- ٣٣٩ -

اإلنجازات والتحديات..المرأة المسلمة بين قرنين )*(أماني صالح. د

بينما يعبر العالم القرن العشرين إلى القرن الحادي والعشرين تقف قوى عديدة لتراجع مسارها خالل القرن المنصرم وتحدد أهدافها وطموحاتها خالل

اجعات وتتناقض قد تختلف القوى التى تجرى تلك المر. المئوية الجديدةأهدافها لكنها تشترك جميعا في سمة واحدة هي السعي ألن يتجاوز انتقالها

. عبر القرنين مجرد العبور الزمني إلى التحرك النوعي الحضاريأين موقع األمة اإلسالمية : وإذا كان السؤال المشروع في هذا المقام هو

ساؤل هي من الصعوبة بمكان من تلك المراجعة ؟ فإن اإلجابة على ذلك التفي اللحظة التاريخية التي نعايشها خاصة إذا ما عرفنا األمة بوصفها كيانا حضاريا واحدا يحمل ما هو أكبر من التعبيرات العشوائية المتفرقة عن

كيان يحمل رؤية عامة مشتركة ومشروعا حضاريا وإرادة .. المشاعرفي يخي يصبح من األجدى البحث في هذا الظرف التار. سياسية فاعلة

التي تتجلى فيها مظاهر الوعي المشترك والقدرة على فعاليات هذه األمةالتقييم والتقويم وإعمال اإلرادة وتصحيح المسار أمال في أن تسهم تلك

حركية أومؤسسية ، اجتماعية أو ثقافية أو سياسية ، رسمية أو (الفعاليات اإلرادة الموحدة الفاعلة لألمة في لحظة في تشكيل الوعي و) غير رسمية

بل نزعم انه يقع بين ،في هذا اإلطار يقع موضوع المرأة المسلمة. قادمة . الموضوعات التي تحتل الصدارة

نقطة تحول..المرأة والقرن العشرون

منال يحيى. ساهم فى جمع المادة العلمية أ (*)

- ٣٤٠ -

ن بالنسبة للمرأة عموما أهمية خاصة ال تحظى بها و يمثل القرن العشر ن دون منازع هو نقطة التحول وكان القرن العشر. ة أخرىأية فترة تاريخي

األكبر واألعمق في التاريخ اإلنساني بالنسبة للمرأة على وجه العموم بحيث هو قرن ؛يمكن اعتباره حدا فاصال بين حقبتين تاريخيتين مختلفتين نوعيا

المجال الخاص أو (الخروج الجماعي للنساء من معقلهن الضارب الجذورإلى مشاركة الرجال في الحياة العامة واكتساب صفة المواطنة، ومن ) سرةاأل

دورهن التاريخي في اإلنتاج البشري والتنشئة إلى اإلسهام في إنتاج مختلف .السلع االجتماعية والثقافية والسياسية واالشتراك في منافع وعوائد المواطنة

كثير من األزمات ليس ال شك أن هذا التحول قد صاحبته وال تزال ال ببناه االجتماعية والثقافية -أقلها تكييف وتكيف المرأة ذاتها والمجتمع

" المرأة الطبيعية" مع ذلك التحول، وإقامة معادلة جديدة ومتزنة بين -القائمة ".المرأة المواطنة"و

لم تكن المرأة المسلمة استثناء من هذا السياق ، لكننا نزعم أنها كانت أكثر النساء في عالمنا المعاصر معاناة من آالم التحول وأزماته وال منواجهت وتواجه نساء العالم اإلسالمي ما واجهته بنات جنسهن في كل . تزال

مكان من مخاض التحول وتضحياته، لكنهن واجهن فوق ذلك تعقيدات أكثر حدة وعنفا ترجع للظرف التاريخي الخاص الذي تمر به أمتهن في نفس

حيث تعاني األمة ذاتها أزمة حضارية كبيرة أضافت لمعاناة المرأة ،اللحظة .الكثير

ن بالنسبة للمرأة المسلمة هو قرن تفكك األنساق و لقد كان القرن العشراالجتماعية والثقافية التي جثمت على كاهلها منذ مطلع التاريخ المكتوب، لكنه

فما .. الصياغات التاريخية البديلة قرن الحلول و- وهنا المعضلة–لم يكن بين الحلول المستوردة من تجارب اآلخرين ، وبين االرتداد إلى أنساق عتيقة

- ٣٤١ -

استنفذت أغراضها تأرجحت التجارب والخبرات بنساء األمة في ذلك القرن وبدا ونحن في مطلع قرن جديد أن حل معضلة . الذي رحل بخيره وشره

بحل معضلة سالمي إنما يرتبط ارتباطا عضوياومعادلة المرأة في العالم اإلاألمة اإلسالمية ذاتها في التوصل إلى صيغة دينامية فاعلة للجمع بين

فكأن أزمة المرأة المسلمة هي ،الخصوصية الحضارية والمعاصرة في آن . ألزمة األمة" النوعي"المعادل

ين هو قرن إذا كان القرن العشر: والسؤال الذي يفرض نفسه هو األزمة فهل يكون القرن الحادي والعشرين قرن الحلول ؟ أغلب الظن أن ذلك متوقف في المقام األول على جدية المراجعة والتقييم والفهم الواعي

. للمشكالت ثم على فعالية السعي إليجاد طرق الحلول إشكاليات منهجية.. المرأة المسلمة بين قرنين

وقراءة تطور المرأة في شتى مناطق وبلدان العالم هل يمكن رصداإلسالمي في إطار منهاجي وتحليلي واحد ؟ وإلى أي حد يمكن لمعالجة منهجية واحدة االقتراب من مشكالت وحركات المرأة في منطقة جغرافية هائلة تمتد من وسط آسيا إلى المحيط األطلسي ومن جنوب أوروبا إلى وسط

لهندي؟ منطقة تعج بعشرات اللغات والقوميات والثقافات أفريقيا والمحيط ابل إن السؤال األهم ال ..والخبرات التاريخية والنظم االجتماعية المتباينة

إجراء هذا النوع من " مشروعية"بل إلى " اإلمكانية"ينصرف إلى مجرد .البحث من الناحية العلمية ال األيديولوجية

إجراء هذا البحث بغير افتراضات مسبقة على الصعيد المنهجي فقد تمشرعت . تتعلق بوحدة الخبرة اإلسالمية في حركة وتاريخ المرأة المعاصر

الباحثة منذ البداية في االقتراب من الموضوع من منظور التنوع وتعدد وعبر القراءة االستطالعية للمصادر والتجارب .. الخبرات واألنماط

- ٣٤٢ -

معالم إطار عام مشترك واضح القسمات شكلته المختلفة تكونت أمام الباحثةلم يكن اإلطار البحثي قالبا . بيانات البحث ذاتها دون افتعال أو استباق للنتائج

ولم يحمل ذلك اإلطار سمات . جامدا بل إطار يجمع بين الوحدة والتنوع ) تواريخ(إن تاريخ أو . االستاتيكية والثبات بل هو أقرب للمسار المتطور

اء المعاصرات في العالم اإلسالمي أقرب ما يكون شبها بتاريخ النهر النسالذي يبدأ بعدد من الروافد التي وإن تشعبت مصادرها فهي تتجمع شيئا فشيئا

هكذا بدأ تاريخ النساء .. نحو تشكيل تيار واحد قوي يتجه نحو مصب واحدرغم هذا و. المسلمات في مطلع القرن العشرين وهكذا انتهى في نهايته

اإلطار الذي أنتجته مادة البحث فقد ظل لزاما علينا إفراد مجال واسع . لالختالف وتعدد األنماط مع اعتبار مساحات االتفاق

أقسام البحث

على ركنين تتمحور - رغم التحفظات السالفة– يقوم إطار البحث : حولهما مادة البحث

طور التاريخي للمرأة المسلمة على رصدي يتعلق بمراحل واتجاهات التاألول .مدى القرن العشرين

تحليلي يتناول اإلشكاليات الكبرى المؤثرة على حركة المرأة عبر : الثانيالقرن و ما يتولد عن ذلك من تحديات مطروحة على مستقبل نساء العالم

.اإلسالمي في القرن الحادي والعشرين

مراحل واتجاهات التطور-١

ورغم . تلف خبرات النساء في العالم اإلسالمي وتتنوع تنوعا كبيرا تخلعل أهم ، هذا التنوع فإن ظروفا وقسمات مشتركة تجمع بين تلك الخبرات

اإلسالمي قد في العالم " قضية المرأة"تلك السمات أن ما يعرف اصطالحا بـ

- ٣٤٣ -

ية ارتبط نشوءا وتطورا بنشوء وتطور فكرة ومؤسسة الدولة القوم

على ضوء هذه الفرضية يمكن تصنيف ثالثة مراحل أساسية في . الحديثةمرحلة النهضة، مرحلة : التاريخ المعاصر للمرأة في العالم اإلسالمي هي

ما بين فعاليات العولمة (هيمنة الدولة القومية التحديثية، مرحلة إعادة الهيكلة ).واألسلمة

المراحل الثالثة وما سادها من قبل أن ندلف إلى التعرف على سمات اتجاهات عامة للتطور البد من التنويه إلى بعض المالحظات والمحددات

أولها أن الدراسة ربما ال تستوعب بعض الخبرات التي ال تكتمل عناصر :تبلورها من منظور الفرضية السابقة بما يجعلها تقع خارج سياقنا التحليلي

نساء فلسطين وكشمير والشيشان (االحتالل مثل حالة النساء المسلمات تحت ، وحالة نساء األقليات المسلمة في أوروبا وآسيا ، حيث تحتاج تلك )وغيرهن

المالحظة الثانية أن التعميمات ،الخبرات االستثنائية إلى أطر تحليلية خاصةالخاصة بالمراحل الثالثة لتطور المرأة في العالم اإلسالمي ال يمكن وضعها

فبعض ) تحديد تاريخي لبدء وانتهاء الفترة(ر من التحقيب الزمني في إطاالتجارب مثال قد دخلت إلى مرحلة النهضة في فترة مبكرة ترجع إلى القرن التاسع عشر فيما تأخرت تلك المرحلة في تجارب أخرى لمنتصف القرن

ثالثة التحفظ الثالث واألخير مؤداه أن المرور المتتابع بالمراحل ال،العشرينليس حتميا فبعض الخبرات تتداخل لديها مرحلتان أو تضيع الفواصل بينهما

. أو تتردد تباعا بين هذه وتلك أوال ـ مرحلة النهضة

فالنهضة . ال يمكن إيجاد تعريف محدد ومتفق عليه لمفهوم النهضة التي قد تثير الخالف حتى في إطار تلك همفهوم معيارى يحمل انحيازات

ترة الزمنية المشار إليها؛ وقد خلفت لنا تلك الحقبة الزمنية تراثا عريضا الف

- ٣٤٤ -

من الكتابات التي تبنت مفهوما نقديا لما يعرف بحركة النهضة النسائية وبرغم ذلك فقد فرض تيار النهضة . ونظرت إليه كنوع من التحلل والتدهور

ساسية لهذا التيار نفسه باستمرار، وأثبت التطور التاريخي أن التوجهات األمضت قدما نحو مداها على مدى القرن مما يعطي المفهوم مصداقيته الواقعية

.ويجعله جديرا بالبحث النهضة النسائية إذا حاولنا تقديم تعريف إجرائي غير أيديولوجي لمفهوم

يشير إلى الخروج المشروع والمعترف به للنساء كجماعة من اإلطار نراهإلى المجال العام ) المجال الخاص أو المنزلي (قليدي لهن التاريخي الت

ومؤسساته السياسية واالجتماعية واالقتصادية، والسعي إلقرار معايير عامة مشتركة للنساء والرجال على السواء لعضوية مؤسسة الدولة في إطار مفاهيم

.المواطنة والحقوق المتساوية :اتجاهات رئيسية لمرحلة النهضةفي هذا اإلطار يمكن طرح ثالثة سمات أو

一一一一- تراوح الخطاب األيديولوجي للنهضة بين اإلصالحية

اإلسالمية والعلمانية" تغييرية" تميزت الدعوة إلى نهضة المرأة في منشأها بكونها حركة

تسعى الستبدال نسق قائم بنسق آخر بديل سواء من خالل نهج إصالحي فقد حمل لواء تلك الدعوة قوى التغيير من هذا المنطلق.معتدل أو راديكالي

في المجتمع وعلى رأسها ما يسمى باتجاهات التنوير من العناصر العلمانية المتغربة و االتجاه اإلصالحي اإلسالمي الساعي للتجديد في إطار الدين

وفي المقابل فقد تركزت عناصر المقاومة والرفض . وإعادة فتح باب االجتهاد في القوى التقليدية المستفيدة من –بالمفهوم السابق –ة لدعوة نهضة المرأ

األوضاع االجتماعية أو الثقافية القائمة ممثلة في التيار الديني المحافظ

- ٣٤٥ -

والقوى االجتماعية المهيمنة كالتحالف االقطاعي القبلي المهيمن في العديد من .المجتمعات اإلسالمية

االستقالل عن الدولة في العموم تميزت حركة النهضة في تلك المرحلة بإال أن ذلك لم يمنع من ارتباطها بالدولة في ظروف بعينها مثل تولي عناصر تحمل مشروعات للتحديث أو اإلصالح مقاليد السلطة مثل محمد علي والخديوي إسماعيل في مصر وخير الدين في تونس إال أن حركة النهضة

.يرات نمو المجتمع المدنيالنسائية ظلت في تيارها العام أحد تعب اكتسب تيار اإلصالحيين اإلسالميين ثقال بارزا في العديد من تجارب

. النهضة النسائية بينما لعب العلمانيون الدور األكبر في تجارب اخرى قام التيار اإلصالحي على قاعدة التوفيق بين متطلبات الدين ونهضة

. ادة االجتهاد في التفسير واستنباط األحكام من خالل إع) والمجتمع(المرأة في مصر وهي من التجارب الرائدة في نهضة المرأة وتحريرها اكتسب تيار اإلصالح أهمية كبيرة محتضنا الدعوة إلى نهضة المرأة منذ ظهورها ، تجلى ذلك من خالل إسهامات أعالم هذا التيار في الدعوة إلى تعليم المرأة

ورغم االتهامات . شيخ رفاعة الطهطاوي واإلمام محمد عبدهوإنصافها مثل الالموجهة إلى رائد تحرير المرأة قاسم أمين بالتغريب والخروج على التقاليد إال أنه يمكن اعتباره أحد رموز هذا التيار اإلصالحي حيث عني بالبحث عن القاعدة الدينية الشرعية إلنصاف وتحرير المرأة وكشف الخلط بين الدينوالتقاليد التى تقوم على استضعاف النساء مبرئا الدين الصحيح من ظلم المرأة

وتمثل ملك حفني ناصف أحد أبرز الرموز النسائية لهذا التيار )١(.وتهميشهاحيث قامت دعوتها إلصالح حال المرأة والمجتمع على أساس تفعيل قيم

ن تفسيره أو تعسفوا في الدين ومبادئه وأحكامه وإعادة تفسير ما أساء السابقواستنباطه، كما حملت سوء وضع المرأة على التعسف في استخدام الشرع

- ٣٤٦ -

ضد النساء من قبل التقليديين والتفريط في مرجعية الدين وما يؤمنه من )٢(.حقوق والتزامات من قبل المتغربين

في تونس احتضن التيار الديني اإلصالحي دعوة تحرير المرأة في تمثل ذلك على الصعيد النظري في إسهامات المصلح التونسي الطاهر منشأها

نقدا حادا ) امرأتنا في الشريعة والمجتمع (حداد الذي وجه في كتابه العالمة ألوضاع المرأة في المجتمع التونسي والمجتمعات العربية عموما ، وعزا

سح ظلما في الدين الظلم الواقع على المرأة إلى األعراف االجتماعية التي تتموإلى القراءات الفقهية التاريخية المتحيزة لنصوص الشرع موضحا الفائدة

)٣(.الجمة التي تعود على المجتمع من إنصاف المرأة وإصالح أوضاعهاوعلى الصعيد المؤسسي تجسد االتجاه اإلصالحي في اتحاد النساء المسلمات

التونسية برئاسة بوشيرة بن كأول الحركات ١٩٣٦التونسيات الذي نشأ عام . وتعتبر نشأته استمرارا لمؤسسة الزيتونة بسماتها القومية واإلسالمية . براد

وقد دعا االتحاد لالنتماء العربي اإلسالمي لكن عضواته كن يرفضن أوضاعهن التقليدية واتجهن إلى قراءة النص القرآني من رؤية جديدة تبرز

وقد كان هذا االتحاد مدرسة تخرجت منها . بالنساءالجوانب اإليجابية المتعلقة )٤(.العديد من المناضالت التونسيات

وفي الهند كان مولد الدعوة إلى نهضة المرأة المسلمة من لدن تيار حركة "اإلصالح والتجديد من خالل المدرسة التي عرفت تاريخيا بسم

صالحية للعالمة والمفكر وتنتمى هذه المدرسة إلى األفكار اإل" إصالح المرأةالسير سيد أحمد خان التي قامت على التوفيق بين الدين اإلسالمي والعلم

نشطت هذه المدرسة في نهاية القرن التاسع عشر والعقود األولى . الحديث من القرن العشرين ورفعت لواء التعليم باعتباره أهم مطلب إلصالح حال

موزها الشيخ عبد اهللا صاحب أول جريدة ويعد من ر. المرأة المسلمة في الهند

- ٣٤٧ -

أما أبرز التجليات المؤسسية . نسائية صادرة باألوردية باسم خاتون أو المرأة، ومنظمة المرأة المسلمة التي ١٨٨٥للحركة فهى جمعية حماية اإلسالم

.١٩٠٨نشأت في الهور سنة تحديثيين عرفت تجارب اخرى فى العالم اإلسالمي بروزا أكبر لدور ال

العلمانيين في الدعوة إلى نهضة المرأة كما حدث فى الخبرة اإليرانبة خاصة في تلك الخبرة شكلت . بعد الثورة الدستورية في مطلع القرن العشرين

حركة المطالبة بالمساواة واإلصالح االجتماعي والقانوني جزءا من حركة قتصادية والسياسية عامة للمثقفين والنخبة من أجل تحديث األبنية اال

ورأت تلك . واالجتماعية اإليرانية مستلهمة التطور الحادث فى الغرب - ومن جملتها المرأة–الحركة أن الشرط الضروري لنهضة األمة بشكل عام

وقد برزت . هو علمنة العادات والقيم ومؤسسات الحياة السياسية واالجتماعيةمرأة خروجا عن السياق الديني رموز علمانية تدعو لنهضة ال١٩في نهاية ق

. السائد في المجتمع مثل ميرزا فتحالى أخوندزاده، وميرزا أغاخان الكرمانيومن الناشطات العلمانيات برزت أسماء صديقة دولت أبادي صاحبة صحيفة

أو (أو صوت المرأة وآفاق برسا صاحبة مجلة جهان وزنان ) زبان وزنان(وقد قام مشروع النسويات العلمانيات في إيران . وتاج السلطنة) عالم المرأة

على شقين أولهما الحصول على حقوق المساواة والثاني أن تكون تلك )٥(.المساواة في إطار ديمقراطية برلمانية علمانية

ومن السمات التي تجدر مالحظتها في شأن الخطاب األيديولوجى الرجال والنساء المعنيين للنهضة هو وجود مفارقة نوعية بين خطابات

ففي حين نلحظ اتجاها من الكتاب الرجال إلى . بنهضة المرأة في تلك الفترةالتجريد ومناقشة العموميات وميال إلى الحدة والتصادم، حمل الخطاب النسائي نزعة إلى االعتدال والتوفيق واتجاها لمناقشة المشكالت العملية

- ٣٤٨ -

تسري تلك السمة على . ومعاناتهنشديدة االتصال بواقع حياة النساء على سبيل المثال ففي ..الخطابين اإلصالحي والعلماني على حد سواء

الخطاب العلماني نجد اتجاها واضحا من الكتاب الرجال مثل ميرزا الكرماني وأحمد كسرافي في إيران وسالمة موسى في مصر إلى الدعوة للقطيعة

كما . ه تحرير المرأة وبين الدينالكاملة بين المشروع الحداثي ومن جملتيصمون الثقافة اإلسالمية بالقمع والعداء للحريات ويحملونها مسئولية التخلف

على الجانب اآلخر اتجهت داعيات النهضة . في السياق االجتماعي والسياسيمن العلمانيات إلى تجنب هذا التصادم وحاولن إيجاد جسور للصلة بين

ين الدين عن طريق تثوير اإلسالم والبحث عن الدعوة لتحرير المرأة وبهكذا نجد على الصعيد الحركي رابطة النساء الوطنية . المضامين التقدمية فيه

اإليرانية التي نشأت في العقد الثالث من القرن العشرين كمنظمة راديكالية وفي ". ترسيخ واحترام تشريعات وقيم اإلسالم" تضع في صدارة أهدافها

الناشطة الليبرالية المصرية الشهيرة درية شفيق غضاضة في مصر لم تجدالدين اإلسالمي ال يعد مسئوال عن حالة الهبوط التي كانت فيها "القول بأن

المرأة المصرية في أوائل القرن العشرين في النواحي الفكرية واالجتماعية ( اد ووجدت درية شفيق لديها الجراءة لممارسة نوع من االجته،واألدبية

في اإلسالم من خالل رأيها حول التمييز بين مبادئ ) الليبرالي العلماني اإلسالم عامة وتشريعاته واعتبار أن للمبادئ أولوية تجب التشريعات باعتبارها المأمور بنشرها على العالم بينما يرتبط تطبيق التشريع بمراعاة

دون مساس بالمبادئ تغيير التشريع "فكانت دعوتها إلى . المحيط االجتماعي -)االجتهاد الفكري(وعلى هذا . )٦("الدينية التي ينبغي أن تبقى دون تعديل

بنت درية شفيق دعوتها لحظر تعدد الزوجات وتقييد حق -إن جاز التعبير . الرجل المطلق في الطالق

- ٣٤٩ -

التعليم والحجاب.. قضايا النهضة -بلنهضة ؛ وبين هذه القضايا شغلت العديد من القضايا أجندة مرحلة ا

احتلت قضيتان على وجه الخصوص أهمية كبيرة في شتى بقاع العالم إن أهم ما يميز أجندة تلك المرحلة . اإلسالمي هما قضيتا التعليم والحجاب

أن الذي حدد عناصرها هو المجتمع المدني نفسه ممثال في المصلحين من النساء المتعلمات أو حتى العناصر والنخب الرائدة من،أنصار تحرير المرأة

.التقليدية المناهضة لتغيير واقع المرأة جسر العبور من الظل إلى النور..التعليم ••••

مكانة الصدارة في تلك المرحلة - وليس المساواة– احتلت قضية التعليم لقد مثل التعليم في المقام األول األداة الضرورية . من مراحل تطور المرأة

ؤهل المرأة بالقدرات الالزمة لممارسة ما تطالب به من حقوق التى ت فهو أداة لتغيير وعي النساء ومفاهيمهن وطموحهن من اإلطار ،المواطنة

الضيق للمعرفة النسوية األولية بالوظائف واألدوار التقليدية إلى اإلطار كذلك كانت،األوسع للمعرفة التى تتماس مع حدود الوطن واألمة والعالم

مطالبة النساء بنصيب في التعليم هي أول اختبار تمارس فيه النساء حقوق المواطنة بتأكيد حقهن في المشاركة مع الرجال في موارد ومنافع وطن

وعلى الجانب اآلخر فقد كان انتشار التعليم في . يتشاركون معا في عضويتهيودها بما المجتمع شرطا ضروريا لنجاح الدعوة إلى تحرير المرأة من ق

أنتجه التعليم من نخبة من الرجال المستنيرين الذين يدركون قيمة العلم .لإلنسان عموما ويدركون علل المجتمع ويطرحون األفكار للعالج واإلصالح

لهذه األسباب جميعها حظيت مسألة تعليم المرأة بمكانة رفيعة لم تبلغها يؤرخ فيه لبدء النهضة في قضية أخرى في مسار النهضة إلي الحد الذي

في تركيا يبدأ . أغلب خبرات العالم اإلسالمي بظهور مسألة تعليم الفتيات

- ٣٥٠ -

الحديث عن نهضة المرأة بافتتاح كلية المعلمات في عهد السلطان عبد وما تالها من افتتاح العديد من المدارس مرورا بإنشاء أول ) ١٨٦٣(العزيز

وفي مصر يبدأ التأريخ .١٩١٤ول في فبراير كلية نسائية تابعة لجامعة اسطنبالمرشد األمين للبنات " للمرأة على صعيد الفكر بكتاب رفاعة رافع الطهطاوي

الذي شرح فيه الفوائد الجمة لتعليم النساء لكل من األسرة والمجتمع " والبنين فضال عن الرجال والنساء على السواء، أما على صعيد الواقع فتعد مدرسة

ت التي أنشأها محمد علي ثم مدرسة السيوفية التي أنشاها الخديوي القاباللتعليم الفتيات تعليما حديثا عالمة بارزة في تاريخ تطور ) ١٨٧٣(إسماعيل

وفي الهند سار تاريخ نهضة المرأة مالزما . المرأة سبقت الدعوات لتحريرها ١٩١١ -١٩٠٤لتطور ونهضة تعليم الفتيات التي شهدت طفرة بين عامي

بفتح العديد من المدارس في مدن بومباي وكراتشي وكالكتا وأليجراه والهور بفضل أنصار حركة إصالح المرأة والجمعيات التي أنشأوها لهذا الغرض

.وما رصد لها من أوقاف لقد كان ظهور نخبة من رائدات نهضة وتحرير المرأة نتاجا خالصا

وتثير قضية . أو األهلية أو األجنبيةلحركة إنشاء المدارس سواء العامة المدارس التبشيرية التي استشرى إنشاؤها في أرجاء العالم اإلسالمي إبان ضعف الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر تثير لبسا كبيرا حول دورها

ففي بعض الخبرات كما هو الحال في سوريا . الحقيقي في النهضة النسائيةيات مسيحية واسعة كان لتلك المدارس دور كبير في ولبنان حيث تعيش أقل

إنتاج نخبة من النساء المتعلمات الالتي لعبن دورا هاما في الدعوة لنهضة المرأة وإنشاء الصحافة النسائية في الشام والتي انتقلت مع هجرتهن إلى

لكن تأثير تلك المدارس كان عكسيا في خبرات أخرى خاصة لدى )٧(.مصرلمسلمة التي أحجمت عن دفع بناتها في هذا اللون الوحيد المتاح من الغالبية ا

- ٣٥١ -

وإلى هذا السبب يعزى تأخير تعليم الفتيات . التعليم خشية فتنتهن في دينهنفي العديد من المناطق كالسودان التي حاربت فيها سلطة االحتالل انشاء

نطاق واسع مدارس أهلية تنافس مدارس التبشير مما عوق تعليم الفتيات على ولم يتم التوسع فيه إال مع ١٩٠٨لسنوات حتى سمح للتعليم األهلي بقيود عام

لكن التعليم التبشيري أسهم بشكل إيجابي في تعليم النساء . مطلع العشرينيات إذ أثار هذا اللون من التعليم تحرك " التحدي واالستجابة"من منطق آخر هو

نشاء المدارس األهلية سواء بجهد الغيورين على الدين من المصلحين إلفردي كما حدث في السودان، أو بجهد منظم كما حدث في الهند من خالل

مدارس ابتدائية في الهور ٥نشاط جمعية حماية اإلسالم التي بادرت بافتتاح بغرض الحفاظ على القيم اإلسالمية للحياة ومواجهة نشاط ١٨٨٥عام

.الجماعات التبشيريةيمة الحقيقية لتعليم الفتيات أنه كان االنطالقة التى انبعثت منها كافة إن الق

األبعاد األخرى لحركة نهضة المرأة ،فالنخبة المتعلمة من الرائدات هن الالتي مارسن بعد ذلك نشاط الكتابة وإنشاء الصحف النسائية والجمعيات

بالمرأة والخطابة ، وطورن عبر جهد فكري متعمق مجمل المطالب الخاصة فطرحت ملك حفني ناصف التي تنتمي ألول جيل من خريجات . وحقوقها

مدرسة المعلمات السنية في مصر مطالب راديكالية لصالح المرأة بمعيار إلى تعليم ١٩١١زمانها حين دعت في مؤتمر دولي لطالب اإلصالح عام

ا وفتح باب البنات في االبتدائي والثانوي مجانا وجعل التعليم األولي إجباري ونادت زميلتها نبوية موسى بالمساواة )٨(.التعليم العالي لمن تستطيع منهن

وفي الهند كانت مؤتمرات التعليم المحمدي هي )٩(.المطلقة في التعليم والعمل كانت أول ١٩٠٣المنابر األولى لصوت ومطالب النساء ففي مؤتمر عام

تحدثن خاللها عن وضع المرأة مشاركة للهنديات المسلمات في تظاهرة عامة

- ٣٥٢ -

ومشكالتها عالنية ألول مرة، ومن خالل تلك المنتديات نمت الحركة النسوية وفي السودان كانت خريجات كلية المعلمات التى أسست . للهنديات المسلمات

. هن بذور الحركة النسوية السودانية ١٩٢١في إبريل اإلسالميون وتحمس له لكن تعليم النساء الذي احتضنه التجديديون

العلمانيون قد واجه بدوره معارضة عنيدة تركزت فيما يعرف بالتقليديين من رجال الدين المحافظين ومراكز النفوذ االجتماعي في مجتمعات ذات سمات

لقد رأى هؤالء في التعليم وسيلة تهدد إحكام قبضتهم وقبضة . اقطاعية-قبليةاالتهامات لتعليم الفتيات العلوم الحديثة بلغت المجتمع على النساء لذلك كالوا

نه وسيلة إلخراج النساء عن ألقول بأن هذا اللون من التعليم ضد اإلسالم ولوتذكر إحدى الكاتبات انه قد بلغ من شيوع تلك المقولة بين العامة . التقاليد

ءة في إيران أن النساء المتعلمات كن يخفين حقيقة تعلمهن أو معرفتهن بالقراوقد خبرت أغلب البلدان اإلسالمية في عصر النهضة . )١٠(والكتابة

حمالت مطولة في الصحافة أو عبر الكتب حول المشكالت التي يخلقها التعليم للمرأة والمجتمع مثل تأخير سن الزواج وشيوع زواج االختالط وفشل ة الزوجات المتعلمات في الحفاظ على األسرة نتيجة ميلهن لعدم طاع

)١١(الخ..أزواجهن الجدل حول الحجاب •

لم تثر قضية في التاريخ المعاصر للمرأة المسلمة من جدل قدر ما فقد امتزجت في هذه القضية األبعاد الرمزية . أثارت قضية الحجاب

والوظيفية واختلطت فيها االعتبارات السياسية واالجتماعية والدينية فأعطتها وبقدر اتساع تداول هذه القضية كان ، الموضوعيةطابعا مركبا بعيدا عن

.غموض المفهوم وتعدد دالالته والتباسها

- ٣٥٣ -

إن أول ما يتعين االلتفات إليه هو ضرورة تناول المفهوم من منظور اصطالحي يعنى بدالالته في لحظة تاريخية معينة ؛ فالحجاب في مصطلح

لم يكن مصطلح .. ية القرننهاية القرن ال يعني نفس مفهومه في مصطلح بداالحجاب في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ليشير إلى مجرد زي ، بل كان يشير إلى نمط حياة وسلوك ونسق للقيم أو ما أسماه البعض

في تلك الفترة نظاما اجتماعيا مؤداه " الحجاب"مثل ). الحجاب كمؤسسة(بـن عن الظهور العام وارتبط بذلك مجموعة من التزام النساء البيوت واحتجابه

التوابع القيمية والسلوكية مثل إدانة االختالط وخروج المرأة، والفصل بين الرجال والنساء والتقسيم الجامد لألدوار االجتماعية بين العام والخاص وعزل

أما الزي . الخ..النساء عن المؤسسات العامة كالتعليم والعمل والسياسة الذي يترجم تلك المعاني عندما تضطر النساء للخروج من المنزل الخارجي

فقد تعددت أشكاله ومسمياته في أنحاء العالم اإلسالمي بين البردة و الحجاب في . و البرقع والشادور لكنها حملت كلها ذات الداللة االجتماعية والسلوكية

رك التي ثارت ضوء هذا المدلول االجتماعي الواسع للحجاب يمكن فهم المعافالدفاع عن الحجاب كان يعني إبقاء . حوله بين أنصار التغيير والتقليديين

الوضع على ما هو عليه بينما كان مفهوم النهضة يعني تفكيك نظام الحجاب ال غرو إذن أن حمل أنصار المرأة حملة شعواء على . كنظام حياة أو تقييده

مصر وجميل صدقي الزهاوي وكان على رأسهم قاسم أمين في " الحجاب"ومعروف الرصافي في العراق وأحمد كسرافي في إيران وسير محمد شافي

الزي رمزا لبلوغ ثورة النساء / كما اعتبر رفع الحجاب. في الهور بالهند إبان الثورة ١٩٠٦كما فعلت اإليرانيات عام :ذروتها وأعلى درجاتها

والسوريات في مظاهرة الدستورية، والمصريات بزعامة هدى شعراوى ، ساحة المرجة في أوائل الثالثينات بزعامة ثريا الحافظ حين رفعن النقاب

