ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا...

48
ﻧـﻘـﺪ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ اﻷدب اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻠﻲ أﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻧﺒﯿـﻞ واﻟﻨﻘﺪ اﻷدب أﺳﺘﺎذ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻣﺠﻤﻊ رﺋﯿﺲ ﻧﺎﺋﺐ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻁﺒﻌﺔ٢٠٠١

Transcript of ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا...

Page 1: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

في نـقـد

األدب الفلسطیني

الدكتور نبیـل خالد أبو علي

الجامعة اإلسالمیة –أستاذ األدب والنقد نائب رئیس مجمع اللغة العربیة الفلسطیني

م٢٠٠١الطبعة األولى

Page 2: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤-

منشورات اتحاد الكتاب الفلسطينيين

Page 3: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٥-

تصدیـر

لتي نشرتها لطالما راودتني فكرة جمع شتات البحوث والدراسات افي المجالت المحكمة والدوريات والصحف المختصة ، ١٩٨٢منذ العام

وإعادة نشرها مصنفة حسب اهتمامها ، ليسهل على الباحثين والدارسـين الرجوع إليهـا ، خاصة أن بعض هذه البحوث والدراسات منشورة فـي

.مجالت ودوريات عربية ليست في متناول اليد في فلسطين هممت بذلك شغلتني دراسة لم تكتمل ، أو فكرة بحث وكنت كلما

تغريني بالتأجيل ، أو تعلقت بصعوبة النشر وارتفاع تكاليفه ، أو غير ذلك .من المبررات التي تساير هموم الحياة اليومية

ولم يكن في حسباني صدور هذا الكتاب ، فاتحة السلسلة إن شـاء فاضة األقصـى المباركـة التـي اهللا ، في هذا الوقت بالذات ، ولكنها انت

استدعت إصدار البحوث التي تهتم باألدب الفلسطيني المقاوم ، الذي يجسد مأساة فلسطين ؛ ويحفز الهمم لتجاوزها ، ويرسخ الهوية ، ويعبق بـأريج

..األرض والتراث وقد انتظمت هذه البحوث والدراسات في بـابين ، اخـتص األول

على أربعة فصول ؛ تنـاول األول منهـا منهما في نقد الشعر ، واشتملصورة المرأة في شعر إبراهيم طوقان ، وطبيعة حياتها فـي عصـره ،

واهتم الفصل الثاني . ودورها في وجوه الحياة المختلفة في السلم والحرب -بغربلة شعر االنتفاضة ، والتنبيه على النصوص المتشـبهة بالشـعر

ا في الثالث سنوات األولى مـن والوقوف على أسباب رواجه -الالشعر أما الفصل الثالث فتناول طرق إنتاج الداللة في شـعر . عمر االنتفاضة

Page 4: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٦-

. أنموذجا " متى ترك القطا"عبد الكريم السبعاوي متخذا من ديوانه أما الفصل الرابع فقد اهتم بدراسة تجربة سليم الزعنون الشعرية ،

.ائص شعره والوقوف على جوانب شاعريته ، ورصد خصوقد اختص الباب الثاني في نقد القصة ، واشتمل علـى أربعـة فصول أيضا ، اهتم األول منها بدراسة خمس قصص قصـيرة للقـاص عثمان خالد أبو جحجوح ؛ تنتمي ألدب البحر ، نشـرت فـي الصـحف والمجالت إبان االنتفاضة ، وقاربها مقاربة نقدية تكشف عـن مسـتوى

حف والمجـالت ، وتعرف على قاص مغمـور بعض ما ينشر في الصمن خالل الوقوف على سمات إبداعه القصصي الموضـوعية -آنذاك -

واهتم الفصل الثاني بدراسة تقانات السرد القصصي في قصـة . والفنية زمن الغياب للقاص زكي العيلة ، وعمد إلى الكشف عن مبررات تجاوز

االرتداد إلى مرحلـة النكبـة القاص الراهن المعيش ومرحلة أوسلو ، ووتناول الفصل الثالث مشاهد النكبة . ومشاهد الحياة في مخيمات الالجئين

للقـاص غريـب عسـقالني ، " جفاف الحلق ومرارة اللسـان "في قصة .واستعرض ما اشتملت عليه من مضامين موضوعية وسمات فنية

اولـت بعـض أما الفصل الرابع فجمع شتات العديد من المقاالت التي تن .القصص القصيرة بالدرس والتحليل

واهللا ولي التوفيق ،

المؤلف

Page 5: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٧-

الباب األول

في

نقد الشعر

Page 6: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٨-

Page 7: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٩-

الفصل األول

المرأة في شعر إبراھیم طوقان • دراسة موضوعیة

م ١٩٩٩القاهرة ، العدد السابع عشر . جامعة األزهر –نشر في مجلة كلية اللغة العربية •

Page 8: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٠ -

Page 9: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١١ -

:ل ـأما قبي الحديث اسم إبراهيم طوقان ، ولـم يغمـط لم يغفل الدرس األدب

ة والوطنية حقها ، كما لم يسقط أشعاره الغزليـة مـن ـأشعاره السياسي، ولكن المالحظ أن االهتمام بشعره جملة لم يكن موازيا لمكانـة حسابه

ذلك الشعر وقيمته الموضوعية والفنية ، كما أنه لم يكن مماثال لالهتمـام أما االهتمام بشعره الغزلي فقد انحصر . اء العرب بشعر قرنائه من الشعر

في حدود نظرة مسبقة وحكم قديم على أشعار مروية تنسب إلبـراهيم ، موصوفة باإلباحية والمجون ، ونظرة متعجلة وحكم جائر أصدره بعض

Page 10: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٢ -

دارسي شعره الذين تأثروا بتلك النظرة وبما أشاعه جلساء إبـراهيم مـن شعار إبراهيم اإلباحية التي تداولوها فـي تلـك أخبار جلساتهم الماجنة وأ

، من ذلك ما نراه من زعم أحد دارسي شـعره ، أن انحسـار المجالسأهـدر فيضـا " -أي إبراهيم -شهرته وقلة االهتمام بشعره مرجعه أنه

وافرا من جيد شعره في ماال يقره الذوق العام، وال يسمح المجتمـع وال من ثم فقد قتل هذا الفيض الزاخر من إبداعـه الدين اإلسالمي بنشره ، و

الذي كان باإلمكان أن يوصله إلى أعلى مراتب الشهرة ، لو أنه سخره في . )١.. "(خدمة معان إنسانية أو وطنية أو جمالية

إن مثل هذا الرأي المتعجل لم يصدر عن دراسة متأنية ألشـعار بعـض أصـدقاء اشتمل عليها ديوان إبراهيم ، وإنما هو صـدى آلراء

وهو رأى ينطوي على قدر كبير مـن الخلـط ) . ٢(هـإبراهيم وجلسائوالجور ، حيث نرى الخلط في حكمه على ذلك الشعر بالجودة رغم أنه ال يدخل تحت لواء الشعر الذي يقره الذوق العام ، وال أدري كيـف يحكـم

النقـاد ومع ذلك فقد حسم ! بالجودة على شعر ال يقر الذوق العام معانيه القدماء هذه القضية حينما تصدى غير واحد منهم لمن عاب على امـرئ

، ..ي تعرض فيها للحامل والمرضع تالقيس بعض معاني شعره الغزلي ال، )٣(ومن هؤالء ابن قتيبة الذي برهن على صحة تلك المعاني وصـدقها

: وقدامة بن جعفر الذي برر حديثه عن صدق تلك المعاني وصحتها بقوله

. ٣٨، ص١٩٨٣، شهر آب ٣٥القدس ، العدد .ية شهرية الفجر األدبي ، مجلة أدب) ١(

. ١٦، ص .١٩٥٧البدوي الملثم ، الغواني في شعر إبراهيم طوقان ، بيروت: انظر ) ٢(

.١/١م ، ٧٧ ، دار المعارف٣ابن قتيبة ، الشعر والشعراء ، تحقيق أحمد شاكر ، ط ) ٣(

Page 11: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٣ -

وليس فاحشة المعنى في نفسه مما يزيل جودة الشعر فيه ، كما ال يعيب " ).١"(جودة النجارة في الخشب مثال رداءته في ذاته

أما جور ذلك الرأي فنراه أوال في اعتراف صاحبه الضمني بعدم االطالع على تلك األشعار؛ ألنها لم تنشر حيث ال يسمح المجتمع والدين

في جعله ذلك الشعر مـن أسـباب خمـول ذكـر بنشرها ، ونراه أيضا؛ ألنه لم يسخره في خدمة معان إنسانية ، أو وطنية أو جمالية ، رـالشاع

وال أدري بما يمكن أن نصف جيد معاني شعر الغـزل إذا لـم نصـفها بالجمال واإلنسانية ؟ كذلك لو صح ما ذهب إليه صـاحب ذلـك الـرأي

ريح، ولخمل ذكر العديـد مـن النصرف الدارسون عن شعر الغزل الص ..الشعراء كامرئ القيس وأبي نواس وبشار

فقد اهتم أصدقاء إبراهيم بدراسة شعره ، والتنبيه علـى .. وبعد دراسـتان أعـدهما ) ٢(مكانته األدبية ، وكان من بين دراساتهم العديدة

نعم خفاجي ، الطبعة األولى ، مكتبة قدامة بن جعفر ، نقد الشعر ، تحقيق محمد عبد الم) ١(

. ٦٦، ص ١٩٧٩الكليات األزهرية ، القاهرة ، ١٩٥٤المنشورة عام " شاعران معاصران " وأبرز تلك الدراسات دراسة عمر فروخ ) ٢(

براهيم وشعره ، ذلك ألن عمر فروخ صديق إبراهيم الحميم عن إتب وهي من أهم ما كإبراهيم العامة والخاصة ، مواكبا لميالد كل قصيدة مطلعا على جميع جوانب حياة كان

من قصائده تقريبا ، ملما بمعظم ما كتبته الصحف آنذاك عن حياة إبراهيم وقصـائده ، . وقد كانت هذه الدراسة المصدر الرئيسي لكل ما كتب عن إبراهيم وشعره بعد ذلـك

سم األول منهما مراحل حياة وقد قسم المؤلف دراسته إلى قسمين كبيرين ، تناول في القإبراهيم منذ ميالده حتى مماته ، وفي أثناء ذلك تحدث عن مناسبة العديد من قصـائده ، وأورد نماذج من شعره ، ثم انتهى إلى استعراض موضوعات شـعره والتنبيـه علـى

. وبالمنهج نفسه تحدث في القسم الثاني عن الشابي وشعره. خصائصه العامة

Page 12: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٤ -

البدوي الملثم ـ يعقوب العودات ـ وثيقتا الصلة بموضوع شعره الغزلي، ول في األولى منهما عالقات إبراهيم النسائية حسب واقعها التـاريخي تنا

كما وعاه من خالل أحاديث إبراهيم عن مغامراته مـع النسـاء ، وقـد قد ضمنتها نتفا من غراميات : " استرجع ذلك من مذكراته التي قال عنها

طوقان ، تلك الغراميات التي لم تنشر في الديوان ، وقد روى لي إبراهيموقد انطلق ). ١"(تفاصيلها ، وسمى أشخاصها ، وأشار إلى زمانها ومكانها

