإلثم هو سر بينك وبين اهللا، ال وقوف لمخلوق عليه .األلحاظ» 2«(....) ويقال باطن اإلثم خفى العقائد و

.وع تأويلويقال باطن اإلثم ما تمليه عليك نفسك بندوام التغاضي عن مطالبات الحب وإن -على لسان أهل المحبة -اإلغماض عما لك فيه حظ، ويقال باطن اإلثم -على لسان أهل المعرفة -ويقال باطن اإلثم

:، قال قائلهم» 3«بناء مطالبات الحب على التجني والقهر __________

.وهى خطأ فى النسخ) إلى(وردت ) 1( .مشتبهة) 2( وفى هذا المعنى أنشدوا) 3(

عدل المحبوب يوما لسمج... بنى الحب على القهر فلو عاشق بطلب تأليف الحجج... ليس يستحسن في شرع الهوى

)1/497(

ناه ) 121(يائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون وال تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أول أومن كان ميتا فأحيـيـها كذلك زين للكافريوجعلنا ) 122(ن ما كانوا يـعملون له نورا يمشي به في الناس كمن مثـله في الظلمات ليس بخارج منـ

:ما أذنبت؟ قالت مجيبة: إذا قلتروا اإلثم ظاهرا وباطنا، فإن من شرط الشكر ترك استعمال النعمة فيما يكون إثما حياتك ذنب ال يقاس به ذنب ويقال أسبغت عليكم النعم ظاهرا وباطنا، فذ

.ومخالفة :قوله جل ذكره

]121آية ) : 6(سورة األنعام [

)121(م ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ه وال تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائ .» 2«( ... ) من األحوال عاصيا ولربه ناسيا فتوقيه شرط عند أصحاب » 1«(....) ما كانت وأصل كل قسوة متابعة . هللا خواطره، وانقطعت عنه خواطر الشيطانفهذا يدل على أن من توقى ذلك اتحدت » وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم «: ثم قال

.الشهوات، ومن تعود متابعتها فليودع صفوة القلب :قوله جل ذكره

]122آية ) : 6(سورة األنعام [

)122(الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يـعملون أومن كان ميتا فأحيـيناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثـله في. وأهل الغفلة إذ لهم الذكر فقد صاروا أحياء بعد ما كانوا أمواتا، وأرباب الذكر لو اعتراهم نسيان فقد ماتوا بعد الحياة. اإليمان عند هؤالء القوم حياة القلب باهللا

.الظلمات، وال يساويه من هو رهين اآلفات» 3«) أسر(هو فى أنوار القرب وتحت شعاع العرفان وفى روح االستبصار ال يدانيه من هو فى والذي __________

.مشتبهة) 1(

. [.....]مشتبهة) 2( .اآلفات) رهين(لتالئم ) أسر(بالصاد وقد آثرنا ) أصر(وردت ) 3(

)1/498(

فسهم و وإذا جاءتـهم آية قالوا لن نـؤمن حتى نـؤتى مثل ما أوتي ) 123(ما يشعرون وكذلك جعلنا في كل قـرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إال بأنـفمن يرد الله أن يـهديه يشرح صدره ) 124(رون لم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمك رسل الله الله أع

سالم ومن يرد أن يضله يجعل صدره ض ) 125(يـقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين ال يـؤمنون لإل

:قوله جل ذكره ]123آية ) : 6(سورة األنعام [

فسهم وما يشعرون وكذلك جعلنا في كل قـرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما ي )123(مكرون إال بأنـن، وسيعلمون لبسنا عليهم حقائق التوحيد، وسولت لهم ظنونهم أن بهم شظية من المحو واإلثبات فانهمكوا ظانين أنهم يمكرون، وهم فى التحقيق مخادعو

.حين ال ينفعهم علم :قوله جل ذكره

]124آية ) : 6(سورة األنعام [سالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا إذا جاءتـهم آية قالوا لن نـؤمن حتى نـؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل ر و

)124(يمكرون عن سوء األدب، وذلك منهم من التعدي لمساواة من جاء » 2«) إعالم(باستزادة البصيرة » 1«) فالتعلل(ن الحجة، وزوال الشبهة بعد إزاحة العلة، وبيا

.ومالزمة الحدود، وترك التعدي على الحق قضية التوفيق. باالستحقاق بمن جاء بنوع من تسويالت النفس يوجب مقاساة الهوان :قوله جل ذكره

]125آية ) : 6(م سورة األنعا[

حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين ال يـؤمنون فمن يرد الله أن يـهديه يشرح صدره لإلسالم ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا )125(

منه نفس لكراهية المسلم ال يتحرك فى باطنه عرق للمنازعة مع التقدير، فإن اإلسالم يقتضى تسليم الكل بال استئثار، ومن استثقل شيئا من التكليف أو بقي .شىء فيعد غير مستسلم لحكمه

ويقال نور فى البداية هو نور العقل، ونور فى الوسائط هو نور العلم ونور فى النهاية هو__________

.فيها يقوى ويتضح) التعلل(والسياق يتطلب ) فالتعليل(وردت ) 1( .أي عالمة) إعالم(وال معنى لها، ونرجح أنها فى األصل ) إقالم(وردت ) 2(

)1/499(

) 126(وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا اآليات لقوم يذكرون

.حب العقل مع البرهان، وصاحب العلم مع البيان، وصاحب المعرفة فى حكم العياننور العرفان فصااتقوا فراسة المؤمن «: ويقال من وجد أنوار الغيب ظهرت له خفايا األمور فال يشكل عليه شىء من ذوات الصدور عند ظهور النور، وقال صلى اهللا عليه وسلم

.» فإنه ينظر بنور اهللا تعالىعلى سره ر ألنوار الغيب فى العبد ينبهه إلى نقائص قدره ومساوئ غيه، ثم يشغله عن شهود نفسه مما يلوح لقلبه من شهود ربه، ثم غلبات األنوارويقال أول أث

ق الشهود، حتى ال يشهد السر بعد ما كان يشهد كالناظر فى قرص الشمس تستهلك أنوار بصره فى شعاع الشمس كذلك تستهلك أنوار البصيرة فى حقائ .فيكون العبد صاحب الوجود دون الشهود ثم بعده خمود العبد بالكلية، وبقاء األحدية بنعت السرمدية

.الذين ال يـؤمنون لرجس على ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله ا: قوله جل ذكره، وحد البشرية ضيق القلب، وصاحبه فى أسر الحدثان واألعالل، وال عقوبة أشد من عقوبة الغفلة عن » 1«وذلك حتى ال يسعى فى غير مراد الحق سبحانه

.الحق :قوله جل ذكره

]126آية ) : 6(سورة األنعام [

)126(لنا اآليات لقوم يذكرون وهذا صراط ربك مستقيما قد فص الفات بغاية الجهد، الصراط المستقيم إقامة العبودية عند تحقق الربوبية فهو فرق مؤيد بجمع، وجمع مقيد بشرع، وإثبات للعرفان بغاية الوسع، ونبو عن المخ

والتحقق بأن المجرى__________

نعم، ولكنها جبرية الحب، فاإلرادة والمريد والمراد كلها تدور فى فلك الحب، وهذا فرق بين النزعتين الكالمية ... ة تبدو فى هذه العبارة رائحة الحبري) 1( .البحتة والصوفية، عند تصديهما لهذا الموضوع

)1/500(

) 127(لهم دار السالم عند ربهم وهو وليـهم بما كانوا يـعملون

ينتظر ما يفتح به التقدير، فإن زاغ صاحب » 2«) بل(يعتمد، وال إلى سكناته يستند، » 1«) حركاته(احد ال شريك له، ثم ترك االعتماد ونفى االستناد، ال على و .االستقامة لحظة، والتفت يمنة أو يسرة سقط سقوطا ال ينتعش

:قوله جل ذكره ]127آية ) : 6(سورة األنعام [

)127(السالم عند ربهم وهو وليـهم بما كانوا يـعملون لهم دار والمخلوقات لم يجد السالمة، وإنما يجد السالمة من تحرر عن رق المكونات، واآلية » 3«) األغراض(دار السالم أي دار السالمة، ومن كان في رق شىء من