- ٣٥٤ -

وكذا فعلت . دفعة واحدة مطالبات بحق النساء في االنتحاب والترشيح مجموعة من نساء الكويت والبحرين في الخمسينيات احتجاجا على ما يرمز

غطاء للشعر كما آل به الحال في فلم يكن الحجاب أبدا مجرد . إليه الحجاب .نهاية القرن بل كان غطاء ماديا واجتماعيا شامال للمرأة

نقطة االنكسار والتحول من الخاص إلى العام.. الحركة الوطنية -ج إذا كان جوهر النهضة النسائية كما خبرها العالم اإلسالمي في نهاية

و خروج المرأة المشروع القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هوالمعترف به ألول مرة في التاريخ من المجال الخاص لألسرة إلى حركة المجتمع واالعتراف لها بالحقوق المتساوية كمواطنة، فإن التحرك نحو هذا الهدف واالنتقال من مرحلة الدعوة والخطاب إلى الفعل قد تم بمناسبة

سالمي منذ مطلع القرن العشرين الحركات الوطنية التي اجتاحت العالم اإل . وامتدت في بعض التجارب إلى خمسينات القرن وما بعدها

لقد أتاحت ظروف األزمة الوطنية لحظة نادرة للمرأة للتغلب على . الصعوبات والعقبات التي حالت بينها وبين المشاركة في الحياة العامة

واالستثناء الذي فرض فاألزمات الوطنية خلقت حالة من حاالت الضرورةعلى المجتمع كله ترتيب أولوياته وعلى المقاومة التقليدية الشرسة إزاء

كما أن زخم المشاعر واألفكار الذي . خروج المرأة التخلي عن مواقفها مؤقتااجتاح المجتمع في تلك اللحظة انتهك األستار التقليدية التي حالت بين المرأة

أمامها مجاالت جديدة للوعي واإلدراك تجاوزت وشئون أمتها طويال ففتح ففي إيران انغمست النساء اإليرانيات رغم . الحدود الضيقة لبيتها وأسرتها

) ١٩١١ -١٩٠٥(قوة التيار التقليدي في الكفاح من أجل حكومة دستورية وشاركن في المظاهرات واالعتصامات والحرب األهلية التي اندلعت في

وفي مصر خرجت النساء . رية بين الجيش والثوريينأعقاب الحركة الدستو

- ٣٥٥ -

وتصدين لرصاص االحتالل ١٩١٩بأعداد كبيرة في مظاهرات ثورة البريطاني وسقطت منهن الشهيدات، كما مارست النساء ما هو أكبر من التعبير العفوي عن الشعور الوطني فأسهمن في األنشطة الرامية إلى تفعيل

لضمان اإللتزام بإضراب الموظفين وتنظيم الثورة مثل الضغط المعنوي . حمالت لمقاطعة البضائع اإلنجليزية وسحب الودائع من البنوك البريطانية

أما في تركيا فيؤرخ لبدء تاريخ الحركة النسائية بالدور الذي لعبنه في ) اليونانية والبريطانية والفرنسية(حركة الكفاح ضد الجيوش األجنبية الغازية

لتي اجتاحت أراضي السلطنة في أزمير واسطنبول وجنوب األناضول بعد االحرب العالمية األولي، فقد شاركت النساء في االحتجاجات واالجتماعات المفتوحة بجميع المدن التركية كما انضمت كثيرات منهن إلى الجيش الوطني

في . بقيادة مصطفى كمال أتاتورك وشاركن كمقاتالت في حرب االستقاللسوريا شاركت النساء في حركة اليقظة العربية ومقاومة سياسة التتريك

وفي المغرب يدل التراث الشفاهي بين النساء . ١٩٢٥ومساندة الثوار عام المغربيات على وجود مشاركات نشطة غير موثقة للنساء في الحرب التي

اهد ضد االستعمار األسباني بقيادة المج) ١٩٢٦-١٩٢٠(دارت في الريف عاما في جبال ٢٦عبد الكريم الخطابي، وفي المقاومة المسلحة التي استمرت

وفي شبه )١٢(.١٩٣٨ وحتى ١٩١٢األطلس الوسطى بعد إعالن الحماية عام القارة الهندية أسهمت المسلمات الهنديات في حركة استقالل باكستان من

زعامة محمد علي خالل حركة الخالفة والجناح النسائي للرابطة اإلسالمية بوكان . ١٩٤٦جناح خاصة خالل المظاهرات العارمة الالتي حشدنها عام

دورهن مشهودا في أعمال اإلغاثة لموجة الهجرة غير المسبوقة تاريخيا التي في الجزائر شاركت أكثر من عشرة آالف . أعقبت انفصال باكستان عن الهند

واللوجستية واالتصالية امرأة في حرب التحرير من خالل الخدمات الطبية

- ٣٥٦ -

والقتالية وقدرت اإلحصاءات أن بين كل خمسة سيدات كانت هناك سجينة أو كذلك لعبت النساء خاصة نساء السوق أدوارا هامة في حركات . شهيدة

التحرير في غرب أفريقيا ؛ فقامت نساء غينيا بدعم جهود أحمد سيكوتورى د شبكة اتصاالت بين الثوريين زعيم االستقالل في غينيا ماديا ومن خالل م

في تنزانيا نفس هذه TANUوقياداتهم، كما أدى الفرع النسائى لمنظمة تانو األدوار التعبوية لصالح الحركة ، أما في نيجريا حيث اتخذت الحركة الوطنية طابعا أقل عنفا متركزة على النضال االنتخابي فقد لعبت منظمات النساء

. رية في دعم األحزاب السياسية خالل االنتخاباتالبائعات أدوارا محو تشير أغلب الدراسات التي تناولت دور النساء في حركات التحرر في العالم اإلسالمي إلى أن الدور الذي لعبته النساء قد أنكر عليهن أو أنهن حرمن ثمار تلك المشاركة فالدستور اإليراني الذي ناضلت النساء من أجله لم

رف لهن بحق االنتخاب والتصويت، وبعد حرب االستقالل التركية تكتلت يعتالقوى التقليدية داخل البرلمان العثماني حائلة دون الموافقة على قانونين لصالح المرأة هما قانون الزهري وقانون ضم النساء في إحصاء الدوائر

ستشاري وفي المغرب لم تشرك النساء في المجلس الوطني اال. االنتخابيةالذي اختاره الملك ممثال للفئات والمؤسسات خالل المرحلة االنتقالية ، كذلك لم يسمح للمرأة التونسية بالمشاركة في الجمعية التأسيسية التي شكلها الباي

ليقصر حق االنتخاب على الرجال ١٩٥٦، وصدر القانون عام ١٩٥٥عام .١٩٥٩حتى تم االعتراف لهن بذلك في الدستور عام

رغم ذلك فقد فإن مشاركة النساء في الحركات الوطنية لم تكن بأي حال لقد منحت خبرة حروب االستقالل . حدثا عارضا في تاريخ نهضة المرأة

للمرأة خبرة غير مسبوقة في الصراع السياسي ووفرت لهن أرضية من ة من المشاركة في الشأن العام للوطن، ثم هي قبل ذلك فجرت صيغة جديد

- ٣٥٧ -

لذلك كانت نقطة فاصلة خلفت نقلة ،الوعي والحس النضالي وتقدير الذات نوعية في مسار العديد من الحركات النسائية في الفترة التالية وتجلى ذلك في

أولها حدوث طفرة مشهودة في مظاهر التعبير والمشاركة : عديد من المظاهرات والجمعيات النسائية والنشاط السياسي العام متمثلة في نشاط التنظيم

والصحافة النسائية أو مشاركة النساء في الصحف واإلقبال على التعليم العام الثاني هو انتقال فكر ومفاهيم الحركات . والعمل ونشاط الخدمة العامة

الوطني السابق، -النسائية إلى الفكرة النسوية بدال من التوجه اإلصالحي. اة بدال من التعليم والتحرر من الحجابواالنتقال إلى طرح مطلب المساو

ففي مصر على سبيل المثال أعلنت الرائدة النسائية هدى شعراوى تشكيل االتحاد النسائي بعد خالفها المعلن مع الوطنيين وطرحت مطالب المرأة المصرية ممثلة في المساواة بالرجل في فروع التعليم ، وتعديل تشريعات

د الزوجات إال للضرورة وتقييد حق الرجل المطلق الزواج واألسرة بمنع تعد كما بدأ ،في الطالق، ومنح المرأة حقوق االنتخاب والترشيح أسوة بالرجال

االتحاد النسائي نشاطا عربيا وإقليميا ودوليا يقوم على االتصال وتبادل الخبرات مع الحركات النسائية األخرى في المنطقة والعالم واتخذ مواقف

المظهر الثالث - إسالمية أبرزها قضية فلسطين-ي قضايا عربيةمستقلة فاأليديولوجي الذي نجم عن نجاح هو انغماس النساء في الصراع السياسي

الثورة البلشفية وانتشار أفكارها واألفكار المعادية لها فنشأت أجنحة سياسية وطنية في قوية للحركات الماركسية في العالم اإلسالمي مثل رابطة النساء ال

إيران برئاسة محترم اسكندراني، وجمعية ترقية المرأة التى انبثق عنها االتحاد النسائي السوداني برئاسة فاطمة ابراهيم، واتحاد النساء التونسيات

وفي المقابل نشأت أجنحة نسائية مماثلة في . التابع للحزب الشيوعي التونسي لشوفينية والقومية والحركات الحركات المناهضة للشيوعية مثل الحركات ا

- ٣٥٨ -

اإلسالمية الراديكالية وعلى رأسها حركة اإلخوان المسلمين التي برز فيها اسم زينب الغزالي في مصر وسعاد الفاتح البدوي والعديد من المناضالت في

.السودان

.المرأة ومرحلة هيمنة الدولة القومية التحديثية: ثانيالوطني ضد االستعمار إلى نشوء مشروعات انتهت مرحلة الكفاح ا

عديدة للدولة القطرية على أنقاض كل من دولة الخالفة ونظام اإلدارة وإذا كان مفهوم نهضة المرأة قد ولد في خضم عملية التحول . االستعماريفإن قضية المرأة دخلت " القومية"إلى منظومة " األمة اإلسالمية"من منظومة

بتبلور المفهوم القومي مؤسسيا من خالل مشروع الدولة بدورها طورا جديدا .القومية

تبنت أغلب الدول الناشئة على اختالف أنظمتها ونخبها وأيديولوجياتها بمعنى العمل من خالل سياسات الدولة على نقل ،)التحديث(المعلنة عقيدة

إلى نسق المجتمع من أنساقه االجتماعية واالقتصادية التقليدية الموروثةمثلت قضية المرأة . حديث حيث تعرف الحداثة بالنموذج األوروبى الغربي

حيث يرتبط وضعها المتدني ارتباطا التحديثمكونا محوريا في مفهوم عضويا ببنية المجتمع التقليدي القائم على الهيراركية الطبقية والجنسية ونمط

لحراك االجتماعي، والفصل اإلنتاج الكفائي في المجال الزراعي وضعف اوعليه فقد تبنت الدولة التحديثية بدرجات مختلفة . الحاسم بين الجنسين

سياسات تتعلق بتغيير واقع المرأة ودعمها كجزء من أدواتها للتحديث

- ٣٥٩ -

االقتصادى االجتماعي ودعم هيمنة الدولة في مواجهة األنماط التقليدية .لإلنتاج والتنطيم االجتماعي

نت المناهج االقتصادية للتحديث في ظل الدولة القومية ما بين نهج تبايمصر، الجزائر، سوريا، (أو اشتراكي ) تركيا وإيران وأندونيسيا(رأسمالي أو ) باكستان،السعودية(، وتباينت عقائدها الرسمية من إسالمية )العراق

أو وسط بين هذا وذاك ، كما اختلفت نظمها) تركيا ،تونس( علمانية وتباينت في قدمها وعمق خبرتها ) ما بين ملكية وجمهورية ( الدستورية

وأخرى ،)تركيا وإيران( التحديثية ما بين تجارب تعود إلى عشرينيات القرن ورغم تلك . تنتمي إلى موجة التحرر الوطني في الخمسينيات والستينياتلطة مركزية السالتباينات تشاركت تلك التجارب في سمة جوهرية هي

بمعنى أن الدولة وأدواتها هي وهيمنة الدولة على عملية تحديث المجتمعولعل . القوة األساسية الفاعلة من اجل تحديث المجتمع اقتصاديا واجتماعيا

هذا ما يفسر ثقل الظاهرة العسكرية في تجربة نظم التحديث القومي حيث مجتمع وتنميته بدت الحكومات العسكرية أكثر كفاءة وسرعة في تحديث ال

. اقتصاديا لعدم اكتراثها بالعوائق االجتماعية والثقافية التي تعطل تلك العمليةمثل (من هذا المنطلق شهدت أغلب بلدان العالم اإلسالمي باستثناءات محدودة

بروز النخب العسكرية عبر انقالبات أو حركات ثورية ) المغرب والسعودية وإندونيسيا وسوريا والجزائر واليمن في تركيا وإيران ومصر وباكستان

والعراق ودول غرب أفريقيا وليبيا وإن تباينت تلك النظم في درجة .استقرارها ومعدالت تمدنها

الدولة وسياسة تمكين النساء تبنت النظم التحديثية للدولة إزاء المرأة سياسات وبرامج تقوم على دعم

. فيما يمكن أن نسميه بسياسات التمكينمركزها في المجتمع بدرجات متفاوتة

- ٣٦٠ -

مفهوم يشير إلى تلك السياسات العامة أو اإلجراءات التي تهدف إلى التمكينودعم مشاركة النساء سواء في الحياة السياسية أو االقتصادية أو غيرها وصوال إلى مشاركتهن في صنع القرارات التي تؤثر عليهن في مختلف

ضعية االستضعاف والتهميش التي توارثتها مؤسسات المجتمع وتجاوز و ".النساء

شكلت سياسات التمكين حزمة متكاملة ذات أبعاد متعددة اجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية، بل إن المفهوم وجد تعبيراته في بعض الوثائق العليا للنظم التحديثية ، تلك التي تطرح آفاق الرؤية االستراتيجية البعيدة

وقد عكست تلك الرؤى اقترابا مشتركا . هداف العليا للنخب والزعماءواألولعل هذا ما . قوامه الربط بين نهضة األمة وبين نهضة المرأة وتمكينها

يتضح جليا من المقارنة بين نصين أحدهما ألبي االستقالل الباكستاني محمد السوري علي جناح وآخر تضمنه برنامج النهضة االجتماعية لحزب البعث

ففي خطاب له عام : ١٩٦٣الحاكم في مؤتمره السادس بعد توليه السلطة عام ال يمكن ألمة أن ترتقي إلى مراتب المجد ما " يقول محمد علي جناح ١٩٤٤

لقد كنا ضحايا العادات الشريرة، وإنها . لم تقف نساؤكم جنبا إلى جنب معكمان المنزل األربعة لجريمة ضد اإلنسانية أن تحبس نساؤنا داخل جدر

كالسجينات، فال توجد عقوبة في أي مكان أدعى لألسى من الظروف التي أما برنامج النهضة االجتماعية لحزب . )١٣("تجبر نساؤنا على العيش في ظلها

إن الممارسة الكاملة للديمقراطية ستبقى مبتورة ما دامت : " البعث فيقوللذا أصبح تحرير المرأة العربية . ع المرأة بعيدة عن الحياة العامة للمجتم

إن النظرة الدونية إلى المرأة جزء ال يتجزأ من . ضرورة ديمقراطية إنسانية أيديولوجية المجتمع اإلقطاعي العشائري ولهذا فإن تحرر المرأة يقع في رأس

وإن بناء مجتمع عصري ديمقراطي . مهمات الثورة القومية االشتراكية

- ٣٦١ -

ون تاما وسليما إال إذا واجه قضية تحرير المرأة متحرر ال يمكن أن يك )١٤(".مواجهة مبدئية شاملة وجريئة

تميزت سياسة تمكين المرأة في ظل المشروع التحديثي للدولة القومية وأولوياتها الدولة أضحت هي المحدد ألجندة المرأةأولها أن : بثالثة سمات

وتعكس تلك السمة نموذج . السابقةومطالبها بدل المجتمع المدني في المرحلةالذي تحركت في إطاره أغلب تلك النظم وتعاملت من خالله " الوصية"الدولة

العنصر الثاني هو اعتماد سياسة تمكين المرأة ،مع مفردات المجتمع المدني والذي ارتبطت مساحة المكون القمعي فيه االستخدام الكثيف للسلطةعلى

في المجتمع ودرجة المقاومة للتغييرات التي تسعى بمقدار تخلف وضع المرأةمصداقا لذلك فقد استخدم القانون كأداة أساسية إلحداث التغيير . إليها الدولة

االجتماعي المطلوب، إال أن سياسات التمكين لم تتوقف عند حد األدوات الدستورية والقانونية بل تضافرت مع مختلف األدوات السياسية واإلعالمية

؛ "المساواة" سياسة التمكين تحركت في إطار شعار البعد الثالث أن ،خرىاألوبتبني الدولة . باعتباره المكون النوعي المتفق مع سياسات التحديث الطموحة

ولو على سبيل –آلخر ما طمحت فيه النساء وطورته الحركة النسوية ت الدولة هي فقد البعد النضالي المرتبط بالشعار دواعيه، وأصبح-الشعارات

الولي والوصي على تحقيق طموحات المرأة في المرحلة الجديدة وهي التي .تقدم للنساء كل ما طمحن إليه من مكتسبات في صيغة المنحة والعطية

على الصعيد القانوني والدستوري نصت أغلب الدساتير على مبدأ ف ت التمييز على مساواة المرأة والرجل في الحقوق والفرصة والمكانة وحظر

وفي نطاق القوانين جسدت القوانين الخاصة بالمرأة . أساس الجنس أو العرقالتي تميز تجربة بلدان العالم الثالث ومنها " مدرسة التحديث"كل خصائص فقد قامت هذه المدرسة من حيث المبدأ على تبني نظم . العالم اإلسالمي

- ٣٦٢ -

لكن أغلب النظم التحديثية لم .قانونية وضعية مستمدة من التشريعات الغربيةتعتمد هذا النهج التغريبي خالصا بل أوجدت صيغة قانونية مختلطة أوانتقائية جمعت فيها بين هذه النظم ومصادر التشريع اإلسالمي وتجلت تلك الصيغة

. في المقام األول في قوانين األحوال الشخصية الكاملة المستمدة من النظم الوضعية( مثل النموذج التركي االتجاه األول

حيث يقدم هذا النموذج في دراسات المرأة في الشرق ) القانونية للغرب - والتي يقع أغلبها بدوره في إطار فلسفة التحديث بكل انحيازاتها–األوسط

ويعتمد هذا البناء . باعتباره أكثر النظم تمكينا للمرأة وتجسيدا لمبدأ المساواة ليحل محل ١٩٢٦ أكتوبر ٤لقانون المدني التركي الصادر في القانوني على ا

وقد صدر هذا القانون في إطار . الشريعة في تنظيم العالقات األسرية برنامج متكامل لعلمنة الدولة على يد مصطفى كمال أتاتورك بدأ بإلغاء دولة

مرورا بإلغاء التعليم الديني ووضعه تحت هيمنة ١٩٢٤الخالفة في مارس دولة وانتهاء بإلغاء النص في الدستور على أن اإلسالم هو الدين الرسمي ال

نص هذا القانون ). ١٩٣٧(والنص على علمانية الدولة ) ١٩٢٨(للدولة المستمد بشكل حرفي من القانون السويسري على تحريم تعدد الزوجات،

إلغاء( وإعطاء حق الطالق للمرأة كالرجل، وجعل الزواج المدني إلزامي ، وعدم حظر زواج المرأة المسلمة من غير المسلم، والتسوية )الزواج الديني

بين الرجال والنساء في الميراث، واالعتراف باألبناء غير الشرعيين .وتسجيلهم

مثل النموذج التركي العلماني لقانون األسرة مصدر إلهام لتجارب هى بال مواربة إشكالية أخرى باعتباره تجسيدا خالصا لمفهوم الحداثة ين

وبين عقيدة ) الذاتي(التنازع والتوفيق بين النموذج الحضاري اإلسالمي وكانت . التحديث بمصادرها الحضارية الغربية منحازا بشكل حاسم للثانية

- ٣٦٣ -

هذا النموذج من خالل " ترددات"تونس في ظل الحبيب بورقيبة هي أبرز نص القانون المذكور . ١٩٥٦مجلة األحوال الشخصية الصادرة في أغسطس

على توحيد تشريع القوانين الخاصة بالزواج وإلغاء المحاكم والقوانين ومنع الطالق باإلرادة ،الشرعية والملية، كما نص على إلغاء تعدد الزوجات

المنفردة للزوج ، وإلغاء سلطة الولي في تزويج المرأة ، وتحديد حد أدنى .ميراث كامال حالة عدم وجود أخ ذكر وإعطاء المرأة ال،لسن الزواج

بيد أن أغلب المناهج القانونية في الدول التحديثية اتبعت النهج الثاني وعكس هذا المزج . القائم على المزج بين القوانين الوضعية الغربية والشريعة

سعيا لتحقيق نوع من التمكين المنضبط للمرأة في إطار األسرة بما ال يطيح ا الكبيرة الممنوحة للرجل في ظل المذاهب الفقهية المعتمدة وقراءاتها بالمزاي

وتتعدد نماذج هذا التوجه . للشرع التي صارت لطول أمدها ترادف الشريعةويمكن اإلشارة . بتعدد البلدان اإلسالمية وتعاقب نظمها وإصالحاتها القانونية

األسرة الموحد الذي على سبيل المثال ألحد تلك التجارب ممثال في قانون وقد سعى هذا القانون م،١٩٦١أصدرته حكومة أيوب خان في باكستان عام

إلى دعم موقف المرأة في األسرة في ظل مجتمع محافظ ليس من خالل اإلطاحة بالحقوق الممنوحة للرجل حسب المذاهب المستقرة وإنما من خالل

لى سبيل المثال العمل من ذلك ع،التي تملك الدولة تنظيمها " اإلجراءات"على تقييد تعدد الزوجات من خالل اشتراط موافقة الزوجة، ورفع طلب

ووضع عقد . مسبب إلى مجلس تحكيم والحصول على موافقة هذه الجهةوالسعي إلى حفظ ) نكاح نامه(للزواج يفسح مكانا لشروط من جانب المرأة

. عند طلبهحق المرأة في المهر من خالل النص على وجوب أدائه على صعيد البرامج والسياسات يمكن القول دون مبالغة أن التاريخ

،مجال التعليمسيسجل لتلك النظم وبرامجها التنموية واسعة النطاق في

- ٣٦٤ -

والتحضر أكبر الفضل في إحراز أوسع ، وتشجيع الحراك االجتماعي،والعمل مدى تاريخها القديم التي مست واقع المرأة ربما على) نسبيا( التغييرات وتمثل ذلك في حصول ماليين من النساء على فرص التعليم في ،والحديث

ظل برامج التعليم المجانية وإلى وصول كثيرات منهن إلى أعلى مستويات بما ترتب على ذلك من ،التعليم في ظل سيادة مبدأ المساواة في التعليم

يد األدبي والمادي تحوالت جذرية في حياة أولئك النساء على الصع كذلك استفادت ماليين النساء في العالم اإلسالمي من برامج ،واالجتماعي

المكثفة التي تبنتها تلك النظم وأتاحتها بشكل مجاني مما أدى الرعاية الصحيةإلى انخفاض هائل في معدالت األمراض ووفيات الحمل واإلنجاب ومعدالت

اعتبارا من الستينيات مشكلة سكانية وقد أنتج هذا الوضع. وفيات األطفالعانت منها أغلب بلدان العالم الثالث وعلى رأسها البلدان اإلسالمية التي عرفت ظاهرة االنفجار السكاني التي طرحت بدورها تأثيرات بالغة على عملية التنمية من جانب وعلى السياسات العالمية نتيجة ما ولدته من اختالل

.تتابعة من الهجرة الكثيفة إلى الغربسكاني دولي وموجات م أحرزت النساء في العالم اإلسالمي كذلك طفرة على صعيد مشاركتهن

واالقتصاد نتيجة تزايد أعداد المتعلمات، وسياسات التنمية، سوق العملفي وتضخم حجم الجهاز البيروقراطي للدولة، وفتح أبواب التوظيف التي بلغت

كمصر في العهد ( الكامل للمتعلمين في بعض البلدان حد االلتزام بالتشغيلكما ساعدت بعض الظروف االقتصادية ). الناصري على سبيل المثال

والدولية على دفع هذا االتجاه قدما مثل توسع ونهضة االقتصادات األوروبية بعد الحرب العالمية الثانية وفتح أبوابها أمام العمالة التركية خاصة في

ت مما أدى إلى هجرة واسعة النطاق للعمالة من الذكور أفسحت الخمسينياالباب أمام عمالة النساء، ومنها كذلك الثروة النفطية التي أحدثت طفرة

- ٣٦٥ -

اقتصادية انعكست على التنمية في العديد من بلدان العالم اإلسالمي على نعكس رأسها بلدان الخليج العربي وإيران والعراق والجزائر وليبيا وغيرها وا

. أثرها على العديد من البرامج الخاصة بالمرأة في مجال التعليم والعملويالحظ أن أغلب الدول اإلسالمية باستثناءات قليلة قد تبنت رسميا مبدأ المساواة في سياسات العمل مصدقة على ما انتهت إليه المواثيق الدولية فيما

جور العمال والعامالت يخص عمالة النساء والتي قامت على مبدأ تساوي أ كذلك اعتمدت تلك البلدان ما تضمنته تلك المواثيق من )١٥(عند تساوي العمل،

تشريعات لحماية وتأمين المرأة وتحسين ظروف العمل لها مثل حماية النساء وتبنت ،من خطر التشغيل تحت سطح األرض أو األعمال الليلية والشاقة

نب النسائي تشريعات حماية كذلك ودون عنت كبير أو نضال من الجاوقد أدت تلك السياسات إلى . األمومة وتوفير إجازات األمومة والرضاع

تضاعف عدد النساء في سوق العمل خاصة في مجال العمل الحكومي؛ فتضاعف عدد العامالت التركيات مثال في جهاز الخدمة العامة بين عامي

)١٦(. تسعة عشر مرة١٩٧٦ -١٩٣٨االعتراف الكبيرة التي أحرزتها المرأة في تلك الحقبة من المكاسب

خاصة حق االنتخاب والترشيح وهو أحد المطالب بالحقوق السياسية للنساء. التي نادت بها حركات النهضة وبدت في ظل الفترة السابقة أمال بعيد المنالة منحت الدولة القومية التحديثية للمرأة حقوق االنتخاب والترشيح في صيغ

الهبة من الدولة األبوية الراعية ألبنائها سواء في شكل نصوص دستورية أو ، ١٩٥٦، مصر وباكستان ١٩٣٤تركيا (قانونية في ظل قوانين االنتخاب

وقد عمدت بعض النظم ). ١٩٦٤، السودان ١٩٦٣، إيران ١٩٥٧تونس إلى االنتخابية إلى جانب تقرير حق النساء في المشاركة في االقتراع العام مثل ( تخصيص دوائر خاصة للنساء لدعم تمثيلهن في المجالس المنتخبة

- ٣٦٦ -

من المقاعد إلى جانب المشاركة في % ٣باكستان التي خصصت للنساء نسبة وفي إطار سياسات التمكين صعدت الدولة العديد من الرموز ). االقتراع العام

ة نزيهة الديلمي الطبيب(النسائية في مناصب رفيعة مثل تولي بعض الوزارات حكمت أبو . في العراق، ود١٩٥٨كأول وزيرة في حكومة عربية بعد ثورة

أو مناصب رفيعة في ) ١٩٦٢زيد وزيرة الشئون االجتماعية في مصر عام ليكوانت خان التي عينت سفيرة في ana‘Raمثل رعنة (الديبلوماسية ات روكان عام تعيين تركيا القاضية ملح(أو القضاء ) ١٩٥٤باكستان عام

إلى جانب ) كأول قاض امرأة في المحكمة العليا على مستوى العالم١٩٥٤ .العديد من الرموز الالتي انتخبن أو عين في المجالس التشريعية

تقييم واقع المرأة في ظل هيمنة الدولة التحديثية رغم أهمية التحوالت التي أصابت المرأة والتي تعد قياسا بالفترات السابقة تحوالت جذرية، إال أن المتفق عليه أن تلك التحوالت لم تكن بأي حال تحوالت شاملة ، كما أنها لم تنجح في االقتراب من الهدف المعلن لها

. الفرص بين النساء والرجال- وليس تساوي–وهو تكافؤ ظلت النساء هن النسبة األكبر من األميين ، فرغم الطفرة في التعليم

وبدت المكاسب القانونية والتعليمية . غير المتعلمين خاصة في الريفووالوظيفية التي أتاحتها الدولة قصرا على تلك الطبقات والفئات التي تملك القدرة على الوصول إليها واستخدامها وهي باألساس النخبة من الطبقات

مدلولها لدى العليا والوسطى الحضرية، بينما تفقد تلك المكتسبات الكثير منالنساء القابعات في الريف والقبائل يحوطهن سياج قوي من األعراف

من جانب . والسلطة المحلية يحجب سلطات الدولة وسياساتها غير المالئمة آخر فإن أعدادا كبيرة من النساء قد توقفن عند المستويات األولى من التعليم

مية في إحداث تغييرات وقد عزا البعض فشل السياسات التعلي. األساسي

- ٣٦٧ -

حقيقية في توجهات النساء وقيمهن التقليدية إلى توقفهن عند ذلك القسط وعلى صعيد العمل اشتركت معظم تجارب العالم ،المحدود من التعليم

اإلسالمي في سمات النمو البطيء لمشاركة المرأة في المجال االقتصادي ة ، إلى جانب تمركز وفي وصولها إلى سقف معين هو ربع القوى العامل

الجزء األكبر من قوة العمل النسائية في قطاع العمل الهامشي وغير المنظم وتشير الحدود واألبعاد السابقة . حيث األجور البخسة أو القطاع غير المأجور

إلى أن ما تحقق من مكاسب للمرأة في ظل هيمنة المشروع القومي التحديثي روع قد نذرت نفسها وانحازت بشكل نهائي ال يعني أن الدولة في ذلك المش

بخطط الدولة في التحديث، حدود التمكينوحاسم لقضية المرأة وإنما تأطرت وطموحات النخبة في البقاء، وقدرة المجتمع التقليدي على استيعاب التغييرات

. على الصعيد السياسي تتفق أغلب التحليالت والتقييمات القطرية لتجارب

إلسالمية لتلك الفترة على أن تأثير الدولة التحديثية على المرأة هو البلدان ا فإلى جانب اإلنجازات اإليجابية السالفة كان هناك تأثيرات ،تأثير مزدوج

على حركة المرأة قبضة الدولة وبيروقراطيتهاعكسية من أبرزها فرض صادر مما أضاف م،وتطورها وإنهاء عناصر استقاللها التنظيمي والتعبيري

فعلى الصعيد القانوني اتجهت ما يعرف . جديدة للضغط على المرأةاألب أو الولي أو (باإلصالحات التشريعية إلى إحالل السلطات األسرية

بسلطة الدولة ومؤسساتها التي اخترقت صميم العالقات األسرية ) الزوجها والخاصة بين المرأة والرجل سواء في تأسيس عالقة الزوجية أو انفضاض

ولم تقتصر سلطة الدولة على ) . الخ..شئون الطالق والنفقة والحضانة (التدخل في الموقف القانوني للمرأة وإنما امتدت إلى سلوكها الخاص وزيها؛ ففي إيران سعت الدولة بتوجهاتها العلمانية التغريبية في عهد الشاه رضا إلى

- ٣٦٨ -

مجتمع على النمط ضرب التوجهات اإلسالمية وإبراز الصورة العصرية للاألوروبي فأصدرت قرارها بحظر ارتداء النساء الحجاب ، وقامت الشرطة بنزع حجاب النساء عنوة في الشارع مما حدا بالنساء المتمسكات بهذا الزي اللتزام منازلهن وفرض اإلقامة الجبرية على أنفسهن، ويعكس هذا ما سبق

ألهداف السياسية للدولة أن أشرنا إليه من توظيف قضية النساء لخدمة امن جانب آخر تجلت هيمنة الدولة بصورة بارزة في . القومية التحديثية

النشاط العام والسياسي للمرأة حيث وضعت الدولة نهاية الستقالل المنظمات والجمعيات والصحافة النسائية التي لعبت دورا هاما في مرحلة النهضة وذلك

على الفعاليات السياسية عموما وإحكام في إطار سياستها العامة للسيطرةوقد لجأت أغلب النخب التحديثية إلى حل . قبضتها على النظام السياسي

األحزاب السياسية وإقامة تنظيمات تابعة خضعت لبيروقراطية الدولة أو الحزب الحاكم ومنها تنظيمات نسائية انحصرت كل مهمتها في تأييد كل ما

ات وسياسات؛ من أمثلة تلك التنظيمات المجلس يصدر عن القيادة من قرار تحت الرئاسة ١٩٥٩األعلى للجمعيات النسائية اإليرانية الذي تم تشكيله عام

