ـﺑ ﺔﻣﻮﺳﻮﻣ - univ-oran1.dz · ﻱﺮﻣﺃ ﻲﻟ ﺮ ﺴﻳﻭ ﻱﹺﺭ ﺪ ﺻ ﻲ...

358
ﻛﺘﻮﺭ: ﻴﻢ. . . . . . ــ ﺒﻴﺔ ﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﺎﺫ ﺍﳊ ﻋﺒﺪ ﺭﺋﻴﺴ ـ ـﺸﺮﻓﺎ ﻭﻣﻘﺮــﻮﺍ ﻋﻀـﻮﺍ. ﻋﻀـ ـ ﻮﺍ ﻋﻀـ ـ ﻮﺍ20 .( ﺍﻟﻃﻴـﺔ ـ ﺍﻟﻌﻠﻤﺩﺍﺴﺎﻧﻴﺎﺕﺷﺮﺍﻑ- ﻋﻴ ﺑﻦ: ﺍﻥﺍﻥﺍﻥﺭﺕﻌﺒﺎﺱ ـ201 - 014 ﻟﺪ ــ ﻘﺮ ﻭﺍﻟﺒﺤـ ـ ﻭﻫ ـ ﺮﺍﻥﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻨ ﺮﺑ ـ ـ ﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻩ ﺍﻟـ: ﻨﺎ ــ ﺸﺔ: ﻭﻫﺎﻣﻌﺔ ـﺎﻣ ـ ﻭﻫﺎﻣ ـ ﻭﻫ ﺎﻣ ـ ﺗﻴ ـ ﺳﻴﺪﻱﻌﺔ ﺳﻌ ـ14 ـ/ 13 ـ ﺮﻳــﺔ ـ ﺍﻟﻌ ـ ﺎﻟ ـ ــﺍﺏ ﻭﺍﻟﻠ ـ ﻐﺔ ﺍﻟﻌ ـﻟﺪﻛﺘﻮﺭﻮﺳﻮﻣﺔ ﻟﺠ ـ ﺍﻟ ﻨﺔ ﺟﺎ14 ـ- 36 ﻟﺠﺰﺍـ ــ ﺍﻟ ــ ﻌﻠﻴ ـ ﺟﺎ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻵ ﻗﺴ ــ ﺍﻟ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺃﻋﻀﺎ ﺑﺸﻴـﺮ ﺍﳊﻠﻴﻢﺒﺪ ـﺻﺮ ﺍﻟﻘـﺎﺩﺭ ﺼﻄ ـﻮﺍﺭﻱ ـﻣﻌﻴﺔ: ) 35 ـﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﻟﻨﻴﺪﻣﺔ ﻟﺒ ـ: . ﳏﻤ ﺑﻮﳚﺮﺓ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺍﺳ ـ ﻋﺒ ﺯﺭﻭﻗﻲﻨﺼﻮﺭﻱ ﺑﻠﻘﻭﺯ ـ ﺍﳉ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺠﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﻄﺎﺍﺩ ﻋﺪ ـ ﺧﺪ. . . . . . . . . . . . ﺑﻮ

Transcript of ـﺑ ﺔﻣﻮﺳﻮﻣ - univ-oran1.dz · ﻱﺮﻣﺃ ﻲﻟ ﺮ ﺴﻳﻭ ﻱﹺﺭ ﺪ ﺻ ﻲ...

  • :كتور .ليم

    . .را.

    . .

    بيةــشع ي

    تداوليةال

    ألستاذ الدسى عبد احلل

    اــرئيسومقررمشرفاضــواع

    .عضـواواــعضواــعض

    ).م20

    اطيـة الشث العلميـ

    ون اآداهب

    السانيات

    إشراف األد بن عيس-أ

    : رانم ران ران ارت لعباس

    ةدـ

    201-014

    قراــلديمــي والبح

    رانـوهوالفنو غاتية وآــرب

    لالاه في

    : بـ

    إ أ

    :شةــمناقرـجامعة وه

    ة وهرـجامعة وهرـجامعاـعة تيـام

    معة سيدي بلـيعة سعجام

    13/ـه14

    ريــة الدـاليـم العـو ةــعـم

    واللغ دابرـالع غةـل

    الدكتور

    موسومة

    نة المـلجءجج

    ج جا

    جامج

    36-ـ14

    ـــالجزائـعليــ الت

    جاماآلدكلية

    م اللــقس

    ل شهادة ا

    م

    أعضاء د بشيـر عبد احلليم

    اصرـل ند القـادر

    فىـصط ـواري

    35(: امعية

    مـهورية اوزارة

    قدمة لنيل

    : ةـلب .جية

    بوجيرة حممد بن عيسى ع ولـبماسط زروقي عبد

    مص منصوريـدوز هبلقن

    السنة اجلا

    الجم

    مق طروحة

    عداد الطالبة خدجيـخش

    .د.أ.د.أ.د.أ.د.أ م. د.أ .د.أ

    أط

    إعدبوخ

  •  

      

    ر ﴿رِي بدي صل رحشلي أمري ا رويس ﴾وا قَولييفْقَه واحلُلْ عقْدةً من لساني

    27- 25 اآلية سورة طه

  •  

      

    :إهداء

    .إىل الوالدين الكرميني أطال اهللا يف عمرمها

    م عالقة حمب ة وصداقةإىل كل من تربطين...

    .تقديرا وعرفانا

  •  

      

    كلمة شكر

    هو أهل احلمد والثناء، أذكره ذكْر من خاف رب العاملني، احلمد هللا

    مآْرآْذي َأوِنرآْذفا﴿مقام ربه، فعرف قدر نفسه، امتثاال لقوله

    ﴿َلِئْن ، وقوله152البقرة اآلية ﴾نورفْكي وال َتوا ِلركواْش

    .سورة إبراهيم 07من اآلية ﴾َشَكْرتم َلَأزيَدنكم

    َأْن ﴿فقال عز وجل ،أشكر الذينِ جعل اهللا شكرمها من شكره

    .من سورة لقمان 14اآلية ﴾اْشكْر يل وِلواِلَديَك إيل اَملِصْري

    عبد "أتقدم بأمسى عبارات الشكر والتقدير ألستاذي الفاضل الدكتورو

    ملا قدمه إيل من آراء وتوجيهات قيمة ساعدتين على " احلليم بن عيسى

    إخراج هذا البحث يف هذه الصورة، واليت أرجو أن أكون قد وفقت فيها إىل

    .حتقيق نوع من املعرفة اليت تفيد من أراد االطالع عليها

    كما أشكر األساتذة األفاضل الذين تفضلوا باملوافقة على مناقشة هذا

    خاصة صديقايت األستاذة ،العمل، وكل من مد إيل يد العون واملساعدة

    مرسلي "والدكتورة ،"عمارية حاكم" ، والدكتورة"نفيسة بن خيلف"

    ، "محيدات مسكجوب"، والدكتورة "سعاد سليماين"األستاذة و ،"مسعودة

    .وأسأل اهللا أن جيزي اجلميع من واسع فضله وكرمه خري اجلزاء والثواب

    .بوخشة خدجية

  •  

      

      

    ةـدمـمق 

     

     

     

  • ـةمــقـدمــ  

    ـأ

    انتقلنا من كلمايقوم التخاطب اإلنساين على عمليات تواصلية معقدة، تزداد تعقيدا ك أنّ اللغة تكتنفها مقاصد معينة، ذليلالتخيي إىل التخاطب األديباملتداول التخاطب اليومي

    ، القتناع بالفكرةتعمل على حتريك املتلقي إىل ا وهذه املقاصد واخلبايا قد تنطوي على حججٍمكانة مميزة يف الدرس ر بروز الدراسات اليت ختتص باحلجاج وتوليه ذلك ما يفسولعل .اللغوي

    خذ مسة االستقاللية تت -ات القرن العشرينيمنذ مخسين- بدأت الدراسات احلجاجيةاحلجاج جبهود مستفيظة من طرف علماء املنطق والفالسفة قد حظي و ،يف أحباث الدارسنياخلطاب، على أساس أنّ اللغة حتمل يف طياا بعدا حجاجيا موجها حنو يواللسانيني وحملل

    .املتلقي بغية التأثري عليه وإقناعه

    ومدى قدرا على إحراز ،إىل حتديد دور احلجج وتقوميها ة احلجاجدف دراسو العالقات البحث يف أي ؛بعضها مع البعض اآلخر احلجج وحتديد مدى جتانس اإلقناع،وذلك يبدو جليا يف مثال، الواردة يف احملتوى الكالمي بني املقدمات والنتائج القائمة

    لشعرية لغلبة جانب يف اخلطابات ا وخفاًء اخلطابات العادية أو النثرية ولكن يزداد صعوبةً .التخييل عليها

    سة ارد ،عر اجلزائري احلديثالش الضوء علىولذلك ألقيت يف هذا البحث ليت يضطلع ا احلجاجية الوظيفةيف ذلك الكشف عن ةلحماوِ ،وجهة نظر تداولية منحجاجيته

    ."حجاجية احلكمة يف الشعر اجلزائري احلديث"فكان موسوما بـ ،لشعرياخلطاب ا ا

    رسالة موضوع أنّ بحثومن األسباب الذاتية اليت دفعتنا إىل اخلوض يف هذا ال شعر املتنيب، فأردنا أن يكون حبثنا هذا تكملةًاملاجستري كان حول الروابط احلجاجية يف

    ملشروعنا األول وتوسيعا له فال يقتصر على الروابط احلجاجية فحسب؛ بل يبحث كذلك يف

  • ـةمــقـدمــ  

    ـب

    احلكمة ، وخصصنا شعروكذا اآلليات والعالقات احلجاجيةحجاجية الفعل الكالمي، .على األبعاد اإلقناعية، ابتغاء كشف مكنوناته القائمة اجلزائري احلديث كمدونة للبحث

    :غمار هذا البحث اليت جعلتنا نلج املوضوعية سباباألومن

    إىل جانب السعي يف إثر الصورة ، اظاهرة احلجاج تداوليحماولة الكشف عن - . اإلفادة من التراث العريبعرب اللغوية واألدبية تنيراسبني الد التكاملية اجلامعة

    - تعد قلة التتم باألعمال األدبية مثل الشعرطبيقات الت خاصة إذا كان داولية اليت ،، حيتاج إىل مقاربة من هذا النوع ازالمالذي اجلزائري احلديث عرق بالشاألمر يتعلّ

    لبريملانتستلهم من بالغة احلجاج تفيد من الدرس البالغي العريب، وPerelmanوتيتيكا Tyteca أوستنيوكذا أعمال Austinلسريو

    SearleغرايسوGrice، رها نظرية احلجاج يف اللغةك وكذلكما تصو .Ducrotديكرو

    أوىل، ملقام الشعر من جهة صرحوحتديد مدونة البحث يف غرض احلكمة بالذات -أقوى احلجج يف وألنّ ؛ا توفره احلكمة من قدرة فائقة على اإلقناع من جهة ثانيةملومن جهة ثالثة إرشاديةً يةًظوع عر غالبا ما تكون حكمةًالش.

