Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷...

360
ﻛﻠﯿﺔ اﻵداب اﻟﻠﻐﺎت و اﻟﻔﻨﻮن ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ و آداﺑﮭﺎ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻣﺬﻛﺮة ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻨﯿﻞ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺸﺮوع اﻷدب اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻣﻦ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ: ﺗﺎﻣﻲ ﻣ ﺠﺎھﺪ1436 / 1437 ھـ- 2015 / 2016 م اﻟﺴﻨـــﺔ اﻟﺠــــﺎﻣﻌـــﯿﺔ ﺗﺤﺖ ﺇﺷﺮﺍﻑ: أ. د. أﺣﻤﺪ ﻣﺴﻌﻮد أﻋﻀﺎء اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ: أ. د. ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌ ﯿﺪ أ. د. أﺣﻤﺪ ﻣﺴﻌﻮد أ. د. ﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر زروﻗﻲ أ. د. ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻠﻮﺣﻲ أ. د. ﻋﺰ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎي أ. د. ﻣﺤﻤﺪ زﻏﻮان رﺋﯿﺴﺎ أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ وھﺮان ﺟﺎﻣﻌﺔ وھﺮان ﻣﺸﺮﻓﺎ و ﻣﻘﺮرا أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﯿﺎرت ﻋﻀﻮا ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ ﺟﺎﻣﻌﺔ س ﻋﻀﻮا ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ. ﺑﻠﻌﺒﺎس ﺟﺎﻣﻌﺔ وھﺮان ﻋﻀﻮا ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻌﯿﺪة ﻋﻀﻮا ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ

Transcript of Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷...

Page 1: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

:ذ الدكتورتحت إشراف األستا أحمد مسعود

– كلیة اآلداب اللغات و الفنون

قسم اللغة العربیة و آدابھا

الموضوع

مذكرة مقدمة لنیل درجة الدكتوراه في إطار مشروع األدب القدیم

: من إعداد الطالب جاھدتامي م

م2015/2016 -ھـ 1436/1437

السنـــة الجــــامعـــیة

: تحت إشراف أحمد مسعود .د.أ

:أعضاء اللجنة المناقشة

ید محمد بن سع. د.أ أحمد مسعود .د.أ عبدالقادر زروقي. د.أ محمد بلوحي . د.أ عز الدین باي . د.أ محمد زغوان . د.أ

جامعة وھران أستاذ التعلیم العالي رئیسا أستاذ التعلیم العالي مشرفا و مقررا جامعة وھران عضوا مناقشا جامعة تیارت أستاذ التعلیم العالي بلعباس.أستاذ التعلیم العالي عضوا مناقشا جامعة س أستاذ التعلیم العالي عضوا مناقشا جامعة وھران

أستاذ التعلیم العالي عضوا مناقشا جامعة سعیدة

Page 2: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬
Page 3: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الذي تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ﴿ لكي المف شريك كن لهي لما ولدذ وتخي لمض واألرو اتاومالس لكم له

واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وخلق كل شيء فقدره تقديرانفسهم ضرا وال نفعا وال يملكون موتا وال حياة وهم يخلقون وال يملكون لأ

وقال الذين كفروا إن هذا إال إفك افتراه وأعانه عليه قوم وال نشوراتبها فهي وقالوا أساطير األولين اكت آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا

قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات تملى عليه بكرة وأصيالوقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام واألرض إنه كان غفورا رحيماأو يلقى إليه يه ملك فيكون معه نذيراويمشي في األسواق لوال أنزل إل

كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إال رجال انظر كيف ضربوا لك األمثال فضلوا فال يستطيعون سبيال مسحورا

تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها ﴾األنهار ويجعل لك قصورا

) 10 – 01(سورة الفرقان اآلية

Page 4: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ل إىل أستاذيـــدم بالشكر اجلزيـيسعدين يف بداية هذا البحث، أن أتق

أمحد مسعود ملوافقته على اإلشراف على هذا البحث و ملا أبداه يل من الدكتور

توجيهات سديدة على رغم مشاغله و ضيق وقته، وفقه اهللا و سدد خطاه على درب

.جنما المعا العلم دائما

ل، أتوجه مرة أخرى بالشكر والثنـاء،على عظيم ماقدمه يل فاضـفإىل أستاذي ال

من النصائح النرية الفاضلة، وحتمله عناء قراءة فصول هذا البحث، وتصحيحها

،وتصويبها،ومساعه ألسئليت، ومناقشايت بسعة صـــدر، وأدب جـــم

.راجيا أن ينال هذا البحث إعجابه ورضاه، وأن أكون عند حسن موضع ثقته يب

أشكر الدراسات العليا يف كلية اآلداب اللغات و الفنون جامعة وهران السانيا و

.و القائمني على مكتبة الباحث و مكتبة الكلية فجزاهم اهللا خريا

و جزيل الشكر إىل كل من وقف معي من أسريت و أخذ بيدي و شجعين

.البحثهذا على إجناز

.هو حسيب عليه توكلت و إليه أنيب ي إىل اخلري وو اهللا املوفق للصواب و اهلاد

Page 5: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

إىل روح أيب الطاهرة. إىل أمي احلبيبة. إىل زوجيت الغالية رفيقة دريب. إىل من علمين حرفا. إىل صغريايت و فلذات كبدي، سريين، إسراء، نسيمة. إىل كل اإلخوة و األخوات. إىل روح اإلمام علي رضي اهللا عنه.

.إليهم مجيعا أهدي هذا العمل املتواضع عربون وفاء و تقدير

تامي جماهد

Page 6: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬
Page 7: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مقـــــــــــدمة

أ

بسم اهللا الرمحن الرحيم

ــــــــــــــــةدمـــــــــــــــمق

حبث مجالية النثر الفين يف ج البالغة لعلي بن أيب طالب على عدة ينهض

بالغية من شأا أن تصف خمتلف نقدية أدبية ، ميكننا تصورها يف كل مزية سياقات

التأثريات اإليقاعية والبالغية والداللية من جهة الفاعلية اإلنشائية أو النثرية اجلمالية ،

وإذا كان النقد األديب العريب قد احتفل كثريا جبانب الشعر من العملية األدبية فإننا يف

كن للعبارة اللغوية النثرية هذا البحث نعول على إثارة خمتلف التأثريات اللغوية اليت مي

ؤثر خبصائصها أو ت، لى العموم أن تغوي بقيمها التعبريية نفسية القارئ أو املتلقي ع

خالل الوقوف على النماذج والعينات ، وسنعمد التعبريية يف وعيه الفين اجلمايل

نصب مالحظاتنا القرائية على مجلة من املستويات التأثريية منها الصوت اللغوية أن

اللغوي وحتري اخلطيب أو املنشئ على التركيز على قيمة صوتية معينة ، مث الداللة

Page 8: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مقـــــــــــدمة

ب

حني تتجسد تعبرييتها يف األثر القرآين يف ما ميكن املعجمية بكل إحاالا التراثية

ى مستوى اجلملة اللغوية أو العبارة فإن لغة النثر تسميته بالتناص أو التضمني ، وأما عل

الفين يف ج البالغة فواضح للمتفكرين جنوح السياقات التعبريية إىل مطاولة البنية

الشعرية من حيث تركيز احلس اإلنشائي على إصابة الغايات اإلغرابية أو التعجيبية

ها يف اخلطبة الشقشقية ، ذذة مثلما هي احلال يف ثالثة نصوص على األقل حصرناتلامل

، وخلقة اخلفاش وهي النماذج الثالثة اليت رأيناها من شدة واقعيتها األدبية طاووسوال

من زيناملندرجة يف صميم املطلب الفين اجلمايل صادفناها تظهر الحقا لدى علمني بار

يدي يف يان التوححبو أعالم البالغة العربية وأدبيتها مها اجلاحظ يف كتاب احليوان وأ

. اإلمتاع واملؤانسة

وما كان لبحث توظيف فنيات التنثري استجابة لداعي حتقيق اجلمالية اللغوية

وإن متتع علي بن أيب طالب اليت جتعل مقروئية النثر الفين مشاكلة ملقروئية الشعر ،

بالثقافة الواسعة ، وتوافره على حس إبداعي حميط خبصوصية الرتوع األديب املتميز هو

يف ج البالغة العربية ، وقد ازدانت العبارة األدبية ألدبيةقراء االذي استرعى انتباه

احلسية ودفقة اهلاجس ، وصفاء الفطرة ونقاء الطبيعة وهي العوامل بتميز النربة

Page 9: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مقـــــــــــدمة

ت

خصائص بالغية جتعلها تتفرد عما سواها من واالنفعالية اليت ستهب العبارة اللغوية

.التجارب اللغوية التعبريية اليت احتفل ا تاريخ األدبية العربية

اء املضامني الدينية قراستحيتم علينا التناول اجلمايل للنثرية الفنية يف ج البالغة

املقوالت العلوية ، فاألديب يف غمرة هذا الزخم الديين والفقهية والوعظية من مجلة

يستعسر استجالؤه ، ويعتاص متييزه ، ومع ذلك فإن األدبية العلوية بتميزها اإلبداعي ،

عل من اللسان العلوي سياقا مدرسيا تشرئب جيونبوغها األسلويب ، وثرائها املعجمي

بالفعل فإن االمتياز اللغوي يكشف و ، ، وتتلهف إليه ألسنة األقالم إليه أعناق األدباء

برهانا قاطعا عن حجم مدينة العلم احملمدية ، ويدل على أحقية علي بن أيب طالب يف

.امتالك مفاتيح معارفها

ال ينكر أن حبث زكي مبارك املوسوم بالنثر الفين يف القرن الرابع اهلجري قد

النثر الفين مقابل كثرة البحوث فتح اال واسعا أمام متبعيه من املنشغلني ببحث

املتعلقة ببالغة الشعر تقدمت بفضل فن الشعر وقعدت دون تطوير النظر النقدي األديب

يف اجلانب اآلخر ، ولعل بالغة علي بن أيب طالب بني أعالم بيئته وعصره جتعل بفضل

تستحوذ ةتها ، وشيوع صيتها بني النصوص األدبية العربية والبالغية الوعظييقوة مقروئ

Page 10: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مقـــــــــــدمة

ث

على اهتمام كثري من الناس ، وقد شدت انتباهنا ملا احتفلت به من مزايا بالغية

وإيقاعية كانا كفيلني بأن مينحا العبارة اللغوية أبعادا فنية ومجالية مثرية للتحليل

والتوصيف ، واللغة الفنية اجلمالية بانزياحها إىل جهة الوظيفة اإلمتاعية يف اخلطاب

بأفضاهلا تلك بأن أهلمتنا كفيلةي مثلما هي متجسدة يف ج البالغة اللغوي النثر

وعلى ، اقتراح مشروع حبث مجالية النثر الفين يف ج البالغة لعلي بن أيب طالب

أن رسوخ الوجهة اللغوية الإالرغم من تنازع السياقني السياق األديب والسياق الديين

.لت كل نزوع تعبريي الحقا بالغاية اإلمتاعيةاجلمالية الفنية يف الذات املنشئة جع

ولإلحاطة مبقدرات حبث اجلمالية اللغوية يف النثرية الفنية يف ج البالغة فقد

ارتأينا حتقيقا للغاية العلمية املنشودة توزيع فصول البحث إىل أربعة فصول األول منها

مث موصوال باإلحاطة خصصناه لبحث النظرية اجلمالية يف املفهوم العريب اإلسالمي

هوممف:باملفاهيم اجلمالية لدى علماء البالغة الغربيني ،وقد ومسنا هذا الفصل بعنوان

ا يف إثارة بعض اإلشكاالت النظرية التأرخيية اليت ميكننا ساعدنت، اجلمال تعريفا وتأرخيا

استثمارها الحقا يف الفصول العملية التطبيقية الالحقة ذا املبدأ ،وقد يالحظ كيف

إىل جانب السرود التعريفية املختلفة مع تزكيتها بالشروح والتحاليل مضافا أدخلنا أننا

Page 11: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مقـــــــــــدمة

ج

الب وهي اليت احتلت جانبا وافرا من أوراق لعلي بن أيب ط ذاتيةإليها إثبات السرية ال

هذا الفصل غري أن إيراد السرية منقطعا عن توظيفه يف السياق العام لبحث مجالية النثر

د حرارة الطرح ، ويقلل من االستهداف النظري الطامح إىل استثمار الفين قد يرب

ثر الفين الالحقة بالقيم املواقف التعبريية ذات الصلة بالقيم الفنية اجلمالية يف لغة الن

يف كل مناسبة حبثية إىل رجوعوجدنا من األفيد ال، الشعرية كما تومسناها لذلك

استثمار الغايات اللغوية اإلمتاعية اليت ترتع إليها العبارة النثرية الفنية يف أدبية ج

منه إىل مداخلة رنا أننا استوفينا النظر يف جوانب الفصل األول انتقلناالبالغة ، مث ملا قد

أشكال التعبري :الفصل الثاين من حبث مجالية النثرية الفنية يف ج البالغة فكان بعنوان

سعينا خالل هذا املبحث إىل تفحص السمات أو الفنيات اليت األديب يف ج البالغة

يتميز ا النثر الفين خمالفا النثر العادي ، فتكلمنا على التوزين والتعبري وصنوف

.املقصدية إىل اإلمتاعية جلماليات األخرى اليت ترتقي بالعبارة من الغائية ا

القضايا النقدية األدبية أما يف الفصل الثالث الذي خصصناه لتداول موضوع

مدخل إىل نظرية اجلمال :الفصلهذا ا وكان عنوان يمباشرا أو جانباليت تتصل اتصاال

وهو الذي ارتأيناه مكمال للفصلني األول ، يف تفكري علي بن أيب طالباللغوي

Page 12: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مقـــــــــــدمة

ح

مع مبحثيهما ويضيف بعض اإلحاطة مبوضوع مجالية النثر الفين يف ج والثاين يتناغم

إلبراز سبيال ج البالغة اخلطبة يف: حتت عنوان البالغة ، أما الفضل الرابع فكان

املضمون األديب املتواشج مع يالمس ، أردناه أن مبادئ النثر الفينمنهجية و مجالية

الغايات اإلبداعية اليت ينحو إليها النثر الفين يف ج البالغة ، وقد قصدنا خالله إىل

إىل مضمون مجايل يكمله ، تبيان مدى حاجة التشكيل اللغوي بكل مقوماته األسلوبية

ا وقد حرصنا على أن نرى مجالية املضمون مقرونة ببالغيت اإلغراب والتعجيب مه

نص الطاووس ، واخلفاش اللتان تومسنامها يف مجلة من النصوص النثرية الفنية ممثلة يف

اليت تلخص ج األدبية العلوية يف ج الثالثة طابات اخلواخلطبة الشقشقية وهي

علي بن أيب طالب الفعلي يف إثراء األدبية العربية امالبالغة ، وتربهن على إسه

كذلك ثابت يف التاريخ اإلسالمي إمنا هو هاإلسالمية وأنه مثلما يتعمق حضور

.ا اجلمالية اخلاصة جداهومتجسد يف األدبية العربية اإلسالمية بطبيعت

جة يف حتقيق احلافإننا ، وإذا عرجنا على جانب مجالية النثر يف ج البالغة

الرصينة يف توثيق الشواهد والدالالت قصدنا إىل استثمار كل ما له عالقة بالنثرية

ومنها نقد النثر لقدامة بن جعفر وحديث النثر الفنية ، والقيم اجلمالية الالحقة ا

Page 13: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مقـــــــــــدمة

خ

، واجلمالية يف اللغة والشعر لطه حسني واخلطاب يف ج البالغة حلسني العمري

امر سلوم باإلضافة إىل املدونات اللغوية والبالغية ذات الصلة والنقد األديب العريب لت

.بالتأثريات البيانية والبالغية على مكونات اخلطاب األديب

، ماسة حلاجة إىل توظيف املنهج الوصفي املعزز باإلجراء التحليليا تمث كان

املدارسة وقد كنا من فرصة ألخرى نستعني باستظهار ما خربناه أو تعلمناه من خالل

والتعليم يف ختليل اخلطاب واآلليات املنوطة باستنطاق خمتلف املؤثرات البنائية

.واألسلوبية

ت متعددة لكتاب اءاهذا املوضوع مل يأت صدفة بل بعد قر اختيارو احلق أن

ج البالغة لإلمام علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه، إذ وجدنا أن هذا النوع من

.لبالغية قد يسهم يف إبراز جوانب جديرة بالبحث و الدراسةالدراسات الفنية ا

أدبية يف البالغة شكال و مضمونا و كون علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه ثروة

خطابه ذا طابع خاص و مميز مما جعله يعترب من أفصح البالغيني الذين عرفتهم البشرية

.قاطبة بعد القرآن الكرمي و احلديث النبوي الشريف

Page 14: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مقـــــــــــدمة

د

ذا كان البد لكل حبث من مآل ينتهي إليه كيفما اتفق سلوك الفصول وإ

نوردها يتنا نشهد شهادة احلق خالل هذا االختتام الاملتعلقة بسريورة البحث فإن

أن البحث ، يف واجهة حبث اجلمالية يف نثر علي بن أيب طالب يف ج البالغة ةمقدم

له أفق تطلب آفاقا أخرى تستوفيه بان العلمي يف حقل الدراسات اإلنسانية كلما

وتكمله لذلك فإننا نعول على استثمار ما هو مقبل من مشاريع البحث لتطوير

حبول اهللا سياقات موضوع اجلمالية النثرية مطلقا يف خمتلف التجارب اخلطابية األخرى

.

م 03/02/2016 :سعيدة يف

Page 15: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الـــــــــوم اجلمــمفه: يف التراثمفهوم اجلمال. علم اجلمال التجرييب. علم اجلمال يفحملة تارخيية. ر اإلسالميمفهوم اجلمال يفالتصو. اخلصائص اجلمالية للرتوع اإلبداعي اجلمايل. اجلمال والنص األديب. السرية الذاتية لإلمام علي رض اهللا عنه. ج البالغةان البعد اإلنساين و األخالقي يف. موافقة الفطرة اإلنسانية لإلحساس باجلمال.

Page 16: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

1

:يف التراثمفهوم اجلمال

حيتل مفهوم اجلمال بكل تنوعه الداليل حيزا وافرا من املعجمية القرآنية ، وهو

يف كلها يأخذ البعد النفسي ، واملرجعية االحتفالية اليت عادة ما جندها يف الثقافة العربية

إن يف ( اإلسالمية املفيدة ضروبا من الراحة واالطمئنان والقناعة واالرتياح ، قال تعاىل

، فواضح أن احلث على التخييل والتركيز على اإلمعان يف 1)ذلك آليات للمتومسني

اإلحاطة احلسية باملتصور أو املتخيل قد ظلت عامال لإلحاطة مبقدرات اجلماليـة وإن

، حبيث يتصل 2...)املخيلة هو العقل أو القوة الناطقة النظرية يضبط عمل(... الذي

فعل التوسم بداللة التمعن والتدبر وهي الفطن النفسية والفكرية واالنفعالية القائدة إىل

استنباط عالمات اجلمال ، وقد جاءت داللة التوسم يف اآلية مقرونة بداللة اآليـات

رآنية بديع خلق اهللا خاصة فيما يتعلـق باألسـرار واليت غالبا ما ترد يف املعجمية الق

الطبيعية ، غري أن املتفاضل على الدالالت التأملية هنا هـو انزياحهـا إىل االرتبـاط

.باألخالق والدين والتسبيح مبلكوت اهللا

.75اآلية سورة احلجر ، - 1الكندي إىل ابن رشد ، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع الشعر عند الفالسفة املسلمني من إلفت كمال الرويب ، نظرية - 2

.62، ص 2007بريوت

Page 17: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

2

يف حدود االستعمال اللغـوي ترتبط الغايتان ، الغاية النفعية والغاية اإلمتاعية

يف داللة اجلمال يف املنظورين العريب واإلسالمي مصداقا لقوله ضمن نسق معريف واحد

فالتنبيهات ، 1)واخليل والبغال واحلمري لتركبوها وزينة وخيلق ما ال تعلمون : ( تعاىل

انب اجلمالية تكون قد نبهت الفالسفة املسلمني إىل طبيعة والقرآنية على الكثري من اجل

لب هذا اجلانب املادي النفعي ال يعادي املطلـب فمط التفطن إىل قيم الفن واجلمال ،

اآلخر وإمنا مها يتكامالن ، وحقيقة فإن ما شهدت به الفطرة والطبيعة قيمة راسـخة

حول ، ففي البيئة اجلزائرية ما تزال داللة القرآن اجلمالية فيما يتعلق تثابتة ال تتغري وال ت

ال سياقه العملي ، فهي مع اختالفها باستثمار الدواب املذكورة يف اآلية الكرمية متواص

قيمة من حيث احلاجة العملية واجلمالية ، إال أا شكلت الثالثة اخليل والبغال واحلمري

مراتب وظيفية تليب مطالب بيئية ومجالية مثلما هي مسرود ذكرها متواليـا يف اآليـة

العملية الشاقة والتنقل الكرمية فاخليل للتأنق والزينة ، والبغال للسفر واحلمري لألشغال

القريب املسافة ، ونعتقد أن أمثاا بيعا وشراء كذلك تنتظم وفق الترتيب املـذكور ،

وحىت أن ذكر الدواب يف املدونات البالغية واللغوية حظي بـنفس االهتمـام فقـد

.8سورة النحل ،اآلية - 1

Page 18: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

3

سجلت للخيل أنساب وهويات وسالالت مل حيظ ا الفصيل اآلخر مثلما دل علـى

، ونستطيع إمجال هذه اإلحاالت اجلمالية املتعلقة بـدالالت ل للكليباب اخليذلك أنس

التوسم والتأنق املرتبطة باخليل باإلشارة إىل داللة الفروسية والشجاعة ورياضة ركوب

. اخليل

، وهي مـن 1)ولكم فيها مجال حني ترحيون وحني تسرحون :( وقال تعاىل

كاية املتعة اجلمالية لبيئة تربية األنعام ، وقـد حة يف اآليات املوصفة للطبيعية واملختص

أمجع املفسرون على أن اجلمال املعين به يف اآلية الكرمية منصب على املتعة أو اللـذة

الذي جيده أهل البادية واألرياف يف معايشة األنعام واملواشي حني تسرحيها إىل مراعيها

، وتشخيص األحاسيس احمليطـة ، وقد جاء تصوير اجلمال 2وحني ردها إىل مراحها

به مقرونا باالنتفاع والفائدة وهي اخلصوصية الداللية اليت يتميز ا الـتفكري العـريب

.اإلسالمي خالف التصورات الفلسفية الغربية للجمال

.6سورة النحل ، اآلية - 1 .6، تفسري سورة النحل، اآلية 2002إبن كثري ، تفسري ابن كثري ، دار طيبة ، - 2

Page 19: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

4

ولداللة اجلمال يف العرف العريب اإلسـالمي بعـض االنزياحـات الدالليـة

حسية أو فكرية أو انفعالية من مثل ارتبـاط والوظيفية منها ارتباط اجلمال مبسوغات

: داللة اجلمالية بالزينة واألناقة والطيبة ، لذلك قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم

اجلمال يف اللسان والكلمة الطيبة صدقة وما تساوق معها مـن اإلحـاالت الدينيـة

ل االجتمـاع و ، ألـا تتنـاو واألخالقية والعرفية اليت انتظمت السلوك االجتماعي

االقتصاد و اخللق و الوجدان مجيعا مث تتركز على حمور ثابت من اإلميان بتطور القيم و

.1 و مع احلياة املفاهيم مع القيم

يهتم علم اجلمال مبالحظة وحتليل خمتلف املؤثرات النفسية واالنفعالية اليت تتم

اجلمالية تنوع مشارب تلك املؤثرات الفاعلـة يف معاينتها أو حتسسها ، وتتنوع القيم

.احلس ويكون مصدر التفاعل معها احلواس على اختالف اختصاصاا الوظيفية

تتفق الكثري من املالحظات اللغوية أو البالغية يف دالالا مع الوظيفة اجلمالية ،

ري من أدبيات ـج وإذا حنن تتبعنا جتلياا الداللية واحلسية وجدناها متجسدة يف كث

، منشورات دار مكتبة احلياة، بريوت 5العدالة اإلنسانية، الد جورج جرداق، علي و القومية العربية،اإلمام علي صوت - 1

. 69، ص 1970لبنان ،

Page 20: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

5

البالغة لإلمام علي بن أيب طالب منها ما المس األثر احلسي ، فالفطنة البالغية املتمتع

ا علي بن أيب طالب تصب فعالياا اللغوية يف صميم املالحظات الفنية اجلمالية للغة

ـ ،التخييل واالنفعال بكثري من نشاطات احلياة والفكر والتصور و ه و من اللفظ ما ل

وقد وثق الشريف الرضي يف ـج ،1وميض الربق و ابتسامة السماء يف ليايل الشتاء

البالغة تناجز السياقني سياق التعبري وسياق التشعري داللة على التكامل الوظيفي لدى

خاصة فيما يتعلق 2علي بن أيب طالب بني اللغة واإلحساس جبدوى التوقيعات احلكمية

على إسهام السلوك القليب يف حتصيل قيم االصطبار وااهدة بتركيز علي بن أيب طالب

: واألخوة والتسامح وهي قيم جامعة بني األخالق واألدبية العربية اإلسالمية مثلما قال

، وكـذا 3)إن هذه القلوب متل كما متل األبدان ، فابتغوا هلا طرائف احلكمة (...

لقلوب شهوة ، وإقباال وإدبارا فأتوها من قبل إن ل:( قوله املعزز هلذه الوجهة الفلسفية

يا وإقباهلا ، فإن القلب إذا أكره عمونالحظ أن داللة الشهوة بالنسـبة 4)شهوا ،

، منشورات دار مكتبة احلياة، بريوت لبنان ، 3ط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد جورج جرداق، علي و سقرا - 1

. 207، ص 19702 - ،571، ص 1989 اجلزائر، طج البالغة، حتقيق و توثيق صربي إبراهيم السيد، بورسعيد، الشريف الرضي. .573، ص نفسهاملصدر - 3 .572املصدر نفسه ، ص - 4

Page 21: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

6

للسلوك القليب الذي هو سلوك انفعايل ليست مرادفا لداللة الشهوية اليت عـادة مـا

السليم ، وإمنا تأخـذ نستعملها يف توصيف السلوكات الشاذة ، غري الالئقة بالسلوك

هنا معىن النشاط والقابلية لإلبداع والفاعلية وهو السياق الذي نالحظه 1داللة الشهوة

موظفا لدى اجلاحظ يف نظريته البالغية يف البيان والتبيني وعند البالغـيني اجلمـاليني

صـور اآلخرين حيث تتميز هذه الفرصة بقابلية للتخاجل القائد إىل إثارة التخييـل والت

ونالحظ أن اشتراط الفاعلية الشهوية تعتمد مكـررة يف 2والتوقع واإلصابة بالظن ،

فالشغف بتذوق القيمة اجلمالية والفنية كل إحالة نظرية على مبادئ اإلبتداع البالغي

التلقي كيفما كانت صورة يشكل حافزا ضمنيا هو الذي يقف وراء فعلي اإلنتاج أو

وحسـن :(... لذلك مبا قال به اجلاحظ يف البيان والتبـيني ، نتمثل هذين األداءين

اإلشارة باليد والرأس ، من متام حسن البيان باللسان ، مع الذي يكون مع اإلشارة من

، 3 )الدل والشكل ، والتقتل والتثين ، واستدعاء الشهوة ، وغري ذلك مـن األمـور

النفعاليـة والنفسـية املولـد ونالحظ أن ذات التوجيه النقدي احمليل على الطقوس ا

.79، ص 1:، ج عبد السالم حممد هارون ، مؤسسة اخلاجني بالقاهرة: حتقيقاجلاحظ، البيان والتبيني ، - 1 .75،ص 1:،ج 1983عامل الكتب ، 3:حممد علي النجار ، ط: حتقيقابن جين ، اخلصائص ، - 2 .79،ص 1:اجلاحظ، البيان والتبيني ، ج - 3

Page 22: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

7

ألساليب إحكام التواصل الفين اجلمايل بني املنشئ للخطاب وبني املتلقـي املوظـف

آلليات التفهم القصوى فاملفهوم يتكرر لدى أيب حيان التوحيـدي بـذات السـياق

إن مثل التوصيفات اليت : ، ويف إمكاننا القول 1ملخصا املبدأ يف دالليت الفراغ والعشق

ناها لدى اجلاحظ وذاا األخرى لدى أيب حيان التوحيـدي فهـي األجـواء سجل

االحتفالية واالنفعالية اليت تكتنف طقوس ابتداع األساليب اللغويـة املسـتطرفة أي

اخلارجة عن املألوف واليت ينجع يف ارجتاهلا توظيف األجواء االنفعالية النفسية القويـة

أو االنقضاض أو بعـج املخاجلة : ئص واليت أمساها ابن جين يف كتاب اخلصا

. 2اللغة

:علم اجلمال التجرييب

لقد سبقنا بالكالم على اجلمال عربيا وإسالميا بقناعة منهجية هـي ارتبـاط

العقيدة اإلسالمية باإلحاالت اإلنسانية الفطرية لذلك خالفنا التداولية الشائعة إىل مـا

هو الذي دلنا عليه يف هذا التقدمي النقـدي لإلحاطـة ،ميكن أن يتخذ تنهيجا خاصا

.66ص ، 1 جمنشورات دار مكتبة احلياة ، بريوت لبنان أبو حيان التوحيدي، اإلمتاع واملؤانسة ، - 1 .77ص ،التراث العريب ، دار النهضة العربية للطباعة ابن سالم اجلمحي ، طبقات الشعراء ، إعداد اللجنة اجلامعية لنشر -2

Page 23: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

8

مبختلف املفاهيم اجلمالية ، ويف نظرنا أن اجلمالية العربية اإلسالمية أسبق للقناعـات

الفطرية من غريه من الرؤى اجلمالية األخرى ، كما قد تتبني لنا لدى غـري العـرب

.1ر يف الفنطائفة العباقرة اخلالدين من آثا، فيما أعطت واملسلمني

هو مبحث فلسفي يبحث يف عموم الفن و يعىن بتجربيت إبداعـه و تذوقـه،

، الناس على هذه التجارب و وعيهم به بالوسائل التجريبية العلمية املالئمـة و أحكام

أما إذا حتدث إليك عن اء الوجود و مجال اخللق فإمنا يكتب على قلبك مبداد مـن

.2جنوم السماء

ينبغي أال يتدخل علم اجلمال يف فرض القواعـد الـيت " Feldmanفلدمان "يقول

ينبغي أن يلتزم ا الفنان لتحقيق أعمال يف إنتاجه، أو أن يشترط للجمـال شـروطا

معينة، بل هو يبحث يف أحكام الناس إمجالية شأنه يف ذلك شأن علم املنطق ال يفرض

، منشورات دار مكتبة احلياة، 2جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنسية،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1

. 7، ص 1970بريوت لبنان ، . 207، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 24: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

9

عليهم أن يسريوا عليها ، بل يكتفي بتحليـل على العلماء قواعد التفكري اليت ينبغي

.1خطوات تفكريهم

:حملة تارخيية يف علم اجلمال

نعتقد أن اإلخالص يف استيعاب مكونات احمليط البيئي على اختالف مظاهره

احلسية وتنوعها هو الذي يكون عامال حامسا يف استنهاض املالحظات اجلمالية

قيمها الفنية اجلمالية بناء على اخلصائص اللونية ،واللغة الفنية غالبا ما تستوحي

والشكلية والكيفية اليت تستفيدها من مالحظة البيئة ، لذلك إننا نعترب ذكر اجلاحظ

ملرتكزات السحر والعرافة والكهانة والقيافة والفراسة يف البيان والتبيني على أنه شهادة

، و من البديهيات لغوي الفين اجلمايلعلى توثيق الفاعلية احلسية املتناجزة مع الفعل ال

أن يقولوا قوال مل يعيشوه -اجلديرين ذا النعت العظيم -أنه يستحيل على أهل الفن

أو يروا رأيا مل يدفأوا بناره أو يدفعوا للخلود أثرا فنيا مل تنصهر فيه عقوهلم و قلوم

.6، ص 1976علم اجلمال، دار الثقافة للنشر و التوزيع القاهرة مقدمة يف: أمرية حلمي مطر - 1

Page 25: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

10

ذا السلوك احلسي ، حيث خلصوا ه 1و أجسامهم و كيام مجيعا و خميالم

يف مفهوم اللمحة الدالة أو ما وقع يف سياقها أو أنسجم مع هذا املفهوم والذي ميكننا

معرفة الفصل من الوصل ، أو وضوح الداللة وانتهاز : تلخيصه يف اإلشارات التالية

الفرصة ، وحسن اإلشارة أو البصر باحلجة واملعرفة مبواضع الفرصة ، وإذا حنن تأملنا

ذه التعريفات الفنية اجلمالية القائمة على فطنة حسية بالغة ألفيناها متصلة بقيم مجيع ه

، وإذا حنن سعينا إىل التقاط اإلشارات اجلمالية يف ج 2استشعار العبارة اجلميلة

، البالغة ألفيناها كثرية احلضور تزدان ا كل خطب علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه

العريب كله هذا املقدار الذي جتده يف ج البالغة من روائع و إنك لتجد يف األدب

. 3الفكر السليم و املنطق احملكم يف مثل هذا األسلوب النادر

مل جيد علم اجلمال شكله النهائي حىت اية القرن الثامن عشـر علـى يـد

سنة ) A. Baumgarten ")1718-1762ألسكندر باوجمارتن " الفيلسوف األملاين

حيث أن ذلك الشكل مل يكتشف دفعة واحدة، ناجزا كامال و أخريا ، فتعلق 1750

. 93، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1 .88،ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ،ج - 2. 187، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 3

Page 26: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

11

املنظور الفكري اجلمايل ، ال يستطيع االنفصال عن مكوناته الواقعيـة الـيت تفـرز

. مظاهره االحتفالية يف شكل قناعات انفعالية أو شعورية معينة

أ بسيطا سـاذجا يف لذلك إذا فإن علم اجلمال هو علم قدمي قدم اإلنسانية بد

شكل قيم انفعالية أولية مث ما فتئت تلك العينات املالحظة أن تنمو وتتطور يف شكل

تفاعلي مع مظاهر احلياة على خمتلف مستوياا التفاعلية ،لذلك ميكننا التـأريخ لـه

بالتوافق مع التأريخ لإلنسانية متاما ، لذلك فإن السياق الفكري الفلسـفي ملفهـوم

بدو متجاوبا مع الفهم التراثي القدمي كما هو متمـاش مـع املسـتجدات اجلمال ي

نية ، وهو أي علـم احلضارية ، حبيث سيظل حيافظ على التحوالت احلضارية اإلنسا

حمل النبض من قلب احلياة فإنه سيظل يواكب اإلحساس البشـري ، اجلمال حبلوله

فكار مجاليـة، لكنـه حمـدث ويستثمر الطبيعة والبيئة وقيم التعايش ، فهو قدمي كأ

كمبحث ينتقل حنو العلمية أو حماولة االنضمام إىل العلوم التجريبية ، وهو بانتقاله

، و هذا األثـر بني التراث واحلداثة يكتسب وظيفيته وحركيته يف املعارف واألفكار

األديب الكامل و هو ما نراه يف ج البالغة ،و إنك لتحس نفسك منـدفعا يف تيـار

Page 27: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

12

و أنت تسري يف ج البالغة من مكـان إىل جارف من حرارة العاطفة بسائر ألواا

. 1آخر

حيتفظ السلوك اجلمايل وفكره باملرجعيات االستشعارية اليت تشخصه أو تـدل

عليه من خالل اإلحاالت األخالقية أو الدينية ، خاصة عندما يتعلق بالفكر اجلمـايل

العريب اإلسالمي فإن تواشجه مع احلياة العملية يعد أمرا حامسا يقود إىل تفعيل الكثري

مقدمة آليات استشعار اجلمال ما ورد يف القـرآن من مظاهره السلوكية ، ويأيت يف

وال تقف ما ليس لك به : ( الكرمي من احلث على التفكر والتأمل والتدبر ، قال تعاىل

، وإذا كان هـذا 2)علم ، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنهم مسئوال

لم اجلمال يف املعـارف مسار احلس اجلمايل يف النفس العربية اإلسالمية فإن تاريخ ع

اإلنسانية ظل مرتبطا باإلحاالت اليونانية اإلغريقية ، فاألسـطورة اليونانيـة ظلـت

تصطنع ذلك اإلغراب احلكائي والداليل الذي يف منظورهم ظل خيلط بني قوتني قوة

اآلهلة وقوة اإلنسان يف شكل صراع سرمدي ، فقد كان التمييز املتصاعد يف الفكر

. 191، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1 .36سورة اإلسراء، اآلية - 2

Page 28: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

13

العامل القدمي، الدور الرئيس يف إبراز مسائل اجلمال و الفن كما تشهد عند حضارات

يف األلف الثاين قبـل املـيالد، و يف اإلجنـازات ) جلجامش السومرية(عليه ملحمة

.املعمارية الروحية اهلائلة اليت حققها املصريون القدامى يف معابد واد النيل

سنة على األقل، الفصل يف متكن يعد هذا التطور املشرقي املتراكم لثالثة آالف

اإلغريق ، يف مدن آسيا الصغرى أوال، مث يف اليونان و جنوب إيطاليا ثانيا، أن يدفعوا

إىل التاريخ حتوالت يف العلم و الفلسفة و الفن، و خالل فترة قصـرية بـني القـرن

ز و التميز السادس و القرن الثالث قبل امليالد استطاعت أفكار اإلغريق اجلمالية الربو

، يف القرن السابع قبل "Homèreهومريوس "و "األوديسا" و " اإللياذة"مع ظهور

" املوسيقى"و " الرائع"و " اجلميل"امليالد حيث متيزت بوضوح مصطلحات و مناهج

، ومع ازدهار أثينا يف خمتلف اجلوانب ظهرت حركات ثقافية و فنيـة يف "الرقص" و

زدهر تبعا لذلك التفكري الفلسفي حول هذه الفنون، الشعر و املسرح باخلصوص، و ا

حيث ظهرت أفكار مجالية واضحة و متميزة و ذلـك ألول مـرة علـى أيـدي

Page 29: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

14

، و بأسلوب مجايل و جتسـيم "أرسطو" و " أفالطون"و " سقراط"و " فيتاغورث"

.1و الكون حي للتفاعل بني األديب

ما مجيلة حسب تناسـق األعـداد أن األشياء و املوجودات عمو" فيتاغورث"يرى

هي اليت حتـدد ) أي بني أجزاء املوجودات(و تدرجها ، فالنسب القائمة بني األعداد

هو معيار رياضي و هذا راجع إىل " فيتاغورث" طابعها اجلمايل، إذ معيار اجلمال عند

و تناسقها تقود أنه يعتقد أن العدد هو جوهر األشياء، و أن معرفة األعداد يف تركيبها

إىل معرفة العامل يف ماهيته و قوانينه، فاألعداد إذن مناذج حتاكيها املوجودات و مـا

الكون إال جمرد تطبيق أو امتداد لنظرية العدد، و األعداد يف نظره ليست أعداد بـل

.هي نقاط

فكان يلح علـى أن )م .ق Socrate) "470-389سقراط "أما الفيلسوف الكبري

" الرسـام " " براسـيوس " اجلمال احلقيقي هو اجلمال الباطين، فلطاملا كـان يعلـم

. 195، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1

Page 30: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

15

، متثل أحب ما يف النموذج من األشياء بأن ينقل مجال النفس "النحات" "كليتون" و

.1احلقيقي

لقد كان أفالطون يؤمن بوجود اجلمال املطلق يف علم املثل، وكلمـا ارتقـى

و ابتعد عن احلس كان أقرب إىل اجلمال الكامل و ) الكون و الفساد(جلمال يف عامل ا

بالتايل قد وضع أفالطون يف هرمه اجلمال احلسي يف أدىن املراتب مث تدرج إىل أعلـى

حيث وضع اجلمال يف مرتبة أعلى، مث اجلمال الروحي الذي يبلغ ذروته يف اإلنسـان

، وجدير ذا الفهم للجمال أن يهـدينا إىل 2طلقعن طريق االقتراب من اجلمال امل

إن عامل اجلمال لدى اليونانيني ظل مرتبطا بعامل املثل العليـا الـيت تسـلب : القول

ومـن ، 3اليونان وجدت اجلمال كما وجدت العقل اإلنسان كفاءة الرقي والتطور ،

ة القدميـة عـن جهة أخرى فإنه يف اإلمكان مالحظة ارتفاع النظرية اجلمالية الغربي

متناول الواقع احليايت الفعلي الذي ميكن لإلنسان أن يترك من خالله بعض مظـاهر

.حياته العملية فعال

.25-24، ص 1984ة للنشر و التوزيع، القاهرة فلسفة اجلمال، دار الثقاف: أمرية حلمي مطر - 1 .33ص ، مقدمة يف علم اجلمال: أمرية حلمي مطر - 2. 25، ص 2جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنيسة ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 3

Page 31: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

16

ومع ذلك فإن التفكري اجلمايل األفالطوين استطاع أن جيد له املنـهج املعـريف

باينة املتالئم مع طبيعة االعتقاد الغريب ، ليثمر الحقا بعض التطور والتحول جتسد يف امل

بني أفالطون وتلميذه أرسطو األكثر واقعية ، فقد اجته أرسطو بناء علـى قناعـات

التحول يف منظور اجلمال إىل التأسيس لالجتاه اجلمايل الواقعي من حيث ذهب إىل أن

التناسق و االنسجام و الوضوح يف أهم خصائص اجلمال ، و هي صفات ميكـن يف

.1فالفن هو حماكاة للجمال رأيه تبنيها على حنو موضوعي، لذلك

ونستطيع أن نالحظ أن املعايري املقول ا يف النظرية اجلمالية األرسـطية هـي

ذاا اليت نستطيع أن نكتشف مساا أو بذورها أو عالماا يف التفكري اجلمايل العريب

اإلسالمي الحقا ، ونعتقد أن النظرية األرسطية ما كان هلا أن تـرتاح عـن بيئتـها

يونانية إىل البيئات اإلنسانية األخرى لوال متكنها من التعبري عن حقيقـة املشـاعر ال

،يف هذه الساعة من تاريخ اإلنسانية وجد سر احلياة واالنشغاالت اإلنسانية النموذجية

.2اجلمال: و هو

.61، ص 1973، بريوت 2ط ،ترمجة عبد الرمحن بروي، دار الثقافة ،س، فن الشعرليأرسطو طا - 1 . 25، ص 2جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنيسة ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 32: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

17

ويف السياق االستتباعي ملختلف املظاهر الفلسفية الغربية القدمية فقد طفـق العـرب

واملسلمون يسهمون بفضل ما تكون لديهم من الوعي املعريف الذي غالبا ما استمدوه

من عصارة جتارم اللغوية واألدبية اجلاهلية ، مث بدخوهلم يف حضارة الدين اجلديد أال

ت الرؤية اإلسالمية يف نفوسهم قناعات فنية ومجالية كانت وهو اإلسالم ، فقد أوجد

كفيلة لدى توظيفها يف سياقاا احلياتية أن متد اإلنسان العريب ببعض الطاقة النفسـية

واجلسمانية املنتجة لقيم االرتياح والطمأنينة والرضا ، هي من عدة جهات متصـلة يف

تدين والتعبد والتخلق واحلياة عامة جوهر احلقيقة مع قناعات احلياة عامة ، شكل فيه ال

السلوك اجلمايل ، فكان هلم ما كان من املسامهة يف إثراء نظرية اجلمال ، على حنو ما

جند يف كتاب املوسيقى الكبري أليب نصر الفارايب أو كما جند يف مسـامرات احلكـيم

.1ل الشواملو اهلوام" اإلمتاع و املؤانسة"أبو حيان التوحيدي يف كتابيه

لقد ازدهرت كثري من الفنون خالل احلضارة اإلسالمية ألن هـذه احلضـارة

اجلديدة كانت قائمة على قيم جديدة ختتلف عن مفاهيم احلضارات السابقة، كـان

من الطبيعي أن ختتلف األحكام اجلمالية اجلديدة الختالف املعايري اجلمالية املستمدة

.44ص ، 1987، دار الفكر ، دمشق ، 1:ط فلسفة الفن عند التوحيدي،، عفيفي نسي - 1

Page 33: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

18

التصور اإلسالمي للمجتمع و اإلنسان و الكـون و من نظرية اجلمال اجلديدة وفق

، و هكذا أدرك علي بن أيب طالب أن الكون واحد، عادل، ثابت يف وحدته و غايته

اب و القدرة على العقاب و الثواب، و عدله جاعل يف طبيعة الكائنات ذاا قوة احلس

.1هكذا عبر عما أدركه يف أروع تعبري

لية اليت متيزت ا خصائص التفكريين اجلمـايل اإلسـالمي ميكننا بلورة الرؤية اجلما

:و اإلنساين يف ما يلي

االلتزام بالتصور اإلسالمي للكون و الغاية من ورائه، مصدره من القرآن الكرمي -1

، و من مث يستطيع أي إنسان أن يتجاوب مع هـذا التصـور و السنة النبوية الشريفة

من خالله مبقدار ما تطيق نفسه هذا التلقي فيلتقي مع الفن اإلسـالمي و يتلقى احلياة

.2بذلك املقدار

االلتزام بقيم الثقافة اإلسالمية اجلديدة و القطيعة مع الثقافـات الـيت سـبقت -2

.اإلسالم

. 48، ص 3نسانية، الد جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإل - 1. 263م ، ص 1988 -هـ 1408، دار الشروق ، 5حممد قطب، مفاهيم ينبغي أن تصحح ، ط - 2

Page 34: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

19

.االلتزام بقيم اتمع اإلسالمي اجلديد أساسه احلرية و العدل و املساواة -3

جريد يف الفن و االبتعاد عن التجسيم و ذلـك تعـبريا عـن االعتماد على الت -4

.املضمون الروحي الذي غرسته العقيدة اإلسالمية اجلديدة يف نفس الفنان

"...إمل نغري عن الناس مفاهيمهم اخلاطئـة ملاذا نقوم بالدعوة أصال "يقول حممد قطب

ارتباطه بالفن فهـو غري أن كل الفلسفات السابقة كانت تنظر إىل اجلمال من حيث

بالنسبة هلا ليس خاصة مميزة بقدر ما هو خاصة لإلبداع اإلهلي، و هكذا فإن التفكري

.1حول اجلمال كان خاضعا للتفكري امليتافيزيقي أو األخالقي

ألكسـندر "لقد ظهر مصطلح علم اجلمال للمرة األوىل يف كتاب الفيلسوف األملاين

و كان هذا الفيلسوف ينتمي إىل التيـار العقـالين " تأمالت يف الشعر" " باوجمارتن

حيث سعى لتقدمي علم اجلمال مستقال، يتخذ موضوعا له اإلدراك احلسي الديكاريت

العلم الذي يدرس انفعاالت اإلنسـان " للعامل اخلارجي و بالتايل يصبح علم اجلمال

بط ذلك مباشرة بوجـه دون أن يرت. و مشاعره و نشاطاته و عالقاته اجلمالية يف ذاته

،1، ط شوبنهاور ، ترمجة حممد شفيق شيا، منشورات حبسون الثقافية-هيجل -انتك ، نظرية اجلمالية: ، مقدمة املغربنوكس .إ - 1

.26-24ص 1985 ، بريوت

Page 35: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

20

أن علم اجلمال ليس علما " باوجمارتن"، وهذا يعين حسب "استعمايل أو مبنفعة عملية

.1رياضيا يعتمد على االستنباط بل يعتمد على اإلدراك احلسي لالنفعاالت اإلنسانية

معرفـة : قد ذهب إىل أن هناك نوعني من املعرفة" باوجمارتن"و ذا التحديد يكون

نستمدها من العقل، و معرفة حسية نستلهمها عن طريق احلواس، أي بإمكان يقينية

املعرفة احلسية أن تكون أكثر وضوح هي األخرى مثل املعرفة العقلية و هذا الوضوح

، و الفنون هي نتاج احلواس استنادا إىل اجلمال و الشعور ال يكون إال يف الفنون ألن

تتخلله إبتداء مـن بـواكريه االجتماعيـة يكاد يكون يف نشأة كل فن عظيم أسرار

.2الغامضة حىت تتضح صورته الواعية اليت متثل السمة الغامضة لكل متطور

قد ميز املعرفة و اإلدراك اجلمايل عن الضـروب األخـرى " باوجمارتن"و ذا يكون

إيضاحا للمعرفة ممهدا الطريق لكل العلماء الذين جاءوا من بعده ليزيدوا علم اجلمال

.و تطويرا لنمط مستقل بذاته و متميز من املعرفة بالفن اجلميل أو اجلمال الفين

، بريوت 1، دار الكتب العلمية، ط1مراجعة جورج منل، ج: موسوعة أعالم الفلسفة، تقدمي شارل احللو ،روين إيلي ألف - 1

. 65، ص1992 . 17، ص1980، مكتبة املعارف بريوت 2الرمحن ياغي، ط عبد.ألن تيت، دراسات يف النقد، ترمجة د - 2

Page 36: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

21

نه إسهاما كبريا ضم" إميانويل كانت"و يف هذا املنحىن كان للفيلسوف األملاين

احلكم " ( حكم الذوق " إىل أن) ملكة احلكم (مجلة من تآليفه حيث وضع يف كتابه

، حيث أن األول جيـنح إىل جمـال 1عن احلكم التصوري متميز كل التميز) اجلمايل

الوجدان أو الشعور بينما الثاين يعود إىل العقل النظري كما أن حكم الذوق متميـز

عن احلكم األخالقي من حيث أن األول ال يقاس بالنسبة لغاية حمـددة سـلفا و أن

.2ة احملددة سلفاينطوي يف ذاته على غائيته بينما احلكم األخالقي يقوم على الغاي

:مفهوم اجلمال يف التصور اإلسالمي

إن الفن اإلسالمي ليس هو الفن الذي يتحدث عن الوعظ و اإلرشاد فحسب

الفن الذي يرسم صورة الوجود من زاوية التصـور " حممد قطب"إمنا هو كما يرى

الشـاملة ، أي أن الفن اإلسالمي يقوم على الرؤية اإلسالمية 3اإلسالمي هلذا الوجود

.و احلياة و املتكاملة يف نظرته للكون و اإلنسان

.330-325، ص 1979إميانويل كانت فلسفة القانون و السياسة، وكالة املطبوعات الكويتية ، ،عبد الرمحن بدوي - 1 .87-78، ص 1996، طرابلس لبنان، 1غادة املقدم عدرة، فلسفة النظريات اجلمالية، جوروس براس، ط - 2 .6حممد قطب ، منهج الفن اإلسالمي ، دار الشروق، ص - 3

Page 37: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

22

" احلـق "و" اجلمـال "الفن اإلسالمي هو ذلك الفن الذي يهيئ اللقاء املتكامل بـني

فاجلمال حقيقة يف هذا الكون، و احلق هو ذروة هذا اجلمال و من هنـا يلتقيـان يف

.1القيمة اليت تلتقي عندها حقائق الوجود

قطب أن الفن اإلسالمي هو التعبري اجلميل عن حقائق الوجود من يرى حممد

، و هكذا يستوي علي ابن طالب و قمم الوجود نظرية التصور اإلسالمي هلذا الوجود

من النظرة إىل احلياة الواحـدة، و اإلحسـاس العميـق بـالكون على صعيد واحد

.2الواحد

اإلسالمي يف تصوره هـو وسـيلة و يتضح من خالل تعريفات حممد قطب أن الفن

و ليس غاية يف ذاته و يستمد قيمته اجلمالية من خالل ذوده عن احلـق و اجلمـال

أن اإلسالم مل يكن دعوى نظريـة " يقول حممد قطبو خدمة غايته النبيلة يف احلياة ،

3"و إمنا كان نظاما عامليا يعرف حاجات الناس احلقيقيـة و يعمـل علـى حتقيقـه

واستخالصا لسياق تداولية مفهوم اجلمال الفلسفي يبدو بعد تلخـيص التنويعـات

.6، ص نفسهاملصدر - 1. 206، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2 .32، دار الشروق، ص شبهات حول اإلسالمحممد قطب ، - 3

Page 38: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

23

التعريفية والتوصيفية خلصوصيته التأثريية أن الغاية اليت يهدف إليها الفن اإلسالمي بني

خمتلف الفعاليات املعرفية والتعريفية األخرى هي إيصال اجلمال إىل حيـث املتلقـي

األمسى و األمجل دائما ، لذلك فإن اجلمال يف املفهوم اإلسـالمي و االرتقاء به حنو

سيظل مرتبطا باألهداف األخالقية اإلنسانية والدينية والطبيعية املخلصـة لشـروط

، فالناس الفطرة الربانية اليت فطر عليها اإلنسان كيفما كانت عقيدته أو عرقه أو بيئته

أيــــــــــــــــــــــــــــــــــا

أطوع منهم للتخييل منهم للتصديق، و كثري منهم إذا مسع التصـديقات ."..كانوا ما

.1 ..."استكرهها و هرب منها

و إننا لو قصدنا إىل استقصاء مناط اجلمال يف القرآن الكـرمي يف السـور و

اآليات لوجدناه كله يعج باجلمال يف عباراته الصرحية و إشاراته اللطيفة مملوءة بفيض

من التوجيهات الربانية اليت تعىن بتربية الذوق اإلنساين حىت يكون يف مستوى متثـل

اصد اإلسالم النقية، فالقرآن الكرمي فيه مجالية الكـون و الـنعم و احليـاة و رىب مق

عبد الرمحن بدوي ، دار الثقافة بريوت لبنان، . د: ترمجة، فن الشعر: من كتاب أرسطو طاليس، كتاب الشفاء، ابن سينا - 1

.162ص

Page 39: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

24

اإلنسان املسلم على إلتقاط دقائق احلسن يف مناظر الفضـاء و األرض و اجلبـال و

.الشجر و النباتات و البحار و األار

اجلمال يف مفهوم اإلسالم ليس إحساس بالذات احلسية األرضية فحسب و إمنا

هو إحساس صاعد حنو األعلى ، مستوعبا مجيع الكفاءات والنشـاطات اإلنسـانية

، و البد أن تعرض العقيدة بأسلوب العقيدة، إذ أن املتناسبة وظيفيا مع شروط احلياة

. 1حماولة عرضها بأسلوب الفلسفة يقتلها و يطفئ إشعاعها و إحياءها

ميل، و كل مجال يف الوجود هو من و من أمسائه احلسىن اجل: " يقول ابن قيم اجلوزية

.2آثار خلقه، فله مجال الذات و مجال األوصاف و مجال األفعال و مجال األمساء

و يف احنيازنا للجميل لذة، و هو أمر متعلق بالوجدان و يتخذ تسميات خمتلفة

وتلك هي الفعاليات الداللية املمزوجة باإلحاالت اجلمالية اليت .كالسرور و البهجة

وجدنا اخلطاب النثري اجلمايل لعلي بن أيب طالب يف ج البالغة حييل عليها

، و هذا الذكاء و باعتبارها حوافز بالغية بالدرجة األوىل وقبل كل شيء مؤثر آخر

.18 ص م، 1980 -هـ 1400، القاهرة 7ط ، دار الشروق، خصائص التصور اإلسالميقطب ، سيد - 1 .52عبد الفتاح رواس قلعهجي، مدخل إىل علم اجلمال اإلسالمي، دار قتيبة، ص - 2

Page 40: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

25

العاطفة الشديدة اليت متدها عة مع اخليال يف ج البالغة يتحدان إحتاد الطبيعة بالطبي

.1بوهج احلياة

الذي خلق سبع مسوات طباقا ما ترى :(إن مجال الكون يتجلى يف قوله تعاىل

فالدعوة إىل . 2)يف خلق الرمحن من تفاوت ، فارجع البصر هل ترى من فطور

خمتلف إعمال احلواس بغية التفكر والتدبر يف خلق اهللا هي الناظم املنهجي الذي ينتظم

التوجيهات القرآنية لالعتداد بالتقييم اجلمايل خللق اهللا ، ونرى أن توظيف علي بن

أيب طالب لكثري من املظاهر اجلمالية املتعلقة بالبيئة والكون كلها تنحو هذا املنحى

لو اجتمع مجيع احليوان على " كقول علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه اخلالصالقرآين

وهو يف كثري من األغراض النثرية الفنية نصادفه ينتهي إىل احلض ، 3"إحداث بعوضة

أو احلث على التدبر بدل التعجب ، فاملقاصد اجلمالية يف خطاباته النثرية الفنية تتجه

. 191، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1 .03امللك، اآلية سورة - 2ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، منشورات دار مكتبة احلياة بريوت - 3

. 126، ص 4، الد 1979لبنان

Page 41: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

26

اجتاها تعبديا تنتهي إىل غايات إبالغية إسالمية توصي بعدم الوقوف عند حد التعجب

.2أو خلقة الطاووس 1يف خطبة األشباح بل تتعداه إىل التسبيح هللا ، كما متجل

هذا االنسجام يف الوحدة نظام اخللق يف كمال اجلمال يف املخلوقات و دليل و

الواحد و أسس هذا النظام البديع تقوم على أساس التوازن وجودها عند اخلالق

و الكونويف اتمع و التجاذب و التناسب، فهو نظام واحد ينظم العالقات يف الذرة

اإلسالمية هي وجهة النظر الدينية لإلنسان و الطبيعة فيما يتعلق باملفاهيم (

.3 )األدبية

لقد اختص اهللا تعاىل دون غريه بوعي مجايل متميز جيعله موضوعا ، أي جزء

من نظام مجايل واحد و ذات قادر على اختاذ موقفا خارج العامل أي عامل املوضوعات

يه اجلمايل و الفكري، و على امتالك قدرة التصور و التفكر من أجل تأمل بواسطة وع

.النسق اجلمايل يف موضوعات العامل كله

:اخلصائص اجلمالية للرتوع اإلبداعي اجلمايل

.292الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص - 1 .174املصدر نفسه ، ص - 2. 47، ص جنيب الكيالين، اإلسالم و املذاهب األدبية، مؤسسة الرسالة - 3

Page 42: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

27

لقد سيطرت على الفن اإلسالمي روح جتريدية بعيدا عن التجسيد و يتوجه

حنو االنطالق و اإلبداع ، فقد نأى الفنان خالل هذه املرحلة عن املالمح اخلارجية

لإلنسان و باقي املخلوقات و اجته حنو األشكال اهلندسية يف إطار هندسي زخريف حر

ملخلوقات ، و يفعل املسلم هذا لتأثره و االبتعاد عن العناصر الشخصية لتلك ا

، و بذلك يكون أمشل نظام عرفته بالتصور اإلسالمي القائم على عقيدة التوحيد

.1األرض و أوسع نظرة لإلنسان عرب التاريخ

وملقاربة تلك التأثريات ، واستكشاف غاياا االنفعالية املؤثرة يف التقييم الفين

إنه يكفي (... حضارة العرب : ون قائال يف كتابفقد ألفينا املستشرق غوستاف لوب

حمربة أو خنجر أو ... نظرة على أثر يعود إىل احلضارة العربية كقصر أو مسجد

مغلف قرآن لكي تتأكد من أن هذه األشغال الفنية حتمل طابعا موحدا و إنه ليس من

ن أصالة إ. شك ميكن أن يقع يف أصالتها، أي ليس من عالقة واضحة مع أي فن آخر

. 2... )الفن العريب واضحة متاما

. 14م، ص 1967-هـ 1388حممد قطب، اإلنسان بني املادية و اإلسالم، - 1، 1964مطبعة عيسى البايب احلليب و شركاؤه ، القاهرة ، ، 4:عادل زعيتر، ط: حضارة العرب، ترمجة غوستاف لوبون، - 2

.499ص

Page 43: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

28

هو ( و بذلك تتجلى النظرة املوحدة للفن اإلسالمي يف خمتلف األعمال الفنية

و يف مجيع األماكن مستشعرا بذلك 1 )مجال العرض و تنسيق األداء و براعة اإلخراج

ة حنو الوحدة يف نظرته لألشياء كوا أجزاء متناثرة تؤدي وظائف متكاملة و موحد

.اال الكلي

وعلى الرغم من قدم الدراسات اليت اهتمت مبوضوع اجلمال حبثا و تنظريا إال أنه ظل

موضوع اختالف و قياس يف الفهم بني الدارسني على مستوى إدراكه و تقديره، و

نرى أن سبب ذلك يرجع إىل خضوعه لشبكة من العالقات املعقدة يتداخل فيها

املادي باملعنوي و احلسي بارد و من مث يصعب الوصول إىل الذايت باملوضوعي و

.مفهوم جازم للجمال

:اجلمال والنص األديب

.205 -204ص سيد قطب، التصوير الفين يف القرآن الكرمي، دار الشروق القاهرة ، - 1

Page 44: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

29

اجلمال قيمة من القيم اليت يتصف ا الشيء اجلميل و تشكل مسة له حني

، حىت استحقت برقيها هذا أن تسمى فنا و هلذا تتوفر فيه جمموعة من اخلصائص املعينة

.1مميزة يف كل فنالرقي عناصر

ينتج عن اإلحساس باللذة و املتعة، أو الرضا و االرتياح و : اجلمال احلسي

عن كل غرض أو " كانت"هه الفيلسوف يتعلق األمر فيه باجلمال احملض، الذي نز

و ، 2 )اجلمال: يف هذه الساعة من تاريخ اإلنسانية وجد سر احلياة و هو ( منفعة

تلعب احلواس دورا هاما يف إدراكه ألن اللذة اإلنسانية اليت تشكل غاية له تكتسب

و غاية الفن اإلمتاع و (- عقليو ال تقوم على أي أساس طابعا مباشرا،

بل يشكل الذوق أساسها الوحيد، ال توجد قاعدة موضوعية حيدد ا ، - 3)اهلدفية

تصور، ألن كل حكم صادر عن هذا املصدر هو الذوق ما هو مجيل استنادا إىل

حكم مجايل، أي مبدأه احملدد هو شعور الذات ال تصور املوضوع، و من العبث

.42ص م ، 1987 - هـ 1407، 3الدكتور عدنان علي رضا النحوي، األدب اإلسالمي إنسانيته و عامليته، ط - 1. 25، ص 2ق، بني علي و الثورة الفرنيسة ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد جورج جردا - 2 .194، 192، 185، 8، ص الشروق القاهرة سيد قطب، التصوير الفين يف القرآن، دار - 3

Page 45: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

30

البحث عن مبدأ للذوق بواسطة تصورات معينة املعيار الكلي للجميل ألن ما نبحث

.1يف ذاته عنه حنن حينئذ أمرا مستحيال و مناقضا

" كانت"باجلمال غري اخلالص و هو الذي عرب عنه و يتعلق : اجلمال العقلي

باجلمال التابع و يتميز أنه يفترض تصورا مسبقا على املوضوع الذي نريد احلكم عليه

و اإلغريق وحدهم و يستند إىل قواعد موضوعية تشكلت عرب تاريخ اجلمال،

ات و جتارب نتيجة تراكم خرب 2إكتشفوا سر اجلمال و احلق و النظام و املثل األعلى

معينة يف حياة اإلنسان، حيث يقضي حتققها يف املوضوع إىل إكسابه صفة اجلميل و

.ال يعد مجيال إذا انتفت منه تلك القواعد

و لقد اختلف النقاد حول مفهوم اجلمال، سواء تعلق بطبيعته أو مصدره

مدة لديهم، و مل أو كيفية حتققه، و ذلك يعود إىل اختالف األسس الفلسفية املعت

يسلم اجلمال يف األدب من هذا االختالف لكون النقد األديب مل يكن مييز بني جيد

و رديء األعمال األدبية، اعتمادا على اللذة اليت حيدثها عند املتلقني حني

.342إميانويل كانت فلسفة القانون و السياسة، ص ،عبد الرمحن بدوي - 1. 25، ص 2جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنيسة ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 46: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

31

يستحسنوها و يرضون عن جانبها الفين فقط، بل كان يعتمد على قواعد يف اال

بالشكل الفين، و بعضها اآلخر يرتبط باملعىن، لذلك نرى أنه من األديب بعضها يرتبط

الضروري يف احلديث عن اجلمال يف األدب أن يؤخذ اجلانب املعنوي بعني االعتبار،

ملا له من دور حاسم يف التصور اجلمايل لألدب ، فإذا كان الشكل هو املظهر املادي

يكتسب قيمته اجلمالية إال من للنص األديب الذي يعكس اجلانب اجلمايل فإنه ال

تفسري األعمال الفنية، و ) اجلمايل(، و مهمة الناقد خالل عالقته العضوية مع املضمون

.1احلكم عليها ليس

قيمة أي نوع من أنواع الفن إمنا تتحدد ( و قد عبر بعضهم عن ذلك بقوله

، على أن إجرائية 2)وفقا ملالئمة الشكل احملسوس للفكرة اليت جيري التعبري عنها

البحث يف مفهوم اجلمال حتيلنا إىل املستوى املادي يف األدب الذي يتمثل يف اجلانب

.الشكلي لألدب

م، 1987 -هـ 1407، رئاسة احملاكم الشرعية و الدينية ، قطر 1اإلسالمي، ط جنيب الكيالين، مدخل إىل األدب - 1

. 174ص .6 حممد قطب ، منهج الفن اإلسالمي ، ص - 2

Page 47: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

32

يتجلى لنا أن اجلمال يف النص األديب هو جمموعة السمات و اخلصائص اليت حيويها

و اجلمال ينسحب على الشكل النص األديب و يتميز ا عن غريه من مزايا تعبريية،

حيث يكون النص األديب قادرا على إثارة انفعاالت و عواطف ،1و املضمون معا

.املتلقيني، فيحقق املتعة لديهم و اللذة

و هذه السمات التوصيفية للجمال والقيم االنفعالية الالحقة به تتحدد من

بارة عن نتاج مجايل يؤثر بفاعليته تغدو معها الصيغة الداللية ع، خالل القيم التعبريية

يف حس املتلقي ، وبالتوافق مع هذا املنحى الوظيفي للمؤثرات اجلمالية يف نفسية

اإلنسان فإن طريقة صياغة مظاهر التعبري اجلمايل من لغة أصوات وتشكيل وحركات

اية إا احلياة هنا و ليست حك وأنغام تغدو متكيفة مع األغراض واألهداف اإلمتاعية،

لذلك جيب على كل باحث يف حقل اجلمال يف النص األديب أن ينظر يف ، 2احلياة

قيمة اجلمال الشكلية و ما حققته من إضافة إىل النوع األديب الذي تنتمي إليه، و

يكون لزاما على األديب أن يكون ملما بقواعد النوع األديب املطردة، و يتخذ منها

. 170جنيب الكيالين، مدخل إىل األدب اإلسالمي، ص - 1 . 147سيد قطب، التصوير الفين يف القرآن الكرمي، ص - 2

Page 48: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

33

ن اإلبداع اجلميل دائما جينح إىل التجاوز و رفض إطارا يوجه عمله اإلبداعي أل

.1فيخاطب حاسة الوجدان الدينية بلغة اجلمال الفنية النمطية

نصل من هذه التوطئة على أن اجلمال يف النص األديب هو اخلاصية اجلوهرية

توفر اليت متيزه عن غريه، مما جيعله عمال أدبيا متميزا، ألن األدب ال يسمى أدبا إال إذا