بعد (الشرفية ألشرف بهلوي شقيقة شاه إيران والذي استمر حتى قيام الثورة بوصفه المنظمة ) WOI إلى منظمة المرأة في إيران ١٩٦٦تغيير إسمه عام

وقد بلغت عضوية هذه المنظمة . الوحيدة المعنية بشئون المرأة النسائية ولم ، ألفا معظمهم من موظفات الحكومة الالتي منحن العضوية تلقائيا٧٠

يختلف األمر كثيرا في نظام ثوري ذو نزعة اشتراكية كالنظام السوري حيث تجمع من ١٩٦٧أنشئ االتحاد العام النسائي تحت عباءة حزب البعث عام

،الجمعيات النسائية الطوعية تحت شعار الكفاح لتحقيق المساواة للنساءوعلى . واستمر هذا االتحاد بمثابة التنظيم النسائي المهيمن حتى نهاية القرن

- ٣٦٩ -

هذا النحو سارت األوضاع التنظيمية في ظل الدولة المهيمنة في مصر .اطيوالجزائر وتونس والعراق وغانا ونيجريا واليمن الديمقر

ومن المالحظ أن هيمنة الدولة على واقع التنظيم النسائي لم تتحقق فحسب عبر صيغة الممارسة الصريحة المباشرة للسلطة وإنما تحققت تلك الهيمنة في حاالت أخرى بصور أكثر طوعية كالنموذج التركي في ظل

أباحت لقد. سطوة العقيدة الكمالية خاصة في فترة الخمسينيات والستينياتالدولة في تلك الفترة حرية التنظيم ، ومع ظهور العديد من الجمعيات النسائية إال أن تلك الجمعيات اشتركت كلها في الوالء للنظام السياسي القائم والعمل على تكريسه والنظر لمكاسب المرأة بوصفها هبة للحركة الكمالية القومية ،

تبعية والرقابة الذاتية إزاء الدولة وهكذا التزمت تلك المنظمات بنوع من ال )١٧(،State Feminismمنتجة ما أسمته سيرين تكيلي بنسوية الدولة

وعبرت عنه الباحثة النيجيرية أمينة ماما بمفهوم الفيموقراطية

Femocracy باعتباره يشير إلى األوتوقراطية النسائية التي توازي وتخدم ستبعدة أن تسفر تلك األشكال التنظيمية عن الديكتاتورية العسكرية الحاكمة ، م

)١٨(.التعبير الحقيقي عن مطالب وهموم النساء

ورغم عمومية السمات السابقة المتعلقة بهيمنة الدولة وتبعية التنظيمات النسائية إال أن هناك نماذج بارزة استطاعت فيها التنظيمات النسائية االحتفاظ

سياسي أحيانا أو الكمون والظهور حسب قوة بفاعليتها من خالل النضال الومن أبرز تلك النماذج النموذجان السوداني . وعنفوان الدولة من جانب آخر

والباكستاني ؛ ويمكن إرجاع تلك السمة لدى النظامين إلى عدة أسباب منها عدم استقرار نظم الحكم العسكري هناك، إلى جانب قوة المجتمع المدني،

رسوخ الخصائص التنظيمية المؤسسية في المجتمع فضال عن تأصل وفي ظل تلك . السياسي عموما والحركة النسائية على وجه الخصوص

- ٣٧٠ -

-على سبيل المثال–الوضعية الخاصة استطاعت الحركة النسائية السودانية عبر نشاط نضالي بارز ومن خالل االلتحام بالمؤسسات والحركات السياسية

النقابات والحركة الطالبية استطاعت أن تحرز والجماهيرية كاألحزاب و ٥٤مكاسب هامة على الصعيدين النوعي والوطني؛ منها تمرير المنشور رقم

من قاضي القضاة الذي يبطل عقد الزواج في حالة عدم استشارة الفتاة أو رضاها ، ومنها الحصول على حق التصويت والترشيح بعد تأييد ثورة

على الحق في األجر المتساوي ولو جزئيا لها والحصول٦٤أكتوبر ونجاح حملتها في تعديل قوانين العمل للحصول على حقوق المرأة ،)١٩٦٧(

رغم ذلك تظل الحالتان السودانية )١٩(.الخ..في المعاش وإجازات الوضع والباكستانية حاالت استثنائية لهما دواعيهما التي ال تجب السمة العامة لسائر

. سالمية وهي هيمنة الدولة على النشاط النسائيالبلدان اإل فإن من أهم اآلراء والتفسيرات لإلخفاقات التي شابت وفي المحصلة

اإلصالحات االجتماعية واالقتصادية في المرحلة الوسيطة ذلك الرأي الذي يحيل تلك اإلخفاقات إلى الطابع الفوقي لإلصالح وتطبيقه من قبل دولة

طية مركزية دون اعتبار كبير لبعد مشاركة الناس في تقرير أمور أوتوقراتمس حياتهم وتؤثر عليهم مما جعل تلك اإلصالحات مفتقدة إلى الدعم والتأييد

)٢٠(.حتى من قبل الفئات التي استفادت منها ومنهم النساء )ما بين فعاليات العولمة واألسلمة( مرحلة إعادة الهيكلة -ثالثا

كان مطلع القرن العشرين قد شهد نشوء وتطور مفهوم ومؤسسة إذاالقومية في العالم اإلسالمي فإن الربع األخير من القرن شهد / الدولة القطرية

الفكرة نحو بروز أنماط /ما يمكن اعتباره إرهاصات تحلل تلك المؤسسةومع هذا . إعادة الهيكلةوكيانات دولية جديدة فيما يمكن أن نطلق عليه عملية

.التحلل واجهت المرأة على صعيد الواقع واألفكار معضالت جديدة

- ٣٧١ -

- والعالم بصفة عامة– لم تواجه الدولة القومية في العالم اإلسالمي خالل الربع األخير من القرن العشرين تحديا واحدا أو طائفة متسقة من

منهما في اتجاه التحديات بل واجهت معادلة مزدوجة ذات قطبين يدفع كل وتتنازع فيما بينها التأثير على بني تلك المجتمعات ونظمها ،متعارض

كما تعددت مصادر تلك . السياسية والثقافية واالقتصادية واالجتماعية من جانب العولمةوهذان القطبان هما . التحديات بين الداخل والخارج

ة اإلحياء اإلسالميظاهر الثقافي الذي ولدت في سياقه والتفكك والتمحورأو األسلمة إن ( لقد اشتركت ظاهرتا العولمة واإلحياء اإلسالمي . جانب آخرفي ممارسة ضغوط شديدة على الدولة القومية تعمل على نحر ) جاز التعبير

وإضعاف تلك الدولة ومقوماتها الفكرية من جانب وطرح بدائل هيكلية لها من تراق في المشروع الذي قدمه كل منهما جانب آخر، لكنهما افترقا أشد االف

.ومحتواه الثقافي تأثر واقع المرأة تأثرا شديدا بتلك الظروف والمتغيرات الجديدة ؛ فلم يعد

" نفس"الظروف والتحديات وإنما " تشابه"يجمع بين نساء العالم اإلسالمي ها كل فقد أفرز انكشاف الدولة القومية حالة تقف في. الظروف والتحديات

النساء في العالم اإلسالمي بين مشروعين أو مخططين للمرأة هما المشروع . العولمي والمشروع اإلسالمي

المرأة بين مشروعي العولمة واإلحياء اإلسالمي بشكل مبسط إلى عمليات االختراق المنظم والكثيف التي العولمة تشير

القومية وحدود مجتمعاتها تقوم بها عناصر وفعاليات دولية لسيادة الدولةبهدف إعادة تشكيل المنظومة الداخلية على نحو معين يتطابق مع نماذج أو

وقد اعتملت تأثيرات آلية العولمة في الربع . مصالح تلك األطراف الدوليةاألخير من القرن نتيجة العديد من الظروف السياسية واالقتصادية والتقنية

- ٣٧٢ -

انهيار نظام القطبية الثنائية الذي نتج أولها: على الصعيدين الدولي والمحليعن تفكك االتحاد السوفيتي وهيمنة قوة دولية كبرى هي الواليات المتحدة ومن خلفها الغرب الليبرالي العلماني كتكتل سياسي واقتصادي وحضاري له

هو انتكاس تجارب التنمية المستقلة في الثانيو.مصالحه ومشروعه الكوني نامية نتيجة أسباب داخلية وخارجية كثيرة مما أدى إلى استسالم تلك البلدان ال

الدول تباعا لشروط مؤسسات التمويل الدولية وبرامجها التي صارت أحد أهم آليات العولمة إلعادة صياغة اقتصاد ومفاهيم تلك المجتمعات ودمجها في

. ف الهيكليالنظام االقتصادي الدولي من خالل ما يعرف ببرامج إعادة التكي للعولمة يتمثل في تنامي الدور االجتماعي والثقافي لمنظمة األمم الثالثالبعد

. المتحدة خاصة في بلدان العالم النامي فصارت آلية هامة من آليات العولمة ( وتزامن هذا الدور مع خضوع هذه المؤسسة لسيطرة القطب الدولي الوحيد

تيجة انهيار القوى الدولية المنافسة التي ن) الغرب وفي قلبه الواليات المتحدة وأخيرا هناك تفجر ثورة رابعاو. حفظت في فترات سابقة حياد تلك المؤسسة

االتصاالت في العالم خاصة عبر أدوات اإلعالم الفضائي وشبكة المعلومات . الدولية وتقنيات االتصال الحديث عبر األقمار الصناعية

حت مجاالت وفرص عديدة لمختلف القوى ورغم أن العولمة قد فتالقادرة على استخدام أدواتها إال أنها خضعت للقوى األكثر نفوذا وتأثيرا على الصعيد الدولي وهي القطب الرأسمالي الغربي المتقدم تمثله الواليات المتحدة وأوروبا الغربية حتى أصبح تعبير العولمة مرادفا لتأثير تلك القوى وامتدادا

لقد طرحت قوى العولمة نماذجها المختلفة . يفيا لالستعمار القديم والحديثوظكما تروج ) التعددية الليبرالية( والسياسة ،)االقتصاد الحر(في االقتصاد

أجهزتها عبر وسائل اإلعالم والتأثير الثقافي المختلفة لنماذجها ونظمها فات التغيير نحو وفي هذا اإلطار مثلت المرأة أحد مستهد،االجتماعية

- ٣٧٣ -

النموذج المأمول ، كما شكلت في ذات الوقت أداة إلحداث التغيير نحو ذلك .النموذج االجتماعي

يعد مشروع األمم المتحدة بشأن المرأة هو أكثر مشروعات العولمة وضوحا وتكامال بالنظر إلى وجود الوثائق التي تؤصل ألبعاده النظرية

دم تحت الفتة المنظمة الدولية األم التي يقخطورة ألنه والتطبيقية وهو أكثرها يفترض حيادها بين مختلف الثقافات والتي ال تزال تحظى بشرعية تمثيل

على –من الناحية النظرية -ينبني مشروع األمم المتحدة . العالم أجمع هما منظومة حقوق اإلنسان كما تجسدت في اإلعالن العالمي –دعامتين سان وفي قلبها مبدأ المساواة، والثاني هو مراجعات عملية التنمية لحقوق اإلن

تلك . االقتصادية ونظرياتها التقليدية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانيةالمراجعات التي انتهت في الثمانينيات إلى نقد المفهوم باعتباره يهمش

درات والخيارات اإلنسان واألهداف اإلنسانية المتمثلة في دعم الفرص والق) كنمو الدخل القومي( المتاحة أمام البشر لحساب المعايير االقتصادية

وانتهت إلى طرح مشروع بديل للتنمية هو التنمية اإلنسانية أو التنمية لقد انتهى منظور التنمية البشرية إلى ضرورة دمج فئات عريضة . البشرية

منهم الطبقات والشرائح األكثر من البشر همشتهم عمليات التنمية االقتصادية و .فقرا والسكان األصليين واألطفال والنساء

برز اهتمام األمم المتحدة المستقل بالنساء مع منتصف السبعينيات حين الذي صدر عنه إعالن السنة الدولية للمرأة ) ١٩٧٥(عقد مؤتمر المكسيك

عقدا ) ١٩٨٥ -١٩٧٦(وتبعها اعتماد الجمعية العامة لألمم المتحدة الفترة منذ ذلك الحين تكثفت الجهود والمشروعات الخاصة بالمرأة . عالميا للمرأة

عبر العديد من المؤتمرات منها ما يخص المرأة كمؤتمرات كوبنهاجن ، ومنها ما يمسها بقوة ) ١٩٩٥( وبكين ،)١٩٨٥( ونيروبي ،)١٩٨٠(

- ٣٧٤ -

السكان في القاهرة ومؤتمر،)١٩٩٣(كمؤتمر فيينا المعني بحقوق اإلنسان ، إلى جانب عدد كبير من ) ١٩٩٥( ومؤتمر التنمية االجتماعية ،)١٩٩٤(

المواثيق واالتفاقات الدولية أهمها اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد إلى جانب عدد آخر ١٩٩٥، ووثيقة المرأة في بكين ١٩٧٩) السيداو(المرأة

.٢٠٠٠لمرأة في العالم لعام من التقارير الدورية آخرها تقرير ا تشكل هذه المواثيق في مجملها مشروع األمم المتحدة بشأن المرأة والذي

في جميع المجاالت، مبدأ المساواة بين الجنسينيقوم على دعامتين أولهما وتصنف معالجة تلك . دمج المرأة عضويا في عملية التنميةوالثاني هو

أولهما بحثي أو رصدي يتناول مسح واقع : نالوثائق لموضوع المرأة في شقيوالثاني سياسي يقدم . المرأة والمؤشرات المختلفة المعبرة عن هذا الواقع

تصورات أو مخططات تتعلق بصياغة واقع وحياة النساء وفق مبادئ ونماذج وقد قدمت الطائفة األولى . معينة يفترض أنها تحقق المساواة والعدالة للمرأة

مم المتحدة قاعدة ثرية من البيانات الخاصة بواقع المرأة بمختلف من وثائق األأبعاده في شتى بلدان العالم مع التركيز على الجوانب االقتصادية واالجتماعية

ومن أهمها على وجه ( أما النوع الثاني من الوثائق . والسياسية القابلة للقياسجوهر المشروع العولمي فتمثل ) اإلطالق اتفاقية السيداو وإطار عمل بكين

الذي يثير كثيرا من الجدل واللغط حول أسسه الفكرية وانحيازاته القيمية بما . يقتضي نوعا من التحليل الثقافي النقدي لفلسفته وأهدافه

في نفس الوقت الذي أطلقت فيه قوى العولمة : ظاهرة اإلحياء اإلسالمي واألفكار في كافة المجاالت بما عزز فعالياتها لفرض أجندة بعينها من القيم

صورة العالم كوحدة قروية صغيرة كثيفة االتصاالت، انطلقت قوى عكسية داخل الكيانات الدولية القومية تدفع بقوة نحو التعددية واالنقسام سواء كمخرج

لقد أدى فشل المشروع . نهائي أو كحل مرحلي نحو بناءات هيكلية أكبر

- ٣٧٥ -

حاد السوفييتي وأزمة المشروع القومي التحديثي لدول األممي الذي مثله االتالعالم الثالث ومنها البلدان اإلسالمية إلى ظهور طروحات بديلة للكيانات والتجمعات لعل أهمها تلك الكيانات المتمحورة حول الهويات الثقافية أو

ويمثل المشروع اإلسالمي أحد . العرقية الجامعة لشعوب أو جماعات معينةأبرز تلك المشروعات التي تحدت الدولة القومية في الربع األخير من أهم و

القرن العشرين ليس فقط على المستويات المحلية وإنما على المستوى . العالمي

من جديد إحياء مفهوم األمة اإلسالمية وتفعيل المشروع اإلسالمي طرح وقد عبر . ية والسياسيةالدين ومبادئه في كافة جوانب الحياة االجتماعية والثقاف

( هذا االتجاه عن نفسه في العديد من المظاهر المتباينة منها ما هو ثقافي والوسائط المسموعة حول وجهة النظر ،طفرة اإلنتاج المعرفي المكتوب

ظاهرة الحجاب ( ومنها ما هو سلوكي ،)اإلسالمية في مختلف جوانب الحياة ومنها ما هو ،)المجالس اإلسالميةوالتزيي اإلسالمي وارتياد المساجد و

سياسي مثل بروز دور الحركات اإلسالمية الراديكالية، والثورة اإلسالمية في إيران، والسودان في ظل نميري ( في إيران ، ومشروعات أسلمة الدولة

، ومنها ما هو )وباكستان في عهد ضياء الحق وأفغانستان تحت حكم طالبانوقد كان ). المؤسسات االقتصادية اإلسالميةمثل المصارف و( اقتصادي

للمرأة نصيب وافر في طروحات المشروع اإلسالمي مع االعتراف بأن المشروع اإلسالمي ليس واحدا بل يحتمل تعددية الرؤى منها ذلك التباين العريق بين القوى األصولية المحافظة والقوى التجديدية االجتهادية األمر

.على اختالف الطروحات الخاصة بالمرأةالذي يعكس نفسه بقوة لقد اشتركت ظاهرة اإلحياء اإلسالمي مع العولمة في اتجاه نحر وإضعاف الدولة القومية في العالم اإلسالمي وطرح بدائل هيكلية لها،

- ٣٧٦ -

واشتركت معها في استخدام نفس آليات ثورة االتصال لتدعيم ذاتها ، لكنهما .المشروع الذي يطرحاه للمجتمع والمرأةافترقا أشد االفتراق في

مثلت هاتان الظاهرتان أبرز مؤثرين شكال واقع المرأة في الربع األخير الواقع من القرن العشرين األمر الذي يظهر بوضوح خالل استعراض

التي واجهت المرأة والمشكالت السياسية والثقافية، االقتصادي االجتماعي .المسلمة في تلك الفترة

االجتماعي للمرأة في العالم اإلسالمي خالل الربع – الواقع االقتصادي -أ

األخير من القرن العشرين -كما سبق أن أشرنا- واجه مشروع التنمية والتحديث القومي انتكاسة

األمر الذي عبر عن نفسه في ظواهر عدة منها ما هو اقتصادي مثل تخلي القطاع العام والخضوع لشروط الدول عن التنمية المخططة وتصفية

، وفتح الباب أمام االستثمارات األجنبية،مؤسسات وجهات اإلقراض الدوليةورأس المال الخاص لمواصلة مسيرة التنمية وفق قواعد السوق، ومنها ما

ومواجهة حركات تمرد وانشقاق ،هو سياسي مثل انفراط عقد تلك الدوللظروف تأثيراتها المؤكدة على الواقع وقد كان لمجمل تلك ا. قومي أو ديني

االقتصادي واالجتماعي والسياسي للمرأة ، إال أن تلك التأثيرات لم تكن لقد استمرت . بنفس الدرجة في كل القطاعات والجوانب وفي كل البلدان

بعض جوانب السياسات االجتماعية للدول النامية ومنها اإلسالمية دون تأثر سبات االجتماعية قد صارت بمثابة حقوق أساسية كبير ذلك أن تلك المكت

للمواطنين إزاء الدول ليس فقط تلك التي تحمل ماض اشتراكي وإنما في ومن . الدول الرأسمالية والليبرالية العريقة بحكم سيادة نموذج دولة الرفاه

)•(.أبرز تلك السياسات سياسات التعليم والصحة

- ٣٧٧ -

في سياساتها الخاصة بتوفير -فة عامةبص– استمرت البلدان اإلسالمية والصحة كجزء من صمام األمان االجتماعي في ظل وطأة سياسات التعليم

االنكماش واإلصالح الهيكلي ، وفي حاالت أخرى كانت الثروة النفطية عامال وقد سجلت الدول اإلسالمية بأسرها ارتفاعا . هاما في دفع تلك السياسات قدما

وتضاعف . أمية اإلناث والقيد في مختلف مراحل التعليمفي معدالت محو ١٩٩٠ و١٩٧٠معدل القراءة والكتابة في العديد من البلدان اإلسالمية ما بين

فبلغ عدد من يستطيعون القراءة والكتابة في نهاية الفترة في دولة اإلمارات ثمانية أضعاف عددهم في بدايتها ، وفي تونس أكثر من أربعة أضعاف ،

في السعودية وليبيا والجزائر والعراق تضاعف العدد إلى أكثر من ثالث ومرات وبلغ أكثر من ضعفين في تركيا وإيران وسوريا والمغرب وباكستان

وسجلت مجموعة البلدان العربية إنجازات ملموسة في هذا المجال )٢١(.وغانارافية ليس على مستوى الدول اإلسالمية وحدها بل قياسا بالمناطق الجغ

الكبرى في العالم ، فحققت دولة اإلمارات المتحدة أسرع تحسن في معدالت ١٩٧٠القراءة والكتابة بين اإلناث على المستوى العالمي خالل الفترة من

.في نهايتها% ٧٧في بداية الفترة إلى % ٩ إذ ارتفع الرقم من ١٩٩٢إلى رتفاعات مشهودة سجلت نسب القيد في مستويات التعليم المختلفة ا

أو أكثر في % ١٥٠فارتفعت نسبة االلتحاق في التعليم االبتدائي بنحو البحرين واإلمارات وقطر وتركيا وإيران وتونس والسعودية وسوريا والجزائر وعمان وأندونيسيا والعراق ومصر والمغرب وأفغانستان وتشاد

معدالت النمو وبلغت) ٢٢(.وجيبوتي والسنغال وبنجالديش والسودان ونيجرياالسنوي لقيد الفتيات في التعليم االبتدائي والثانوي والعالي على التوالي

في % ٦،١و% ٢،٨و% ٢،٢ و،في جنوب آسيا% ٥،٣و% ٣،٦و % ٢،١

- ٣٧٨ -

في مجموعة البلدان % ٣،٨و% ٤،٧و% ٢،٣دول جنوب الصحراء، و )٢٣(.العربية

بين اإلناث والذكور وقد أدت تلك اإلنجازات إلى تقلص الفجوة المزمنة في مجال التعليم ؛ ففي دول الخليج العربية ارتفعت نسبة العارفات بالقراءة

وفي تركيا ١٩٩٢عام % ٩٩ إلى ١٩٧٠من الذكور عام % ٣٣والكتابة من % ٥٣، وفي إيران من % ٧٧إلى % ٤٩ارتفعت النسبة في نفس الفترة من

إلى % ٦٤ونيسيا من وفي إند،%٦٧إلى % ٢٤ وفي ليبيا من ،%٧٤إلى بينما حققت دول إسالمية كبرى كمصر والمغرب وباكستان أرقاما ،%٨٦

كذلك سجلت البلدان اإلسالمية تضاؤال في )٢٤(.متواضعة على نفس الصعيدالفجوة بين الذكور واإلناث في مرحلة التعليم االبتدائي إذ تراوحت نسبة

كنسبة مئوية % ١٠٠إلى % ٧٠ين المقيدات من اإلناث في التعليم االبتدائي بوأفغانستان وتشاد % ٥٥باكستان ( من الذكور باستثناءات محدودة

٢٥(%).٤٩( ما يجدر التنبيه إليه أن الصورة الوردية السابقة إنما تنصرف إلى

وهي صورة ترتهن مصداقيتها بوضعها في إطار ،االتجاهات العامة للتطورات التي تشي بها الرؤية من زوايا أخرى العديد من المالحظات والتحفظ

على رأس تلك المالحظات التي تشير إليها كثير من البحوث . كمية وكيفيةوالدراسات الخاصة بتعليم اإلناث في العالم اإلسالمي عالقة تعليم اإلناث

بين الجنسين ودور التعليم في إعادة إنتاج هذا التمييز بدال من التمييزبظاهرة من مظاهر التمييز الجنسي ما يتعلق بتوجيه . على الحد من منه العمل

الفتيات إلى نوع معين من المعارف التي تعزز الدور التقليدي لإلناث مثل اإلقبال على المواد األدبية واإلحجام عن مجال العلوم الطبيعية والرياضيات

ذ في بعض بل إن هذا التوجيه يتخ،والعلوم المتطورة كعلوم الحاسب وغيرها

- ٣٧٩ -

البلدان الطابع الرسمي بمنع الفتيات في مستوى التعليم العالي من أنواع معينة وتتضح عمليات التوجيه في اإلقبال . من التعليم مثل الهندسة والتكنولوجيا

المشجع رسميا على أنواع معينة من التعليم العالي تعد امتدادا ألدوار المرأة ينصرف التمييز كذلك إلى الصورة . يضالتقليدية مثل المعلمات والتمر

المقدمة للفتاة والمرأة وأدوارها وعالقتها بالرجل واألسرة في المناهج التعليمية والتي تكرس األنماط التقليدية لعالقات األسرة وأدوار الجنسين في

يتأثر تعليم اإلناث بقضية التمييز المتوطن في الثقافة التقليدية . المجتمع مثل تفضيل تعليم الذكور على ،اإلسالمية من زوايا أخرىبالمجتمعات

اإلناث عندما يقتضي األمر المفاضلة، وتأثر التعليم خاصة التعليم العالي باالتجاهات الشائعة في الثقافة التقليدية حول األثر السلبي للتعليم في تعديل قيم

ى الوجه اإلناث في اتجاهات تتناقض مع قيامهن بأدوارهن االجتماعية عل ، وامتالك حريات الرفض والقبول،األكمل مثل طاعة األب واألخ والزوج

وتعد تلك األفكار السلبية من . ومعارضة مراكز السلطة الذكورية في األسرة أهم عوامل اإلحجام عن التعليم العالي للفتيات في بعض المجتمعات المحافظة

)٢٦( %.١٧ي التعليم العالي كالمجتمع اليمني الذي تبلغ فيه نسبة الفتيات ف على الصعيد الكمي فإن األرقام السابقة الخاصة باتجاهات التطور والتي تنطوي على نمو إيجابي ال تتضمن العديد من المؤشرات السلبية التي تشير إلى العديد من المخاطر المحيطة بسياسات تعليم اإلناث في العالم اإلسالمي

،فاض نسب تعليم اإلناث في الريف عن الحضرمن بين تلك السلبيات انخوهي مشكلة تعكس جانبا سياسيا يتمثل في سوء توزيع الموارد القومية والخدمات بين المناطق الحضرية والريفية، كما تعكس في نفس الوقت ظواهر اجتماعية واقتصادية مثل مشاركة األطفال في عمليات اإلنتاج

عد من أهم أسباب حجزهم عن استكمال الزراعي األسري في الريف بما ي

- ٣٨٠ -

يقدر ( يرتبط بما سبق ارتفاع نسبة تسرب اإلناث من التعليم . التعليممن الفتيات المسجالت في التعليم % ٢٦اليونسكو نسبة المتسربات بـ

في % ٥٠االبتدائي بين العام األول والخامس في البلدان النامية وتزيد إلى زيد نسبة التسرب في المستويات األعلى من التعليم وت)٢٧()البلدان األقل نموا

أو إلى ،أما أسباب التسرب فتعزى إما إلى سوء الخدمة التعليمية المقدمة. فقر األسر بما ينعكس في االعتماد على أبنائها وبناتها في العمل سواء داخل

. منزل األسرة أو في الحقل أو في أعمال أخرى مأجورة تدعم األسرة ماليا إن االنطباعات اإليجابية المترتبة على متابعة االتجاهات المطردة للتعليم في العالم اإلسالمي لتصطدم باألرقام المطلقة لألمية في نهاية القرن والتي تشكل محصلة الجهود التي بذلت في مجال تعليم اإلناث من جانب كل

فقد سجل . حد سواءالفعاليات بما فيها الحكومات والمجتمع المدني على أن متوسط معرفة القراءة والكتابة بين ٢٠٠٠تقرير التنمية البشرية لعام . %٤١، فيما بلغ في البلدان األقل نموا % ٦٤اإلناث في البلدان النامية بلغ

من بينها ماليزيا وليبيا والسعودية % ٦٤وتتجاوز عشر دول إسالمية متوسط ن وإندونيسيا حيث تقل نسبة األمية فيها عن وتركيا واألردن وألبانيا وإيرا

%) ٦٤-٤١(بينما تقع عشرة دول بين المتوسطين. من عدد اإلناث% ٢٦ومنها عمان % ٥٩ و٢٦حيث تتراوح نسبة األمية بين اإلناث فيها بين

وتونس ومصر والجزائر وسوريا والعراق وغانا والسودان وجيبوتي وسط معرفة القراءة والكتابة في الدول وتقع ثماني دول أقل من مت. ونيجريا

ومنها المغرب % ٥٩األقل نموا حيث تزيد نسبة األمية بين اإلناث عن وأخيرا فقد عرف العالم )٢٨( .وباكستان وبنجالديش واليمن والسنغال وتشاد

اإلسالمي أسوأ كارثة ارتداد عن التعليم كحق مكتسب للمرأة والتي تمثلت بمنع اإلناث من ارتياد ١٩٩٧لبان في أفغانستان عام في قرارات حكومة طا

- ٣٨١ -

المدارس والتعليم النظامي كلية في إطار سلسلة من القرارات التي زعمت وخالصة ما سبق أن بلدان العالم اإلسالمي قد . أسلمة المجتمع ومؤسساته

ورثت من القرن العشرين ميراثا ثقيال ال يزال عليها مواجهته في سبيل نيل . من أجل تعليم المرأة- وقبل ذلك – الكفاح الذي بدأ مع بداية القرن ثمرة

في اتجاه دعم المرأة مما أثمر نتائج السياسات الصحية استمرت انعكست في العديد من المؤشرات منها ارتفاع العمر المتوقع لإلناث عند

% ١٤٩ إلى %١٠٤الوالدة في كل البلدان اإلسالمية ارتفاعا تراوح ما بين كذلك توفرت لإلناث في الكثير من )٢٩(.١٩٧٠ قياسا إلى عام ١٩٩٢في عام

البلدان اإلسالمية الرعاية الطبية أثناء الحمل واإلنجاب بشكل شبه شامل خاصة في مجموعة البلدان العربية ، إال أن النساء في البلدان اإلسالمية

من اإلناث في % ٩٢ر األكثر فقرا قد حرمن من تلك المزايا حيث تفتقكما تسجل الدول . في اليمن إلى المتابعة الطبية أثناء الحمل% ٧٣أفغانستان و

األفريقية جنوب الصحراء أعلى معدل لوفيات األمهات أثناء الوضع ومنها دول مسلمة كإريتريا التي يصل معدل وفيات األمهات بها أثناء الوضع إلى

ك سجلت دول إسالمية أخرى أرقاما كذل،ألف من بين كل مائة ألف سيدة في معدل وفيات األمهات كاليمن التي يصل -وإن لم تكن قياسية-مرتفعة

من زاوية )٣٠(. حالة وفاة في كل مائة ألف حالة وضع٣٥٠المعدل بها إلى أخرى تشهد العديد من البلدان اإلسالمية ارتفاعا في معدالت وفيات األطفال

كما هو الحال ( فيما بين سن السنة والخمس سنوات اإلناث مقارنة بالذكورفي مصر وبنجالديش وإيران وقزاخستان والكويت وقرغيزيا وماليزيا

ويعزو خبراء األمم المتحدة ذلك أحيانا إلى أسباب ). وباكستان وطاجيكستانالفقر وما يترتب عليه من سوء التغذية أو إلى السلوكيات التمييزية في مجال

)٣١(.الرعاية الصحية لصالح الطفل الذكر على حساب الطفلة األنثىالتغذية و

- ٣٨٢ -

ويبقى سوء التغذية مصاحبا ألعداد كبيرة من اإلناث الباقيات على قيد الحياة مسببا ) كما هو الحال في بنجالديش% ( ٦٠ليصل في بعض البلدان إلى نحو

.تالية لهن العديد من المشكالت والمضاعفات خالل مراحلهن العمرية ال حملت السياسات والظروف االقتصادية مزيجا من العمل على صعيد

التحديات والفرص للمرأة المسلمة ومدى إسهامها في النشاط االقتصادي رصدت إحصاءات األمم المتحدة . خالل الربع األخير من القرن العشرين

% ٢٠يقي من تزايدا في نصيب النساء من قوة العمل فارتفع في الشمال األفر، وارتفع في نفس الفترة في منطقة ١٩٩٦سنة % ٢٦ إلى ١٩٨٠سنة

بينما سجلت نفس الفترة ثباتا في منطقتي % ٢٧إلى % ٢٣غرب آسيا من التى تتوزع فيها العديد من الدول ( جنوب الصحراء وشرق أوروبا

ويالحظ %). ٤٦إلى % ٤٧من (وسجلت انخفاضا في وسط آسيا ) اإلسالمية األرقام السابقة أن التطور في مجال مشاركة المرأة في سوق العمل من

والنشاط االقتصادية اتسم بالتباطؤ ولم يوازي بأي حال الزيادة المضاعفة في وقد . أعداد المتعلمات أو الزيادة الناجمة عن تحسن الظروف الصحية للنساء

م اإلسالمي اختلفت أسباب تلك المفارقة من حالة ألخرى في بلدان العالوتنوعت ما بين عوامل سياسية وأسباب اجتماعية وثقافية؛ ففي العديد من

تسببت سياسات اإلصالح ) كمصر على سبيل المثال( البلدان اإلسالمية االقتصادي وبرامج التكيف الهيكلي خالل السبعينيات والثمانينيات بما ترتب