.فى أسر الجنة، بل تحرروا من رق كل مكون تشير إلى أن القوم فى الجنة لكنهم ليسوا -غدا -ذلك الفضل، فمن أراد أن يسلم عليه ربه -غدا -على نفسه وروحه وكل ماله من كل كريمة وعظيمة تسليم وداع ال يجد -اليوم -ويقال من لم يسلم

.بجملته، وأوال على نفسه وروحه» 4«) الكون(فليسلم على لسانه عن الغيبة، وجنانه عن الغيبة، وأبشاره وظواهره من الزلة، وأسراره وضمائره من الغفلة، وعقله من البدعة، -اليوم -لمن سلمويقال دار السالم غدا

.ومعاملته من الحرام والشبهة، وأعماله من الرياء والمصانعة، وأحواله من اإلعجاب

:بعندية الزلفة، وإال فاألقطار كلها ديار، ولكن قيمة الدار بالجار، قال قائلهم ويقال شرف قدر تلك الدار لكونها فى محل الكرامة، واختصاصها طوبى لمن أضحى لدارك جارا... إنى ألحسد دارا فى جواركم

»إذا ألعطيه بشبر دارا... يا ليت جارك يعطينى من داره شبرا األقطار، فإطالق هذا اللفظ لقلوب األحباب مؤنس بل لو جاز القرب فى وصفه من وإن كانت الدار منزهة عن قبول الجار، وليس القرب منه بتدانى : ويقال

حيث المسافة لم يكن لهذا__________

) .سكتاته(لتتالءم مع ) حركاته(والصواب أن تكون ) حرقاته(وردت ) 1( .ليتضح المعنى وهى غير موجودة فى النص) بل(أضفنا ) 2( .بالعين جمع عرض، وكالهما مقول) األعراض(بعدان تكون جمع غرض، وليس بمست) األغراض) (3( .وهى خطأ من الناسخ) السكون(وردت ) 4( .البيت الثاني مكسور ولكننا حرصنا على إثباته كما جاء فى النسخة) 5(

)1/501(

نس وق نس ربـنا استمتع بـعضنا ببـعض وبـلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال ويـوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثـرتم من اإل النار مثـواكم ال أولياؤهم من اإل ) 128(خالدين فيها إال ما شاء الله إن ربك حكيم عليم

بهذا، ألن حقيقته مقدسة عن هذه الصفات فهو ألجل قلوب األحباب يطلق هذا ويقع العلماء فى كد التأويل، وهذا هو أمارة كبير أثر، وإنما حياة القلوب :الحب، قال قائلهم

ذى الذي ال أستطيع... أنا من أجلك حملت األ .» 1«وهو وليـهم بما كانوا يـعملون : قوله جل ذكره

:هو وليهم فإن المنازل بأسرها طابت كيفما كانت، قال قائلهم -سبحانه -ألنه إذا كان» وهو وليـهم «: ازل حيث قالهذا شرف قدر تلك المن وليس فى الدار لى هم وال وطر... أهوى هواها لمن قد كان ساكنها

ي استولى حديثه على قلوبهم، فلم يدع فيها لغيره نصيبا وال سوى وليهم هو وليهم فى دنياهم، ووليهم فى عقباهم، هو وليهم فى أوالهم وفى أخراهم وليهم الذإلى » 2«) يكلهم(الذي هو أولى بهم منهم وليهم الذي آثرهم على أضرابهم وأشكالهم فآثروه فى جميع أحوالهم وليهم الذي تطلب رضاهم، وليهم الذي لم

.هواهم، وال إلى دنياهم، وال إلى عقباهم .ضاله يالطفهم، وبجماله وجالله يكاشفهموليهم الذي بأف

.ارهموليهم الذي اختطفهم عن كل حظ ونصيب، وحال بينهم وبين كل حميم وقريب، فحررهم عن كل موصوف ومطلوب ومحبوب، وليهم الذي هو مؤنس أسر .مشاهده معتكف أبصارهم، وحضرته مرتع أرواحهمون إال إياه، وال يجدون إال إياه، ال فى بدايتهم يقصدون غيره، وال فى نهايتهم يجدون غيره، وال فى وسائلهم وليهم الذي ليس لهم سواه، وليهم الذي ال يشهد

:قوله جل ذكره» 3«يشهدون غيره ]128آية ) : 6(سورة األنعام [

نس وقال نس ربـنا استمتع بـعضنا ببـعض وبـلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار ويـوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثـرتم من اإل مثواكم أولياؤهم من اإل )128(خالدين فيها إال ما شاء الله إن ربك حكيم عليم

__________ .إذ التبست عليه مع آية اخرى) فهو وليهم اليوم بما كانوا يكسبون(تابية ونقلية فى هذه اآلية إذ كتبها وقع الناسخ فى ثالثة أخطاء ك) 1(

.بزيادة ميم وهى خطأ فى النسخ) يكلمهم(وردت ) 2( .قصود تم شهود تم وجود: الحظ هنا هذا الترتيب) 3(

)1/502(

نس ألم يأتكم رسل منكم يـقصون عليكم آياتي ويـنذرونكم لقاء يـ ) 129(ا كانوا يكسبون وكذلك نـولي بـعض الظالمين بـعضا بم ومكم هذا يا معشر الجن واإليا وشهدوا عل نـ فسنا وغرتـهم الحياة الد ) 131(ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ) 130(ى أنـفسهم أنـهم كانوا كافرين قالوا شهدنا على أنـ

.يعتذرون فال يسمع، ويحتجون بما ال ينفع، ولقد كانوا من قبل لو أتوا بأقل منه قبل منهم، لكن سبقت القسمة فحقت لهم الشقوة :قوله جل ذكره

]129آية ) : 6(سورة األنعام [

)129(وكذلك نـولي بـعض الظالمين بـعضا بما كانوا يكسبون .يعنى نجمع بين األشكال، فاألولياء مجموعون يستمتع بعضهم ببعض، واألعداء مجموعون يفر بعضهم من بعض

:قوله جل ذكره ]130ة آي) : 6(سورة األنعام [

نس ألم يأتكم رسل منكم يـقصون عليكم آياتي ويـنذرونكم لقاء يـو نيا وشهدوا على يا معشر الجن واإل فسنا وغرتـهم الحياة الد مكم هذا قالوا شهدنا على أنـفسهم أنـهم كانوا ك )130(افرين أنـ

.عليهم المحجة» 1«) فلبس(عرفهم أنه أزاح لهم العلل من حيث التزام الحجة، لكنه حكم لهم بالشقوة فى األزل، :قوله جل ذكره

]131آية ) : 6(سورة األنعام [

)131(ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون فى وصفه توهم الظلم والملك ملكه والخلق خلقه؟متى يصح

ومتى يقبح منه تصرف فى شخص بما أراد، والعبد عبده والحكم حكمه؟__________

.وهى خطأ من الناسخ) فليس(وردت ) 1(

)1/503(

ن ذرية قـوم وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بـعدكم ما يشاء كما أنشأكم م ) 132(ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يـعملون تم بمعجزين إن ما) 133(آخرين ار إنه ) 134(توعدون آلت وما أنـ ال يـفلح قل يا قـوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تـعلمون من تكون له عاقبة الد

عام نصيبا فـقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فال ي وجعلوا لله مما ذرأ من الح ) 135(الظالمون صل إلى الله وما كان لله فـهو رث واألنـ ) 136(يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون

:قوله جل ذكره ]132آية ) : 6(سورة األنعام [

)132(ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يـعملون .المحسن فى روح الثواب متنعم، والمذنب فى نوح العذاب متألم

:قوله جل ذكره ]133آية ) : 6(سورة األنعام [

)133(كم ويستخلف من بـعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قـوم آخرين وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهب .يشير إلى لطفه» ذو الرحمة «يشير إلى كشفه، و » الغني «