فيه عنصر اجلمال، و هذا ما يؤكد أن البحث يف أدبية نص ما من النصوص األدبية

، ألنه متعلق باجلوانب اليت تظهر متيز هغري ه حبث عنصر اجلمال يفإمنا هو يف حقيقت

أما خمتلف اآلثار املترتبة عن النص األديب فإا ال . املبدع و حتدد تفرده و متيزه

نفسية اجلمال فيه، ألا ال ختضع لقواعده، فهي مرتبطة باعتباراتمتت بصلة ملفهوم

و اجتماعية، و هي بذلك خـارج مفهوم اجلمال املتعلق بالنص األديب و إن كانت

.متصلة به

:السرية الذاتية لإلمام علي رض اهللا عنه

سنعمد منهجيا وبقصد وظيفي إىل ربط الدراسة اجلمالية للتنثري اللغوي يف ج

لبالغة بالسرية الشخصية لعلي بن أيب طالب لقناعة منا أن الرتوع التعبريي ينسجم يف ا

. 153املصدر السابق، ص - 1

Page 49: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

34

، و أنت إذا تأملت النفسي الذي هو سلوك فين ومجايل معظم جتلياته البالغية بالسلوك

. 1ج البالغة وجدته كله ماء واحدا و نفسا واحدا، و أسلوبا واحدا

علي بن أيب طالب بن : خالل قولنا هوتتشخص سرية علي بن أيب طالب من

عبد املطلب بن هاشم بن عبد مناف و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد

مناف، ولد رضي اهللا عنه يف السنة الثانية و الثالثني من ميالد رسول اهللا صلى اهللا

عليه و سلم فهو من أبوين هامشيني و من أشرف بطون قريش و أكرمها، و هو ابن

.2ول اهللا صلى اهللا عليه و سلم، إذ مها من أبوين شقيقنيعم رس

ترىب علي بن أيب طالب يف بيت النبوة ، وتعلم على املدرسة القرآنية ، دون

أن يعزله ذلك االهتمام بالرسالة اجلديدة واالخنراط يف الدعوة إليها وااهدة يف سبيل

تشرا من مظاهرها التفاعلية املباشرة نشر قيمها عن التربية اللغوية واألدبية اليت كان ي

يف بيت ابن عمه حممد بن عبد اهللا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم و سبب ذلك

هلكهم، وكان أبو طالب كثري العيال، يأن الفقر الذي أصاب أهل مكة حىت كاد

.457، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1 .215، ص 2005، دار الكتب العلمية، بريوت 1:، ط7:ابن كثري، البداية و النهاية ، ج - 2

Page 50: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

35

و كان موسرا أن خيفف عنه فعرض على حممد –أخوه -فقري احلال، فأراد العباس

د اهللا أن يساعداه و ذلك بأن يأخذ كل واحد منهما ولدا من أوالده فيضمه بن عب

إليه، فكان نصيب علي رضي اهللا عنه أن يكون يف والية رسول اهللا صلى اهللا عليه و

.1سلم

و ملا هاجر الرسول صلى اهللا عليه و سلم من مكة املكرمة إىل املدينة املنورة

ام على فراشه ليظن الذين كانوا حياصرون بيت فداه علي رضي اهللا عنه بنفسه، و ن

النيب صلى اهللا عليه و سلم أنه ال يزال نائما فال يتعقبونه، مث حلق رضي اهللا عنه به بعد

.أن رد مجيع ودائع النيب عند أهل مكة

و كان رضي اهللا عنه قد شهد مع رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم املشاهد

إال غزوة تبوك فإن الرسول صلى اهللا عليه و سلم تركه كلها بدءا من بدر و أحد،

عند أهله، و قد أبلى رضي اهللا عنه يف كل الغزوات حسنا، فكان ممن ثبت يوم أحد

عند ازام املسلمني، و قد أعطاه الرسول صلى اهللا عليه و سلم اللواء يف مواطن كثرية

تني مرة يف اهلجرة عندما آخى بيده الشريفة، و آخاه الرسول صلى اهللا عليه و سلم مر

.216ص ،املصدر السابق - 1

Page 51: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

36

بني املسلمني و بعد اهلجرة عندما آخى بني املهاجرين و األنصار، و قال له يف كل

و هو من العشرة املبشرين باجلنة، ومن كتاب " أنت أخي يف الدنيا و اآلخرة " منهما

الوحي و زوجه الرسول صلى اهللا عليه و سلم بابنته فاطمة رضي اهللا عنها،

فأجنبت له احلسن و احلسني سيدا شباب أهل اجلنة، كما أجنبت له زينب الكربى و

.1أم كلثوم الكربى

يكنى علي بن أيب طالب بأيب احلسن، وكناه الرسول صلى اهللا عليه و سلم

بأيب تراب و ذلك انه أتى النيب صلى اهللا عليه و سلم بيت فاطمة فلم جيد عليا يف

عمك؟ فقالت كان بيين و بينه شيء فغاضبين فخرج فلم يقل أين ابن: البيت فقال

يا : فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم إلنسان أنظر أين هو؟ فجاء فقال. عندي

رسول اهللا إنه يف املسجد راقد، فجاءه الرسول صلى اهللا عليه و سلم و هو مضطجع

عليه و سلم ميسحه و فسقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فجعل الرسول صلى اهللا

، 1، منشورات النصر، طهران، جھـ1322طبع مصورا عن كتاب طبع يف مدينة لندن سعد، الطبقات الكربى، ابن - 1 .14-11ص

Page 52: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

37

، و كان رضي اهللا عنه يفرح و يسعد إذا دعي ذه 1قم أبا تراب قم أبا تراب: يقول

.الكنية

:صفاته

كان علي رضي اهللا عنه يف السن الرابعة مييل إىل القصر أمسر اللون عريض اللحية

ضخم أبيضها ال خيضبها، كثري شعر الصدر، أصلع الرأس إال بقايا شعريات، و كان

عضله الذراع، ضخم عضلة البطن، عظيم العينني، حسن الوجه، كثري التبسم، إذا

مشى إىل احلرب هرول و هو ثابت اجلنان، ما صارع أحدا إال صرعه، فكان منصورا

دوما يف مبارزاته و هو الذي قتل عمر بن ود العامري يوم اخلندق و الذي يعرف

ك بذراع إنسان أمسك نفسه فال يستطيع أن ، و إذا أمس2بفارس اجلزيرة العربية

.يتنفس

:لباسه

1ابن عبد الرب، االستيعاب يف معرفة األصحاب، مطبوع على هامش اإلصابة يف متييز الصحابة البن حجر العسقالين، ط - 1

.55-45، ص3، جھـ 1328 .316و النهاية، ص ابن كثري، البداية - 2

Page 53: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

38

كانت متر بعلي بن أيب طالب رضي اهللا عنه السنني ال جيد من النقود ما يشتري به

ثوبا له يستر به عورته، و يؤدي فيه صالته، فيدفعه ذلك إىل بيع سيفه الذي يقاتل به

.بدراهم قليلة ليشتري ا إزارا له رضي اهللا عنه

روي أنه رؤي يف رحبة الكوفة يعرض سيفه للبيع و هو يقول من يشتري و

سيفي هذا؟ و اهللا لقد جلوت به غري مرة عن وجه رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم،

، و كان ال ميلك يف بعض األحيان خباصة يف فصل 1و لو أن عندي مثن إزار ما بعته

ى يرجتف من قلة كسائه و شدة الشتاء من الثياب ما يدفع به الربد عن نفسه فري

.2الربد

:طعامه

كان طعام علي رضي اهللا عنه خشنا، حريصا على أن ال يدخل بطنه إال طيبا و ال

شبهة فيه، و كان بعض الناس يعترضون على طعامه و الناس جيدون أفضل منه فيقول

ن ذلك؟ فيجيبه يا أمري املؤمنني أتصنع هذا بالعراق و طعام العراق أكثر م: له أحدهم

.318، دار املعرفة، بريوت، ص 1ابن اجلوزي، صفة الصفوة ج - 1 .83، ص 1980، دار الكتاب العريب، بريوت، لبنان، 3، ط 1أبو نعيم األصبهاين، حلية األولياء ، ج - 2

Page 54: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

39

أما و اهللا ال أفعل ذلك خبال، و لكن أبتاع قدر ما يكفيين، و أكره أن أدخل : قائال

.1بطين إال طيبا

لقد كان رضي اهللا عنه زاهدا يف ملبسه و مأكله فقد قدم إليه مرة طعام طيب

إنك طيب الريح حسن اللون، طيب الطعم، و لكن : فكف يده عنه و مل يأكله و قال

.2ه أن أعود نفسي ما مل تعتدهأكر

جعت و أنا باملدينة جوعا شديدا : قال علي: روي عن جماهد رمحه اهللا قال

فخرجت أطلب العمل يف عوايل املدينة، فإذا أنا بامرأة قد مجعت ترابا تريد بله،

فأتيتها فقاطعتها كل ذنوب على مترة، فعدد ستة عشر ذنوبا حىت جملت يداي مث

اء، فأصبت منه، مث أتيتها فعددت يل ستة عشرة مترة فأتيت النيب صلى اهللا جئت امل

.3عليه و سلم فأخربته فأكل معي منها

و كان رضي اهللا عنه متواضعا شديد التواضع يف غري ضعف، فكان ميشي يف األسواق

وحده و هو خليفة املسلمني يرشد الضال و يعني الضعيف و مير بالبياع و البقال

.81، ص نفسهاملصدر - 1 . 81املصدر نفسه ، ص - 2 .320، ص1جابن اجلوزي ، صفة الصفوة، - 3

Page 55: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

40

تلك الدار اآلخرة جنعلها للذين ال يريدون علوا يف األرض وال ( و يفتح عليه بالقرآن

، وقد بلغ من حضور لعلي مؤثر يف احلياة اإلسالمية أن قال 1)فسادا والعاقبة للمتقني

بعضهم أن هذه اآلية نزلت يف أهل العدل و التواضع من الوالة و أهل القدرة من

. 2سائر الناس

روى ابن كثري أن رجال من أهل البصرة يكىن بأيب مطر دخل الكوفة ورأى

حيمل درة مرتديا رداءا قصريا و متئزرا بإزار حىت أتى السوق و ابن أيب علي اإلمام

بيعوا و ال حتلفوا فإن اليمني تنفق السلعة و متحق : معيط يسوق اإلبل فقال علي

باعين هذا : ما يبكيك؟ فقالت: خادمة تبكي، فقال الربكة، مث أتى أصحاب التمر فإذا

خذ مترك و أعطها : الرجل مترا بدرهم فرده موالي، فأىب أن يقبله، فقال له علي

: ال، فقالت: أتدري من هذا؟ فقال: درمهها، فإا ليس هلا أمر، فرفض طلبه، فقالت

عطاها درمهها مث قال هذا علي بن أيب طالب أمري املؤمنني، فأخذ التمر من اجلارية و أ

ما أرضاين عنك إذا وفيت الناس : أحب أن ترضى عين يا أمري املؤمنني، فقال: الرجل

.83سورة القصص ، اآلية - 1 .6، ص 7البداية و النهاية، جابن كثري ، - 2

Page 56: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

41

يا أصحاب التمر، أطعموا املساكني، : حقوقهم، مث مر جمتازا بأصحاب التمر فقال

يرب كسبكم، مث مر جمتازا و معه مجع من املسلمني حىت انتهى إىل أصحاب السمك،

.1باع يف سوقنا طايفال ي: فقال

روى ابن كثري أن عليا رضي اهللا عنه خرج فأتى رجال من أصحاب الكرابيس

فأخرج إليه قميصا فلبسه، فإذا هو إىل نصف : عندك قميص سنبالين فقال: فقال له

: ما أرى إال قدرا حسنا، بكم هذا؟ فقال: ساقه فنظر عن ميينه و عن مشاله فقال

.2 املؤمنني، قال فخلص من إزاره فدفعها إليه مث انصرفبأربعة دراهم يا أمري

و قد يظن الضان أن اإلمام علي قد صار إىل هذا الزهد و التواضع بعد أن توىل

اخلالفة فقط ليأنس به الناس، و هذا ظن مغلوط، فقد كان رضي اهللا عنه منذ أن

كارم األخالق و دخل يف اإلسالم و هو يتخلق خبلق اإلسالم األعلى، حريصا على م

.املروءة و األدب و احللم و الزهد القومي

.4، ص 8، جاملصدر السابق - 1 .4، ص السابقاملصدر - 2

Page 57: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

42

كان : ذكر احلسن البصري رمحه اهللا و قد سئل عن علي رضي اهللا عنه فقال

علي رضي اهللا عنه سهما صائبا من مرامي اهللا على عدوه، رباين هذه األمة، و ذا

عليه و سلم، مل يكن فضلها و ذا سابقتها، و ذا قرابتها من رسول اهللا صلى اهللا

بالنومة و ال بامللومة يف دين اهللا عز و جل و ال بالسروقة ملال اهللا، أعطى القرآن

. 1مونقة ، ذلك علي بن أيب طالب عزائمه ففاز منه برياض نضرة

:زوجاته

تزوج علي رضي اهللا عنه بفاطمة سيدة نساء العاملني إال مرمي بنت عمران، و

صلى اهللا عليه و سلم أن يتزوج بأخرى ما دامت عنده معلال قد منعه رسول اهللا

و قد التزم رضي اهللا عنه بذلك، و " يريبين ما يريبها و يؤذيين ما يؤذيها :" ذلك بقوله

مل يضرها بزوجة حىت ماتت رمحها اهللا بعد وفاة أبيها صلى اهللا عليه و سلم بستة

.2أشهر

.4، صنفسهاملصدر - 1 .217، ص7، جالسابقاملصدر - 2

Page 58: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

43

و تزوج بعدها بنساء كثريات منهن خولة بنت جعفر احلنفية، و ليلى بنت

مسعود بن خالد، و أم البنني بنت حزام بن خالد، و أمساء بنت عميس اخلثعمية،

و الصهباء و هي أم حبيب بنت ربيعة، و أمامة بنت أيب العاص بن الربيع، و أم سعيد

قيس بن عدي ، و قد أجنب منهن أبناء بنت عروة بن مسعود، و حمياة بنت امرئ ال

حممد األصغر ، و منهم العباس، ، و حممد األكرب : و بنات كثريين من أشهرهم

وجعفر، و عبد اهللا و عثمان و عبيد اهللا،و أبو بكر، و حيي و عمر و رقية و حممد

األوسط، و أم احلسن، و رملة الكربى، و أم كلثوم الصغرى، و أم هانئ، و

، و زينب الصغرى، و رملة الصغرى، و فاطمة و أمامة، وخدجية، و أم الكرم، ميمونة

و أم سلمة، و أم جعفر، و مجانة، و نفيسة، و الذي أعقب من نسله احلسن و

.1احلسني رضي اهللا عنهما و حممد األكرب و العباس و عمر

:حرصه على احلفاظ على املال العام

أموال املسلمني حرصا شديدا ال يصرفها كان علي رضي اهللا عنه حريصا على

و من "و قال رضي اهللا عنه و يقتر على نفسه و أهله مع حقهم فيها إال يف حقها،

.366، ص 7، ج املصدر السابق - 1

Page 59: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

44

يا أمري املؤمنني إنك : ، فقد روي أن قنربا مواله قال1"فأكثر مجع املال على املال

إن ألهل و) أي ال تأخذ شيئا تنفقه على نفسك و على عيالك( رجل ال تليق شيئا

انطلق فانظر : و ما هي؟ قال: بيتك يف هذا املال نصيبا، و قد خبأت لك خبيئة، فقال

مملوءة آنية ذهب و فضة، فلما ) آالت الصناع(فأدخلته بيتا فيه باسنة : ما هي؟ قال

لقد أردت أن تدخل بييت نارا عظيمة مث جعل يزا و ! ثكلتك أمك: رآها علي قال

:ه مث قاليعطي كل عريف حصت

هذا جناي و خياره فيه و كل جان يداه إىل فيه

و مل يصب صاحبها شيئا . فإن الدنيا مشغلة عن غريها "يقول علي رضي اهللا عنه و

نال فيها عما مل يبلغه إال فتحت له حرصا عليها و هلجا ا و لن يستغين صاحبها مبا

أراد علي رضي اهللا عنه بقوله هذا أال يتلطخ ،ال تغريين و غري غرييو .2"منها

بشيء من يفء املسلمني، بل وضعه مواضعه، و هو ال يسرف يف إطعام ضيوفه بل

يطعمهم من طعامه اخلشن، و رمبا قتر عليهم ألنه من املال العام، و روى ابن كثري

.14، ص 3علي صوت العدالة اإلنسانية، الد جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام - 1 .13، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 60: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

45

دخلت على علي بن أيب طالب يوم األضحى فقدم لنا : رزين قالعن عبد اهللا بن

.1أصلحك اهللا لو أطعمتنا هذا البط؟ فإن خري اهللا كثري: خزيرة فقلنا

ال حيل : يا ابن رزين إين مسعت رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم يقول: قال

بني للخليفة من مال اهللا إال قصعتان ، قصعة يأكلها هو و أهله و قصعة يضعها

.2الناس

كما روي أن أحدا من أصحابه دخل عليه يوم شتاء و عليه قطيفة و هو يرتعد من

يا أمري املؤمنني إن اهللا جعل لك و ألهل بيتك نصيبا يف هذا املال : الربد فقال له

و اهللا ال أرزأ من مالكم شيئا، و هذه القطيفة هي اليت : و أنت ترتعد من الربد؟ فقال

.3ا من بييتخرجت

و استعمل علي رضي اهللا عنه رجال امسه علي بن عمرو بن سلمة واليا على

أصبهان، فقدم و معه مال و زقاق فيه عسل و مسن، فأرسلت أم كلثوم بنت علي إىل

عمرو تطالب منه مسنا و عسال فأرسل إليها ظرف عسل و ظرف مسن، فلما كان من

.4، ص 8 البداية و النهاية، جابن كثري ، - 1 .4، ص 8 ، ج نفسهاملصدر - 2 .4، ص 8 ، ج املصدر السابق - 3

Page 61: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

46

حضر املال و العسل ليقسمه بني الناس، فوجد زقني الغد ذهب علي رضي اهللا عنه و أ

ناقصني بعد أن عد الزقاق، فسأل عنها، فكتمه و قال سأحضرها، فعزم عليه إال

ار فرآمها قد نقصا فأمر التج ذكرها، فأخربه اخلرب، فأرسل إىل أم كلثوم فأخذها منها،

خذها منها مث قسم بتقومي ما نقص منها، فكان مقداره ثالثة دراهم فأرسل إليها فأ

.1اجلميع بني الناس

يا أمري املؤمنني امتأل : و جاءه مرة خازن بيت املال و امسه ابن التياح، فقال

اهللا أكرب، فقام متوكئا على ابن التياح : بيت مال املسلمني من صفراء و بيضاء، فقال

ده إىل هذا جناي و خياره فيه و كل جان ي: حىت قام على بيت مال املسلمني فقال

فيه، و أمره أن ينادي يف أهل الكوفة أن يردوا عليه، فأعطى مجيع ما يف بيت مال

يا صفراء و يا بيضاء غري غريي حىت ما بقي منه دينار و ال : املسلمني و هو يقول

.2درهم، مث أمر بنضحه و صلى فيه ركعتني

.320، ص2ة، جابن اجلوزي، صفوة الصفو - 1 .81، ص1أبو نعيم األصبهاين، حلية األولياء ،ج - 2

Page 62: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

47

رجاء أن يشهد و كان رضي اهللا عنه يكنس بيت املال و يصلي فيه، يتخذه مسجدا

علي بن أيب طالب خاصة املال اهلادفة إىل التثمري ، و هكذا أدرك له يوم القيامة

.1و التكثري

:درجات العلم العلوية

كان علي رضي اهللا عنه غزير العلم ذا عقل واسع و فهم عميق و دقيق شهد

اخلطاب رضي اهللا عنه على له كثري من علماء األمة قدميا و حديثا، فقد كان عمر بن

إذا : أعوذ باهللا معضلة ليس هلا أبو احلسن، و كان ابن عباس يقول: جاللة قدره يقول

سلوين، و سلوين عن : جاء الثبت عن علي مل نعدل به، و كان رضي اهللا عنه يقول

، و من فقهه 2كتاب اهللا تعاىل، فواهللا ما من آية إال و أنا أعلم أنزلت بليل أم بنهار

ضي اهللا عنه و فهمه للقرآن الكرمي أن احلمل عند املرأة أقله ستة أشهر، فلو أجنبت ر

ووصينا اإلنسان :"املرأة بعد ستة أشهر من زواجها لعد الولد شرعيا آخذا بقوله تعاىل

بوالديه إحسانا ، محلته أمه كرها ووضعته كرها ، ومحله وفصاله ثالثون شهرا حىت

.15، ص 3جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1 .81، ص 3، ج 2012بريوت –اإلصابة يف متييز الصحابة، املكتبة العصرية، صيدا احلافظ بن حجر العسقالين، - 2

Page 63: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

48

غ أربعني سنة ، قال رب اوزعين أن أشكر نعمتك اليت أنعمت إذا بلغ أشده ، وبل

علي وعلي والدي ، وأن أعمل صاحلا ترضاه وأصلح يل يف ذرييت ، إين تبت إليك ،

ووصينا اإلنسان بوالديه محلته أمه وهنا على :" و من قوله تعاىل 1"وإين من املسلمني

، فيكون الفرق مدة احلمل 2" وهن وفصاله يف عامني أن اشكر يل ولواديك إيل املصري

و هي ستة أشهر، إذ العامان أربعة و عشرون شهرا، و قضى ذا لصاحل امرأة

إمها زوجها بالزنا فجاء ا إىل عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه و هو يومئذ أمري

إن هذه قد ولدت بعد ستة أشهر، فأراد أن يقيم عليها احلد، : للمؤمنني فقال الرجل

مهال يا أمري املؤمنني و استشهد باآليتني الكرميتني، و عندها : لي رضي اهللا عنهفقال ع

.3لوال علي هللك عمر: قال عمر

و كان علي رضي اهللا عنه يتميز بقوة الفهم و سرعة اإلدراك اليت فطر عليها و اشتهر

ما رواه ا، و األمثلة اليت تدل على ذلك كثرية جدا نذكر منها باإلضافة إىل ما سبق

.15األحقاف ، اآلية سورة - 1 .14لقمان ، اآلية سورة - 2على هامش اإلصابة يف متييز الصحابة، دار اجليل بريوت -اإلستيعاب يف معرفة األصحاب يوسف بن حممد بن عبد الرب ، - 3

.39، ص 3:، ج 1992

Page 64: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

49

نادى رجل من اخلوارج علي رضي اهللا عنه و هو يف : ابن جرير الطربي حيث قال

و لقد أوحي إليك و إىل الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن (صالة الفجر فقال

: فأجابه علي رضي اهللا و هو يف الصالة ،1)عملك و لتكونن من اخلاسرين

: و قال رضي اهللا عنه2)ال يوقنون نيفاصرب إن وعد اهللا حق و ال يستخفنك الذ(

لكيال تأسوا على ما فاتكم و ال "الزهد كله بني كلمتني من القرآن، قال سبحانه

.، و من مل ييأس على املاضي و مل يفرح باآليت فقد أخذ بالزهد3"تفرحوا مبا آتاكم

:فضائله

كبرية بني املسلمني، فقد لإلمام علي رضي اهللا عنه فضائل كثرية أهلته ألن يتبوأ مرتلة

آخى الرسول صلى اهللا عليه و سلم بينه و بني علي و مل يفعل ذلك مع أحد، و

.زوجه رحيانته فاطمة الزهراء سيدة نساء العاملني إال مرمي بنت عمران

.65سورة الزمر ، اآلية - 1 .60الروم ، اآلية سورة - 2 .23اآلية سورة احلديد ، - 3

Page 65: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

50

إمنا يريد اهللا ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم "و ملا نزلت اآلية الكرمية

اهللا صلى اهللا عليه و سلم عليا و فاطمة و حسنا و حسينا دعا رسول 1"تطهريا

، و يف غزوة تبوك خلفه رسول اهللا صلى اهللا عليه 2"اللهم هؤالء أهل بييت: " و قال

أختلفين مع النساء و الصبيان؟ فقال رسول اهللا صلى اهللا : و سلم على أهله فقال علي

رتلة هارون من موسى إال أنه ال نيب من أما ترضى أن تكون مين مب:" عليه و سلم

، و قد اختاره رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم عندما نزل مطلع سورة 3"بعدي

التوبة أن حيملها و يلحق الناس يف موسم احلج ليبلغهم إياها، و يقرأها على

مسامعهم، و كان أبو بكر الصديق رضي اهللا عنه أمريا للحج، و هو الذي اختاره

اهللا صلى اهللا عليه و سلم ليكتب بنود إتفاقية احلديبية بينه و بني سهيل بن رسول

. 4عمرو ممثل املشركني آنذاك و أشهده صلى اهللا عليه و سلم على الوثيقة

.33األحزاب ، اآلية سورة - 1 .12، ص 2004: سنة -1النسائي، خصائص أمري املؤمنني علي بن أيب طالب، دار ابن حزم، ط - 2 .12املصدر نفسه، ص- 3 .591، ص 2 ، ج1999اململكة العربية السعودية، ، دار ابن اجلوزي، 2: أمحد بن حنبل، فضائل الصحابة، ط - 4

Page 66: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

51

و روى النسائي يف خصائص أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه أن عبد اهللا

سبحان : سول اهللا فيكم؟ فقالأيسب ر: اجلديل دخل على أم املؤمنني أم سلمة فقالت

و . 1"من سب عليا فقد سبين:" معاذ اهللا، قالت مسعت رسول اهللا يقول –أو -اهللا

قد أورد النسائي أيضا يف خصائص أمري املؤمنني علي قوله صلى اهللا عليه و سلم

.2"إنه ال حيبك إال مؤمن و ال يبغضك إال منافق" خياطب عليا

يت أوردناها من جم كثري لتبيني املرتلة احلقة اليت كان و يف هذه األحاديث ال

جيب على املسلمني يف زماا أن يعوها و أن يرعوها حق رعايتها، و أن ينظروا إىل

صاحبها مبا هو أهل له و لو أخذوا بذلك ملا كانت تلك الفنت و احلروب الطاحنة

.ا إىل االنفصام و الضعف اليت ما تزال تنخر جسم األمة اإلسالمية إىل اليوم و وي

:بالغته

.60 -59خصائص أمري املؤمنني علي بن أيب طالب، ص النسائي ، - 1 .60 -59، ص املصدر نفسه - 2

Page 67: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

52

يعترب اإلمام علي رضي اهللا عند أغلب العارفني بأسرار اللغة العربية بأنه إمام

الفصحاء، و سيد البلغاء و إمام اخلطباء بعد رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم، و قد

قيل يف كالمه هو دون كالم اخلالق و فوق كالم املخلوقني، و قد سقط بعض

.1اجلبارين لسماع بعض كالمه، و مات بعض الناس تأثرا بوعظه

وقد أقر كثري من الناس أم تعلموا الكتابة و اخلطابة منه، من ذلك أن عبد احلميد

حفظت سبعني خطبة من خطب األصلع : الكاتب الذي عاش يف العصر األموي قال

ة كرتا ال يزيده حفظت من اخلطاب: ففاضت مث فاضت، و قال ابن نباتة املصري

.2اإلنفاق إال سعة و كثرة، حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أيب طالب

تشكل الشهادات اإلسنادية القاضية بغلبة أدبية علي بن أيب طالب وتفوقه

األديب رافدا نقديا ال ميكن إمهاله لدى الكالم على مجالية النثر الفين لديه ، فقد أخرب

الناس عنه من خطب يف سائر مقاماته أربعمائة خطبة و نيف املسعودي بأن ما حفظه

، وقد 3و مثانون خطبة، جاء ا على البديهة و تداول الناس عنه ذلك قوال و عمال

.25، ص 2004، املكتبة العصرية ، صيدا ، بريوت، 1:حممد أبو الفضل ، سجع احلمام يف حكم اإلمام ، ط - 1 .25املصدر نفسه، ص - 2 .25املصدر السابق، ص - 3

Page 68: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

53

يكفي اإلمام عليا أن مثل هذه الشهادة اجلامعة بني التاريخ واألدب أن جتعل منه

امتاز ا اللسان العريب على أستاذا معلما رائدا يف سياق تشخيص األدبية النثرية اليت

.مر العصور واألجيال

ومبا أن هذه املرتلة الرائدة اجلامعة بني األخالق واألدب واملتبوتقة يف سياق

الفن واألدب ، فقد امتازت أدبية اإلمام بقابليتها لتمثيل ذلك اجلانب الفين اجلمايل

ا هو احلال يف فنية أو مجالية النثر الفين الذي عادة ما يجتىن من املهارات التعبريية مثلم

يف أدبية اإلمام ، لذلك اتصف خطابه البالغي احلجاجي املشحون بالدالالت البالغية

واجلمالية املشهودة بكثري من التوصيفات الالئقة بذلك املقام األديب ، جتسدت

الراقي أي اخلارق التوصيفات الفنية واجلمالية يف ما ميكن أن يتمتع به التعبري األديب

كان كالمه رضي اهللا عنه عليه مسحة من النور اإلهلي، و فيه عبق من : من مثل

كالم النبوة، و قد برع رضي اهللا عنه أميا براعة يف اإلجياز و األطناب، فسلم يف

فأسلوب علي صريح كقلبه اإلجياز من التقصري، و يف اإلطالة من اإلسهاب و التكثري،

و تقدم الناس يف هذا كما 1ويته فال عجب أن يكون جا للبالغةو ذهنه، صادق كط

.208، ص 3ي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد جورج جرداق، عل - 1

Page 69: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

54

و سنقف عند أهم ميزات خطبه و رسائله يف مواطنها م عليهم يف سائر فضائله، تقد

أو طاقة روحية ال ميكن أن يتمتع ا سوى من هذا البحث، فالنورانية اإلهلية هالة

األخالقية ، والنباهة العقلية ، وهي الطاقة من أويت أسباب النبوغ املعزز بالكفاءات

، واالحتمال بناء على قوة احلدس تمتع ا طاقة االستشراف والتوقعاليت متنح امل

. الربانية اليت تؤهله إىل ذلك املقام

:خالفته

ملا تويف الرسول صلى اهللا عليه و سلم، بايع الناس أبا بكر الصديق و جعلوه

علي رضي اهللا عنه بعد فترة دامت أكثر من ستة أشهر إماما للمسلمني، بايعه

مل مينعين من املبايعة : و الروايات خمتلفة حول احلادثة، فقد روي أنه بايع أبا بكر فقال

إال خويف من إغضاب فاطمة الزهراء ألين مسعت رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم

.1"فاطمة بضعة مين فمن أغضبها أغضبين:" يقول

اإلمارات –علي حممد حممد الصاليب، أمسى املطالب يف سرية أمري املؤمنني علي بن أيب طالب، مكتبة الصحابة، الشارقة - 1

.101، ص7، ج2004

Page 70: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

55

و هناك روايات ترى أن عليا رضي اهللا عنه كان يرى نفسه أوىل الناس

.1باخلالفة فلما صارت إىل أيب بكر مل يرد أن يثري فتنة بني املسلمني

و كذلك صار مع عمر بن اخلطاب فقد كان يرى أنه األحق باخلالفة منه إال

كلثوم الكربى، و كثريا أنه بايعه، و كان عونا له يف خالفته كلها، و زوجه ابنته أم

ما كان عمر يعتمد عليه حل املعضالت املختلفة حىت قال فيه أقواال كثرية، منها ال

أبقاين اهللا ملعضلة ليس هلا أبو احلسن، و لوال علي هللك عمر و قد مرت بنا فيما

.مضى

و ملا ويل عثمان رضي اهللا عنه بايعه كذلك حىت كان آخر خالفته و قام عليه

عليه توليته أقاربه الواليات و املناصب يف الدولة دون غريهم، و كان شنعواوار و الث

علي رضي اهللا عنه كثري النصح و اإلرشاد له إىل ما فيه خري الدين و البالد و العباد،

إمام عادل هدي و هدى فأعلم أن أفضل عباد اهللا عند اهللا "قال علي رضي اهللا عنه

لكن األمور كانت معقدة و انفلتت و مل 2"أمات بدعة جمهولةفأقام سنة معلومة و

، 2005بريوت، - حممد اإلسكندراين، دار الكتاب العريب. حتقيق د -حممد عفيفي اخلضري، إمتام الوفاء يف سرية اخللفاء - 1 .151ص

. 317، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 71: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

56

تل ثالث يفلح علي رضي اهللا عنه يف رأب الصدع و التوفيق بني عثمان و الثوار، فق

اخللفاء الراشدين رمحه اهللا تعاىل، و قد أقبل الناس يطالبونه بقبوله تويل اخلالفة فأىب و

وان اهللا عليهم من املهاجرين و األنصار دفعهم عن نفسه حىت جاءه كبار الصحابة رض

يا علي إن الناس قد أرادوك، و ال بد هلذه األمة من خليفة يقوم بشؤوا و : و قالوا

األمر على مضض، إذ كان يرى ما 1إال انفلتت األمور إىل الفوضى و اجلاهلية، فقبل

سهل أن يرأب ال يرون لنفاذ بصريته و دقة فهمه و وعيه بثقل املهمة، فليس من ال

الصدع بني من حاصر و قتل اخلليفة عثمان بن عفان رضي اهللا عنه و بني من

.سيطالب بدمه من بين أمية و بني من ال يرى هذا الرأي أو ذاك

و ملا ويل أمر املسلمني رأى أن يعزل والة عثمان رضي اهللا عنه ألم كانوا

ء سريم يف تدبري شؤون واليام، السبب يف إثارة القالقل على اخلليفة املقتول لسو

و قد أشار عليه العباس باستبقاء معاوية على والية الشام حىت يأخذ منه البيعة و من

.2أهل الشام فأىب علي رضي اهللا عنه و أصر على عزله يف من عزل

.218، ص 7البداية و النهاية، جابن كثري، - 1 .221، ص 7املصدر نفسه، ج - 2

Page 72: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

57

بعث عثمان بن حنيف األنصاري واليا على البصرة بدل عبد اهللا بن عامر

و وىل على الكوفة عمارة بن شهاب بدل أيب موسى األشعري، و على وايل عثمان،

اليمن عبيد اهللا بن عباس بدل يعلي بن منية، و على مصر قيس بن سعد بن عبادة

بدل عبد اهللا بن سعد، و على الشام سهل بن حنيف بدل معاوية بن أيب سفيان و أمر

.1كل واحد بالتوجه إىل عمله

توايل املناسبات ، التحق كل وال بواليته، فأما عثمان بن وخالل جمريات األحداث و

حنيف فتوجه إىل البصرة فدخلها و مل يزعجه أحد، و مل يعارضه عبد اهللا بن عامر،

ارجع فإن القوم : و أما عمارة بن شهاب فقد لقيه طليحة بن خويلد األسدي فقال له

اهللا بن عباس فلما قارب اليمن ال يريدون بأمريهم بدال، فرجع إىل علي، و أما عبيد

خرج منها يعلي بن منية و أخذ كثريا من األموال فذهب إىل مكة، فدخل عبيد اهللا

اليمن دون معارضة من أحد، و أما قيس بن سعد بن عبادة، فإنه ملا وصل مصر

افترق عليه أهلها إىل ثالث فرق، ففرقة دخلت يف اجلماعة و فرقة اعتزلت خبربتا و

.152، ص 1982حممد اخلضري، إمتام الوفاء يف سرية اخللفاء،املكتبة الثقافية بريوت - 1

Page 73: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

58

ن نكون مع علي إال إن قتل قتلة عثمان و فرقة قالوا حنن مع علي إال قاد من قالوا ل

.1إخوانا، فكتب قيس إىل علي بذلك

و أما سهيل بن حنيف فانطلق حىت إذا أتى تبوك لقيه رجال من أهل الشام

فردوه، فانصرف راجعا إىل املدينة املنورة، فكتب علي رضي اهللا عنه عدة رسائل إىل

فلم يرد عليها، و بعد مضي ثالثة أشهر على مقتل عثمان رضي اهللا عنه، معاوية

أرسل معاوية رسالة مع رجل من عبس مكتوب فيها من معاوية إىل علي فعلم علي

جئت من عند قوم كلهم : وحيك ما وراءك؟ فقال: أن معاوية لن يبايع و قال للرسول

.يبكون حتت قميص عثمانعن قتلة عثمان، و تركت سبعني ألف شيخ يريد القود

و كان النعمان بن بشري األنصاري قد ذهب به إليه مع أصابع نائلة بنت

اللهم إين : الفرافصة زوجته اليت قطع املتمردون أصابعها و قتلوا زوجها، فقال علي

.2أبرأ إليك من دم عثمان

.152، ص السابقملصدر ا - 1 .152، ص نفسهاملصدر - 2

Page 74: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

59

و ملا مسع علي رضي اهللا عنه هذا األمر عزم على قتال أهل الشام حىت يدخل

فإذا أتاك " و كتب علي رضي اهللا عنه إىل جرير بن عبد اهللا فيما دخل فيه الناس،

كتايب فامحل معاوية على الفصل و خذه باألمر اجلزم مث خريه بني حرب جملية أو سلم

و كاتب والته على مصر و أنصاره بالكوفة و و أعلن التعبئة يف املدينة .1"خمزية

و خطب الناس و حثهم على التجهز، و ملا مت األمر، خرج من املدينة و البصرة

يا أبت دع : استخلف عليها قثم بن العباس، و قد اه ابنه احلسن عن القتال و قال له

عنه إال عنك هذا فإن فيه سفك دماء املسلمني و وقوع االختالف، فأىب رضي اهللا

املضي قدما فيما عزم عليه، فدفع الراية إىل ابنه حممد بن احلنيفة، و جعل ابن عباس

و عمرو بن سلمة على امليسرة، و جعل على مقدمته أبا ليلى عمرو بن على امليمنة

اجلراح ابن أخ أيب عبيدة، و بينما هو كذلك إذ جاءه خرب خروج طلحة و الزبري عليه

، و ملا بلغه ذلك 2ع عائشة أم املؤمنني إىل البصرة مطالبني بدم عثمانو توجههما م

. 318، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1 .222- 221، ص 7 النهاية، جالبداية و ابن كثري ، - 2

Page 75: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

60

توجه حنو البصرة ليوقف الفتنة و قد كان من أمر الزبري و طلحة ما سنورده و نفصل

.فيه القول إن شاء اهللا تعاىل

لقد بايع الزبري بن العوام و طلحة بن عبيد اهللا عليا فيمن بايع، و بعد مدة

منه أن يقيم القصاص على قتلة عثمان، فاستمهلهما حىت يهدأ الناس ألن قصرية طلبا

ال الثائرين مازالت هلم شوكة قوية يف املدينة، و هم ميلكون املدينة يف احلقيقة،و

و من احلكمة تأخري هذا األمر حىت تأيت بيعة األقاليم و تقوى شوكة ميلكها أهلها،

لى قتلة عثمان، و لكن طلحة و الزبري كان هلما اخلالفة و عندها ميكن إقامة احلدود ع

رأي آخر و هو التعجيل بإقامة القصاص، فلما أىب علي رضي اهللا عنه ذلك لألسباب

السالفة الذكر استأذناه يف العمرة، فأذن هلما، و قد اه بعض أصحابه عن اإلذن هلما

ما كنت آخذا : عنهألن غايتهما ليست العمرة و إمنا اخلروج عليه، فقال رضي اهللا

لكل ضلة علة، و لكل ناكث " و قال رضي اهللا عنهأحدا بذنب مل يرتكبه بعد،

و ملا وصال إىل مكة انضم إليهما يعلي بن منية عامل عثمان على اليمن وقد 1"شبهة

حلق مبكة و معه ستمائة بعري و ستمائة ألف درهم، كما اجتمع عليهم خلق كثري، و

. 207، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 76: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

61

كانت السيدة عائشة أم املؤمنني قد أدت العمرة فلما قفلت راجعة إىل املدينة مسعت

الزبري و طلحة فأعلماها أما يطالبان بدم مبقتل عثمان فرجعت إىل مكة و التقت ب

و قالت لقد قتل عثمان مظلوما، و خطبت يف الناس عثمان، فأقرما على ذلك

و ذكرت أن هؤالء اخلارجني قد استحلوا البلد حتثهم على املطالبة بدم عثمان،

عليه و احلرام و الشهر احلرام و الدم احلرام، و مل يرقبوا جوار رسول اهللا صلى اهللا

سلم، و قد سفكوا الدماء و أخذوا األموال، فاستجاب الناس هلا، و بعد مناقشات

كثرية اتفق اجلميع على املسري إىل البصرة للتقوي هناك باخليل و الرجال و البدء بقتلة

عثمان رضي اهللا عنه، و قد جهزهم يعلي بن مينة و عبد اهللا بن عامر عامال عثمان

رة قبل أن يعزهلما علي رضي اهللا عنه مث ساروا مجيعا يريدون على اليمن و البص

.1البصرة

و ملا ترامت إىل مسامع اإلمام علي رضي اهللا عنه هذه األحداث نادى بالنفري

العام و حاول استنهاض الناس لقطع الطريق على هؤالء اخلارجني إىل البصرة قبل أن

.222- 221، ص 7 البداية و النهاية، جابن كثري ، - 1

Page 77: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

62

و لكن أهل املدينة ، "1املزخرفة ويل لسكككم العامرة و الدور"قال تقع الكارثة،

تثاقلوا ملا مسعوا باألمر و خاصة أن أم املؤمنني عائشة من بني من توجه إىل البصرة و

مل يقم مع اإلمام علي رضي اهللا عنه إال سبعمائة رجل أو يزيد العدد قليال على

ه اختالف الروايات، فقام معهم و جد يف السري حىت يقطع عليهم الطريق، و لكن

أتته أخبار مفادها أن طلحة و الزبري قد وصال البصرة، فعلم أن ) ذي قار(عندما بلغ

، ففي خطبة له األمر سيكون خطريا فبعث إىل أهل الكوفة يستنهضهم لاللتحاق به

و جاشت جيش املرجل و قامت الفتنة على القطب ، فاسرعوا " قال رضي اهللا عنه

و بعد إرساله عدة وفود استطاع استمالتهم و 2"إىل أمريكم و بادروا جهاد عدوكم

خرج معه اثنا عشر ألف رجل منهم ، و سار م إىل البصرة، و لكن قبل أن يصلها

بدأت الفتنة، فوثب جيش طلحة و الزبري على من شارك من أهل البصرة يف الشغب

ستة و من شارك منهم يف قتله، فقتلوا ستمائة رجل منهم، فقام هلم على عثمان

آالف رجل من أهل البصرة حلماية أحد املطلوبني بدم عثمان، و هو حرقوص بن

. 14، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1. 289، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 78: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

63

زهري السعدي، كما وثبوا على عامل علي رضي اهللا عنه عثمان بن حنيف فضربوه و

نتفوا شعر رأسه و حليته و حواجبه و أرادوا قتله مث تركوه، و استولوا على

أن طلحة و الزبري ملا أيسا "فنقول ى من واالهم،بيت املال ووزعوا ما به من مال عل

و ملا 1"له ظهر ان امن جهة علي عليه السالم، و من حصول الدنيا من قبله، قلب

وصل علي رضي اهللا عنه و قد قضي األمر، بعث القعقاع بن عمرو رسوال إىل أم

ذي أقدمك البصرة يا املؤمنني عائشة و طلحة و الزبري فبدأ بأم املؤمنني و سأهلا ما ال

و الزبري من قتلة عثمان، مث سأل طلحة اإلصالح بني الناس و القود: أمة؟ فقالت

لقد : فقال هلم القعقاع. فكان جواما اإلصالح والقود من قتلة اخلليفة املظلوم

استعجلتم األمر و ها أنتم قتلتم ستمائة فقام لكم ستة آالف إضافة إىل الذين اعتزلوا

الرأي عندي أن تدخلوا فيما دخل الناس : إن الرأي عندك؟ فقال: فقالوا الطرفني،

فيه، تبايعوا عليا، و عندما يستقيم له األمر سيقيم احلد على قتلة عثمان و أنا بذلك

كفيل، فوافقوا على هذا الرأي، و رجع القعقاع إىل أمري املؤمنني فأخربه اخلرب فسر

فظ دماء املسلمني من أوىل أولوياته، و لكن سرورا عظيما بذلك ألنه يرى أن ح

. 576، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 79: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

64

و أعداء اإلسالم رأوا غري ذلك، ففي الليل و الناس نيام قامت م خفافيش الظال

جمموعة من الفرسان فأغارت على معسكر طلحة و الزبري فقتلوا منهم عددا من

الرجال، و يف ذات الوقت قامت جمموعة أخرى فهامجت معسكر اإلمام علي رضي

نه و نفذت اجلرمية نفسها فقام الطرفان إىل السالح و استعدوا للقتال و تصافوااهللا ع

و حاول اإلمام علي رضي اهللا عنه إثناء القوم عن القتال فما استطاع إىل ذلك سبيال،

ألن كل فريق يتهم اآلخر بالغدر و اخليانة، فخرج اإلمام علي رضي اهللا عنه بني

أبرزمتا عرس رسول اهللا صلى اهللا عليه : فقال هلما الصفوف و نادى الزبري و طلحة

أتذكر يوم كذا عندما رأيتين : و سلم و خبئتما عرسيكما لتقتال ا؟ مث قال للزبري

" أحتبه يا زبري :" مقبال على رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم فضحك يل، فسألك

و اهللا ما ذكرا : فقال الزبري" و أنت ظاملأما إنك لتقاتلنه : " قال لكنعم، ف: فقلت

إال اآلن، مث ذهب و اعتزل احلرب، و تأخر طلحة إىل الصفوف األخرية فجاءه سهم

جمهول فأصابه يف ركبته و هو على جواده فنادى إيل عباد اهللا إيل عباد اهللا فأدركه

يف ساحة غالمه فحمله إىل بيت من بيوت البصرة فمات هناك و قيل بل وجد مقتوال

املعركة و وجهه ملطخ بالدماء و التراب، و أما الزبري فسار يف ساعته مفارقا الناس

Page 80: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

65

و امسه عمرو بن جرموز فوجده بين متيم من قوم األحنف بن قيس فتبعه رجل من

.1و جاء بسيفه إىل اإلمام علي رضي اهللا عنه قال له أبشر بالنار نائما فقتله

ملؤمنني من القادة الذين يسمع هلم الناس بدأ سفهاء القوم و ملا خال جيش أمري ا

برشق جيش اإلمام علي رضي اهللا عنه بالسهام و هو ينهاهم عن ذلك، فقتلوا رجال

من أصحابه، و ثانيا، و ثالثا، و هو يف كل مرة ينهاهم، فضجر جنده فقالوا له إن

الواقعة الكربى فتقاتل القوم يقتلون أصحابنا و أنت تكفنا عنهم، و عندها وقعت

الناس قتاال شديدا و أم املؤمنني عائشة على اجلمل و الناس حييطون ا و يأخذون

بزمام مجلها و كلما قتل رجل قام آخر حىت قتل أمام اجلمل املئات من الناس ،

حىت صاح اإلمام علي رضي اهللا عنه أقتلوا هذا اجلمل فإنه شيطان، فحمل رجال

يشه على اجلمل فعقروه، و أخذوا اهلودج ووضعوه على األرض بسالم شجعان من ج

و جنت أم املؤمنني و كان هودجها امللتف بالدروع مثل القنفذ من كثرة السهام

اليت أصابته، و عندما سقط اجلمل ازم جيش البصرة، فنادى اإلمام علي رضي اهللا

ال يقتل أسري و أن ال تنهب أموال عنه أال يتبع منهزم و أن ال جيهز على جريح و أن

.232-225ص ،7 النهاية، جالبداية و ابن كثري ، - 1

Page 81: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

66

الناس و أن ال يؤخذ إال السالح الذي عليه ختم السلطان، و نادى يف املنهزمني أن

من دخل بيته فهو آمن و من ألقى سالحه فهو آمن، فكف الناس عن كل ما أمرهم

به أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه حىت قيل إنه كان مير الرجل على ما ميكن غنمه

ن املال و املتاع فال يلتفت إليه، مث أمر حممد بن أيب بكر أن حيدث أخته أم املؤمنني م

عائشة فسلم عليها و سلمت عليه و محدت اهللا على سالمته و ذهب ا إىل

بيت يف البصرة أعد هلا خصيصا لترتاح فيه، و بعد أيام جهزها علي رضي اهللا عنه و

لباس الرجال و شيعها هو و ابناه احلسن و احلسني أرسل معها أربعني امرأة يف

و ذهبت إىل مكة فأقامت هناك إىل موسم احلج فأدت مناسك احلج مث رجعت إىل

.1املدينة املنورة

لقد كان اإلمام علي رضي اهللا عنه يف هذا املوقف العصيب علما من أعالم

خالق احلبيب املصطفى صلى اهللا الشجاعة و املروءة و احلكمة و العدل و التخلق بأ

فلم ،2مبآثر معجزاتو حارب علي بطال مغوارا إىل جانب النيب و قام عليه و سلم،

.237-225، ص البداية و النهايةابن كثري ، - 1 .236، ص 5جورج جرداق، علي و القومية العربية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 82: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

67

يقاتل الناس حىت أعذر إليهم و ملا ازموا عاملهم برفق كما فعل عليه الصالة و

السالم مع أهل مكة عام الفتح، فمن ألقى سالحه فهو آمن و من دخل بيته فهو آمن

من احناز إليه فهو آمن، ذلك كان الرجل، و لكن بعض من كان يف جيشه من و

يا أمري املؤمنني كيف جيوز لنا قتاهلم و ال جيوز لنا أخذ أمواهلم و سيب : اجلهلة قالوا له

إم ليسوا كفار و إمنا هم إخوتنا بغوا علينا، فلما أدبناهم و : ذراريهم؟ فقال هلم

و أعادوا م يقتنع بعضهم ذا الكالم ليهم سبيل، فلثابوا إىل رشدهم ليس لنا ع

: سؤاهلم كيف حتل لنا دماؤهم و ال حتل لنا أمواهلم؟ فقال علي رضي اهللا عنه يف ثقة

على أمكم عائشة؟ فانقطع نفسهم و توا، ألم إن قالوا نعم كفروا، و تسامهونهل

نون و لكنهم أخطأوا هكذا بين اإلمام علي رضي اهللا عنه أن هؤالء القوم مؤم

.1الطريق فال جيوز ألحدهم أن يعاملهم معاملة الكفار و املعادين ألهل اإلسالم

و اعلموا أن دار "فقال ملا أى اإلمام علي رضي اهللا عنه أمر أهل البصرة خطب أهلها

على مؤازرم أهل البغي و حذرهم فأنبهم، 2"قلعوا ااهلجرة قد قلعت بأهلها و

.237-236ص ، البداية و النهايةابن كثري ، - 1. 289، ص 4ق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقي - 2

Page 83: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

68

من مزالق الفتنة و أمرهم بتجديد البيعة هم و أصحاب اجلمل ممن كان مع طلحة و

الزبري من غري أهل البصرة فبايعوه، مث قفل راجعا إىل الكوفة، و أول من بدأ به بيت

حىت مال املسلمني فوزع ما فيه من مال على فقراء املسلمني و ذوي احلاجات منهم،

مل يبقى فيه درهم و ال دينار، مث أمر بكنسه و رشه باملاء مث صلى فيه ركعتني هللا،

كأين به يشري إىل أن الدنيا ذاهبة مثل دينارها و درمهها، و ال يبقى إال العمل الصاحل

و عموده الصالة، مث عزم على املسري إىل معاوية يف الشام، فأشار عليه بعض الصحابة

بعث إليه رسوال آخر يدعوه إىل الدخول يف الطاعة كما فعل غريه، و ي أن يتأىن

و يذكره بكثرة وه فيها إىل إيثار العافية فبعث إليه جرير بن عبد اهللا و معه رسالة يدع

أقاويله يف قتلة عثمان رضي اهللا عنه، و يطالب منه الدخول يف الطاعة مث ليحاكم إليه

اب اهللا سبحانه و تعاىل و سنة نبيه صلى اهللا قتلة عثمان، فيحمله و إياهم على كت

عليه و سلم، فقدم جرير بن عبد اهللا حىت قدم الشام و نزل مبعاوية و بلغه الرسالة و

حاوره، فأىب إال تسليم قتلة عثمان قبل أي شيء آخر، فإن فعل دخل يف ما دخل فيه

صيان فرجع إىل علي الناس، فعلم جرير عندها أن معاوية ماض يف ما عزم عليه من الع

رضي اهللا عنه و أخربه اخلرب فأمر علي أصحابه للتجهز استعدادا للسري إىل الشام حلمل

Page 84: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

69

فحسيب بكم إخوانا، و للدين أنصارا "فقال معاوية على ما حيب أو على ما يكره

و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم يف سبيل اهللا ذلكم خري انفروا خفافا و ثقاال (،1"

فخرج علي رضي اهللا عنه من الكوفة يف مائة و عشرين ، 2)تعلمون لكم إن كنتم

و خرج معاوية يف أهل الشام جبيش يربو عن تسعني ألف جندي، ألف جندي،

فالتقى الفريقان يف مكان يسمى صفني بالقرب من الفرات، و كان هناك مكان

ي من جيش واحد يستطيع اإلنسان أن يسقي منه املاء فأحتله عشرة آالف جند

معاوية و منعوا جيش علي من املاء، و كأين م أرادوا أن يفعلوا كما فعل املسلمون

و حرموا بذلك جيش قريش من الشرب حىت يوم بدر حني احتلوا أماكن املياه

أجهدوا، فشكى الناس ذلك إىل أمري املؤمنني فراسل معاوية و أمره أن يكف جيشه

املاء، فأىب معاوية ذلك، فبقى القوم على ذلك يوم و عن احتالل مكان استقاء الناس

ليلة حىت أجهد كثري من الناس من شدة العطش و كاد الضعاف منهم أن ميوتوا،

فجاء الناس إىل علي مرة أخرى خياطبونه يف األمر، فطلب منه مالك بن احلارث

. 290املصدر السابق، ص - 1 . 41سورة التوبة ، اآلية - 2

Page 85: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

70

أذن له فقام األشتر أحد قادة جيشه أن يأذن له يف دفع جيش معاوية عن موقع املاء، ف

، و كان علي و احتلوا موقع املاء معاوية كنسا مع فرقة من جيشه فكنسوا جيش

يستشريه هل يه األشترأرسل إل،حيث ملا 1معاملة غريهمن الرمحة حبيث كان حيسن

مينع املاء عن أهل الشام كما فعلوا أم ال؟ فأمره أن يسمح هلم باالستسقاء على أن

جيعل رواقا من جيشه مير أصحاب معاوية منه فيأخذوا حاجتهم من املاء مث يعودوا،

و ال يقولن أحد منكم إن أحدا أوىل بفعل " القائل هللا در اإلمام علي العامل الرباين،

فأهل الشام عنده مسلمون مؤمنون و لكنهم بغوا ، 2"كون و اهللا كذلكاخلري مين في

عليه، و هو ال مينعهم املاء كما منعوا أصحابه، إنه جاء لغري ما جاؤوا إليه إنه جاء

رجاء ألن يهديهم اهللا فيدخلوا يف ما دخل فيه الناس حىت تصان األمة مما يكاد هلا،

بعد يومني من التقاء الناس، بعث اإلمام علي فإن أبوا ذلك فإن آخر الدواء الكي، و

و سعيد بن قيس رضي اهللا عنه ثالثة من أصحابه، و هم بشري بن عمرو األنصاري،

و ذا الرجل فادعوه إىل اهللا ائتوا ه: اهلمداين، و شبت بن ربعي التميمي و قال هلم

.266، ص 2جورج جرداق، بني علي و الثورية الفرنسية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1 .96، ص 5جورج جرداق، علي و القومية العربية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 86: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

71

إىل ذلك و إين لعامل أن الذي يدعوك "يقول رضي اهللا عنه الطاعة و اجلماعة،

إليه و ملا استقبلهم معاوية تكلم بشري بن فتوجهوا 1"البد لك منه مصرعك الذي

يا معاوية إن الدنيا عنك زائلة، إنك راجع إىل : عمرو فحمد اهللا و أثىن عليه مث قال

اآلخرة، و إن اهللا حماسبك بعملك وجمازيك عليه، إين أنشدك اهللا أال تفرق مجاعة

صاحبك؟ فقال هال أوصيت بذلك: هذه األمة و أال تسفك دماءها بينها،فقال معاوية

و الدين و بشري ليس مثلك، إن صاحبك أحق الربية ذا األمر يف الفضل

و اإليثار و السابقة يف اإلسالم، و القرابة من رسول اهللا صلى اهللا عليه و الشجاعة

يأمر بتقوى اهللا و أن جتيب ابن عمك إىل ما يدعو إليه : فماذا يقول؟ قال: سلم، قال

و تترك دم : قال معاويةو خري لك يف عاقبة أمرك، فأسلم لك يف دنياك من احلق فإنه

و اهللا ال أفعل ذلك أبدا فقام إليه شبت بن ربعي و أغلظ له القول، عثمان؟ ال

.2ليس لكم عندي و اهللا إال السيف: فغضب معاوية فصرفهم و قال هلم

. 768، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1 .246-241ص ، النهاية البداية وابن كثري ، - 2

Page 87: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

72

اهللا شبت احلرب بينهم، و ملا صمم معاوية على القتال متعلال بطلب دم عثمان رمحه

و أمر علي أمراء احلرب و قادة ألويته أن تتقدم للحرب و كذلك فعل معاوية طيلة

37شهر ذي احلجة و رمبا تقاتل الناس يف اليوم مرتني و عند دخول شهر حمرم سنة

فإين مساويك مع علم اهللا تعاىل " إىل معاوية، يقول علي رضي اهللا عنه يف كتاب هـ

جنح الطرفان للهدنة، و مل ، مث 1"لت بينك وبني أن يصلح اهللا لك أمرك فيك حا

ييأس اإلمام علي رضي اهللا عنه فظل يرسل الرسل من ذوي املكانة العالية، فيلتقون

بأشراف أهل الشام فيتناقشون يف أمر هذه األمة حذرا من هالكها إذا وقعت احلرب،

و استمروا كذلك حىت انسلخ شهر حمرم من سنة سبع وثالثني للهجرة ، فأرسل علي

و يزيد بن قيس األرجي، و مرة أخرى و هم عدي بن حامت، ن أصحابه أربعة م

شبت بن ربعي، و زياد بن حفصة، حىت أتوا معاوية فتكلم عدي و بعد أن محد اهللا و

إنا أتيناك ندعوك إىل أمر جيمع به اهللا كلمتنا، و حنقن دماءنا و نصلح : أثىن عليه قال

و أحسنها يف اإلسالم أثرا، و قد ابن عمك أحسن األمة سابقة ذات البني، فإن

و امجعوا عليه و مل يبق أحد غريك و من معك، فاحذر يا اجتمع حوله الناس

. 769، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 88: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

73

: و أصحابك ما أصاب أصحاب اجلمل، فقال معاوية معاوية ال يصيبك

كأنك جئت مهددا و مل تأت مصلحا،هيهات يا عدي و اهللا إين البن حرب، إنك

و إنك من قتلته، و إين ألرجو أن تكون ممن يقتله لبني على عثمان، واهللا من ا

إىل وأجبناجئناك فيما يصلحنا و إياك، فدع ما ال ينفع : اهللا به، فقال من مع عدي

و ما مينعين : أيسرك أن تقتل عمار بن ياسر؟ فقال: ما يعم نفعه، فقال شبت بن ربعي

و اهللا : وىل عثمان، فقال شبت بن ربعيه مبمن ذلك، لو متكنت من ابن مسية لقتلت

الذي ال إله غريه ال تصل إليه حىت تنذر إهلام الكواهل و تضيق األرض و الفضاء

لو كان كذلك كانت عليك أضيق و تفرقوا دون نتيجة : عليك، فقال معاوية

.1تذكر

فكتب إىل معاوية لقد استيقن علي أن أهل الشام لن يرجعوا إىل رشدهم أبدا

فطاملا دعوت أنت و أولياؤك أولياء الشيطان الرجيم احلق أساطري األولني :" قولي

بعدما كان من إرسال الرسل إليهم و إفهامهم باستحالة 2"و نبذمتوه وراء ظهوركم

.249-247ص ، البداية و النهايةابن كثري ، - 1. 769، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 89: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

74

إقامة احلدود على قتلة عثمان يف احلال، فأمر بعض جنوده أن يعلو األماكن املرتفعة و

نه عازم على قتاهلم غدا و هو األول من صفر املصادف ليوم أن يعلنوا ألهل الشام بأ

استأنيتكم لتراعوا يا أهل الشام: الثالثاء، و مما أمر به رضي اهللا عنه أن ينادي به قوله

احلق و تنيبوا إليه، فلم تنتهوا عن طغيانكم و مل جتيبوا إىل احلق و إين نبذت إليكم

و هذا التماسك يف شخصية علي بن أيب طالب على سواء إن اهللا ال حيب اخلائنني،

مث ،1معا و العدوواضح ساطع كذلك يف الفكرة األساس اليت يتوجه ا إىل الصديق

ال تقاتلوهم حىت يقاتلوكم فأنتم حبمد اهللا على حجة و ترككم : أوصى أصحابه فقال

ريح، و ال إياهم حجة أخرى، فإذا هزمتموهم، فال تقتلوا مدبرا، و ال جتهزوا على ج

تكشفوا عورة، و ال متثلوا بقتيل، إذا وصلتم إىل رحال القوم فال تكوا سترا، و ال

تأخذوا شيئا من أمواهلم، و ال تصيبوا النساء بأذى، و إن شتمن أعراضكم و سبنب

.2كم فإن ضعاف العقول و األنفسءو صلحا راءكم أم

.209، ص 2جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنسية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1 .199شريف الرضي، ج البالغة ، صال - 2

Page 90: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

75

قة من أهل الشام و مثلها من أهل و هكذا بدأ القتال مرة أخرى، فخرجت فر

العراق و اقتتلوا طوال النهار، و توالت األمور طوال األسبوع، و يف اليوم الثامن من

احلمد هللا الذي ال يربم ما :" هـ خطب اإلمام علي يف أصحابه قائال 37صفر سنة

نقضه و ما أبرم ال ينقضه الناقضون، و لو شاء اهللا ما اختلف اثنان من خلقه،

و اختلفت األمة يف شيء، و ال جحد املضلون ذا الفضل فضله، و قد ساقتنا وهؤالء

األقدار، فنحن مبرأى من ربنا و مسمع، فلو شاء عجل الفتنة و كان من التغيري حىت

يكذب الظامل و يعلم احلق أين مصريه، و لكن جعل الدنيا دار األعمال و اآلخرة دار

أساؤوا مبا عملوا و جيزي الذين أحسنوا باحلسىن، أال و إنكم القرار، ليجزي الذين

القوا القوم غدا، فأطيلوا الليلة القيام و أكثروا من تالوة القرآن، و اسألوا اهللا النصر و

.1"الصرب و القوهم باجلد و احلزم و كونوا صادقني

امليسرة و كان ذلك يوم األربعاء بعد العصر، فلما أصبح عبأ جيشه امليمنة و

و القلب، و جعل ربيعة العراق تواجه ربيعة الشام و مضر العراق تواجه مضر الشام

و أزد العراق تواجه أزد الشام و كذلك فعل معاوية، فتقاتل الناس قتاال شديدا ال يفر

.252، ص7البداية و النهاية، جابن كثري ، - 1

Page 91: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

76

أحد من أحد، و ال يغلب أحد أحدا، مث حتاجزوا يف املساء و أصبح علي رضي اهللا

، صبح، و باكر القتال و استقبل أهل الشام و اشتد القتال بني الفريقنيعنه فصلى ال

1"بعدها محلةال تشدن عليكم فرة بعدها كرة، و ال جولة :" يقول علي رضي اهللا عنه

و محل عبد اهللا بن بديل اخلزاعي و هو قائد ميمنة جيش علي على ميسرة ،

معاوية ذلك أمر األبطال من جيشه أن جيش معاوية فأزاحها عن مكاا، فلما رأى

يتقدموا ملساعدة حبيب بن مسلمة قائد ميسرته املنهزمة، فتقدموا و قاتلوا قتاال شديدا

حىت ازمت ميمنة أهل العراق و مل يثبت منهم إال أهل مكة و قائدهم سهل بن

هللا حنيف األنصاري، كما ثبت ربيعة، و اقترب جيش الشام من اإلمام علي رضي ا

و أصبحت السهام متر فوق رأسه و عن ميينه و عن يساره و هو ميشي عنه،

اهلويىن ال يعبأ م حىت وصل إىل ميسرة جيشه فنادى بأعلى صوته حاثا إياهم على

و أعطوا السيوف حقوقها و وطنوا للجنوب مصارعها و أضمروا "قائال الثبات

عسيأنفسكم على الطعن الد و أميتوا األصوات فإنه أطرد و الض ،رب الطلحفي

. 550، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 92: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

77

أرسل األشتر النخعي يف أثر املنهزمني لريدهم، فمضى كالربق اخلاطف على 1"للفشل

فرسه، حىت استقبل املنهزمني، فجعل يؤنبهم و يوخبهم و حيرض القبائل و الشجعان

يزل م و استمرت طوائف أخرى باالزام، فلم الكرة، فعادت طوائف منهم، على

حىت اجتمع معه مجع عظيم من الناس، مث تقدم حىت أرجع كل املنهزمني و سار حىت

يف ثالمثائة من أصحابه فسألوا عن أمري بديل أتى امليمنة اليت ثبت فيها عبد اهللا بن

املؤمنني، فأخربوا أنه حي، فالتفوا حوله، و أراد بن بديل أن حيمل على جيش الشام

و هو يقاتل حىت اقترب من معاوية، أين فرفض و تقدم مع من معه لتفأمره األشتر با

فخرجت إليه طائفة من جيش معاوية فقاتلته حىت استشهد و استشهد معه كثري من

و أكثرهم قد أصيب جبروح، مث محل األشتر النخعي مبن أصحابه و ازم الباقون،

كان معاوية حماط رجع من املنهزمني و شدوا شدة رجل واحد على جيش معاوية و

خبمسة صفوف كلهم عاهدوه على املوت فاخترق األشتر أربعة صفوف منها و كاد

و قدم علي فوبخ املنهزمني من ع أهل الشام لتنظيم صفوفهم،يصل إىل معاوية، و تراج

و الذي فلق " حيث يقول رضي اهللا عنه جيشه، و حرض الناس على القتال و ثبتهم

. 550، ص 4املصدر السابق، الد - 1

Page 93: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

78

ما أسلموا و لكن استسلموا و أصروا الكفر، فلما وجدوا أعوانا احلبة و برأ النسمة،

، ودارت احلرب، فقتل خلق كثري من األعيان و القادة من الطرفني، 1"عليه أظهروه

و ممن قتل يف هذا اليوم عبيد اهللا بن اخلطاب من الشاميني و عمار بن ياسر من

و ه وسلم أنه تقتله الفئة الباغية،العراقيني، و هو الذي قال فيه الرسول صلى اهللا علي