وتقليص سياسة التشغيل عليها من اتجاه إلى خفض اإلنفاق العام والحكومي إلى التأثير على تدفق النساء على سوق العمالة المأجورة عبر الوظائف

بل إن بعض الحكومات اتجهت في سبيل تقليص العمالة الحكومية . الحكومية مثل (لديها إلى تشجيع النساء على التقاعد بإصدار تشريعات محفزة لذلك

ركيا والذي يجيز للنساء التقاعد الصادر في ت١٩٧٥ لسنة ١٩٩٢القانون رقم

- ٣٨٣ -

بعد قضاء عشرين عاما في الوظيفة ولهذا القانون نظائره في العديد من من جانب آخر فإن االتجاه إلى الخصخصة ). البلدان اإلسالمية األخرى

رافقه إحجام من قبل القطاع الخاص المتنامي عن توظيف النساء وتفضيل أعباء مرتبطة بعمالة النساء مثل إجازات عمالة الذكور بسبب ما ينظر إليه ك

الوضع والرضاعة وصعوبات تشغيل النساء لساعات طويلة بسبب التزاماتهن في بلدان أخرى كانت السياسة الحكومية بدورها مسئولة عن هذا . المنزلية

التباطؤ في دخول المرأة إلى سوق العمل ألسباب أخرى؛ فرغم الطفرة الخليج البترولية والتي انعكست في توسع التنموية التي غمرت بلدان

اقتصادي غير مسبوق في مجاالت الصناعة والخدمات إال أن هذا التوسع لم غذى ككثير من التجارب العالمية السابقة من خالل دفع وتشجيع االحتياطي ي

النسائي على ولوج سوق العمل وإنما من خالل استقدام العمالة بالماليين من ينما ظلت النساء قوة عمل هامشية وظلت مجاالت عمل النساء ب)٣٢(الخارج،

محصورة في أطر معينة كالتدريس وطب النساء ، مما أدى إلى وجود تكدس في الطلب على تلك المجاالت المحدودة أصاب سوق العمل النسائي بالتخمة

. والبطالةن فسجل أما عن إجمالي إسهام المرأة في قوة العمل عند نهاية القر

بدوره تباينا؛ ففي مناطق شاسعة تتركز فيها البلدان اإلسالمية وهي مناطق شمال أفريقيا وغرب وجنوب آسيا

دارت هذه النسبة حول الثلث بينما ارتفعت في مناطق أخرى تتوزع فيها بعض البلدان اإلسالمية كأفريقيا جنوب الصحراء ووسط آسيا وشرق أوروبا

)٣٣(%.٥٠إلى % ٤٠بين لتتراوح تتجه أغلب العمالة النسائية في اقتصاديات البلدان اإلسالمية إلى مجال

في وسط % ٤٣في شمال أفريقيا ، % ٤٨ ،في غرب آسيا% ٦٣(الخدمات

- ٣٨٤ -

بينما اتجهت العمالة النسائية في المناطق ) في شرق أوروبا % ٥٥آسيا ، % ٦٦أفريقيا جنوب الصحراء و في % ٦٥(األقل نموا للتركز في الزراعة

وظلت النسبة متساوية بين القطاعين الخدمي والزراعي في ) في جنوب آسياوتعد الزراعة من األنشطة االقتصادية التقليدية التي تعمل فيها )٣٤(.وسط آسيا

النساء في الريف سواء بأجر أو بدون أجر في إطار الزراعة العائلية ، غير بملكية األرض ألسباب بعضها يعود إلى السياسات أن هذا الدور لم يقترن

الحكومية مثل برامج اإلصالح الزراعي وتوسيع قاعدة الملكية الزراعية في الستينيات التي استبعدت تمليك النساء، أو ألسباب عرفية واجتماعية تمنع المرأة حقها الشرعي في إرث األرض لإلبقاء عليها في إطار العائلة

)٣٥(.األبوية ويالحظ أن اإلحصاءات الرسمية تهمل جوانب هامة من النشاط

أهم هذه الجوانب . االقتصادي للمرأة ربما تقود متابعته إلى نتائج مخالفةالعمالة غير الرسمية التي تستقطب أعدادا هائلة من النساء في العالم

مجتمع اإلسالمي والعالم النامي وترتبط في الغالب بالشرائح الفقيرة من السواء في المدن أو في الريف مثل العمل في المزارع العائلية والصناعات التقليدية أو الغذائية بالمنزل أو العمل كخادمات أو مربيات أو بائعات قي

وتمثل النساء ثقال كبيرا في هذا القطاع االقتصادي المتسع في . األسواق سوق في العديد من مدن بعض البلدان اإلسالمية كفئة البائعات وتاجرات ال

وقد ). من بائعي األغذية الجائلين من النساء% ٩٤في نيجريا (غرب أفريقيا عكس (ازدادت أعداد تلك الفئات بشدة في العقدين األخيرين من القرن

نتيجة تزايد معدالت الهجرة من ) اتجاهات وإحصاءات العمالة الرسمية ر الناتجة عن األزمات االقتصادية الريف إلى المدن إلى جانب مؤثرات اإلفقا

وسياسات اإلصالح االقتصادي مثل التضخم وتقليص الحكومات دعمها

- ٣٨٥ -

للمواد الغذائية الرئيسية وتخفيض الخدمات الحكومية مما دفع أعدادا غير ورغم هذا التزايد )٣٦(.قليلة من النساء للعمل للوفاء بمتطلبات إطعام أسرهن

ألن هذا ، في أوضاع العمالة الخاصة بالنساءالعددي فإنه ال يعكس تحسناالنوع من العمالة يتسم بطول فترات العمل والمشقة والتعرض للمخاطر ،ويفتقر إلى الضمانات وحقوق العمالة كما أنه يتسم بانخفاض العائد

من جانب آخر فإن تقلص قبضة )٣٧(.والتعرض لالستغالل من قبل الوسطاءة وإطالق المجال أمام القطاع الخاص أدى مرة الدولة على األسواق المحلي

أخرى لتفاقم التمييز في النظام االقتصادي سواء بتفضيل عمالة الذكور أو إلى ) كالراقنات والبائعات( دفع النساء إلى أنشطة بعينها ذات طابع هامشي

قدر متوسط أجور النساء قياسا (جانب التفاوت في األجور قياسا بالرجال % ٤٢في سوريا % ٦٠في مصر % ٧٩،٥في تركيا % ٨٤سب بالرجال بن

)٣٨().في بنجالديش شهد الربع األخير من القرن العشرين : المرأة وآثار التحضر والهجرة

تغيرات اجتماعية كبيرة أحدثت تحوال في تركيبة المجتمعات المسلمة وأثرت الداخلية لعل من أبرز تلك التحوالت الهجرات . بشكل كبير على المرأة

فقد شهدت . والخارجية واسعة النطاق في كافة البلدان اإلسالمية دون استثناءبلدان العالم اإلسالمي حركة هجرة داخلية غير مسبوقة من الريف إلى المدن ألسباب متعددة منها اختالل التوازن في برامج التنمية والتحديث بالتركيز

اعي أكثر قطاعات االقتصاد تخلفا على المدن مما أدى إلى بقاء القطاع الزروأقلها نموا ، فضال عن الزيادة السكانية الكبيرة في الريف مع ثبات مساحة األرض مما دفع الماليين إلى الهجرة للمدن حيث تجري عمليات التصنيع

لقد أدت موجة الهجرة إلى المدن التي تشمل العالم . والتنمية على قدم وساق على المستوى ١٩٧٠ سكان المدن أكثر من مرة منذ حيث تضاعف عدد(كله

- ٣٨٦ -

أدت إلى جملة من المشكالت االجتماعية على رأسها نشوء مدن ) ) ٣٩(العالميويعيش في تلك . الصفيح وأحياء الفقر العشوائية على األطراف الحضرية

المناطق ماليين من البشر في ظروف شديدة الصعوبة يسودها االزدحام . المرافق الصحية وتدهور الظروف االجتماعية واإلنسانية والتكدس وانعدام

وقد انعكست تلك الظروف بشكل حاد على النساء في شكل تفشي األمية وقد سجلت . والفقر والبطالة والتعرض لشتى مظاهر العنف والتحرشات

إحصاءات األمم المتحدة ارتفاعا في ظواهر العنف الموجه للمرأة في العديد رغم تحفظ الجهات الحكومية الرسمية في كشف األبعاد الحقيقية من البلدان

١٩٩٠لتلك الظاهرة خاصة بشأن أنواع معينة من العنف؛ فما بين عامي كانت نسبة النساء الالتي تعرضن لالعتداء من قبل أحد المقربين ١٩٩٩و

في مناطق شرق % ٥٨في بنجالديش و% ٤٧في نيجريا، و% ٤٥لهن في مصر ، وتنوعت أشكال العنف % ٣٤ل بتركيا ووجنوب شرق األناضو

ما بين ضرب األزواج واألقارب واالغتصاب وجرائم الشرف والتحرشات )٤٠().خاصة في باكستان وبنجالديش(والجرائم بسبب الدوطة

كذلك شهد العالم اإلسالمي منذ السبعينيات موجات واسعة من الهجرات اتخذت تلك الهجرات اتجاهين أساسيين هما . ة البينية والدولية المؤقتة والدائم

الهجرة إلى خارج العالم اإلسالمي مثل هجرة أعداد كبيرة من مواطني شمال . أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء وتركيا وباكستان إلى أوروبا الغربية

وهناك موجات الهجرة من البلدان األكثر سكانا وفقرا إلى بلدان الثروة رة أعداد كبيرة من مواطني باكستان وبنجالديش ومصر واليمن النفطية كهج

وقد أحدثت موجات الهجرة تأثيرات . واألردن إلى دول الخليج العربيةاقتصادية واجتماعية هائلة في الدول المصدرة والمستقبلة للعمالة على السواء

والحراك ، وتوزيع الدخول،تمثلت فيما نجم عنها من حركة رؤوس األموال

- ٣٨٧ -

على صعيد . وبناء األسر ونقل األفكار والعادات االجتماعية ،الجتماعيااألسرة فقد عززت حركة الهجرة من نمط األسرة النووية على حساب األسرة الممتدة كما رفعت من معدالت تفكك األسر في العالم اإلسالمي بسبب تشتت

كبيرا بظاهرة وقد تأثر وضع المرأة في المجتمع اإلسالمي تأثرا . أفرادها الهجرة من جوانب يصعب حصرها حيث شمل هذا التأثير مختلف أبعاد حياة

ويمكن اإلشارة في هذا المقام إلى . المرأة االقتصادية واالجتماعية والنفسيةيتعلق النموذج األول بالنساء المهاجرات : جانبين فقط من جوانب التأثر تلك

مانينيات متركزة في جنوب وجنوب إلعالة أسرهن وهي ظاهرة برزت منذ الثشرق آسيا وشرق أفريقيا حيث يتم استقدام أعداد كبيرة من النساء من تلك

للعمل كخادمات ومربيات – خاصة إلى بلدان النفط الثرية –المناطق وعامالت في الفنادق وممرضات بحيث تنقطع المرأة عن أسرتها وتصبح

الحصول على أبحاث تتناول تحليل مورد الدخل األساسي لألسرة ولم يتيسراآلثار االجتماعية والنفسية لتلك الظاهرة على النساء وأسرهن غير أنه يمكن التكهن بأن اآلثار االجتماعية والنفسية السلبية لهذا النوع من الهجرة على تماسك األسرة تكون أكثر عمقا منها بالنسبة لهجرة الذكور بالنظر إلى الدور

. مرأة في حفظ كيان األسرةالتقليدي لل أما الظاهرة الثانية فتتعلق بالدور االجتماعي لزوجات المهاجرين الباقيات في الوطن حيث تصبح النساء مسئوالت تماما عن إدارة شئون

وقد أشارت العديد من الدراسات إلى األثر اإليجابي لهذه المسئولية ،أسرهن وقدرتهن على اتخاذ القرارات في األسرة في تنمية استقالل أولئك النساء

وتنامي مهاراتهن في االحتكاك بالحياة والمؤسسات العامة مثل األجهزة غير أن دراسات اجتماعية )٤١(.المصرفية والتعليمية والبيروقراطية الخ

أخرى أشارت إلى أهمية األخذ في االعتبار في تقدير أثر الهجرة على المرأة

- ٣٨٨ -

والبيئية حيث يتباين هذا التأثير في المجتمعات الحضرية بالشروط االجتماعية األكثر انفتاحا عنه في المجتمعات الريفية والقبلية المنغلقة مشيرة إلى أن هجرة األزواج قد تؤدي في مجتمعات تقليدية وقبلية إلى أثر عكسي يتمثل في

) اوالة أمره(تزايد الضغوط والتدخالت التي تتعرض لها المرأة من قبل . البدالء من الذكور في ظل هيمنة األسر الممتدة

األيديولوجية في الربع األخير من / المرأة والمشكالت السياسية -ب

القرن العشرين تتشابك المرأة والنظام السياسي بشكل حميم ليس فقط كونها موضوعا

غالبا على و تركز األدبيات البحثية .لهذا النظام وإنما بدورها كفاعل فيه رصد الدور السياسي للمرأة من زاوية معينة هي مشاركة المرأة في المؤسسات والعمليات الرسمية ، لكن هذا االقتراب المحافظ يتجاهل جانبا هاما من النشاط السياسي للنساء خارج المؤسسات خاصة دورهن النضالي

تأثير صراع وفي هذا المجال األخير يبرز . في ظل الحركات الجماهيرية كذلك يدخل في إطار رصد ،األيديولوجيات واألفكار على حركة المرأة جليا

تداخالت المرأة مع النظام السياسي وضع النساء زمن الحرب وفي ظل . الصراعات المسلحة التي تعد من المعالم البارزة للفترة محل الدراسة

على صعيد : المرأة والمشاركة السياسية في المؤسسات الرسميةالوزارية وما دون ( المناصب السياسية واإلدارية العلياالتمثيل في

لالستعانة بالنساء في تلك المناصب ) الرمزي( استمر الطابع ،)الوزاريةفي هذا اإلطار بلغت نسب . الدولة ) حداثة (كمظهر من مظاهر تأكيد

تتركز فيها البلدان مشاركة النساء في تلك المناصب في المناطق الكبرى التي في دول الشمال األفريقي بلغت نسبة النساء : اإلسالمية على النحو التالي

ما دون الوزارية وفي غرب آسيا بلغت % ٦في المناصب الوزارية و% ٣

- ٣٨٩ -

وفي % ٣و% ٢، وفي وسط آسيا %١٠و % ٥النسب على التوالي )٤٢(%. ٧و% ٤وفي جنوب آسيا % ١٠و% ٨أفريقيا جنوب الصحراء

المناصب الوزارية التي تسند إلى النساء هي مناصب ذات لويالحظ أن ج شئون أو االهتمامات التقليدية للمرأة مثل وزارات الشئون االجتماعية الصلة ب

ويندر أن تتولى النساء وزارات ،والتأمينات أو وزارات المرأة واألسرة .سيادية مثل وزارات االقتصاد أو الخارجية

ر كافة الدراسات التي تناولت المشاركة السياسية للنساء وتطورها تشيفي العديد من بلدان العالم اإلسالمي إلى تدني مستويات التمثيل السياسي والمشاركة في المناصب العليا رغم مرور عقود على نيل النساء الحقوق

في %٩ ١٩٩٥فبينما بلغ المتوسط الدولي لتمثيل النساء عام . السياسية ، كان متوسط التمثيل )وحيدة المجلس أو في المجلس األدنى منها(البرلمانات

وفي وسط آسيا %٥وفي جنوب آسيا % ٤في دول شمال أفريقيا وغرب آسيا وعلى صعيد البلدان اإلسالمية )٤٣(%.٩وفي أفريقيا جنوب الصحراء% ٨

وفي % ١٢ في إندونيسيا والسنغال ١٩٩٤سجلت أعلى النسب عام بينما بدت تشاد % ١٠وماليزيا وأوزبكستان % ١١اخستان والعراق كاز

في حين سجلت العديد من الدول %. ١٦استثناء بتمثيل النساء فيها برلمانيا بـاإلسالمية الكبرى تدنيا شديدا في مستويات التمثيل ؛ مصر وباكستان وتركيا

بينما غاب هذا )٤٤(%.١، المغرب واليمن %٣، إيران واألردن %٢ونيجريا التمثيل النسائي تماما من مجموعة من البلدان اإلسالمية مثل المملكة العربية

ويالحظ أن اتساع التمثيل . السعودية والبحرين واإلمارات المتحدة وقطرالبرلماني في بعض البلدان اإلسالمية قد ارتبط بوجود قوانين أو تنظيمات

لمجلس للنساء أو فرض الحزب داعمة للمرأة مثل تخصيص نسبة من مقاعد االواحد الفائز دائما لحصة معينة من النساء كما هو الحال في العراق

- ٣٩٠ -

وغالبا ما شهد تمثيل المرأة في البرلمان . وسوريا في ظل قيادة حزب البعثانحسارا كبيرا عند انقضاء هذا الدعم من الدولة ألي سبب كما حدث على

ء المحكمة الدستورية في مصر النص الوارد سبيل المثال ال الحصر عند إلغا مقعدا للسيدات بمجلس الشعب مما أدى ٣٠بقانون االنتخاب بتخصيص

مقاعد ١٠ إلى ١٩٧٩ مقعدا عام ٣٥النخفاض تمثيل النساء في المجلس من )٤٥(.١٩٩٠سنة

تثير ظاهرة انخفاض التمثيل السياسي للمرأة قضية خطيرة ال تتعلق لمساواة بالرجال بقدر ما تتعلق بصميم المحافظة على المصالح بمطلب ا

الحيوية للنساء من خالل التأثير على صياغة تشريعات الزواج واألسرة والعمل التي تمس حياة ماليين النساء بشكل مباشر إلى جانب طرح رؤية ، المرأة في صياغة العديد من التشريعات التي تمس بقوة صميم حياة األسرة

. تشريعات البيئة والصحة والتشريعات االقتصاديةمثل إن تفسير ظاهرة انخفاض مشاركة النساء السياسية يطرح بدورة جملة

يشير . من المشكالت التي تلخص معضلة المرأة المسلمة في نهاية القرنانخفاض عدد المرشحات إلى ثقل األعباء األسرية الملقاة على عاتق النساء

بما يقعدهن عن بذل ) ك العمل للمساهمة في اإلنفاق على األسرةيدخل في ذل( كما يثير كذلك قضية االنحياز ضد المرأة أو ،الجهد في العمل السياسي العام

عدم الثقة في قدراتها داخل المؤسسات السياسية والحزبية التي تحجم عن أو كما ينعكس في ضعف ،طرح المرشحات النساء على قوائمها ومساندتهن

ويثير )٤٦(.غياب تمثيل النساء في الهيئات القيادية وفي عضوية األحزابفشل أعداد كبيرة من المرشحات قضية النظام الثقافي وموقع المرأة ومكانتها فيه كفاعل ومؤثر عام؛ حيث ال يحظى الدور العام للمرأة بتقدير في

لدور االجتماعي األسري المنظومة الثقافية التقليدية بل ينظر إليه سلبا قياسا با

- ٣٩١ -

تزيد . لها ويحيط بهذا قدر كبير من انخفاض الثقة في قدرة النساء السياسية تلك االتجاهات االجتماعية السلبية في المجتمعات ذات التكوين العشائري القبلي الذي يتبنى وجهة نظر عدائية لدور المرأة العام ؛ لقد أدى تحكم تلك

يل المثال ال الحصر إلى تغييب المرأة عن التوجهات العشائرية على سب، ١٩٧٤البرلمان األردني لمدة عقدين بعد إقرار حقوق المرأة السياسية عام

وتبلغ . بحملة عدائية شديدة الوطأة١٩٩٣واقترن وصولها للمجلس عام النزعات العشائرية القبلية ضد النساء درجات هائلة من الحدة والعنف في

ي الذي غالبا ما تكون المرأة أحد أدواته كما حدث لحظات الصراع السياس بإقرار حق المرأة ١٩٩٩إبان صدور المرسوم األميري الكويتي في مارس

التي نظرت -الكويتية في الترشيح واالنتخاب حيث خاضت القوى القبلية معركة شرسة تحالفت خاللها مع القوى –للقرار باعتباره موجها ضدها

استخدمت الخطاب الديني التقليدي كأهم أسلحتها ، وأدى السلفية األصولية وتحالفها في مجلس األمة إلى هزيمة المرسوم األميري في نوفمبر

وحرمان المرأة الكويتية من أحد رموز مواطنتها، بل وصياغة أهم ١٩٩٩ )٤٧(.بنود أجندة حركة المرأة الكويتية في القرن الجديد

الفشل النسبي للمرأة في العمل السياسي تشير التحليالت بشأن أسباب كذلك إلى عوامل تخص المرأة الناشطة سياسيا مثل الطبيعة النخبوية للنساء

كما تلفت تلك ،وعجزهن عن التواصل مع جماهير الناخبين وإقناعهم بتمثيلهمالتحليالت النظر إلى األسباب المتعلقة ببنية النظام السياسي ومؤسساته

السياسية فيه حيث صيغت تلك المؤسسات وفق قواعد لالتصال وقواعد اللعبة ويلفت . والصراع والتحالف تناسب الذكور وتعمل كعناصر طاردة للنساء

بعض الكتاب النظر إلى حقيقة أن النساء الالتي ينشطن بشكل فردي في ولعل . المجال السياسي هن من يتبعن تكتيكات ذكورية في الصراع والتحالف

- ٣٩٢ -

ر من تتبع سيرة العديد من الرموز النسائية البارزة التي حققت هذا ما يظهفمن قبيل المفارقات أن . مكاسب على طريق العمل السياسي واالنتخابات

العالم اإلسالمي رغم القصور الشديد في تمثيل النساء تمثيال يوازي ثقلهن في من المجتمع ومشاكلهن، ورغم ما يعتري وضع ومكانة النساء االجتماعية

تحديات إال أنه كان سباقا في تقديم قيادات نسائية حكمن بالدهن وقدن أحزابا رئيسة وزراء (ءالبيجوم خالدة ضيا: جماهيرية في القرن العشرين مثل

وكالهما ) -١٩٩٦رئيسة وزراء ( والشيخة حسينة واجد ) ١٩٩٦ -١٩٩١، ١٩٩٠-١٩٨٨رئيسة وزراء ( في بنجالديش والسيدة بيناظير بوتو

-١٩٩٣رئيسة وزراء (في باكستان، والسيدة تانسو تشيللر) ١٩٩٦-١٩٩٣نائبة رئيس الجمهورية (في تركيا، ميجاواتي سوكارنوبوتري ) ١٩٩٦

إن متابعة السيرة السياسية ).. ٢٠٠١ ثم رئيسه للجمهوريه ١٩٩٩األندونيسيةلممارسة والسلوك السياسي ألولئك الرموز ال تطرح أي اختالف أو تميز في ا

عن زمالئهن من الذكور كما ال تشير إلى التزام أكبر إزاء قضايا ومشكالت المرأة بل تركيز على القضايا القومية العامة والصراعات السياسية بين

ولعل هذا ما حدا ببعض الباحثين إلى الحديث عن أن النساء لسن . األحزاباء تمثيلهن من قبل فقط غير ممثالت بشكل كاف في النظم السياسية بل يس

النساء النخبويات الالتي يتبنين في الغالب برامج سياسية على أساس مصالحهن الطبقية بل أحيانا تتعارض أنشطتهن مع مصالح األغلبية من

وأخيرا تشير إحدى الدارسات العربيات إلى أن وجود المرأة )٤٨(.النساءا كناخبة وينظر له في فإنه يختزل في دوره) إذ يتضاءل كمرشحة( السياسي

ثقله الكمي ال النوعي ، بل إن حتى هذا الدور كثيرا ما يغمط كذلك بسبب )٤٩(.النزاهة المشكوك فيها لالنتخابات في كثير من النظم

- ٣٩٣ -

نهاية القرن العشرين عددا من التطورات اإليجابية ت وأخيرا فقد شهدة في منطقة تعد أكثر معاقل على صعيد حصول النساء على حقوقهن السياسي

حيث ،التقاليد القبلية في العالم اإلسالمي وهي منطقة الخليج والجزيرة العربية بالمشاركة في االنتخابات البلدية ١٩٩٩أقر للنساء في قطر والبحرين عام

توطئة لتطور دورهن مع تطور النظام السياسي القبلي نفسه نحو مزيد من أكثر تواضعا سمح للنساء بحضور مجلس الشورى وفي تطور . الديمقراطية .السعودي

تمثل األنشطة النضالية للنساء الشق األكثر : النساء والنضال السياسيأهمية وفاعلية من النشاط السياسي للنساء في العالم اإلسالمي حيث يمكن

الحركة التي تنشأ خارج مؤسسة :تعريف حركة النضال النسائي بوصفها وقد . ة على أساس الدعوة إلى التغيير طبقا لمرجعية أيديولوجية معينةالدول

اتجهت حركات النضال النسائي خالل الربع األخير من القرن إلى وجهتين . اإلحيائيالنسوي العلماني ، والتوجه اإلسالميأساسيتين هما التوجه

تيجة العديد كنشاط مستقل في الثمانينيات نالنشاط النسوي العلماني برز من الظروف والمحفزات الداخلية والخارجية؛ فقد ظهرت العديد من المنظمات النسوية نتيجة االنسالخ أو االنشقاق عن المنظمات الماركسية

واتجهت تلك . واليسارية التي منيت بنكسة على صعيدي الفكر والواقععلى سبيل كالعديد من منظمات المغرب وتركيا ( الجماعات المنشقة

اتجهت إلى تبني أيديولوجية نسوية بديلة تفسر مجمل الواقع من ) المثالمنظور المرأة وذلك عبر مراجعات فكرية انتهت إلى أن فترة التبعية واالنضواء تحت مظلة األحزاب الجماهيرية وأيديولوجياتها لم تسفر إال عن

لورة وعي نسوي وانه قد حان الوقت لب،تهميش قضايا النساء وشل حركتهن . مستقل

- ٣٩٤ -

وقد أسهم في نشأة وتطور الجماعات النسوية في الفترة المذكورة طائفة من العوامل المساعدة مثل الضعف العام الذي مني به اليسار مع تدهور االتحاد السوفيتي واتساع هيمنة الغرب الليبرالي عالميا، وفي بعض الحاالت

ربه بصورة مباشرة وقاسية كما حدث كتركيا كان ضعف اليسار نتيجة ض، مما ساعد بقوة على انفصال ١٩٨٠في ظل انقالب سبتمبر العسكري عام

. واستقالل النسويات هناك إلى حد وصم حركتهن بأنها ربيبة النظام العسكري في حاالت أخرى كان نمو التنظيمات النسوية جزءا من حركة عامة )٥٠(

زمة نظم التحرر الوطني ومشروعها الحداثي لنمو المجتمع المدني في ظل أ وتدهور خطابها السياسي واستحكام سلطويته كما حدث في ،التنموي في أحيان أخرى كان نشوء المنظمات النسوية في الثمانينيات نتاجا )٥١(.تونس

في باكستان الذي يعد من WAFلتحديات قوية مثل نشأة منتدى عمل المرأة نسوية على مستوى العالم اإلسالمي خالل عقد أهم وأقوى الحركات ال

لمواجهة برنامج أسلمة القوانين الذي ١٩٨٠ وقد ولد المنتدى عام ،الثمانينياتتبناه الجنرال ضياء الحق في إطار محاولة كسب مشروعية للبقاء والحكم، وقد اتجه ضياء الحق في سبيل ذلك إلى التحالف مع الجماعات األصولية

ني نهجها في قراءة وتفسير الشرع، حيث تجلى تشدد تلك القراءة المتشددة وتببصفة خاصة في النصوص التي تمس المرأة في تشريعات الحدود والشهادة والتشريعات الجنائية، كما تجلى عبر نهج أجهزة الدولة كالشرطة والقضاء واإلعالم الذي قام على التضييق على النساء ومحاصرة وجودهن في الحياة

)٥٢(.لعامة ا أما العوامل الخارجية المساعدة فبدا تأثيرها حاسما في جميع الحاالت متمثال في الطفرة التي حدثت في دراسات المرأة والفكر النسوي في الغرب ليتحول إلى أيديولوجية مستقلة وموازية لليبرالية تقوم على تأصيل مفاهيم

- ٣٩٥ -

وعلى صعيد الخطط ،يا العالميةورؤى نسوية خاصة للتاريخ والعلم والقضاوالبرامج والسياسات مثلت جهود األمم المتحدة السابق اإلشارة إليها عامال

وقد أسهمت العوامل السابقة في دعم الحركات النسوية في العالم . حاسمااإلسالمي من خالل سبل أهمها تخصيص مصادر سخية للدعم المالي والفني

واألمم المتحدة التي ركزت جزءا هاما من رهانها من الجهات الدولية المانحة كما وفرت تلك المصادر ،نحو التغيير على المنظمات غير الحكومية

الخارجية إطارا جاهزا من األهداف والمفاهيم والحلول والبرامج والسياسات وبهذين العاملين معا لعب المتغير الدولي دورا هاما في . ومفردات الخطاب

وبلورة البنى التحتية والفوقية وصياغة خطة وتوجهات للحركة النسوية تدعيم . في العالم اإلسالمي في الربع األخير من القرن

أولت المنظمات النسوية اهتماما كبيرا لقوانين األحوال الشخصية، مثل قوانين (والتمييز القائم في قوانين اإلجراءات والقوانين الجنائية والمدنية

، كما أثارت تلك )الجنسية التي تقصر نقل الجنسية لألبناء عن طريق األبالمنظمات قضايا مجتمعية أسهمت األمم المتحدة ومنظمات حقوق اإلنسان في وضعها في إطار االهتمام والوعي مثل العنف الموجه ضد المرأة؛ وفي هذا

جات في اإلطار تذكر حملة المنظمات النسائية التركية ضد ضرب الزو ضد ١٩٨٩ والمؤتمر النسوي الذي عقد في أنقرة عام ،١٩٨٧إسطنبول عام

كذلك يشار إلى الحملة ". القهر الذي تتعرض له النساء في كل المؤسسات"العنيفة التي ثارت في مصر في التسعينيات بشأن الحد من الختان بعد إثارته

ضد جرائم الشرف والحمالت النسوية في كل من األردن وباكستان،دولياوقد اتبعت الحمالت النسوية العديد من . والقوانين التي تتسامح إزاءها

التكتيكات المستحدثة مثل تنظيم المؤتمرات و المسيرات والنشر وتقديم . الخ..العرائض وجمع التبرعات والتوقيعات وتنظيم اإلضرابات عن الطعام

- ٣٩٦ -

حملة منتدى عمل المرأة وقد صادفت بعض تلك الحمالت نجاحا مثل نجاح WAF في باكستان في أجراء تعديالت هامة على قانون اإلثبات يقلص من

العناصر التمييزية فيه ، والنجاح النسبي في حملة الختان في مصر في تنظيم إال أن بعضها أخفق مثل الحملتين الباكستانية . والحد من هذه العملية

رلمان في كال الدولتين إجراء واألردنية ضد جرائم الشرف حيث رفض البمن جانب آخر فإن . أية تعديالت لتشديد العقوبة ضد مرتكبي هذه الجرائم

المنظمات النسوية قد كرست بحكم تحالفها مع األمم المتحدة جانبا هاما من نشاطها للمارسة ضغوط داخلية على حكوماتها بشأن موقفها من االتفاقات

ما شهدته العديد من البلدان اإلسالمية من من ذلك ،الدولية بشأن المرأةحمالت نسوية لدفع الحكومات إلى التوقيع على اتفاقية القضاء على كل

.أشكال التمييز ضد المرأة أو إزالة تحفظاتها بشأنها رغم غلبة خطاب حقوق اإلنسان والخطاب الليبرالي العلماني على

يخل من تناقضات ومواءمات التنظيمات النسوية إال أن هذا الخطاب لمقدمت الحركة النسوية التركية . عكست تأثيرات الواقع المحلي وصراعاته

نموذجا لذلك فرغم ادعائها االنتماء لحركة المجتمع المدني بل والقيام بدور مثلت امتدادا للدولة في وجه المجتمع في بعض المناسبات أنهاطليعي فيه إال

ة على تبني موقف متشدد إزاء خيارات المواطنين من ذلك تحريضها الدول. اإلسالمية في حياتهم اليومية كما حدث إبان المؤتمر العام المنعقد حول المرأة

جمعية ٢٧والذي ضم ممثالت ) ١٩٧٥ ديسمبر عام ٨ إلى ٥من (في أنقرة نسوية حيث دعت مقررات المؤتمر الدولة إلى اتخاذ إجراءات حازمة لتطبيق

ن العلمانية بمنع الناس من االستمرار في تقديم المهور وإقامة مراسم القوانيزواج ذات طبيعة إسالمية إلى جانب الزواج المدني المنصوص عليه

هكذا اتبعت الحركة النسوية التركية سياسة مزدوجة إزاء حقوق )٥٣(.قانونا

- ٣٩٧ -

كة النسوية المرأة مثل العداء لإلسالم حدا أساسيا فيها، وبينما تعتز الحر التي نظمت للدعوة إللغاء ١٩٨٩التركية في تاريخها الحديث بمظاهرة عام

المادة الواردة في قانون العقوبات بشأن تخفيض عقوبة االغتصاب إلى الثلثين " كلنا عاهرات "إذا كانت الضحية عاهرة حيث رددت المتظاهرات شعار

