بسم اهللا الرحمن الرحیم

رسائل اإلمام الشهيد حسن البنا

)م١٩٤٩-م١٩٠٦(حسن البنا / اإلمام الشھید

الفھرست ٣.....................................................................................................................دعوتنا

١٠٤.............................................................................لبة اإلخوان المسلمینفي مؤتمر ط ١١٤........................................................................................................دعوة للشباب

١٢١..............................................................................................................مـھـمتنـا ١٣٠......................................................................................المسلمون؟من ھم اإلخوان

١٤٤.......................................................................طور جدید في دعوة اإلخوان المسلمین ١٥٦...............................................................في اجتماع رؤوساء المناطق ومراكز الجھاد

١٨٩...................................................................................................نظـرات ثــــالث ١٩١..................................................................................................أي لــون نختــار؟

١٩٤.......................................................................................................اعتراضـــات ١٩٦.................................................................قضیتنا الوطنیة في ضوء التوجیھ اإلسالمي

١٩٩............................................................................وحدتنا في ضوء التوجیھ اإلسالمي ٢٠١...........................................................................................................نظام الحكم

٢١٣..................................................................................................النظام اإلقتصادي ٢٢٥.......................................................................................................رسالة التعالیم

٢٣٥..........................................................................................................نظام األسر ٢٣٧........................................................................................................رسالة العقائد ٢٥٨........................................................................................................رسالة الجھاد

٢٧٠............................................................................................رسالة في علم الحدیث ٢٨٦...............................................................................................................المناجاة

٢٩٨....................................................................اتجاه النھضة الجدیدة في العالم اإلسالمي ٣٢٠.........................................................................................................تربیة النشئ ٣٢٨...........................................................................................مـقـدمــات - المأثورات

٣٣٠......................................................................................القسم األول ـ الوظیفة ٣٣٣..............................................................................القسم الثاني ـ الورد القرآني

٣٣٦........................................................................القسم الثالث ـ أدعیة الیوم واللیلة ٣٤٠..............القسم الرابع ـ األدعیة المأثورة في حاالت مختلفة في غیر أحوال الیوم واللیلة

٣٤٣..........................................بعد الورد القرآني وورد المأثورات من أوراد اإلخــوان

دعوتنا مصـــارحة

نحب أن نصارح الناس بغایتنا ، وأن نجلي أمامھم منھجنا ، وأن نوجھ إلیھم دعوتنا ، ین من في غیر لبس وال غموض ، أضوأ من الشمس وأوضح من فلق الصبح وأب

. غرة النھار

بـــراءة

أن دعوة اإلخوان المسلمین – و كل المسلمین قومنا –ونحب مع ھذا أن یعلم قومنا دعوة بریئة نزیھة ، قد تسامت في نزاھتھا حتى جاوزت المطامع الشخصیة ،

واحتقرت المنافع المادیة ، وخلفت وراءھا األھواء واألغراض ، ومضت قدما في :ھا الحق تبارك وتعالى للداعین إلیھ الطریق التي رسم

قل ھذه سبیلي أدعو إلى اهللا على بصیرة أنا ومن اتبعني وسبحان اهللا وما أنا من ( ) . ١٠٨:یوسف) (المشركین

بھم فلسنا نسأل الناس شیئا ، و ال نقتضیھم ماال وال نطالبھم بأجر ، وال نستزید . وجاھة ، وال نرید منھم جزاء وال شكورا ، إن أجرنا في ذلك إال على الذي فطرنا

عـاطــفة

و نحب أن یعلم قومنا أنھم احب إلینا من أنفسنا ، و أنھ حبیب إلى ھذه النفوس أن تذھب فداء لعزتھم إن كان فیھا الفداء ، و أن تزھق ثمنا لمجدھم و كرامتھم و دینھم

كان فیھا الغناء، و ما أوقفنا ھذا الموقف منھم إال ھذه العاطفة التي و آمالھم إن استبدت بقلوبنا و ملكت علینا مشاعرنا ، فأقضت مضاجعنا ، و أسالت مدامعنا ، و

إنھ لعزیز علینا جد عزیز أن نرى ما یحیط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالھوان یل اهللا أكثر مما نعمل ألنفسنا، فنحن لكم أو نستكین للیأس ، فنحن نعمل للناس في سب

. ال لغیركم أیھا األحباب ، و لن نكون علیكم في یوم من األیام

هللا الفضل و المنة

:و لسنا نمتن بشيء وال نرى ألنفسنا في ذلك فضال ، و إنما نعتقد قول اهللا تعالى

) .١٧:الحجرات) (ن كنتم صادقینبل اهللا یمن علیكم أن ھداكم لإلیمان إ (

أن تتفتح ھذه القلوب على مرأى و مسمع من أمتنا ، – لو تنفع المنى –وكم نتمنى فینظر إخواننا ھل یرون فیھا إال حب الخیر لھم و اإلشفاق علیھم و التفاني في

صالحھم ؟

لكن حسبنا أن اهللا وھل یجدون إال ألما مضنیا من ھذا الحال التي وصلنا إلیھا ؟ ویعلم ذلك كلھ ، و ھو وحده الكفیل بالتأیید الموفق للتسدید، بیده أزمة القلوب و

مفاتیحھا ، من یھد اهللا فال مضل لھ و من یضلل اهللا فال ھادي لھ و ھو حسبنا و نعم ألیس اهللا بكاف عبده؟ . الوكیل

أصناف أربعة

:ا واحدا من أربعة و كل الذي نریده من الناس أن یكونوا أمامن

: مؤمـن

إما شخص آمن بدعوتنا و صدق بقولنا و أعجب بمبادئنا ، و رأى فیھا خیرا اطمأنت إلیھ نفسھ ، و سكن لھ فؤاده ، فھذا ندعوه أن یبادر باالنضمام إلینا و العمل معنا حتى

بعھ یكثر بھ عدد المجاھدین و یعلوا بصوتھ صوت الداعین ، و ال معنى إلیمان ال یتعمل ، و ال فائدة في عقیدة ال تدفع صاحبھا إلى تحقیقھا و التضحیة في سبیلھا ، و كذلك كان السابقون األولون ممن شرح اهللا صدورھم لھدایتھ فاتبعوا أنبیائھ و آمنوا برساالتھ و جاھدوا فیھ حق جھاده ، و لھؤالء من اهللا أجزل األجر و أن یكون لھم

. ینقص ذلك من أجورھم شیئامثل ثواب من اتبعوھم ال

: متـردد

وإما شخص لم یستبین وجھ الحق ، و لم یتعرف في قولنا معنى اإلخالص و الفائدة ، فھذا نتركھ لتردده و نوصیھ بأن یتصل بنا عن كثب ، و یقرأ عنا من قریب أو بعید

لك لنا إن ، و یطالع كتاباتنا و یزور أندیتنا و یتعرف إلى إخواننا ، فسیطمئن بعد ذ .شاء اهللا ، و كذلك كان شأن المترددین من أتباع الرسل من قبل

: نفـعي

وإما شخص ال یرید أن یبذل معونتھ إال إذا عرف ما یعود علیھ من فائدة و ما یجره حنانیك لیس عندنا من جزاء إال ثواب اهللا إن : ھذا البذل لھ من مغنم فنقول لھ خیرا ، أما نحن فمغمورون جاھا فقراء ماال ، شأننا أخلصت ، و الجنة إن علم فیك

التضحیة بما معنا و بذل ما في أیدینا ، و رجاؤنا رضوان اهللا سبحانھ و تعالى و ھو نعم المولى و نعم النصیر ، فإن كشف اهللا الغشاوة عن قلبھ و أزاح كابوس الطمع

كتیبة اهللا لیجود بما معھ عن فؤاده فسیعلم أن ما عند اهللا خیر و أبقى ، و سینضم إلىمن عرض الحیاة الدنیا لینال ثواب اهللا في العقبى ، و ما عندكم ینفد و ما عند اهللا

و إن كانت األخرى فاهللا عني عمن ال یرى هللا الحق األول في نفسھ و مالھ و ، باق و كذلك كان شأن قوم من أشباھھ حین أبوا مبایعة، دنیاه و آخرتھ و موتھ و حیاتھ

فما كان جوابھ ، رسول اهللا صلى اهللا علیھ و سلم إال أن یجعل لھم األمر من بعده و ، صلى اهللا علیھ و سلم إال أن أعلمھم أن األرض هللا یورثھا من یشاء من عباده

العاقبة للمتقین

: متحامـل

د و إما شخص أساء فینا ظنھ و أحاطت بنا شكوكھ ، فھو ال یرانا إال بالمنظار األسوالقاتم ، و ال یتحدث عنا إال بلسان المتحرج المتشكك ، و یأبى إال أن یلج في غروره و یسدر في شكوكھ و یظل مع أوھامھ ، فھذا ندعو اهللا لنا و لھ أن یرینا الحق حقا و یرزقنا اتباعھ و الباطل باطال و یرزقنا اجتنابھ ، و أن یلھمنا و إیاه الرشد ، ندعوه

ننادیھ إن أجاب النداء و ندعو اهللا فیھ و ھو أھل الرجاء ، و لقد إن قبل الدعاء و :أنزل اهللا على نبیھ الكریم في صنف من الناس

) . ٥٦:القصص) (إنك ال تھدي من أحببت ولكن اهللا یھدي من یشاء (

عارنا معھ ما أرشدنا وھذا سنظل نحبھ و نرجو فیئھ إلینا و اقتناعھ بدعوتنا ، و إنما ش ).اللھم اغفر لقومي فإنھم ال یعلمون: (إلیھ المصطفى صلى اهللا علیھ و سلم من قبل

نحب أن یكون الناس معنا واحدا من ھؤالء ، و قد حان الوقت الذي یجب فیھ على المسلم أن یدرك غایتھ و یحدد وجھتھ ، و یعمل لھذه الوجھة حتى یصل إلى غایتھ

ا تلك الغفلة السادرة و الخطرات الالھیة و القلوب الساھیة و االنصیاع المنشودة ، أم . األعمى و اتباع كل ناعق فما ھو من سبیل المؤمنین في شيء

فــنـاء

و نحب أن یعلم قومنا إلى جانب ھذا أن ھذه الدعوة ال یصلح لھا إال من حاطھا من : و وقتھ و صحتھ ، قال تعالى كل جوانبھا و وھب لھا ما تكلفھ إیاه من نفسھ و مالھ

قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشیرتكم وأموال اقترفتموھا (جھاد في وتجارة تخشون كسادھا ومساكن ترضونھا أحب إلیكم من اهللا ورسولھ و

) . ٢٤:التوبة) (سبیلھ فتربصوا حتى یأتي اهللا بأمره واهللا ال یھدي القوم الفاسقین

فھي دعوة ال تقبل الشركة إذ أن طبیعتھا الوحدة فمن استعد لذلك فقد عاش بھا و و یكون مع عاشت بھ ، و من ضعف عن ھذا العبء فسیحرم ثواب المجاھدین

أذلة على (المخلفین و یقعد مع القاعدین ، و یستبدل اهللا لدعوتھ بھ قوما آخرین المؤمنین أعزة على الكافرین یجاھدون في سبیل اهللا وال یخافون لومة الئم ذلك فضل

) .٥٤:المائدة) (اهللا یؤتیھ من یشاء

وضــوح

مبدأ واضح محدود مسلم بھ منھم جمیعا ، ھم جمیعا ) .. مبدأ(نحن ندعو الناس إلي یعرفونھ ویؤمنون بھ ویدینون بأحقیتھ ویعلمون أن فیھ خالصھم وإسعادھم وراحتھم

. مبدأ أثبتت التجربة وحكم التاریخ صالحیتھ للخلود وأھلیتھ إلصالح الوجود ...

إیمانان

بیننا وبین قومنا بعد اتفاقنا في اإلیمان بھذا المبدأ أنھ عندھم إیمان مخدر نائم والفرق في نفوسھم ال یریدون أن ینزلوا علي حكمھ وال أن یعملون بمقتضاه ، علي حین أنھ

ظاھرة نفسیة عجیبة . إیمان ملتھب مشتعل قوي یقظ في نفوس اإلخوان المسلمین حن الشرقیین أن نؤمن بالفكرة إیمانا یخیل للناس نلمسھا ویلمسھا غیرنا في نفوسنا ن

حین نتحدث إلیھم عنا أنھا ستحملنا علي نسف الجبال وبذل النفس والمال واحتمال المصاعب ومقارعة الخطوب حتى ننتصر بھا أو تنتصر بنا ، حتى إذا ھدأت ثائرة

في العمل الكالم وانفض نظام الجمع نسي كل إیمانھ وغفل عن فكرتھ ، فھو ال یفكرلھا وال بحدث نفسھ بأن یجاھد أضعف الجھاد في سبیلھا ، بل إنھ قد یبالغ في ھذه

الغفلة وھذا النسیان حتى یعمل علي ضدھا وھو یشعر أو ال یشعر ؟ أولست تضحك عجبا حین تري رجال من رجال الفكر والعمل والثقافة في ساعتین اثنتین متجاورتین

! .مع الملحدین وعابدا مع العابدین من ساعات النھار ملحدا

ھذا الخور أو النسیان أو الغفلة أو النوم أو قل ما شئت ھو الذي جعلنا نحاول أن وھو ھو المبدأ المسلم بھ من قومنا في نفوس ھؤالء القوم المحبوبین ) مبدأنا(نوقظ

.

دعــــوات

سلمین دعوة مبدأ ، وفي وإذن سأعود إلي أول كلمتي فأقول إن دعوة اإلخوان المالشرق والغرب الیوم دعوات ومبادئ وفكر ومذاھب وآراء ومنازع كلھا تتقسم

عقول الناس وتتنازع ألبابھم ، وكل منھا یزینھ أھلھ ویقوم بالدعایة لھ أبناؤه وأتباعھ وعشاقھ ومریدوه ، ویدعون لھ المزایا والمحاسن ویبالغون في ھذا االدعاء ما یبرزه

.میال خالبا رائعا للناس ج

دعاة

وال سیما -والدعاة الیوم غیرھم باألمس فھم مثقفون مجھزون مدربون أخصائیون حیث تختص بكل فكرة كتیبة مدربة توضح غامضھا وتكشف -في البالد الغربیة

عن محاسنھا وتبتكر لھا وسائل النشر وطرائق الدعایة ، وتتلمس لھا في نفوس .ھونھا وأقربھا إلي االقتناع واالتباع الناس أیسر السبل وأ

وســـائـل

فقد كانت دعایة األمس كلمة تلقى في ، و وسائل الدعایة اآلن غیرھا باألمس كذلك أما اآلن فنشرات و مجالت و ، خطبة أو اجتماع أو كلمة تكتب في رسالة أو خطاب

كلھ سبل و قد ذلل ذلك، جرائد و رساالت و مسارح و خیاالت و حاك و مذیاع نساء و رجاال في بیوتھم و متاجرھم و ، الوصول إلى قلوب الناس جمیعھم

مصانعھم و مزارعھم

لھذا كان من واجب أھل الدعوة أن یحسنوا تلك الوسائل جمیعا حتى یأتي عملھم بثمرتھ المطلوبة

و مالي و لھذا االستطراد ؟ سأعود مرة ثانیة فأقول إن العالم اآلن في حال تخمة فأین ، الدعوات ما بین سیاسیة و قومیة و وطنیة و اقتصادیة و عسكریة و سلمیة ب

دعوة اإلخوان المسلمین من ھذا المزیج المركب كلھ ؟

ثم بعد ، أولھما ھیكل دعوتنا اإلیجابي المجرد : سیدعوني ذلك أن أتكلم في أمرین .ذلك موقفھا من كل نوع من أنواع الدعوات

و أن ، ستطراد فقد أخذت على نفسي أن اكتب في كما أتحدث ال تؤاخذني بھذا االو إنما أرید ، أتناول موضوعي بھذا اللون من ألوان الكتابة في غیر تكلف وال عناء

. أن یفھمني كما الناس أنا و یصل كالمي إلى نفوسھم خالیا من التزویق و التقسیم

إســالمـنا

و لھذه الكلمة ) إسالمیة ( بھ أنھا دعوتنا دعوة أجمع ما توصف: اسمع یا أخي معنى واسع غیر ذلك المعنى الضیق الذي یفھمھ الناس، فإنا نعتقد أن اإلسالم معنى شامل ینتظم شؤون الحیاة جمیعا، و یفتي في كل شأن منھا و یضع لھ نظاما محكما

الح دقیقا، و ال یقف مكتوفا أمام المشكالت الحیویة و النظم التي ال بد منھا إلصفھم بعض الناس خطأ أن اإلسالم مقصور على ضروب من العبادات أو . الناس

أوضاع من الروحانیة، و حصروا أنفسھم و أفھامھم في ھذه الدوائر الضیقة من .دوائر الفھم المحصور

و لكنا نفھم اإلسالم على غیر ھذا الوجھ فھما فسیحا واسعا ینتظم شؤون الدنیا و ھذا ادعاء أو نتوسع فیھ من أنفسنا ، و إنما ھو ما فھمناه من اآلخرة ، و لسنا ندعي

كتاب اهللا و سیرة المسلمین األولین، فإن شاء القارئ أن یفھم دعوة اإلخوان بشيء أوسع من كلمة إسالمیة فلیمسك بمصحفھ و لیجرد نفسھ من الھوى و الغایة ثم یتفھم

.ما علیھ القرآن فسیرى في ذلك دعوة اإلخوان

دعوتنا إسالمیة ، بكل ما تحتمل الكلمة من معان ، فافھم فیھا ما شئت بعد ذلك : أجل و أنت في فھمك ھذا مقید بكتاب اهللا و سنة رسولھ و سیرة السلف الصالحین من المسلمین ، فأما كتاب اهللا فھو أساس اإلسالم و دعامتھ و أما سنة نبیھ فھي مبینة

الصالح فھم رضوان اهللا علیھم منفذو أوامره و الكتاب و شارحتھ و أما سیرة السلف . اآلخذون بتعالیمھ و ھم المثل العملیة و الصورة الماثلة لھذه األوامر و التعالیم

موقفنا من الدعوات المختلفة

و موقفنا من الدعوات المختلفة التي طغت في ھذا العصر ففرقت القلوب و بلبلت وافقھا فمرحبا بھ و ما خالفھا فنحن براء منھ و األفكار أن نزنھا بمیزان دعوتنا فما

نحن مؤمنون بأن دعوتنا عامة محیطة ال تغادر جزءا صالحا من أیة دعوة إال ألمت بھ و أشارت إلیھ

الوطنیةافتتن كثیر من الناس بدعوة الوطنیة تارة و القومیة تارة أخرى و بخاصة في الشرق

ب إلیھا إساءة نالت من عزتھا و كرامتھا و حیث تشعر الشعوب الشرقیة بإساءة الغراستقاللھا و أخذت من مالھا و من دمھا و حیث تتألم ھذه الشعوب من ھذا النیر

فھي تحاول الخالص منھ بكل ما في و سعھا من ، الغربي الذي فرض علیھا فرضا و ، فانطلقت ألسن الزعماء و سالت انھار الصحف ، قوة و منعة و جھاد و جالد

الكاتبون و خطب الخطباء و ھتف الھاتفون باسم الوطنیة و جالل القومیةكتب

حسن ذلك و جمیل و لكن من غیر الحسن وغیر الجمیل أنك تحاول إفھام الشعوب الشرقیة و ھي مسلمة أن ذلك في اإلسالم بأوفى وأزكى و أسمى و أنبل مما ھو في

و ، ك و لجوا في تقلیدھم یعمھون أفواه الغربیین و كتابات األوروبیین أبوا ذلك علیزعموا لك أن اإلسالم من ناحیة و ھذه الفكرة من ناحیة أخرى ، و ظن بعضھم أن

ذلك مما یفرق وحدة األمة و یضعف رابطة الشباب

ھذا الوھم الخاطئ كان خطرا على الشعوب الشرقیة من كل الوجھات و بھذا الوھم مسلمین و دعوتھم من فكرة الوطنیة و أحببت أن أعرض ھنا إلى موقف اإلخوان ال

ذلك الموقف الذي ارتضوه ألنفسھم و الذي یریدون و یحاولون أن یرضاه الناس . معھم

وطنیة الحنین

إن كان دعاة الوطنیة یریدون بھا حب ھذه األرض، وألفتھا والحنین إلیھا واالنعطاف في اإلسالم من جھة حولھا، فذلك أمر مركوز في فطر النفوس من جھة، مأمور بھ

أخرى، وإن بالال الذي ضحى بكل شيء في سبیل عقیدتھ، ودینھ ھو بالل الذي كان :یھتف في دار الھجرة بالحنین إلى مكة في أبیات تسیل رقة وتقطر حالوة

أال لیت شعري ھل أبیتن لیلة بواد وحولي إذ خر وجلیـل ي شامة وطفیلوھل أردن یوما میاه مجـنة وھل یبدون ل

یا أصیل : (ولقد سمع رسول ص وصف مكة من أصیل فجرى دمعھ حنینا إلیھا وقال

).دع القلوب تقر

وطنیة الحریة والعزة

وإن كانوا یریدون أن من الواجب العمل بكل جھد في تحریر الوطن من الغاصبین ھم في ذلك وتوفیر استقاللھ، وغرس مبادئ العزة والحریة في نفوس أبنائھ، فنحن مع

