ﺔّ ﻴﺑدﻷا ﺔـﻤﺟﺮﺘﻟا ﻲﻓ ﻞـﻳوﺄﺘﻟا دوﺪﺣ ·...

200
اﻟﺠﻤ ــ ـ ﻮرﻳ ــ ﺔ اﻟﺠ ـ ﺰاﺋ ـ ﺮﻳ ــ ﺔ اﻟﺪﻳ ـ ﻤﻘ ــ ﺮاﻃﻴ ــ ﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴ ـــ وزارة اﻟﺘﻌﻠﻴ ــ ﻢ اﻟﻌﺎﻟ ـــ ﻲ واﻟﺒﺤ ــ ﺚ اﻟﻌﻠﻤ ـــ ــ ﺎﻣ ـ ــــ ﺔ وﻫﺮان1 أﺣﻤ ـــ ﺪ ﺑ ـــ ﻦ ﺑ ــ ـــــ ـ ــ ـــ ـــــ ﺪ اﻟﺘ ــ ﺮﺟ ــ ـــ ﻣﺬﻛ ـــ ﺮة ﻣﻘﺪﻣ ـــ ﺔ ﻟﻨﻴ ــ ﻞ ﺷﻬ ــ ﺎدة اﻟﻤ ـ ﺎﺟﺴﺘﻴ ــ ﺮ ﻓ ـ ﻲ اﻟﺘ ـ ﺮﺟﻤ ــ ﺔ ﻣﻮﺳﻮﻣ ــــ ﺔ ﺑــ ــــ: إﻋ ــ ــــ ﺪاد اﻟﻄ ــ ــ ﺎﻟﺒ ـــ ـ ﺔ: إﺷـﺮاف اﻷﺳﺘـﺎذة: أﻋﻀ ـــــ ﺎء اﻟ ﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ:- ﻓﺮﻗ ـــــ ﺎﻧ ـ ﻲ ﺟ ـ ﺎزﻳ ـــ أﺳﺘﺎذة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫﺮان رﺋﻴ ـــﺴــــﺎ- ﺑﻠﻘﺎﺳﻤﻲ ﺣﻔﻴﻈﺔ أﺳﺘﺎذة ﻣﺤ ـ ﺎﺿﺮة ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫﺮان ﻣﺸﺮﻓﺎ وﻣﻘﺮرا- ﻗﺪور إﺑﺮاﻫﻴـــﻢ أﺳﺘﺎذ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫﺮان ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ ﻋﻀﻮا- ﻗــــــﺎدة ﻣﺒــــﺮوك أﺳﺘﺎذ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫﺮان ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ ﻋﻀﻮا اﻟﺴ ــ ﺔ اﻟﺠ ــ ﺎﻣ ـ ـ ــ ﺔ:2014 2015 م

Transcript of ﺔّ ﻴﺑدﻷا ﺔـﻤﺟﺮﺘﻟا ﻲﻓ ﻞـﻳوﺄﺘﻟا دوﺪﺣ ·...

  • ةـــة الشعبيــراطيــمقـة الديــريـزائـة الجــوريـهــالجميـــث العلمــي والبحـــم العالــوزارة التعلي

    ةـّـــــلــن بـــد بـــأحم–1ة وهران ــــعـامــجةـــمــرجــد التـــــهـــعــم

    :ــــة بــــــة موسومــرجمـي التـر فــاجستيـادة المــل شهــة لنيـــمقدمرة ـــمذك

    إشـراف األستـاذة:ة:ــــالبــــداد الطــــــإع

    لجنة المناقشة:الاء ـــــأعض

    ـــســــارئيجامعة وهرانأستاذة التعليم العاليةـــازيـي جـانـــــفرق-مشرفا ومقرراً جامعة وهران اضرة ـأستاذة محبلقاسمي حفيظة -عضواً مناقشاجامعة وهران أستاذ محاضر قدور إبراهيـــم -عضواً مناقشاجامعة وهران أستاذ محاضر قــــــادة مبــــروك -

    م2015–2014ة: ــيـعـامــة الجــالّسن

    ةة األدبيّ ـل في الترجمـحدود التأوي-دراسة تطبيقيـة -ن معلوف ـرواية "سـمـرقنــد" ألميترجمة

    د. بلقــاسمــــي حفــيــظــة ميـمــــون سميـــــرة

    2015/12/06

  • شكـر و تقديـر"بلقاسميأتقدم خبالص الشكر والتقدير إىل أستاذيت الغاليــة

    ، اليت أشرفت على عملي من أجل إعداد هذه املذكرة.حفيظة"

    كما أتقدم جبزيل الشكر والعرفان إىل أعضاء اللجنة املناقشة على قبوهلم قراءة هذه املذكرة ومناقشتها، وأشكر مجيع أساتذيت بقسم

    الرتمجة.

    أشكر كل من ساعدين من قريب أو بعيد يف إجناز هذا البحث، السيما زمياليت يف الدفعة، وأخص بالشكر صديقيت الــرّائعـــــــة:

    ."لطيـــفة خوجـــــة"

    الذي "الّشريف"شكر خاص جّدا، لصديقي وشريك حيايت . لواله ملا استعطت إمتام هذا العمل

    سميـــرة ميــمون

  • ن...ـالعزيزيإلى والديَّ

    إلى إخـوتي وأخواتي...

    إلى الحبيـبــة "آيــــة"...

    "الّشريــــف"...إلى زوجي الغــالــي...

    .ثـأهدي هذا البح

    سميـــرة ميــمون

    إهـــداء

  • مقّدمــة

  • ـــةـــــــدمــــمق

    أ

    مقدمـــــة

    بالتعميق الذي قدمه كبار فالسفة التأويل لفلسفتهم، ومع املستجدات التارخيية الكبرية احلرب يف فرتة ما بعد التصعيد اإليديولوجيالسيما ، عشرينا النصف الثاين من القرن ال

    سنة لتأثري ثورة الشباب الفرنسية كذاو العاملية الثانية، وظهور حركات التحرر يف دول العامل الثالث،بدأت تتم معاجلة حيث.ورا رهيـباــتطبشكل خاصدبحقول اإلنسانيات بعامة واألعرفت، 1968

    أي فرتة مما عرفته يف حقول النشاط اإلنساين األخرى بصفة أكثر تفصيلية و سؤال التأويل يف األدب .أخرى يف تاريخ اإلنسانية

    ،من جهة،متتحيث، وقد كانت الفلسفة من وعالقته بالنص واألدب ،ووعيه لوجودهة بفهم اإلنسان احلديث قحماولة معاجلة كل األسئلة املتعل

    العديد من ،من جهة أخرى، برزتبينما.العديد من اإلشكاليات النظريةرزـأفمما ،تأويليمنظوروفلسفة التأويل ،أسئلة على الفلسفة بعامة؛وفهمهااليت فرضت طرق مقاربتها املعاصرة؛التحديات

    ا بامتياز.ــــليــخباصة، وكان املناخ العام هلذه التجاذبات التارخيية الفكرية مناخا تأوي

    مل يكن سؤال التأويل والرتمجة استثناء من هذا االنفتاح الكوين على أسئلة التأويل وا الرتمجة عناية ــلوْ ريه قد أَ فالسفة التأويل ومنظّ ميكن القول بأن الالمنتهية، بلالالحمدودة

    بل ألنفحسب، حتمل يف أصل لفظتها الالتينية عالقة محيمة بالتأويل ومعانيهليس ،ةخاصّ .ثقافتها وهويتها العميقةفهم صلغة، إىل رهانات استثنائية ختة، أيّ ـــغض اللّ عرّ تُ الرتمجة

    غادامير: هانس جورج يف القرن العشريناألملان أحد أهم فالسفة التأويل يقولحيث تأويل، وكل تأويل "إن مشاكل التعبري اللغوي هي يف الواقع مشاكل يطرحها الفهم ذاته، إن كل فهم

    نقل هذا املعىن (الشيء) من نظام كانولـّمـــــا.يتفتح وسط لسان يريد أن يضع الشيء يف عبارة"ة.ــجوهريتصبحأفإن عالقتها بالفهم والتأويل ،الرتمجةلغوي إىل آخر هو مهمة

  • ـــةـــــــدمــــمق

    ب

    احلديثة بني الرتمجة والتأويل ظواهر عاملية االتصاالت -هذه العالقة القدميةمنقوقد عمّ واألجواء، مما جعل اللغات والثقافات لوجيا العابرة للقارات وعوملة االقتصاد والثقافة والسياسة والتكنو

    ة تطل على بعضها البعض يف مناخ من التصارع والتكامل والتنافس، واضعة الوعي احلديث يف مفارقوبني ، ة تتالشى فيها الفروق والتمييزاتجتمع بني البحث عن ثقافة كونية إنسانية واحد،عجيبة

    وما حتمله من رسائل تواترت عرب أسالفنا من ،يف تنوعها وغناها وثراهاالتمسك بتعددية الثقافات خالل تاريخ عريق حافل، تعز على إنسانية اإلنسان التفريط فيه.

    بني العاملي واحمللي، والواحد شديدالتمزق الانفسها يف صلب هذقد وجدت الرتمجة و كان ال مناص هلا من أن تكون يف عمق إشكالية التأويل ،لذلك.واملتعدد، والكوين واخلصوصي

    اإشكاليصلبوأن يكون التأويل يف ،املتعلقة بفهم هذه اهلوية املفارقة لإلنسان واملعىن والثقافةانة.ــــاألمانة أو اخليو حملافظة أو االنفتاح، ا: ثنائياتاملتعلقة ب

    ما الحظناه من سيطرة املنحى من جانب، هو ،زّ ـــعوممّـــــاالذي هو مرآة لإلنسان وجتربته النفسية النص األديب ، السيماالنصاملعىن يف مقاربةالتأويلي على

    واألدبية.ومعارفه التارخيية

    النص على ترمجة الذات القارئة دورلالنظرةهذه رــتأثيما نتج من ،آخرجانبومن ختتلف عن تلك اليت تصادف صعوبات يف نقل املعىن واليت أو ما يسمى بالرتمجة األدبية،األديب

    قيمي، خاصة وأن النص األديب الوظيفيةأووالتقنية،العلميةالرتمجة ك،أنواع أخرى من الرتمجةهاواجهتعالقة خاصة مع اللّـغــة، حيث يزيــــــحها عن معناها األصلي ليمنحها دالالت جديدة، قد توحي

    بعدد من التأويالت، يتعدد وخيتلف باختالف القـراء.