    ،املدونة يكون البحث قد حدد اجلزائري احلديث ةبتدقيق االختيار لشعر احلكمو -ينفتح شعر هكما أن ،ةومنتظر ةمتوقع وحجاجيته ،ففي شعر احلكمة خماطبة للعقل

    على القراءة والتقاش، وفيه حجاج مقصود وإعمال روية، واختيار مدروس أويل والن .واعٍ للفظ والعبارة والصورةوانتقاء

    إىل حصر املدونة عمد البحث -الشعر اجلزائري احلديث –ونظرا حلجم املدونة يف - بدًءا من السنوات العشرين من القرن املاضي - التنقيب عن شعر احلكمة عربالتطبيقية

    : منهامبساعدة املراجع اليت تناولت الشعر اجلزائري احلديث و ،دواوين شعراء اجلزائر، الغوثي بن محدانو حملمد بن رمضان شاوش"موسوعة إرشاد احلائر إىل آثار أدباء اجلزائر"

  • ـةمــقـدمــ  

    ـج

    ، حملمد ناصر" 1975-1925اجتاهاته وخصائصه الفنية الشعر اجلزائري احلديث "كتاب و "جلزائر يف العصر احلاضرشعراء ا"كتاب و لصاحل خريف"الشعر اجلزائري احلديث"كتابو

    عر العمودي فقط وقد اقتصر البحث على الش ،...)اهلادي السنوسي الزاهري حملمد جبزأيه .بالشعر املعاصر يف األغلب اقترن عر احلرالش وألنّ ؛حىت يكون مركزا

    يف ثنايا القصائد متناثرةعلى شكل بيت أو شطر غالبا ما ترد احلكمة وملا كانت ،وتدعم فكرا ،وحتقق هدفها ،تخدم غرض القصيدة ككلالشاعر ل ستخدمها، ويالشعريةا إىل عقول متلقيها لتالمس إحساسهم ،ي بناءهاوتقو وتقودهم لالقتناع ،وتسري

    م حيت ذلك فإنّ -يف الشعر على غرض احلكمة تركز راسةالد هذه نظرا لكونو- والتصديقاألغراض الشعرية تعالقها مع باقي نِيابتغاء تب ،علينا أن ندرسها يف سياقها الذي وردت فيه

    .يف القصيدة

    احلجاجي يف طابواصفات اخلمب ختتص إنّ اإلشكالية اليت يتمحور حوهلا هذا البحث .جتعل العالقة اإلقناعية ممكنة هي خصائص من شأا أنو ،شعر احلكمة اجلزائري احلديث اإلجنازيةوعلى حجاجية اخلطاب الشعري وأبعاده اجلمالية ولعل هذا ما يربز التركيز

    وتضمنت اإلشكالية جمموعة من األسئلة حاول البحث اإلجابة عنها ضمن ،واإلقناعية :فصوله

    - سع شعر احلكمة اجلزائري للوظيفتني التخييلية والتداولية؟ وإن كان الشعر هل يت إقناعية أم اقتناعية؟ حجاجيا فهل حجاجيته

    وما الدالالت احلجاجية لألساليب البالغية؟ هل يضطلع البعد اجلمايل بوظيفة حجاجية؟ -ما وظيفة الفعل الكالمي احلجاجية؟ وهل كل فعل كالمي فعل إجنازي حجاجي قادر -

    على التأثري؟- وما هي متضمنات القول التأثريي؟ أو كيف ين املتكلم يف كالمه ما جيعل اآلخر ضم

    يقتنع عفويا بوجهة نظره؟

  • ـةمــقـدمــ  

    ـد

    ب حججه لتأدية غرضه رتاعر؟ وكيف يتمدها الشما التقنيات احلجاجية اليت يع - اإلقناعي؟

    اعتمدنا يف حبثنا خطة اهتدينا إليها يف رسم معامل هذه اإلشكالية وعلى هذا األساس :على النحو اآليت

    ،واملفهوميف شكل عرض حتليلي للمصطلح جمفاهيم عامة يف احلجادخل املتناول .كالربهان واالستداللصطلحات ما يتعلق به من م وكذا

    فيه نادرس ،احلديث احلكمة اجلزائري شعراحلجاج و :بعنوان الفصل األولوكان حبثنا يف مث ؛عامة والشاعر بصفة خاصة احملاججليها إ تندمقومات احلجاج ومسلماته اليت يس، وأهم مواضيعه وأغراضه وشعرائه، الشعر اجلزائري مفهوم الشعر احلديث، وخصائص

    ،اسة احلجاج بني اجلدل واخلطابةلدر مبحثٌ صص، وخإىل وظيفة الشعر احلجاجيةللوصول لندرس بعد ذلك احلجاج ،اهية احلكمة ونشأا وتطورهامل توضيحٍمث احلجاج والشعر، مع ، وعالقة الشعر بالتخييل واإلقناع، مث احلجاج يف شعر احلكمة بني يف شعر احلكمة اجلزائري

    .واالقتناعاإلقناع

    يف شعر احلكمة ألساليب البالغيةحجاجية ابعنوان فكان الثاين الفصل أما كان التركيز علىوا احلجاجية، األساليب البالغية واستعماال ، قدمنا فيهاحلديث اجلزائري

    لكونه يؤدي يف احلجاج؛ موقع مهم من له ملاقه اخلطاب الشعري الذي حيقّ البعد اجلمايلومن مثَّ العزف على الوتر احلساس للمتلقي وجعله يقتنع بآراء ،اإلثارة واالستمالةدور

    اعر أسلوبا بالغيا بعينه دون غريه من األساليب؟ ولإلجابة عن خيتار الش لكن لم الشاعر،مث ، البديعيةو األساليب البيانيةاحلجاجي الستعمال بعض دور العن هذا السؤال حبثنا .كرارالتوالشعري حجاجية اإليقاع

  • ـةمــقـدمــ  

    ـه

    حجاجية الفعل الكالمي يف شعر احلكمة اجلزائري على لثالفصل الثا زبينما ركّ؛حيث سعى إىل البعد اإلجنازي والتوجيهي إىل من البعد اجلمايل البحث نتقلوهنا ا ،احلديث

    القوة اإلجنازية رصدو ،إلجنازي ومدى تأثريه على املتلقياستنتاج القيمة احلجاجية للفعل اتلقي املباشر أو املتلقي التأثريات اليت حتدثها يف امل الكالمي، واستكشافاليت حيققها الفعل

    حسب القصيدة الشعرية وما حققته يف زمنها مبراعاة الشروط التداولية لنجاح -الكوين الكالمي تكمن حجاجية الفعل و -وسياق وزمان ومكان ومتلقٍالفعل الكالمي من متكلم

    .يف القدرة على توجيه املتلقي وإقناعه ومن مث دفعه إىل اإلجناز والفعل

    ،احلديث آليات احلجاج يف الشعر اجلزائري لفحص رابعالفصل ال صصخوقد ملها الشاعر اليت يستع يةجااحلجالتقنيات فتم التطرق فيه إىل البعد اإلقناعي، مركزا علىووضعنا أمثلة هلذه ، العالقات احلجاجيةويف األخري ،مث السلم احلجاجي ووسائله ،لإلقناع

    .التقنيات والسالمل والعالقات احلجاجية من شعر احلكمة اجلزائري احلديث

    .ل إليها البحثأهم النتائج اليت توصرصدت ف اخلامتةأما

    احلجاجي، من أجل إبراز التداويل تحليلكشف الغطاء عن ال إىل ناولهذا الت يرومحجاجية بالتركيز على - احلكمة اجلزائري احلديثشعر - حتليل اخلطاب الشعرييف تهفعالي

    الكامن يف قصدظفر بالاحلجاجية، حماولة منا للالفعل الكالمي واآلليات و غيةالاألساليب البونفس منتجه ويف نفس متلقيه، ويف عناصر السياق املختلفة اليت حتيط بعملية النص ذاته

    ، ودراسة ألفعال الكالمية الضمنية املنجزةإجنازه، استنادا إىل القوة التواصلية احلجاجية ل .العالقات احلجاجية اليت تنتظم ا حجج الشاعر

    تتطلبه ا ملا التحليلي نظر الوصفي اعتمد البحث املنهج يف سبيل حتقيق هذه األهدافو املفاهيم التداوليةتبيني مدى تعالق احلجاج ببعض فجاء الوصف وسيلة ل ؛الدراسة اللغوية

    اجاجيفقد انتقيناه ح تحليلالاحلديث عن احلجاج يف الشعر، أما وإثبات إمكانية األخرى

  • ـةمــقـدمــ  

    ـو

    ينل احلظ الوفري مل وفق آليات إجرائية تداولية، عرب موضوعٍ طاب الشعريخلولوج عوامل ال .كمة الواردة يف الشعر اجلزائري احلديثاحلممثال يف من الدراسة

    اليت تلك كتب التداولية واحلجاج خاصةهم الكتب اليت استند عليها البحث؛ومن أمن اجلاهلية إىل القرن القدمي العريب احلجاج يف الشعر"مثل ؛درست الشعر دراسة حجاجية

    "بالغة احلجاج يف شعر ابن الرومي"و لسامية الدريدي"وأساليبهالثاين للهجرة، بنيته ،حملمد عبد الباسط عيد" احلجاج يف النص الشعري"و، "إلبراهيم عبد املنعم إبراهيم