وهللا العزة ( :أیضا وقد شدد اإلسالم في ذلك أبلغ التشدید، فقال تبارك وتعالى

ولن : ( ، ویقول )٨:المنافقون) (ولرسولھ وللمؤمنین ولكن المنافقین ال یعلمون ) .١٤١:النساء) (یجعل اهللا للكافرین على المؤمنین سبیال

وطنیة المجتمع

وإن كانوا یریدون بالوطنیة تقویة الرابطة بین أفراد القطر الواحد، وإرشادھم إلى طریق استخدام ھذه التقویة في مصالحھم، فذلك نوافقھم فیھ أیضا ویراه اإلسالم

ویقول ، )وكونوا عباد اهللا إخوانا: (فریضة الزمة، فیقول نبیھ صلى اهللا علیھ وسلم یا أیھا الذین آمنوا ال تتخذوا بطانة من دونكم ال یألونكم خباال ودوا : (القرآن الكریم

ن ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواھھم وما تخفي صدورھم أكبر قد بینا لكم اآلیات إ ) . ١١٨:آل عمران) (كنتم تعقلون

وطنیة الفتح

وإن كانوا یریدون بالوطنیة فتح البالد وسیادة األرض فقد فرض ذلك اإلسالم ووجھ وقاتلوھم حتى ال تكون ( :الفاتحین إلى أفضل استعمار وأبرك فتح، فذلك قولھ تعالى

). ١٩٣:لبقرةا) (فتنة ویكون الدین هللا

وطنیة الحزبیة

و إن كانوا یریدون بالوطنیة تقسیم األمة إلى طوائف تتناحر و تتضاغن و تتراشق و تتشیع لمناھج وضعیة أملتھا ، بالسباب و تترامى بالتھم و یكید بعضھا لبعض

، األھواء و شكلتھا الغایات و األعراض و فسرتھا األفھام و فق المصالح الشخصیة یستغل كل ذلك لمصلحتھ و یزید وقود ھذه النار اشتعاال یفرقھم في الحق و و العدو

و یحرم علیھم اتصال بعضھم ببعض و تعاون بعضھم مع ، یجمعھم على الباطل بعض و یحل لھم ھذه الصلة بھ و االلتفات حولھ فال یقصدون إال داره و ال یجتمعون

اتھا و ال للناس فتلك وطنیة زائفة ال خیر فیھا لدع، إال زواره

بل مع غالتھم في كل معانیھا الصالحة ، فھا أنت ذا قد رأیت أننا مع دعاة الوطنیة و قد رأیت مع ھذا أن تلك الدعوى الوطنیة ، التي تعود بالخیر على البالد و العباد

الطویلة العریضة لم تخرج عن أنھا جزء من تعالیم اإلسالم

حدود وطنیتنا

بیننا وبینھم فھو أننا نعتبر حدود الوطنیة بالعقیدة وھم یعتبرونھا أما وجھ الخالفال إلھ إال اهللا ( فكل بقعة فیھا مسلم یقول ، بالتخوم األرضیة والحدود الجغرافیة

وطن عندنا لھ حرمتھ و قداستھ و حبھ و اإلخالص لھ و الجھاد ) محمد رسول اهللا طار الجغرافیة أھلنا و إخواننا نھتم لھم و كل المسلمین في ھذه األق، في سبیل خیره

.و نشعر بشعورھم و نحس بإحساسھم

ودعاة الوطنیة فقط لیسوا كذلك فال یعنیھم إال أمر تلك البقعة المحدودة الضیقة من رقعة األرض ، ویظھر ذلك الفارق العملي فیما إذا أرادت أمة من األمم أن تقوى

ذلك على حساب أي قطر إسالمي ، نفسھا على حساب غیرھا فنحن ال نرضى وإنما نطلب القوة لنا جمیعا ، ودعاة الوطنیة المجردة ال یرون في ذلك بأسا، ومن

.ھنا تتفكك الروابط وتضعف القوى ویضرب العدو بعضھم ببعض

غایة وطنیتنا

والثانیة أن الوطنیین فقط ، جل ما یقصدون إلیھ تخلیص بالدھم فإذا ما . ھذه واحدة وا لتقویتھا بعد ذلك اھتموا بالنواحي المادیة كما تفعل أوربا اآلن ، أما نحن عمل

فنعتقد أن المسلم في عنقھ أمانة علیھ أن یبذل نفسھ ودمھ ومالھ في سبیل أدائھا تلك ال یبغي بذلك ، و رفع علمھ خفاقا في كل ربوع األرض ، ھدایة البشر بنور اإلسالم

و إنما یبغي وجھ اهللا وحده ، ى أحد و ال استعبادا لشعب ماال و ال جاھا و سلطاننا علو ذلك ما حدا بالسلف الصالحین رضوان اهللا ، و إسعاد العالم بدینھ و إعالء كلمتھ

علیھم إلى ھذه الفتوح القدسیة التي أدھشت الدنیا و أربت على كل ما عرف التاریخ .من سرعة و عدل ونبل و فضل

: وحدة

إلى سقوط ذلك الزعم القائل إن الجري عن ھذا المبدأ یمزق وحدة و أحب أن أنبھك فإن اإلسالم و ھو دین الوحدة و ، األمة التي تتألف من عناصر دینیة مختلفة

ال ینھاكم ( ،المساواة كفل ھذه الروابط بین الجمیع ما داموا متعاونین على الخیر ي الدین ولم یخرجوكم من دیاركم أن تبروھم وتقسطوا اهللا عن الذین لم یقاتلوكم ف

فمن أین یأتي التفریق إذا؟، ) ٨:الممتحنة) (إلیھم إن اهللا یحب المقسطین

أفرأیت بعد كیف أننا متفقون مع أشد الناس غلوا في الوطنیة في حب الخیر للبالد و و نعمل و نؤید كل من ، سبیل في سبیل تخلیصھا و خیرھا و ارتقائھا الجھاد في

بل أحب أن تعلم أن مھمتھم إن كانت تنتھي بتحریر ، یسعى في ذلك بإخالص الوطن و استرداد مجده فإن ذلك عند اإلخوان المسلمین بعض الطریق فقط أو مرحلة

إلسالمي على كل بقاع منھ واحدة و یبقى بعد ذلك أن یعملوا لترفع رایة الوطن ا . األرض و یخفق لواء المصحف في كل مكان

القـومـیة

:و اآلن سأتحدث إلیك عن موقفنا من مبدأ القومیة

قومیة المجد

یقصدون بھ أن األخالف یجب أن ینھجوا نھج " القومیة"إن كان الذین یعتزون بمبدأ مة وأن تكون لھم بھم في األسالف في مراقي المجد والعظمة ومدارك النبوغ والھ

ذلك قدوة حسنة، وأن عظمة األب مما یعتز بھ االبن ویجد لھا الحماس واألریحیة بدافع الصلة والوراثة، فھو مقصد حسن جمیل نشجعھ ونأخذ بھ، وھل عدتنا في

إیقاظ ھمة الحاضرین إال أن نحدوھم بأمجاد الماضین؟ ولعل اإلشارة إلى ھذا في الناس معادن خیارھم في الجاھلیة خیارھم في : (اهللا علیھ وسلمقول رسول اهللا صلى

فھا أنت ذا ترى أن اإلسالم ال یمنع من القومیة بھذا المعنى ، ) اإلسالم إذا فقھوا .الفاضل النبیل

قومیة األمة

وإذا قصد بالقومیة أن عشیرة الرجل وأمتھ أولى الناس بخیره وبره وأحقھم بإحسانھ لك، ومن ذا الذي ال یرى أولى الناس بجھوده قومھ الذین نشأ وجھاده فھو حق كذ

فیھم ونما بینھم؟

لعمري لرھط المرء خیر بقیة علیھ وإن عالوا بھ كل مركب

وإذا قصد بالقومیة أننا جمیعا مبتلون مطالبون بالعمل والجھاد، فعلى كل جماعة أن ي ساحة النصر فنعم التقسیم ھذا، تحقق الغایة من جھتھا حتى تلتقي إن شاء اهللا ف

ومن لنا بمن یحدو األمم الشرقیة كتائب كل في میدانھا حتى نلتقي جمیعا في بحبوحة الحریة والخالص؟

كل ھذا وأشباھھ في معنى القومیة جمیل معجب ال یأباه اإلسالم، وھو مقیاسنا، بل .ینفسح صدرنا لھ ونحض علیھ

القومیة الجاھلیة

بالقومیة إحیاء عادات جاھلیة درست، وإقامة ذكریات بائدة خلت وتعفیة أما أن یراد حضارة نافعة استقرت، والتحلل من عقدة اإلسالم ورباطھ بدعوى القومیة واالعتزاز بالجنس، كما فعلت بعض الدول في المغاالة بتحطیم مظاھر اإلسالم والعروبة، حتى

ما اندرس من عادات جاھلیة، فذلك األسماء وحروف الكتابة وألفاظ اللغة، وإحیاءفي القومیة معنى ذمیم وخیم العاقبة وسیئ المغبة، یؤدي بالشرق إلى خسارة فادحة

یضیع معھا تراثھ وتنحط بھا منزلتھ ویفقد أخص ممیزاتھ وأقدس مظاھر شرقھ ركم ثم ال یكونوا وإن تتولوا یستبدل قوما غی: (ونبلھ، وال یضر ذلك دین اهللا شیئا

) . ٣٨:محمد) (أمثالكم

قومیة العدوان

وأما أن یراد بالقومیة االعتزاز بالجنس إلى درجة تؤدي إلى انتقاص األجناس األخرى والعدوان علیھا والتضحیة بھا في سبیل عزة أمة وبقائھا، كما تنادي بذلك

فھذا معنى ذمیم .ة تنادي بأنھا فوق الجمیعألمانیا وإیطالیا مثال، بل كما تدعي كل أمكذلك لیس من اإلنسانیة في شيء، ومعناه أن یتناحر الجنس البشري في سبیل وھم

.من األوھام ال حقیقة لھ وال خیر فیھ

دعامتان

اإلخوان المسلمون ال یؤمنون بالقومیة بھذه المعاني وال بأشباھھا وال یقولون وریة وال شیئا من ھذه األلقاب واألسماء التي یتنابز بھا فرعونیة وعربیة وفینیقیة وس

الناس، ولكنھم یؤمنون بما قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم اإلنسان الكامل بل إن اهللا قد أذھب عنكم نخوة الجاھلیة وتعظمھا : (أكمل معلم علم اإلنسان الخیر

ما ). جمي إال بالتقوىباآلباء، الناس آلدم وآدم من تراب، ال فضل لعربي على أعأروع ھذا وأجملھ وأعدلھ، الناس آلدم فھم في ذلك أكفاء، والناس یتفاضلون باألعمال

فواجبھم التنافس في الخیر، دعامتان قویمتان لو بنیت علیھما اإلنسانیة الرتفعت بالبشر إلى علیاء السموات، الناس آلدم فھم إخوان فعلیھم أن یتعاونوا وأن یسالم

بعضا، ویرحم بعضھم بعضا، ویدل بعضھم بعضا على الخیر، والتفاضل بعضھم فعلیھم أن یجتھدوا كل من ناحیتھ حتى ترقى اإلنسانیة، فھل رأیت سموا . باألعمال

باإلنسانیة أعلى من ھذا السمو أو تربیة أفضل من ھذه التربیة؟

: خواص العروبة

فنحن نعلم أن لكل شعب ولسنا مع ھذا ننكر خواص األمم وممیزاتھا الخلقیة،ممیزاتھ وقسطھ من الفضیلة والخلق، ونعلم أن الشعوب في ھذا تتفاوت وتتفاضل، ونعتقد أن العروبة لھا من ذلك النصیب األوفى واألوفر، ولكن لیس معنى ھذا أن تتخذ الشعوب ھذه المزایا ذریعة إلى العدوان، بل علیھا أن تتخذ ذلك وسیلة إلى

سابقة التي كلفھا كل شعب، تلك ھي النھوض باإلنسانیة، ولعلك لست تحقیق المھمة الواجدا في التاریخ من أدرك ھذا المعنى من شعوب األرض كما أدركتھ تلك الكتیبة

.العربیة من صحابة رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

و ھذا استطراد اقتضاه السیر في البحث و ال أحب أن أتابعھ حتى ال یشط بنا القول لكن أعود إلى ما نحن بسبیلھ

رباط العقیدة

: أن اإلخوان المسلمین بالنسبة إلیھم قسمین – أیدك اهللا –أما إذ عرفت ھذا فاعلم

قسم اعتقد ما اعتقدوه من دین اهللا و كتابھ و آمن ببعثھ و رسولھ و ما جاء بھ ، و قدس من رابطة الدم ھؤالء تربطنا بھم أقدس الروابط ، رابطة العقیدة و ھي عندنا أ

فھؤالء ھم قومنا األقربون الذین نحن إلیھم ونعمل في سبیلھم و ، و رابطة األرض في أي أرض كانوا و من أیة ساللة ، نذود عن حماھم و نفتدیھم بالنفس و المال

.انحدروا

و قوم لیسوا كذلك و لم نرتبط معھم بعد بھذا الرباط فھؤالء نسالمھم ما سالمونا و و نعتقد أن بیننا و بینھم رابطة ھي رابطة ، ب لھم الخیر ما كفوا عدوانھم عنا نح

و أن نسلك إلى ، علینا أن ندعوھم إلى ما نحن علیھ لنھ خیر اإلنسانیة كلھا ، الدعوة فمن اعتدى علینا منھم ، نجاح ھذه الدعوة ما حدد لھا الدین نفسھ من سبل و وسائل

.بھ عنوان المعتدین رددنا عدوانھ بأفضل ما یرد

:أما إذا أردت ذلك من كتاب اهللا فاسمع

. )١٠:الحجرات) (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویكم (– ١

كم أن ال ینھاكم اهللا عن الذین لم یقاتلوكم في الدین ولم یخرجوكم من دیار (– ٢إنما ینھاكم اهللا عن الذین قاتلوكم في ، تبروھم وتقسطوا إلیھم إن اهللا یحب المقسطین

) .٩-٨:الممتحنة) (الدین وأخرجوكم من دیاركم وظاھروا على إخراجكم أن تولوھم

و لعلي أكون بذلك قد كشفت لك عن ھذه الناحیة من دعوتنا بما ال یدعھا في نفسك لعلك بعد ذلك عرفت إلى أي قبیل ینتسب اإلخوان المسلمون ، ملتبسة أو غامضة

أمام الخـالفات الدینیة

.أتحدث إلیك اآلن عن دعوتنا أما الخالفات الدینیة و اآلراء المذھبیة

نجمع وال نفرق

أن دعوة اإلخوان المسلمین دعوة عامة ال تنتسب إلى طائفة : اعلم ـ فقھك اهللا ـ أوالخاصة، وال تنحاز إلى رأي عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع

خاصة، وھي تتوجھ إلى صمیم الدین ولبھ، وتود أن تتوحد وجھة األنظار والھمم فدعوة اإلخوان دعوة بیضاء نقیة حتى یكون العمل أجدى واإلنتاج أعظم وأكبر،

غیر ملونة بلون، وھي مع الحق أینما كان، تحب اإلجماع، وتكره الشذوذ وإن أعظم ولن . ما مني بھ المسلمون الفرقة والخالف، وأساس ما انتصروا بھ الحب والوحدة

یصلح آخر ھذه األمة إال بما صلح بھ أولھا، ھذه قاعدة أساسیة وھدف معلوم لكل أخ .م، وعقیدة راسخة في نفوسنا، نصدر عنھا وندعو إلیھامسل

الخالف ضروري

ونحن مع ھذا نعتقد أن الخالف في فروع الدین أمر ال بد منھ ضرورة، وال یمكن أن منھا اختالف العقول في قوة : نتحد في ھذه الفروع واآلراء والمذاھب ألسباب عدة

ا والغوص على أعماق المعاني، االستنباط أو ضعفھ، وإدراك الدالئل والجھل بھوارتباط الحقائق بعضھا ببعض، والدین آیات وأحادیث ونصوص یفسرھا العقل .والرأي في حدود اللغة وقوانینھا، والناس في ذلك جد متفاوتین فال بد من خالف

ومنھا سعة العلم وضیقھ، وإن ھذا بلغھ ما لم یبلغ ذاك واآلخر شأنھ كذلك، وقد قال إن أصحاب رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم تفرقوا في األمصار : جعفرمالك ألبي

.وعند كل قوم علم، فإذا حملتھم على رأي واحد تكون فتنة

ومنھا اختالف البیئات حتى أن التطبیق لیختلف باختالف كل بیئة، وإنك لترى اإلمام ، وھو في الشافعي رضي اهللا عنھ یفتي بالقدیم في العراق ویفتي بالجدید في مصر

.كلیھما آخذ بما استبان لھ وما اتضح عنده ال یعدو أن یتحرى الحق في كلیھما

ومنھا اختالف االطمئنان القلبي إلى الروایة عند التلقین لھا، فبینما نجد ھذا الراوي ثقة عند ھذا اإلمام تطمئن إلیھ نفسھ وتطیب باألخذ بھ، تراه مجروحا عند غیره لما

.علم عن حالھ

ا اختالف تقدیر الدالالت فھذا یعتبر عمل الناس مقدما على حبر اآلحاد مثال، ومنھ ..وذاك ال یقول معھ بھ، وھكذا

اإلجماع على أمر فرعي متعذر

كل ھذه أسباب جعلتنا نعتقد أن اإلجماع على أمر واحد في فروع الدین مطلب الدین أن یبقى ویخلد مستحیل، بل ھو یتنافى مع طبیعة الدین، وإنما یرید اهللا لھذا

ویسایر العصور، ویماشي األزمان، وھو لھذا سھل مرن ھین، لین، ال جمود فیھ وال .تشدید

: نعتذر لمخالفینا

نعتقد ھذا فنلتمس العذر لمن یخالفوننا في بعض الفرعیات، ونرى أن ھذا الخالف ال لخیر، وأن یشملنا یكون أبدا حائال دون ارتباط القلوب وتبادل الحب والتعاون على ا

وإیاھم معنى اإلسالم السابغ بأفضل حدوده، وأوسع مشتمالتھ، ألسنا مسلمین وھم كذلك؟ وألسنا نحب أن ننزل على حكم اطمئنان نفوسنا وھم یحبون ذلك؟ وألسنا

مطالبین بأن نحب إلخواننا ما نحب ألنفسنا؟ ففیم الخالف إذن؟ ولماذا ال یكون رأینا كرأیھم عندنا؟ ولماذا ال نتفاھم في جو الصفاء والحب إذا كان مجاال للنظر عندھم

ھناك ما یدعو إلى التفاھم؟

ھؤالء أصحاب رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان یخالف بعضھم بعضا في اإلفتاء فھل أوقع ذلك اختالفا بینھم في القلوب؟ وھل فرق وحدتھم أو فرق رابطتھم؟ اللھم ال

.في قریظة ببعیدوما حدیث صالة العصر

وإذا كان ھؤالء قد اختلفوا وھم أقرب الناس عھدا بالنبوة وأعرفھم بقرائن األحكام، فما بالنا نتناحر في خالفات تافھة ال خطر لھا؟ وإذا كان األئمة وھم أعلم الناس

بكتاب اهللا وسنة رسولھ قد اختلف بعضھم مع بعض وناظر بعضھم بعضا، فلم ال إذا كان الخالف قد وقع في أشھر المسائل الفرعیة وأوضحھا یسعنا ما وسعھم؟ و

كاألذان الذي ینادى بھ خمس مرات في الیوم الواحد، ووردت بھ النصوص واآلثار، فما بالك في دقائق المسائل التي مرجعھا إلى الرأي واالستنباط؟

وشرطھ ) ةالخلیف(وثم أمر آخر جدیر بالنظر، إن الناس كانوا إذا اختلفوا رجعوا إلى اإلمامة، فیقضي بینھم ویرفع حكمھ الخالف، أما اآلن فأین الخلیفة؟ وإذا كان األمر

كذلك فأولى بالمسلمین أن یبحثوا عن القاضي، ثم یعرضوا قضیتھم علیھ، فإن .اختالفھم من غیر مرجع ال یردھم إال إلى خالف آخر

الناس صدرا مع مخالفیھم، یعلم اإلخوان المسلمون كل ھذه الحیثیات، فھم لھذا أوسعویرون أن مع كل قوم علما، وفي كل دعوة حقا وباطال، فھم یتحرون الحق ویأخذون

فإن اقتنعوا فذاك، . بھ، ویحاولون في ھوادة ورفق إقناع المخالفین بوجھة نظرھم .وإن لم یقتنعوا فإخوان في الدین، نسأل اهللا لنا ولھم الھدایة

ین أمام مخالفیھم في المسائل الفرعیة في دین اهللا یمكن أن ذلك منھاج اإلخوان المسلمأجملھ لك في أن اإلخوان یجیزون الخالف، ویكرھون التعصب للرأي، ویحاولون

. الوصول إلى الحق، ویحملون الناس على ذلك بألطف وسائل اللین والحب

إلـى العـالج

شبابھا و شیخوختھا و اعلم و تعلم أن مثل األمم في قوتھا و ضعفھا و : یا أخي فالفرد بینما تراه قویا معافى صحیحا ، صحتھا و سقمھا مثل األفراد سواء بسواء