    بناء املعىن يف شاركام–بوصفه قارئا مؤوال - املرتجم أن يعتربليس من الغريب ف،ذاـــوباملمارسة ار يف نظرية الرتمجة يتبّىن ــــــظهور تيالنص اهلدف، وهو األمر الذي جتلى يف الواجب نقله إىل

    Georgeشتاينرجورجأمثالمنيف الرتمجة باحثون مرتمجون و ، ميثله التأويلية احلرة ويشيد مبزاياها

  • ـــةـــــــدمــــمق

    ج

    Steiner وأنطوان بريمانAntoine Berman أصحابكان ، بينما "مدرسة باريس"وروادوبيرت نيوماركGeorge Mouninجورج مونانأمثالمن املقاربات اللسانية ومن يدور يف فلكها

    Peter Newmark ،الذاتية احلرية و وتسببيف الرتمجة عنصر األمانةخبطورة التأويل على ونيقولارين على صواب؟ـالتيفأيّ .من كل قيمةالرتمجةمتييعيفاماليت يدعو إليه

    :عدد من التساؤالتطرح بلنـا السياق قد أوحى هذا منه، فو

    ذا كانت كل ترمجة حبكم تعريفها تأويال، أفال يفقدها االنفتاح إو هل كل ترمجة تأويل؟ على التأويل جوهرها احلقيقي املتمثل يف أمانة النقل بني اللغات والوفاء للنص الذي تنقله ؟

    دون أن يذهب يف تأويل النص األصلجم أن إىل أي مدى ميكن للمرت أخرى:وبعبارةلضياع والتالشي ؟لكافئ املعىن امليعرض مهمته األساسية يف حتقيق

    عاكساً الرمزية والتمثيل،ن و البياباإلحياء و من خصائص النص األديب أنه غين وإذا كاناألثرنقل معانيه و بناء يففهل يساعد التأويل املرتجمَ ا على الرتمجة، صيّ مما جيعله عَ لثقافة بعينها،

    ه؟ ــــؤلفمقصد النص و هذا هوية يسيء إىل نفسه لقارئ اللغة اهلدف دون أن

    وإذا كان التأويل مفيدا للرتمجة، فما هي الشروط والضوابط واالعتبارات اليت جتعله كذلك؟

    :كاآلتياــــنـــبحثومنه ُصغنــا إشكالية

    "در؟ أين يبدأ التأويل يف الرتمجة األدبية وأين ينتهي؟ـــــقوبأيِّ ا حاجة الرتمجة إىل التأويل؟ ـــــمَ ِـ ل"

  • ـــةـــــــدمــــمق

    د

    :الفرضيات التاليةتكوينوقد ترتب على حماولتنا مقاربة هذه اإلشكالية والتأمل فيها

    إىل أبعد احلدود يف ذهبأن الرتمجة ال ميكن أن تستغ-تنقل

    للنص.والعميقاملعىن احلقيقي

    تكتفي بالبحث عن املكافئ، وتبتعد عن التأويل أن الرتمجة اجليدة إمنا هي الرتمجة اليت -.وسوء الفهمواخليانةأحىت ال تقع يف الشطط والذاتية

    يه.إلفراط يف التأويل والتفريط فأن الرتمجة اجليدة حمكومة باختاذ موقف متوسط بني ا-

    الرتمجة العربية للدكتور عفيف دمشقية ولوضع هذه الفرضيات قيد الدراسة، اختذنا من ويرجع .مدونة لبحثناللكاتب الشهري أمني معلوف "مســــرقنـــد" لفرنسية للغة اللرائعة الروائية املكتوبة با

    خالل وقوفها ضمن هذه العالقة املعقدة بني عامل الغرب وعامل الشرق، منإىل اختيارنا هلذه املدونة دى اهتمامه بسؤال اهلوية واالختالف الذي يبقى سؤاال تأويليامبتناحبكتها وهوية كاتبها ومعرف

    .ازــرمجيا بامتيوتُ

    وال شك أن موضوع الرواية وطريقة سردها شكلت حتديا تأويليا للمرتجم الذي يشارك العربية والفرنسية تك بالثقافتني عريب لبناين متوسطي وكالمها حماملؤلف نفس عوامله ومرجعياته فكالمها

    -أي لغة األصل ولغة اهلدف، وهو ما دفعنا إىل التساؤل بفضول حول املوقف الذي وقفه املرتجممن إغراءات التأويل وخماطره وخسائره وتعويضاته داخل -انطالقا من هذه املرجعية الثقافية اخلصبة

    الرتمجة.

    ه من الصعوبة مبا كان اإلملام جبميع جوانب هذه العالقة الشائكة يف عمل واحد، كما إنض ألصل العالقة بني ال يسع مقام دراستنا هاته

  • ـــةـــــــدمــــمق

    ه

    وحتدياته التأويل وضوابطه وشروطه حدوديف الرتمجة،

    فصول منها ةثالثمقدمة و يفخطــتهبنــــــاءهذا حبثنا فرضيات ارتأينا الختباروقد ة.ــمــاتـوخ،فصل تطبيقي، و نيانظر نفصال

    ي ــل فـــأويــؤال التــسل"الفصل األول ا من املناسب أن خنصص ــنــولقد رأيما ": حث األول الذي اقرتحنا عنوانا لهأفردنا املب:حيث ثالثة مباحثوقسمناه إىل"ةــمــرجــالتفيما خصصنا ؛مفهوما إشكاليا ينبغي تأمله عن كثبلتعريف بالتأويل بوصفه ا، ؟"لـــأويـــالت

    واليت أسهب فيها كبار فالسفة املبحث الثاين من الفصل ذاته لسرد مربرات التأويل يف الرتمجة عرضنا فيه فقد أما املبحث الثالث ؛؟"التأويل يف الرتمجةذاامل"ولذا فقد عنوناه:التأويل،

    ه.ـــــؤالـاقرتحها كبار منظري الرتمجة يف تأثرهم بالتأويل وساليت"لرتمجةيف املقاربات التأويلية ا"

    الحدود : معضلة التأويل في الترجمة األدبية"الموسوم بـــــــالفصل الثاني أما أنصار املقاربة الذي مارسهلنقد اإلفراط يف التأويل قد كان مبحثه األول خمصصاف، حلول"وال

    فوقالنصية و للضوابط تعرضنا فيهليت ميكنها أن تكره عملية التأويل يف الرتمجة وتقيدها، وقد كان من املنطقي أن نركز يف االنصية

    والذي رأى بعض كبار ،اإلكراهاتهذه واجهة ملواللــحيقرتحاملبحث الثالث على الرتكيب الذي ،من جهة،توسط بني االنفتاح على التأويلاملالقرار الرتمجيالباحثني أنه يتمثل يف التفاوض و

    من جهة أخرى.،واالستجابة حلدوده وضوابطه

    تحت عنوان:"مسار التأويل وحدوده في ترجمة اتطبيقيالثالث الفصل وجاء كان حماولة الختبار املواقف الثالثة من ف،-دراسة تطبيقية–ألمين معلوف "رواية"سمرقند

    . فبعد أن قمنا يف مبحث أول ، أو توسط فيما بينهماودهإفراط يف التأويل، ووقوف عند حد

  • ـــةـــــــدمــــمق

    و

    جمموعة من وثالثثاننييف مبحثنعرض رحنات رَ طَّ اليت أَ وفوق النصيةاحلدود النصية ،تباعامن خالهلا بني نو ، "مسرقند"مثلة الواردة يف رواية األ

    بني املسار الذي اتبعه املرتجم تأويل املرتجم أثناء نقله للمعىن، وكيفية تعامله مع هذه احلدود، لنالنص على التأويلية ئج هذه املمارسةنتايف األخري نحـلـــل لودوافعه،ونرصد مربراته،يف تأويلهاملرتجم.

    وفق ما تقتضيه املادة ، لنقدابمتبوعا التحليلياعتمدنا يف حبثنا هذا على املنهج قد و ،على الرغم من املتعة املعرفية الكامنة فيه،هاكتنفوقد .تطبيقيالنظري و شقيه الالعلمية املعاجلة بني

    صعوبة جدية أساسية وهي الطابع اجلديل والفلسفي ملفهوم التأويل وعالقته بالرتمجة، وكذلك التطور ، اليت تناولت هذه العالقة املعقدة، مما جيعل املراجع تشّعبة اليت وظّفتــــهواملقاربات املهلذا املفهوم اهلائل

    ناتلك اليت اعتمدمن بني أهمكان و ضنينة جدا وانتقائية، ،املسكونة بالسؤال الفلسفي، الصعبةو ألنطوان أو مقام البعد)الرتمجة واحلرف(هلانس جورج غادامري، و)فلسفة التأويل(: ـنـــاعليها يف حبث

    .وخاصة (أن نقول الشيء نفسه تقريبا)أمربتو إيكوجمموعة من مؤلفات بريمان، و

    ونأمل إذن يف حماولتنا لتجاوز هذه الصعوبة أن نكون قد سامهنا يف وضع لبنة يف ذا، ــــهانتهاج املمارسة التأويلية يف لدى ، وإعادة التفكري فيهابني التأويل والرتمجة تأمل هذه العالقة العميقة

    .الرتمجة

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    1

    الفصـــل األول:ســؤال التأويـــل فـي التـرجـمــة

    المبحث األول: ما التــأويــــل؟ السياق التارخيي ملشكل التأويل.1أهم تطورات فلسفة التأويل احلديثة.2التأويل والنص األديب.3

    ؟األدبيةةلمـــاذا التأويــــل فـي الترجـمالمبحث الثاني: يلالرتمجة املوضوعية وسؤال التأو .1وهم التملك التام للنص املرتجم.2التأويل يف الرتمجة كضيافة لآلخر.3

    المبحث الثالث: التأويل في نظرية الترجمة: المقاربات التأويلية في الترجمةاملكافئ الديناميكي كمحاولة تأويلية عند نايدا.1مينوطيقية للمعىن يف الرتمجة عند شتاينر وبريمانري التأويل واملقاربة اهل.2كمنهج يف الرتمجةوتبين التأويللنظرية التأويلية ا.3