    ومتّ مجع املدونة ، "افظ إمساعيلي علويحل"احلجاج جماالته ومفاهيمه"باإلضافة إىل كتاب .الشعرية من الكتب اليت ذكرت آنفا

    فر املمارسة يف هذا النوع اقلة تومن أهم الصعوبات اليت اعترضت طريق البحث؛ ود إشكالية تعدو .وصعوبة تطبيق املفاهيم التداولية على اخلطاب الشعري ،من البحث

    كما وجد واحد، المصطلح للد املفاهيم واحد، أو تعداللمفهوم لاملصطلحات اللسانية ها يف التنقيب عن عربزائري احلديث يف الشعر اجل احلكمةب البحث مشقةً يف اإلمساك

    خاصة وأنه مل يسبق ألي دراسة ، دراسات اليت مجعت الشعر اجلزائريوال ،الدواوين الشعريةشعر صت هلذا الغرض يف الصأن خ -وحسب علمنا- فر لنا يف مكتبة البحثاحسب ما تو

    .ة واملقاومةبل توجهت معظم الدراسات صوب شعر الثور اجلزائري احلديث؛

    وتعاىل وتوفيقٍ سبحانه اهللا فبفضلوإذا جاء يف هذا البحث ما قد يستحسنه القارئ تقدم له خبالص نف عبد احلليم بن عيسى، مث بفضل جهود أستاذنا املشرف الدكتور منهورعايته هلذا العمل بصرب ،وتوجيهاته السخية ،لتواضعه العلمي والتقدير والعرفان شكرال

    وشكري إىل كل من علموين أنّ حتصيل العلم ليس إال باختاذ الصرب مطية . بة صدرورحا .والتواضع حلية

    خدجية بوخشة

  • ـةمــقـدمــ  

    ـز

    2014جانفي 20:سعيدة يف

  •  

      

     

     

     لــاملدخ

     

     

  •  

      

     

    مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    .مفهوم احلجاج: أوال

    .املفهوم اللغوي -1 .املفهوم االصطالحي -2

    .مفهوم احلجاج عند العرب 2-1

    .مفهوم احلجاج عند الغرب 2-2

    .الربهان واالستداللباحلجاج عالقة: ثانيا

     

     

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    2

    :مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    واللسانية النقديةو ني يف الدراسات البالغيةباحثاستحوذ الشعر على اهتمام ال ولعل هذه املكانة اليت حظي ا تعود لكونه تعبريا فنيا واألسلوبية والسيميائية والتداولية؛

    ويقصد منه نشر الفضائل ومكارم األخالق خاصة يف شعر ،مجاليا يشعر به الشاعر .احلكمة

    يهتم البحث بالوظيفة احلجاجية للخطاب الشعري مركزا على شعر احلكمة يف املدونة يدرسسيثبت يف البداية وجود احلجاج يف الشعر، مث ؛ حيث اجلزائري احلديث

    مث يربز أهم ،حجاجية الفعل الكالميالتطبيقية حجاجية األساليب البالغية لينتقل إىل احلجاجية اليت يستعملها الشاعر يف شعره ويقصد ا إحراز اقتناع املتلقي والتأثري اآلليات

    .فيه

    وداللته من عرض بعض املفاهيم سواء تلك املتعلقة باحلجاج البحث ينطلقس ن واجلدل كالربها ؛أو ما قد يلتبس به من مصطلحات ،اللغوية واالصطالحية

    .واالستدالل

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    3

    :مفهوم احلجاج: أوال

    L'argumentation) : (لغة احلجـاج-1

    ... احلج كثرة القصد إىل من يعظّم«جاء يف معجم العني ،جمن حاج احلجاج لغةً : قارعة الطريق الواضح، واحلجة: واحملجة... ويقال احلجة املوسم... عظموه: حجوا عمامته

    .فدلّ احلجاج على اخلصام .1»الظفر عند اخلصومةوجه

    أنّ احلجاج هو املخاصمة، ويضيف ) ه538ت(الزخمشري ويف هذا الصدد يرى احتج على خصمه «بعض املعاين اازية اليت ميكن استعماهلا بلفظة احلجاج؛ حيث يقول

    وكانت بينهما حبجة شهباء، وحبجج شهبٍ، وحاج خصمه فحجه، وفالن خصمه حمجوج، حماجة ومالجة، وسلك احملجة، وعليكم باملناهج النيرة واحملاج الواضحة، وأقمت عنده حجة

    بدا : ومن ااز... وحجوا مكة، وهم حجاج وفالن حتجه الرفاق أي تقصده... كاملة . 2»...ومروا حبجاجي اجلبل، ومها جانباه... الشمس، كما يقال حاجبها حجاج

    حاججته، أَحاجه، حجاجا ومحاجة حىت حججته « )هـ711( ابن منظورويقول . واحلُجة الربهان. وحاجه محاجة وحجاجا، نازعه احلُجة. أي غلبته باحلجج اليت أدليت ا

    ويقال أيضا رجل . احلُجة، الوجه الذي يكون به الظفر عند اخلصومة: قال األزهريلٌمدأي ج اججح .ماصخمبعىن الت اجحة. والته أي نازعه احلُجاج3.»وح

    خ منشورات علي بيضون، دار الكتب العلمية بريوت :كتاب العني ترتيب وحتقيق عبد احلميد هنداوي أ: اخلليل بن أمحد الفراهيدي 1

    .286ه، باب احلاء ، الد األول ص1424- م2003، 1لبنان ط- 1426، 1والتوزيع بريوت لبنان ، ط أساس البالغة، دار الفكر للطباعة والنشر: جار اهللا أيب القاسم حممود بن عمر الزخمشري 2

    .113ص) ح ج ج(م مادة 2006ه،1427 .38ص. 1ج) ح ج ج ( مادة . بريوت. دار صادر . الد الرابع" .لسان العرب : "ابن منظور 3

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    4

    احلجاج الرتاع واخلصومة بواسطة األدلة والرباهني الكالمية واحلجج عينفعلى هذا ي أنّ فعل «، فيكون مرادفا للجدل؛ ألنه جيمع بني معنيي اللفظني املخاصمة واملنازعة مع العقلية 1.»األغلب أنه يفيد اخلصام بباطلو ...ال يستعمل غالبا إال يف معىن املخاصمة حاج

    مها على بل مدار«اخلصومة والرتاع ومها ال تستلزمان العداوة؛ احلجاج وأصل ألن ظروف املنازعة ودواعي الصراع يقتضيان تصلبا يف الرأي االختالف مع الطرف اآلخر؛ 2.»ا ميلكه من الدالئل لكي يفحم به اخلصممما يدفع به إىل إقحام كل م

    مفهوم احلجاج إىل القصد، وغلبة اخلصم باحلجة والربهان؛ الرازيأبو بكر ويرجع واحلجة الربهان، وحاجه فحجه من باب رد، أي (...) احلج يف األصل القصد « :فيقول

    : ورجل محجاج بالكسر أي جدل، والتحاج التخاصم واحملجة بفتحتني... غلبه باحلجةوهذا التعريف بدوره جيعل من احلجاج والربهان واجلدل مصطلحات ،3»جاد الطريق

    . مترادفة ال فرق بينها

    : قائال" الربهان"و" الداللة"و" احلجة"يفرق بني أبا هالل العسكريبينما جند احلجة هي االستقامة يف النظر واملضي فيه على سنن مستقيم من رد الفرع إىل األصل، «

    وهي مأخوذة من احلجة وهي الطريق املستقيم، وهذا هو فعله املستدل وليس من الداللة يف

    .32، ص1984، ط الدار التونسية للنشر، تونس 1التحرير والتنوير، ج: حممد الطاهر بن عاشور 1ألفاظ احلجاج يف القرآن الكرمي وسياقاا املختلفة السور السبع الطوال أمنوذجا، دراسة داللية معجمية، منشورات معاين: سعيد فاهم 2

    .14، ص2012خمرب املمارسات اللغوية يف اجلزائر جامعة مولود معمري تيزي وزو،كلية اآلداب واللغات مادة . 1981-1401خاطر بك، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع طبعة عين بترتيبه حممود: خمتار الصحاح: حممد بن أيب بكر الرازي 3

    .حاجج

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    5

    ألنّ ؛منا تنفصل احلجة من الربهانوتأثري احلجة يف النفس كتأثري الربهان فيها، وإ. شيء .1»حج حيج إذا استقام قصده: احلجة مشتقة من معىن االستقامة يف القصد

    املُحاج وهو : فاملعىن األول«:معاين جزئية ثالثة ) ح ج ج(وتتفرع من مادة احلجج اليت يتبادهلا : ، والثالث)املغلوب(احملجوج : والثاين) الغالب(صاحب الغلبة

    .2»تخاصمانامل

    مرة يف القرآن الكرمي بصيغ صرفية عديدة ) 19(وردت كلمة حجاج تسعة عشر حجة، حجتنا، حجتهم، حاج، حاجوك، حاجك، حاججتم، حتاجون، حياجون، "مثل

    :نذكر منها." حياجوكم، أحتاجوين، أحتاجوننا، حاجه

    حيث دلّ الفعل حاج .3﴾إِبَراهيَم في َربهالْذِّي َحاج إىل أَلَم َتَر ﴿قوله عز وجل-" حاج"ويف تفسري هذه اآلية الكرمية ،على دخول إبراهيم والنمرود يف خصام وجدال

    .4"جادل"أي

    أي ﴾الْذِّي َحاج إِبَراهيَم في َربهإىل أي بقلبك يا حممد ﴾أَلَم َتَر﴿ويف تفسري ابن كثريوكان طلب من إبراهيم دليال على ... أن يكون مثّ إله غريهوجود اهللا، وذلك أنه أنكر .، فحاج هنا مبعىن طلب الدليل5»...وجود الرب الذي يدعو إليه

    ، 1981- 1401الفروق اللغوية، ضبط وحتقيق حسام الدين القدسي دار الكتب العلمية الطبعة األوىل بريوت : أبو هالل العسكري 1 16ص