فإذا بك تراه قد انتابتھ العلل و أحاطت بھ السقام و ھدت بنیتھ القویة ، سلیما و ال یزال یشكو و یئن حتى تتداركھ رحمة اهللا تبارك و تعالى ، األمراض و اآلالم

و نطاسي بارع یعلم موطن العلة و یحسن تشخیصھا حتى و یتعرف بطبیب ماھرفإذا بك بعد حین ترى ھذا المریض و قد عادت ، موضع الداء و یخلص في عالجھ

.ربما كان بعد ھذا العالج خیرا من قبلھ ، إلیھ قوتھ و رجعت إلیھ صحتھ

انھا و یصدع تعترضھا حوادث الزمن بما یھدد كی، قل مثل ھذا في األمم تماما و ال یزال یلح علیھا و یتشبث بھا ، بنیانھا و یسري في مظاھر قوتھا سریان الداء

حتى ینال منھا فتبدو ھزیلة ضعیفة یطمع فیھا الطامعون و ینال منھا الغاصبون فال و عالجھا إنما یكون بأمور ، تقوى على رد غاصب و ال تمنع من مطامح طامح

و النطاسي الذي یتولى ذلك ، و الصبر على آالم العالج ،معرفة موطن الداء: ثالثة . حتى یحقق الھ على یدیھ الغایة و یتمم الشفاء و الظفر

األعــراض

و قد علمتنا التجارب و عرفتنا الحوادث أن داء ھذه األمم الشرقیة متشعب المناحي ا السیاسیة فھي مصابھ في ناحیتھ، كثیر األعراض قد نال من كل مظاھر حیاتھا

و الحزبیة و الخصومة و الفرقة و الشتات من جانب ، باالستعمار من جانب أعدائھا و في ناحیتھا االقتصادیة بانتشار الربا بین كل طبقاتھا و استیالء الشركات ، أبنائھا

و ھي مصابة من الناحیة الفكریة بالفوضى و ، األجنبیة على مواردھا و خیراتھا و في ناحیتھا ، یھدم عقائدھا و یحطم المثل العلیا في نفوس أبنائھا المروق و اإللحاد

االجتماعیة باإلباحیة في عاداتھا و أخالقھا و التحلل من عقدة الفضائل ورثتھا عن الغر المیامین من أسالفھا و بالتقلید الغربي یسري في مناحي حیاتھا سریان لعاب

و بالقوانین الوضعیة التي ال تزجر األفاعي فیسمم دمائھا و یعكر صفو ھنائھا و ال تغني یوما من األیام غناء القوانین ، مجرما و ال تؤدب معتدیا و ال ترد ظالما

و ، السماویة التي وضعھا خالق الخلق و مالك الملك و رب النفوس و بارئھا بفوضى في سیاسة التعلیم و التربیة تحول دون التوجیھ الصحیح لنشئھا و رجال

و في ناحیتھا النفسیة بیأس قاتل و خمول ممیت ، بلھا و حملة أمانة النھوض بھا مستقو جبن فاضح و ذلة حقیرة و خنوثة فاشیة و شح و أنانیة تكف األیدي عن البذل و

تقف حجابا دون التضحیة و تخرج األمة من صفوف المجاھدین إلى الالھین .الالعبین

ا كل ھذه العوامل بأقوى مظاھرھا و أشد وماذا یرجى من أمة اجتمعت على غزوھو اإللحاد و ، و الربا و الشركات األجنبیة ، االستعمار و الحزبیة : أعراضھا

و ، و الخنوثة و الجبن ، و الیأس و الشح ، اإلباحیة و فوضى التعلیم و التشریع اإلعجاب بالخصم إعجابا یدعو إلى تقلیده في كل ما صدر عنھ و بخاصة في سیئات

. أعمالھ

فكیف و قد تفشت جمیعا في ، إن داء واحدا من ھذه األدواء یكفي لقتل أمم متظاھرة كل أمة على حدة ؟ لوال مناعة و حصانة و جالدة و شدة في ھذه األمم الشرقیة التي

و دأبوا على تلقیحھا بجراثیم ھذه األمراض ، جاذبھا خصومھا حبل العداء من بعید و ، لوال ذلك لعفت آثارھا و لبادت من الوجود ، اضت و أفرخت زمنا طویال حتى ب

.لكن یأبى اهللا ذلك و المؤمنون

و ھذا ھو ، ھذا ھو التشخیص الذي یلمسھ اإلخوان في أمراض ھذه األمة : یا أخي . الذي یعملون في سبیل أن یبرئھا منھ و یعید إلیھا ما فقدت من صحة و شباب

أمل و شعور

م یا أخي أننا لسنا یائسین من أنفسنا و أننا نأمل خیرا كثیرا و نعتقد أنھ ال أحب أن تعلیحول بیننا و بین النجاح إال ھذا الیأس ، فإذا قوي األمل في نفوسنا فسنصل إلى خیر

.كثیر إن شاء اهللا تعالى، لھذا نحن لسنا یائسین و ال یتطرق إلى قلوبنا و الحمد هللا

مل رغم تشاؤم المتشائمین، إنك إذا دخلت على مریض و كل ما حولنا یبشر باألفوجدتھ تدرج من كالم إلى صمت ومن حركة إلى سكون شعرت بقرب نھایتھ و

عسر شفائھ و استفحال دائھ ، فإذا انعكس األمر وأخذ یتدرج من صمت إلى كالم و و لقد. من ھمود إلى حركة شعرت بقرب شفائھ و تقدمھ في طریق الصحة والعافیة

أتى على ھذه األمم الشرقیة حین من الدھر جمدت فیھ حتى ملھا الجمود وسكنت حتى أعیاھا السكون و لكنھا اآلن تغلي غلیانا بیقظة شاملة في كل مناحي الحیاة،

و لوال ثقل القیود . وتضطرم اضطراما بالمشاعر الحیة القویة و األحاسیس العنیفةرى لكان لھذه الیقظة أروع اآلثار، و لن من جھة والفوضى في التوجیھ من جھة أخ

تظل ھذه القیود قیودا أبد الدھر فإنما الدھر قلب، و ما بین طرفة عین و انتباھتھا یغیر اهللا من حال إلى حال، و لن یظل الحائر حائرا فإنما بعد الحیرة ھدى و بعد

.الفوضى استقرار ، وهللا األمر من قبل ومن بعد

و آیات اهللا تبارك و تعالى و أحادیث رسولھ صلى الھ علیھ و ، ا لھذا لسنا یائسین أبدما و ، سلم وسنتھ تعالى في تربیة األمم وإنھاض الشعوب بعد أن تشرف على الفناء

و یرشدنا إلى طریق النھوض ، كل ذلك ینادینا باألمل الواسع ، قصھ علینا في كتابھ .- لو یتعلمون –و لقد علم المسلون

:تقرأ اآلیة الكریمة في أول سورة القصصو إنك ل

نتلو علیك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم ، تلك آیات الكتاب المبین ، طسم (ھم یذبح إن فرعون عال في األرض وجعل أھلھا شیعا یستضعف طائفة من، یؤمنون

ونرید أن نمن على الذین ، أبناءھم ویستحیي نساءھم إنھ كان من المفسدین ونمكن لھم في األرض ، استضعفوا في األرض ونجعلھم أئمة ونجعلھم الوارثین

) . ٦-١:القصص) (رعون وھامان وجنودھما منھم ما كانوا یحذرونونري ف

تقرأ ھذه اآلیة الكریمة فترى كیف یطغى الباطل في صولتھ و یعتز بقوتھ، و یطمئن إلى جبروتھ و یغفل عن عین الحق التي ترقبھ، حتى إذا فرح بما أوتي أخذه اهللا أخذ

ادة اهللا إال أن تنتصر للمظلومین و تأخذ بناصر المھضومین عزیز مقتدر، و أبت إرالمستضعفین فإذا الباطل منھار من أساسھ و إذا الحق قائم البنیان متین األركان وإذا

أھلھ ھم الغالبون ، ولیس بعد ھذه اآلیة الكریمة وأمثالھا من آیات كتاب اهللا عذر في فمتى یتفقھ المسلمون . هللا ورسولھ وكتابھالیأس والقنوط ألمة من أمم اإلسالم تؤمن با

في كتاب اهللا ؟

لمثل ھذا یا أخي وھو كثیر في دین اهللا لم ییأس اإلخوان المسلمون من أن ینزل نصر اهللا على ھذه األمم رغم ما یبدوا أمامھا من عقبات ، وعلى ضوء ھذا األمل

.یعملون عمل اآلمل المجد و اهللا المستعان

:ي وعدتك الكالم علیھا فھي أركان ثالثة تدور علیھا فكرة اإلخوانأما الوسیلة الت

وقد وجده اإلخوان في كتاب اهللا و سنة رسولھ و أحكام :المنھاج الصحیح_ أولھااإلسالم حین یفھمھا المسلمون على وجھھا غضة نقیة بعیدة عن الدخائل و المفتریات

. سھلة واسعة مستوعبةفعكفوا على دراسة اإلسالم على ھذا األساس دراسة

و لھذا أخذ اإلخوان أنفسھم بتطبیق ما فھموه من دین :العاملون المؤمنون_ و ثانیھااهللا تطبیقا ال ھوادة فیھ و ال لین، و ھم بحمد اهللا مؤمنون بفكرتھم مطمئنون لغایتھم

.واثقون بتأیید اهللا إیاھم ما داموا لھ یعملون و على ھدي رسولھ یسیرون

و قد وجدھا اإلخوان المسلمون كذلك، فھم لھا :القیادة الحازمة الموثوق بھا_ و ثالثھا .مطیعون و تحت لوائھا یعملون

ھذا ما أردت أن أتحدث بھ إلیك عن دعوتنا و ھو تعبیر لھ تعبیر، و أنت یوسف ھذه األحالم، فإن راقك ما نحن علیھ فیدك مع أیدینا لنعمل سویا في ھذا السبیل و اهللا و

.ي توفیقنا و ھو حسبنا و نعم الوكیل فنعم المولى و نعم النصیرل

إلى أي شيء ندعو الناس؟

تمـھـید

قد تتحدث إلى كثیر من الناس في موضوعات مختلفة فتعتقد أنك قد أوضحت كل ، و أنك لم تدع سبیال للكشف عما في نفسك إال سلكتھا ، اإلیضاح و أبنت كل اإلبانة

على المحجة البیضاء و جعلت لھم ما ترید بحدیثك من حتى تركت من تحدثھمو ما أشد دھشتك ، الحقائق كفلق الصبح أو كالشمس في رابعة النھار كما یقولون

.بعد قیل حین ینكشف لك أن القوم لم یفھموا عنك و لم یدركوا قولك

مرین و اعتقد أن السر فیھ ال یعدوا أحد أ، رأیت ذلك مرات و لمستھ من عدة مواقف :

فیختلف تبعا لذلك الفھم و ، إما أن الذي یقیس بھ كل منا و ما یسمع عنھ مختلف و إما أن یكون القول في ذاتھ ملتبسا غامضا و إن اعتقد قائلھ أنھ واضح ، اإلدراك .مكشوف

المقیاس

و أنا أرید في ھذه الكلمة أن أكشف للناس عن دعوة اإلخوان المسلمین و غایتھا و و أحب ، ا و أسالیبھا و وسائلھا في صراحة و وضوح و في بیان و جالء مقاصدھ

و سأجتھد في أن یكون القول ، أوال أن أحدد المقیاس الذي نقیس بھ ھذا التوضیح و أظن أن أحدا من األمة ، سھال میسورا ال یتعذر فھمھ على قارئ یحب أن یستفید

مقیاس ھو كتاب اهللا نستقي من فیضھ اإلسالمیة جمیعا ال یخالفني في أن یكون ھذا ال .و نستمد من بحره و نرجع إلى حكمھ

..یا قومنا

إن القرآن الكریم كتاب جامع جمع اهللا فیھ أصول العقائد و أسس المصالح فھل عمل المسلمون ، فیھ أوامر وفیھ نواه ، و كلیات الشرائع الدنیویة ، االجتماعیة

و فھموا ما أوضح لھم ، وا بما ذكر اهللا من المعتقدات بما في القرآن فاعتقدوا و أیقنمن الغایات ؟ و ھل طبقوا شرائعھ االجتماعیة و الحیویة على تصرفاتھم في شؤون

و إن تكشف ، حیاتھم ؟ إن انتھینا من بحثنا أنھم كذلك فقد وصلنا معا إلى الغایة ره فاعلم أن مھمتنا أن البحث عن بعدھم عن طریق القرآن و إھمالھم لتعالیمھ و أوام

نعود بأنفسنا و بمن تبعنا إلى ھذا السبیل

غایة الحیاة في القرآن

إن القرآن حدد غایات الحیاة و مقاصد الناس فیھا فبین أن قوما غایتھم من الحیاة الكل و المتعة

:فقال تبارك و تعالى

) .١٢:محمد) (أكل األنعام والنار مثوى لھموالذین كفروا یتمتعون ویأكلون كما ت (

:و بین أن قوما مھمتھم في الحیاة الزینة و العرض الزائل فقال تبارك و تعالى

زین للناس حب الشھوات من النساء والبنین والقناطیر المقنطرة من الذھب (ة والخیل المسومة واألنعام والحرث ذلك متاع الحیاة الدنیا واهللا عنده حسن والفض )١٤:آل عمران) (المآب

أولئك الذین قال ، وبین أن قوما آخرین شأنھم في الحیاة إیقاد الفتن و إحیاء الشرور :اهللا فیھم

یعجبك قولھ في الحیاة الدنیا ویشھد اهللا على ما في قلبھ وھو ألد ومن الناس من (وإذا تولى سعى في األرض لیفسد فیھا ویھلك الحرث والنسل واهللا ال ، الخصام

) ٢٠٥-٢٠٤:البقرة) (یحب الفساد

تلك مقاصد من مقاصد الناس في الحیاة نزه اهللا المؤمنین عنھا و برأھم منھا و ھدایة الناس : و ألقى على عاتقھم واجبا أسمى ذلك الواجب ھو، كلفھم مھمة أرقى

و إنارة العالم كلھ بشمس اإلسالم فذلك ، و إرشاد الناس جمیعا إلى الخیر ، إلى الحق :قولھ تبارك و تعالى

، ا أیھا الذین آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخیر لعلكم تفلحون ی (وجاھدوا في اهللا حق جھاده ھو اجتباكم وما جعل علیكم في الدین من حرج ملة أبیكم

یم ھو سماكم المسلمین من قبل وفي ھذا لیكون الرسول شھیدا علیكم و تكونوا إبراھشھداء على الناس فأقیموا الصالة وآتوا الزكاة واعتصموا باهللا ھو موالكم فنعم

).٧٨-٧٧:الحج) (المولى ونعم النصیر

و ، و معنى ھذا أن القرآن الكریم یقیم المسلمین أوصیاء على البشریة القاصرة یعطیھم حق الھیمنة و السیادة على الدنیا لخدمة ھذه الوصایة النبیلة و إذا فذلك من

.شأننا ال من شأن الغرب و لمدنیة اإلسالم ال لمدنیة المادة

وصایة المسلم تضحیة ال استفادة

ثم بین اهللا تبارك و تعالى أن المؤمن في سبیل ھذه الغایة قد باع هللا نفسھ و مالھ فلیس لھ فیھا شيء و إنما ھي وقف على نجاح ھذه الدعوة وإیصالھا إلى قلوب

:الناس و ذلك قولھ تعالى

).١١١:التوبة) (م الجنةإن اهللا اشترى من المؤمنین أنفسھم وأموالھم بأن لھ (

و ومن ذلك نرى المسلم یجعل دنیاه وقفا على دعونھ لیكسب آخرتھ جزاء تضحیتھ

و من ھنا كان الفاتح المسلم أستاذا یتصف بكل ما یجب أن یتحلى بھ األستاذ من نور وكان الفتح اإلسالمي فتح تمدین و تحضیر و إرشاد و ، و ھدایة و رحمة و رأفة

و أین ھذا ما یقوم بھ االستعمار الغربي اآلن ؟، م تعلی

أین المسلمون من ھذه الغایة؟

ھل فھم المسلمون من كتاب ربھم ھذا المعنى فسمت نفوسھم و : فبربك عزیزي و ، و تحرروا من رق المادة و تطھروا من لذة الشھوات و األھواء ، رقت أرواحھم

و وجھوا وجوھھم للذي فطر السموات ، د ترفعوا عن سفاسف األمور و دنایا المقاصو ینشرون دینھ و یذودون ، و األرض حنفاء یعلون كلمة اهللا و یجاھدون في سبیلھ

كل ، أم ھؤالء أسرى الشھوات و عبید األھواء و المطامع ، عن حیاض شریعتھ ھمھم لقمة لینة و مركب فاره و حلة جمیلة و نومة مریحة و امرأة وضیئة و مظھر

ب و لقب أجوفكاذ

رضوا باألماني و ابتلوا بحظوظھم و خاضوا بحار الجد دعوى فما ابتلوا

، تعس عبد الدرھم ، تعس عبد الدینار : (و صدق رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم )تعس عبد القطیفة

الغایة أصل األعمال

في أمتنا غامضة و لما كانت الغایة ، و بما أن الغایة ھي التي تدفع إلى الطریق و أظننا وصلنا إلى كثیر من التوضیح ، مضطربة كان البد من أن نوضح و نحدد

و اتفقنا على أن مھمتنا سیادة الدنیا و إرشاد اإلنسانیة كلھا إلى نظم اإلسالم الصالحة .و تعالیمھ التي بغیرھا أن یسعد اإلنسان

مصادر غایتنا

لمسلمون أن یبلغوھا للناس و أن تفھمھا األمة تلك ھي الرسالة التي یرید اإلخوان الم یبتعھا اإلخوان ، و تھب إلنفاذھا في عزم و في مضاء ، اإلسالمیة حق الفھم

و إنما ھي الرسالة التي تتجلى في كل آیة من ، و لم یختلقوھا من أنفسھم ، ابتداعا یث الرسول و تبدوا في غایة الوضوح في كل حدیث من أحاد، آیات القرآن الكریم

العظیم صلى اهللا علیھ و سلم و تظھر في كل عمل من أعمال الصدر األول الذین ھم فإن شاء المسلمون في أن یقبلوا ، المثل األعلى لفھم اإلسالم و إنفاذ تعالیم اإلسالم

و إن رأوا فیھا حرجا أو ، ھذه الرسالة كان ذلك دلیل اإلیمان و اإلسالم الصحیح حكم عدل و قول فصل یحكم بیننا ، ینھم كتاب اهللا تبارك و تعالى غضاضة فبیننا و ب

و بین إخواننا و یظھر الحق لنا أو علینا ). ٨٩:األعراف) (ربنا افتح بیننا وبین قومنا بالحق وأنت خیر الفاتحین (

استطراد

من كل قلوبنا و وقفنا لخیرھم و العمل یتساءل كثیر من إخواننا الذین أحببناھملمصلحتھم الدنیویة و األخرویة جھودنا و أموالنا و أرواحنا، و فنینا في ھذه الغایة،

.غایة إسعاد أمتنا و إخواننا ، عن أموالنا و أنفسنا

و كم أتمنى أن یطلع ھؤالء اإلخوان المتسائلون على شباب اإلخوان المسلمین و قد الناس نیام، و شغلت نفوسھم و الخلیون ھجع، و أكب أحدھم على سھرت عیونھم و

مكتبھ من العصر إلى منتصف اللیل عامال مجتھدا و مفكرا مجدا، و ال یزال كذلك طول شھره، حتى إذا ما انتھى الشھر جعل مورده موردا لجماعتھ، و نفقتھ نفقة

م علیھ أجرا إن أجري إال ال أسألك: لدعوتھ، و مالھ خادما لغایتھ، و لسان حالھ یقولو معاذ اهللا أن نمن على أمتنا فنحن منھا و لھا و إنما نتوسل إلیھا بھذه . على اهللا

. التضحیة أن تفقھ دعوتنا و تستجیب لندائنا

من أین المال ؟

یتساءل ھؤالء اإلخوان المحبوبون الذین یرمقون اإلخوان المسلمین عن بعد و أین ینفقون؟ و أنى لھم المال الالزم لدعوة نجحت و من: یرقبونھم عن كثب قائلین

ازدھرت كدعوتھم و الوقت عصیب و النفوس شحیحة؟

و إني أجیب ھؤالء بأن الدعوات الدینیة عمادھا اإلیمان قبل المال ، و العقیدة قبل األعراض الزائلة ، و إذا وجد المؤمن الصحیح و جدت معھ وسائل النجاح جمیعا، و

إلخوان المسلمین القلیل الذي یقتطعونھ من نفقاتھم و یقتصدونھ من إن في مال اضروریاتھم و مطالب بیوتھم و أوالدھم، و یجودون بھ طیبة نفوسھم سخیة بھ

قلوبھم، یود أحدھم لو كان لھ أضعاف أضعاف فینفقھ في سبیل اهللا ، فإذا لم یجد في ھذا . وا ما ینفقونبعضھم شیئا تولوا و أعینھم تفیض من الدمع حزنا أال یجد

المال القلیل و اإلیمان الكبیر و هللا الحمد و العزة بالغ لقوم عابدین و نجاح للعاملین و إن اهللا الذي بیده كل شيء لیبارك في القرش الواحد من قروش ، الصادقین ).٢٧٦:البقرة) (یمحق اهللا الربا ویربي الصدقات(و ، اإلخوان