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    2

    ؤال التأويل في الترجمة األول: سلفصل ا

    : )Paul RICOEUR)1913–2005فيلسوف التأويل بول ريكوريقــول"هناك مدخالن يؤديان إىل املشكل املطروح من طرف فعل الرتمجة؛ أن نأخذ كلمة "ترمجة" باملعىن

    أو نأخذه باملعىن الواسع كمرادف لتأويل ،ل رسالة لسانية من لغة إىل أخرىالدقيق الذي يعين نق.1كل جمموعة دالة داخل نفس اجلماعة اللغوية"

    حيث أن، والتداخلبشيء من التعقيدتتسم العالقة بني الرتمجة والتأويل وبالفعل، فمبادئ غدت أندالسيما بعإىل احلديث عن اآلخر، ودــيقأصبح أحدمها إىل مفهوم التطرق على نظريات النص تسيطر ،مع النصف األول من هذا القرن،هيبيف أواخر تطورها املالتأويلية

    اليت تبحث بدورها عن حتديد املعىن يف هذا النص.،الرتمجةهااألديب، والعمليات الواقعة عليه مبا في

    تشعبة اليت تربطه ر املاجلسو رصد و للتعريف بالتأويل سنخصص هذا الفصلفإننا ،ذاـولفيته التارخيية نقف عند خلف،التأويلمفهوم يف مبحث أول نبنيا ؛ حيث ـابـئة وذهـالرتمجة جيب

    من يتناوهلا وحيتويها؛ مث نعرجاألسئلة املعرفية والوجودية والثقافية اليت نوضح و وأمهيته الفلسفية، لنصل من ؛مربرات التأويل يف الرتمجةعلىملاذا التأويل يف الرتمجة" مبحث ثان حتت عنوان "خالل

    من خالل؛رتمجةالخالل مبحث ثالث إىل صلب اجلدل العميق والثري بني مفهومي التأويل و نظرية تأويلي يف الرتمجة أسست ملنهجصاحبت هذا التطور و اليت واملقارباتلنظريات اعرض

    وممارسة.

    ، 2008ألوىل، بريوت، الطبعة ا/ناشرون، اجلزائرالدار العربية للعلوم و /بول ريكــور، عن الرتمجة، ترمجة حسن مخري، منشورات االختالف1.31ص

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    3

    ل ؟ــالتأوياألول: ماالمبحث

    جرد مفهوم بسيط أو منهج معزول أو نظرية حمدودة بقدر ما يتعلق ال يتعلق التأويل مببفلسفة كاملة تشكلت عرب تطور تارخيي مفصلي يف تاريخ الفلسفة بشكل عام، ومت رفدها مبفاهيم

    ن على مدى القرنني متنوعة ومسامهات رائدة من طرف جمموعة من أعمق الفالسفة واملفكريابك للتأويل دون تناول هذه شتن مقاربة املفهوم العميق واملميكفإنه ال ،لذااملاضيني خاصة.

    حماوالت التصدي هلا هذا املفهوم.رتأثْ اخللفية التارخيية، وكذا اإلشكاالت اليت

    السياق التاريخي لمشكل التأويل:.1

    ن ، ولك16541ظهرت كلمة "هريمينوطيقا" ألول مرة سنة ربوز مشكل التأويل يف العصور احلديثة، ولذلك ارتبطت للتأويلية عريقة وسابقة مارسة اتقاليد امل

    ا" إىل الفعل اليوناين ـقـتعود لفظة "هرمينوطيو "ممارسة التأويل باملصطلح اليوناين القدمي اهلرمينوطيقا، έ /hermeneueinواسطة الكالم؛ الذي يعين ثالثة معان : أ) عّرب عن فكره ب

    / έأّول و ترجم. ومن ذلك أشار إليه و عَرضه ؛ ج)ّرف شيئا ما و ب) عhermeneia اليت تعين "العبارة" ، وهو عنوان أحد كتب أرسطو املنطقيةhermeneiasPeri

    ، ولكن أيضا "تأويل فكر ما" ومنه "اإليضاح" "يف العبارة"وما عرفه العرب حتت عنوان 2."الرتمجاناملؤّول واملفّسر واملفّهم و /neushermeو"التفسري". و

    /والدار العربية للعلوم ناشرون/حممد شوقي الزين، منشورات االختالففلسفة التأويل: األصول. املبادئ. األهداف، ترمجةهانس غيورغ غادامري، 1.63، ص2006نية، بريوت، الطبعة الثا/واملركز الثقايف العريب، اجلزائر

    ، بريوتجملة العرب والفكر العاملي، مركز اإلمناء العريب، يف بسام بركة، مجة، تر حدوده ومهماته"،علم التأويل األديب"س، هانز روبرت جو 2.56، ص1988، 3العدد

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    4

    اللفظة مشتقة من اسم هرمس (ابن تزوس "أن:تشري إىل كما أن األسطورة اليونانية)Zeus) و مايا (Mæa البحر، حبيث و )، رسول اآلهلة، و حامي التجارة و األسفار على األرض

    هلة إىل البشر) و من جهة حبرية بشرية اقرتن معىن اهلرمينوطيقا من جهة بأصل مقّدس (رسائل اآل.1يف العبارة ( من أجل فهم ما بُعث به على حنو ملّغز أو غامض البّد من تأويله)

    غادامري الفيلسوف األملاين هانس جورج كما يقول ، "وهذا "األصل املقدس القدميHans-Georg GADAMER(2002 – عمل باستمرار على تبيان اهلرمينوطيقا"،(1900

    كم واألقوال املأثورة املرجعية اهلامة وحمل : فهي تدل على الفن حبيث تشكل احلأو آليةاباعتباره فناإلعجاب وإثارة النفوس الذي يسمح بالكشف عن مسألة مبهمة وملغزة، سواء تعلق األمر

    تابة وفن مثل فن اخلطابة وفن الك[...]خبطاب أجنيب أو قناعة اآلخر ومعتقداته اليت ال يعرب عنهاا االرتباط ، وهذ2"أكثر منه على العلم والنظرية.الذي يدل على املهارة واملمارسة احلساب

    لصفةةهي، و ابتعدد املمارسني هلمينوطيقا متعددةري باملمارسة هو ما جيعل اهل.، وبالتايل صفة االنفتاح و االختالف والتباين بني البشر

    هلذا املعىن القدمي والذي ذا أمر واضح يف الكتابات املتأخرةه"دامري أن:يضيف غاو : تدل هذه الكتابات على الفن أو توظيف الهويت أو القانوين القريب العهدجنده يف التأويل ال

    آليات وأدوات قصد تبيان داللة هذا الفن وحتيل دوما إىل كفاءة منوذجية أو معيارية. ال نقصد أنه ينقل إىل العبارة شيئا - وخصوصا-على أدواته املعرفية وإمنا أيضا ملؤول يسيطر فقط بذلك أن ا

    ، على املوقع:2012، 3686، العدد ،""كيف صارت التأويلية فلسفةفتحي املسكيين، 1http://www.ahewar.org :30/03/2014(زيارة بتاريخ(.

    .63-62ص سابق، صالرجع امل، فلسفة التأويل: األصول. املبادئ. األهدافهانس غيورغ غادامري، 2

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    5

    ــــا تغذيه امللكات واملهارات الفردية، ال يعفيه . فكونه فنّــ 1معياريا، قانونا إنسانيا أو قانونا إهليا."يت يتم يتوصل إليها.ر مشرتكة بل وضرورية لتأطري مساره وكذا النتائج الـمن االلتزام بآليات ومعايي

    مينوطيقا هي فن تفسري النصوص املقدسة كما هو يف الثقافة اليونانية ري فاهل،إذنصفه بو ،مرادف جدا ملعىن تفسري القرآن الكرمي،بالتايل،القدمية والثقافة املسيحية القدمية، وهو

    ما جبملة من املعارف، ويف باعتبار أنه أيضا يتطلب إملاو .النص األكثر قداسة يف الثقافة اإلسالمية):م1392–1344ه/ 794-ه745(الزركشيعبد اهللا بن حممد اإلمام بدر الدين هذا يقول

    على نبيه حممد (صلى اهللا عليه وسلم)، وبيان معانيه، "التفسري علم يعرف به فهم كتاب اهللا املنزل يف وعلم البيان وأصول واستخراج أحكامه وحكمه. واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصر

    2الفقه، وحيتاج ملعرفة أسباب النزول والناسخ واملنسوخ".

    مع –قدمية مرادفة لعلم التفسري لدى فقهاء اإلسالممينوطيقا كممارسةري فاهل،لذلك، ولكنها كفلسفة -االنتباه إىل أن مصطلح علم يف الرتاث العريب قد يقصد به التقنية والفن أيضا

    الذي مت و -كما سنبني الحقا–أقرب ملصطلح التأويل ،متيزت ،حديثةعموما متييزه عن التفسري يف ثقافتنا باعتباره تعمقا يف التفسري وتوسعا فيه يستهدف املعىن العميق

    3.، أي أنه يبدأ عندما ينتهي التفسرييف النص واملضامني اجلمالية فيه

    مينوطيقا واليت جعلتها تتجاوز فن التفسري القدمي ري اهلفاحلمولة الفلسفية اليت اخمتلف املعاين استنباطللنصوص املقدسة إىل فهم اآلليات اليت تقف وراء الفهم بعمومه ووراء

    .63، ص رجع السابقامل، فلسفة التأويل: األصول. املبادئ. األهدافهانس غيورغ غادامري، 1التأويل والرتمجة: مقاربات كتاب: ضمن، دراسة حول االختالف واالتفاق"–اخلطاب الديين وإشكالية التفسري والتأويل "ة، ــــعبد القادر بوعرف2

    ، 2009اجلزائر، /، بريوتالدار العربية للعلوم ناشرونو /منشورات االختالفآلليات الفهم والتفسري، تأليف مجاعي حتت إشراف إبراهيم أمحد، .225األوىل، ص الطبعة

    .241- 211صصاملرجع نفسهينظر:يف أوجه االتفاق واالختالف بني مفهومي التفسري والتأويل عند فقهاء اإلسالم، 3

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    6

    والدالالت أفضت باملرتمجني العرب إىل شبه إمجاع على ترمجتها "التأويلية" أو "علم التأويل" وقلما ريية.متت ترمجتها بالتفس

    (Interprétation)أما يف اللغات األوروبية حيث يوجد تداول ملصطلحي التأويل يف حني ،،(Herméneutique/Hermeneutics)مينوطيقاري واهل

    مينوطيقا العلم ري تعين اهلجتاوز داللته القدمية إمنا مت وفاء لتلك التقاليد العريقة على الرغم من حتفاظ باملصطلح القدميفاال

    استنباطكناية عن جهد فلسفة التأويل اليوم يف ،وأسطورته"هرمس"يف تقصي أثر رسول اآلهلة وتفهم الدالالت العميقة للنصوص واملواقف يف عامل احلداثة املعقد.