بان بذلك أن علي حمق و معاوية باغ، و هذا من دالئل النبوة، و قد قال رمحه اهللا

أيها الناس اقصدوا بنا إىل هؤالء الذين يبتغون دم عثمان و يزعمون أنه : قبل أن يقتل

و ال األخذ بثأره، و لكن القوم ذاقوا قتل مظلوما، و اهللا ما قصدهم األخذ بدمه،

فسريوا بنا إىل عدونا، و اذكروا .... الدنيا و استحلوها، و استمروا اآلخرة فقلوها

اهللا بن عمر بن اخلطاب اهللا ذكرا كثريا، مث تقدم فلقيه عمرو بن العاص و عبيد

يقال له و صحبه فقاتل حىت قتل، قتله رجلأنبهما و وعظهما، و تقدم و فالمهما

، و قد روى الرواة جل آخر امسه أبو الغادية الفزاريجوي السكسي و جز رأسه ر

. 550، ص 4املصدر السابق، الد - 1

Page 94: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

79

أنه قبل أن خيرج إىل حتفه، قال ائتوين بشربة لنب فإن رسول اهللا صلى اهللا عليه و

.1"آخر شربة تشرا من الدنيا تشرا قبل أن تقتل: " سلم قال يل

الباغية حيث قال الرسول صلى و هكذا صح احلديث كما صح حديث الفئة

.2"وحيك يا ابن مسية تقتلك الفئة الباغية :" اهللا عليه و سلم

أنتم : و ملا بلغ علي مقتل عمار بن ياسر رضي اهللا عنه قال لربيعة و مهذان

درعي و رحمي فانتدب له حنو من اثين عشر ألف و تقدمهم و هو راكب بغلته و محل

فلم يبق ألهل الشام صف إال انتفض و قتلوا كل من و محلوا معه محلة رجل واحد،

:انتهوا إليه حىت بلغوا معاوية وعلي يقول

أضرم و ال أرى معاوية اجلاحظ العينني عظيم احلاوية

لقد أنصفك : مث دعا علي رضي اهللا عنه معاوية إىل املبارزة فقال له عمرو بن العاص

هل رأيت رجال خرج إليه و عاد ساملا، !!اوية ثكلتك أمك يا عمروالرجل، فقال مع

و لكنك طمعت فيها بعدي، مث قدم علي رضي اهللا عنه ابنه حممد بن احلنفية يف مجاعة

.257ص ، البداية و النهايةابن كثري ، - 1 .257ص املصدر نفسه، - 2

Page 95: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

80

كبرية من الناس فتقاتل مع أهل الشام قتاال مل يرى مثله، مث تقدم علي رضي اهللا عنه

ل بني الطرفني، يف مجاعة أخرى فحمل ا على القوم و تصارع األقران و اشتد القت

، و استمر القتال يف هذه الليلة كلها إمياء و أدركتهم صالة املغرب و العشاء، فصلوا

و هي من أعظم الليايل شرا على املسلمني، و تسمى هذه الليلة بليلة اهلرير و كانت

ليلة اجلمعة، تكسرت فيها الرماح و السيوف و نفذت النبال حىت اضطر الناس إىل

االقتتال باأليدي و احلجارة، و حىت التراب يف األوجه، و كان الشخصان يتعاركان

حىت يأخذ منهما التعب مأخذه و يسقطان على األرض و ال يستطيعان احلراك، فإذا

استرجعا أنفاسهما قاما إىل بعضهما البعض، و استمر القتال كذلك حىت صالة

حىت تضاحى النهار و توجه النصر ألهل الصبح فصالها الناس إمياء و هم يتقاتلون

العراق على أهل الشام، و ذلك ألن األشتر النخعي صارت إليه إمرة امليمنة بعد مقتل

ابن بديل فحمل مبن فيها على أهل الشام و تبعه علي رضي اهللا عنه، فانتفضت غالب

صفوف معاوية و كاد جيشه ينهزم، و عند ذلك رفع أهل الشام املصاحف على

Page 96: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

81

سنة الرماح و قالوا كتاب اهللا بيننا و بينكم قد فين الناس فمن لثغور الشام، و من أ

.1لثغور العراق و من جلهاد املشركني و الكفار

و قد أشار كثري من املؤرخني أن الذي أشار ذا هو عمرو بن العاص ملا رأى

إين قد رأيت : يةبوادر ازام أهل الشام قد بدأت فأراد أن يوقف املعركة، فقال ملعاو

أمرا ال يزيدنا هذه الساعة إال اجتماعا و ال يزيدهم إال فرقة، أرى أن نرفع املصاحف

و ندعوهم إليها، فإن أجابوا كلهم إىل ذلك برد القتال، و إن اختلفوا فيما بينهم،

فذلك الذي نريد، فلما رفعت املصاحف، انقسم جيش العراق، فطالب أكثرهم

تتال و على رأسهم األشعث بن قيس الكندي رضي اهللا عنه، و لكن اإلمام االق بوقف

مع ميثل إرادة اإلنسان العلوي عامل قادر قاهر على توجيهه علي رضي اهللا عنه

عباد اهللا امضوا إىل حقكم :" رفض هذا األمر و خاطب أصحابه قائال، حيث 2احلياة

عمرو بن العاص و ابن أيب معيط و حبيب و صدقكم و قتال عدوكم، فإن معاوية و

بن مسلمة و ابن أيب سرح و الضحاك بن قيس ليسوا بأصحاب دين و ال قرآن، أنا

.261ص ، البداية و النهايةابن كثري ، - 1. 96، ص 5جورج جرداق، علي و القومية العربية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 97: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

82

أعرف م منكم، صحبتهم أطفاال، و صحبتهم رجاال، فكانوا شر أطفال، و شر

عوها رجال، و حيكم واهللا إم ما رفعوها إم ليقرؤوا و ال يعملون مبا فيها، و ما رف

.1إال خديعة و مكيدة و دهاء

كيف تدعى إىل كتاب اهللا فتأىب قبول ذلك، فقال : فأبوا عليه ذلك و قالوا له

إمنا أقاتلهم من أجله، فإم قد عصوا اهللا فيما أمرهم به و تركوا عهده و نبذوه : هلم

التميمي وزيد بن فدكيبن مسعروراء ظهروهم، و أعرضوا عن كتابه، فقال هلم

ني الطائي يف مجاعة معهما من القراء مث صاروا بعد ذلك من اخلوارج لئن مل تفعل حس

و توقف احلرب لندفعنك إىل القوم ليقتلوك، أو نفعل بك ما فعلناه بابن عفان إنه

احفظوا : غلبنا أن يعمل بكتاب اهللا فقتلناه، و اهللا لتفعلنها أو نفعلنها بك، فقال هلم

اللهم إليك أفضت " قال علي رضي اهللا عنهمقالتكم يل، عين ي إياكم و احفظوا

و أنضيت القلوب ،و مدت األعناق ، و شخصت األبصار، و نقلت األقدام،

أما أنا فرأي أن تقاتلوا، و إن عصيتم أمري فافعلوا ما بدا لكم، فقالوا و 2"األبدان

.237- 236ص ، البداية و النهايةابن كثري ، - 1. 548، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 98: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

83

رسوال إىل األشتر ابعث إىل األشتر ليكف عن القتال و لريجع فورا، فبعث علي : له

ليس هذه الساعة يكون هذا األمر، فدعوين : لريجع و ينتهي عن القتال، فقال األشتر

أكمل املعركة فقد أحسست بالنصر و الفتح، فرجع الرسول و أخرب علي مبقالة

: لقد بعثت إليه ليواصل القتال، فقال هلم: األشتر، فعال صوت القراء و قالوا لعلي

حني حدثته، لقد كلمته و أنتم تسمعون، مث التفت إىل يزيد بن وحيكم هل ساررته

ائت األشتر و قل له أن يكف عن القتال فإن : هانئ الذي أرسله إىل األشتر و قال له

إن األمر ال يعدو ساعة مث ينتهي، فقال الرسول : الفتنة قد وقعت، فقال األشتر

ففي هذا اخلرب ما يدل على أن أترضى أن يقتل أمري املؤمنني حىت تستكمل هذا األمر،

شعور اجلاري على املضطهدين من أبناء علي و على سائر الناس واحد يف الظلم

فعندها كف القتال و أقبل و هو يتململ حىت جاء إىل اإلمام علي رضي اهللا ، 1العامة

أمهلوين عدو فرس فقط فإين أحسست بالفتح، فقالوا له : عنه و القراء حوله، فقال

ن ندخل يف خطيئتك، فقال هلم إمنا قاتلناهم من أجل حكم القرآن، فأبوا فلما رأوا إذ

و أطيعوا تفلحوا، فأبوا عليه فسبهم و سبوه، رفعوا املصاحف مكيدة، فامسعوا اهلزمية

. 177، ص 5داق، علي و القومية العربية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد جورج جر - 1

Page 99: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

84

و ضربوا وجه فرسه بالسياط، و قد رغب أغلب أهل العراق يف وقف احلرب و

املساملة مدة لعل الناس يتفقون حىت حتقن رغب أهل الشام بكاملهم يف املصاحلة و

دماء املسلمني، و قد قتل يف هذه احلرب ما يربو عن سبعني ألف قتيل، مخسة و

.1أربعون من أهل الشام و مخسة و عشرون من أهل العراق

ملا توقف القتال بني الفريقني، و تودع الناس، قاموا بدفن املوتى من الطرفني فكانوا

جثة يف قرب واحد كبري لكثرة القتلى من الطرفني، مث بدأت الرسل بني جيعلون مخسني

اجلانبني فهذا يغدو و هذا يروح، فأرسل علي رضي اهللا عنه رسوال إىل معاوية يطلب

منه توضيح ما أراد، و كان الرسول هو األشعث بن قيس، فأتى معاوية و سأله ألي

رجع و أنتم إىل كتاب اهللا و ما أمر لن: شيء رفعتم املصاحف؟ فأجابه معاوية بقوله

اهللا عز و جل، تبعثون منكم رجال ترضونه، و نبعث منا رجال مث نأخذ عليهما أن

هذا احلق، : يعمال مبا يف كتاب اهللا ال يعدوانه مث نتبع ما اتفقا عليه، فقال األشعث

نا قد رضينا فانصرف إىل علي رضي اهللا عنه فأخربه بالذي قال معاوية، فقال الناس فإ

. 263-262ص ، البداية و النهايةابن كثري ، - 1

Page 100: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

85

ربنا افتح بيننا و بني قومنا باحلق و أنت خري " ، و قال علي رضي اهللا عنه1و قبلنا

.2"الفاحتني

فاختار معاوية عمرو بن العاص ممثال له، و أراد علي أن خيتار عبد اهللا بن عباس فأىب

األرض إال و هل سعر احلرب و أشعل : القراء ذلك، فقال هلم ليكن األشتر فقالوا له

األشتر، و أصروا على أيب موسى األشعري، و حاول جاهدا أن يثنيهم عن ذلك

لعلمه بدهاء عمرو بن العاص و أن أبا موسى األشعري ليس له ندا يف ذلك، و قال

عصيتموين يف أول هذا األمر فال تعصوين يف آخره، و دعوين أرميهم بابن عباس، : هلم

األشعري بديال، فلما يئس منهم قال افعلوا ما أردمت، فقالوا ال نريد بأيب موسى

فذهبوا إىل احلجاز و أحضروا أبا موسى األشعري و كان معتزال الفئتني، فأخربوه

إنا هللا و إنا إليه : بوقف احلرب فحمد اهللا و أخربوه بأم اختاروه حكما فقال

لعاص و كتبوا راجعون، مث احضروه إىل علي رضي اهللا عنه، و حضر عمرو بن ا

بسم اهللا الرمحن الرحيم هذا ما قاضى :" بينهم كتابا هذه صورته كما رواه ابن كثري

.103، ص3،ج1987ابن جرير الطربي، تاريخ الرسل و امللوك ، دار الفكر بريوت، ط - 1. 548، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 101: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

86

اكتب امسه و اسم أبيه هو أمريكم و : عليه علي أمري املؤمنني قال عمرو بن العاص

أمح أمري : ال تكتب إال أمري املؤمنني، فقال علي: ليس بأمرينا، فقال األحنف بن قيس

كتب هذا ما قاضى عليه علي بن أب طالب مث استشهد علي بقصة املؤمنني، ا

احلديبية حني امتنع أهل مكة عن هذا ما تقاضى عليه حممد رسول اهللا فامتنع

اكتب هذا ما تقاضى عليه حممد بن عبد اهللا فكتب : املشركون عن ذلك و قالوا

أيب سفيان قاضى هذا ما قاضى عليه علي بن أيب طالب و معاوية بن: الكاتب

علي على أهل العراق و قاضى معاوية على أهل الشام، و من كان معهم من املؤمنني

و املسلمني، أنا نرتل عند حكم اهللا و كتابه و حنيي ما أحيا اهللا، و منيت ما أمات اهللا،

فما وجد احلكمان يف كتاب اهللا، و مها أبو موسى األشعري و عمرو بن العاص

. 1"مل جيدا يف كتاب اهللا فالسنة العادلة اجلامعة غري املفرقة عمال به، و ما

مث أخذ احلكمان من علي و معاوية و من اجلنود و من أهل العراق و الشام العهود

و املواثيق اليت تؤمن حياما و حياة أهلهما و أن يأخذوا مبا حيكما به عند

و مكان التحكيم دومة اجلندل، اجتماعهما، و أعلنا أن موعد التحكيم شهر رمضان

.266-265، ص7البداية و النهاية، جابن كثري ، - 1

Page 102: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

87

على أن حيضر علي يف أربعمائة من أصحابه و قد كتب ذلك يوم األربعاء لثالث

و رجع أمري املؤمنني إىل الكوفة و جيشه يف .1هـ 37عشرة خلت من صفر سنة

و خالف، ففريق يرى أن الرضى بالتحكيم حق، و فريق يراه باطال، و شقاق

، ففيها حدال ت عنه و هو الذي يف شخصيته آفاق من السموملا وصل علي رضي اهللا

الكوفة اعتزله مجاعة ممن رأوا وصل و ملا ،2للتعقيدحتدي احملبة للبغضاء و البساطة

تسمى حروراء، فرتلوا ا يف اثين عشر ألف، و و احنازوا إىل قرية التحكيم ضالال

أمروا على القتال شبث بن ربعني و على الصالة عبد اهللا بن الكرا البسكري، و األمر

و األمر باملعروف و النهي عن املنكر، فبعث الفتح و البيعة هللا عز وجل شورى بعد

به، و لكن ابن عباس إليهم علي عبد اهللا بن عباس و أوصاه أن ال حيدثهم حىت يلحق

ماذا نقمتم من أمر التحكيم، قد أمر : استعجل فلما وصل إليهم حادثهم و مما قاله هلم

و كذلك أمر بالتحكيم يف من قتل الصيد و هو حمرم، اهللا به بني الزوجني،

و الصيد كدماء املسلمني، و قدحوا يف عدالة عمرو ليس أمر الزوجني : فقالوا له

.266ص املصدر السابق، - 1. 96، ص 5جورج جرداق، علي و القومية العربية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 103: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

88

اص، و قالوا قد حكمتم الرجال يف أمر اهللا، و قد أمضى اهللا حكمه يف معاوية بن الع

و جعلتم بينكم املوادعة يف الكتب و قد قطعها اهللا و أصحابه أن يقتلوا أو يرجعوا،

بني املسلمني و أهل احلرب منذ نزلت سورة براءة، و بينما هم يف حتاورهم مع ابن

و نزل يف فسطاط يزيد بن قيس و هو منهم، عباس إذ خرج علي رضي اهللا عنه

و الري، مث خرج إليهم و هم مع ابن فصلى عنده ركعتني و واله أصبهان

: ما هذا اخلروج؟ قالوا: ابن الكواء، فقال: من زعيمكم؟ فقالوا: عباس فقال هلم

ما قد اشترطت عليهم أن حيييا ما أحيا القرآن و مييتا : حلكومتكم يوم صفني، قال

و إن خالفا القرآن فنحن يف أمات القرآن، فإن حكما بالقرآن فال خوف علينا،

خربنا أتراه عدال أن حيكم الرجال يف الدماء؟ إننا مل حنكم : حكمهما براء، فقالوا

الرجال، و إمنا حكمنا القرآن، و هذا القرآن إمنا هو خط مسطور بني دفتني ال ينطق،

ليعلم اجلاهل : فلم جعلت بينك و بينهم أجال؟ فقال: فقالوال، و إمنا يتكلم به الرجا

: و يثبت العامل،و لعل اهللا يصلح يف هذه اهلدنة هذه األمة فرجعوا إىل رأيه فقال

.1ادخلوا مصركم رمحكم اهللا فدخلوا عن آخرهم

.268ص ،7البداية و النهاية، جابن كثري ، - 1

Page 104: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

89

:التحكيم

و ملا انقضى الوقت املتفق عليه بعث علي أبا موسى األشعري يف أربعمائة من

أصحابه يقودهم شريح بن هانئ احلارثي و ابن عباس يؤمهم يف الصالة، و بعث

معاوية عمرو بن العاص يف أربعمائة من أصحابه يقودهم شرحبيل بن السمط، فتواىف

فلما اجتمع –و هي نصف املسافة بني الكوفة و الشام -القوم عند دومة اجلندل

يل الذي ميكنهما من اخلروج من تلك احملنة، احلكمان حتاورا يف أمر هذه األمة و السب

، فقال أبو موسى األشعري األمر عندي أن خنلع الرجلني و أن ندع جتاوالفتحاورا و

ملاذا ال خنلع علي و نويل معاوية فهو ويل : األمر شورى بني املسلمني، فقال له عمرو

ا عمرو ما هلذا اجتمعنا، اتق اهللا ي: عثمان و له احلق باملطالبة بدمه، فقال له أبو موسى

فنحن نريد أن خنرج األمة من هذه الفتنة و أنت تريد إثارا من جديد، و إن كان

و ملاذا ال جتعلها : البد من تولية أحد فليكن عبد اهللا بن عمر بن اخلطاب، فقال عمرو

: البين عبد اهللا فهو ال يقل علما و تقوى و زهدا عن ابن عمر، فقال له أبو موسى

هو كذلك و لكنك غمسته يف الفتنة، فلما يئس عمرو من استدراج أيب موسى إىل

Page 105: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

90

رأيه وافقه على إقالة علي و معاوية و ترك األمر شورى بني املسلمني، فخرجا إىل

كما - الناس و قدم عمرو بن العاص أبا موسى األشعري يف احلديث احتراما له

لقد اجتمع رأي و رأي ابن : أثين عليه قال فبعد أن محد اهللا و -بعضهم يزعم

العاص على خلع هذين الرجلني و ترك األمر شورى بني املسلمني، فأنا أخلع عليا و

لقد مسعتم ما قاله أبو موسى، فهو قد : معاوية معا، مث تقدم عمرو بن العاص و قال

مان و هو ويل خلع صاحبه و أنا أخلعه كما خلعه و أثبت صاحيب ألنه أوىل الناس بعث

أمره، فصاح أبو موسى األشعري خدعتين قبحك اهللا و سبه و رد عليه عمرو فسبه،

و تفرق القوم، فمضى عمرو بن العاص مع أصحابه حىت دخل دمشق و سلم على

معاوية باخلالفة و بايعه و من معه، و أما أبو موسى األشعري فقد استحى أن يقابل

اربا بنفسه و رجع شريح بن هانئ و ابن عباس و من اإلمام علي فاجته إىل مكة ه

.1معهما إىل الكوفة و هم حيملون اخلطب اجللل

.272ص ،7البداية و النهاية، جابن كثري ، - 1

Page 106: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

91

ما ، فل 1، أو قل هو املعرفة أشبه باملعرفةآمن علي بن أيب طالب بثورية احلياة إميانا

احلمد هللا و إن أتى الدهر : أمر خرب احلكمني قام خطيبا يف أهل العراق حيث قال هبلغ

: باخلطب الفادح، و احلدث اجلليل، و أشهد أن ال إله إال اهللا ال شريك له، أما بعد

فإن معصية الناصح الشفيق العامل ارب تورث احلسرة و تعقب الندامة و قد كنت

!! خنلت لكم خمزون رأي، لو كان يطاع لقصري أمر أمرتكم يف هذه احلكومة أمري و

بنصحهفأبيتم علي إباء املخالفني، اجلفاة، و املنابذين العصاة، حىت ارتاب الناصح

:فكنت و إياكم كما قال أخو هوازان الزند بقدحه و ظن

2أمرم أمري مبنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح إال الضحى الغد

عزم علي رضي اهللا عنه على تعبئة الناس و السري م إىل الشام إلنزال معاوية و مث

من معه على حكم اهللا، بعد أن تبني هلما أن حكم احلكمني باطل ألما حكما

باهلوى و مل يتبعا سبيل املتقني، فبينما هو كذلك، و قد أعد مثانية و ستني ألف

اءه نبأ خروج اخلوارج بالنهروان صارت هلم جندي للسري م حنو معاوية، إذ ج

. 79، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد جورج جرداق، علي و سقراط - 1 .120الشريف الرضي، ج البالغة، ص - 2

Page 107: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

92

شوكة كبرية و تعرضوا للناس بالقتل واألذى، فخاف الناس على أهاليهم إن هم

ذهبوا إىل الشام و تركوا هؤالء الناس وراءهم أن يعيثوا يف األرض فسادا، فطلبوا من

. 1اإلمام علي أن يبدأ م قبل التوجه إىل معاوية

اهللا عنه السري إىل الشام طلب جيشه العودة إىل الكوفة و ملا أراد علي رضي

حىت يتزودوا بالنبال و الرماح، فأذن هلم بالرجوع و الرتول بالنخيلة قرب الكوفة و

أمرهم بعدم اإلكثار من دخول الكوفة حىت ال يستطيبوا املقام، حىت جيهزهم و يضيف

بحوا يتسللون إىل الكوفة إليهم ما استطاع من الرجال، و لكن القوم خالفوه و أص

الواحد تلو اآلخر، حىت أصبح معسكره خاليا من اجلند، فدخل الكوفة يف املسجد و

أنبهم على تأخرهم عليه، فما ازدادوا إال تفرقا و خذال، فعلم أن عزائمهم قد قلت،

ل و سئموا من القتال فعصوا أمره باملخالفة و بدأ سلطانه يسري إىل القهقري، و مل يز

م حاثا هلم على السري إىل الشام، فكان كمن ينفخ يف الرماد، على الرغم مما آتاه اهللا

من البالغة و الفصاحة، و بدا أن جنم أهل العراق بدأ يف األفول، و كثرت عليه

.275، ص7، جالبداية و النهايةابن كثري ، - 1

Page 108: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

93

اخلوارج حبجتهم اليت اختذوها شعارا هلم، و هي أن حكم الرجال يف دين اهللا و ال

. 1حكم إال اهللا

فمن الذين خرجوا عليه اجلماعة اليت عادت و جلأت إىل راية أيب أيوب

األنصاري، و من شايعهم بعد ذلك ممن كان على احلياد، فتجمعوا و تأسفوا على

له املستورد أحد كربائهم خذالم ألصحام يف النهروان، فقام فيهم رجل يقال

إىل النخيلة، فأرسل إليهم عبد اهللا بن و خطام حاثا هلم على قتال علي، فخرجوا

و هو الذي قال يف عباس ملناصحتهم فأبوا الرجوع، فخرج إليهم علي رضي اهللا عنه

و هو يكرهين ال لشيء سوى أنين أعلن :" وجهاء زمانه و يف أسباب تنكرهم له

فأبادهم مجيعا، و مل ينج 2"حقوق الشعب، و أنه يسري يف ركاب النبالء و األمراء

.3منهم إال مخسة أفراد منهم املستورد، و ابن جوين الطائي، و ابن شريك األشجعي

و هكذا تآلبت األمور على أمري املؤمنني رضي اهللا عنه، فاخلوارج من جهة

يقول رضي و خذالن أصحابه من جهة أخرى، مث نشاط أهل الشام من جهة ثالثة،

.129، ص2ابن جرير الطربي، تاريخ الرسل و امللوك، ج - 1. 69، ص 2جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنسية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2 .124ص ،7البداية و النهاية، جابن كثري ، - 3

Page 109: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

94

يل عزة ،و ال تفرقهم عين وحشة، و ما أكره ال تزيدين كثرة الناس من حو:" اهللا عنه

هـ بعث معاوية عمرو بن العاص إىل مصر و 33ففي سنة ، 1"املوات على احلق

ا حممد بن أيب بكر واليا عليها من قبل اإلمام علي، فاستردها عمرو بن العاص منه،

رضي و أحرق يف جوف محار، فحزن لذلك علي حممد بن أيب بكر الصديق،و قتل

و من أخلص الناس إليه، و من قبله مات األشتر ه حزنا شديدا ألنه كان ربيبه اهللا عن

و هو يف طريقه إىل مصر قبل مقتل حممد بن أيب بكر، قتل مسموما و هو بالقرب من

السويس، فحزن عليه أيضا حزنا شديدا، و قبل موت األشتر مات عمار بن ياسر

قول النيب ي رضي اهللا عنه عند املسلمني، و فيه ورد بصفني، و هو من هو عند عل

و قد قال معاوية عندما بلغه " تقتلك الفئة الباغية:"و سلم صلى اهللا عليه

و -يريد عمار بن ياسر -كان لعلي ميينان قطعت إحدامها يوم صفني:موت األشتر

.2يريد األشتر -قطعت اليوم الثانية

. 69، ص 2الد جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنسية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، - 1 .160القاهرة، ص -حممد رضا، علي رابع اخللفاء الراشدين، دار الكتاب احلديث - 2

Page 110: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

95

علي رضي اهللا عنه ملا بلغه موت مالك األشتر النخعي و هو و مما قاله اإلمام

و اهللا لو كان جبال لكان فند، و لو كان ! مالك و ما مالك:" يقلب كفيه حزنا عليه

حجرا لكان صلدا، ال يرتقيه احلافر، و ال يوىف عليه الطائر، فمالك عند اإلمام علي

لوه الطائر، و هي كناية على عظمة مثل اجلبل العظيم سامق ال يرتقيه احلافر و ال يع

.1الرجل من كل اجلوانب

و استمرت جيوش معاوية يف مهامجة علي رضي اهللا عنه، فكان يستنهض

أصحابه للقتال و يقرعهم و يوخبهم عن تقاعسهم و ختاذهلم عن حقهم، فما يزيدهم

أن خيلصهم قوله إال إخالدا إىل األرض حىت جار بالدعاء إىل اهللا أن خيلصه منهم و

: منه، فكان رضي اهللا عنه يكثر من قوله ما حيبس أشقاها؟ أي ماذا ينتظر؟ مث يقول

و اهللا لتخضنب هذه و يشري إىل حليته من هذا و يشري إىل هامته، فقال له رجل من

و اهللا يا أمري املؤمنني لو أن رجال فعل ذلك ألبدنا : أصحابه يقال له عبد اهللا بن سبع

ل أناشدكم اهللا أن يقتل غري قاتلي، قالوا يا أمري املؤمنني أال تستخلف؟ عزته، فقا

فما تقول لربك إذا و فدت : ال و لكن أترككم كما ترككم رسول اهللا، فقالوا: فقال

.311 – 310، ص 7، ج النهايةالبداية و ابن كثري، - 1

Page 111: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

96

أقول له استخلفتين فيهم ما بدا لك، مث قبضتين و : عليه و قد تركتنا مهال؟ قال

.1فسدمتركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم و إن شئت أ

و من دالئل النبوة الصادقة ما ورد يف مقتله رضي اهللا عنه، فقد ذكر النسائي

: يف كتابه خصائص أمري املؤمنني علي بن أيب طالب ما رواه عمار بن ياسر حيث قال

فلما نزهلا –من بطن ينبع - كنت أنا و علي بن أيب طالب رفيقني يف غزوة العشرية"

عليه و سلم أقام ا عشرا، فصاحل فيها بين مدجل و حلفاءهم من رسول اهللا صلى اهللا

هل لك يا أبا اليقظان أن تأيت نفر من بين مدجل : ضمرة، فقال يل علي رضي اهللا عنه

إن شئت فاجأناهم، فنظرنا إىل : قلت: يعملون يف عني هلم فتنظر كيف يعملون؟ قال

أنا و علي حىت اضطجعنا يف ظل أعماهلم ساعة، ففعلنا مث غشينا النوم، فانطلقت

صور من النخيل، و يف وقعاء من التراب فنمنا فو اهللا ما أهبنا إال رسول اهللا حيركنا

برجله، و قد تربنا من تلك الوقعاء اليت مننا فيها، فيومئذ قال رسول اهللا صلى اهللا

أال : " مث قال" مالك أبا تراب؟: " عليه و سلم لعلي بن أيب طالب رضي اهللا عنه

أحيمر مثود الذي عقر : " بلى يا رسول اهللا، قال: أحدثكما بأشقى الناس رجلني؟ قلنا

.311-310، ص7، جاملصدر نفسه - 1

Page 112: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

97

الناقة و الذي يضربك على هذه و وضع يده على قرنه حىت يبل منها هذه و أخذ

.1بلحيته

و إذا أنت تابعت سرية علي بن أيب طالب بتفهم و عمق، وجدت أن أقواله

روى كثري من أصحاب ، 2حمبة اخلري املطلق انبثاقا عن و تصرفاته مجيعا ليست إال

السري و التاريخ خرب استشهاد اإلمام علي رضي اهللا عنه، و قد أشار أغلب هؤالء

الكتاب إىل أن ثالثة من اخلوارج و هم عبد الرمحن بن ملجم احلمريي، و البكر بن

فتذاكروا إخوام من اخلوارج عبد اهللا التميمي، و عمرو بن بكر التميمي، اجتمعوا

ماذا نصنع بالبقاء بعدهم؟ كانوا ال : الذين قتلوا يوم النهروان فترمحوا عليهم، و قالوا

خيافون يف اهللا لومة الئم، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضالل فقتلناهم فأرحنا منهم

فأكفيكم علي بن أما أنا: و أخذنا منهم ثأر إخواننا، فقال ابن ملجم البالد،

و أنا أكفيكم معاوية، و قال عمرو : و قال البكر بن عبد اهللا التميمي أيب طالب،

و أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا و تواثقوا على ذلك، و أوصى : بن بكر

.94-93النسائي، خصائص أمري املؤمنني علي بن أيب طالب، ص - 1. 217، ص 2جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنسية ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 113: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

98

بعضهم بعضا بعدم النكوص عن صاحبه حىت يقتله أو ميوت دونه، فأخذوا سيوفهم

نفيذ هذا األمر لسبع عشرة من رمضان، فأما البكر فذهب إىل فسموها و تواعدوا لت

معاوية و انتظره حىت خرج من صالة الصبح فضربه بالسيف يف إليته و مل ميت،

كر فذهب إىل عمرو بن فقبض عليه و أمر معاوية بقتله فقتل، و أما عمرو بن ب

يصلي بالناس و حلسن حظه مل خيرج إىل الصالة يف ذلك اليوم ملرضه، فكان العاص

خارجة بن حذاقة التميمي فضربه اخلارجي فقتله ظنا منه أنه عمرو بن العاص و قبض

عليه فقتل، أما عبد الرمحن بن ملجم فقصد الكوفة، و انتظر أمري املؤمنني حىت خرج

إىل الصالة و هو ينادي الناس الصالة الصالة، فضربه على قرنه بسيفه املسموم و

ال يفوتكم الرجل، : هللا ال لك يا علي و ال ألصحابك، فقال عليهو يصيح احلكم

و أخذوه و قدم جعدة بن هبري يصلي بالناس فشد عليه الناس من كل جهة

النفس بالنفس إن هلكت فاقتلوه كما قتلين، و إن : الصبح، مث قال علي رضي اهللا عنه

م ختوضون دماء املسلمني، تقولون بقيت رأيت فيه رأيي، يا بين عبد املطلب ال ألفينك

قتل أمري املؤمنني، أال ال يقتلن إال قاتلي، أنظر يا حسن إن أنا مت من ضربيت هذه

يا أمري : فأضربه ضربة بضربة و ال متثل بالرجل، و دخل جندب بن عبد اهللا فقال

Page 114: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

99

نتم و ال نفقدنك، فنبايع احلسن، فقال ما آمركم و ال أاكم أ - املؤمنني إن فقدناك

.1أبصر

أي عدو اهللا : و ملا مثل ابن ملجم أمام أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه قال له

شحذته أربعني صباحا : فما محلك على هذا؟ قال: بلى، قال: أمل أحسن إليك؟ قال

ما أراك إال مقتوال به و ال أراك إال : و سألت اهللا أن يقتل به شر خلقه، فقال له علي

، و ملا احتضر علي جعل يكثر من قول ال إله إال اهللا ال يتلفظ بغريها من شر خلق اهللا

خريا يره و من يعمل مثقال ذرة فمن يعمل مثقال ذرة "و قد قيل إن آخر ما تكلم به

.2"يرهشر

و قد أوصى ولديه احلسن و احلسني بتقوى اهللا و الصالة و الزكاة و كظم الغيظ و

إىل املولود املؤمل ما ال يدرك :" قال رضي اهللا عنه ، صلة الرحم و احللم عن اجلاهل

، كما أوصاهم 3"،و رهينة األيام، السالك سبيل من قد هلك ، غرض األسقام

و التثبت يف األمر، و التعاهد الدين، األمر باملعروف و النهي عن املنكر و التفقه يفب

.314-313، ص7ية، جالبداية و النهاابن كثري، - 1 .8و 7سورة الزلزلة، اآليتني - 2. 682، ص 4ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 3

Page 115: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

100

حممد بن احلنيفة و و حسن اجلوار و اجتناب الفواحش و وصامها بأخيهما للقرآن

وصاه مبا وصامها به، و أن يعظمهما و ال يقطع أمرا دوما، و كتب ذلك كله يف

كتاب وصيته رضي اهللا عنه، و قد غسله احلسن و احلسني و عبد اهللا بن جعفر و

1.صلى عليه احلسن فكرب عليه تسع تكبريات، و دفن بالكوفه يف أشهر األقوال

:خالقي يف ج البالغةالبعدان اإلنساين و األ

، فقد يأت يرتبط السياق األديب يف ج البالغة بعدة روافد فكرية وتصورية

لعلي بن أيب طالب رضي اهللا عنه مجيع الوسائل اليت تعده هلذا املكان بني أهل

يأيت يف مقدمتها الرافد اإلنساين ، والرافد األخالقي ، فالرتوع الديين الذي ، 2البالغة

عظم وجهات النظر ، والفكر هو يف حد ذاته نزوع أخالقي ، فاألخالق يف يشكل م

إن البالغة بكل : التفكري اإلسالمي رافد يلتقي مع كثري من املؤثرات الداللية ، ولنقل

ا الفكرية ظلت تعرب عن مرتع راسخ قوامه االستئناس والصفاء القليب والتوادمقوما

والت ، وتقديس األعمال اخلريية سواء أكانت بالفعل مع كافة الناس ، والتغين بالبط

.315-314، ص7البداية و النهاية، جابن كثري ، - 1. 184، ص 3جورج جرداق، علي وسقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 116: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

101

و االبتسامة يف وجه األخ كذلك والتناصح كلها كلمة ، فالكلمة الطيبة صدقةأم بال

سلوكات إنسانية جامعة بني متطلبات احلياة املادية واملعنوية حبيث يرتد العمل

اخلرية ، لذلك واتساقا اإلنساين إىل مناسبة للتمادح والتفاضل واملنافسة بني القلوب

مع هذا التوجيه املنهجي للفاعلية البالغية فقد صادفنا البالغيني يصطلحون على

، ويرون إىل التحسينات اللفظية العاملة على جتويد اخلطاب 1وظيفة التأمل القليب

، فاالحتفالية اليت 2وجتميله وتوشيح أساليبه وعبارته على أنه ضرب من قرى األرواح

اشتهر ا اإلنسان العريب تصري البالغة والتجويد اللغوي إحدى موادها عادة ما

الغذائية نظرا لشدة ما كانوا يعولون عليه من الزاد الفين اجلمايل الذي يوشحون به

عباراته ، ويزينون به خماطبام ، وكل ذلك يأتون به يف سياق إكرام املنشئ أو

شروط الذكاء العلوي النادر الذي تراه يف ، و مناخلطيب لضيوفه السامعني املكرمني

النهج أنا إجتهت، و هذا التماسك بني الفكرة و الفكرة حىت تكون كل منها نتيجة

ومن هنا ميكننا أن نقف على مدى التالحم أو ،3بعدهاطبيعية ملا قبلها و علة ملا

.87 ، ص1983لبنان –زرزور، دار الكتب العلمية، بريوت : السكاكي ، مفتاح العلوم ، الطبعة األوىل ، حتقيق - 1 .86 املصدر نفسه ، ص - 2. 185، ص 3جورج جرداق، علي وسقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 3

Page 117: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

102

شتد عواطفها التآصر بني طريف اخلطاب يف الفكر البالغي العريب ، فاحلميمية اليت ت

بني الطرفني تتحول إىل شبة اتفاق على مناجزة مكونات اخلطاب األديب اجلمايل

.بإسباغ التحفيزات من لدن املتلقي لتفهم شفرات اخلطاب

:موافقة الفطرة اإلنسانية لإلحساس باجلمال

للجمالية عدة جتليات داللية وحسية ، إال أن مـا يوحـد تشـعباا الغنيـة

باإلحاالت املرجعية هو اتفاقها يف األثر الذي ميكن أن تعاين من خالله املادة اجلمالية ،

حبيث ميكن مالحظة األثر اجلمايل يف النفس البشرية من خالل ظهـور االنفعـاالت

الناس أعداء ما :" ، يقول علي رضي اهللا عنهأو اهلزات أو التغري يف املالمح والشمائل

واللغة اليت هي مضمار حبثنا تستمد تأثريها اجلمايل يف النفس انطالقا مـن ،1"جهلوا

الفاعلية اللغوية اليت تشحن جبملة من القيم التعبريية هي يف غالبـها قـيم بالغيـة أو

يف نظرنا سوى نظرا لكون الوظيفة اللغوية تبدأ تأثرياا اجلماليـة أسلوبية وليس ذلك

انطالقا من النشاط الصويت الذي يعترب العنصر األكثر نشاطا يف صناعة الداللة األدبية

ثرياته االنفعالية انطالقا من كوا يتشاكل يف النفس مع اخلصوصيات أوالذي يستمد ت

. 185، ص 3سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد جورج جرداق، علي و - 1

Page 118: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

103

وات اللغة العربية وإن ماهية الكالم يف التعريفـات الصوتية والتنغيمية والتوقيعية ألص

يقال (... العربية اإلسالمية أي األصولية مستمدة من تلك املرجعية النفسية إذ الكالم

، 1...)باالشتراك على املعىن القائم يف النفس ، وعلى األصوات املقطعـة املسـموعة

ستعمال األديب مغمـور بالغنـاء والصوت اللغوي الذي هو املادة اجلمالية اخلام يف اال

الوظيفي الذي ميتد ليوصل باألسرار الروحية من اخللقة الربانية لإلنسان ، ونظرا هلـذا

التعالق بني الوظيفة الصوتية اليت ارتأيناها املادة احلامسة يف صـناعة مجاليـة امللفـوظ

ـا إىل واملسموع فقد وجدنا من علماء األصول من يوثقها نفسيا وروحيا فيذهب

وصلها بالكيفيات النفسية ويصفها بأا كيفية للنفس ، مبعىن أن أصوات حروف اللغة

هي كيفيات وأحوال نفسية متتلك من قابلية االنزياح والتماهي ما ال متلكه مادة حياتية

.أخرى

لقد بلغ من شدة متاهي املادة الصوتية اللغوية أن ارتآها اجلاحظ مفتوحة علـى

ت التصويتية وأن من املواد الصوتية ذات املطلب اجلمايل ما ال خمـرج كل االحتماال

واملخارج ال حتصى وال يوقف :(... ثابت هلا ، وإمنا هي تلحينات وتنغيمات حني قال

.11ن علم األصول ، دار املعرفة بريوت لبنان ، ص الشوكاين حممد بن علي بن حممد ، إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق م - 1

Page 119: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

104

حيث نعتقد أن الوظيفة اجلمالية التنغيمية أو اخلطابية هي اليت تنشط الصور ...) عليها

ية اللغوية ، وإننا نتصور عليا بن أيب طالب أحد األلسنة االنزياحية جلوهر املادة الصوت

اليت أوتيت مهارة التفنن يف التصرف يف النسوج الصوتية اليت شكلت بالغة اخلطـاب

ال يعرفون من أتاهم و ال حيفلـون مـن :" ، يقول علي رضي اهللا عنهيف ج البالغة

.1"بكاهم، و ال جييبون من دعاهم

نستدل هلذا الرأي مبا سنقول يف موضوع اخلطبة الشقشقية ونعيد حني نعتمده

سياقا إبداعية ومجاليا يربط بني الغايتني التواصلية واإلمتاعية من أجل إنتـاج مجاليـة

أن كل حاسة من حواس البدن إمنا تتقبل (... اخلطاب النثري يف ج البالغة ، وذلك

تا مما طبع صلله إذا كان وروده عليها ورودا لطيفا باعتدال ال جور فيـه ، ما يت

وموافقة ال مضادة معها ، فالعني تألف املنظر احلسن ، وتقذى باملرأى القبيح الكريه ،

ذاق احللو ، وميـج واألنف يقبل الشم الطيب ويتأذى باملننت اخلبيث ، والفم يلتذ بامل

، للصوت البشع املر فاخلفيض الساكن ، وتتأذي باجلهري اهلائل ، واليد واألذن تتشن

. 190، ص 3جورج جرداق، علي وسقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1

Page 120: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

105

وملا كان هذا سبيل إعمال 1 ...)تنعم بامللمس اللني الناعم ، وتتأذي باخلشن املؤذي

النشاط احلسي يف احملسوسات فقد شاكلها من جهة أخرى إعمال احلس يف اسـتقبال

انب التأمل والـتفكري املفهومات فكان باملقابل يف القياس احلسي للجمال وما يتعلق جب

وتسريح اخلواطر فيصف ذلك البالغيون العرب الذين هم فالسفة مجاليون من جانب

والفهم يأنس من الكالم بالعدل الصواب احلق ، واجلـائز (... آخر متعلق باملوضوع

املعروف املألوف ، ويتشوف إليه ، ويتجلى له ، ويستوحش من الكـالم اجلـائر ،

حملال واهول املنكر وينفر منه ويصدأ له ، فإذا كان الكالم الـوارد واخلطأ والباطل وا

على الفهم منظوما مصفى من كدر العي مقوما من أود اخلطأ واللحن ، سـاملا مـن

جور التأليف وموزونا مبيزان الصواب لفظا ، ومعنا وتركيبا اتسعت طرقه ولطفـت

. 2...) مواجله ، فقبله الفهم وارتاح له وأنس له

حبيث إذا تأملنا رأي ابن طباطبا وقد كان التفكري اجلمايل العريب يأيت مبثوثـا

يف ثنايا اآلراء النقدية األدبية ، وخاصة ما تعلق باجلانب اللغوي البالغي ، فالتوصيفات

.52حممد زغلول سالم ، منشأة املعارف باالسكندرية، ص : ، عيار الشعر ، حتقيق يابن طباطبا العلو - 1 .52، ص املصدر السابق - 2

Page 121: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

106

اللغوية اليت كان يعول عليها يف القبض على خمتلف التأثريات اإليقاعية والداللية غالبا

و هـذا سم بالرتوع الفلسفي اجلمايل ذي اخلصوصية العربية اإلسالمية ، ما كانت تت

األثر األديب الكامل ، و هو ما نراه يف ج البالغة و إنك لتحس نفسك مندفعا يف تيار

مكـان إىل جارف من حرارة العاطفة بسائر ألواا و أنت تسري يف ج البالغة مـن

للرتوع اجلمايل يف رأي ابن طباطبا أنه الءم بـني وقد ثبت يف التوثيق الفلسفي ، 1آخر

سياقني ، سياق احملسوسات من ملمس ومشم مذوق ومسموع رابطا إياها باجلوانب

اجلمالية املتعلقة بالوظيفىة البالغية والداللية يف ذات الوقت ، وأن شروط التـربم أو

الصدود عن املادة التقبل تقريبا هي واحدة حيث يتصل اجلانبان يف موضوع التقبل أو

طمئنـان واسـتئناس احملسوسة مبدى ما توفره املادة احملسوسة املذوقة من الراحة واال

، وأن مجيع تلك العوامل املؤثرة مرجعها إىل مدى مالءمة احملسوسات للذات املتحسسة

. لعمل اجلملة العصبية فما الءمها تقبلته وما عارضها واستعصى عليها تربمت منه

اجلمالية اللغوية مبرتعها النفسي واالنفعايل ، فهي أي اللغة وخاصة لغـة تتصل

األصوات قابلة الحتمال الغرض التواصلي انطالقا من نشاطها الصويت أو اللفظـي ،

. 191، ص 3جورج جرداق، علي وسقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1

Page 122: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

107

1وقد أيت احلاج على توصيف هذا اجلانب اإلجرائي والعملي يف كتاب البيان والتبيني

أنيس والتلقي بالبشر من حقوق القرى ومن ألن العرب جتعل احلديث والبسط ، والت(

، ويزيد اهتمام اخلطباء والبالغيني بتجويد الصوت اللغوي نظرا 2...)متام اإلكرام به

ملا جيدونه من قيم فنية ومجالية تربو على مطلب التواصل العادي ، وتكون سـببا يف

م شعرا أم نثـرا ، إثارة الغبطة واملسرة لدى إتقان إيقاعات اخلطاب سواء أكان الكال

ولقد جارى اجلاحظ كثري من البالغيني العرب يف التعويل على أمهية إتقان الصوت ،

وإعطائه حقوقه من الفصاحة حىت عد ذلك االهتمام يف باب اجلمالية اللغوية بامتيـاز

، حيث ما كان هلؤالء البالغيني التعريج على إسباغ التوظيفات اللسانية 3اجلمايل للغة

لسماعية الالحقة باألداءين الصويت واللفظي لوال إحساسهم بأن لقوامة اللسان املزية ا

.الفضلى يف حتقيق مجاليات اخلطابني الشعري والنثري معا

إذا فاجلمالية األدبية يف ج البالغة هي مجالية لسانية تشمل كل املسـوغات

وأما ما حلق ا مـن القـيم اجلماليـة التعبريية ، ميثل فيه التأنق اللفظي املادة الفنية ،

. 10،ص 1اجلاحظ، البيان والتبيني ، ج - 1 .10، ص 1 ، ج السابقاملصدر - 2 .7-3السكاكي ، مفتاح العلوم ، ص - 3

Page 123: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

108

املتصلة باملوضوع فمثلما هو ظاهر فإن األدبية العلوية تتصل من قريب بدالالت الدين

اإلسالمي و األخالق والقيم اإلنسانية عامة ، حبيث تتصل هذه املرجعيات األخالقيـة

دثون أن الرسول بتزكية روحية تتصل االتصال الوثيق بالعقيدة اإلسالمية فقد روى احمل

صلى اهللا عليه وسلم دعا البن عباس مبا يتضمن الفطنة يف تفهم الداللة اللغوية القصية

.1) اللهم علمه التأويل وفقهه يف الدين :( املعاين حني قال

وحىت وإن باينت الوظيفة البالغية الوظيفة الدينية مـن حيـث التسـهل أو

فإن مجالية اللغة العربية ظلت متثل إشكاال دالليا أحـرج االنضباط يف االعتقاد الداليل

كثريا من العلماء ، فاللغة بأسبقيتها النفسية قبل املؤثرات األخالقية الكـثرية املتنوعـة

جتعلها عرضة للتقلبات الداللية ، وهي أي اللغة باتصاهلا الوثيـق بـاحلوافز النفسـية

ديد الكثري مـن الوظـائف التواصـلية أو واالنفعالية ظلت متثل احملك األبرز لدى حت

اإلبالغية ، ولقد ظل موضوع اللغة بنسبيتها الداللية املهتزة طبيعيا تطرح إشكاال هـو

و إنك لتدهش أمام هذا املقدار من األحكام و (مدى حتقق املالءمة بني الدال واملدلول

. 99، ص 1981املكتبة العلمية ، 3:ط ،، تأويل مشكل القرآن ابن قتيبة - 1

Page 124: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

109

كون معرضة للنشـاط ، واللغة مبناسبتها للواقع وغري مطابقتها له ت1)الضبط العظيمني

االنزياحي الذي حيف الوظيفة اإلبالغية فيها مبزالق احنرافية هـي الـيت أوحـت إىل

البالغيني العرب واللغويني إىل دراسة مسألة اإلعجاز حىت أفضى خليط التـداول يف

، 2...)الكالم احلقيقي هو القـائم بـالنفس دون الصـيغ (... املوضوع إىل القول

ولنتصور كيف أن استعمال التواصل اللغوي يتخذ له فاعلييت املشافهة واملعاينة كمـا

يتخذ له املكاتبة واملراسلة ، فاألوىل يف نشاط اخلطبة يستعني فيه اخلطيـب بتوظيـف

املسعفات األخرى الكثرية املتنوعة تنسحب على الظرف مكانه وزمانـه والشـمائل

رف واالرجتال والبداهة وأمـا فاعليـة املكاتبـة واملراسـلة واملعاينة واحملاضرة والتص

فتنحصـر يف ال تقل فيها املثريات الدالليةفمحدودة النشاط حمصورة املادة مغلقة ا ،

. جهة القارئ ال تتعداه

ية املتعلقة بتأديـة الصـوت ولقد انتبه مصطفى صادق الرافعي بإثارة اجلوانب اجلمال

على صنع البيئة وفعلها يف التربية الصوتية اجلمالية حبيث يكون ، وخالهلا أحال اللغوي

. 186، ص 3جورج جرداق، علي وسقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1 .99الشوكاين حممد بن علي بن حممد ، إرشاد الفحول إىل إحقاق احلق من علم األصول ، ص - 2

Page 125: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

110

ألن جمرى األسلوب من الطبع ، و الطبع غالب مهما ( إتقاا يصب يف مسائل اجلمال

اجلمال يف : والعرب تقول 1 )تشدد املرء و ارتاض، و مهما تثبت و بالغ يف التحفظ

.ل حسيا وانفعاليا بالدالالت القلبية اللسان امتداحا ألثر خطورة هذا العضو املتص

واحلقيقة أننا إذا ما تعمقنا البحث يف مسألة الداللة اللغوية اجلمالية أليفناهـا

لدى العرب متشعبة واسعة اآلثار ، تتجاوز بنشاطها وفعالياا الغزيرة املتنوعة السلوك

اصل بـدءا مـن التواصلي العادي ، فهم أي العرب تبتدئ املالحظة واخلطاب والتو

قسمات الوجه والشمائل واحلركات وهي املبادئ الداللية التواصلية الـيت تسـتكمل

بربوز الصوت اللغوي أو التعبريي ، ولعل حتسس التواشج الوظيفي بني الدالالت غري

الصوتية وباقي الدالالت اللغوية اليت تبتدئ بالصوت املعرب هي اليت أنطقت اجلـاحظ

آلة اللفظ ، واجلوهر الذي يقوم به التقطيع ، وبه يوجد التأليف والصوت هو : ليقول

، ولن تكون حركات اللسان لفظا وال كالما موزونا وال منثورا إال بظهور الصوت ،

وال تكون احلروف كالما إال بالتقطيع والتأليف ، وحسن إشارة باليد والرأس ، مـن

. 300م ، ص2001، دار الكتاب العريب، بريوت 1مصطفى صادق الرافعي، إعجاز القرآن و البالغة النبوية، ط - 1

Page 126: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

111

ارة من الدل والشـكل والتقتـل متام حسن البيان باللسان ، مع الذي يكون مع اإلش

.1)والتثين واستدعاء الشهوة وغري ذلك من األمور

فهو يتناول كيفية إبتداع األدباء يف نتاجام و الظروف احمليطة بذلك اليت تساهم يف

، جند خيال علي هو منوذج للخيال العبقري الذي يقوم علـى تعبريي مابلورة موقف

، وإن إتقـان التوافـق 2ذا الواقع و يربزه و جيليه أساس من الواقع العميق فيحيط

الوظيفي بني احلس املبدع والواقع املبتدع على اختالف الكيفيات اليت يتمثلها الفنـان

املبدع لغويا وتشكيليا ولكل تلك النشاطات يف ميدان األدب خصائصـها التعبرييـة

ـ صل تلك الكيفيات التعبريية باملقدرات التعبريية والتوقيعية اليت أفرزا ، شريطة أن تت

والعريب البليغ أو الذي أويت نصيبا من الرغبة يف استقصاء الدالالت واملعاين بسـلوك

احلس خمتلف األساليب االستداللية الكفيلة بتقدير جهات الداللة ، فهـم يتلـذذون

التأويل ، ويستحسنون ااز ، ويبهجون بإيقاعات االنزياح حىت كان تعـود احلـس

يلفتها فجأة عن املعىن الظاهر مث يبغتها بروح (... واملنهاج على التعامل بتلك الطريقة

.78،ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج - 1. 188 - 187، ص 3جورج جرداق، علي وسقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 2

Page 127: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

112

الكالم ، فتكون هلا بينهما هزة من الطرب الذي ينشأ عن إدراك العقل ملـا لـيس يف

، وقد كانت التربية الفنية اجلمالية اليت عادة ما تندرج حتت 1 )مقدوره مع رغبته فيه

واملدارسة والعادة والعشق يف نفوس األعـراب الفطنة البالغية حتضر بالفطرة والتعلم

املتحاضرين ، والذي يقدر األبعاد البالغية اليت تتضمنها خمتلف اخلطابات األدبيـة ،

يستطيع أن يقف على روح املنافسة اليت حتضر بقوة وفعالية بني طريف اخلطاب املنشئ

اجز فين ومعريف ينتهي يف واملتلقي معا ، كالمها يرتع إىل التفوق على اآلخر يف شبه تن

فكان كالمـه اية املطاف إىل إنتاج اخلصوصية األدبية هلذا اخلطاب األديب أو ذاك ،

وإذا قدرنا هـذه اإلبعـاد 2 )دون كالم اخلالق و فوق كالم املخلوق(رصي اهللا عنه

ا اإلبداعية يف أدبية علي بن أيب طالب ألفيناها حاضرة اإليقاع ، بادية الروح ينبض

كل موقف تعبريي ألن شخصية علي بن أيب طالب يشترك فيها اخلطيـب والداعيـة

واخلليفة والشاعر والبليغ ، وكان علي بن أيب طالب يرتع يف كل املواقف اخلطابية مبا

، يقـول رضـي اهللا براز التفوق البيـاين اهو أكثر من ظاهر ملموس ومتشخص إىل

.229، ص 1974دار الكتاب العريب ، بريوت لبنان ، 4:، ط 1:مصطفى صادق الرافعي ، تاريخ آداب العرب ، ج - 1. 184، ص 3لي وسقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد جورج جرداق، ع - 2

Page 128: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

113

احلاسد، نفس دائم و قلب هائم، وحـزن الزم، ما رأيت ظاملا أشبه مبظلوم من :"عنه

درجـة مـن احلضـور ، تظهر فيه 1 "مغتاظ على من ال ذنب له، خبيل مبا ال ميلك

الوظيفي حنس معها أن عليا كان يستعمل املهارة اللسانية سبيال إىل حتقيق الكثري مـن

أو الغايات النضالية والتفوق اللغوي البياين لدى كـل منـاظرة أو منافسـة

التعـبري (... امتحان لفكرة ما، وقد كان ذلك السلوك البالغي مستندا إىل جعـل

اللغوي من موسيقى الفكر والشعور قد تتناغم وقد تتنافر وفقـا لطبـائع العقـول ،

، لذلك فإننا نعتقد تبعا ملا ثبت من آليات التواصـل وطقـوس 2)ونبضات القلوب

يلقي أذنا إىل املتكلم إال وهو يعتقد مسبقا أنه سـيتلقى احملاضرة أن السامع ما كان ل

جديدا مستطرفا بديعا ، وهو بفضل ذلك التهيؤ الذي ميأل مشاعره متفطن متحني مهيأ

.إلحصاء الغايات اإلبداعية املتحراة من كل مقام خطاب

واتساقا مع هذا املؤدى النظري الذي يبحث يف طرائق التواشج الوظيفي بـني

التعبري والشيء املعبر عنه ، فقد وجدت اجلمالية اللغوية الكثري من املواضـيع أدوات

. 187، ص 3جورج جرداق، علي وسقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد - 1 .25، ص 2006لطباعة والنشر والتوزيع ، شركة مصر ل 4:حممد مندور ، األدب وفنونه ، ط - 2

Page 129: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ولالفصل األ

114

اإلجرائية اليت تغين هذا الرتوع ، مث وصلت ذلك االهتمام مبالحظة أو توصيف وكيفية

تذوق الناس ملختلف هذه الصياغات اليت تتخذها النفوس سبيال لتحقيق قيم إبداعيـة

، ومدى اآلثار اليت يتركها تذوق تلـك األعمـال و كيف يشعرون إزائها. بعينها

.الفنية يف أفكار و اجتاهات الناس، و يف مشاعرهم و يف حيام اليومية

Page 130: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ج البالغة أشكال التعبري األديب يف: ماهية الرتوع اإلبداعي األديب.

مجالية النص النثري.

مجالية التشكيل األديب النثري.

مجالية املضمون األديب.

Page 131: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

112

هميرى معظم أعالم النقد األديب ، ومنهم البالغيون العرب الذين ظلت آراء

التقييمية للخطاب األديب حتاول االضطالع بتوصيف الوظائف الفنية واجلمالية اليت

ختتص ا العبارة اللغوية ، أن مثة وازعني حامسني ينتظمان الوظيفة اللغوية مها الشعر

والنثر ، حبيث يستوليان على املرتعني اإلبداعيني ، وغالبا ما يسندوما إىل مبدأ نشاط

الكالم اللغوي .

لقد كان البالغيون العرب ونقاد األدب على العموم متيقظني ملعيارية

التوصيف اخلطايب ، خاصة عند كل مداخلة ملبدأي النثر الفين من حيث مشاكلته فنيا

يف خطبه جائشة بقلبه ، فقد كان علي رضي اهللا عنه كالربق ومجاليا ملبدأ التشعري

، وقد نستعيض بكثرة اإلحاالت 1ال إجهاد منطلقة على لسانه، عفو اخلاطر ال عنت و

النقدية األدبية يف حتديد اخلصائص اإلبداعية بني الشعر والنثر الفين مبا نبه عليه ابن

االستعمال : طباطبا يف عيار الشعر حينما اضطر إىل التمييز بني صيغتني نثريتني مها

وبني ذلك االستعمال الشعيب العامي الذي تستخدمه العوام يف تواصالا الساذجة

الفين اجلمايل الذي حيتاج فيه األديب إىل توظيف ذات القيم اإلبداعية املستعملة يف

. 186، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 132: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

113

بائن (... إنتاج الشعرية ، والشعر يف نظر ابن طباطبا إذا باين املنثور فإمنا الشعر هو

بني ، ولو كان موضوع املوازنة 1...)يف خماطبام ملنثور الذي يستعمله الناس عن ا

مجاليتني مجالية الشعر ومجالية النثر الفين ملا اعتمد ذات منهج الرؤية النقدية الذي

. اعتمده ابن طباطبا يف رسم الفوارق اإلبداعية بني النثر والشعر

:الفارق اجلمايل بني الشعرية والنثرية: ماهية الرتوع اإلبداعي األديب

هي متوافرة عليه بنية اخلطبة فإا قابلة وبالنظر إىل سعة االستيعاب البالغي اليت

للتماهي مع التجارب اإلنشائية العربية املختلفة ، تستوعب الشعر وال يستوعبها،

و ال جينه البطون عن :" ، يقول علي رضي اهللا عنهوتتضمن كل احتياج لإلطناب

ها تيوال حيتمل غريها من اخلطاب قابل ،2"الظهور، و ال يقطعه الظهور عن البطون

للمراوحة والتحايز مع غريها من أنواع القول والكتابة ، وهي بذلك حمتاجة من

اخلطيب أن يكون واسع الثقافة ، شامل االطالع ، متعدد املعارف حىت كأن اخلطبة أم

واإلقناع هو قوام ، فالتخييل هو قوام املعاين الشعرية (اآلداب ، وجوهر البالغات ،

. 41 ابن طباطبا العلوي ، عيار الشعر ، ص - 1

. 489، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 133: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

114

كما أن التخاييل ... ال اإلقناعات يف األقاويل الشعرية سائغ املعاين اخلطابية، واستعم

سائغ استعماهلا يف األقاويل اخلطابية يف املوضع بعد املوضع ، وإمنا ساغ لكليهما أن

يستعمال يسريا يف ما تتقوم به األخرى ، ألن الغرض يف الصناعتني واحد وهو إعمال

ول لتتأثر ملقتضاه ، فكانت الصناعتان احليلة يف إلقاء الكالم من النفوس مبحل القب

متآخيتني ألجل اتفاق املقصد والغرض فيهما فلذلك ساغ للشاعر أن خيطب لكن يف

ميكننا أن نرى .1...)األقل من كالمه، وللخطيب أن يشعر لكن يف األقل من كالمه

خلطابة إىل شهادة التواشج الفين واجلمايل املنتهيني إىل الغاية الوظيفية من مرتعي ا

والشعر معا على أما يستهمان استهام احلس مع العقل فاململي واملستملى كفيالن

بتحديد السياق األديب للخطابني ، خطاب التنثري الفين ، وخطاب التشعري معا ، يحلى

الواحد منهما حبضور إيقاع اآلخر فينتج حيزا من املراوحة احلسية املقتضاة إنشاء

هلذا السبب ألفينا حضور املناجزة البالغية والفنية اجلمالية يف وقراءة ، ونعتقد أن

الرتعة اجلمالية ما دخل منه يف راعتمث ( خطب علي بن أيب طالب يف ج البالغة،

.361،ص 1:البلغاء وسراج األدباء ، الدار العربية للكتاب ، تونس جحازم القرطاجين ، منهاج -1

Page 134: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

115

فالعبارة النثرية الفنية تبلغ أوج غاياا، 1)نطاق التعبري، فإذا هو األدب اخلالص

اإليقاعية وتعظم أسباب التجويد البالغي حىت تنقض على مادة اجلانب اآلخر

وملا كانت النفوس حتب االفتنان يف (... فتستدعي آليا حضور النموذج الشعري

مذاهب الكالم وترتاح للنقلة من بعض ذلك إىل بعض ليتجدد نشاطها بتجدد الكالم

ية املقصودة به مبا جيدي يف ذلك عليها ، وكانت معاونة الشيء على حتصيل الغا

جدواه أدعى إىل حتصيلها من ترك املعاونة ، كانت املراوحة بني املعاين الشعرية

واملعاين اخلطابية أعود براحة النفس ، وأعون على حتصيل الغرض املقصود فوجب أن

يكون الشعر املراوح بني معانيه أفضل من الشعر الذي ال مراوحة فيه وأن تكون

، وقد 2 ...)اخلطبة اليت وقعت املراوحة بني معانيها أفضل من اليت ال مراوحة فيها

كان علي بن أيب طالب يف ج البالغة متعدد اإلحاالت الشعرية بني جاهليها

وإسالميها ال بتقصي عينة منها ألسباب تارخيية أو أخالقية حىت كان احلضور الالفت

. 184، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1 .361ص ،1:حازم القرطاجين ، منهاج البلغاء وسراج األدباء ، ج -2

Page 135: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

116

فلكل منهم ،لبالغةيتجزأ من أدبية اخلطبة يف ج ا ألعالم الشعراء حىت كأم جزء ال

. 1لون من ألوان النشاط الفكري حدده الطبع و املوهبة

ففي احليزين حيز الشعر وحيز النثر يعترب مبدأ الكالم جامعا ملتطلبات التجويد

البالغي ، وحىت وإن غلب فن الشعر على فن النثر من حيث كثرة التداول ، واملبالغة

يف مدارسة فنياته ومجالياته لألسباب املوضوعية اليت دعت إىل ذلك فإن النثرية العربية

ني خمتلف االهتمامات األدبية حىت نازعت النثرية الشعرية يف كثري ظلت تشق طريقها ب

2من النظر البالغي العريب .

، وحسب تقدير البالغيني العرب الذين جوا 3وربما مسيت القصيدة كلمة

نظرية مجال البيان العريب أن املنشئ للخطاب األديب اجلمايل شعره ونثره الفين حمتاج

: فة يف سلوكه اللغوي اإلمتاعي إىل دعامتني خلصهما البالغيون يف لتوثيق عرى الوظي

، والذي يدقق الفكر يف مقوالت علي بن أيب 4التمكن اللساين ، والقوة املتصرفة

. 184، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1 .19مكتبة املعارف بريوت لبنان ، ص 1:املربد أبو العباس، الكامل يف اللغة واألدب ، ج -2اجلامعية لنشر التراث العريب ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر بريوت ابن سالم اجلمحي ، طبقات الشعراء ، إعداد اللجنة -3

.13لبنان ، ص .14، ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج -4

Page 136: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

117

طالب يستطيع أن يقف على اإلحاالت الظاهرة واخلفية على تلك اجلهة الناظمة

هات عرضية ختدم هامش اخلطاب لبالغة القول واليت غالبا من يشري إليها يف شكل تنبي

البالغي املؤطر للسياق الداليل العام يف اخلطبة أو الكالم أو اخلرب أو احلكاية أو احملادثة

2، أو االحتراس من فعل إعمال اللسان واجلنان 1فتراه يقول بالغوص يف عمق الفطن

ق القول ، وقد هداهم حتري الفن واجلمال يف التعبري اللغوي إىل طلب غاية تنمي

وزخرفته تنثريا أو تشعريا فقد أورد املربد شهادة نقدية أدبية تفيد هذا املرتكز حني

من كالم العرب االختصار املفهم ، واإلطناب املفخم ، وقد يقع اإلمياء إىل : ( قال

الشيء فيغين عند ذوي األلباب عن كشفه ، كما قيل حملة دالة ، وقد يضطر الشاعر

املصقع ، والكاتب البليغ فيقع يف كالم أحدهم املعىن املستغلق ، املفلق واخلطيب

واللفظ املستكره ، فإن انعطفت عليه جنبتا الكالم غطتا على عواره ، وسترتا من شيته

، وواضح من خالل استقراء دالالت هذه الشهادة النقدية األدبية أن ثنائية النثر 3...)

ضمن منظور بالغي فين مجايل واحد ، قوامه حتصيل الفين والشعر متتزجان وتلتحمان

. 22الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1 .22املصدر نفسه ، ص -2 .17،ص 1:املربد ، الكامل يف اللغة واألدب ، ج -3

Page 137: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

118

الذات املنشئة للخطاب خصائص التجويد اللغوي اليت من شأا أن جتعل حدود

احلس األديب، بواسع دنويته و حىت لكأن( اإلبداع أو القراءة له متفقة يف حيزيهما معا

، 1) شاط العظيممعانيه و أشكاله، يلزم كل موهبة خارقة يف كل لون من ألوان الن

وهكذا يبدو لنا أن البالغيني العرب ونقاد األدب كانوا يصدرون يف تقييم اجلمالية

اللغوية من مرتع تقييمي واحد يتركز حول مالحظة مجاليات التعبري وفنياته مادام

املرجعية احلسية املشار إليها يف اية األمر هي آلة املنطق وآلة املسمع ، اللسان

. والسمع

واستيثاقا ذا التخريج املالئم بني مبدأي الكالم والشعر جاء يف طبقات

الشعراء البن سالم اجلمحي لدى توصيفه نبوغ النابغة يف ابتداع اجلمالية الشعرية

كأن شعره كالم ، ليس فيه تكلف ، واملنطق على املتكلم أوسع منه على الشاعر (...