) .٣٩:الروم) ( آتیتم من زكاة تریدون وجھ اهللا فأولئك ھم المضعفونوما (

نحن و السیاسة

و یقول قوم آخرون إن اإلخوان المسلمین قوم سیاسیون و دعوتھم سیاسیة و لھم من ون و ال ندري إلى متى تتقارض أمتنا التھم و تتبادل الظن. وراء ذلك مآرب أخرى

.و تتنابز باأللقاب، و تترك یقینا یؤیده الواقع في سبیل ظن توحیھ الشكوك

إننا ننادیكم و القرآن في یمیننا و السنة في شمالنا، و عمل السلف الصالحین : یا قومنامن أبناء ھذه األمة قدوتنا، و ندعوكم إلى اإلسالم و تعالیم اإلسالم و أحكام اإلسالم ،

یاسة عندكم فھذه سیاستنا، و إن كان من یدعوكم إلى ھذه المبادئ فإن كان ھذا من السسیاسیا فنحن أعرق الناس و الحمد هللا في السیاسة، و إن شئتم أن تسموا ذلك سیاسة

.فقولوا ما شئتم فلن تضرنا األسماء متى وضحت المسمیات و انكشفت الغایات

الغایات، و ال األعراض عن ال تحجبكم األلفاظ عن الحقائق و األسماء عن: یا قومناالجوھر، و إن لإلسالم لسیاسة في طیھا سعادة الدنیا و صالح اآلخرة، و تلك ھي

سیاستنا ال نبغي بھا بدیال فسوسوا بھا أنفسكم، و احملوا علیھا غیركم تظفروا بالعزة .األخرویة، و لتعلمن نبأه بعد حین

قومیتنا وعلى أي أساس ترتكز؟

ویمأل ، صغ معا إلى صوت العزة اإللھیة یدوي في أجواء اآلفاق أیھا األخ تعال ن، و یوحي في نفس كل مؤمن أسمى معاني العزة و الفخار ، األرض و السبع الطباق

حین یسمع ھذا النداء الذي تستمع لھ السموات و األرض و من فیھن منذ أن بلغھ :لخلود إلى حیث ال نھایة إذا كتب لھ ا، المبین إلى ھذا الوجود

و حمدا و شكرا لك ، فلبیك اللھم لبیك ، ھذا نداء ربك إلیك : أجل أجل یا أخي أنت ولي المؤمنین و نصیر العاملین و المدافع عن المظلومین ، النحصي ثناء علیك

عز من لجأ إلیك و انتصر من ، الذین حوربوا في بیوتھم و أخرجوا من دیارھم احتمى بحماك

و نطرب بتالوة ، تعال نستمع معا إلى صوت القرآن الكریم : أجل أجل یا أخي . و نسجل جمال ھذه العزة في صحائف ذلك الكتاب المطھر ، اآلیات البینات

:إلي إلي یا أخي واسمع قول اهللا تبارك وتعالى

) ٢٥٧:بقرةال) (اهللا ولي الذین آمنوا یخرجھم من الظلمات إلى النور (– ١

) .١٥٠:آل عمران) (بل اهللا موالكم وھو خیر الناصرین (– ٢

إنما ولیكم اهللا ورسولھ والذین آمنوا الذین یقیمون الصالة ویؤتون الزكاة وھم (– ٣ ).٥٥:المائدة)(راكعون

).١٩٦:ألعراف) (ي اهللا الذي نزل الكتاب وھو یتولى الصالحینإن ولی (– ٤

) قل لن یصیبنا إال ما كتب اهللا لنا ھو موالنا وعلى اهللا فلیتوكل المؤمنون (– ٥ ).٥١:التوبة(

) الذین آمنوا وكانوا یتقون، وف علیھم وال ھم یحزنون أال إن أولیاء اهللا ال خ (– ٦ ).٦٣-٦٢:یونس(

).١١:محمد) (ذلك بأن اهللا مولى الذین آمنوا وأن الكافرین ال مولى لھم (– ٧

نسبك إلى نفسھ و تمنحك ألست ترى في ھذه اآلیات البینات أن اهللا تبارك و تعالى ی فضل والیتھ و یفیض علیك من فیض عزتھ ؟

و في الحدیث الشریف الذي یرویھ المختار صلى اهللا علیھ و سلم عن ربھ فیما معناه یا بني آدم جعلت نسبا وجعلتم نسبا فقلتم فالن : یقول اهللا تبارك وتعالى یوم القیامة : (

)فالیوم أرفع نسبى وأوضع نسبكم" أتقاكم إن أكرمكم عند اهللا : " ابن فالن وقلت

لھذا أیھا األخ الكریم فضل السلف الصالح أن یرفعوا نسبتھم إلى اهللا تبارك و تعالى ویجعلوا أساس صالتھم ومحور أعمالھم تحقیق ھذه النسبة الشریفة فینادي أحدھم ،

:صاحبھ قائال

ئيال تدعني إال بیا عبدھا فإنھ أشرف أسما

:في حین یجیب اآلخر من سألھ عن أبیھ أتمیمي ھو أم قیسي

أبي اإلسالم ال أب لي سواه إذا افتخروا بقیس أو تمیم

لیس بعد ذلك عزة

إن الناس إنما یفخرون بأنسابھم لما یأنسون من المجد والشرف : أیھا األخ العزیز ة و الكرامة في نفوس أبنائھم في أعمال جدودھم ، ولما یقصدون من نفخ روح العز

وراء ھذین المقصدین شئ، أفال ترى نسبتك إلى اهللا تبارك وتعالى أسمى ما یطمح ، ) ١٣٩:النساء ( )فإن العزة هللا جمیعا: (إلیھ الطامحون من معاني العزة والمجد

، و أي شرف وأولى ما یرفع نفسك إلى علیین وینفخ فیھا روح النھوض مع العاملین أكبر و أي رافع إلى فضیلة أعظم من أن ترى نفسك ربانیا ، باهللا صلتك وإلیھ نسبتك

ولكن كونوا ربانیین بما كنتم تعلمون الكتاب ( :، وألمر ما قال اهللا تبارك وتعالى )٧٩:آل عمران) (وبما كنتم تدرسون

وةأعظم مصادر القذلك ، و في النسبة إلى الحق تبارك و تعالى معنى آخر یدركھ من التحق بھذه النسبة

و الثقة بالنجاح الذي یغمر قلبك فال تخشى الناس ، ھو الفیض األعم من اإلیمان جمیعا و ال ترھب العالم كلھ إن وقف أمامك یحاول ان ینال عقیدتك أو ینتقص من

:مبدأك م الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوھم فزادھم إیمانا وقالوا حسبنا الذین قال لھ (

) .١٧٣:آل عمران) (اهللا ونعم الوكیلو ألمر ما كان الواحد من أولئك القالئل المؤمنین باهللا و ثقتھ و تأییده یقف أمام

فال یرھب صولتھ و ال یخشى أذاه ألنھ ال یخشى ، الجحفل اللجب و الجیش اللھامو أي شيء أعظم من تلك القوة التي تنسكب من قلب الرجل المؤمن ، أحدا إال اهللا

) .١٦٠:آل عمران) (إن ینصركم اهللا فال غالب لكم ( :حین یجیش صدره بقول اهللا

قومیتنا عالیة النسبةني السمو االجتماعي في انتساب الناس إلى اهللا تبارك و و ھناك معنى آخر من معا

ذلك ھو تآخي الشعوب و تآزر الجماعات و القضاء على تلك المطامع التي ، تعالى فمن للعالم بان ، توحي بھا العصبیة و یؤرث نیرانھا بین األمم التقاطع و التخاصم

؟ .. یجتمع بقوة حول رایة اهللا الیومأحالم األمس و حقائق

و ، ھذا كالم طال عھد المسلمین باستماعھ فقد یكون غامضا علیھم غیر مفھوم لدیھم ، ما لھؤالء الجماعة یكتبون في ھذه المعاني التي ال یمكن أن تتحقق : قد یقول قائل

وما بالھم یسبحون في جو الخیال و األحالم ؟نھ الیوم غامضا بعیدا كان على رسلكم أیھا اإلخوان في اإلسالم و الملة فغن ما ترو

و صدقوني إن ، و لن یثمر جھادكم حتى یكون كذلك عندكم ، عند بدھیا قریبا ما ندلي بھ الیوم و ، المسلمین األولین فھموا من القرآن ألول ما قرأوه و نزل فیھم

.نقصھ علیكم وتون و أصارحكم بان عقیدة اإلخوان المسلمین یحیون بھا یأملون الخیر فیھا و یم

: و یرون فیھا كل ما تصبوا إلیھ نفوسھم من متعة و جمال و إسعاد و حق ، علیھا ألم یأن للذین آمنوا أن تخشع قلوبھم لذكر اهللا وما نزل من الحق وال یكونوا كالذین (

) م األمد فقست قلوبھم وكثیر منھم فاسقونأوتوا الكتاب من قبل فطال علیھ ) .١٦:الحدید(

إذا اتفقتم معنا على ھذا األساس فاعلموا أن انتسابكم إلى اهللا تبارك و : أیھا اإلخوان و تنشطوا للعمل لھا و ،تعالى یفرض علیكم أن تقدروا المھمة التي ألقاھا على عاتقكم

لھا فھل أنتم فاعلون ؟التضحیة في سبی

مھمة المسلمو رددھا ، إن مھمة المسلم الحق لخصھا اهللا تبارك و تعالى في آیة واحدة من كتابھ

فأما تلك اآلیة التي اشتملت على مھمة السلمین ، القرآن الكریم بعد ذلك في عدة آیات في الحیاة فھي قول اهللا تبارك وتعالى

، نوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخیر لعلكم تفلحون یا أیھا الذین آم (وجاھدوا في اهللا حق جھاده ھو اجتباكم وما جعل علیكم في الدین من حرج ملة أبیكم

سلمین من قبل وفي ھذا لیكون الرسول شھیدا علیكم و تكونوا إبراھیم ھو سماكم المشھداء على الناس فأقیموا الصالة وآتوا الزكاة واعتصموا باهللا ھو موالكم فنعم

).٧٨-٧٧:الحج) (المولى ونعم النصیرو إنھ ، و واهللا إن لھ لحالوة و إن علیھ لطالوة ، لبس فیھ و ال غموض ھذا كالم ال

أفلم ، یمأل اآلذان و یدخل على القلوب بغیر استئذان ، لواضح كالصبح ظاھر كالنور یسمعھ المسلمون قبل اآلن ؟ أم سمعوه و لكن على قلوبھم أقفاال فال تعي و ال تتدبر ؟

و یسجدوا و أن یقیموا الصالة التي ھي لب العبادة و یأمر اهللا المسلمین أن یركعواو أن یفعلوا ، و أن یعبدوا اهللا و ال یشركوا بھ شیئا ، عمود اإلسالم و أظھر مظاھره

و ھو حین یأمرھم بفعل الخیر ینھاھم بذلك عن الشر و إن من ، الخیر ما استطاعوا لھم على ذلك النجاح و و رتب! فما أوجز و ما أبلغ ، أول الخیر أن تترك الشر

الفالح و الفوز و تلك ھي المھمة الفردیة لكل مسلم التي یجب علیھ أن یقوم بھا بنفسھ .في خلوة أو جماعة

حق اإلنسانیةثم أمرھم بعد ذلك أن یجاھدوا في اهللا حق جھاده بنشر ھذه الدعوة و تعمیمھا بین

:لجور و التمرد فبالسیف والسنان فإن أبوا إال العسف و ا، الناس بالحجة و البرھان والناس إذ ظلموا البرھان و اعتسفوا فالحرب أجدى على الدنیا من السلم

حراسة الحق بالقوة

و ما اجمل أن تسیر القوة و ، القوة اضمن طریق إلحقاق الحق : ( و ما أحكم القائل )الحق جنبا إلى جنب

اإلسالمیة فضال عن االحتفاظ بمقدسات اإلسالم فھذا الجھاد في سبیل نشر الدعوة فریضة اهللا على المسلمین كما فرض علیھم الصوم و الصالة و الحج و الزكاة و

و لم یعذر في ذلك أحد فیھ ، و ألزمھم إیاھا و ندبھم إلیھا ، فعل الخیر و ترك الشر :و إنھا آلیة زاجرة رادعة و موعظة بالغة زاجرة ، قوة و استطاعة

)٤١:التوبة) (انفروا خفافا وثقاال وجاھدوا بأموالكم وأنفسكم في سبیل اهللا( و قد كشف اهللا سر ھذا التكلیف و حكمة ھذه الفریضة التي افترضھا على المسلمین

فبین لھم أنھ اجتباھم و اختارھم و اصطفاھم دون الناس لیكونوا ، بعد ھذا األمر و ورثة رسولھ في دعوتھ ، سواس خلقھ و أمناءه على شریعتھ و خلفاءه في أرضھ

و مھد لھم الدین و أحكم التشریع و سھل األحكام و جعلھا من الصالحیة لكل زمان ، و ترى فیھا اإلنسانیة أمنیتھا المرجوة و أملھا المنتظر ، و مكان بحیث یتقبلھا العالم

جعل علیكم في الدین من حرج ملة أبیكم إبراھیم ھو سماكم ھو اجتباكم وما: () المسلمین من قبل وفي ھذا لیكون الرسول شھیدا علیكم و تكونوا شھداء على الناس

) ٧٨:الحج(و أن یكونوا صفا ، اهللا إلیھا المسلمین جمیعا و تلك ھي المھمة االجتماعیة التي ندب

و أن یكونوا ھم جیش الخالص الذي ینقذ اإلنسانیة و یھدیھا ، واحدا و كتلة و قوة .سواء السبیل

رھبان باللیل فرسان بالنھارثم أوضح الحق تبارك و تعالى للناس بعد ذلك الرابطة بین التكالیف من صالة

و أن العقیدة الصحیحة ، و أن األولى وسیلة للثانیة وصوم بالتكالیف االجتماعیةحتى ال یكون ألناس مندوحة من القعود عن فرائضھم الفردیة بحجة ، أساسھما معا

و حتى ال یكون آلخرین مندوحة من القعود عن العمل ، انھم یعملون للمجموع ا أدق و فم، للمجموع بحجة أنھم مشغولین بعباداتھم مستغرقون في صلتھم لربھم

و من أحسن من اهللا حدیثا ؟، احكم عبادة ربكم و الجھاد في سبیل التمكین لدینكم و إعزاز شریعتكم ھي : أیھا المسلمون

و إن أدیتم بعضھا أو ، فإن أدیتموھا حق األداء فانتم الفائزون ، مھمتكم في الحیاة حسبتم أنما خلقناكم عبثا أف ( :أھملتموھا جمیعا فإلیكم أسوق قول اهللا تبارك و تعالى

) .١١٦-١١٥:المؤمنون) (فتعالى اهللا الملك الحق، وأنكم إلینا ال ترجعون لھذا المعنى جاء أوصاف أصحاب محمد و ھم صفوة اهللا من خلقھ و السلف الصالح

ترى أحدھم في لیلھ ماثال في محرابھ ) رھبان باللیل فرسان بالنھار : ( من عباده

یا دنیا غري : ( قابضا على لحیتھ یتململ تململ السلیم و یبكي بكاء الحزین و یقول رایتھ رئباال على صھوة ، فإذا انفلق الصباح و دوى النفیر یدعو المجاھدین ) غیري .یزار الزارة فتدوي لھا جنبات المیدان ، جواده

ناسق العجیب و التزاوج بین الغریب و المزیج الفرید بین عمل باهللا علیك ما ھذا التالدنیا و مھامھا و شؤون اآلخرة و روحانیتھا ؟ و لكنھ اإلسالم الذي جمع من كل

.شيء أحسنھ استعمار األستاذیة و اإلصالح

صلى اهللا علیھ و –بعد أن اختار نبیھ ، و لھذا المعنى أیھا المسلمون نفر المسلمون قرآنھ في صدورھم و مساكنھم على ، الرفیق األعلى في أقطار األرض –سلم

حجتھم واضحة على ألسنتھم یدعون الناس إلى إحدى ، سروجھم و سیوفھم بأیدیھم فمن أسلم فھو أخوھم لھ ما لھم و علیھ ما ، اإلسالم أو الجزیة أو القتال : ثالث مون بحقھ و یرعون عھده و و من أدى الجزیة فھو في ذمتھم و عھدھم یقو، علیھم

ویأبى اهللا إال أن ( ،و من أبى جالدوه حتى یظھرھم اهللا علیھ ، یوفون لھ بشرطھ ) .٣٢:التوبة) (یتم نوره

، فزھادتھم في الجاه و الشھرة معروفة عند الخاص و العام ، ما فعلوا ذلك لسلطان التي یستمتع بھا أقوام على حساب و لقد قضى دینھم على تلك المظاھر الزائفة

یفرض لھ من المال و العطاء ما لرجل منھم لیس ، فكان خلیفتھم كأحدھم ، آخرین و ال یمیزه إال بما أفاض اهللا علیھ من جالل اإلیمان و ھیبة ، بأفضلھم و ال أدركھم

فحسب أحدھم كسرة یرد بھا جوعتھ و جرعة یطفئ بھا، و لم ذلك لمال ، الیقین و حظ أحدھم من ، و الجوع أحب عندھم من الشبع ، و الصوم لدیھم قربة ، ظمأتھ

:و كتابھم ینادیھم بقول اهللا تعالى ، الملبس ما یستر بھ عورتھ )١٢:محمد) (والذین كفروا یتمتعون ویأكلون كما تأكل األنعام والنار مثوى لھم ( )تعس عبد القطیفة، تعس عبد الدرھم ، تعس عبد الدینار : (بیھم یقول لھم و ن

و إنما ، إذا لم یكن مخرجھم من دیارھم لجاه أو مال أو سلطة أو استعمار أو استبداد و أمرھم أن ، كان ألداء رسالة خاصة ھي رسالة نبیھم التي تركھا أمانة بین أیدیھم

.ن فتنة و یكون الدین كلھ هللا حتى ال تكو، یجاھدوا في سبیلھا آن لنا أن نفھم

كان المسلمون یفھمون ھذا قدیما و یعملون لھ و یحملھم إیمانھم على التضحیة في أما في ھذه األیام فقد تفرق المسلمون في فھم مھمتھم و اتخذوا من التأویل و ، سبیلھ

و ، الجھاد و العمل مضى وقت : فمن قائل یقول لك ، التعطیل سندا للقعود و الكسل و ثالث ، آخر یثبط ھمتك یقول لك بان الوسائل معدومة و األمم اإلسالمیة مقیدة

و قنع من عبادتھ بركعات یؤدیھا ، رضي من دینھ كلمات یلوكھا لسانھ صباح مساء و قلبھ ھواء

:القرآن ینادیكم بوضوح و جالء ، ال ال أیھا اإلخوان الذین آمنوا باهللا ورسولھ ثم لم یرتابوا وجاھدوا بأموالھم وأنفسھم في إنما المؤمنون (

) .١٥:الحجرات) (سبیل اهللا أولئك ھم الصادقونإذا ضن الناس بالدینار و الدرھم و تبایعوا : (و أما في السنة فیقول لكم الرسول

أدخل اهللا تعالى علیھم ذال ، تبعوا أذناب البقر و تركوا الجھاد في سبیل اهللا بالعینة و

و الطبراني في ، رواه األمام أحمد في مسنده ) ال یرفعھ عنھم حتى یراجعوا دینھم .و البیھقي في شعب اإلیمان عن عبد اهللا بن عمر ، الكبیر

ا متى یكون الجھاد فرض و أنتم تقرأون في كتب الفقھ ما ألف منھا قدیما أو حدیثفما ھذا ، و تعلمون حقائق ذلك و معناه حق العلم ، كفایة و متى یكون فرض عین

الخمول الذي ضرب بجدرانھ ؟ و ما ھذا الیأس الذي قبض على القلوب فال تعي وال .تفیق ؟ ھذا أیھا المسلمون عصر التكوین فكونوا أنفسكم و بذلك تتكون أمتكم

فاعملوا على تقویة ، حتاج إلى منكم نفوسا مؤمنة و قلوبا سلیمة إن ھذه الفریضة تو تحتاج منكم تضحیة بالمال و الجھود فاستعدوا لذلك ، إیمانكم و سالمة صدوركم

و إن اهللا اشترى من المؤمنین أنفسھم و ، فإن ما عندكم ینفد و ما عند اهللا باق .أموالھم بأن لھم جنة عرضھا السموات و األرض

من أین نبدأ؟

تحتاج من : إن تكوین األمم، وتربیة الشعوب، وتحقیق اآلمال، ومناصرة المبادئ" قوة نفسیة عظیمة"األمة التي تحاول ھذا أو الفئة التي تدعو إلیھ على األقل، إلى

إرادة قویة ال یتطرق إلیھا ضعف، ووفاء ثابت ال یعدو علیھ : تتمثل في عدة أمورر، وتضحیة عزیزة ال یحول دونھا طمع وال بخل، ومعرفة بالمبدأ تلون وال غد

وإیمان بھ وتقدیر لھ یعصم من الخطأ فیھ واالنحراف عنھ والمساومة علیھ، على ھذه األركان األولیة التي ھي من خصوص النفوس وحدھا، . والخدیعة بغیره

ناھضة، وتتكون وعلى ھذه القوة الروحیة الھائلة، تبنى المبادئ وتتربى األمم ال .الشعوب الفتیة، وتتجدد الحیاة فیمن حرموا الحیاة زمنا طویال

وكل شعب فقد ھذه الصفات األربعة، أو على األقل فقدھا قواده ودعاة اإلصالح فیھ، فھو شعب عابث مسكین، ال یصل إلى خیر، وال یحقق أمال، وحسبھ أن یعیش في

) ٣٦:یونس) (ن الظن ال یغني من الحق شیئاإ ( :جو من األحالم والظنون واألوھام.