: في هذه الدراسة من فكرته المسبقة عن عبث إبراهيم ومجونـه فقـال وفيهـا صـورت .. وتشبيبه في سرب من الغواني زلهقصرتها على غ"

معاركه الدامية الحمراء وتهيامه بالغيد المـالح ، وصـباباته وأحالمـه ) .٢" (الفاضح بالهوى

إبراهيم طوقان فـي وطنياتـه " أما الدراسة الثانية فكانت بعنوان ، وقد صدرت بعد دراسته األولى بسبع سنوات ، ولم يخرج " ووجدانياته

فيها عن دائرة المنهج التاريخي الذي اتبعه في دراسته السابقة ، وقد قسم ياة إبراهيم طوقان تحدث في األول منهما عن ح: الحديث فيها إلى قسمين

ومناسبات شعره السياسي والوطني ، وفي القسـم الثـاني تحـدث عـن

طوقان شـاعر "سومة بـ وراسات دراسة الدكتور زكي المحاسني الموثاني تلك الدم ، وقد تحدث فيها عن حيـاة إبـراهيم وبيئتـه ، ١٩٥٥التي أصدرها عام " فلسطين

وتناول مقتطفات من شعره ووقف على سماتها ، ثم وازن بين بعض قصائده الوطنيـة مكانة هذا الشـاعر وقصائد بعض معاصريه من الشعراء العرب ، ثم خلص إلى إبراز

.واستحقاقه لقب شاعر فلسطين

. ١٦الغواني في شعر إبراهيم طوقان ، ص) ١(

. ١٦السابق ، ) ٢(

Page 13: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٥ -

وجدانياته ومناسبات قصائده الغزلية دون أن يضيف جديدا إلى ما ذكـره .في كتابه السابق

، والتي أقرهـا ) ١(وقد شكلت اآلراء التي رددها جلساء إبراهيم ة لجميـع الدراسـات التـي البدوي الملثم في دراستيـه حجـر الزاويـ

، حيـث ) ٢(تعرضـت بعد ذلك ـ ولو لماما ـ لشعــره الغــزلي انطلقت جميعا من منطلق ما وصف به شعره من مجون وعبث ونبو على

وألن المرأة هي قطـب شـعر ..الذوق العام وتطاول على العفة والدين ث دارسي الغزل الذي احتل مساحة واسعة من إبداع إبراهيم ، وألن حدي

شعر إبراهيم قد انصب في مجمله على أنموذج واحد من النسـاء ، هـو األنموذج الذي نتخيل مالمحه من خالل الحكم السابق على غزلـه وألن

.. ذلك الحديث لم يكن في معظمه مبنيا على أشعار اشتمل عليها الديوان رأيت أنه من الضروري الوقوف على حقيقة واقع المـرأة فـي عصـر

اهيم ، ثم استجالء صورتها كما انعكست على صفحات شعره ، وذلك إبرلتبيين صور النساء اللواتي عرفهن إبراهيم في حله وترحاله ، وصـفات

.المرأة التي شغفت قلبه وسيطرت على وجدانه

٣٠صم،٥٤، المكتبة العلمية ـ بيروت ١عمر فروخ ، شاعران معاصران ، ط: انظر ) ١(

بعـة زكي المحاسني ، طوقان شاعر فلسطين في حياته وشعره ، الط. ـ د: انظر مثال ) ٢( . ١٢٦، ص ١٩٥٥األولى ، دار الفكر العربي ، القاهرة

، مكتبـة ١ـ كامل السوافيري ، االتجاهات الفنية في الشعر الفلسطيني المعاصر ، ط . ١٢٧، ص ١٩٧٣األنجلو المصرية ،

٦١،ص ١٩٩٤، نابلس ٢ـ المتوكل طه ، الساخر والجسد ـ إبراهيم طوقان ـ ، ط

Page 14: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٦ -

:وقان ـصر إبراهيم طـالمرأة في ع

Page 15: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٧ -

تلفـت ، واخ) ١(تنوعت نماذج المرأة التي عاصـرها إبـراهيم مستوياتها الثقافية واالجتماعية والدينية ، وتنوعت بيئاتهـا وانتماءاتهـا ، األمر الذي قد ال تسعفنا معه الدراسات التاريخية والبحـوث االجتماعيـة وحدها الستجالء واقع المرأة التي خبرها طوقان ، والتي اختمـرت فـي

لذلك كان فكره واختلجت في فؤاده قبل أن تنعكس على صفحات شعره ، البد من اعتماد النصوص الشعرية التي صورت واقع المرأة فـي تلـك الحقبة الستكمال ما أغفله المؤرخون وعلماء االجتماع من خفايا جوانـب

.ذلك الواقع وإن كنت ال أزعم أن المرأة على مقاعد الدراسة هي األنمـوذج

ـ ه األنمـوذج األول الذي التقاه شاعرنا في رحلة حياته ، فإنني أظـن أناألكثر تأثيرا في تشكيل خلفية الشاعر عـن المـرأة وتحديـد مشـاعره

والمتأمل لواقع تعليم الفتيات آنـذاك يالحـظ أن االهتمـام .. اههاـاتجبالتعليم بشكل عام قد اتضحت معالمه في النصف الثاني من القرن التاسع

فـي مـدن عشر ، كما يالحظ أن خروج الفتيات والفتيان إلى المدارسوقرى فلسطين أصبح مألوفا في السنوات األولى من القـرن العشـرين ، ويكفي في هذا المقام أن نذكر بأن مجموع عدد المدارس فـي النصـف

مدرسة ، ١٢٨الثاني من القرن التاسع عشر كان في نابلس والقدس وعكا لغ عدد تلميذا وتلميذة ، وقد ب ٤٣٦٣معلما و معلمة ، و ٣٠٥اشتملت على

تلميذة ، بينما أصـبح ١٣٨٨معلمة ، وعدد التلميذات ٦٨المعلمات منهم

م ، وتوفي في الثاني من مايو ١٩٠٥في مدينة نابلس بفلسطين عام ولد إبراهيم طوقان) ١( .م في المستشفى الفرنسي في القدس ١٩٤١عام

Page 16: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٨ -

عدد المدارس الحكومية في المناطق الثالث نفسها فـي مطلـع القـرن مدرسة تحتوي على صفوف للمرحلـة ٢٥مدرسة ، منها ٥٠٩العشرين

الثانوية ، كذلك كان هنالك ثالث مدارس ثانوية عربية حكوميـة ، هـذا افة إلى عدد من المدارس الثانوية العالية للطوائف والمذاهب الدينية باإلض

غير اإلسالمية والجاليات األجنبية في فلسـطين ، كمـا كـان للعـرب الكلية العربيـة ، والكليـة الرشـيدية ، : مؤسستان للتعليم العالي ، هما

) .١(ومدرسة الحقوق التي كانت للعرب واليهود على السواء فتيات الفلسطينيات تلك المدارس ، واطلعن على علوم وثقافات وقد أمت ال

، وتأثرن ببعض العادات والمفاهيم األجنبية ، وجذب الكثير مـنهن شتىبريق بعض الحضارات التي عكستها مدارس الطوائف والمذاهب الدينية غير اإلسالمية ، ومدارس الجاليات األجنبية ، وقـد اتضـح أثـر ذلـك

ي والحضاري في مختلف وجوه الحياة ، وقد تجلى ذلـك االحتكاك الثقافبوضوح في المدن الفلسطينية الكبرى بشكل خاص ، حتى لقد وجدنا من يتذمر من إفراط المرأة الفلسطينية في التشبه باألجنبيات ، حيـث هالـه سلوك الفتيات ومظهرهن الذي لم تألفه البيئة الفلسطينية من قبل ، من ذلك

) :٢(در الخوري البيتجالي الذي يقول اسكن -مثال - راعنــا فــي الشــرق توظيــف البنــات وركـــوب الســـيدات العجـــالت

وائرفــي الــد ــر واضــي الح ف

عبد الرحمن ياغي ، حياة األدب الفلسطيني الحديث ، الطبعـة الثامنـة ، دار اآلفـاق ) ١(

. ٧٧ـ ٦٢، ص ١٩٨١الجديدة بيروت

فـي فلسـطين ، طبعـة دار المعـارف كامل السوافيري ، األدب العربي المعاصـر ) ٢( . ٩٤، ص١٩٧٩بمصر

Page 17: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-١٩ -

ــافنات ــاد الصـ ــاهن الجيـ وامتطـــ ــا العثــ ــاس ال يقينــ راتبلبــ

ــات ــم الغاني ــه جس ــوب في ــين ث بــاة ــدو كالمهـ ــه تبـ ــود منـ ونهـــات ــات فاتنــ ــدور عاريــ وصــ

ــل " و ــاة " بناطي ــم النه ــى رغ عل لبســــتها هــــذه المســــترجالت

ــاور كالقســـرــاط والمخـــربـــات ظـــاه رـــي نـــافوه ــواظر للنــــــــــرواألوام ــاكر كالعســـ

ثم نجده يحض الفتيات الفلسطينيات على عدم التخلق بأخالق األجنبيات أو ) :١(وله التشبه بهن ، ويشكو من نتائج ذلك التشبه باألجنبيات بق

ــات نســانا ــا بن ــا نســانا وي ي إن هــذي األزيــاء هــدت قوانــاــب ــد غري ــوم زي جدي ــل ي ك

لـزي كـال ا جمال النساء فـي ا م ال وال الحسن في ارتفـاع كعـاب

ــالل ق الضــر ــاع ط ــبكن اتب حس "يـا بنـات الحـالل " دعننا منها

ــوال ــول واألمـ ــف للعقـ متلـ ال وال فــــي صــــبوة أو دالل إنما الحسن فـي جمـال الخصـال

لقد اطلع شاعرنا على هذا األنموذج من النساء المتفرنجات ، وانطبعـت صورهن في وجدانه منذ نعومة أظافره ، وإن كانت حداثة سنه وهو فـي المرحلة االبتدائية في نابلس لم تؤهله للتفاعل مع هذا األنموذج من النساء،

ينة القدس إبان دراسته الثانوية قد هيأت له هذا األمـر ، فإن حياته في مدذلك ألن مدينة القدس أكثر اتضاحا ورحابـة فـي آفاقهـا الحضـارية واالجتماعية من مدينة نابلس ، ونماذج المرأة ذات األصول المختلفة أكثر

هذا ويشتمل ديوان إسكندر الخوري على العديد من النمـاذج التـي . ٩٥السابق ، ص) ١(

.يتحدث فيها عن تشبه العربيات باألجنبيات

Page 18: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٠ -

تنوعا ، إذ اشتملت القدس على أكثر من ثالثين مدرسة لمختلف الجاليات ، وألن إبراهيم أصبح أكثـر )١( ، إضافة إلى مدارس المسلميناألجنبية

نضجا واستجابة لحديث الصبابة والهوى ، وقد ساعد على ذلـك ابتعـاده ، والتحرر النسبي الذي امتازت به ) ٢(عن رقابة األهل وبيئتهم المحافظة

