Caminos de Al Andalus_extracto

12• •

مقدمة

تقوم فكرة هذا الكتاب على انتقاء أربع وثالثني مدينة من بني

املدن اإلسبانية، وقد كان بوسعنا انتقاء املزيد بال تردد إذ ثمة

لها حيزا أن نخصص التي تستحق املدن األخرى الكثير من

في هذا املؤلف ملا تتمتع به من ماض إسالمي، بيد أن عملية

تأليف ملهمة نتصدى حني منه مناص ال أمرا تغدو االنتقاء

كتاب ما، وهي عملية ال تنطوي على تفضيل ملدينة على سواها

في وسنسعى املطاف. نهاية في انتقاء عملية تبقى أنها إال

هذا املؤلف إلى التطرق إلى احلقبات األولى من وصول العرب

اإلقتصادي تطورها عند والوقوف األمكنة هذه إلى املسلمني

تبلور من خاللها التي األحداث والسياسي والعسكري، وإلى

على تعيش جهة من كانت التي املدن لهذه التاريخي املصير

نحو مستمر صراعات مع مسلمي املناطق األخرى وفي الوقت

نفسه كانت تقف في حالة تأهب دائم للتصدي ألي محاولة يقوم

بها النصارى املرابطون على حدودها بغية احتالل أراضيهم.

ذلك إلى تعود التي املعمارية املعالم إلى أيضا سنتطرق كما

العصر والتي ال تزال قائمة مزهوة بالرغم من حمالت التخريب

النصارى. وكما سنرى الحقا، الغزاة التي حلقت بها على يد

فإن املدن السابق ذكرها ستشكل محور إهتمام هذا املؤلف إذ

سنتطرق للحديث عن حلول الغزاة العرب الذين تعاقبوا عليها

الدفاعية األسوار حول التشكل في املدن هذه أخذت وكيف

الشامخة وكيف امتد نفوذ هؤالء الغزاة إلى مناطق أخرى من

مع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني على

Página de las dos primeras azoras de un Corán manuscrito (sin fecha).

15

مقدمة

• • 14• •

شبه اجلزيرة اإليبيرية، وكيف قاموا بتشييد تلك املعالم املتميزة

وكيف املتحضر، العالم مفخرة اليوم إلى متثل تزال ال التي

شكلوا إمبراطورية علمية وعسكرية عبرت حدود أوروبا، وأخيرا

شبه إلى العرب به أتى الذي العيش نظام نهاية كانت كيف

إزاء بالتعاطف والتسامح اتسم نظام اإليبيرية، وهو اجلزيرة

الثقافات والديانات األخرى، هذه النهاية التي أتت على أيدي

ملوك شمال شبه اجلزيرة النصارى، من شرقها وغربها.

دورا منهم خاصة، املسلمني الرحالة، كبير من لعب عدد وقد

حطوا ممن وهم األندلسية، إسبانيا تاريخ كتابة في ا هام

ما رأوه البقاع وكتبوا بهذه الوسطى العصور طوال رحالهم

أساسية مراجع رواياتهم خالل من تاركني به، أحسوا وما

مفاجئ بشكل فقدت التي املزدهرة املــدن تلك على تطلعنا

ا من تاريخها مباشرة بعد الغزو املسيحي. فروايات جزءا هام

ال اإليبيرية اجلزيرة شبه عبر تطوافهم عن املسلمني الرحالة

ومتدنا بل مهمة أحداث من حينذاك جرى مبا فقط تخبرنا

األندلسية، املدن تلك تطرحه الذي املشهد عن دقيق بوصف

وتدهش القارئ باألحداث اخلارجة عن املألوف التي تتجلى من

بها يتمتع كان التي الهائلة الفكرية والثقافية القدرات خاللها

أهالي تلك املدن اإلسالمية. ومن ثم سوف نقف في هذا الكتاب

عند آثار العديد من الرحالة املسلمني األدبية، إبتداء من القرن

العاشر إلى اخلامس عشر ورحالة أوائل العصر احلديث وحتى

الرحالة املعاصرين ممن مروا بهذه املراكز احلضرية ودونوا ما

بني هو الذي الكتاب روح التي متثل املدن هذه في شاهدوه

وتقلبات تطورات عاشت التي احلضرية املراكز هذه أيديكم،

فتح بداية مع أي امليالدي، الثامن القرن أوائل منذ مختلفة

مختلف األندلس، وكذلك بالد إسم عليها أطلقوا ملا املسلمني

املراحل التي سجلت إستسالم هذه املدن حتت وطأة السيوف

ووقوعها أخيرا في أيدي املسيحيني.

الفتح اإلسالمي

مع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك

القوط الغربيني على األراضي اإلسبانية، ساد الفساد حتى بلغ

إزاء نوع من احلماية أي الصغار املزارعون فقد بحيث ذروته

ثلثي العهد ذلك في أصبحوا ميتلكون الذين اإلقطاعيني كبار

البالد، إضافة إلى أنهم كانوا معفيني من دفع الضرائب، وكانوا

كان التي املعاناة مع يتضارب متاما مفرط بذخ في يعيشون

اليهود الذين كان أما في املدن، فقد عاش يقاسيها رعاياهم.

التجارة أو في قطاع أغلبهم ينشطون في الصناعات احلرفية

في حالة خوف وقلق على إثر صدور املرسوم القاضي بطردهم

ديانة املسيحية، الديانة اعتناقهم عدم حالة في إسبانيا من

[Witiza] غيطشة امللك مات 710م عام وفي الغربيني. القوط

وكان البلد حينذاك منقسما على نفسه يعيش حالة من الفوضى

العارمة، وأضرمت وفاته شرارة الصراعات على العرش بني ولي

عهده أخيال [Aquila] ولذريق [Don Rodrigo] وهو أحد النبالء

الغربيني القوط أعيان بدعم يحظى كان يبدو ما على الذين

الباحث إليه توصل ما العرش وهو اعتالئه وراء كانوا الذين

.[Watt] املتخصص في احلضارة اإلسبانية وات

وما زاد الطني بلة هو قيام املسلمني عام 711 م بشن هجوم صغير

الغربيون القوط بينما كان على سواحل شبه اجلزيرة اإليبيرية

منشغلني في حربهم األهلية على العرش، وقد دفعت الغنائم التي

جنيت إثر هذا الهجوم إضافة إلى املقاومة الضعيفة من اجلانب

اإلسباني التي القاها موسى بن نصير والي إفريقية آنذاك إلى

تنظيم حملة عسكرية أكبر من سابقتها مكونة أساسا من اجلند

البربر، سكان شمال إفريقيا، بقيادة طارق بن زياد.

وقد عنى وصول ذلك القائد املسلم على رأس سبعة آالف رجل،

ليعرف من قرب سفح اجلبل الذي سيسمى على اسمه الحقا

السلطة. محور في ا وسريعا هام تغييرا طارق، بجبل حينها

فقد تقرر مصير إسبانيا القوطية في ظرف يوم واحد وهو اليوم

الذي هزم فيه طارق بن زياد اجليوش القوطية املنهكة بالقرب

من وادي لكة. عالوة على ذلك فإن أسقف إشبيلية، وهو شقيق

امللك غيطشة، قد إنحاز إلى جيوش الفتح اإلسالمي من جهة،

أما أخرى، املسيحية من جهة اجليوش من هام وانشق جزء

وكذلك البربر، بسيوف فقد سحق اجليوش هذه من تبقى ما

قائدها لذريق الذي اختفى مذاك وإلى األبد، وتؤكد األسطورة

البحر في بها جثته وألقى جر تياره النهر وأن في غرق أنه

الذي الذهبي ثوبه وتاجه وخفه على يعثر سوى فلم املتوسط

كان يلبسه يومذاك وكذلك على احلصان الذي كان يركبه خالل

وكأنها اإلسالمية اجليوش تقدمت الواقعة تلك وبعد املعركة.

تقوم بعرض عسكري إذ فضال عن تفوقها القتالي فإن املزارعني

املسيحيني احملليني لم تكن لهم أية رغبة في املواجهة، أما اليهود

فقد رحبوا بقدوم الغزاة اجلدد الذين عدوهم مبثابة محرريهم.

بيت من األخرى وكأنها تلو املدينة القوطية إسبانيا وانهارت

ورق، وتتالت إنتصارات الفاحتني املسلمني بسهولة نسبية ولم

يكن عددهم ليتجاوز خمسة وعشرين ألف مقاتل حاصدين من

الغنائم ما ال حصر له. وإزاء سهولة تقدم اجليوش اإلسالمية

بن موسى أوامــر من وبالرغم اإلسبانية للمدن غزوهم في

نصير بعدم التمادي في الفتح، فقد عقد طارق بن زياد العزم

على التوغل في املناطق الداخلية ومحاولة بلوغ مدينة طليطلة،

عاصمة مملكة القوط الغربيني آنذاك وفتحها. إن احلملة التي

واختتمت 711م عام ربيع أوائل في بن زياد طارق استهلها

العام ذلك صيف أواخر في حتديدا قليلة، أشهر مرور بعد

إسبانيا نصف سيد إلى مسبوقة غير بسرعة حولته نفسه،

يضاهي فتحا قبل من اإلنسانية تاريخ يشهد لم إذ القوطية

إجنازه. سرعة حيث من األندلس لبالد زياد بن طارق فتح

نصير بن موسى يد على الحقا اإلسالمي الفتح استمر ثم

على القضاء مت أن إلى سلفه القاها التي نفسها وبالسهولة

عام نحو في ذلك وكان املنظمة، املسيحية املقاومة بؤر آخر

714م. ونشير من جهة أخرى إلى أن اجليوش اإلسالمية ذات

األصل املغاربي كانت في معظمها شبه وثنية، وهو ما يؤكده

وكانت أيضا، [Gabriel Jackson] جاكسون غابريل املؤرخ

متسامحة بوجه خاص مع أهل الكتاب، أي اليهود والنصارى،

الذين املسلمني باحترام حتظيان الديانتان هاتان كانت فقد

واملعتقدات الشعائر من ا هام جزءا معهما يتقاسمون كانوا

الواردة في هاتني العقيدتني السماويتني.

نواة يشكلون يكونوا لم اجلدد الغزاة هؤالء أن أيضا ومعلوم

عرقية متجانسة وذلك يعود الختالف أصولهم وتعددها فنجد من

بينهم من ذوي األصول العربية والبربرية والشامية واملصرية،

وهو ما يفسر انعدام الثقة بني مختلف هذه األطراف األمر الذي

ترجم عمليا منذ األيام األولى من الفتح اإلسالمي بتفرق هذه

اجلماعات العرقية واستقرارها في مناطق مختلفة: فالشاميون

اختاروا غرناطة لإلستقرار بها في حني حط املصريون رحالهم

أما األندلسية، اجلبلية املناطق في مرسية والبربر منطقة في

العرب فقد إختاروا منطقة الوادي الكبير لإلقامة بها.

املقاومة في استمروا الذين الغربيني القوط من تبقى ما أما

لصد تقدم الفتح اإلسالمي فقد تراجعوا إلى املناطق اجلبلية في

فقيرة مناطق اإليبيرية، وهي اجلزيرة شبه بشمال أستورياس

[Don] ذات كثافة سكانية ضعيفة، وظلوا هناك حتت قيادة بالي

[Pelayo] الذي متكن عام 718 من هزم جيش عربي صغير في

في رفع الهزمية هذه ساهمت [Covadonga]. وقد كوفادوجنا

معنويات املسيحيني غير أنها في املقابل لم تلق إهتماما كبيرا من

جانب العرب ولم تتسبب في أي إنتقاد ذاتي من قبل املنهزمني

«حمارا أن هو الواقعة هذه في شأن مؤرخوهم ذكره ما وكل

لم العرب فإن الواقع وفي لطمة»، املسلمني لطم قد متوحشا

اجلزيرة من شبه الصغيرة املنطقة هذه غزو من أبدا يتمكنوا

صانع العسكري القائد لقي فقد أخــرى جهة من اإليبيرية.

دمشق خليفة من التأنيب نصير بن موسى الباهرة الفتوحات

الوليد بن عبد امللك لعدم إستشارته واستئذانه في شأن احلمالت

التي قادها، وآخر ما عرف عن فاحت إسبانيا هو أنه أكمل أيامه

يعيش من التسول في قرية نائية بشبه اجلزيرة العربية كما يورد

العالقة [Duncan Townson]. وكانت تاونسون دونكان املؤرخ

القائمة بني بغداد واألندلس متوترة تقوم على انعدام الثقة، وقد

مع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني على األراضي مع مطالع القر وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني

ouroutput provider (such as Lightning such as Lightnouroutput provider (such as Lightning such as Light.

17

مقدمة

• • 16• •

أكد ذلك املؤرخ غابرييل جاكسون [Gabriel Jackson] الذي بنى

استنتاجه على العدد الكبير من الوالة الذين قام بتعيينهم خليفة

بغداد على بالد األندلس في ظرف وجيز، فما بني عام 732 وعام

755 تعاقب على حكمها بأمر منه ما ال يقل عن ثالثة وعشرين

حاكما، وهو ما يعكس أيضا الصراعات الداخلية احملتدمة التي

شهدتها شبه اجلزيرة اإليبيرية آنذاك.