:ھذا ھو قانون اهللا تبارك وتعالى وسنتھ في خلقھ ولن تجد لسنة اهللا تبدیال

) .١١:الرعد) (إن اهللا ال یغیر ما بقوم حتى یغیروا ما بأنفسھم (

:ھ النبي في الحدیث الشریف الذي رواه أبو داود و ھو أیضا القانون الذي عبر عن

ومن قلة : یوشك األمم أن تداعى علیكم كما تداعى األكلة إلى قصعتھا فقال قائل(بل أنتم یومئذ كثیر، ولكنكم غثاء كغثاء السیل، ولینزعن اللھ من : نحن یومئذ؟ قال

یا رسول : فقال قائل، كم الوھن صدور عدوكم المھابة منكم ، ولیقذفن اللھ في قلوب )حب الدنیا وكراھیة الموت: اللھ وما الوھن ؟ قال

أولست تراه قد بین أن سبب ضعف األمم و ذلة الشعوب وھن نفوسھا و ضعف و إن كثر ، قلوبھا و خالء أفئدتھا من األخالق الفاضلة و صفات الرجولة الصحیحة

عددھا و زادت خیراتھا و ثمراتھا

األمة إذا رتعت في النعیم و أنست بالترف و غرقت في أعراض المادة و و إنو نسیت احتمال الشدائد و مقارعة الخطوب و المجاھدة ، افتتنت بزھرة الحیاة الدنیا

.فقل على عزتھا و آمالھا العفاء ، في سبیل الحق

بین القوتین

ل و العتاد و آالت الحرب یظن كثیر من الناس أن الشرق تعوزه القوة المادیة من الماذلك صحیح و مھم ، و الكفاح لینھض و یسابق األمم التي سلبت حقھ و ھضمت أھلھ

القوة الروحیة من الخلق الفاضل و النفس النبیلة و اإلیمان : و لكن أھم منھ و ألزم ، و التضحیة في سبیل الواجب و الوفاء الذي تنبني ، و معرفتھا و اإلرادة الماضیة

. و عنھما تكون القوة ، الثقة و الوحدة علیھ

، لو آمن الشرق بحقھ و غیر من نفسھ و اعتنى بقوة الروح و عني بتقویم األخالق ألتتھ وسائل القوة المادیة من كل جانب و عند صحائف التاریخ الخبر الیقین

احھم و و ھم لھذا دائبون في تطھیر أرو، یعتقد اإلخوان المسلمون ھذا تمام االعتقاد و ھم لھذا یجاھدون بدعوتھم و یریدون الناس على ، تقویة نفوسھم و تقویة أخالقھم

.مبادئھم و یطالبون األمة بإصالح النفوس و تقویم األخالق

و ھم لم یبتدعوا ذلك ابتداعا شأنھم في كل ما یقولون و لكنھم یستمدونھ من القاموس ذلك ھو كتاب اهللا ، المرجع األعلى األعظم و البحر الخضم و الدستور المحكم و

:و قد سمعت من قبل تلك المادة الخالدة من ذلكم القانون ، تبارك و تعالى

) .١١:الرعد) (إن اهللا ال یغیر ما بقوم حتى یغیروا ما بأنفسھم (

رب مثال تطبیقیا بل إنھ ض، و لقد كشف القرآن عن ھذا المعنى في كثیر من آیاتھ تلك القصة ، خالدا واضحا كل الوضوح صادقا كل الصدق في قصة بني إسرائیل

.الرائعة التي ترسم لكل أمة یائسة طریق التكوین

المنھاج واضح

یعتقد اإلخوان المسلمون أن اهللا تبارك و تعالى حین أنزل القرآن و أمر عباده أن و وضع في ھذا الدین القویم كل األصول ، یتبعوا محمدا و رضي لھم اإلسالم دینا

: و ذلك مصداق قول اهللا تبارك و تعالى ، الالزمة لحیاة األمم و نھضتھا و إسعادھا

الذین یتبعون الرسول النبي األمي الذي یجدونھ مكتوبا عندھم في التوراة واإلنجیل (مرھم بالمعروف وینھاھم عن المنكر ویحل لھم الطیبات ویحرم علیھم الخبآئث یأ

).١٥٧:األعراف) (ویضع عنھم إصرھم واألغالل التي كانت علیھماهللا ما تركت من شر إال و و(و مصداق قول الرسول في الحدیث الشریف ما معناه

)نھیتكم عنھو أنت إذا أمعنت النظر في تعالیم اإلسالم وجدتھ قد وضع أصح القواعد و أنسب

و حیاة األسرة في تكوینھا و ، النظم و أدق القوانین لحیاة الفرد رجال و امرأة وقف و حلل الفكر التي ، و حیاة األمم في نشوئھا و قوتھا و انحاللھا ، انحاللھا

.أمامھا المصلحون فالعالمیة و القومیة و االشتراكیة و الرأسمالیة و البلشفیة و الحرب و توزیع الثروة

و الصلة بین المنتج و المستھلك و ما یمت بصلة قریبة أو بعیدة إلى ھذه البحوث ، كل ھذه نعتقد أن اإلسالم خاض في ، التي تشغل بال ساسة األمم و فالسفة االجتماع

و تجنب ما ، و وضع للعالم النظم التي تكفل لھ االنتفاع بما فیھا من محاسن ، بھا لفإنما نقول ما ، و لیس ذلك مقام تفصیل في ھذا المقال ، تستتبعھ من خطر و ویالت

. ولنا بعد ذلك جوالت نفصل فیھا ما نقول ، نعتقد و نبین للناس ما ندعوھم إلیھ ال بد من أن نتبع

إذا كان اإلخوان المسلمون یعتقدون ذلك فھم یطالبون الناس بان یعملوا على أن وتكون قواعد اإلسالم األصول التي تبنى علیھا نھضة الشرق الحدیث في كل شان من

ویعتقدون أن كل مظھر من مظاھر النھضة یتنافى مع قواعد اإلسالم ، شؤون الحیاة ستخرج منھا األمم بتضحیات ، ة فاشلة و یصطدم بأحكام القرآن فھو تجربة فاسد

فخیر لألمم التي ترید النھوض أن تسلك إلیھ أخصر الطریق ، كبیرة في غیر فائدة .باتباعھا أحكام اإلسالم

واإلخوان المسلمون ال یختصون بھذه الدعوة قطرا دون قطر من األقطار اإلسالمیة ادة و الزعماء في كل قطر ولكنھم یرسلونھا صیحة یرجون أن تصل إلى آذان الق،

و إنھم لینتھزون لذلك ھذه الفرصة التي تتحد فیھا األقطار ، یدین أبناؤه بدین اإلسالم اإلسالمیة و تحاول بناء مستقبلھا على دعائم ثابتة من أصول الرقي و التقدم و

. العمران احذروا االنحراف

لشعوب الشرقیة اإلسالمیة في و إن أكبر ما یخشاه اإلخوان المسلمون أن تندفع افترقع نھضاتھا بتلك النظم البالیة التي انتقضت على نفسھا و أثبتت ، تیار التقلید

إن لكل أمة من أمم اإلسالم دستورا عاما فیجب ، التجربة فسادھا وعدم صالحیتھا و إن األمم التي تقول في ، أن تستمد مواد دستورھا العام من أحكام القرآن الكریم

یجب أن تضع بقیة المواد ، إن دینھا الرسمي اإلسالم : أول مادة من مواد دستورھا و كل مادة ال یسیغھا اإلسالم و ال تجیزھا أحكامھ یجب أن ، على أساس ھذه القاعدة

.تحذف من حتى ال یظھر التناقض في القانون األساسي للدولة أصلحوا القانون

و ھذا القانون یجب أن یكون مستمدا من ، بنائھا وإن لكل أمة قانونا یتحاكم إلیھ أ، أحكام الشریعة اإلسالمیة مأخوذا عن القرآن الكریم متفقا مع أصول الفقھ اإلسالمي و إن الشریعة اإلسالمیة و فیما وضعھ المشترعون المسلمون ما یسد الثغرة و یفي

و إن في حدود ، رات و یؤدي إلى أفضل النتائج و أبرك الثم، بالحاجة و ینقع الغلة و یكف العادي و إن تأصل ، اهللا لو نفذت لزاجرا یردع المجرم و إن اعتاد اإلجرام

و التجربة تثبت ذلك ، في نفسھ العدوان و یریح الحكومات من عناء التجارب الفاشلة و اهللا تبارك و تعالى ، و أصول التشریع الحدیث تنادي بھ و تدعمھ ، و تؤیده

:ھ یفرضھ و یوجب ) .٤٤:المائدة) (ومن لم یحكم بما أنزل اهللا فأولئك ھم الكافرون (

أصلحوا مظھر االجتماعوإن في كل أمة مظاھر من الحیاة االجتماعیة تشرف علیھا الحكومات و ینظمھا

تكون فعلى كل أمة شرقیة إسالمیة أن تعمل على أن، القانون و تحمیھا السلطات ، كل ھذه المظاھر مما یتفق و آداب الدین و یسایر و یسایر تشریع اإلسالم و أوامره

فما بالك باألمم ، إن البغاء الرسمي لطخة عار في جبین كل أمة تقدر ھذه الفضیلة اإلسالمیة التي التي یفرض علیھا دینھا محاربة البغاء و الضرب على ید الزناة بشدة

: م بھما رأفة في دین اهللا إن كنتم تؤمنون باهللا والیوم اآلخر ولیشھد وال تأخذك (

).٢:النور ()عذابھما طائفة من المؤمنینو تلك اللوحات الطویلة ، إن حانات الخمر في أظھر شوارع المدن و أبرز أحیائھا

و ھذه اإلعالنات الظاھرة الواضحة عن أم ، روحیة العریضة عن المشروبات ال .و یجرمھا القرآن الكریم أشد التحریم ، الخبائث مظاھر یأباھا الدین

حاربوا اإلباحیةو إن ھذه اإلباحیة المغریة و المتعة الفاتنة و اللھو العابث في الشوارع و المجامع و

عھ من عفة و شھامة و إباء و المصایف والمرابع یناقض ما أوصى بھ اإلسالم باتباإن اهللا تعالى یحب معالي األمور و یكره (انصراف إلى الجد و ابتعاد عن اإلسفاف

) .سفاسفھاعلى األمم اإلسالمیة أن تبذل في محاربتھا و ، فكل ھذه المظاھر و أشباھھا

مناھضتھا كل ما في وسع سلطانھا و قوانینھا من طاقة و مجھود ال تني عن ذلك و .ال تتواكل

نظموا التعلیم وإن لكل أمة و شعب إسالمي سیاسة في التعلیم و تخریج الناشئة و بناء رجال

فیجب أن تبنى ھذه السیاسة على ، الذین تتوقف علیھم حیاة األمة الجدیدة ، المستقبل و معرفة بأحكام دینھم ، أصول حكیمة تضمن للناشئین مناعة دینیة و حصانة خلقیة

.تدادا بمجده الغابر وحضارتھ الواسعة و اع، ھذا قلیل من كثیر من األصول التي یرید اإلخوان المسلمون أن ترعاھا األمم

و ھم یوجھون دعوتھم ھذه إلى كل المسلمین ، اإلسالمیة في بناء النھضة الحدیثة و وسیلتھم في الوصول إلى تحقیق ھذه الغایات اإلسالمیة ، شعوبا و حكومات

حتى إذا ذكر الناس ذلك ، أن یبنوا ما فیھا من مزیة و أحكام : یة وسیلة واحدة السام :و اقتنعوا بفائدتھ أنتج ذلك عملھم لھ و نزولھم على حكمھ

لى بصیرة أنا ومن اتبعني وسبحان اهللا وما أنا من عقل ھذه سبیلي أدعو إلى اهللا ( ) .١٠٨:یوسف) (ركینالمش

انتفعوا بإخاء إخوانكم :ینادي اإلسالم أبناءه و متبعیھ فیقول لھم

واعتصموا بحبل اهللا جمیعا وال تفرقوا واذكروا نعمة اهللا علیكم إذ كنتم أعداء فألف ( ).١٠٣:آل عمران ()عمتھ إخوانابین قلوبكم فأصبحتم بن

و )١٠:الحجرات) (إنما المؤمنون إخوة ( :و یقول القرآن الكریم في آیة أخرى ) .٧١:التوبة) (والمؤمنون والمؤمنات بعضھم أولیاء بعض: (في آیة أخرى

و كذلك فھم ) و كونوا عباد اهللا إخوانا: (ھ و سلم و یقول النبي الكریم صلى اهللا علی من اإلسالم ھذا المعنى األخوي و أملت – رضوان اهللا علیھم –المسلمون األولون

و أنبل مظاھر األخوة و ، علیھم عقیدتھم في دین اهللا أخلد عواطف الحب و التآلف امتن اهللا بذلك في حتى ، فكانوا رجال واحدا و قلبا واحدا و یدا واحدة ، التعارف

: كتابھ فقال تبارك و تعالى وألف بین قلوبھم لو أنفقت ما في األرض جمیعا ما ألفت بین قلوبھم ولكن اهللا ألف (

) .٦٣:ألنفال) (بینھم تطبیق

كان ، ق أرضھ في مكة و یفر بدینھ و یفار، وإن ذلك المھاجر الذي كان یترك أھلھ یجد أمامھ أبناء اإلسالم من فتیان یثرب ینتظرون و كلھم شوق إلیھ و حب لھ و

و ما ربطھم بھ وشیجة ، و ما كان لھم سابق معرفة و ال قدیم صلة ، سرور بمقدمھ و إنما ھي عقیدة اإلسالم ، و ما دفعتھم إلیھ غایة أو منفعة ، من صھر أو عمومة

و ، و یعدونھ جزءا من أنفسھم و شقیقا ألرواحھم ، تھم یحنون إلیھ و یتصلون بھ جعل، ما ھو إال أن یصل المسجد حتى یلتف حولھ الغر المیامین من األوس و الخزرج

ویتشبث بمطلبھ ھذا ، كلھم یدعوه إلى بیتھ و یؤثره على نفسھ و یفدیھ بروحھ وعیالھ ما نزل : (ى روى اإلمام البخاري ما معناه حت، حتى یؤول األمر إلى االقتراع

) .مھاجري على أنصاري إال بقرعةفما زال یبدو غرة مشرقة في ، وحتى خلد القرآن لألنصار ذلك الفضل أبد الدھر

:جبین السنین في قول اهللا تبارك و تعالى من ھاجر إلیھم وال یجدون في والذین تبوءوا الدار واإلیمان من قبلھم یحبون (

صدورھم حاجة مما أوتوا ویؤثرون على أنفسھم ولو كان بھم خصاصة ومن یوق ) .٩:الحشر ()شح نفسھ فأولئك ھم المفلحون

األول ممن وجدت بین نفوسھم األخوة و على ھذا درج أبناء اإلسالم و خص الرعیلحتى أثنى ، و ال بین مكیھم و یمنیھم ، ال فرق بین مھاجرھم و أنصارھم ، اإلیمانیة

الرسول على األشاعرة من أھل الیمن بقولھ صلى اهللا علیھ و سلم ما معناهنعم القوم األشعریون إذا جھدوا في سفر أو حضر جمعوا ما عندھم فوضعوه في (

)تھم ثم قسموه بینھم بالسویةمزادو ، و أحادیث النبي العظیم صلى اهللا علیھ و سلم ، و أنت إذا قرأت القرآن الكریم

رأیت من ذلك ما یقر عینك و یمأل ، طالعت سیر الغر المیامین من أبناء ھذا الدین . سمعك و قلبك

أخوة تعلن اإلنسانیةلنا من أن نجنیھما و نتحدث إلیك عما فیھما من و لقد أثمرت ھذه العقیدة ثمرتین البد

.حالوة لذة و خیر و فائدة

فقد أنتجت ھذه العقیدة أن االستعمار اإلسالمي لم یشبھھ أي : فأما األولى منھا ال في غایتھ و ال في مسالكھ و إدارتھ و ال في نتائجھ و ، استعمار في التاریخ أبدا

ما كان یفتح األرض حین یفتحھا لیعلي فیھا كلمة فإن المستعمر المسلم إن، فائدتھ فإذا أشرقت على نفوس أھلھا شمس الھدایة ، و ینیر أفقھا بسنة القرآن الكریم ، الحق

و شملھا العدل و اإلنصاف و الحب ، المحمدیة فقد زالت الفوارق و محیت المظالم ان متحابون و لكن إخو، و لم یكن ھناك فاتح غالب و خصم مغلوب ، و اإلخاء و تنجاب كما ینجاب الثلج سقطت علیھ ، و من ھنا تذوب فكرة القومیة ، متآلفون

أشعھ الشمس قویة مشرقة أمام فكرة األخوة اإلسالمیة التي یبثھا القرآن في نفوس .من یتبعونھ جمیعا

و ، قد باع أھلھ ، إن ذلك الفاتح المسلم قبل أن یغزوا من غزا و یغلب من غلب فھو ال یغزو لعصبیة و ال یغلب لقومیة و ، من عصبیتھ و قومیتھ في سبیل اهللا تجرد

و إن أروع ما أثر ، و لكنھ حین یعمل هللا و هللا وحده ال شریك لھ ، ال ینتصر لجنسیة و تجرید النفس من الھوى ما جاء في الحدیث الشریف ما ، من اإلخالص في الغایة

إني أحب أن أجاھد في سبیل ، لھ یا رسول اهللا معناه أن رجال جاء إلى النبي فقال : فنزلت اآلیة الكریمة ، و أحب أن یرى موقفي فسكت النبي و لم یجبھ ، اهللا )فمن كان یرجو لقاء ربھ فلیعمل عمال صالحا وال یشرك بعبادة ربھ أحدا ( ).١١٠:الكھف(

بر اإلسالم تطلع ھذا الشخص إلى الثناء و المدح و ھما من طبائع أرأیت كیف اعتالنفوس شركا خفیا یجب أن یتنزه عنھ و یسمو بشرف الغایة النبیلة عنھ ؟ و ھل ھناك أخلص من أن ینسى اإلنسان نفسھ في سبیل غایتھ ؟ و ھل تظن أن رجال

و أھواءھا حتى یشترط علیھ دینھ أن یتجرد من نفسھ و یكبت عواطفھا و میولھا یفكر بعد ھذا في أن یجاھد لعصبیة أو یغزو لجنس أو ، یكون جھاده خالصا هللا وحده

.اللھم ال .. قومیة ؟

ما ترك بلده و ، إن ذلك المغلوب الذي شاء لھ القدر أن یسعد باإلسالم و یھتدي بھ نھ و یستأثر دو، أرضھ ألجنبي عنھ یتحكم فیھا و یسخره تسخیر العبد الذلیل

و لكنھ ترك ما ترك ألنھ یخلطھ بنفسھ و یمزجھ بروحھ و ینادیھ بإخالص ، بخیراتھا فكالھما فني ، وكتاب اهللا تبارك و تعالى یفصل بیننا ، لك ما لنا و علیك ما علینا :

و ، و ترك ما ترك لیعم اإلنسانیة نور اهللا ، في غایتھ و ضحى في سبیل مبدئھ و في ذلك تمام إسعادھا و كمال رقیھا لو كانوا ، كریم تسطع علیھا شمس القرآن ال

. یعلمون

أفق الوطن اإلسالمي

فإن األخوة اإلسالمیة جعلت كل مسلم یعتقد أن كل شبر من : أما الثمرة الثانیة فیھ أخ یدین بدین القرآن الكریم ، قطعة من األرض اإلسالمیة العامة التي ، األرض

ئھ أن یعملوا لحمایتھا وإسعادھا فكان من ذلك أن أتسع یفرض اإلسالم علي كل أبناأفق الوطن اإلسالمي وسما عن حدود الوطنیة الجغرافیة والوطنیة الدمویة إلى

وطنیة المبادئ السامیة والعقائد الخالصة الصحیحة ، والحقائق التي جعلھا اهللا للعالم

رره في نفوسھم یفرض واإلسالم حین یشعر أبناءه بھذا المعنى ویق، ھدى ونورا وتخلیصھا من ، علیھم فریضة الزمة لحمایة أرض اإلسالم من عدوان المعتدین

.غصب الغاصبین ، وتحصینھا من مطامع المتعدین

طریق طویلةأرجو أن تكون ھذه الكلمات المتتالیات في بیان دعوة اإلخوان المسلمین قد كشفت

حد ما عن مناھجھم في السیر إلى ھذه و أبانت لھم و لو إلى، للقراء عن غایتھم و قد تحدثت من قبل إلى إخواننا الغیورین على اإلسالم و مجده حدیثا طویال ، الغایة

)إلى أي شيء ندعو الناس : ( ھو أشبھ بھذه الكلمات التي رآھا القراء تحت عنوان ، ال فأول و كنا نتفھم القول تباعا أو، و لقد أصغى إلى من حدثتھم إصغاء مشكورا