    أن فلسفة التأويل ظهرت ردا على مشكل مستجد يف التأويل غادامري رىيعليـــــه،و ذات الوقت. يقول مينوطيقية القدمية اليت حتدثنا عنها ويتجاوزها يفري ستوعب املمارسة اهلي

    بالتقاليد العلمية –يف مقابل ذلك –عندما نتحدث اليوم عن "التأويل"، فإننا نتحدد ":غادامرير استعمال كلمة "تأويل"، باعتبارها خاصية هذه العصور، متاما يف الفرتة للعصور احلديثة. لقد ظه

    منذ ذلك احلني أصبح الوعي املنهجي .نفسها اليت تشكل فيها املفهوم احلديث للعلم واملنهج.1مسألة ال تنفك عن هذا املفهوم احلديث."

    ر احلديث، ذلك وم التأويل يف العصفإنه جيب الوعي بالتطور احلاصل يف مفه،هـــومنتفسريات الكنيسة الفوخيالعلم، حماورة املنهج املفتوح للجميع والذي يستند يف نتائجه على

    .للنصوص املقدسة

    .64سابق، ص الرجع امل، فلسفة التأويل: األصول. املبادئ. األهدافهانس غيورغ غادامري، 1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    7

    يبني ف،1أحد أهم كتبه "احلقيقة واملنهج"يف املسألة بتفصيل أكثر غادامريويشرحدت بالتأويل إىل أ،أوروباوالديين يفكيف أن ظروفا مرتاكمة من تاريخ التطور العلمي والسياسي

    ة على ر حتت تأثري حركة اإلصالح الدينية الثائ،ه مقدمات تأويلية جديدةاتأن يأخذ يف اعتبار بدورها وحركة األنوار اليت اقرتحت ،- احملتكر األساسي للتأويل القدمي للنص املقدس–الكنيسة

    ة إلعادة مراجعة النظرة التقليديةرؤية أكثر ثورية للعامل من خالل اعتماد نتائج العلم كقاعدواإلقطاع، ومن بني هذه املقدمات اعتبار النصوص اليت كان حيكمها الدين الكنسي، و للوجود

    ال، وهذا وليست وحيا منزّ ،لكتاب متعددينحتكمها الظروف التارخيية ،املقدسة كتابات تارخييةملنطق مثلها األعلى، ليت كانت ترى الرياضيات وانتيجة تطبيق املناهج التارخيية والفيلولوجية اللغوية ا

    قد انتقل، على اإلنسانكون ويغري زاوية النظر إىل مضامني هذه النصوص جذريا، وهو ما هرمينوطيقا "إىل "هرمينوطيقا اإلميان"من ) David JASPER)1951دايفيد جاسرب قولحد

    قدسة ظلت دوما حتتفظ مبكانة مميزة إن مل وباألحرى إىل مزيج بينهما ألن النصوص امل2."الشك

    وح عصر التنوير، ولكن التأويل إن هذه القفزة يف املمارسة التأويلية كانت إذن نتيجة ر ل التنوير دخل سريعا مرحلة أخرى أكثر نضجا يف القرن التاسع عشر، حيث أن جدمل يلبث أن

    ذاته قاد إىل حركة مقاومة للتعصب التنويري للعلم ولكن ليس بالرجوع للدين ولروح العصور مصادر إهلامها لدى مفكرين ي روح احلركة الرومانسية اليت جتدالوسطى، بل بتلبس روح جديدة ه

    وــــروسجون جاك و )EmmanuelKANT)1724–1804انطـــــكإميانويللامثأJean-Jacques ROUSSEAU)1712–1778 (.

    صاحل، دار أويا للطباعة والنشر، وعلي حاكملسفية، ترمجة حسن ناظم هانز جورج غادامري، احلقيقة واملنهج: اخلطوط األساسية لتأويلية ف1. 261، ص 2007طرابلس، الطبعة األوىل،

    ، الطبعة بريوت/والدار العربية للعلوم ناشرون، اجلزائر/منشورات االختالفدايفيد جاسرب، مقدمة يف اهلرمينوطيقا، ترمجة وجيه قانصو،ينظر: 2.24، ص 2007األوىل،

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    8

    النموذج العلمي الرياضيايتوفقمل يعد يفسر1حيث أن الكوجيتو الديكاريتد النزعة الفردية على أصالة رؤيتها للعامل من يبواسطة تأككذلك ، بل صار يعرب عنه فحسب

    حدوده يف تصور كانط خالل التجربة الذاتية وثرائها يف كل ما هو فين خارج إطار العلم الذيلكبرية لنصوص األدبية الكالسيكية افإن املمارسة التأويلية صارت تنظر إىل ا، وهكذافلسفته

    أصبح التأويل ،هذا من جهة، ومن جهة أخرى،لنصوص املقدسةبذات األمهية اليت تراها يف ااملطبق للقواعد التارخيية يالنفسي املعين بفهم فردية املؤلف وأهوائه ورغباته يزاحم التأويل القواعد

    على النصوص.

    : "إذا كان كل من كانط وفيخته اعتربا عفوية الكوجيتو "أنا أفكر" يقول غادامري، هو أن هذا املبدأ قد جتلى يف ميتافيزيقا الفردانية جليل الرومانسية عند املبدأ األمسى لكل فلسفة

    مة للصداقة. اعترب الطابع الالمعرب عنه غل وشاليرماخر واليت اشتملت عليهما ممارسة مضطر شلي

    .2"ووجدت صداها واسعا يف األمهية املرتبطة بالفهم وعدم الفهم[...]مع الرتاث

    يات الالهوتيات القدمية إىل مرحلة وهنا بالضبط نكون قد انتقلنا من مرحلة التأويلحني مل تصبح وحدها النصوص املقدسة ما يثري مشكل التأويل بل كذلك ،التأويلية احلديثة

    ما دامت التجربة الفردية املنقولة أدبا مل تعد تقل أمهية يف عصري –نصوص اإلبداع الفردي داية ما يطلق عليه مرحلة التأويلية ، وقد كان ذلك ب- التنوير والرومانسية عن كلمة الوحي أو اهللا

    Friedrichرـــاخــرمـــشاليريك ــــفريديدها ـــان رائـــــة واليت كــــــــامة أوالكليــــالعSCHLEIERMACHER)1768-1834( ،"أو كلية" اهلادفة إىل إرساء "تأويلية عامة

    لفظ التيين معناه (أفكر)، يشار به إىل قول أحد أهم فالسفة التأمل يف عصر األنوار رينيه ديكارت: "أنا أشك، إذن أنا : (Cogito)وجيتوك1ومعىن هذا القول إثبات وجود النفس من حيث هي موجود مفكر، واالستدالل على وجودها بفعلها الذي هو الشك.موجود"

    .70سابق، ص الرجع امللسفة التأويل: األصول. املبادئ. األهداف، هانس غيورغ غادامري، ف2

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    9

    )allgemeine Hermeneutik لوجيا واحلقوق، وتنصرف ) تتحرر من خدمة علوم الالهوت والفيلو1.."إىل بلورة صناعة نظرية قائمة بنفسها

    وتكون بذلك املمارسة التأويلية وعلى نقيض قرون عديدة ابتعدت عن الالهوت وتدخل يف رحلة تطور ثورية وجديدة عرب حمطات فكرية

    لفالسفة ومفكرين مميزين يف القرنني التاسع عشريف هذه املمارسة العريقة.

    أهم تطورات فلسفة التأويل الحديثة:.2

    مينوطيقا مبعناها احلديث، سنقوم يف ري سياق ظهور اهللالعرض املختصرابعد هذا سنبدأ عجالة أخرى مبواكبة تراكم الرتاث املفاهيهي هلذه الفلسفة يف القرنني املنصرمني، وهكذ

    مينوطيقا القرن العشرين ري مينوطيقا القرن التاسع عشر بني شالمياخر ودلتاي، مث نعرج على هري عرب ظهور اجتاهات ،باألدبالتأويلتفصيل عالقة لنختم بخاصة هايدغر وغادامري وبول ريكور،

    ا، اليت تبقى رغم مينوطيقري تأويلية تركز على أمهية التأويل لكنها تعاجله من منظور خمتلف عن اهل.ذلك أهم هذه االجتاهات يف تناول التأويل كسؤال مركزي

    :ماخر إلى دلتاير القرن التاسع عشر: من شاليرمينوطيقا يه. 1.2

    يقول غادامري: "واآلن، فإن حتديد هذه التأويلية املستند إىل مفهوم الفردية ميكن أن مة التفسري األديب، أو تفسري الكتاب الجيد مه[...]ينظر إليه يف ضوء حقيقة أن شلريماخر

    .سابقالرجع املفتحي املسكيين، 1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    10

    أكثر إشكالية من أي نوع آخر –أي فهم نص مكتوب بلغة أجنبية ويف عصر ماض –املقدس 1من الفهم".