. 2 ...)الكالم ايف ، واملتكلم املطلق يتخيرالعروض والقو، والشاعر حيتاج إىل البناء و

. 183، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط و جورج جرداق، علي - 1 .17ابن سالم اجلمحي، طبقات الشعراء ، ص -2

Page 138: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

119

وهكذا فإن االرجتال الذي هو طبيعة انفعالية باللغة الفنية يعترب شرطا ضروريا

لالبتداع سواء أتعلق األمر مبزاولة الشعرية أم النثرية الفنية ، وقد أبان ابن سالم يف

الرأي النقدي اجلوهري السابق املعايري االنفعالية واالرجتالية اليت من شأا أن ختفف

.م اجلميل على املنشئ مؤونة إنشاء الكال

فالعفوية واحلرية واالنطباع هي احلوافز النفسية والروحية اليت حترر اخلواطر ،

وتثري القوى املنشئة لبالغة اخلطاب اجلمايل ، لذلك فقد حرص الشريف الرضي يف

.1تقدمي ج البالغة على نعت علي بن أيب طالب على أنه إمام الكالم

إليه ابن سالم يف توصيف اجلمالية بني شعرية ونثرية ولعل هذا الذي حنا

متشاكلني معا ضمن شروط إبداعية واحدة هي اليت زاد فكررها يف مواضع أخرى من

طبقاته ، ال لشيء إال ألننا نعتقد أن وقوع كتاب الطبقات يف أوليات النظر النقدي

خ التحوالت الفلسفية اليت األديب اجلمايل املؤسس هلوية اخلطاب األديب اجلمايل يف تاري

ميزت القناعات الفكرية واجلمالية العربية خالل هذه الفترة من تاريخ إبداعية اخلطاب

.األديب العريب شعره ونثره

.19الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1

Page 139: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

120

:أدوات التعبري النثري اجلمايل: مجالية النص النثري

و للتدليل على مدى رسوخ االعتبار باقتران الشعر والنثر ضمن الشروط

الواحدة يف مدونات النقد والبالغة األولية فقد أردف ابن سالم يف موضع اجلمالية

آخر من كتاب الطبقات بإسباغ التوصيفات الفنية اجلمالية اليت توحد بني اإلبداعني

ضمن منظور مجايل فين واحد حني قال واصفا خصوصية شعرية الشاعر الشماخ

لنرى كيف أنه القى 1...)لبيد فكان شديد متون الشعر أشد أسر الكالم من :(...

بني الشعر والكالم منتظمني ضمن حكم مجايل واحد هو متكن الشاعر الشماخ من

العملية اإلبداعية وتسهل ارجتال اللغة اجلمالية عليه فال جيد يف جماذبتها مؤونة تذكر ،

تعبريية وملا كان هذا التوصيف الفين اجلمايل سائدا معموال به يف مداخلة املواقف ال

البديعة فقد أشفع ابن سالم التوصيف اآلنف الذكر مبا يعززه ويسنده ويقويه حني قال

وكان لبيد بن ربيعة :(...يف توصيف مستويات االبتداع اليت يتميز ا شعر لبيد

. 2...)، رقيق حواشي الكالم شاعرا شجاعا وكان عذب املنطق

.29ابن سالم اجلمحي ، طبقات الشعراء ، ص -1 .29، ص نفسهاملصدر -2

Page 140: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

121

ويكون من اجلدير بالفعل أن يوكل إىل التقديرات الذوقية التمييز بني ما هو

:يقول علي بن أيب طالب، مسترق مستعذب من األساليب وما هو مستخشن مستثقل

املرجعية يف االعتداد غري أن، 1"وصفهم داء ، و قوهلم شفاء، و فعلهم الداء العياء"

بذلك التمييز يف جمايل الشعر والنثر الفين معا موكل إىل اضطالع احلس بذوق

األصوات اللغوية وهيئات األلفاظ والعبارات ، ولعل هذه النكتة مل تغب عن وعي

علي بن أيب طالب البالغي فقد ظلت خطاباته ملزمة بضرورة االستفادة من تطبيق

فية العاملة على تعزيز الفعل اإلبالغي ، والدليل على ذلك أن آليات التواصل الكي

معظم البالغيني العرب بدءا من رئيسهم اجلاحظ إىل أعالم آخرين منهم ظل مجيعهم

يستثمر املقوالت العلمية باعتبارها النموذج األديب الفين واجلمايل احملقق للغايات الفنية

.سان العريب واجلمالية اليت يتوخاها كل بليغ يف الل

وحنسب أن سلطة علي بن أيب طالب أمام أتباعه ، ويف مقابل خصومه ظلت

تستقي مصداقيتها الفاعلية يف العقول والقلوب من النبوغ البالغي الذي اكتساه

. 481، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 141: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

122

والنثرية ليت انطوت على جتريب الشعرية اخلطاب النثري الفين يف أدبيته على العموم وا

. معا

ملستويات اإلنشائية يف النثرية الفنية يف ج البالغة أن يقف يستطيع املتمعن يف ا

متمثلة يف على حقيقة التناجز بني الشعرية والنثرية الفنية يف سياقات اخلطاب األديب

قد أعدوا لكل حق باطال، و لكل قائم مائال، و لكل حي: ) ج البالغة حيث يقول

.1 )قاتال، و لكل باب مفتاحا، و لكل ليل مصباحا

فالذات املنشئة اليت هي الذات العلمية تتضمن الفعلني متناجزين متشاكلني معا

على طبيعة ما قال به أبو حيان التوحيدي يف صميم هذه الظاهرة اإلبداعية العفوية

إذا نظر يف النظم والنثر على استيعاب أحواهلما ، وشرائطها ، واالطالع (...احلرة

ن املنظوم فيه نثر من وجه ، واملنثور فيه نظم من وجه ، على هواديهما وتواليهما كا

، وبالتوافق مع هذه القناعة 2 )ولوال أما يستهمان هذا النعت ملا ائتلفا وال اختلفا

الفنية اجلمالة املالئمة بني الشعرية والنثرية الفنية وهو الذي عناه أبو حيان التوحيدي

. 482، ص 3، الد املصدر السابق - 1 .135، ص 2:أبو حيان التوحيدي، اإلمتاع واملؤانسة ، ج -2

Page 142: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

123

لفينا العديد من املدونات النقدية األدبية وقصد إليه من التعريف السابق فقد أ

واملصنفات البالغية تتسهل يف إسباغ املواصفات الوزنية أو اليت هي يف احلقيقة مميزات

بالغية إيقاعية على ما يفوق حدود الشعر التقصيدي ، وحنوا مبفهوم التوزين جهة

قد أورد اجلاحظ مساءلة مواصفات مجالية فنية تلتئم فيها الشعرية مع النثرية الفنية ، ف

إىل عيسى الرقاشي وقد كان منطيقا بليغا منشئا لألساليب العربية التوقيعية حني قيل

.1...)مل تؤثر السجع على املنثور ، وتلزم نفسك القوايف ، وإقامة الوزن: له

وكان البالغيون قد اعتنوا بتبيان خمتلف االنسجامات السياقية اليت من شأا أن

لتعبري النثري الفين بالقيم التوزينية الشبيهة بتلك اليت يعتد ا يف التوزين الشعري تمد ا

، لذلك فإن سياقات اخلطاب النثري يف ج البالغة نراها تزدان مبقومات التجويد

البنائي الذي يستمد من كل مسوغ بنائي مظاهره البنائية وهم أي املنشئون واملتلقون

قي تلك القيم اجلمالية الشبيهة بالوزن بناء على معايري بالغية مشتركة إمنا حييلون يف تل

فاألديب يتفاعل مع احلياة و الكون تفاعال مباشرا مستمرا إذ ( ،الشعرية والنثريةبني

.287، ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ج -1

Page 143: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

124

، 1 )حيس و يستلهم بعقله و شعوره و خياله و مزاجه و ذوقه مجيعا أي جبملة كيانه

عيار اخلفة والثقل اليت احتكم إليها اللغويون اجلماليون ولعل أبرز تلك القيم التوزينية م

العرب من أمثال اجلاحظ يف البيان والتبيني ، وابن جين يف اخلصائص وسر صناعة

.اإلعراب

وإذا كانت العبارة مستحالة التوقيع أمجعوا على ذلك واحتفلوا جبماليتها على

: شاكلة ما حظيت به عبارة عبد الرمحن بن حسان بن ثابت حني انفعل بالصيغة

، وقد كان اعتداد البالغيني والنقاد بتلك املرجعيات اجلمالية التوزينية 2لسعين طائر

ية اإلنشاء حروا باعتبارها ثقافة موجهة لعملكافيا ألن يتحسبها املنشئون ، ويت

.النثري الفين اللغوي

ميثل اإلمجاع اإلبداعي واملعريف الذي ساد فترة ما بعيد جميء اإلسالم مبثابة

املدرسة الفنية اجلمالية اليت أوحت إىل اخلطباء والنثار على العموم أن يلتزموا بتلك

صبحت السمات الفنية اجلمالية مطلبا إبداعيا ظل حيضر املعرفة التوجيهية ، حىت أ

. 196، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1 .167عبد القاهر اجلرجاين ، أسرار البالغة يف علم البيان ، ص -2

Page 144: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

125

بفعالية بالغة يف مكونات اخلطاب النثري الفين ، والتزم األدباء نثارهم وشعراءهم

بتزيني اللفظ وحتلية العبارة وزخرفة األسلوب ، وقد تبني أنه كان يتبع الطريقة التزيينية

تنتقل من اإلبالغ احلضوري إىل حتقيقا إلبالغ الغائب وهي طبيعة توصيلية قصوى

.1إعالم الغائب عن املشهد احلضوري ، وكذلك دف التحفظ ، ولتنشيط السماع

الالفت لالنتباه أن الرقاشي من خالل توثيق اجلاحظ النطباعه النقدي اجلمايل

كان قد استعمل مصطلحا فنيا مجاليا كنا سجلنا ظهوره بشكل حموري يف نظرية

إقامة الوزن ، ومعىن اإلقامة هنا هو التوظيف الفين : ة هو داللة مصطلحاجلاحظ البالغي

اجلمايل املنضوي على غاية إبداعية بعيدة الدالالت حني جعل من الوزن مفهوما بالغيا

:" ، يقول علي يف النهجعاما شائعا يسري على النشاطني الشعر والنثر الفين معا

، فهم ملة نوا الطريق ، و أضلعوا املضيقهو قد. يقولون فيشبهون، و يصفون فيموهون

، حىت كأنه ذا االنزياح يف استعمال هذه الدعامة الفنية 2"و محة النريانالشيطان،

اجلمالية قصد إىل اإلشارة إىل مكانة الوزن واإليقاع من الوظيفة الفنية اجلمالية اليت

.287، ص 1:، ج السابقاملصدر -1

. 482، ص 3مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، - 2

Page 145: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

126

: (... اجلاحظ العبارة األدبية قالتسكن جوهر الرتوع اللغوي الفين اجلمايل العميق يف

وأن البيان حيتاج إىل متييز وسياسة ، وإىل ترتيب ورياضة ، وإىل متام اآللة ، وإحكام

الصنعة ، وإىل سهولة املخرج ، وجهارة املنطق ، وتكميل احلروف، وإقامة الوزن ،

، وأن ذلك وأن حاجة املنطق إىل احلالوة والطالوة ، كحاجته إىل اجلزالة والفخامة

.1...)من أكثر ما تستمال به القلوب ، وتثىن به األعناق، وتزين به املعاين

سياق املقولة النقدية أن ابن سالم أسبغ التوصيفات وواضح للذي يستقرئ

الفنية اجلمالية املرتبطة بقيم العذوبة وترقيق احلواشي على النشاطني اللغويني نشاط

الفين مبا ال يدع شكا يف أن البدايات البالغية اليت كانت عبارة التشعري ونشاط التنثري

عن سياقات تقييمية توصيفية كانت تسري قيمها على النثرية والشعرية معا دون متييز

يف الكيفيات الشكلية اليت صار النقاد حيتكموا إليها الحقا يف نقد كل فن من الفنيني

.على حده

فات إبداعية تتلخص يف مصطلحات ، القصيدة وإذا كان للشعر عدة متراد

العمودية ، والنظم ، والقصيدة احلرة أي قصيدة التفعيلة فإن النثر بدوره متعارف على

.14، ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج -1

Page 146: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

127

النثر العلمي والنثر الفين وقد يتفرع هذين النموذجني : تفريعه إىل سياقيني لغويني مها

صاء خصائصها إىل مراتب إنشائية أخرى تعسر على الوعي النقدي األديب إح

، فالفنون اجلميلة هي يف النتيجة الصورة احلقيقية الوحيدة للمستوى احلضاري اإلبداعية

ما مال هو صفوة احلضارة و أعمق الذي بلغته األمة املنتجة، باعتبار أن الشعور باجل

.1فيها

ولعل الذي يهمنا من الصنفني املذكورين من النثر هو الصنف الثاين أي النثر

،2 "و ما تالشت عنه بروق الغمام:" عنه يف النهجيقول علي رضي اهللا الفين ،

وللتفصيل يف اخلصائص الفنية للجمالية النثرية فإنه ينبغي علينا جتذر الظاهرة تراثيا مث

نقد الشعر ، : اثيا ، فقد عرف ابن طباطبا بكتابني مها مالحظة حتوالا اإلبداعية حد

.ونقد النثر

ومثلما كان اهتمام املدونني للبالغة العربية ومجالية اخلطاب النثري تعهد

واضح لبنية املثل العريب باعتباره النموذج اللغوي البالغي التوقيعي الذي هو كفيل

. 32، ص 5،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد القومية العربية جورج جرداق، علي و - 1. 428، ص 3ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد ابن أيب احلديد، شرح - 2

Page 147: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

128

شائية مباينة للصيغة النثرية وإن كانا معا مبشاكلة اجلمالية الشعرية باعتبارها صيغة إن

الشعر والنثر يصدران عن غاية مجالية واحدة قوامها تعاطي اللغة الفنية اجلمالية اليت

، وهذه اللغة الشاعرة يف حروفها قبل تعترب مبثابة الرتوع الترقوي للغة التواصلية العادية

تفاعيل، و قبل أن تتألف من أن تتألف منها كلمات، و قبل أن تتألف من الكلمات ال

.1التفاعيل بيوت و حبور

لقد أبانت املدونات البالغية والنقدية األدبية العربية اليت أصلت للمرتع

.اإلبداعي عن تنبه علماء العربية إىل مثل هذه الظاهرة اإلبداعية

وقد كان تنبههم ذاك استجابة لإلجابة عن االنشغاالت الفلسفية والفنية اليت

ا فتئت تعترض قناعام النقدية األدبية وهم حبكم املزاولة إنشاء وقراءة أي مساعا م

درجوا على التعود على بعض الفنيات واجلماليات املتناهضة يف خمتلف التجارب

فاألدب أصالة يف الفكر و احلس و اخليال و ، العصراألدبية اليت احتفل ا أعالم ذلك

التجارب يف تلك مما وعوه من خالل هؤالء األعالمو بذلك استفاد ،2الذوق

. 13العقاد، اللغة الشاعرة، مطبعة اخلاجني مبصر، ص عباس حممود - 1 . 195، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 2

Page 148: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

129

جمالسهم ومراسالم ، وتوقيعام ، فرياكمون حاصل التجريب بالتنميط والتحفظ

ل بإبداعيته قيمة افترعوها حىت نال ذلك األدب احملتفيتونسبة أهلية البيان ألعالمها ال

يف كل قياس ، لينتقل بعد تشبعهم ، يتمثلونه يف كل مناسبة ويراجعونهةالشهادة الفني

به صائرا مبثابة العينة البالغية املسجلة يف الدرس البالغي العريب ، وحيفظون على

شاكلة ما سجله املربد يف كامله التوقيعات األسلوبية النادرة فيقولون مبدأ هذا

ن ملكية ، يبتغو 1األسلوب أو هذه العبارة لفالن هو أول من افترعها وشق منطقها

، 2، و عن اجلالء عن األوطاناملستطرف يذودون عنه ذودهم عن احلومة من األرض

وإننا مستدلون يف هذا املقام ما أورده عاملان جليالن مها اجلاحظ يف البيان والتبيني

.والباقالين يف إعجاز القرآن

لقد ذكر اجلاحظ أن السياقات التعبريية النثرية قد تداخلها يف االنتظام بعض

العبارات املوزونة بزنة الشعر دون أن تتطلب تقفية أو تشطريا أو تبييتا ، وليس ذلك

يف نظر اجلاحظ ويف اعتقادنا بعد ذلك إال ألن احلس مستعينا بالنشاط اللساين

. 359، ص 2: املربد أبو العباس ، الكامل يف اللغة واألدب ،ج -1

. 43الباقالين، إعجاز القرآن، مؤسسة الكتب الثقافية، صاإلمام أبو بكر حممد بن الطيب - 2

Page 149: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

130

، ألن هلجة قريش متيزت لغتها نات غري العروضيةالسماعي يلجأ إىل مثل تلك التوزي

لتحصيل قيم فنية ومجالية هي وإن حلقت 1و اإلستئناس بإيقاع ألفاضها بلني اجلانب

بالعبارة املنثورة إال أن فيها مسات فنية مجالية تلحقها بالوظيفة الشعرية ففيها يستثقلون

واب مدونام باجلمع بني ويستخفون شأا شأن بيت الشعر ، وقد خصوا بعض أب

الفنني فن النثر وفن الشعر كما ذكر ذلك أبو العباس املربد يف باب من أبواب الكامل

جتتمع فيه طرائف من حسن ( :فتتاح باب من أبواب الكتاب يف اللغة واألدب قال يف ا

.2...)الشعر الكالم ، وجيد

وموظفا يف األبيات وقد أصاب مثل هذا الذي يستفاد من الشعر مدرجا

أقفر من أهله ملحوب ، فعلق عليها ابن رشيق : الشعرية قصيدة عيد بن األبرص اليت

: كادت تكون كالما غري موزون بعلة وال بغريها ، حىت قال بعض الناس (على أا

، إذا فالتوزين هو مسة انفعالية قبل أن يكون 3)إا خطبة ارجتلها فاتزن له أكثرها

. 139م، ص1972، دار الترمجة احلديثة، بريوت، 3اجلاحظ، رسائل اجلاحظ، ط - 1 .117، ص 2: املربد أبو العباس ، الكامل يف اللغة واألدب ،ج -2دار اجليل 5:حممد حمي الدين عبد احلميد ، ط: ،حتقيق 1:، ج ابن رشيق القريواين ، العمدة يف حماسن الشعر ونقده وآدابه -3

. 140، ص 1981للنشر و التوزيع والطباعة بريوت لبنان ،

Page 150: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

131

ا عقليا يتقصد إليه ويستغرض ، وهذا هو التوظيف اجلمايل الفين احلقيقي لإليقاع معيار

.والوزن فما كان منه عفو اخلاطر كان أجنع وأجلب لالستحسان والتأثري البالغي

فاحلس من شدة اخنراطه يف تطلب الغايات الفنية اجلمالية للغة يهتدي عفويا إىل

أو املقامات أو العبارات فتأيت متميزة بتوقيعاا اجلمالية إصابة بعض الفصول من القول

ومثل هذا املقدار من (... رابية على ما جاورها من العبارات يف السياق التعبريي

، فالتركيز احلسي ، وتعميق املعايشة الروحية 1...)الوزن قد يتهيأ يف مجيع الكالم

.ملنشئة لألساليب على توقيع العبارات للغة اجلمالية عامل مساعد على إتقان الذات ا

لقد أوىل اجلاحظ حيزا غري قليل ملعاجلة إشكال التداخل بني الشعرية والنثرية

الفنية يف كتابه البيان والتبيني ، نظر إىل هذا احلقل الداليل لدى تأسيسه جلمالية

نية السماعية ، اإليقاع العريب متضمنا يف نظرية البيان العريب ، وتوصيف الوظيفة اللسا

وحبث أسباب التراسل الروحي بني املتواصلني واليت سبق وأن أشرنا إليها حتت تسمية

التراسل القليب بني املنشئ للكالم واملتلقى له ، وحنسب أن مستويات إرسال اخلطاب

الفين يف ج البالغة قد حازت هذا املستوى من مجالية التواصل بني علي بن أيب طالب

.289،ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج -1

Page 151: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

132

من الشغوفني ببالغته وتوجيهاته ونصائحه ومواعظه ، لذلك مسيت إحدى وحماضريه

نسبة إىل طبيعة كالمية أو تلفيظية عرفت لدى البالغيني 1خطبه الغراء بالشقشقية

العرب مبصطلح الشقشقة ، ونعتقد أن سبب جنوح العبارة إىل التألق البالغي يف هذه

والتظلم واملنافسة ، وحس املصابرة اخلطبة مرده إىل ما تضمنته من بث الشكوى ،

على األذى ، والتجمل باالحتمال ، ولنا يف مقولة البالغيني العرب القدامى ما يسند

هذا الرأي ويقوي هذا التخريج فقد ألفينا البالغيني يضطرون إىل إعمال داللة

وه يف شعرية الشقشقة باعتبارها وازعا بالغيا قويا ، وهاجسا أدبيا بالغ التأثري الذي ملس

تعمد أن يهدر بشقشقة سكان مها يف الريح من كل ماضغ قيصوم (... بشار حني

، وباملماثلة يف القراءة اجلمالية للعبارتني بني اخلطبة الشقشقية لعلي بن 2...) وشيح

:أيب طالب وبني التأثري الذي فعلته قصيدة بشار

إن ذاك النجاح في التبكري بكرا صاحبي قبل اهلجري

.32الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1 .75السكاكي ، مفتاح العلوم ، ص -2

Page 152: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

133

يتأكد لنا األجواء اإلبداعية واملعرفية العامة اليت ظلت تغلف السياق األديب لبالغة علي

، يقول رضي بن أيب طالب فقد ظل لسانه يلهج بكل بليغ ، وحسه ينفعل بكل بديع

باحلواس، و ال يقاس و ال يوصف باألزواج، و ال خيلق بعالج، و ال يدرك:" اهللا عنه

، وقد كان النقد األديب على هذه املرحلة يهرع أول ما يهرع إىل متثل هلجات 1"بالناس

األعراب يوظفها يف األساليب ويضمنها يف العبارات والصور البيانية اليت خيترعها

الذي يكون قد استفاده من معايشة 2متساندا فيها إىل استيداع الصور خزانة اخليال

. ع االجتماعي والبيئي الذي أخلص إليقاعاتهالواق

وحنسب أن هذه املربرات االنفعالية اليت سقناها برهانا على التناجز الفين

اجلمايل بني حيزي الشعرية والنثرية الفنية هي اليت قصد إليها الباقالين يف إعجاز القرآن

الشعري ، وكيف حني طرح إشكال البدايات الشعرية أو التساؤل عن ماهية الوجود

: وقد اختلفوا يف الشعر كيف اتفق هلم ؟ فقد قيل : ( طفرت مجالياته أول مرة فقال

إنه اتفق يف األصل غري مقصود إليه ، على ما يعرض من أصناف النظام يف تضاعيف

. 429، ص 3البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد ابن أيب احلديد، شرح ج - 1 .112السكاكي ، مفتاح العلوم ، ص -2

Page 153: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

134

الكالم ، مث ملا استحسنوه ، واستطابوه ورأوا أنه قد تألفه األمساع وتقبله النفوس

.1...)عد وتعلموه تتبعوه من ب

نالحظ أن اخلطبة الشقشقية اليت احتفل ا ج البالغة حىت كانت مبثابة عقود

أساليب الكالم يف تلك املدونة ، فقد فعلت فعلها يف فكر البالغيني مؤثرة ذات التأثري

البالغي والفين اجلمايل الذي تعمله القصائد البديعة يف نفوس املتلقني ، فقد جاء من

نص خطاا اهلامشي املتبع يف تذييل النص ،واملثبت يف ج البالغة أن احلضور حول

من أهل السواد عند بلوغه بؤرة التأوج البياين أو اجلمايل الفين فناوله كتابا أقبل علي

يا أمري املؤمنني لو : (... بن أيب طالب ينظر فيه ، قال له ابن عباس رضي اهللا عنهما

تطبخ تدفقال أطر ، تيمن حيث أفض قة : كهيهات يا ابن عباس تلك شقش

ت2...)هدرت مث قر .

الشك يف أن جتريب علي بن أيب طالب للممارسة الشعرية ، وإن كان مل يرق

فيها إىل مصاف الشعراء املرموقني إال أن تلك املزاولة ، وذلك التعاطي يكونان قد

.63ص السيد أمحد صقر ، دار املعارف مبصر ،: د بن الطيب الباقالين، إعجاز القرآن ، حتقيقأبو بكر حمم -1 .35الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -2

Page 154: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

135

ئية هي اليت تكون قد طبعت توقيع العبارة النثرية الفنية يف أمداه برؤية نقدية وإنشا

و ال غرو يف ذلك، فقد يأت لعلي مجيع الوسائل اليت تعده هلذا ،كتاباته وخماطباته

، ولعل عناية البالغيني العرب بفن اخلطبة باعتبارها منوذجا 1املكان بني أهل البالغة

ها منوذجا تعبرييا ذا بنية وتشكيل خاصني إنشائيا وسياقا أدبيا هي اليت جعلت نوع

حيظيان مبواصفات إبداعية مشاة لتلك املواصفات اإلبداعية اليت حظيت ا القصيدة

العربية ، وقد صادفنا يف أكثر من مرجع بالغي عريب أو نقدي أديب التركيز التوصيفي

دباء ، وحماورات احمليط بقوانني وطقوس إبداع اخلطبة فقد ورد يف كتاب حماضرات األ

جيب : ما يحتاج إليه يف اخلطبة قيل (الشعراء والبلغاء يف القسم السادس عشر منه أن

أن يكون اخلطيب رابط اجلأش ساكن اجلوارح ، قليل اللحظ ، جهري الصوت ، وأن

. 2...)يضع يف صدر كل خطبة ما يدل على عجزها

ني اخلطبة والشعر ، حبيث صار وميكننا مالحظة أن التوافق الفين والبالغي ب

للخطبة تقاليد لغوية وشروط بالغية صارت مبثابة عمود الشعر ، يلزم اخلطيب باتباع

. 184، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1 .61، ص 1986، دار اجليل بريوت 2:الراغب األصبهاين ، حماضرات األدباء وحماورات الشعراء والبلغاء ، ط -2

Page 155: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

136

تلك الشروط اإلبداعية ، وإذا حنن فتشنا عن املكونات اللغوية والبالغية يف خطب

علي بن أيب طالب وجدناها ملتزمة بشروط اخلطبة العربية من حيث االستهالل

ورة واحلجاج باعتبارها شبيهة باملطالع الشعرية ، مث اخللوص من مجيع تلك واحملا

الفصول إىل خامتة ال ميكنها إال تشاكل شروط بالغة املخرج من القصيدة املطالع

.واملخارج بني اخلطبة والقصيدة

مث أتبعت شهادة اإلعجاب واالفتتان جبمالية بالغة اخلطاب وفنياته بشهادة

نقدية هي عبارة عن صيغة اعتراف باملرتبة العالية اليت كانت حتظى به أدبية على بن

–أو الذوق اجلمايل –و إن قسط علي بن أيب طالب من الذوق الفين ( ، أيب طالب

ابن عباس من انقطاع سيل السرد والتوصيف ، حيث تأسف 1)ملما يندر وجوده

مقام وأسباب التعجيب الفين اجلمايل اليت كان علي بن أيب طالب جياذا ارجتاال يف

يققشفواهللا ما أسفت على كالم قط كأسفي : (..، قال ابن عباس هذا اخلطاب الش

. 2...)ه حيث أراد على هذا الكالم أن ال يكون أمري املؤمنني عليه السالم قد بلغ من

. 208، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1 . 35الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -2

Page 156: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

137

يتبني لنا من خالل استقراء الشهادات األدبية والنقدية والبالغية املنتظمة يف

صور التواصل القليب بني علي بن أيب طالب وحماضريه من األتباع أن عليا كان جيد يف

نفسه من الفطن اللغوية هي ذاا اليت جيدها الشعراء العظام يف مواقفهم اإلبداعية ،

تغول القول ، ويستفحل الفكر بصاحبه حىت يغدو مبثابة القوى االنفعالية حيث ي

ميشون اخلفاء و يدبون :" يقول رضي اهللا عنه، لبالغة الكالماآلسرة للذات املنشئة

وقد الحظنا كيف أن احلضور كانوا ، 1"مؤكدوا البالء و مقنطوا الرجاء. الضراء

النضاخ ، وكيف أن عليا كان يعتذر يرغبون يف االستزادة من معني بالغة علي

احتراما لكفاية املقام حيث مل جيد يف نفسه زيادة على ما قال ، وتواصال يف سياقات

خطاب الشقشقة الذي كان فيه قد استرسل ، فقد كان يقول جماذبا أسباب الرباعة يف

ل ذا كالبيان بناء على ما جيده يف نفسه من التوهج ، ويف خاطره من االتقاد ، فإ

اللسان وطويت صحف القول كان ذلك مبثابة املادة اليت تنفذ أمام صنيع صاحبها ال

. 2جيد حيلة كيف يسعفها لتزيد يف التحقق ، وتتواصل يف الترتل

. 264، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1 . 36 الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -2

Page 157: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

138

ومثلما هو جدير بالنثر أن جينح مبحض السليقة إىل إصابة خمتلف التوزينات

الشعرية ، مثله مثل الشعر ومعياره يف ذلك حمك الذوق الذي أصبح السامع أو املتلقي

متمتعا به خالل تلك املرحلة من تاريخ األدبية العربية ، فإنه باملقابل كفيل بالشعر أن

بيعة إىل إصابة املقدرات التنثريية مثلما هو سائد يف مفهوم تنتثر عباراته وجتنح بالط

النظم الذي هو طبيعة تركيبية للنثر ختالف مبدأ التشعري ، يتفق مبدأ التراسل القليب

الروحي بني املتواصلني خاصة يف جمال اللغة الفنية اجلمالية مع مقولة أوردها اجلاحظ

ة االنفعال بالقيم التعبريية اجلمالية على أن يف البيان والتبيني حني عرف أحدهم حرار

شيء جتيش : (... ذلك عائد إىل قوة املكابدة ، وعمق املعايشة ، وعمق النظر فقال

.1...)به صدورنا فتقذفه على ألسنتنا

وقد أتى هذا االنطباع داال بصدق على مدى ما جيده متذوق اإلنشاء اللغوي

ات وتأليف اللفظ باملالءمة بني مقام احلال ، ومقام من لذة بالغة األثر يف سياق العبار

و إنه من استثقل احلق أن يقال له أو العدل أن :"، يقول علي رضي اهللا عنهاملقال

.96، ص 1: اجلاحظ ، البيان والتبيني ج -1

Page 158: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

139

يعرض عليه، كان العمل ما أثقل عليه، فال تكفوا عن مقالة حبق ، أو مشورة بعدل،

. 1 "فإين لست يف نفسي بفوق أن أخطئ

كتاب احليوان أن اهتدى بفضل نبوغه يف التأسيس لقد سبق للجاحظ يف

للنظرية الشعرية العربية إىل إمساس الكثري من الغايات املالئمة بني الشعرية ومجالية

حىت ثبت مبا ال يدع شكا أن املراهنة على توظيف الدالالت الغيبية األكثر النثرية الفنية

وهو إذا يقول ذا النظر اجلمايل إمنا عدته ،2 و سحرية أبلغ من املعاينة تعقيدا

يف ذلك االعتداد مبدى ما يسهمه به االنطباع واالرجتال واإلنشاء يف حتقيق الغايات

اجلمالية للغة اإلنشائية ، فالنثرية املبدوء ا واملعول على توقيعاا قد تفضل كثريا من

ون قد حققت حرارة االنطباع ، التجارب التقصيدية ، ألا بفورة أوليتها احلسية تك

.وقوة النكت ، ومجالية اإلنشاء

والشعر ال : (... لقد أحاط اجلاحظ مبقدرات الرتوع النثري اجلمايل حني قال

يستطاع أن يترجم وال جيوز عليه النقل ، ومىت حول تقطع نظمه ، وبطل وزنه ،

. 79ص مكتبة املعارف، بريوت، ، 2، الد الكامل يف اللغة و األدب، املربد - 1 . 262، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 2

Page 159: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

140

كالكالم املنثور ، والكالم املنثور وذهب حسنه، وسقط موضع التعجب منه ، وصار

. 1...)املبتدأ على ذلك أحسن وأوقع ، من املنثور الذي حول عن موزون الشعر

يهدينا تأمل مقولة اجلاحظ احملورية يف موضوع التناجز الوظيفي اجلمايل بني

قيقة االنفعال الشعرية والنثرية على ضرورة التنبه إىل العوامل الداخلية ، تلك املتصلة حب

جبمالية التعبري اللغوي ، فاألصل يف القيمة اللغوية اجلمالية متروكة للتقييم احلسي

االنفعايل مبقدراا التعبريية واليت تكون يف الغالب مائلة إىل جهة كفاءا يف إثراء قوى

.2السماعي بالعبارة اللغوية و االنفعالني اللساين

ي الفين سواء أكان مبدأ مسجال يف حيز النثرية أم وحقيقة فإن االنطباع اللغو

الشعرية فإنه ال يقبل االنتقال عنها إىل مبدأ ثانوي آخر ، ال لشيء إال ألن اللغة الفنية

.تظل حمتفظة بكثري من عالمات إنتاجها النفسية واالنفعالية

من عامل وهذا املناط النقدي األديب والفين اجلمايل يف ذات الوقت حتاماه أكثر

بالغة ، وقد انتهى مجيع اخلائضني يف مضمار موضوعه إىل ضرورة االحتفاظ بسمات

.51، ص 1990، دار ومكتبة اهلالل 3:، ط 1:حتقيق حيىي الشامي ج اجلاحظ ، احليوان ، -1 .52، ص املصدر نفسه -2

Page 160: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

141

االرجتال والعفوية ألن حضورها يف مقروئية اخلطاب اإلبداعي يعد مبثابة الشهادة

.الطبيعة على عفوية االنطباع أو االرجتال

، متسامهني الرجتال نسقان متناجزينونعتقد أن مفهوم اخلطاب الكالمي وا

يتفقان يف املرتع الواحد الذي تصدر عنه الرغبة اللغوية ، فالقول الذي خصه ابن جين

خباصية التسارع واالستخفاف ، ميكنه أن يتضمن آليا السمتني اإلبداعيتني املذكورتني

1يف متييز ماهية القول اللغوي .

فأما :"يقول األديب يف مقوالت علي رضي اهللا عنه حيثالرتوع جلىو قد يت

وقد ،2"الناكثون فقد قاتلت، و أما القاصدون فقد جاهدت، و أما املارقة فقد دوخت

يكون هذا الرتوع جمردا من الشروط املركبة األخرى كافيا لالعتداد بالتجربة اإلبداعية

، فبالتوافق مع سياق هذا املبدأ أورد اجلاحظ يف البيان والتبيني تعريف ابن املقفع

: ماحنا إياها األبعاد الواسعة الشاملة وأحاطها باملقدرات التواصلية احملتملة فقالالبالغة

، كثرية ، فمنها ما يكون يف السكوتالبالغة اسم جامع ملعان جتري يف وجوه (...

.5، ص 1 ابن جين ، اخلصائص ، ج -1

. 261، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 2

Page 161: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

142

ومنها ما يكون يف االستماع ، ومنها ما يكون يف اإلشارة ، ومنها ما يكون يف

جوابا ، ومنها ما يكون ابتداء ، ومنها ما يكون شعرا ، االحتجاج ، ومنها ما يكون

ومنها ما يكون سجعا وخطبا ، ومنها ما يكون رسائل ، فعامة ما يكون من هذه

،مث إن هذا التعريف املضطلع بتغطية 1...)األبواب الوحي فيها ، واإلشارة إىل املعىن

، فاألجواء املعرفية اليت مجلة النشاطات اليت احتفل ا اخلطابان الشعري والنثري

تكتنف املمارسات البالغية الفنية اجلمالية ظلت تعول على هذه األجواء اليت أتى على

ذكرها تعريف ابن املقفع للبالغة ، فاألدبية السية اليت ازدان ا نثر علي بن أيب

تنجع فيها طالب يف ج البالغة كانت تلك املناسبات اإلبداعية جماهلا احليوي الذي

املخاطبات اللغوية اجلمالية ، واليت غالبا ما بادر الشريف الرضي من مجع كالم علي

إجراء الكالم حتت جمرى كذا الذي : بن أيب طالب إىل تقدميه حتت املسمى البالغي

حيث يتأثر سياق اخلطاب املثبت حتت هذا 2كان يعين به ضمنيا اإلجراء السياقي

حبسه ( ... ، فقد كان البليغ منهماءالسياقي بعامل االجتزالتوصيف البنائي أو

.116،ص 1:والتبيني ،جاجلاحظ ، البيان -1 .114الشريف الرضي ج البالغة ، ص -2

Page 162: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

143

الفطري وعلى غري دراية منه بأنواع هذه األساليب البيانية ، ومصطلحاا البالغية

. 1...) بليغا ، وأراد أن يعرب عنه تعبريا يستخدمها تلقائيا كلما جاش بنفسه خاطر

يكتسي يف اخلطاب النثري فالترسل الذي من قوامه اإلنشاء احلر للبالغات

، فتلقى له بكل عبارة من ج البالغة الفين يف ج البالغة مجالية أدبية ولغوية خاصة

، يشعر معها القارئ أو املتلقي أن علي بن أيب طالب ظل يعول على 2عمال عظيما

تشكل املهارة اللسانية السماعية يف التمكني لألفكار واملشاعر واإلشارات الداللية اليت

املضمون األديب العميق لكل مقالة أدبية وردت يف خماطباته أو مراسالته ، وإن امتياز

اخلطاب لديه باخلطبة االرجتالية واملواقف التوصيفية الوعظية أو النصحية التوجيهية هلو

الصوت البالغي الغالب على غريه من مستويات إرسال اخلطاب يف ج البالغة ، ومع

املقصدية وعلو الصوت التفكريي على ما سواه يف املكونات األدبية ذلك فإن حرارة

يف نصوص ج البالغة مل متنع من أن تنطبع الذات املنشئة للخطاب األديب اجلمايل من

أن يستدعي أدواته اجلمالية واليت بدت يف شكل مواقف انفعالية أو توصيفة أو سردية

.459،ص 2:ابن جين ، اخلصائص ، ج -1

. 185، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 2

Page 163: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

144

يف عموم أهدافها بالقيم اجلمالية اليت ال خربية هي اليت طبعت السياقات التعبريية

فالنبوغ هو الينبوع ( ،يصعب الكشف عنها يف مكونات اخلطاب األديب يف ج البالغة

. 1 )ال حساب يف جليه لليل أو ار

وإذا حنن راعينا املصطلحات واملسميات والقضايا واملسائل املشار إليها واملأيت

غة بعد أن استوىف بالرؤية الشمولية تلك معظم املناحي عليها يف تعريف ابن املقفع للبال

اليت جيري خالهلا الكالم ، وتنتظم عربها املخاطبات ألفينا مجالية النثر الفين يف ج

البالغة متوايف الشروط مع تلك التعريفات والفهوم والتخرجيات النثرية الفنية وقال

د أمين طائرا ، وأحسن أوال و آخرا ولن جت(... عبد القاهر اجلرجاين معززا الفكرة

وأهدى إىل اإلحسان ، وأجلب لالستحسان ، من أن ترسل املعاين على سجيتها ،

وتدعها تطلب ألنفسها األلفاظ ، فإا إذا تركت وما تريد مل تكنس إال ما يليق ا ،

جتنس ومل تلبس من املعارض إال ما يزينها ، فأما أن تضع يف نفسك أنه ال بد من أن

. 183، ص 3، الد املصدر السابق - 1

Page 164: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

145

أو تسجع بلفظني خمصوصني فهو الذي أنت منه بعرض االستكراه ، وعلى خطر من

1...)الوقوع يف الذم .

صابة الغايات إللجاحظ فصل التنبه إىل العدة اليت ينبغي للبليغ االعتداد ا يف

اإلبداعية النموذجية ، وقد قاده تأمله الفلسفي املشحون بالقناعة اجلمالية إىل التفصيل

يف موضوع التناجز بني خمتلف القوى احلسية واالنفعالية العاملة على حتصيل التعبري

.2...) بأن تكون الغريزة سلما إىل عقل التجربة (...اللغوي اجلميل حيث اشترط

ليل على مدى أمهية حضور النموذج النثري الفين يف املدونات البالغية وللتد

العربية باعتبارها مرجعية نظرية حامسة يف املوضوع فقد أشفع اجلاحظ نظرية التساهم

بني عقل الغريزة وعقل التجربة بشهادة أدبية بيانية هي عبارة عن مقولة حكمية داخلة

، وواضح 3)ي الشيخ أحب إلينا من جلد الشباب رأ:( يف اعتبار التنثري احلكمي فقال

أن مثل هذا التوقيع البياين هو توقيع داليل ألنه على جانب التأليف اللغوي مل يزد على

.10عبد القاهر اجلرجاين ، أسرار البالغة يف علم البيان ، ص -1 .14، ص 2:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج -2 .14، ص السابقاملصدر -3

Page 165: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

146

أن قدم وأخرب وعزز يف استقصاء الداللة باإلضافة مع ما متنحه بنية املفاضلة بني

. ولاملفض الشيئني من طلب املعادلة والتباين بني الفاضل و

ج البالغة بأسلوب القرآن الكرمي و احلديث النبوي :مجالية التشكيل األديب النثري تأثر

الشريف

ل التوجيهات النظرية اليت تدرمعج يف حتصيلها أعالم علوم اللغة وعلينا أن ن

، وتقتضي كل حس حىت صار الكالمالعربية لدى كل فحص لسجالت القول أو

، وإن من أوجه الثراءين األديب 1ئب، و الناقص منظورا إليه تاماالغائب مشبها بالغا

والبالغي الذي حتفل به املدونات األدبية واللغوية العربية القدمية أن النموذج النثري

، العظيم الذي مد األفكار الفين لعلي بن أيب طالب يشكل النموذج اإلبداعي املرموق

بني خمتلف 2معني و مبا ال يؤثر فيه زمان و ال مكانو الضمائر مبا ال ينضب له

. الشهادات األدبية العربية األخرى

إن لقوة حرية التداعي يف التهدي إىل مكامن زخرفة القول سببا يتعلق حبرية

االنطباع وعفويته ، فتخلص احلس والفكر من الشواغل اجلانبية اليت تقوي حضور

. 79، ص 2املربد، الكامل يف اللغة و األدب، الد - 1 . 221، ص 5،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد القومية العربية جورج جرداق، علي و - 2

Page 166: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

147

ومعه اللسان فسحة وحرية االهتداء إىل تأليف العبارات القصدية العقلية مينح القلب

.األنيقة املستعذبة يف اللسان والسمع معا

الذي هو تواشج حركي بني القلب واللسان يف النهج فالتواشج الوظيفي

يصفي العبارة من شوائب النظم ، وينقيها من زوائد احلشو ، وجيعلها بنقائها األسلويب

هلم بكل بطريق صريع و إىل :"، يقول علي رضي اهللا عنهيةمشاكلة للوظيفة الشعر

. 1 " كل قلب شفيع و لكل شجو دموع

ن مراعاة هذه اآلصرة اإلبداعية أن يالئم بني املطلبني اإلبداعيني أوإن من ش

مطلب التشعري ومطلب التنثري ، ولعل هذا الوازع واملناط الفلسفي هو الذي جعل

باغ خمتلف التوصيفات على مهارته ومجاليته يف املقوالت ذكر اللسان والتفنن يف إس

القولية يف ج البالغة حيظى بالعناية البالغة ، والتخير األصفى ، عبر ابن جين يف املقولة

إرسال املعاين على : النقدية البالغية السابقة عن شروط هذا السلوك اإلبداعي مبعايري

ملناسبة ولعل هذا الذي انتهى إليه معظم النظريات السجية ، تطلب املعاين لأللفاظ ا

. األدبية القائلة حبرية اإلبداع

. 264، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 167: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

148

لذلك تواتر يف األحكام النقدية قوهلم بيت شعر جرى جمرى احلكمة ، وذلك

اإلجراء ليس منصبا على الناحية املعنوية بقدر ما هو شامل للجوانب الفنية واجلمالية

. األخرى واليت يعترب اجلانب الفين اجلمايل أحد أبرز مميزاا

النثر بالتركيز على مل يكن بدعا أن يستهل قدامة بن جعفر كتابه يف نقد

سهمي العقل وما يسامهه يف الوظيفة املعرفية من اإلحاالت على احلس يف الوظيفة

األدبية ، بل كان ذلك منه منهاجا بينا راسخا أدرجه مسبقا قبل كالمه على الفنون

يتلونون ألوانا و يفتنون :" ، يقول رضي اهللا عنهالبالغية من بديع وأسلوب وغريمها

مما يلجأ إليه األديب ، 1"و يعمدونكم بكل عماد، و يرصدونكم بكل مرصاد إفتنانا

.البليغ يف تزيني عباراته سواء أتعلق األمر بالشعرية أو بالنثرية إذ هو فيهما سواء

وإذا كان كالم قدامة يف الكتاب على الوازع احلسي غري بين ظاهر يف

غة اتباعها لتحصيل النموذج الشاهد توصيف اآلليات العملية اليت ينبغي ملنشئ البال

على املوقف اإلبداعي ، فإنه دل عليه يف كثري من اإلحاالت املنهجية حىت وإن مل

عين بأثر العقل املوهوب لشائع يف تداول العوام له ، حيثيسمه مبسماه الساذج ا

. 481، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 168: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

149

لذي ارتأيناه امللكة احلسية املكملة للوظيفة املعيارية اليت ميتاز ا عمل العقل ، وهذا ا

متناسب متاما مع القول بالتعاون والتساهم بني جهيت العقل واحلس يف الوظيفة البالغية

كل منهما العقل واحلس يستنري بدالالت اآلخر ويتقوى به ويعتدل ، فاملداخلة اليت

يستفيدها كل من العقل أو احلس هو إجراء تكاملي طبيعي يلغي القطيعة بني اجلهازين

يف الوظيفة البالغية من أجل إنتاج املقومات الفنية واجلمالية للغة األدب شعرا احلامسني

.1 أو نثرا فنيا

وقد فصل قدامة بن جعفر بني صنفني من العقل من حيث قدر أن هلما صلة

بالغة باستمالء املقدرات التعبريية ، والتمييز احلسي الالزم توافره يف شكل كيفيات

وأدوات وصيغ وأساليب من أجل حتقيق الغايات اجلمالية اليت يرتع إليها السلوك

العقل املوهوب حمتاج إىل االكتمال بالتعزز التعبريي اللغوي ، فاملوهبة اليت أمساها

.2املكتسب بالعقل

.6م، ص 1980هـ، 1400لبنان - قدامة بن جعفر ، نقد النثر ، دار الكتب العلمية بريوت -1 .6، ص املصدر السابق -2

Page 169: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

150

وهكذا فاملوهبة البد هلا من أن تتوطد فعالياا ونشاطاا بالتعلم والشحذ

والتثقف فالعقل املوهوب حبيازته االكتمال اإلضايف حيوز درجات النضج الالزمة اليت

ا ما تعلق األمر بالتعبري اللغوي ، يقتضيها إنتاج القيم الفنية واجلمالية خاصة إذ

اليت مثلها علي سيد العرب مظاهر زخرفة بالغة القول والتشكيل اإليقاعي ، وخمتلف

. 1على اإلطالق بالغة و حكمة

فالتربية اجلمالية اليت حيتفظ الوعي الفين واجلمايل بضرورة متتع الذات املنشئة

ا اإلبداعية جيد عوامله املنهجية حاضرة يف مقروئية اجلمالية النثرية يف ج مائصهصخب

البالغة ، لذلك فإن اخلطاب البليغ حيتفظ امش ترقية املعاين والدالالت اليت هي

متطلبة لتلك الفطن البالغية الغنية باإلشارات والتنبيهات اليت تضمنتها بالغة اخلطاب

لة اإلطالق يف التفكري احلكمي اليت تضمنتها املقوالت يف ج البالغة ، وإن لدال

. 2احلكمية لعلي بن أيب طالب يف الكالم القصري اخلارج يف سائر أغراضه

. 228، ص 5، اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد علي و القومية، جورج، جرداق - 1 .539الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -2

Page 170: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

151

ويتمثل أساليب التوقيع احلكمي يف املقوالت احلكمية بداللة اإلطالق اهلادف

لي رضي اهللا ، يقول عإىل التمكني للفكرة والشمولية ، ودقة إصابة الفكرة احملكمة

. 1"قلوم دوية، و صفاحهم نقية، ميشون اخلفاء، و يدبون الضراء:"عنه

ويف مظاهر توقيعية أخرى يرتع علي بن أيب طالب إىل حتصيل اإلحكام

البالغي لنثرية احلكمة فيوظف األساليب اإلنشائية أو التنبيهية أو التحفيزية اهلازة

للمتلقي وأي سامع هامشي آخر قد يتعلق باخلطاب من منطلق الغايات اهلامشية

نعم القرين الرضى، : ية اإلقرارية من مثل ، والبنية اخلرب2كن يف كذا : األخرى فيقول

. 3يا ابن آدم : أو إنشاء النداء البخل عار ،: أو

أن الذي يقال به من ثنائية الشعر والنثر مثلما هي سارية هذه الثنائية اللغوية يف

ظالل ج البالغة يف احلقيقة هو وظيفة شكلية خارجية مسقطة على هوية اخلطاب ،

الذي تتلبسه العبارة اللغوية الفنية حييل على مقروئية نثرية مجالية تعلن عن فالتأنق

نفسها يف كل فصل من فصول اخلطاب يف ج البالغة ، ال تتخلف القيمة اجلمالية

. 481، ص 3احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد ابن أيب - 1 .539ص الشريف الرضي ، ج البالغة ، -2 . 540املصدر نفسه ، ص -3

Page 171: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

152

لنثرية اخلطاب عن قيم التشعري واإلحتاف اللغوي الذي يتلذذه اللسان وتتشنف به

القارئ لنصوص ج البالغة على أن الغاية األذن يف اللغة الشعرية ، وقد يالحظ

طاغية على 2وبديع خلقة اخلفاش1خلقة الطاووس : اإلمتاعية الظاهرة خاصة يف نصي

.جممل مكونات اخلطاب اإلبالغية األخرى

ولعل الذي ساق اخلطاب اإلمتاعي يف هذين النصني هو مباينته للمقصدية

، يقول علي لتوصيف والنعت والقص واإلخباراملوضوعية ، واخنراطه يف جماذبة مهارة ا

و تتصل بعالنية برهان الشمس إىل معارفها، و ردعها بتأللؤ ضيائها :" رضي اهللا عنه

.3"عن املضي يف صبحات إشراقها، و أكنها يف مكامنها عن الذهاب يف بلج ائتالقها

ت واإلملاح، وهي كلها قيم تشعريية تستمد لذا من إيقاع اإلغراب واملفاجأة والنك

حبيث فارق علي بن أيب طالب يف املوضعني من مجلة ج البالغة املخاطبات اإللزامية

اليت يطغى عليها اإلبالغي الصارم وامللتزم بالغايات احلجاجية احملددة السياقات

.292، ص نفسهاملصدر -1 .274املصدر نفسه ، ص -2

. 260، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 3

Page 172: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

153

املوضوعية ، حبيث يعمل طغيان املوضوع وشدة االلتزام بضوابط التفكري على اإلقالل

.لداللية اإلمتعاية للغة اخلطاب من الوظيفة ا

نقول بذلك ألننا نعتقد أن الوظيفة اجلمالية للغة تكون شبه كلية عندما تكون

يف حيز التعاطي النفسي واالنفعايل أي قبل أن تتشكل يف إطارها التعبريي التشكيلي

يقاعية فالشعر أو النثر ال تتحقق شروطه اخلطابية إال بعد خروج مكوناته اللغوية واإل

من مكنون النفس وبواطنها إىل ظاهر اخلطاب أو النص ، لذلك فإننا نعتقد أن اللغة

باتصافها بتلك املؤثرات اإلضافية بعد أن تكون كتلة واحدة موحدة يف حيزها النفسي

إمنا تفقد الكثري من فعالياا الداللية والتعبريية ، ولعل هذا اهلاجس املعريف الروحي هو

واللفظ ليس بظرف حقيقي للمعىن : (... ي لألصوليني اللغويني إىل القولالذي أوح

(...1.

والقارئ أو املتمتع باملادة البالغية يف شعريتها أو نثريتها اجلمالية غالبا ما يرتد

باملقروء دائما إىل الرؤية النفسية ، وقد كان اخلطاب قبل إعالنه وتداوله عبارة عن

انفعالية مشتمل على إرهاصات وخياالت مث ليصري خطاب هاجس إيقاعي وحوافز

. 24الشوكاين ، إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول ، ص -1

Page 173: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

154

حمدد املعامل ألفاظا وأشكاال مث لريتد عند تلقيها إىل التمثل النفسي حيث تعاد قراءته يف

إن اللغة الفنية اجلمالية ال : شكل إحياءات وتصورات وختيالت ، لذلك فإننا نقول

.اء القرائي إىل صورا النفسية الداخلية ميكن قراءا إال باالرتداد ا يف اية اإلجر

، 1...)الكالم احلقيقي هو املعىن القائم بالنفس دون الصيغ (... لذلك فإن

ولعل الذي غلط الدارسني وأوقعهم يف التخليط لدى الكالم على اجلمالية اللغوية ،

د أم اعتقدوا أن خاصة فيما يتعلق ببنية التنثري اليت ال تبييت هلا وال تشطري وال تقصي

الوزن خمصوص به الشعر وعنوا بذلك الوزن العروضي اخلليلي ، واحلقيقة أن الوزن

صفة شاملة واسعة االستيعاب ، والرتوع النحوي يف بناء العبارة هو يف حد ذاته ال

.2خيلو من مقصدية وزنية وإن باينت مبدأ الوزن العروضي الشائع لدى مجهور الناس

اا البنائية امللذوذة أن تنسحب على كثري من الظواهر اللغوية ، ميكن ملواصف

لذلك فإن الصوت اللغوي قابل لالتزان واملقطع اللغوي متطلب كذلك بنية اتزانية

وأما اللفظ من الظواهر اللغوية فواضح توزينه واحلاجة إىل مجالية التعبري املتزن يف

.99، ص نفسهاملصدر -1 .51أسرار البالغة يف علم البيان ، ص عبد القاهر اجلرجاين ، -2

Page 174: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

155

ال يعهد له نضري يف أا لغة يتالقى فيها تعبري احلقيقة و تعبري ااز على حنو مضماره

وإذا بلغنا موضوع اجلملة اللغوية فإا باعتبارها بنية أكثر مالحظة ،1سائر اللغات

وتوظيفا فإن من أبرز جوانبها التوزينية نذكر ، الوزن النحوي والوزن األسلويب

بالغيني واللغوين العرب أن تناولوا املوضوع حتت عنوان والوزن البالغي وقد سبق لل

.الفصاحة واخلطابة والبيان وهو املوضوع الذي سنفصل فيه املداولة

، فقد متيز علي يرتكز اخلطاب يف ج البالغة على مجلة من احملددات املنهجية

دداتهذه احمل ميكن أن نلخص ،2بن أيب طالب بقوة مالحظة نادرة، مث بذاكرة واعية

:يف الضوابط التداولية أو القرائية التالية

يئة اجلامع للمنظمات اخلطابية يف ج البالغة بتقدمي توضيحي يعد مبثابة املدخل

النقدي األديب ملضمون اخلطاب ، كأنه تنبيه لتحديد االختصاص مينع من أن تلتبس

دمات أو املداخل هوية اخلطاب على املطالع له ، وتأيت تلك التقدميات أو املق

:التوضيحية وفق األمناط التالية

. 5عباس حممود العقاد، اللغة الشاعرة، ص - 1 . 188، ص 3العدالة اإلنسانية، الد ،اإلمام علي صوت سقراط جورج جرداق، علي و - 2

Page 175: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

156

باب املختار من خطب أمري املؤمنني عليه السالم وأوامره ، ويدخل يف ذلك املختار (

من كالمه اجلاري جمرى اخلطب يف املقامات احملصورة واملواقف املذكورة واخلطوب

. 1)الواردة

املوضوعي لالختصاص الداليل الذي وهذا التوجيه املنهجي يعترب مبثابة التأطري

مينح القارئ بعض مستلزمات االحتياط من أن يقع يف الفهوم املغلوطة إذ كل نص

قواعد اليت جيب أن حيكم ا حيتوي يف ثناياه على ال(... سواء أكان شفويا أم مكتوبا

هذه ، فكل مؤلف يبسط ملن يريد أن يفحصه املبادئ الالزمة للحكم عليها ، و عليه

املبادئ ميكن استنباطها بأن تسأل أسئلة ثالثة ، ما الغرض الذي يرمي إليه املؤلف؟ ،

.2...)وهل الغرض الذي يرمي إليه معقول؟ وهل استطاع أن يصل إىل هذا الغرض؟

وعلي الرغم من اتضاح املبدأ العام الذي تتمحور مقوالت علي بن أيب طالب

يف سياقه الداللية إال أن امتزاج السياق املوضوعي بالسياق الفين اجلمايل سيظل

.يشكل مطلبا قرائيا تتالقي فيه قيم تفكريية كثرية متنوعة

.55الشربف الرضي ، ج البالغة، ص -1 ، 1986غداد ، دار الشؤون الثقافية العامة ب 2:حممد عوض حممد ، ط: السل إبركروميب ، قواعد النقد األديب ، حتقيق -2

.181ص

Page 176: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

157

ويف غالب املقامات التعبريية تسلك اللغة اجلمالية مرتكزا تأثرييا جيعل اخلطاب

الداللة املوضوعية الفكرية : النثري يف ج البالغة يسري ضمن مؤديني حامسني مها

العقيدية املغلفة بالتوظيفات الفنية اجلمالية واليت تشكل فيه املكون التشعريي القيمة

هذا املكون التشعريي يف حد ذاته ال يفرق عن أن يكون عبارة عن اجلمالية العليا ، و

تلوينات بالغية قوامها التفنن اللساين ، واالمتياز األسلويب ومع ذلك فإن االختصاص

الفين اجلمايل خلطاب ج البالغة مقتضى منهجيا متلقيا حائز على أهلية التجاوب

إذ ال معىن للنص مقروءا يف سياقاته املستويايت مع مكونات اخلطاب النثري اجلمايل

حىت يقرأه شخص ما ، ولكي يكون له معىن جيب أن يفسر ، مبعىن أن (... التداولية

. 1...)يوصل بعامل القارئ

ولعل هذا اهلامش القرائي هو الذي تنبه إليه اجلاحظ يف فضل نقدي أديب رائد

طاب وانزياحاته وانفتاحه على قلما قال به احلداثيون حني ذكر نوعا من مرونة اخل

الثراء التأويلي بني املنشئ للخطاب وبني القارئ أو املتلقي على العموم وذلك

باستهداف مقصدية تشاركية تسامهية واضحة بني طريف التراسل أو التواصل فقد قال

.42حسن البنا عز الدين ، سلسلة عامل املعرفة ، ص : أونج ، الشفاهة والكتابة ، ترمجة. والتر ج -1

Page 177: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

158

كانوا يستحبون أن يدعوا للقول متنفسا ، وأن (... صحار منطيق األعراب والعرب

.1...)فيه فضال ، وأن يتجانفوا عن حق إن أرادوه مل يمنعوا منه يتركوا

ومعىن هذا أم كانوا يتركون ذلك املتنفس التأويلي خدمة لرغابتهم يف

وقوف املواقف القرائية املختلفة منة مضامني الرسالة ، فحيز املتنفس اللغوي الذي عناه

ل ضروبا من االحتيال التأويلي ينصب صحار هو كيفية تركيبية ومعجمية وترادفية متث

مبثابة املنهج يف سياقات تأويل اخلطاب ، وهو ال يتحقق باالعتباط والسذاجة وإمنا هو

اجلمالية مبثابة احلبكة أو األسلوب الفين الضمين وهو كثري التوظيف غزير يف بالغة

ب ساقه صيصة و قد جنمت من ظنبو:"، يقول علي رضي اهللا عنهالنثرية يف ج البالغة

خفية ، و له يف موضع العرف قرتحة خضراء موشاة، و خمرج عنقه كاإلبريق، و

2"ةمغرزها إىل حيث بطنه كصبغ الومسة اليماني .

يرتبط التأطري النقدي التوجيهي الذي يسبق كل خطاب يف ج البالغة بسياق

مبثابة العنونة املوجهة وفق قرائي معني فهو ال يقيد املقروء وال حيرره متاما وإمنا يأيت

.486،ص 3:اجلاحظ ،احليوان ، ج -1

. 326، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 178: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

159

حتكم نسيب يف مقروئية اخلطاب النثري اجلمايل يف املدونة ، لذلك يصادفنا ضربان من

، يغطي السياق الداليل العام ج البالغة الضرب األول عام التقدمي األويل للخطاب يف

السالم باب املختار من خطب أمري املؤمنني عليه : وهو الذي مساه الشريف الرضي

حني -أما بعد فإن اهللا سبحانه و تعاىل خلق اخللق:" ، يقول رضي اهللا عنهوأوامره

مث يأيت هذا التقدمي العام الشامل ... 1"غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم -خلقهم

مبثابة سياق تقدميي تنضوي حتته جمموعة من النصوص واخلطابات يشفع بتخصيص

موضوعايت مؤطر للنص اجلزئي املفرد ، وقد جاء الشريف الرضي بعناوين فرعية حتت

تداء ومن خطبة له عليه السالم ، يذكر فيها اب: املسمى الكبري الذي أشرنا إليه فأثبت

. 2، وخلق آدمخلق السموات واألرض

ولإلملام بالسياقات الشكلية اليت تضمنتها أشكال التعبري األديب يف ج البالغة

القول، : فإننا قدرناها بعد تفكري وتقدير على أا مشتملة على النماذج اخلطابية التالية

، وهي تفريعات ختتلف الكالم ، الرسالة ، االنطباع ، اخلاطرة ، احلجاج ، املناجاة

. 460، ص 3، الد السابقاملصدر - 1 .55الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -2

Page 179: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

160

بالغيا وأسلوبيا من منط إنشائي إىل منط آخر ، ميكن اختبار النربة اللغوية السائدة

بالقياس على جممل املكونات الصوتية اللغوية واملقطعية واللفظية املعجمية ، حىت

.االنتهاء على املكونات اجلملية الكربى احلائزة ألساليب العبارات الكربى

بالغيون العرب ولغويوهم إىل مسألة التركيب اللغوي بعد أن وعوها لقد تنبه ال

، ويف هذا إقرار ضمين 1...)أصوات يعرب ا كل قوم عن أغراضهم (... على أا

واضح كاملوضوعي على أن الداللة اللغوية اليت حنن عادة ما نربطها مطلقا باملؤثرات

إمنا هو تفكري مغلوط واعتقاد خاطئ ، التركيبية الكربى ويف مقدمتها املعيار النحوي

فالداللة اللغوية بالتساند إىل مرجعياا االنفعالية النفسية واحلسية تستقي مؤثراا

الداللية انطالقا من العنصر اللغوي البسيط قبل أن تتركب يف املستويات الداللية

صة يف جوانبها الكربى ، لذلك فإن التناول املوضوعي للوظيفة اللغوية التواصلية خا

و ية املكون اللغوي الدقيقالتأثريية اإليقاعية والبالغية يفرض علينا التصديق برؤ

، حيث استطاع احلس األديب االهتداء إىل األصغر قبل االعتبار بالتراكيب الكربى

.33، ص 1: ابن جين، اخلصائص ، ج -1

Page 180: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

161

، وإن الدالالت األخرى الصرفية والنحوية والبالغية 1اكتشاف مناطق انفعال جديدة

نفسنا سياقاا التأويلية بناء على ما ختلفه مكونات التراكيب اللغوية يف أإمنا ترتكز يف

ليتنبهوا إليه لوال شدة التأثريات واملثريات اليت كان يتركها ، والشك يف أنه ما كانوا

الفعل اللغوي يف أحاسيسهم ونفوسهم ، وما كان هلم أن ينشغلوا ببحث الظاهرة

عليه من مظاهر التأثري الداليل ، ولإلحاطة مبقدرات التركيبية لوال ما قدروه منطويا

:( التنظري لذلك التأثري الذي يؤثره املنشئ للخطاب يف نفسية املتلقي فقد قال ابن جين

ومعلوم أن الكلمة الواحدة ال تشجو وال تتملك قلب السامع ، وإمنا ذلك فيما ...

، فاللغة الفنية 2 ...)حواشيه طال من الكالم ، وأمتع سامعيه بعذوبة مستمعه ورقة

اجلمالية وإذ هي تؤسس للداللة على اجلملة النحوية إمنا ترتاح لتطلب بعض التماهي

أو اإلضافات التعبريية اليت تلجأ الذات املنشئة بواسطتها إىل بث خمتلف التعجيبات

عال بقيم احليتة و االنف ، هي اليت منحته غناء التخييل و التصوير اإلنشائية واألسلوبية

، لذلك قيل عن عمر بن أيب ربيعة ما زال يهذي حىت 3مجيعها بدون حتفظ أو متييز

79، ص 2املربد، الكامل يف اللغة و األدب، الد - 1 . 34، ص 1:املصدر السابق ، ج -2

.08، ص 2املربد، الكامل يف اللغة و األدب، الد - 3

Page 181: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

162

قال شعرا ، فاهلذيان يف سياق التلفيظ والتلعب باللغة وااذبات اليت يرتع إىل حتقيقها

السياق التلفيظي قد جتنح مبحض االعتباط والسذاجة إىل إصابة املقدرات الفنية

.للغة اجلمالية

فالتأثري البالغي املتنوع املظاهر اإليقاعية يستمد نشاطه الداليل بناء على ما

، و هذا يقتضي أن يكون األديب عاملا باللغة اللفظيةجيتذبه السياق من املتممات

، حبيث تتحدد احلاجة إىل مقتضيات اإلسناد النووي أي 1العربية و أسرارها و بالغتها

ي للجملة النحوية مضافا إليها ما تترامى إليه من الزوائد واملتممات نواة اإلسناد النحو

اللفظية من أشباه اجلمل والتوصيفات والنعوت ، وذلك هو اال الذي رأيناه حيضر

بقوة وفعالية يف العبارة النثرية يف ج البالغة فالتركيز احلجاجي املتحرى إنشائيا

يكتفي بالعامل الداليل الواحد وإمنا شأنه يف أو إقامة دليل ال لتحقيق غاية برهان

أو للفظية اليت تعمل عمل التوكيد بلوغ املرامي القصدية أن يستعني بالتفاضالت ا

التثبيت للفكرة املقصودة من العبارة النثرية اجلمالية ، مث إن الرتوع الغائي يف الناظم

دار اجليل 1حممد عبد املنعم خفاجي، األدب اإلسالمي املفهوم و القضية، ط. عبد العزيز شرف، د. علي علي صبح ، د. د - 1

. 24م ، ص 1992بريوت،

Page 182: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

163

غالبا ما يوظف املتممات اللفظية من للعبارة النثرية اجلمالية أو السياق التعبريي الغائي

أجل ترسيخ أو توطيد حكم فكري ما ، وكذلك فإن التنازع الوظيفي للعبارة

وتوزعها بني غاييت التحسني والتفكري ، أي بني سياقي التعبري والتفكري جيعل الذات

م اللفظية أو اللسان املعرب من الدعائ املنشئة لبالغة اخلطاب تتوقع ما حيتاج إليه الفكر

مشحونة وياا البالغية واإليقاعية لذلك فإن علي بن أيب طالب يف بناء بالغة اخلطبة

يعتمد املكونات التقليدية املتمثلة يف البسملة واحلمدلة مضافا إليه الوعظ والتذكري

والنصح والدعوة ، والذي يفلي تلك املقدمات احلمدلية يستطيع أن يالحظ ضربني

لبنائية ففيها املأثور الذي ال ينبغي ملفتتح خطبة أن حييد عنه وفيها من من األمناط ا

احلمد هللا الذي ال يبلغ مدحته ( املناسبات التنويعية اليت تقبل املعايرة واملخالفة

القائلون ، وال حيصي نعماءه العادون ، وال يؤدي حقه اتهدون ، الذي ال يدركه

، وهي كما 1...)غرض الفطن ، الذي ليس لصفته حد حمدود بعد اهلمم ، وال يناله

نلمس مبالغات وتعظيمات شبيهة باملقدمات اليت دأب الشعراء على إثباا يف مقدمات

.55الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1

Page 183: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

164

قصائدهم ال يستطيع أحد من الشعراء خمالفتها إال يف ما قل من األلفاظ واألدوات أو

.األساليب اليت قد ال تظهر آثارها للمتوسم

ج البالغة باملعاين اإلسالمية و التص :مجالية املضمون األديب ور اإلسالمي يف نظرته تأثر

الكون و اإلنسان و احلياة يف تصويره حلقائق النفوس و الضمائر و املشاعر إىل

وبناء على ما سلف االستدالل به على اهلوية اإلبداعية اليت تتخذ من سياق

لغويا يتميز خبصوصية بنائية أو إيقاعية معينة ، فإننا ال ننتظر غرض القول جماال بالغيا و

بلغت به 1عال و استطالأن يأيت اخلطيب بشيء جديد يف هذا املقطع من اخلطبة مهما

. الفصاحيأسباب النبوغ

وهذا يعين الوظيفة اإلدراجية أو الوظيفة السياقية ملدلول الكلمة يف العبارة ،

يف سياق التعبري يتحدد املعىن بناء على التفاعالت اجلوارية ففي خالل متوضع الكلمة

اليت يتعلق ا اللفظ ، على أن مقولة ابن جين هذه ال تتناقض وظيفيا مع مقولته املشار

. 283م، ص 1980 -هـ 1400، 07سيد قطب، العدالة االجتماعية، دار الشروق، ط - 1

Page 184: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

165

إليها مبدئيا يف املوضوع ، فالدالالت اللغوية تبدو للمتمعن يف آثار مظاهرها الداللية

طابع صورة هيئات أو طبقات أو متشخصة يف شكل مستويات تركيبية تأخذ

، فاملعىن مهما إحاالت ترابطية بعضها يفضي إىل بعض وفق آليات منهجية تكاملية

كان عقليا جافا ال مير مبخيلة علي حىت تنبت له أجنحة تقضي فيه على صفة اجلمود و

، ونعتقد أن احلس يقوم خالل هذه الوظيفة التركيبية ذات 1تبلور ما فيه من حقيقة

املرجعيات التأويلية الكثرية املتداخلة بربط الصالت ، وتنظيم املعايري يتم ذلك على

ا إىل االعتبار العقلي املعياري املستويات النفسية الباطنية قبل أن يصار.