و كم كانت ، حتى خرجنا من المحادثة مقتنعین تماما بشرف الغایة و نجاح الوسیلة دھشتي عظیمة حین رأیت منھم شبھ إجماع على أن ھذه السبیل مع التسلیم بنجاحھا

مما یجعل الیأس یدب إلى ، و أن التیارات الجارفة الھدامة في البلد قویة ، طویلة و حتى ال یجد القراء الكرام ھذا الشعور ، ي على النفوس القلوب و القنوط یستول

، أحببت أن تكون ھذه الكلمات مفعمة باألمل ، الذي وجده أولئك المتحدثون من قبل و سأحصر ، و هللا األمر من قبل و من بعد ، فیاضة بالیقین في النجاح إن شاء اهللا

: الموضوع في نظرتین إیجابیتین نظرة اجتماعیة

و أحالم الیوم ھي حقائق ، ل علماء االجتماع إن حقائق الیوم ھي أحالم األمس یقوبل ھي محور تقدم ، و تلك نظرة یؤیدھا الواقع و یعززھا الدلیل و البرھان ، الغد

فمن ذا الذي كان یصدق أن یصل العلماء إلى ما ، اإلنسانیة و تدرجھا مدارج الكمال بل إن أساطین ، رعات قبل حدوثھا ببضع سنین وصلوا إلیھ من المكتشفات و المخت

و المثل ، حتى أثبتھا الواقع و أیدھا البرھان ، العلم أنفسھم أنكروھا ألول عھدھم بھا .و ھي من البداھة بحیث یكفینا ذلك عن اإلطالة بذكرھا ، على ذلك كثیرة نظرة تاریخیة

خیل للناظر إلیھا، أن وإن نھضات األمم جمیعا، إنما بدأت على حال من الضعف ی .وصولھا إلى ما تبتغي ضرب من المحال

ومع ھذا الخیال، فقد حدثنا التاریخ أن الصبر والثبات والحكمة واألناة وصلت بھذه النھضات الضعیفة النشأة، القلیلة الوسائل، إلى ذروة ما یرجوه القائمون بھا، من

ة العربیة وھي تلك الصحراء توفیق ونجاح، ومن ذا الذي كان یصدق أن الجزیرالجافة المجدبة تنبت النور والعرفان، وتسیطر بنفوذ أبنائھا الروحي والسیاسي على

أعظم دول العالم؟ ومن ذا الذي كان یظن أن أبا بكر صاحب القلب الرقیق اللین، وقد انتقض الناس علیھ، وحار أنصاره في أمرھم، یستطیع أن یخرج في یوم واحد أحد

جیشا، تقمع العصاة وتقوم المعوج ، وتؤدب الطاغي وتنتقم من المرتدین، عشرومن ذا الذي كان یصدق أن ھذه الشیعة . وتستخلص حق اهللا في الزكاة من المانعین؟

الضئیلة المستترة من بني علي و العباس تستطیع أن تقلب ذلك الملك القوي الواسع كانت في یوم من األیام إال عرضة للقتل و ھي ما، األكناف ما بین عشیة وضحاھا

ومن ذا الذي كان یظن أن صالح الدین األیوبي یقف . و التشرید و النفي و التھدید ؟

األعوام الطوال ، فیرد ملوك أوروبا على أعقابھم مدحورین ، مع توافر عددھم وتظاھر جیوشھم، حتى اجتمع علیھ خمسة وعشرون ملكا من ملوكھم األكابر؟

ك في التاریخ القدیم، وفي التاریخ الحدیث أروع المثل على ذلك، فمن كان یظن أن ذلالملك عبد العزیز آل سعود ، وقد نفیت أسرتھ وشرد أھلھ وسلب ملكھ، یسترد ھذا الملك ببضعة وعشرین رجال، ثم یكون بعد ذلك أمال من آمال العالم اإلسالمي في

یصل ) ھتلر ( ان یصدق أن ذلك العامل األلمانيإعادة مجده وإحیاء وحدتھ؟ ومن ك النفوذ و نجاح الغایة ؟١إلى ما وصل إلیھ من قوة

ھل ھناك طریق أخرى؟و ثم نظرتان سلبیتان تحدثان النتیجة بعینھا و توجھان قلب الغیور إلى العمل توجیھا

.صحیحا نھضات بناء أن ھذه الطریق مھما طالت فلیس ھناك غیرھا في بناء ال: أوالھما

.صحیحا و قد أثبتت التجربة صحة ھذه النظریة الواجب أوال

ثم ، ثم لألجر األخروي ثانیا ، أن العامل یعمل ألداء الواجب أوال : و ثانیتھما و فاز بثواب اهللا ما في ذلك من شك ، و ھو إن عمل فقد أدى الواجب ، لإلفادة ثالثا

فقد تأتي فرصة لم تكن ، أمرھا إلى اهللا و بقیت اإلفادة و، متى توفرت شروطھ ، على حین إنھ إذا قعد عن العمل فقد ، في حسابھ تجعل عملھ یأتي بأبرك الثمرات

فأي الفریقین خیر ، و ضاع منھ أجر الجھاد و حرم اإلفادة قطعا ، لزمھ إثم التقصیر ح في مقاما و أحسن ندیا ؟ و قد أشار القرآن الكریم إلى ذلك في صراحة و وضو

: اآلیة الكریمة و إذ قالت أمة منھم لم تعظون قوما اهللا مھلكھم أو معذبھم عذابا شدیدا قالوا معذرة (

ینھون عن السوء وأخذنا فلما نسوا ما ذكروا بھ أنجینا الذین، إلى ربكم ولعلھم یتقون ).١٦٥-١٦٤:األعراف) (الذین ظلموا بعذاب بئیس بما كانوا یفسقون

قصة أمة تتكون ضعف

نحن اآلن أمام جبار متكبر یستعبد عباد اهللا و یستضعفھم و یتخذھم خدما و حشما و الكریمة المجیدة استعبده ذلك الطاغیة و بین شعب من الشعوب ، عبیدا و خوال

ثم أراد اهللا تبارك تعالى أن یعید لھذا الشعب المجید حریتھ المسلوبة و ، الجبار فكان أول شعاع من فجر حریة ، كرامتھ المغصوبة و مجده الضائع و عزه البائد

: على الوجود طفال رضیعا ) موسى (ھذا الشعب إشراق شمس زعیمھ العظیم إن فرعون عال في ، لوا علیك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم یؤمنون نت (

األرض وجعل أھلھا شیعا یستضعف طائفة منھم یذبح أبناءھم ویستحیي نساءھم إنھ ونرید أن نمن على الذین استضعفوا في األرض ونجعلھم أئمة ، كان من المفسدین

).٥-٣:القصص) (ونجعلھم الوارثین ونمكن لھم في األرض زعامة

، و تولتھ العنایة اإللھیة ، و نحن بعد ھذا أمام ھذا الزعیم و قد بلغ أشده و استوى حیث ، ففر بنفسھ و ھرب بحریتھ ، بعد أن أنفت نفسھ الظلم و عافت الضیم

فآب مملوءا ، و أسند إلیھ خالص شعبھ ، اصطنعھ اهللا لنفسھ و حملھ عبء رسالتھ یواجھ ذلك الجبار فیطلب إلیھ أن یعید إلى شعبھ حریتھ و ، باإلیمان مؤیدا بالیقین

ما أروع ذلك التھكم المر الالذع حین یحكي و. یترك لھ كرامتھ و یؤمن بھ و یتبعھ القرآن الكریم قول الرسول العظیم

).٢٢:الشعراء) (وتلك نعمة تمنھا علي أن عبدت بني إسرائیل (ھل من النعمة التي تذكرنا بھا و الجمیل ، أیھا الجبار المتحكم في عباد اهللا ال عبادك

ھ إلي أن تستعبد شعبي و تحقر أمتي و تمتھن قومي ؟ إنھا صیحة الحق الذي تسدی :دوت من فم النبي الكریم فزلزلت عرش الجبار و ھزت ملكھ

قال ألم ، أن أرسل معنا بني إسرائیل ، فأتیا فرعون فقوال إنا رسول رب العالمین (وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من ، ا ولیدا ولبثت فینا من عمرك سنین نربك فین

ففررت منكم لما خفتكم فوھب لي ربي ، الكافرین قال فعلتھا إذا وأنا من الضالین ).٢١-١٦:الشعراء) (مرسلینحكما وجعلني من ال

صراعو نحن اآلن نشھد غضبة القوة على الحق كیف تثور علیھ و تنتقم منھ و تعذب أھلھ

و كیف یعللھم ، ثم كیف یصبر أھل الحق على كل ذلك ، و تقھر مناصریھ : رؤساؤھم باآلمال الحلوة و األماني العزبة حتى ال یجد الخور إلى نفوسھم سبیال

وقال المأل من قوم فرعون أتذر موسى وقومھ لیفسدوا في األرض ویذرك وآلھتك (قال موسى لقومھ استعینوا ، قال سنقتل أبناءھم ونستحیـي نساءھم وإنا فوقھم قاھرون

) روا إن األرض هللا یورثھا من یشاء من عباده والعاقبة للمتقینباهللا واصب ) .١٢٨-١٢٧:األعراف(

إیمانو االستمساك بعروة ، و ما أروع أن نشھد ذلك النموذج الخالد من الثبات و الصبر

لعقیدة من أتباع ھذا و االستھانة بكل شيء حتى الحیاة في سبیل اإلیمان و ا، الحق :و قد تحدوا ھذا الجبار في استھانة و استماتة ، الزعیم الذین آمنوا بدعوتھ

إنا آمنا بربنا لیغفر لنا خطایانا ، فاقض ما أنت قاض إنما تقضي ھذه الحیاة الدنیا ( ) .٧٣-٧٢:طھ) (السحر واهللا خیر وأبقىوما أكرھتنا علیھ من

انتصارفإذا رأینا كل ذلك رأینا عاقبتھ في القسم الخامس و ما أدراك ما ھي ؟ فوز و فالح و

و صیحة ، و أمل یتحقق للحالمین ، انتصار و نجاح و بشرى تزف إلى المھضومین :الحق المبین تدوي في آفاق األرض

) .٨٠:طھ) (سرائیل قد أنجیناكم من عدوكمیا بني إ (

ھل نحن قوم عملیون؟

بـســـم اهللا الرحمــن الرحیـمعن سؤال یتردد كثیرا علي )إلى أي شئ ندعو الناس(قد أجبنا في الرسالة السابقة

جماعة (داع إلى تشجیع فھم كانوا یسألون دائما كلما دعاھم ، أفواه كثیر من الناس والي أي شيء تدعو جماعة اإلخوان المسلمون؟ وأحسبني ) اإلخوان المسلمون

أوضحت مبادئ ھذه الدعوة بما یجعل الجواب علي ھذا السؤال واضحا ال لبس فیھ وأظنني أجملت لھؤالء السائلین مبادئ ھذه الدعوة في الكلمة األولى ، وال غموض

تي تلتھا فلم یبق عذر للذي یرید أن یتعرف حقیقة دعوة ثم فصلتھا في الكلمات ال .اإلخوان إجماال وتفصیال

وأصناف سائلیھ.. سؤال مھم

وبقي سؤال آخر یتردد كثیرا علي أفواه الناس كذلك كلما دعاھم داع إلى تشجیع ھذه وال ، التي تدأب علي العمل لیل نھار ال تبتغي من أحد جزاء وال شكورا ، الجماعة

عمل إال هللا وحده وال تعتمد في خطواتھا إال علي تأییده ونصره وما النصر إال من تإن أرید إال اإلصالح ما استطعت وما : وشعار كل عامل من العاملین ، عند اهللا

ھذا السؤال اآلخر أن یقول لك ذلك الذي . توفیقي إال باهللا علیھ توكلت وإلیھ أنیب :ا تدعوه في استھانة وإعراض غالب

وھل ھذه الجماعة جماعة عملیة ؟وھل أعضاؤھا قوم عملیون ؟ ...وھذا السائل أحد أصناف من الناس

وال یقصد من إلقاء ھذا السؤال إال ، إما شخص متھكم مستھتر ال یعنیھ إال أمر نفسھ ألنھ ال یدین بغیر مصلحتھ ، أن یھزأ بالجماعات والدعوات والمبادئ والمصلحین

.. یھمھ من أمر الناس إال الناحیة التي یستغلھم منھا لفائدتھم فقط وال، الشخصیة أو ھو شخص غافل عن نفسھ وعن الناس جمیعا فال غایة وال وسیلة وال فكر وال

..عقیدة وإما شخص مغرم بتشقیق الكالم وتنمیق الجمل والعبارات وإرسال األلفاظ فخمة

اس أنھ علي شئ ولیس ھو علي شئ ولیظن الن، ضخمة لیقول السامعون إنھ عالم ولیلقي في روعك أنھ یود العمل وال یقعده عن مزاولتھ إال أنھ ال یجد الطریق العملي

وھو یعلم كذب نفسھ في ھذه الدعوى وإنما یتخذھا ستارا یغطي بھ قصوره ، إلیھ ..وخوره وأنانیتھ وأثرتھ

ابة عذرا للقعود وإما شخص یحاول تعجیز من یدعوه لیتخذ من عجزه عن اإلج بالعلة

. للخمول والمكسلة ، وسببا لالنصراف عن العمل للمجموع وأوضحت لھم مناھج ، وآیة ذلك عند ھؤالء جمیعا أنك إذا فاجأتھم بالطریق العملي

وأخذت بأبصارھم وأسماعھم وعقولھم وأیدیھم إلى الطریق المستقیم ، العمل المثمر وظھر االضطراب والتردد في ، ھم وأسقط في أیدیھم لووا رؤوسھم وحاروا في أمر

ألفاظھم وحركاتھم وسكناتھم وأخذوا ینتحلون المعاذیر ویرجئونك إلى وقت الفراغ ویتخلصون منك بمختلف الوسائل ، ذلك بعد آن یكونوا أمضوك اعتراضا وأجھدوك

.نقاشا ومحاوره ، ورأیتھم بعد ذلك یصدون وھم مستكبرون م في ذلك كالذي حدثوا أن رجال أعد سیفا قاطعا ورمحا نافذا وعدة وإنما مثلھ

وسالحا ، وأخذ كل لیلة ینظر إلیھا ویتحرق أسفا ألنھ ال یرى خصما أمامھ یظھر في نزالھ براعتھ ویؤید بحربھ شجاعتھ ، فأرادت امرأة أن تختبر صدق قولھ ،

قم أبا فالن فقد طرقتنا الخیل ، : تغیث فأیقظتھ ذات لیلة مع السحر ونادتھ بلھجة المسفاستیقظ فزعا تعلوه صفرة الجبن وتھز أوصالھ رعدة الخوف ، وأخذ یردد في ذھول

ال یزید على ذلك وال یحاول أن یدفع عن نفسھ ، .. الخیل.. الخیل: واضطراب وأصبح الصبح وقد ذھب عقلھ خوفا وإشفاقا ، وطار لبھ وجال ورعبا ، وما نازل

:صما وال رأى عدوا ، وذلك كما قال القائل خ

وإذا ما خال الجبان بأرض طلب الطعن وحده والنزاال :بل كما قال اهللا تبارك وتعالى

، إال قلیال قد یعلم اهللا المعوقین منكم والقائلین إلخوانھم ھلم إلینا وال یأتون البأس (أشحة علیكم فإذا جاء الخوف رأیتھم ینظرون إلیك تدور أعینھم كالذي یغشى علیھ

م یؤمنوا من الموت فإذا ذھب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخیر أولئك ل ) .١٩-١٨:األحزاب) (فأحبط اهللا أعمالھم وكان ذلك على اهللا یسیرا

: ولیس لنا مع ھذا األلوان من الناس قول ولیس لھم عندنا جواب إال أن نقول لھم م فلقد أملنا فیھ. وما لھؤالء كتبنا وال إیاھم خطبنا . سالم علیكم ال نبتغى الجاھلین

ثم تكشف أمرھم .. الخیر طویال ، انخدعنا بمعسول دعاویھم وعذب ألفاظھم حینا ورأینا منھم ضروبا وألوانا ، عن وقت أضیع ، ومجھود عقیم ، وتعویق عن الطریق

وأصنافا وأشكاال جعلت النفس ال تركن إلیھم وال تعتمد في شأن من الشؤون مھما .كان صغیرا علیھم

نادر ولكنھ مبارك میمون ، ، ن الناس قلیل بعدده كثیر بجھده وھناك صنف آخر میسألك ھذا السؤال إذا دعوتھ المشاركة والتشجیع بغیرة وإخالص، إنھ غیور تمأل الغیرة قلبھ ، عامل یود لو علم طریق العمل المثمر لیندفع فیھا ، مجاھدا ولكنھ ال

رس الھیئات وتقلب في یرى المیدان الذي تظھر فیھ بطولتھ ، خبر الناس ودالجماعات فلم یرى ما یمأل نفسھ ویشبع نھمتھ ویسكن فؤاده ویقر ثأر شعوره

ویرضي یقظة ضمیره ، ولو رآه لكان أول الصف ولعد في المیدان بألف ، ولكان .في حلبة العاملین سابقا مجلیا سائل الغرة ممسوح الجبین

منشودة ، وأنا على ثقة أنھ إن وقع في أذنھ ھذا الصنف ھو الحلقة المفقودة والضالة الإما عامل مع المجدین ، : ھذا النداء وتلقى فؤاده ھذا النجاء لن یكون إال أحد الرجلین

فھو إن لم یكن للفكرة فلن یكون . وإما عاطف من المحبین ، ولن یكون غیر ذلك أبدا ن اهللا وحده ھو الذي وا..وإیاه نخاطب ومعھ نتفاھم .. ولھذا الصنف نكتب . علیھا

إنك ال تھدي من أحببت ولكن اهللا یھدي : (یختار جنده وینتخب صفوة العاملین لھ .. ولعلنا نوفق إلى ما قصدنا إلیھ ، )٥٦:القصص) (من یشاء وھو أعلم بالمھتدین

.واهللا یقول الحق وھو یھدى السبیل

رین من أبناء اإلسالمللغیو

الكریم المعادن ، النفیس الجواھر ،العالي الھمة ، النبیل النفس ، الذي :لھذا الصنف :یود العمل ویتمناه ، ویقعد بھم عن تحقیق أمنیتھ قول القائل

وزھدي في الناس معرفتي بھم وطول اختباري صاحبا بعد صاحب مبـادیھ إال سـاءنى في العواقـبفلم ترني األیام خـال تسـرني

أنت اآلن أمام دعوة جدیدة وقوم ناشئین یدعونك إلى العمل معھم واالنضمام : نقولإلیھم والسعي بجوارھم إلى الغایة التي ھي أمل كل مسلم ورجاء كل مؤمن ، ومن

حقك أن تسأل عن مدي وسائلھم العملیة ، ومن واجبك أن تتحرى وتتفقھ فیما ولقد أعجبني من صدیق دعوتھ إلى جماعتنا أنھ كان یراجعني في كل . یھیدعونك إل

كلمھ ویقف أمام كل عبارة ویناقش كل وسیلھ حتى إذا اقتنعت نفسھ قال كلمتھ فما زالت مرعیة الجانب محققھ المعني واضحة األثر ، وما زال ھو العامل المجد إلى

نا مع ھذا نسوق لمثل ھذا األخ ولك. اآلن وأرجو أن یظل كذلك بحول اهللا تعالى -: الكریم ھذه المالحظات

أال یرى األخ معنا أن األجدر بنا بدل أن نسأل ھذا السؤال أن ندخل ضمن الجماعة وان كانت ، ونعمل مع العاملین فیھا ونلقى بدلونا بین الدالء ، فان رأینا خیرا فذلك

كان الباب على مصراعیھ لمن األخرى فطریق االنفصال واضحة ، وال سیما إذایدخل أو یخرج وكانت أعمال الجماعة جلیة على المكشوف كما یقولون ال خفاء بھا وال سر فیھا ؟ ولقد حدثوا أن النحویین اختلفوا فیما بینھم على عدد أبیات ألفیة ابن

مالك ، فكان ھذا الخالف مثار جدل عنف لم یوصلھم إلى شيء ، حتى تدخل أحد فكان في ذلك حسم ...ھا ھي ذه عدوھا واتفقوا : ئھم فأحضر نسخة منھا وقال عقال

.الخالف ھذه جماعة اإلخوان یا عزیزي في كل مكان تنادى الناس وتفتح لھم قلبھا وبابھا

ونادیھا ، فھلم فان رأیت ما تحب فعلى بركة اهللا وان لم تر ذلك فقل كما قال بشار :

تھا خرجت مع البازي على سوادإذا أنكرتني بلدة أو نكرأوال یرى األخ معنا أن الجماعات ھي األفراد منضمة ، فإذا كان كل فرد یسأل ھذا

السؤال فأین الجماعة إذن ؟ ھذه خدعة عقلیة یقع فیھا كثیر من الناس ، فأنت إذا ، ولكن شئت أن تعرف الكرسي قلت ھو جسم یتركب من مقعد ومسند وأربع أرجل

ألست ترى أن ھذه خدیعة وان ذلك لیس بصحیح ، فھل الجسم غیر ھذه الثالثة ؟ وإذا جردت الكرسي من أرجلھ ومقعده ومسنده فھل یبقى ھناك جسم أو أثر یصح أن

تطلق علیھ صفة الوجود فضال عن الصفات األخرى؟ أن الجماعات كذلك یخدع الناس أنفسھم في قضیة الجماعات واألفراد ، فھم یظنون