معركة بالط الشهداء

احلمالت منها تنطلق قاعدة إلى إسبانيا حتولت أن بعد

بدأ املسيحية، األوروبــيــة البقاع سائر ضد والهجومات

املسلمون في عبور سلسلة جبال البرانس بحثا عن املزيد من

الغارات هذه آخر الغنائم. وقد سجلت من الفتوحات واملزيد

العربية عام 732 عندما تقدم جيش املسلمني عبر الطريق التي

تعود إلى العهد الروماني إلى أن بلغ نهر لوار [La Loire] بحثا

[Saint Martin de التوروزي مارتني القديس دير كنوز عن

[Tours. غير أنه وعلى مقربة من مدينة بواتييه [Poitiers] كان

[Charles Martel]، وبعد مارتل بقيادة شارل جيشا بانتظاره

الطاحنة، متكن هذا األخير القتال واملواجهات يوم كامل من

عاش الذي البريطاني املؤرخ تصور وقد الغزاة. هزم من

[Edward Gibbon] جيبون إدوارد عشر الثامن القرن في

اجليوش الفرجنة يهزم لم لو أوروبــا إليه ستؤول كانت ما

العربية قائال: «لكانوا قد وصلوا إلى نهر الراين وبحر املانش

الفاصل بني فرنسا وبريطانيا، ولكانوا قد عبروا نهر التاميز،

باريس حللت لندن وكاتدرائية كاتدرائية اليوم تنتصب وحيث

يدرسون أوكسفورد جامعة طالب ولكان اجلوامع، مكانهما

فوز أن املؤرخني من آخر شق يرى املقابل وفي القرآن».

لم يكن حاسما ومصيريا إلى هذا احلد، وذلك جيوش مارتل

ألن جيوش املسلمني كانت موجودة على بعد ألف وخمسمائة

للدعم تفتقر وكانت األندلس ببالد قواعدها عن كيلومتر

فتوحاتها. لضمان الضروري اللوجستي

قليلة من هذه بعد مرور سنوات أنه فيه هو لكن مما ال شك

الواقعة، حتديدا عام 759، مت طرد املسلمني من التراب الفرنسي

[Narbone] عندما خسروا قاعدتهم الرئيسية في مدينة ناربون

رغم فقط اإلسباني التراب على بعدها حضورهم واقتصر

لعدة املتوسطية الفرنسية السواحل على هجوماتهم استمرار

سنوات تلت.

عبد الرحمن الداخل، اإلمارة وقرطبة اخلالفة

خالل النصف الثاني من القرن الثامن تأسست الدولة العباسية

وأخذت مشعل خالفة الدولة اإلسالمية في بغداد، وقد تأسست

هذه اخلالفة على يد املتحدرين من ساللة عم النبي محمد )ص(

العباس بن عبد املطلب وهم الذين متكنوا من إزاحة بني أمية

من دربهم وطاردوهم حتى قضوا على أغلبهم ولم ينج منهم إال

بن الرحمن عبد أمية، بني القليل، وكان من بني من جنا من

معاوية بن هاشم بن عبد امللك بن مروان بن احلكم، وكان ابنا

وحفيدا خلليفة، وقد لقب بالداخل أو املهاجر. وهكذا متكن من

الفرار، وبعد جلوئه إلى فلسطني ومصر ثم إلى شمال إفريقيا،

حيث 755 سنة املنكب ثغر إلى ثم سبتة مدينة إلى وصل

الناس من حوله، البربر. ومع جتمع أهاليه من حظي بحماية

وباألساس الشاميني املستقرين بديار األندلس من أنصار بني

أمية، رأى عبد الرحمن فرصة التحول إلى زعيم هؤالء األنصار

ال سيما حينما شاهد كيف كان أهالي مدن األندلس اإلسالمية

يستقبله إستقبال امللوك، فقام باعالن اإلمارة وجعل من مدينة

اخلالفة نفسه واجه الوقت 756، وفي عام لها عاصمة قرطبة

ملواجهة أيضا عنها، واضطر إنفصاله معلنا ببغداد العباسية

في أنه روي العباسية حيث للخالفة املوالية الثورات من عدد

إحداها، وبالتحديد في ثورة عام 763 وبعد إخمادها، قام بجز

حنطها أن بعد العباسي اخلليفة إلى وأرسلها الثوار رؤوس

بامللح والكافور، ويقال إن اخلليفة العباسي املنصور عند تلقيه

إال هذا «ما وقال: الرهيب املشهد لذلك ارتاع الرؤوس هذه

شيطان، واحلمد لله الذي جعل بيننا وبينه البحر».

تتميز دمشق عن مستقلة قوية إمــارة الرحمن عبد وأقــام

من ألفا أربعني عن يزيد تعدادها كان إذ العسكرية بقوتها

التدابير اإلقتصادية اجلنود املقاتلني واتخذ أيضا سلسلة من

املهمة منها اعتماد املوازين واملقاييس التقليدية الرومانية بني

العملة ضرب فيها ديناره الذهبي. السكان وإنشاء دار لسك

أبيات في العظمى واجنازاته جناحاته بنفسه خلص وقد

شعرية من نظمه يقول فيها:

الرحمن عبد أسسها التي احلاكمة األسرة سلطان واستمر

الداخل على مدى ثالثة قرون وظلت قرطبة خاللها عاصمتها،

في مثيال لها يعرف ال العظمة من فترة إمارتها وشهدت

ومن مصر من القادمون الرحالة وقام أوروبا، أنحاء جميع


Página 2 de un manuscrito de 1868 sobre astrología

شتان من قام ذا امتعـاض

فـجـاب قـفرا وشـــق بـحرا

مــلكــا ـز فــشاد مـجدا وبـ

وجـند اجلـنــد حــني أودى

ثــم دعــا أهـلــه جـمـيـعــا

فـجـاء هـذا طـريــد جــوع

بـعــا ـ فـنـال أمــنا ونـال ش

ألم يكــن حــق ذا علـى ذا

الشـفرتـني نصال مـنتضـى

لـجــة ومـحــال مـســامــيـا

فــصــال للــخطاب ومـنبـرا

ومصر املصر حني أخلـى

حـيث انـتأوا أن هـلم أهـال

شـريـد سيــف أبـيد قــتـال

ونــــال مـاال ونــال أهــــال

أعــظـم من مــنعم ومـــولى

19

مقدمة

• • 18• •

بالد املغرب إلى األندلس بتدوين ما شاهدوه بهذه البالد من

رخاء وازدهار وجلب انتباههم انتعاشة احلرفيني األندلسيني،

وعن واخلصاصة للفقر النسبي الغياب إلى أشــاروا كما

هذه في شاهدوها التي واخليول احلمير من الكبير العدد

تطور مدى حينذاك به يقاس كان معيار خير وهو البالد

القرنني خالل فقط اإلمارة تتميز ولم وازدهارها. الشعوب

على القائم اإلقتصادي إزدهارها بتعزيز والعاشر التاسع

مزيج يشمل الزراعة والتجارة والصناعة، وكذلك بدعم احلياة

متيزت بل فحسب، مسبوق غير بشكل والثقافية الفكرية

التسامح روح وبانتشار جهة من فعالة إدارة بإقامة أيضا

بالرغم هذا البالد، هذه في تتعايش كانت التي األديان بني

اعتنقوا قد كانوا املسيحيني األهالي من كبيرا جزءا أن من

احلقبة هذه متيزت نفسه الوقت وفي اإلسالمية. الديانة

التي الصراعات مثل ومختلفة: متعددة بصراعات املزدهرة

مع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنينلع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك

القوط الغربيني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني على

Inicio de un texto aljamiado de la Colección de textos aljamiados, publicada por Pablo Gil, Julián Ribera y Mariano Sánchez

(Zaragoza, 1888).

والتي وزن ذات أخرى أندلسية ومدن قرطبة بني اندلعت

نشأت بني النخب العرقية وبني املستعربني. وفي هذا السياق،

اإلمارة عهد كامل خالل أنه جاكسون غابرييل املؤرخ يؤكد

(929-756)، لم تكد متر مدة عشرين سنة دون أن تشهد بالد

األندلس متردا عسكريا له ثقله كالذي سجل في مدينة ماردة،

وسرقسطة، ومالقة وأملرية...

الله لدين الناصر بن محمد الرحمن عبد أعلن 929 وفي سنة

إزاء الواضحة خالفاته مبديا األندلس ببالد األموية اخلالفة

أصبحت ما وسرعان له. عاصمة قرطبة مدينة واتخذ بغداد

يناهز قرطبة اخلالفة أهم مدينة غربية حيث كان عدد سكانها

نصف مليون نسمة، ويشير املؤرخون العرب إلى أن هذه املدينة

التي أصبحت تضاهي مدن عظمى مثل دمشق والقسطنطينية

كانت تضم أكثر من مائة ألف بيت وسبعمائة جامع، وثالثمائة

حمام عمومي وأكثر من سبعني مكتبة وكان ذلك، حسب رواية

أحد املؤرخني البريطانيني، في عهد لم تكن فيه أية عاصمة من

نسمة. آالف العشرة سكانها عدد يتجازو األوروبية العواصم

وقد عبرت شهرة مدينة قرطبة احلدود وبلغت أبعد األمصار مثل

أملانيا حيث كتبت عنها الراهبة املدعوة هروتسفيت فون جندرشامي

[Hrotsvit von Gandersheim] )املتوفية سنة 1002( التي نعتت

مدينة قرطبة بـ«حلية العالم»، وتركت هذه الشهادة املكتوبة عن

عاصمة اخلالفة: «توجد في غرب عاملنا زخرفة جميلة... مدينة

متميزة بسحرها املرموق، قرطبة باسم مزدهرة وغنية، معروفة

املعرفة أبواب في تضلع أحسن متضلعة ومشهورة مبواردها،

السبعة، قد ذاع صيتها بفضل انتصاراتها املستمرة».

األموية بن محمد هو مؤسس اخلالفة الرحمن عبد كان وإن

جاء العاشر القرن طوال استمرارها فإن األندلس ببالد

املعروف عامر، أبي إبن وهو أال قدير، قائد زخم بفضل

مدينة مثل النصارى مبدن وفتك اجتاح الــذي باملنصور

التي غزاها ولم يعقوب القديس ليون ومدينة برشلونة ومدينة

الذي بالضريح يعقوب القديس عظام بقايا على فيها يعثر

كان من املفروض أن تكون به فأمر باإلستحواذ على أجراس

مت حيث قرطبة إلى ونقلها املسيحية املدينة هذه كاتدرائية

األكبر. تنير جامعها فوانيس إلى حتويلها

من املسلمة إسبانيا شهدت ،1002 سنة املنصور موت وبعد

جديد حالة من اإلنقسامات الناجمة عن احلروب األهلية التي

اندلعت بها: فقد هزت البالد سلسلة من املواجهات التي بلغت

قرطبة مدينتي على البربر هجوم إثر على 1013 عام ذروتها

األكبر، قرطبة بجامع املساس دون لكن ونهبهما والزهراء

أبو اخلليفة أجبر أن اإلسالمي حينذاك. ومنذ العالم مفخرة

الوليد هشام املؤيد بالله واملعروف بهشام الثاني على التنازل

عن العرش عام 1009 تعاقب على عرش قرطبة تسعة خلفاء خالل

مدة وجيزة، وهو ما يدل على حالة الفوضى التي سادت في

بالد كانت قد شهدت يوما أقصى درجات العظمة، وانقسمت

دولة اخلالفة بحسب مختلف الطوائف املوجودة بها، نذكر من

بينها طائفة أملرية ومرسية وبلطيوس ودانية وقرمونة وغرناطة

وطليطلة وبلنسية وطرطوشة وسرقسطة. وأتى سقوط اخلالفة

الدعم لم يعوزها التي الثورة إثر األموية ببالد األندلس على

بكر أبو أمية، بني خلفاء آخر ضد اندلعت والتي الشعبي

مظلم دهليز في إثرها على الذي سجن بالله، املعتمد هشام

الثاني القرن ورطب. وبعد مرور مائة سنة، أي في منتصف

قادرة ذات شأن دول مسيحية ثالث إسبانيا في بات عشر،

على التصدي للهيمنة اإلسالمية على شبه اجلزيرة اإليببيرية،

أال وهي البرتغال وقشتالة وأراغون.

الفترة األولى من حكم ممالك الطوائف واملرابطني

األول النصف خالل إسبانيا في األموية اخلالفة إنهيار إثر

فيما املسلمني األمراء من العديد تناحر التاسع القرن من

مما األندلس بالد في احلكم على السيطرة أجل من بينهم

أدى إلى ظهور عدد من اإلمارات التي استمرت في التناحر

قد الدامية الفترة هذه فإن ذلك من الرغم بينها، وعلى فيما

أفرزت من جهة أخرى منتوجا ثقافيا رفيعا، فقرطبة ومكتبتها

وسرقسطة ومالقة وإشبيلية وغرناطة وطليطلة الشهيرة،

الرقي لذلك مثال أحسن كانت املدن من وغيرها وبلنسية

الوقت في كانت التي الفترة تلك الذي شهدته الزاخر الفني

إثر األندلس بالد شهدت إذ حادة اضطرابات فترة عينه

أنفسهم، املسلمني بني ما مستمرة صراعات املنصور وفاة

الطوائف، ملوك بعهد الفترة اإلسباني هذه التأريخ لقب وقد

بحملة دعي ما فكرة السطح إلى أعادت التي الفترة وهي

فرصة استغلت التي املسيحية إسبانيا في اإلســتــرداد

املؤرخ بينها. ويرى فيما املتناحرة القوات اإلسالمية انقسام

واملستشرق اإلسباني جوان فيرنيه [Joan Vernet] وجها من

واملناطق األولى فترتها في الطوائف ممالك بني ما التشابه

الذاتية املناطق اإلسالمي وبني الغزو من املتحررة املسيحية

احلكم احلالية التي نشأت عن دستور 1978.