واجلمالية تكون مقروئيتها لذلك فاألدبية بتوجهاا النسبية بني املوضوعية

ملزمة بسلوك هذا املؤدى القرائي ، إذا هكذا يتبني لنا أن الوظيفة اللغوية مهما تنائينا

ا عن مبدأ االستعمال الشعري من شدة االلتزام بضوابط منهجة الداللة إال أا مثلما

مة صدرت أول مرة يف شكل سلوك فين مجايل أو لنقل شعري فإا ستبقى ملتز

بالتعاطي مع تلك اجلهة من الذات اإلنسانية ولوال ذلك ما قال النقاد األدبيون بتعدد

القراءة وثراء التأويل ، ولعل الذي مييز آثار علي بن أيب طالب األدبية خصوصا يف

. 187، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 185: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

166

مستوياا النثرية اجلمالية هو تلك االحتفالية املتميزة اليت جعلت مجهورا واسعا من

طفني يصيرون نتاجه البالغي اجلمايل منوذجا حمتفى به يقارب االحتفالية األتباع واملتعا

.اليت جيدها املتلقي إزاء النصوص الروحية

لعل االحتفالية الباهرة اليت تؤطر سياقي اإلنشاء والتلقي يف ج مجالية التنثري

دد من البالغية هي اليت عناها اجلاحظ حني نعتها بالسلوك الصويف أو الزهدي حيث ع

وختفيف املؤونة على املستمعني : (... مسات متكني آصرة التواصل بني املتخاطبني قال

، وتزيني تلك املعاين يف قلوب املريدين ، باأللفاظ املستحسنة يف اآلذان ، املقبولة يف

.1...)األذهان ، رغبة يف سرعة استجابتهم ، ونفي الشواغل عن قلوم

بالغي املفضي إىل قيم فنية ومجالية بعينها واملرتكز يبدو أن لعامل التسويغ ال

على بنية القول هو السبيل املنتهج يف النثرية اجلمالية يف ج البالغة ، وإن ثبوت

الداللة القولية اليت تتصدر كل فصل خطاب من ج البالغة ما هو إال سياق تقدميي

ب مثله يف ذلك مثلما يصادفنا يثبت اضطالع األتباع بالعناية مبقوالت علي بن أيب طال

يف املدونات النقدية األدبية والبالغية العربية مثلما نتمثل هلذا السياق مبا جاء يف أول

. 114، ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج -1

Page 186: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

167

غري 1...)اآلمدي لقاسم احلسن بن بشر بن حيىي قال أبو ا:( كتاب املوازنة لآلمدي

غة وبني وروده أن إيراد مفتتح الكتاب ولو اتفق بني ما صدر به اخلطاب يف ج البال

على ذات الشاكلة يف مدونات لغوية عربية أخرى ال خيفي السياق اإلبداعي لكل

خطاب من اخلطابني ، فإذا حنن أمعنا التأمل والتفكري يف سياق التقدمي بالقولية يف

مفتتح خطاب ج البالغة ألفيناه متصال بقيمة بالغية خاصة ، تتشاكل مع سياق

عن الشخص ، ونسق القولية خيتص به أدب احلكمة ، الذي هو الرواية أو احلكاية

عبارة عن توقيعات جامعة بني األدب واألخالق ، نسقه املوضوعي مننب على التوجيه

والنصح والتنبيه والتحذير ، ترد متزنة متسقة عبارا ال تتجاوز ميزان االستخفاف

ثة وإذا تقاصرت موجزة ملقول القول ، وهي إذا تطاولت بلغت السطرين أو الثال

ولعل ، 2يتالقى فيها تعبري احلقيقة و تعبري ااز اللغويةاحنصرت يف حدود بنية اجلملة

ذلك الذي قصده البالغيون ومنهم ابن جين حني ركز على إيقاع وزن اجلملة النحوية

غيون باعتبارها بنية داللية موافقة للفهم والتفهم ، ونعتقد أن هلذا السبب قال البال

حممد حمي الدين : الطائي ، حتقيقاآلمدي ، املوازنة بني أيب متام حبيب بن أوس الطائي ، وأيب عبادة الوليد بن عبيد البحتري -1

. 10عبد احلميد ، دار املسرية، ص .114عباس حممود العقاد، اللغة الشاعرة، ص - 2

Page 187: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

168

فجميع علل (... ص الفطرية للرتوع اللغوي اجلمايلبتناسب البنية النحوية مع اخلصائ

، فالسياق النحوي لالنتظام النحوي كان يف 1...)للطباع النحو إذا مواطئة

ل أن الشروط البالغية العامة لتحصيل اجلمالية اللغوية قب مرتعه األويل متفقا مع

، مبعىن أنه كان عبارة عن ميزان حسي يهدي بالطبيعة قواعد وأحكاميتبوتق يف شكل

إىل إصابة خمتلف االنفعاالت بالقيم التعبريية الفنية ، توطد ذلك السياق ومتكن من

(... التفكري اللغوي والبالغي حىت جعلوه مبثابة الوزن من الزينة التعبريية فمثلما

، وذلك هو أجل معىن الوزن يف 2)الكالم للعروض ميزان الشعر ، وللنحو ميزان

.3اللغة العربية فقد كان لفظ الوزن داال على الرجحان واالعتدال

تتميز بنية القول يف ج البالغة بسرعة التوقيع ، وتقاصر البنية التعبريية ، ولعل

ن ذلك االتسام الفين واالختصاص البنائي واهلوية البالغية املخصوصة هي اليت قادت اب

جين إىل اإلسهاب يف تفصيل الفوارق البنائية والبالغية والداللية حني ميز بني الكالم

والقول واحلديث ، فإن لكل مقصدية تعبريية تتلبس سياق االخنراط يف جماالت

.51، ص 1:اخلصائص ، جابن جين ، -1: يف التنبيه على املعاين واألسباب اليت أوجبت االختالف بني املسلمني يف آرائهم ، حتقيق ابن السيد البطليوسي ، اإلنصاف -2

.72، ص 1983دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر بدمشق 2:حممد رضوان الداية ، ط .72املصدر نفسه ، ص -3

Page 188: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

169

احملرضات اللغوية الثالثة اقترانا ضمنيا بأساليب تعبريية ، وباالتساق مع هذا املنظور

إن سبب تسمية مقول القول باملرجعية املعجمية :ابن جين النقدي األديب فقد قال

ذا الضرب من سببه املواصفات اللسانية والداللية اليت خيتص ا ه. ل. و. ق: العربية

وذلك أن الفم واللسان خيفان له ، ويقلقان وميذالن به ، .( .. التعبري اللغوي

، ولعل هذه الشروط اللسانية 1...)ن وهو بضد السكوت ، الذي هو داعية إىل السكو

والداللية هي اليت جعلت املقوالت يف ج البالغة متسمة بالتقاصر وحرارة التوقيع

احلكمي حىت شاكلت بنية التشعري بامتياز ، وإن السجوع والتقسيمات اللفظية هلي

ب خادمة لذات الغرض الفين اجلمايل الذي اختصت به بنية القول من ضروب األسالي

والتوقيعات البالغية املتميزة عما سواها من األغراض التعبريية األخرى من كالم و

. حديث

لتلك الغاية الفنية ومل يأت ختصيص باب لفن القول يف ج البالغة إال تطلبا

،ممن كان منكم أطول أعمارا ، و أعمر ديارا:" ، يقول علي رضي اهللا عنهاجلمالية

ا أصبحت أصوام هامدة، و رياحهم راكدة، و أجسادهم بالية، و و أبعد آثار

.5، ص 1:اخلصائص ، جابن جين -1

Page 189: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

170

اليت تنجع يف ضرب من و هذه الغاية اجلمالية هي ،1"ديارهم خالية، و آثارهم عافية

كيفية تعبريية أخرى مما هو متعارف اللغويني ال تداخلها يف شروطهما التعبري والسرد

اعتباطا يف مجالية نثر اللغويني العرب ،عل اللغوي لدى عليه ومتداول يف تعاريف الف

ج البالغة ألن تقاصر العبارة وتركيز القول يسمح بالتوافق بني القلب واللسان

والتسهل يف توقيع ملذوذ العبارة من القول ، مصداق ذلك ما ذكره أبو هالل

البالغة العسكري يف الداللة على فلسفة البالغة وأصول الداللة يف حيز اللغة العربية ف

، فالتراسل القليب 2...)ألا تنهي املعىن إىل قلب السامع (...ما مسيت كذلك إال

الذي هو جمال التواصل البالغي الذي يندرج حتت نشاطاته موضوع الداللية اجلمالية

ميزج احللم :"، يقول علي رضي اهللا عنهالنثرية حيضر بغزارة يف خماطبات ج البالغة

فهي إما محيمية بالغة ، 3 "الشر منه مأمونقول بالعمل، اخلري منه مأمول و بالعلم و ال

قض واملماثلة والبناء االستئناس أو حجاجية مزدانة بأساليب الربهنة والقياس والن

، يوظف علي بن أيب طالب بنية املالءمة واالستئناس مع أشياعه أو أتباعه أو اخلاليف

. 737، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1علي حممد البجاوي ، حممد أبو الفضل إبراهيم ، : أبو هالل العسكري ، كتاب الصناعتني ، الكتابة والشعر ، حتقيق -2

.6منشورات املكتبة العصرية ، صيدا ، بريوت ، ص . 264، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 3

Page 190: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

171

القول حيال اخلصوم واملناوئني ، وبتوافر هذه مريديه ، ويوظف قوة احلجاج يف

املسوغات األدبية احلية يف كل األزمان فإن سياق اخلطاب البالغي احلجاجي لدى

فالكلمة إذا خرجت (... ستثمار يف كل ظرف وأوان ،علي بن أيب طالب جدير باال

حقيق و 1...)من القلب بلغت إىل القلب ، وإذا خرجت من اللسان مل جتاوز اآلذان

ذا النظر من التفكري البالغي العريب أن جيد له املصداقية البالغية الوفرية يف مقروئية

مجالية التنثري األديب يف ج البالغة فالتعزيزات احلسية والعاطفية واالنسجام يف

التأثريات االنفعالية املبثوثة يف ثنايا اخلطاب كلها عاملة على تعزيز أواصر التواصل

لألفكار املوظفة يف عملية التبليغ ذات األبعاد التواصلية املشحونة بالتحفز والتمكني

. والرغبة واالنطباع ومقدرة بالغة من لدن علي بن أيب طالب يف التمهر اإلنشائي

صدر الشريف الرضي خمتاراته يف هذا الباب : بنية تقاصر اخلطاب القويل

املختار من حكم أمري املؤمنني عليه السالم ، باب: (بالعنونة التوجيهية اليت قال فيها

) أغراضه الكالم القصري اخلارج يف سائر ويدخل يف ذلك املختار من أجوبة مسائله ، و

.61، ص 1:اجلاحظ ، البني والتبيني ، ج -1

Page 191: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

172

، وفيه يبدو التوجيه القرائي واضحا ، يعلم على مقروئية خاصة ببالغة القول 1

البالغة ، وقد دل احلكمي الذي احتل قسما غري قليل من مجالية النثر الفين يف ج

كما هو واضح على بعض الشروط اليت قلنا ا يف حتديد بنية خطاب القول

:" يقول علي رضي اهللا عنهاملخصوص بالتقاصر والتكثيف والتركيز واالنسجام

، و تعلم مبلغ بصائرهم، تشاهدهم يف سرائرهم، و تطلع عليهم يف ضمائرهم

، فهو يف غالب النماذج ينتظم يف 2"هوفةفأسرارهم لك مكشوفة، و قلوم إليك مل

شكل بنية اجلملة النحوية قد يزيد عليها قليال أو ينقص حسب طبيعة املوضوع املوقع

.ببالغة احلكمة

مل يهمل البالغيون العرب أسباب التنظري للبنية التعبريية ، وقد أهلهم استيعام

نقدية تصب كلها يف فائدة اخلصائص اجلمالية للسان العريب إىل القول بعدة آراء

الوظيفة التشكيلية للخطاب أو البنية التعبريية ، ونعتقد أن الذي أهلهم إىل اإلمساك

على املقدرات التنظريية هو شدة شغفهم بتوصيف املهارة اللسانية ، وأثرها يف إنتاج

.336الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1

. 744، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 192: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

173

جلمالية اخلطاب األديب اجلمايل ، فقد جاء يف خصائص ابن جين أن املقصدية اإلنشائية ا

سواء أكانت يف حيز التشعري أو التنثري تقتضي توجيه االخنراط املبدئي يف جماذبة

قل وقع وقوعا ال (... تفكري اجلاحظ البالغي إذا األساليب والعبارات فالكالم يف

جيوز تعيريه ، وإذا طال الكالم وجدت يف القوايف ما يكون جمتلبا ، ومطلوبا

التوصيف اجلمايل لالنفعال احلسي بالكمية اللفظية يف وحسب هذا 1...)مستكرها

العبارة أنه ينطلق من حتكيم حس التلذذ بالعبارة وإخضاع كمها التلفيظي ملعايري

االستخفاف واالستثقال ، فاللغة الفنية اجلمالية سواء أتعلق املقام مبرتع التعبري الشعري

رجعية الذائقة واحملققة للعبارة مرجعها على أم تعلق مبرتع التعبري النثري اجلمايل فإن امل

احلس املنفعل بالقيم اللغوية من أصوات ومقاطع وهيئات كلمات وأساليب ، مث

، 2، أن ال حدود لالعتبارات االنشائيةاللسان املتهجي لصورة العبارة يف خواجل النفس

ن واملتهيئ مث وصوال إىل تذوقها يف شكل شبيه بالتنقيح على مستوى السمع املتفط

. لتقييم املناحي اجلمالية يف العبارة اللغوية

.288، ص 1:ني ،جاجلاحظ ، البيان والتبي -1

. 79، ص 2املربد، الكامل يف اللغة و األدب، الد - 2

Page 193: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

174

تعمل اجلمالية النثرية على تقريب الوظيفة اللغوية بنقلها من النثرية الباردة إىل

النثرية اجلمالية مث تتعمق الوظائف اللسانية السماعية حىت ترقى باجلمالية النثرية حىت

طي اللغوي الفين ، لذلك فإننا ننظر إىل كثري تتساوى مع الوظيفة الشعرية يف حيز التعا

من مناذج بنية القول اليت أوردها الشريف الرضي من أقوال علي بن أيب طالب

إا عاملة على تقريب النثرية من : احلكمية على أا متصفة جبماليات التنثري اليت قلنا

تاعية ظاهرة يف أحناء شروط الشعرية تبعا ملا متتاز به لغة النثر الفين من مقصدية إم

، و خاصة منها الشعرية قادرة على النفاذ إىل عمق اخلطاب األديب النثري اجلمايل

ورمبا كان ذلك االمتياز الفين للجمالية النثرية هو الذي جعلها تفتك مسة ، 1املظاهر

الشاهد اللغوي والشاهد البالغي يف مدونات البالغة العربية مثلما أشرنا إىل ذلك يف

صول البحث ، وإن الذي نستوثق به يف تدعيم ثبوت اجلمالية النثرية يف مقوالت ف

:على بن أيب طالب احلكمية مثلما وردت يف ج البالغة مثبت على النمط التايل

مزاولة علي بن أيب طالب للشعرية ضمن شروطها التقصيدية ، فهو له ديوان : أوال

.والثراء املوضوعي شعر مشمول بالتنوع العروضي ، والتقفية ،

. 79املصدر السابق، ص - 1

Page 194: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

175

ورود الكثري من التعريفات البالغية اليت ختتص بتوصيف االنفعال بالقيم التعبريية : ثانيا

، فقد غية ذات الصبغة الفنية اجلماليةاجلمالية ، أو حتديد شروط التواصل األدبية البال

ورد يف مقوالت علي بن أيب طالب يف ج البالغة بعض التعريفات اليت تعد مبثابة

أو كما قال يف التركيز على الوظيفة اللسانية التنظريات البالغية أو اجلمالية من مثل

توصيف املهارة اللسانية ، جنتزئ مما ورد يف باب األقوال العينات النثرية اجلمالية التالية

:

. 1ــ املرء خمبوء حتت لسانهـ 1

ـــ لسان العاقل وراء قلبه ، وقلب األمحق وراء لسانه ، وقد علق الشريف 2

فكأن ... وهذا من املعاين العجيبة الشريفة : الرضي على مضمون مقولة احلكمة قال

.2...)لسان العاقل تابع لقلبه ، وكأن األمحق تابع للسانه

.3ي عنه عقرـــ اللسان سبع إن خل 3

. 1ـــ إذا مت العقل نقص الكالم 4

.355الشريف الرضي، ج البالغة ، ص -1 .340املصدر نفسه ، ص -2 .342، ص نفسهاملصدر -3

Page 195: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثاين

176

2.ــ إن هذه القلوب متل كما متل األبدان ، فابتغوا هلا طرائف احلكم 5

.342املصدر نفسه ، ص -1 .345املصدر نفسه ، ص -2

Page 196: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

مدخل إىل نظرية اجلمال اللغوي يف تفكري علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه

عالقة املعرفة اجلمالية باالنفعال احلسي .

علم اجلمال األديب.

مفهوم اجلمالية اللغوية.

املفاهيم اجلمالية يف الفلسفة العربية اإلسالمية.

Page 197: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

176

ظواهر املادية واملعنوية وهو بالنظر لعلم اجلمال هو علم يتناول املبادئ العامة ل

الذي يعطيه حساسية شعورية جتـاه الكـون و إىل عالقته باملرجعية الفطرية لإلنسان

وانتظامه لكثري من املظاهر البيئية واالجتماعية ، جـدير ،1احلياة و الواقع مبعناه الكبري

بأن يستحوذ على كثري من السلوكات االجتماعية وآي اخللق البيئي بالدرجـة الـيت

ع ، ومغرية على التأمل والتدبر متكنه أن يتحول إىل طاقة حسية وانفعالية ملهمة باإلبدا

على حقيقة كـون اجلمال قائمة، وباالتساق مع هذا فقد تبدو إحدى مهام الفن أو

الرغبة الالواعية يف حتقيق االنفتاح النفسي على آفاق إنسـانية (... الدافع إليهما هو

وهذه الرغبة هي اليت ينظر إليها حتليليا على أـا 2...) واتساعا بةاأكثر ما تكون رح

، والفن أو اجلمال كيفمـا املتنوعة مبثابة احملرك إىل تعاطي اإلبداع على كل مستوياته

كانت مادته التعبريية فإنه يسعى دائما إىل توظيف الفطن البالغية اليت تستدعيها طبيعة

.املادة التعبريية اليت خيتص ا فن ما دون آخر

. 263ص م ، 1980 -هـ 1400، دار الشروق، 4منهج الفن اإلسالمي، ط ، حممد قطب - 1 .24، ص 1974منشورات عويدات بريوت لبنان 1:طميشال عاصي ، : إتيان سوريو ، اجلمالية عرب العصور ترمجة -2

Page 198: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

177

واجلمال والفن وإن تباينا يف االصطالح وبعض املواد املكونة لكل منـهما إال

بعضهما ينوب على اآلخر يف كثري من االسـتعماالت ، أما يكادان يكونان رديفني

فاالنتقال باملعرفة اجلمالية عادة يفهم فعله على أنه متصل مباشرة باملالحظة البصرية ،

والسبب يف ذلك أن البصر هو األكثر استعماال يف احلياة االجتماعية البسيطة ونعتقـد

أكثر من استفادا مـن بـاقي أن لذلك السبب استفادت اللغة العربية من حاستني

احلواس يف اخللقة البشرية مها حاسة السمع وحاسة البصر مما جعل الفالسفة املسلمني

وممـا :( ... يتنبهون إىل تكاملهما الوظيفي واحليايت لذلك قال أبو حيان التوحيدي

، 1 ...)جيب أن يعلم أن السمع والبصر أخص بالنفس من اإلحساسـات األخـرى

فإن اللغة األدبية يف نثر علي بن أيب طالب الفين تتخذ هلا سياقات فنية مجاليـة لذلك

أبرز ما مييز إيقاعاا الداللية هو اتسامها باألساليب التعبريية املنشطة للقيم التعبريية ،

حبيث يتخذ علي بن أيب طالب من مهارته اإلنشائية ، وبراعته البالغية سبيال لتفعيـل

تعبريية خاصة وأنه ترىب يف مدرسة البالغة القرآنية باإلضـافة إىل تشـبعه السياقات ال

بأدبية عربية ظل يتشرب معينها من البيئات اللغوية احلية مبعىن التفاعل مـع الشـعراء

.83 ص ، 2:أبو حيان التوحيدي، اإلمتاع واملؤانسة ، ج - 1

Page 199: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

178

والبالغيني وأئمة النحو العريب وعلم اللغة العربية الكثرية املتنوعـة ، وأبـرز تلـك

اده التنويع األسلويب الذي ما أمكن له أن يتحقق لوال تلك املهارات الفنية اجلمالية اعتم

الثروة اللغوية املعجمية املنقطعة النظري ، يضاف إىل ذلك مهارته يف سـوق البالغـة

احلجاجية ضمن كفاءة خطابية حتمل القارئ على االعتقاد بأنه إذا طالع خطاب علي

والنشـاطات األسـلوبية بن أيب طالب النثري إمنا هو يطالع مجلة مـن الفعاليـات

واملوضوعية احمليلة على اخلصوصية األدبية اليت يتفرد ا هذا األديب واألدبية العلويـة

ومناجاة ، ومكاتبـة ، و حماضرة مناط النثرية من خطبة ومراسلة ،معززة مبختلف األ

وكالم ، ونصيحة ،ومحاججة ، وإنشاء أديب حر مشحون بالتأمل كما هو يف نصـي

فاش والطاووس كلها سياقات بالغية حتشد من املرتكزات الفنية اجلمالية ما هـو اخل

كفيل به أن يقوم مترمجا عن تلك الفطنة اإلبداعية اليت تتميز ا أدبية علـي بـن أيب

.طالب

ويظهر بعد استقراء خمتلف املؤثرات اإلبداعية جلمالية التنثري البالغي يف أدبية

علي بن أيب طالب أن تربيته يف مدرسة النبوة ، وتعلمه على أيادي أصحاب األفضال

اللغوية والبالغية باحملاورة واملناظرة والتنافس كان هلا مثارها الواضحة اجللية على طبع

Page 200: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

179

الب باخلصوصيات البالغيـة املوقعـة للغـة اخلطـاب األديب أسلوب علي بن أيب ط

، فاللسـان 1 )فقد علم الناس أن بين هاشم يف اجلملة أرق ألسنة من بين أميـة (الفنية

النبوي القرشي املتميز بني ألسنة القبائل العربية الفصيحة األخرى نزه لسان علي بـن

متياز يف القيمة اللسانية لديه فقد أيب طالب عن الوقوع يف شراك التخليط ، وبذلك اال

أمن لسان علي بن أيب طالب أن يتأخر عن االتصاف بأعالم البالغة العربية اليت ظلت

على مر األزمان واألعصر النموذج البالغي املقتدى يف الشعر والنثر وقد اكتسـبت

اعل مع خمتلف تلك اخلصوصية البالغية اليت متتع ا لسان علي بن أيب طالب أهلية التف

طعتـها املكونات األدبية اليت طبعت أدبية تلك الفترة من التحوالت التارخيية الـيت ق

، فكان أدبه يؤثر يف املعامل الكربى الطابعـة لبالغـة القـوم األدبية العربية اإلسالمية

و يبدع يف التحدث عـن ( وبتأثرها يف اآلن الواحد ، بلغ من السمو والرقي اإلبداعي

أن متثل العينات األدبية الشاهد اللغوي النمـوذجي ،2 )ون و روائع الوجودخالق الك

مثلما احتفلت به مصادر اللغة واألدب العربيني ، هذا من جانب ومن جانب آخـر

. 662، ص 4 ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1 . 187، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 2

Page 201: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

180

يكاد يكون خفيا عن االستظهار فقد شكل التفاعل املعريف واإلبداعي بني أدبية املرحلة

زخم األدبية البالغي من خالل التفاعل الواقعي وإسهام علي بن أيب طالب يف التزكية ل

و كان شديدا ، قاصفا، ( بينه وبني أعالم اللغة العربية املؤسسني لقواعدها ومجاليتها

، حىت كأن أدبية علي هي أدبية بيت النبوة بامتيـاز 1 )مزجمرا، كالرعد يف ليايل الويل

آلياا، و حصرت العقول دون ، هذه هي البالغة اإلنسانية اليت سجدت األفكارظاهر

.2غاياا

وميكننا النظر إىل أثري الفن واجلمال من حيث كوما مادتني جامعتني بـني

األثر املادي واألثر الروحي ، أما املادي فهو كل املالحظـات أو التوصـيفات الـيت

البالغي يستفيدها احلس أو العقل من املصادر االنفعالية اليت يستقي منها احلس نزوعه

والذي سيتحول يف اية املطاف إىل قيم تعبريية أو تصويرية ختييلية ، مع مالحظـة أن

تلك الظواهر اللغوية االنفعالية تكون يف معظم أحواهلا وأشكاهلا البنائية قابلة للتمييـز

.والتشخيص واإلحصاء

. 196، ص 3، الد املصدر السابق - 1 . 279، ص م 2001، دار الكتاب العريب، بريوت 1ط، مصطفى صادق الرافعي، إعجاز القرآن و البالغة النبوية - 2

Page 202: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

181

يف تلك أما األثر الروحي من السلوك اللغوي الفين اجلمايل فهو الذي يتجسد

إنه منـهج ( ،االنفعاالت احلسية ذات القيم اليت تترك آثارها االنفعالية يف نفس املتلقي

، والعرب يف أصول معرفتـها قـد 1 )سامق فعال و لكنه يف الوقت ذاته منهج فطري

واصرب صربا مجيل ، إن اجلمال : تصف املادي باملعنوي واملعنوي باملادي ، قال تعاىل

ألدب ، وداللة التجمل الذي هو قوى روحية مركزة تستفيدها الذات مجال الروح وا

عن طريق التقييم احلسي واالنفعايل للمحسوسات على اختالف مصادرها احلسـية ،

ويعترب إعمال احلس يف تذوق الروحانيات سلوكا معرفيا وانفعاليا ختتص بع املعـرفتني

دب الصويف مث ترتاح تلك املعرفة العربية واإلسالمية ويكثر ذلك يف أدب احلكمة واأل

لتنجع شيئا فشيئا يف تذوق الشعرية وتقييمها نقديا ، وقد قاد علماء العربية اخلائضني

غمار اإلشكال املعريف املتشاكل األحناء إىل االستعانة بإثارة املؤثرات النفسية واالنفعالية

من حيث بـذلوا اجلهـود اليت استمدوا مناهجها من آثار التفكري الشرعي أو الفقهي

الوافرة من أجل استقصاء جذور االنفعال النفسي باللغة على اختالف تنوع هوياـا

الداللية ، وثراء إحياءاا الفلسفية وقد قادهم تعميق احلـدس إىل القـول بـدالالت

. 28ص م ، 1988 -هـ 1409سيد قطب، هذا الدين، دار الشروق بريوت، - 1

Page 203: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

182

، وتفانوا كذلك يف جتذر العملية اللغويـة 1أو الداللة االستغراق اللفظي للمعىن

الكـالم : (.. بني حمسوسها وملفوظها ومفهومها حىت أهلمهم تدبرها عميقا إىل القول

، وهي النظرية ذاا اليت سـبق 2...)احلقيقي هو املعىن القائم يف النفس دون األلفاظ

ه لدى الشوكاين مـن للجاحظ وأن تناوهلا معززة بالرباهني البالغية خالف ما هي علي

سياق االستعمال األصويل الفقهي ، فقد جاء يف احليوان مـا يفيـد اإلحالـة علـى

املعاين مطروحة : املقدرات النفسية لالنفعال بالقيم بالفعل اللغوي الصويت ، حني قال

يف الطريق النظرية إياها حيث استفادت النظرية اللغوية العربيـة مـن اإلرهاصـات

أفرزها تالقح املعرفتني ، املعرفة األدبيـة البالغيـة واملعرفـة الفقهيـة الفلسفية اليت

. 3الشرعية

لقد كان جديرا باللغويني العرب واملسلمني أن يداخلوا املقـدرات املنهجيـة

والفكرية املالئمة بني املرتع اللغوي يف حيز التداول الشرعي وبني املرتع اللغـوي يف

يء إال لكوما يف بعض التجارب اللغوية جـامعني بـني حيز التداول البالغي ال لش

.98الشوكاين حممد بن علي بن حممد ، إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول، ص - 1 .99، ص السابقاملصدر -2

.480، ص 3:اجلاحظ ، احليوان ، ج - 3

Page 204: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

183

االستعمالني مثلما هو متجسد يف أدبية علي بن أيب طالب ، العتقـادهم أن فضـل

من كثر نظره ، واتسع علمه ، وفهم مذاهب العـرب وافتتاـا يف (... القرآن يعرفه

مجيع لغات األمم األساليب ، وما خص اهللا به لغتها دون مجيع اللغات ، فإنه ليس يف

أمة أوتيت من العارضة ، والبيان واتساع اال ما أوتيته العرب خصيصى من اهللا ، ملا

، 1...) أرهصه يف الرسول ، وأراده من إقامة الدليل على نبوته بالكتاب فجعله علمه

ي هي جمال ومن مثة فاملنازعة اللفظية املقتضية استجابة معرفية قائمة على املفهوم اللغو

حيوي حيتاج إليه املشرع كما حيتاج إليه اللغوي حىت ولو اختلفت غاية كل منـهما

عن غاية اآلخر ، فالفائدة اللغوية عندما تتعلق بالوظيفة الشـرعية تتـدعم باملعـايري

واملستندات التحديدية اليت حتدد الداللة وحتصرها يف األثر العقلي الواضح ، يف حـني

للغوية يف حيز التعاطي الفين اجلمايل طبيعة داللية خمالفة لنـهج األوىل تسلك الفائدة ا

،املعياريةفتغىن بفضل اإلحاالت اجلانبية واالنزياحات التأويلية اليت تتفلت من األحادية

و طورت تلك القواعد، فاتأت مضان توقيعية تصويرية ختييلية أهلتها لنيـل مراتـب (

.12، ص 1981املكتبة العلمية 3:بن مسلم ، إعجاز القرآن ، طأبو قتيبة أبو عبد اهللا حممد - 1

Page 205: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

184

املرتعني املرتع الشرعي الفقهي واملرتع الفين اجلمايل يف حيز غري أن ،1 )داللية إمتاعية

التعاطي اللغوي قد يتفقان على بعض الوظائف الداللية من مثل حاجة املبلغ أو املنشئ

أو املتكلم إىل توظيف الدعائم اللفظية املفيدة ضروبا من التقبيح أو التحسني ، وقـد

لحوا عليـه حتـت صـيغيت التعمـيم قادهم تدقيق احلكم إىل التوصل إىل ما اصـط

، يتماشى مع طبيعة داللية إلزامية والتخصيص ، فالداللة اخلاصة مقتضية إحكاما دالليا

يف حني تتسم الداللة العامة بفضل التماهي ، ولعل هذا الذي داخله البالغيون حتـت

امال ، ومىت يكون اللفظ ش 3، واالنفراد دون االستغراق 2واملشترك مفهومي اخلاص

. 4للداللة متضمنا إياها باإلطباق، ومىت حيتكم إىل التناسب بني الدال ومدلوله

ومبرور التجارب وحصول التراكم املعريف انتقل الوعي من املعرفـة احلسـية

االنفعالية احلرة للقيم اجلمالية ومعها الفنية ليتشكل يف شكل تبلور فكـري يسـتفيد

األساليب اإلبداعية والطرق التعبريية اليت تنمذجها اخلطابات األدبية املنضـوية حتـت

ء على قناعات بعينها ، مث ليتم تطبيقها يف جمال املعرفـة الشروط اإلبداعية احملصلة بنا

. 79، ص 2املربد، الكامل يف اللغة و األدب، الد - 1 .17، ص إىل حتقيق احلق من علم األصول الشوكاين ، إرشاد الفحول - 2 .104، ص نفسهاملصدر - 3 .104 -102 -100املصدر نفسه ، ص - 4

Page 206: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

185

املنهجية ، أال وهي املعرفة العلمية القياسية ، ميكننا مالحظة هذا التحـول يف مسـألة

انتقال املعرفة اللغوية عن طريق االنتقال ا من االنفعال احلر إىل املعرفة العلمية ، تؤكد

اللغة العربية ، علم النحو علم الصرف علم البالغة ذلك حصول املعرفة العلمية لعلوم

واليت اتفقت للسان األعرايب عن طريق اخلربة املستفادة من تعميق حس املعايشة للبيئة

واإلنسان إذ هي الكيفية التلقينية الوظيفية اليت تسمح للحس باسـتيعاب املعطيـات

.الية معا اللغوية وفق آليات حتافظ خالهلا على نسقي العلمية واجلم

لقد أدى تنامي الوعي اللغوي يف حيز التعاطي الفين اجلمايل هلا إىل حـدوث

موجات من الترقية املعرفية لكثري من أوجه االستعمال البالغي ، لذلك ألفينـا عبـد

القاهر اجلرجاين وهو الذي ضم النظرية البالغية العربية ، وتشرب تطبيقاا الغنيـة

اجلامعة بني الفائدتني الفائدة الشرعية والفائدة اجلمالية ، حىت قاده باإلحاالت املرجعية

استيعاب التحوالت الفلسفية والوظيفية لألساليب البالغية إىل تنويع مجالية االستعارة ،

وتفاوت التشبيهات ، وحىت كان تشرا ملبادئ االنفعال الفين اجلمايل بنقل التطبيقات

ت اللغوية اليت استأثرت بالشاهد الشـعري إىل حيـز مـن النقدية األدبية من العينا

املمارسات الفنية اجلمالية للغة العربية وكان أفضل التطبيقات على اجلماليـة النثريـة

Page 207: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

186

طرقه موضوع تواجد الشعرية بامتياز يف العينات األسلوبية النثرية من خالل توثيقـه

الـيت لسعين طائر:ا اإليقاعية ملقولة عبد الرمحن بن حسان بن ثابت املشهورة جبملته

صارت مضرب مثل للتالحم الوظيفي بني النثرية والشعرية على ملتقى واحد مشترك

، واليت نبهت ألول مرة حسـب 1هو الفاعلية التعبريية أو بالغة االنزياح اازي

التقدير إىل حقيقة تواجد الشعرية أو اجلمالية اللغوية ضمن حيـزين ، حيـز إنشـاء

طاب أو النص وحيز املقروئية اليت خلصها عبد القاهر اجلرجاين يف أسرار البالغة يف اخل

، يتماهى هذا املنهج الداليل مع كثري من 2متييزه بني الذهن املستعد ، وغري املستعد له

املواقف التبيينية اليت جاءت على لسان الرسول صلى اهللا عليه وسلم وألسنة كثري مـن

اهللا عليهم ، فقد أورد اجلاحظ مجلة من الدعامات احلكمية اليت تربط الصحابة رضوان

بني خربة الذات بصنوف املعايشات وبني التأويل البالغي وما يتطلبه من يقظة وفطنة

، ومثل 3)إنك ال تنتفع بعقل الرجل حىت تعرف صدق فطنته :( واتساقا مع ذلك قال

الغية العربية إىل درجة من التمكني النظري هذه اإلحاالت كثري يتواتر يف املدونات الب

. 167عبد القاهر اجلرجاين ، أسرار البالغة يف علم البيان ، ص - 1 .167،ص نفسه املصدر - 2 .59، ص 3: اجلاحظ، احليوان ، ج - 3

Page 208: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

187

ملثل هذه الفهوم النقدية األدبية واليت نتمثلها حاضرة يف نظرية اجلاحظ البالغية فقـد

ربط اجلاحظ بني الفطنة البالغية وبني قوى روحية عادة ما يعتد ا يف قراءة الطـالع

الفراسـة : ت مفاهيم واألثر والعالمات والسمات من ذلك تركيز اجلاحظ على دالال

دقيق املسلك يف الفطن ، وكان صادق احلدس نقابا وكان عجيب ( ... القيافة وفالن

، هذه األجواء والفضاءات البالغية هي اليت أنتجـت مقروئيـة 1...)الفراسة ملهما

اخلطاب األديب عرب صالت التفاهم اليت تنتظم عملية التواصل بـني املنشـئ لبالغـة

، يقول علي رضي اهللا وبني السامع أو القارئ يف نصوص ج البالغةاخلطاب اجلمايل

، حيث مستوى اإللقاء طابعـا ترقويـا ينـهض 2"و يعطف الرأي على القرآن:"عنه

بصنوف الدالالت الفنية اجلمالية املتضمنة كثريا من النماذج التوقيعية املضاهية لـذات

.ة الشعرية يف لغة الشعر القيم الفنية واجلمالية اليت تقوم عليها الظاهر

وإذا كانت املعرفة اإلنسانية قد جنحت يف كثري من احلقول على انتقال مـن

احلس والروح إىل العقل والقياس واملعيارية كما هو الشأن يف علومي النحو والصرف

.101، ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج - 1. 154، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 209: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

188

على اعتبار مطاوعتهما لالنضواء حتت منهاجيهما املعريف القابل للتطبيـق واملعاينـة

فإن مثة علما آخر وعلى الرغم من جتانسه املبدئي مع العلمني املـذكورين والتمحيص

هو علم البالغة الذي تغلب عليه التقديرات احلسية االنفعالية ، لذلك ظلت البالغـة

معرفة متجاذبة بني عدة حقول داللية وعلى الرغم من أصوهلا الفنية اجلماليـة والـيت

أن البالغة ستظل حتن إىل مبادئها الطبيعية البسيطة ميكن تلخيصها يف الرتوع القليب إال

كلما تقدمت ا التجارب، واكتسبت من التراكم املعريف الذي يوظفه الوعي العقلي

.إلنتاج القياس واملعيار واألسلوب

وبالتوافق مع مسار حتصيل التجارب اإلنشائية للغة الفنية اجلمالية فقد بـات

ن السند النظري أو الفلسفي اجلمايل املـؤطر للسـلوك الفالسفة املسلمون يبحثون ع

اإلبداعي من نتائج هذا البحث والتفكري والتدبر قوهلم بإمكان إعمال قوى إبداعيـة

و أراك حيث رحت يف أدب علي بن (مكملة لقوى العقل واحلس املتعارف نشاطيهما

لـت االنزياحـات ، وهكذا فقد عم1 )أيب طالب، شاعرا ذه األصالة الفنية العميقة

اإلبداعية املغايرة لثنائية الشعرية والنثرية بطرح مسوغات إنشائية أخرى هي نتيجة ملا

. 105، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 210: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

189

ميكن أن تثمرها شراكة العقل مع احلس فاملخيلة اليت هي نشاط إبداعي متوسط بـني

العقل واحلس صارت تستدعي وجود فرضيات أو تصورات فلسفية أخرى غري تلـك

ثلما يتراءى لنا فإن طبيعة اإلبداع اجلديد ، ولتحول يف قناعـات املتعارف عليها ، وم

املزاولة ومظاهر النشاط املغلف جلميع تلك الرتوعات هو الذي قاد الفالسفة املسلمني

فقدرة املخيلة علـى اسـتعادة صـور (... إىل تصور التخرجيات الفلسفية اجلديدة

تفريق واجلمع ، على حنو يشـابه احملسوسات وتذكرها وإعادة تركيبها من جديد ، بال

الشيء احملسوس أو يناقضه ، وقدرا على ابتكار صور جديدة قد ال تستند إىل احلس

وبالنظر إىل اعتبار الفالسفة املسلمني ونقاد األدبية العربية 1...)جيعلها تباين احلس ،

تبـين مراتـب إىل الفاعلية احلسية من حيث إعماهلا يف متييز اخلصائص اإلبداعية ، و

التجويد البالغي فقد ألفينا النقاد يوظفون معيار التقبل باعتباره مؤشرا انفعاليا يكافئ

الغايات اإلبداعية اليت حيتوي عليها اخلطاب األديب أو القيمة التعبريية اللغوية ، فاحلال

الـيت اليت يفرزها التلقي من حيث الرضا من عدمه ميكن أن تتفق مع الغايات اجلمالية

تنظر إىل مكونات اخلطاب النثري اجلمايل من منظور تفاعلي حركـي يعتـد فيـه

.50ألفت كمال الرويب ، نظرية الشعر عند الفالسفة املسلمني من الكندي حىت ابن رشد ، ص - 1

Page 211: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

190

بدرجات اإلثارة اليت تتركها إيقاعاته يف نفسية املتلقي ، وقد كان نصيب غري قليل من

األدبية النثرية يف خطاب علي بن أيب طالب هذا مسلكه إىل حيازة مواصفات اإلبداع

، فاللغة الفنية اجلماليـة 1ن على تسميتها باملوافقة احلاليةوقد اصطلح النقاد والبالغيو

بالنظر إىل كوا مترتلة عن تلك املهام النفسية مكتنفة بعواملها االنفعالية فإا تكـون

أصدق مناسبة للتوافق بني احملسوس واملنطوق أي بني اللغة عندما تكـون يف حيزهـا

. ة أو أسلوب أو بالغةالنفسي االنفعايل وحني تتجسد يف شكل عبار

لذلك ، وبتفعيل هذه الرؤية النقدية الفلسفية فإن اجلمالية النثرية يف أدبيـة

علي بن أيب طالب يف ج البالغة تستمد كثريا مـن فتوحاـا اإلبداعيـة يف حيـز

التوقيعات البالغية من إعمال القوى املتخيلة بناء على ما تستثريه العبارة اللغوية يف ج

رمزية أو األبعاد التخييلية ، إىل درجة من اإلتقـان اجلمـايل البالغة من اإلحاالت ال

والفين تقارب فيه العبارة النثرية الفنية الطبيعة الشعرية وال ختالفها إال يف بعض الشروط

الشكلية اليت جاوزا احلداثة اليوم يف مشروع املالءمة بني الشعرية والنثرية الفنيـة ،

يف نثريته اجلمالية كثريا من الغايات التوقيعية اليت وقد كان علي بن أيب طالب يصيب

.54ابن طباطبا العلوي ، عيار الشعر ، ص - 1

Page 212: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

191

تكون حمبوكة منظومة متزنة شبيهة بتوقيعاا باللغة الشعرية ، وهو أي علي بـن أيب

طالب حيرص كل احلرص يف توقيع األدب احلكمي على إبراز بنية تعبرييـة قوامهـا

:لية اإلجياز والتقاصر واالنسجام مثل ذلك ما جاء يف احلكم التا

.1ــــ ما أضمر أحد شيئا إال ظهر يف فلتات لسانه ، وصفحات وجهه

. 2ــــ العقل نقص الكالم

قرلي عنه عع إن خ3ـــ اللسان سب.

.4ـــ لسان العاقل وراء قلبه ، وقلب األمحق وراء لسانه

لـب مل جيئ امتداح اللسان يف املنظومة احلكمية يف مجالية نثرية علي بن أيب طا

إال لتمنت تلك اآلصرة اليت طاملا ركز عليها البالغيون العرب ، واليت أعطت الـدور

الرئيس للفعل اللساين يف التواصل وخمتلف املخاطبات القصدية والفنية معـا ، وهـو

اجلانب النظري والتطبيقي معا الذي سنقف عنده مليا يف ثنايا فصول حبث مجالية النثر

نظرا ملا صادفناه من التكامل والتناغم والتوايف بني املتون البالغية الفين يف ج البالغة

.338، مكتبة مصر ، ص 1: لشريف الرضي ، من خمتارات الشريف الرضي من كالم سيدنا علي بن أيب طالب جا - 1 .343، ص 1:املصدر نفسه ، ج - 2 .342،ص 1:، ج نفسهاملصدر - 3 .340، ص 1:املصدر نفسه ، ج - 4

Page 213: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

192

واحلكمة العلوية يف ج البالغة ، ومثلما هو واضح بين فإن دالالت الكالم واللسـان

والفطنة و البالغة واحلدسية واملهارات والتعقل وسياسة املراد كلها حمطات دالليـة

.حامسة يف نصوص ج البالغة

يستطيع الذي يشرح املقوالت النقدية البالغية خاصة يف مدوناا الرئيسـة أن

يقف على اهلامش الفلسفي الذي ظل خيتزن تصور عملية اإلبداع علـى اخـتالف

جتلياا التنويعية وللقبض على أحكام الوظيفة اجلمالية يف جانبها التأويلي فقد ذهـب

اليت ينتجها عمل كل من العقل واحلـس يف البالغيون العرب إىل إثارة مدى الفاعلية

و لعلنا ال نبالغ أو نغايل إذا قلنا أن األداء األديب مننب ( ، إمالء الصيغة اللغوية من جهة

ومن جهة أخرى تقدير العوامل ،1 )على خصائص توقيعات داللتها الفكرية و املعنوية

ا الصيغة اللغوية اجلمالية حبيـث النفسية واالنفعالية اليت حيتاج إليها الوعي لدى تلقيه

تركز جممل تفكريهم يف املوضوع على مسألة املطابقة بني احلقيقة كما هي يف الواقـع

.وبني صورا البالغية اازية كما تصورها احلس ورمستها املخيلة

. 415 -414 ، صم 1980لبنان ، دار الكتاب العربية بريوت 3، ط1ابن األثري، الكامل يف التاريخ، ج - 1

Page 214: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

193

صاحب علم البيان له فضل احتياج إىل التعرض ألنواع دالالت (... لذلك فإن

ال شبهة بينة ، فإن اللفظة مىت كانت موضوعة ملفهوم أمكن أن تدل :الكلم ، فنقول

عليه من غري زيادة وال نقصان ، حبكم الوضع وتسمى هذه الداللة داللة املطابقـة ،

وداللة وضعية ومىت كان ملفهومها ذلك ولنسمه أصليا تعلق مبفهوم آخر أمكن أن تدل

، ومثلما تتعلق أسباب التعبري وعناصـره 1...)عليه بوساطة ذلك التعلق حبكم العقل

اللغوية الدنيا من صوت حرف ومقطع وأدوات ، فإن ذلك التالقح التفاعلي بني تلك

العناصر يسري على التفاعالت الداللية األخرى ، فتتخذ املعاين والـدالالت بـذات

القول الفصل الطريقة انزياحاا الداللية احلرة اليت ال تستطيع أية قوة عقلية أن تدعي

واعلم أن علم البيـان : ( ... أو اإلجراء احلاسم يف القبض عليها لوحدها لذلك قالوا

. 2...)مرجعه اعتبار املالزمات بني املعاين

يترسخ هذا االعتبار املنبين على وظيفية التالقح احلر القائم على خمتلف الفطـن

غية واليت تصري مبثابة املنبه علـى ذاتـه احلسية اليت يستفيدها احلس من املكونات البال

.140السكاكي ، مفتاح العلوم ، ص - 1 .141، ص نفسه املصدر - 2

Page 215: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

194

،فـالتالزم 1الكالم يفتح بعضه بعضا: وعلى املثري الذي يترابط معه دالليا لذلك قالوا

الذي كان مقاال به بني التالزمات الداللية هو ضمنيا تالزم لفظي أو صويت يهـدي

. العنصر خالل السياق التعبريي إىل العنصر الذي يكمله

إىل تنوع العقول يف تداول املعرفة اللغوية الضاربة إىل جهـة الفنيـة وبالنظر

واجلمالية فقد ظل الطرح اجلامع بني العلمية واجلمالية الفنية يتنازع باستمرار تارخيهـا

النشط املتحول بزخم معريف مل يستطع الوعي العقلي حتديد أساليب ذلـك التحـول

ضوع اللغة والبالغة وإن بـدا للوهلـة األوىل وقواعده ، والتناجز العلمي الفين يف مو

حامال للنقض الضمين بناء على تالحم جني متنافيني متعاديني ، ج العلـم وـج

اجلمال والفن إال أن تدبر موضوع الفن واجلمال يف أصول انبعاثاته اإلنسـانية األوىل

لم اجلمال واملقتضـية وعـي شافع لنا أن نتقبل البنية االصطالحية التركيبية املفيدة ع

ومعلوم أن العلم األول أتى النفس (... املكونات والظواهر واإلشكاالت والفلسفات

، وهنا تتجلى لنـا 2...)أوال عن طريق احلواس والطباع ، مث من جهة النظر والرواية

.238، ص 2: ابن رشيق ، العمدة يف حماسن الشعر وآدابه ونقده، ج - 1 .102القاهر اجلرجاين ، أسرار البالغة يف علم البيان ، ص عبد - 2

Page 216: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

195

هـا مدى أمهية التناجز الوظيفي واإلجرائي بني احلس والعقل ، إذ تتأصل املعرفة مبرور

أوال بالتجريب احلسي وكذلك اللغة باعتبارها ممارسات فنية واجتماعية حيتاج إليهـا

اإلنسان لشد توازناته الروحية والتواصلية ، فإا أي اللغة باالرتكاز على تلك املرجعية

الروحية حتتاج إىل املالطفة واملمارسة حىت تستقر بفضل ذلك التعهد يف شكل عبارات

صرخات متالحقة تنطلق فإذا بأدب علي رضي اهللا عنه(، عبريية بالغيةفنية وأساليب ت

من قلب عبقري يريد أن ينفذ إىل األشياء حىت يـرى أغوارهـا فيطمـئن إىل هـذا

.هي اليت سنراها يف أدبية نثر اإلمام عليخالل حبث مجالية النثر الفين لديه، و 1)اإلدراك

:باالنفعال احلسيعالقة املعرفة الفنية اجلمالية

االنفعال احلسي عبارة عن استجابة ال إرادية تصدر عن الذات املتلقية نتيجـة

تربية فنية أو مجالية ، وهي تترسخ معرفيا تنتقل مبوجب استيعاا العفوي املركز مـن

جمرد املالحظة البسيطة إىل شيء من الوعي يفوق تلك البساطة فيما بعـد ، وميكننـا

املوضوع من خالل التقاليد الفنية لكل جمتمع من اتمعـات اإلنسـانية مالحظة هذا

على حدة ، فالتربية احلسية للعرب أنتجت بعد تشبع مجايل فين جتـوال مـن جمـد

. 206، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 217: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

196

اإلحساس العفوي البسيط باللغة ونظامها وطرق استعماالا إىل أن يتجسد يف شكل

، مثلتها بامتياز ظاهرة املعلقـات 1)و اللفظة ذاا تصور مدلوهلا( ، ظاهرة شعرية

.الشعرية اجلاهلية

ميكن لألثر الفين ، وليكن األثر الفين واجلمايل األديب أن حيمـل يف مضـامينه

، املوضوعية والفنية جتارب بيئية وحضارية هي اليت تطبع الشخصية النفسية للمجتمـع

، وإذا مل يعكس الفن 2)ألن كالم قريش لني واضح و كالم العرب وحشي غريب(

واجلمال قيم اتمع ونفسياته ولنتمثل ذلك يف الظاهرة األدبية من خـالل مظاهرهـا

التعبريية واإليقاعية فإن الفن واجلمال يبقى معزوالن عن أبعادمها القرائية والتأثريية على

بية استطعنا أن السواء ، وإذا حنن فتشنا املكونات الفنية واجلمالية لظاهرة املعلقات العر

.ق مبختلف التأثريات اليت ذكرناهانعتربها مبثابة السجل الناط

ولو تأملنا حصول التجارب الفنية على مر حياة اإلنسانية ألفيناها تتبـع ذات

النسق ، فهو واحد أو يكاد يكون كذلك ونعتقد أن سبب التوحـد يف األسـاليب

. 233ص سيد قطب، نظرية التصوير الفين، دار الشروق القاهرة، - 1 . 178م ، 1978دار املعرفة بريوت، 4، ط 1جالل الدين السيوطي، االتقان يف علوم القرآن، ج - 2

Page 218: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

197

، مرجعيـة الفطـرة اإلنسـانية الواحـدة التحصيلية للقيم الفنية اجلمالية عائد على

فاالنفعاالت واألحاسيس واملشاعر على اختالف طينتها اخللقية تلتقي علـى صـفاء

الفطرة وسالمة الطبع والرتوع اإلنساين املوحد ، والذي نستدل به يف هذا املقام هـو

، بية واللغويةذلك التوحد يف القضايا البالغية واإليقاعية فيما بني خمتلف التجارب األد

، واتمعات وإن كانت تتفـاوت 1 )و يف ذلك ما فيه من معىن البالغة و روح الفن(

يف األذواق والطرائق والصنائع إال أا تكاد تتوحد يف املرتع واهلدف ولنضرب لذلك

مثال باالستعارة فهي تتوحد يف أساليبها وبناها وإيقاعاـا الدالليـة ، ألن املرجـع

يف هذه القيمة البالغية هو الوزن الشعوري أو احلسي املوحد بني التجـارب االنفعايل

اللغوية اإلنسانية ، فاللسان البشري يتوافر على طموح ضمين أي غريزي يتمثـل يف

نشدان الفنية واجلمالية من كل جتربة تعبريية وإن ذلك التحول ونشدان األتقـن مـن

مسـتوى (... تعبري اللغوي إىل أن يرتقي الالصياغة اللسانية السماعية للغة حيتاج إىل

. 211، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 219: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

198

خاص متميز على قواعد وأصول يبلغ به التعبري اللغوي الدرجة اليت تسمى عندها أدبا

(...1.

واألشياء املالحظة أو املعيشة حسيا قد تبلغ من شدة امتزاج نشاطها التصـويري

أو التخييلي، إن إنتاج بعض املعايري أو القيم البالغية اليت تندرج يف صميم الرتوع الفين

لدى تأليف العبارة اللغوية ، فاألديب الناثر أو الشاعر يستقي كثريا مـن النشـاطات

لية والتصويرية وكلها مندرجة يف النشاطني اإليقاعي والبالغي من معني البنائية والتخيي

القناعات الفنية املستفادة من تعميق معايشة قيمها احلياتية أي تلك الوظائف األدبيـة

إذا نقلتها يف الشيء مبثله عـن املـدرك ( اليت تستخلص من قوانني العالقات احلياتية

، إىل ما يدرك باحلواس أو يعلم بالطبع ، وعلـى بالعقل احملض ، وبالفكرة يف القلب

حد الضرورة فأنت كمن يتوسل إليها للغريب باحلميم ، وللجديد الصحبة باحلبيـب

. 2...)القدمي ، فأنت إذا مع الشاعر وغري الشاعر

.49، ص 1987دار النحوي للنشر والتوزيع 2:عدنان علي رضا النحوي ، األدب اإلسالمي ، إنسانيته وعامليته ط - 1 . 103 -102، ص السابقاملصدر -2

Page 220: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

199

لذلك فإن كل نزوع تعبريي قوامه إثارة التعجيب البالغي متوافر بالطبيعة يف

سواء أتعلق األمر بالنثرية أم الشعرية ، وإن إصرار الـذات املنشـئة كل نزوع بالغي

للخطاب األديب ذي املرجعية اجلمالية املتعلقة ببسط أسباب اإلمتاع الفين واجلمـايل

تتخذ من الرغبة امللحة يف إغواء املتلقي يكون تركيزها الضمين على حشـد القـوى

فاملعىن مهما كان عقليا جافا ال ميـر (، بداعالبالغية العاملة على إظهار الرغبة يف اإل

تقضي فيه على صفة اجلمود و تبلور ما فيـه مـن مبخيلة علي حىت تنبت له أجنحة

، يوكل للفطنة احلسية االضطالع بذلك التقدير والتوزين والتوقيع للعبـارة 1 )حقيقة

م التجويد اللفظي ، وهـو اللغوية البنائية العاملة على إنتاج اجلمالية اللغوية الالئقة مبقا

اجلانب السلوكي الذي ال ميكن أن تتحقق أهدافه الفنية واجلمالية إال بتـوافر تلـك

.قيق اجلديد أو املستجد أو البديعالشحنة النفسية والعقلية اليت تستهدف حت

إذا حنن تأملنا سياق الطروحات النقدية األدبية املسوقة لإلحاطـة باملقـدرات

اجلمايل ألفيناها حاضرة يف مجالية األدبيـة يف ية اخلادمة للغرض اللغوي الفنية واجلمال

:، حيث يقـول على اختالف أشكاله ومستوياته التواصلية خطاب علي بن أيب طالب

. 187، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 221: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

200

إن صمت مل يغمه صمته، و إن ضحك مل يعلو صوته، و إن بغي عليه صرب حـىت "

، فالتركيز على إتقان العبارة القائمة على نسقية بنائية 1"يكون اهللا هو الذي ينتقم له

واضحة قوامها اجلملة أو الفقرة أو اخلطبة أو الرسالة أو املكاتبة أو احملـاورة كلـها

مناسبات إنشائية كان اإلمام يتحرى من خالهلا إظهار الرباعة اللسانية املعززة ملشروعه

واألخالقي واليت نراها على أ ا جوانب أدبية متطلبة وعيا فنيا مجاليا ميكـن الفكري

.تشخيص أماراته الطابعة له

ولعل الذي جيعل من املالحظات اجلمالية سياقا تفاعليا بني اإلنسان واحملـيط

البيئي واالجتماعي الذي حييا يف وسطه هو أن اللغة عامة واللغة الفنية تستقي جممـل

ا من تلك القناعات واملالحظات اليت تصـريها دالالا وحىت قواعدها التنظيمية انطالق

قابلة حلمل الوظائف الداللية املختلفة ، وإذا كانت اللغات اإلنسانية ختتلف متفاوتـة

فيما بينها يف بعض األشكال واالنتظامات واملرجعيات الداللية اليت تتشـبث مبـدئيا

يع اللغات تكاد تلتقي باملرجعيات النفسية واالجتماعية واالقتصادية للمجتمع ، فإن مج

على أساليب التأثريات الصوتية مثال ، فالصوت اللغوي له كيفيات واحدة سواء أكان

. 472، ص 3البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد ابن أيب احلديد، شرح ج - 1

Page 222: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

201

يف اللسان العريب أم األعجمي ، ألننا ننظر إليه ونقدره بصفته الصوتية اخلـام غـري

أدبيـة فإن اللغة العربية مستمدة طاقتها التشعريية أو لنقـل الت ( ،املتصلة بالبنية اللفظية

. 1 )إنطالقا من مكوناا املميزة

ولتوكيد هذا السياق التداويل الذي نسعى من خاللـه إىل الكشـف عـن

التشاكالت الوظيفية بني الظاهرة اللغوية وبني مرجعياا االنفعالية يف واقـع احليـاة

بـاحثون املعيش، فقد الحظنا أن علماء اللغة العربية من التراثيني الذين عادة ما ألف ال

املعاصرون النظر إليهم من منطلق ختلفهم عن إدراك أو استيعاب كثري من املالحظات

العلمية املفسرة للظاهرة اللغوية خاصة يف جوانبها الفنية اجلمالية ، فهذا ابن جين جيتهد

منظرا آلليات التقييم الفين اجلمايل للغة العربية يف نظريته اللغوية اليت نراها غري خمتلفـة

مع نظرية اجلاحظ من حيث سعي كليهما إىل إظهار اجلوانب الذوقية أو احلسية الـيت

جتعل من العبارة اللغوية قيمة شعرية أو فنية سواء أتعلق األمر بالنثرية أم الشعرية ،وإن

هلؤالء العلماء اجلماليني قناعة واحدة يصدرون عنها وإليها يفيئون تتلخص يف مقولـة

حلس تتالقى عليه طباع البشر ، ويتحاكم إليه األمحر واألسـود موضع ا(... أن

.13عباس حممود العقاد، اللغة الشاعرة، ص - 1

Page 223: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

202

، ولقد زاد إبن جين من التمكني هلذا السياق اإلنساين يف تقييم اجلمايل للوظيفة 1...)