شيء واألفراد شيء وما الجماعات في الحقیقة إال أفراد ، وما األفراد إال حقائق الجماعات ولبنات بنائھا ، فإذا تنافرت ھذه اللبنات وأخذ كل فرد یسأل عن

فأین الجماعة إذن؟ ومن السائل ومن المسئول؟ وإنما أوقعنا في ھذه ... الجماعةتواكل الذي جعلنا نترك العبء كلھ لفرد واحد أو یدفعھ الورطة ما عودناه من خلق ال

كل منا على أخیھ ففال یزال مھمال ال یستقر على حال وال ینھض بھ أحد ، وھا أنا ذا أصارح كل الغیورین من أبناء اإلسالم بأن كل جماعة إسالمیة في ھذا العصر

فحرام . جريء المنتج إلى العنصر ال.. محتاجة أشد الحاجة إلى الفرد العامل المفكر .على ككل منت آنس من نفسھ شیئا من ھذا أن یتأخر عن النفیر دقیقة واحدة

أوال یرى ـ أیده اهللا وأید بھ ـ أن علیھ أن یدخل إلى الجماعة التي تدعوه فان وجدھا عملیة كما یحب قرت عینھ وفرحت نفسھ ، وان لم یجدھا كذلك حملھا بوضوح

على ما یجب من وسائل العمل ، فان لم تستقم لھ كان قد أعذر شخصیتھ وقوة تأثیره إلى ربھ ونفسھ ولعلھم یتقون ؟ و السیما إذا كان الذین یوجھون إلیھ ھذه الدعوة قوم

یعلمون أن فوق كل ذي علم علیم ، وأن لكل ذي رأى حقا في إبداء رأیھ ، وإن أخذ برأي –م عقال وھو أصح الناس رأیا وأنضجھم فكرا وأكبرھeالمصطفى

الحباب في بدر وبرأي سلمان في الخندق ، وھم یفرحون بكل من یأخذ بفكرتھم إلى .وسائل العمل الصحیح

أوال یرى األخ كذلك أنھ إن كان قد جرب مرة أو مرتین أو فوق ذلك فان ذلك ال إن ییئسھ ومن واجبھ أن یعاود الكره مرات حتى یظفر بأمنیتھ ویصادف بغیتھ ، فانھ قنط فاتھ بذلك خیر كثیر ؟ كالذي حدثوا أن صیادا ظفر بسمكھ كبیرة ثم رأى في

قاع الماء صدفة ظنھا لؤلؤه فترك السمكة وأخذ الصدفة ، فلما رآھا ندم على ما فرط منھ ثم وقع لھ حوت صغیر وعرضت لؤلؤة ظنھا صدفة فأعرض عنھا وقنع بحوتھ

طة في غدیر رأت في الماء ظال ظنتھ سمكھ أو كالذي حدثوا أن ب. ففاتھ خیر كثیر فأخذت تھوى بمنقارھا تلتقطھ حتى أتعبھا ذلك فتركتھ غاضبة ، ثم عرضت لھا .سمكة فظنتھا ظال وتركتھا ففاتتھا الفرصة السانحة وخسرت األمنیة المطلوبة

، ھذه مالحظات نتقدم بھا إلى الذین یریدون أن یعملوا لإلسالم من أبنائھ الغیورین وندعوھم بدعوة اإلخوان المسلمین ، فعلیھم أن . وھي جدیرة بالنظر فیما نعتقد

وإن وجدوا معوجا ، یجربوا وال یتواكلوا ، ویندمجوا فإن وجدوا صالحا شجعوه أقاموه ، والتكن تجربتھم حائال بینھم وبین التقدم ، ونأمل أن یروا من اإلخوان ما

. ، وإنا موجزون بعض ذلك في الكلمات التالیةتقر بھ أعینھم أن شاء اهللا تعالى

مؤسسـات ومشـاریعیعتقد كثیر من إخواننا أن الجماعة العملیة ھي التي تقوم بعمل المشروعات العامة

وسنجاریھم في ھذا . النافعة وتترك في مقرھا أثرا خالدا من المؤسسات المفیدة ھذا المیزان ، ولنا في الكلمات التالیة ب" جماعة اإلخوان المسلمین "المقال ، ونزن

إن شاء اهللا تعالى میزان آخر ـ نزن بھ جماعتنا ونقدر بھ الجھود العملیة ـ قد یكون في باب نھضات األمم أصح تقدیرا وأدق تعبیرا من میزان الیوم ، وكال وعد اهللا

.الحسنى من بلدان القطر انتشرت فكرة اإلخوان المسلمین فیما یزید علي خمسین بلدا

المصري وقامت في كل بلد من ھذه البلدان تقریبا بمشروع نافع أو مؤسسة مفیدة ، فأنت تراھا في اإلسماعیلیة قد أسست مسجد اإلخوان المسلمین ونادي اإلخوان

..المسلمین وأنشأت معھد حراء اإلسالمي لتعلیم البنین ومدرسة أم المؤمنین مسجد اإلخوان ونادي اإلخوان ومعھد حراء ، وفي شبراخیت قد أسست كذلك

وأقامت بجوار ھذه العمارة الفخمة دارا للصناعة یتعلم فیھا طلبھ المعھد الذین ال یستطیعون إتمام التعلیم وترید الجمعیة أن تھیئ لھم سبیل الحیاة العملیة بتخریجھم

..صناعا مثقفین وعماال مھذبین ثل ذلك ، فأنشأت منسجا للنسیج والسجاد إلى جوار وفي محمودیة البحیرة قامت بم

وفي المنزلة دقھلیة .. معھد تحفیظ القرآن بدار نادي اإلخوان المسلمین الرحیب معھد لتحفیظ القرآن ظھرت ثمرتھ رغم قصر المدة ، وھا ھو یقدم لنا حفاظا متقنین

ـ وال لزوم للتكرار ـ وقل مثل ذلك أو بعضھ ..في ھذه الفترة الوجیزة التي أنشئ فیھا في كل شعبة من شعب اإلخوان المسلمین المنتشرة في أنحاء القطر المصري من

..إدفو إلى اإلسكندریة وفي كثیر من جمعیات اإلخوان المسلمین تجد لجانا تطوعت للمصالحات بین األفراد

اكل ما یجري اهللا علي یدیھا خیرا كثیرا ویحل بھا من المش، واألسر المتخاصمة ..شغل القضاء مدة طویلة

وفي كثیر منھا لجان للصدقات تتفقد البائسین والمعوزین في المواسم واألعیاد وتحاول بذلك القیام بواجب رعایة ھؤالء من جھة ورد غائلة ذئاب ، وغیرھا

..المبشرین عنھم من ناحیة أخري

یظن أن تكون مجامع وفي كثیر منھا لجان للوعظ والتذكیر في المجتمعات التي ال ..وعظ كالمقاھي واألندیة العامة وحفالت األفراح والتعزیة ونحوھا

وفي كثیر منھا وال سیما في النواحي القرویة لجان تطوعت لإلشراف علي المرافق العامة في القریة من ترمیم المساجد وتنظیف الشوارع وإضاءة الطرقات والسعي في

ما إلى ذلك من كل ما یعود علي القریة بفائدة في دینھا إیجاد المشافي المتنقلة ، و ..ودنیاھا

وفي كثیر منھا لجان لمحاربة العادات الفاسدة والجھاالت المنتشرة في البیئات البعیدة عن مناھل العلم كالزار ونحوه ، وإلي جانبھا لجان إلحیاء السنن والفرائض التي

اة الحبوب في مخزن خاص وتوزیعھا كجمع زك: نسیھا الناس بالعمل ال بالقول بمعرفة الجماعة علي المستحقین بدون محاباة وال تحیز ، كما فعلت ذلك دائرة

..اإلخوان ببرمبال القدیمة مثالاألسبوعیة ، ولم تمض فترة وجیزة " جریدة اإلخوان المسلمین "وفي القاھرة أنشئت

وكل ذلك في وقت لم " ین مطبعة اإلخوان المسلم"قلیلة حتى وجدت إلى جانبھا ..یتجاوز عاما

ولقد كان لجماعة اإلخوان المسلمین في حركة التبشیر األخیرة بل في كل وقت عمل جلیل في دفع خطر التبشیر عن المستضعفین والفقراء وأبناء األمة ، فبیوت اإلخوان

نھم إلیوائھم ، ودور صناعاتھم مستعدة لتعلیمھم ، ومدارسھم ترحب قبولھم ولجاتحذر الناس من شرور ھؤالء المضللین الذین یخادعون الناس عن عقائدھم

.ویستغلون الفقر والمرض في إضاللھم وإذاللھم تلك بعض آثار جماعة اإلخوان المسلمین العملیة ، وال أذكر لك الدروس

والمحاضرات والخطب والمقاالت والوفود والرحالت والمجامع والزیارات ، فلعل عرف الناس وسائل قولیة ، وقد قلنا حتى مللنا القول وتكلمنا حتى سئمنا ھذه في

.الكالم ولم یبق إال أن نعمل ولعلك تعجب حین تعلم أن جماعة اإلخوان المسلمین التي قامت بھذه األعمال

العظیمة لم تأخذ إعانة حكومیة مرة من المرات ، ولم تستعن بمال ھیئة من الھیئات ئة جنیھ تبرعت بھا شركة قناة السویس للجماعة بمناسبة عمارة اللھم إال خمسما

.المسجد والمدرسة باإلسماعیلیة وإن الناس لیتقولون كثیرا ، ولیظنون وبعض الظن إثم ، ولینطقون بما لیس لھم بھ

وحسبنا أن یعلم اهللا أن ذلك بتوفیقھ وأنھا أموال . علم ، وما علینا في ذلك من بأس ة أنفقت بإخالص فأثمرت وبوركت وآتت أكلھا كل حین بإذن ربھا اإلخوان الخاص

وحسبنا أن نقول لھم في عبارة صریحة واضحة نتحدى بھا كل إنسان وكل ھیئة أن جماعة اإلخوان المسلمین لم تستعن في مشروعاتھا : وكل شخص كائنا من كان

ح باإلنفاق في بغیر أعضائھا ، وھي بذلك جد فخورة تجد لذة التضحیة ونشوة الفر .سبیل اهللا

ولعلك تعجب كذلك إذا علمت أن االشتراك المالي في جماعة اإلخوان المسلمین اختیاري

ال إجباري ،وأن العضو الذي یتخلف عن دفع االشتراك ال ینقض ذلك من حقوق أخوتھ شیئا ، ومع أن ھذا نص صریح في القانون األساسي للجماعة فان اإلخوان ـ

خیرا ـ یبادرون إلى التضحیة في سبیل اهللا إذا دعاھم إلیھا داعي الواجب جزاھم اهللا .ویأتون في ذلك بالعجب العاجب ،وأسمع أحدثك

في بناء مسجد اإلسماعیلیة ، دعاھم رئیسھم إلى التبرع فقام أحد األعضاء الصناع أراد أن وتبرع بجنیھ ونصف بعد ثالثة أیام ، ھو صانع فقیر أنى لھ بھذا المبلغ ؟

حاول الحصول على ھذا المبلغ من غیر ھذا .. یقترض فأبت نفسھ وخشي الممالطة لم یبق أمامھ إذا إال أن یبیع دراجتھ التي یركبھا من ..الباب فلم یجد السبیل میسرة

وفعال أنفذ الفكرة ! محل عملھ ومن محل عملھ إلى منزلھ وبینھما ستة كیلو مترات .. الموعد تماما فجمع بین الوفاء بموعده والقیام بتبرعھوأحضر المبلغ في نھایة

والحظ رئیس اإلخوان أنھ صار یتأخر عن درس العشاء وال یدركھ إال بشق النفس ، وسألھ عن ذلك فلم یجب ، فأجاب عنھ صدیق عرف سره وأخبر الرئیس أنھ باع

ر الرئیس عجلتھ لیفي بتبرعھ وأصبح یعود علي رجلیھ فیتأخر عن الدرس ، وأكبواإلخوان ھذه الھمة وحیوا فیھ ھذه األریحیة وأقروا تبرعھ كما ھو واكتتبوا لھ في

.دراجة جدیدة خیر من دراجتھ لتكون عنده ذكرى اإلعجاب بھذا الوفاء بمثل ھذه النفوس التي تمت بصلة إلى نفوس السابقین األولین من رجال اإلسالم الغر

. المسلمین ، ونجحت مؤسساتھم وتمت مشروعاتھم المیامین نھضت فكرة اإلخوانإنھم فقراء ولكنھم كرماء ، إنھم قلیلو المال ولكنھم أسخیاء النفوس ، فھم یجودون

ولعلي بھذه .بالكثیر من ھذا القلیل فیكون كثیرا وتباركھ نعمة اهللا فیأتي بالخیر العمیم اإلخوان فلم یجدوا الناحیة قد كشفت ناحیة غمضت علي بعض الذین رأوا جھود

یجدوا لنجاحھم سرا إال أن یتھموھم باستجداء الھیئات وخدمة المصالح واألغراض ، .وھم والحمد هللا من ذلك براء

وأما بعد ، فھي صفحة من صفحات جھاد اإلخوان المسلمین العملي نتقدم بھا إلى واإلخوان دائبون . الذین یریدون أن یزنوا الجماعة بمیزان المؤسسات والمشروعات

في أن تصبح ھذه الصفحة صفحات یتألف منھا إن شاء اهللا تبارك وتعالى كتاب من ولعلھم بذلك . أعمال الخیر البریئة النزیھة الخالصة لوجھ اهللا تبارك وتعالى

یفكرون في تشجیع ھذه الجماعة الماضیة قدما إلى غایتھا تعتمد على ربھا وتثق .خرى سنتحدث عنھا إن شاء اهللا بصدق وعده وھناك صفحھ أ

إعــداد الرجـال

كانت في طلیعة الجمعیات " جماعة اإلخوان المسلمین"رأیت في المقال السابق أن من مساجد ومدارس ، ..المنتجة من حیث المشروعات العامة والمؤسسات النافعة

ل ولجان خیر وبر ، ودروس ومحاضرات وخطب وعظات ، وأندیة یتناوبھا القو .والفعل

ولكن األمم المجاھدة التي تواجھ نھضة جدیدة وتجتاز دور انتقال خطیر ، وترید أن تبني حیاتھا المستقبلة على أساس متین یضمن للجیل الناشئ الرفاھة والھناءة ، ...وتطالب بحق مسلوب وعز مغصوب ، في حاجة إلى بناء آخر غیر ھذه األبنیة

بناء النفوس وتشیید األخالق وطبع أبنائھا على خلق إنھا في مسیس الحادة إلى الرجولة الصحیحة ، حتى یصمدوا لما یقف في طریقھم من عقبات ویتغلبوا علي ما

.یعترضھم من مصاعبإن الرجل سر حیاة األمم ومصدر نھضاتھا وإن تاریخ األمم جمیعا إنما ھو تاریخ

وإن قوة األمم أو . فوس واإلرادات من ظھر بھا من الرجال النابغین األقویاء النضعفھا إنما تقاس بخصوبتھا في إنتاج الرجال الذین تتوفر فیھم شرائط الرجولة

وإني اعتقد ـ والتاریخ یؤیدني ـ أن الرجل الواحد في وسعھ أن یبني أمة . الصحیحة إن صحت رجولتھ ، وفي وسعھ أن یھدمھا كذلك إذا توجھت ھذه الرجولة إلى ناحیة

..ھدم ال ناحیة البناء ال: وإن األمم تجتاز أدوار من الحیاة كتلك األدوار التي یجتازھا األفراد علي السواء فقد ینشأ ھذا الفرد بین أبوین مترفین آمنین ناعمین فال یجد من مشاغل الحیاة ما

یشغل بالھ ویؤلم نفسھ وال یطالب بما یرھقھ أو یضنیھ ، وقد ینشأ الفرد اآلخر في وف عصبیھ وبین أبوین فقیرین ضعیفین فال یطلع علیھ فجر الحیاة حتى تتكدس ظر

علي رأسھ المطالب وتتقاضاه الواجبات من كل جانب وسبحان من قسم الحظوظ فال .عتاب وال مالمسة

وقد شاءت لنا الظروف أن ننشأ في ھذا الجیل الذي تتزاحم األمم فیھ بالمناكب .. وتكون الغلبة دائما للقوي السابق وتتنازع البقاء أشد التنازع

وشاءت لنا الظروف كذلك أن نواجھ نتائج أغالیط الماضي ونتجرع مرارتھا ، وأن یكون رأب الصدع وجبر الكسر ، وإنقاذ أنفسنا وأبنائنا ، واسترداد عزتنا ومجدنا ،

..وإحیاء حضارتنا وتعالیم دیننا النتقال األھوج ، حیث تلعب وشاءت لن الظروف كذلك أن نخوض لجة عھد ا

العواصف الفكریة والتیارات النفسیة واألھواء الشخصیة باألفراد وباألمم وبالحكومات وبالھیئات وبالعالم كلھ ، وحیث یتبلل الفكر وتضطرب النفس ویقف الربان في وسط اللجة یتلمس الطریق ویتحسس السبیل وقد اشتبھت علیھ األعالم

ووقف علي رأس كل طریق داع یدعوا إلیھ في لیل دامس وانطمست أمامھ الصور معتكر وظلمات بعضھا فوق بعض ، حتى ال تجد كلمة تعبر بھا عن نفسیة األمم في

" ..الفوضى"مثل ھذا العھد أفضل من كذلك شاءت لنا ظروفنا أن نواجھ كل ذلك وأن نعمل على إنقاذ األمة من الخطر

.المحدق بھا من كل ناحیة ألمة التي تحیط بھا ظروف كظروفنا ، وتنھض لمھمة كمھمتنا ، وتواجھ وإن ا

واجبات كتلك التي نواجھھا ، ال ینفعھا أن تتسلى بالمسكنات أو تتعلل باآلمال بین : وإنما علیھا أن تعد نفسھا لكفاح طویل عنیف وصراع قوي شدید . واألماني

وغاصبھ وسالك الطریق الحق والباطل وبین النافع والضار وبین صاحب الحق وأن علیھا أن تعلم أن الجھاد . وناكبھ وبین المخلصین الغیورین واألدعیاء المزیفین

من الجھد ، والجھد ھو التعب والعناء ، ولیس مع الجھاد راحھ حتى یضع النضال .أوزاره وعند الصباح یحمد القوم السرى

المؤمنة والعزیمة القویة الصادقة ولیس لألمة عدة في ھذه السبیل الموحشة إال النفس والسخاء بالتضحیات واإلقدام عند الملمات وبغیر ذلك تغلب علي أمرھا ویكون

.الفشل حلیف أبنائھافإن نفوسنا ال تزال تلك النفوس الرخوة اللینة .. ومع أن ظروفنا ھي ما علمت

. الحریر المترفة الناعمة التي تجرح خدیھا خطرات النسیم ویدمى بنانھا لمسوفتیاتنا وفتیاننا ھم عدة المستقبل ومعقد األمل ال یزال حظ أحدھم أو إحداھن مظھرا

فاخرا أو أكلة طیبة أو حلة أنیقة أو مركبا فارھا أو وظیفة وجیھة أو لقبا أجوف ، .وإن اشترى ذلك بحریتھ وإن أنفق علیھ من كرامتھ وإن أضاع في سبیلھ حق أمتھ

لئك الشبان الذین تنطق وجوھھم بسمات الفتوة وتلوح على محیاھم وھل رأیت أومخایل النشاط ویجرى في قسماتھم ماء الشباب المشرق الرقراق وھم یتألمون على

أبواب رؤساء المصالح والدواوین بأیدیھم طلبات الوظائف ؟ وھل رأیتھم یتوسلون سعاة المكاتب وحجاب بالصغیر والكبیر ویرجون الحقیر واألمیر ویوسطون حتى

الوزارات في قضایا المأرب وقبول الطلبات ؟ھل تظن ـ یا عزیزي القارئ ـ أن ھذا الشباب إذا أسعفھ الحظ وتحقق لھ األمل التحق بوظیفة من ھذه الوظائف الرسمیة یفكر یوما من األیام في تركھا أو التخلي عنھا في

اب ؟سبیل عزة أو كرامة وإن سیم الخسف وسوء العذ نفوسنا الحالیة في حاجة إلى عال ج كبیر وتقویم شامل وإصالح یتناول الشعور

وإن اآلمال الكبیرة التي تطوف برؤوس . الخامد والخلق الفاسد والشح المقیم المصلحین من رجاالت ھذه األمة ، والظروف العصیبة التي نجتازھا تطالبنا بإلحاح

ء غیر ھذا الذي أبلتھ السنون وأخلقتھ الحوادث بتجدید نفوسنا وبناء أرواحنا بناوذھبت األیام بما كان فیھ من مناعة وقوة ، وبغیر ھذه التقویة الروحیة والتجدید

.النفسي ال یمكن أن نخطو إلى األمام خطوة إذا علمت ھذا وكنت معي أن ھذا المقیاس أصح وأدق في نھضات األمم والشعوب

التربیة (ذي ترمى إلیھ جمعیات اإلخوان المسلمین فاعلم أن الغرض األول التربیة األمة على النفس الفاضلة والخلق النبیل السامي ، وإیقاظ ذلك ) : الصحیحة

الشعور الحي الذي یسوق األمم إلى الذود على كرامتھا والجد في استرداد مجدھا ..وتحمل كل عنت ومشقة في سبیل الوصول إلى الغایة