نسوية لم تتبن موقفا مماثال دفاعا عن أهداف حملتهن ، فإن تلك المنظمات الإزاء قمع السلطات التركية آلالف النساء المحجبات ومنعهن من الدخول بحجابهن إلى مؤسسات التعليم والعمل، ولم تشهد تركيا مظاهرة واحدة

خطيئة في دوالذي ع" كلنا محجبات" للجماعات النسوية ترفع ذلك الشعار تجلت موائمات الخطاب وفق اعتبارات . نظر النظام العلماني المتطرف هناك

الواقع المحلي كذلك لدى الحركة النسوية الباكستانية في التسعينيات؛ فبينما تبنت الناشطات العلمانيات في خطابهن الداخلي مبادئ وأفكار الخطاب النسوي والعولمي إال أنهن اتبعن في خطاب الرأي العام ذو الثقافة اإلسالمية

ة استخدمن خالله الخطاب اإلسالمي في ضرب النظريات تكتيكات مختلفوقد استعانت . األصولية التي قام على أساسها برنامج األسلمة الباكستاني

)٥٤(.الحركة في ذلك بعدد من رجال الدين والقانون المستنيرينبرز الوجود النسائي في الحركة اإلسالمية : النساء في الحركة اإلسالمية

السبعينيات في إطار حركة أوسع تسعى إلحياء الثقافة اإلسالمية وتأكيد منذ وعلى خالف التيار النسوي لم ينسلخ التيار . الهوية وأنماط السلوك اإلسالمي

النسائي اإلسالمي من صفوف وأيديولوجية حركته األم ولم يطور رؤية ركات العامة خاصة بالنساء بل قامت الروافد النسائية بدعم األهداف والتح

–كذلك فإن النشاط النسائي اإلسالمي لم يتميز . للتيار األوسع الذي يضمها )٥٥( بالطابع المؤسسي التنظيمي الذي غلب على التيار النسوي؛-بصفة عامة

اتخذ التيار النسائي اإلسالمي كسمة غالبة طابع الحركة الجماهيرية أو

- ٣٩٨ -

مقارنة بالطابع النخبوي للحركة الشعبية وهذا ما جعله أكثر اتساعا وقاعدية ورغم ذلك فقد تفاوتت خبرات النساء داخل التيارات . النسوية العلمانية

والحركات اإلسالمية تفاوتا كبيرا من حيث قدرات التعبئة والتنظيم ودرجة ١٩٧٩ فقد ضرب النموذج اإليراني للمشاركة النسائية في الثورة ،التسييس

كذلك برزت تلك السمة في حركة الدفاع . تعبئة أعلى درجات التسييس والعن المحجبات في الجامعات التركية في نهاية الثمانينيات والتسعينيات ، وفي

والجماعات اإلسالمية في ،حركة نساء جماعة العدل واإلحسان في المغربعلى الجانب اآلخر تعكس نماذج أخرى درجات أقل . ماليزيا وإندونيسيا

ذوبانا في الحركة االجتماعية يجمع بين النساء فيها بعض تسييسا وأكثرالمظاهر والسلوكيات اإلسالمية مثل االرتداء الطوعي للحجاب تعبيرا عن اختيار حر وولوج المساجد وحضور الخطب والمجالس الدينية وهذا هو

. النمط الشائع في عدد آخر من البلدان اإلسالمية كمصر على سبيل المثاللعبت القواعد النسائية في الحركة اإلسالمية أدوارا مشهودة في الصراع

على . السياسي في العالم اإلسالمي خالل الربع األخير من القرن العشرينرأس تلك األدوار يأتي دور النساء إبان الثورة اإليرانية حيث شاركت النساء

وواكبت اندالعها، مشاركة واسعة النطاق في كل العمليات التي سبقت الثورةوهي مشاركة غير مسبوقة ليس فقط في تاريخ إيران بل على نطاق العالم

ورغم تعرض النساء لجانب كبير من القمع والضبط في ظل )٥٦(.اإلسالميسطوة النظام الثوري ، إال أنه مع استقرار الدولة وتراجع وزن المتشددين

وف النخبة وحركة وبروز دور اإلصالحيين عادت المرأة بقوة إلى صفالشارع على السواء لتلعب دورا هاما في السياسات اإليرانية برز بشكل كبير في دعم المرأة النتخاب الرئيس اإليراني اإلصالحي محمد خاتمي عام

. وفي دعم فرص فوز اإلصالحيين في مجلس الشورى اإليراني ١٩٩٧

- ٣٩٩ -

هن في تركيا دفاعا عن من األدوار البارزة لحركة النساء المسلمات دورفي هذا اإلطار جاءت مظاهرات . الثقافة والهوية اإلسالمية للمجتمع التركي

اإلسالميات في الثمانينيات والتسعينيات للدفاع عن حقوق طالبات الجامعة والموظفات المحجبات الدخول إلى قاعات الدرس وأماكن العمل في وجه

وقد تصاعدت تلك الحملة . العلمانيةالتمييز المقنن ضدهن من قبل السلطاتإلى ذروة المواجهة إبان أزمة النائبة المحجبة مروة قاوقجي التي طردها

ويمكن القول بأن قضية . النظام من البرلمان وحرمها الجنسية بسبب حجابهاالحجاب قد تجاوزت حدود مدلوالتها المباشرة لتتخذ أبعادا سياسية رمزية

ت رمزا للصراع حول مستقبل تركيا بين مشروع أكثر خطورة حيث أصبحأوروبي علماني ومشروع إسالمي، ولعل هذا ما يفسر الضراوة التي تتعامل بها النخبة العلمانية مع ظاهرة الحجاب باعتبارها عمال موجها ضد شرعية

وقد خاضت اإلسالميات صراعهن في تركيا باستخدام وسائل ،النظام بأسرهظاهر والبرقيات واإلضراب عن الطعام والحمالت اإلعالمية عديدة منها الت

)٥٧(.عبر الكتب والصحافة اإلسالمية تعتري ظاهرة النشاط النسائي البارز في أوساط حركات اإلسالم

مثل : السياسي كذلك العديد من اإلشكاليات بعضها يمثل معضالت جوهريةحيث تكتفي إما بالمبادئ غياب إسهام فكري قوي تستند إليه تلك الحركات

العامة إلنصاف اإلسالم للمرأة أو بالموروث الفقهي التقليدي الذي ال يمكن وفي كل الحاالت حتى تلك النادرة التي . تفسيره بأي حال لصالح المرأة

كنشاط حركة مجاهدي خلق اإليرانية التي تحظى (يظهر فيها منظور تجديدي على الدمج بين إسهامات المفكر اإليراني فيها النساء بمكانة ممتازة تستند

فإن الحركات النسائية اإلسالمية ) علي شريعتي واأليديولوجية الماركسية تبدو معتمدة إلى حد التبعية على ما ينتجه الرجال ، وال تساهم بأدنى دور في

- ٤٠٠ -

-كذلك فإن تلك الحركات تحمل . إنتاج هذه القاعدة التي تتحرك على أساسها كثيرا من الخلط بين ثوابت اإلسالم كدين وشريعة -ها الجماهيريبحكم طابع

. من جانب ومتغيرات الفقه والفكر اإلسالمي من جانب آخر ويالحظ أن بعض الحركات النسائية اإلسالمية تجري موائمات في

كتلك المواءمات التي ؛خطابها السياسي بما يتوافق مع المناخ والبيئة السياسيةحركات النسوية العلمانية؛ من قبيل ذلك استناد خطاب اإلسالميات في تقوم ال

تركيا للدفاع عن حقوقهن إلى أنساق فكرية تتناقض مع منظومتهن الفكرية )٥٨(.مثل العلمانية وما تحتويه من منظومة حقوقية

أخيرا لقد شهدت خبرة النضال السياسي للمرأة المسلمة في الربع األخير عديدة تصاعد فيها التناقض بين التيارات العلمانية واإلسالمية؛ ففي مناسبات

باكستان تصادمت الحركة النسوية العلمانية في الثمانينيات غير مرة مع وجناح الطلبة ، وفي الكويت " جماعة إسالمي"األجنحة النسائية اإلسالمية في

ي التيار تصادمت النساء المطالبات بالحقوق السياسية مع مواطناتهن فاإلسالمي إبان أزمة التمثيل السياسي في الكويت، كما تصادم التياران في المغرب بمناسبة الجدل حول مدونة األحوال الشخصية الجديدة التي اقترحتها حكومة عبد الرحمن اليوسفي في إطار ما يعرف بخطة الدولة لدمج المرأة

حدة إلنجاز توصيات في التنمية والتي تتماهى مع مشروعات األمم المتوأخيرا فقد امتد التناقض إلى داخل التيار اإلسالمي نفسه ممثال . مؤتمر بكين

في التناقض بين ممثالت الجماعات اإلصالحية والمتشددة حول توجه النظام .اإليراني نحو االنفتاح في التسعينيات

:النساء والنزاعات المسلحة في العالم اإلسالميالبارزة خالل الربع األخير من القرن العشرين تفكك العديد من الظواهر

من الدول التي نشأت نتاجا التفاقات ما بعد الحرب العالمية الثانية أو

- ٤٠١ -

ساعد على ذلك التفكك العديد من العوامل . لثورات وحركات التحرر الوطني المحلي أهمها على الصعيد الدولي انهيار نظام القطبية الثنائية، وعلى الصعيد

كانت التعدديات العرقية والدينية والعشائرية والتوترات من أهم العوامل التي وقد ابتلي العالم اإلسالمي بعدد . أدت إلى ارتباط التفكك بحروب أهلية طاحنة

من أخطر وأدمي الصراعات التي تفجرت في العالم خالل العقود الثالثة رقية وباكستان الغربية وما ترتب األخيرة بدءا من الصراع بين باكستان الش

-١٩٧١(عليه من حرب بين الهند وباكستان أسفرت عن نشأة بنجالديش ، وحرب التحرير اإلريترية ضد أثيوبيا ، والصراع المسلح في )١٩٧٢

أوال ضد الغزو السوفيتي ثم الحرب األهلية ( أفغانستان منذ نهاية السبعينيات ما سبق كانت هناك مآس الحرب األهلية إلى جانب، )بين الفرقاء األفغان

اللبنانية،و تفكك االتحاد السوفيتي وما تولد عنه من فرز وحروب عرقية ودينية مثل الحرب بين أرمينيا وأذربيجان والحرب األهلية الطاجيكية

. ، والحرب في الشيشان في مطلع التسعينيات وفي نهايتها )١٩٩٣ -١٩٩٢(إليرانية والغزو العراقي للكويت والحملة كما كانت الحرب العراقية ا

، والحروب ١٩٩١العراقية ضد األكراد في الشمال والشيعة في الجنوب عام األهلية الناشئة عن تفكك الصومال والحرب األهلية المزمنة في جنوب

كان هناك أيضا التفكك . السودان، والصراع المسلح حول الصحراء المغربيةغوسالفي وما ترتب عليه من حرب ومذابح وتطهير العنيف لالتحاد اليو

. ١٩٩٨، ثم في إقليم كوسوفا )١٩٩٦ -١٩٩٢(عرقي في البوسنة والهرسك وأخيرا هناك ) تيمور وأتشية وغيرها( والحركات االنفصالية في إندونيسيا

األزمة المزمنة لالحتالل االستيطاني الصهيوني لفلسطين والتي تعد من .لة االستعمارية أخطر مخلفات المرح

- ٤٠٢ -

من بين األبعاد الكثيرة لتلك الصراعات فإن ما يعنينا في هذا المقام هو اآلثار والعواقب االجتماعية التي تمس صميم حياة المدنيين باعتبارها األوثق

فرغم التأثير المدمر لشتى أنواع النزاعات المسلحة يبقى . صلة بواقع النساءلمنظور هو الحروب األهلية التي تدور رحاها داخل أشدها تدميرا من هذا ا

المدن؛ ففي تلك الحاالت تتخذ الحرب وقودها من المدنيين من النساء واألطفال والمسنين والرجال العزل الذين يتعرضون لعمليات القتل والتدمير والقصف والتهجير القسري والمذابح الجماعية واالغتصاب ؛ وقد شكلت

من الضحايا % ٨٠على سبيل المثال في حرب كوسوفا نسبة النساء واألطفال .)٥٩(

وتعد ظاهرة الالجئين والنازحين قسرا من أكبر المآسي الناجمة عن حيث شهد العالم اإلسالمي نتيجة للنزاعات ، الحروب خاصة الحروب األهلية

السابقة أكبر تحركات الهجرة القسرية والنزوح خالل الفترة محل البحث ، وقد أمكن لمنظمات اإلغاثة الدولية إعادة توطين ماليين الالجئين بعد انتهاء النزاعات إال أن أعدادا كبيرة من الالجئين ال تزال متمركزة في العديد من أنحاء العالم اإلسالمي فعلى األراضي اإليرانية يوجد أكبر عدد من الالجئين

مهم من الجئي أفغانستان ، مليون معظ١,٨في العالم يزيد في مجموعه على مليونا من الالجئين األفغان، ويستقبل ١,٢وتستوعب باكستان بدورها

ألف من إريتريا وأثيوبيا كما يصدر نحو نصف مليون ٤٠٠السودان نحو الجئ ١٦٥إلى الدول المجاورة نتيجة حربه األهلية، وتستقبل الجزائر نحو

جئين من مخلفات الحروب صحراوي، كما يوجد عشرات اآلالف من الالاألهلية في أذربيجان وإندونيسيا والجمهوريات اليوغوسالفية بينما يشكل

مركزين في مليون٣,٦الالجئون الفلسطينيون أكبر الجئي العالم تعدادا منهم تشكل النساء نسبة )٦٠(.األردن وسوريا ولبنان وغزة والضفة الغربية

- ٤٠٣ -

من الجئي شمال % ٥٠جئين إذ يمثلن النصف أو يزيد من سكان مخيمات الالمن الجئي وسط % ٥٣من الجئي أفريقيا جنوب الصحراء، و% ٥١أفريقيا و

تعيش نساء وسكان )٦١(.من الجئي غرب آسيا% ٤٦آسيا وشرق أوروبا وتلك المخيمات أحد المآسي الكبرى في عالمنا اإلسالمي المعاصر حيث تفتقر

إلى الحدود -ظمات اإلغاثة الدوليةورغم جهود من-حياة المخيمات غالبا الدنيا المالئمة للحياة اإلنسانية من حيث التكدس وغياب المرافق والخدمات األساسية ، كما أضحت بعض تلك المخيمات مرتعا للجريمة المنظمة والعنف

)٦٢(ممثال في مافيا الدعارة والمخدرات وسيطرة الجماعات المسلحة تعرضت لها النساء بشكل جماعي نتيجة الحروب ومن أبشع المحن التي

األهلية وعمليات التطهير العرقي التي واكبت تفكك بلدان شرق أوروبا جرائم االغتصاب المنظم التي استخدمها الصرب خالل حرب البوسنة والهرسك

فقد وظف الصرب جريمة االغتصاب كأداة من أدوات القهر . وكوسوفا ويع ضد خصومهم من مسلمي البوسنة والهرسك اإلنساني واإلذالل والتر

ورغم عدم وجود إحصاء حول الحجم الحقيقي لمأساة . وألبان كوسوفااالغتصاب بسبب امتناع النساء المسلمات عن الكشف عما تعرضن له إال أن

.المعتقد أن أعداد المغتصبات ليست على أي حال باألعداد القليلةاندلعت في الفترة المذكورة تحتل الحالة بين النزاعات المسلحة التي

األفغانية وضعية خاصة فريدة تستدعي االهتمام ألسباب عدة منها أوال أن هذه الحالة ال تعكس استضعاف المرأة كوضعية طارئة مرتبطة بحالة الحرب وإنما تتبنى استضعاف النساء كسياسة مقننة تشمل كافة جوانب حياة النساء

تمثل ذلك في المراسيم . لصحة والعمل والمكانة االجتماعيةمن التعليم إلى ا ١٩٩٧الحكومية التي أصدرتها جبهة طالبان بعد استيالئها على الحكم عام

وحظر عملهن بفصل اآلالف ،بإلغاء تعليم النساء في جميع مراحل التعليم

- ٤٠٤ -

من ومنع المرأة ، ومنع النساء من تلقي العالج على يد األطباء الذكور،منهن وفرض الحجاب في أقسى ،الخروج في الشارع إال بصحبة محرم من ذويها ثانيا أن استضعاف النساء ،صوره ممثال في البرقع الذي يغطي المرأة تماما

يتم في إطار تأصيل نظري وأيديولوجي يزعم ارتكازه على قواعد اإلسالم . . ي قبل خصومهمما يشكل تحديا لدعاة النهضة والتجديد في الفكر اإلسالم

لقد فرضت حكومة طالبان مراسيمها تحت شعار اإلسالم وإعمال الشريعة قاصدة الموروث الفقهي التقليدي الذي حمل قراءة السلف قبل عشرة عقود أو يزيد للشرع على ضوء ظرفهن التاريخي ثم ورثه العالم اإلسالمي من

قق مطلقا على أرض بعثت طالبان هذا النموذج الذي لم يتح. عصور التقليدالواقع حتى في عصور صدر اإلسالم مدعية العودة لإلسالم الحق النقي وضاربة عرض الحائط بكل الجهود الرامية إلعادة فتح أبواب االجتهاد

.والتجديد في فقه الشرع على ضوء التغيرات الجذرية في الواقع الهامة اد الرمزيةاألبع وأخيرا تكتسب الحالة األفغانية أهميتها كذلك من

لقد عادت المرأة األفغانية إلى نفس النقطة التي بدأت ... التي تنطوي عليهامنها في مطلع القرن أسيرة الحجاب بمعناه قبل مائة عام؛ العزل الكامل عن الحياة العامة التي هي عالم الرجال فقط سواء بالحبس في البيوت وإلزامهن

لعشرين يأبى أن يطوي دفاتره دون أن يترك وكأن القرن ا،بارتداء البرقع أشار درس )ربما أهم دروسه على اإلطالق( لنساء العالم اإلسالمي دروسه هشاشة وضع المرأة الفعلي ومكتسباتها أولهما: طالبان إلى حقيقتين هامتين

التي تحققت على طول القرن في ظل سطوة الدولة وغياب استقالل المجتمع أن الخطر الحقيقي الذي يواجه المرأة يكمن معادلة العالقة يالثان و،المدني

الراهنة بين المرأة من جانب وأقطاب أربعة هي الدولة واألعراف بغير حل تلك المعادلة . االجتماعية والغرب الحضاري والسياسي واإلسالم

- ٤٠٥ -

وتحديد عالقة جديدة بناءة على أسس خالقة بين طرفيها سيبقي وضع المرأة .زا ومكتسباتها عرضة للضياع مهزو

الفرص والمحددات: المرأة المسلمة بين قرنين .. رؤية تحليلية -٢

إذ تقف األمة والمرأة على عتبة مئوية وألفية جديدة فإن القيمة الحقيقية الستعراض مراحل واتجاهات التطور خالل القرن الماضي تتجاوز حدود

نجاح والفشل بما يعين على توجيه الرصد إلى تحليل عناصر ومقومات اليكشف االقتراب التحليلي لتجربة المرأة المسلمة . الحركة في المرحلة القادمة

عبر القرن العشرين عن وجود أربع قوى أساسية أثرت في تطور المرأة الدولة، السياق االجتماعي الثقافي، الغرب، : منفردة أو متفاعلة معا هي

يز تلك الفعاليات كونها ذات تأثير مزدوج يحمل كل لعل أهم ما يم. اإلسالمويتوقف احتمال الفرصة أو . منها مزيجا من الفرص والقيود بالنسبة للمرأة

التهديد على شروط بعينها بما يعني أهمية اإلحاطة بالشروط التي تعظم الفرص الناتجة عن تفاعل المرأة مع المحددات األربعة وتقلص عناصر

ها لتصويب حركة المرأة في المئوية الجديدة وهذا ما يعرفه البعض التهديد في .بالقراءة الفاعلة

غير أن تحديد آفاق حركة المرأة في القرن الجديد ال يتطلب فحص عناصر التطور وشروطها فحسب بل يقتضي كذلك اعتبار البيئة العامة التي تحتضن

يطة بتطور المرأة هي ولعل أهم سمات البيئة المح. ذلك التطور وتؤطرهالطابع االنتقالي التحولي الذي يغمر العالم اإلسالمي بمؤسساته وكياناته . ويضفي عليه سيولة كبيرة يصعب معها الحديث عن مراكز ومواقع ثابتة

يترتب على تلك السمة العديد من النتائج منها أن الحديث عن عالقة المرأة تنفه مصاعب جمة في ظل الحركة بالقوى والمحددات األربعة السابقة تك

- ٤٠٦ -

الدائبة والصراع بين مختلف القوى الفاعلة نحو تشكيل نظام جديد لم تتبلور .وال شك أن تلك السمة تضفي صعوبة إضافية على التحليل. مالمحه بعد

المرأة والدولة -أوال اقترن ظهور قضية المرأة على صعيدي الدعوة والحركة ببزوغ وتطور

القطرية في دار اإلسالم على أنقاض دولة الخالفة مما / م الدولة القوميةمفهووإذا كان ". الوطنية"و" نهضة المرأة"أوجد صلة عضوية وزمنية بين مفهومي

ال يمكن على وجه اليقين القول بوجود عالقة سببية بين ظهور الوعي ة ، إال أنه الوطني ونمو الوعي النسوي بحقوق ومكانة جديدة ومتساوية للمرأ

يظل من المؤكد أن دعوة نهضة المرأة تدين بجزء كبير من معناها لمفهوم المواطنة المستحدث ليحل محل مفهوم الرعوية الذي ساد طويال في ظل نظام السلطنة؛ فالمواطنة بما تفترضه من تسوية في مراكز كافة مواطني الدولة

كبيرا من آفاق ما يسمى دون تفرقة بسبب الجنس أو الدين قد حددت جزءا وقد لعب الوطنيون الحداثيون الجدد ومدرستهم دورا ،بحركة نهضة المرأة

هاما في تحريك قضية المرأة باعتبارها جزءا هاما من منظومة الوطن ومن جانبها فقد شاركت المرأة في دفع استحقاقات هذا . والوطنية الجديدة

امة في العديد من العمليات الرامية إلى االرتباط من خالل اإلسهام بأدوار ه .مثل الحركات الوطنية والدستورية" الدولة الوطنية" بلورة الكيان الجديد بين الدعوتين والحركتين إال أن العالقة بين " التعاضدية" برغم تلك النشأة

قضية المرأة وبين الدولة لم تمض على وتيرة واحدة بل اتسمت بجدلية الفكرة /فبعد أن تجسدت الدولة. معادالتها عبر مراحل عدةخصبة وتغيرت

في صيغة مؤسسية واضحة أضحى العنصر المهيمن في تحديد توجهاتها لقد . بالنسبة لمختلف القضايا ومنها قضية المرأة مرتبطا بعقيدة النخبة الحاكمة

على-خالل تلك المرحلة-تبنت كثير من النخب الحاكمة في العالم اإلسالمي

- ٤٠٧ -

سلطوية –اختالف توجهاتها االجتماعية وموقفها من الدين عقيدة تحديثية تقوم على السعي إلنجاز تحديث سريع وشامل في المجتمع واالقتصاد نحو

واعتمدت تلك النخب كأداة . نموذج مرجعي يتمثل في المجتمعات الغربيةركزي أساسية للتحديث سلطة الدولة وأدواتها مثل القانون والتخطيط الم

. وتأميم الموارد والتوجيه المركزي للمخصصات واستخدام األدوات القمعيةالتمكين " لقد تم في تلك المرحلة تأميم قضية المرأة وتبنت الدولة سياسة

والعمل على تغيير واقع المرأة المسلمة نحو نموذج غربي حداثي " المحكومبيد أن . حديث المجتمعباعتبار تغيير النموذج التقليدي للمرأة جزءا من ت

الدولة استغلت المرأة كذلك كأداة لتغيير النظامين االجتماعي واالقتصادي وعليه فقد تحدد إطار . وضرب الفعاليات ومراكز القوى التقليدية المنافسة

وسقف سياسيات التمكين المتبعة على ضوء إحداثيات العالقة بين الدولة المرأة ( ولعل هذا الوضع . ن الجانبين والقوى االجتماعية ودرجة الصراع بي

هو الذي يفسر التقلبات والترددات التي منيت بها قضية المرأة ) كأداة للصراع .حسب معادالت الصراع والتحالف بين الدولة والقوى االجتماعية القائمة

تغيرت العالقة بين المرأة والدولة في مرحلة تالية ؛ ففي ظل الوهن الذي ) والعالم بصفة عامة( وع الدولة القطرية في العالم اإلسالمي مني به مشر

نتيجة عجز المشروع التحديثي السلطوي للدولة عن تحقيق أهدافه بإجراء تحديث وتنمية شاملة في المجتمع تعاظمت أدوار قوى داخلية وخارجية

وفي ظل معادلة التفاعل الجديدة أصبحت من جديد قضية المرأة أداة . منافسةصراع بين مشروعات مختلفة لصياغة المجتمع بما في ذلك المشروعات لل

هكذا انضم إلى مشروع الدولة بشأن المرأة . المناهضة لسيادة الدولة القوميةوقد . غربي / ومشروع عولمي،سلفي/مشروع إسالمي: مشروعان متناقضان

رق الذي نراه عند مفت-فرض ذلك التعدد والتناقض بين المشروعات الثالثة

- ٤٠٨ -

قدرا هائال من الفوضى والصراع والضبابية بشأن -االنتقال بين المئويتين .واقع ومستقبل المرأة

العالقة بين المرأة في العالم اإلسالمي من منظور مستقبل قضية المرأة إن

: تثير العديد من األفكار والتساؤالت التي يتعين تدبرهاوالدولةقضية العالقة بين المرأة والدولة القومية في تحتاج على الصعيد الفكري -أ

ويمكن القول ونحن على . العصر الحديث إلى مراجعة نقدية جادة ومتعمقةمشارف قرن جديد بوجود مدرستين فكريتين في تقويم هذا الدور ؛ المدرسة األولى هي مدرسة ناقدة لفكر التحديث تتبنى اقترابا تاريخيا، وتنطلق هذه

ي تضم نخبة ال بأس بها من الدارسين ذوي األصول العربية المدرسة التواإلسالمية من الجامعات الغربية خاصة األمريكية متأثرة بالمراجعات

ترى هذه المدرسة أن المقولة السائدة حول الدور . الفكرية لمفهوم الحداثةالتاريخي الذي لعبته الدولة في العالم اإلسالمي في تمكين المرأة والقضاء

في الثقافة اإلسالمية واألعراف الشرقية " المتوطنة " على عناصر استضعافها يثبت أنصار هذا . هي مقولة مغلوطة أو تحتاج على األقل إلى مراجعة

االتجاه آراءهم بتحليل الوثائق التاريخية والشخصية التي تكشف عن التطور ور قوانين الواقعي للمرأة ودورها ووضعها في المجتمع ؛ مثل تحليل تط

. الخ.. ووثائق األوقاف ، وقضايا األحوال الشخصية، ووثائق المحاكم،األسرةانتهت تلك الدراسات إلى مالحظة أن نمو الدولة التحديثية وسياساتها لم يقترن

وإنما في كثير من األحيان أدى -أو كل النساء–بالضرورة بتمكين النساء فالدولة في إطار إصالحاتها . لإلى استضعاف فئات واسعة منهن على األق

القانونية التي تجسدت في وضع قانون موحد ملزم قضت في واقع األمر على مزايا كبيرة وفرتها الشريعة اإلسالمية للمرأة وقلصت الخيارات المتعددة التي كانت متاحة أمامها في ظل تعدد المذاهب والمحاكم الشرعية ومرونة

- ٤٠٩ -

كما قيدت إرادة المرأة ودورها في صياغة قواعد . النظم القانونية المطبقة مؤسسة الزواج والتي كانت متاحة في صيغة عقد الزواج المشروط الذي سار

لقد )٦٣(.العمل عليه في مناطق إسالمية عديدة مما أضر كثيرا بوضع المرأةعمدت الدولة إلى إقحام نفسها كطرف أساسي في العالقة األسرية وفرض

ن العالقات من خالل قوانينها تستوي في ذلك النظم المعاصرة أنماط معينة مفالنظم . ذات التوجهات العلمانية الخالصة والمختلطة واإلسالمية على السواء

التي أبقت على الشرع كمصدر وحيد لقوانين األسرة لديها انتقت مذهبا معينا ته على وفرض) الحنفي أو المالكي أو الوهابي(ليكون مصدرا للتشريع

وعلى ، كما استغلت هذا المذهب لبسط هيمنتها على الجنسين،رعاياهاأما النظم العلمانية . العالقات األسرية بإقامة نظام يقوم على وصاية الدولة

التي استبعدت الشريعة تماما واستلهمت قوانين مستمدة من الغرب فإنها في قا ذكوريا أبويا بنسق ذكوري واقع األمر لم تحرر المرأة تماما بل استبدلت نس

آخر مستمد من حضارة أخرى تتمتع فيه الدولة بدور الحكم النهائي في العالقة الزوجية ؛ ويمثل نموذج قانون األسرة التركي المقتبس من القانون

وبين هذين النمطين لم تختلف وضعية النظم المختلطة )٦٤(.السويسري ذلكواعد شرعية منتقاة ومقتطعة من سياقها حيث قامت الدولة بالتلفيق بين ق

وأخرى وضعية مستمدة من القوانين الغربية منتجة نظاما قانونيا جديدا يعضد لقد أفرزت تلك القوانين تعقيدات شديدة . من هيمنة الدولة على المرأة واألسرة

ومشاكل أكثر خطورة للمرأة واألسرة ليس أقلها اضطراب المفاهيم واألحكام وتراكم آالف القضايا ومعها ) ٦٥(عية بما يعطل تحقيق مفهوم العدالة ،التشري

مصائر آالف األسر أمام المحاكم التي تمثل سلطة ووصاية الدولة في تحديد )٦٦(.مصير األسرة وعالقاتها، إلى جانب ظهور مشكالت اجتماعية مستحدثة

- ٤١٠ -

الحات القانونية ولم تقتصر اآلثار الجانبية التي عانتها النساء على اإلصللدولة بل تشمل جوانب أخرى من سياسات التحديث بالجملة منها على سبيل

تشير تلك الدراسات على اآلثار السلبية إلدخال . المثال التحديث االقتصادي ودمج االقتصاديات المحلية باالقتصاد ،نظم الملكية في األرض الزراعية

على حساب السلع المحلية وتحول وتشجيع استيراد السلع األجنبية،العالمياالقتصاد الزراعي التقليدي إلى اقتصاد نقدي مما أدي إلى تهميش قطاعات

اقتصاديا في الريف والمدن استبعدتهم وأضرت ،واسعة من النساء الناشطات )٦٧(.بهم تلك السياسات التحديثية

االتجاه نخبة وينتمي لهذا. االتجاه الفكري الثاني اتجاه تنموي ال تاريخيأهم . كبيرة من الناشطات والباحثات والباحثين الوطنيين العاملين في المنطقة

ما يميز هذا االتجاه هو تمسكه بالعناصر األساسية لنظرية التحديث وبدور وبرغم المعاناة البادية . الدولة في إحداث التحول الشامل للمرأة والمجتمع

في واقع المرأة واألسرة فإننا كثيرا ما إلفراط الدولة في التدخل والهيمنةنستمع إلى دعوات نحو مزيد من التدخل ليس فقط لتغيير األوضاع

وبرغم تناقض هاتين . االجتماعية بل ولتغيير النسق الثقافي والقيمي ذاتهالمدرستين تبقى الحاجة لدراسة هذا الموضوع وتقييمه بشكل موضوعي

.مستمرة( كشف تقويم السياسات العامة المتبعة إزاء النساء يعلى الصعيد الحركي -ب

ومقارنتها بمحصلة التطور خالل القرن الماضي عن وجود ) سياسات التمكينخلل يستوجب اإلصالح والعالج في صيغة العالقة بين المرأة والدولة على

فبرغم حاجة النساء في العالم اإلسالمي إلى استمرار . وجه الضرورةالتمكين على مختلف األصعدة إال أن تلك السياسات تواجه سياسات الدعم و

يالحظ أن جانب أولمن . تحديات متزايدة تجعل االرتكان إليها غير كاف

- ٤١١ -

سياسات التمكين تلبي في عناصرها الكيفية والكمية في المقام األول أهداف الدولة ومصالح النظام السياسي وليست مصاغة بما يوافق أولويات النساء

فهي أكثر تأثرا بأهواء وتوجهات النخب والضغوط الداخلية . احتياجاتهن ووالخارجية منها باحتياجات وواقع النساء ؛ وهذا ما جعل تلك السياسات في

قليلة المردود تحدث من التشويه قدر ما " سيئة"كثير من األحيان سياسات مقارنة بين ما نشير على سبيل المثال ال الحصر إلى ال. تحدث من التطوير

بذلته الدولة من موارد في مجال تنظيم األسرة الذي يخدم أهدافها في الحد من الزيادة السكانية وبين التجاهل واإلحجام إزاء مشكالت ماليين النساء بال عائل ألسباب هجرة الزوج أو الوفاة أو عدم حسم قضايا النفقة والطالق ،