التي طليطلة غزو من السادس ألفونسو امللك متكن وعندما

كانت متثل ركيزة من ركائز النفوذ اإلسالمي في شبه اجلزيرة

هذا يكتسيها التي األهمية من بينة على وكان اإليبيرية،

تراب كامل على إمبراطورا نفسه أعلن فقد لذا اإلنتصار

فطن ما وسرعان [Imperator totius Hispaniae] إسبانيا

وجودهم يهدد أصبح الذي املسيحي اخلطر إلى املسلمون

إلى عباد، بن املعتمد الشاعر إشبيلية، بأمير دفــع مما

بربري أصل من بدو هم واملرابطون باملرابطني، اإلستنجاد

نفوذ امتد وقد امليالدي، التاسع القرن في اإلسالم اعتنقوا

منطقة كامل على يسيطرون أن أصبحوا إلى املرابطني دولة

املغرب العربي بعد أن أسس يوسف بن تاشفني مدينة مراكش

باعتناق إسالم املرابطني القبائل أفراد 1061. وقد متيز سنة

األندلسية الفنون يــزدري متزمت، صــارم «أورثودوكسي»

أعماال يعدونها كانوا التي والفاخرة الوافرة اإلسالمية

اإلسبانية السواحل على املرابطني جيوش فنزلت منحطة.

املسيحي الزحف وإليقاف األندلس في اجلهاد أجــل من

حبس من متكنوا وبالفعل املسلمني، من األندلس السترداد

ملدينة الشرقي بالشمال الزالقة معركة في املسيحيني تقدم

على سنتني مرور وبعد .1086 عام في ذلك وكان بطليوس،

دعوة ملبيا مجددا املضيق املرابطني قائد عبر املعركة هذه

ضم ما وسرعان أخرى. مرة به استنجدوا الذين املسلمني

املرابطون ممالك الطوائف السابقة ليتحولوا بعدها إلى سادة

على سلطانها امتد حاكمة ساللة مؤسسني اجلدد، األندلس

كامل تراب شبه اجلزيرة اإليبيرية، باستثناء مدينة سرقسطة

عامي وبني املغرب. تراب وعلى هود، بني بيد كانت التي

النهرين، بني ما ليمتد املرابطني نفوذ اتسع 1146 و 1091

لم املرابطني لكن شماال. إبــرة ونهر جنوبا السنغال نهر

األندلس ومن بالد في فتوحاتهم مواصلة من بعدها يتمكنوا

توسيع رقعة نفوذهم بها وذلك بسبب مقاومة امللوك املسيحيني

الثغور احلدودية. تعزيز املرابطون على فاقتصر الشرسة


ouroutput provider (such as Lightning such as Lightnouroutput

21

مقدمة

• • 20• •

املوحدون

سرعان ما دخلت دولة املرابطني في أزمة خانقة مع ظهور ساللة

جبال من قادمة لكنها أيضا البربر من املسلمني، من جديدة

األطلس، وهي في األصل حركة دينية إسالمية متشددة تدعو

املوحدين إسم عليهم الشوائب، وأطلق العقيدة من تنقية إلى

توحيدا قطعيا، وقد الله توحيد إلى التيار أتباع هذا إذ دعا

توسع هذا التيار في بالد املغرب وبعده عبر إلى بالد األندلس.

وكان قائد هذا التيار هو الزاهد محمد بن تومرت (1080-1128)

واملعروف بني أتباعه باملهدي املنتظر، وينحدر إبن تومرت من

عسكري كقائد بشجاعته عرف األطلس، جبال قبائل احدى

«اإلمبراطورية» شكلت التي الفتوحات إدارة في وبحنكته

تاله ثم الغرب. في تكونت التي الوحيدة الكبرى اإلسالمية

أعلن اخلالفة غازيا بعدها الذي املؤمن الدولة عبد على رأس

ومنافسا وطنجة وإشبيلية ومراكش وفاس وتلمسان وهران

باخلالفة أوصــى وقد القاهرة، وخالفة بغداد خالفة بذلك



الثالث املوحدي اخلليفة متكن 1196 عام في ساللته. لبني

من (1160-1199) بالله املنصور يوسف بن يعقوب يوسف أبو

األرك املعروفة مبعركة الواقعة في باملسيحيني الهزمية إحلاق

بالقرب من مدينة ثيوداد ريال، كان ذلك في التاسع عشر من

سجلت التي املواجهات أن غير .1195 عام من متوز شهر

احلكم في االستمرار في الراغبني واملسلمني املوحدين بني

واملتشبثني باستقاللية ممالكهم، مثل أبي عبد الله بن مردنيش

اجلذامي وإبراهيم بن أحمد بن همشك اللذين كانا يسيطران

املوحدين فتح عطلت ومرسية، األندلس شرق منطقة على

التوسعية. النهائي لشبه اجلزيرة اإليبيرية وأحبطت مساعيهم

املمالك املستقلة اجلديدة، بنو نصر وفوز املسيحيني

خالل اإليبيرية اجلزيرة شبه في املوحدين سلطان اضمحل

التي نفسها بالسرعة عشر الثالث القرن من األول النصف

كان الصميم في للموحدين وجهت ضربة وأول بها، ظهر

أمام هزميته إثر على الناصر محمد السلطان تلقاها قد

املسيحيني في معركة العقاب، كما تسمى في التأريخ العربي،

[Batalla de las Navas de أو معركة الس نافاس دي تولوسا

[Tolosa بالنسبة لألسبان، وقد دارت هذه املعركة في السادس

سقوط قرن بربع بعدها وأتــى ،1212 عام متوز من عشر

الفتية تتصدع املوحدين بدأت دولة املجيدة. وتدريجيا قرطبة

وسرعان ما انقسمت إلى أربع دول، وحل في األندلس محل

املوحدين أسرة بني نصر، أو النصريون، أو بنو األحمر، وهي

األسرة التي حكمت غرناطة إثرهم (1492-1275) وكانت مملكة

ومالقة لغرناطة احلالية احملافظات على متتد األحمر بني

القرن وأملرية وجزء من محافظة جيان. وكانت غرناطة خالل

تبعا أوروبا في بالسكان املأهولة املدن أكثر من تعد الرابع

[Hieronymus مونزو خيرونيمو األملاني الرحالة أورده ملا

هنالك أن أعتقد «ال قال: إذ آنذاك زارها الذي Münzer]

وعلى إفريقيا». في وال أوروبا كامل في منها أعظم مدينة

الرغم من أن مملكة بني األحمر كانت صغيرة احلجم إال أنها

سرعان ما متكنت بفضل سياسات التحالف التي اتبعتها من

عالقات سياسية وعسكرية وإجتماعية وطيدة وال سيما نسج

عالقات ذات طابع فني متميز.

استرداد إلى الرامي املسيحي الضغط تصاعد تدريجيا ومع

مختلف أتباع إلــى النصرية الدولة ملوك حتــول األندلس

يدفعون وأصبحوا اإليبيرية اجلزيرة بشبه املسيحيني امللوك

بني في صلب الداخلية النزاعات اندلعت أن إلى اجلزية لهم

األحمر، بني أبي عبد الله محمد املعروف بالزغل وأبي عبد الله

هذه املسيحيون واغتنم بالله، بالغالب املعروف الثاني محمد

إيزابيال امللكة بقيادة املسلمني احلكام آخر لسحق الفرصة

في غرناطة مدينة واستسلمت الثاني فرناندو وامللك األولى

اليوم الثاني من شهر كانون الثاني من عام 1492.

قبل ربع قرن من سقوط مملكة غرناطة، آخر معاقل املسلمني في

شبه اجلزيرة اإليبيرية بني أيدي ملوك النصارى، زار الرحالة

املصري عبد الباسط بن خليل بن شاهني امللطي أراضي هذه

اجلدد. أسيادها إلى االنتقال وشك على كانت التي املدينة

اإليطالي الباحث النسيان انتشله من الذي مؤلفه ومن خالل

[Levi della Vida] بعد مرور خمسمائة سنة ليفي ديال فيدا

وأخرجه إلى النور سنة 1933، يتبني أن صاحبه كان كاتبا ذا

ضحية وقع أيضا لكنه السياسية األمور في وبصيرة حنكة

التي ورواياته أخباره أن في شك وال واإلنبهار. اإلعجاب

وصلتنا عن مملكة غرناطة هي أخبار ذات قيمة تاريخية عالية

إذ أن مؤلفها كان من آخر املخبرين املسلمني عن عظمة هذه

رجل روح رواياته تعكس نفسه الوقت وفي الزائلة، املدينة

الباهرة الفنية باألعمال اإلعجاب أشد معجبا تراه جهة من

تراه أخرى جهة ومن األندلسية، الديار في شاهدها التي

كئيبا ومذهوال حينما يشاهد وقد غمره احلزن غزو النصارى

الزاحف لديار اإلسالم واثقا من أن نهايتها قد باتت وشيكة.

وبالرغم من أننا سنعود إلى روايات هذا املؤلف عندما سنتحدث

املقدمة هذه في نذكر أن فقد رأينا غرناطة الحقا عن مملكة

خالصة قوله عما شاهده بتلك الديار اإلسالمية: «غرناطة هذه

الكفار قرب لوال وأظرفها األقاليم مدن أجل من وحمراءها

مع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني على األراضي مع مطالع القر وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني علىاألراضي مع م


األندلسية والكثير األقطار تلك غالب الديار وأخذهم تلك من

بني أيام في ال سيما كانت مشهورة التي اإلسالم مدن من

أمية بها مثل شرينة وبلنسية وقرطبة وطليطلة وشذونة وجيان

كانت كثيرة بالد من ذلك وغير كشاطبة املنيعة واحلصون

لإلسالم صارت للفرجن اآلن، فال حول وال قوة إال بالله».

الثقافة والعلوم ببالد األندلس

والغرب الشرق فيها انصهر التي البوتقة األندلس كانت

واملعروف احلكم، بن الرحمن عبد عهد ففي فريدا انصهارا

العلوم األندلس بالد إلى وصلت الثاني، الرحمن بعبد أيضا

واملعارف الواردة من الشرق ومن اليونان القدمي وسرعان ما

انتشرت هذه املعارف إلى سائر الديار األوروبية بعد أن متت

ترجمتها إلى العربية، وهنا يطرح السؤال عن سبب ترجمتها

آنذاك السائدة اللغة وهي الالتينية إلى وليس العربية إلى

شبه في وفرضوها والقوط الرومان الغزاة بها أتى والتي

اجلزيرة اإليبيرية. واإلجابة على هذا السؤال جندها واضحة

واملعروف امليالدي التاسع القرن في عاش لكاتب نص في

أنه يؤكد إذ [Álvaro de Córdoba] القرطبي ألبارو باسم

الفتح اإلسالمي لشبه اجلزيرة بعد مرور مائة سنة فقط على

ال مبواهبهم املتميزين املسيحيني الشباب «جميع اإليبيرية:

الكتب ويدرسون يقرؤون العربية، واآلداب اللغة إال يعرفون

تشكيل في طائلة ــواال أم ينفقون فائق، بحماس العربية

أدب هو العربي األدب أن للجميع معلنني الهائلة مكتباتهم

23

مقدمة

• • 22• •

لغة حتى النصارى نسي لقد باإلعجاب... واحسرتاه! جدير

دينهم، ومن الصعب أن جتد من بني ألف من بيننا من يحسن

هنا اإلشارة صديق...» وجتدر إلى بالالتينية كتابة رسالة

القديس جانب إلى تزعم قد كان القرطبي ألبارو أن إلى

يولوجيوس القرطبي [San Eulogio] فئة من املسيحيني األكثر

باملزيد يطالبون وكانوا اإلسالم، ديار في بقوا ممن تزمتا

علنا مبا التفوه إلى األمر بهم بلغ الديني، وقد التسامح من

يسيء للرسول محمد عليه السالم وهم على بينة بأن ذلك قد

يتسبب في قتلهم فقد كانوا يرغبون في أن يتحولوا باعدامهم

املسيحية. إلى صفوف شهداء

التي القاعدة مبثابة اإليبيرية اجلزيرة شبه أصبحت وهكذا

نحو العربية والتقنيات اليونانية املعارف انتقال عليها قام

أرسطو وترجمات الفلكية واأللواح األسطرالب مثل أوروبا،

والرياضيات وتقنيات صناعة الورق. وقد توافد الزائرون على

بالد األندلس من املشاهير املتشوقني لطلب العلم واملعرفة في

هروتسفيت األملانية الراهبة تقول كما العالم» «حلية قرطبة

املسلمة إسبانيا على ــواج األف وتــوافــدت ذكرها، السابق

الكرميوني جيراردو اإليطالي املترجم مثل: املشاهير من

دانييل البريطاني والفيلسوف [Gerardus Cremonensis]

الدملتي هيرنان والعالمة [Daniel of Morley] مورلي أوف

أوف روبرت البريطاني واملستشرق [Herman Dalmatin]

تشستر [Robert of Chester] وغيرهم، ولعل الكاتب السعدي

تتوافد القوافل ترى «كنت قال: حينما هؤالء إلى يشير كان

والرجال العظام العلماء الرحال وحطوا األمصار جميع من

األتقياء واألغنياء من شتى األجناس واألقطار». ونذكر بكالم

احلميري وهو يستحضر عهد األندلس املجيد مقارنا األندلس

لطقسها وباليمن هوائها، ونقاء ترابها خلصوبة بالشام

أو املالحي. القتصادها وبعدن لثرائها، وبالصني املعتدل،

نستحضر كالم العالمة واملؤرخ اإلسباني كالوديو سانتشيث

«قرون األندلس: في [Claudio Sánchez-Albornoz] ألبورنوث

الثقافة ينابيع تدفق ليعيد النهضة عصر يأتي أن قبل

في ينبع كان كانت شبه مستنفدة حينذاك، التي الكالسيكية

العصور خالل الغرب عرفها حضارة ألكبر وافر نهر قرطبة

الوسطى ليسقي سائر أقطار أوروبا».