اللغوية الفنية حني أسهب يف أكثر من موضع يف ايء بالنماذج والعينات التمثيليـة

لكثري من القضايا الفنية اجلمالية رابطا فيما بينها على اختالف املنبت اللساين لتلـك

اللغة الفارسية والرومية شارحا ومشرحا عينات لسانية مساعية اللغات فكان يستوثق ب

المس فيها علم الترمجة مبكرا ، بل إن ابن جين تعدى حد النظر العـام إىل املقاربـة

اخلاصة يف ذوق الصوت اللغوي يف مجيع اللغات على اخـتالف ألسـنتها ، حـني

لساكن ، متعمقا يف تفسـري أخضعها مجيعها ملسألة املتواليات احلركية بني املتحرك وا

العمل اللساين الذي هو يف أصله قائم على املتواليات احلركية أو التموجية واليت تنتهي

إنه قـانون إنسـاين : دائما إىل االعتبار بقانون اخلفة والثقل والذي ميكننا القول عنه

الية اليت فطري وطبيعي ميكن اعتماده أسلوبا إنسانيا يف استخالص األسس الفنية واجلم

ميكن للشعرية اإلنسانية أن تقوم عليها وختلص ملبادئها ، واتساقا مع هـذا السـياق

التداويل الذي ما فتئنا نسهب يف اإلبانة عن أغراضه ومواضيعه ومناهجه فإننا سنعتمده

الحقا سياقا حتليليا أو شرحيا لكثري من املالحظات الفنية واجلمالية اليت ختتص ا نثرية

.90، ص 1:ن جين ، اخلصائص ، جاب - 1

Page 224: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

203

ن أيب طالب يف ج البالغة ، فالذي يصادف املتأمل املمحص لألساليب التعبريية علي ب

يبيت حفرا و يصبح فرحا، حذرا :" ، يقول رضي اهللا عنهيف بالغة اإلمام علي النثرية

يستطيع أن يقف علـى 1"ملا حذر من الغفلة، و فرحا مبا أصاب من الفضل و الرمحة

ليت هي يف عمقها اتزانات لسانية مساعية جيليهـا واقـع مجلة من االتزانات األسلوبية ا

. اخلطاب اإلنشائي الذي طبع أدبية اإلمام علي كرم اهللا وجهه

أديب قوامه األدبية املعززة باجلمالية والفنية ال بـد نعتقد أن كل نزوع تعبريي

شخص من أن يسلك سبيل اإلبداع من جهة ومن جهة أخرى سلوك التراكم املعريف امل

للسياق اإلبداعي ، واللغة العربية بتمكنها الفطري ، ومالءمتها لالنفعـال اإلنسـاين

الصايف قد مرت جتربتها التكوينية ذه امليزات الناظمة جلمالياا وفنياا وقد تـدرج

ذلك التكون والترسب بدءا من ظاهرة الصوت اللغوي ، ونعتقد أنه مـر بتجـارب

هي اليت هدته إىل االستقرار على الشكل الذي انتـهى إليهـا حسية وحضارية بعينها

صوت احلرف العريب ، وهذه العالمات أو التقاليد الصوتية ما تزال عالقة بكثري مـن

التجارب الفنية اجلمالية من مثل اللهجات العربية ، واإليقاع الشعري ، والتنغيم الذي

. 475، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 225: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

204

المية ألسباب نعتقد أا أخالقية صرفة هو جلانب املسكوت عنه يف الثقافة العربية اإلس

، ونظرا حلاجة كل ذات إنسانية للتوافر على تكامل التجارب الروحية واالنفعالية فقد

وقفنا على ذلك الثراء التنويعي الذي طبع جتربة علي بن أيب طالب األدبيـة والفنيـة

و لـو أراد :" حيث يقـول يف النـهج ، الت اإلبداع وافرهااوالبالغية فهو متعدد جم

و مشاعره العظام، بني جنات و أار، و سهل و سبحانه أن يضع بيته احلرام ،

دل على ذلك اكتمال هوية اخلطاب األديب لديـه ، 1"قرار، جم األشجار، داين الثمار

فهو متوزع بني نثر فين وشعر استكمل يف مضماره ما قصر اخلطاب النثري عن إدراك

ية ، وميكن قراءة التكامل الوظيفي بني خمتلف مظاهر اإلبداع يف أدبيـة مزاياه اإلبداع

اإلمام علي على أا مطلب حسي وانفعايل حتتمه حاجة الـذات إىل حتقيـق تـوازن

املعارف ، هذا التوازن املعريف الذي برزت بذرته منذ اضطالع اإلمام بالفطنة اللغويـة

سيس لعلوم اللغة العربية كما شهد بذلك تـاريخ الرائدة اليت أهلته إىل املسامهة يف التأ

آداب اللغة العربية فقد ثبت أن عليا أوحى إىل أيب األسود الدؤيل بوضع علم النحـو

وذلك عن طريق إسداء اإلمام للتوجيهات الالزمة يف املشروع ، وقد أسـهم هـذا

. 175، ص 4 ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 226: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

205

لفنية واجلماليـة أو لنقل صان املبادئ ايف حفظ اللسان العريب املبني التأسيس اللغوي

املميزة للسان العريب ، اللسان الشعري املعزز باملمارسات البالغية الفنية اجلمالية وقد

يكون كافيا لتبني مناقب علي بن أيب طالب حني نستوثق مبا أمجع عليه مؤرخو العربية

ي أول من كتب فيها أبو األسود الدؤيل، من بين كنانة ، ويقال بإشارة من عل(... أن

، وألن اإلمام كان من بين كنانة وهي 1..)، ألنه رأى تغير امللكة فأشار عليه حبفظها

ألنه رأى تغري امللكة ، فأشـار (... املنبت واملوئل الغاية ، حدث ذلك من لدن اإلمام

. 2...)إليه حبفظها ففزع إىل ضبطها بالقوانني احلاضرة املستقرأة

وحنسب أن العقل أو احلس الذي يضطلع بوضع مشروع احلفاظ على اللسان

العريب يكون أجدر بامتالك آليات الرباعة يف إبداع فنون اللغة العربية شعرها وخطبتها

ورسالتها وحماورا وحجاجها وإتقان تفهم دالالا ، وإذا حنن أمعنا النظر يف الشهادة

ا ابن سالم اجلمحي إىل مدى إسهام أيب األسود الدؤيل يف النقدية األدبية اليت أشار فيه

التأسيس لعلوم اللغة العربية عندما نسب الفضل يف ذلك إىل أهل البصرة وأبو األسود

، الدر اإلفريقية العربية بريوت لبنان ، دار الكتاب اللبناين بريوت لبنان ، 2:ابن خلدون ، تاريخ العالمة ابن خلدون ،ج - 1

. 1057ص .1057، ص 2:نفسه ،ج املصدر - 2

Page 227: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

206

الدؤيل واحد من أعالمها ، فقد خصه بالقدمة يف النحو ، وبلهجات العرب اليت هـي

إحاطته بالغريب الذي كان يعتـرب لغاا وأساليبها يف طرق التعبري وتوقيع الكالم ، مث

يف تلك املرحلة ذا قيمة بالغية مجالية فقد كان الشعراء واخلطباء يزينـون أسـاليبهم

بإصابة ما عز وندر من األلفاظ املستغربة باعتبارها مناسبة لبث آيات التفوق ، وتوقيع

خيـرب ال بلسـان و ( الذي طبع جتربة علي يف النهج العبارة بالدالالت املعرفية الراقية

، و يريد هلوات، ويسمع ال خبروق و أدوات ، يقول و ال يلفظ، و حيفظ و ال يتحفظ

، ومل يكن اهتمام أيب األسود مبعرفة الغريب ساذجا وإمنا أعطاه عنايـة 1 )و ال يضمر

خاصة حنسب أنه انصرف ا إىل منهاج اإلحصاء ، والتوظيف والشرح والتفسري وهي

كلها سلوكات لغوية معرفية سامهت يف ترقية مبادئ فقه اللغة وجوانـب الـتفكري

اند إىل هذه اجلهود املسرودة املعددة ، اجلمايل يف نظرية البالغة العربية ، لذلك وبالتس

فقد زاد يف أفضال أيب األسود الدؤيل أنه كان املؤسس الفعلي للغة العربيـة ، بوـا

جها حبيث افترع مسميات عناوين درسها من فاعل ومفعول ومضاف وحرف جرو

. 120، ص 4 ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 228: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

207

منا هي ، كل هذه األفضال حني تذكر أليب األسود الدؤيل إ1والرفع والنصب واجلزم

منسوبة ضمنيا إلمامه علي بن أيب طالب باب مدينة علم رسول اهللا صـلى اهللا عليـه

.وسلم

ونعتقد أنه ما كان أليب األسود ، مشموال باملسامهات املرحلية اليت حتاماهـا

مجع من أعالم تلك الفترة ، أن يتوصل نظريات التنهيج والتقعيد وإرسـاء معجميـة

املرحلة اللغوية من وظيفية اجتماعية وسياسـية ونفسـية الغريب لوال ما تشبعت به

واقتصادية منح اللسان العريب ذلك الزخم من النضج والكمال فقد كان العامل اللغوي

يعتقد ضمنيا أن السلوك اللغوي مهما تنوعت أساليب نشاطاته املعرفية والسـلوكية

قات االجتماعية ، لقـد بـات ملزم بالتساند إىل القناعات الواقعية اليت تفرزها العال

وأن هذا الفن فن ال تلني عريكته وال تنقاد قرونته مبجرد (... املفكرون اجلماليون

استقراء صور منه ، وتتبع مظان أخوات هلا ، وإتعاب النفس بتكرارها ، واسـتيداع

اخلاطر حفظها ، وحتصيلها ، بل ال بد من ممارسات كثرية ومراجعات فيها طويلـة ،

.5ابن سالم اجلمحي ، طبقات فحول الشعراء ، ص - 1

Page 229: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

208

مع فضل إهلي من سالمة فطرة ، واستقامة طبيعة ، وشدة ذكاء ، وصـفاء قرحيـة ،

.1...) وعقل وافر

وقد كان ينظر إىل الرتوع النحوي على هذه املرحلة على أنه شبيه يف الوظيفة

الداللية بالوظيفة البالغية عندنا اليوم ، فمن شدة التواشج الـوظيفي بـني خمتلـف

للغة كان املرتع النحوي يشكل هاجسا مجاليا حبتا ال يقيد اللغة عن الرتوعات التقييمية

اإلبداع والتطور والنماء ، وقد ساعد اللغويني يف املالءمة بني املرتعني مرتع القيـاس

أن مدار حسن الكالم وقبحه (... ومرتع اجلمال رجوعهم يف تقييم العبارة اللغوية إىل

، مث تداعي هذا الفكر 2...) ل ، وعلى انطباقه على انطباق تركيبه على مقتضى احلا

يف حمصول اعتقادهم ، ورسوخ معرفتهم فاكتسب مقامات وإحاالت فكرية نظريـة

أغنت لديهم جماالت االختصاص يف القول وتفرعت الفنون وغنيت بفضل ما اكتسبته

تى منـه أن الكالم أجناس إذا أ(... من خربة التنظري وأدركوا معها ضوابط املالءمات

.76السكاكي ، مفتاح العلوم ، ص - 1 .76، ص السابقاملصدر - 2

Page 230: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

209

ومـن املالحـظ أن املمارسـة 1...)شيء مع غري جنسه باينه ونافره وأظهر قبحه

اإلنشائية هي احملك الذي ولد النظر املعياري وهداهم إىل حتصـيل قواعـد البالغـة

. وأساليب اجلمايل يف الشعر والنثر الفين معا

ـ دونات حيتل حضور مسامهة علي بن أيب طالب األدبية واللغويـة يف امل

اللغوية واألدبية والبالغية العربية بصورة الفتة ، ولنا أن نتمثل هلذا احلضور املبدئي مبا

سجله ابن املعتز يف كتاب البديع من اإلحاالت احلامسة يف موضوع البديع بكل عناوينه

وأبوابه على عينات لغوية مجالية لعلي بن أيب طالب فقد جلأ ابن املعتز يف أكثـر مـن

ة للتمثل بنماذج أدبية وبالغية علوية كلها تقوم على نكتة مجالية ما من ذلك ما مناسب

أورده يف باب االستعارة وهي باب عزيز من أبواب الدرس البالغي العريب وقد جاء به

ابن املعتز يف هامش االستعانة ببالغة الصحابة بعد بالغة القـرآن الكـرمي وحـديث

قال علي بـن : كالم الصحابة : (قال يف عنونة فرعيةالرسول صلى اهللا عليه وسلم ،

اآلمدي أبو القاسم احلسن بن بشر بن حيىي ، املوازنة بني أيب متام حبيب بن أوس الطائي والبحتري أيب عبادة الوليد بن عبيد، -1

. 421ص

Page 231: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

210

أيب طالب رضي اهللا عنه يف كتابه إىل ابن عباس وهو عامله على البصـرة يف بعـض

. 1...)أرغب راغبهم ، واحلل عقدة اخلوف منهم : كالمه

ولعل ازدهار التوظيف االستعاري الذي حفلت به شؤون احلياة العربية على

د العصر باخلصوصيات األدبية اليت ال ميكن لدارس أن يغفل عنـها ، هذه الفترة قد أم

من حيث ظل التوظيف االستعاري للمسوغات التواصلية أو التفكريية يؤدي وظيفـة

إيقاعية وفنية مجالية تسهم كثريا يف تعزيز عملية اإللقاء أو التوصيل بفضل ما يتمتع به

. ة ولياقة واستئناسإيقاع االستعارة ووزا الروحي احلسي من لذ

إن الذي يعزز مكانة علي بن أيب طالب من احلركية األدبية العربية ويعززها هو

تلك االحتفالية املرموقة بآثار علي بن أيب طالب يف تفعيل النشاط األديب الذي ازدانت

به حياته ، ومتيزت به مواقفه ، يتحقق هذا املستوى من مسامهة علي بن أيب طالـب

ي إىل مصاف أعالم األدبية العربية ، وإذا تكلمنا على املسامهة يف تأسـيس حىت يرتق

األدبية العربية اإلسالمية فإنه جدير بكل باحث يسعى لتشخيص أدبية علي بـن أيب

أضف إىل ذلـك (، طالب أن يذكر صالته بأعالم األدبية العربية طيلة سريته احلياتية

.4، ص 1979دار املسرية ، 2:إغناطيوس كراقتشوفسكي ، ط: ، كتاب البديع ، حتقيق ابن املعتز - 1

Page 232: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

211

، ال ختلو مدونة بالغية أو أدبية شعرية 1)مجال األسلوب و بديع الفن و حسن الوقع

، موقف حجاجي يف إال وسجلت له املواقف احملورية يف قصيدة أو حماورة نقدية أدبية

لـذلك فإنـه مـن ،2 )أما البيان فقد وصل علي سابقه بالحقه ( نكتة لغوية ما ،

لقد كان دور علي بن أيب طالب يفوق نعته باملساهم يف احلركـة : املوضوعي القول

اللغوية العربية أو التنظري الفلسفي اجلمايل ملبادئ التصور واالعتقاد والتذوق يف كل ما

يتعلق بالثقافة العربية اإلسالمية ، وإمنا ذكره مستوجب منا أن نشـري إىل العالقـات

ر واملواقف اليت سجلها ابن سالم يف طبقات الشـعراء يف مـوقفني كفـيلني واألدوا

بالداللة على وزن الرجل بني رجاالت وأعالم اللغة العربية وأدبيتها املتشـعبة الغنيـة

وكان ألهل البصرة يف العربية قدمة بالنحو وبلغات العرب والغريب عناية (... باآلثار

وفتح باا ، وأج سبيلها ،ووضع قياسها أبو األسود ، وكان أول من أسس العربية ،

الدؤيل ، وهو ظامل بن عمرو بن سفيان بن جندل ، وكان رجل أهل البصرة ، وكان

. 3...)علوي الرأي

. 252، ص 5،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد القومية العربية جورج جرداق، علي و - 1 . 184، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 2 .5ابن سالم اجلمحي ، طبقات فحول الشعراء ، ص - 3

Page 233: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

212

لنا أن نتصور كل هذه املكونات املعرفية اليت يتمتع ا علي بن أيب طالب هي

النثرية اليت احتفل ا ج البالغة ، فقد اليت غلفت كل الرتوعات التعبريية يف اجلمالية

كان يصدر يف كل التوصيفات أو املسرودات اخلربية ، والتنويعات اإلنشائية عن ذلك

الرصيد املعريف اهلائل املختزن لعمق التجربة ، وسعة املعايشة لتاريخ اللغة العربية وآداا

يف العلوم اللغوية أن يكونـوا ، لذلك جاز هلؤالء األعالم وعلي بن أيب طالب إمامهم

. 1هم والنحو سواء وهم الغاية

لقد أثبت استقراء التجارب اإلنسانية أن العملية الفكرية أو السياق اإلبداعي

أو اإلنتاج الفكري ال ميكنه أن ميضي على وترية واحـدة ، وإمنـا طبيعـة التـوازن

بع النتاج األديب ، ولقد أحسن واالعتدال تدعو إىل تساهم كل من العقل واحلس يف ط

(... الفالسفة املسلمون حني أبدعوا يف تفصيل آثار التنـوع اإلبـداعي يف الـنفس

. 2...)فاألرحيية للروح ، واهلزة للنفس ، والشوق للعقل واهلزة لإلنسان

.6املصدر نفسه ،ص - 1 .83، ص 2:أبو حيان التوحيدي ، اإلمتاع واملؤانسة ، ج - 2

Page 234: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

213

حنسب أن تلك هي اآلثار النفسية واالنفعالية املترتبة عن كل حاصل جتربـة

الية حيققها اإلنسان يف احلياة الدنيا تتشاكل جزئيا انطالقا من املـؤثر أدبية أو فنية مج

اللغوي الدقيق مث تتنامى ظواهرها وتتوضح عندما تبلغ مستوى البنيـة أو الشـكل أو

األسلوب ، فالبنية الكلية خلطاب األدبية يف لغة علي بن أيب طالب يف ج البالغة غالبا

ية اليت يلمسها القارئ املتفهم واليت يتبناها اإلمام حيال ما يرتكز على املثريات املوضوع

حماججيه أو حىت املقربني منه يف ذات جه الثوري الذي غالبا هو بدوره مـا ميـده

حبرارة املوقف التعبريي .

لقد برع الفالسفة املسلمون يف تتبع الظاهرة اجلمالية الفنية ، والعمـل علـى

إلنساين ، وحىت وإن كان تتبع اآلثار النفسية الباطنية مـن تشخيص آثارها يف الوعي ا

حيث استعصاؤها على التبني واالستظهار إال أن الفالسفة املسلمني استطاعوا وضـع

عالمات ا يهتدون يف تشخيص القيم اإلبداعية ، وركزوا على عملي كل من العقل

واحلـس ال :(... قالوا واحلس يف تنظيم تلك السلوكات السحرية الالحقة بالغيب ف

يعشق املواحدة ، واملناسبة واالتفاق إال بعد أن جيدها يف املركب ، كما أن العقـل ال

يعشق إال بعد أن يناهلا يف فضاء البسيط ، فكلما قوي احلس باستعماله التذ صـاحبه

Page 235: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

214

بقوته حىت كأنه يسمع ما مل يسمع حبس أو أكثر ، وكما أن احلس إذا كان كلـيال

. 1)ن الذي يناله كليال ، كذلك احلس إذ كان قويا كان ما يناله قوياكا

:علم اجلمال األديب

نعتقد أن ال شيء يوثق جمرى األدبية ويرسم القيم اجلماليـة مثلمـا توثقهـا

املمارسة واملزاولة ، فالتجريب األديب أو التواصلي يعترب احملك األجنع واألوىف لتلقـف

القيم اجلمالية وهي أي القيم اجلمالية ال تستطيع أن تنشـأ بعيـدا عـن التواصـل

عه حمتفل بالضرورة بكل مستطرف فين مجيـل ، االجتماعي اإلنساين ، واإلنسان بطب

نستوثق يف تبيني هذا املناط مبا أورده الباقالين يف إعجازه لدى كالمه على اكتشـاف

إنه اتفق يف األصل غري مقصود إليه ، على مـا يعـرض مـن (... احلس لفن الشعر

أنه قد تألفـه أصناف النظام يف تضاعيف الكالم ، مث ملا استحسنوه واستطابوه ورأوا

. 2...)األمساع وتقبله النفوس تتبعوه من بعد وتعلموه

.82،ص 2: در السابق، جاملص - 1 .63أبو بكر حممد بن الطيب الباقالين، إعجاز القرآن ، ص - 2

Page 236: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

215

ومثلما ختتفي العالمات التشعريية سارية يف جسد اخلطاب ، فإا يف النثريـة

الفنية تسطر أبعادها االنفعالية واحلسية احمليلة على ذات الذائقة البالغيـة واإليقاعيـة

فنية يف شروط استقبال اخلطاب الشعري عن طريق بذات السبيل اليت تسلكها اللغة ال

املماثلة ، فاالحتفالية اليت تصادفها اللغة الفنية هي واحدة ال تكاد تتغري بـني شـكل

تعبريي أو آخر ، وتستمر الفاعلية اللغوية يف حيز تعاطي النثر الفين مبا توظفـه مـن

ز الذي يثورها ويعلنها قيمـة آليات التبليغ والتوقيع والتصوير بالغة من درجات التحف

مجالية تؤهلها للقراءة الشعرية ويف ذلك تتساوى شعريتان شعرية القصـيدة وشـعرية

. اخلطاب النثري الفني اجلمايل

:مفهوم اجلمالية اللغوية

يتجه السلوك اللغوي عرب منطوقه أو ملفوظه إىل إنتاج القيم التلذذية اليت مـن

اد من الفعل اإلجرائي للممارسة اللغوية ، واللغة الفنية سواء طبيعتها أن حتصل أو تستف

أكانت موظفة يف حيز الشعر أم يف حيز النثر الفين فإا تسـلك ذات السـبيل الـيت

تستذاق ا حسيا يتأثر الناطق ا واملنشئ لبالغات الكالم وكذا املتلقي السامع بكل

ة فينفعل مبقدراا التركيبية ، وقد يدفعـه املكونات الللسانية السمعية ، تستهويه العبار

Page 237: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

216

ذاك الغرام والتلذذ إىل توليد الدالالت واملعاين اليت ال ترتبط آليا بالدالالت النحويـة

والبالغية الصرحية يف مكونات اخلطاب املتلقى ، وتتوحد اجلماليـة ضـمن سـياقي

تفرزه العبارة البالغية من استعماالا الشعرية أو النثرية اجلمالية مؤسسة متضمنة يف ما

قيم حسية وإيقاعية ميكن مالحظة فعلها التأثريي يف نفسية القارئ أو املتلقـي علـى

العموم ، وإن انبعاث القيم اإلبداعية ليس مرتبطا بالضرورة مبا تؤثره العبـارة الفنيـة

تسامي اجلمالية يف نفسية املتلقي ، فاملنشئ للخطاب أو حىت الكاتب له يشعر بذلك ال

الذي هو مبثابة احلافز اإلبداعي الذي يتوخاه املنشئ للكالم البليغ قصد الوصـول إىل

.قيم إبداعية اهلدف منها التميز أو التفوق أو التجدد أو النماء املعريف

استوعب كل منشئ لبالغة الكالم مقدرات الشروط اجلمالية مستعينا بذلك اإلحساس

تاج القيم البالغية واإليقاعية اليت تنتهي يف آخر املطاف الطاغي مبشروع املسامهة يف إن

.إىل إنتاج اجلمالية األدبية

واجلمالية األدبية ال ميكن حصرها يف أسلوب تعبريي بعينه ، وإمنا هي منهج أو رؤيـة

إبداعية تتحقق بتحقق شروطها اإلبداعية ، واليت تتبلور يف جممل جتلياا مـن خـالل

ية املولدة لألرحيية والتقبل واهليمنة الداللية ، وحنسب أن أدبية علـي إنتاج القيم التعبري

Page 238: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

217

، بن أيب طالب يف كتاب ج البالغة قد غرفت من معني هذا املشروع البالغي اجلمايل

، 1)مث رعت الرتعة اجلمالية ما دخل منه يف نطاق التعبري، فإذا هو من األدب اخلالص(

ك القناعات اإلبداعية فقد أيت كتـاب النـهج لذلك وبعد تشرب السجل اللغوي لتل

موسوما بالتوصيف البالغي الذي هو مدار كالمنا وحبثنا يف اجلمالية النثرية يف كتاب

. ج البالغة لعلي بن أيب طالب

و متاشيا مع منهجية البحث يف اجلمالية اللغوية فإننا مضطرون أو مـدفوعون

ل املتعلقة جبمالية العبارة اللغوية العربية إىل البحـث حبكم االلتزام املنهجي بإثارة املسائ

عن الصيغ والكيفيات احلجاجية اليت عول عليها علي بن أيب طالب يف سوق أفكاره ،

وانشغاالته ، وتسطري آرائه ، وتربير مواقفه وهي مجيعها سياقات لغوية متميزة داعيـة

.لبالغية الكفيلة بتعزيز مقام القول إىل التسلح بأدوات البنائية والصوتية واإليقاعية وا

لقد حرص البالغيون العرب على التأسيس للنظرية البالغية العربية اليت هي يف

صميم جتلياا نظرية بالغية فطرية إنسانية تصيب كل هاجس أنطقته الفطرة ، ووقعته

.الطبيعة النقية ، وجاله صفاء الطبع

. 184، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 239: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

218

: عربيةبالغة الصوت اللغوي يف البالغة ال

حيوز جانب أصوات اللغة العربية األمهية البالغة من كوا ، حنسب أن لكل لسان

مساته االنطباعية اخلاصة ببيئته ، واللسان العريب ترعرع يف حميط صحراوي مترامي

األطراف ال حييل على شيء أكثر من إحالته على طبقاته هو ذاته ، ولعل من أبرز

قيم الترفيه واالستئناس اليت كان يلقاها األعرايب يف تقليب األفكار يف هذا الصدد هو

، حيث جهات الكالم ومذل اللسان باملادة الصوتية تنغيما وتلحينا وتقطيعا وترنما

. 1شترط البالغيون اإلمتياز العقلي يف كل تلك الوضائفا

ومبا أن املزاولة الشفوية هي املهاد الطبيعي احملتضن طفولة اللغة فإن هذا

اإلجراء حييلنا على بسط املالحظات امللتقطة من هذا اجلانب العزيز من املمارسة

اللسانية العاملة على حتسني البيان و إعطاء احلروف حقوقها من الفصاحة ، فأنت إن

يم هضمت اللغة حقها وسلبت اللسان زينته ، مل تف بشروط املنطق القومي السل

.واحلس أوىل ملعاجلة هذا اجلانب من التنعيم والرقة والتأنق

. 66، دار اجليل بريوت لبنان، ص3اخلطيب القزويين، اإليضاح يف علوم البالغة، ط - 1

Page 240: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

219

وملا كان هذا شأن الصوت من الوظيفة اللغوية فقد رؤي إليه املدخل إىل

هو آلة اللفظ (.. إصابة الغايات البالغية املتهافت عليها فالصوت مثلما ارتآه اجلاحظ

اجلوهر الذي يقوم به التقطيع ، وبه يوجد التأليف ، ولن تكون حركات اللسان ، و

.1 ..)لفظا وال كالما موزونا إال بالتقطيع والتأليف

يعتدل الكالم ويستقيم انطالقا من الرعاية واالهتمام الذي يصبه املنشئ على

إىل درجة من الصنعة املدارج الصوتية اليت يتسلسل عربها سياق الكالم ، يتفق هذا

واإلحكام يكون خالهلا اعتدال هذا متفق مع سالسة ذاك ، واحلس قد ال يقوى على

حتقيق تلك املهمة مفردا بل هو مستعني خالل ذلك اإلجراء بسلوك انفعايل جسماين

يشد به أزر املقل من ذلك حسن اإلشارة باليد والرأس والدل والشكل والتقتل والتثين

2.اء الشهوية وهي مجيعها طقوس يستنشأ ا الكالم الفين واستدع

: مجالية أصوات حروف اللغة العربية

.58،ص 1:اجلاحظ، البيان والتبيني ، ج - 1 .58،ص 1:املصدر نفسه، ج - 2

Page 241: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

220

وأصوات حروف اللغة العربية وإن كان تعدادها مثانية وعشرين حرفا مضافة

إليها األلف وفق تقديرات بعض اللغويني فهي أي أصوات احلروف متفاوتة القيمة

أنق والتقفية والتسجيع بناء على ما يتضمنه من قيم تعبريية اجلمالية منها ما يصلح للت

إيقاعية حتتمل اإلحالة على الدالالت واملعاين االنفعالية نصادف هذا النمط احملبب من

احلروف كثري التوظيف يف توقيع القوايف نراها متضمنة يف حروف الغنة ، مل حيصل

من األسباب هي الدافع إىل االعتقاد بأمهية هذا الكالم على الشعر إال بعد توافر مجلة

الصوت البالغة يف توزين لغة الشعر وختير أساليبها واستصفائها ، فالصوت بالنظر إىل

قيمته اللسانية السماعية كمية لغوية مادية قابلة للتكييل والوزن وااإليقاع ، تتم هذه

ي يتوافر عن طريق قياس خمرج الوظيفة وفق تقدير احلس للحيز التلفيظي التحقيقي الذ

حلقي حنكي نطعي شفوي فلكل من هذه : الصوت وفق مدارجه يف جهاز النطق

املدارج قيمة داللية يؤديها منشد الشعر أو املتأنق باخلطاب اإلمتاعي ومنه النثر الفين

إىل فهو لطبيعة التأنق املرومة يف بناء خطابه حمتاج إىل تأسيس البناء اللغوي اهلادف به

تعزيز القوى الدالة واليت يكون إتقان التوقيع الصويت هو أحد أبرز مساته ، مث هناك

Page 242: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

221

الشدة الرخاوة التفشي الفخامة اهورة املهموسة فلكل منها : صفة الصوت وجرسه

. كذلك داللة مبدئية حميلة على ما يتبعها من التركيب اللغوي

توزين والنسج والبناء مسات فنية مجالية خاصة وإذا كان الناس معظمهم يعتقدون أن ال

ببناء اخلطاب الشعري ، فإن البالغيني العرب القدامى ما فتئوا يشريون دون أن يتنبه

إليه املنتبهون إىل التناتج الفين اجلمايل بني الشعرية والنثرية الفنية ، نعزز رؤيتنا هذه مبا

من شهادة نقدية أدبية تقر بذلك التساهم أثبته عبد القاهر اجلرجاين يف كتاب األسرار

واخلطب من شأا أن يعتمد فيها األوزان (... بني الفنني فن التشعري وفن التنثري ،

،انطبع عبد القاهر ذه الشهادة النقدية األدبية نظرا ملا استحاله من 1...)واألسجاع

بة متداخلة تنشأ بناء من قيم التعبري الفين املستويل على مستويات مجالية كثرية مرك

حتسس الذات املنشئة جلمالية الصوت اللغوي مرورا باملقطع اللغوي فالبنية الصوفية

اليت يدعوها البالغيون هيئة الكلمة ، مث وصوال إىل العبارة اليت يبلغ مستوى التفنن يف

سينه بأدوات توقيعها وذيبها ذات القيمة اليت يوليها الشعراء لبناء البيت الشعري أو حت

البديع ، فالذي يفلي مضامني الشروح البالغية العربية على اختالف مناهجها

.6عبد القاهر اجلرجاين ، أسرار البالغة يف علم البيان ، ص - 1

Page 243: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

222

وسياقاا القرائية يستطيع أن يصادف الكثري من اإلحاالت النقدية األدبية احمليلة على

كثري من الفهومات احلداثية اليت خترج مفهوم الوزن من أطار استعماله الضيق إىل آفاق

ة تتقبل الكثري من القراءات الفنية اجلمالية احلداثية اليت حيتفل النقد األديب وظيفية واسع

احلديث اليوم ا ، فقد أورد ابن حجة احلموي يف خزانة األدب حني قال بإخراج

1.الشعر خمرج املثل السائر موزونا

من نرى أن توزين العبارة األدبية أو تنسيقها بالكيفيات املختلفة اليت تنقلها

جمرد االستعمال الغائي إىل االستعمال الفين اجلمايل يتحقق بعيدا عن الشروط

التشكيلية التقليدية ، ألن كثريا من مظاهر التركيب واالنسجام واالتزان والتشاكل

تستقي مجالياا وفنياا بناء على الشروط التلذذية اللسانية السماعية وهي يف غالب

اآليل بالشروط البنائية الشعرية التقليدية ، فاالنسجامات مظاهرها ال تتصل االتصال

اليت قد ختتص ا العبارة النثرية الفنية قد تكون مؤثرة حسيا وعاطفيا أكثر من التأثري

. الذي تتركه أبيات الشعر موزونة مقفاة فنيا ، فاألمر متروك لتوافق املقام مع املقال

، 2004ابن حجة احلموي ، خزانة األدب وغاية األرب ، الد األول ، الطبعة األخرية ، دار ومكتبة اهلالل ، دار البحار - 1

.219ص

Page 244: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

223

عرب خاصة منهم اجلماليني صابة يف نفس تتضافر آراء النقاد والبالغيني ال

السياق الباين للقيم الفنية اجلمالية املوحدة بني مرتعي الشعر والنثر الفين فهما جراء

ذلك التوافق يتناغمان ويتسامهان يف وظيفية إبداعية متكاملة تفضي يف اية املطاف إىل

يفت اجلاحظ أن حييل على الغاية اإلمتاعية املستفادة من كل عبارة لغوية أنيقة ، ومل

السرية احلياتية املنتجة للفطن اإلبداعية ، فاملهارة اإلبداعية كما ارتآها هي نتيجة سرية

إمساس الغايات وسلوك فنيني تفضيان باحلس إىل التمهر واالجتهاد والتشجع يف

، وقد شخصها أبو حيان التوحيدي كما ارتآها يف براعة اجلاحظ األدبية املرتضاة

بالطبع ، واملنشأ والعلم ، واألصول والعادة ، والعمر (... اإلنشائية مشمول حتصيلها

، والفراغ والعشق ، واملنافسة والبلوغ ، وهذه مفاتح قلما ميلكها واحد ، وسواها

، ولو تدبرنا هذه الشروط اإلبداعية اليت أحلقها أبو 1)مغالق قلما ينفك منها واحد

اص يف مسالك االبتداع ألفيناها متوافرة يف سرية علي بن أيب حيان التوحيدي باالختص

طالب الهج ا كل حرف من حروف آدابه ، و وقع مبوازينها التحسينية كل أسلوب

من أساليبه الغنية اإليقاعات ، خاصة و أن اإلمام تعاطى األدبية موزعة عرب جماالا

.66، ص 1:أبو حيان التوحيدي ، اإلمتاع واملؤانسة ، ج - 1

Page 245: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

224

املقامات اخلطابية املكترتة بصنوف الغنية املتنوعة فمنها فله ديوان شعر ، وله من

األساليب البالغية النادرة املتميزة ال يدانيه فيها مدان ، لذلك استحق درجة باب

و إنه ملن الصعب أن جتد يف شخصيات (، مدينة العلم الذي هو مدخلها الوحيد

، 1 )التاريخ من اجتمعت لديه كل هذه الشروط اليت جتعل من صاحبها خطيبا فذا

ذلك فقد متيزت أدبية علي بن أيب طالب باحتالهلا املوقع املتقدم الرائد بعد أدبية ل

.القرآن الكرمي وحديث الرسول صلى اهللا عليه وسلم

ومثلما هو مدلول عليه يف شهادة أيب حيان التوحيدي فإن أثر السرية احلياتية

بارة عن أماراا ، وحتيل النضالية بارزة معاملها يف أدبية علي بن أيب طالب تسفر كل ع

كل فكرة على بالغاا ، ففي حوار حضاري بينه وبني كبري فارس سأله علي بن أيب

طالب عن أحد سري ملوكهم ، وكان يف مساعه إجابة يتدرج يف طلب غايات حكمية

أخرى تليها وتكملها حىت انتهى إىل أن احللم واألناة اللذين مها نزوعان نفسيان

. 213، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 246: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

225

نتاج األخالق واألدب والكياسة والفطن حىت قال عنهما أي احللم واألناة حامسان يف إ

. 1، مها توأمان ينتجهما علو اهلمة

إن جئنا إىل املقاربة التشرحيية بني الفكرتني فكرة إنتاج القيم احلكمية واألخالقية كما

بداعية متثلها علي بن أيب طالب من جهة ، ومن جهة أخرى إنتاج القيم األدبية واإل

مثلما شخصها أبو حيان التوحيدي ألفينامها متناغمني متسامهني ، فاألدبية يف

االختصاص الذي ميز أدبية علي بن أيب طالب متطلب ضروبا من التتناتج الفين

واملعريف، ومن مثة األديب والبالغي قوامه أن تتضافر املعارف اإلنسانية مجيعها من أجل

احلدود اجلنسية أو القومية ، وكذلك حنسب أن اخلطاب إنتاج أدبية إنسانية تفوق

األديب الفين يف أدبية علي بن أيب طالب ظل حييل مكونات بالغية وروحية إنسانية

تتعدى كل احلدود الزمنية لتنطبع خلف كل تأريخ ، وتترسم شاملة كل فعل حضاري

ها حاضرة يف ، لذلك فإن كثريا من أبواب البديع الالحق بالدرس البالغي جند

التوقيعات البالغية ألدبية علي بن أيب طالب كما سنشخص ذلك الحقا يف ما يتواىل

. من أبواب حبث اجلمالية النثرية يف أدبية ج البالغة لإلمام علي بن أيب طالب

.5ص بن املعتز ، كتاب البديع ،ا - 1

Page 247: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

226

لذلك فالناس خيلطون حسب تقديرنا بني مرجعيتني حامستني يف حتديد شكل التعبري

ل ذلك ميزجون بني الشكل والوزن ، فإذا لكل من الشعر والنثر األديب ، وهم خال

تأطري تشكيلي تراثي هو العمودية واالنتثار العفوي للكلمات دون ضابط تشطري أو

تبييت فإن التوزين قيمة فنية مجالية مستوعبة يف األدبية النثرية األدبية الشعرية معا

شيخ املنظرين البالغيني العرب والدليل على ذلك أن عبد القاهر اجلرجاين وهو

اإلنسانيني احملتكم للفطرة والقائل بقوانني الطبيعة املصدقة كل حس وفطرة نسب

التوزين والتسجيع لفن اخلطبة ومها القيمتان املتعارف عليهما غلطا أما خاصتان بفن

. التشعري فقط ال تتجاوزانه إىل غريه من ممارسة اإلنشاء األديب الكثرية األخرى

يشهد التساق األدبية النثرية لدى علي بن أيب طالب امتيازها بالبنية التعبريية املتقاصرة

واليت تأيت يف شكل النادرة أو املثل أو اخلاطرة أو اهلجسة ، أو التوقيعة ، وهذا النمط

من اإلبداع األديب صدقته نظرية اجلاحظ البالغية اليت ميز فيها الكالم العريب اجلميل

اصية التقاصر يف العبارة ، والتركيز يف اجلملة ، فاحلس يتقن من مجالية العبارة كلما خب

إذا قل وقع وقوعا ال جيوز تغيريه ، وإذا طال ( ...قل لفظها ، واحنصر بناؤها فالكالم

Page 248: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

227

، وقد سيطرت بنية 1)الكالم وجدت يف القوايف ما يكون جمتلبا ، ومطلوبا مستكرها

مجالية أدبية علي بن أيب طالب خمتصة بضروب من السياقات التقاصر واالختصار يف

الكالم ، يورده ابن أيب حديد : التعبريية ميكننا مالحظته يف منط ما هو معنون مبصطلح

. 3،ومن كالم له عليه السالم2وقال عليه السالم: ضمن متواليات عنونة يقدرها بصيغة

كل من الكالم والقول وأسسوا على لقد ميز البالغيون واللغوين العرب بني داللة

تعريفيهما سياقات داللية متضمنة آليا يف بنية اللغة املوظفة يف الغرضني اإلنشائيني ،

فقد ربطوا أرثيهما اللغوي تنثريا أو تشعريا مبدى الوظيفة احلسية والداللية لكل من

ظيفة اإلنشائية للغة النسقني التعبرييني ، وملا كان لزاما على املنظرين أن يتجذروا الو

الفنية فقد ربطوا خصائص الكالم أو خصائص القول أو خصائص احلديث واحملادثة

باللغة اللسانية أو االرجتال أو محاسة اإلنشاء ، حيث ال ميكن للسان أن يتقصد أحد

االختصاصات اللغوية أو السردية إال باالستعانة باحلافز املرجعي الذي هو حافز حسي

.288، ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج - 1 .140الغة ، ص الشريف الرضي ، ج الب - 2 .146املصدر نفسه ، - 3

Page 249: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

228

أي 1...)وذلك أن الفم أو اللسان خيفان له ، ويقلقان وميذالن به (... حمض ،

بالنشاط التلفيظي يف أحد االختصاصات اللغوية السابقة الذكر ، فاملوقف اخلطايب

الذي خيتص به مقام القول يف أدبية علي بن أيب طالب يتوخى مبدئيا يف كل مناسبة

طة املرامي سلفا شأنه شأن اخلطاب الشعري مقصدية داللية حمدودة اهلاجس ، ومضبو

الذي ال نشك يف أن آثاره الباطنية تشكل ظالل إبداعية ومقامات داللية يف باطن

اخلطاب البالغي حيث يلتقي يف النسقني ، نسق الشعر غري الظاهر ونسق النثر الفين

تقسيمها أو تفصيلها املعلن ، أفق واحد هو اجلمالية اللغوية ، هذه اجلمالية اليت ميكننا

مجالية التصوير األديب ، واجلمالية احلجاجية : إىل مجلة من االختصاصات اإلنشائية منها

.، واجلمالية البنائية ، واجلمالية السردية ، واجلمالية احلكمية

تزدهي العبارة اللغوية يف مجالية نثر علي بن أيب طالب الفين باملردفات البنائية املعززة

و ال يجوا :" ، يقول علي رضي اهللا عنهحلكي أو السرد أو التأريخ أو النصحلسياق ا

النساء بأذى و إن شتمن أعراضكم، و سبنب أمراءكم، فإن ضعيفات القوى و

.5،ص 1:ابن جين ، اخلصائص ، ج - 1

Page 250: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

229

، وكلها تفريعات على وظيفة لغوية مجالية واحدة تنتهي باملتأمل 1"األنفس و العقول

املتفكر إىل مجاع املكونات البالغية الفنية اليت يتميز ا اخلطاب األديب يف أدبية علي

.بن أيب طالب

وبالتساند إىل املكونات اجلمالية املميزة لفنون السرد اللغوي اليت حصرناها

أو سياقات احلديث أو معىن القول ، فقد ألفيناها مجيعها مقاربني بني سياقات الكالم

متصلة بالوازع الشعري يف إنتاج اللغة اجلمالية ، وكلها منطوية على حافز أو نشاط

حسي هو مبثابة احملرك للفعل اللساين لدى جماذبته إنشاء العبارة اللغوية ، مث إن ذلك يف

نشاط اليت يبذهلا يف سبيل استيعاب نظر ابن جين متصل باملتلقي من حيث قوى ال

مقدرات إرسال اخلطاب األديب سواء أكان شعرا أم نثرا ، فالرابطة الروحية أو اآلصرة

اإلبداعية تتمنت وتتعزز بناء على ثراء املكونات اجلمالية املبثوثة يف ثنايا اخلطاب األديب

باه املتلقي القارئ وهو اجلمايل ، فبقدر تأثيث اخلطاب فنيا ومجاليا يتم استرعاء انت

الذي حيتل احليز الواسع واملكانة املرموقة والنصيب األوفر من إرسالية اخلطاب يف أدبية

.علي بن أيب طالب

. 542، ص 4 ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 251: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

230

يستطيع الذي يتمعن األبعاد اإلبداعية للخطاب األديب البليغ املتضمن يف ج

منها الرتوع التعبريي البالغة أن يقف بعد تدبر على املستويات التركيبية اليت يتشكل

اجلمايل ، فاجلمالية تتخذ هلا سياقات نفسية وانفعالية روحية منذ بزوغ اهلاجس

اللغوي يف مكامنه االنفعالية الفطرية األولية ، حيث ميكن معاينة درجات احلركية

واالنفعال املغلفة للغة اخلطاب األديب ، فاألدبية يف كثري من مواقف احلجاج البالغي

ج البالغة قائمة على مقصدية تثويرية أو حتفيزية أو نضالية دفاعية واضحة هي يف

و يبلغ أسلوب علي (، اليت تستخلص من مبدأ تفرع األسس التعبريية للغة اخلطاب

، 1 )اجلياشة قمة اجلمال يف املواقف اخلطابية، أي يف املواقف اليت تثور ا عاطفته

لرؤية الثقافية الدينية اليت تنتظم صدور النربة اخلطابية أو ا وخالهلا تتميز املبادئ السياقية

إني يف مجالية اخلطاب األديب يف : ، ميكننا تلخيص هذا احلافز يف تكرار لفظة السياسية

لة ج البالغة وهو اإلسناد التصريفي للقول الغالب على جممل التوزيعات السردية احملتف

.يف النهج ا اجلمالية النثرية

. 210، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 252: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

231

يتخذ مبدأ الرتوع السردي املستوي على سياق الكالمية نعين به مصطلح

الكالم كما ورد يف ج البالغة متصال باملواقف احلرجة املؤملة املعلمة للمواقف األدبية

الواقعة حتت تأثري مفهوم املبدأ يف فكر علي بن أيب طالب ، فالكالم يف أصل

ق األثر الذي تتركه لغة اخلطاب الكالمي يف االصطالح اللغوي العريب مقرون بعمي

نفسية املنشئ للخطاب عادة ، وبذلك فاألثر النفسي يف داللة الكالم اللغوي متصل

بنفسية الباث ال املتلقي ، حىت كأن الكالم يف حد ذاته نزوع لغوي تعبريي ناشئ عن

ية األديب وكذلك رغبة يف البوح والتخلص من األضرار اليت يتركها فعل ما يف نفس

حنسب أن داللة الكالمية يف مجالية أدب علي بن أيب طالب متصلة مبدى معاناته جراء

مواقف اخلذالن من جهة ومواقف التحدي من اجلانب اآلخر اليت ما فتئت تصنع يف

دعوين و التمسوا غريي فإنا مستقبلون :" ، حيث يقولنفسية اإلمام احلركية األدبية

.1"و ألوان، ال تقوم له القلوب و ال تثبت عليه العقول أمر له وجوه

والستيفاء الدالالت املبدئية الناظمة لسياق اخلطاب منذ كون اهلاجس إىل

فعل التشخيص اإلبداعي الذي ينتظم العبارة الحقا فإن البالغيني العرب صادفناهم

. 259، ص 3، الد املصدر السابق - 1

Page 253: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

232

الكالم مثال ، ولتشريح يقفون مليا لدى تعميق البحث يف اجلذر اللغوي لداللة

الغايات الوظيفية البعيدة العميقة ألفيناهم يربطون بني املرتع التعبريي ، واملبدأ

االصطالحي الذي يتضمنه مبدأ اخلطاب منذ أن يكون هاجسا أي جذوة لغوية

ومنه الكالم ، وذلك أنه :( ... حتريضية يف نفسية األديب أو املنشئ قال ابن جين

كلم أن :حيث ما كان جلذر الداللة اللغوية 1...)، يف أكثر األمر سبب لكل شر

تصطبغ باإلشارة العامة جلوهر املفهوم العام للفظة إال بعد رقم الرتوع املبدئي ، بربطه

مبا ينطوي عليه املبدأ اإلبداعي والرتوع اجلوهري الذي يتعلق به فعل الكتابة أو

اليت توخيناها من التأسيس لبحث اجلمالية النثرية اخلطاب ، ندلل على الغاية البحثية

حني عولنا على الكشف املسبق عن الداللة االصطالحية اليت يتضمنها مبدأ الوظيفة

الكالمية أو الوظيفة القولية أو الوظيفة احملادثة واحلديث يف التفكري البالغي العريب ،

مبدأ الرتوع الداعي أو وللوقوف على مصداقية هذا الربط املنهجي بني اخلطاب و

احملرض عليه ، ففي كثري من العناوين التقدميية اليت تضمنها ج البالغة واملؤطرة للهوية

البالغية املقدمة ملختلف اخلطابات األدبية جند العبارة شبه النموذجية اليت تتأطر ا

.14،ص 1:ابن جين ، اخلصائص ، ج - 1

Page 254: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

233

د رأى احلسن وقال عليه السالم يف بعض أيام صفني ، وق:( كثري من املواقف التعبريية

أملكوا عين هذا الغالم، ال يهدين ، فإنين أنفس ذين : عليه السالم يتشرع للحرب

عليهما السالم ـــ على املوت لئال ينقطع ما .ــــ يعين احلسن واحلسني

، وقد أشفع الشريف الرضي شهادة مجالية ) نسل رسول اهللا صلى اهللا عليه وآله

أملكوا عين : وقوله عليه السالم : (... تعليق نفدي قال فيهاخلطاب النثري املسوق ب

. 1)هذا الغالم من أعلى الكالم وأفصحه

ولتفعيل القيم التعبريية وإخراجها من مكوا األخالقي والعقيدي البحث فىي

حيز االستعمال الفين اجلمايل ألفينا علي بن أيب طالب ينوع يف مضامني اخلطاب

لتمثيل لتلك التنويعات األدبية مبا جاء يف ج البالغة مبا تضمنه البالغي يستطيع ا

3، وكتابه إىل معاوية وهو من حماسن الكتب ، 2عجيب خلقة الطاووس: نص

، واليت قدرناها بعد تفكري على 5، بالغة أدبية احلكمة 4وبالغة التضرع يف االستسقاء

.380الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص - 1 .292املصدر نفسه ، ص - 2 .446املصدر نفسه ،ص - 3 .227املصدر نفسه ، ص - 4 .539املصدر نفسه ،ص - 5

Page 255: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

234

ة مستفيضة ، نتأوهلا على أا أسلوب أا عناوين متقاصرة على دالالت روحية وأدبي

بالغي وظيفته اإلثارة وإيقاع اهلزة يف نفسية املتلقي من أجل أن يسهم باستكمال

. املسكوت عنه يف العبارة املوجزة اليت تضمنتها بنية األدب احلكمي

ميثل حافز مبعث الكالم يف بالغة خطابات علي بن أيب طالب طابعا حجاجيا

ات التارخيية ، تعكسه محاسة نربة توجيه اخلطاب البالغي ، مشحونا بالتوتر

فاإلحساس املر الذي يشحن به اخلطاب العلوي حييل يف كل نربة من نرباته على حادثة

جفاة :" ، حيث يقول يف خطبة له يف ذم أهل الشامتارخيية مفجعة يف غالب األحيان

، لذلك فإن داللة 1"ا من كل شوبطغام، عبيد أقزام، مجعوا من كل أوب، و تلقطو

الكالم البالغية واجلمالية تستجمع أدواا الفنية اجلمالية من أجل توشيح املوقف

( ،وى والعتاب والتوبيخ ، واملؤاخذةاحلجاجي ، يكاد يتلخص ذلك الرتوع يف الشك

وكلها مسالك ، 2 )مث إن هذه األفكار لتجد فيها ما يستغن عنه يف املوضوع املعاجل

عاطفية كفيلة باستنفار املقدرات البالغية اخلاصة ا من أساليب وعبارات، وقد تنتقل

. 281، ص 4 حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الدابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و - 1 . 185، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 2

Page 256: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

235

نربة العتاب يف أدبية علي بن أيب طالب من صفة االختصاص باخلصم وهو املألوف

املعتاد لتنقلب هلجة بالغية الحقة باألتباع ، حيث تتعزز مسافة الرؤية باحليز الرؤيوي

يتطلب تقديرات إنشائية خاصة جدا ، فأن ترمي إىل بعيد فذلك مفهوم الضيق الذي

معتمد وأما ترمي إىل أقرب وألصق وألزم فذلك عسري متطلب مهارة بالغية خاصة

.تستطيع بفضل براعتها اإلملام مبقدرات مقاصد اخلطاب

وى تستعني العبارة اللغوية بدوافع وحوافز نفسية حسية هي اليت تكون مبثابة الق

الداخلية الناظمة هلا ، من ذلك قوى إخراج الكالم مخرج ما استقر يف النفوس ،

فالصورة اللفظية تستقي هيئتها انطالقا من تضافر الوظيفتني الوظيفة احلسية االنفعالية

لصورة الشيء املتصور وبني التجسيد اللفظي لتلك املقدرات االنفعالية ، نقول ذا

مييز بني اللفظ واملعىن فإن عمق املعايشة ، وقوة املكابدة تصهر دون الفصل أو الت

الوظيفتني معا ضمن مؤدى إبداعي واحد ال تنفصم عراه وال تتفكك قواه ، والعبارة

تكون كامنة خمبوأة يف بواطن النفس ال جيليها شيء إىل الوعي والعرفان حىت ينتظمها

العلن ، وأما داللة القول من لفظ أو خط فتخرج به من مكنون الظن إىل صريح

االستعداد النفسي واللساين ملزاولة األدبية فقد تنبه إليه البالغيون العرب رابطني إياه

Page 257: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

236

بداللة اجلذر اللغوي ، وللبالغيني العرب فضل التنبه إىل أمرين حامسني يف الربط بني

صه عبارة اللغة عندما تكون جمرد هاجس أو انفعال ضمين ال جيليه شيء وال تشخ

وبني جتسده ال حقا وتشخصه ضمن أساليب وعبارات لغوية خاصة ينبصم عربها

املنشئ لبالغة الكالم ، ولعل أبرز شهادة نقدية أدبية يف املوضوع كانت مقولة

واملعاين مطروحة يف الطريق يعرفها العجمي ، والعريب والبدوي : (... اجلاحظ

لوزن ، ومتييز اللفظ ، وسهولته ، وسهولة املخرج ، والقروي ، وإمنا الشأن يف إقامة ا

، وإذا كان الناس قد قرأوا هذه املقولة 1...)ويف صحة الطبع ، وجودة السبك

اجلاحظية املشهورة مارين عليها مرور الكرام فإننا نعيد التنبيه إىل جوانب بالغية

بني الشعرية والنثرية ونقدية أدبية تضمنتها بامتياز هي حلول املقولة حمل التوأمة

اجلمالية من جهة ومن جهة أخرى تشري املقولة احملورية احلامسة إىل ضرورة توافر

اجلمالية اللغوية بعدا عن إشكالية ثنائية الشعر والنثر ، وبالتايل فإن اجلمالية من هذا

فظ املنظور النقدي األديب توسع من فضاء املمارسة اإلبداعية وتنقلها خارج إطار التح

اليت طاملا كرسته املدرسة األدبية العربية التقليدية ، فتركيز اجلاحظ على جانب

.408اجلاحظ ، احليوان ، ص - 1

Page 258: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

237

الصياغة املتضمنة لكثري من مهارات البالغة واإليقاع من جودة السبك ، وإقامة الوزن

.، ومتييز اللفظ كلها آليات حامسة يف إنتاج اجلمالية اللغوية

ني مناطات التركيب اللغوي لقد حتسس البالغيون العرب وعموم اللغوي

اجلمايل ، وأحاطوها بالتنظريات اليت سعت مجيعها إىل اإلحاطة باملقدرات النظمية أو

:ال، من ذلك ما ذهب ابن جين إىل إثارته حني قاخلادمة إلنتاج النثرية اجلماليةالبنائية

السامع ، إمنا ومعلوم أن الكلمة الواحدة ال تشجو ، وال حتزن وال تتملك قلب (....

.1 ...)ذلك فيما طال من الكالم وأمتع سامعيه ، بعذوبة مستمعه ورقة حواشيه

ال تستقيم وظيفة الصوت اليت ذكرنا إال بعد انزياحها إىل مستوى تركييب أرقى

املقطع الطويل واملقطع : منها هو مستوى املقطع الذي غالبا ما يتناول وفق مبدأي

تتحدد أزمان ملفوظ اخلطاب ، غري أن أهم مالحظة وأثبتها يف القصري فمن خالهلما

املوضوع هي أنه مستحب فيها التنوع والتبديل فمثلما تتنوع األصوات يف سياق

ألفاظ اخلطاب ومجله وعباراته فكذلك الزم تنوع املقاطع فقي تواليها السياقي وحىت

الم وتوشيحه فإن التناوب الوظيفي وإن ثبت أن املقاطع الطويلة متروكة لتقفية الك

.27،ص 1:ابن جين، اخلصائص ، ج - 1

Page 259: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

238

ثابت يف تسيري األساليب والعبارات ، فاحلس الثاقب بنشاطه التقديري ملواضع

ى األسلوب طبيعة مجالية ، األصوات اللغوية من السلسلة اللسانية السماعية يضفي عل

والرباهني بإنتاج روح التقبل مهما راوغ احملاجج أو أنكر ما يصادفه من احلجج كفيلة

يف اخلطاب األديب املتلقى ، وإن مجالية التنثري األديب اليت تتمتع ا أدبية علي بن أيب

طالب يف ج البالغة ظاهر حتسسها ملناطات التوزين الصويت واملقطعي قبل أن يصار

نه ، يقول رضي اهللا عا إىل بناء العبارة يف مستوياا النحوية والبالغية املتعارف عليها

صم ذوو أمساع، و بكم ذوو كالم، و عمي ذوو :" يف خطبة له يف أهل الكوفة

، وهو جمال يدعو إىل 1"أبصار، ال أحرار صدق عن اللقاء، و ال إخوان ثقة عند البالء

التمحيص يف الحق املناسبات البحثية ، ومتطلب إجراءات تطبيقية مثلما سنقف عليه

. ة النثرية يف أدبية علي بن أيب طالب يف الحق الفصول من حبث اجلمالي

:املفاهيم اجلمالية يف الفلسفة العربية اإلسالمية

. 260 -259، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 260: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

239

يتصل اهلاجس اللغوي جبملة من املثريات الفلسفية والتصورية ، تتحول يف شكل

حوافز إبداعية هي اليت يتحدد من خالهلا املنظور الفلسفي للوظيفة اللغوية على

. مستوى املمارسة اإلنشائية

ميكن لنا أن نتكلم على الكم اللغوي من خالل تعداد املقاطع اللغوية قصريها

وطويلها مفتوحها ومغلقها اليت تتشكل منها اجلملة اللغوية أو الوحدة اللغوية الكربى

وذلك نظرا ملا لقياس بناء اجلملة اللغوية بالنفس اجلسماين فالعرب تنفعل بالكالم وفق

ياسها املبدئي هو اجلملة النحوية اليت قد يعىن ا اجلملة البسيطة ال حمطات تعبريية ق

املركبة ، لذلك استحق تفصيل الكالم وفق األنفاس عن طريق ترقيم فصول الكالم

، نعتقد أن قياس تفصيل البيت الشعري مشتق من هذا املبدأ "النقطة ، الفاصلة "

. مستمد منه

احلس يف توظيف السلوكات اللغويـة احلـرة هذه املالحظة املستثمرة لقوى

املستجيبة لدواعي اإلبداع يف العبارات واألساليب ، واليت إن تأملناها ألفيناها متعلقـة

بإجياد سبل التزيني والتنميق والزخرفة البالغية ، وحنسب أن تلك هي ذاا املقاصـد

كتاب البديع حني أصاب عني اإلبداعية أو البالغية اإليقاعية اليت توخاها إبن املعتز يف

Page 261: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

240

احلقيقة يف تأصيله ملبدأ سريورة اإلبداع البديعي ومدى ختلله خمتلف التجارب اللغويـة

أو الفنية اجلمالية يف كل أرض ويف كل زمان حيث اختصر فاعليته املطلقة يف معيارية

شمل كـل الندرة ، لذلك ووفق تعريف إبن املعتز لإلبداع الفين أو اجلمايل على أنه ي

نادر مستجد فريد من نوعه ، ال يتقيد باملكرس املنمط املتداول ، إذ إن القيمة اللغوية

اجلميلة أو الفنية هي تلك اليت تأيت نادرة بني مكونات السياقات التعبرييـة ، بـل إن

. 1ذلك اإلبداع النادر يزداد حظوة بني الكالم املرسل أي غري املتحفظ

حظة املنهجية املستقرئة لعالمات اإلبداع أن كل جديد ال ميكننا تفهم هذه املال

ينبين على معيار املقايسة أو املماثلة فهو داخل حتت سلطة اإلبداع وبالتايل فإنه يتضمن

ضمنيا دالالت الفنية واجلمالية ، واألدباء تقاس درجات اإلبداع لديهم مبا يوردونه من

ث ميكن هلذا التجديد املنتظـر املرقـوب أن طفرات إبداع يف أساليبهم التعبريية ، حبي

يشمل البالغة والتصوير واإليقاع والتشكيل واألساليب التعبريية وهي ااالت الفنيـة

.اليت سننظر يف ضوئها إىل القيم اجلمالية يف نثر علي بن أيب طالب الفين

.01ابن املعتز ، كتاب البديع ، ص - 1

Page 262: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

241

لقد رأى إبن املعتز بذات السياق املنهجي إىل اإلبداع مـن حيـث حقيقتـه

نسانية املطلقة فقد استطاع أن يهيئ لإلبداع مناسباته الظرفية والبيئية اليت حتتضـن اإل

عالماته وأماراته فال يشذ عنها أي جمهود أو مسامهة واقعة يف االختصاص املـذكور ،

هذا ورمبا أخطأ الدارسون منهجيا يف تقدير ظروف اإلبداع وجتاذبوها خاصـة بـني

لقدمي واحلديث أو بني الشعر والنثر والسبب يف وقوعهم يف املعاصرة واحلداثة أو بني ا

أشراك تلك املغالطات حسب تقديرنا هو ابتعادهم عن اإلملـام مبقـدرات اإلبـداع

احلقيقية اردة من املالبسات القومية والبيئة والظرفية ، ألن املعرفة اإلنسانية اليت يعترب

الترفع عن احلسابات الضيقة املخلة بتقدير اإلبداع الفين اجلمايل أبرزها يتطلب وعيها

.جوهر احلقيقة الفنية اجلمالية على سجيتها وطبيعتها وبساطتها اليت أنتجتها

يتجلى لنا أن كل نزوع فين أو مجايل منبثق هاجسه من رغبة إمتاعية حـرة ،

ملـا تنتظم عناصرها أو فصوهلا بناء على حتسسات معينة ، مث إا تستقيم وتتزن تبعـا

جتده النفس أو الذات الفنانة من لذة أو متعة يف حتكيك التراكيب واألشكال تنتـهي

منها إىل استخالص النموذج الفين ونعتقد أن هذا كان سـبيل حتصـيل النمـوذج

الشعري بعد االستعانة بقوى كثرية متعددة على أنه كان إخضاع مجيع املواد التشعريية

Page 263: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

242

والنفسية االنفعالية احملك األوىف واألوضح يف إجراء التسوية للذائقة اللسانية والسماعية

.والتعديل اهلادي إىل استخالص النموذج أو العينة

تأيت املمارسة اللغوية اجلمالية بالصدفة وحتصل بالطبيعة ، نعتقد أن ذلك يـتم

يف وفق نزوع داخلي عفوي حر يربو على الشروط املنطقية ، ومن مثة فإن احلس جيد

تلك احلرية سعة للمراوحة والتجريب وإن ذلك قائد إىل االكتشاف ، ناقش مصطفى

صادق الرافعي مغزى العملية املركبة هذه وقارن فيها بني جدوى كل مـن الـنفس

واللسان من حيث أيهما أسبق إىل النجازة من اآلخر غري أننا نرى أن النشاط اللساين

انية متواشـجان ومتالمحـان فـاخلواطر واهلـواجس يف العرف العريب واجلبلة اإلنس

واالنفعاالت هي املؤشر احملرض واحملرك للسان فالنشاط اللساين موصول بقوى روحية

مبعثها القلب أو احلس لذلك ركزت اآلثار اللغوية على أمهية االنبعـاث القلـيب

فالتواصل القلـيب هـو للمعاين واألساليب ، فالتواصل مقرون أبدا باحلميمية القلبية ،

، 1األساس الذي عليه ترتكز العبارة اللغوية أو الصيغة البالغية أو السمة اإليقاعيـة

واملوضوع املتحسس خاضع لتعاط روحي هو احملك لقبول املادة املتلقـاة أو ردهـا ،

.6أبو هالل العسكري ، كتاب الصناعتني الكتابة والشعر، ص - 1

Page 264: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

243

وليس شيء مما (... واملرجع يف ذلك اعتماد اإلحالة على احلس واالحتكام إىل الطبع

فمعيار القبول أو الـرد مرجعـه إىل 1...)يضطرون إليه إال وهم حياولون به وجها

استئناس النفس باملادة اللغوية أو تربمها منها ، واحلس إذ يلجأ إىل ختري األسـلوب أو

العبارة إمنا حيصل ذلك بعد إخضاع املادة اللغوية للتجريب واإلنشاء والتلفيظ والتعبري

من األساليب التعبريية تتخذ هلا معايري توقيعية أو توزينية حـىت وإن ، لذلك فإن كثريا

مل تتخذ سبيل التشطري أو التبييت إطارا هلا ، فاللسان أو السمع يستلذ األسلوب بناء

اسـتعمال : على التوازنات أو الكيفيات التركيبية املتلذذة وهو الذي أمساه اجلـاحظ

ا هلذا املربر نعتقد أن الشعر بدأ حرا طليقا وسيعود ، ورمب 2اللسان على تصحيح الكالم

.هذه الرجعة كذلك وقد طفق يتبىن يف أيامنا هذه بعض

لقد تعهدت األعراب كثريا من األساليب التوزينية اليت اتخذت منها معيـارا

مجاليا وفنيا ختريت ا أساليبها اإلنشائية منها ما هو شكلي وكمي ومنها مـا هـو

قاعي و اإلجراءان اإلثنان معا بعد إخضاعهما إىل التجريب واملمارسة يفضيان كيفي إي

.54 – 53ابن جين ، اخلصائص ، ص - 1 .80،ص 1:اجلاحظ، البيان والتبيني ، ح - 2

Page 265: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

244

إىل التقييم اجلمايل الذي تسري مجالياته وقيمه الفنية على كل من النثر والشعر علـى

السواء ، ولقد امتد تذوق مجالييت كل من النثر والشعر ليشمل تعامل الشعراء والنثـار

غوية واإليقاعية أي التركيبية اليت عادة ما حيفظها الناس مع نفس شروط الضرورات الل

ملتصقة بلغة الشعر، وعلى الرغم من أن التجوز يف االستعمال اللغوي يف الشعر هـو

أوسع منه يف النثر إال أن املدونات اللغوية واإليقاعية العربية األولية يف املوضوع ظلت

ية مسوغا فنيا مجاليا من الضروري االعتداد به ترى يف املالءمة بني الشعرية والنثرية الفن

وأحلقوا الكالم املسجوع يف ذلك بالشعر ، ملـا (يف ابتداع النصوص اللغوية اجلمالية

، ومن الواضح أن اإلجـراء 1...)كانت ضرورة يف النثر أيضا هي ضرورة يف النظم

صد النثر الفين املسجوع التركييب للغة النثر ال يعين ا ابن عصفور أي نثر كان وإمنا يق

الذي يتكرر كثريا يف كالم األعراب، وخطب أئمة البالغيني العرب ، وللتدليل على

هذا السياق يف توصيفام املختلفة للجمالية النثرية فقد ألفينا اجلاحظ حيتفـل كـثريا

بتت بنماذج نثرية فنية تتزن اتزان الشعر وتسجع مبا يشبه قافية الشعر وراويه ، وقد أث

، 1980دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع 1:السيد إبراهيم حممد ط: ابن عصفور اإلشبيلي ، ضرائر الشعر ، حتقيق - 1

.13ص

Page 266: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

245

املمارسات األدبية أن الطبيعة األعرابية كانت حتتفل أميا احتفال ذه اجلمالية اخلطابية

(... ،والتأنق يف البيان حىت اشتهر منهم أعالم كثر مجعوا بني املزاولتني الشعر والنثـر

الشعر و اخلطب ، والرسائل الطوال ، والقصار ، والكتب الكبار املخلدة ، والسـري

، ولعل تذوق طبيعة هذا النمط مـن النثـر 1...) ملدونة ، واألخبار املولدة احلسان ا

الفين الذي يسلك فيه املنشئون سبيل التجويد اللغوي الذي كانوا ال جيدونه يف غـري

الشعر بعد تناميه وحصول التجارب ورسوخ التعاطي هو الذي قادهم إىل ختصـيص

املمارسات األدبية جتسدت يف أدبية القص طبيعة نثرية صارت هلا مكانتها بني خمتلف

يف البيان والتبيني بكثري مـن التركيـز 2وظهور طبقة من القصاص ذكرهم اجلاحظ

. والوظيفية األدبية

واجلمال إذ يتحول من جمرد املالحظات الساذجة إىل حيز التقنني والتقعيد إمنا

االنفعال الروحي باملؤثرات احلسـية ، يرتكز تبعا خلصوصيته الثقافية واملعرفية على

والفن متالزم مع القيم اجلمالية ال يستطيع كل من الفن واجلمال أن ينفصل عن قـيم

.53،ص 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج - 1 .215، ص 1: ، جالسابقاملصدر - 2

Page 267: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

246

اآلخر بل مها يندجمان ويتماهيان إىل درجة التداخل يف املفاهيم واإلجراءات ، لـذلك

الروحي يتخذ مـن كله وبناء على املغزى العام لداللة الفن أو اجلمال فإن مفعوهلما

.األبعاد التأثرية والتأثريية حمورا الهتماماته

يأيت كل ذلك قصد الوقوف على املفاهيم الفلسفية والفنية واألدبية ملوضـوع

الفن واجلمال وكيف تتحقق املواقف واملظاهر والعالمات يف حدود ثقافة كل منهما ،

املكونات القائـدة إىل وعيهمـا ويف جمال اختصاص كل طبيعة ، حبيث يسمح وعي

.بالولوج إىل مالحمها اجلوهرية القابلة للتحليل والتدقيق والقراءة

وإذا كان موضوع اجلمال ذلك حقه من منهج املعرفة فإن إخضاعه ملعـايري

وعي املعرفة اإلنسانية منهجا وإجراء حتليل ماهيتها و ذلك من خالل دراسته للعمـل

يته على وجه العموم و الوقوف على القضايا العامة حول الفن و الفين و إبراز مجال

.1تذوقه و إبداعه

وتبعا لشيوع التعامالت الفلسفية واألدبية ملوضوع الفن واجلمال فقد غدا كل

نتاج تشكيلي أو لغوي قابال حلمل مواصفات اجلمال تبعا لقيم االطمئنان واالرتيـاح

.5قدمة يف علم اجلمال، ص أمرية حلمي مطر ، م - 1

Page 268: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

247

املتلقي ، ونظرا لتماهي القيم اجلمالية وانفتاحها علـى الذي سيتركه املنتوج يف نفسية

التجدد والتنوع فإا غالبا ما يتم توصيفها االصطالحي بداللة العموم ، ولعل ذلـك

.املنهج هو الكفيل باستيعاب املقدرات املعرفية والثقافية الكثرية االستجداد

كونه نقطة افتراق وحىت وإن بدا لنا مصطلح علم اجلمال حامال لتناقض ضمين

ال تالق فيها بني اختصاص حقلني دالليني مها حقل الداللة العلمية الصارمة الفكـر

واملنهج من جهة ، وحقل الداللة اجلمالية املستوجبة نزوعا تعبرييا أكثر حتررا من جهة

أخرى فإن موضوع اجلمالية وقد صار حمط خمتلف التفاعالت الفكرية والفلسفية قـد

ا ألن يفضي إىل وعي القيمة اجلمالية على الرغم مـن متـاهي املـادة يف كان كافي

التجاذبات الروحية حبيث يغدو تناوهلا ملحا يف حيز الوظيفة األدبية خاصة منه البالغة

وما شاكلها من التفريعات اإليقاعية ، وإذا كان الفن يف صميم تفاعالته املعرفية ينتهي

الروحية اليت يتركها على السلوك اإلنساين فـإن البالغـة تقييمه إىل خمتلف التأثريات

واللغة على العموم تصري بفضل تلك االلتزامات املعرفية املادة األكثر حضورا يف النقد

األديب احلديث ، خاصة إذا تعلق األمر باألساليب التعبريية والتصوير الفـين لألفكـار

عذب مطالعتها ويلذ ختيلها ، يتنامى هذا واملواضيع وخمتلف املسرودات اإلنشائية اليت ت

Page 269: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

248

العرف وتترسخ معطياته الفكرية واإلجرائية حىت يبلغ درجة من النضـج يف املعرفـة

أن كل أثر رائع من آثار الفن ليس إال التعبري بلغـة ( ... اإلنسانية ميكن معها اعتبار

. 1...)حسية عن معىن رفيع

الشهادة النقدية أن وسيلة التعـبري تسـمو وواضح من خالل استقراء هذه

متشاكلة مع املضمون املعبر عنه ، يتساوقان ويتناجزان فال يتخلف أحد الطرفني عـن

الوسيلة واإلجراء عن اآلخر ، تتمكن األداة التعبريية حىت تغدو كاحملرض على إصـابة

على بن أيب طالب الغايات اإلبداعية القصوى ، وهكذا فإن األدبية العربية خاصة لدى

حتشد سياق مقروئيتها انطالقا من مسو الفكرة ، ونصاعة اهلدف املنشود الذي يستويف

شروطه اإلنسانية انطالقا من اهلدف السامي املؤطر بفلسفة حترير اإلنسان ، والعـودة

فإن بطاقاته اإلبداعية إىل املرجعية الفطرية والطبيعية اليت أوجدها اخلالق فيه ، وبالتايل

املنهج الفين متضمن يف خلقة اإلنسان ذاته ، وإن سعي اإلنسان الكتشاف اجلمال إمنا

. هو سعي ملعرفة الكثري من أسرار وآيات خلقه

دار اليقظة العربية للتأليف والترمجة والنشر 2:سامي الدرويب ، ط: جان ماري جويو ، مسائل فلسفة الفن املعاصرة ، ترمجة - 1

.90،ص 1965بيوت لبنان

Page 270: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

249

إن الذي جيمع بني كل من العلم واجلمال هو املنفعة اجلمالية املتصلة باهتمام

وعي اإلنسان هـو احملـرض اإلنسان ، فاحلاجة إىل الترقية الروحية املستمر تطلبها يف

احملوري الستمداد الطاقات اإلبداعية املتجددة يف كل املناسبات ، لذلك فـإن لكـل

منهما الفن والعلم ارتباط جبدوى احلياة وذلك الذي مينح اجلمال بعدا تفاعليا يف احلياة

بسياقه اإلنسانية ، هو ذاته االهتمام الذي يتحول إىل وظيفة ، وبقدر ما حيتفظ اجلمال

.الوظيفي فإنه قابل للتماهي إىل جهة فائدة االختصاص اآلخر

وحسب الناظر املتأمل يف جيهما ج العلم وج اجلمال أما يشاكالن كال

من وظيفيت العقل واحلس إذ مها يتقاطعان ويترافدان يف ذات الوقت يتنـور أحـدمها

الت الفلسفية واجلمالية والعلمية بفضل وظيفة اآلخر ولنا أن نستعرض كثريا من اإلحا

اليت وردت يف كتب البالغيني العرب وفالسفتهم وذلك ملا من عالقة بـني اجلمـال

والفن وبني البيئة الطبيعية واللسانية اليت نشأ فيها ، لذلك فقد اجتهد البالغيون العرب

نة على توصيف الذين نعدهم يف صميم اجلماليني إلجياد احلوافز النظرية والفكرية املعي

اإلجراءات واملناهج والكيفيات اإلبداعية القائدة إىل حتقيق القيم اجلمالية خاصـة إذا

تعلق األمر جبوانب اللغة واألدب ، ومنها موضوع مجاليات التعبري النثري مثلما هـو

Page 271: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

250

لدى اإلمام علي يف ج البالغة ، وقد حرص البالغيون العرب على اإلحاطة باجلوانب

الواقعة يف دائرة ذلك االهتمام البالغي حىت كأم إمنـا قصـدوا إىل حتليـل النظرية

مجاليات األدبية العربية حتليال ، وقدروا أبعادها الفلسفية واجلمالية تقديرا من ذلـك

إذا حقق النظر يف األشياء جيمعها االسم األعم ، وينفرد كل منها خباصة من :( قوهلم

هلمة يف طلب احلقائق ضعيف املنة ، يف البحث عن الدقائق مل يقف عليها كان قصري ا

1...)، قليل التوق إىل معرفة اللطائف

يستفاد من نظر عبد القاهر اجلرجاين أن املنهج القائد إىل وعـي املكونـات

اجلمالية مار ال حمالة خبربة دقائق األمور ، واإليغال يف خفايا أسرارها الباطنيـة وهـو

.ذي ال ينال وال يتحقق لطالبه إال بالتركيز احلسي البالغ التقدير املطلب ال

كان اجلاحظ قبل عبد القاهر اجلرجاين قد رام اإلحاطة باملقـدرات النظريـة

القائدة إىل خربة دقائق اجلمال والفن فأوالها األمهية النظرية البالغة وكان من أفضـال

حقائق مقادير املعاين ، وحمصول حـدود وليس يعرف :( علمه يف االختصاص أن قال

.21 -20عبد القاهر اجلرجاين ، أسرار البالغة يف علم البيان ، ص - 1

Page 272: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

251

لطائف األمور ، إال عامل حكيم ، ومعتدل األخالط عليم ، وإال القوي املنة ، الوثيـق

. 1)العقدة والذي ال مييل مع ما يستميل اجلمهور األعظم والسواد األكرب

معىن هذا أن االشتغال بالفن واجلمال يتطلب خصوصية يف التفكري واالنفعـال

ألحاسيس تكون مزاولتها مشروطة بطبيعة انفعالية خاصة جدا تالئم املادة املتناولـة وا

تلطف للطافتها وترق لرقتها وتنعم لنعومتها ، لذلك حتدد منهج اجلاحظ اجلمايل ببذل

األسباب والشروط املنهجية اخلاصة بالتلقي الفنان الذي أويت فضل التفاعل مع اإلبداع

حقائق مقادير األمور ،اليت : الفنية اليت ومسها اجلاحظ بتوصيفات اجلمايل ، هذه املادة

هي جامعة بني عوامل متداخلة متضاربة متناجزة ألا حقائق تكال باملقادير وهي وإن

.كانت روحية معنوية إال أا قابلة للتقييم والتوزين

حمصول حدود لطائف األمور ، وكيف : مث هناك مستوى تقييمي آخر هو

لطائف األمور أن تقدر هلا أبعادها وحنن نعلم أن ذلك مستعسر عويص إن مل يستعن ل

يف اإلحاطة به بإعمال القوى الروحية اخلارقة ، وكيف يتحقق ذلك يف النتاج اللغوي

البالغي ، وما هي سبل املهادنة واملالطفة اليت تتخذ سبيال للقـبض علـى اآلليـات

.90، ص 1:والتبيني ، جاجلاحظ ، البيان - 1

Page 273: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

الفصل الثالث

252

بض اجلاحظ يف نظريتـه اجلماليـة علـى اآلليـات واملواضيع والقناعات ، ولكي يق

واإلجراءات الالزم اتباعها يف أسر املعنويات اجلمالية فإنه ربطها منـهجيا وإجرائيـا

العامل احلكيم ، ومعتدل األخـالط علـيم ، : بشروط قراءة وتلق جنملها يف ما يلي

مهور األعظم والسـواد القوي املنة ، الوثيق العقدة ، الذي ال مييل مع ما يستميل اجل

األكرب ، وهي شروط ومقاييس ومعايري إن حنن تدبرناها ألفيناها الحقة بشروط علـم

اجلمال ، وفلسفة القيم اجلمالية ، فالواقعة اللغوية اليت أنتجتها مدرسة علـى بـن أيب

هي احملك الذي متتحن خالله األساليب ، وتعجم فيه البالغات ، تبعا 1طالب األدبية

تضمنه اخلطاب التأملي من هاجس توصيفي نعيت ، وسردي تناجتي يلتئم يف مصب ملا

. واحد هو املوقف اجلمايل الناظم لألساليب النثرية يف ج البالغة

.67،ص 1981،عامل الكتب القاهرة 1:،ط 1: متام حسن ج. بوجراند ، النص واخلطاب واإلجراء ، ترمجة د - 1

Page 274: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

ج البالغة اخلطبة يف إلبراز منهجية و سبيال

.مبادئ النثر الفينمجالية

الفينللنثر منوذجا أخطبة االستسقاء.