    14السور السبع الطوال أمنوذجا، دراسة داللية معجمية، صمعاين ألفاظ احلجاج يف القرآن الكرمي وسياقاا املختلفة : سعيد فاهم 2 .258البقرة 3تفسري اإلمامني اجلاللني للقرآن الكرمي، حققه ونسقه الشيخ حممد الصادق القمحاوي، : جالل الدين السيوطي وجالل الدين احمللي 4

    .37رحاب، اجلزائر ، ص: مكتبةتفسري القرآن العظيم، كتب هوامشه وضبطه حسني بن إبراهيم زهران، طبعة جديدة خمرجة األحاديث ومصححة، دار الفكر : ابن كثري 5

    .287م ، ص2006ه 1427-ه1426للطباعة والنشر والتوزيع ، بريوت، لبنان، اجلزء األول

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    6

    ويف تفسري .1﴾ َوَحاجه قَومه،قَالَ أَتَحاجونِي يف اِهللا َوقَد َهَدان﴿وقوله عز وجل -إبراهيم حني جادله قومه فيما ذهب يقول اهللا تعاىل خمربا عن خليله «:هذه اآلية الكرمية

    أي ":أحتاجوين يف اهللا وقد هداين :إليه من التوحيد، وناظروه بشبه من القول أنه قال أجتادلونين يف أمر اهللا وأنه ال إله إال هو وقد بصرين وهداين إىل احلق وأنا على بينة منه

    ت كلمة حتاجونين مبعىن ، فجاء 2»فكيف ألتفت إىل أقوالكم الفاسدة وشبهكم الباطلة .جتادلونين

    َها أَنتم َحاَججتم فيَما لَكُم بِه علْم،فَلَم تَحاجون فيَم لَيَس لَكُم ﴿ وقال اهللا تعاىل-لْمع فيما ال علم له به، فإنّ اليهود والنصارى «؛ وهذا 3﴾بِه إنكار على من حياج

    ولو حتاجوا فيما بأيديهم منه علم مما يتعلق بأديام اليت ،حتاجوا يف إبراهيم بال علمفمعىن احلجاج ، 4»لكان أوىل م) صلى اهللا عليه وسلم(شرعت هلم إىل حني بعثة حممد

    .هنا اجلدال واإلنكار

    جادلوك يف «؛ أي 5﴾ فَإِنْ َحاجوَك فَقُلْ أَسلَمت َوجهِي للَّه﴿وقال تعاىل - .6»عباديت له وحده ال شريك لهالتوحيد فقل أخلصت

    ويف تفسري ،1﴾لئَالَّ َيكُونَ للناسِ َعلَى اِهللا حجةً َبعَد الرسلِ﴿ وقال عز وجل -أنّ اهللا تعاىل أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة وبين ما «هذه اآلية الكرمية جند

    .عذر: فجاء معىن كلمة حجة ، 2»حيبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه لئال يبقى ملعتذر عذر

    .80األنعام 1 .676، ص2تفسري القرآن العظيم، ج: ابن كثري 2 66مران آل ع 3 .338، ص1تفسري القرآن العظيم، ج: ابن كثري4 .20آل عمران 5 .323،ص1تفسري القرآن العظيم، ج: ابن كثري6

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    7

    .4»باطلة عند اهللا«أي أنّ حجتهم 3﴾حجتهم َداحَضةٌ عنَد َربهِم﴿ويف قوله -

    فدلّت لفظة احلجاج يف هذه اآليات على اخلصام أو اإلنكار أو اجلدال و طلب الدليل .أو اإلدعاء

    وإذا كانت معظم املعاجم العربية وتفاسري القرآن الكرمي قد ربطت احلجاج باجلدل، أَلَم ﴿ أشار إىل الفرق بينهما حني فسر قوله تعاىل) ه1393ت(فإنّ حممد الطاهر بن عاشور

    زنة معىن حاج خاصم، وهو فعل جاء على «بقوله .5﴾الْذِّي َحاج إِبَراهيَم في َربهإىل َتَر املفاعلة وال يعرف جلاج يف االستعمال فعل جمرد دال على وقوع اخلصام وال تعرف املادة اليت اشتق منها ومن العجيب أنّ احلجة يف كالم العرب الربهان املصدق للدعوى مع أنّ

    ، 6»وأنّ األغلب أنه يفيد اخلصام بباطل... حاج ال يستعمل غالبا إال يف معىن املخاصمةبأنّ 7﴾أَنفَُسهم ولَا تَجادلْ عن الَّذين َيخَتانونَ﴿اجلدل يف تفسريه لقوله تعاىلكما فسر

    ، واحلجة فيه وهي منازعة بالقول من اجلدل وهو القدرة على اخلصام مفاعلة«اادلة احلجة عليه، اادلة املخاصمة بالقول ، وإيراد«، وقال يف موضع آخر8»إلقناع برأيكل

    .9»، وال جدال يف احلجادلنا يف قوم لوط، وتكون يف الشرفتكون يف الغري كقوله جي

    .165النساء 1 .355، ص1تفسري القرآن العظيم، ج: ابن كثري2 .16الشورى 3 .1666، ص4تفسري القرآن العظيم، ج: ابن كثري4 .258البقرة 5

    .32-31، ص3التحرير والتنوير، ج 6 .107النساء 7 .194، ص 3التحرير والتنوير،ج: ابن عاشور 8

    .60، ص12ج نفسه 9

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    8

    فاجلامع بني لفظي احلجاج واجلدل هو املخاصمة لكنها يف احلجاج قائمة على الباطل عادة كما أشار إىل ذلك ابن عاشور معتمدا على القرآن، يف حني أنّ اجلدل منه ما هو حق

    .هو باطل ومنه ما

    من شأنه أن يضيق «يف االستعمال باعتبارمها مترادفنيواجلدل احلجاجاملراوحة بني إنّ واحلال أنّ احلجاج أوسع ... من حيث هو صناعة منطقية " اجلدل"ويغرقه يف" احلجاج"جمال

    .1»من اجلدل

    :احلجاج اصطالحا -2

    :مفهوم احلجاج عند العرب 1- 2

    من أرفع العلوم قدرا وأعظمها «عن احلجاج أنه )ه474( الوليد الباجيأبو يقول شأنا؛ ألنه السبيل إىل معرفة االستدالل ومتييز احلق من احملال، ولوال تصحيح الوضع يف اجلدل ملا قامت حجةً وال اتضحت حمجة وال علم الصحيح من السقيم وال املعوج من

    . ، وهذا ما يبين أمهية الدراسة احلجاجية2» املستقيم

    إجراء يسلكه «فاحلجاج تقنية يقوم املتكلم ا ليوضح موقفه ويعلله أمام خماطبه إنه وال تقوم 3.»فرد أو جمموعة لدفع املستمع إىل تبين موقف اعتمادا على إثباتات أو حجج

    .احلجة إال بالسبب والعلة واإلثبات

    -15، تونس منوبة، ص2001 1هم خصائصه األسلوبية، دار الفارايب، بريوت لبنان طأاحلجاج يف القرآن من خالل : صولهعبد اهللا 1

    16. .08، ص1987املغرب 2املنهاج يف ترتيب احلجاج حتقيق عبد ايد التركي ، دار الغرب اإلسالمي ، ط: أبو الوليد الباجي 2 .08حممد طروس، النظرية احلجاجية من خالل الدراسات البالغية و املنطقية و اللسانية، ص3

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    9

    ، فأساس 1»دلّ به على صحة الدعوى، وقيل احلجة والدليل واحد ما«واحلجة احلجاج االرتكاز على دليل معني قصد إثبات قضية من القضايا وبالتايل بناء موقف معني،

    ربطها بالعلة والتعليل، ورأى أنّ أصل اشتقاق السبب ويف مفهوم السببية الغزايلوقد حبث املاء من البئر، وحده ما حيصل شيء عنده إال به، من الطريق ومن احلبل الذي يرتع به «

    .2»فالوصول بالسري ال بالطريق ولكن ال بد من الطريق ونزع املاء باالستسقاء ال باحلبل

    احلجاج كل منطوق به موجه إىل «عن احلجاج يف قوله " طه عبد الرمحن"ث حتدفاحلجاج يتعدى املعرفة املبسطة ، 3»الغري إلفهامه دعوى خمصوصة حيق له االعتراض عليها

    .فيما نطق به املتكلم لتتعلق مبا يقتضيه املنطوق أي ما هو متضمن فيه

    يتمثل األول يف إفادة «أنّ للحجة وجهني ختتص ما طه عبد الرمحنويرى الرجوع أو القصد إنّ احلجة من فعل حج الذي يعين رجع، فتكون احلجة أمرا ترجع إليه أو

    والثاين يتمثل يف إفادة الغلبة ذلك أنّ الفعل حج يدل ... إال حلاجتنا إىل العمل به تقصدهفركز بذلك على املعىن ، 4»أيضا على معىن غلب فيكون مدلوله هو إلزام الغري باحلجة

    .اللغوي للحجاج املتمثل يف القصد والغلبة باحلجة

    .482، ص1992التعريفات حتقيق إبراهيم األنباري، دار اللسان العريب، بريوت ، لبنان : الشريف علي بن حممد اجلرجاين 1، 1، ضمن كتاب مفهوم السببية عند الغزايل أبو يعرب املرزوقي، دار بوسالمة للطباعة تونس، ط60ص1الغزايل املستصفى ج 2 . 200ص

    .226ص. 1998، 1و امليزان أو التكوثر العقلي ، املركز الثقايف العريب، ط اللسان: طه عبد الرمحن3 .137صنفسه، 4

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    10

    :احلجاج عند الغربمفهوم 2-2

    يف الدراسات اللسانية احلديثة باحلجاج Argumentationترجم مصطلح ، وهذه احلجج املوجهة 1»سلسلة من احلجج تتجه مجيعها حنو نفس النتيجة«الذي يقصد به

    .إلثبات موقف أو دحضه

    مصطلح le grande robertويف هذا الصدد جند يف قاموس Argumentation ا يف مناقشة معينة والفعل فن استعمال احلجج«هو أو االعتراض

    مبعىن ؛ 2»هو الدفاع عن اعتراض أو أطروحة بواسطة حجج Argumenterحاجج Argumentation حيث حتيل لفظة.إتباع طريقة معينة يف تقدمي احلجج لتحقيق اإلقناع

    3:على عدة معاين من بينها

    .القيام باستعمال احلجج -

    .هدف حتقيق نتيجة واحدةجمموعة من احلجج اليت تست -

    .فن استعمال احلجج أو االعتراض ا يف مناقشة معينة -

    احلجاج هو توجيه خطاب إىل متلق ما ألجل تعديل موقفه أو رأيه أو سلوكه، حد من أ وه« Philipe Bretonفيليب بروتونواإلقناع حسب . وغايته اإلقناع

    القصد هو التعبري عن إحساس أو حالة أو احلاالت األساسية للتواصل، وذلك تبعا لكون نظرة خاصة إىل العامل أو إىل الذات، أو اإلخبار؛أي الوصف املوضوعي إىل أقصى درجة

    م 2005هـ 1426، 1النظرية احلجاجية من خالل الدراسات البالغية واملنطقية واللسانية ، دار الثقافة، الدار البيضاء ط: حممد طروس1

    .08، ص 2 Le grand Robert : Dictionnaire de la langue française, T.1Paris, 1989, P.535 3Le grand Robert : Dictionnaire de la langue française P.535.