.تيهم، وبأفضاله يالطفهم فيحييهمعن أفضاله فبجالله يكاشفهم فيف» ذو الرحمة «: عن جالله، وبقوله» الغني «أخبرهم بقوله وبين تقريب ويقال سماع غناه يوجب محوهم، وسماع رحمته يوجب صحوهم، فهم فى سماع هذه اآلية مترددون بين بقاء وبين فناء، وبين إكرام وبين اصطالم،

.وبين تذويب، وبين اجتياح وبين ارتياح :قوله جل ذكره

]134آية ) : 6(سورة األنعام [

تم بمعجزين إن )134(ما توعدون آلت وما أنـ .اإلشارة من هذه اآلية إلى قصر األمل، ومن قصر أمله حسن عمله، وكل ما هو آت فقريب أجله

:قوله جل ذكره ]135آية ) : 6(سورة األنعام [

)135(ون من تكون له عاقبة الدار إنه ال يـفلح الظالمون قل يا قـوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تـعلم .هذا غاية الزجر ألنه تهديد وإن كان فى صيغة األمر

:قوله جل ذكره ]136آية ) : 6(سورة األنعام [

لى شركائهم لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فال يصل إلى الله وما كان لله فـهو يصل إ وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث واألنعام نصيبا فقالوا هذا )136(ساء ما يحكمون

)1/504(

تل أوالدهم شركاؤ عام ) 137(هم ليـردوهم وليـلبسوا عليهم دينـهم ولو شاء الله ما فـعلوه فذرهم وما يـفتـرون وكذلك زين لكثير من المشركين قـ وقالوا هذه أنـعام حرمت ظهورها وأنـ ها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يـفتـرون وحرث حجر ال يطعمها إال من نشاء بزعمهم وأنـ وقالوا ما ) 138(عام ال يذكرون اسم الله عليـ

عام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فـهم فيه شر ) 139(ء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم كافي بطون هذه األنـ

.لما بنوا قاعدة أمرهم على موجب الهوى صارت فروعهم الئقة بأصولهم فهو كما قيل فتعويل الشهود إلى القرود... إذا كان القضاء إلى ابن آوى

:قوله جل ذكره ]137آية ) : 6(سورة األنعام [

تل أوالدهم شركاؤهم ليـردوهم وليـلبسوا عليهم دينـهم ولو شاء الل وكذلك زين لك )137(ه ما فـعلوه فذرهم وما يـفتـرون ثير من المشركين قـعو إال إلى األجنبية، ألنها مدعية تتوهم أن منها شيئا، وأصل كل وسوست إليهم شياطينهم بالباطل فقبلت نفوسهم ذلك إذ األشكال يتناصرون، فالنفس ال تد

.شرك الدعوى، والشيطان ال يوسوس إال بالباطل والكفر، فهم أعوان يتناصرون .القضية» 1«) بسابق(صرح بأن المراد على المشيئة، واالعتبار » ولو شاء الله ما فـعلوه «: ثم قال

:قوله جل ذكره ]139الى 138اآليات ) : 6(األنعام سورة [

ها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يـفتـرون وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ال يطعمها إال من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعا م ال يذكرون اسم الله عليـ ) .139( شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم وقالوا ما في بطون هذه األنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فـهم فيه ) 138(

__________ . [.....]د بما سبق من القضاءوهى خطأ من الناسخ إذ المقصو ) بسائق(وردت ) 1(

)1/505(

تـلوا أوالدهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقـهم الله افتراء على الل ر وهو الذي أنشأ جنات معروشا) 140(ه قد ضلوا وما كانوا مهتدين قد خسر الذين قـ ت وغيـر متشابه كل تون والرمان متشابها وغيـ وا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يـوم حصاده وال تسرفوا إنه ال يحب المسرفين معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيـ

)141 (

من إذن رسول، أخبر عن أشياء ابتدعوها على ما أرادوا، وأمور شرعوها على الوجه الذي اعتادوا، ثم أضافوا ذلك إلى الحق بغير دليل، وشرعوها بال حجة .فى سلكهم فى الطغيان فى زيادة شىء فى الدين، أو نقصان شىء من شرع المسلمين فمضاه لهم فى البطالن، ينخرط» 1«) نحانحوهم(واالشارة فيه أن من

:قوله جل ذكره ]140آية ) : 6(سورة األنعام [

تـلوا أوالدهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقـهم الله افتراء على الله )140(قد ضلوا وما كانوا مهتدين قد خسر الذين قـ .من أمارات اليقين وحقائقه كثرة العيال على بساط التوكل: ة باهللا فحملتهم خشية الفقر على قتل األوالد، ولذلك قال أهل التحقيقفسدت عليهم طريقة الثق

:قوله جل ذكره ]141آية ) : 6(سورة األنعام [

ر معروشات والنخل والزرع م ر متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا ح وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغيـ تون والرمان متشابها وغيـ قه يـوم ختلفا أكله والزيـ )141(حصاده وال تسرفوا إنه ال يحب المسرفين

سر جنات وبساتين، ونزهة القلوب أثم من جنات الظاهر فأزهار القلوب مونقة، وشموس األسرار يعنى كما أنشأ فى الظاهر جنات وبساتين كذلك أنشأ فى ال .مشرقة، وأنهار المعارف زاخرة

اشتركت فى كونها ويقال كما تتشابه الثمار كذلك تتماثل األحوال، وكما تختلف طعومها وروائحها مع تشاكلها من وجه، فكذلك األحوال مختلفة القضايا، وإن .حواالأ

.وآتوا حقه يـوم حصاده : قوله جل ذكره__________

.وهى خطأ من الناسخ) تجاتجوهم(وردت ) 1(

)1/506(

عام حمولة وفـرشا كلوا مما رزقكم الله وال تـتبعوا خطوات الشيطان إنه لك نـين قل ) 142(ن م عدو مبيومن األنـ نـين ومن المعز اثـ ثمانية أزواج من الضأن اثـثـيـين نـبئوني بعلم إن ك ثـيـين أما اشتملت عليه أرحام األنـ بل اثـ ) 143(نتم صادقين آلذكرين حرم أم األنـ ثـيـين ومن اإل نـين قل آلذكرين حرم أم األنـ نـين ومن البـقر اثـ

ثـيـين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم الناس بغير علم إن الله ال يـهدي القوم ممن افـتـرى على الله كذبا ليضل أما اشتملت عليه أرحام األنـ ) 144(الظالمين

.، وشهود المنعم فى عين النعمة أتم من الشكر على وجود النعمة» 1«حق الواجب يوم الحصاد إقامة الشكر، فأما إخراج البعض فبيانه على لسان العلم .ه ال يحب المسرفين وال تسرفوا إن : قوله جل ذكره

.مجاوزة الحد -على لسان العلم - اإلسراف .فليس بإسراف، ولو أربى على اآلالف -سبحانه -ولو كانت سمسمة، وما أنفقته فى سبيله -وعلى بيان اإلشارة فاإلسراف كل ما أنفقته فى حظ نفسك

:قوله جل ذكره ]144الى 142اآليات ) : 6(سورة األنعام [

نـين قل ) 142(عدو مبين ومن األنعام حمولة وفـرشا كلوا مما رزقكم الله وال تـتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم نـين ومن المعز اثـ ثمانية أزواج من الضأن اثـثـيـين نـبئوني بعلم إن كنتم صادقين آلذكرين حرم أم األ ثـيـين أما اشتملت عليه أرحام األنـ ثـيـين ) 143(نـ نـين قل آلذكرين حرم أم األنـ نـين ومن البـقر اثـ بل اثـ ومن اإل

ثـيـين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افـترى على الله كذبا ل أما اشتملت عليه أرحام يضل الناس بغير علم إن الله ال يـهدي القوم األنـ )144(الظالمين

وكما سخر األعيان لإلنسان كذلك سخر األزمان فى تصريف الحدثان لخواص اإلنسان . فضيلة على المخلوقاتيعنى تسخير الحيوانات لإلنسان آية مزية فى ال»2 «.