م اإلسالمي تشير إلى خلل هام هو أن وهذه المشكلة الشائعة على طول العالما حازته الدولة الحديثة من سلطات في حياة األسرة وتشكيلها وتحديد مصيرها لم يقابله ما يناسبه من المسئولية والكلفة المناسبة لممارسة تلك

.السلطة تفتقر سياسات دعم وتمكين النساء إلى الغطاء الشرعي : من جانب ثان

سواء من حيث المشروعية القانونية أو الشرعية ( رها الالزم الستمرالذلك فكثيرا ما تتعرض تلك السياسات النتكاسات كبيرة بمجرد ). االجتماعية

أن يفتر حماس الدولة أو قوتها في إعمالها؛ فعلى الجانب القانوني مثال الحظ أن سياسات التمكين وإن ارتكزت إلى مشروعية أخالقية وسياسية ي

ل في واجب الدولة في تقديم دعم إضافي واستثنائي للفئات والجماعات تتمثالمستضعفة إال أنها تفتقر إلى سند دستوري وقانوني، بل تتناقض مع مبادئ المشروعية القانونية التي تقوم في النظم التحديثية على المساواة أمام القانون

ر المناهضة لتلك وقد استغلت العناص. وحياد الدولة الواردة في الدستورالسياسات المبادئ الدستورية في تقليص مكاسب المرأة أو تعويق الحصول

- ٤١٢ -

على حقوقها ؛ يذكر على سبيل المثال ال الحصر إلغاء النص على تخصيص ثالثين مقعدا للنساء في مجلس الشعب بمصر بناء على حكم المحكمة

ن إلسقاط المرسوم الدستورية، وتضامن الليبراليين الكويتيين مع المحافظياألميري بمنح المرأة الكويتية حقوق التصويت والترشيح بدعوى تعارضه

. مع شرط الضرورة الوارد في الدستور فإن االرتكان إلى سياسات الدعم والتمكين خاصة في من جانب ثالث

ظل نظم سياسية ذات طبيعة سلطوية قد أدى لتكريس التواكل والتبعية لدى يث اعتادت الجماعات النسائية الناشطة لسنوات طويلة االكتفاء برفع النساء ح

أصواتها ألولي األمر بالشكوى وانتظار منح الدولة وعطاياها للمرأة دون كذلك فإن استمرار االعتماد الكامل على . القيام بدور حقيقي فاعل في المجتمع

ا عرضة للتهديد كرم الدولة يفقد مكتسبات المرأة مقومات االستدامة ويجعلهحال تغير النخب الحاكمة وتوجهاتها إزاء المرأة بل تصبح عرضة لالنتكاس

.الكامل كما حدث في أفغانستان في ظل حكم طالبان تطرح الظواهر السابقة ضرورة إحداث تطويرات هامة في الحركة

ضرورة العملأولهاالسياسية للمرأة المسلمة وطبيعة عالقتها مع الدولة؛ على الحد من عالقة التبعية بين قضية المرأة والدولة عن طريق تنشيط الجانب االجتماعي والثقافي لحركة المرأة والعمل على كسب تأييد ومناصرة المجتمع لمطالبها عودة إلى التقاليد التي بدأت منها حركة نهضة المرأة في

هن بتخلي النساء عن إن استدامة مكاسب المرأة رثانيا. مطلع القرن العشرين واتخاذ موقف المتلقي للمنح إلى ،عزلتهن وسلبيتهن إزاء المؤسسات الحاكمة

السعي للتأثير على القرار من خالل االندماج في بنية السلطة ومؤسسات والواقع أن إثارة . صنع القرار عبر آليات عامة ورسمية غير مطعون بها

والسلطة تطرح على الفور قضية قضية التمثيل االجتماعي لمؤسسات الدولة

- ٤١٣ -

ارتباط مصالح المرأة بحركة اإلصالح الديمقراطي في المجتمعات اإلسالمية وتفكيك الطابع السلطوي التاريخي لبنية السلطة ويصبح هذا هو التحالف الحقيقي األبعد أفقا الذي يتعين على النساء إقامته على النحو الذي أبرزته

.ت بنجاح في نهاية القرنتجربة النساء اإليرانياوالخالصة أن تطوير واقع المرأة في العالم اإلسالمي والحفاظ على

هي قدرتها على تطوير معادلة : مكتسباتها يظل رهينا بثالث خطوات هامة

العالقة مع الدولة من التبعية إلى التأثير المتبادل ، ثم بمدى جهدها في

ي بنية الدولة السلطوية القائمة في المشاركة في إحداث التطور التاريخي فالعالم اإلسالمي نحو بنية ديمقراطية معبرة عن المجتمع وهو الضمان البعيد

،األمد لتطور النساء بوصفهن أحد القوى األساسية في المجتمع المدني

وأخيرا بقدرة النساء الذاتية على تجاوز تراث السلبية والتواكل الذي ترسخ

ر من نصف قرن نحو استعادة تقاليد النضال والحركة لديهن على مدى أكث

.اإليجابية الفاعلة والمستقلة في المجتمعفي إطار التحوالت . اإلقليمي/المرأة وإعادة تشكيل النظام اإلسالمي

التاريخية التي يمر بها النظام الدولي حاليا من صيغة الدولة ذات السيادة إلى الحضارية الكبرى يظهر دور المرأة –صادية االقت-صيغة الكيانات السياسية

المسلمة في نسج ورتق العالقات الثقافية واالجتماعية المبتورة بين المجتمعات اإلسالمية المنعزلة وبعضها البعض نحو بعث الحياة في الكيان الحضاري . اإلسالمي كأحد الكيانات المرشحة للنمو في عالم القرن الحادي والعشرين

اء كقوة ناشطة في العالم اإلسالمي قدرة على التأثير على البعد تمتلك النساالجتماعي إلحياء مفهوم األمة اإلسالمية مع تطويره في نفس الوقت على

أو عصمة األمة في مواجهة النموذج " سيادة األمة"أسس جديدة تقوم على تراك لقد كشفت الدراسة عن اش. المنحل قبل قرن والقائم على استبداد اإلمام

- ٤١٤ -

نساء العالم اإلسالمي في الكثير من الهموم والمشكالت إلى جانب اشتراكهن ومن ثم فإن التواصل األفقي بين نساء العالم . في كثير من التطلعات

اإلسالمي وفعالياتهن هو أحد أنشطة المهمة للتطور على الصعيدين النوعي –ة للضغط والتأثير فعلى الصعيد النوعي يحقق هذا التواصل قوة ذاتي. والعام

interest aggregationفي إطار تجميع المصالح والتعبير عن المصالح

and articulation– توجد بديال ذاتيا وحضاريا عن االستعانة بالقوى الخارجية للتأثير على الدولة لصالح المرأة على النحو الذي تقوم به الحركات

شمل فإن نسج عرى التواصل بين من جانب أ. العلمانية في الوقت الراهننساء العالم اإلسالمي سيعد أحد مقومات تفعيل وإحياء مفهوم األمة اإلسالمية سواء عبر خلق الوعي من خالل وظيفة النساء االجتماعية في التنشئة وبث

قطرية -القيم أو من خالل العمل المؤسسي والنظامي لخلق أنشطة عبر .لتكوين االجتماعي لألمة وهن النساءتربط عناصر أساسية في لحمة ا

الثقافي– السياق االجتماعي -ثانيا ينصرف هذا البعد إلى نظام توزيع القيم داخل النسقين االجتماعي

وقد درجت أغلب الكتابات النسوية على وصف تلك البناءات ،والثقافي خية على بالطابع الذكوري والتأكيد على كونها وليدة هيمنة الرجل التاري

والواقع أن البناءات . وتعبيرا خالصا عن مصالحه،الواقع الثقافي واالجتماعياالجتماعية الثقافية وإن كانت ذكورية في خصائصها ونمط توزيع مخرجاتها القيمية إال أنها لم تكن كذلك في عمليات تشكيلها أو ما تولد عنها من مصالح

كبيرة في تشكيل ذلك النمط والمحافظة لقد أسهمت النساء مساهمة. تاريخية عليه من خالل عمليات التنشئة وإعادة بث القيم التي تحملت النساء مسئوليتها

وتعبر مادة ومحتوى التراث الشفاهي الذي نقلته . على مدى التاريخ اإلنسانيالنساء في كثير من األمم تعبيرا خالصا عن تأكيد وإعادة إنتاج القيم

- ٤١٥ -

يمكن تفسير ذلك بالمصالح التي جنتها النساء على مدى ربما. الذكوريةالتاريخ من ذلك الوضع وعلى رأسها توفير الحماية واألمان االجتماعي الذي يضمن وضعهن األثير داخل األسرة من خالل خلق المحفزات التحريضية والمزايا التي تدفع الرجل إلى القيام بأدوار القتال والكفاح المرير من أجل

لقد جاء العصر الحديث مصحوبا بخلل في معادالت المصالح . ة العيشلقمالمتبادلة، ونمط تخصيص الوظائف والقدرات نتيجة متغيرات كثيرة من بينها؛ تأسيس مفهوم الحماية المدنية من خالل مؤسسات الدولة وانخفاض فارق

الخ ..ة باآللةالقدرات بين النساء والرجال نتيجة للتعليم واستبدال القوة العضليمما أحدث انكسارا تاريخيا في األفكار والقيم المترسخة حول المرأة والرجل

غير أن المشكل الحقيقي يكمن في صعوبة تغيير أنماط . والعالقات بينهما.. القيم وقواعد المؤسسات االجتماعية التي تحتاج إلى عقود طويلة لتغييرها

ن و التي بلورها لنا القرن العشروهذه هي إحدى المعضالت والدروس الكبرى .لكنه لم ينتج لها حال

ورثت نساء العالم اإلسالمي في القرن العشرين دون شك سياقا اجتماعيا وثقافيا ضاغطا يضع قيودا شديدة على حركة المرأة خارج وداخل إطار

واتسم وضعها التقليدي والعرفي في الكثير من مناطق العالم ،المنزلالتي " القيمة" الذي تقوم به وانخفاض " الدور"سالمي بالمفارقة بين ثقل اإل

يحظى بها هذا الدور في منظومة القيم االجتماعية؛ فبينما حملت النساء أعباء جمعت فيها النساء بين العمل المنزلي – خاصة في المناطق الريفية –شاقة

لقيام بأدوار إنتاجية داخل الشاق رعاية األبناء والزوج واألقارب كبار السن واوخارج المنزل ، اتسمت النظرة لها بالدونية وعدم الثقة في قدراتها على اتخاذ القرار وحرمانها من اتخاذ القرارات ليس فقط فيما يخص أسرتها بل فيما يخص صميم مصيرها كاختيار الزوج، ومنح حق تقرير مصيرها

- ٤١٦ -

مة أشكال عديدة من التمييز للذكور من أسرتها ومورست إزائها بصفة عالصالح الذكور مثل حرمانها من ملكية األرض، وعدم تخصيص دخل لها نظير دورها في العملية اإلنتاجية، وارتبطت قيمتها في األسرة بدورها في

ولكن مما ال شك فيه أن تلك الصورة لم تكن . اإلنجاب خاصة إنجاب الذكور فقد عرفت بعض مناطق العالم بتلك الصالبة والقتامة في كل األحوال

مثل تمتع المرأة في بعض القبائل األفريقية ،اإلسالمي استثناءات هنا وهناك بقدر من حرية الحركة نتيجة عدم التمييز بين المجالين العام -تاريخيا–

والخاص،أو ارتفاع قيمة النساء في بعض الظروف مثل القبائل البدوية في )٦٨(.زها ارتفاع المهور شرق وجنوب شرق األناضول عز

ارتبط تدني وضع المرأة في مناطق العالم اإلسالمي بسيادة نمط التنظيم االجتماعي القبلي واإلقطاعي الذي يقوم على العرف في مساحات واسعة وهو نمط يتسم بالتشدد والجمود الذي يتخذ أحيانا صيغا شديدة الوطأة مثل قبائل

د الشمالية الغربية في باكستان حيث تحرم النساء البلوشستان وإقليم الحدو ألسرة -كما تنقل ملكيتهن-تماما من الخروج إال عند الزواج حين ينقلن

وقبيلة الزوج نهائيا دون رجوع حتى في حاالت الطالق أو الترمل ، ويحظر عليهن الحديث مطلقا إلى الذكور حتى األقارب من جهة األم وتودي مخالفة

ويعزز جمود هذا النمط امتزاجه أحيانا بتنظيمات )٦٩(،عراف بحياتهنتلك األاجتماعية معينة مثل األسرة الممتدة والتقسيمات الطبقية والفئوية الجامدة الذي تقوم على الفصل بين شرائح المجتمع كما هو الحال في شبه الجزيرة

.الهندية ي بسطوة هائلة تعززت لقد تمتعت أنماط التنظيم العشائري واإلقطاع

بسلسلة من العمليات التاريخية المساندة لعل أخطرها على وجه اإلطالق التأثير على عملية تفسير الدين والنصوص الدينية وتطبيقاتها بما يدعم من

- ٤١٧ -

بل لقد بلغت من . )٧٠(أركان هذا النسق ويضمن استمراريته والحفاظ عليها لبعض قواعد الدين المستقرة سطوة األعراف االجتماعية تجميدها أحيان

لصالح أعراف مناهضة لها؛ ومن أبرز تلك النماذج شيوعا ظاهرة حرمان النساء من الحصول على أنصبتهن الشرعية في ميراث األرض حفاظا على الملكية العامة للقبيلة وهي ظاهرة شائعة في كافة أرجاء العالم اإلسالمي بدءا

إيران وحتى األردن وصعيد مصر والمناطق ريف الهند وباكستان ووسط ب ومن أمثلة ذلك أيضا الخلط التاريخي بين عادة ،اإلسالمية في غرب أفريقيا

الختان الفرعوني الوثنية المنتشرة في أفريقيا وبين السنة النبوية، وكذلك حرمان النساء في بعض المناطق الريفية بالهند وباكستان من حقهن في

ار بعض األعراف الوثنية بين المسلمين هناك مثل دفع المهور بل واستمر )٧١(.الدوطة

لقد استوعب تفكيك هذا النسق جل الجهد الذي قام به أنصار تحرير وواجهت . المرأة وإنصافها بدءا من األفراد والجماعات وانتهاء بالدولة نفسهاعية التقليدية هذه الجهود مقاومة شرسة تراوحت ما بين تجاهل القوى االجتما

النافذة سياسات التمكين التشريعية واالقتصادية واالجتماعية التي تبنتها الدولة بشأن المرأة بما يعني عمال تصفية آثارها في مناطق شاسعة تكاد تختفي فيها

، وبين شن حرب شعواء على تلك )٧٢(سطوة الدولة و هي المناطق الريفيةلقوى القبلية والسلفية في الكويت ضد منح السياسات كتلك التي بدأها تحالف ا

.النساء حقوقهن السياسية في السنوات األخيرة من القرن ويمكن القول أن القرن العشرين قد انتهى بمزيج من النجاح واإلخفاق في الجهود الرامية إلى إعادة تشكيل األنساق االجتماعية الثقافية على نحو

ع الفضل األكبر في تفكيك أجزاء هامة من تلك ويرج،أكثر إنصافا للمرأة البنى إلى قوى وعناصر التغيير التي أطلقتها عملية التحديث خاصة على

- ٤١٨ -

صعيد نشر التعليم وسياسة التصنيع وتعميم وسائل اإلعالم الجماهيري لقد فجرت . والمعدالت العالية للتحضر وتحديث وميكنة الزراعة في الريف

اجتماعية وثقافية هائلة ارتبطت بما هو معروف بعملية تلك التحوالت آثاراالتي تحمل في جوهرها معنى إحالل أنماط ثقافية محل " التعبئة االجتماعية"

) كاألسر الممتدة(أنماط ثقافية أخرى وتفكيك أنساق معتادة للتنظيم االجتماعي تصيب لكن هذه العملية تبقى رغم ذلك عمليات جزئية. لصالح أنساق بديلة

( دون غيرهم ) سكان الحضر والريف المتحضر( قطاعات بعينها من السكان يختلف تأثيرها ( كما يتفاوت أثرها حسب محددات جغرافية ) سكان القبائل

أو عمرية أو ) لدى سكان المدن الكبيرة عنه لدى سكان المدن الصغيرة ل الزواج استمرار قوة الممارسات العرفية في مجا( طبقية أو موضوعية

).وبناء األسر بشكل يفوق بمراحل سائر المجاالت وال شك أن القرن العشرين سيحمل معه دفعات أكبر من آليات النحر في النظام القديم وتشكيالته االجتماعية والعرفية بفعل تنامي التأثيرات

لكن هذه العملية ستظل عشوائية . االقتصادية والمعرفية الخاصة بالعولمة من منظور -وربما تحمل معها مخاطر االنتكاس–ألثر ومحدودة القيمة ا

لتنمية أنماط اجتماعية أكثر واعيةإنصاف المرأة ما لم يرافقها عملية أخرى والواقع أن هناك اختالفات كبيرة . إنصافا وثقافة بديلة أكثر عدال للمرأة

ي المرأة بأهداف بوعتفرض نفسها حاليا على الساحة اإلسالمية فيما يتعلق

لها ؛ تتركز قضية الوعي وثقافة ومتطلبات التطوير االجتماعي والثقافي وهي المدرسة التغريبية المساواة المطلقةالتطوير بين مدرستين؛ هما مدرسة

في إطار منظومة الحقوق اإلسالمية وهي مدرسة اإلنصافوبين مدرسة ق في إطار ما تضمنته كتب تنقسم بدورها ما بين اتجاه تقليدي يعرف الحقو

الفقه الموروثة منذ قرون وبين إطار إصالحي ينبه إلى الحاجة إلعادة تفسير

- ٤١٩ -

فقه منظومة الحقوق الشرعية على أسس جديدة ويرى في ذلك وعدا مبشرا يتداخل مع الخالف السابق خالف . إلنصاف المرأة من داخل منظومة اإلسالم

بين المرأة إعادة تشكيل وتوزيع األدوارل آخر بين اقترابي اإلنصاف من خال المرتبطة استمرار نمط توزيع األدوار مع تعديل القيموالرجل ، وآخر يرى

بتلك األدوار بإعطاء المرأة ما تستحقه من قيمة اجتماعية تتوازى مع أهمية واتجاه آخر وسيط بين تعديل جزئي . وثقل األدوار االجتماعية التي تقوم بها

وأيا ما . ار وتأكيد على ضرورة تغيير القيم نحو إنصاف المرأةفي األدو دور وقيمةكانت التوجهات الثقافية والحلول التي تضعها اإلنتلجنسيا لمعادلة

المرأة في السياق االجتماعي الثقافي فإن التغير الفعلي رهين بانتشار واسع ل والخيارات واختيار أحد الحلو،للوعي بين النساء بالحاجة إلى إنصافهن

السابقة ، ثم بتوفر اإلرادة لدى القاعدة العريضة على أحداث تغييرات في مثل تلك .. واقعهن على المستوى األسرى والعملي الذي يتحركن فيه

التحركات وإن كانت صغيرة أو محدودة هي وحدها الكفيلة بدفع التاريخ .والمجتمع خطوات إلى األمام

ر والهيمنة العولمية الغرب بين االستعما-ثالثا

تطرح العالقة بين قضية المرأة في العالم اإلسالمي والغرب النموذج األكثر تعقيدا في المحددات األربعة إذ تجمع إلى جانب تعدد وتباين التأثيرات الغربية على القضية ، كال من اختالف وجهات النظر حول

ناصر التضليل والمواقف قيمة ذلك التأثير، واختالطها بقدر كبير من ع . األيديولوجية والشعارات

شكل اإلسالم بالنسبة للغرب : " تقول الكاتبة السورية بثينة شعبانالذي يريد له الغرب أن يذوب ضمن " اآلخر: "بقيمه وحضارته وتراثه

تراث ثقافي كوني يتمركز في الغرب، وأن يفقد هويته الخاصة به ألنه قد

- ٤٢٠ -

ية مصدر خصومة أو منافسة للمركزية األوروبية التي حدد في هذه الهوتحاول أن تفرض وحدة ثقافية على العالم تنطلق من أسس ثقافتها على

بهذه الكلمات لخصت . )٧٣("حساب ثقافات وحضارات الشعوب األخرىبثينة شعبان البعد األساسي في الموضوع متمثال في الصراع الثقافي

اإلسالمي الذي يتجسد حاليا في لحظة والحضاري بين الغرب والعالمتاريخية تعكس تفاوتا شديدا في القوة بين الطرفين يخلق دافعا لدى الطرف القوي ليس فقط لتأكيد هيمنته على خصمه بل إلذابة مقومات

أين موقع المرأة من هذا الصراع والسؤال هو . وجوده الحضاري ذاتها

ت الخطاب اإلسالمي تتفق على أن تكاد أغلب اتجاها. ؟الحضاري األكبرمدخل المرأة كان وال يزال يمثل أحد األدوات التي يوظفها الغرب للتغلغل والهيمنة وتقويض البناء الحضاري اإلسالمي بسبب موقعها ودورها المركزي في قلب البناء االجتماعي إلى جانب دورها في تشكيل

. الحضارةونقل القيم أي الحفاظ على النسق الثقافي لتلك إن ما يعنينا من العالقة المركبة بين المسلمين والغرب ليس مسار العالقات والصراعات السياسية أو االقتصادية بين الكيانين،وإنما بعد القيم والمفاهيم وصراع النماذج واألنماط االجتماعية والمفاهيمية الذي

كيانين؛ ففي هذه يمثل لب الصراع أو التنافس الحضاري الطويل بين الن ولقد كان القرن العشر. المنطقة من العالقات تحتل المرأة حيزا هاما

مسرحا لملحمة جسدت من جانب مثابرة الغرب بعزم فائق على االختراق والغزو ومن جانب آخر مقاومة الحضارة اإلسالمية بوعي حينا وال وعي

ويمكن . بما يالئم التطوروقد نوع الغرب على مدى القرن أدواته. أحيانا لعملية فرض النماذج والمفاهيم الغربية على مداخل هامةرصد ثالثة

- ٤٢١ -

هي االستعمار ، والدراسات األكاديمية الخاصة بالمرأة الشرق اإلسالمي . ،و آليات العولمة

فرض النموذج الغربي عن طريق االستعمار أحد أهم تعبيرات الغرب مثلت الظاهرة االستعمارية األوروبية الحديثة

وقامت السياسة االجتماعية و الثقافية . عن فكرة التفوق والهيمنة على اآلخرلالستعمار على أساس نقل وزرع أنماطه االجتماعية ومفاهيمه الثقافية التي حملت بعدأ عنصريا ينطوي على االعتقاد بتفوق العنصر األبيض األوروبي

على عاتقه بهذه الصفة من رسالة إنسانية وما يقع،ورقيه على من سواهإلى الشعوب البربرية ) التي هي المدنية الغربية ( لنقل قواعد المدنية

المتخلفة، إال أن زرع األنماط االجتماعية والمفاهيم الغربية كان يحمل بعدا وظيفيا آخر يتمثل في تأمين المناخ األمثل لعملية االستنزاف االستعماري عن

. لق عناصر متوافقة مع الوجود واألهداف االستعمارية األوروبيةطريق خفت وترى العديد من الدراسات الحديثة أن تلك السياسات االستعمارية قد خل

.آثارا سلبية في العموم على نساء العالم اإلسالمي المستعمر اتجه االستعمار إلى دعم النظم على صعيد السياسات االجتماعية

عية والقبلية في الهند ومصر ومستعمرات غرب أفريقيا بما يدعم اإلقطاوفي هذا اإلطار تم إدخال نظم . الزراعات النقدية التي تخدم اقتصادياته

الملكية الخاصة لألرض بدال من الملكية المشاع أواألنماط األخرى للملكية في اء القبائل الدولة العثمانية، وأدى نقل الملكية للسادة اإلقطاعيين وزعم

لإلضرار بالفئات والشرائح األخرى ومنها النساء؛ فقد اقتصر نقل الملكية الخاصة على الذكور حسب القوانين الغربية وأدى ذلك إلى إنهاء أدوار نشطة لفئات من النساء مثل النساء الملتزمات في مصر الالتي كن يتعهدن زراعة

كما تجاهل نظام العمالة ،ةمساحات من األرض وأداء الضرائب عنها للوال

- ٤٢٢ -

المأجورة الذي ارتبط شيوعه بالنظام النقدي العمالة النسائية األمر الذي أدى إلى تهميش النساء العامالت في العديد من المجتمعات المحلية في بلدان

ارتبط بالمتغيرات االقتصادية . أفريفيا الغربية ونشر البطالة في صفوفهن لنمط األسرة والزواج في الغرب بتحويلها من نظام السابقة عملية نقل منظم

جمعي يقوم على عالقات قبائل ويقيم فيه وضع المرأة كقوة اقتصادية منتجة تضاف للقبيلة إلى نظام فردي يقوم على تبعية الزوجة واعتمادها على زوجها

)٧٤(.على النسق األوروبيرية بدورها في إدخال على صعيد التعليم ورغم اعتداد الدول االستعما

التعليم الحديث للبلدان المستعمرة فقد ارتبط هذا اإلسهام بدوره بخدمة اإلدارة من هذا المنظور وحيث لم يكن . االستعمارية وتوفير الكوادر الالزمة لها

للمرأة دور متاح في تشكيل هذه اإلدارة فقد كان سجل االستعمار في مجال سجلت تجارب العديد من البلدان اإلسالمية في . تعليم المرأة ال يدعو للفخر

مصر والسودان والهند وشمال وغرب أفريقيا وقوف اإلدارة االستعمارية في في مقابل تشجيع التعليم المرتبط باألهداف ،وجه إنشاء تعليم وطني للفتيات

االستعمارية الغربية ممثال في مدارس اإلرساليات التبشيرية، وقد أدى فرض مار احتكار اإلرساليات تعليم الفتيات إلى تأخير انتشار التعليم بين االستع

صفوف النساء نتيجة إحجام األهالى عن الدفع ببناتهم إلى المدارس التبشيرية مما أدى الرتفاع نسبة األمية التي وصلت في ) ٧٥(خشية فتنتهن في دينهن،

نمت عملية بل لقد)٧٦(%.٩٩بعض الحاالت كالسودان عشية االستقالل إلى التعليم األهلي للفتيات في إطار حركة مقاومة االستعمار من جانب القوى الوطنية واإلسالمية كما حدث في مصر في العقدين األولين من القرن

أما من )٧٧(.العشرين من خالل نشاط الجمعيات األهلية والحركة الوقفية ر المؤسسة االستعمارية حيث نوعية التعليم فقد استهدف التعليم المقدم في إطا

- ٤٢٣ -

إعادة تشكيل النساء على النسق الغربي أو حسب إحدى ) التعليم التبشيري( الدراسات األفريقية إلى تدريب خادمات جيدات أو زوجات جيدات على النمط

بما يشير إلى توظيف التعليم كوسيلة إلحالل نسق األسرة ) ٧٨(األوروبي،ل التدريب المهني لم تتح السلطات وفي مجا. الغربية محل النسق المحلي

االستعمارية سوى فرص محدودة للنساء تركزت في مجاالت بعينها أهمها كما اتسم دمج النساء بالجهاز الوظيفي بالبطء ومحدودية . التدريس والتمريض

الفرص التي اقتصرت على المدرسات والممرضات وطبيبات النساء ، كما لمحدودة من تولي المراكز اإلدارية القيادية حرمت النساء في تلك المجاالت ا

وتم تبرير ذلك على أساس أن مثل تلك الخطوة لن تكون مقبولة من قبل بل لقد فرضت اإلدارات االستعمارية نظما صارمة )٧٩(.المجتمع المحلي

ومجحفة بشأن عمل المرأة مثل القيود على عمل المرأة المتزوجة وإجحاف ووقفت اإلدارات االستعمارية في وجه . تب النساء عقود العمل وانخفاض روا

المطالب الخاصة بمنح النساء حقوقهن السياسية وعلى رأسها حق التصويت وذلك في بعض البلدان المستعمرة التي شهدت نموا مبكرا للحركات النسوية

لقد كان ذلك هو النموذج الذي خلفته اإلدارة )٨٠(.في العهد االستعماري ية وهو إن أحدث اختالفا في األشكال والمؤسسات عن المجتمع االستعمار

. نه أبقى على الجوهر التمييزي المنحاز ضد المرأةأالتقليدي وأعرافه إال والخطورة في هذا النموذج النظامي أو الواقعي الذي صاغته اإلدارة االستعمارية أنه مثل اإلرث واإلطار الذي ورثته وتحركت في حدوده ووفق

.قواعده نظم التحرر الوطني بعد االستقالل خلفت الحقبة االستعمارية آثارا بعيدة المدى تفوق على الصعيد الثقافي

في خطورتها أثر االستغالل المادي للثروات وتتمثل في سلب عقول األمم على نحو يجعل االستعمار عملية مستمرة بل ،المستعمرة وإعادة صياغتها

- ٤٢٤ -

. عملية أكثر وطأة بعد االستقالل منها قبله-عض الشعوب لدى ب-ربما هي لقد خلفت الحقبة االستعمارية قدرا كبيرا من عدم الثقة بالنفس واحتقار الثقافة

بوصفها ثقافة متخلفة –القومية، ورغبة في االنفالت من تلك الثقافة عمرة ومحاكاة النموذج الغربي بل وأن تصبح ثقافة البلدان المست-وبربرية

ورغم النضال الذي خاضه الوطنيون ضد قوة . جزءا منه وامتدادا لهاالحتالل إال أن كثيرا منهم كان يرى في المجتمع والثقافة الغربية النموذج األمثل لالحتذاء وحدد طموحاته القومية بعد االستقالل في تطوير نموذج

كبيرا في خلق هكذا لعب االستعمار دورا. وطني مشابه للغرب األوروبي .وتعميق حالة االزدواجية الثقافية التي تعاني منها الذهنية المسلمة حتى اليوم

تجسد قضية المرأة نموذجا بارزا لذلك االستالب الثقافي للنموذج الغربي ؛ فقلما نقرأ مصدرا من كتابات النهضوين ال يحيل إلى نموذج المرأة الغربية

لقد جاء هذا الطرح نتاجا . مة كمثل أعلى للمرأة المسلمةالنشطة العاملة المتعللجهد استعماري منظم لتغيير وإحالل نسق القيم والمعايير خاصة لدى النخبة

تلخص الكاتبة النسوية ليلى أحمد تلك . المتعلمة عن طريق نظام التعليمة في استخدم وضع المرأ"السياسة االستعمارية ودوافعها بقولها أن االستعمار

المجتمعات اإلسالمية كرأس حربة للهجمة االستعمارية على تلك المجتمعات فقد قام الرجال المستعمرون والذين كانوا أعداء للنسوية في مجتمعاتهم .