من سنة -مدرسة المطران الثانوية الداخلية التي أمضى فيها أربعة أعوام ، ذلك التحرر الذي نستشف أبعاده من قول عمر -م ١٩٢٣ حتى ١٩١٩إن إبراهيم ال يذكر مدرسة المطران مـن الناحيـة األخالقيـة : " فروخ

، ورغم أن مصادر الدراسة لم تحدثنا عن شئ يبـرر ) ٣" (بالخير أبدا رأي إبراهيم في تلك المدرسة من الناحية األخالقية إال أنه يمكنني القـول

ما رآه إبراهيم في تلك المدرسة األجنبية التي ارتادتهـا الحسـناوات إن ، أو ) ٤(، سواء كمعشوقات اللتقاء العاملين في تلك المدرسـة الغربيات

كمصليات في كنيسة سان جورج التابعة للمدرسة ، كان وراء ذلك الرأي، لى إذ من البدهي أن يبدو مظهر وسلوك الفتاة الغربية التي كانت تتردد ع

تلك المدرسة شاذا وخارجا عن القيم األخالقية إذا ما قيس بمظهر وسلوك الفتاة الفلسطينية التي رآها إبراهيم في البيئة النابلسية المحافظة ، ولعـل

. ٦٥ـ ٦٣حياة األدب الفلسطيني الحديث ، ص) ١(

. ١٨شاعران معاصران ، ص) ٢(

. ١٩السابق ، ص) ٣(

قد يكون اطالع إبراهيم على بعض تجارب أساتذته الغرامية عامال من عوامل تكـوين ) ٤(ومما يروى في هذا المجال اشـتهار قصـة . رأيه في الجانب األخالقي لتلك المدرسة

.وقد قال إبراهيم شعرا في ذلك . غرام أحد األساتذة بفتاة روسية . ٢٤صالغواني في شعر إبراهيم طوقان ، : ـ راجع

Page 19: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢١ -

قصائد صديقه عبد الكريم الكرمي التي تغزل فيها بحسناوات القدس أكثر لمرأة اللعوب التـي توضيحا لصورة هذا األنموذج من النساء ، أنموذج ا

كانت تصادف الشباب فتؤجج مشاعرهم وتصبي قلوبهم ، وتذهب للصالة ) :١(في الكنائس فتفسد على المصلين صالتهم

تميس بين العذارى الفاتنـات كمـا ارتمى صعقالما تراءت على الطور

مههذا المالك هوى: " قالت جموع

ــؤود ــال مف ــة اآلم ــروم غاني !ي من شام طلعتها والقلـب معمـود!

ــد ــديس وتمجي ــماء فتق ــن الس م

جعـل " ولم يكن إبراهيم بدعا في تلك البيئة ، بل تفتح قلبه للمـرأة ، و يحاكي شعراء الغزل في وصف الحسان الالتي كان يصادفهن في طريقه،

، فمن اللواتي صادفهن ـ وهو في المرحلة ) ٢" (وأكثرهن من الغربيات رئيس كولونية األمريكان في القدس ، " فستر " تي السيد الثانوية ـ كريم شبهها بالغزال النافر ، وشـهر بشـقيقتها الكبـرى إذ " فمدح الصغرى و

ومن نماذج المرأة األجنبية التي وجدت ) ٣.. "(شبهها بالفيل الضخم الجثةفي فلسطين في عصر إبراهيم ، بائعات الهوى ، اللواتي جلبهن االنتداب

اد الشباب ، حيث عملن على جذب الشـباب إلـى المالهـي ، معه إلفسوصرفهم عن التفكير في شئون بالدهم وما يتربص بها ، وقد كان لهـذا األنموذج من النساء األجنبيات أثره السيئ على المتعطشين إلـى العبـث واالبتذال من بعض ذوي المال والجاه ، وقد حذر الشعراء مـن خطـر

. ٢١الغواني ، ص) ١(

. ٢٣طوقان شاعر فلسطين ، ص) ٢(

. ٢٤الغواني في شعر إبراهيم طوقان ، ص) ٣(

Page 20: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٢ -

ب السير في طريق الغواية واالنصـراف عـن أولئك النسوة ومن عواقمقاومة العدو ، من ذلك مـا نراه فـي قـول الشـاعر مطلــق عبـد

):١(الخالق !مــرقص عابــث يعــج عجيجــا غاض ماء الحياء فيـه وأضـحى ــميك ــد س ــر ، وجل ــد داع جس

وليلـي " ليـزا " وفيه " رفكا " فيه ــوب ــهن وث ــن فرقص إن رقص

ت الخيــال يعــرفن ممــنصــادقاـ أيها المدلجون فـي حلكـة الليـــونا ــاقال وحص ــدمتم مع ــد ه ق ــد ــل عتي ــد ، وجه ــل بائ خــوا ــول وثوب ــذه المي ــافحوا ه كــواكم ــارى ه ــتم أس ــا أن طالم

ــة وصــياح ــه جلب ــا في ــل م !ك كــل شــئ فــي جفونــه يســتباح

التمسـاح " السـماكة " دونه فـي )٢(وخزامــى ، ونــرجس ، وأقــاح

ــاح ــاء نبـ ــين ، فالغنـ أو تغنـــاح ــوال واألربـ ــتغل األمـ تسـ

وى اللذات ، أيـن الـرواح ـل نشاــاح ــاال يت ــم م ــتم للخص وأتحــاح ــا الري ــث فيه ــالد تعب وب طـاب فـي هــذه الليـالي الكفــاح ليس يرجـى لـذي الـبالد نجـاح

أما األجنبيات اللواتي حضرن مع البعثات التبشيرية والجاليات األجنبيـة لمستشفيات والمـدارس التي أدارت بعض المرافق الحيوية في فلسطين كا

، فقد تنوعت مشاربهن ، واختلفت طرائق ودرجـات .. األجنبية وغيرها تأثيرهن في وجوه الحياة المختلفة ، سواء التأثيرات الثقافية والحضارية ،

، وقد رأينا صورهن وصور من تأثرن أو )٣.. (أو السلوكية والمظهرية

.١٢١ـ ١٢٠، ص) بدون ( ديوان الرحيل ، طبعة دار المستقبل العربي ، القاهرة ) ١(

."ليلى وخزامى، ونرجس " الفلسطينيات اللواتي جارين األجنبيات بـ يكني عن) ٢(

. ٧٧ـ ٦٢حياة األدب الفلسطيني الحديث ، ص: جع را) ٣(

Page 21: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٣ -

يره من معاصـريه ، تشبهن بهن تنعكس على صفحات شعر إبراهيم وغوفي ديوان إبراهيم صور عديدة تمثل هذا األنموذج من النساء ، من ذلك

) :١(صورة الممرضة الروسية التي كانت تحقنه بدواء القرحة ، يقول ــية ــا قاس ــين ي ــوة العين ــا حل يــدا ــى ي ــت أنس ــا فلس ــا أن أم لئن شـفي الطـب ضـني عارضـا ــا ــى نفعه ــي عل ــرة اآلس وإبــلعي ــي أض ــاك ف ــا عين تبعثه تـــألم قلبـــا نكـــأت جرحـــه

ــت وت ــي حرك ــار الت ــئ الن طف قيصـــرة الحســـن أال اشـــتكيــوة ــي هف ــيانك ل ــان نس ــل ك هــن ــا يك ــك مهم ــيدتي ، ذنب س

سرعان مـا أصـبحت لـي ناسـية ناعمــــة تجــــود بالعافيــــة فمهجتــي أنــت لهــا شــافية أفعــل منهــا نظــرة ســاجية ــية ــا ، آسـ ــة بعطفهـ فياضـ

د يهـــوى مـــرة ثانيـــةفعـــا فأرجعتهـــا زفـــرة حاميـــة ــة ــا طاغي ــورك ي ــن ج ــك م إليــة ــراكها خافيـ ــة أشـ أم خطـــة ــذارك الواهيـ ــره أعـ ..تغفـ

وقد زخرت دواوين شعراء تلك الحقبـة بكـل صـور النسـاء األجنبيات ، سواء بائعات الهوى ، أو اللواتي أتين مع البعثات التبشـيرية

ا بالشارع الفلسطيني ، والجاليات الغربية أو الروسية ، حيث اختلطن جميعوأغوى سلوكهن ومظهرهن وصنوف زينتهن طائفة من الشبان إضافة إلى العديد من النساء اللواتي تشبهن بهن ، ومما قاله الشـعراء فـي النسـاء

، نذكر وصف مطلق عبد الخـالق لغانيـات األجنبيات والمتشبهات بهن ) :٢(طبريا الذي يقول فيه

. ١٣٠، ص ١٩٩٥ديوان إبراهيم ، الطبعة األولى ، دار الشرق الجديد ، بيروت ) ١(

. ٩١ديوان الرحيل ، ص) ٢(

Page 22: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٤ -

ــا ــذكرى طبريـ ــا لـ يـــالقلوب ــات بــ عابثـــ سائرات في الليـالي الـــب ال ــائرات اللــ طــ تـــارة يحكـــين همـــا مــن تفتــه الحركــات

ــا ــدود النـ ظراتوالخـــات ــدود المائسـ والقـــاظرات ــون النـ والعيـ

ــات ــا غانيــ إن فيهــ ت مبكيـــاتمضـــحكا

ــداجيات ــمظلمات الـ ــــاحكات ــين إال ضـ يمشـــات ــا معلنــ وأوانــــات ــه اللفتـ ــم تفتـ لـــارزات ــود البـ !والنهـــات ــود المعلمـ !والزنـــات ــفاه الناطقـ !والشـ

ووصف إسكندر الخوري البيتجالي للمرأة اليهودية المهاجرة إلى فلسطين الذي يستهجن فيه مظهرها و يحذر من سوء خلقها ، بعد أن أصبحت أنموذجا ملفتا في شوارع القدس ، ويحث العربيات على التزام الفضيلة

) :١(ل وعدم التشبه بها ، حيث يقوالخــدود ــر مح النهــود بــارزات ــا ــوارع تيه ــي الش ــرن ف يتخطــر ــن حري ــفافة م ــرود ش وب

ما مـن عيـون سرن يرسلن أسه ــازدراء ــارة بـ ــتن تـ يتلفـ بينهن الحسـناء مـن خادعوهـا والتـي خادعــت ومــا خادعوهــا مــن بنــات اليهــود جــئن إلينــا مشهد من مشـاهد القـدس هـذا

ــدود ــمر الق الصــدور ض ــات عاري مــن أســاور وعقــود لــيبح ــرود ــى وراء الب ــا اختف شــف عم ــود وس قرــين ز ــا ب ــات م فاتن ويقهقهـــن تـــارة كالوليـــد ــود ــو الوع ــوى وحل ــدايا اله بهــدود ــي الخ ــرة ف ــاض وحم ببي مــن أروبــا بكــل زي جديــد ــهود ــل وش ــن دالئ ــى ع ــي غن ف

. ٧٠، ٦٩ديوان العنقود ، ص) ١(

Page 23: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٥ -

ــا ــال فإن ــراب مه ــات األع غاني يا فتـاة الـبالد كـم فـي بـالدي احذري الزي هذبي الطفـل كـوني كي يكـون الوليـد يومـا رشـيدا كي يكون الولـدان يومـا أسـودا

حتيــاج إلــى الصــالح شــديدفـي ا ــدود ــدو ل ــن ع ــم م ــبالدي ك ل مثــل النبــل والتقــي للوليـــد ــيد ــر أم الرش ــوني نظي ــي تك ك

ـ ض هل بـالدي؟ مت بظـل األسـود!