نـين الضأن اثـ كلوا مما رزقكم الله وال تـتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ثمانية أزواج من : قوله جل ذكره ......نـين ومن المعز اثـ .إن الله ال يـهدي القوم الظالمين : إلى قوله

.الرزق ال يتخصص بالمأكوالت بل هو شائع فى جميع ما يحصل به االنتفاع .ود القدموينقسم الرزق إلى رزق الظواهر ورزق السرائر، ذلك وجود النعم وهذا شهود الكرم بل الخمود فى وج

.و قرين العيانوللقلب رزق وهو التحقيق من حيث العرفان، وللروح رزق وهو المحبة بصدق التحرر عن األكوان، وللسر رزق وهو الشهود الذي يكون للعبد وه__________

.أي إخراج مقدر على حسب المعروف فى الزكاة) 1( ماتيشير بذلك إلى ما يحدث على أيدى األولياء من كرا) 2(

)1/507(

ر باغ قل ال أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إال أن يكون ميتة أو دما مسفوح ا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غيـما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البـقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إال ) 145( عاد فإن ربك غفور رحيم وال

ن ) 146(اهم ببـغيهم وإنا لصادقون اختـلط بعظم ذلك جزيـ

نـين اإلشارة من ذكر الضأن أن يتأدب العبد باستدامة السكون والتزام حسن الخلق، فإن الضانية مستسلمة لمن يلى عليها، فال قوله ثمانية أزواج من الضأن اثـ .ذلك سبيل من وطئ هذا البساط، يعنى ك» 2«) وها... ب (وال » 1«بصياحها تؤذى

ومنها ركوبها عند الحمل، ومنها صبرها على مقاساة . منها انقيادها لمن جر زمامها، واستناختها حيثما تناخ بال نزاع وال اختيار» فى اإلبل آيات«وكذلك .العطش، وذوبانها فى السير

:قوله جل ذكره ]145آية ) : 6(سورة األنعام [

ر باغ ي ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إال أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير قل ال أجد ف فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غيـ )145( وال عاد فإن ربك غفور رحيم

.بين أنه إذا جاء االضطرار زال حكم االختيار. بين أن الشارع اهللا، والمانع عن الخلق هو اهللا، وما كان من غير اهللا فضائع باطل عند اهللا :قوله جل ذكره

]146آية ) : 6(سورة األنعام [

زيناهم ببـغيهم وإنا الغنم حرمنا عليهم شحومهما إال ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختـلط بعظم ذلك ج وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البـقر و ) .146(لصادقون

__________ على أثر محنة الحالج . يقول الشبلي. عدم البوح باألسرار، وعلى ذلك كبار الشيوخفى هذه اإلشارة الدقيقة نلمح أن القشيري يدعو إلى إيثار الكتمان و ) 1( .» كنت وابن منصور شيئا واحدا ولكنه أظهر وأنا كتمت« .، وعندئذ قد تكون العبارة فال بصاحبها تؤذى وال بعدوها) بعدوها(مشتبهة، وربما كانت ) 2(

)1/508(

سيـقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا وال آباؤنا وال حرمنا من شيء ) 147(ذو رحمة واسعة وال يـرد بأسه عن القوم المجرمين فإن كذبوك فـقل ربكم بلهم حتى ذاقوا بأ تم إال تخرصو كذلك كذب الذين من قـ ة البالغة ) 148(ن سنا قل هل عندكم من علم فـتخرجوه لنا إن تـتبعون إال الظن وإن أنـ قل فلله الحج

لو شاء لهداكم أجمعين بوا ب قل هلم شهداءكم الذين ي ) 149(فـ آياتنا والذين ال شهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فال تشهد معهم وال تـتبع أهواء الذين كذ ) 150(يـؤمنون باآلخرة وهم بربهم يـعدلون

فأهملوه ولم يحافظوا عليه، فاستوجبوا عظيم الوزر -اقبهم عليه لم يشهدوا مكره العظيم فيما ابتدعوه من قبل نفوسهمبين أن ما حرم عليهم ضيعوه إذ لما لم يع .وأليم الهجر

:قوله جل ذكره ]147آية ) : 6(سورة األنعام [

)147(م المجرمين فإن كذبوك فـقل ربكم ذو رحمة واسعة وال يـرد بأسه عن القو

.ولكن القسمة األزلية فاصلة بينهم» 1«) لهم(والصورة اإلنسانية جامعة . اإلشارة منه بيان تخصيص األولياء بالرحمة، وتخصيص األعداء بالطرد واللعنة :قوله جل ذكره

]148آية ) : 6(سورة األنعام [

بلهم حتى ذاقوا بأسنا قل ه سيـقول الذين أشركوا لو شاء الله ل عندكم من علم فـتخرجوه لنا إن ما أشركنا وال آباؤنا وال حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قـتم إال تخرصون )148(تـتبعون إال الظن وإن أنـ

»2«(....) م ألنها لم تصدر عن تصديق، فذموا على جهالتهم وإن كانت كذبت قالته .فى التحقيق

:قوله جل ذكره ]149آية ) : 6(سورة األنعام [

لو شاء لهداكم أجمعين ة البالغة فـ )149(قل فلله الحج .تراضال تتقاصر عن مراد، وليس عليه اع -سبحانه -صرح بأن إرادته :قوله جل ذكره

]150آية ) : 6(سورة األنعام [

وهم بربهم يـعدلون ع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين ال يـؤمنون باآلخرة قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فال تشهد معهم وال تـتب )150(

__________ .لتشمل األولياء واألعداء) لهم(والصواب أن تكون ) له(وردت ) 1( .مشتبهة) 2(

)1/509(

ها وماقل تـعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وال تـ قتـلوا أوالدكم من إمالق نحن نـرزقكم وإياهم وال تـقربوا الفواحش ما ظهر منـه وأوفوا الكيل ) 151(وال تـقتـلوا النـفس التي حرم الله إال بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تـعقلون بطن لغ أشد وال تـقربوا مال اليتيم إال بالتي هي أحسن حتى يـبـ

وأن هذا صراطي ) 152(وا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون قسط ال نكلف نـفسا إال وسعها وإذا قـلتم فاعدلوا ولو كان ذا قـربى وبعهد الله أوف والميزان بال ) 153(بل فـتـفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تـتـقون مستقيما فاتبعوه وال تـتبعوا الس

.فغير مقبول من فاعله» 1«) يوضحه(أشار إلى أن من تجرد عن برهان يصرحه وبيان :قوله جل ذكره

]153الى 151اآليات ) : 6(سورة األنعام [

ق نحن نـرزقكم وإياهم وال تـقربوا الفواحش ما ظهر منها وما رم ربكم عليكم أال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وال تـقتـلوا أوالدكم من إمالقل تعالوا أتل ما ح ه وأوفوا الكيل ) 151(م الله إال بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تـعقلون بطن وال تـقتـلوا النـفس التي حر لغ أشد وال تـقربوا مال اليتيم إال بالتي هي أحسن حتى يـبـ

وأن هذا صراطي ) 152( وإذا قـلتم فاعدلوا ولو كان ذا قـربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون والميزان بالقسط ال نكلف نـفسا إال وسعها ) .153(كم به لعلكم تـتـقون مستقيما فاتبعوه وال تـتبعوا السبل فـتـفرق بكم عن سبيله ذلكم وصا

__________ .والصواب أن تكون بالحاء ليقوى المعنى والموسيقى اللفظية ونرجح أن الناسخ اشتبه عليه شكل الحاء فظنها عينا) يوضعه(وردت ) 1(

)1/510(

نا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتـفصي ) 154(ال لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يـؤمنون ثم آتـيـ

ك خفى فالجلى هذه أشياء عشرة تضمنتها هذه اآلية أولها الشرك فإنه رأس المحرمات، والذي ال يقبل معه شىء من الطاعات، وينقسم ذلك إلى شرك جلى وشر .ظة األنام، بعين استحقاق اإلعظامعبادة األصنام، والخفى مالح

.والثاني من هذه الخصال ترك العقوق، وتوقير الوالدين بحفظ ما يجب من أكيدات الحقوق .وبعد ذلك قتل األوالد خشية اإلمالق، وإراقة دمائهم بغير استحقاق

.م اآلثامثم ارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وما بدا وما استتر، ويدخل فى ذلك جميع أقسا .ثم قتل النفس بغير الحق، وذلك إنما يكون لفقد شفقة الخلق