ومن بني أبناء تلك األرض اخلصبة في العلوم واملعرفة العالمة

أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ بن باجة (1138-) وابن رشد

فلسفة إنشاء في كبرى مساهمة أسهما اللذان (1126-1198)

السكوالئية على كبير تأثير لها كان أرسطوية مرجعية ذات

العقيدة بني التوافق عن للبحث محاولتهما في القروسطية

التي الالتينية وإلى العبرية إلى الترجمات وبفضل والعقل.

زاد تلقي من الغربية احلضارة متكنت األندلس في أجنزت

اآلخر وبعضها منسيا بعضها كان التي املعارف من هائل

حديث العهد، معارف في مجال العلوم والطب والنبات والصيدلة

األندلس كتبت في التي الهامة واملتعددة املؤلفات والزراعة. ومن

أورام بعالج يهتم الذي (-1162) إبن زهر كتاب بينها من نذكر

ميمون بن موسى عمران ألبي احلائرين" "داللة كتاب أو العني،

بن عبيد الله القرطبي (1205-1139) الذي تتلمذ على يد ابن رشد،

وكان ابن ميمون هذا يهوديا يتبع في كتاباته التقاليد اليهودية في

باللغة العلمانية مؤلفاته يكتب كان بحيث اإليبيرية اجلزيرة شبه

أما اإلنتاج الشعري بشبه اجلزيرة اإليبيرية وبالرغم العربية.

ال فإنه الكالسيكي العربي بالشعر جملته في يوحى أنه من

يفتقر إلى طابعه اخلاص إذ جند في بعض األشعار ما يوحي

بشعر التروبادور. أما في النثر فيتميز ابن جبير ورحالته كما

في التأريخ، وال جند مجال في (1332-1406) خلدون ابن يتميز

أوروبا خالل القرون الوسطى عاملا في طب العيون يضاهي عبد

الرحمن بن عبد الله الغافقي، وال في علم الفلك من يفوق أبا

أسحاق إبراهيم بن يحيى التجيبي النقاش واملعروف بالزرقالي

(1087-1029) صاحب كتاب "األزياج الطليطلية" الشهير والذي

ترجمه جيراردو الكرميوني، أو جابر بن األفلح الذي أنشأ في

إشبيلية في مبنى خيرالدة في القرن الثاني عشر أول مرصد

فلكي، وال جند متصوفا في حجم محيي الدين ابن عربي.

شبه في اإلسالمية الزخرفية والفنون العمارة مجال في أما

على يؤكد من املؤرخني من هناك فإن اإليبيرية، اجلزيرة

فاحتي العرب بأن ذلك معلال خاص إسباني-عربي منط

القوطية الكنائس أشكال بناياتهم في اتبعوا قد األندلس

كانت التي احمللية البناء مواد مستعملني وأمناطها الغربية

الثمانية القرون أفرزت البالد. وقد لهذه فتحهم قبل متداولة

من احلضور اإلسالمي في شبه اجلزيرة اإليبيرية باقة واسعة

البناء فقد تطور فن العمارة اإلسالمية: التقنيات في فن من

القباب، أعمال تقنيات وتنوعت الضوء، مع والتعامل باآلجر

الزخرفة فنون الشرقية وتطورت العمرانية املعارف جلب ومت

إليه يشير كما اإلسالمية، العمارة فن أن غير والتزويق.

من مشهد مجرد من أكثر هو ،[Mitchell] ميتشيل الباحث

القباب واملآذن، ومن القصور أو من قطع الزليج الرائع ذات

ثرية ثقافة عن صادق تعبير هي إمنا بل اللماعة، األلــوان

إلى أقصى احلدود مثل بلدان مختلفة قادرة على اجلمع بني

إسبانيا وجاوة أو آسيا الوسطى وإفريقيا ما وراء الصحراء.

ولرمبا يعود ذلك إلى أن العمارة اإلسالمية تعبر عن أفكارها

احلافز وعن واإلقتصادية اإلجتماعية الهيكلة وعن العقائدية

متميز. بصري باحساس بينها فيما ممتزجة السياسي

وخالصة القول، إن الفن اإلسالمي هو فن الشعوب اإلسالمية.

العمارة اإلسالمية جنده لإلهتمام في مجال باب مثير وهناك

قام التي فالكنائس املستعرب: بالنمط املعروف الطراز في

اجلزيرة شبه جنوب من هاجروا الذين املسيحيون ببنائها

عند أدخلوا املتحررة املسيحية باملمالك واستقروا اإليبيرية

تشييدهم لهذه املباني أشكاال إسالمية واضحة، بطبيعة احلال

فهي األشكال التي كانوا قد تعودوا على بنائها. واستمرت هذه

الفنون املستعربة نفسها في املناطق التي استردها املسيحيون

من الكثير النصرانية حتمل الكنائس املسلمني حيث جند من

الوقت وفي سابق. ذهبي لعصر الفنية املعمارية اخلصائص

اإليبيرية اجلزيرة في شبه عاشوا الذين املسلمني فإن نفسه،

حتت احلكم املسيحي تركوا بصمة معارفهم الفنية ضمن منط

املشهد هذا فإزاء ثم ومن املدجن. الفن باسم عرف عمارة

الثري والواسع لم يكن من باب الصدفة أن يلتقي العديد من

املؤرخني في اإلقرار بأن «إسبانيا املسلمة» أو األندلس مثلت

أهم مركز ثقافي في العالم خالل القرون الوسطى.

كما متيز املسلمون اإلسبان بشغفهم وتقديرهم للمجوهرات وإزاء

العمل الدقيق الذي كان يقوم به الصاغة خالل قرون وكانوا في

الرابع القرن في اخلطيب إبن كتب وقد اليهود، من معظمهم

والدمالج القالئد في «وحليهم يلي: ما الشأن هذا في عشر

أولى في العهد هذا إلى اخلالص الذهب والشنوف واخلالخل

اجلدة واللجني في كثير من آالت الرجلني فيمن عداهم واألحجار

النفيسة من الياقوت والزبرجد والزمرد ونفيس اجلوهر كثير ممن

ترتفع طبقاتهم املستندة إلى ظل دولة أو أصالة معروفة موفرة ».

خالصة القول، فإن بالد األندلس كانت بالدا مزدهرة ومتحضرة،

حتتضن مجتمعا متعدد اللغات ومتعدد الثقافات حيث السعادة في

متناول سكانها كما أكد على ذلك الرحالة الطنجي ابن بطوطة في

القرن الرابع عشر حينما كان ميلي أخبار رحلته على محمد بن

جزي الكلبي قائال: «فوصلت إلى بالد األندلس، حرسها الله تعالى،

حيث األجر موفور للساكن والثواب مذخور للمقيم والظاعن».



ALCALÁ LA REAL

القلعة

تقع مدينة القلعة كما عرفت في عهد األندلس أو القلعة امللكية

استراتيجي موضع في اليوم تعرف كما [Alcalá la Real]

بني محافظتي قرطبة وغرناطة وسط محيط جبلي، وقد حظيت

حتولت حينما للمسلمني بالنسبة حيوية بأهمية املدينة هذه

عشر الثاني القرن في الطوائف ممالك إلحدى عاصمة إلى

حتت حكم واليها عبد امللك بن سعيد الذي متكن من احلفاظ

من الثانية الفترة خالل املرابطني دولة إزاء إستقالليتها على

من الرغم على أنه األمر في والغريب الطوائف. ممالك عهد

العدد الزاخر من الرحالة الذين مروا ببالد األندلس وتركوا لنا

أخبار رحالتهم فإننا ال جند من بينهم سوى القليل ممن تركوا

عن أهمية تقل ال التي املدينة بهذه مرورهم عن رواياتهم لنا

غيرها رغم صغر حجمها، ومن بني الرحالة الذين أشاروا إلى

مدينة القلعة األمير الدمشقي أبو الفداء الذي أورد في القرن

الرابع عشر في مؤلفه الشهير "تقومي البلدان" أنها: «من أعمال

"املشهب" كتاب احلجاري ألف وفيها السعدية القلعة غرناطة

لصاحبها عبد امللك وهي رباط جهاد».

"القلعة" عربي، املدينة هذه اسم فإن هو واضح وجلي وكما

به ومن تعرف اليوم إلى تزال هذه احلاضرة أو احلصن، وال

األرجح أن تكون قبيلة اليمنيني، وهي أول قبيلة عربية استقرت

بهذه املدينة سنة 713 ميالدي، هي من أطلقت عليها هذا اإلسم.



26• •

«مفتاح التالية: العبارة القلعة مدينة شعار على اليوم وجند

أن إذ بسيط ذلك وتفسير قشتالة» مملكة وحصن وحــارس

وادي من باملرور سمح الذي املفتاح كان املدينة هذه غزو

وادي نهر عبور بعد غرناطة سهول نحو الكبير الوادي نهر

هذه عرفتها التي األهمية تكمن وهنا ،[Guadajoz] السوس

عشر، اخلامس القرن من األخيرة السنوات خالل احلاضرة

املوقع هذا متتع حتديدا اإلسالمي عهدها خالل ذلك، وقبل

بأهمية بالغة حينما حتول إلى أحد الثغور احملورية في الدفاع

الثامن القرن بها في األندلس، فمنذ حلول املسلمني عن بالد

قاموا بتحصينها ثم عاشت فترة ازدهار خالل القرن احلادي

عشر عندما انتقلت إلى حكم آل بني سعيد، وهي عائلة عربية

كان لها نفوذ كبير في املنطقة حينذاك، ثم بلغت مدينة القلعة

بني مملكة إلى ضمها أعقاب في ازدهارها درجات أقصى

الروايات في التي ظهرت األسماء أول الغرناطية. ومن زيري

التي تشير إلى هذه املدينة جند إسم قلعة أسطلير وذلك لوجود

باسم أيضا كما عرفت اإلسم، بها حتمل هذا ماء وافرة عني

ما فترة في حكموها الذين يحصب لبني نسبة يحصب قلعة

من تاريخها اإلسالمي، ثم عرفت باسم قلعة بني سعيد نسبة

لألسرة التي تولت حكمها في فترة الحقة.

ال ما غالبا احلجم متوسطة املدن فإن العادة، جرت وكما

بالنسبة احلال يختلف وال الواسع، بابه من التاريخ تدخل

سوى وروايات أخبار من عنها ن يدو لم التي القلعة ملدينة

فقد األزمات، خالل عاشتها التي األحداث تخص التي تلك

وقعت حينما الله عبد األمير واليها عهد في املدينة ذكرت

األصليون األندلس هم سكان )املولدون املولد الثائر يد في

أن إلى مستنه بن وليد بن سعيد اإلسالم( اعتنقوا الذين

الله، وقد لدين الناصر بن محمد الرحمن عبد هزمه اخلليفة

األمن وانعدام الفوضى من بحالة حينذاك املنطقة متيزت

من املتكونة واملتعددة الصغيرة الكنوز لغز يفسر ما وهو

املجوهرات ومن قطع النقود الذهبية التي عثر عليها في بلدة

[Ermita Nueva] نويفا إيرميتا وبلدة [Charilla] السكة

املناطق بهذه الكنوز هذه الباحثون وجود املجاورتني، ويعلل

أجل من عليهما األغنياء القلعة مدينة أهالي تردد جراء

النفيسة. ممتلكاتهم اخفاء

ويتميز من بني مشاهير مدينة القلعة املسلمني في مجال الفكر

واملعرفة الشاعر واملؤرخ نور الدين أبو احلسن علي بن موسى

(1213-1286) بابن سعيد املغربي األندلسي العنسي واملعروف

ضياع من الرغم على املؤلفات من الكثير إليه ينسب الذي

"كتاب الشهير مؤلفه وصلتنا التي أعماله بني ومن أغلبها

رايات املبرزين وغايات املميزين".