تلك كانت صورة المرأة األجنبية في المدن الفلسطينية بمشاهدها المتنوعة، وانعكاساتها على بعض النسوة اللواتي انبهرن ببهرج الحضارة الوافدة في

.بعض المدن الكبيرة التي كانت تعج باألجنبيات كمدينة القدس مثال نية في المدن والحواضر الفلسطينية فلها صورها أما المرأة الفلسطي

التي نراها من خالل واقعها المحافظ كربة بيت ، أو التي تـنعكس مـن وألن المقـام ال يتسـع . خالل نشاطها االجتماعي والثقافي والسياسـي

للحديث عن وجوه نشاطات المرأة الفلسطينية وال لصورها التي تتجلى من ء في حقـل التعلـيم أو التمـريض أو فـي خالل تلك النشاطات ، سوا

الجمعيات الخيرية واالتحادات النسـائية ومـا عقدتـه مـن نـدوات أو ، فإنه قد تجدي اإلشارة إلى جانب من جوانب نشـاطها ) ١.. (مؤتمرات

الوطني ، ذلك النشاط الذي نلتمس صداه في قصائد شعراء تلك الحقبة ، ي نظمها محي الـدين الحـاج الت" عودي لخدرك " من ذلك مثال قصيدة

م إثر مظاهرة اشـترك ١٩٣٦عيسى الصفدي في نابلس في أوائل ثورة ، إذ .. فيها فريق من نساء المدينة ، ربات بيوت وطالبـات وموظفـات

. ٢١، ص ١٩٧٧غازي الخليلي ، المرأة الفلسطينية والثورة ، بيروت : راجع ) ١(

Page 24: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٦ -

) :١(يخاطب الفتاة الفلسطينية بقوله عودي لخدرك يا أخت المها عـودي ــبة غضم ــت ــه إذا أقبل ــارك الل تب فكفكفي الدمع من عينيك واطرحـي

ك الحي جـري فـي مسـارحه ودون أما رأيت ليوث الحـي قـد بـرزوا غادين للموت ال يلـوون أو يصـلوا ــك كــم خفــوا لنائبــةقوم فتيــان

الحي ما شئت من شوس ومن صـيد في والحسن يشرق من طرف ومن جيـد

سى لتواسـي قلـب معمـود عنك األ ذيــل المفــاخر بــين الخــرد الغيــد ر القـودـمالمناصل فـوق الض حمر إلــى ســبيل مــن العليــاء محمــود في كـل يـوم مـن األيـام مشـهود

ومن ذلك أيضا تصوير وديع البستاني دور المرأة الفلسطينية في إضراب : )٢(ومشاركتها الفعالة في أحداث الحياة السياسية ، م١٩٣٦عام

ثار الشباب وثـار الشـيب قـبلهم ــا ــي معامعه ــالء ف ــاء ب وللنس ويسجنون وقد ضـاقت سـجونهم

احتشدوا للحـرب إن لعبـوا والصبية ــم األدب ــا أواله ــق م ــي آن والنفــرب ــادت تزحــف الت ــدفنون وك وي

أما أنموذج المرأة القروية فهو األنموذج الذي يمثل غالبية نسـاء من الفلسطينيين كـانوا % ٧٠فلسطين ، ذلك لما هو معلوم من أن حوالي

، وقد كانت المرأة القروية أقل حظـا )٣.. (قرويين يعملون في الزراعة

.٣١،٣٢، ص ١٩٧٥، ديوان من فلسطين وإليها ، الطبعة األولى ، حلب صفديال) ١(

بد الرحمن رباح الكيالي ، الشعر الفلسطيني في نكبة فلسـطين ، المؤسسـة العربيـة ع) ٢( .١٢٧، ص ١٩٧٥للدراسات والنشر ، لطبعة األولى ، بيروت

مية األولى ، مجلة شـؤون نبيل بدران ، الريف الفلسطيني قبل الحرب العال -: انظر ) ٣( .١١٦، ص١٩٧٢، العدد السابع ، مارس " فلسطينية ، بيروت

هاني حوراني ، مالحظات حول أوضاع الطبقة العربية العاملة في فلسـطين - ١١٩ص،١٩٧١، نوفمبر ٥في عهد االنتداب ، مجلة شؤون فلسطينية ،عدد

Page 25: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٧ -

من التعليم والثقافة ، وأكثر بعدا عن رغد الحياة وبريقها في المدن ، إذ ال هم لها إال مساعدة الرجل على ظروف حياته القاسية ، لذلك ال نكاد نرى

بيئتها المحافظة حيث وقوفها إلى جانـب انعكاس صورتها إال في نطاقالرجل في عمله وفي نضاله ، فهي األم والزوجة واالبنة واألخـت فـي المنزل ، وهي الفالحة في الحقل ، وهي المحرضة على الثورة ومواجهة العدو ، وهي المشاركة في الثورات حينما تعم القرى والنجوع الفلسطينية،

يد ، وزوج السجين ، وهي المنكوبـة أو وهي في عيون الشعراء أم الشه ).١..(المشردة أو البائسة أو الجائعة

وشواهد ذلك كثيرة نورد منها قول مطلق عبد الخالق في تصوير بؤس امرأة تواجه أعباء الحياة بأطفالها الصغار بعد أن فقـدت زوجهـا

)٢:( هـــذه أم صـــغار فقـــدت ــا ــن مهجته ــة م ــفك الدمع تس يـــا لهـــا بائســـة حـــائرة

ــذاء ــال غ ــي ألطف ــا ، تبغ بعلهــاء ــارا ودم ــرى ون ــرة ح زف

ــؤس وت ــتم الب ــاءتك ــه حي خفي

وفي تصوير المرأة وقد حلت بها المصائب ، نـورد قـول عبـد

: انظر نماذج ذلك في ) ١(

. ١٤٧ـ ١٤٦، ص ١٩٧٨، دار العودة بيروت ١ـ فدوى طوقان ، الديوان ، ط . ٩٨ـ، ص ١٩٩٢ـ إبراهيم العلم ، فدوى طوقان ، الطبعة األولى ـ القدس

١٠٠ـ األدب العربي المعاصر في فلسطين ، ص . ٨٠ـ طوقان شاعر فلسطين ، ص

.١٥١ـ عبد الرحمن رباح الكيالي ، الشعر الفلسطيني في نكبة فلسطين ، ص

.١٠ص الرحيل ،) ٢(

Page 26: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٨ -

الرحيم محمود في تصوير نساء قرية عنبتا حينما وصلهن نبـأ استشـهاد ):١(١٩٣٩القائد المجاهد عبد الرحيم الحاج محمد عام

برزت فيها المصونات ضـحى وا حبيــب األمــة قــد يتمتنــا صعدوا مـن لوعـة زفـراتهم

ــ ــات للخ دودصــارخات قارعــد ــاة وولي ــل فت ــا ك ــا أب ي فأذابت قاسي الصخر الصـلود

أما عبد الكريم الكرمي فيستصرخ األمة العربية مقدما لها مشـاهد مـن المـرأة معاناة الفلسطينيين ، فيبرز من بين ما يقدم من صـور صـورة

المنكوبة أثناء حلول المصيبة بفقد األهل والخالن ، وصورتها وهي تجود ، وصـورة اليتيمـة التـي ) ٢(بروحها بعد أن طالتها يد العدو الغاشمة

):٣(أعوزتها الحاجة بعد أن تخطفت أيدي المنون أهلها برأســـك ذل الســـؤال أمـــال

ــاذلين ــين الع ــن أع ــين ع تغيب ــة ــي غرب ــدك ف ــين وح تعيش

وال من سميع وال مـن مجيـب وطيفك عن خـاطري ال يغيـب

ــرتا للي ــب فواحس ــيم الغري ت

.١٣٢، ص ١٩٨٧ديوان عبد الرحيم محمود ، طبعة دار العودة ، بيروت) ١(

.٢٦٥وقصيدة الشهيدة .٢٤، ١٩٨٩دار العودة ، بيروت .ديوان أبي سلمى ، ط) ٢(

.٥٢السابق ، ص) ٣(

Page 27: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٢٩ -

:المرأة في شعر إبراهيم كان للمرأة حضور واضح وتأثير ملموس في حياة إبراهيم ، حيث

نشأ في كنف أسرة كبيرة تتكون من أبيه وأمه وجده ألبيه وجدته ألمـه ، بندر وفتايا وأديبـة : أحمد ويوسف ورحمي ونمر ، وأخواته : وإخوانه

إال أنه كان ) ١(وفدوى وحنان ، ورغم أنه ثاني إخوانه من البنين والبنات أكثرهم مكانة في نفس والديه وأفراد أسرته ، وذلك بسبب هزال جسـمه

، ورغم عدم كفاية المعلومات المتوفرة عن الجانب )٢(ومرضه المزمن تلك األسرة المحافظة إال أن النزر القليل الذي توفر لنا يكفي النسائي في

.للداللة على طبيعة حياة المرأة في تلك البيئة وماهية عالقة إبراهيم بها لقد كانت المرأة الطوقانية أسـعد حظـا مـن غالبيـة قريناتهـا

الفلسطينيات، حيث وجدت في مدينة مدن فلسطين العريقة ، مدينة نابلس اهتم أهلها بالعلم والمتعلمين ، وعملوا على نشر نور العلم في مـدن التي

ثلث المعلمـين فـي "فلسطين وقراها ، ويكفي في هذا المقام أن نعلم أن . )٣"(إدارة معارف حكومة االنتداب جاءوا من مدينة نابلس

لذلك كان من البدهي أن تنال تلك المرأة قسطا وافرا من التعليم ،

أحمد ، إبراهيم ، بندر ، فتايا ، يوسف ، رحمي ، أديبة ، فـدوى، : وهم على التوالي ) ١( . حنان نمر،

. ١٨شاعران معاصران ، ص : انظر ) ٢(

.٣٧حسني محمود ، الثقافة القومية في فلسطين ، ص . د) ٣(

Page 28: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٠ -

كانت -مثال -) ١(أثيرها واضحا فيمن حولها ، فأم إبراهيم وأن يكون تشغوفة باألدب العربي القديم وقصص البطوالت العربية ، وقـد انعكـس ذلك على أهل بيتها حيث كانت تقرأ قصص عنترة وأبي زيـد الهاللـي وسيف بن ذي يزن على مسامع والد زوجهـا ـ داود آغـا طوقـان ـ

يالزم جده في االستماع لتلك القصص ، األمـر وولدها إبراهيم الذي كانالذي يبرر نضج الروح الوطنية عند إبراهيم منذ صباه ، وتدفق األناشـيد

أما جدته ألمه التركية األصل ). ٢(واألشعار الحماسية على لسانه بغزارة فقد كانت سبب تعلق إبراهيم باللغة التركية حتـى أجادهـا ونظـم بهـا