.ثم مجانبة مال اليتيم والنظر إليه بعين التكريم .ثم الصدق فى القول والعدل فى الفعل» 1«ثم بذل اإلنصاف فى المعامالت والتوقي من جميع التبعات

.ثم متابعة السبيل بما تشير إليه لوائح الدليل .بل هذه األوامر بجميل االعتناق سعد فى داريه وحظى بعظائم منزلتهفمن قا

:قوله جل ذكره ]154آية ) : 6(سورة األنعام [

)154(ن قاء ربهم يـؤمنو ثم آتـينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتـفصيال لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بل .وا فخلصوايهون عليهم مشقة مقاساة التكليف بما ذكر من التعريف بأن الذين كانوا قبلنا كانوا فى الضعف والعجز مثلنا، ثم صبروا فظفروا، وأخلص

__________ .أي االحتراز عما فيه تبعة) 1(

)1/511(

زلناه مبارك فاتبعوه واتـ بلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين ) 155(قوا لعلكم تـرحمون وهذا كتاب أنـ أو ) 156(أن تـقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتـين من قـهم فـقد نا الكتاب لكنا أهدى منـ ها سنج تـقولوا لو أنا أنزل عليـ نة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنـ زي الذين جاءكم بـيـ

المالئكة أو يأتي ربك أو يأتي بـعض آيات ربك يـوم يأتي بـعض آيات ربك هل يـنظرون إال أن تأتيـهم ) 157(يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون تظروا إن را قل انـ فع نـفسا إيمانـها لم تكن آمنت من قـبل أو كسبت في إيمانها خيـ ) 158(ا منتظرون ال يـنـ

:قوله جل ذكره ]155آية ) : 6(سورة األنعام [

زلناه مبارك فاتبعوه واتـقوا لعلكم تـرحمون )155(وهذا كتاب أنـ

عيش واألنس فألنه يقرأ إنزال الكتاب عليهم تحقيق لإليجاب، وإذا بقي العبد عن سماع الخطاب تسلى بقراءة الكتاب، ومن لم يجد فى قراءة القرآن كمال ال :قوله جل ذكره» 1«ترسما ال تحققا

]157الى 156اآليات ) : 6(سورة األنعام [

بلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين نة أو تـقولوا لو أنا أنزل ) 156(أن تـقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتـين من قـ هم فـقد جاءكم بـيـ نا الكتاب لكنا أهدى منـ عليـ )157(ون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدف .أزاح كل علة، وأبدى كل وصلة، فلم يبق لك تعلال، وال فى آثار االلتجاء إلى العذر موضعا

.بما كانوا يصدفون فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب : قوله جل ذكره .قوبة كل جرم مؤجلة، وعقوبة التكذيب معجلة، وهى ما يوجب بقاءهم فى أسر الشك حتى ال يستقر قلبهم على شىءع

:قوله جل ذكره ]158آية ) : 6(سورة األنعام [

بل أو كسبت في هل يـنظرون إال أن تأتيـهم المالئكة أو يأتي ربك أو يأتي بـعض آيات ربك فع نـفسا إيمانها لم تكن آمنت من قـ يـوم يأتي بـعض آيات ربك ال يـنـتظروا إنا منتظرون )158(إيمانها خيرا قل انـ

__________ أنظر قصة يوسف بن الحسين . مدى تأثير القرآن والشعر فى الوجدان الصوفيو » السماع«يمكن ان يصلح هذا الرأى لتحديد موقف القشيري من قضية ) 1(

) .171الرسالة ص (الرازي

)1/512(

هم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم يـن له عشر أمثالها ومن جاء ) 159(لون بئـهم بما كانوا يـفع إن الذين فـرقوا دينـهم وكانوا شيـعا لست منـ من جاء بالحسنة فـ ) 160(بالسيئة فال يجزى إال مثـلها وهم ال يظلمون

إذا أمضى عقوبة عبد حكما فال معارض لتقديره، بطول السالمة لهم، ثم بين أنه » 2«) اغتروا(لهم العلل اقترحوا ما ليس لهم، و » 1«) أزاح(أخبر أنه بعد ما .وال مناقض لتدبيره

:قوله جل ذكره ]159آية ) : 6(سورة األنعام [

هم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم يـنب )159(لون ئـهم بما كانوا يـفع إن الذين فـرقوا دينـهم وكانوا شيعا لست منـ .سرا بسر -فى التحقيق -مجتمعين جهرا بجهر متفرقين» 3«) فكانوا(اتفقوا بأبدانهم وافترقوا بقلوبهم،

هم في شيء «: قوله .للضدين» 4«) ال اجتماع(ال نجمعك وإياهم، يعنى شقك شق الحقائق، وشقهم شق الباطل، و . » لست منـ :قوله جل ذكره

]160آية ) : 6(نعام سورة األ[

له عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فال يجزى إال مثـلها وهم ال يظلمون )160( من جاء بالحسنة فـ .هذه الحسنات للظاهر وأما حسنات القلوب فللواحد مائة إلى أضعاف مضاعفة

.لطفه تحصل، فهو يجرى، ثم يقبل ويثنى، ثم يجازى ويعطىويقال الحسنة من فضله تعالى تصدر، وب

يوجب لك نعت اإلحسان الذي هو الطاعة فالعناء -الذي هو خلق الطاعة -يوجب إحسانك الذي هو الوفاق، وإحسانه - الذي هو التوفيق -ويقال إحسانه .» 5«منك فعله والجزاء لك فضله

__________ .تها كالهما مقبول ولكننا آثرنا أزاح ألنه استعملها فى هذا السياق قبل قليلوذبج العلة وإزاح) ذبح(وردت ) 1( .بالغين) اغتروا(بالعين والصواب ) اعتروا(وردت ) 2( .فأكملناها... ) فكا (وردت ) 3( ) . [.....]ال اجتماع(والمعنى يرفضها ويقبل و ) االجتماع(وردت و ) 4(بالنسبة لقضية وجوب المثوبة والعقوبة على اهللا بالنسبة للمطيع والعاصي، فبينما يقول المعتزلة بهذا الوجوب، يرفض تعبر هذه الفقرة عن موقف القشيري) 5(

.القشيري كل وجوب على اهللا، ويعود باألمر كله إلى الفضل اإللهى

)1/513(

راهيم حنيفا وما كان من المشركين قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما مل ) 161(ة إبـ

.ويقال إحسان النفوس توفية الخدمة، وإحسان القلوب حفظ الحرمة، وإحسان األرواح مراعاة آداب الحشمة .ويقال إحسان الظاهر يوجب إحسانه فى السرائر، فالذى منك مجاهدتك، والذي إليك مشاهدتك

هدين ترك الدنيا، وإحسان المريدين رفض الهوى، وإحسان العارفين قطع المنى، وإحسان الموحدين التخلي عن الدنيا والعقبى، واالكتفاء ويقال إحسان الزا .بوجود المولى

أال تسمو لك همة ويقال إحسان المبتدئين الصدق فى الطلب، وإحسان أصحاب النهاية حفظ األدب، فشرط الطلب أال يبقى ميسور إال بذلته، وشرط األدب .إلى شىء إال قطعته وتركته

.ويقال للزهاد والعباد، وأصحاب األوراد وأرباب االجتهاد جزاء محصور معدود، وألهل المواجيد لقاء غير مقطوع وال ممنوع .ومن جاء بالسيئة فال يجزى إال مثـلها وهم ال يظلمون : قوله جل ذكره

.عليه بالكيل الذي يكيل، ويوقف حيث يرضى لنفسه بأن يكون له موقفا» 1«) كالي(يعنى :قوله جل ذكره

]161آية ) : 6(سورة األنعام [

)161( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين .وال يكون اإلرشاد إليه إال بانسداد الطرق أجمع إلى ما سواه. لى الطريق الصحيحأرشده إ

و قدم عليهم ومن وجد سبيال إلى مخلوق عرج في أوطان الحسبان ألن األغيار ليس لها من اإلبداع شظية، ومن سلك إلى مخلوق سبيال وأبرم فيهم تأميال أ .تعويال، فقد استشعر تسويال، وجرع تضليال