بتبني لغة النسوية خارج بالدهم وبشن هجوم على ممارسات الرجل اآلخر المستعمرة تقلل من وقد استخدموا حجج أن ثقافات الشعوب. وإهانته للمرأة

شأن المرأة في إضفاء الشرعية على الهيمنة الغربية ولتبرير السياسات االستعمارية التي تعمل بقوة على تغيير ثقافات وأديان الشعوب

تضمنت عملية اإلحالل والتغيير الثقافي التي تبنتها سياسات )٨١(."المستعمرةئمة فقد شن النظام االستعماري االستعمار جانبين؛ أولهما هدم األنساق القا

- ٤٢٥ -

. حملة تشويه شرسة ضد ثقافة اآلخر المسلم مثلت المرأة أحد أهم مرتكزاتها للمسلمين خلق االستعمار وعيا جديدا " الهمجية"فتحت شعار محاربة العادات

بالمؤسسات والعمليات القائمة ينطوي على شعور بالذنب والضعة فقد أعيد سن طبقا للخطاب األوروبي االستشراقي بوصفه تعريف زواج صغيرات ال

وجرم تعدد ،"بيعا للنساء" وتقاضي المهور بوصفه ،"اغتصاب لألطفال"وقام الغربيون باإللحاح على تصوراتهم المسبقة حول . الزوجات اجتماعيا

متاع وكائن حسي " مكانة ومفهوم المرأة في الشرق واإلسالم بوصفها لكن الجانب الثاني في المخطط )٨٢(".في قفص الحريممتراخي ممل ومسجون

تشير العديد من الكتابات . الثقافي االستعماري تحقق بإنشاء تصورات بديلةالناقدة للتحديث أن الثقافة الغربية البديلة لم تكن ثقافة أقل ذكورية وأبوية من

رت في الثقافة الشرقية التقليدية واألعراف القبلية واإلقطاعية التي استقترى عفاف لطفي السيد أن . المنطقة وتحكمت في تفسير ورؤية اإلسالم

القيمة المتدنية والوضع الهامشي للمرأة في مصر إنما يعود إلى نقل البريطانيين للصفوة من المصريين األفكار البريطانية عن األنثى ككائن

في سخيف وعاطفي وال منطقي وقد قلد الرجل المصري سيده البريطاني "في مناطق أخرى كان النموذج البديل يحمل أوضاعا )٨٣(.ذلك التصور

منح "وتصورات أكثر قسوة للمرأة ففي مجتمعات أفريقيا الغربية وتحت شعار )٨٤("أولئك األفارقة غير المتحضرين وغير األخالقيين حياة اجتماعية طبيعية

فريقية ذلك الفصل جلب النموذج الغربي المستعمر ألول مرة لواقع المرأة األالتعسفي بين المجالين العام والخاص ، وحصر دور المرأة في المجال الخاص وتحويلها إلى كائن تابع اقتصاديا األمر الذي لم يكن معهودا قبل

)٨٥(.العهد االستعماري

- ٤٢٦ -

فرض النموذج الغربي من خالل الهيمنة على الدراسات األكاديمية حول

المرأة دخل األكاديمي أحد أخطر مداخل نقل المفاهيم وزرع النماذج يمثل الم

الغربية ألن هذا المدخل يؤسس لنماذج الغرب منهجيا ومفاهيميا، ويمنهج تشويه ما عداه من النماذج ألنه يجعلها إما خارج نطاق الدرس، أو معرضة

اهرة تمثل الظ. للتشويه طبقا لمعايير البحث المتوافقة مع الظواهر الغربيةالسابقة أحد أخطر المشكالت التي تواجه العقل المسلم الذي انتقل من نقل العلوم التراثية في عصور الضعف في التاريخ اإلسالمي إلى نقل العلوم

.الغربية في عصر االستعمار والتبعية في نطاق دراسات المرأة فقد شهد ربع القرن األخير طفرة في

األولى عملية واسعة : غرب صاحبتها ظاهرتانالدراسات النسوية في الالنطاق لنقل النماذج والمفاهيم قام بها أكاديميون محليون بدعوى تطبيق أحدث المناهج واألساليب العلمية ، والثانية اهتمام المؤسسات األكاديمية الغربية بتوجيه جانب من دراساتها النسوية للشرق األوسط والعالم اإلسالمي في إطار

. ظومتها المفاهيمية المتمركزة حول القهر والتشكل التاريخي للبني الذكوريةمن وقد تناولت العديد من الدراسات النقدية الحديثة اآلثار السلبية الناتجة عن هيمنة األكاديميا الغربية على حقل دراسات المرأة في العالم الثالث والتي تنتج

وفيرمين سيللر في دراسة حول تطبيق ذات األثر االستعماري؛ تقول أوبارتلك المنهجيات في دراسة المرأة األفريقية إن الدارسين المعاصرين وصانعي السياسة قد أعادوا إنتاج نفس نمط استضعاف وتهميش المرأة األفريقية من

والمعايير الغربية حيث بقيت مدركات النساء " البراديم " خالل تطبيق ويرجع ذلك كما تقول أمينة ماما )٨٦(.نفسهن مهمشة المحليات عن حياتهن وأ

إلى أن حاالت النساء األفريقيات تستخدم في تلك الدراسات الختبار وإثبات

- ٤٢٧ -

صحة نظريات صيغت مفاهيمها في مكان آخر عن طريق دارسات غربيات لهن اهتماماتهن وانشغاالتهن المختلفة في الغالب عن اهتمامات وانشغاالت

فما تتعهده تلك الدراسات هو اإلجابة على أسئلة غربية )٨٧(.ياتالنساء األفريق بينما ال تشغل المحددات الثقافية والتاريخية )٨٨(.من خالل بيانات أفريقية

النابعة من الواقع المحلي لتلك المناطق في تشكيل الصورة العام للمرأة سوى الدراسات كما ويظهر تأثير البعد الثقافي المتضمن في تلك )٨٩(.حيز محدودفي أن االستخالصات التي يتوصل اليها الباحثون األفارقة تختلف " تقول ماما

لكن المشكل ال )٩٠("في معظم األحيان عن مثيالتها التي يتوصل اليها غيرهم يكمن في دراسات محلية تعطي لنفسها حرية االختالف والخروج من إسار

راسات من قبل باحثين مسلمين تعيد المنظومة الغربية وإنما في العديد من الدإنتاج اللغة والمفاهيم والتقييمات الغربية لواقعها المحلي بما يعني أقصى درجات االستالب كما نرى في الكثير من دراسات المرأة في الشرق األوسط

. التي تطبقها عناصر ومؤسسات أكاديمية محلية إحدى أبرز الكاتبات بكلمات واضحة وصريحة تلخص ليلى أحمد ك

العامالت من داخل المؤسسة األكاديمية الغربية شهادتها حول الدور الثقافي لدراسات المرأة في الشرق األوسط والعالم اإلسالمي في إطار الصراع

ودراسة المرأة المسلمة في الغرب هي : "الغربي ضد العالم اإلسالمي بقولها وتلك األفكار -عني االستعماري ت–وريثة لهذا التاريخ وهذا الخطاب

فهي وريثة لالستعمار ولخطاب الهيمنة : واالفتراضات التي تغذيه االستعمارية والستخدام األفكار النسوية الخاصة به لتعزيز االستعمار الغربي

وهكذا فإن البحث في موضوع المرأة في الشرق األوسط يتم في مجال . ي أمده بها االستعمار وبالتالي فإن الوعي يتميز بالفعل بالخطط والتحيزات الت

. )٩١("ينبغي أن يكون نقطة االنطالق ألي بحث من هذا النوع.. بهذا الميراث

- ٤٢٨ -

وتدلل ليلى أحمد على ذلك االتجاه باإلشارة إلى موضع قضية الحجاب والزي ال يزال " في دراسات العالم اإلسالمي ونظيراتها في الغرب حيث تلحظ أنه

الحجاب وفي اتجاه التغريب والتخلي عن العادات العربية الصراع ضد وهو الطرح الذي قدمه كرومر وأمثاله كبرنامج ( اإلسالمية المتخلفة والقامعة اإلطار الذي تقدم فيه الدراسات ذات القاعدة ) تسير عليه المرأة المسلمة

الكاتبة التي تنتهي. )٩٢("الغربية عن المرأة العربية بما فيها الدراسات النسويةخطت واحدا من أبرز األعمال التي تكشف التوظيف االستعماري لقضية المرأة وامتدادته في الدراسات النسوية المعاصرة إلى نتيجة هامة وهي أنه بينما ينتهي الفكر النسوي الغربي من دراسته لتاريخ الغرب الحافل بأنماط

أن المرأة الغربية يمكنها تحري القمع الذكوري للمرأة إلى نتيجة واحدة هي للنساء في تراثها الثقافي وعن ) النقدي(األهداف النسوية عن طريق االندماج

طريق تحديه وإعادة تعريفه فإن المرأة المسلمة التي تتحرى تلك األهداف هذا هو )٩٣(.ليس عليها سوى االنسالخ تماما من ثقافتها العربية واإلسالمية

مجمل الدراسات النسوية المعاصرة والذي ال يحمل النموذج الذي تطرحه .للمرأة المسلمة سوى إضافة نمط جديد من الهيمنة واالستضعاف الثقافي

اآلليات العولمية كمدخل لفرض النموذج الغربي بدأت عولمة قضية المرأة بشكل ممنهج ومنظم وعلى نحو لم يسبق له

واتخذت العولمة قنوات عدة منها . مثيل منذ النصف الثاني من السبعينيات المؤتمرات واالتفاقيات الدولية والبرامج الممولة من قبل األمم المتحدة

ولم يتوقف هذا . والمانحين الدوليين وفق أهداف تحددها الجهات المانحةاالتجاه العولمي للعمل على النطاق الرسمي عبر الدول بل امتد إلى دمج

صميم النظام العالمي عبر قيامها بما يسمى المنظمات غير الحكومية في

- ٤٢٩ -

المؤتمرات وطرح الوثائق وتنفيذ ( باألنشطة الموازية لألنشطة الرسمية ). البرامج الممولة دوليا

مثلت األمم المتحدة أهم آليات العولمة التي تطورت في الربع األخير من شك فيه األمم واألمر الذي ال. القرن خاصة في مجالي التنمية والمرأة

المتحدة قامت بدور غير مسبوق تاريخيا في دعم النساء وطرح قضية المرأة بشكل اكتملت عناصره الفكرية والمؤسسية ، بدءا من مستويات التنظير إلى

واكتسب هذا الدور . البرامج واآلليات كما اتسم كذلك بالمتابعة واالستمراريةثالث خاصة وأنه قد تبلور في لحظة أهميته الخاصة لدى بلدان العالم ال تمر بأزمات -ومنها بلدان اإلسالمي-تاريخية كانت فيها تلك البلدان

اقتصادية وسياسية أحدثت انتكاسا في سياساتها التنموية وتخليا عن كثير من في ظل ذلك الظرف التاريخي كان متوقعا أن تكون . أولوياتها التحديثية لقد . القرابين التي تقدم على مذبح األزمة -أول بل –قضية المرأة أحد

أسهمت األمم المتحدة من خالل ضغوطها ومتابعاتها المستمرة في فرض نوع السياسي والمعنوي الذي حال دون مزيد من التدهور في " اإلحراج"من

أوضاع النساء نتيجة السياسات االنكماشية التي اتبعتها الدولة في الربع وقد نجحت تلك الضغوط في جعل قضية المرأة . ن العشرين األخير من القر

على تحسينها – من منظور نفعي بحت –أحد المجاالت التي تحرص النخب بيد أن تقييم . أو مراعاتها لكونها أصبحت من معايير تحديد مكانتها الدولية

دور األمم المتحدة سلبا أو إيجابا ال يكون مكتمال من خالل تلك القراءة كنه : الظاهرية له ، بل يتعين تقديره بإضافة معايير أخرى هامة مثل

المشروع الذي تسعى المنظمة إلى إقراره؟ مدى مالءمته لحاجات ومعايير بلدان العالم المختلفة ؟ مدى ديمقراطية عمليات األمم المتحدة في تشكيل تلك

- ٤٣٠ -

وي عليها تلك المشروعات وتطبيقها ؟ مدى اإلنحيازات أو الحيادية التي ينط .المشروعات ؟ وأخيرا رأي هؤالء الذين سيطبق عليهم المشروع ؟

لقد قام دور المنظمة الكونية األولى في هذا المجال على محور أساسي السعي إلى فرض أو نشر نموذج عولمي واحد لتنمية وتغيير واقع هو

أو على ( المرأة يقوم هذا النموذج على وحدة التصور النهائي لتنمية. المرأةولعل هذا ما . بنفس القدر الذي تتوحد وسائله وأدواته) األقل مالمحه األساسية

يطرح تساؤل حتمي حول ماهية األسس الثقافية التي يقوم عليها هذا النموذج ؟ ويمكن القول دون افتئات أن نموذج األمم المتحدة بشأن المرأة يستمد

كر الغربي في رافده النسوي الذي تحول مفاهيمه ومقوالته األساسية من الففي الربع األخير من القرن من رافد فكري منشق إلى رافد فكري مندمج ومستوعب تماما ليس في الثقافة الغربية وحدها وإنما كذلك في البنية

. التشريعية والمؤسسات االجتماعية والسياسيةأربع جال المرأة يطرح النموذج الذي تروج له األمم المتحدة في م

:على النساء في العالم اإلسالميمعضالت أساسية تناقض العديد من المفاهيم والمكونات الثقافية للنموذج مع المفاهيم *

وهي مفاهيم بعضها ملفوظ وبعضها األخر مختلف عليها على : اإلسالميةها نموذج من أهم تلك المفاهيم التي يتبنا. األقل من منظور الثقافة اإلسالمية

وهو !األمم المتحدة مفهوم المساواة الحسابية المطلقة مع الرجل هدفا للمرأة مطلب يتجاوز بالنظر إلى حرص هذا النموذج على تطبيقه جزئيا وتفصيليا

في المقابل فإن الثقافة اإلسالمية . مفهوم المساواة إلى حد التشابه أو التطابقفهوم المساواة الذي تقر به كامال على تطرح مفاهيم أخرى بديلة أو مكملة لم

التكافؤ في األدوار االجتماعية في األسرة والتكاملالمستوى اإلنساني؛ أهمها بين الجنسين في إطار منظومة الحقوق اإلنصاففي توزيع األعباء و

- ٤٣١ -

كما أكد اإلصالحيون المسلمون منذ بداية . والمبادئ التي ينص عليها اإلسالمقواعد التي تحكم التنظيم االجتماعي ال تمس مفهوم المساواة القرن أن تلك ال

في المواطنة وفي الحقوق و الواجبات إزاء الدولة والذي برز بظهور الدولة باإلضافة للتطرف في مفهوم المساواة . القومية الحديثة في الحيز اإلسالمي

ي والذي يرتب نتائج هامة على صعيد السياسات والبرامج هناك التطرف فالنزعة الفردانية في تعريف المرأة والرجل على حساب الدور االجتماعي

ويضاف . الذي يوليه اإلسالم دورا كبيرا في بناء منظومة الحقوق والواجبات لذلك التأكيد على البعد الصراعي في العالقة بين المرأة والرجل بينما تتجه

.د على التعاون والتكاملالمنظومة اإلسالمية إلى تقليص هذا الدور والتأكي إلى جانب تلك المفاهيم المحورية تحفل الوثائق المعبرة عن نموذج األمم )٩٤(

المتحدة بأفكار ومفاهيم جزئية غير مقبولة من الزاوية اإلسالمية مثل التقليل من شأن األدوار البيولوجية للمرأة باعتبارها عقبة تقف أمام تحرر المرأة ،

كاألسر المثلية واألسر خارج ،إلى األنماط الشاذة لألسرأو النظر بحيادية . والسعي إلى إضفاء المشروعية عليها،إطار الزواج

يقول تقرير األمم : اتباع أساليب التدخل والضغط وسيلة لفرض النموذج * كأول تقرير يتمركز حول قضايا النوع ووضع المرأة في ١٩٩٥المتحدة عام

وال ينبغي بذل أية محاولة لطرح نموذج : "التنمية البشريةالتنمية بين تقارير فتفسير بعض الحقوق سيختلف في المجتمعات : عالمي للمساواة بين الجنسين

المختلفة تبعا للديانات أو الثقافات أو التقاليد وكذلك ستختلف األفضليات راتهم الفعلية للمجتمعات والطريقة التي يرغب الناس في أن يمارسوا بها خيا

ورغم ذلك فقد حفلت وثائق المنظمة الدولية وممارستها على مدى )٩٥(".الحرةالعقدين األخيرين بما يؤكد تبني المنظمة الدولية لفلسفة للعمل تقوم على . التدخل واستخدام الضغط من أجل تحقيق تلك الصورة المثالية التي تبشر بها

- ٤٣٢ -

المنظمة الدولية ما بين أساليب تتعدد أنماط السياسة التدخلية التي تتبناها مقبولة وأخرى تتجاوز حدود المقبول ؛ من ناحية تتبنى األمم المتحدة في العديد من وثائقها رأيا قوامه أن تسريع التحوالت الخاصة بالمرأة تقتضي تدخل الدولة وتعاونها مع القوى الحيوية في المجتمع من أجل إلغاء واقع

وإذا كان هذا المبدأ من حقائق عملية التحديث . ة التمييز الموجه ضد المرأفإن األمم المتحدة تتجاوز في تشجيع السياسات التدخلية للدولة إلى مدى بعيد حيث ال تقصر دعواها التدخلية على دور الدولة في تقرير السياسات

إللغاء األنظمة ( واإلجراءات التشريعية بإللى تبني الدولة نهج تدخلي التي تعد من وجهة نظرها وحسب معاييرها تمييزا ) الممارساتواألعراف و بيد أن الشكل األخطر من التدخل والذي تتفاقم مظاهره يوما )٩٦(.ضد المرأة

بعد يوم هو تدخل المنظمة الدولية مباشرة وضغوطها المتزايدة من أجل تمرير نموذجها؛ وتتراوح أنماطه بين التدخل في صياغة السياسات المحليةمن خالل هيئات المستشارين الدوليين وبرامج التمويل المعروضة لدعم خطط التمكين القومية التي تقررها الدولة، وبين تلقي وعرض ومناقشة ومراجعة ونشر تقارير الدول حول مدى التزامها بتنفيذ بنود االتفاقيات والوثائق

،ووثيقة مؤتمر بكين ،المختلفة كاتفاقية إنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأةوتقييم أداء الدول في هذا الصدد، إلى جانب ما تسمية األمم المتحدة بإقامة التحالفات الداخلية الضاغطة مع المنظمات غير الحكومية من أجل تمرير تلك

ورغم أن األمم المتحدة قد لعبت بتوجهاتها . االتفاقيات وتسريع تطبيقهاورا هاما في إحراج كثير من الحكومات االجتماعية واإلنسانية الجدية د

السلطوية والبيروقراطية التي لم تكن لتلقي باال إلى االضطهاد أو التهميش أوالمعاناة اإلنسانية التي تواجهها شرائح واسعة في مجتمعاتها ومنها المرأة إال أن هذا الميل المتزايد لدعم السياسات التدخلية صار يحمل تأثيرات مؤلبة

- ٤٣٣ -

المرأة ال تنصرف لإلسلوب بل تمتد إلى الفكرة ال سيما وأن ما تسعى على المنظمة الدولية لتمريره ليس مجرد مطالب محددة متفق عليها بل نموذج

تتزايد خطورة سياسة التدخل في مسألة . كامل مختلف عليه كما سبق التنويهجانب المرأة على ضوء األبعاد الجديدة لتطور مفهوم التدخل عموما من

المنظمة الدولية ؛ من ذلك ما طرحه األمين العام لألمم المتحدة في نهاية القرن بشأن حق التدخل اإلنساني بالقوة لحماية أوضاع حقوق اإلنسان، ويدخل في ذلك أيضا الحديث عن القانون اإلنساني الدولي الذي يعني إضفاء

-ما فيها ما يخص المرأة ب-الصفة القانونية على كافة اتفاقيات حقوق اإلنسانو التي تشكل في مجملها جسد هذا القانون ، وما يترتب على إضفاء تلك الصفة من فرض عقوبات على المخالفين الدوليين حتى أولئك الذين لم

.يلتزموا بها طواعية من خالل التوقيع عليها: تجاهل منظومة الحقوق الدولية للحقوق الثقافية والحضارية للمرأة •

النموذج الدولي العولمي بالكثير من الحقوق المادية واالقتصادية عنيولكن تلك . والقانونية للمرأة بما يخرج بها عن إطار التهميش واالستضعاف

المنظومة الهامة أغفلت جانبا ال تقل أهميته هو الحقوق الثقافية للمرأة فائقة في ثقافة تبدو أهمية هذا البعد . والرابطة العضوية بين المرأة ثقافتها

كالثقافة اإلسالمية؛ فالثقافة اإلسالمية بحكم تمحورها حول العقيدة تحقق درجة فريدة من االلتحام والتوحد بمعتنقيها تجعل المساس بمرتكزاتها أقرب إلى المساس بأسس الوجود الفردي والجماعي مما يسوي بين الدفاع عنها والدفاع

من هذا . ، يستوي في ذلك النساء بالرجالعن الحياة ذاتها من منظور المسلمالمنطلق فإن تمرير منظمة األمم المتحدة للعديد من النصوص التي تتعارض مع القواعد اإلسالمية للحياة ومحاولتها فرضه على الدول وإن كان يحمل في ظاهره تمكينا للمرأة إال أنه في حالة المرأة المسلمة ينطوي على نوع من

- ٤٣٤ -

ين والتمييز ضد هذه المرأة لصالح الثقافة التي يتبناها االستضعاف الب . المشروع العولمي وهي ثقافة المرأة الغربية

لقد ورثت المرأة المسلمة في القرن الحادي والعشرين هذه المعضالت في التعامل مع النظام الدولي الجديد، وال يسعها أن تقف أمام هذا التحدي

لى تكامل المشروع الغربي وعمقه وتوافر أدوات موقف السلب بالنظر إبل يتعين على المرأة . فرضه وعجز الدول القومية عن مواجهته أو ترشيده

المسلمة على العكس التحرك بنشاط في المجال الدولي تحركا على المحاور :التالية

المطالبة بنصيب عادل في صياغة النموذج الدولي الخاص بتنمية

نحو يحقق تمثيال مالئما لمختلف الثقافات بما فيها الثقافة علىالمرأةاإلسالمية في تشكيل هذا النموذج، بحيث تصبح السياسات والمقترحات والبرامج العولمية لتنمية المرأة حاملة للقواسم المشتركة بين نساء العالم دون

ن أن يتم ولتحقيق ذلك على نحو أكثر عدالة يتعي. افتئات من ثقافة على أخرىذلك التمثيل من المنبع أي عند صياغة النصوص األصلية لالتفاقات والوثائق دون االكتفاء بالتباحث حول سياقات ونصوص موضوعة بالفعل صيغت وفق فلسفة معينة كلية حيث يصبح أي جهد بعد ذلك محض تعديل جزئي وهامشي

في الوقت الراهن ال يغير من التوجه العام للوثائق واالتفاقات التي دخلت مرحلة اإلعداد لتشكل قانونا عاما ال يرتبط بموافقة األطراف الدولية أو

. قبولهاتنتصر للمرأة ) فوقية( اإلفادة من الفرص المتضمنة في ظهور قوة دولية

وتسعى لرفع الغبن عنها في مواجهة واقع اجتماعي وسياسي منحاز ومتعنت، د الدولي من جانب واالهتمام ببناء ودعم نمط مع العمل على ترشيد هذا البع

- ٤٣٥ -

اإلسالمي في مجال المرأة مؤسسيا وتفاعال حيث -للتعاون اإلسالمي) فوقي( . المشكالت والطموحات والمعايير متقاربة

رفع المطلب الخاص بتضمين الحقوق واالرتباطات الثقافية للمرأة في األطراف وعلى رأسها النظام منظومة حقوق اإلنسان بما يضمن احترام كل

الدولي للروابط العضوية بين المرأة ومنظومة قيمها الدينية والحضارية وعدم إكراهها على خيارات أو حلول أخرى وإن رأت القوى النافذة في النظام

ويتطلب ذلك توفير الشفافية . الدولي أنها األكثر تمكينا لها وتحقيقا لمصالحهاأيضا للنساء بحيث ال يساء استغاللهن من القوى وضمان حرية التعبير

. إلبقاء الوضع على ما هو عليه– كما يحدث تقليديا –التقليدية المحلية

المرأة واإلسالم-رابعايطرح خطئا منهجيا " موقف اإلسالم من المرأة" إن الحديث تعميما عن

ناهية قطعية الثبوت في البحث؛ فما عدا اآليات القرآنية واألحاديث المتوالداللة فإن كل تدخل فيه البشر بالفهم والتفسير والتأويل والشرح واالستنباط

بمعنى –" قراءة أو فقه"على وجه اليقين بل " موقف اإلسالم"والقياس ال يمثل يفسر هذا الفرق الخالف . لموقف اإلسالم، وشتان بين المفهومين-الفهم

ف اإلسالم من من العديد من القضايا ومنها وتعدد القراءات والرؤى لموقمن جانب آخر . قضية المرأة، وهو خالف قد يتسع أحيانا إلى حد التناقض

يعطي هذا الفارق بين المفهومين والجمع بينهما في البنية المعرفية للثقافة اإلسالمية مدلوال للجمع بين الثوابت والمتغيرات وبين عناصر الثبات

قراءة "و" اإلسالم"وأخيرا فقد كان الخلط بين . ء تلك المعرفةوالتطور في بناأحد نقاط الخلل الجوهرية في العقل المسلم القديم والحديث على حد " اإلسالم

.سواء وواحد من أسباب شيوع ظواهر التعصب والتكفير والرفض

- ٤٣٦ -

حملت ثالث قراءات أساسية كبرى لإلسالمن و لقد عرف القرن العشروتأثيراتها المتباينة على موضوع المرأة؛ هي القراءة التقليدية المحافظة رؤاها

. وقراءة التيارات الثورية واالعتراضية ثم القراءة االجتهادية اإلصالحيةأن الفصل بين القراءات : أولهماوتجدر اإلشارة إلى مالحظتين هامتين

لثالثة؛ فالدعوة الثالثة ليس فصال قطعيا بل قد تتداخل عناصر القراءات ااإلصالحية التجديدية قد تتداخل مع الدعوة السلفية اإلحيائية كما برز في

كما أن عناصر . تواصل فكري اإلمام محمد عبده والسيد رشيد على رضااالجتهاد والتقليد قد تجتمع معا في منظومة مفكر واحد كالمودودي وسيد

أن هذا التصنيف نيةالثاالمالحظة . قطب وشلتوت والخوميني وغيرهمالثالثي ليس تصنيفا فكريا محضا بل هو تصنيف سياسي يشير إلى ثالثة .مشروعات سياسية كبرى لها انحيازاتها ورؤيتها االجتماعية والدولية األشمل

هي قراءة نقلية تعيد إنتاج ما ورد من آراء : القراءة التقليدية المحافظة-أ في ظل مناخ ثقافي واجتماعي وتاريخي جد فقهاء ومذاهب السلف المعروفة

إن القيمة االجتماعية والتاريخية لهذه القراءة وغيرها ال تكمن . مختلففحسب في محتوى خطابها بل كذلك في التوظيف السياسي لهذا الخطاب وهو ما يمس بقوة موضوعا كموضوع المرأة الذي يرتبط بصميم التخصيص

محتوى الخطاب وتوظيفه (ار المزدوج في هذا اإلط. االجتماعي للقوةحمل التيار التقليدي المحافظ مزيجا من التأثيرات؛ لقد كان الدور ) السياسي

بمعنى الحفاظ الدفاعالتاريخي الذي أداه وال يزال التيار التقليدي المحافظ هو على تراث األمة وثقافتها وقيمها في فترات الخطر والغزو الثقافي

وال تزال هذه المزية الدفاعية تمثل مصدرا لشرعية ،يواالضمحالل الفكرهذا التيار ومبررا لوجوده خاصة بعد تفاقم ظواهر الغزو الثقافي الغربي في

وقد مثلت المرأة على مدى القرن محورا من محاور . القرن العشرين

- ٤٣٧ -

الخطاب والنهج الدفاعي للمدرسة التقليدية المحافظة حيث المرأة هي مستودع ويمكن متابعة محاور هذا الخطاب في مناسبات . ضيلة ومكمن الشرفالف

الجدل العام العديدة التي شهدتها كافة بلدان العالم اإلسالمي طوال القرن والتي سبقت غالبا نقاط التحول الهامة مثل إقرار تعليم النساء في مطلع

. القرنمية المحافظة عليه الذي تؤكد المدرسة اإلسال" النظام" من حيث طبيعة

على أسس سياسية الهيراركية وتراتب القيمفإن هذا النظام األمثل يقوم على و تتبنى هذه القراءة ).سيادة اإلمام، وسيادة الرجل في األسرة( واجتماعية

والحكم في الدولة واألسرة على حد سواء، كما تؤكد مفهوما سلطويا للقيادة الجماعة وإن اخطأ اإلمام أو الحاكم ويسري وعدم مخالفةمبدأ الطاعةعلى

لهذه األسباب مثلت . المبدأ األخير بدوره على المرأة بوصفها من الرعيةالقراءة التقليدية المحافظة الخيار المفضل للنظم السلطوية في البناء االجتماعي والسياسي، كونها تعبر عن المصالح السياسية واالجتماعية لقلة

ذلك نظام ضياء الحق في باكستان الذي تبنى قراءة تقليدية مسيطرة ، مثال سلفية للدين تجلت في برنامج األسلمة معبرا عن مصالح تحالف النخبة

جماعة إسالمي ورابطة باكستان (العسكرية وعلماء الدين المحافظين . والزعامات االجتماعية التقليدية لمجتمع ذو طابع قبلي إقطاعي ) اإلسالمية

من حيث محتوى الخطاب الخاص بالمرأة تتبنى هذه المدرسة رؤية -ثقافية عامة تقوم على دونية ونقص المرأة الطبيعي واالجتماعي ، وكونها

ويترتب على ذلك القول . أحد مصادر الخطر على الدين بوصفها فتنة بضرورة عزلها عن مجاالت االختالط حماية لقيم وفضيلة المجتمع

في هذا اإلطار يمكن رصد عدد ال . اية و الضبط المستمروإخضاعها للوصحصر له من التعبيرات الخطابية والسلوكية عن هذا الرؤية التي تبرر أخالقيا

- ٤٣٨ -

ودينيا قمع النساء تبدأ من ظاهرة المعازل التأديبية القديمة الخاصة بالنساء اء الراغبات في الطالق في تونس والمعروفة بدور األجاويد، وضرب النس

الالتي غيرن لون الشادور من اللون األسود إلى البني في إيران في نهاية القرن، مرورا بنظام الفصل االجتماعي الصارم لقبائل البلوشستان واإلقليم الشمالي الغربي في باكستان، وأحكام بيت الطاعة في النظام القانوني

وباكستان ، المصري، والتشريعات المتساهلة لجرائم الشرف في األردنوالخطاب المحط والعدائي للمرأة لدي عديد من الرموز الدينية في أنحاء

،على سبيل المثال ال الحصر الشيخ كشك في مصر( العالم اإلسالمي وانتهاء ) والدكتور إسرار أحمد في باكستان في سبعينيات وثمانينيات القرن

.عينيات القرن العشرينبمراسم نظام طالبان إزاء النساء األفغانيات في تس

ينطوي هذا الخطاب على أزمة حقيقية تنبثق من عوامل داخلية ومن -عالقاته مع بيئته؛ من جهة فإن تشدد هذا التيار ضد المرأة يفرز توجها عكسيا للمقاومة خاصة في صفوف النخبة المثقفة والناشطة من النساء فتجنح

منطلق الخلط بين موقف هذا إلى تبني الحلول العلمانية والتغريبية من ويعد هذا التيار مسئوال . المنظور المحافظ وبين موقف اإلسالم من المرأة

أوال عن طرد أعداد متزايدة من النساء المثقفات المؤيدات لحقوق المرأة في العالم اإلسالمي من حظيرة اإلسالم وعن تفريغ التيار الداعي إلى إقرار

رغم بروز هذا المنظور في ( المنظور اإلسالمي حقوق المرأة وتحريرها منمنشأ حركة تحرير المرأة حول مطلع القرن لكنه لم يلبث أن اختفى بفعل

تقول الكاتبة اإليرانية فرح عزاري إن النسويات في العالم ). سطوة هذا التيار وتمثله –اإلسالمي يتوزعن بين رأيين حول موقف اإلسالم من المرأة األول

ويرى أن الظروف السياسية االقتصادية التي فرضتها -لسعداوينوال اوعليه . اإلمبريالية والطبقات المستفيدة هي المسئولة عن استضعاف النساء

- ٤٣٩ -

فإن اختفاء تلك الظروف كفيل بتحريك عناصر التغيير في موقف اإلسالم من نسوية وتمثله ال-الرأي الثاني . المرأة على نحو يمكن أن يدعم تحرير المرأة

يرى أن تاريخ ومالبسات تطور اإلسالم قد -المغربية فاطمة المرنيسيصاغت داخله ذلك التحيز العقيدي وجعلت منه أحد العوامل الجوهرية

ورغم ما يعكسه )٩٧(.الستضعاف واضطهاد النساء في المجتمعات اإلسالمية - يبررههذا الفهم من خلط بين اإلسالم والقراءة المحافظة له ، فإنه موقف

توجهات ذلك التيار المحافظ وسطوته على الساحة اإلسالمية بزعم -جزئيا .انه الممثل الحقيقي عن رأي اإلسالم

ويبقى التأكيد على قضية أو درس هام من دروس التاريخ اإلسالمي وهو أن الدفاع ومواجهة الخطر الذي يحيط باألمة ال يبرر انتهاك حقوق

على النحو الذي شهده التاريخ اإلسالمي لفترات طويلة عناصر هذه األمةقيدت خاللها النخب الحكمة واالجتماعية المستفيدة حقوق وحركة عناصر

يخبرنا . األمة بدعوى مواجهة األخطار الداخلية أو سد الذرائع المؤدية للفتنالتاريخ اإلسالمي أن تحمل الظلم باسم درء الفتن هو انغماس في فتن أعمق

وعلى العكس من ذلك فإن خير وسيلة لمواجهة التحديات التي . أشد وباال و .تحيط باألمة هي تفعيل عناصر المقاومة الداخلية

واليوم ونحن إزاء قرن جديد يواجه التيار التقليدي المحافظ تحديا -جديدا يتمثل في عجزه حتى عن الوفاء بوظيفته الدفاعية بما يكفل ضمان بقاء

البقاء في هذا القرن لم يعد رهنا بمجرد االستمرار بل في المقام األمة؛ حيثويكمن المأزق الحقيقي للتيار التقليدي المحافظ في عجزه . األول بالتطور

وتمثل قضية المرأة تجسيدا لهذا . التطوراألصيل عن الوفاء بمتطلبات ية في اإلخفاق حيث عجزت المدرسة التقليدية عن إحداث أية مراجعة حقيق

فقه المرأة تسمح بالتطور من داخل التيار اإلسالمي، بل على العكس تمسك

- ٤٤٠ -

هذا التيار بتعنت شديد بالموروث الفقهي كليا وجزئيا دون إدراك للتغيرات الجذرية التي طرأت على المفاهيم واألدوار الخاصة بالمرأة والمجتمع بأسره،

لحديث باسمه يقف موقف مما جعله ومعه المنظور اإلسالمي الذي يحتكر ا .المتفرج إزاء ما يجتاح المرأة والمجتمع على أصعدة الفكر والواقع

القراءة الثورية واالعتراضية-بتركز هذه القراءة على تفعيل عناصر المقاومة والرفض الكامنة في النسق . اإلسالمي انطالقا من المبدأ اإلسالمي الخاص بتغيير المنكر وإقامة الحق

ستهدف هذا التيار تاريخيا قوتين هما الدولة التسلطية والهيمنة والنفوذ وقد اتباينت على مدى القرن مظاهر هذا التيار متبلورة في ثالثة تعبيرات .الغربي : أساسية

وتقوم على تثوير الوسائل واألهداف معا؛ بمعنى أنها : األيديولوجية الثوريةصدام مع الدولة السلطوية والغرب فإنها كما تفعل آليات التغيير الثوري وال

وتمثل الخومينية . تطرح نظما بديلة ما بعد الثورة تقوم على أسس جديدةتعبيرا نموذجيا عن هذا االتجاه حيث طرحت إلى جانب طريقة التغيير

وعلى صعيد المرأة مثل . الثوري نظام الولي الفقيه بديال بعد نجاح الثورةرز األطروحات الثورية التي ارتبطت بالثورة اإليرانية فكر علي شريعاتي أب

والتي تضمنت إعادة تعريف للمرأة ودورها ومكانتها في الفكر والمجتمع لقد عبرت المرأة اإليرانية عن هذا المفهوم الثوري عندما )٩٨(.اإلسالمي

. ١٩٧٩احتلت الصفوف األمامية من الحشود التي قامت بالثورة اإلسالمية الكبوة التي أصيبت بها المرأة في ظل المرحلة الثورية األولى التي وبرغم

اتسمت بسطوة العناصر المتشددة وظروف الحرب، إال أن النساء اإليرانيات – وراديكاليا –استعدن فاعليتهن في المجتمع اإليراني طارحات نموذجا فريدا

- ٤٤١ -

المرأة المسلمة وفاعليتها للعالقة الناجحة بين اإلسالم والمعاصرة، وبين التزام .