) ٤(..كريمة استمد حب تالوة القرآن وتدبر معانيهومن عمته ). ٣(شعرا

عرفت بشغفها . فوزية بنت أمين عسقالن ، وعائلة عسقالن من عائالت نابلس العريقة ) ١(

.١إبراهيم العلم ، فدوى طوقان، ص . د: راجع . بالقراءة وولعها بالموسيقى والغناء

وإننـي : " أخته فدوى في توضيح تشجيع جدها وتأثير أمها في شاعرية إبراهيم تقول) ٢(ألمثل في خاطري ، ذلك الشيخ الوقور ، جدي ألبي ، رحمه اهللا متربعا في كرسـيه ، مشتمال بعباءته ، وإلى جانبه حفيده الصغير إبـراهيم ، يتقارضـان الشـعر والزجـل

ألمثل إبراهيم في خاطري كما يصورونه لي ، واقفا وإنني. ما يعيه قلباهما ) والعتابا (أمام جده يرتجل ما ينقدح عنه فكره الصغير يومئذ ، من قول يرسله في وصف حادث

وذلك في عبارات تكاد تكون موزونة مقفـاة ، .. حدث في البيت ، فيه نكتة أو طرافة من قصص عنترة وأبي يقلد فيها ما كان يستظهره في المدرسة من شعر أو ما يعيه قلبه

زيد الهاللي وسيف بن ذي يزن ؛ تلك التي كثيرا ما أصغى إلى أمه وهي تقرأها لجـده ١٢الديوان ص.. ". ألبيه ، في أمسيات الصيف الجميلة ، أو في ليالي الشتاء

.١١،١٢مقدمة الديوان ، ص) ٣(

.١٩البدوي الملثم ، إبراهيم طوقان في وطنياته ووجدانياته ، ص ) ٤(

Page 29: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣١ -

).١(إلى غير ذلك من تأثير أفراد أسرته بشكل عام والمرأة بشكل خاص وبالرغم من تأثير المرأة الطوقانية الواضح في حيـاة إبـراهيم ،

ووفاء إبراهيم ألفراد أسرته وحنوه على أخواته وخاصة فدوى التي كان إال أن ) ٢..(والتأييد ، وحنوه على أمه وتعلقه بها يتعهد موهبتها بالرعاية

صورة المرأة الطوقانية لم تنعكس البتة على صفحات شعــره ، حتـى ، التي اختارها بعيني الشاعر لتشاركه حياته لم تظفر ببيت واحد من شعره

وأنت تعلم أنني أرفض كـل : "كما يقول في رسالته لصديقه عمر فروخ را في اختيار عروستي ، وأنا أؤكد لك أنني كنـت الرفض أال أكون شاع

شاعرا كل الشاعر ، وأن العروسة ال تقل أبدا عن غادة هيفـاء حسـناء ) .٣.."(يبتدعها خيالي الغزلي

نال أفراد أسرة إبراهيم قسطا متفاوتا من التعليم ، فأحمد األخ األكبر ـ مـثال ـ كـان ) ١(

عالما رياضيا ، وكان مهتما بإبراهيم المريض الذي يحتـاج إلـى متابعـة ورعايـة ، وإبراهيم الشاعر الذي يحتاج إلى التشجيع واالهتمام ، أشرف على طباعة ديوانه بعـد

يوسف نشاط علمي خاص واهتمام بشئون التجارة ، وقد كان برا بأخيـه وفاته ، وكان لإبراهيم وأسرته ، يهتم ـ هو وأخوه رحمـي ـ بشـئون حيـاتهم ويـوفر لألسـرة

، أما البنات فكن جميعا أصغر سنا من إبراهيم وقد كان إبراهيم برا بجميـع ..احتياجاتهاتشجيعه حتى حققت بعد ذلـك شـهرة أفراد أسرته ، وقد حازت فدوى اهتمام إبراهيم و

واسعة في عالم اإلبداع الشعري ، وتدرجت أخته حنان في العمل الوظيفي حتى انتهـى ٦٢-١٥شاعران معاصران،: راجع . بها المقام مديرة لمدرسة أبناء الشهداء في عمان

.وما بعدها ٢٥٥زكي المحاسني ، طوقان شاعر فلسطين ، ص : انظر ) ٢(

بنت قاسم عبد الهادي ، وهي فتاة مثقفة تلقت علومهـا فـي كليـة البنـات هي سامية) ٣(اإلنجليزية ودار المعلمات في القدس ، عرفها إبراهيم في أثنـاء عملـه فـي اإلذاعـة الفلسطينية حيث كانت تتردد على اإلذاعة إللقاء األحاديث اإلذاعية ، فأعجبته وتـزوج

Page 30: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٢ -

وهذه المفارقة التي نراها في عدم احتفال ديوان إبراهيم بصـورة ا تبريـرا ال نرى له.. األم الرؤوم ؛ واألخت الحنون ؛ والزوجة الوفية

سوى تأثر إبراهيم بالشعراء القدماء الذين تربى على شعرهم ، الذين أغفل معظمهم ذكر األم واألخت والزوجة في خضم اهتمامهم بنمـاذج المـرأة

).١(المعشوقة ومحاسن جسدها أما نماذج المرأة وصورها كما تجلت في الديوان فيمكن تقسـيمها

: ة في شـعره الـوطني ، وثانيهمـا صورة المرأ: إلى قسمين ؛ أولهما صورتها في شعره الغزلي ، مع مالحظة اقتصار تناوله للمرأة في الجانب الوطني على البيئة الفلسطينية والمرأة الفلسطينية علـى هـامش الحيـاة السياسية والنضالية دون التعرض لدورها المباشر ، أما شعره الغزلي فقد

المرأة وجنسياتها ما بين فلسـطينية تعددت بيئاته وتعددت نماذج وصور .وعربية وأجنبية

:عره الوطني ـالمرأة في ش

لم يشتمل القسم الوطني من ديوان إبراهيم على الكثير من نمـاذج وصور المرأة في معترك الحياة السياسية والنضالية ، ولم يسع إلى إبراز

المظاهرات ، سواء مشاركتها في )٢( دورها الذي تحدث عنه معاصـروه

.٥٢، ص شاعران معاصران: راجع . م ١٩٣٦بها عام

.١١٠،ص١٩٧٤، دار الثقافة ، بيروت ٣خليفة التليسي ، الشابي وجبران ، ط: راجع ) ١(

، الكويت ١هاشم صالح مناع ، القضايا القومية في شعر المرأة الفلسطينية ، ط: انظر ) ٢(ـ والكيالي ، الشعر الفلسطيني في نكبة فلسطين ، . ١٥٠ -١٠٧، ص١٩٨٤

Page 31: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٣ -

التي كانت تجتاح مدن وقرى فلسطين ، أو دورها النضالي وتحريضـها على التصدي للغاصبين ومحترفـي -.. الزوج واالبن واألخ -الرجال

، وكل ما نجده من صور المـرأة فـي شـعر ) ١(السياسة والمخادعين إبراهيم الوطني يقتصر على مشاهد معاناتها ، سواء أكانت صابرة علـى

ء وما حل باألهل واألبناء ، أم مولولة من هول المصائب وآثارها ، البال، فصورة المرأة الصابرة نراها في .. أم منكوبة تعاني التشرد والضياع

):٢(مثل قوله في أم الشهيد ـ ــ ــد موت ــك عن ــما بأم قســا ــن ابنه ع ــزاء ــرى الع وت ــبالد ــدم ال ــن خ ــال م ــا ن م

ــيد ــف بالنش ــي تهت ــك وه ـ ــد ــن البعي ــيته الحس ــي ص فـــر الشـــهيدـــن أجـــل مأج

وصورتها وقد اجتاح الزلزال مدينتها ـ نابلس ـ فبدت باكية حزينة مع ) :٣(أهل المدينة بعد أن كانت تنعم برغد العيش ، في مثل قوله

أدمـــوع النســـاء واألطفـــال بلـــد كـــان آمنـــا مطمئنـــا هــزة ، إثــر هــزة تركتــه

ـ ) عيبال(كان مـن صـدى األنـ منزهـا والغـواني ) جـرزيم (كان

تجــرح القلــب أم دمــوع الرجــال ــالزلزال ــاء بـ ــاه القضـ فرمـــن األطــالل ــال دارســا م طل

)٤(ـس يهتز فماذا سمعت في عيبـال ــاء زالل ــه وم ــي ظــالل من )٥(ف

. ١٢٧ص

. ٨٠كي المحاسني ، طوقان شاعر فلسطين ، صز: انظر )١(

.٤٣الديوان ، ) ٢(

.١٥٤-١٥٣الديوان ، ) ٣(

.جبل يكتنف نابلس من الجهة الشمالية : عيبال ) ٤(

.جبل يكتنف نابلس من الجهة الجنوبية : جرزيم ) ٥(

Page 32: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٤ -

ــباه ــه ؟ أصـ ــوع عيونـ أدمـ

ــال ــل واألثكـ ــرات األرامـ زفـ

أن فقدت االبن والمعيل واألهل فبدت مشردة بـال وتصوير معاناتها بعد ) :١(مأوى تعاني الفقر والجوع

طغت الحرب خمسـة مـا دهتنـا شـتى ، فبانـت ووجوه المنـون

مـــن وحيـــد ألمـــه وأبيـــه وفتــاة الذت بحقــوي أبيهــا ههنا نسـوة جيـاع بـال مـأوى ـ ههنا أسرة تهـاجر والغـم بديـ

كثــوان مـــرت بغيـــر قتـــال كلهـــا عنـــد هـــذه األهـــوالــال ــرق األوصـ ــوه مفـ جمعـــال ــو ضــارع بابته ــا ، وه جزعــمال ــوم باألسـ ــترن الجسـ ســـال ــوق الرح ــاث ف ــيل األث ـ

هذا كل ما وجدناه من صور المرأة في شعره الـوطني ، حيـث اقتصر على أنموذجين ، تعلق أحدهما بالصورة المشرقة التي اشتهرت بها

لفلسطينية ، وقد اكتفى برصد المشهد الخارجي دون أم الشهيد في البيئة االتعمق في تفاصيله وجوانبه النفسية ، حيث استغنى بجالل القسـم بـأم الشهيد التي تردد األناشيد الحماسية في موكب ابنها الشهيد عن تفاصـيل

.هذا المشهد المؤثرة س عام له مدينة نابل أما ثانيهما فتعلق برصد آثار الزلزال الذي تعرضت

م ، وقد احتلت المرأة فيه العديد من المشاهد الرئيسة التي تعكـس ١٩٢٧ .آثار الزلزال المدمرة

:عره الغزلي ـالمرأة في ش

. ١٥٥الديوان ، ) ١(

Page 33: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٥ -

اقترنت بداية فن الغزل في شعر إبراهيم بالبيئـة اللبنانيـة التـي ارتادها في الفترة التي يتشكل فيها فؤاد اإلنسان وينضج إحساسه بالجنس

حيث التحق بالدراسة في الجامعة األمريكية ببيروت وهـو فـي اآلخر ، ، وكانـت تجربتـه األولـى -م ١٩٢٣عـام -الثامنة عشر من عمره