__________ .وهى خطأ فى النسخ) يقال(وردت ) 1(

)1/514(

ر الله أبغي ربا وهو رب كل ) 163(ال شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) 162(قل إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين قل أغيـيـنبئكم بما كنتم فيه تخ شيء وال تكسب كل نـفس إال ها وال تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فـ ) 164(تلفون عليـ

.أال ترى من دونه مثبتا لذرة وال سنة» الصراط المستقيم«و .» 1«ق الذي يشير إلى العبودية، وال رد للجمع الذي هو شهود الربوبية ما ال تمثيل فيه وال تعطيل، وال نفى للفر » الدين القيم«و

.والحنيف المائل إلى الحق، الزائغ عن الباطل، الحائل عن ضد الحقيقة :قوله جل ذكره

]163الى 162اآليات ) : 6(سورة األنعام [

)163(ال شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) 162(لمين قل إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العاواحد ال -عليه فنون الحدثان» 2«(....) من كوشف بحقائق التوحيد شهد أن القائم عليه والمجرى عليه والممسك له والمنقل إياه من وصف إلى وصف، و

.يشاركه قسيم، وماجد ال يضارعه نديموال معارض الختيار اهللا، وال ويقال من علم أنه باهللا علم أنه هللا، فإذا علم أنه هللا لم يبق فيه نصيب لغير اهللا فهو مستسلم لحكم اهللا، ال معترض على تقدير اهللا،

.معرض عن اعتناق أمر اهللا :قوله جل ذكره

]164آية ) : 6(سورة األنعام [

ر الله أبغي ر يـنبئكم بما كنتم فيه تختلفون با وهو رب كل شيء وال تكسب كل نـفس إال عليها وال تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى رب قل أغيـ ) .164(كم مرجعكم فـ__________

ا يكون كسبا للعبد من إقامة العبودية وما يليق بأحوال البشرية فهو فرق، وما يكون من قبل الحق من إبداء م: من اقوال القشيري التي توضح مقصوده هنا) 1(ما -سبحانه -أفعاله من طاعاته ومخالفاته فهو عبد بوصف التفرقة، ومن أشهده الحق -سبحانه -معان وإسداء لطف وإحسان فهو جمع، فمن أشهده الحق

فهو عبد يشاهد الجمع فإثبات الخلق من باب التفرقة، واثبات الحق من نعت الجمع، وال بد للعبد من الجمع والفرق، فإن -نهسبحا -يوليه من أفعال نفسه ) .38الرسالة ص (من ال تفرقة له ال عبودية له، ومن ال جمع له ال معرفة له

) .المجرى(مشتبهة وهى قريبة من ) 2(

)1/515(

لوكم في ما آتاكم إن ) 165( ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم وهو الذي جعلكم خالئف األرض ورفع بـعضكم فـوق بـعض درجات ليبـ

أو شريك؟ أو أقول يدونه معبود أو مقصود؟ وإن الحظت يمنة ما شاهدت إال كيف أوثر عليه بدال وإنى ال أجد عن حكمه حوال، وكيف أقول بغير أو ضد :قوله جل ذكره! » 1«بل إنى إن نظرت يمنة شهدت يمنه، وإن نظرت يسرة وجدت نحوى يسره ! ملكه، وإن طالعت يسرة ما عاينت إال ملكه

]165آية ) : 6(سورة األنعام [

لوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغف وهو الذي جعلكم خالئف األ )165(ور رحيم رض ورفع بـعضكم فـوق بـعض درجات ليبـفمن مسخر له، مرفه، » 2«فا ثم إنه جعلكم أصنافا، وخلقكم أخيا. صير التوبة إليكم، وقصر حكم عصركم عليكم، فأنتم المقصودون اليوم دون من هو سواكم

إن حسابه لكم الحق، وحكمه . وجاء البالء ليختبركم فيما آتاكم، ويمتحنكم فيما أعطاكم. ومن معني، وذى مشقة أدير عليه رأسه. مروح، يتعب ألجله كثير .واهللا أعلم. فيكم سابق

السورة التي يذكر فيها األعراف

الباء مكسورة فى نفسها وعملها الخفض ألنها من الحروف الجارة لألسماء، وهى صغيرة القامة فى الخط، ونقطها الذي تتميز به » يم بسم الله الرحمن الرح « .عن غيرها واحد وهو نهاية القلة، ثم موضع هذه النقطة أسفل الحرف، فهى تشير إلى التواضع والخضوع بكل وجه

ميسورا، ثم تسكن منتظرا للتقدير، فإن من القبول -فى الخضوع والتذلل، والجهد والتوسل -ارة من الباء أال تذرحرف ساكن فاإلش» من بسم اهللا«والسين بفضله

__________ .سبحانه -مضافتين هللا) اليمن واليسر(بتاء مربوطة والصواب أن تكونا ) يمنه ويسره(وردت ) 1( )المنجد(ء شتى فهم مختلفون أي أن أمهم واحدة واآلبا: يقال هم إخوة أخياف) 2(

)1/516(

) 1(المص

ديره بالرضا به إن لم فذلك المأمول، وإن رد بحكم فله الحكم، فتوافق تقديره بالموافقة فى الرضا به، إذا الميم تشبر إلى منته إن شاء، ثم إلى موافقتك لتق .يمن

بذلك من دون الخلق، فهم على بيان مما يخفى على -سبحانه -ات بما يختصهم الحقويقال الباء تشير إلى بيان قلوب أهل الحقائق بلطائف المكاشف .الخلق، فالغيب لهم كشف، والخبر لهم عيان، وما للناس علم فلهم وجود

لنعيم، وعيش بسط وصنوف لطائف المناجاة، فهم فى جنات ا! فيه من وجوه المراعاة» 1«(....) والسين تشير إلى سرور قلوبهم عند تقريبات البسط بما .وتكريم، ودوام روح مقيم

لهم بدءا فإنها هى الموجبة لمحابهم، إذ عنها صدر كل حب فبمحبته لهم أحبوه، وبقصده إليهم طلبوه، وبإرادته لهم -سبحانه -والميم تشير إلى محبة الحق .أرادوه

.لساحة رتع فى حدائق القدس، واستروح إلى نسيم األنسويقال نزهة أسرار الموحدين فى اإلناخة بعقوة بسم اهللا، فمن حل تلك ا .ويقال بسم اهللا موقف الفقراء بقلوبهم فلألغنياء موقفهم عرفات، وللفقراء موقفهم المكاشفات والمشاهدات

.ربيع األحباب أزهارها لطائف الوصلة، ونورها زوائد القربة» بسم الله «ويقال قالة :قوله جل ذكره

]1آية ) : 7(عراف سورة األ[

بسم الله الرحمن الرحيم )1(المص

وعلى طريقة قوم فلها معان تعرف، وفيها . مستأثر بعلمها دون خلقه -سبحانه -هذه الحروف من المتشابه فى القرآن على طريقة قوم من السلف، والحقفى ذلك المعنى كالمتحدة -فى التحقيق -أصابت الشكلية مع بعض األرواح العطرة، فهىفاأللف تشير إلى ألفة األرواح العطرة : إشارات إلى أشياء توصف

.فمنه تقع األلفة بين المتشاكلين، وألجل اتحاد المقصود يتفق القاصدون .ويقال ألف القلب حديثه فلم يحتشم من بذل روحه

__________ .مشتبهة) 1(

)1/517(

) 2(كن في صدرك حرج منه لتـنذر به وذكرى للمؤمنين كتاب أنزل إليك فال ي

.ويقال األلف تجرد من قصده عن كل غير فلم يتصل بشىء، وحين استغنى عن كل شىء اتصل به كل شىء على جهة االحتياج إليه، ومرة مرفوعة، » 1«) مسكونة(ات كسائر الحروف فمرة أصبحت مفتوحة، ومرة ويقال صورة الالم كصورة األلف ولكن لما اتصلت بالحروف تعاقبتها الحرك