    اإلسهام األساسي لرائد التأويلية احلديثة ة تأويلية، وأنه بالتايل ينبغي هو أساس كل عملي"الفهم"ماخر، الذي رأى أن ر فريدريك شالي

    أشبه بقارة كاملة مل يتم اكتشافها بعد، ألنه ال االنطالق يف التفكري يف الفهم، وبدا أن الفهم املنهج الديكاريت الذي يرى مثله األعلى يف األداة الرياضية، وال فلسفة كانط اليت مثلت قمة

    يقني، كان ميكن لوسائلهما أن تتعامل مع فلسفة التنوير واليت أسست للذات املتعالية كمصدر للمملكة الفهم اليت بدأ املفكرون يرون أن مفتاحها الرئيسي يقبع يف منطقة خارج التعايل الكانطي

    ."ةــــاللغ"منطقة أوالكوجيتو الديكاريت،

    إّن كّل ما جيب أن يُفرتض مسبقا ماخر يقول يف دروسه: "ر وهكذا صار شالي)présupposéن كجزء كّل ما جيب أن نعثر عليه، والذي يتضمّ و ،التأويلية هو لغة فحسب) يف

    2الذاتية األخرى أيضا، جيب أن يكون مستمّدا من اللغة."منه املسبقات املوضوعية و

    املؤلف مبدع النص يكون يف حالة متاما كماشاليرماخر كان يرى بأنهذلك أنّ ،بنفس احلماسةارئ النص هو اآلخر أن يكابد اللغةمكابدة للغة أثناء كتابته لنصه، فإن على ق

    وهنا تقع كل مشكلة التأويل، فأي نص إال جائزة ومثرة هذه املكابدةوأن الفهم لن يكون بالتايلر عند القارئ الذي جيد

    اللغة ليتمكن من حنواه املوضوعي القواعدي النحوي، تيا، إضافة إىل االجتاجتاها ذاالّتوجهأن عليه أفضل.بشكل فهم النص بذات فهم املؤلف له أو رمبا

    .279سابق، ص الرجع املهانز جورج غادامري، احلقيقة واملنهج: اخلطوط األساسية لتأويلية فلسفية، 1سابق.الرجع املفتحي املسكيين، 2

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    11

    املرتاوح بني التماهي مع املؤلف وجتاوز متلك التأويلية مع ،وبرفع هذا التحدين الثامن عشر حيوية جديدة جتعلها حتاول التعبري بأفضل شكل عن روح القر ،شاليرماخروعلى أمهية اللغة كعامل حاسم يف ،يف التأكيد على استقاللية الفهم وعلى حريته،الرومانسي

    مما اختفت،أن سيطرة املسلمات العقائدية يف قراءة النصوص قد ذلك. وهنا يالحظ غادامري 1أعطى للمشروع التأويلي حرية مطلقة.

    ، خطاب العلوم اإلنسانيةتأويل يف كل نموذج اجلديد يف الوقد مت إذن متثل هذا الإىل حماولة فهم اإلنسان يف ذاته كفاعل يف التاريخ ،الذي وسع حماولة فهم لغة املؤلف وجتربتهاألمر

    وهكذا فقد كان الطريق مفتوحا أمام فيلسوف أملاين آخر كدلتاي ليعمق هذا النمط من له.ومبدع مينوطيقا.ري اهل

    عمله كله ) Wilhelm DILTHEY)1833–1911م دلتاياوليأسس لقد التأكيد املطلق على التأويل كفن الفهم أوال وقبل كل لى نتائج شاليرماخر، وورث عنه هذاع

    شيء، لكنه أراد أن يذهب إىل خطوة أبعد، حني حاول توسيع الفهم من النصوص إىل "حماولة ، فالفهم مع دلتاي مل يعد فهم كل شيء"، أي أنه حاول أن يعيد عمل كانط بروح شاليرماخر

    ،متعلقا بقراءة النص فحسب بل باستقصاء عامل اإلنسان ككل، ومل يعد إذن رهينة النتاج األديبمينوطيقا "مشكلة ابستمولوجية" ري

    غاليليو " الذي ظل منذ ختص منهج العلوم اإلنسانية املختلف عن منهج "العلوم الطبيعية.املثل األعلى الذي حيتذى يف كل العلوموديكارت ونيوتن

    هو متبع يف العلوم التفسري، كماوهكذا صار دلتاي يؤكد دوما على الفرق بني أصبحت لدينا كما ينبغي أن يكون يف علوم اإلنسان، فمع دلتاي إذن،الفهموبني ،الطبيعية

    .71سابق، ص الرجع املأويل: األصول. املبادئ. األهداف، ينظر: هانس غيورغ غادامري، فلسفة الت1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    12

    تعانق كل مينوطيقا أصيلة ري هشة، واليت تبقى جوهر علوم اإلنسان مادامت ختتلف يف التعرف إليها عن املوضوع العلمي.ياملع

    فالفهم ليس تفسريا لقانون أو شيء بل هو كما يرى دلتاي "إعادة اكتشاف لألنا مينوطيقا متاما ويتم دخول القرن ري ي إذن تتم علمنة اهل

    أو ما كان يسميه ،بثقة زائدة من جهة العلوم اإلنسانية،قرن النظريات العلمية الكربى،العشريندلتاي علوم الروح، اليت مل تكتسب مثل هكذا ثقة مقارنة مع علوم الطبيعة منذ عصر

    .1كوبرنيكوس

    :شرينرمينوطيقا القرن العيه.2.2

    ، 1905ميكننا بدون حرج التأريخ لبداية القرن العشرين بنظرية النسبية ألينشتاين سنة اللتني تني، ولوسطه باحلربني العامليتني الكبري 2011

    نهما أن يلخصا القرن العشرين ببالغة كبرية.

    تأثريمها مينوطيقا األزمنة احلديثة، ولذلك فقد مت توديع عقالنية القرن التاسع عشر ري الكبري على ه

    مينوطيقا اإلميان قبل احلداثية، ري ق عودة لعصور هورومانسيته متاما، لكن هذا مل يعن على اإلطالال مناص منه. ،،فقد كان التقدم

    الشمسعترب أول من صاغ نظرية مركزية ) فلكي بولندي، اNicolaus Copernicus)1473-1543يكوس نيكوالس كوبرن1بعدما كان طور نظرية دوران األرضفقد"حول دوران األجرام السماوية". يف كتابهوذلكيدور يف فلكهامتحركا جرمًا األرضوكون

    ساهم نظرية كوبرنيكوس ومل ت.ودوران الكواكب األخرى حوهلا مبا يف ذلك الشمسبثبات األرض، والذي تدعمه الكنيسة،آنذاكاالعتقاد السائدالثابتة اليت تؤيدها الكنيسة.التارخيية من األفكار بلورة الثورة العلمية املتحررة يفيف التأسيس لعلم الفلك احلديث فحسب، بل و

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    13

    Friedrichنيتشه فريديريك د كان للنزعة التشاؤمية لفيسلوف مثل فق،وهكذاWilhem NIETZSCHE)1844 -1900 (واليت ورثها -تويف مع بداية القرن العشرين متاما

    –Martin HEIDEGGER)1889وهو مارتن هايدغرالقرن العشرينأكرب فالسفة أحد مينوطيقا اجلديدة اليت مثل بدايتها الكبرية هايدغر.ري ، كان هلذه النزعة امتداد قوي يف اهل)1976

    التأويل الوجودي واللغة:من هايدغر إلى غادامير. 1.2.2

    - Edmund HUSSERL)1859هوسريل إدموند بتأثري مزدوج من نيتشه ومنفلسفة ال ميكن ألي هايدغر، يطرح هايدغروأستاذ صاحب الفلسفة الفينومينولوجية) 1938

    :بالغيت األمهيةوميكن تلخيصها يف نقطتني أساسيتني و فيلسوف يف القرن العشرين جتنبها،

    ي ن الفهم مل يعد يدل على سلوك الفكر البشر إ"ما يعرب عنه غادامري بقوله : : النقطة األولىالذي ميكن ضبطه منهجيا ورفعه إىل مستوى اإلجراء العلمي، وإمنا يؤسس احلركة األساسية املتنقلة

    .1للوجود اإلنساين"

    مينوطيقا مل تعد جمرد مشكلة منهج كما هي عند دلتاي، أو مشكلة ري فمشكلة اهلا هي ما

    منط وجوده والشروط التارخيية إلبداعاته وغاياته صار جيب أن يسعى إليه الذهن البشري بل ا ـــزيقيـــافيـــتــــف ميأهم ما ينبغي أن يثري القلق يف العصر اجلديد، فالوجود مل يعد يعرّ هووطموحاته

    - وتعقيد أيضا–ببساطة على يد هايدغربل صار ،أوالهوتيا كما كان يتم ذلك منذ فجر الفلسفةمينوطيقيا، ولقد صار أي تفكري وأي فهم أصيل هو تفكري يف الوجود اإلنساين ري يعرف تأويليا أوه

    كما هو، كما صار هذا النوع من التفكري يف الوجود األقرب إىل القلق هو يف ذاته الفهم.

    .79سابق، ص الرجع امل، هانس غيورغ غادامري، فلسفة التأويل: األصول. املبادئ. األهداف1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    14

    ل ـــاسع عــــوطبعا كان ذلك تتوجيا لكل املسامهات الفلسفية للقرن التEGELH.FW..G)1770–1831(،مرورا مباركسK. MARX)1818–1883( مث

    A.SCHOPENHAUERشوبنهاورو ) S.KIERKEGAARD)1813–1855كريكغارد S. FREUDوفرويد)IETZSCHENF.)1844–1900ونيتشه) 1860–1788(W.DILTHEY)1833ودلتاي)M.WEBER)1864–1920وفيرب )1939–1856() E.HUSSERL)1859–1938وهوسريل)1911–

    املختلفة.

    أثر على 1"والزمان"الكينونة وكانت هلذه النقلة اليت جسدها هايدغر يف كتابه احملوري والقراءة احلديثة هوت ذاته تأويلية الفن واألدب والتاريخ وكل نواحي النشاط اإلنساين مبا فيها الال

    دلتاي وسع التأويل نّ أسات القانونية. وميكن القول إذن للنصوص املقدسة، وحىت التشريع والدراوالفهم لكن هايدغر عمقهما وجعلهما جذريني.