الناضجة في الغزل ، وهو طالب في السنة الثانية ، تجربة عامة اقتـرن فيها إحساسه بالمرض بإحساسه برقة المعاملة وفتنة الجمال ، فعبر عـن

كر رقة الممرضات وحنوهن وسهرهن على راحة صدق أحاسيسه وهو يذ، كمـا صـور حيـاتهن ) ١(المريض ، وشرف هذه المهنة اإلنسـانية

وتحركاتهن في أروقة المستشفى ، وما تثير هيئتهن ولباسـهن األبـيض ، ومـا ) ٢(وخطراتهن في نفسه من ذكريات بهيجة ترتبط بحبه للحمام

وقد برع إبراهيم .. والمادية تشف عنه من تعلقه بمواطن الجمال المعنويةرغم أنه لم يذكر ممرضة بعينها في تصوير أنموذج من النساء لم يسـبقه

، أنمـوذج الممرضـة المقيمـة فـي ) ٣(إلى تصويره شعراء العربية

م إلجراء ١٩٢٤األول تشرين ١٩دخل إبراهيم مستشفى الجامعة األمريكية ببيروت في ) ١( .٢٠شاعران معاصران ، ص: راجع . عملية جراحية في المعدة

.١٦مقدمة الديوان ، ص: راجع ) ٢(

مالئكة (نظم إبراهيم قصيدته في الممرضات ، أو : " تقول أخته فدوى في هذه القصيدة ) ٣(ناقلهـا ، وإذا بالصـحف تت .. فكانت أول قصيدة لفتت إليه األنظار في لبنـان ) الرحمة

ولعله أول من نظم شعرا : وعلقت عليها بقولها ) المعرض(عن ) سركيس(نقلتها مجلة ، أما هذه القصيدة ، فهي وإن تكن قد قيلت في موضـوع . . عربيا في هذا الموضوع

الممرضات ، غير أن قسما كبيرا منها كان في وصف الحمام ؛ تلك الطيور الوديعـة ، ومن عجـب ، أن .. براهيم ، ويعنى باقتنائها وتربيتها ، أيام صباهالتي كان يغرم بها إ

يظل قلب إبراهيم خاليا من المرأة حتى ذلك الحين ، ولقد كان أصدقاؤه فـي الجامعـة

Page 34: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٦ -

) :١(المستشفي في أثناء عملها وفي أثناء فراغها ولهوها ، قال ــجعهنه ــي أردد سـ ــبهنه أنـ ــائم حسـ ــيض الحمـ بـ ــه ــق هن ــدء الخل ــذ ب ــة من ــالمة والوداع ــز الس رمــه ــن أن ــوف له ـــة القط ــوق داني ــل روض ف ــي ك ف ــهنه ــيم بروض ــر النس ــا خط ــان م ــن واألغص ويمل ــه ــو غديرهنـ ــبن نحـ ــر هبـ ــالهن الهجيـ ــإذا صـ فـ ــه ــدري بهن ــوحي ، ال ت ــل ال ــوم مث ــد الح ــبطن بع يه

هـرابهنـت أسـرتبــر تديـــى الغـلـن عــإذا وقعــف صــــفين طــــول الضــــفتين تعرجــــا بوقوفهنــــه

أنت شاعر ولكن بال شعور ، أين وحـي : يعجبون لذلك ويقولون له على سبيل المزاح

.١٦،١٨مقدمة الديوان ، ص" . …المرأة في شعرك

.١٤٠-١٣٩الديوان ، ص) ١(

Page 35: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٧ -

بهنهــر ــاعة ش ــاء س ــي الم ــمها ف ــل رس ــل تقب ك هنهــدور ــهن صـ ــومهن بغمسـ ــر جسـ ــئن حـ يطفـ ــهنه ــا لرؤوسـ ــن آللئـ ــاش إذا انتفضـ ــع الرشـ يقـبعـــد االبتـــراد إلـــى الغصـــون مهودهنـــه نويطـــر ــرورهنه ــان سـ ــفق كيـــف كـ ــة تصـ تنبيـــك أجنحـ ــهنه ــثمن ، بريشـ ــثهن ، إذا حـ ــك عبـ ــر عينـ ويقـ ــه ــل ليلهنـ ـــن يقبـ ــال رؤوس حيــ ــالهن بـ وتخـ جفونهنـــه أخفينهـــا تحـــت الجنـــاح ونمـــن مـــلء الهـــديل ، فديتهنـــه كـــم هجننـــي ورويـــت عـــنهن

*** الم أشــباها لهنـــه حســنات إلــى المــريض غــدون

ــهنه ــا إيناســ ــفيات ، دواؤهــ الــــروض كالمستشــ ــه ــن نظراتهنـ ــل مـ ــا بأجـ ــاء وطبهـ ــا الكهربـ مـ مــن عذوبــة نطقهنــه الــدواء بفيــك حلــو ــرم ــه ــام وبينهنـ ــين الحمـ ــارق بـ ــدي فـ ــال ، فعنـ مهـ ــدوهنه ــن ش ــدجى ع ــي ال ــائم ف ــع الحم ــا انقط فلربم

ــا أم ــه ــي الدجن ــار وف ــي النه ــنات فف ــل المحس جمي

ومادمنا في إطار الحديث عن المرأة الممرضة فينبغي القول هنا بأنهـا ليست المرة األخيرة التي يلتقي فيها إبراهيم بهذا األنموذج من النساء ، إذ

األسباب اللتقاء الممرضات كثيـرا ، لـذلك ال ) ١(هيأ مرضه المزمن إلـى "فقال تحت عنـوان ) ٢(تعلق بإحداهن بعد ذلك عجب أن نراه قد

.صمم في أذنه ، وقرحة في معدته ، واستعداد أمعائه ألنواع االلتهابات ) ١(

وذات يوم لقي إبراهيم في إحدى عيادات األطبـاء فـي : " يقول البدوي الملثم في ذلك ) ٢(

Page 36: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٨ -

: )١("ةـالممرضة الروسييا حلوة العينين يا قاسيه أما أنا فلست أنسى يدا لئن شفى الطب ضنى عارضا وإبرة اآلسي على نفعها تبعثها عيناك في أضلعي تألم قلبا نكأت جرحه وتطفئ النار التي حركت

ــتكي ــن أال اش ــرة الحس قيص

ك لـي هفـوة ل كان نسـيان ـه ســيدتي ، ذنبــك مهمــا يكــن

سرعان ما أصبحت لي ناسيه ناعمة تجود بالعافيه لها شافيه فمهجتي أنت أفعل منها نظرة ساجيه فياضة بعطفها ، آسيه ى مرة ثانيهفعاد يهو فأرجعتها زفرة حاميه

يــا طاغيــه مــن جــورك إليــك

خطـــة أشـــراكها خافيـــهأم ــه ــذارك الواهي ــره أع …تغف

-عربية كانت أم أجنبية -إن عالقة إبراهيم مع المرأة الممرضة هي عالقة محكومة دائما بطبيعة نشأتها ، طبيعة العالقة بين الممرضـة

حيث يتعلـق ؛ في وقتنا الحاضر امألوفقد يكون والمريض ، وهذا أمر إن صورة هذا األنموذج من النسـاء لذلك ف.. أحيانا المريض بممرضته

تكون صورة مثالية محاطة بهالة من اإلعجاب برقتها وعطفها ، إضـافة .إلى اشتمالها على أسباب الجمال التي تبرر افتتان الشاعر بها

نابلس ممرضة روسية حسناء درجت على حقنه بإبر تساعده على إزالة القرحـة التـي

ل الداء ورأس البالء ، فسحرته عيناها الزرقاوان وفتنته أهدابها الجانية فـنظم كانت أصالغـواني " . إبراهيم مقطوعة نشرتها جريدة فلسطين اليافية في عدد أسبوعي مصور

.٩٩في شعر إبراهيم طوقان ، ص

.١٣٠الديوان ، ص ) ١(

Page 37: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٣٩ -

أما تجربة الحب الحقيقية في حياة إبراهيم فهي تجربته التي نشأت لكت قلبه ، وعايشته طيلة في ربوع الجامعة األمريكية ، فتم م١٩٢٦عام

حياته ، إنه الحب األول الخالد الذي لم تنسه إياه كثرة الحسناوات اللواتي : )١( عرفهن إبراهيم

..بيـروت ؛ أنعم بالهوى األول أول عهـدي بفنـون الهـوى -ص كما كان يرمـز لهـا .أو م -إنها فتاة كفر كنه ماري الصفوري

١٩٢٦-١٩٢٥جامعة األمريكية في العام الدراسي الطالبة التي التحقت بالفخلبت قلب إبراهيم منذ وقعت عيناه عليها ، فأرسل فيها الشعر الرائـق والغزل الصادق ، وتبع خطراتها وسكناتها حتى تهيأت له تدريجيا فرص االقتراب منها والتعرف على صفاتها ، ففي طريقها إلى الجامعة قال وهو

):٢(التي مطلعها" عند شباكي " نه قصيدته الشهيرة يرقبها من شباك مسكــباكي ــد شـ ــوري عنـ بكـ وال ســـلوى ســـوى نجـــوى أســــرح نحــــوه طرفــــا

ــرار ــي ق ــا ف ــدا" وطرف العلــــي ســــاعات تمــــر

ـ ــ ــرف الـ ــى أن يـ وأخشـ

ــــاكري ألنشــــق طيــــب ــاك ــا لمغنــ ــر بهــ أســ أمنيــــــه بمـــــــرآك

ــاك )٣(" ر ــودا بلقيــ موعــــذكراك ــيعها بــــ أشــــــاك ــجفن يحرمنـــي محيـ ــ

وهو في هذا النص لم يتمكن من تقديم صورة واضحة عن مالمح تلـك

.٢٢الديوان ، ص) ١(

.٩٠الديوان ، ص) ٢(

ويمكـن أن تعنـي ،الجامعة األمريكية ألنهما طالبان في معهد واحـد الدار هنا تعني ) "٣( .٨٥شاعران معاصران ، " الوطن ألنهما كليهما من فلسطين

Page 38: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٠ -

الطالبة التي تملكت جهات قلبه ، وهذا أمر توضحه معاني القصيدة التـي تشرح بدايات حبه لها ، وأنه مازال يرقبها عن بعد دون أن يتمكن مـن

وح صـورتها الماديـة الحديث معها عن أمر حبه هذا ، وسنالحظ وضوالمعنوية كلما اقترب منها ، فحينما يجلس قريبا منها في مكتبة الجامعـة تتهيأ له الفرصة لرصد حركاتها ؛ وتفحص مالمحها ؛ وسماع صوتها ، وتصبح صورتها أكثر وضوحا ، وتتطابق في فؤاده مالمحها مع الصورة

ما نتج عنها مـن لثغـة التي رسمها لفتاة أحالمه، حتى ثنيتها المثلومة و : )١(جعلت السين ثاء لم تزدها في نظره وسمعه إال جماال