.» 2«) فباقية على وصف التجرد عن تعاقب الحركات عليها فهى على سكونها األصلى(وأما األلف التي هى بعيدة عن االتصال بالعالقات ارفين فى الوجد، وتشير إلى صدق قلوب المريدين وأرباب الطلب، إذ العطش وأما الصاد فتشير إلى صدق أحوال المشتاقين فى القصد، وصدق أحوال الع

.نعت كل قاصد، كما أن الدهشة وصف كل واجد .ويقال الصاد تبدى محبة للصدور وهو بالء األحباب

.ينقص بالمنعويقال الصاد تطالبك بالصدق فى الود، وأمارة الصدق فى الود بلوغ النهاية والكمال، حتى ال يزيد بالبر، وال :قوله جل ذكره

]2آية ) : 7(سورة األعراف [

)2(كتاب أنزل إليك فال يكن في صدرك حرج منه لتـنذر به وذكرى للمؤمنين : ولم يقل» فال يكن في صدرك حرج منه «: ال تعالىكتاب األحباب تحفة الوقت، وشفاء لمقاساة ألم البعد، وهو لداء الضنى مزيل، ولشفاء الشك مقيل، وق

رب «: وكذلك قال موسى عليه السالم» 3» «ولقد نـعلم أنك يضيق صدرك بما يـقولون : فى محل الشهود، ولذلك قال -عليه السالم -فى قلبك فإن قلبه ى صلوات اهللاوقال للمصطف. » 4» «اشرح لي صدري

__________ .بسقوط النون وهى خطأ فى النسخ) مسكوه(وردت ) 1( .ما بين القوسين موجود فى الهامش أثبتناه فى موضعه من المتن حسب العالمة المميزة) 2( .سورة الحجر 97آية ) 3( .سورة طه 25آية ) 4(

)1/518(

فما كان دعواهم إذ ) 4(وكم من قـرية أهلكناها فجاءها بأسنا بـياتا أو هم قائلون ) 3(وال تـتبعوا من دونه أولياء قليال ما تذكرون اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ) 5( جاءهم بأسنا إال أن قالوا إنا كنا ظالمين

» »تنام عينى وال ينام قلبى«: فإن القلب فى محل الشهود، وهو أبدا بدوام أنس القرب، قال صلى اهللا عليه وسلم. » 1» «ألم نشرح لك صدرك «: عليه .وصاحب اللذة ال يكون له حرج» 3» «أسألك لذة النظر«: وقال

:قوله جل ذكره ]3آية ) : 7(سورة األعراف [ )3(بعوا ما أنزل إليكم من ربكم وال تـتبعوا من دونه أولياء قليال ما تذكرون ات

من دونه تظنوا أن لكماستسلموا لمطالبات التقدير، قفوا حيثما وقفتم، وتحققوا بما عرفتم، وطالعوا بما كوشفتم، وال تالحظوا غيرا، وال تركنوا إلى علة، وال .وسيلة

:قوله جل ذكره ]5الى 4اآليات ) : 7(سورة األعراف [

)5(فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إال أن قالوا إنا كنا ظالمين ) 4(وكم من قـرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون الدعة وأصبحوا وقد صادفتهم الباليا بغتة، وأدركتهم القضية فجأة، فال بالء » 4«) خفض(ة ركنوا إلى الغفلة، واغتروا بطول المهلة باتوا فى يعنى كم من قري

:فما زالوا يفزعون إلى االبتهال، ويصيحون. كشف عنهم، وال دعاء سمع لهم، وال فرار نفعهم، وال صريخ أنقذهمتلك سنة اهللا فى الذين خلوا من الكافرين، . » 5«) خبر(بادوا وكأنه ال عين وال أثر، وال ألحد منهم ! ر، ويبكون من مس السوء؟ويدعون إلى كشف الض! الويل

.وعادته فى الماضين من الماردين__________

.سورة الشرح 1آية ) 1( .الجامع الصغير 120ص ) ى وال ينام قلبىتنام عينا: (فى رواية سعيد بن منصور فى سننه عن ابن سعد بن الحسن مرسال) 2( ) . [.....]وأسألك لذة النظر الى وجهك( ... هكذا -وردت ضمن وعاء طويل رواه النسائي فى سننه والحاكم فى مستدركه عن عمار بن ياسر) 3( .بالخاء) خفض العيش(بالحاء والصواب أن تكون ) حفض(وردت ) 4( .بالباء) خبر(تكون بالياء والصواب أن) خير(وردت ) 5(

)1/519(

لنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين لنـقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ) 6(فـ ) 8(والوزن يـومئذ الحق فمن ثـقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ) 7(فـفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ومن خفت ) 9(موازينه فأولئك الذين خسروا أنـ

:قوله جل ذكره ]6آية ) : 7(سورة األعراف [

لنسئـلن الذين أرسل إليهم ولنسئـلن المرسلين )6(فـلنسئـلن الذين أرس « .سؤال تعنيف وتعذيب: » ل إليهم فـ .سؤال تشريف وتقريب: » ولنسئـلن المرسلين «لنسئـلن الذين أرسل إليهم « .عن القبول فيتقنعون بذل الخجل» فـ .والتوقير، والحق بنعت الكبرياء والتقديرعن البالغ فيتكلمون ببيان الهيبة، فالكل بسمة العبودية » ولنسئـلن المرسلين «

:قوله جل ذكره ]7آية ) : 7(سورة األعراف [

لنـقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين )7(فـ .م يغب عن علمنا صغير وال كبيرفلنخبرنهم يوم الفصل ما هم عليه اليوم، ونوقفهم على ما أسلفوه، ونقيمنهم فى مقام الصغار ومحل الخزي، وسيعلمون أنه ل

يعنى العذاب الواقع فى ذلك اليوم، » 1» «واتـقوا يـوما «: سنته بتخويف العباد بعلمه مرة كما خوفهم بعقوبته تارة فقال تعالى -سبحانه -ويقال أجرى الحق :وقال فى موضع آخر

.» 3» «ألم يـعلم بأن الله يرى«ف، وقال وهذا أبلغ فى التخوي» 2» «ويحذركم الله نـفسه « :قوله جل ذكره

]9الى 8اآليات ) : 7(سورة األعراف [

فسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا ) 8(والوزن يـومئذ الحق فمن ثـقلت موازينه فأولئك هم المفلحون )9(أنـ فمن كانت أعمالهم بالرياء. يزن أعمالهم بميزان اإلخالص، وأحوالهم بميزان الصدق

__________ .سورة البقرة 48آية ) 1( .سورة آل عمران 28آية ) 2( .سورة العلق 14آية ) 3(

)1/520(

ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قـلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس لم ) 10(وجعلنا لكم فيها معايش قليال ما تشكرون ولقد مكناكم في األرض ر منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال ما منـعك أال تسج ) 11(يكن من الساجدين ) 12(د إذ أمرتك قال أنا خيـ

.مصحوبة لم يقبل أعمالهم، ومن كانت أحوالهم باالعجاب مشوبة لم يرفع أحوالهم :قوله جل ذكره

]10آية ) : 7(سورة األعراف [

)10(لنا لكم فيها معايش قليال ما تشكرون ولقد مكناكم في األرض وجع .سهلنا عليكم أسباب المعيشة، ويسرنا لكم أحوال التصرف، ثم أراد منكم أن تتخذوا إليه سبيال، ولم يعتص عليه مراد

فال نعمة الفراغ شكرتم، . أوقاتكم -فى الحظوظ -ستغراقكمأحوالكم، وال -باإلسراف -أبدانكم، وإلنفاقكم -فى الخالف -الستعمالكم» قليال ما تشكرون « :قوله جل ذكره! خسرتم وما شعرتم... وال من مس العقوبة شكوتم

]11آية ) : 7(سورة األعراف [

)11(س لم يكن من الساجدين ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قـلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليثم إنا . ، ومن صحيح» 1«ثبتناكم على النعت الذي أردناكم، وأقمناكم فى الشواهد التي اخترنا لكم فمن قبيح صورته خلقا ومن مليح، ومن سقيم حالته خلقا