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    11

    حيث يتعلق ؛1»اإلقناع أي التوجه إىل املستمع باملربرات املقبولة لتبين رأي ما...ملقام مات املتكلم من أجل تعديل الرأي جمال اإلقناع باملتلقي ومدى استعداده لالستجابة إىل مؤثرا

    .أو السلوك

    على البالغة Ducrot"ديكرو"كان ميدان احلجاج يعتمد أساسا قبل ، أو يعتمد على املنطق Perelman)بريملان(أو البالغة احلديثة ) أرسطو(الكالسيكية

    .Grice)غرايس(الطبيعي

    ، 1973اللغة منذ سنة ظرية احلجاج يف ن Ducrot ديكرو"وضع اللغوي الفرنسي فر عليها اوهي نظرية لسانية تم بالوسائل اللغوية وبإمكانات اللغات الطبيعية اليت يتو

    املتكلم، وذلك بقصد توجيه خطابه وجهة ما، متكنه من حتقيق بعض األهداف احلجاجية، مث ث يقول ديكرو حي ؛إا تنطلق من الفكرة الشائعة اليت مؤداها أننا نتكلم عامة بقصد التأثري

    Ducrot » دف إىل التأثري يف هذا السامع أو مواساته أو إقناعه أو إننا حني نتكلم إمنادراسة وبعبارة أخرى فإنّ ، 2»جعله يأيت عمال ما ، أو إزعاجه أو إحراجه وغري ذلك

    االستداللإىل أمناط احلجاج أخذت تم باستراتيجية اخلطاب اهلادف إىل االستمالة استنادا الصورية، وذلك بغاية إحداث تأثري يف املخاطب بالوسائل اللسانية واملقومات السياقية اليت جتتمع لدى املتكلم أثناء القول من أجل توجيه خطابه والوصول إىل بعض األهداف

    3.احلجاجية

    1 Philipe Breton , l’argumentation dans la communication, Alger. Casbah,1998 p.4. 2 Anscombre et ducrot : L’argumentation dans la langue, , philosophie et langage troisième édition, MARDAGA , P.05.

    . 2006مقاربة تداولية معرفية آلليات التواصل واحلجاج إفريقيا الشرق، املغرب " عندما نتواصل نغري : "ينظر عبد السالم عشري 3 .67ص

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    12

    ، اللغة حتمل بصفة ذاتية وجوهرية وظيفة حجاجية ن أنّأن تبي نظرية احلجاج تريد ومن هذه الزاوية . وبعبارة أخرى هناك مؤشرات عديدة هلذه الوظيفة يف بنية األقوال نفسها

    مما ينتج عن ذلك أنه حيثما وجِد خطاب العقل ،يصبح احلجاج بعدا جوهريا يف اللغة ذاافإنّ مثة استراتيجية معينة نعمد إليها لغويا وعقليا إما إلقناع أنفسنا أو إلقناع غرينا، ؛واللغة

    .1 وهذه االستراتيجية هي احلجاج ذاته

    قد يعتمد اخلطاب احلجاجي على التفسري، ويشترط فيه عدم تبين موقف وتوضيح ما بعد ضمان صحة خمتلف املواقف املتخذة ويتخذ موقف احلياد، مث تربير اختاذ موقف

    وأن يقدم يف اآلن نفسه املخاطب وسائل للحكم عليه ألنه ينبغي هلذا األخري بدوره «موقفه إظهار دالالت «، والتفسري هو 2»أن يكون قادرا إما على االقتناع باملوقف املتخذ أو دحضه

    عىن النص مبا تقتضيه ألفاظها دون وجود عوامل ختفيها عن املفسر فهو بذلك يظهر امل .3»املباشر

    قد يكون ،احلجة عنصرا دالليا خيدم عنصرا دالليا آخر Ducrot ديكرويعترب .، فاحلجة هي الدليل لدعم اإلثبات4ظاهرا أو مضمرا

    مقارنته ينبغي (Argumentation)وألخذ فكرة واضحة عن مفهوم احلجاج .واالستدالل املنطقي (Démonstration)الربهنة يمبفهوم

    .67ص. 30الد . 1العدد. جملة عامل الفكر ". احلجاج واالستدالل احلجاجي : " حبيب أعراب 1احلجاج وأشكال التأثري ، ترمجة ربيعة العريب، ضمن كتاب احلجاج واالستدالل احلجاجي اشراف حافظ امساعيل . باتريك شارودو 2

    .300علوي ص 2ط. م 2005هـ 1425 1جدارا للكتاب العاملي ط، وظيفة واملنهج عامل الكتب الكويت اللسانيات اال وال: مسري شريف استيتية 3

    .714ص ،عمان األردن، إربد 1429/2008 .46-45، ص2010، 1األمحدية للنشر الدار البيضاء ، ط،حوار حول احلجاج : أبو بكر العزاوي 4

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    13

    :الربهان واالستداللباحلجاج عالقة: ثانيا

    اخلطاب الطبيعي ليس خطابا برهانيا باملعىن الدقيق للكلمة، فهو ال يقدم براهني ولفظة احلجاج ال تعين الربهنة على . وأدلة منطقية، وال يقوم على مبادئ االستنتاج املنطقي

    فمجال ، 1صدق إثبات ما، أو إظهار الطابع الصحيح الستدالل ما من وجهة نظر منطقيةعلى سبيل )ق م384-ق م322( أرسطوف... تمل وغري املؤكد واملتوقعهو احمل«احلجاج

    املثال يف دراسته ألصناف املقدمات كان يؤكد فكرة تعارض االستنتاج الربهاين الذي ينطلق من اإلثباتات الصادقة مع االستنتاج اجلديل الذي ينطلق من أفكار وآراء مقبولة فقط، مث إنّ

    اللغات االصطناعية الرمزية بشكل عام، وجمال احلجاج هو الربهنة جماهلا هو املنطق أو .2»اخلطاب

    :وميكن التمثيل لكل من الربهنة واحلجاج باملثالني التاليني

    . كل اللغويني علماء -1

    . زيد لغوي-

    .إذن زيد عامل -

    يتعلق األمر هنا بربهنة أو بقياس منطقي، فاستنتاج أن زيدا عامل حتمي وضروري .فاألمر هنا حمسوم بالقبول أو الرفض، فتنتفي أية ضرورة للحجاج. ألسباب منطقية

    . اخنفض ميزان احلرارة -2 :أما قولنا

    .إذن سيرتل املطر

    1 Jacques Moeschler : " Argumentation et conversation" p. 46

    .25حوار حول احلجاج، ص: أبو بكر العزاوي 2

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    14

    ال يعدو أن يكون حجاجا أو استدالال طبيعيا غري برهاين، فاحتمال نزول هذا القولف 1.املطر يقوم على معرفة العامل، وعلى معىن الشطر األول من اجلملة، وهو استنتاج احتمايل

    )أثبت،أقام الدليل( "برهن"(ألفاظ من مثل) Argumenter( حاج" يقابل لفظ (prouver واستنتج(Déduire) ليس خطابا حامال ألدلة اخلطاب احلجاجيو

    ه ليس خطابا لقيم استنتاجية منطقية، ووبراهني، كما أن"ال تعين مطلقا برهن على " حاج 2.صحة قضية، وال إبراز الطابع املنطقي للربهان

    وهذا ما ال (Valeurs de vérité)دائما لشروط الصدقالعالقة املنطقية ختضع ليس من الضروري أن يكون لكل تعبري عن السببية صحة «؛ فـ جنده يف العالقة احلجاجية

    بولة وموجودة وميكن مالحظة ملفوظات غري مقبولة منطقيا ومع ذلك فهي مق، 3»حجاجية :فقولنا. يف اخلطاب

    .ليس لدي وقت، ومع ذلك أتناول فنجان قهوة -

    وبالتايل ،املتكلم ليس لديه الوقت الكايف من حيث أنّ ، خيضع للمنطقهذا القول ال العبارة الثانية خاطئة، ومع ذلك ال يتبادر إىل ذهن على أنّ ال ميكنه شرب القهوة، مما يدلّ

    ومع "امللفوظ السابق فيه تناقض، والعالمة اليت جعلت التناقض ينتفي من القول هي أحد بأنّوهكذا يتضح الفرق . ا منطقياضق مقبوال حجاجيا مرفووبالتايل يصبح امللفوظ الساب". ذلك

    (Raisonnement)والربهان، ومن هنا وجب التمييز بني االستدالل بني احلجاج، نظام ما نسميه جدا خمتلفني ألما ينتميان إىل نظامني؛ (Argumentation)واحلجاج .املنطق ونظام اخلطابنظام عادة ب

    1 Voire, Jacques Moeschler : " Argumentation et conversation: p 46 2Ibid: p48

    ربيعة العريب ضمن كتاب احلجاج واالستدالل احلجاجي، إشراف حافظ امساعيلي : احلجاج وأشكال التأثري، ترمجة: باتريك شارودو 3 299علوي ص

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    15

    ف املعر... دليل ليس بنص وال إمجاع وال قياس «واالستدالل عند علماء األصول من أهل العقد واحلل وال قياس من ) وال إمجاع(من كتاب أو سنة ) دليل ليس بنص: (بأنه