٢( وغريـــرة( فـــي المكتبـــه ــبا ــد الصـ ــرتها عنـ أبصـ

ــرأ أ ــت لتقـ ـــجلسـ و لتكـــى ــترق الخطـ ــدنوت أسـ فـــى ال أرى ، ــت ، حتـ وحبســـو ــن خف ــي ع ــت قلب ونهي

** ــهدت أن ــا ، فشــ راقبتهــــى ــا عل ــرى منه ــل الث حمـــ ــردوس مخ ــي الف وســقاه ف ــز ــك تنـ ــا ملـ ــإذا بهـ فـ

**

ــه ــا متنقبــــ بجمالهــــ ــهكبتشــبه كو ٣(ح الغــض(

ــهرتب مــا المعلــم ـــتب ــه ــت بمقربـ ــى جلسـ حتـ بـــــهالمتله أنفاســـــي ــه ــح ، فتجنبـــ ق فاضـــ

** ـــهل فـــي الهبــز اهللا أجـ

لبــــهنــــور اليــــدين وق ــه ــق وركبـ ــتوم الرحيـ ــ ــه ــوب المتعبـــ ل للقلـــ

**

.٩٣-٩٢الديوان ، ص) ١(

. المغرور المعجب بجماله ، والجميل الذي ال تجربة له: الغرير ) ٢(

.الضمير في كوكبه تعود على الصباح ، أي تشبه كوكب الصباح ) ٣(

Page 39: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤١ -

ــ ـ وس ــ ــم ال غتغم ــي معت وه ورأيــت فــي الفــم بدعــة ــد ب ــرات ــا الني ــدى الثناي إح مثلومـــة مـــن طرفهــــا هي ، لـو علمـت ، مـن المحـا

رــد مص ــينات(هــي ـــ) الس تك

ــه ــوى مطربـ ــكلمات نجـ ــ ذبهــتع ــة مســـ ..خالبـــ

هــب ــا شـ ــيس لهـ ت ، ولـ ــه ــبنها مثلبـــ ال تحســـ ســن عنــد أرفــع مرتبــه ــه ــا أعذب ــدى م ــبها ص س

وكلما اقترب إبراهيم من فتاته كلما انجلت صورتها على صفحات شعره ، هاب إلى الجامعـة واإليـاب طالبة جامعية يرصد خطواتها في طريق الذ

منها ، وفي قاعة المكتبة ، ثم داخل الحرم الجامعي وهي تسأله عن بعض : )١(الدروس التي استغلقت على فهمها ــي ــؤال علـ ــين السـ وتلقـــي ــب تمنحنـ ــين أجيـ وحـ

اكــد ــر تعــ ..فــــي أمــ ــاك ــكر عينـ ــام الشـ ابتسـ

ت وارتحلت ؛ حتى وهي نائمة نراه ثم نراه يتتبعها خارج الجامعة أينما حليرقبها مستلقية فيستغرق في رصد مفاتنها وتحليل مشاعره تجاه ما يـرى

: )٢(من جمالها ما كنت أرغب أن أسـمى قاسـيا والشوق يـدفعني إلـى إيقاظهـا ــة ــاد بنعم ــعر الرق ــا ش وكأنم ويل لقلبي كيـف لـم يفتـك بـه

ــا تكــن ــدت مم هاوتنهضــلوع

ــا ــن عينيه ــالم م ــأنفر األح فــا ــد إليه أن تم ــاذر ــدي تح ويــا ــارق جفنيه ــر مف ــام غي فأقــا ــى جنبيه ــا عل ــرأى تقلبه م يا شوق ويحـك ال تـرع نهـديها

٩١الديوان ، ) ١(

.٩٩شاعران معاصران ، ص: وانظر . ١٠٢الديوان ، ) ٢(

Page 40: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٢ -

حسبي جوى أني نظرت لشـعرها وأغار منه إذا اطمأن بها الكـرى أرنو بلهفة عاشق لـم يبـق مـن ــة ــد هيب ــي فأبع ــدني أدب فيص

ــديها ــدى خ ــفا ن ــب مرتش ينك ويثيرنــي متوســدا زنـــديها صبر لدي ، وقـد حنـوت عليهـا ــدميها ــى ق ــو عل ــو أجث وأود ل

، نراه يسترجعها غـادة )١(وحينما تختفي عن ناظريه وتعود إلى قريتها ):٢(بين حسناوات بيروت أيام دراستها في الجامعة األمريكية ، فيقول

لو تنفع الـذكرى ذكـرت عشـية فــيهن آســرة القلــوب بحســنها أخف مـن النسـيم وخـاطر روح ــا ــهد أنه ــا وأش ــر ثناياه غ

)٣(زهراء بـين كواعـب أتـراب وداللهــا وحــديثها الخــالب ..كالبرق مقرون بحسـن جـواب

ــراب ــفاتها بش ــة رش ممزوج

لم تواصل فتاة كفر كنه مسيرتها التعليمية في بيروت ، حيث قفلـت راجعـة ألسـباب ) ١(

م ، األمر الذي أجج مشـاعر ١٩٢٦مجهولة لقريتها كفر كنه في فلسطين في نهاية عام في تصوير تباريح الهوى وإظهار مدى تعلقه بهـا ، إبراهيم فأرسل زفراته الحرى تباعا

وعاد إلى فلسطين استغرق في ١٩٢٩وبعد أن أنهى دراسته في الجامعة األمريكية عام البحث عن محبوبته حتى وصل حبل الوداد من جديد ؛ وأرسل أعـذب األشـعار فـي

ية في الجامعة تصوير مشاعره النبيلة وحبه الصادق ، وفي أثناء عمله مدرسا للغة العرب، اقترن شاب فلسطيني من القـدس ـ ١٩٣٢حتى ١٩٣٠األمريكية ببيروت ، من عام

شاعران : راجع . ـ بها ، وفقد إبراهيم طوقان محبوبته ماري الصفوري ١٩٣٠عام .٣٣والغواني في شعر إبراهيم ، ص. ٩٩-٨٤معاصران ، ص

.١٢٠الديوان ، ) ٢(

سـورة "إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا : "جل شارة إلى قول اهللا عز وإ) ٣(وما تثير هذه المعاني في النفس من جالل فـتعكس مكانـة . ٣١،٣٢،٣٣النبأ ، اآليات

. جواري تكعبت أثـداؤهن ، وهـي جمـع كاعـب : والكواعب . محبوبته في نفسه .سن ، وهي جمع ترب ، بكسر التاء وسكون الراء المتساويات في ال: واألتراب

Page 41: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٣ -

ن ويبحث عن كفر كنه وغادتها التي ويعود إبراهيم طوقان لفلسطيتملكت جهات قلبه ، فيترسم خطى العشاق العذريين فيثير أصدق معـاني

،)١(الحب والوفاء للمحبوبة ويستعذب الحديث عن مواطن ذكرياته معها ):٢( ويرسل إبراهيم القصيدة تلو األخرى في ذكر كفر كنه ومعالمها

ال طبـت واديـا ) ! وادي الرمان(أيا ال ساغ طعمـه ) ! وادي الرمان(ويا وعندهم! واها ) ! وادي الرمان(ويا

ــرة ــارك م ــزل دي ــم أن ــأني ل ك

إذا هي لـم تـنعم بظلـك سـرمدا م أمدد لـذاك الجنـى يـدا إذا أنا ل

حرام علـى المحـزون أن يتنهـدا ولم ألق في أهليك حبـا وال نـدى

وبته كلما استدعى المقام تبريـر وال ينسى أن يذكرنا ببعض صفات محب :شغفه بها ، من ذلك ما نراه في مطلع النص السابق من مثل قوله

)٣(ومـا أطيـب المفتر والمتوردا تبارك هذا الوجه مـا أوضح السنىفقد حظيت فتاة كفر كنه بالقسم األكبر من شعره الغزلي ، وفي .. وإجماال

فتاة كفر كنه ال يرد إلى جمالها الفـذ الـذي ظني إن سر تعلق إبراهيم بصوره إبراهيم فيما رسم لها من لوحات كلية أو جزئية ـ البشرة البيضاء والوجه الذي يشبه نجمة الصبح والعينان النجالوان وتورد الخدين وجمال المبسم وطيب الفم الذي يفوح بشذا البساتين وطول الشـعر ، وحضـور

ـ فجميع النسـاء .. الدالل الذي يأسر القلوب البديهة وحسن الحديث ، وفي شعره الغزلي حسناوات يتمتعن بما تواضع عليه الشعراء من مقاييس

إلـى الممرضـة "و "مالئكة الرحمة"الجمال ، وقد رأينا ذلك في قصيدتيه

.١٩٦٦دار بيروت للطباعة والنشر ١٨-١٥ديوان جميل بثينة ، ص: انظر ) ١(

.١٠٥-١٠٤ديوان إبراهيم طوقان ، ص) ٢(

.الخد : المتورد . الفم : المفتر . ما أشد صفاء بياضك : ما أوضح السنى ) ٣(

Page 42: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٤ -

، وسنرى مثل ذلك فيما سنذكر من صفات صواحبه األخريات ، "الروسيةأنها أنموذج يختلف عـن : ى عدة أسباب منها وإنما يمكن إرجاع األمر إل

النماذج التي صادفها إبراهيم سواء في صباه أيام دراسته فـي مدرسـة ، )١(المطران في القدس التي ال يذكرها من الناحية األخالقية بالخير أبدا

أو في بيروت بعد ذلك ، تختلف في كونهـا تمثـل الجمـال واألخـالق س لها تجارب عاطفيـة كـالغواني اللـواتي ؛ وأنها غريرة لي ةـالقروي

ذكرهن في شعره ، وربما أيضا ألنه عرفها في الغربة فامتزجت مشاعره ..تجاهها بمشاعر الحنين إلى فلسطين الوطن واألهل

وأيا كان األمر ؛ فإن تعلق إبراهيم بفتاة كفر كنه لم يكن كتعلـق لى محبوبـاتهم ؛ ولـم الشعراء العذريين الذين أوصدوا أبواب قلوبهم ع

يدخلوها غيرهن من النساء ، كما أنه ليس كالشعراء القدماء الذين تحولت المحبوبات عندهم رمزا يستغرق كل شعرهم ، إن إبراهيم إنسان واقعـي في تفاعله مع الحياة وأحداثها ، ال يستطيع أن يقاوم فتنة الجمـال مهمـا

كل حادث حديث ؛ ولكـل كانت الظروف والمالبسات ، فكأنه يقول إن لمقام مقال ، لذلك ال عجب أن نراه بعد ذلك يعلن تهتكه في ثنايـا ذكـره

):٢(ألنموذج مغاير ، أنموذج المرأة اللعوب ، التي نراها في مثل قوله ــد ــي غي ــدي بروح ــبيليه أف إش

*

ــار ــرب النه بت ــنهن ــت م علق ـذارمثلـي الع هـا يخلـعفـي مثل

العــذاب صــاب القلــب أذقــن وإن *

نـيل فرعا وعنو اللي١(وجها ، وص(

ــن ــى وأي ــف أمس ــالي كي وال يب

.١٩شاعران معاصران ، ص : انظر ) ١(

.١٢٤-١٢٣الديوان ، ) ٢(

Page 43: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٥ -

قـارمـن فيهـا وكـأس الع أشرب شـط المـزار في عليهـا يـومله

هيــف ــي مش ــا ، ومهجت )١(ودعتهـــهغريالم ـــت بـــالنظرةعدوو

*

ــات ــدلس الخالي ــر األن صــا أع يــاة ــاك الحي ــت هن ــذا كان أهكــات ــي الغاني ــة ف ــذا الفتن أهك