    فموضوعية احلياة اإلنسانية مع هايدغر تبقى كما هي مع دلتاي خمتلفة عن شيئية ع هايدغر تتخلص من السذاجة السيكولوجية إذ تصبح هلا استقاللية

    وهكذا يصبح موضوع التأويل هو أكثر عمقا من جمرد احلياة الباطنية اليت كان يركز عليها دلتاي.مما يجعل التأويل عملية جوهرية وال متناهية.،وموضوع الوجود ذاته هو التأويل،الوجود

    على فلسفات القرن الكبري لية هايدغر واليت كان هلا أيضا تأثريها ييف تأو واحلامسة :النقطة الثانيةمن التأويل أن هذا النوع :العشرين هي ما كان حمور تأمالته يف املرحلة الثانية من حياته، وهي

    ختلف الوجودي أو من الوجود التأويلي إنما محله هو اللغة البشرية ذاتها وليس أي شيء م. فعنها أو خارجها

    .2012مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، ترمجة فتحي املسكيين، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، الطبعة األوىل، ينظر: 1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    15

    : "ما هو والذي يشكل مركز الفهم ومنبعه، وكما يقول غادامري برباعة معربا عن فلسفة هايدغركل معرفة إنسانية للعامل تكون اللغة وسيطا !ال يعد ضمن توجهنا اللغوي يف العامل؟الشيء الذي

    ولكن ليس هذا كل شيء. لغوية ،والتدرب على اللغةيتم عرب التمرنهلا. التوجه األول حنو العامل1- يف–وجودنا

    حدث عن فلسفة هايدغر عرب وساطة تلميذه غادامري، لقد يالحظ القارئ هنا أننا نتمينوطيقا القرن العشرين، ري وبالفعل فغادامري حمطة ال ميكن جتاهلها يف ه

    وحاسم التأويل كفلسفة حىت بعيدا عن فينومينولوجيا هايدغر وهوسريل، وهو بذلك كما يقول 2."ْدينة أو متدين فلسفة هايدغرمب"قام ) ABERMASJürgen H)1929هابرماس

    د على هايدغر الثاين على حساب ـــــغادامري قام بالتأكيإن وميكن القول باطمئنان هايدغر األول، وأمت مشروع حتويل الوجود إىل لغة، وذلك بسبب أنه قام مبراجعة شاملة لإلرث

    ودلتاي وصوال إىل هايدغر، مينوطيقي بكامله ابتداء من األصول األوىل مرورا بشاليرماخرري اهلمقارنة مع صل وأمهية البالغة يف الفهم اوذلك للتأكيد على أمهية اللغة احلية وأمهية احلوار املتو

    حقيقة العلوم الطبيعية.

    مينوطيقيني السابقني ليجعل يف النهاية مقر التأويل هو ري فغادامري يعيد قراءة كل اهلمن خالله، فليست الطبيعة وحدها ما هلا حقيقتها تم التفكريي3اللغة وجيعل من اللغة "عقال حيا"

    ، وإمنا نقوم ذاتهبل للغة حقيقتها اخلاصة، وحنن بالتأويل إمنا جند يف اللغة الوسيلة والغاية يف الوقت

    .91سابق، ص الرجع املهانس غيورغ غادامري، فلسفة التأويل: األصول. املبادئ. األهداف، 1ترمجة فاطمة اجليوشي، منشورات وزارة الثقافة )،1987لسفات العدمية والتفسريية يف ثقافة مابعد احلداثة (2

    .147، ص 1998السورية، دمشق، .148، ص املرجع نفسه3

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    16

    يكون بذلك اكتمل التقليد املي احلديث على يد غادامري ولكن مع ذلك تبقى اإلضافات اليت حدثت بعده ذات التأويلي الع

    أمهية خاصة.

    :ورــــول ريكـــب.2.2.2

    "إذا بدا أن كال من هيدغر وغادامار، حيرفان اهلرمينوطيقا بعيدا عن :جاسربيقول وجود، فإن ريكور

    1."يعيدنا مباشرة إىل قضايا تفسري النص األساسية

    الذي بقي طوال حياته قامة تأويلية بقوة عمل بول ريكورجاسربهكذا يلخص .سفة األملانوالذي لقم الفلسفة الفرنسية باهلريمينوطيقية بعد كانت حكرا على الفالشاخمة،

    بإعادة طرح أسئلة التأويلية على ية، ليسافنيوهكذا يعيد بول ريكور للتأويلية بعضا منبل على النص أيضا مبا فيه النص املقدس، ،كوجود كما فعل غادامري وهايدغر فحسبالفهم

    وهلذا الغرض جند ريكور يفتح نقاشا متواصال مع الفلسفات املهتمة بالنص واللغة يف عصره وما يل النفسي والفلسفة التحليلية وحىت املاركسية،كالبنيويات بأنواعها والسيميائيات والتحل

    فالتأويلية يتطلبه كل ذلك من إعادة نقاش فلسفة الرمز والفلسفات األخالقية والسياسية نفسها،

    2شكيكية نقدية.وما هلا من قدرات تفسريية وتهلا،

    .315ص املرجع السابق، ، جاسربدايفيد 1، عرب الرابط:03/09/2013إللكرتونية اجلمل مبا محل، ، يف اجلريدة ا"مفهوم التأويلية وأصوهلا الفلسفية"مهيدي منصور، ينظر: 2

    http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/showthread.php?t=33345) :24/20/2014زيارة بتاريخ.(

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    17

    أو أنه موضع التحكيم بني التأويالت"أن موضع فلسفة ريكور هو القولوهلذا ميكن 1موضع رسم احلدود من جهة واجلدل مبعناه التكاملي من جهة أخرى."

    ولكن تبقى تأويلية بول ريكور للسرد من أهم إجنازاته، حيث أنه يضع يده على يعطي هلا كامل روحها التأويلية، مستفيدا من كل الرتاكم تقنية أدبية ونصية ولغوية عريقة و

    .اهلريمينوطيقي والفلسفي والنقدي األديب الذي سبقه

    إذا كان بول ريكور عاود فتح السؤال التأويلي على النص جبميع مقارباته اللغوية ريمينوطيقية، والنقدية، فإن ذلك إمنا كان بسبب أن التأويل وإن اعترب السؤال املركزي للفلسفة اهل

    إال أنه مل يكن حكرا على هذه الفلسفة رغم أمهيتها بالنسبة للمقاربات الفلسفية والنقدية املعاصرة للمقاربات غري اهلريمينوطيقية كالسيميائيات والبنيوية وفلسفات ما بعد احلداثة، يف هلا، وإمنا كان

    يبها من مقاربة سؤال التأويل يف ألخرى نصامقاربتها للنص األديب ومعناه وأنواع دالالته، هي النص األديب.

    ي:ـــــل والنص األدبــــــ. التأوي3

    تدور حول الفهم واملعىن يف خطاب العلوم مينوطيقا الفلسفية ري اهلبؤرة تركيز إذا كانت اإلنسانية كله، وليس النص إال حالة خاصة من هذا الفهم، فإن هنالك مقاربات أخرى اهتمت

    خاصة، أو كان هلا تطبيقات أكثر مباشرة يف عامل النص األديب.بالنص األديب

    مل يعد النص األديب إذن جمرد كلمات مرصوفة حبرب أسود على ورق أبيض، بل صار ميثل مدخال للمعىن جبميع دالالته، ومل يعد لألدب يف العصر احلديث تلك املكانة القابعة خلف

    حتقيقا ملقولة مركزية اإلنسان اليت كرستها احلداثة يف ،ةالنص املقدس، بل صارت له املكانة املركزي

    . 71، ص 1992ة األوىل، ــعـــدار تينمل للطباعة والنشر، طرابلس، الطبو /ور، ج.ج تنسيفتحسن بن حسن، النظرية التأويلية عند بول ريك1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    18

    مكان مقولة مركزية اإلله اليت كانت قطب رحى العصور القدمية، ولذلك فإن النص األديب صار أبعد من جمرد تبليغ رسالة من طرف كاتب إىل قارئ، إذ صار مفتاح املعىن ومفتاح التوغل إىل فهم

    دث التنافس يف فلسفة القرن العشرين ونقده، على وضع أهم إنسانية اإلنسان، ولذلك فقد حاملقاربات والتقنيات وحشد الوسائل، لفهم املعىن والداللة اليت حيملها هذا النص، بل قل املعاين

    احلديثة.

    التالية:نلقي عليها الضوء عرب النقاط و ، مقاربات أساسيةثالثعلى هاهنانركز س،إذن

    املقاربة التأويلية للبنيويات.-

    املقاربة التأويلية للسيميائيات.-

    املقاربة التأويلية لنظرية التلقي.-

    للبنيويات:المقاربة التأويلية .1.3

    ة، وقد وضع العامل اللغوي نشأت البينويات جنبا إىل جنبا مع اللسانيات احلديثFerdinand DEفرديناند دوسوسري SAUSSURE)1857–1913 ( أسسها يف كتابه

    د ثالث سنوات بعد وفاته، وق1916ة الرئيس "دروس يف اللسانيات العامة"، والذي صدر سناصة يف هلا طريقتها اخلصار أحدث ثورة يف ميدان اللغويات، وفتح الباب للمقاربة البنيوية، اليت

    النظر إىل مسائل الوجود والثقافة بصفة عامة، وإىل مسألة النص األديب بصفة خاصة، ولذلك فقد منت البنيويات على حقول عديدة يف جمال اإلنسانيات والدراسات النقدية والفلسفية، لكن ما هي

    ا للنص األديب وملعناه وتأويله.

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    19

    1يلي:ات تأويلية يلخصها لنا بول ريكور يف مناقشته هلا كما للتحليل البنيوي مسلم

    ، واليت language، وكالمها يكونان اللغة langueواللسان paroleالتمييز بني الكالم -ا

    تعمال اللغة، ميكن أن تعىن به حقول االجتماع والنفس، أما اللسان بامللكة الفردية لكل منا يف اسمن القواعد يتم التواضع عليها بني أفراد اجلماعة اللغوية أو سنن من العالماتمبا هو نظام

    الواحدة، فهو موضوع اللسانيات، اليت تبتغي البنيوية منهجا هلا.

    لتزامنية واللسانيات التعاقبية، حبيث أن التغري التمييز داخل اللسانيات نفسها بني اللسانيات ا-بالتعاقيب ال ميكن متابعته وإدراكه، ألنه ال حيدث إال بتغري نسق إىل آخر، وبالتايل فالنسق أو ما هو متزامن يسبق ضرورة ما هو متعاقب، بل ما هو متزامن هو البنية العميقة واجلوهرية ملا هو متعاقب،

    والذي ال ليس إال عرضا.