    .1»األقيسة الشرعية

    كل قضية ضمنية ميكن استخالصها «هو inférenceكما جند مفهوم االستدالل من داخل (استخالص نتيجة من حمتواها احلريف بالتأليف بني معطيات متنوعةمن قول أو

    .2»)القول ومن خارجه

    أي مجيلة «على inférenceاسم استدالل Orecchionneأوركيوينوتطلق مضمرة ميكننا استخالصها من القول واستنتاجها من حمتواه احلريف عرب التوفيق بني معلومات

    فهي تربط االستدالل بالقول املضمر ، 3»)داخل القول وخارجهمن (ذات وضع متغري .الذي ميكن استنتاجه من حمتوى القول

    األقوال اليت يتكون منها استدالل ما مستقلة بعضها عن بعض، حبيث إن كل قولٍ إنّ أي يصف حالة ما، أو وضعا ما من أوضاع العامل، باعتباره وضعا ؛منها يعرب عن قضية ما

    ،تسلسل األقوال يف االستدالل ليس مؤسسا على األقوال نفسها ا أو متخيال، وهلذا فإنّواقعيأما احلجاج فهو 4.أي على ما نقوله بشأن العامل ؛ولكنه مؤسس على القضايا املتضمنة فيها

    ونوضح هذا . مؤسس على بنية األقوال اللغوية وعلى تسلسلها واشتغاهلا داخل اخلطاب :باملثال اآليت

    إدريس : مفتاح الوصول إىل علم األصول يف شرح خالصة األصول، الشيخ عبد القادر الفاسي، تقدمي وحتقيق: حممد الطيب الفاسي1 .308ص 1425/2004 1سي الفهري، دار البحوث للدراسات اإلسالمية وإحياء التراث ،اإلمارات العربية املتحدة، ديب طالفا

    - 1سيف الدين دعفوس، حممد الشيباين، دار الطليعة ، بريوت ط: التداولية اليوم علم جديد يف التواصل ترمجة: آن ربول جاك موشالر2 .262، ص 2003متوز يوليو

    املضمر، ترمجة ريتا خاطر، مراجعة جوزيف شرمي، املنظمة العربية للترمجة مركز دراسات الوحدة العربية ، : أوركيوين رين كريبراتكات 3 .76، ص2008)ديسمرب(الطبعة األوىل بريوت، كانون األول

    .16ص.غربامل.الدار البيضاء .الطبعة األوىل.العمدة يف الطبع". اللغة واحلجاج: "أبو بكر العزاوي 4

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    16

    .أنا متعب، إذن أنا حباجة إىل الراحة -

    إذا نظرنا يف اجلملة السابقة سنجد أا تتكون من حجة ونتيجة، واحلجة يتم تقدميها الشخص املعين التعب يستدعي الراحة، فالتعب دليل وحجة على أنّ. لتؤدي إىل نتيجة معينة

    . باألمر حباجة إىل أن يرتاح

    داليل يقدمه املتكلم لصاحل عنصر داليل آخر، واحلجة قد إنّ احلجة عبارة عن عنصر ترد يف هذا اإلطار على شكل قول أو فقرة أو نص أو قد تكون مشهدا طبيعيا أو سلوكا

    .غري لفظي إىل غري ذلك

    احلجة ظاهرة كما تكون مضمرة حبسب السياق، والشيء نفسه بالنسبة قد تكون و :الذي يربط بينهما، وميكن أن نبني ذلك ذه األمثلةإىل النتيجة والرابط احلجاجي

    مت التصريح باحلجة والرابط والنتيجة يف حيث ؛"إذن أنا حباجة إىل الراحة ،أنا متعب "- .هذا امللفوظ

    .أُضمر الرابط يف هذا املثال وهنا ؛"أنا متعب، أنا حباجة إىل الراحة" -

    وأضمرت النتيجة اليت يتم استنتاجها من مل يصرح هنا إال باحلجة؛ حيث "أنا متعب"- .السياق

    .كرت النتيجة وأضمرت احلجةذُويف هذا املثال ؛ "أنا حباجة إىل الراحة" -

    أما الثاين فهو استدالل ،ألنّ األول استدالل طبيعي ؛يتميز احلجاج عن الربهان على بعض االستدالل الذي يعىن بترتب صور العبارات بعضها «ان الربه فصوري؛

    فعالية تداولية جدلية، «احلجاج فهو أنه ، أما حد1»بصرف النظر عن مضامينها واستعماالا

    .226ص1998، املركز الثقايف العريب، الطبعة األوىل اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي: طه عبد الرمحن 1

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    17

    هدفه إقناعي ألنّ ؛وهو أيضا جديل... طابعه الفكري مقامي واجتماعي فهو تداويل ألنّقائم بلوغه على التزام صور استداللية أوسع وأغىن من البنيات الربهانية الضيقة كأن تبىن

    بل على هذه الصور قضايا وحدها كما هو شأن الربهان؛النتقاالت فيه ال على صور الاوأن ،جمتمعة إىل مضامينها أميا اجتماع، وأن يطوى يف هذه االنتقاالت الكثري من املقدمات

    يفهِم املتكلم املخاطب معاين غري تلك اليت نطق ا تعويال على قدرة املخاطب على فمجال .1»و إنكارا كلما انتسب إىل جمال تداويل مشترك مع املخاطباستحضارها إثباتا أ

    احلجاج يركز على مضمون العبارة واستعماهلا بني احلجاج أوسع من جمال الربهان؛ ألنّ .املتكلم واملتلقي مع مراعاة الشروط املقامية والفكرية واالجتماعية للمتخاطبني

    يتوجه إىل االعتقاد بالدرجة «احلجاج ألنّ ؛كما أن احلجاج خيتلف عن الربهان األوىل؛ أي كل ما هو متعلق بترتيب القيم، بدل ترتيب احلقائق نظرا لعالقة القيم مبا هو ممكن وما هو حمبذ، فقوة احلجة هو ما حيدد اإلقرار ا على عكس الربهان الذي يهتم

    وتلميحات ومعان خفية غري وغالبا ما حتمل األقوال الكالمية تضمينات .2»بترتيب احلقيقةحقيقة االستدالل يف مباشرة، فتعرقل بذلك عمل القواعد املنطقية يف الربهان، لذلك فإنّ

    .اخلطاب الطبيعي حجاجي وليس برهاين

    إذا كان الربهان أحادي االجتاه وواقعا «وأهم ما مييز احلجاج عن الربهان أنه احلجاج متعدد االجتاه واقع حتت نوع آخر من بالضرورة حتت حكم الصدق والكذب، فإنّ

    أما تقومي التعابري ،فقيمة الربهان تتعلق بالصدق والكذب 3»احلكم وهو األقرب إىل الصدقباآلخر الذي وضعت من أجله بغية إقناعه، وليست الغاية من احلجاج احلجاجية فترتبط

    .65ص2010 4يف أصول احلوار وجتديد علم الكالم، املركز الثقايف العريب،ط: طه عبد الرمحن 1 .125ليات التواصل واحلجاج، صعندما نتواصل نغري ، مقاربة تداولية معرفية آل: عبد السالم عشري 2أهم نظريات احلجاج من أرسطو إىل اليوم، جامعة اآلداب والفنون والعلوم اإلنسانية ، تونس كلية اآلداب منوبة املطبعة : محادي صمود 3

    135.الرمسية للجمهورية التونسية ص

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    18

    هي اإلفحام واإلقناع والتأثري يف صدق أو الكذب وال بالربهنة القطعية الصارمة؛ بلالاحلكم ب .املتلقي بغض النظر عن صحة احلجة وصدقها

    منانطالقا 1حياول اخلطاب احلجاجي أن يوفق بني إرضاء العقل وإرضاء اآلخر، واليت جتعل املخاطب ،تسلسل يضبطه العقل بني التعابري احلجاجية املرتبطة باملوضوع احملدد

    يقبل على االستماع عن طريق إشراكه يف احلديث بإثارة ردود أفعاله، مع األخذ يف احلسبان الطبيعة الداخلية للمخاطبني من انتظارات ومواقف زمانية ومكانية تغطي عملية التخاطب

    لك اليت ينبغي وت ،واألشياء اليت جيب التلميح إليها ،مع معرفة األشياء اليت يستوجب إبرازها .معارضتها

    لتراتبية هرمية جتعل «وإذا كانت نتائج الربهان تتصف باليقني، فإنّ احلجاج خيضع أدلته تتراوح بني الضعف والقوة، فهو عكس الربهان يوصلنا أحيانا إىل أكثر من نتيجة، وال

    وخاها اخلطاب فالنتيجة اليت يت .2»ينغلق على نفسه الحتمال إضافة دليل أو أدلة جديدةاحلجاجي تؤكدها الوقائع واحلقائق أو املواقف واألخالق، حيث ميكن حتقيق أهداف

    مثل يئة املناخ املناسب للفكرة : احلجاج من عملية حجاجية مباشرة أو عرب أهداف وسيطة .أو املوقف أو السلوك أو خلق الرغبة يف تقبل الفكرة احلجاجية املطروحة

    ال فالربهان أمامتخاطبني ويراعي املقام وشروط اخلطاب؛ احلجاج يتطلب فاحملاجج يكون على وعي 3.يستهدف شخصا معينا وال يهتم بأسباب إنشاء اخلطاب وفهمه

    بناء احلجاج «ألنّ ؛بأحوال خماطبيه ومقامام اليت يهدف إىل إقناعها، فرياعي مستوى العقل

    .126عندما نتواصل نغري مقاربة تداولية معرفية آلليات التواصل واحلجاج ص: ينظر عبد السالم عشري 1 .133، ص1ط 2012احملاورة مقاربة تداولية ، عامل الكتب احلديث املغرب، إربد، : حسن بدوح 2 .133ص ، نفسه ينظر 3

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    19

    دون بفحواه املطالبون بإجناز حمموالته، مرتبط أساسا بتنوع املعنيني به، فهم املقصو .1»املشاركون يف صياغته وإخراجه