التاريخية ــداث األح خــالل من املعقل هــذا أهمية وتتجلى

في املسيحية اجليوش متكنت فقد شهدها، التي املتتالية

مناسبات عدة من غزوه ثم خسرته، فتحت قيادة امللك ألفونسو

في [Estepa] إستبة بحصن غزوه بعد تبادله الذي السابع

سنة 1075، ثم حتت قيادة امللك ألفوسو الثامن الذي حوله بعد

غزت ذلك وبعد العسكري، الديني كاالترافا نظام إلى غزوه

اجليوش املسيحية مدينة القلعة بقيادة امللك فرديناند الثالث ثم

خسرتها في مناسبتني، تاله امللك ألفونسو العاشر ثم انتقلت

سنة فاملوحدين 1135 سنة املرابطني لسلطة لتخضع املدينة

1145 وأخيرا متكن ألفونسو احلادي عشر من اإلستيالء عليها

بشكل نهائي في اخلامس عشر من آب من سنة 1341، وهكذا

متركزت جيوشه على مشارف مملكة غرناطة. وفي وقت سابق،

قد الثاني خوان القشتالي امللك كان ،1432 عام في حتديدا

أسبغ على هذا املعقل املهم رتبة مدينة. وفي عام 1491 انطلقت

فرديناند بقيادة حتديدا القلعة مدينة من النصارى جيوش

بني مملكة عاصمة غزو بهدف األولى إيزابيال وامللكة الثاني

بدأت املسيحيني بيد وسقوطها غرناطة غزو وبعد األحمر،

املدينة تفقد أهميتها على جميع املستويات وفي سنة 1967 مت

تصنيف هذه املدينة كموقع تاريخي فني.



29• • 28• •

القلعة

احلصن أو قلعة ألـمـوت

وتنتصب هذه القصبة املعروفة بحصن أملوت على ارتفاع يتجاوز

األلف متر، وكانت قاعدة جليوش حكام املدينة املسلمني آنذاك.

القليل، إال آثار إسالمية اليوم في هذا احلصن من يتبق ولم

وهو حصن يتموقع بشكل استراتيجي على قمة تل أملوت الذي

احلصن هذا ويتكون للمنطقة. العام املشهد على كليا يهيمن

يتخللها بأسوار محاطة معمارية وحدات ثالث من القلعة أو

القصبة بداخلها حتتضن التي والبوابات األبــراج من عدد

عربي طابع ذات بوابة عبر إليها العبور يتم التي اإلسالمية

خالص عرف باسم باب الصورة، ويشرف على هذا الباب برج

القصبة الباهر الذي يبلغ ارتفاعه عشرين مترا أقيم على شكل

مربع شبه منحرف وفقا لطراز عمارة املوحدين، ويحتضن هذا

البرج اليوم املتحف األثري للمدينة. ويتجلى عند مشاهدة هذا

احلصن نوعان من أمناط العمارة وهما النمط اإلسالمي الذي

شيد على أساسه البرج والنمط املسيحي الذي أدخل عليه على

إثر عمليات الترميم التي حلقت به. ونرى بكل وضوح انطالقا

من بوابة الصورة واملمر الذي يليها نحو الداخل منط العمارة

اإلسالمية في األقواس األندلسية التي أقيمت على شكل حدوة

وبعد بالطوب، املبنية اإلسالمية القباب هيئة وعلى الفرس

النمط نشاهد إذ العمارة أسلوب يختلف الداخل نحو الولوج

املسيحي بوضوح من خالل تغير شكل هذه القباب إذ تصبح

الكتاب واملؤرخني بعض احلجارة، ويرى مبادة مسننة ومبنية

باب مع تشابها ورمزيته وظائفه حيث من الصورة باب في

البرج بهذا حلقت وقد غرناطة. حمراء في املوجود الشريعة

أضرار وخيمة على إثر الزلزال الذي ضرب املنطقة في أواسط

القرن العشرين مما أدى إلى ترميمه سنة 1971 حتت إشراف

عليه أدخل الذي [Luis Berges] بيرخيس لويس املعماري

داخل إلى املرور اليوم. وميكن عليه نشاهدها التي الفتحات

البرج عبر رواق منعطف يذكرنا بطابع العمارة اإلسالمية التي

تتجلى من خالل أقواسه املزدوجة في شكل حدوة الفرس ومن

غرناطة بأسوار املوجود الزيادة باب تشبه التي هيكلته خالل

التي بنيت في القرن احلادي عشر.

وعلى إثر احلفريات التي أجريت في ساحة السالح التابعة لهذا

الرومانية احلضارتني إلى تعود أثرية مواد على عثر احلصن

واإلسالمية من بينها على سبيل املثال معصرة زيت وأفران وحتف

خزفية مت استخراها من اجلب املوجود في الساحة املذكورة.

يعود التي املسيحية الكنيسة األســوار داخل في جند كما

الكبرى مرمي العذراء كنيسة النهضة وهي عصر إلى عهدها

الذي القوطي املعبد عوضت التي [Santa María la Mayor]

بناه امللك ألفونسو احلادي عشر عام 1341، ويرى اخلبراء في

شأن هذه الكنيسة احتمال كبير أنها أقيمت في املكان نفسه

الذي كان يوجد فيه مسجد مدينة القلعة اجلامع القدمي.


ouroutput provider (such as Lightning such as Lightnouroutput provider (such as Lightning such as Light.مع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني على األراضي مع مطالع القر وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني علىاألراضي مع م


وجه على التحرير حرب أثناء في الفرنسي، اإلحتالل وبعد

الدقة، حرق احلصن بكامله ومن ذلك احلني وبعد أن ظل هذا

املبنى الهائل على حاله خالل أكثر من ألف سنة شرع األهالي

بدأت ثم بيوتهم، بناء في الستعمالها لبنة لبنة تفكيكة في

القصر بناء إلعادة الرامية الصعبة العملية عقود بضعة منذ

وفقا لطبعة فنية أجنزها الرسام الرومانسي البريطاني دايفيد

روبيرتس [David Roberts] في عام 1834، طبعة حتمل كل تلك

القوة التي يعجز األدب الرومانسي عن وصفها. كما توجد في

القلعة أبراج هامة أخرى نذكر من بينها برج فيال [Vela]وبرج

.[Mocha] اجلرس وبرج موتشا

اآلثار اإلسالمية في مدينة القلعة وضواحيها

كنيسة القديس دومينيك [Santo Domingo] القدمية التي أمر

تقع املدينة غزو إثر عشر احلادي ألفونسو امللك بتشييدها

هناك قائما كان جامع أنقاض على القدمي املدينة في ربض

استغلت صومعته لتأوي أجراس الكنيسة املذكورة.

هو اليوم يعرف كما [Charilla] برج شارييا أو السكة برج

خير مثال عن األبراج احلربية اإلسالمية، ويقع في بلدة السكة

التابعة للدائرة البلدية ملدينة القلعة، وهذا البرج هو واحد من

أبراج الطليعة التي بنيت حول املدن في إطار نظامها الدفاعي

وقد أدخلت خالل حكم اخلليفة احلكم املستنصر بالله املعروف

قائمة اليوم تزال وال .976 و 961 عامي بني الثاني باحلكم

حينذاك شيدت التي عشر اخلمسة الطليعة أبــراج بني من

برج احلالية بينها حسب تسميتها منها ونذكر من إثنا عشر

ديهيسييا [Cascante] وبرج كاسكانتي [Abril] وبرج أبريل

وبرج [Peña del Yeso] ييسو ديل بينيا وبرج [Dehesilla]

سوالنا [Solana] وبرج الس ميمبريس [Las Mimbres]وبرج

مراقبة مراكز األبــراج هذه وكانت .[Pedregal] بيدريغال

من اقترب إذا العدو لترصد استراتيجية أمكنة في أقيمت

فائقة بسرعة يصل اإلنــذار كان إذ للخطر وللتنبيه املنطقة

والطريقة بعيدة، أمكنة من القلعة مبدينة أملوت حصن إلى

املتبعة لإلنذار باخلطر كانت من خالل إثارة الدخان في النهار

وإضرام النار ليال، وكانت عميلة اإلنذار تتم في ناظور البرج

أو في شرفته. وعندما وقعت مدينة القلعة في يد امللك ألفونسو

الطليعة أبراج نظام عمارة بتعديل الغزاة قام احلادي عشر،

واملسيحية، اإلسالمية منها، صنفني نشاهد اليوم يجعلنا ما

أكبر ويكون جتانسا أكثر بناء منط يتبع املسيحي فالصنف

أو الطوب من مبنية فهي اإلسالمية ــراج األب أمــا حجما،

ما أعالها إلى أسفلها من الشكل أسطوانية وهي احلجارة

األبراج هذه دخول وميكن عناء، دون بينهما منيز يجعلنا

مستوى على منها واخلــروج املسيحية أو اإلسالمية ســواء

لتجنب وذلك حبلي أو خشبي سلم بواسطة علوها منتصف

احتمال مباغتة العدو ملن كان بداخلها.

ALMERÍA

أملرية

إلى ما بني عامي يعود أملرية أن تأسيس مدينة البعض يؤكد

الرحمن عبد اخلليفة فيه قام الذي التاريخ وهو ،955 و 954

أحد برفع الثالث الرحمن بعبد واملعروف الله لدين الناصر

عليه مطلقا مدينة مرتبة إلى القدمية الدفاعية احلربية الثغور

اسم أملرية، وهو اسم يرى البعض أنه يرجع إلى وجودها على

املرآة، يعني أنه اآلخر البعض يرى حني في البحر ضفاف

املراقبة برج أو الطليعة برج يعني االسم أن يرى من وثمة

واحلراسة. وكان عبد الرحمن نفسه من أمر ببناء قصبتها التي

ال تزال إلى اليوم تشرف بكل بهاء على مدينة أملرية.

عبد األمير سلفه قرر حينما أملرية مدينة تاريخ انطلق وقد

الثاني أو األوسط الرحمن بعد املعروف احلكم بن الرحمن

الفايكينغ مراكب نزول ملنع الساحلي اخلط من جزء حتصني

ليصبح مذاك إنطالقته [Pechina] بجانة ميناء بها وقد شهد

قاعدته وقامت طويل، ألمد مزدهرة جتارية تقاليد ذا مركزا

اإلقتصادية في مرحلته األولى على املنتوجات املنجمية ورخام

فيالمبريس جبال سلسلة من املستخرج [Macael] ماكاييل

والقرصنة النسيج صناعة على كذلك املجاورة، [Filambres]

الرازي موسى بن محمد بن أحمد املؤرخ أخبرنا أيضا، وقد

املعروف بالتأريخي في منتصف القرن العاشر في كتابه الذي

البرتغالية واإلسبانية اللغتني إلى مترجما أثره ووصلنا ضاع



33• • 32• •

أملرية

مدن من كانت أملرية أن األصلية العربية باللغة يصلنا ولم

الرفيعة احلرير واحللي بها يصنع واملزدهرة العامرة األندلس

ويشرف حصنها على البحر وقد قال الشاعر ابن سفر املريني

في مدحه لألندلس وال سيما ألملرية مسقط رأسه:

قد ميزت من جهات األرض حني بدت

دارت عـليهـا نـطـاقـا أبـحـر خـفـقـت

فــريــدة وتــولى مــيــزها املــاء

وجدا بها اذ تـبدت وهي حسناء

العذري أنس بن أحمد اجلغرافي العالمة أيضا أخبرنا وقد

في أنه )1085 بلنسية -1003 )دالية الدالئي بابن املعروف

القرن التاسع كان هناك برج طليعة نصب حلماية ثغر بجانة،

حاليا( التشانكا )حي احلوض ربض من مقربة وعلى وأنه

أهله يعيش الساحلي اخلليج بذلك صغير ربض ميتد كان

من التجارة البحرية، وتخبرنا نصوص املؤلف املذكور نفسها

933 كانت هناك دار لصناعة السفن تابعة أيضا أنه في عام

البحرية باملراكب البحري اخلليفة أسطول لتزويد للخالفة

إلى خاصة بصفة اإلشارة وجتدر هناك. ترسو كانت التي

أخبار العذري في شأن حمالت األسطول األموي التي شنت

قطالونيا منطقة على بن رماحس الرحمن عبد البحار بقيادة

سنة 940 أو على شواطئ جنوب إفرجنة في سنة 943. وكان

ميناء بجانة في تلك الفترة يقع في آخر ربض احلوض إلى أن

الربض الثالث ضرورة حتويل هذا الرحمن رأى اخلليفة عبد

فأمر الفاطمي، النفوذ توسع أعقاب في مدينة إلى القدمي

مدينة نشأت وهكذا املتزايدين أهاليها حلماية السور ببناء

بأولية «ليست أملرية أن أورد وقد اخلالفة، مدن من جديدة

محارس فيها وابتنت رباطا العرب اتخذها وإمنا العمارة

وكان الناس ينتجعونها ويرابطون فيها وال عمارة فيها يومئذ

وال سكنى وعليها سور صخر منيع بناه الناصر أمير املؤمنني

الرحمن سنة ثالث وأربعني وثلثمائة«. عبد

حاكم عهد في سيما ال املتميزة اإلزدهــار من حقبة وبعد

املدينة متكنت عامر بن املنصور فتى العامري خيران أملرية

لسلطانها، تابعة لتصبح وأعمالها قرطبة اخضاع من خالله

وقد الطوائف ملوك ألمــراء وواديها املدينة انتقلت ذلك بعد

بفضل والواثق بالله املعتصم عهد الفترة هذه خالل متيز

(1052- التجيبي صمادح بن معن بن محمد يحيى أبو الله

عهده في املدينة شهدت إذ الشاعر بامللك (1091واملعروف

املثل سرى الزاهر العهد ذلك وفي تطورها درجــات أقصى

فــورد ريتشارد البريطاني الرحالة ذكــره ــذي ال الشعبي

عشر التاسع القرن من األول الثلث خالل [Richard Ford]

قريتها« كانت غرناطة عزها في أملرية كانت «يوم والقائل:

.[“Cuando Almería era Almería, Granada era su alquería”]



وال تزال إلى يومنا هذا قائمة بقصبة أملرية بقايا قصر املعتصم

الذي شهد عهده املزدهر حملة بناء غير مسبوقة حولت املدينة

إلى عاصمة ذات شأن. وقد متيز من بني املنشآت التي ظهرت

في ذلك العهد البستان الذي أقيم خارج املدينة والذي أخبرنا

عنه العذري إذ يقول في مؤلفه "ترصيع األخبار وتنويع اآلثار"

بستانا وقصورا أملرية مدينة بخارج »بنى بالله املعتصم إن

الثمار جميع من إليها وجلب الصناعة غريبة البنيان متقنة

الكثير املوز مثل غريب شيء كل من ففيها وغيرها الغريبة

وقصب السكر وأنواع سائر الثمرات مما ال يقدر على صفته

مفروشة مفتحة مجالس عليها عظيمة بحيرة وسطه وفــي

بالرخام األبيض ويسمى ذلك البستان بالصمادحة وهو قريب

تقرب من صفها به بساتني كثيرة ا وقد اتصل املدينة جد من

فيها منتزهات ال يعلم مثلها في جميع املنتزهات«.