    النسق املتزامن ليس له يف حد ذاته جوهر مطلق، بل يعرف بالعالقات االختالفية بني -جعناصره، فالتقابل بني العالمات بعضها ببعض داخل النسق هو ما يعطيها معناها.

    نسق العالمات هذا يعترب مغلقا، ولذلك ال يوجد شيء خارجه، ولذا فإنه يفسر متاما من -دداخله.

    إن املسلمات -هاختاليف حمض. وإذا كانت كل عالمة تتشكل من دال ومدلول، فليس داهلا وحده هو ما ميكن

    ، 2005بول ريكور، صراع التأويالت: دراسات هريمينوطيقية، ترمجة منذر عياشي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، الطبعة األوىل، ينظر 1. 120-117صص

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    20

    تعريفه عن طريقة االختالف، بل مدلوهلا هو اآلخر كذلك ال معىن له إال عن طريق االختالف داخل النسق الواحد.

    وضح بول ريكور بوضوح شديد كيف أن التفكري البنيوي هو التفكري الذي وي

    املختلفة اليت تأخذ وجهة النظر هذه بوصفها فرضية عمل، بل بوصفها إيديولوجيا يف معركة األفكار.

    ا أن يعارض هذه املسلمات، يف كتابه "صراع مينوطيقيّ ري ه هبوصف1حياول بول ريكورالتأويالت"، باعتبارها هي األخرى حتمل منطا من تأويل املعىن ومقاربة العامل والوجود والنصوص

    انطالقا من هذه املسلمات.

    Rolandت أما أحد البنيويني الكبار وهو الناقد الفرنسي روالن بار BARTHES)1915–1980(بني لنا كيف أنه مع البنيوية اليت تستلهم املاركسية ، في

    والفرويدية، واليت تظل يف عالقة حوار وتكامل دائم مع حقول التحليل النفسي واألنرتوبولوجيا واللسانيات، أحدثت حتوال أشبه خبلخلة ابستيمولوجية يف مفهوم األثر األديب، الذي هو مفهوم

    ختتلف عن املقاربة مفهوم النص، الذي يستلزم مقاربة خاصةتقليدي كان يتم تناوله قدميا، لصاحل2التقليدية لألثر األديب، وتتلخص هذه االختالفات يف ما يلي :

    .136-121ص، صالسابقاملرجع ، ويالت: دراسات هريمينوطيقيةصراع التأبول ريكور، ينظر: 1ص ص،1993ينظر: روالن بارط، درس السيميولوجيا، ترمجة عبد السالم بنعبد العايل، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة، 2

    59-67.

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    21

    –أن النص حديث، بل الفرق يف أن األثر و ليس االختالف بني األثر والنص يف أن األثر قدمي -ا–يسمى املكتبة، بينما النص قطعة مادية تشغل فضاء-بغض النظر عن الفرتة اليت ظهر فيها

    الوهم املادي للنص الذي هو اجلوهر إال هو حقل منهجي. فاألثر ليس -بغض النظر عن فرتتهوالذي هو جزء من لغة بكاملها، ولذا فإن داللته متواصلة تتجاوز خزانة الكتب.

    د النص يضع نفسه خارح حدود البالغة والرأي السائد، فالنص هو ما يوجد على حدو -بالقول، وما خيرج عن القواعد.

    األثر مدلول فهو منته، لكن النص دال ميكن أن تتغري دوما مدلوالته مع تواصل عملية -جالتأويل.

    النص تعددي، وداللته جيب أن ختضع لتأويل غري عادي يصل حد التفجري والتشتيت، فهو -داحليل البنيوي الذي تطرق إليهال حيمل معناه إال من اختالفه. وهنا نتذكر جيدا مسلمات الت

    سابقا.اريكور، وذكرناه

    النص بال أب. أي أنه مستقل عن مؤلفه، فاملؤلف وإن كان ال ميكن جتاهله إال أنه ال ميلك -هأي امتياز، ألن النص مل يعد ملكه.

    األثر يتعرض لقراءة استهالكية موجهها هو الذوق. أما النص فيتطلب قراءة أبعد من أن - ون استهالكية، وميكن القول أن لعبة القراءة ال تكون حقيقية إال أمام "النص"، فالنص إذن تكو

    يتطلب املسامهة الفعالة من قارئه ال االستقبال االستهالكي العابر.

    -زاألثر األديب.

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    22

    معاين النصوص.

    :المقاربة التأويلية للسيميائيات.2.3

    ضمن املسلمات اليت عرضناها سابقا للبنيويات مررنا على مفهوم العالمة، ولذلك ل وأبا للسيميولوجيا أي علم العالمات، إال أنه يف فإن دوسوسري ال يعترب فقط أبا للبنيويات ب

    الفيلسوف األمريكي تشارلز دوسوسري مقاربته للسيميولوجيا، كان فيه ذات الوقت الذي طور Charles Sandersساندرز بريس PEIRCE)1839–1914(اجلانب اآلخر من ، على

    وقد مسيت هذه املقاربة ،يطور بشكل مستقل مقاربته هو اآلخر لعلم العالمات،احمليط، وقد مت يف األدبيات السيميائية بعد ذلك استيعاب مقاربة دوسوسري داخل مقاربة "السيميائيات"

    بريس اليت طورت هي األخرى بالتكامل مع حقول معرفية عديدة، ومع البنيويات طبعا.

    أسس "يف كتابه ) Daniel CHANDLER)1952دانيال تشاندلر ينقلعن ناقد آخر قوله : "ختربنا السيميائية عن أشياء نعرفها، لكن بلغة لن نفهمها "السيميائيات

    1أبدا".

    وتربزميكننا فهم أي شيء حولنا إال بواسطة العالمات واألنظمة اليت حتددها. فاملعىن ال ينتج بشكل

    فاالستغناء عن فهم العالمات يعين أن نرتك ئي، بل يتم توليده عرب العالمات وتناقلها.تلقالآلخرين التحكم يف عامل املعاين الذي نعيش فيه.

    .42، ص 2008بية للرتمجة، بريوت، الطبعة األوىل، دانيال تشاندلر، أسس السيميائيات، ترمجة طالل وهبة، املنظمة العر 1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    23

    يتحددان إال داخل نسق من ولعله هلذا السبب ال توجد مرتادفات دقيقة بني الدوال واملدلوالت املختلفة واملتقابلة بني بعضها.

    اللغات بوصفها أنظمة لسانية خمتلفة، وهو ما جيعل الرتمجة تواجه مهمة صعبة يف إجياد املكافئ الصحيح والدقيق.

    من:العالمة، إذ أن هذه األخرية تتكون فيقدم منوذجا ثالثيا لفهم أما بريس

    أو ما يظهر من العالمة ويعين الشكل الذي تتخذه العالمةأو ممثلها حامل العالمة ، مث بل يعين ما ميكن أن يعرف به معىن العالمةبعينه ومؤول العالمة وهو ال يعين شخصا ، للحدس

    1ه حيدد مسار تأويلها.موضوع العالمة وهو مرجعها الذي ليس شيئا حمددا بالضبط لكن

    مينوطيقية، حيث أن التأويل البريسي أشبه بعلم موضوعه ري حقيقي، لكنه خيتلف عن التأويلية اهلبالوجود اإلنساين يف عمقه دراسة العالمة ومسار فهمها وتأويلها، أما التأويل اهلريمينوطيقي فيعىن

    الفلسفي وعالقته بالفهم، لكن كليهما يؤكدان على أن الفهم مسار نقاربه من خالل التأويل الذي ال ينتهي.

    يعد واحدا من كبار السيميائيني الذي) Umberto ECO)1941يعترب أمربتو إيكو عشر هو منوذج البيولوجيا املعاصرين، أنه إذا كان النموذج الفكري املهيمن يف القرن التاسع

    القرن العشرين هو منوذج الفيزياء املعاصرة، فإن النموذج من التطورية، وإذا كان يف النصف األول

    .69، صالسابقاملرجع ،دانيال تشاندلرينظر:1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    24

    ن رؤية سيميائية شاملة كوّ "املهيمن يف النصف الثاين منه هو املنظور السيميائي، باعتبار أنه .1"يولوجيا والتاريختستوعب من زاويتها حىت مسائل الفيزياء وعلم النفس والب

    وهو يعترب أن االهتمام السيميائي تطور مبصاحبة لتطور االهتمام الرتمجي، مواكبة أفرادا من لغات خمتلفة يف اتصال متبادل، حيث أن االهتمام و لظاهر العوملة اليت تضع جمموعات

    يسعى للوصول إىل يان يف النهاية واحدا، من حيث أن كال منهماالسيميائي واالهتمام الرتمجي يبق2املدلول، الذي ميكن تعريفه على أنه ما يتبقى ساملا عند االنتقال من لغة إىل أخرى.

    أوسع من وبالتوسع يف ذات املفهوم ميكن القول أن اهتمام السيميائيات باملعىنقد –ما يتبقى ساملا عند االنتقال من نظام سيميائي اهتمام الرتمجة، حيث أن املدلول سيكون

    إىل نظام سيميائي آخر.-يكون اللغة

    إن املقاربة السيميائية للنص بصفة عامة، والنص األديب خاصة، أثرت كثريا يف التناول حولت االهتمام إىل توليد النصوص وتأويلها وإىل مراقبة االحنرافات يف "

    3."يد الداللةالتأويل، وإىل احلوافز اإلنتاجية واملتعة املتأتية من تول

    وهنا بالفعل ختتلف السيميائيات عن البنيوية وعن السيميولوجيا التقليدية عند بينما دوسوسري، حيث أن السيميائيات تركز على عملية إنتاج املعىن وديناميكية توليد الداللة،

    .على البنية اليت تنتمي إليها العالمةويات ينتركز الب

    .45ص، 2005ترمجة أمحد الصمعي، املنظمة العربية للرتمجة، بريوت، الطبعة األوىل، أمربتو إيكو، السيميائية وفلسفة اللغة، 1.24ص، 2012الطبعة األوىل، ، ، ترمجة أمحد الصمعي، املنظمة العربية للرتمجة، بريوتقول الشيء نفسه تقريبانأن إيكو، ينظر: أمربتو 2.38ص املرجع السابق،إيكو، السيميائية وفلسفة اللغة،أمربتو 3

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    25

    أي 1هي ذلك الشيء الذي جيعلنا دائما نعرف شيئا إضافيا.ية يف الفلسفة السيميائفالعالمة بعبارة أخرى، ذلك الشيء الذي جيعلنا ننفتح على املعىن.