    يف جمموعة من التقنيات اخلطابية املوجهة Perelman"بريملان"يتمثل احلجاج عند يعترب الربهنة شكال من «وحىت وإن كانت مييز بني الربهنة واحلجاج فإنه ،إىل إقناع املتلقي

    أا ختتلف عنه من حيث إا تركز على جانب واحد هو اجلانب أشكال احلجاج، إال الصوري االستنتاجي، فإذا كانت الربهنة ميكن أن تقدم على شكل حساب فإنّ احلجاج

    ، 2»يهدف إىل اإلقناع والتأثري واالتفاق، وال ميكن تصوره إال يف إطار نفسي اجتماعيق اإلقناع وتتجلى خاصة يف احلجج حيث ميكن للمحاجج أن يستعمل الربهنة من أجل حتقي

    .شبه املنطقية

    إنّ املنطق ال «يقابل بني املنطق واحلجاج قائال Meyer" ميشال ماير"كما جند أنّ يسمح بأي غموض، وليست أحادية املعىن اليت تشكل قاعدته نتاجا ألوضاع واقعية مرتبطة

    كلها، وال بالقواعد اليت تلزم باستعمال اللغة، ففي هذه األوضاع ال نصرح باملعلومات معاجلتها من خالهلا إننا نترك للمخاطبني أي املستمعني، فرصة اختاذ القرار بشأن املفاهيم

    بل وفرصة جعلها أحادية املعىن وهذا اللبس اخلاص باللغة الطبيعية هو الذي كان ؛املستعملةتبسة فال شيء مينع من اللعب وراء السمعة السيئة للحجاج، فإذا ما كانت ألفاظ رسالة ما مل

    على تعددية املعىن هاته، والتالعب مبوافقة املستمع عن طريق الغموض والضبابية، غري أنّ هذا اللبس هو ما يشكل غىن اللغات الطبيعية، فبإعطائها الفرصة للسياق كي مينح للمستمع

    مرونة كبرية شبه ال ائية، وسائل احلسم باجتاه هذا املعىن أو ذاك ستتوافر اللغة الطبيعية على

    ، مارس 3العدد 28ره يف البالغة املعصرة ، جملة عامل الفكر، الدمفهوم احلجاج عند بريملان وتطو: حممد سامل ولد حممد األمني 1

    .64، ص2000 .30حوار حول احلجاج ، ص: أبو بكر العزاوي 2

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    20

    ، من هنا وجبت دراسة احلجاج بشكل 1»ذلك بالنظر إىل كل وضعية ممكنة لالستعمالاليت تساعد على حتليل نصوص ذات طبيعة حجاجية فهذه الدراسة هي مستقل عن املنطق،

    اخلطابات قوية من خالل البحث يف التقنيات البالغية واملنطقية، وهذا ال مينع من دراسة كل .مهما اختلفت درجات حجاجيتها

    فما احلجة عنده إال جواب «احلجاج باملساءلة Meyer" ميشال مايركما ربط .2»عن وجهة نظر يجاب ا عن سؤال مقدر، يستنتجه املتلقي ضمنيا من خالل اجلواب

    إىل اعتبار الوظيفة احلجاجية من J. M. Adam جان ميشال آدميذهب Jakobsonن رومان جاكوبسووظائف اللغة مضافة إىل الوظائف الست اليت اقترحها

    Roman )1896-1982(ظر إليه على مستوى ؛، وأنّ مفهوم احلجاجإما أنْ ينأو على مستوى التفاعل االجتماعي، وإما أن ينظر إليه على مستوى التنظيم ،اخلطاب 3.يل للنصالتداو

    تبيني الفرق بني كل احلجاج واالستدالل والربهان، أبو بكر العزاويحاول ولفظ االستدالل هو ... يرتبط باخلطاب، والربهنة ترتبط باملنطق أو الرياضيات«فاحلجاج

    املصطلح األعم الذي يشملهما مجيعا فكل حجاج استدالل، وليس كل استدالل حجاجا، .4»استنباط أو قياس تعترب استدالال والعكس غري صحيحوكل برهنة أو

    1Meyer M.: Logique, Langage et Argumentation, Paris, Hachette,1982, P.113.

    .41احلجاج يف القرآن من خالل أهم خصائصه األسلوبية ص: عبد اهللا صولة 2تداولية اخلطاب السردي ، دراسة حتليلية يف وحي القلم للرافعي، تقدمي د مسعود صحراوي، عامل الكتب احلديث، : ينظر حممود طلحة 3

    .104-103، ص2012، 1إربد األردن ط .28ج صحوار حول احلجا: أبو بكر العزاوي 4

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    21

    وظيفة حجاجية هلا Ducrot - ديكرو -الكثري من األفعال الكالمية حسب و عندما دف إىل توجيه املتلقي إما بفعل شيء أو بتركه هلذا يطلق عليه احلجاج داخل

    1.اللغة

    الوسائل اللغوية اليت ميتلكها نظرية حجاجية تداولية تدرس Ducrot ديكروأسس جمموعة أقوال يقضي ( أو ) 1ق(املعلم ليقنع خماطبه حيث يكون احلجاج بتقدمي املتكلم قوال

    .2)جمموعة أقوال(أو ) 2ق(ىل التسليم بفعل آخر إ

    ا أو ضمنية افيكون القول األول حجة للقول الثاين، وقد تكون احلجة مصرح .مفهومة من القول

    أنّ الوظيفة احلجاجية تتوافر على خصائص يف بنية اللغة " Ducrot"ديكرويرى إنّ اجلملة «بل؛ذاا، فالقيمة احلجاجية لقول ما ليست جمموعة املعلومات اليت يقدمها فقط

    بإمكاا أن تشتمل على مورفيمات وتعابري أو صيغ، واليت باإلضافة إىل حمتواها اإلخباري ومن هنا يكون احلجاج التداويل أوسع .3»جيه املتلقي يف هذا االجتاه أوذاكتصلح إلعطاء تو

    وتربط ،وأرحب جماال كونه يدرس كل األفعال الكالمية اليت يتلفظ ا املتكلم إىل خماطبهوتظهر احلجة من خالل أدوات لسانية ،واليت من شأا إفادة املستمع وإقناعه ،بظروف مقاله

    .خاصة، واليت تفرض نتيجة معينة على املخاطب

    ؛ بل تكثر متانته احلجاج اللغوي ليس حتميا وإذا كانت نتيجة الربهان حتمية فإنّ فاحلجاج ؛وتشتد قوته مع حضور حجج قوية، ومع ذلك فإنه ال يؤدي إىل احلقيقة املطلقة

    1Voir Ducrot Osswald : Les Echelles argumentatives, Edition de Minuit, Paris, P.12. 2 :voir J. c. Ancombre et Ducrot : L’argumentation dans la langue, philosophie et langage troisième édition, MARDAGA , P.08. 3 Ducrot Osswald : Les Echelles argumentatives : P.18.

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    22

    تخلله حجج قولية أو سلوكيات غري كالمية هدفه إيصال فكرة اطراد مجلي وتعبريي ت« .1»معينة وإقناع الطرف املتحاور معه ا

    وللتمييز بني احلجاج واالستدالل والربهان واستنادا على ما سبق ذكره نستنتج ما :يلي

    أنّ االستدالل مصطلح أعم يشمل كال من الربهان واحلجاج، وكل حجاج - .تدالل حجاجا، وكل برهان استدالل والعكس غري صحيحاستدالل ليس كل اس

    . احلجاج استدالل طبيعي أما الربهان فهو استدالل صوري -

    احلجاج أوسع من الربهان فهو يتطلب متخاطبني ويراعي املقام وشروط -اخلطاب، أما الربهان فال يستهدف شخصا معينا وال يهتم بأسباب إنشاء اخلطاب

    .وفهمه

    لى ترتيب القيم مرتكزا على ما هو ممكن وحمبذ واحلكم فيه يقوم احلجاج ع -قائم على األقرب إىل الصدق، بينما الربهان فإنه يقوم على قواعد منطقية وترتيب

    .احلقائق واحلكم فيه يستند على الصدق أو الكذب

    نتائج الربهان حتمية يقينية أما نتائج احلجاج فهي غري حتمية؛ بل ختضع إىل - .مية وأدلة احلجاج تتراوح بني القوة والضعفتراتبية هر

    األول ضيق اال ال «يتضح مما سبق أنّ احلجاج يف الدراسات احلديثة على ضربني يربح حدود املنطق، مرادف للربهنة واالستدالل، يعىن بتتبع اجلانب االستداليل يف احملاجة،

    الضمين ويف تقنياته اللغوية الباعثة على والثاين واسع اال ينعقد يف اخلطاب الصريح أو

    -html4285http://www.aklaam.net/forum/erchive/index.php ?tأيوب املزين املغرب 1

  •  مفاهيم عامة يف احلجاج: مدخل

    23

    واملعىن الثاين هو الذي سيعتمده البحث؛ ألنّ معىن احلجاج ، 1»ينقل إليه إقناع املخاطب مباالربهان؛ وألنّ احلجاج يشمل مفهوم االستدالل يف بعده التفاعلي بواسطة فيه مستقل عن

    .اللغة

    كل قول مهما كانت الغاية منه قوال أنّب ديكروسبق اإلشارة إىل رأي وكما فهذا من شأنه أن جيعل احلجاج مفهوما واسعا جدا، لكن اللغة ليست ذات طاقة ا،حجاجي

    فما هي ،حجاجية يف ذاا، فمن أمناط اإلبداع ما ليس حجاجيا وال يراد به اإلقناعول إىل ؟ ولذلك سيسعى الفصل األاخلطاب الشعري خطابا حجاجيااملعطيات اليت جتعل

    .بعد تقدمي املدونة املراد التطبيق عليها هذا اإلشكال البحث يف

    احلجاج يف املناظرة مقاربة حجاجية ملناظرة أيب سعيد السريايف ملىت بن يونس، ضمن كتاب احلجاج واالستدالل : أمحد اتزكنرمت 1

    .149، ص2011، 1احلجاجي دراسات يف البالغة اجلديدة إشراف حافظ إمساعيلي علوي، دار ورد األردنية للنشر والتوزيع ط

  •  

      

    الفصل األول

  •  

      