.ويعاديكم» 2«) من مكان يحسدكم(منا به نعرفكم سابق أيادينا إلى أبيكم، ثم الحق خالفه بما بقي عرق منه فيكم، ثم ما عل :قوله جل ذكره

]12آية ) : 7(سورة األعراف [

ر منه خلقتني من نار وخلقته من طين )12(قال ما منـعك أال تسجد إذ أمرتك قال أنا خيـك عن السجود آلدم لو كنت تعظم أمرى؟ فيتحقق الموحدون أن موجب امتناعه عن السجود الخذالن أي لوال قهر الربوبية جرى عليك وإال فما موجب امتناع .الحاصل، ولو ساعده التوفيق لم يبرح بعد من السجود

__________ ضبطنا خلقا وخلقا حسبما يتطلبه السياق) 1(

) ثم ما علمنا بمن كان يحسدكم ويعاديكم(له، وربما كانت فى األصل هكذا فى ص ونرجح أن الناسخ قد اخطأ فى النقل فما بين قوسين ال معنى) 2( والمقصود إبليس كما فى اآلية

)1/521(

ها فما يكون لك أن تـتكبـر فيها فاخرج إنك من الصاغرين عثون ) 13(قال فاهبط منـ قال فبما ) 15(قال إنك من المنظرين ) 14(قال أنظرني إلى يـوم يـبـتني ألقـعدن لهم صراطك ا ) 16(لمستقيم أغويـ

ر منه «: قال .أن يؤثر التذلل على التكبر، ال سيما والخطاب الوارد عليه من الحق -لوال الشقوة -ادعى الخيرية، وكان الواجب عليه» أنا خيـ، ولم يعلم أن الخيرية » 1«ادعى الخيرية بجوهره ثم إنه وإن سلك طريق القياس فال وجه له مع النفس ألنه بحظ، فلم يزده قياسه إال فى استحقاق نفيه إذ

.وقسمته -سبحانه -بحكمه :قوله جل ذكره

]13آية ) : 7(سورة األعراف [

)13(قال فاهبط منها فما يكون لك أن تـتكبـر فيها فاخرج إنك من الصاغرين .على البساط ترك لألدب، وترك األدب يوجب الطرد فارق بساط القربة فإن التكبر والترفع

، فمن ادعى لنفسه محال ويقال من رأى لنفسه محال أو قيمة فهو متكبر، والمتكبر بعيد عن الحق سبحانه، ورؤية المقام قدح فى الربوبية إذ ال قدر لغيره تعالى .فقد نازع الربوبية :قوله جل ذكره

]15الى 14اآليات ) : 7(سورة األعراف [

عثون )15(قال إنك من المنظرين ) 14(قال أنظرني إلى يـوم يـبـليعلم الكافة أنه ليس كل إجابة . أجاب دعاءه فى الحال ولكن كان ذلك مكرا به ألنه مكنه من مخالفة أمره إلى يوم القيامة، فلم يزده بذلك التمكين إال شقوة

.ا بل قد تكون بالء ومكراللدعاء نعمة ولطف :قوله جل ذكره

]16آية ) : 7(سورة األعراف [

تني ألقـعدن لهم صراطك المستقيم )16(قال فبما أغويـ .يصدر عن اإلخالص والصدقحاله لم » 2«) سالف(جاهر الحقيقة بالخالف بعد ما أظهر من نفسه غاية الخلوص فى العبودية، فعلم أن جميع ما كان منه فى

__________ .حيث اعتبر النار خيرا من الطين) 1( .اى سابق عهده قبل عصيانه) سالف(والصواب أن تكون ) سالك(وردت ) 2(

)1/522(

هم ألمألن ) 17(جد أكثـرهم شاكرين ثم آلتيـنـهم من بـين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وال ت ها مذءوما مدحورا لمن تبعك منـ قال اخرج منـفـوسوس لهما الشيطان ) 19(الشجرة فـتكونا من الظالمين ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكال من حيث شئتما وال تـقربا هذه ) 18(جهنم منكم أجمعين

هما من سوآتهما وقال ما نـهاكما ربكما عن هذه الشجرة إال أ ) 20(ين ن تكونا ملكين أو تكونا من الخالد ليبدي لهما ما ووري عنـ

:قوله جل ذكره ]17آية ) : 7(سورة األعراف [

)17(م شاكرين ثم آلتيـنـهم من بـين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وال تجد أكثـره لم يعلم أن الحق سبحانه قادر على حفظهم عنه، فإن ما يكيد بهم من القدرة حصل، أخبر أنه يأخذ عليهم جوانبهم، ويتسلط عليهم من جميع جهاتهم، و

كيده بما توعدهم به وبالمشيئة يوجد، ولو كان األمر به أو إليه لكان أولى الخلق بأن يؤثر فيه كدحه نفسه، وحيث لم ينفعه جهده فى سالف أحواله لم يضرهم .من سوء أفعاله :قوله جل ذكره

]18آية ) : 7(األعراف سورة [

هم ألمألن جهنم منكم أجمعين )18(قال اخرج منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منـرحمته، فأصبح وهو مقدم على أخرجه من درجته، ومن حالته ورتبته، ونقله إلى ما استوجبه من طرده ولعنته، ثم تخليده أبدا فى عقوبته، وال يذيقه ذرة من برد

!.فأى كبد يسمع هذه القصة ثم ال يتفتت؟. الجملة، وأمسى وهو أبعد الزمرة، وهذه آثار قهر العزة :قوله جل ذكره

]19آية ) : 7(سورة األعراف [

)19(ه الشجرة فـتكونا من الظالمين ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكال من حيث شئتما وال تـقربا هذ وأي نقص يكون فى الجنة لو لم يخلق فيها تلك الشجرة التي هى شجرة المحنة لوال . لما أسكن آدم الجنة خلق معه سبب الفتنة، وهو ما أكرمه به من الزوجة

.ما أخفى من سر القسمة؟ :قوله جل ذكره

]20آية ) : 7(سورة األعراف [

هما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه )20(الشجرة إال أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين فـوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنـ .» فـوسوس لهما الشيطان «: انت الخطيئة منهما لكنه تعالى قالنسبته ما حصل منهما إلى الشيطان من أمارات العناية، ك

)1/523(

.؟!هب أنى كنت إبليسك فمن كان إبليسى! يا آدم. ، فقال إبليس آلدم!وسوست إلى وفعلت! يا شقى : ويقال التقى آدم بإبليس بعد ذلك فقال له .هما من سوآتهماليبدي لهما ما ووري عنـ : قوله جل ذكره

.فلم يطلع على سوأتهما غيرهما» ليبدي لهما«: وفى ذلك داللة على عناية زائدة حيث قال .وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إال أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين : قوله جل ذكره

.ولكن النقطاع الشهوات والمنى عنهما -ال ألن رتبة المالئكة كانت أعلى من رتبة آدم عليه السالم -ى أن يكونا ملكينتاقت أنفسهما إل .ويقال لما طمعا فى الخلود وقعا فى الخمود، ووقعا فى البالء والخوف وأصل كل محنة الطمع

متى يسلم صاحبه من ذلك؟ ويقال إن -التي هى دار الفناء -لمحن فالطمع فى الدنياأوجب كل تلك ا -وهى دار الخلود -ويقال إذا كان الطمع فى الجنةوقيل ساعات الوصال قصيرة وأيام . يكونا إنما ركنا إلى الخلود فال لنصيب أنفسهما، ولكن ألجل البقاء مع اهللا تعالى، وهذا أولى ألنه يوجب تنزيه محل النبوة

ويقال إن الفراق عين تصيب أهل الوصلة، وفى معناه قال ! لة إال بعضا من النهار دخال ضحوة النهار وخرجا نصف النهارالفراق طويلة، فما لبثا فى دار الوص :قائلهم

إال ألن العين تصيب الحسنا... إن تكن عين أصابتك فما :انتظم، كما قيل» 1«) ما(فأباد من شملهما ويقال حين تمت لهما أسباب الوصلة، ووطنا نفوسهما على دوام القربة بدا الفراق من مكامنه

__________ )ما انتظم(والصواب ) فانتظم(وردت ) 1(

)1/524(