عا ، فكيف الصحو مـن سـكرتين م )٣("النيـربين " وساقها البين إلـى

ـذابشفني رشـف الثنايـا العلم ي كـابـي معهـا فـي الرلب تصحب

*

عـاش بتلـك الربـوع ـنم قد فاز مترفــة األيــام ، مــلء الضــلوع ؟ ونشوة الوصـل ، وحـر الولـوع ؟

ر غادة أو كما سماها الشاع -" مرغريتا " إنها الراقصة األندلسية التي عرفها الشاعر وهي تؤدي رقصاتها الحمراء فـي أحـد -إشبيلية

وهي كما صورها واقعية الجمال ، لهذا ال نراه يقف ، )٤( مقاهي بيروتطويال على تصوير مالمحها ؛ إذ يكتفي بذكر بهاء وجهها وسواد شعرها وعينيها ، ثم يستغرق في ذكر خبرتها ونظراتها المغرية ، وكيف سـقط

، ثم يعاودنا في نصوص أخرى بذكر ما يكابده .. منتشيا في بحر هواها ).٥..(من شوق إليها مسترجعا ذكرياته معها ؛ رقصاتها ولياليها الحمراء

كذلك انعكست على صفحة شعره صورة المرأة الجادة ، التي لم

.الشعر : الفرع ) ٢(

.قريبة من الهالك : مشفيه ) ١(

.قريتين سوريتين ، إحداهما قرب دمشق والثانية قرب حلب : النيربين ) ٣(

حينما ١٩٣٢-١٩٣٠عرفها إبراهيم حينما كان أستاذا في الجامعة األمريكية في بيروت ) ٤(: انظـر . ى الذي كان يرتـاده فـي بيـروت قدمت إلحياء ليالي راقصة في المقه

.٩٢شاعران معاصران، ص

.١٢٧، ١١٥الديوان ، : انظر ) ٥(

Page 44: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٦ -

تطربها عبارات الثناء أو التوسل ، ولم تشجعه على االقتـراب منهـا ، ):١(انت في نظره قاسية جافيه فك

ويلي منـك يـا قاسـيه ) فوز ( يا ــا وال ــوم ثالثـ ــي اليـ أراك فـــتي ــا قص ــدرين م ــو ت واهللا ل بل كنت لي عونـا علـى غربتـي

مليكـــة مـــا بـــين أترابهـــاــا ــل أنوارهـ ــا وردة ترسـ يـــه تحت ــن ــديل م ــة المن ــا رب ي ناشـــدتك اإلســـالم ال تقتلـــي

ني ظلما ، كفـى مـا بيـهعذبت ــه ــرة الجافيـ ــال إال النظـ أنـ راضـيه عـن حـالي إذن ما كنت ــيه ــة آس ــي راحم ــت ل وكن

يــا ليتنــي كنــت مــع الحاشــيه ضا علـى الكـون مـن الرابيـهفي ــافيه ــرة ص ــن ث ــة حس عنب ــيه ــا قاس ــك ي ــي دين ــاك ف أخ

أيضا صورة واقعية لهذا األنموذج من النساء اللواتي صادفهن إبراهيم إنهافي بيروت ، هذا األنموذج الذي لم نر من صفاته إال ما يشي بالحشـمة

).٢(والوقارالتي تنتمـي -ذات المنديل -" نزيهة " وهنالك أيضا من يسميها

بجمال صـارخ لهذا األنموذج المحتشم من النساء ، وهي كسابقتها تتمتع ):٣(دون تفاصيل

ـ ـل فيما بيننـا حاجـه نزيهة لـيس للمنديـ

.١٣١الديوان ، ) ١(

إنها فتاة مسلمة يسميها إبراهيم فوز كان يلقاها في غدوه ورواحه ثالث مرات كل يوم ، ) ٢(لطريق ، وقد أوحت له رؤيتها في ا١٩٣٥في مصيف بحمدون بلبنان ، في صيف عام

.٩٧شاعران معاصران ، : انظر . بهذه القصيدة التي تظهر تعلقه بها

.٢١٦الديوان ، ) ٣(

Page 45: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٧ -

ــى ــرك أن يبق وإن سـ فيا من تـأمر الحســـدل ــت بال ــد قطع لق

ــه ــأنوارك وهاجـ فـ ـن فيلقي دونها تاجـه داجـهعرى قلبـي وأو

ومن هذا األنموذج أيضا ذات العصابة الزرقاء ، التـي خلبـت فـؤاده فوقف على بعض مالمح وجهها ؛ الجبين الوضـاء والمقلـة ، اـبجماله

):١(المكحولة والعين الحوراء ، دون تفاصيل ، إنما هي فتنة الجمال ــاء ــابة زرق ــداء عص ــي ف روح

إنمــا زينتهــا مــا زينتــك و ــة ــة مكحول ــن مقل ــا م ودنوهــع شــمله ــال إذا تجم إن الجم

ــت شــعور مليحــة حســناءلم ــاء ــك الوض ــا لجبين بجوارهحـــوراء ، فتاكـــة ، فتانـــة ــعراء ــل للش ــل الوي ــل ك فالوي

تلك كانت أبرز نماذج النساء اللواتي ارتسمت صورهن في شعر إبراهيم طوقان ، أما ذكره للعديد من النساء في قصائد ومقطوعات شعره الغزلي،

ـ رى فهو ذكر عام ال يقدم نماذج جديدة وال يضيف صـورا وأبعـادا أخللنماذج التي رأيناها ، وإنما يستكمل بعض المشاهد الحياتية التي تظهـر فيها المرأة بشكل واقعي رغم حرص شاعرنا على إبراز عشقه للجمـال وتعلقه به أينما كان وأيا كانت الظروف ، من ذلك ما نراه فـي تغزلـه

:)٢(الفالحة ؛ الذي منه قوله " بهية " بجارته في مدينة رام اهللا ــا " ــن " به ــة الحس ــا جن ي

ـ ويــا أفضــل بــين الغيــ

ــافي ــوثره الصــ ــا كــ ويــ ــــد مـــن عشـــرة آالف

ومثله أيضا ما نراه في تغزله بفتاة رآها في الطريق أكثر من مرة فتعلق

.٢١٧الديوان ، ) ١(

.١٠٠شاعران معاصران ، ) ٢(

Page 46: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٨ -

):١(قلبه بها وبات يشكو تباريح الهوى ؛ وإعراضها عنه ، من ذلك قوله !تعلقها قلبي ولم أدر ما اسـمها ؟ وما كان إال فـي الطريـق لقاؤنـا

ض مـألى بمثلهـا أما عجب واألر

أراها فلـم أملـك تهالـك واهـن ني فرط ما أنـا واجـدفيخطف لو يخيل لي أنـي دنـوت فأعرضـت

!وفي عينها ما بي وما سمعت باسمي كباقي الناس يرمي وال يصمي ولحظ

هيامي بها دون الحسان على رغمي؟

بجنبــي مســلوب الجــراءة والعــزم بها وبما يلقي هواهـا علـى وهمـي ـر بـالغمثقـل الصهي مفأصرف وج

أما مظهر المرأة وزيها فلم يحفل به إبراهيم إال بالقدر الذي يظهر حديثه عن الممرضـات ، وذكـره للمنـديل مفاتنها ، وقد رأينا ذلك في

، ولم يشتمل ديوانه على صورة أكثـر وضـوحا .. والعصابة الزرقاء : )٢(للباس المرأة من هذه الصورة التي نراها في قوله

ــبايا ــوم الصـ ــوم يـ اليـــجوني ــرن شـ ــئن أثـ لـ ــالح ــوه مـ ــت وجـ الحـــا ــن ، ولمـ ــن بخلـ لكـــذا ــاب ، وهـ ــذا نقـ هـــب ــور وطيـ ــب نـ فانصـــا ــال مزايـ ــم للجمـ كـــت ــاح كان ــا ري ــوالك ي ل

ــال "بالماليــــا " روافــ ..ففـــي الزوايـــا خبايـــا

ـــباحخلـــف الحجـــاب ص ــاح ــت ريـ ــن هبـ بخلـ ــاح ــذا وش ــعر ، وه ..ش

لـــوب انصـــباباعلـــى القـ ـــوك ه مـن سـجايا ـم ل

ــا ــا خبايـ ــين الزوايـ ..بـ

ق ، تبين إنها صورة لشريحة من الفتيات اللواتي رآهن إبراهيم في الطري

.١١٤الديوان ، ) ١(

.١٣٤-١٣٣الديوان ، ) ٢(

Page 47: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٤٩ -

.بطريقة واقعية جانبا من مظهر المرأة العام آنذاك تلك كانت صورة المرأة في شـعر إبـراهيم ، الـوطني .. وبعد

والغزلي ، وقد رأيناها في شعره ال تختلف كثيرا عنها في واقع الحياة في عصره ، حيث مثل معظم النماذج التي رأيناها تدب على أرض الواقع ،

يؤكد ما ذهبنا إليه من أن المرأة في شـعره امـرأة واقعيـة األمر الذي وليست رمزا ، نعم قد تكون مالذه من المرض كما صرح بذلك في غير

، وقد تكون شدة تعلقه بالنساء ، وتعرضه لمعظم ) ١(موضع من قصائده من صادفهن ، دربا من دروب التشبث بالحياة التي يطارده فيها هـاجس

قد رأينا ذلك ال يفارق تفكيره حتى وهو في لحظات المرض والموت ، وشبيلية فـي إالسعادة الغامرة ، وقد تجلى ذلك بوضوح في قصيدته غادة

: )٢(مثل قوله ـــهأرى الثالثـــين ســـتعدو بي

ــوي ع ــر يلت ــد عش ــهوبع ودي ال بد لـي إن عشـت أن أعطفـا

ــراب ــي اقت ــها ف ــرة أفراس مغي وينضب الزيـت ويخبـو الشـهاب ــدلس الناضــرة ــى األن ــى رب عل

لذلك رأينا أنموذج المرأة المعشوقة على اختالف صورها هو األنموذج .األكثر وضوحا وانتشارا في شعره

ومن ذلك أيضا ما نراه في قوله حينما سافر للعالج في. ١٣٩، ١٣٠الديوان ، : انظر ) ١( لهـا غــالل من شتى الرياحيـن في االمساء راقصة) األزبكية(و :مصر

!ي؟ـيشفين) اد الدين ـوعم(طبيبه مالي وللسقم أخشاه واسأل عن . ٩٨الغواني ، ص -

.١٢٦-١٢٣الديوان ، : انظر ) ٢(

Page 48: ﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷاsite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/02/u_2.pdfﺪـﻘـﻧ ﻲﻓ ﻲﻨﯿﻄﺴﻠﻔﻟا بدﻷا رﻮﺘﻛﺪﻟا

-٥٠ -