    الفصل األول

    احلجاج وشعر احلكمة اجلزائري احلديث :توطئة .مقومات احلجاج ومسلماته: أوال

    .مقومات احلجاج 1-1 .احلجاج مسلمات 1-2

    .الوظيفة احلجاجية للشعر -ثانيا .والشعر احلجاج بني اجلدل واخلطابة: ثالثا

    .احلجاج بني اجلدل واخلطابة -1 .احلجاج والشعر -2 .بني التخييل واإلقناعالشعر -3

    :خصائص الشعر اجلزائري احلديث وأهم مضامينه واجتاهاته: رابعا .مفهوم الشعر احلديث -1 . مضامني الشعر اجلزائري احلديث وخصائصه -2 .أغراض الشعر اجلزائري واجتاهاته -3 .مفهوم احلكمة وتطورها -4 . اجلزائري احلجاج يف شعر احلكمة -5

    .بني اإلقناع واالقتناع احلكمة احلجاج يف شعر :خامسا

  • احلديثاحلجاج وشعر احلكمة اجلزائري : الفصل األول

    25

    1: يقول حممد العيد آل خليفة

    وما الشحم ّةٌ طَينحإال م رعن الذا ق ةعتما تينعرِ فلَّ من بالش

    الشعر اجلزائري أصدر حكمه وفق رؤاه حمرضا اآلخرين "فهو يترك شهادته حيث على قبول هذا احلكم مقتنعا بعدالته؛

    اليت يطبعها على لوح احلفريات القادمةهي دون تنميق ود مرة أخرى قراءة أسطورة الشاعر، أسطورة وجوه ــستعي

    فهي ال ،لفحتها نريان احلرب، وطبع عليها احلصار طبعته .2"عة يلبسها النصــحتتاج ألقن

    .189الديوان، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع اجلزائر، ص: حممد العيد آل خليفة 1 ".أ"أم املعارك يف ديوان الشعر اجلزائري، دار اهلدى ، عني مليلة، اجلزائر ص: عبد الكاظم العبودي 2

  • احلديثاحلجاج وشعر احلكمة اجلزائري : الفصل األول

    26

    .احلديث احلكمة اجلزائري شعرواحلجاج :الفصل األول

    :توطئة

    القيم واحلقائق بدراسة و وآلياا تم حبوث احلجاج بتقنيات إجراء اللغة طريق اليت تسهم يف إقناع املتلقي والتأثري عليه، عن و؛ واألساليب املوظفة توظيفا حجاجياومل ينحصر االهتمام باحلجاج يف اللسانيات التداولية .تنويع اخلطاب ومراعاة مقامه

    فحسب؛ بل تناولته ميادين معرفية أخرى؛ كاملنطق والفلسفة وعلم االجتماع وعلم النفس، بيد أننا نركز يف دراستنا على الطرح التداويل؛ باعتبار احلجاج من أبرز املفاهيم التداولية

    .وأمهِّها

    العناصر التواصلية دف الوصول إىل مقاصد املتخاطبني؛ يركّز البحث التداويل على ؛ حيث 1»كيفية اكتشاف السامع مقاصد املتكلم أو دراسة معىن املتكلم«إنه يبحث يف

    تسعى التداولية إىل دراسة االستعمال اللغوي يف االتصال اللساين وفق معطيات سياقية املتكلم، املتلقي، الزمان، املكان، : يليواجتماعية معينة، هذه العناصر ميكن إمجاهلا يف ما

    .السياق

    ومتلقيا؛ حيث يعرض ) املتكلم(ومن أهم مسات اخلطاب عموما أنه يقتضي باثا . املتكلم فكرته وهي تشكل حمتوى اخلطاب وغايته، وحياول توضيحها دف إقناع املتلقي

    فإنّ الفترة الزمنية اليت رافقت وبالنسبة إىل زمان اخلطاب الشعري اجلزائري ومكانه، هي فترة االستعمار الفرنسي، فترة عاىن فيها الشعب -يف معظمه-الشعر اجلزائري احلديث

    حينها كان اجلزائري يتساءل عن احلياة الفاضلة، ،من اجلهل والفقر واالستعباد والظلم والذلاليت كانت بسيطة مباشرة و-فاحلكمة يف الشعر ،عن القانون والعدل، عن احلرية والسعادة

    أسهمت يف إصالح اتمع؛ حيث حياول الشاعر -حينا وتلميحية مضمرة حينا آخر بقصائده التأثري يف سامعه وإقناعه ودفعه إىل التغيري، جبميع وسائل اإلقناع املتاحة له، فكان

    .12، ص2002آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، دار املعرفة اجلامعية : حممود أمحد حنلة 1

  • احلديثاحلجاج وشعر احلكمة اجلزائري : الفصل األول

    27

    املتلقي إىل يرشد املتلقي مثال إىل ضرورة العلم والتعلم وسبيله بناء املدارس، كما يدفع القضاء على الفقر عن طريق التعاون ومساعدة احملتاجني، واجلهاد من أجل حتقيق االستقالل، كما يدفعه إىل أخذ الدروس والعرب من التجارب السابقة واالحتاد ونبذ التفرق، كما ارتبط

    املستقبل الفعل يف اخلطاب الشعري بالزمن احلاضر املرتبط مبا قبل ثورة التحرير، والنظر إىل . برؤية تفاؤلية

    الطريقة اليت «ألنّ التداولية تدرس ؛حتديد السياق ميكن استخراج متضمنات القولو يستخرج ا املخاطب مقترحات ضمنية من خالل ما يقال له يف سياق مفرد، وخاصة

    يد قصد املتكلم ؛ حيث ميكن حتد1»...عندما تكون العبارة خمصصة إلطالق استدالل ماوبالنسبة إىل السياق يف اخلطاب الشعري، فلكل قصيدة الذي يتحدث فيه، سياقال ضمن

    . سياقها اخلاص ومقام معني قيلت فيه

    وردت احلكمة يف الشعر اجلزائري يف شكل بيت أو عدة أبيات متتابعة، وإما أن تكون ستجالء العرب، شطرا واحدا صدرا أو عجزا، وإذا كانت املناسبة تستدعي إمعانا يف النظر وا

    .فإنّ الشعر يف غرض احلكمة يتسم مبسحة من الوعظ واإلرشاد

    يساعد - "املتكلم، املخاطب، الزمان، املكان،السياق"- إن البحث يف هذه العناصر .على فهم مقصدية الشاعر وحتليل األبعاد احلجاجية وقيمتها اإلجنازية

    : مقومات احلجاج ومسلماته: أوال

    انية احلديث عن احلجاج يف الشعر، حري بنا يف البداية أن ني إمكيبت وحنن بصدد مع ؛ حىت نبحث عن توافقهااملتكلمنتطرق إىل مقومات احلجاج ومسلماته اليت ينطلق منها

    .اخلطاب الشعري أو عدمه

    1 Dominique Maingueneau : Aborder la linguistique, Edition du Seuil collection Mémo, Paris, P.29.

  • احلديثاحلجاج وشعر احلكمة اجلزائري : الفصل األول

    28

    تدرس نظرية احلجاج القيم واحلقائق واالفتراضات واألساليب املوظفة توظيفا حجاجيا، ويهدف اخلطاب احلجاجي إىل اإلقناع بوجهة نظر أو يف طريقة تناول األشياء؛ بل قد حيمله على اإلذعان، ويدفعه إىل العمل، ويوضع اخلطاب على شكل خمصوص مترابط

    .األفكار ومتناغما بقصد معلن مع وعي املتكلم مبا يقوله وفق تقنيات خاصة مضبوطة

    :مقومات احلجاج -1

    يهدف احلجاج بالضرورة إىل استمالة املتلقي لكونه طرفا مهما يف العملية احلجاجية، لذلك يتوجب على املتكلم سواء أكان خطيبا أم كاتبا العناية باملتلقي، وخباصة

    مبا أنّ الغاية من احلجاج هي « Perelmanبريملان أفكاره ومشاعره وكذا أحواله، يقولتمالته حنو األطروحات املراد تزكيتها أو زيادة التزكية، وليس استنباط إثارة مستمع ما واس

    النتائج من بعض املقومات، فإا ال تدور يف فراغ، إا تقتضي متاسا فكريا بني اخلطيب واملستمع ، ينبغي للخطاب أن يكون مسموعا ولكتاب ما أن يكون مقروءاً، إذ بدون هذا

    تتحقق الغاية من وجب على اخلطاب أن يكون واضحا حىتمن هنا ، 1»يغدو تأثريها صفرا .اإلقناع ياحلجاج وه

    كما يعتمد احلجاج على حضور شخصية املتكلم واملتلقي الذي من أجله تقوم مبجموع أولئك الذين يريد هيتعدد حبسب املقام، ويتم حتديدالذي و ،احملاججة واإلقناع

    2.اجلوهرية احملاجج التأثري فيهم مبجموع الصفات

    واحلجاج عرضة للتغيري «املقامات والظروف املتلقي و عددتبعا لتويتغري احلجاج وذلك تبعا لتغري املقام وتغري ظروف احملاجج، ،والتحوير يف بنائه واتساقه اليت يقوم عليها

    .1»حىت وإن ظل النقاش هو ذاته

    1Ch. Perelman : le champ de l’argumentation p23. احلجاج يف الدرس اللغوي : ديننقال عن بوزناشة نور ال

    جملة علوم إنسانية) مقال(الغريب Issue 44, Year 7th , Jan. – 2010شتاء : 44 العدد :السابعة السنة WWW.ULUM.NL

    .368ص، 2005-ه1،1426دار األمان، الرباط، طاالستعارة يف حمطات يونانية وعربية وغربية، : حممد الويل ينظر، 2

  • احلديثاحلجاج وشعر احلكمة اجلزائري : الفصل األول

    29

    يار ال ميكنه أن مينع أيا كان من ميكن للمتكلم أن خيتار مستمعه، ولكن هذا االخت االستماع إليه، كما ال يستطيع أن يفرض على خماطبه تلقي الرسالة، واليت بدورها ال تصل

    وأحيانا أخرى يتلقى رسالة مل يبعثها املتكلم إليه، وبالنسبة للخطاب ،إليه يف بعض احلاالتال التأويلي فيها لتخرج عن مقصد املتكلم، أوفقد يتتتعارض م