التي األهمية على للتعرف مرجع العذري خير وتظل نصوص

أملرية فيها بلغت التي الفترة تلك خالل املدينة اكتسبتها

إزدهارا سياسيا وإقتصاديا وثقافيا غير مسبوق ال سيما في

خليران وأعمالها املرية »توطدت حينذاك الفتى خيران عهد

أملرية جامع قبلة في وزاد محمودا مقاما فيها وقام الفتى

سنة عشر وأربعمائة زيادة جميلة اتسع بها جامع أملرية وبنى

خيران الفتى السور الهابط من جبل ليهم إلى البحر وجعل له

أربعة أبواب باب في اجلبل املسمى وباب يخرج منه إلى بجانة

بباب يعرف البحر قرب ضفة املربى وباب بباب يسمى وباب

السودان وهو اآلن يعرف بباب األسد )...( ومدينة املرية اليوم

متقنة البناء مصرية الشكل واملدينة القدمية منها مسورة بسور

عجيب وقد سور ربضها الشرقي واتصل سور الربض باملدينة

الغربي الربض الفتى خيران وكذلك الربض الذي سور وكان

مسور أيضا قد اتصل سوره باملدينة«.

وسرعان ما بلغ عهد املرابطني املدينة، عهد حافظت خالله أملرية

على شهرتها كمركز لتصدير احلرير والرخام مثيرة بذلك جشع

ملوك النصارى. وفي ذلك العهد كانت املدينة تبدو للزائر ككتلة

الشاهقة، األبــواب تتخللها التي األســوار بها حتيط ضخمة

حتتضن أحيانا مقابر أهاليها كمقبرة باب بجانة التي اكتشفت

مؤخرا، إلى جانب أسواقها العامرة وساحاتها الواسعة، وكان

كريستوبال سان بهضبة )املعروف ليهم جبل بني خندق ثمة

[Cerro de San Cristóbal]( وجبل القصبة وعرف هذا حاليا

اخلندق حينذاك بخندق باب موسى )البرانكو دي ال أويا حاليا

35• • 34• •

أملرية

التي األثرية احلفريات أثبتت وقد )[Barranco de la Hoya]

انطلقت في عام 1993 أن هذا اخلندق كان معمورا باألهالي.

1147 وبعد أن لقي امللك ألفونسو وفي تشرين األول من عام

اإليطاليتني وبيزا جنوة ومدينتي قطالونيا من الدعم السابع

ومن اإلفرجنة بعد أن سئموا هيمنة أملرية التجارية على بحر

نهبها من املدينة ومتكنوا غزو بهدف قواهم جمعوا املتوسط

على عقد مرور وبعد طويال. حصارا عليها فرضوا أن بعد

هذه الواقعة متكن املوحدون من استرجاعها غير أنها لم تعد

بعد ذلك إلى سالف عهدها املشرق وظلت هي وواديها تعيش

التي كانت تندلع من حني فترات خانقة جراء الفنت املستمرة

آلخر بني املسلمني أنفسهم، ومع هذه الفنت بدأت املدينة تشهد

لسلطان خاضعة املدينة أصبحت حينذاك احلتمي، انحاللها

مملكة بني األحمر ثم استسلمت إلى امللكني الكاثوليكيني بعد

استسالم غيرها من األقاليم واملدن املجاورة بشكل مهني مثل

بيرة [Vera] وبسطة [Baza] وبرشانة [Purchena] وعقبة شقر

[Mojácar] وسواها من املدن.

اإلدريسي محمد بن محمد الله عبد أبو العالمة ذكر وقد

الهاشمي القرشي )سبتة، 1099-جزيرة صقلية 1166( اجلغرافي

الذي تتلمذ في مدينة قرطبة وهاجر إلى جزيرة صقلية على ما

يبدو ألسباب سياسية في مؤلفه الشهير الذي كتبه في أواسط

"نزهة املشتاق في اختراق اآلفاق" والذي الثاني عشر القرن

،Descripción de España عنوان اإلسبانية حتت إلى ترجم

غزو امللك القشتالي ألفونسو السابع مدينة أملرية إذ أورد أن

–املوحدين- مدينة اإلسالم »مدينة أملرية كانت في أيام امللثم

بها كان أنه وذلك غريبة كل الصناعات كل من بها وكان

والديباج احللل بها يعمل طراز مائة ثماني احلرير طرز من

والسقالطون واألصبهاني واجلرجاني والستور املكللة والثياب

احلرير أنــواع وصنوف واملعاجر والعنابي واخلمر املعينة

النحاس آالت من صنوف بها يصنع اآلن قبل أملرية وكانت

وكان يكيف وال يحد ال ما الصناعات سائر إلى واحلديد

الوادي وهذا الرخيص الكثير الشيء واديها فواكه من بها

املنسوب إلى بجانة بينه وبني املرية أربعة أميال وحوله جنات

املرية إلى جتلب وفواكهها نعمها وجميع وأرحــاء وبساتني

اإلسكندرية من الطريق مراكب تقصد إليها املرية وكانت

أهلها ماال وال أيسر من باألندلس كلها كله ولم يكن والشام

أجتر منهم في جميع أنواع التجارات تصريفا وادخارا واملرية

الواحد اجلبل وعلى معمور خندق وبينهما جبالن ذاتها في

فيه ربضها منها الثاني باحلصانة واجلبل املشهورة قصبتها

ويسمى جبل ليهم والسور يحيط باملدينة وبالربض ولها أبواب

يسمى ربض عامر كبير الغربي ربض اجلانب من ولها عدة

احلوض وهو ربض له سور عامر باألسواق والديار والفنادق

التجارات كثيرة كبيرة مدينة ذاتها في واملدينة واحلمامات

لهجة في كالمة اإلدريسي «وينهي كثيرون إليها واملسافرون

كلها حزن وحتسر قائال: »... واملرية في هذا الوقت الذي ألفنا

كتابنا هذا فيه صارت ملكا بأيدي الروم وقد غيروا محاسنها

وسبوا أهلها وخربوا ديارها ولم يبقوا على شيء منها«.

ولكن أيضا هو أملرية مدينة جانبه من الفداء أبو ويصف

عشر الرابع القرن خالل أي حينذاك أيجابية أكثر مبنظار

املرية »ومدينة يقول إذ املدينة استرجعوا قد املسلمون كان

ومفتاح الشرق باب وهي الزقاق بحر حافة على مسورة

وأسوارها زبرجدي وبحر تبري وساحل فضي بر لها الرزق

من بها ويعمل معتدل وهواءها شامخة منيعة وقلعتها عالية

احلرير ما يفوق معمول غيرها ومن أعمالها حصن بجانة على

ستة أميال منها وحصن برشانة وحصن شنش ومدينة برجة

وهاء ونون وألف وجيم موحدة بياء وبجانه أندرش ومدينة

بجانة ضعفت ثم الوالية مقر وكانت إسالمية محدثة وهي

وقويت املرية فصارت تابعة لها«.

غير أن الوصف الذي تركه لنا الرحالة األملاني خيرونيمو مونزر

واستردادها النصارى قبل من غزوها بعد أملرية مدينة عن

والبرتغال" أسبانيا إلى "رحلة مؤلفه في املسلمني أيدي من

1494 أواخر في بها قام التي رحلته أخبار فيه جمع الذي

على املدينة »تقع يقول: إذ سبقه عما يختلف وصف هو

املفتوح وعلى اجلبل قلعة البحر سفح جبل وتتجه جنوبا نحو

كبيرة جعلت لها نوافذ من حديد وقد أمر امللك مؤخرا بإقامة

ا توجد حصن فوق أسس القلعة القدمية. إنها عمل عجيب حق

بواسطة املياه تضخ نافورة تتوسطها مربعة حديقة بداخلها

أنابيب ورأينا هناك من األسرى الكثير الذين أوثقت أقدامهم

وقد خصنا بشرف كبير ذلك الرجل القشتالي النبيل واحلكيم

فائق بترحيب استقبلنا نابولي مدينة إلى أصله يعود الذي

غنموها التي األسلحة من الكثير لنشاهد الفرصة لنا وأتاح

يصعب أقواس ومنجنيقات وسيوف وسهام من املسلمني من

عدها«، وينهي وصفه شارحا بطريقته اخلاصة انحالل مدينة

العربية الثقافة مراكز أهم من مركزا مضى عهد في كانت

37• • 36• •

أملرية


ouroutput provider (such as Lightning such as Lightnouroutputمع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني على




سهول ولها مثلث شكل على أملرية »ومدينة بقوله اإلسبانية

من تهدم قد منها كبيرا جزءا لكن باألبراج يحتشد وسور

وقعت أرضية لهزة نتيجة مأهول وغير مهمال وبات الداخل

تبلغ خمسة آالف فيما مضى منازلها الغزو وكانت بعد عليه

ثمامنائة ولذلك بها سوى يتبق لم املعمورة واآلن البيوت من

بديارها اإلستقرار بغرض إليها يأتي كان غريب أي فإن

أن يستطيع حتى الزيتون والبساتني ومزارع البيت مينحونه

تكون له بها حياة طيبة ولهذا فهي ستعمر سريعا«.

األكبر اجلامع

[Pilar Sánchez Sedano] تؤكد الباحثة بيالر سانتشيث سيدانو

على أن جامع أملرية األكبر كان أهم مبنى إسالمي بهذه احلاضرة

وهو يقع في وسط املدينة وقد أمر ببنائه اخلليفة الناصر لدين

الله عبد الرحمن بن محمد في عام 965 وكان يعد في البداية على

ثالث بالطات ومت توسيعه مع تزايد أهالي املدينة وكان في شكل

مستطيل يبلغ طوله سبعني مترا وعرضه خمسة وأربعني وأصبح

بعد توسيعه يحتوي على سبع بالطات تقوم على أقواس طليت

لبناتها باللون األحمر واألبيض وتفتح هذه البالطات على صحن

كبير زرعت به أشجار الليمون وقد جعلت بوسط الصحن املذكور

واحملراب القبلة جدار الساعة حد إلى يزال وال ماء. فسقية

بنيت على التي [San Juan] يوحنا القديس قائمني في كنيسة

أنقاض أهم مبنى إسالمي باملدينة وهي حتتوي اليوم على أدوات

زخرفية من أصل موحدي تعود إلى القرن الثاني عشر.

أمليرية مسجد مونزر خيرونيمو األملاني الرحالة ويصف

اجلامع الذي زاره بعد مضي سنوات قليلة من الغزو املسيحي

للمدينة قائال »وقد حتول املسجد إلى كاتدرائية أملرية ولم يكن

فقط أكبر دار عبادة في أملرية بل كان أيضا واحدا من أكثر

املساجد جماال وبهاء في كامل مملكة غرناطة... إنه رائع جدا

عهد في به توقد عمود وكانت ثمامنائة من أكثر على يستند

املسلمني أكثر من ألف مصباح طوال اليوم«.

قصبة أملرية

لنبدأ في وصف هذه احللية اإلسالمية بكالم العالمة اجلغرافي

املدينة على أشرفت »وقــد عنها: يقول إذ العذري املريني

إلى يصعد ال متقن عليه سور منفرد جبل في قصبتها وهي

39• • 38• •

أملرية

قصبتها إال بكلفة وال يرقى إليها إال مبشقة محكمة في رتبها

املؤرخ اإلسباني خوليان مارتينيث إمتناعها« ويؤكد غاية في

املرينية القصبة أن على جهته من [Julián Martínez]

ومتقن محكم بشكل تتأقلم اإلسالمية احلصون من كغيرها

تصميمها يتماشى حيث عليها أنشئت التي األرضية مع

وكانت عليه تقف الذي الصخري اجلبلي الرعن مع ويتكيف

هذه القصبة توفر احلماية إلى ميناء املدينة مما جعله يتحول

إلى أهم بوابة بحرية في بالد األندلس.