املميزات النظمية يف نثر علي بن طالب الفين.

اإلحاالت الفنية اجلمالية يف اخلطبة الشقشقية.

بنية اخلطبة باعتبارها شكل تعبرييا نثريا.

األصحاب سياق بالغة ذم.

ج البالغة مجاليتا إغراب النثر الفين وتعجيبيته يف.

Page 275: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

252

الذي األديب يبدو منوذج اخلطبة يف ج البالغة مبثابة املعلم أو النموذج

قيمة كل إمرئ ما :" ، قال علي رمحه اهللاميكننا قراءة باقي التجارب النثرية يف ضوئه

، فاخلطبة كوا النموذج األديب العريب الوارد إلينا من أغوار تاريخ األدبية 1"حيسن

العربية وخاصة يف منوذج خطبة قس بن ساعدة األيادي الذي سبق للرسول صلى اهللا

هي النموذج األديب ، عليه وسلم أن وقف على منوذج له مبكة على مجل أمحر

ينا من تلك اهلوية التارخيية ، وهي لذلك قد املشاكل لباقي النماذج األدبية الواردة إل

استقرت على خصائص بالغية وتفصيلية ال ميكن خمالفتها شأا شأن القصيدة بكل

، والذي تشريفاا اإلبداعية ، هلا فصول مثل فصول القصيدة مبدأ وحشوا وخامتة

فها خلحيصي خصائص اخلطبة اإلبداعية يستطيع أن يقف على معجمية فنية ال تكاد ت

ومن خطباء إياد قس :( ... ، قال اجلاحظ يف املناسبة على مر التجارب واإلسهامات

رأيته بسوق عكاظ على : ابن ساعدة ، وهو الذي قال فيه النيب صلى اهللا عليه وسلم

أيها الناس اجتمعوا وامسعوا وعوا ، من عاش مات ومن مات : مجل أمحر وهو يقول

.83، ص 1 اجلاحظ، البيان و التبيني ، ج - 1

Page 276: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

253

آيات حمكمات ، مطر ونبات ( وهو القائل فيها 1 .)..فات ، وكل ما هو آت آت

ثام ، ولباس ومركب ، ، وأباء وأمهات ، وذاهب وآت ، ضوء وظالم ، وبر وآ

، وجنوم متور ، وحبور ال تغور ، وسقف مرفوع ، ومهاد موضوع ، ومطعم ومشرب

فأقاموا وليل داج ، ومساء ذات أبراج ، مايل أرى الناس ميوتون وال يرجعون ، أرضوا

.2...)أم حبسوا فناموا

ونظرا لتميز فن اخلطبة بطقوس لغوية مشاكلة للخصوصيات الشعرية فقد

منحها اجلاحظ قسطا وافرا من نظرية بالغته ، وقد سعى مبختلف التعريفات

كونات الفنية والتوصيفات اليت أتى ا إملاما بشروط إبتداع اخلطبة إىل إصابة امل

رأس اخلطابة الطبع ، وعمودها الدربة ، :( ... فقالللغتها الفنية ة اجلمالية املميز

، واؤها ختري اللفظ ، واحملبة مقرونة بقلة وجناحاها رواية الكالم ، وحليها اإلعراب

، ، وهي كما نتأملها شروط إبداعية ميكن توظيفها يف جماذبة الشعرية 3)االستكراه

ظ هلا شروطها نشئ والسامع معا لذة لغوية مثلما نالحفاملقاربة اإلنشائية اليت توفر للم

.308، ص 1 ، ج املصدر السابق - 1

.308 ص ، 1 ، ج املصدر نفسه - 2 .44 ص ، 1املصدر نفسه ، ج - 3

Page 277: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

254

إن خالفها املنشئ لبالغة الكالم خسر الغاية اإلبداعية املوصلة إىل يتالنقدية األدبية ال

فالشروط احلسية اليت تنتج عنها ، حتقيق املتعة البالغية اليت هي ضمنيا متعة لغوية

حبيث يتركز النشاط اإلبداعي يف بالغة الشعر هي ذاا اليت تنتج بالغة اخلطبة

مضماريهما يف تسليط القوى احلسية اليت هي حمل إمجاع ليس يف حيز اإلنشاء بل هي

.1شاملة لتوافق احلواس على اختالف مرجعيتها اجلنسية أو العرقية

فاهليئة اليت اختذا اخلطبة العربية اجلاهلية من محاسة وفصاحة وبيان وقوامة

مبثابة الشروط اإلنشائية املميزة لبالغة اخلطاب النثري الفين العريب ، لسان كلها غدت

،هجية والرتابة يف الطرح املوضوعيوهي أي اخلطبة على الرغم من اتسامها باملن

والتزامها الصارم بضوابط داللية وتشكيلية هي من اختصاص سياقها الداليل

، لوضوح التواصل وغائية اخلطاب ارم، وهي أي اخلطبة مع ذلك االلتزام الصتواصليال

ترتاح عن ذلك اإلطار، وحمدود حرية االرجتال متطلبة غايات إنشائية تسمو على تلك

، فتبث يف ثنايا اخلطاب وفصوله ما عايات ببذل أسباب الترفيه واإلمتااملقاصد والغ

ي إىل غايات يخرجها عن ذلك االلتزام ، وأحادية املعاجلة املتعقلة ذات الرتوع اجلماع

.90، ص 1إبن جين ، اخلصائص ، ج - 1

Page 278: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

255

ذاتية فنية مجالية أبرز ما تتجسد مساا البالغية يف التجويد اللغوي متخذة هلا الصبغة

بالرجوع إىل ج البالغة و ،اإلنشائية اخلاصة اليت تنقلها من الشركة إىل اخلصوصية

، و بأي حلة فنية رائعة كلمات علي من ينابيع بعيدة القرار يف مادانرى كيف تتفجر

.1مال متور و جترياجل

تتصل املمارسة النثرية بالشفوية على الرغم من صعوبة التحفظ يف املنثور

خالف الشعر ، ومع ذلك فإن مطلب التوزين واالنسجام واالتساق وخمتلف التناسق

البنائي الذي جينح إليه اللسان يف صياغة بالغة اخلطبة ، ومن هذا اجلانب خلط النقاد

واخلطبة باعتبارمها يلتقيان يف مسة االتزان والتناسق واالنتظام ، وقد العرب بني الشعر

، وعلى أن 2إا خطبة ارجتلها فاتزن له أكثرها: قيل عن قصيدة عبيد بن األبرص

الكالم اجلميل سواء أكان منحاه تشعرييا أم تنثرييا فإنه يتطلب الغايات املنسجمة

.لسانيا ومساعيا

. 210، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1 .140،ص 1 جابن رشيق العمدة ، العمدة يف حماسن الشعر ونقده وآدابه ، -2

Page 279: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

256

ىل من ذلك أن اللغة مطلب حسي بالغ األمهية ، ولعل األو واحلقيقة أن االتزان

يف أصل مرتعها تصدر عن رغبة نفسية لبث التوازنات يف كل صوت لغوي أو مقطع

أو كلمة أو عبارة ورمبا عن ذلك املبدأ يعمد الناثرون إىل ترقيم الكالم وتوشيته

الت تشكيلية وزمنية حيتاج وتفصيله بالنقطة والفاصلة والفقرة ، فهي مجيعها ذات دال

إليها فاك شفرة النص بغية الوصول إىل مكامن الدالالت ، ولذات الغرض قال عبد

واخلطب من شأا أن يعتمد فيها األوزان واألسجاع ، فإا : ( ... القاهر اجلرجاين

تروى وتتناقل تناقل األشعار وحملها حمل النسيب والتشبيب من الشعر الذي هو كأنه

يراد منه إال االحتفال يف الصنعة والداللة على مقدار شوط القرحية ، واألخبار عن ال

.1 ...)فضل القوة، واالقتدار على التفنن يف الصفة

ميكن تذوق القيم اجلمالية يف حيز التعاطي اللغوي عن طريق استشعاره اخللقية

ن والسمع ، باعتبارمها اآللة اليت خص ا اهللا تعاىل اإلنسان ، يأيت يف مقدمتها اللسا

فظية اليت تتشخص خالهلما املادة اللغوية ، صوتا لغويا أو مقطعا زمنيا أو بنية ل

.7 - 6عبد القاهر اجلرجاين، أسرار البالغة يف علم البيان ، ص -1

Page 280: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

257

و لن تكون حركة اللسان لفظا و ال كالما موزونا و ال منثورا ( ، أو أسلوب عبارة

.1 )إال بظهور الصوت

من التفكري اجلمايل املتعلق بأساليب لقد مهد اجلاحظ يف نظريته البالغية لكثري

.ابتداع العبارة األدبية اجلميلة يف اللسان والسمع معا

واجلاحظ يف مالحظاته اجلمالية تلك مجع خالهلا بني النثرية والشعرية ، فالقيم

اجلمالية اليت ارتآها الئقة بتزيني اللفظ وتوشيح العبارة هي ناجعة يف املبدأ اللغوي قبل

رق الفنان يف فن التنثري وفن التشعري كل إىل الشكل الذي اشتهر به ، وتعود أن يتف

املتلقون على تلقيه يف شروطه األدبية ، والظاهر أن اخلطب واملقوالت النثرية الفنية

اجلمالية اليت احتفل ا ج البالغة كانت وجهتها اجلمالية متماشية مع شروط اإلبداع

رأس اخلطابة الطبع، و عمودها (، البالغة العربية التراثيةها كتب الفنية اليت سجلت

حىت ال ، 2 )الدربة، و جناحها رواية الكالم، و حليها اإلعراب، و اؤها ختير األلفاظ

، غري أن أكانت العبارة منثورة أم موزونة فرق بني الفنني يف الكيفيات التعبريية سواء

.79، ص 1 اجلاحظ، البيان و التبيني ، ج - 1 .44، ص 1 ، ج املصدر السابق - 2

Page 281: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

258

ائية منافسة لإلبداع الشعري جتسد يف كتاب ترسيم الرتوع النثري باعتباره قيمة إنش

. 1الصناعتني أليب هالل العسكري

اللسان البليغ (وحىت وإن كان اجلاحظ قد ارتأى عدم قابلية اجتماع البالغتني

والشعر اجليد ال يكادان جيتمعان يف واحد ، وأعسر من ذلك أن جتتمع بالغة الشعر

، غري أن تعميق التفكري يف مضمون هذه النظرية رأيناه يسمح لنا 2)وبالغة القلم

بزيادة الشرح والتفسري يف املتعلقات ا وما ميكن أن يدخل حتت هذا احلكم النقدي

الذي نظره اجلاحظ ، فعلي بن أيب طالب زاخرة أدبيته مبمارسة االني ، جمال النثر

احلقيقة إن حنن فتشنا يف عميق مكوناته الفين ، وجمال الشعر ، هذا الثاين الذي يف

الفنية اجلمالية ألفيناه يف ديوانه الحقا مببدأ النظم وليس الشعر ، والفرق بينهما لدى

.العارفني بأصوهلما اإلبداعية واضح بين

ومع ذلك وعلى الرغم بقولنا بتفوق النثرية الفنية على الشعرية يف سرية علي

ال ينفي حضور اجلهة املنفية ، وسلبها من مزاياها األدبية بن أيب طالب اإلبداعية

الكتب العلمية ، دار 2: مفيد قميحة ، ط: أبو هالل العسكري ، كتاب الصناعتني ، صناعة النثر وصناعة الشعر ، حتقيق - 1

.54، ص 1989 .243،ص 1:اجلاحظ ، البيان التبيني ، ج -2

Page 282: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

259

فاملمارسة النظمية بالنسبة لنثار األدب تسمح هلم بالرؤية بالعني الداخلية إىل بعض

طقوس إبداع الفن اآلخر ، فيستفيدوا من الكيفيات واألساليب اليت ميكن للفنني فن

لبالغيون العرب والنقاد قد أشاروا ، هذا وإن كان ا الشعر وفن النثر أن يشتركا فيها

، ر من جهة التفاوت الفين واجلمايلإىل طبيعة اخلصوصية اإلبداعية لكل من الشعر والنث

وا بينه وبني مفهوم الكالم ، فالكالم أخلطوقد ، وطبيعة التعاطي على وجه العموم

.1نا الذي من خصائصه االرجتال واخلفة واالنطباع يأخذ معىن النثرية الفنية ه

مل تغفل النظرية البالغية العربية ضرورة االهتمام بفين النثر والشعر معا

اعلم أن لسان : (باعتبارمها خاضعني لشروط التجميل اللغوي لذلك قال ابن خلدون

العرب ، وكالمهم ، على فنني ، يف الشعر املنظوم وهو الكالم املوزون املقفى ،

ى روي واحد وهو القافية ، ويف النثر وهو الكالم ومعناه الذي تكون أوزانه كلها عل

، وقد 2...)غري املوزون ، وكل فن من الفنني يشتمل على فنون ومذاهب يف الكالم

كان الدافع إىل توظيف الغايات البالغية القصوى يف اخلطاب النثري املسمى خطبة هو

.17ابن سالم اجلمحي ، طبقات الشعراء ، ص - 1 .1093، ص 2:ابن خلدون ، تاريخ العالمة ابن خلدون ،ج -2

Page 283: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

260

لية احلارة احلامسة ، فاحلماسة اعتماد هذا النموذج األديب التواصلي يف املقامات التواص

واخلطيب امللهم خياطب العواطف وقل أن يأبه للعقل ، ألن (اليت متتع ا اخلطاب ،

الناس إذا اجتمعوا مشلهم إدراك آخر غري إدراكهم الشخصي ، فهم يفكرون أو

باألحرى حيسون مجاعة فيرتلون عندئذ من مساء العقل واملنطق إىل مضيض العواطف

. 1...)ر فتحركهم اللفظة املبهرجة ، وتستفزهم املعاين التافهة املنمقة والشعو

: الفينللنثر منوذجا أخطبة االستسقاء

صببنا اهتمامنا على خطبة االستسقاء من كتاب ج البالغة كوا متثل سياقا

الذي ركيز اللغوي بالغيا تفاعليا جيمع بني طبيعة الدعاء االستسقائي وبني موجبات الت

يقتضيه التمثيل الداليل من تشجية القول واخلضوع لدى أدعية التضرع إىل اهللا

.استدرارا واستعطافا

ا من تلك العينات النثرية املشفوعة بصلة أدبية هي ومتيز خطبة االستسقاء بكو

تفسري ما يف : التفسريي الذي أمساه الشريف الرضي بصيغة مبثابة اهلامش التوضيحي

.7مصر ،ص سالمة موسى ، أشهر اخلطب ، ومشاهري اخلطباء ، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة القاهرة -1

Page 284: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

261

وهي التقنية اليت نراها شبيهة وامش الشروح اليت دأب .1طبة من الغريبهذه اخل

.الشراح وضعها على هامش املعلقات الشعرية والدواوين األخرى

ينتظم لغة خطبة االستسقاء سياق إنشائي مكتنف بإسناد تصريفي للكالم

اللهم قد انصاحت جبالنا ، ( حنن ، هذا سياقها : منسوب إىل ضمري مجاعة املتكلمني

وحتيرت يف مرابضها ، وعجت عجيج الثكاىل علي واغربت أرضنا ، وهامت دوابنا ،

، فالتجاوب اخلطايب 2...)، واحلنني إىل مواردها أوالدها ، وملت التردد يف مرتعها

تاجه التشكي من بالغة حيحنن الدال على مصدر الدعاء بكل ما : بني ضمريي

ضمري يسند إليه وقوع البأس والتأسي يتلخص يف اإلحالة إىل والتأسي يقابله التحزين

هي الدواب واحليوانات اليت حتظى يف اخلطاب الديين بالشفقة واحلنان الربانيني : ضمري

فالصبيان واحليوانات هي املختصة برمحة اهللا قبل غريها من املخلوقات األخرى ،

يها فإا مناسبة روحية لبذل أسباب الكشف والتجلي ونظرا ملا تتطلبه بالغة الدعاء ف

.229 الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1 .228 – 227 ، ص السابقاملصدر -2

Page 285: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

262

توظيف اللغة االنفعالية الصادقة النافذة بدالالا إىل حتريك النفوس وهو مقام يناسب

.وتقوية املشاعر

ونظرا التساق خطاب خطبة االستسقاء فإا متضي ضمن سياق إنشائي متصل

املعريف اجلانيب ، حىت كأن شدة االخنراط يف واحد وهي بذلك ال حتتمل التضمني

الدعاء جتنب سياق اخلطاب التماهي إىل مكمالت خطابية أخرى على غرار ما قد

.نلفيه يف مواقف خطابية أخرى من ج البالغة

يتبني لنا من خالل التفكر يف املرامي الفنية والبالغية اليت يتضمنها السياق

خيتص ا النثر الفين دون ن الوظيفة الفنية اجلمالية اليت اإلنشائي يف خطبة االستسقاء أ

الشعر مبا يكفل له التميز والفرادة أن الوظيفة الفنية اجلمالية يف مضماره ترتد إىل طبيعة

، فاللغة خالل طبيعة االنتثار االصطالح اليت ميكن لطبيعة النثرية أن تشتمل عليها

ن األديب يف اختصاصه طابع حرية اإللقاء أو تأخذ طابعا سرديا حرا إىل أن يتخذ الف

، فلو التزم الناثر طابعا تركيبيا معينا أخرجه ذلك التعمد عن 1أو االنتظام االرمتاء

.ك اللغوي الذي هو خائض فيهلطبيعة املس

. نثر: ابن منظور ، لسان العرب ، مادة - 1

Page 286: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

263

ولعل غاية املخالفة لشروط االنتظام هي اليت جتعل اخلطاب النثري الفين حائزا

ها أن تقابل اجلمالية الشعرية ، فقد ورد يف القاموس احمليط على خصوصية مجالية ميكن

فالبعثرة اليت تتحرر من القياس واإلعداد تلبس املنثور مجالية خاصا ما يفيد هذا املعىن

.1ناء بهي املستفادة من حرية التشكل وال

مثانية هي الدواب حيزا حبيث توافرت على : ميثل اإلسناد إىل ضمري الغيبة

مث لتتنوع ،مجلية كانت مبثابة التأسيس للمتواليات السردية اخلطابية األخرى اتبني

صية اخلطاب النثري الفين وزة خلصمي، مع بعض احملطات التعبريية املت بعدها ااإلسناد

زاكيا نبتها ، ثامرا فرعها ، ناضرا :( ... يف ج البالغة ميكننا التمثل هلا بالبنيات التالية

مع ضرورة التنبه إىل خصوصية البناء النحوي املتزن بالضمري العائد ، 2...)ورقها

والثنائية ها ، :على سابق مذكور يف السياق السردي الدعائي ممثال يف ضمري الغيبة

، وحسب هذا اللفظية أي االزدواج ، والتشاكل يف البناء الصريف للوحدات اللفظية

دبية اليت اضطلع ا النثر الفين يف ج البالغة أن ز للخصوصية األميالرقي البالغي امل

، م2005 -هـ 1426، 8الفريوز آبادي، القاموس احمليط، مؤسسة الرسالة للطبع و النشر و التوزيع، بريوت لبنان، ط - 1

.نثر: مادة .228الرضي ، ج البالغة ، ص الشريف - 2

Page 287: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

264

مل (...حيث يدل على مدى اهتمام األدباء واخلطباء بترقية احلس اللغوي الفين اجلمايل

تضعف سالئقهم اللغوية ، ومل تفسد ألسنتهم مبجاورة األمم األجنبية ، واالختالط

دة اإلفصاح واإلفهام حبيث ال من بالغة املنطق وحسن البيان ، وجو وا، وكانبشعوا

أن يبلغ ما يريد من استمالة األمساع مع الديباجة الرائعة والرونق يستطيع متكلمهم

لذلك صار حريا بالنموذج النثري الفين أن يقدم إسهاما أدبيا بالغيا .1...)البديع

يستطيع أن يدل عليه شأن النثر الفين يف ذلك شأن القصيدة حينما تغدو مكوناا

الفنية واجلمالية ورصيدها البالغي واللغوي معلما داال على اخلصوصية اإلبداعية

.لشاعرها

: ب الفيناملميزات النظمية يف نثر علي بن طال

ج البالغة باخلصوصية تتميز التجربة النثرية الفنية لعلي بن أيب طالب يف

فاملعجمية هي أول تلك املميزات اليت متيز شخصية هذا األديب املؤسس هلوية ، اللغوية

، لذلك نثرية فنية ستصري مبثابة املدرسة األدبية اليت ميكن مالحظة مقوماا اإلبداعية

.634 ، ص 1963، دار املعارف مبصر 8شوقي ضيف ، العصر اإلسالمي ،ط - 1

Page 288: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

265

النحوية تبدو قلقة التركيب ترتع إىل البحث عن املخالفة تقدميا وتأخريا فإن اجلملة

. وهي اليت جتعل اللغة أكثر لذة وتعجيبا وحذفا

ال شك يف أن التركيز الشعوري على العبارة اللغوية بعد ارتكازه على احملفز

من مستوى آخر إىل الفين املقتضي إصابة غايات إبداعية هو ذاته يرتد قائدا أو حمرضا

، وصيةابتداع األمناط البنائية اخلاصة اليت خترج البنية التعبريية من الشركة إىل اخلص

فإن البالغيني قد التمسوا من األلفاظ ما مل يكن متوغرا وحشيا، و ال ساقطا (

على تركيزه يف هذه النقطة من املداولة وا، ولعل هذا املميز الذي اتفق1 )سوقيا

صية والشركة هو الذي حيدد الرؤية اإلبداعية اليت متيز بني مراتب اإلبداع اخلصو

ومستوياته ، فلكي منيز بني البديع وبني العادي الساذج البد من رسم رؤية معرفية

شاملة حتيط مبقدرات الراهن ، وتستوعب إمكان املقتضى الواجب حتققه يف خارطة

مجالية كون يف اية املطاف سوى تقديرات فنيةالتجارب اإلبداعية عامة ، واليت لن ي2 .

.137، ص 1 اجلاحظ، البيان و التبيني ، ج - 1 .106ص ، 1 ، جاملصدر نفسه -2

Page 289: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

266

مكونات نثر علي بن أيب طالب الفنية يف ج 1لقد عدد علي حممد الصاليب

السجع العفوي غري املتكلف ، طغيان توظيف االستعارة ، : البالغة وخلصها يف

، وهذه األدوات واملسوغات وإن بدأت عادية والصيغ اإلنشائية ، وجزالة اللفظ

يف الفين اجلمايل يف اخلطابات النثرية الفنية األخرى إال لطمتسقة مع ما هو جدير بالت

أن خصوصية أدبية علي بن أيب طالب تسبغ عليها طابعا إبداعيا مينحها أبعادها

فالنفس والشخصية اإلبداعية اليت ال تشاركها فيه التجارب األدبية النثرية األخرى،

والنربة واملرتع ، والصبغة واهلوية الروحية كلها عوامل إنشائية خاصة حتفظ للخطاب

يف ج البالغة هويته اإلبداعية ، وحىت وإن كان ألدبية نثرية ج البالغة اتسام النثري

عقيدي ال ميكن إغفاله خاصة فيما يتعلق بالروح العلوية الشيعية إال أن قرب التجربة

التحامه مع روح العصر اإلسالمي كل ذلك األدبية من مكونات انبثاق هذا املذهب و

ظل حيفظ لألدبية يف ج البالغة قيمها الفنية اجلمالية اليت تسمو على مضايق اجلدل

، واملنافسة واملغالبة وهي السياقات اليت ميكنها أن تضيق من جمال الرؤية اإلبداعية

.260 ، ص 2012مؤسسة زاد 1:سرية أمري املؤمنني علي بن أيب طالب ، شخصيته وعصره ، ط حممد الصاليب، - 1

Page 290: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

267

ق متطلبات تضيياعتبارها مرتعا أدبيا نثريا تتخلص من لذلك فقد كانت اخلطبة ب

.1دي بفضل جنوحها إىل االخنراط يف عفوية الترسل وحريته ائاحلجاج العق

:اإلحاالت الفنية اجلمالية يف اخلطبة الشقشقية

تطالعنا النصوص النثرية الفنية يف ج البالغة برغبة ثابتة من لدن الذات املنشئة

اخلطاب يف حتقيق غايات ابداعية ال ختلو من هاجس املنافسة ، وطلب جلماليات

النبوغ، وحتقيق التفوق األديب الفين اجلمايل ، فاالحتفالية اليت تتضمنها التوقيعة

اإلنشائية يف أدبية التنثري الفين يف ج البالغة متسمة بكل وضوح ذا التطلع املعريف

يها مبقام التفاضل الفين الذي شهدته اخلطبة الشقشقية وإننا اهلادف ، واليت نستدل عل

حني نعرج على هذه املناسبة البيانية إمنا نسعى إىل القول بفضل أولية أدبية علي بن أيب

ة اجلمالية نيطالب يف هذا املضمار فقد سجل لنا السكاكي يف املفتاح تفصيل النكتة الف

األدبية اليت جرت بني بشار بن برد حني يف هذا املوضوع من خالل سرده للمحاورة

.657 ، ص 1981، دار املشكاة 1 حممد عثمان علي ، أدب اإلسالم ،ط -1

Page 291: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

268

اإلغراب اللساين تقصده إىل توقيع بالغته الشعرية بلهجات األعراب وأساليبهم يف

.واللحن احملبب

باستصفائها املتخريات اللفظية اللغوية متتاز معجمية هذا اخلطاب النثري الفين

، وهي أي اخلطبة الشقشقية لذلك مبثابة قصيدة نثرية ، يشكل ومتخريها اإليقاعي

املدخل اجلمايل للغة الفنية عتبة داللية خاصة ال ميكن للقارئ أن يتجاوزها دون

ورمبا أبان علي بن أيب طالب عن ذلك املغزى ، االعتبار مبقدراا اإلبداعية الوامسة هلا

اعية اليت ستتضمنها اخلطبة الشقشقية فقال حني أعلن عن كثري من املبادئ اإلبد قتدرامل

حمل وإنه ليعلم حملي منها : ( ... حماججا خصمه املثري لفورة اخلطاب النثري الفين

القطب من الرحا ثوبا ى ، ينحدر عين السيل ، وال يرقى إيل الطريدو فسدلت ، ،

على طخية بيد جذاء أو أصربوطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتأي بني أن أصول

، وإذا حنن تأملنا هذه املقدمات اليت كأا واقعة خارج إطار نص خطبة 1...)عمياء

الشقشقية فإننا نرى إليها على أا لغة قبلية أي لغة نفسية وهي صدى للهدير املطلع

لفنيات ومجاليات الشقشقة البالغية القوية اجلديرة بالتحفظ واملدارسة ، وقد كان علي

.68 الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1

Page 292: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

269

طالب ارجتلها يف مجع من حضور املؤمنني واملتعاطفني مع قضيته العقيدية بن أيب

وموقفه النضايل من تطاحن األحزان من حوله وعليه ، وإن الشعور بالضعف أو

من احملفزات اإلنشائية اليت ملةالشعور بالقوة من املوضوع املعرب عنه أي القضية جل

يف اخلطاب النثري ولعل من أبرز املؤثرات اإليقاعية احملركة تغذي قوة التعبري البالغي

سافة إىل جتويد القول والتفنن يف إنشاء العبارة هو وعي الذات املنشئة للخطاب للم

ذلك اإلنشاء املنشأ هلا اخلطاب سواء أكان وبني الذاتالفاصلة بني الذات املنشئة

، ففي ضوء تقدير تلك املسافة الفاصلة بني املتراسلني تتحدد شروط موجبا أم سالبا

.1اخلطابية اإلرسال اللغوي ، وتتوضح األبعاد

تعمل املقاومة احلسية أو املناضلة العاطفية بصفتها دافعا باطنيا إىل جتويد العبارة

ملولد للطاقة الفنية اجلمالية ، فاإلحساس اللغوية على جهة مضادة مقاومة ملقام احلال ا

بشرعية وأحقية املقام تعزز االندفاع التعبريي ، ومتنحه البعد الثوري ، وعندما نقول

البعد الثوري فإننا نعين هنا التثوير الفين اجلمايل الذي هو يف اية املآل حافز إبداعي

، 1997دار القلم العريب ، 1:ابتسام أمحد محدان ، األسس اجلمالية لإليقاع البالغي يف العصر العباسي ، ط -1

.101 -100 ص

Page 293: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

270

علي بن أيب طالب إىل حدود التحفظ والتريث والتردد ، لذلك فقد تطوعيكسر كل

:فتمثل بشعرية األعشىتضمني املقاصد التناجزية أي التضمينية الراقية

1ويوم حيان أخي جابر شتان ما يومي على كورها

، والبيت نظرا ألمهيته التوثيقية فإن ابن منظور أورده شاهدا لغويا يف مادة شتت

من العامي ، فالبيت املتضمن حلتمييز الفصيوكان الشاهد خبصوصيته اللغوية مناسبة

يعترب من املصادر اجلمالية للغة العربية وهو مرتكز داليل ومعلم يف اخلطبة الشقشقية

2.معجمي يوافق توظيفه يف اخلطبة املستوى اإلبداعي الذي ناهزه بياا

األعشى وبني قد يكون اعتماد التناص األديب ما بني املوقفني التعبريين بني شعر

الشقشقية ضربا من اإلحالة املعرفية اليت تعين القراءة باملماثلة فاملستويان األدبيان بني

املوقفني املوقف التعبريي يف اخلطبة واملوقف التعبريي يف شعر األعشى ، وهو يعين

كذلك طبيعة مناجزة بني الغرضني ، كأن علي بن أيب طالب يف اخلطبة الشقشقية

و أو يوحي إىل قارئه ومستمعه بأن يلتزم بإجراء التعريج على النصوص يقول

.75 ، دار الكتب العلمية ، بريوت لبنان ، ص 1: األعشى ، ديوان األعشى ، ط -1 .شتت: بن منظور ، لسان العرب ، مادة إ -2

Page 294: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

271

الشعرية العربية القدمية قبل أن ينخرط يف تأويل اخلطبة أو جماذبة تفهماا الغنية

، وإننا حني نتأمل يف املسوغ اللغوي البالغي الصانع خلصوصية رموزباإلحاءات وال

مقام شعر األعشى ومقام اخلطبة الشقشقية نستطيع املوقف التعبريي بني املقامني

إن احليز اللغوي يبدو كأنه واحد ، فاللغة اليت طبعت الشعرية العربية القدمية : القول

هي ذاا املستأنفة يف بالغة علي بن أيب طالب ألنه ترىب على إيقاعاا ول من

ذا النظر فإننا نقر مبدئيا أن معجميتها ، وضم طقوس دالالا اجلمالية ، وبناء على ه

يف بالغة خطب علي بن أيب طالب خاصة منها اليت اصطفيناها االستسقاء واخلفاش

والطاووس تنحو منحى مجاليا وفنيا ذا مقصدية إمتاعية حىت وإن بدت لنا مغرقة يف

.احلجاج الكالمي

تلك و التعبري اللغوي يف اخلطبة الشقشية منحى دالليا متأوجا يشاكل حين

ألن القلب (... ، وليس ذلك إال العناية التوقيعية اليت حتظى ا لغة الشعر سواء بسواء

واالعتقادات ال تكون هو حمل املعتقدات فال جيوز أن جيتمع فيها الشيء وضده ،

، وإن التفاعل 1)باللسان ، ألن اللسان يكذب ، والقلب ال يتضمن إال احلقيقة

.223 األمدي ، أبو القاسم احلسن بن بشر بن حيىي ، املوازنة ، حتقيق ، حممد حمي الدين عبد احلميد ، دار املسرية ، ص -1

Page 295: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

272

كفيل بأن يضمن التعبري تعبري والتفكري يف إنشاء اللغة الفنية الوظيفي بني سياقي ال

ة اليت هي يف أساسها قيم بالغية ، وما كان للتصوير الفين الكثري من القيم اإليقاعي

للتبعيد الداليل لفصول خطاب الشقشقية إال ترتال عن تلك اجلهة ، وخدمة سساملؤ

:دل على ذلك املواقف التعبريية التاليةالترميزي واإلحيائي الناسج لبالغة اخلطاب ،

إن أشنق هلا خرم ، وإن أسلس هلا تقحم فمني الناس لعمر صاحبها كراكب الصعبة

ومع الذي يستوثق به سياق خطاب 1.خببط وشماس ، وتلون واعتراض اهللا

عض الشقشقية إال أن عليا بن أيب طالب يتحفظ يف إعالن الدالالت والتصريح ا يف ب

ية املنتجة للخطاب مثال عل لغة اخلطبة ملتحمة باخلصائص النفسجياملواقف وذلك ما

ومال اآلخر لصهره مع هن :ذلك تكنيته برمز العبارة الصوتية عن صريح اللفظ التام

واعلم أن (... ابن وهب يف الربهان يف علوم القرآن لذلك السبب الوظيفي قال 2وهن

إما أن تكون منظوما أو منثورا واملنظوم هو الشعر سائر العبارة يف كالم العرب

، ال ميكن هلذا املستوى من التأوج اللغوي الفين أن يقرأ 3...)واملنثور هو الكالم

.70 الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1 .71 ، ص السابقاملصدر -2 .167 ص ، 1969القاهرة حفي حممد شرف مكتبة الشباب : بن وهب ، الربهان يف علوم القرآن ، حتقيق إ -3

Page 296: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

273

اللغوي العريب ، فكثري من مبعزل عن اإلجنازات املعرفية واحلضارية اليت حلقت باحلس

التعريفات واملفاهيم واالعتقادات صارت مبرور الزمن وحصول التجارب تتجلى من

خالل قناعات فنية مجالية طارئة ، ومن بني تلك القناعات رؤية األدباء والنقاد إىل

اجلمالية اللغوي فقد صار كثري من األدباء والشعراء ينظرون إىل القيم اإلمتاعية على

ا متجاوزة الشروط الشكلية التقليدية اليت طاملا قيدا عن بلوغ املستويات اإلبداعية أ

املتوخاة من كل موقف تعبريي ومن بني تلك احملصالت املعرفية قناعتهم بضرورة

فتلك اجلهة من االنفعال اإلنساين هي وحدها ، حتكيم احلس يف االنطباعات الغريزية

ذة والشعر الذي هو صفوة تلذت اللغوية املستطابة نعين املالكفيلة بإنتاج العبارا

املرجعيات اجلمالية يف حيز التعاطي اللغوي الفين صارت تتتبين مستوياته اإلبداعية عن

طريق اإلحالة على احلس وحساب الغريزة إذ مها الكفيالن فعال وطبيعيا بإنتاج املعاين

الء املعري إىل تعريف الشعرية مبا هومتفق لذلك ذهب أبو الع، واألساليب املستحالة

والشعر كالم تقبله الغريزة على شرائط أن زاد أو : (... ه حني قالجمع هذا التو

واحلس هو مرجعية ناجزة بني بين البشر ومثلما تلتقي عليه 1...)نقص تبينه احلس

. 125 ، ص 1982علي شلق ، : أبو العالء املعري ، رسالة الغفران حتقيق -1

Page 297: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

274

طه اإلبداعية األذواق والقيم فإن املظاهر اإلبداعية املختلفة ميكنها أن ختضع لشرو

ولعل هذه املقصدية الفنية واإلبداعية على عموم التوجه هي اليت أوحت حملمد الذوقية

(... فقد مندور إىل تسجيلها كمالحظة فنية حلقت النثر الفين والشعر معا على السواء

، حىت أصبح ما نسميه ة كانت أم نثرية يسيطر علم البديع هذا على فنون األدب شعر

يف التراث العريب التقليدي وقد احنصرت فنون النثر ... بالنثر الفين هو النثر املسجوع

يف نطاق حمدود ، وأنواع قليلة تتلخص يف اخلطابة واألمثلة السائرة والتوقيعات

ة ، قواه ، ومتأثرة بشروطه اجلمالي ، وحسب اللغة الفنية أا مترتلة عن1...)واملقامات

لذلك فإن النثر الفين الذي تنحو إليه بالغة اخلطاب يف ج البالغة ال يفتأ يستعني

فتأيت اخلطبة يف شكل لوحات تعبريية وإن بكثري من احملطات أو املقامات التحسينية

املتناسقة معها هو التبدل السجعي الذي مينح مييز اللوحة عن اللوحات األخرى أبرز ما

خصوصيته اخلطابية ، ومل مينع التحفز واالهتياج اإليقاعي الذي زان ل مقام تعبرييلك

، ومع العبارة يف الشقشقية أن يعتمد الفصول التنويعية سبيال إىل تفصيل كلية اخلطاب

ذلك فإن سياق التفاعل اخلطايب هو الذي تضمنته احملاورة التناجزية بني علي بن أيب

.6 ،ص ،2006ضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع 4:حممد مندور ، األدب وفنونه ،ط -1

Page 298: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

275

يا أمري املؤمنني لو أطردت خطبتك : اس لعلي طالب وبني إبن عباس حني قال ابن عب

فلما اعتذر علي بن أيب طالب عن سكون الشقشقة ، ويستحيل 1من حيث أفضيت ،

أن يعاود سياقها باعتباره خارجا عن طوع إرادته ، وإمنا هي سياقة احلديث قادت إىل

فواهللا ما :(... ما قادت إليه من االرجتال واملطاوعة تأسف ابن عباس على ذلك قائال

عليه ال يكون أمري املؤمنني أسفت على كالم قط كأسفي على هذا الكالم ، أن

. 2)السالم بلغ منه حيث أراد

يتفق السياق اللغوي النثري هنا مع ما دأب النقاد متييز لغة الشعر به ، فاهليمنة

قوة اليت يفرضها سياق الكالم أو السياق التعبريي على الشعراء عائد يف تقديرنا إىل

ا نقرأ انطباع علي بن أيب طالب رادا على اجلمالية والفنية اليت متيز لغة الشعر ، وإنن

رغبة ابن عباس يف استمرار سياق اخلطبة الشقشقية نظرا ملا اتسمت به من اجلمالية

، فلغة اهليمنة الفنية هنا واردة من جهة كون والفنيات والبالغات والدالالت املؤثرة

وز ذات القيم الفنية لغة النثر الفين على ما هي عليه يف اخلطبة الشقشقية ميكنها أن حت

.72 الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1 .73 ، ص السابقاملصدر - 2

Page 299: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

276

واجلمالية اليت عادة ما نصادفها يف لغة الشعر ، فالتأثري األديب العميق يف اخلطبة يستمد

تنهض عليها شخصية اخلطاب سلطة مقروئيته بناء على الفنيات واجلماليات اليت

.النثري الفين

مجالية املنثور ومجالية فاالنتظام البالغي للغة هو الذي مييز بني اجلماليتني

ة يف الشقشقية تأخذ هلا تلوينات وزنية أو نظمية هي اليت جتعل ي، والعبارة النثراملنظوم

ية املتميزة ، وقد تنبه نكتتها الداللية حارة متحفزة إلصابة الغايات الفنية اجلمال

عندما جلأ غة للمواقف التعبريية يف ج البال الطابع الشريف الرضي إىل الثراء التشكيلي

إىل توثيق هذا التميز من خالل اقتراح عناوين فنية عادة ما يسبق اخلطاب كاشفة عن

ففي قوله .1ومن كالم له عليه السالم جيري جمرى اخلطبة :هويته اإلبداعية كأن يقول

جيري جمري معىن دال على كثري من وظائف تشاكل اخلطاب ومتوهه بالقيم الفنية غري

غري اجلاهزة فالتوجيه النقدي أو القرائي الذي تقدمه العبارات التوجيهية يف املعتادة أي

دليل على أن اخلطاب ينحو منحى بالغيا غري عادي ، يستدعي كل بداية خطبة

استيعابه التسلح بكثري من الفطن البالغية واجلمالية والتأويالت والتخرجيات

.114 ، ص ملصدر السابقا -1

Page 300: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

277

ة بني الشعر والنثر حىت وإن مل يصرح ا واإلسقاطات والقراءة باملماثلة ومنها املماثل

.يف تلك التوجيهات القرائية

تاناملقال حيث تتوحد الشخصيتان األديبفاملماثلة يف املقام مستدعية مماثلة يف

ضمن نسق رؤيوي ينسجم كثريا مع متطلبات إجناز اخلطاب األديب الثوري والذي

لفنية واملوضوعية يف ج البالغة ، وإن معظم تعترب اخلطبة الشقشقية إحدى جتلياته ا

املبالغات الفنية واجلمالية اليت يسلطها اخلطيب على اللغة النثرية غالبا ما تتخذ سبيل

وهي املناسبة الفنية التصرف يف األحداث واألخبار والتوصيفات منفذا إىل إثارة األدبية

حني املنشئ للخطاب مناسبات اجلمالية اليت أمساها أرسطو معاجلة احلوادث حيث يت

. 1التصرف يف مرجعياا اخلربية

ومعىن أن يتصرف اخلطيب يف املبالغات فإن ذلك اإلجراء يكون مستملى من

الرغبة اجلاحمة يف توثيق املرجعيتني الفنية واجلمالية ، واللغة األدبية أكثر ما تنجع يف

ابن عباس يف طلب االستزادة ، فالقلق الذي كان يبدو منتلك األحوال واملقامات

من الثراء األديب يف الشقشقية خادم للتأوج اإلبداعي دال عليه ، يدفع القارئ اآلخر

.54 عبد الرمحن بدوي ، دار الثقافة بريوت لبنان ، ص: أرسطو ، فن الشعر ، ترمجة -1

Page 301: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

278

إىل تبين ذات املطلب القرائي ، ألن الشقشقية فعال تعترب من بطريقة غري مباشرة

زية النصوص األدبية املتميزة عن حدود مفهوم اخلطبة االعتيادية ، فاالنزياحات اا

الفاعلية والوظيفية اليت يفرزها سياق القص أو االنطباع من حني آلخر يكون ظهورها

التوقيعي مبثابة اإلضافات الفنية اجلمالية اجلانبية أي تلك اليت ختدم السياق العام للخطبة

فعمة بالشكوى والتوهج واالغتياظ ، وما احليز اخلطايب الذي حنس أن واليت تبدو م

، وإذا فيه منت اخلطبة هو اهلامش الداليل الذي يوتر سياقات اخلطاب السامع يتموقع

كانت الشقشقية تنحو سياقا تفاعليا واضحا جر إىل حرارة تدفق بالغاته رغبة واضحة

يف انتقال النثرية إىل ما ميكن أن جيانس الوظيفة الشعرية فذلك ألن اخلطاب الشفوي

ألن يتلون أو يتموه بالكثري من االمتيازات الفنية مثلما هي عليه هذه اخلطبة ميكنه أن

وبذلك فاللغة 1...) جزء من أجزاء الكتابة ونوع من أنواعها(... اخلطبة يف حد ذاا

يت تتضمنها صنوف الكتابات تلك نفس حرارة التفاعل البالغي المتيف سياق اخلطبة

بأن حتفظ كفيلةاألخرى ، فالطبيعة املبدئية اليت يستحوذ عليها نزوع التعبري النثري

حممد حسني مشس الدين ، دار الكتب العلمية بريوت لبنان ، : ، حتقيق 1:القلقشندي ، صبح األعشى يف صناعة اإلنشا ،ج -1

.271 ص

Page 302: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

279

هو الكالم الذي جيري على (... ألن النثر خلصوصياته اإلبداعية قيمها الفنية اجلمالية

بقى نثرا السجع واملوازنة وتكلف الكالم مث يالسليقة من غري التزام وزن ، وقد يدخل

.1...)إذا بقي جمردا من الوزن

وعلى الرغم من هيمنة الغاية اخلطابية واإلعالمية والسياسية على مكونات

اخلطاب النثري يف ج البالغة ، وهو السياق املستملى من الغرض العام ألدبية علي بن

حيان من أيب طالب حبكم املدافعة بينه وبني خصومه ، وبينه وبني أصحابه يف بعض األ

، حيث ظل تأوج نربة الصرامة يف اخلطاب وحدته العاملة على حتقيق تفوق خطايب ما

،2" ! ...أما دين جيمعكم، و ال محية تشحذكم! هللا أنتم :"يقول علي رضي اهللا عنه

وهو غالبا ما يعزز تلك الوجهة احلجاجية بالقيم التعبريية املستفيدة من التوزين الصريف

، حىت عندما يرتد والبنية اجلملية النحوية املتشاكلة مع ما يشبه التوزين العروضي

ناصحا حمفزا ألصحابه فإن مثة هاجسا خفيا يسري يف أحناء اخلطاب يظل يشع

، فالتعجيب فى آثارها الداللية واإليقاعيةاليت ال تكاد خت باإلحاالت الفنية واجلمالية

، 1981دار العلم للماليني ، 4:اجلاهلية إىل سقوط الدولة األموية ، طعمر فروخ ، تاريخ األدب العريب ، من مطلع -1

.44 ص. 414، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 2

Page 303: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

280

اللغوي يف ج البالغة ال يتخذ له سياقا تفاعليا واحدا بل يتخذ من التنوع يف املادة

، وقد يتسق هذا النسق البالغية أو الداللية سياقا إبداعية ميكن مالحظته وتتبع آثاره

اخلطبة اليت ة أو البالغية أو األدبية بامتياز ففي البالغي ليصب يف فائدة النكتة اللغوي

ا علي بن أيب طالب عجيب خلقة الطاووس كان التركيز على إثارة املواد هيذكر في

التعجيبية مستوى تركيبيا غالبا على املستويات الداللية والبالغية األخرى ولكي

، وقبلة التعجيبيةبدأ قراءة هذه اخلطبمنحص البحث يف املوضوع سنعمد إىل تسجيل م

فإننا سنعمد منهجيا إىل استعراض إسهامات ثالثة أعالم يف املوضوع هم اجلاحظ ذلك

يف احليوان وعلي بن أيب طالب يف ج البالغة ، وأيب حيان التوحيدي يف اإلمتاع

.واملؤانسة

، 1أشار اجلاحظ إىل هذه الغاية النظمية حني قال بنظرية التعديل واالستواء

واليت نقدرها على أا عبارة عن تركيز حسي تقوم خالله الغريزة حبساب طبيعي أو

فطري لطبيعة االنتظام اللساين السماعي للمكون اللغوي يف العبارة اللغوية ، وخالل

هذا العمل احلسي الدقيق واملركب واملتشاكل األطراف حيصل التقدير الشعوري

.64،ص 1:، جاحظ، البيان و التبينياجل -1

Page 304: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

281

من أدق عنصر والذي هو صوت احلرف اللغوي أو بعضه ملكونات العبارة اللغوية بدءا

و الصوت هو (، واحلركة وبعضها واملقطع الزمين للغة فالبنية اللفظية أو هيئة الكلمة

ونعتقد أن هذا اإلجراء يضطلع به احلس نظرا لتركيبه وتعقيده ، وقد ،1)آلة اللفظ

ا بإمكان استعمال اللسان استوعب البالغيون العرب هذه املقدرات البنائية حينما قالو

لتصحيح أقسام الكالم والذي نعتقد أن كل ذات بليغة منشئة جلماليات اخلطاب تلجأ

، ومثلما كان 2إليه يف شكل تنقيح داخلي للملفوظ أو املخطوط قبل إعالنه أو إرساله

للشعر متلقوه الشغوفون باستظهار آيات البيان يف كل عبارة تصادفهم ، فإن النثر

كل فرصة إبداع عرب مجيع مظاهره اإلبداعية صار له متلقوه الذين ينتهزون الفين

.للتحفظ واالستظهار

ومثلما كانت للشعر العريب مناذج إبداعية فقد كان للنثر الفين مرجعياته

اإلبداعية واليت جتسدت يف شكل مناذج بيانية بدأت خبطب قس بن ساعدة اإليادي

.79ص ، 1ج ، نفسهاملصدر -1 .80ص ، 1 ، جنفسهاملصدر -2

Page 305: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

282

االحتفاليه اليت حتتضن النموذج واالرجتال واإللقاء و متسمة بكثري من طقوس اإلبداع

.تسجيل أي خروج على شروطها الفنيةميكن النثري الفين ، حبيث

لقد كانت مجيع مزايا اإلبداع يف مضمار فن اخلطبة متصلة بقيم االرجتال ،

فقد سجل لنا اجلاحظ منوذجا نثريا فنيا قدميا ميكننا اختاذه النموذج الفين املشاكل

للقصيدة العربية اجلاهلية هو ما أورده يف البيان والتبيني من كالم صحار منطيق العرب

البالغية مستدركا على من قلل من قوامة لسانه يف ارجتال حني قال يف جملس املنافسة

أجل واهللا ، إنا لنعلم أن الريح لتلقحه ، وإن الربد ليعقده ، وإن القمر : ( اخلطب

، حيث يظهر لنا التعهد الفين اجلمايل لصياغة العبارة 1)ليصبغه ، وإن احلر لينضجه

ت تعبريية متقاصرة ذات سرد عطفي متعلق مبوضوع واضحا ، أتى يف شكل متواليا

مرجعي واحد هو توصيف املعرفة بفالحة التمر وقد أيت بسياق إيقاعي منتظم شبيه

: ببناء اخلطاب الشعري متجسدا ذلك يف تقدمي خارج عن إطار الضوابط السردية هو

الفنية املتوالية الشارحة أجل واهللا إنا لنعلم ، مث يتم االخنراط اللساين يف جماذبة األنساق

:واملوضحة لتلك املقدمة لتأيت على الشكل التايل

.96، ص 1:املصدر السابق، ج -1

Page 306: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

283

إن الريح لتلقحه ، إن الربد ليعقده ، إن القمر ليصبغه ، إن احلر لينضجه ،

حبيث ميكن اعتبار اخلروج على النسق املتوايل على أنه شبيه باخلروج على الوزن يف

يغ الفنية ذات القصد اجلمايل تأخذ أبعادها مضمار الشعر ، ونعتقد أن كثريا من الص

اإلبداعية انطالقا من رغبة اخلطيب مثله مثل الشاعر يف بلوغ مستويات إيقاعية

.ها احلس خاصة اللسان والسمع منهوانتظامية يستلذ

حتتفل التوجيهات البالغية املأثورة عن علي بن أيب طالب جبملة من اإلشارات

غالبا ما تأيت يف شكل توجيه نظري حموري حاسم ، فقد رأينا الفنية واجلمالية اليت

اجلاحظ يقف حملال بإسهاب ملقولة يف سياق التجويد اإلبداعي ، وضرورة تفطن

الذات للكيفيات واألساليب العملية اليت من شأا أن تقود إىل حتقيق الغايات الوظيفية

ي أحد وجوهه املفضلة يف من كل فعل سلوكي مفيد ، والذي يعترب اإلبداع البالغ

أي ما يتقن فالتقانة 1)قيمة كل امرئ ما حيسن (األدبية العلوية، وإننا نتخري مقولة

أحلق ما تكون بالوسائل التعبريية ، وقد كان اجلاحظ منهجيا حني استعان برصيد

خطايب وافر من الشهادات اللغوية لدى كالمه على التجويد البالغي مبا يعين جتويد

.83،ص 1:املصدر السابق، ج -1

Page 307: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

284

ارة وتنميق اللفظ، وتطلب الوزن وخمتلف مظاهر االنسجام وتعبري املترادفات العب

وسبك املتواليات اللفظية ، وقد حددت هذه األغراض التنسيقية الضرورية لدى

، وقد 1مداخلة االخنراط يف جماذبة سياقات اخلطاب النثري يف مسمى آلة البالغة

ن مجيعا االستعداد املعريف والنفسي ليت تكوأتبعها اجلاحظ بشروط إبداعية أخرى هي ا

والفين البتداع اخلطاب النثري الفين ومنه اخلطبة ، وقد أورد اجلاحظ صحيفة بشر بن

املعتمر يف ذات السياق النظري ، حيث سعى إىل إملام املنشئ للخطاب النثري الفين

، 2 )به األعناق به القلوب و تثىنو أن ذلك من أكثر ما تستمال (، مبقومات اجلمال

تقدير أوان : حيث حدد الشروط اإلبداعية يف ما ميكن إمجاله يف التوجيهات التالية

إنشاء القول مبا تسمح به احلال ففي تلك املوافقة استدرار للتأوج وحتقيق للتفوق

، لذلك قدر حظة املواتيةالبياين ، مبا يعين حتين أوان االبتداع ، وتقدير الظرف والل

أو باألحرى قضيتني مها ارسون توزع بنية اخلطاب النثري يف ج البالغة إىل غايتني الد

اللسان والكالم ، يتنازعان سياق تفعيل املكونات النصية لينتهيا إىل بلورة سياق :

.92،ص 1 املصدر السابق ، ج -1 .14ص ،1ملصدر نفسه ، ج ا -2

Page 308: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

285

فهو مرة يعد الكالم سجني الفكر ما (... كامل اجلوانب الفكرية والفلسفية إبداعي مت

ولتوثيق هذه . 1...)مل خيرج إىل الناس ، فإن خرج أصبح اإلنسان سجني الكالم

املرجعية اللسانية فقد ألفينا علي بن أيب طالب يوظف دالالته يف كثري من املقامات

.احلكمية

قامني مقام القول ومقام احلال تسهيال الفتراع وإن يف حتقيق التوافق بني امل

اجلديد النادر البديع ، وفض عذرية الكالم ، كما أن إصابة التحني كفيل باستدرار

التسهل واملطاوعة ، تذلل معها ااذبة ويلني االستدعاء ، وإن من شأن اخلطاب

ىل امتالك األدوات النثري الفين إذا كان هذا مسلكه النفسي واملعريف أن يفضي إ

التعبريية اليت تكون عونا على إصابة الغايات البالغية واإلنشائية املستحسنة ، فالتوزين

احلسي للخطاب األديب الفين قائد إىل حتقيق التوزينني ، التوزين اللساين والتوزين

السماعي ، والذي يتخذ له يف اخلطاب النثري مجلة من املظاهر األسلوبية والنسقية

(... ، لطريقة اليت تتذوق ا لغة الشعراملتوازنة ، واليت ميكن تذوقها مجاليا بنفس ا

دار الكتب العلمية بريوت لبنان ، 1:حسن العمري ، اخلطاب يف ج البالغة ، بنيته وأمناطه ومستوياته ، دراسة حتليلية ط -1

.13 ، ص2010

Page 309: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

286

، مبا يوحي أن أدوات اجلمال األديب هي 1 )الزوائر، الذين يزأرون. اجلمال املصاعب

واحدة كيفما سلك اللسان التعبري عنها فهي الغاية املبتغاة من كل إنشاء ، وقد خلص

داعي يف مقوالت توجيهية هي رشاقة اللفظ وعذوبته ، وسهولته بشر هذا السياق اإلب

وفخامته ، مع ظهور املعىن وانكشافه ، وقربه من معارف الناس سواء أكانوا من العامة

. 2أم اخلاصة

وبناء تقصد هذه الغاية فقد رأينا يف صحيفة بشر بن املعتمر إمنا هي جاءت

النثر الفين الذي تعترب اخلطبة أحد مظاهره الراسخة لتزكية أسهم التجويد اخلطايب يف

التقاليد ، فاحلماسة والتشجع وقوة اخلطاب احلار النكتة كانت وازعا لسانيا وإيقاعيا

كفيال بتحريك احلس إىل إصابة الغايات التعبريية الفنية ذات املقاصد اجلمالية اليت ميكن

ألن اخلطبة (.. يف حيز النثر الفين أن جندها يف حيزي الشعر كما ميكننا مصادفتها

ينطق ا اخلطيب أمام احلشد ويعريها فيضا من شخصيته من حيث انطالق اللسان

.3...)ورشاقة احلركة ، وجهارة الصوت

.176ص ، 1 ، جاحظ، البيان و التبينياجل -1 .136،ص 1 ، جاملصدر نفسه -2 .7ومشاهري اخلطباء ، صسالمة موسى ، أشهر اخلطب -3

Page 310: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

287

متتاز مجالية النثرية الفنية يف ج البالغة برتوع علي بن أيب طالب يف بعض

يواقع بني السياقني سياق السرد النثري املقامات التعبريية باستدعاء املسعف الشعري ،

وسياق التوقيع الشعري.

ولذلك السلوك األديب عدة اعتبارات يف تقديرنا منها متتع هذا اإلنسان بغزارة

املعرفة ، وقوة اإلملام بالتراث األديب العريب ، مث اشتمال أدبيته على حب مزاولة الفنني

لتفضي هاتان القناعتان الحقا إىل مبدأ حرية التعبري فن النثر الفين وفن نظم الشعر ، مث

باالنطباع العفوي احلر الذي تتحرر يف جماالته السردية الفاعلية اللغوية ، وترتاح إىل

متطلبات التوقيعات البالغية املستطرفة ، فقد كان علي بن أيب طالب يظهر يف مواقف

دد من الشعراء متوزعني بني جاهلييهم أدبية رغبته اجلاحمة فهو يضمن من حني آلخر لع

، وحىت ملا سئل عن أشعر 2، أو شعر ذي الرمة 1شعر األعشى: وإسالمييهم من مثل

الشعراء العرب على عادة ما كان الصحابة يسألون فكان قد أجاب بتفضيله شعر

إن القوم كانوا قد جروا يف حلبة تعرف الغاية (...امرئ القيس ، وقد كان أجاب

.33الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -1 .143املصدر نفسه ، ص -2

Page 311: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

288

، ورمبا أشار ذه 1)د قصبتها، فإن كان والبد فامللك الضليل ، يريد امرؤ القيس عن

املالحظة إىل اضطراب أشواق الشعر ، وقوة تفوق كل شاعر يف بضاعته اخلاصة به

والشعراء يتبعهم الغاوون ، أمل تر أم يف كل واد ( لذلك جاء يف القرآن الكرمي ،

، ويبدو أن منهج علي بن أيب طالب املعريف 2) يفعلونيهيمون ، وأم يقولون ما ال

متسم باللياقة والتفهم املستوعب ملا تتطلبه األدبية من مرونة يف صلة الثقافة اإلسالمية

بآداا ومنهاهجها املعرفية بالتراث اللغوي واألديب الذي كان للعرب يف جاهليتهم

جاء من جهة ذلك التقدير للجوانب األوىل ، لذلك الشك يف أن تفضيله امرؤ القيس

الفنية من جتربة هذا الشاعر العريب اجلاهلي ، وأنه رأى إليه من منظور إنساين

يروا شائعة يستوعب التراث اإلنساين كافة ، واالستفاضة الداللية اليت كان العرب

أو حمسوس أو متخيل هي اليت حررم من القيود الشكلية اليت يف كل مرئي

.عادة ما تأسر حرية االنفعال بالقيم التعبريية الفنية اجلمالية

.391، ص صدر السابقامل -1 .226، 225، 224سورة الشعراء ،اآليات -2

Page 312: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

289

: نثريا بنية اخلطبة باعتبارها شكل تعبرييا

يتضح للدارس أن املميزات النثرية اليت اشتمل عليها ج البالغة تصب كلها يف

جيل منوذج اخلطبة بكل تنوعاا الفنية واملوضوعية والشكلية ، ومع ذلك فإنه ميكن تس

ما يشاكلها من املقوالتبعض االنزياح عن حمورية اخلطبة يف ج البالغة إىل

أو الكتابات السردية اليت اعتقد علي بن أيب طالب أنه يستطيع من خالهلا توظيف

وذلك أن يكون اخلطيب رابط اجلأش، ساكن ( ،، وكفاءاته اجلماليةمهاراته البيانية

النصوص يف ج البالغة تأيت ، فكانت مجيع 1 )اجلوارح، قليل اللحظ، متخري اللفظ

فالنثرية يف سياق استقطاعي عامل على تغريب اخلطاب وعزله عن سياقاته التوثيقية ،

اإلبداعية انطالقا اليت نضعها مقابلة للشعرية العتبارات فنية مجالية يستمد تراكميتها

، طبيعي املألوف يف احلياة اليوميةالكالم ال(... من كون املمارسة اللغوية النثرية هي

2...)وعن أفكاره كان الكالم املنثور أسبق يف التعبري عن مقاصد اإلنسانوعلى ذلك

ذلك االتساق السردي يرى إىل مقروئيتها كأا مستقطعة من سياق وفقواخلطبة

. 45، ص 1ج ، البيان و التبيني، اجلاحظ - 12- ، 45 ص عمر فروخ ، تاريخ األدب العريب.