وتقف . هي النمط األكثر انتشارا للتوجه الثوري : الحركات الرافضةغالبا عند حد الوسائل بمعنى أن فكرها واجتهادها الثوري يقف عند هدم . الواقع وتغييره دون أن يحمل تصورا مغايرا أو طرحا ثوريا لما بعد الثورة

ة التي انبثقت من العباءة الفكرية والحركية لجماعة وتعد الحركات األصوليأبرز التعبيرات عن تلك الظاهرة ، كما يمثل ) في مصر( اإلخوان المسلمين

فكر سيد قطب حول شرعية الثورة انطالقا من جاهلية النظم المجتمعات . المعاصرة الركيزة الفكرية األساسية لهذا التيار

ة وعود تذكر للمرأة فهي تعيد إنتاج المفهوم وال تحمل هذه القراءة أي التقليدي عن المرأة بحذافيره ، بل أنها تدعم من استضعاف النساء بجعل عزلة النساء وخضوعهن نوعا من المقاومة والثورة واالحتجاج الذي تمارسه

.النساء مختارات في مواجهة النظم الظالمة ال تعبر ).الحجاب الجديد: (تغريب حركة المقاومة النسائية التلقائية لل

هذه الحركة عن منظور متكامل فكريا أو واضح للثورة بقدر ما تمثل تعبيرا بسيطا وتلقائيا عن مقاومة النساء المسلمات العاديات للشعور باالغتراب واالزدواجية الثقافية الناشئة عن كثافة عمليات التغريب الثقافي واالجتماعي

اسة الدولة التحديثية ، وهي تعكس في المقابل تعبيرا عن التي روجت لها سيتتخذ هذه الحركة طابعا . التمسك بالهوية والذاتية الثقافية الممثلة في اإلسالم

نسائيا خالصا تجسد في العودة الجماعية الكاسحة لظاهرة الحجاب بمفهوم جديد يحصر الحجاب في غطاء الرأس والزي والسلوك المحتشم الذي ال يؤثر على الدور النشط الذي تلعبه المرأة في الحياة العامة في كافة

لقد انتشر هذا التوجه على مدى عقدي الثمانينيات والتسعينيات . المؤسسات

- ٤٤٢ -

في شتى أرجاء العالم اإلسالمي دون استثناء ، بيد أن المدلول االحتجاجي لتغريب لهذه الحركة اختلف من مجتمع آلخر حسب معدالت وحدة عمليات ا

" االتجاه نحو الحجاب" في تلك المجتمعات؛ فكلما اشتدت تلك العمليات اتخذ في هذا اإلطار . طابعا أكثر تحديا للنظام التحديثي المخترق وللقيم الغربية

تقترب مدلول حركة الحجاب الجديد من الثورة والتمرد لدى الجاليات المسلمة ظر لهذه الحركة بوصفها تمردا في المجتمعات الغربية وفي تركيا حيث ين

.القائم على علمنة المجتمع" للنظام العام"وتحديا رغم أن الطابع الفكري البسيط والنزعة البرجماتية لتلك الحركة كانا وراء انتشارها الساحق في صفوف وقواعد النساء في أنحاء العالم اإلسالمي،

مكامن التهديد والضعف في تلك إال أن هذه البساطة الفكرية تعد بذاتها أحدإن ضعف األساس النظري يعجز النساء عن الدفاع عن جوهر . الحركة

حركتهن والقيمة الحقيقية الكامنة فيها أال وهو إمكانية الجمع والتوفيق بين الحفاظ على الهوية اإلسالمية والدور الحيوي للمرأة في مختلف مجاالت

ركة عند الحاجة إلى طلب التنظيم والدعم وتضطر هذه الح. الحياة العامة النظري لالرتباط بالتبعية بتنظيمات وحركات سياسية ذات توجه تقليدي في

.قضية المرأة مما يخلق نوعا من التناقض بين ظاهر الحركة ومرجعياتها القراءة االجتهادية اإلصالحية-ج

ت اإلسالمية اإلصالحي بحق أخطر المنظورا– يمثل المنظور االجتهادي . وأكثرها حسما في مسار تطور األمة اإلسالمية والمرأة على حد سواء

الجانب الموضوعيويحمل هذا المنظور شقين موضوعي ومنهاجي؛ ينصب على التجديد من خالل إعادة فتح باب االجتهاد الفقهي في كافة القضايا

للبنيان الفقهي واألحكام ذات الطابع االجتهادي والتي تشكل المكون األكبروقد أظهرت التجربة الخصبة للقرن العشرين أن القضايا التي .. اإلسالمي

- ٤٤٣ -

تستدعي إعادة فتح باب االجتهاد هي من االتساع والحساسية في آن إذ تتوقف عليها نهضة األمة وتفاعلها الخصب مع متغيرات هذا العصر يستوي في ذلك

ولية ووضع أهل الذمة والموقف من قواعد التنظيم االقتصادي والعالقات الد: الخ كما يأتي في الصدارة .. المستحدثات العلمية وطبيعة النظام السياسي

. مسألة المرأة والعالقة بين الجنسين باعتبارها ركيزة النظام االجتماعي إن الحاجة لالجتهاد في موضوع المرأة هي حاجة شاملة تبدأ من األحكام

ل األحوال الشخصية التي تتبع أغلب النظم القانونية والفقه خاصة في مجاالقائمة فيها مذاهب تضيق الفرص والخيارات أمام النساء ، ولكن األخذ بمنهج السعة والتيسير في مجال القوانين واألحكام ال يكتمل بغير تشجيع ثقافة

تنظر إلى المرأة نظرة مختلفة وتتبنى تعريفات أكثر " اجتهادية"إسالمية وهكذا فإن قضية االجتهاد . امحا وتقديرا للمرأة من منظور الدين أيضاتس

ليست اقترابا فقهيا فحسب بل هي اقتراب ثقافي ومنهج لتطوير الحياة .والمفاهيم اإلسالمية، وهنا مكمن صعوبتها وأهميتها في نفس الوقت

لقد شهد القرن العشرين ظهور عالمات ورموز لالجتهاد في مختلف وفي مجال المرأة عرف العالم اإلسالمي نماذج بارزة . وضوعات الحيوية الم

للتجديد اإلسالمي كاإلمام محمد عبده والشيخ محمد الغزالي واألستاذ جمال البنا في مصر والطاهر حداد في تونس ونظيرة زين الدين في الشام ، وآية

دي شمس الدين اهللا مطهري وآية اهللا صانعي في إيران ، واإلمام محمد مهفي لبنان حيث تناول هؤالء مختلف القضايا المعضلة الخاصة بالمرأة بدءا من التعريف اإلنساني واالجتماعي للمرأة وانتهاء بمنظومة الحقوق والواجبات ونظم الزواج والطالق والقضايا المعضلة كتعدد الزوجات، وزواج المتعة،

الخ ..عامة للنساء وشهادة المرأة ، والوالية السياسية وال

- ٤٤٤ -

- على القراءة االجتهاديةالفكري غلب الطابع الصعيد المنهاجي على اإلصالحية ولم تكتسب في الغالب طابعا حركيا نظرا لطبيعة العمليات االجتهادية ذاتها كنشاط معرفي معقد، وربما عكس ذلك طبيعة مرحلية لكون

من ناحية أخرى تبنى التجديديون . لتأصيل هذا االتجاه لم يغادر بعد مرحلة افي الغالب نهجا إصالحيا في التغيير يقوم على االعتقاد في التغير التدريجي السلمي لألفكار والسلوكيات االجتماعية وكون التغيير عملية طويلة األمد تبدأ في األنساق الثقافية ومنظومة القيم واألفكار المجتمعية لتنعكس على المدى

.لزمني وبشكل سلمي وطبيعي على النظام السياسيا بين القراءات الثالثة يرتهن بالتيار اإلصالحي التجديدي إحداث نقلة نوعية حقيقية في وضع المرأة في الثقافة والمجتمع اإلسالمي؛ يرجع ذلك إلى

وبين التفسيرات ) إنصافا أو تهميشا(االرتباط الحاسم بين تحديد وضع المرأة ورغم تلك الوعود . االجتهادات المتعلقة بعدد من النصوص واألحكامو

واآلمال الكبيرة المعلقة على تيار االجتهاد واإلصالح فإن العديد من :اإلشكاليات تعترض تحقيق ذلك

إن القراءة االجتهادية اإلصالحية ال تزال تنحصر في مجهودات فردية -ي من تلك الجهود لتصبح ولم يتم تطوير أ. متناثرة على مدى القرن

مدرسة أو تيارا فكريا متماسكا ومطردا ينتج بشكل مستمر أفكاره يرجع ذلك جزئيا إلى سطوة المدرسة التقليدية في الفقه ونجاحها . وتالميذه

في محاربة وتهميش كل من يهدد سطوتها الفكرية خاصة من خالل .سيطرتها على المؤسسات العلمية اإلسالمية

ع الفكري المعقد لعمليات االجتهاد وعدم وجود حلقات وسيطة بين الطاب - .المجتهد والعامة مثل المفتين وغيرهم بما يفعل األحكام االجتهادية

- ٤٤٥ -

توقف االجتهاد حتى اآلن عند الحدود الدنيا متمثلة في استنباط بعض -األحكام الجزئية، بل إن كثيرا مما ينتجه المجتهدون المصلحون ال يرقى إلى مرتبة األحكام الموثقة الممنهجة في حيثيات لالستنباط وال يخرج عن

ناهيك عن القول بأن أيا من . كونه فكرا أو رأيا يفتقر إلى مفهوم الحكمجهود االجتهاد المعاصرة لم تمتد إلى منطقة االجتهاد المنهجي المتعلق

لق بها الكثير بمصادر وآليات التفسير وأصول استنباط األحكام التي تتعويعد هذا المستوى من مستويات االجتهاد . من مشكالت الجمود والتطوير

هو الفيصل في بناء مدرسة لالجتهاد تنتج أتباعا يطبقون نفس تلك المناهج .المستحدثة

في الدخول إلى – وهن أصحاب الحق والمصلحة – تقاعس النساء -ويالحظ أن . الجتهاد مناطق البحوث والثقافة اإلسالمية من منظور ا

النخبة النسائية المثقفة والمعنية بشأن المرأة تتخذ أحد موقفين ؛ إما التبعية لألفكار والمدارس اإلسالمية التقليدية القائمة وإعادة عرضها على نحو يبرر ويزين تلك األفكار، وإما النأي عن االنخراط في الثقافة اإلسالمية

رأة من خاللها واالنغماس في المقابل في قنوطا من إمكانية إنصاف المويشكل هذا الموقف أحد اإلخفاقات الكبرى . المدارس الغربية ومقوالتها

حتى من المنظور –لنساء العالم اإلسالمي في القرن العشرين ؛ فالمرأة ويعد إحجام . ليست ممنوعة من ولوج العلم وإنتاجه-الفقهي التقليدي

ريق اإلنصاف عن طريق االجتهاد في العلوم النساء المسلمات عن طلب طالشرعية إهدارا لفرصة تاريخية لتأسيس قاعدة راسخة لنهضة المرأة

.وتحررها وتحقيق االستدامة لما تحققه من مكاسب وحقوق

لقد أثبت القرن العشرين إن أية مكاسب تحصل عليها النساء في غفلة من حقوق ( لمرجعيات الحداثية الشريعة وعلى أساس من األمر الواقع أو ا

- ٤٤٦ -

. إنما هي مكاسب هشة ومهددة ) المواطنة ومنظومة حقوق اإلنسان الغربيةويبقى الرهان الحقيقي للمرأة المسلمة في الدمج بين نهضتها وتحررها وبين الشريعة اإلسالمية وفي كشف العوار الشرعي للحجج واألحكام التي تقرر

بذلك تنهي النساء إلى . باسم الدين استضعاف النساء وظلمهن وتهميشهن غير رجعة حالة االزدواجية واالغتراب التي تكاتفت في بنائها سياسات

. العولمة والتحديث من جانب والتشدد الديني من جانب آخر

مرة أخرى نقول لقد كان القرن العشرين هو الحقل الذي تفجرت فيه سئلة الكبرى فهل يقدم القرن الحادي كافة المشكالت والقضايا وتبلورت فيه األ

والعشرين اإلجابات و الحلول ؟ يقينا فإن الزمن وحده ليس كفيال بذلك بل إن اهللا ال يغير ما بقوم " األمر رهين بالوعي والسعي مصداقا بقوله تعالى

. صدق اهللا العظيم" ... حتى يغيروا ما بأنفسهم

). م١٨٩٩-هـ١٣١٦مكتبة الترقي ، : القاهرة( قاسم أمين، تحرير المرأة : أنظر-1: دم(مجموعة مقاالت نشرت في الجريدة في موضوع المرأة المصرية : باحثة البادية، النسائيات : أنظر- 2

).مطبعة التقدم بشارع محمد علي بمصر، دت-هـ١٣٤٨المطبعة الفنية بنهج الكنيسة ، : تونس(الطاهر حداد ، امرأتنا في الشريعة والمجتمع : نظر أ- 3

). م١٩٣٠: القاهرة ( مداخالت وأبحاث من أربع بلدان : مجموعة من الباحثات، الحركة النسائية العربية : أنظر- 4

.١٣ص ) ١٩٩٥مركز دراسات المرأة الجديدة ،5 -Haideh Moghissi, Populism and Feminism in Iran: Women ‘s struggle in a Male Defined Revolutionary Movement (New York: St. Martin’s Press, 1994), p3.

ابراهيم عبده ، تطور النهضة النسائية في مصر من عهد محمد علي إلى الفاروق .درية شفيق ود. د-6 .٧٣ص ) ،دتمكتبة اآلداب بالجماميز: القاهرة(

: حول دور هذا التعليم في بناء نخبة الرائدات الشاميات للصحافة النسائية في مصر والشام أنظر- 7دار الجبل، : بيروت (١٩٢٨ -١٨٤٩الدكتور جورج كالس، الحركة الفكرية النسوية في عصر النهضة

لنهضة النسوية وحول دور تلك الصحافة وهؤالء الرائدات في ا. ١١٦-٦١ص ص) م١٩٩٦ -هـ١٤٠٦: القاهرة(الثقافة والمجتمع والصحافة، ترجمة لميس النقاش : بث بارون، النهضة النسائية في مصر: أنظر

). ١٩٩٩المجلس األعلى للثقافة، ١٣ درية شفيق ، مرجع سابق، ص - 8

- ٤٤٧ -

).م١٩٣٩ -هـ١٣٥٨ن، الطبعة الثانية، .د: م.د(نبوية موسى، المرأة والعمل : أنظر- 9

10 - Moghissi, Op.Cit., p.27. أنظر على سبيل المثال الجدل الذي أثارته الصحافة السودانية في مطلع العشرينيات وفي مطلع - 11

سوسن سليم اسماعيل، الجذور . د: الثالثينيات حول اآلثار السلبية لتعليم الفتيات على األسرة والمجتمع في -٢٢، ص ص ١ص ) م١٩٩٠ -هـ١٤١٠مكتبة مدبولي، : ةالقاهر(التاريخية للحركة النسائية السودانية

٢٣. 12 - Alison Baker, Voices of Resistance: Oral Histories of Moroccan Women (New York: State University of New York Press, 1998) P19. 13 - “Pakistan..The Status of Women and The Women s Movement”, in http:// Icweb2.loc.gov/cgl- bin/query/r?frd/cstdy:@ field(DOCID+pk0057),p1

ص ) ٢٠٠٠دار المدى للثقافة والنشر، : دمشق( بثينة شعبان، المرأة العربية في القرن العشرين - 14١٥٦ .

١٩٥٣ مايو سنة ٢٣ والتي دخلت حيز التنفيذ في ٥١ لسنة ١٠٠ على رأسها االتفاقية الدولية رقم - 15 .وكذلك اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان

16 - Nermin Abadan- Unat, Women in Developing World: Evidence From Turkey (Denever- Colorado: University of Denever, 1986) p 53. 17 - Sirin Tekeli ,”Women in Turkey in The 1980s”,in Sirin Tekeli ,Women in Modern Turkish Society (London and New Jersy: Zed books Ltd, 1995), p.12.

أمينة ماما، دراسات عن المرأة ودراسات النساء في أفريقيا خالل التسعينات، ترجمة عزة خليل - 18 .٣٧ص ) ١٩٩٦مركز البحوث العربية، : القاهرة(

مجموعة من الباحثات، : حل البحث أنظر حول دور وإنجازات الحركة النسائية السودانية في المرحلة م- 19 .١٧٧-١٧٦مرجع سابق،

Op. Cit, p 51. Moghissi ,: انظر على سبيل المثال- 20 استندنا في هذه البيانات بشكل أساسي على تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج اإلنمائي لألمم - •

صفته تقريرا يحظى بأهمية خاصة لكونه قد أولى اهتمامه األساسي بقضايا المرأة ب١٩٩٥المتحدة عام والنوع وطرح للمرة األولى في تقارير التنمية البشرية ما يعرف بتجنيس التنمية البشرية الذي عبر عنه

ريادة هذا وبالنظر إلى . احصائيا بدليل التنمية البشرية المرتبط بنوع الجنس ومقياس التمكين الجنسانيالتقرير في االهتمام بموضوع المرأة فقد عمد إلى تقديم رؤية شاملة عن أوضاع المرأة في المجاالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية على مدى ربع قرن اعتبارا من مطلع السبعينيات وحتى منتصف

. التسعينيات من القرن العشرين وهو ما يناسب المرحلة التي نحن بصددها .٥٣ -٥١ص ص ) ١٩٩٥دار العالم العربي للطباعة، : القاهرة (١٩٩٥ تقرير التنمية البشرية لعام - 21 . المصدر السابق ، نفس الصفحات- 22 . ٣٤ المصدر السابق، ص - 23 .٦٨-٦٦ المصدر السابق، ص ص - 24

- ٤٤٨ -

.٥٣-٥١ المصدر السابق، ص ص - 25حولية قضايا العالم اإلسالمي : ، في أمتي في العالم"ميحالة المرأة في العالم اإلسال" أماني صالح، - 26

ص ) م١٩٩٩/ هـ١٤٢٠مركز الحضارة للدراسات السياسية، : القاهرة(م ١٩٩٩ هـ، ١٤٢٠-١٤١٩٢٤٠.

27 - The World ’s Women 2000: Trends and Statistics (New York: United Nations, 2000) p 87.

ص ص ) ٢٠٠٠برنامج األمم المتحدة اإلنمائي، : البحرين (٢٠٠٠شرية لعام تقرير التنمية الب: أنظر- 28١٦٣ -١٦١ .

.٥٦-٥٤، مصدر سابق، ص ص ١٩٩٥ تقرير التنمية البشرية لعام - 2930 - The World ’s Women 2000, Op.Cit., p.61 .

31 - Ibid., p.p. 56-57.

: الدار البيضاء-بيروت( باقر سليمان النجار، المرأة في الخليج العربي وتحوالت الحداثة العسيرة - 32

.٤٦ص ) ٢٠٠٠، المركز الثقافي العربي 33 - The World ’s Women 2000, Op.Cit., p. 110.

34 - Ibid., p. 114.

.٣٨، مصدر سابق، ص ١٩٩٥ تقرير التنمية البشرية لعام - - 35 .٤٠ المرجع السابق ، ص - 36األمم المتحدة، : حول مشكالت التطبيق العملي في مجال العمالة رغم التشريعات المنصفة للمرأة أنظر- 37

، األحكام )٣(دراسات عن المرأة العربية في التنمية اللجنة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا، سلسلة ).١٩٩٥األمم المتحدة، : نيويورك(المتعلقة بعمل النساء في التشريعات العربية

.٣٦ المرجع السابق، ص - 3839 - The World ’s Women 2000, p 9.

40 - Ibid, p p 152- 155. شهيدة : على قيم ووضع المرأة أنظر على سبيل المثال حول التأثيرات المختلفة للهجرة إلى بلدان النفط- 41

، في مجموعة من الباحثين ، المرأة العربية بين ثقل " المرأة لعربية ونظام القيم في الحقبة النفطية " الباز، ، ١٩٣ -١٨١، ص ص )١٩٩٩مركز دراسات الوحدة العربية ، : بيروت( الواقع وتطلعات التحرر

.١٩٢ -١٩٠باإلشارة إلى ص ص 42 - The World ’s Women 2000 , p 166.

43 - Ibid , p. 164.

- ٤٤٩ -

.٦٢-٦٠، مصدر سابق، ص ١٩٩٥ تقرير التنمية البشرية لعام - - 44، وغادة على " مديحة محمد الصفتي، مساهمة المرأة في التنمية بين والواقع والقانون . د: أنظر- 45

صالح سالم زرنوقة . هبة أحمد نصار ود. د: في " نظرة عامة : المشاركة السياسية للمرأة"موسى، مركز دراسات وبحوث الدول النامية : القاهرة(اآلفاق والتحديات .. المرأة والتنمية: مية ، قضايا التن)تحرير(

.١٣٤ -١٣٢ و ص ص ٨٤ -٨٣ ،ص ص ١٩٩٩بجامعة القاهرة، المرجع السابق، ص ص : أنظر على سبيل المثال موقع المرأة في النظام الحزبي المصري في - 46رقية المصدق، المرأة : لنظام الحزبي المغربي أنظروحول موقعها في ا. ١٦٣-١٥٥ وص ص ١٣٩-١٣٦

. وما بعدها٥٥ص ) ١٩٩٦دار توبقال للنشر، : الدار البيضاء ( والسياسة والتمثيل السياسي في المغرب . ٢٣٥ -٢٣٣أماني صالح ، مرجع سابق، ص ص : حول فصول هذا الصراع وخطابه أنظر- 47 : الدول األفريقية في أنظر تطبيقا لهذه األفكار على نطاق - 48

Jean O’Barr and Kathryn Firmin –Seller, “African Women in Politics”, in Margaret Jean Hay & Sharon Sticher , African Women South of The Sahara (New York: Longman Scientific technical, 1995), p.p. 202- 203.

وما بعدها٢٩سابق، ص رقية المصدق، مرجع : أنظر - 4950 - Sirin Tekeli, Op.Cit., p13.

.٢١-٢٠ مجموعة من الباحثات، الحركة النسائية العربية ، مرجع سابق، ص ص -51المرأة ونظام ضياء الحق في المراحل المختلفة لبرنامج أسلمة حول وقائع الصراع بين منتدى عمل - 52

: القوانين أنظرKhawar Mumtaz and Farida Shaheed (eds), Women of Pakistan: Two Steps Forward..One Step Back ? ( London & New Jersy : Zed Books Ltd., 1987) 53 - Unat, Op.Cit, p 133. 54 - see: Mumtaz and Shaheed , Op.Cit, p.p. 110- 120.

ماهيري من أمثلتها جمعية المرأة هناك استثناءات عديدة ولكن يبقى لها الطابع النخبوي وليس الج- 55 . المسلمة التي نشأت في نيجريا في منتصف الثمانينيات ومنظمة أخوات في اإلسالم في ماليزيا

: حول دور النساء إبان الثورة اإليرانية والعوامل التي حدت بهن الى دعمها أنظر على سبيل المثال- 56Farah Azari, “ Islam’s Appeal to Women in Iran: Illusions and Reality”, in Farah Azari (ed), Women of Iran: The conflict with fundamentalist Islam (London: Ithaca Press, 1983). And Afsaneh Najmabadi, “ Hazards of Modernity and Morality: Women, State and Ideology in contemporary Iran”, in Deniz Kandiyoti (ed), Women , Islam and the State (London: Macmillan, 1991), p.p. 48-76.

للمزيد حول الظاهرة اإلسالمية في أوساط النساء التركيات وأهم ووسائل وأهداف صراعها ضد - 57 :النظام، أنظر

Feride Acar, “ Women and Islam in Turkey” ,in Sirin Tekeli, Op.Cit., p.p. 46-65. أماني صالح، : في ١٩٩٩ أنظر تحليال لتلك السمة إبان أزمة الصراع بين مروة قاوقجي والدولة عام - 58

. ٢٥١-٢٤٩مرجع سابق،ص ص 59- - The World ’s Women 2000 , p 155.

- ٤٥٠ -

خمسون عاما من العمل : مفوضية األمم المتحدة لشؤون الالجئين، حالة الالجئين في العالم : أنظر- 60

.٢٧٩ -٢٧٨ص ص ) ٢٠٠٠مركز األهرام للترجمة والنشر، : القاهرة ( اإلنساني 61 - - The World ’s Women 2000 , p 162.

مفوضية األمم المتحدة لشؤون الالجئين، مرجع : حول سوء األوضاع داخل مخيمات الالجئين أنظر- 62 .١٠٩ -١٠٨سابق، ص ص

، ترجمة عثمان مصطفى عثمان ، " الزواج بين أسر التجار في حاضرة القرن السابع عشر" نيللي حنا، - 63، النساء واألسرة وقوانين الطالق في التاريخ اإلسالمي ، راجع الترجمة ) محررة (في أميرة األزهري سنبل) ١٩٩٩، ١١٩ المشروع القومي للترجمة، عدد -المجلس األعلى للثقافة: القاهرة(وقدم لها رؤوف عباس

. ١٦٢ -١٥١ص ص مع عدم التسوية بين الزوج تقوم فلسفة هذا القانون كما تقول أونات على التسوية بين الرجال والنساء- 64

وهي . فالزوج طبقا للقانون السويسري هو رئيس األسرة والزوجة يتعين أن تتبعه . والزوجة في األسرةوعلى المرأة الراغبة في العمل الحصول على موافقة . تشارك في الحفاظ على األسرة برعاية المنزل

.Unat, Op.Cit. p 32: أنظر. الخ..زوجها على سبيل المثال ال الحصر الخلط بين النتائج المترتبة على الزنا واالغتصاب رغم ابتعاد الشقة بينهما - 65

وقد اتضح ذلك في العديد من األمثلة منها مثال اتخاذ الحمل دليال على وقوع الزنا في تشريع الحدود الذي : أنظر. من الحاالت نتاجا لالغتصابوضع في عهد ضياء الحق في باكستان بينما يقع الحمل في كثير

Mumtaz and Shaheed, Op.Cit., p.p 102- كما ظهر ذلك في الجدل الذي ثار إبان تفاقم ظاهرة االغتصاب الجماعي في مصر الثمانينيات حيث اقترح مفتي الجمهورية توقيع عقوبات على المغتصبين

. وع من الجرائم يقاس على الحرابة تطابق عقوبة الزنا بينما عارضه البعض بأن هذا الن تشير بعض الكتابات إلى أنه بعد ظهور قوانين األسرة التركية تفاقمت حاالت بصورة كبيرة في المدن - 66

التركية، كما زادت حاالت األطفال المولودين خارج إطار الزواج حتى بلغ عددهم حتى منتصف الثمانينيات :أنظر. مليون طفل٨ما يقرب من

, Op.Cit. p 31. Unat ، "إعادة تقويم: المرأة والتحديث"عفاف لطفي السيد مارسو، : أنظر على سبيل المثال حالة مصر في- 67

.٥٨ -٥٥ترجمة أمينة عامر، في أميرة األزهري سنبل، مرجع سابق، ص ص

68 - Unat,Op.Cit., p134. 69- Mumtaz and Shaheed, Op.Cit., p.p 21.

سبيل المثال للتمازج بين العرف المحلي واألفكار الدينية ودور بعض الرموز الدينية أنظر على- 70يوسف عمر : والجماعات الصوفية في دعم األعراف القبيلية التي تكرس دونية المرأة في الثقافات المحلية

، ٢٥٠ والعشرون ، عدد ، في المستقبل العربي، السنة الثانية"واقع المرأة الليبية في الثقافة السائدة"غزال، . ١٤٢ -١٣١، ص ص ١٩٩٩ديسمبر / كانون األول

71 - see: Mumtaz and Shaheed, Op.Cit., p27,p 32.

- ٤٥١ -

72 - see for example:Ibid,p.57 p59. and Unat, Op.Cit., p133.

.١٠١ بثينة شعبان، مرجع سابق، ص - 7374 - Jean O’Barr and Kathryn Firmin-Seller, Op.Cit., pp 195- 196.

: أنظر على سبيل المثال في شأن موقف االستعمار من تعليم الفتيات حالة كل السودان والجزائر في - 75المرأة والجنس في شمال : المرأة العربية"و جوليا كالنس سميث، . سوسن سليم حسن، مرجع سابق. د

. ٦٣أميرة األزهري سنبل، مرجع سابق، ص أمينة عامر، في . ، ترجمة د"أفريقيا أثناء االحتالل الفرنسي .١٧١ مجموعة من الباحثات، مرجع سابق، ص - 76 -هـ١٤١٩دار الشروق، : القاهرة(إبراهيم بيومي غانم، األوقاف والسياسة في مصر . د: أنظر- 77

.٢٥ص ) م١٩٩٨78- O’Barr and Firmin-Seller , Op.Cit., p114.

.١٧١ أمينة ماما، مرجع سابق ، ص - 79 أنظر على سبيل المثال موقف اإلدارة االستعمارية من مطالب المنظمات النسائية الهندية ومنها -80

: في١٩١٧اإلسالمية عام Mumtaz and Shaheed, Op. Cit. p 42.

الجذور التاريخية لقضية جدلية حديثة ، ترجمة منى إبراهيم : نوسة في اإلسالم ليلى أحمد ،المرأة والج- 81 . ٢٦١ص ) ١٩٩٩المجلس األعلى للثقافة ،: القاهرة (وهالة كمال

.٦٧جوليا كالنس سميث ،مرجع سابق، ص : حول تأكيد الخطاب الغربي على تلك المفاهيم أنظر- 82أمينة عامر، في أميرة . ، ترجمة د"إعادة تقويم.. حديثالمرأة والت" عفاف لطفي السيد مارسو، - 83

. ٥٧األزهري سنبل، مرجع سابق، ص 84 - O’Barr and Firmin-Seller , Op.Cit., p194. 85 - Ibid., p211. 86 - Ibid., p 189.

.١٩ أمينة ماما، مرجع سابق، ص - 8788 - O’Barr and Firmin-Seller , Op.Cit., p191.

.١٦زهري سنبل، مرجع سابق، ص أميرة األ- 89 .١٩ أمينة ماما، مرجع سابق، ص - 90 .٢٦٣ ليلى أحمد، مرجع سابق، ص - 91 .٢٦٢ المرجع السابق، - 92 .٢٦٣ -٢٦٢المرجع السابق، : أنظر- 93 أنظر على سبيل المثال التحليل الثقافي الممتاز من منظور إسالمي التفاقية القضاء على كافة أشكال - 94

عمرو عبد الكريم سعداوي، : ضد المرأة وما انطوت عليه من فلسفة ومفاهيم ومصطلحات في ورقةالتمييزاللجنة اإلسالمية : القاهرة) ( رؤية نقدية (CEDAWإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

).لعامة ، دت األمانة ا– المجلس اإلسالمي األعلى للدعوة واإلغاثة –العالمية للمرأة والطفل .١٠٢، مرجع سابق، ص ١٩٩٥ تقرير التنمية البشرية عام - 95

- ٤٥٢ -

).ز(، بند ٢اتفاقية السيداو، مادة : أنظر- 96

97 - Farah Azari (ed), Op.Cit., p 2. : حول األبعاد الثورية لفكر شريعاتي بشأن المرأة والجذور الراديكالية لهذا الفكر أنظر- 98

Farah Azari , “ Islam’s appeal to women in Iran: Illusions and reality “,in Ibid, p.p 28-34.