    فإن النص يف نظر السيميائية يصبح عالمة ميكنها دوما، وحبسب حيوية ،األثر التأويل، أن حتيل على عالمة أخرى، وعلى داللة إضافية، وعلى معىن آخر، وليس جمرد

    ه.الذي نقوم بتذوقواملعىن.

    وميكننا القول إن التأويل السيميائي حبيويته وإبداعيته، جيعل النص يقول ما ال يظهر بل جيعله يقول أكثر مما للوهلة األوىل أنه يقوله، وهو إذن ال جيعل النص يقول ما يضمره فحسب،

    ل النص ما ال يريد قوله، بل يعين أنه كان ينبغي له أن يقول، وهذا ال يعين على اإلطالق أنه يقوِّ وهذا حيدث من خالل يُ

    نه دائما يف حالة انتظار قارئ ما، يعينه جتعل النص ذاته كما لو أيتال،2التأويليعملية التعاضد يف ويعاضد استعدادا دالليا قائما فيه من األصل، وهو ماميكن أن يبني املتعة احلاصلة للقارئ

    انفتاحه على معىن نص ما، إذ أن قراءته أشبه باللقاء السعيد بني روحني كان منذورا هلما اللقاء منذ األزل.

    خال تأويليا ينفتح على املعىن، وخيتلف عن التأويلية وهكذا فإن السيميائيات تطرح مداهلريمينوطيقية والتأويلية البنيوية.

    .39ص، السابقاملرجع ،السيميائية وفلسفة اللغةإيكو،أمربتو1: أمربتو إيكو، القارئ يف مهيتها يف فهم النص األديب، ينظرالتأويلي وأسألة التعاضد إليضاح م) القارئ يف احلكاية(خيصص أمربتو إيكو كتابه 2

    ص ص ، 1996يضاء/بريوت، الطبعة األوىل، احلكاية: التعاضد التأويلي يف النصوص احلكائية، ترمجة أنطوان أبو زيد، املركز الثقايف العريب، الدار الب85-108.

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    26

    :المقاربة التأويلية لنظرية التلقي.3.3

    ظهرت نظرية التلقي أساسا كاهتمام خاص بالنص األديب مدفوع خبلفية فلسفية تتكئ هلريمينوطيقية يف صيغتها الغادامريية اليت على الفينومينولوجيا يف صيغتها اهلوسريلية األصلية، وعلى ا

    تعترب هي األخرى وريثة للفينومينولوجيا.

    وقد جاءت كرد فعل على القراءتني املستقطبتني اللتني كات املاركسية واليت تركز على اؤيته للنص األديب: القراءة اخلارجية احملضة من جهة كشأن القراءور ريخ والظروف االجتماعية والسياسية واالقتصادية اليت أنتجت النص؛ والقراءة الداخلية املنغلقة التا

    كشأن القراءات البنيوية اليت ترى أن كلية النص موجودة بداخله يف عالقاته أخرى من جهة ه معىن املتشابكة بالنظام اللغوي املغلق، حيث أن القراءتني أمهلتا عامال أساسيا يتشكل على مستوا

    النص باستمرار، وهو القارئ أو املتلقي.

    ونظرا جلذورها األملانية فقد كانت نظرية التلقي أملانية بامتياز ظهرت يف أواسط ياوس هانس روبرت األملانية ، السيما Constanceمدرسة كوستانس رواديد الستينيات على

    Hans Robert JAUSS)1921–1917(آيزروولفغانغ وWolfgang ISER)1926–1يف حماولتهما لكتابة تاريخ للتلقي يكشف عن وجه جديد لألدب.، وغريمها) 2007

    حتاول إذن النظرية باإلحالة على فروع معرفية عديدة، أن تنقل االهتمام يف عملية مقاربة املعىن، من النص واملؤلف، إىل القارئ باعتباره اجلانب الذي كان مهمال باستمرار، والذي ال تقل أمهيته عن اجلانبني اآلخرين، فيجب تسليط الضوء عليه، باعتبار أن الكتابة هي يف حد

    .128ص، 2007الطبعة األوىل،دار األديب، وهران،راءة يف النقد املعاصر، حبيب مونسي، نظريات القينظر: 1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    27

    ملية إن التلقي ليس جمرد التقاء النص والقارئ، بل هو مسار كامل من ثالثة مراحل تنطلق من ع1

    ال حتدث عملية التلقي بعيدا عن الذات وأفق االنتظار، حيث يتقاطع النفسي باالجتماعي بالفين، أما ناتج التلقي فهو مجلة الردود الفورية اليت تنتاب القارئ أثناء التلقي سلببا

    تتخذه الذات القارئة عرب العملية بكاملها.وإجيابا، أما التلقي ذاته فهو املوقع اليت

    هناومن وهكذا دواليك،،2إن العملية تبدأ بأفق انتظار قدمي لتنتج أفق انتظار جديدالواضحنرى البعد التأويلي

    اهلريمينوطيقي أو نيمنتهية متاما كما هو احلال يف التأويلاملعىن ومقاربته، وهي العملية اليت تراها غريالسيميائي.

    ينتج عن نظرية التلقي نتيجة هامة يف تغيري فهمنا ألدبية نص ومعناها، إذ أن هذه األدبية ال تصري منطلقا ميكن للكاتب حتميله للنص، بقدر ما تصري نقطة وصول، نتيجة اللتقاء

    القارئ بالنص، فأدبية نص ما

    اليت ،فاحلدث احلاصل بني القارئ والنص واملسمى التلقي هو الظاهرة األدبية بامتيازحتاول النظرية تسليط الضوء عليها ومقاربتها، ومن هنا فإنه ال ميكن بأي حال من األحوال أن تتم

    نص بنفس الطريقة التقلدية اجلامدة اليت كانت سائدة، ألن هنالك تارخيا جديدا للنص رؤية الولداللته ينبغي التنقيب وراءه حبماس.

    .129ص ، السابقاملرجع ، حبيب مونسيينظر: 1130صينظر: املرجع نفسه، 2

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    28

    فهم النص هذه التأويليات الثالثة مل تكن إال مقدمة، لظهور تأويليات أكثر جذرية يف حماولة والقراءة ،1والتفكيكية،ما بعد البنيوياتويليات ما بعد احلداثية اليت تشمل ومقارباته، وأبرزها التأ

    والقراءات اجلديدة للنص املقدس. ،والقراءات النسائية للنص،ما بعد االستعمارية

    وعلى الرغم االختالفات الكثرية بينها واختالفها مع االجتاهات التأويلية األكثر ويف رأينا فإنهالتالية:ق على النقاط

    .وأمهيته كمفتاح للداللة الالمتناهيةديب النص وخاصة النص األ-

    األمهية احلامسة للفهم والتأويل يف مقاربة هذه الداللة الالمتناهية للفهم.-

    عالقة الفهم والتأويل بالوجود التارخيي للكائن البشري وبالتحوالت الثقافية والسياسية -جية احمليطة به.واالجتماعية والتكنولو

    رفض مركزية وواحدية التأويل، والقبول بالتعدد واالختالف كأساس ضروري للتأويل.-

    عدم ارتباط املعىن مبسار تأملي حمض، بل اعتباره نشاطا إنسانيا معقدا جيمع العقل -والعاطفة والالوعي بداخله.

    التأويل كيف أن هذه اخلطورة اليت صار عليها مفهوم تايل حث السنرى يف املببوصفه انفتاحا على املعىن، تنعكس على فعل الرتمجة ذاته باعتبار فعال منوذجيا للتأويل ولنشاطه.

    يف املبحث األول من الفصل الثاين.،ألمهيتها اخلاصة يف مقاربة الرتمجة،سنقف مع القراءة التفكيكية والتأويل املضاعف1

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    29

    ؟األدبيةترجـمـة اللمــاذا التأويــل في المبحــث الثــانـي:

    إن العالقة بني التأويل والرتمجة تبادلية، فالتأويل ليس فقط منهجا أو آلية استحدثت ؛ وهذا ما تؤكده 1ة، بل إن فعل الرتمجة يف حد ذاته هو حالة خاصة من التأويليف ممارسة الرتمج

    إىل أحباثه يف فلسفة التأويل، حيث يقول: سهاجتربة غادامري الذي أفضت به ممارساته للرتمجة وتدري"تستند بداية أحباثي إىل أنين كنت أشتغل كمرتجم وسألين طلبيت إذا كان بإمكاين حتليل وتفسري

    2الطريقة يف تدريس الفلسفة."هذه

    متاما، وأنه فقط املناسب فحسب، بل وإعادة بناء املعىن احلقيقي للنص داخل أفق لغوي جديد حني نفهم النص ميكننا أن نبدأ الرتمجة.

    مينوطيقا تدور حول ري وهلذا، فليس من الغريب أبدا أن تكون إحدى معاين لفظة اهلفعل الرتمجة كما أوردنا سابقا، فعلى املؤول املرتجم أن ينقل إىل لغته اخلاصة وبصورة متجددة ما

    أريد التعبري عنه يف لغة أخرى.

    تلميذه غادامري يف القول بأن :"ق هايدغروقد سب

    نرى يف املبحث الثالث من الفصل الثاين كيف أن أمربتو إيكو يعرتض على اعتبار التأويل والرتمجة متطابقني.س1.136املرجع السابق، ص هانس غيورغ غادامري، فلسفة التأويل: األصول. املبادئ. األهداف، 2

  • الفصل األول: سؤال التأويل في الترجمة

    30

    الصمت. وبدوره، فإن التأويل هو إجناز الرتمجة اليت مازالت صامتة. [...] ووفق ماهيتهما، فإن 1ة يشكالن شيئا واحداً."التأويل والرتمج

    حبكم تعريفها –وهكذا، فإن حدا أدىن من التأويل سيوجد حتما يف كل ترمجة لكن الرتمجة تزداد قوة وغىن كلما أخذ املرتجم يف اعتباره غايات التأويل ومبادئه؛ ويعين -كرتمجة

    –خا يف ترمجة النصسيجعل نصه ناقصا وفقريا إىل