Page 313: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

290

سردي جانيب جنده بعد االختبار منسجما مع السياق البالغي أو اجلمايل العام الذي

حيكم أدبية ج البالغة حيث ال شك يف أن اخلطاب يوشى خالل تنويعاته اجلمالية

يت تتصل مببدأ الكتابة والسرد واحلكي باالحتكام إىل املبادئ البالغية العامة ال

والتوصيف وتوليد اخلرب والتحكم يف ذيب املروي ألن املقام يف العموم هو مقام

و من خطبة له رضي اهللا عنه يف حجاج يدعو إليه املقام احلجاجي بإحلاح بالغ النربة ،

،1"ن حتاسبواقبل أزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، و حاسبوها من :" زجر النفس يقول

حبيث ترتقي الوظائف البالغية سامية على الشروط اللغوية واجلمالية االجتزائية لتنطلق

من قناعة إنشائية ذات املرام اإلبداعي امللخص بقيم اجلمالية والذوق واالنطباع ، وهو

ي املستوى اإلبداعي والقرائي معا الذي نراه متفقا مع مبدأ حرية اإلجراء التعبريي والذ

احتفلت به املدونات البالغية العربية بغزازة بادية حيث أرجعت مبادئ التأثري

التوصيلي يف عموم وظيفيته إىل عوامل التأثري اللغوي ، وذلك هو املبدأ الذي ميكننا

اعتماده سبيال للمالءمة بني املرتعني ، مرتع التشعري ، ومرتع التنثري اجلماليني فقد

فيا لالعتداد بالكيفيات اإلبداعية يف هذا املستوى من اإلبداع يكون إعمال الذوق كا

. 259، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 314: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

291

بن طباطبا العلوي يصيب هذه الغاية اإلبداعية أو شروطها يف االبالغي ، وقد رأينا

كتاب عيار الشعر حني قارب مجاع املوضوع حيث الءم بني النثرية والشعرية يف

، وقد يكون مبدأ التعميم اجلمايل متسقا مع شرط إعمال احلس 1مبدأ فصول الكالم

. 2يف ابتداع اخلطاب األديب وقراءته معا

ولعل أفضل ما نداخل به هذا املقام من حبث مجالية النثر الفين يف ج البالغة

فالنطق السهل لدى علي (، هو اإلقرار حباجة العصر لبنيتها التعبريية ، وشكلها الفين

ن عناصر شخصيته و كذلك البيان القوي مبا فيه من عناصر الطبع و الصناعة كان م

، وإن من مميزات اخلطبة يف تاريخ األدب العريب ، جانبه النثري أا متسمة 3 )مجيعا

ببالغة اخلطابة والفصاحة ومها عمادان ينبغي لنا الوقوف على مقوماما التعبريية

. والبالغية

ة على مجلة من املرتكزات اإلرسالية هي ثابتة يف شخصية هذا يعتمد نثر اخلطب

شهدية بني خاطب ومجهور اخلطاب ال تكاد تغادره ، من ذلك توزع األدوار امل

.44ابن طباطبا العلوي ،عيار الشعر ، ص -1 .52املصدر نفسه، ص -2

. 213، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 3

Page 315: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

292

وقد ،1"البليغ من طبق املفصل، و أغناك عن املفسر:" يقول األصمعي ،خمطوب فيه

اعتمادها سبيال دعت احلاجة التارخيية ، املوسومة بالرتوع السايسي اخلاص إىل

للتواصل بني السيد واملسود ، بني مرتبة علوية ومرتبة دنيا هي ملزمة بضروب من

االلتزام يف التلقي والفهم و العمل باملسموع ، وللخاطب طقوس خاصة يف مناجزة

املراد من اخلطبة متثل االخصاص باملقام املتحكم يف األمساع امليزة الغالبة على نظام

سان ناطق وأمساع جتتهد يف التلقي ، وتتفاىن يف التحصيل واالستيعاب ، التواصل ، ل

وإن أهم عامل يتحرى يف عملية التواصل بني اجلهتني اخلاطب و املخطوب هو البيان

واللغة الفنية اجلمالية الكفيلة بشد انتباه السامعني وبث خمتلف اإلغواءات البالغية

ا يف الناس ، يعترب االعتالء من أبرز املميزات املسوغة لألفكار واملواضيع املخطوب

واالعتالء هذا بامتالكه الرغبة الواضحة يف حتقيق ، فية لفن اإللقاء يف أدبية اخلطبةالظر

جمموعة من امللفوظات املتتابعة ( يستعني مبعجمية فنية يف شكل غاية تعبريية ما

اهلادفة إىل حتقيق مشروع املستندات فيها لتشاكل ألسنيا مجلة من التصرفات واملوظفة

.101ص ، 1 ، جاحظ، البيان و التبينياجل -1

Page 316: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

293

شئ للخطاب إتالفها أو إخفاءها فإا ن، وهذه املعجمية القصدية مهما حاول امل 1...)

.تتجلى بطرق خمتلفة لتطبع سياقات اخلطاب

ختتص بالغة اخلطبة مبميزات لفظية واصطالحية ال تتواجد يف غريها من

ماذج األدبية منها اعتماد اخلطيب جلماليات اإلنشاء اللغوي ، وتوظيف أدوات الن

التنبيه اللغوية ، والتواصل اخلطايب جدير باعتماد تلك اآلليات والفنيات نظرا ملا يف

إن تلك األدوات : أدبية اخلطبة من قيمة تواصلية لعلنا ال جنانب الصواب إذا قلنا

الية للغة اخلطبة هي عماد اآلصرة التواصلية بدوا يغدو التنبيهية والتوقيعات االنفع

فال يكون لفظه إىل مسعك أسبق (، اخلطاب باردا ال يؤدي مهامه اإلبالغية املنوطة به

، ولعل هذا الذي وصفه اجلاحظ يف احليوان من مستوى حرارة 2 )من معناه إىل قلبك

البالغة حني اشترط فيها النشاط ، ومجع البال باعتبارمها املعينني على بث الفعالية يف

. 3السياقات األسلوبية ، مع مالءمة االرجتال

.258 العجمي ، يف اخلطاب السردي ، نظرية قرمياس الدار العربية للكتاب ، ص حممد الناصر - 1 .115ص ، 1 ، جاحظ، البيان و التبينياجل -2 .132،ص 3 اجلاحظ ، احليوان ، ج -3

Page 317: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

294

يعترب فن اخلطبة بصفتها منوذجا أدبيا نثريا من أقدم املمارسات األدبية لدى

لعرب ، تأسست عليها األدبية العربية ومنها استقت البالغة العربية مميزات بالغة ا

الفصاحة واخلطابة والبيان ، ونعتقد أن ال خطاب جارى القصيدة يف االعتبار العريب

مثلما جارا اخلطبة من حيث اختصاصها يف تقاليد قولية وبالغية صارت من شدة

ينبغي (، ي اختصت به بنية القصيدة العربيةالعمود ذاته الذ االلتزام ا بني اخلطباء مبثابة

أن يعرف أقدار املعاين، و يوازن بينها وبني أقدار املستعمني و بني أقدار للمتكلم

.1 )احلاالت

ونظرا لتمكن أدبية اخلطبة من األدبية العربية القدمية فقد ألفينا اجلاحظ يداخل

اللسانية السمعية والسلوكية اليت ترتاح بالتواصل من علم البيان مركزا على الشروط

عبريية أخرى هي مكملة للغة املتعارف عليه أي احملصور يف لغة األصوات إىل طرق ت

و لن تكون حركات اللسان لفظا و ال كالما موزونا، و ال منثورا إال ( ،الصوت

ومل يورد اجلاحظ إذا تلك املقدمات النظرية اليت أسهب فيها يف 2 ،)بظهور الصوت

.138ص ، 1 ، جاحظ، البيان و التبينياجل -1 .79ص ، 1 ، جاملصدر نفسه -2

Page 318: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

295

علم األصوات ويكون الذي دعاه على ج طريقة البالغيني العرب اآلخرين هو

صميمها طقوس تركيزه على إدخال خمتلف الوظائف التواصلية البالغية واليت هي يف

ت حتتضن املناسبات اخلطابية ، خاصة وأن البيئة اللغوية اليت كانوسلوكات فنية مجالية

حافظت على مستويات التواصل الفين واجلمايل واملعريف بني املنشئ واملتلقي واليت

كانت مستوعبة يف مبدأي اإلبداع والقراءة أو الفهم والتفهم ، فقد اتفق لديهم أن

دهم األدبية سلوك حيايت يتمتع بالوظيفية الناجعة اليت ميارسوا يف عادام وتقالي

وأخالقهم ، واألدب على عموم الداللة كان يستقي قيمه من املعاين النفسية املتضمن

مجلة من االنفعاالت السلوكية واملعرفية تنضوي حتتها الكثري من الفعاليات اليت شكلت

وزن األخالق وتقومي الطباع واملناسبة بني أجزاء (..جممله املغزى من األدبية منها

، سنعرض إىل التفصيل يف قضاياها شرحا وتعليقا، 1..) على اجلملة النفس يف استوائها

لذلك فإنه ليس خافيا على املتأمل املتفكر أن يكتشف النسق اإلبداعي العام الذي

تتميز به أدبية اخلطبة حبيث ميكننا اعتماد خمتلف النماذج منها إلبراز اخلصائص الفنية

.فنيةالنثرية الاجلمالية املؤطرة للجمالية و

.31،ص 1:العرب ، جمصطفى صادق الرافعي ، تاريخ آداب -1

Page 319: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

296

تعترب خطبة الشقشقية يف ج البالغة مبثابة اجلوهرة البيانية اليت تنطق ا باقي

صفحات النهج ، حيث يالحظ على مستوياا اإلبداعية على أا ناهزت الكفاءات

البالغية والبيانية املتميزة على كل املسامهات النثرية املعايشة ، ولقد امتاز هذا النموذج

يف ج البالغة حبيازة الشروط اإلبداعية املنقطعة النظري بفضل ما قامت النثري الفين

عليه من األهداف والغايات الفنية اجلمالية اليت منحت اخلطاب النثري الفين العلوي

و يف ج علي بن أيب ( ، اإلنسانية والعامليةبعدا إبداعيا إنسانيا عامليا بكل معىن دالليت

واملالحظ ،1)ية مقدار ما فيه من اخلري للناس بوصفهم ناساطالب هذا من اخلري للقوم

أن اخلطبة الشقشقية وما جاراها من التفوق البالغي جاءت موصولة بغايات تفسريية

شبيهة بتلك اهلوامش التكميلية اليت غالبا ما تستتبع ا املعلقات اجلاهلية ، خاصة يف ما

الرضي سلسلة املقاالت احلكمية يتعلق مبوضوع شرح الغريب حيث عنون الشريف

. 2)فصل نذكر فيه شيئا عن اختيار غريب كالمه احملتاج إىل التفسري( التوقيعية بصيغة

. 88، ص 5،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد القومية العربية جورج جرداق، علي و - 1 .583، ص 4: الشريف الرضي ، ج البالغة ، ج -2

Page 320: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

297

تناظر اخلطبة الشقشقية سياقات بالغية وإبداعية أخرى احتفلت ا مدونات

، والسكاكي 1أدبية عربية أخرى من ذلك ما أورده عبد القاهر اجلرجاين يف الدالئل

، لهجات األعراب وخصائصهم اللسانيةمن موضوع توقيع الكالم البليغ ب ،2يف املفتاح

وهذا نسق إبداعي ثابت واضح يكون اللسان العريب املبني يف ج البالغة قد أصاب

.غاياته الفنية اجلمالية

الشقشقة جلدة يف (جاء يف لسان العرب البن منظور مادة شقق أن :مفهوم الشقشقة

الشقشقة : حلق اجلمل العريب ، ينفخ فيها الريح فتنتفخ فيهدر فيها ، قال ابن األثري

اجللدة احلمراء اليت خيرجها اجلمل من جوفه ينفخ فيها فتظهر من شدقه وال تكون إال

كذا اهلروي ، وفيه نظر ، شبه الفصيح املنطيق بالفحل قال : للجمل العريب ، قال

اهلادر ولسانه بشقشقة ونسبها إىل الشيطان ملا يدخل فيه من الكذب والباطل وكونه

ال يبايل مبا قال ، وأخرجه اهلروي عن علي ، وهو كتاب أيب عبيدة وغريه عن عمر

.211عبد القاهر اجلرجاين ، دالئل اإلعجاز، ص -1 .75السكاكي، مفتاح العلوم ، ص -2

Page 321: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

298

: يف خطبة له ليه رضي اهللا تعاىل عنهم أمجعني ، ويف حديث علي رضوان اهللا ع

) تردت مث ه1...)قر.

إذا حنن تأملنا ما أورده ابن منظور يف لسان العرب مقاربة لداللة الشقشقة

وقفنا على الغايات اإلبداعية اليت من أجلها صرح علي بن أيب طالب باهلوية اإلبداعية

مضمون متالئمة مع لنص اخلطبة الشقشقية، فاخلطبة جبمالياا السردية التشعريية

أمل تر أم يف كل واد يهيمون ، ":التوجيه اجلمايل الفين الذي بينته اآلية القرآنية

، فالتحقيق املوضوعي يف الرتوع الفين اجلمايل يسلمنا 2"وأم يقولون ما ال يفعلون

رة تبين طبيعة تفهمية كفيلة بأن تضع اخلطاب النثري الفين اجلمايل يف خطبة إىل ضرو

الشقشقية يف سياقاته اإلبداعية احملضة ، فالرتوع البالغي غالب على كل املنازع

اخلطابية يف مقام هذه اخلطبة ، وأن عليا بن أيب طالب كان جيد يف التلفيظ والسرد

ل على والتوصيف خالل املناجزة الغايات اإلبداعية اليت يتوخاها كل بليغ عريب يعو

و وته جتمع روعة هذه الصفات يف اللفظ إىل روعة املعىن و ق( إنتاج مجالية فنية بعينها

.ابن منظور ، لسان العرب ، حرف الشني ، مادة شقق -1 .226، 225، 224سورة الشعراء ،اآليات -2

Page 322: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

299

، فاملقصدية املوضوعية يف خطبة الشقشقية ختتفي وتذوب حتت تأثري الرتوع 1)جالله

إن خطبة الشقشقية استطاعت أن تستحوذ على : الفين اجلمايل ، حبيث ميكننا القول

لعلي بن أيب طالب ، وقد اشتملت الغايات اإلبداعية اليت اختصت ا الذات اإلبداعية

فعال على فوائد فنية مجالية مجة أقلها أن يتالءم فيها األسلوب والغريب والتصوير

مىت دل (، واإليقاع مع ذات النسق اإلبداعي املتوخي يف إنتاج اجلمالية الشعرية وفنياا

.2 )و إن كان صامتا الشيء على معىن فقد أخرب عنه

لقارئة أو املتلقية بكل فعالياا اإلنتاجية ملكمالت اخلطاب األديب حتضر الذات ا

الفين يف الشقشقية وفق سياق تفهمي نرى أن عبد القاهر اجلرجاين أصاب مغزاها

اليت قصد ا الكيفيات التفهمية أو الرؤية املتعمقة 3عميقا مبقولة أو منهج السفارة

الذي تتوخاه الذات القارئة جلمالية اخلطاب مكونات اخلطاب ، وإن ملنهج التوازن

النثري ، هي اليت نراها كفيلة بشد خمتلف التوازنات بني خمتلف املقروئيات اليت حيتفل

ا ج البالغة حيث يتنازع فيه الديين واحلكمي واألديب والفين واجلمايل وكلها تنحو

. 214، ص 3ت العدالة اإلنسانية، الد ،اإلمام علي صوسقراط جورج جرداق، علي و - 1 .81ص ، 1 ، جاحظ، البيان و التبينياجل -2 .207اإلعجاز ، ص عبد القاهر اجلرجاين، دالئل -3

Page 323: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

300

ية يف توصيف آيات جهة خدمة هدف إنساين واحد موحد هو إظهار املهارة اللسان

.ار املخلوقات وأجلها خلق اإلنسانخلق اهللا ، والتفكر يف أسر

يتميز السياق اإلبداعي يف فن اخلطبة العلوية بربوز النشاط اللساين وطغيانه يف

املكون األديب على ما سواه من األسهم اليت يعول عليها يف إنتاج الشعرية أو النثرية

ية السية بكل مسوغاا اخلطابية النموذج األديب يف ج الفنية، فقد أمدت األدب

البالغة بقوة تعبريية كبرية غالبة ، ظلت تشكل اهلاجس احملوري يف كل الرتوعات

وقد ،1 )بيان اتصل بأسباب البيان العريب ما كان منه و ما يكون(يف النهج التعبريية

يكون تصريح علي بن أيب طالب للمتسائل عن احلماسة اللغوية اليت ملسها يف اخلطبة

الشقشقية بأا عبارة عن هاجس تلفيظي هدر مث قر أفضل توصيف إبداعي حميط مبقام

احلال ومقام اللسان ، والذي يعمق التأمل يف االنطباعات التوصيفية الالحقة جبمالية

غة علي بن أيب طالب يستطيع أن يقف على تلك االحتفالية التنثري الفين يف بال

، فقد كان شبيها بني عنها من حني آلخرالواضحة اليت ما فتئ علي بن أيب طالب ي

باملعتز برفعة خماطباته ، وبلوغها املستويات اإلنشائية الرفيعة ، لذلك فإن وقوع بعض

. 215، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1

Page 324: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

301

دأ خطايب ثابت يسوقنا إىل املخاطبات العلوية متسمة متشاكلة غري مستقرة على مب

القول بغلبة السياق التلفيظي احلر يف كل نزوع تعبريي يف كالمه سواء أكان مرجتال

و من أجل احلاجة إىل حسن البيان، إعطاء احلروف (، مرسال أم مكتوبا متحفظا

وحنسب أن لذلك كان الشريف الرضي جمربا على وضع ،1 )الفصاحة حقوقها من

النقدية التوجيهية اليت تسبق كل خطاب نثري هي مبثابة التقدمي بعض التوصيفات

ومن ( :التوجيهي للقراءة فكان يف بعض املواقف اخلطابية خيصص حيزا يقول فيه

.2)كالمه له عليه السالم جيري جمرى اخلطبة

تتماهى مجالية اخلطاب األديب النثري يف فنياا مع مجلة من اإلحاالت البالغية

اليت تشكل املرجعية التوثيقية احلامسة يف تاريخ األدبية العربية ، فقد ظلت العبارات

البالغية الرئيسة يف الدرس البالغي العريب تشكل هوية قرائية بالغة األمهية يف مجالية

ج البالغة ، لذلك فإن القراءة اجلمالية لنثر علي بن أيب طالب تتطلب التنثري الفين يف

إملاما فعليا مبختلف املؤثرات املعرفية التراثية ، وللوقوف على مصداق ذلك نكتفي

.15،ص 1 ، جلبيان و التبينياحظ، ااجل -1 .114الشريف الرضي، ج البالغة ، ص -2

Page 325: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

302

اضطررناهم إىل عرعرة اجلبل ، وهي العبارة احملورية اليت : باإلشارة إىل توقيع عبارة

لبالغي ومعجم الغريب والفصاحة ، فقد قال ظلت تشكل عالمة مرجعية يف الدرس ا

قومنا قتل نبينا ، واجتياح فأراد : (...علي بن أيب طالب يف كتاب له إىل معاوية

اخلوف ، ، ومهوا بنا اهلموم ، وفعلوا بنا األفاعيل ، ومنعونا العذاب ، وأجلسونا أصلنا

حتفظ الغريب ، وقد زاد بالغ حرصهم على 1...)وعر واضطرونا إىل جبل

املستحسن من التعبري أم شكلوا ما يشبه سجالت للكالم الفين حييلون يف كل مناسبة

على مفترعه ، والعبارة التوقيعية النثرية الفنية اليت احتفلت بتقييم مجايل خاص واليت

ين أوردناها برهانا للنسقية التداولية اليت متيز ا خطاب علي بن أيب طالب النثري الف

كتب يزيد بن املهلب : (هي اليت ستظهر الحقا يف طبقات شعراء ابن سالم حني قال

وملا كان 2 ...)إنا لقينا العدو ففعلنا ، واضطررناهم إىل عرعرة اجلبل : إىل احلجاج

الئقا مبثل هذه املقامات البالغية املرموقة أن ينتبه خلصوصياا التوقيعية احملببة إىل

اج وقد كان سالكا يف مضامري هذه ن من الطبيعي أن يستنكر احلجاألذواق فقد كا

.428، ص السابقاملصدر -1 .6، ص ابن سالم اجلمحي ، طبقات الشعراء -2

Page 326: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

303

ما البن املهلب : املناجزات صدور هذه التوقيعة عن من نسبت إليه يف سياقة اخلرب قائال

إن ابن يعمر هناك فعلم كيف تأدى ذلك النسج وحتقق : وهلذا الكالم ؟ إىل أن قيل له

إىل مقالة يزيد بن املهلب وقد كان العصر ذلك البيان ، وتوافر ذلك الفن يف اخلطاب

حيتضن رجاالت البيان العريب املرجعي ، يقودهم حسهم إىل افتراع العبارات التوقيعية

ت مبثابة الشهادات البيانية احلامسة يف تاريخ البيان العريبداليت ع.

ط ونعتقد أن الشقشقية ما كانت لتبلغ أوج فن البيان النثري وتستويل على شرو

التنميق اجلمايل لوال أا اشتملت على مجلة حوافز إنشائية هي مبثابة احملرض على

إصابة الغايات اإلبداعية القصوى ، شكل فيها هاجس الشكوى النربة التوقيعية العالية

فقد تضمنت الشقشقية موضوع الشكوى من أمر اخلالفة مرتاحة إىل سياقات تفاعلية

خرى تكملها يف سياق اخلطاب ، وحنن نعرف أن مع أغراض نفسية وموضوعية أ

احملرض النفسي ظل يشكل حمور تفعيل األساليب يف النثر الفين يف ج البالغة ، حيث

ظل هذا السياق التفاعلي بني جانيب املوضوع والصياغة اللغوية اجلمالية يشكل بؤرة

قد كنت و ما :"النهج ، يقول علي رضي اهللا عنه يفالتفكري اجلمايل يف األدبية العربية

Page 327: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

304

، ونظرا لقوة املؤثرات اإلنشائية املستمدة من 1"أهدد باحلرب، و ال أرهب بالضرب

حرارة القصد إىل جتويد مقومات اإلنشاء الفين للغة فقد أخطأ الكثري من الدارسني من

ر النثري الفين يف اكتشاف قواعحيث اعتقدوا أن املثود ر الشعري أقوى من املثو

وذلك حني تصوروا أن البديع إمنا (... البديع واحلظ على افتراع قيمة الفنية اجلمالية

، واحلقيقة أن كل 2...)يأيت رد حتسني الكالم ، وتزيينه بعد مطابقته ملقتضى احلال

هاجس مجايل يكون كفيال بتحريك احلس إىل إصابة الغايات اإلنشائية اجلمالية سواء

. شعرية أم بالنثريةأتعلق األمر بال

: سياق بالغة ذم األصحاب

يتسم سياق بالغة ذم األصحاب بطبيعة لغوية تفاعلية ، تنشط فيها املؤثرات

احلسية واالنفعالية وذلك استجابة ملا يتطلبه هجاء الصحب أو ذمهم من طبيعة خاصة

املناقشات ، فذم يف توجيه اخلطاب والتحكم يف تصريف فصوله ، وإحكام خمتلف

! املوت أو الذل لكم:"، يقول علي رضي اهللا عنهالصحب هو مبثابة ذم الذات أو نقدها

. 369، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1 .129، ص 2009مكتبة األدب 1:أمحد سعيد حممد ، نظرية البالغة العربية ، دراسة يف األصول املعرفية ، ط -2

Page 328: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

305

ليفرقن بيين و بينكم، و أنا لصحبتكم قال، و –و ليأتيني –فواهللا إلن جاء يومي

ية خمتلف املؤثرات اللغو، فالرؤية الداخلية هلا أثارها يف القبض على 1"بكم غري كثري

، وهلا كيفياا البالغية املعدلة من سياقات األساليب اليت تالئم بني مرتعي البالغية

إيقاع الشدة اليت يقتضيها أسلوب الذم ، والتلطف الذي يقتضيه العطف واللني إزاء

مناجزة الذات ، ونرى يف هذا السلوك البالغي اإليقاعي يف ذات الوقت أنه جديرا بأن

لتزام طبيعة عاطفية وسطية هي اليت تنجع معها أساليب التخاجل حيمل املنشئ على ا

واملبالغات اليت يكون موقف التردد مضمارها ، وحيزها األجنع وهو السياق التفاعلي

يف بالغة اخلطاب الفين الذي قامت عليه أصول اللغة العربية ، وإن ضرورة التزام اللغة

، وهو املرجعية احلسية واالنفعالية 2فوسبإخراج الكالم مخرج ما قد استقر يف الن

الذي تغرف منه األساليب التعبريية يف القبض على خمتلف األحوال واملقامات، حيث

ينبغى للمنشئ أن يتحرى توظيف اآلليات واألدوات التأثريية الفاعلة يف تنهيج مقروئية

ملوافقة لتحريك النفوس اخلطاب األديب الفين مبعىن توظيف الفاعلية اإليقاعية والبالغية ا

. 414، ص 3شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد ابن أيب احلديد، - 1 .19،ص 1:ابن جين ، اخلصائص ، ج -2

Page 329: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

306

إىل تبين املقاصد الداللية من تشجية وحتزين ومتلك القلوب ، بوسائط أسلوبية تكون

، وحنسب أن البالغيني ي لتلك القيم احلسية واالنفعاليةمبثابة املعادل الفين أو البالغ

ي العرب قد أصابوا حمز الفكرة حني أشاروا إىل ضرورة توظيف آليات التشكيل البنائ

يف لغة اخلطاب فيعمدوا إىل التنويع يف إيقاع النربات ، وتوظيف التكرار والتدوير

والتضمني ، واالجتهاد يف إعمال املؤثرات الصوتية والزمنية للغة اخلطاب األديب الفين ،

، حيث حيتاج اخلطاب 1وشحن صفحات السمع بتوظيف دالالت احلنني واالستعطاف

ة أو التوصيفية هي اليت تفضي يف اية املطاف إىل إمداد إىل مجلة من اآلليات السردي

الذات املنشئة للخطاب جبماليات التصرف يف العبارة اللغوية ، دلت على هذا املوقف

التناصفي أو البيين أو الشكي أو الظني عبارات علي بن أيب طالب يف ذمه أصحابه

أصحابه قولته يف خطبة له عليه السالم يف ذم:

وعلى ابتالئي بكم أيها الفرقة اليت إذا أمرت مل تطع ، وإذا دعوت مل جتب، وإذا (...

أمهلتم خضتم ، وإن حوربتم خرتم ، وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم ، وإن جئتم

.29،ص 1:، ج السابقدر املص -1

Page 330: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

307

، متكصن ، بن أيب طالب وعي علي فالتنازع العاطفي املتردد يف 1 ...)إىل مشاقة

د لبنية تعبريية حاملة لذات الشحنة العاطفية ، وهذا ملتقى التوايف مول هحيال أصحاب

بني احلس والعاطفة والوعي وبني املرتع البالغي يتفقان يف السياق ، ويستهمان يف

الوظيفة ، وينسجمان يف الغاية ، ولعل أوثق مؤدى إىل حتصيل مثل هذه األساليب

االنفعالية داعية إىل إعمال الذات املنشئة يف طبيعة االستنجاز الكفيل باحتمال النفسية

د املتشاكل املضطرب حيث ال سبيل للقبض على تداخالته بغري التنازع العاطفي املعق

توظيف البالغة واإليقاع وتقصد املرامي الفنية اجلمالية املستوعبة هلذه الشحنة العاطفية

ت ، ورمبا كان اهتداء احلس املنشئ إىل توظيف إيقاع بنية التضاد الداللية يف ذات الوق

أو البنية اخلالفية املرتأى األنجع ، والسياق املالئم لتمثيل تلك الداللة القصية املرامي ،

فبعد املقدمة املوضحة واملمهدة لالخنراط يف اإلشكالية الداللية النقيضية واليت أوردها

احلمد هللا على ما قضى ، : ( فتتاحية خطبته يف ذم األصحابعلي بن أيب طالب يف ا

.2...)من أمر وقدر من فعل ، وعلى ابتالئي بكم أيها الفرقة

.45الشريف الرضي ،ج البالغة ،ص -1 .317املصدر السابق، ص -2

Page 331: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

308

عاملة كلها تتأطر بنية بالغة خطاب الذم حبشد مجلة من املمهدات الداللية

ر ، وإظهار الذات الشاكية مبظهية، وتركيز الرؤية االنتقادعلى تقوية املبالغات

ية االصطبار على احملن والشدائد وهي كما نالحظ كلها عوامل بالغية وموضوع

، فالتوازن اللغوي مقتض توازيا دالليا و هو الذي مساعدة على تعميق حس الفاجعة

نراه يف ذات الوقت عبارة عن توازن نفسي ، حيث تعمل املمهدات التقريرية املسوقة

ترجيح كفة التشكي ، ومن مثة فإن وظيفة التقدمي يف افتتاحية اخلطبة على الزيادة يف

اإلقراري يف افتتاح خطاب الذم عامل يف غري حمله ، أي أنه متضمن بغري لفظ صريح

يف دالالت العبارات السردية الواقعة لواحق على ذلك التقدمي ، فإذا كان تأثري الذم

الرتداد إىل إيقاع متخذا مستوى ما يف حدود عبارته املخصوص ا لفظا فإنه با

املبالغات األولية يزداد تأثريا بفضل إيقاع املباينة الذي وظفه علي بن أيب طالب يف

قد دارستكم الكتاب، :"يقول علي رضي اهللا عنه ،تلك اإلشارات الذمية إىل أصحابه

و سوقتكم ما جمجتم، لو كان و فاحتتكم احلجاج، و عرفتكم ما أنكرمت،

وقد كان جديرا بسياق إعمال األساليب البالغية ،1"ظ، أو النائم يستيقظاألعمى يلح

. 415، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 1

Page 332: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

309

أو النقض سبيال لتحريك النفوس أو التضاد لية أن يتحسس بنية اخلالف الفنية اجلما

وييج اخلواطر حيث تتجسد نثريا يف البنية التوزينية املؤطرة بداللة الضدية وفق

:السياقات التالية

إذا فعلت مل تفعل حيث التساند إىل : التعبريي األول الذي بنيته التوزينية السياق

:ضمري هي

عطمل ت رتإذا أم / جبمل ت تإذا دعو.

: السياق التعبريي الذي بنيته التوزينية حيث التساند إىل ضمري أنتم الذي بنيته التعبريية

متإن أفعلتم فع:

. إن حوربتم خرتم/ أمهلتم خضتم إن

نالحظ أن بنية التوازن البنائي متجهة إىل التوازن الضمين مث التوازن النسقي الكلي

: فعلتم ، اليت هي بنية توازنية ثنائية ضمنية / أو السياقي املتوايل ، فالبنية الثنائية فعلتم

تقل من االنتظام األفقي إىل االنتظام العمودي ، ب، هو ذاته املطلب التوازين الذي ين/أ

فالتكرار يف البنية الثنائية هذه متسق أفقيا وعموديا حيث يتكرر النموذج يف شكل

انتظام ثنائي ال ثالث له مثلما كان توزيع البنية أفقيا ثنائيا ال ثالث له ، وهذا الذي

Page 333: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

310

موا لبالغيني العرب حينما يكلنراه مطلبا نفسيا وانفعاليا وشعوريا استأثر باهتمام ا

نفسها اليت تتطلبها مطلب توزين العبارة النثرية الفنية لغايات مجالية مشاكلة للغايات

.التعبري الشعري بنية

مكننا النظر إىل التنويع البنائي يف إيقاع العبارة النثرية الفنية يف خطب ج

العرب جلمالية االنتظام البنائي املتذوق البالغة على أا واقعة يف صميم رؤية البالغيني

حوال واحلروف طبيعة مجالية يف العبارة اللغوية الفنية اجلمالية ، ففي اختالف األ

.خاصة

تبدو لنا طبيعة اللغة النثرية مشتتة ال ناظم هلا يف حني ترتع مكونات اخلطاب

اللسانية السماعية إىل حتقيق غايات توازن لغوي يتجسد يف شكل مواقف تعبريية

أو مقامات أو أحوال ، والغاية من تلك التنويعات التعبريية الغالب عليها إيقاع

بنيات الشعرية باملفهوم البالغي العام داخل البنية النثرية االنسجام أا جديرة بتشكيل ال

بشكل عام كذلك ، فاملراوحة بني القيم واألوضاع طبيعة وزنية أو إيقاعية ذات

غايات فنية مجالية ذات وظيفة مجالية بالغة األمهية من حيث ترتد هذه الطبيعة اإليقاعية

Page 334: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

311

بري الفين واجلمايل يتواقع خالهلا الشعر إىل طبيعة تالقحية حامسة بني خمتلف أوجه التع

.بكل وضوح مع النثر الفين

يستطيع الذي يعمل تعميق القراءة اجلمالية ملكونات اخلطاب النثري الفين يف

ج البالغة أن يقف على منطي التواقع اجلمايل بني النثر الفين والشعر ، وأول تلك

إصابة كيفيات االنسجام واالتزان من خالل املظاهر هو جنوح العبارة النثرية الفنية إىل

توظيف اللسان السارد للتسجيع واالزدواج ، واالرتكاز على مقامات التعديل

واالستواء اليت من شأا مجيعا أن تنقل امللفوظ النثري الفين إىل التشاكل مع بنية اللغة

من حيث حييلها إىل الشعرية ، ألن احلس ينشط يف مطالعة األبنية اللغوية املتوازنة ،

.مقروئية شعرية من شدة ما يصادف فيها من اللذتني اللذة اللسانية واللذة السماعية

:منوذجاأالطاووس واخلفاش :إغراب النثر الفين وتعجيبيته يف ج البالغةمجاليتا

ال ميكن للجانب اللغوي أن يضطلع وحده يف الوظيفة األدبية اإلمتاعية بإنتاج

الفنية واجلمالية يف مكونات اخلطاب ، وإمنا ميكن للداللة أو املعاين أن تضطلع اآلثار

بذلك الدور ، وتنسجم مع تلك الغاية واملطلب ، واحلقيقة أن إتقان الوظيفة اللفظية

مرتبط بإتقان الوظيفة الداللية ، فمثلما ينحو النظم إىل إحداث االستجداد

Page 335: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

312

يث تسعى الذات املنشئة إىل توظيف خمتلف واالستطراف يف التركيب اللغوي من ح

التحايالت على األنساق السردية فتلجأ إىل توظيف التبديالت النظمية املتمثلة يف

التقدمي والتأخري واحلذف واالعتراض وما شاكلها من الكيفيات املوقعة لألساليب ،

عرب عنها عبد القاهر ذة ، وقد تلذفإن سياقة املعاين كذلك تتخذ هلا األبعاد اإليقاعية امل

ذاك إلفادته إياك على جميئه جميء ما ال : ( ...اجلرجاين يف كتاب األسرار حني قال

يعول يف اإلفادة عليه ، وال طائل للسامع لديه ، فيكون مثله مثل احلسنة تأتيك من

، حيث يكون جديرا ذا النمط 1 ...)حيث مل ترقبها ، والنافعة أتتك ومل حتتسبها

الداليل غري الوارد واخلاضع لفجائية االنطباع واالرجتال أن ميتلك فاعلية هز النفس ،

وييج اخلواطر ، وكذا فإن سياق املفاجأة يف التوقيع الداليل يكون كفيال جبعل

القارئ أكثر اخنراطا يف مضامني اخلطاب حىت تغدو الذات القارئة مبثابة املساهم يف

اء على قيمة االستثارة اليت خيتزا إيقاع دالالت اخلطاب إنتاج مجالية اخلطاب بن

.الفجائية الطارئة

:مفهوم بالغة التعجيب

.14عبد القاهر اجلرجاين، أسرار البالغة يف علم البيان ، ص -1

Page 336: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

313

متيز أساليبها إن الذي جيعل من بالغة التعجيب مشروعا أدبيا مجاليا هو

، فقد جاء يف جمايل أيب السردية أو التصويرية مبا يغوي ويؤنس ويدفع إىل تنبيه احلس

اإلمتاع واملؤانسة مطلب احلكاية عن احليوان باعتباره تلوينا أدبيا حيان التوحيدي يف

ة موقعة للدالالت األدبية ، يب، وغر حائزا على قوى تعجيبية خارقةوسياقا بالغيا

ذي متيز فين كائية أم توصيفية فإا كفيلة ببث إيقاع بالغي حومهما كانت سرديتها

.مجايل

وارد من جهة وتفريعاا اإلغرابية األدبية السية جبمالية العجائبية رلعل ازدها

كثري كوا جمانسة لكثري من السلوكات اإلنسانية حبيث يشترك اإلنسان واحليوان يف

ا وسلوكها مؤد إىل بطرائق معيشته ألن اإلملام من أسرار احلياة اليت تستحب معرفتها

مها األخالق واالعتبار ، ، ويف ذلك فائدتان 1شايف حتصيل التبصر الكايف والتذكر ال

متاعإلوال يعدم متعاطي توصيف غرائب احليوان من أن يستفيد كثريا من قيم ا

أغرب ، وكلما كان ألن الشيء من غري معدنه (... احلكائي والداللة باالعتبار ،

أغرب كان أبعد يف الوهم ، وكلما كان أبعد يف الوهم كان أطرف ، وكلما كان

.157 ،ص 1:أبو حيان التوحيدي ، اإلمتاع واملؤانسة ، ج -1

Page 337: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

314

والناس موكولون بتعظيم ... أعجب ، وكلما كان أعجب كان أبدع أطرف كان

.1...)الغريب واستطراف البعيد

وملا كانت بالغة التعجيب واإلغراب مركزة يف أصل خلقة اإلنسان الفطرية

إىل املعرفة واالطالع واقع يف صميم احلاجة ن ميل احلس إىل تعاطيها فقد كا

لذلك رأى أبو سليمان يف تنويع األدبية السية بتعاطي احلكاية عن واالكتشاف

(... فقد وظيفة مجالية فنية مكملة لغريها من املسرودات األدبية أسرار طبائع احليوان

وتكون صورة احلس يف الروية ألوح ، ضح ، جيوز أن تكون صورة العقل يف البديهة أو

.2...)إال أن ذلك من غرائب آثار النفس ، ونوادر أفعال الطبيعة

السرد احلكائي والتوصيفي حلياة احليوان انزياحا أدبيا يعمل على بث ميثل

الذي تتحدد التنويع املوضوعايت بالغيت التعجيب واإلغراب يف أدبية ج البالغة ، ف

تفنن علي بن أيب طالب يف بث التعجيبات التوصيفية خللقيت مظاهره من خالل

يكمل اجلوانب األدبية األخرى اليت غالبا ما ختتص بالداللتني الطاووس واخلفاش

.65 ،ص 1:اجلاحظ البيان والتبيني ، ج -1 .132،ص 2:أبو حيان التوحيدي ، اإلمتاع واملؤانسة ، ج -2

Page 338: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

315

توقيع املقالة لية واللتني ظلتا تتوسالن اخلطاب احلجاجي سبيال قاألخال الدينية و

هذه :"... عنه يف خطبة يذكر فيها خلقة اخلفاش، يقول علي رضي اهللاألدبية

اخلفافيش اليت يقبضها الضياء الباسط لكل شيء، و يبسطها الظالم القابض لكل

.1"حي

سنوازن خالل تناول أدبية التعجيب أو اإلغراب يف ج البالغة بني خطابني

أو إجنازين فنيني مجاليني مها لكل من علي بن أيب طالب يف التوصيف العجائيب

و نضد :"...، يقول علي رضي اهللا عنه يف النهج 2خلقة الطاووسعجيب اإلغرايب ل

مث أبو حيان ، 3"ألوانه يف أحن تنضيد، جبناح أشرج قصبه، و ذنب أطال مسحبه

سردية اإلغرابية عنه ، واألولية اإلبداعية التوحيدي يف توصيف ذات الطري واحلكاية ال

ولفرط (... ، يف املضمار هي لعلي بن أيب طالب باعتبار الترتيب التارخيي للمسامهتني

. 196، ص 3،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، الد سقراط جورج جرداق، علي و - 1 . 292 الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -2

. 323، ص 3ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي الشرعي، الد - 3

Page 339: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

316

، وخلط باحملال ، ووصل مبا يعجب ويضحك احلاجة إىل احلديث ما وضع فيه الباطل

(...1.

الذات اجلليلة على تبتدئ اخلطبة املسبحة بعجيب آيات خلق اهللا باإلحالة

، فأقام من ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات ، وساكن وذي حركات (

معترفة به على لطيف صنعته ، وعظيم قدرته ما انقادت له العقول شواهد البينات

(...2 .

وفق املسوغات رحابة احليز وانفراجه ملالءمة متطلبات تتنوع دواعي االعتبار

.خمارق اجلو املنفسح ، الفضاء املنفرج :االستيعاب

ونسقها على اختالفها (... :نص التعجيب اإلغرايب يف خلقة الطاووس يف ج البالغة

لون ال يشوبه غري يف األصابيغ ، بلطيف قدرته ودقيق صنعته ، فمنها مغموس يف قالب

قد طوق خبالف ما صبغ به ومن لون ما غمس فيه ، ومنها مغموس يف لون صبغ

إذا فالطاووس هو املتخري يف نظر علي بن أيب طالب من 3 ...)أعجبها خلقا الطاووس

.24،ص 1:متاع واملؤانسة ، جأبو حيان التوحيدي ، اإل -1 .292 الشريف الرضي ، ج البالغة ، ص -2 .293 ، ص السابق املصدر -3

Page 340: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

317

، وبعد أن أغرق يف توصيف التفاعالت اللونية ودرجات بني أعاجيب خلق الطري

رسوخها يف امللون انتهى يف اخلطبة الطاووسية إىل اصطفاء عجيب خلقة الطاووس من

ملنهجي الذي يداخل ، فكان ذلك التقدمي مبثابة التمهيد اني غرائب املخلوقات كلها ب

لبيئية لذلك قال علي بن أيب به منت اخلطاب، وعلي بن أيب طالب يفضل منهج املعاينة ا

.1...)أحيلك من ذلك على معاينة ، ال كمن حييل على ضعيف إسناده ... : (طالب

:واإلغرابعناصر بالغة التعجيب

يعمل سياقا اإلغراب والتعجيب على حتديد مواطن التوقيع البالغي املالئم

يلقح بدمعه ، (... : ومنها يف اخلطبة الطاووسية أن الطاووس لسياق اخلطاب

، وأن أنثاه تطعم ذلك ، مث تبيض ال من لقاح تسفحها مدامعه فتقف يف ضفيت جفونه

. 2...)فحل سوى الدمع املنبجس

جنى : فإن شبهته مبا أنبتت األرض قلت(.. :التحسينات التوصيفية خللقة الطاووس

أو مونق عصب ، وإن ضاهيته باملالبس فهو كموشي احللل جني من زهرة كل ربيع

.294 ، ص نفسهاملصدر -1 . 294 ص نفسه ،املصدر -2

Page 341: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

318

قد نطقت باللجني املكلل اليمن ، وإن شاكلته باحللي فهو كفصوص ذات ألوان

غية التوصيفية اليت تتحرر البالغ يف تفعيل القيم البالاألثر ، يبدو أن لتأثري املرئي 1...)

.ملتحقة باألدب اخليايلتقديري من نطاق

وإذا غادرنا ما صادفناه من بالغيت التعجيب واإلغراب يف ج البالغة لدى

لطائر الطاووس وعاينا ذلك االختصاص لدى أيب حيان توصيف علي بن أيب طالب

نامها يشكالن سياقا إبداعية متكامل الغايات يواملؤانسة ألفالتوحيدي يف كتاب اإلمتاع

الفنية اجلمالية ، تتحول لغة احلكي والتوصيف خالل االختصاص إىل أداة مطواعة

ل انفعال وتالئم كل رة تطال كحتتحرر من التحفظ األديب لتغرق يف سياقات تفاعلية

عيش مخسا وعشرين سنة ، ويف الطاووس ي: ( غاية إمتاعية ، قال أبو حيان التوحيدي

وبعده قليال ، وذلك ويلقي ريشه يف زمن اخلريف ... هذه املدة تنتهي ألوان ريشه

حني يلقي الشجر ورقه ، فإذا بدأ أول الشجر وظهرت فروعه ، ونبت ورقه بدأ ريشه

والذي ميعن الفكر يف مناحي دالالت اخلطاب التوصيفي خللقة الطاووس يف 2)ينبت

.295 ، ص املصدر السابق -1 .163 ص ، 1:أبو حيان التوحيدي ، اإلمتاع واملؤانسة ، ج -2

Page 342: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

لرابعالفصل ا

319

واملؤانسة يستطيع أن يستخلص مدى اعتماد أيب حيان التوحيدي سبيل اإلمتاع

التوصيف اخللقي املتصل حبقيقة الطبيعة فاملغربات اليت الءم خالهلا بني حياة الشجر

اخلصوبة واإلجداب هي العامل التعجييب على ،وبني حياة الطاووس ، الريش والورق

خلق الطاووس ، تراب البيئي الذي يشكل الرغم من كوا معطيات حقيقية إال أن االغ

قربه من األسطورة هي العامل الذي يتوسله أبو حيان توغربات أطوار حياته اليت

.التوحيدي يف إنشاء بالغة التعجيب

ميضي سياق التعجيب على الطريقة اليت وقفنا عليها يف توصيف خلقة

املغربات سبيال إىل حيث يتم التركيز على بث الطاووس فيكون ذكر خلقة اخلفاش

توليد القيم البالغية ، وبناء على ذلك التوجه يتخذ السياق السردي منطا أدبيا يستطيع

خبصوصيته الفنية اجلمالية أن يقترح طريقة كتابة ما أحوج األجيال األدبية العربية إىل

.استرفادها من جديد

Page 343: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬
Page 344: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

318

:اخلامتة

اجتمع لدينا بعد الوصول إىل تقييم جمريات حبث اجلمالية يف نثر علي بن أيب

، وأن الثراء األديب بحثطالب الفين يف ج البالغة أن هذه األدبية جديرة بالدرس وال

كان كفيال باإلحالة ،والبالغي يف نصوص هذه املدونة الشاملة لعدة نشاطات تعبريية

على جتربة أدبية من مدرسة صحابة الرسول صلى اهللا عليه وسلم ، وأن اخلطاب

العلوي يف ج البالغة استطاع أن يستوعب خصائص املدرسة األدبية القرآنية بكل

بالغية واالنطباعية والفكرية حىت قوي املرتع التعبريي خالهلا أن ينتقل من مستتبعاا ال

اهلدف الديين الوعظي واألخالقي ليداخل اجلانب اإلمتاعي ، وهو إذ انزاح كذلك إمنا

.ظل حمافظا على السياقني معا ، سياق الدين واألخالق ، وسياق اإلمتاع األديب

وعظي اخلطايب الصارم امللتزم بطبيعة خطابية وعلى الرغم من غلبة اهلاجس ال

صادمة مباشرة إال أن التشبع املعريف والفين اجلمايل الذي يصب مجيعه يف املنحى

، حنا فيها اخلطاب البالغي قد استطاع أن جيذب إليه مجيع الوظائف التعبريية األخرى

اعات إبداعية خاصة األديب جهة توظيف الفطن التوقيعية والبالغية اخلادمة لبناء قن

Page 345: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

319

بشخص علي بن أيب طالب وقد كان حبثنا اخلصائص اجلمالية للنثرية الفنية أن مينح

اخلطاب األديب الديين مثلما هو متجسد يف ج البالغة بعده اإلبداعي املالئم بني

اجلمال واجلالل ، ففي كل نربة يتالقى الوازع الوعظي ممتزجا بالوازع البالغي أو

.نيقة اللغة األ

لقد متحور اهتمامنا حول سعينا املنهجي إىل إبراز اخلصوصية األدبية خلطابات

نفضنا الغبار عن أننا علي بن أيب طالب فكانت مثة جمموعة من النصوص اليت حنسب

خطبة الطاووس ، وخلقة اخلفاش ، واخلطبة الشقشقية ، ولو كانت : هي ها هكن

افية شافية ، بفضل ما متتعت به من لوحدها موضوع البحث مجيعها لكانت ك

جيب على األجيال األدبية العربية واإلسالمية اخلصوصية األدبية ، والتميز اللغوي الذي

ج اإلبداعي اجلامع بني األخالق والفن وهو ذاتباعه بغية الوصول إىل حتقيق النمو

.نظريات تعلى كثري من اإلبداعات وال ستعصيااإلشكال الذي ظل م

وقت مندجمة متاما مع ظرية أدب عربية إسالمية ويف ذات النميكننا تصور

دب عاملي إنساين انطالقا من تفهم القيم اإلبداعية اليت تضمنها أنظرية متطلبات قيام

Page 346: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

320

خطاب النثر الفين يف ج البالغة ، فاحلرية اإلنشائية اليت طبعت العبارة اللغوية يف

ميكن اعتمادها سبيال إىل منوذجا سرديا أو توصيفيا النصوص املشار إليها املتخذة

مداخلة االعتبارات التشعريية واليت ما فتئنا خالل هذا البحث نعتمدها سياقا فنيا

حتيل على ضرورة إعادة النظر يف كثري من يشكل عالمة الفتة لالنتباه ، ومجاليا

ي أو لنقل حركة سالماملسلمات النظرية اليت قيدت حركية اإلبداع األديب العريب اإل

.اإلبداع اإلنساين

يتسم الطرح املوضوعي يف خطاب النثر الفين يف ج البالغة رافدا فنيا ومجاليا

االنعتاق من التنميط الشكلي الذي ظل مهيمنا على يستجيب لدواعي التحرر و

خالقي يف وم الكتابة الفنية اجلمالية يف األدبية العربية على العموم ، فالوازع األهمف

اخلطاب النثري الفين يف ج البالغة نرى إليه على أنه قدم مشروع تواصل إبداعي بني

السياق التراثي وبني املشاريع اإلبداعية اليت توقفت عن سياقها التواصلي الفعال الناجع

سس على منظور التأصيل عن طريق حتريك احلوافز مع ذلك املشروع التراثي الذي تأ

اإلبداعية يف الذات العربية اإلسالمية ، وميكننا إذا إعادة ربط الصلة بني التراث

Page 347: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

321

واملعاصرة عن طريق إعادة تفعيل التجارب السردية أو مجالية التنثري الفين مثلما هي

عن طريق وصلها مشخصة يف أساليب التعبري السردي يف نصوص ج البالغة وذلك

حياا بالزخم البيئي والتارخيي والنفسي الذي تزخر به األدبية العربية عرب كل مراحل

.قدميا وحديثا ومستقبال

حييل حبث مجالية النثر الفين يف مدونة ج البالغة على قابلية للتنهيج اإلبداعي

عرفية ، وما أحوج الثقافية واملمن شأنه أن يغدو برامج تعليمية على كل املستويات

املدرسة العربية إىل إعادة ختري العينات األدبية املشحونة باحلوافز اإلبداعية وبعثها فاعلة

جيد كل مقوماته ، من جديد يف مشاريع التأسيس مليالد خطاب أديب إبداعي جديد

.املعرفية والثقافية يف نصوص ج البالغة

Page 348: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

322

ةــــــدمـــقـم :

مفهـــــــــــوم :الفصل األول

اجلمــــــــــــال

.يف التراثمفهوم اجلمال - .علم اجلمال التجرييب - .علم اجلمال يفحملة تارخيية - .التصور اإلسالميمفهوم اجلمال يف - .اخلصائص اجلمالية للرتوع اإلبداعي اجلمايل - .اجلمال والنص األديب - .ة لإلمام علي رض اهللا عنهالسرية الذاتي - .اإلنساين و األخالقي يف ج البالغةان البعد - .موافقة الفطرة اإلنسانية لإلحساس باجلمال -

ج البالغة :الفصل الثاين أشكال التعبري األديب يف ماهية الرتوع اإلبداعي األديب -

مجالية النص النثري -

النثري مجالية التشكيل األديب -

األديب مجالية املضمون -

Page 349: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

323

مدخل إىل نظرية اجلمال اللغوي يف تفكري علي بن أيب طالب :الفصل الثالث رضي اهللا عنه

- عالقة املعرفة اجلمالية باالنفعال احلسي .

.علم اجلمال األديب -

.مفهوم اجلمالية اللغوية -

. املفاهيم اجلمالية يف الفلسفة العربية اإلسالمية -

ج البالغة اخلطبة يف :الفصل الرابع مبادئ إلبراز منهجية و مجالية سبيال

.النثر الفين

.خطبة االستسقاء أمنوذجا للنثر الفين -

- املميزات النظمية يف نثر علي بن طالب الفين.

.اإلحاالت الفنية اجلمالية يف اخلطبة الشقشقية -

.بنية اخلطبة باعتبارها شكل تعبرييا نثريا -

.سياق بالغة ذم األصحاب -

.يتا إغراب النثر الفين وتعجيبيته يف ج البالغةمجال -

اخلامتة

قائمة املصادر و املراجع

Page 350: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

324

فهرس املصادر و املراجع

.القرآن الكرمي .1 .م1982علي شلق ، : أبو العالء املعري ، رسالة الغفران حتقيق .2السيد أمحد صقر ، : أبو بكر حممد بن الطيب الباقالين، إعجاز القرآن ، حتقيق .3

.دار املعارف مبصر علي حممد: أبو هالل العسكري ، كتاب الصناعتني ، الكتابة والشعر ، حتقيق .4

البجاوي ، حممد أبو الفضل إبراهيم ، منشورات املكتبة العصرية ، صيدا ، .بريوت

، منشورات دار مكتبة احلياة ، 2:أبو حيان التوحيدي، اإلمتاع واملؤانسة ، ج .5 .بريوت لبنان

،، دار الكتاب العريب 3: ، ط1أبو نعيم األصبهاين، حلية األولياء ، ج .6 .م1980بريوت، لبنان،

املكتبة العلمية ،3 تيبة أبو عبد اهللا حممد بن مسلم ، إعجاز القرآن ، طأبو ق .7 .م1981

ابن أيب احلديد، شرح ج البالغة ، مراجعة و حتقيق الشيح حسن متيم القاضي .8 .م1979، الشرعي، منشورات دار مكتبة احلياة بريوت لبنان

،بية بريوت لبنان، دار الكتاب العر3، ط1ابن األثري، الكامل يف التاريخ، ج .9 . م1980

Page 351: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

325

، 3 حممد علي النجار ، ط: ، حتقيق 1: ين ، اخلصائص ، ججابن .10 .م1983عامل الكتب ،

، دار الفكر بريوت،ل و امللوكابن جرير الطربي، تاريخ الرس .11 .م3،1987ج

حفي حممد شرف : إبن وهب ، الربهان يف علوم القرآن ، حتقيق .12 .م1969 ،ةمكتبة الشباب القاهر

ابن حجة احلموي ، خزانة األدب وغاية األرب ، الد األول ، الطبعة .13 .م2004 ،األخرية ، دار ومكتبة اهلالل ، دار البحار

حممد زغلول سالم ، منشأة : ابن طباطبا العلوي ، عيار الشعر ، حتقيق .14 .املعارف باالسكندرية

.م 2002بن كثري ، تفسري ابن كثري ، دار طيبة ، ا .15 ،، دار الكتب العلمية، بريوت1:، ط7:ابن كثري، البداية و النهاية ، ج .16

.م2005، 6ابن منظور ، لسان العرب ، حرف الشني ، دار صادر، بريوت ج .17

.هـ1414، 3طفن الشعر، : ابن سينا ، كتاب الشفاء ، من كتاب أرسطو طاليس .18

.الرمحن بدوي ، دار الثقافة بريوت لبنانعبد . د: ترمجةابن سالم اجلمحي ، طبقات فحول الشعراء ، إعداد اللجنة اجلامعية .19

.لنشر التراث العريب ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر بريوت لبنان

Page 352: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

326

ابن سعد، الطبقات الكربى،طبع مصورا عن كتاب طبع يف مدينة لندن .20 .هـ، منشورات النصر، طهران1322

حاب، مطبوع على هامش ابن عبد الرب، االستيعاب يف معرفة األص .21 .3هـ، ج 1328 1، اإلصابة يف متييز الصحابة البن حجر العسقالين، ط

السيد إبراهيم حممد : ابن عصفور اإلشبيلي ، ضرائر الشعر ، حتقيق .22 .م1980دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع 1:ط

.م1981املكتبة العلمية ، 3:ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن ط .23 ،1:حماسن الشعر ونقده وآدابه ، ج يق القريواين ، العمدة يفابن رش .24

دار اجليل للنشر و التوزيع 5:حممد حمي الدين عبد احلميد ، ط: حتقيق .م1981والطباعة بريوت لبنان

ابتسام أمحد محدان ، األسس اجلمالية لإليقاع البالغي يف العصر .25 .م1997دار القلم العريب ، 1:العباسي ، ط

، الدار اإلفريقية 2:دون ، تاريخ العالمة ابن خلدون الد ابن خل .26 .العربية بريوت لبنان ، دار الكتاب اللبناين ، بريوت لبنان

.، دار املعرفة، بريوت1ابن اجلوزي، صفة الصفوة ج .27 2:إغناطيوس كراقتشوفسكي ، ط: ابن املعتز ، كتاب البديع ، حتقيق .28

.دار املسرية، اإلنصاف ، يف التنبيه على املعاين واألسباب ابن السيد البطليوسي .29

حممد رضوان الداية ، : اليت أوجبت االختالف بني املسلمني يف آرائهم ، حتقيق .م1983دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر بدمشق 2:ط

Page 353: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

327

أمحد سعيد حممد ، نظرية البالغة العربية ، دراسة يف األصول املعرفية ، .30 .م 2009مكتبة األدب 1:ط

، دار ابن اجلوزي، اململكة 2: أمحد بن حنبل، فضائل الصحابة، ط .31 .م1999العربية السعودية،

، مكتبة 2عبد الرمحن ياغي، ط .ألن تيت، دراسات يف النقد، ترمجة د .32 .م1980املعارف بريوت

إلفت كمال الرويب ، نظرية الشعر عند الفالسفة املسلمني من .33 .م2007التنوير للطباعة والنشر والتوزيع بريوت الكندي إىل ابن رشد ، دار

مقدمة يف علم اجلمال، دار الثقافة للنشر و التوزيع : أمرية حلمي مطر .34 .القاهرة

فلسفة اجلمال، دار الثقافة للنشر و التوزيع، القاهرة : أمرية حلمي مطر .35 .م1984

ط. د الرمحن بروي، دار الثقافةترمجة عب. أرسطو طاليس، فن الشعر .36 .م1973، بريوت 2

1:ميشال عاصي ، ط: إتيان سوريو ، اجلمالية عرب العصور ترمجة .37 .م1974منشورات عويدات بريوت لبنان

شوبنهاور ، -هيجل - ، نظرية اجلمالية،كانت، مقدمة املغرب نوكس.إ .38 .م1985، بريوت ،1ترمجة حممد شفيق شيا، منشورات حبسون الثقافية، ط

Page 354: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

328

بن بشر بن حيىي ، املوازنة بني أيب متام اآلمدي أبو القاسم احلسن .39حممد : حبيب بن أوس الطائي والبحتري أيب عبادة الوليد بن عبيد ، حتقيق

.حمي الدين عبد احلميد ، دار املسرية، دار الكتب العلمية ، بريوت 1: األعشى ، ديوان األعشى ، ط .40

.لبناندار ومكتبة ، 3:، ط 3:اجلاحظ ، احليوان ، حتقيق حيىي الشامي ج .41

.م1990اهلالل عبد السالم حممد هارون ، : ، حتقيق 1:اجلاحظ ، البيان والتبيني ، ج .42

.مؤسسة اخلاجني بالقاهرةاإلصابة يف متييز الصحابة، املكتبة احلافظ بن حجر العسقالين، .43

.م 2012بريوت –العصرية، صيدا املعارف مكتبة 1:املربد أبو العباس، الكامل يف اللغة واألدب ، ج .44

.بريوت لبنانالنسائي، خصائص أمري املؤمنني علي بن أيب طالب، دار ابن حزم، .45

.م 2004 سنة -1طزرزور، دار الكتب : السكاكي ، مفتاح العلوم ، الطبعة األوىل ، حتقيق .46

.م1983لبنان –العلمية، بريوت مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر آبادى، القاموس احمليط، الفريوز .47

.م2005 -هـ 1426، 8لبنان، ط –وزيع، بريوت والت

Page 355: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

329

حممد : ، حتقيق 1:القلقشندي ، صبح األعشى يف صناعة اإلنشا ،ج .48 .حسني مشس الدين ، دار الكتب العلمية بريوت لبنان

وحماورات الشعراء والبلغاء ، الراغب األصبهاين ، حماضرات األدباء .49 .م1986، دار اجليل بريوت 2:ط

الشوكاين حممد بن علي بن حممد ، إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من .50 .علم األصول ، دار املعرفة بريوت لبنان

الشريف الرضي ، من خمتارات الشريف الرضي من كالم سيدنا علي .51 .، مكتبة مصر 1: بن أيب طالب ج

من كالم أمري املؤمنني علي بن أيب ، ج البالغة الشربف الرضي، .52 .ه السالم ، دار الفجر للتراث القاهرةطالب علي

الشريف الرضي، ج البالغة، حتقيق و توثيق صربي إبراهيم السيد، .53 .م1989 اجلزائر،بورسعيد،

، دار اجليل بريوت 3اخلطيب القزويين، اإليضاح يف علوم البالغة، ط .54 .لبنان

متام حسن. دبوجراند ، النص واخلطاب واإلجراء ، ترمجة .55 .م1981،عامل الكتب القاهرة 1:،ط 1:ج

56. سامي : املعاصرة ، ترمجة جان ماري جويو ، مسائل فلسفة الفندار اليقظة العربية للتأليف والترمجة والنشر بيوت لبنان 2:، طالدرويب .م1965

Page 356: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

330

جورج جرداق، بني علي و الثورة الفرنسية،اإلمام علي صوت العدالة .57 .م1970دار مكتبة احلياة، بريوت لبنان ، ، منشورات 2اإلنسانية، الد

جورج جرداق، علي و القومية العربية،اإلمام علي صوت العدالة .58 .م1970، منشورات دار مكتبة احلياة، بريوت لبنان ، 5اإلنسانية، الد

جورج جرداق، علي و سقراط ،اإلمام علي صوت العدالة اإلنسانية، .59 .م1970ة، بريوت لبنان ، ، منشورات دار مكتبة احليا3الد

دار 4، ط 1جالل الدين السيوطي، االتقان يف علوم القرآن، ج .60 .م1978املعرفة بريوت،

حسن البنا عز الدين ، : أونج ، الشفاهة والكتابة ، ترمجة. والتر ج .61 .سلسلة عامل املعرفة

الدار العربية للكتاب حازم القرطاجين ، منهاج البلغاء وسراج األدباء ، .62 .1ج،تونس ،حسن العمري ، اخلطاب يف ج البالغة ، بنيته وأمناطه ومستوياته ، .63

.م 2010دار الكتب العلمية بريوت لبنان ، 1:دراسة حتليلية طعلى -اإلستيعاب يف معرفة األصحاب يوسف بن حممد بن عبد الرب ، .64

.3 ، ج م1992هامش اإلصابة يف متييز الصحابة، دار اجليل بريوت حممد عوض حممد ، : إبركروميب ، قواعد النقد األديب ، حتقيقالسل .65

.م 1986دار الشؤون الثقافية العامة بغداد ، 2:طحممد الناصر العجمي ، يف اخلطاب السردي ، نظرية قرمياس الدار .66

.العربية للكتاب

Page 357: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

331

ركة مصر للطباعة والنشر ش 4:حممد مندور ، األدب وفنونه ، ط .67 .م 2006، والتوزيع

حممد . حتقيق د -عفيفي اخلضري، إمتام الوفاء يف سرية اخللفاء حممد .68 .م 2005بريوت، -دار الكتاب العريب اإلسكندراين،

.م 1981، دار املشكاة 1حممد عثمان علي ، أدب اإلسالم ،ط .69 .م 1967-هـ 1388حممد قطب، اإلنسان بني املادية و اإلسالم، .70 .الشروق حممد قطب ، منهج الفن اإلسالمي ، دار .71 ، دار الشروق ، 5حممد قطب، مفاهيم ينبغي أن تصحح ، ط .72

.م 1988 -هـ 1408 .حممد قطب ، شبهات حول اإلسالم ، دار الشروق .73، املكتبة 1:حممد أبو الفضل ، سجع احلمام يف حكم اإلمام ، ط .74

.م 2004العصرية ، صيدا ، بريوت، –كتاب احلديث حممد رضا، علي رابع اخللفاء الراشدين، دار ال .75

القاهرةحممد اخلضري، إمتام الوفاء يف سرية اخللفاء،املكتبة الثقافية بريوت .76

.م 1982دار 4:، ط 1:مصطفى صادق الرافعي ، تاريخ آداب العرب ، ج .77

.م 1974الكتاب العريب ، بريوت لبنان ، ، دار 1مصطفى صادق الرافعي، إعجاز القرآن و البالغة النبوية، ط .78

.م 2001لعريب، بريوت الكتاب ا

Page 358: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

332

، رئاسة احملاكم 1جنيب الكيالين، مدخل إىل األدب اإلسالمي، ط .79 .م 1987 - هـ 1407الشرعية و الدينية ، قطر

.جنيب الكيالين، اإلسالم و املذاهب األدبية، مؤسسة الرسالة .80 ،7سيد قطب، العدالة االجتماعية، دار الشروق، ط .81

.م 1980 -هـ 1400 .القاهرة،يد قطب، التصوير الفين يف القرآن الكرمي، دار الشروق س .82 1988 - هـ 1409سيد قطب، هذا الدين، دار الشروق بريوت، .83

.م .القاهرة ،سيد قطب، نظرية التصوير الفين، دار الشروق .84، 7سيد قطب ، خصائص التصور اإلسالمي ، دار الشروق، ط .85

.م 1980 -هـ 1400القاهرة أشهر اخلطب ، ومشاهري اخلطباء ، مؤسسة هنداوي سالمة موسى ، .86

.للتعليم والثقافة القاهرة مصر .عباس حممود العقاد، اللغة الشاعرة، مطبعة اخلاجني مبصر .87عبد الفتاح رواس قلعهجي، مدخل إىل علم اجلمال اإلسالمي، دار .88

.قتيبةنشر ة والعبد القاهر اجلرجاين ، دالئل اإلعجاز ، دار املعرفة للطباع .89

.م 1981بريوت لبنان ، عبد القاهر اجلرجاين ، أسرار البالغة يف علم البيان ، دار املعرفة بريوت .90

.لبنان

Page 359: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

333

إميانويل كانت فلسفة القانون و السياسة، وكالة : عبد الرمحن بدوي .91 .م 1979املطبوعات الكويتية ،

، 3عدنان علي رضا النحوي، األدب اإلسالمي إنسانيته و عامليته، ط .92 .م 1987 -هـ 1407

حممد عبد املنعم خفاجي، . عبد العزيز شرف، د. علي علي صبح ، د .93 .م 1992دار اجليل بريوت، 1األدب اإلسالمي املفهوم و القضية، ط

عمر فروخ ، تاريخ األدب العريب ، من مطلع اجلاهلية إىل سقوط .94 .م 1981دار العلم للماليني ، 4:الدولة األموية ، ط

عدنان علي رضا النحوي، األدب اإلسالمي إنسانيته و الدكتور .95 .م 1987 - هـ 1407، 3عامليته، ط

علي حممد حممد الصاليب، أمسى املطالب يف سرية أمري املؤمنني علي بن .96 .7، جم 2004اإلمارات –أيب طالب، مكتبة الصحابة، الشارقة

، دمشق ، دار الفكر ، 1:فلسفة الفن عند التوحيدي،ط:عفيفي نسي .97 .م 1987

لبنان -قدامة بن جعفر ، نقد النثر ، دار الكتب العلمية بريوت .98 .م1980هـ، 1400

مراجعة : موسوعة أعالم الفلسفة، تقدمي شارل احللو: روين إيلي ألف .99 .م 1992، بريوت 1، دار الكتب العلمية، ط1جورج منل، ج

1963، دار املعارف مبصر 8شوقي ضيف ، العصر اإلسالمي ،ط .100 .م

Page 360: Ï]]]]]ËH¥p¸? ÏË}?h± d¸? ÏÊhÓ?j ? ÏÊgÉŽT]]]]]]]¸?¨÷¾ºººººººººººì÷ ú÷¢ÿ¡Ç¢øß½Â謫¢ô àa¨ã ¥Î ¢Ð» ¨ä ôó¡§Á¢¦à󡤬

334

، 1غادة املقدم عدرة، فلسفة النظريات اجلمالية، جوروس براس، ط .101 .م 1996طرابلس لبنان،

، مطبعة 4:عادل زعيتر، ط: غوستاف لوبون،حضارة العرب، ترمجة .102 .م 1964عيسى البايب احلليب و شركاؤه ، القاهرة ،