34.000 مساحة على والبالطي الدفاعي املجمع هذا وميتد

حيث من اإلسالمية املنشآت أكبر ثاني وهي مربعا مترا

إلى قائمة القصبة بساتني تزال وال إسبانيا في مساحتها

عدد إلى القصبة وتنقسم ونافوراتها، بقنواتها هذا يومنا

من الفضاءات املقسمة على نحو واضح، فالفضاء األول كان

مخصصا إليواء اجليوش وجند بهذا الفضاء برج املرايا وباب

يحتوي فهو الثاني الفضاء أما الصخرة، ومعقل الشريعة

اليوم قائمة منه أجــزاء تــزال ال الــذي املعتصم قصر على

في جامعا كان الذي يوحنا القديس الناظور ومنسك وكذلك

عهد املسلمني، أما الفضاء الثالث الذي أدخلت عليه حتويرات

املدينة وقعت عندما الكاثوليكيني امللكني يد على أتت عميقة

في أيديهم فال جند به اليوم من آثار عمارته اإلسالمية سوى

برج القصبة الرئيسي وبرج الناعورة وبرج البارود.

آثار إسالمية أخرى مبدينة أملرية

جند في احلديقة التي حتمل اسم رئيس اجلمهورية اإلسبانية

األولى نيكوالس سامليرون [Nicolás Salmerón] أصيل مدينة

أملرية جزءا من سور املدينة اإلسالمي كما جند أسس البوابة

يعود وكالهما السفن صناعة حوض إلى تؤدي كانت التي

موسى باب بخندق ومــرورا القصبة ومن اخلالفة، عهد إلى

القديس بهضبة حاليا )املعروف ليهم جبل نحو الصعود يتم

كريستوبال( وجند في طريقنا جزءا من السور الذي بناه امللك

الفتى خيران، أما اجلباب التي بناها امللك املذكور والتي أقيمت

في إرتفاعا األكثر املنطقة في فنجدها باملياه األهالي لتزود

املدينة وقد أقيمت في هذا املكان من أجل تسهيل عملية توزيع

املياه املتأتية من عني املاء القريبة منها واملعروفة بعني احلضرة،

من متكون سميك بغالف اجلباب هذه داخل تغليف مت وقد

خليط من اجلير واملغرة ملنع تسرب املياه.

وننهي حديثنا مبا أشار إليه الرحالة األملاني خيرونيمو مونزر

في "رحلته إلى إسبانيا والبرتغال" عن مدينة أملرية التي كانت

في الصغيرة وأن املساجد من كبيرا عددا قوله تضم حسب

في غنموها قد العرب كان التي األجــراس »علقت بعضها:

كثيرة مواضع في يثقبونها فكانوا املسيحيني ضد حروبهم

ويعملون في جتويفها دوائر كثيرة بشمعدانات صغيرة يضعون

فيها مصابيح صغيرة حتى أنه كان في بعض هذه األجراس

أكثر من ثالثمائة مصباح صغير«.



BADAJOZ

بطليوس

إن كانت مدينة ماردة تعد أهم مدينة مبحافظة إكسترميادورا

خالل فترة احلضور الروماني بشبه اجلزيرة اإليبيرية فقد أخذت

عنها بطليوس املشعل وأصبحت أهم مدينة في هذه املنطقة في

عهد احلضور اإلسالمي، وهكذا حتولت منطقة إكسترميادورا

بني فاصلة منطقة حدودية إلى دويرة( نهر وراء ما )ومعناها

بها بنيت حيث اإلسالمي املسيحي والعالم العالم هما عاملني

األسوار وشيدت عبرها احلصون مبختلف أصنافها.

مروان بن الرحمن عبد املولد القائد أعلن 874 سنة ففي

مترده الرحمن عبد بن محمد األمير بجيش القائد اجلليقي

الوقت ذلك في األندلس عاصمة قرطبة من بجيوشه وهرب

مستهال البالد بغرب دويرة نهر وراء ما مناطق نحو واجته

ما كل ومجتاحا أمية بني جيوش ضد مفتوحة حربا بذلك

يعترض طريقه عبر مناطق إشبيلية ولبلة وغرب األندلس »فلما

به الرحمن- عبد بن محمد –األمير محمد األمير غم طال

بنا وعمك بك غمنا طال قد هذا يا له فقال أمينا إليه وجه

أبتنيها البشرنل لي يباح أن لهم مذهبي فقال فنا مبذهبك عر

طاعة وال جباية تلزمني وال الدعوة وأقيم وأعمرها وأمدنها

وبينهما بطليوس تقابل هذه والبشرنل نهي« في أمر وال في

مدينة نشأت الطريقة وبهذه بالقبول األمير رد فكان النهر،

قرطبة، وظهرت مع مدينة حرة ومستقلة عن سلطان بطليوس



43• • 42• •

بطليوس


ouroutput provider (such as Lightning such as Lightnouroutput provider (such as Lightning such as Light.مع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني على األراضي مع مطالع القر وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني علىاألراضي مع م


نشأة هذه احلاضرة ساللة جديدة من احلكام وهي أسرة بني

تركيبة ضمن املنطقة أهالي ادماج من متكنت التي مروان

احلكم في االستمرار من مكنتهم معقدة وعسكرية سياسية

نصف من أكثر سلطانهم حتت بطليوس وظلت طويلة، ملدة

على بقرطبة ونشأت املركزي احلكم عن مستقلة كمدينة قرن

بني مملكة أسس بطليوس نهر أو يانة نهر بضفاف أيديهم

إلى سنة مائة بعد وستتحول الحقا ستظهر التي األفطس

اجلزيرة بشبه ظهرت التي الطوائف ممالك أهم من مملكة

اإليبيرية، وستشهد مدينة ضفاف نهر يانة إزدهارا كبيرا في

مجاالت الفكر واملعرفة والفنون واآلداب.

تأسيس بذكرى يحتفلون اليوم بطليوس أهالي يــزال وال

باسم يعرف سنوي مهرجان بإقامة العرب يد على مدينتهم

[Almossasa Batalyaws] بطليوس تأسيس أو مؤسسة

يفي املدينة لتأسيس آنذاك اختياره مت الذي املوقع وكان

أهمها الهدف، لذلك الضرورية الشروط من بسلسة متاما

توفر املاء متمثال بنهر يانة فضال عن وجود املراعي وخصوبة

اخلشب منها سيقطع التي الغابات وتوفر املنطقة أراضي

املكان يوفرها هذا التي البناء وكذلك احلماية الستعماله في

[Cerro de la مويال هضبة على لوقوعه نظرا ذاته حد في

منذ اإلنسان استوطنها قد كان مرتفعات وهي Muela]

الغربيني. القوط عهد إلى البرونزي العصر

موقعها بفضل متزايدة أهمية املدينة اكتسبت ما وسرعان

اإلستراتيجي حيث تتمركز على نقطة العبور الطبيعية املوصلة

ما بني هضاب قشتالة واألندلس ولشبونة وقد أشار إلى هذه

ليون دي روسمينتهال دي بها بطليوس تتميز التي اخلاصية

امللك جورج [León de Rosmithal de Blatna] صهر بالتنا

بها قام التي بعد رحلته عبر إسبانيا والبرتغال بوهيمية ملك

أيضا عشر وأشار اخلامس القرن من الثاني النصف خالل

بقصبة مدينته عزز ما سرعان مــروان ابن القائد أن إلى

العمومية باحلمامات وزودها أكبر جامعا بها وابتنى منيعة

واألسواق بداخل أسوارها وخارجها وال تزال قائمة إلى اليوم

فترة إلى تعود التي البنايات آثار القصبة أســوار بداخل

عنه فقد عرفنا منها أما ما اضمحل ابن مروان، حلقت عهد

بفضل أخبار املؤرخني واألدباء الذين أوردوا أن أول األشغال

عبد حفيده يد على أتت توسيعها بهدف باملدينة جرت التي

الرحمن في عام 913 ميالدي.

اجلليقي مروان ابن ساللة عهد نهاية سنة 930 سنة وكانت

اخلالفة سقطت أن إلى قرطبة خلليفة تخضع املدينة وباتت

الطوائف ملوك عواصم أكبر من عاصمة بطليوس فأصبحت

حتى إستقالليتها على محافظة اإليبيرية اجلزيرة شبه في

سنة 1022، وخالل هذه الفترة أصبح عدد أهالي املدينة يزيد

عن خمسة وعشرين ألف ساكن وغدت قبلة يقصدها الشعراء

بها ودونت فيها أكبر توافدوا عليها وأقاموا الذين والفنانون

لألسف والتي الوقت ذلك إلى اإلنسانية عرفتها موسوعة

فقدت وتالشت، وفي عام 1086 دارت مبشارف مدينة بطليوس

معركة الزالقة التي أوقفت الزحف املسيحي الهادف إلى غزو

الطوائف ونفوذ نهاية عهد ملوك النهر ومثلت وراء منطقة ما

األندلس. ببالد املرابطني

عشر الثالث إلى عشر احلادي القرن من بطليوس وشهدت

في املدينة ازدهار هامة رافقها اقتصادية وسياسية تغييرات

التي الرعاية بفضل مسبوق غير بشكل الفكر واملعرفة مجال

حظي بها العلماء واألدباء في عهدي املظفر واملتوكل فامتألت

بن عيسى بكر محمد أبو بينهم من بهم وعمرت وكان املدينة

اللبانة وهو واحد من بابن الداني املعروف اللخمي بن محمد

أشهر شعراء عصره وقد مدح بشعره ملك إشبيلية املعتمد بن

وعبد ،(1013-1081) الباجي الوليد أبو املالكي والفقية عباد،

مبؤلفه اشتهر الذي البطليوسي السيد بن محمد بن الله

"كتاب احلدائق" وقد مثل هذا الكتاب أول طرح ظهر في بالد

اإلسالمي والفكر الفقه بني التوافق في سبل يبحث األندلس

اإلغريقي.

ويصف محمد اإلدريسي في كتابه "نزهة املشتاق في إختراق

عشر احلــادي القرن أواســط في بطليوس مدينة ــاق" اآلف

ربض ولها األرض من بسيط في جليلة مدينة »وهي قائال:

على ضفة بالفنت وهي في شرقها خال املدينة من أكبر كبير

يحمل موضع في يكون ألنه الغؤور املسمى الكبير نهرها

السفن ثم يغور حتت األرض حتى ال توجد منه قطرة فسمي

الغؤور لذلك وينتهي جريه إلى حصن مارتلة ويصب قريبا من

ومنها أيام ستة إشبيلية إلى بطليوس ومن شلطيش جزيرة

"تقومي في الفداء أبو أشار وقد مراحل«. ست قرطبة إلى

من قرنني بعد الغؤور بطليوس نهر إلى أيضا هو البلدان"

كالم اإلدريسي إذ ذكر أن: »بطليوس قاعدة مملكة ومملكتها

مبيلة الغرب في وهي قرطبة مملكة عن والغرب الشمال في

ستة وقرطبة بطليوس وبني طليطلة مملكة عن اجلنوب إلى

45• • 44• •

بطليوس

من بسيط في نهر على وهي عظيمة مدينة وبطليوس أيام

األرض مخضر وبني فيها صاحبها املتوكل بن عمر األفطش

القالس: البن وفيها اسالمية محدثة وهي العظيمة املباني

أو جنابك من غور ولله البعد، اتصل ما أنساك ال بطليوس

جند، ولله دوحات حتفك بينها، تفجر واديها كما شقق البرد.

ومن أعمال بطليوس املشهورة مدينة بابرة... «

املدينة سقطت 1230 سنة من آذار من عشر التاسع وفي

ليون مملكة ملوك آخر التاسع ألفونسو امللك جيوش يد في

وقبل املؤرخني، روايــات حسب كبيرة مقاومة تبدي أن دون

قد استسلمت مدن أخرى النصارى كانت بيد املدينة تقع أن

وقد ماردة، ومدينة قصرش مدينة مثل املسيحيني تقدم إزاء

الهيكل )فرسان املسيحية العسكرية الدينية التنظيمات لعبت

ا فيما سمي وتنظيم القنطرة وتنظيم القديس يعقوب( دورا هام

بحملة اإلسترداد وفي إعادة عمران منطقة إكسترميادورا منذ

استردادها وخالل القرون التي تلت ذلك.

القصبة

قائما منها جزء يزال ال التي القصبة بناء 1169 عام في مت

في يومنا هذا، وقد مت تشييدها في عهد اخلليفة املوحدي أبي

يعقوب يوسف الذي بنى في نفس العام برج الطليعة املعروف

مثمن برج [Espantaperros] وهو إسبانتابيروس ببرج اليوم

بني أنه ويبدو املوحدي، العمارة منط بنائه في اتبع الشكل

باتباع منوذج برج إشبيلية الشهير املعروف ببرج الذهب.

التغييرات من الكثير احملصن املجمع هذا على أدخلت وقد

عهده أول في كان أنه ومع تاريخه، من سنة األلف خالل

بطليوس، اجلليقي مروان ابن مدينة نشأة الذي شهد املكان

عهد مستهل في أي ذلك على عقود بضعة مرور بعد فإنه

شهد الله، لدين الناصر محمد بن الرحمن عبد اخلليفة

بهدف عليه أدخلت معمقة دفاعية وإصالحات حتويرات عدة

مملكة ملك بها يقوم كان التي الشرسة للهجومات التصدي

استعمال استمر وقد املنطقة، في الثاني أوردونــيــو ليون مع مطالع القرن الثامن، وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني على األراضي مع مطالع القر وبعد قرنني ونصف القرن من حكم ملوك القوط الغربيني علىاألراضي مع م


47• • 46• •

بطليوس



لغياب نظرا الدفاعي املدينة نظام بناء أشغال في الطوب

الطليعة أبراج تشييد ومت املنطقة تلك في الصلبة احلجارة

التي لم تكن عالية ولذلك وضعت على مسافات قصيرة تفصل

فيما بينها، وقد وصلنا من ذلك العهد اجلزء اجلنوبي من سور

وبعد .[Galera] غاليرا حدائق من بالقرب واملوجود املدينة

نحو تتسع بدأت دولة عاصمة بطليوس مدينة أصبحت أن

مدن أخرى مثل ماردة ولشبونة وشنترين [Santarém] وقلمرية

[Coimbra]، ثم حصنت أسوارها بني عامي 1022 و 1094 على

نحو موسع ومعمق ليكون خير مثال يعكس قوة مدينة نهر يانة

شاهد 1134 سنة وفي الطوائف. ممالك باقي إزاء وعظمتها

التي الشهيرة الزالقة معركة أسوارها على من املدينة أهالي

بضعة وبعد النصارى، على الساحق املسلمني بفوز انتهت

بن سير املرابطني قائد لتستقبل أبوابها املدينة فتحت سنني

أبي بكر، ثم في عام 1145 انفصلت بطليوس عن دولة املرابطني

واليها حكم حتت قصيرة فترة دام الذي استقاللها وأعلنت

سدرائي بن وزير الذي ما برح أن أعلن والءه للحكام املوحدين

غزو محاولتهم في البرتغاليني النصارى فشل وبعد اجلدد.

فرديناند امللك مع حتالفات املوحدون عقد 1169 سنة املدينة

الثاني ملك ليون وقاموا في الوقت نفسه بتنفيذ مخطط واسع

مت الفترة تلك وفي املنطقة، في املسورة املعاقل لتحصني

توسيع محيط قصبة بطليوس إلى أن أصبحت متتد على كامل

سطح هضبة مويال، أي على ما يقارب ثمانية آالف متر مربع،

وكان في القصبة ثالث بوابات رئيسية يلي هذه البوابات رواق

منعطف وباب رابع صغير، وكانت البوابة املعروفة اليوم ببوابة

البينديث [Alpendiz] تؤدي إلى ربض املدينة وهي بوابة بنيت

على احلجم كبير معقود أندلسي قوس هيئة في باحلجارة

شكل حدوة الفرس، ثم البوابة املعروفة اليوم باسم بوابة رأس

املجمع داخل نحو تفتح التي [Capitel] الكابيتيل أو العمود

السكني وقد أقيمت على هيئة قوس كبير له شكل حدوة الفرس

بنائها، في العرب استعمله روماني عمود رأس على يقف

هذا بها يعرف التي التسمية سبب هو هذا العمود ورأس

بوابة باسم املعروفة البوابة فهي الثالثة البوابة أما القوس،

باإلسبانية وقد [los Carros] كاروس لوس بوابة أو العربات

أعيد بناؤها بالكامل بعد أن هدمت في بداية القرن العشرين.

أو البرانية األبــراج من كبير عدد ببناء املوحدون قام وقد

بينها تربطها مبراقبها من لها ممرات التي وضعت اخلارجية

برج إسبانتابيروس [Espantaperros] الذي أصبح اليوم رمزا

من رموز مدينة بطليوس.

49• • 48• •

بطليوس






مساجد بطليوس التي اختفت

وصلتنا أخبار جامع املدينة األكبر عن البكري واحلميري اللذين

يؤكدان أنه كان موجودا في وسط املدينة أي في املكان نفسه

الذي أقيمت فيه أول كنيسة بنيت بعد الغزو املسيحي النهائي

لبطليوس سنة 1230، ويشير احلميري إلى أن اجلامع كان قد

بني إبان تأسيس املدينة بقوله:» فأنفذ له جملة من البناة وقطعة

)نرى مجددا باللنب والطابية بناء اجلامع املال فشرع في من

ندرة احلجارة الصلبة في املنطقة( وبنى صومعته خاصة باحلجر

واتخذ مقصورة )...( وأقام البناة عنده )عند ابن مروان( حتى

بالقصبة املوجود اجلامع إلى إضافة مساجد«. عدة له ابتنوا

في املتوزعة املساجد من كبير عدد على تشتمل املدينة كانت

مختلف أنحائها مثل اجلامع الذي قام ببنائه آل ساباريكو وهي

أسرة مولدية كان لها شأن في مدينة بطليوس.

احلصون اإلسالمية مبنطقة بطليوس

يبلغ باملنطقة والتي املنتشرة يتميز من بني احلصون والقالع

عددها األربعني، حصن ميدييني [Medellín] كما يعرف اليوم

أو حصن مارتلة كما سماه اإلدريسي، وقد أقيمت هذه القلعة

القرن في بناؤها واكتمل رومانية مستوطنة أنقاض على

وقد يانة، نهر بهضبة املعروفة الهضبة ظهر على العاشر

حوضني من واملتكون بها املوجود اجلب اليوم منها وصلنا

القرن للمدينة وحتديدا في الغزو املسيحي املياه، وبعد جلمع

الرابع عشر متت إعادة بناء هذا احلصن.

اإلسالمي العهد إلى في األصل يعود آخر يوجد حصن كما

وقد شهد الحقا على يد النصارى تغييرات كثيرة وهو احلصن

في [Álvaro de Luna] ويقع لونا دي ألبارو باسم املعروف

دورا هذا احلصن لعب [Alburquerque]، وقد البرقوق بلدة

األندلس غرب بني الفاصلة احلدود على ملوقعه نظرا ا هام

يزال ال الذي الرئيسي ببرجه يتميز وهو النصارى، وممالك

اليوم في حالة حسنة.

بها أقام قدمية بلدة [Feria]، وهي فيريا بلدة أسوار وكذلك

ويتميز منها، العليا باجلهة منيعة بأسوار وحصنوها العرب

برج هذه األسوار الرئيسي الذي يتوسطها وهو برج مربع بني

باحلجارة ويتكون من أربعة طوابق وقد أدخل عليه دوق املدينة

في القرن اخلامس عشر تغييرات عميقة.

كما توجد في املنطقة حصون أخرى ال تقل أهمية عن غيرها

[Zafra] وهو قصر عربي بني نذكر من بينها قصر الصفراء

في خاصة كثيرة تغييرات حلقته عشر احلادي القرن في

اخلامس عشر. القرن





BAÑOS DE LA ENCINA

برج احلمة

يعود تاريخ أول استيطان في هذه املنطقة إلى العصر البرونزي

وهو ما يتبني من رسوم الكهوف املوجودة في ضواحي بلدة برج

احلمة التابعة ملدينة جيان، ال سيما تلك املوجودة في املوقعني

األثريني المونيدا [la Moneda] وبينيالوسا [Peñalosa] ويبدو

واضحا سبب اختيار العرب لهذا املكان كقاعدة لهم بعد نزولهم

على البلدة هذه تقع إذ مباشرة اخلضراء اجلزيرة بسواحل

املنطقة، في آخر مكان يضاهيها ال هامة إستراتيجية نقطة

بالله املستنصر احلكم أمر الدقة وجه على املكان هذا وفي

ابن اخلليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله في عام 968 م بناء

احلصن املعروف ببرج احلامة.

ويقع برج احلمة املنيع على رأس تلة صخرية تشرف على نهر وادي

[Sierra Morena] بسفوح جبل الشارات [Guarromán] الرمان

حيث يبدو شامخا وكأنه سفينة ضخمة توشك على اإلبحار ألول

مرة، ويحيط ببرج احلمة سوره الذي تدعمه أربعة عشر من األبراج

التي شيدت باحلجارة واملالط يتجاوز ارتفاعها علو السور بقليل

برجه السور على ويشرف الحقا، ترميمها مت ثلمات وتتخللها

الرئيسي الباهر الذي ميكن الوصول إليه عبر مدخل به قوسني

على شكل حدوة الفرس، ويتوسط حصن احلمة الذي صنف كواحد

من معالم التراث الوطني سنة 1931 صحن واسع به جب قسم على

قسمني تفصل بينهما أعمدة وسقف بسقف نصف مقبب.



53• • 52• •

برج احلمة



55• • 54• •

برج احلمة






[Salvatierra Cuenca] كوينكا سالباتييرا األستاذ ويؤكد

برج قلعة هي القلعة هذه أن جيان بجامعة التاريخ أستاذ

ملك الثالث فرديناند ووثائق روايات في إليها املشار احلمة

محمد بن الله عبد بياسة أمير عنها له تنازل التي قشتالة

البياسي حينما طلب منه املساعدة والدعم العسكري على إثر

مترده على اخلليفة املوحدي أبي محمد عبد الله العادل.

وبعد سقوط دولة قرطبة الذي نتج عنه تفكك النفوذ اإلسالمي

في شبه اجلزيرة اإليبيرية من جهة والتقدم املسيحي من جهة

امللك بقيادة النصارى جيوش بيد احلمة برج وقع أخــرى،

متكنت ما سرعان ولكن ليخسره عاد ثم الثالث ألفونسو

بقيادة م 1225 سنة نهائيا استرجاعه من النصارى جيوش

الثالث. ملك قشتالة فرديناند

وفي ذلك العام نفسه قام ملك قشتالة بشن أول أكبر هجوماته

على بالد األندلس اإلسالمية وكان حينذاك عبد الله بن محمد

العسكرية قدراته تام بضعف على وعي جيان البياسي حاكم

برج حصن في وتقابال لقاءه فطلب النصراني امللك ملواجهة

ملك مع هدنة عقد عن اللقاء هذا وأسفر حتديدا، احلمة

وفتحت كرهينة أبنائه أحد البياسي مبوجبها سلم النصارى

حصن الجتياح فرديناند امللك أمــام ــواب األب الهدنة هــذه

صيف إلى اإلنتظار وجب ثم املنيع، [Quesada] قيشاطة

تلقى ملك قشتالة حملته احلربية ومعها ليستهل التالية السنة

على احلكم في استمراره شرط له اعالن والئه البياسي من

عن املقابل في الثالث فرديناند للملك وتنازل جيان منطقة

وبلدة [Martos] مارتوس [Andujar] وحصن أندوجر حصن

سالباتييرا [Salvatierra] وبرج احلمة.

من قوالب وهي املدكوك بالطوب احلصن هذا أســوار بنيت

الصغيرة واحلجارة واجلير الصلصال من املتكون اخلليط

العمارة فن يشبه بشكل طبقات على ترصيفها يتم احلجم

احلالية في القولبة باإلسمنت ويتم دك هذه القوالب باستعمال

اخلارجية. خصوصياته السور على تضفي خشبية صناديق

حصون في املتبعة الطرق مع هذه البناء طريقة وتتضارب

بنائها في استعمل الحقة فترات في شيدت أخرى اسالمية

بناء تاريخ أما األساس. في املنحوتة أيضا واحلجارة الطوب

احلصن فنستدل عليه من خالل اللوح املوجود حاليا في املتحف

الكوفي باخلط احلجارة على املنحوت مبدريد الوطني األثري

برج في وزعت عدة لوحات عنه إستنسخت الذي املشرقي

احلمة وجاء في نص اللوح ما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

أمر ببنيان هذا البرج

عبد الله احلكم املستنصر بالله

أمير املؤمنني أطال الله بقاه

على يدي موليه وقائده

ميسور بن احلكم

كمل بحول الله وتأييده

وذلك في شهر رمضان

سنه سبع وخمسني وثالثمئة )968 م.(.

ووفقا ملا أفادنا به األستاذ سالباتييرا في وصفه الدقيق لقلعة

إثر على إلى قصر الشرقي جانبه فقد مت حتويل احلمة برج

يدعمه داخلي سور إضافة ومت املعقل لهذا النصارى غزو

ومن قاعدته سوى اليوم منه لنا يتبق لم الشكل دائري برج

احملتمل أن يكون البرج الرئيسي املوجود باحلصن والذي بني

باحلجارة املنتظمة جزءا تابعا لهذا القصر، وقد بنيت واجهته

اخلارجية على شكل دائري وهو ما يؤكد أن بناءه مت بعد بداية

القالع واحلصون. وخالل على الهجوم في املدفعية استخدام

املنطقة أهالي 1828 استخدم نحو سنة العصر احلديث وإلى

لهذا أسواره من وجانب أبراجه ووظفت كمقبرة احلمة برج

الغرض، ثم مت ترميم احلصن خالل سبعينات القرن العشرين

حتت إشراف املهندس املعماري بيرخيس.

التابعة القلعة هذه منح أوروبــا مجلس أن إلى أخيرا ونشير

جليان شرف رفع علم اإلحتاد األوروبي بأعلى برجها الرئيسي

احتفاال مبرور ألف عام على تأسيسها.

Caminos de Al Andalus_extracto

Documents

Transcript of Caminos de Al Andalus_extracto