وما الوسائل التي اتخذھا اإلخوان المسلمین لتجدید نفوسھم : عد ھذا ولعلك تسأل بوتقویم أخالقھم ؟ وھل جرب اإلخوان ھذه الوسائل ؟ وإلى أي مدى نجحت تجربتھم

؟ . وموعدنا الكلمات التالیة ان شاء اهللا

تحدید الوسیلة واعتماد المبدأ

یقصدون أول ما یقصدون إلى قد علمت أیھا القارئ الكریم أن اإلخوان المسلمینتربیة النفوس وتجدید األرواح وتقویة األخالق وتنمیة الرجولة الصحیحة في نفوس

األمة ، وقد یعتقدون أن ذلك ھو األساس األول الذي تبنى علیھ نھضات األمم .والشعوب

وقد استعرضوا وسائل ذلك وطرائق الوصول إلیھ فلم یجدوا فیھا أقرب وال أجدى ) .الدین( الفكرة الدینیة استمساك باألھداب من

الدین الذي یحیى الضمیر ویوقظ الشعور وینبھ القلوب ، ویترك مع كل نفس رقیبا ال یغفل وحارسا ال یسھو وشاھدا ال یجامل وال یحابى وال یضل وال ینسى ، حظھا یصاحبھا في الغدوة والروحة والمجتمع والخلوة ، ویراقبھا في كل زمان ویال

في كل مكان ، ویدفعھا إلى الخیرات دفاعا ویدعھا عن المآثم دعا ، ویجنبھا طریق أم یحسبون أنا ال نسمع سرھم ونجواھم بلى ( :الذلل ویبصرھا سبیل الخیر والشر

) .٨٠:الزخرف) (ورسلنا لدیھم یكتبونات الفضائل ویلم أطراف المكارم ویجعل لكل فضلة جزاء الذي یجمع أشت: الدین

ولكل مكرمة كفاء ویدعو إلى تزكیة النفوس والسمو بھا وتطعیر األرواح وتصفیتھا ) .١٠-٩:الشمس) (وقد خاب من دساھا، قد أفلح من زكاھا (

ي إرشاد الخلق ، ویضمن الذي یدعو إلى التضحیة في سبیل الحق ، والفناء ف: الدین ویقدر الحسنة ، لمن فعل ذلك أجزل المثوبة ، وید لمن سلك ھذا النھج أحسن الجزاء

وان صغرت ویزن السیئة وان حقرت ، ویبدل الفناء في الحق خلودا والموت في .الجھاد وجودا

آل ) (أحیاء عند ربھم یرزقونوال تحسبن الذین قتلوا في سبیل اهللا أمواتا بل ( ) ١٦٩:عمران

ونضع الموازین القسط لیوم القیامة فال تظلم نفس شیئا وإن كان مثقال حبة من ( ) .٤٧:األنبیاء) (خردل أتینا بھا وكفى بنا حاسبین

ي یشترى من المرء ھذه األغراض الدنیویة وتلك المظاھر المادیة بسعادة الذ: الدینما عندكم ( .تمتلئ بھا نفسھ ویھنأ بھا قلبھ من فضل اهللا ورحمتھ ورضوانھ ومحبتھ

) ٩٦:النحل) (ینفد وما عند اهللا باقلقلوب ویخالط الذي یجمع كل ذلك ، ثم ھو بعد یصافح الفطرة ویمازج ا: الدین

النفوس فیتحد بھا وتتحد بھ ، ویتخلل ذرات األرواح ویسایر العقول فال یشذ عنھا یھش لھ الفالح في حقلھ ، ویفرح بھ الصانع في معملھ ، ویفھمھ .. وال تنبو عنھ

الصبي في مكتبھ ، ویجد ویجد لذتھ وحالوتھ العالم في بحوثھ ، ویسمو بفكرتھ ھل رأیت على نفوس البشر سلطانا من الدین ؟ وھل رأیت و. الفیلسوف في تأمالتھ

في تاریخ البشریة أعظم تأثیرا في حیاة األمم والشعوب منھ وھل رأیت للفالسفة والعلماء ما كان من التأثیر البلیغ للمرسلین واألنبیاء ؟

ال وأبیك فإنما الدین قبس من روح اهللا الساریة في ذرات ھذه النفوس وفطرھا یضئ :فإذا تمكن منھا كان كل شئ لھ فداء .المھا وتشرق بنوره ویأوي إلیھا فتھش لھ ظقل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشیرتكم وأموال اقترفتموھا (

أحب إلیكم من اهللا ورسولھ وجھاد في وتجارة تخشون كسادھا ومساكن ترضونھا ) .٢٤:التوبة) (سبیلھ فتربصوا حتى یأتي اهللا بأمره واهللا ال یھدي القوم الفاسقین

الذي یسمو بقدسیتھ وجاللھ فوق كل نفس ، ویعلو علي كل رأس ، ویجل عن : الدین ویتنزه عن التقلید والمحاكاة ، فیوحد بذلك بین القلوب ویؤلف بین النفوس االختالق ،

، ویقطع مادة النزاع ، ویحسم أصول الخالف ، ویزید ذلك ثباتا وقوة بتوجیھ القلوب إلى اهللا وحده ، وصرف النفوس عن األغراض والمطامع والشھوات واللذائذ ،

صین الصادقین الذین یبتغون بعملھم والسمو بالمقاصد واألعمال إلى مراتب المخلشرع لكم من الدین ما وصى بھ ( ،وجھ اهللا ال یرجون من ورائھ جزاء وال شكورا

نوحا والذي أوحینا إلیك وما وصینا بھ إبراھیم وموسى وعیسى أن أقیموا الدین وال ) ١٣:الشورى) (وا فیھتتفرق

الذي یسمو بالوفاء إلى درجة الشھادة ، ویعده فریضة یسأل بین یدي اهللا عنھا : الدین ، ، وفضیلة یتقرب بھا إلى اهللا بھا ، ودلیال علي الرجولة الكاملة والعزیمة الصادقة

نھم من قضى نحبھ ومنھم من من المؤمنین رجال صدقوا ما عاھدوا اهللا علیھ فم( ) .٢٤-٢٣:األحزاب) (لیجزي اهللا الصادقین بصدقھم، ینتظر وما بدلوا تبدیال

مجتمع الفكر الصائبة ومعقد اآلمال المتشعبة ورمز األماني الفردیة : الدین وهللا العزة ولرسولھ ( ،بیر لھ تعبیر واالجتماعیة والقومیة والعالمیة وذلك تع

) .٨:المنافقون) (وللمؤمنین ولكن المنافقین ال یعلمونرأى قوم أن یصلحوا من أخالق األمة عن طریق العلم والثقافة ، ورأى آخرون أن

ح عن طریق یصلحوه عن طریق األدب والفن ، ورأي غیرھم أن یكون ھذا اإلصال

وكل أولئك أصابوا في تحدید . أسالیب السیاسة ، وسلك غیر ھؤالء طریق الریاضة معاني ھذه األلفاظ أو أخطأوا ، وسددوا أو تباعدوا ، ولیس ھذا مجال النقد والتحدید ولكن أرید أن أقول أن اإلخوان المسلمین رأوا أن أفعل الوسائل في إصالح نفوس

).الدین: (األمم ا إلى جانب ھذا أن الدین اإلسالمي جمع محاسن كل ھذه الوسائل وبعد عن ورأو

مساوئھا فاطمأنت إلیھ نفوسھم وانشرحت بھ صدورھم وكان أول وسائلھم العملیة في وعلي ھذا األساس ) تحدید الوسیلة واختیار المبدأ: (تطھیر النفوس وتجدید األرواح

ن كتاب اهللا وسنة رسولھ ال تخرج مستخلصة م) عقیدة اإلخوان المسلمین(وضعت وفرض اإلخوان علي أنفسھم حفاظھا والتزام حدودھا وتنفیذ . عنھما قید شعرة

وأعتقد أنھا وسیلة عملیة في تربیة النفوس وتقویم . نصوصھا والقیام بتعھداتھا األخالق ، وبھذه المناسبة أذكر كل أخ مسلم بأن من واجبھ أن یحفظ عقیدتھ ویعمل

یا أیھا الذین آمنوا اتقوا اهللا وكونوا مع ( ،فاذ ما تستلزمھ من تعھدات علي إن ).١١٩:التوبة) (الصادقین

منزلة الصــالة

قد علمت ـ أعزك اهللا ـ أن اإلخوان المسلمین رأوا في اإلسالم أفضل الوسائل لتھذیب تبسوا من نوره عقیدتھم واغترفوا من نفوسھم وتجدید أرواحھم وتزكیة أخالقھم ، فاق

وأنت جد علیھم بأن منزلة الصالة من اإلسالم منزلة الرأس من . فیضھ مشربھم وھى مع ، فھي عماده ودعامتھ وركنھ وشعیرتھ ومظھره الخالد وآیتھ الباقیة ، الجسد

،ذلك قرة العین وراحة الضمیر وأنس النفس وبھجة القلب والصلة بین العبد والرب والمرفأة تصعد برقیھا أرواح المحبین إلى أعلى علیین فتنعم باألنس وترتع في

.ریاض القدس وتجتمع لھا أسباب السعادة من عالمي الغیب والشھادة وتلك بارقة تسطع في نفس من قدح زنادھا ، وحالوة یستشعرھا من تذوق شھدھا ،

الخاشع العابد الراكع وھل رأیت بربك أعزب وأحلى وأروع وأجلى من مظھر ذلكالساجد القانت آناء اللیل یحذر اآلخرة ویرجو رحمة ربھ وقد نامت العیون وھدأت

الجفون واطمأنت الجنوب في المضاجع وخال كل حبیب بحبیبھ ونادى منادى :العارفین من المحبین

سھر العیون لغیر وجھك ضائع وبكاؤھن لغیر فقدك باطلموقفا واحدا من ھذه المواقف أنفع للقلب وأفعل في النفس وأذكى آه یا أخي ، إن

للروح من ألف عظة قولیة وألف روایة تمثیلیة وألف محاضرة كالمیة ، وجرب تر ، إنھم كانوا قبل ذلك محسنین ( ،، وألمر ما كان ذلك في لسان القرآن آیة اإلحسان

. ) .١٨-١٦:الذریات) (وباألسحار ھم یستغفرون، ل ما یھجعون كانوا قلیال من اللیفال تعلم نفس ما أخفي لھم من قرة أعین ( ،وألمر ما كان أجر ھؤالء سنیا خفیا

، وھل تصلح ، ألم یكن عملھم خفیا كذلك ) ١٧:السجدة) (جزاء بما كانوا یعملونالخلوات في حضرة الرقباء؟ وھل یلذ لمحب في غیر خلوة نجاء ؟ وھل جزاء ما : اإلحسان إال اإلحسان ؟ ولقد حدثوا أن أبا القاسم الجنید رؤي بعد وفاتھ فقیل لھ

طاحت اإلشارات وفنیت العبارات وغابت العلوم وضاعت : فعل اهللا بك ؟ فقال .نا نركعھا في جوف اللیل الرسوم وما نفعنا إال ركیعات ك

ال تستغرب ـ أیھا القارئ الكریم ـ فما نفع القلب خیر من خلوة یدخل بھا میدان فكره ، وما تزكت النفس بأفضل من ركعات خاشعات تجلو القلوب وتقشع صدأ الذنوب

.وتغسل درن العیوب وتقذف في القلب نور اإلیمان وتثلج الصدر ببرد الیقین فمنھم قوم : ذا العصر أمام الصالة طرائق قدد وطوائف بددوالمسلمون في ھ

أضاعوھا وأھملوھا وتركوھا وجھلوھا ، وإذا ذكرتھم بأمرھا أو خضت معھم في شأنھا لووا رؤوسھم ورأیتھم یصدون وھم مستكبرون ویحسبونھ ھینا وھو عند اهللا

.عظیم ویصفھ بالرجعیة والتأخر وال أحب أن أقول أن منھم من ینھي عنھا ویحقر من أداھا

والجمود والتقھقر ، وانك لتسمع من ھؤالء وأشباھھم أذى كثیرا ومزاعم غریبة ، فویل للمصلین ( :وكالما تعجب منھ وتندھش لھ وكأنھم لم یسمعوا قول اهللا تعالى

).٥-٤:الماعون) (الذین ھم عن صالتھم ساھون ویتضاعف اندھاشك حین تعلم أن من الذین یعملون لدعوة اإلسالم وإنھ لیزداد عجبك

، ویتصدرون كراسي الدفاع في القضیة اإلسالمیة ، من یھمل أمر الصالة ویصغر من شأنھا كأن النبي لم یصرح بأنھا عماد الدین وفریضة المؤمنین ، وكأنھم لم

ال ترك الصالة فإذا لیس بین العبد والشرك إ (صلى اهللا علیھ وسلمیسمعوا قولھ ) .تركھا فقد أشرك

ولسنا نحاول أن نقنع ھؤالء بما ھو أوضح من الصبح وأجلي من الضوء وأظھر من .الشمس ، ولكنا نسأل اهللا لنا ولھم كمال الھدایة وتمام التوفیق

:ونحن بعد ھؤالء أمام صنفین من المسلمین صالة آلیة میكانیكیة ورثوھا عن الغالبیة العظمي والكثرة الساحقة ، وھؤالء یؤدون

آبائھم واعتادوھا بمرور األیام وكر األعوام ال یتعرفون أسرارھا وال یستشعرون آثارھا ، وحسب أحدھم أن یلفظ الكلمات ویأتي بالحركات ویسرد الھیئات ثم

..ینصرف معتقدا أنھ أدي الفریضة وأقام الصالة وخلص من العقوبة ونال الثواب ولیست ھذه األقوال واألفعال من الصالة إال جسما روحھ الفھم . حقیقة لھ ھذا وھم ال

إنما الصالة تمسكن وتواضع (وقوامھ الخشوع وعماده التأثر ، وقد ورد في الحدیث ).ورد من روایة الترمذى والنسائي) (الخ ..وتضرع وتأوه

الفحشاء والمنكر ، ولھذا رأیت أكثر الناس ال ینتفعون بصالتھم وال ینتھون بھا عن مع أنھا لو كملت ألثمرت تزكیة النفس وتطھیر القلب ولمنعت صاحبھا اقتراف اآلثام

.وغشیان المحارم وصنف ثاني من الناس ـ وھو قلیل نادر ـ فھم ھذه المعاني من أسرار الصالة فھو

جاد في تحقیقھا عامل علي استكمالھا ، یصلي بخشوع وتدبر واطمئنان وتفكر ، خرج من صالتھ وقد تذوق حالوة العبادة وتأثر بمشاعر الطاعة واستنار بنور اهللا وی

من صلي : (وفي الحدیث . الذي یتجلى بھ علي من وصلوا نفوسھم بجالل معرفتھ صالة لوقتھا وأسبغ وضوءھا وأتم ركوعھا وسجودھا وخشوعھا عرجت وھي

یر وقتھا ولم یسبغ بیضاء مصفرة تقول حفظك اهللا كما حفظتني ومن صالھا لغوضوءھا ولم یتم ركوعھا وال سجودھا وال خشوعھا عرجت وھي سوداء مظلمة تقول ضیعك اهللا كما ضیعتني ، حتى إذا كانت حیث شاء اهللا لفت كما یلف الثوب

).الخلق فیضرب بھا وجھھولھذا تفاوتت درجات الناس واختلفت ثوابھم وإن اتحدت الصالة شكال ومظھرا

. عال وقوال وف

ولھذا كانت عنایة السلف الصالحین رضوان اهللا علیھم عظیمة بإحضار قلوبھم في : ولھذا كان أول وصف وصف بھ المؤمنون . صلواتھم وتمام خشوعھم في عباداتھم

) .٢:المؤمنون) (الذین ھم في صالتھم خاشعون(اولوا أن یدرجوا علیھ وكان أھم علم اإلخوان المسلمون ھذا فأخذوا أنفسھم بھ وح

أن یحسنوا الصالة ، وھم یعتقدون أنھم بھذا یسلكون : مظھر من مظاھرھم العملیة یا أیھا الذین آمنوا استعینوا ( ،أقرب السبل إلى تجدید النفوس وتطھیر األرواح

) .١٥٣:رةالبق) (بالصبر والصالة إن اهللا مع الصابرینتفھم ذلك جیدا ، وكن مثال اإلحسان في صالتك ، واعتقد أن : فیا أیھا األخ المسلم

.أول الخطوات العملیة فیھا بیننا أن نحسن الصالة والزكاةوقرن بینھما في كثیر من ، ھما فریضتان ، جعلھما اهللا سیاج الملة ومظھر الشریعة

ھما الصالة :ضلھما وإظھارالجاللة قدرھما آیات كتابھ الكریم تنبیھا علي عظیم ففباألولي صالح ما بینك وبین اهللا ، وبالثانیة صالح مابینك وبین الخلق ..والزكاة

وھل في الوجود إال خالق ومخلوق ؟ فإذا صلح شأنھ معھما فقد بلغت غایة الصالح . . ووصلت إلى ذروة السعادة

الــزكاة

وتصفیة الروح ، فإن الزكاة مطھرة المال وتصفیة ولئن كانت الصالة مطھرة النفس خذ من أموالھم صدقة تطھرھم وتزكیھم بھا وصل علیھم إن صالتك ( :الكسب

)١٠٣:التوبة) (سكن لھمدة ، ولقد جعل اهللا تبارك وتعالى الصالة والزكاة مظھر اإلیمان ودلیل صحة العقی

فإن تابوا وأقاموا الصالة وآتوا الزكاة فإخوانكم : (وأشار القرآن في اآلیة الكریمة وھو بمفھومھ یدل علي أن من قصر في أداء الصالة ، ) ١١:التوبة) (في الدین

.والزكاة فلیس من اإلخوان في الدین رضي اهللا عنھ حین قاتل مانعي الزكاة وكان ھذا المعني ھو الذي فھمھ أبو بكر

) : المرتدون(وأقره علیھ صحابة رسول اهللا وأطلق علي كثیر ممن منعوا الزكاة لما توفي النبي ، وكفر من كفر من : (روي الستة عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال كیف تقاتل الناس وقد قال رسول اهللا: العرب ، قال عمر ألبي بكر رضي اهللا عنھما

أمرت أن أقاتل الناس حتى یقولوا ال إلھ إال اهللا ، فمن قالھا فقد عصم مني مالھ (:واهللا ألقاتلن من فرق بین : ؟ فقال أبو بكر )ونفسھ إال بحقھ وحسابھ علي اهللا تعالى

واهللا لو منعوني عقاال كانوا یؤدونھا إلى . الصالة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال فواهللا ما ھو إال أن رأیت أن اهللا شرح : قال عمر . تلتھم علي منعھا رسول اهللا لقا

والعناق األنثي من ولد (وفي روایة عقاال ) . صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنھ الحق ) .المعز ، والعقال الحبل الذي تقید بھ الدابة

: لھ فانظر یا رعاك اهللا كیف عبر أبو ھریرة رضي اهللا عنھ عن مانعي الزكاة بقو، وكیف رأي أبو بكر أن منع الزكاة ھدم للدین یستوجب قتال مانعھا ) كفر من كفر(

.وأن شھد أن ال إلھ إال اهللا ، وكیف أقر عمر رأي أبي بكر وعرف أنھ الحق والذین : (ولقد توعد اهللا ورسولھ مانعي الزكاة أشد الوعید ، فقال تبارك وتعالى

یوم یحمى ، الفضة وال ینفقونھا في سبیل اهللا فبشرھم بعذاب ألیم یكنزون الذھب وعلیھا في نار جھنم فتكوى بھا جباھھم وجنوبھم وظھورھم ھذا ما كنزتم ألنفسكم

، وفي الحدیث أن رسول اهللا صلي اهللا ) ٣٥-٣٤:لتوبةا) (فذوقوا ما كنتم تكنزونمن آتاه اهللا ماال فلم یؤد زكاتھ مثل لھ یوم القیامة شجاعا أقرع لھ : (علیھ وسلم قال

والشجاع األقرع ھو ، )زبیبتان یطوقھ یوم القیامة یأخذ بلھزمتیھ یقول أنا كنزك .الثعبان الخطر واللھزمتان ھما الشدقان

ربنا ظلمونا : ویل لألغنیاء من الفقراء یوم القیامة ، یقولون :( كذلك وفي الحدیث ).حقوقنا التي جعلت لنا فیقول اهللا تبارك وتعالى وعزتي وجاللي ألدنینكم وألبعدنھموإنما كان ذلك كذلك الن الزكاة نظام المشروعات وقوام األعمال النافعة وتقویم

علي القصد وتطبع القلوب علي الحب تعود السخاء وتدرب .. الفطرة الشحیحة وتدعو النفوس إلى األلفة وتنزع األغالل واألحقاد ، وتدعو إلى التعاون والتساند في

وكل امرئ ..الخیرات وتجنب أصول الشرور والمفاسد ، وتخمد نار الثورات والفتن .یولي الجمیل محبب ، ومن وجد اإلحسان قیدا تقیدا

علیھ القیام بجمعھا ، وتنظیم تحصیلھا واإلشراف : حاكم والزكاة مھمة من مھمات الولو أن الحكومات اإلسالمیة عنیت . علي إنفاقھا في مصارفھا التي جعل اهللا لھا

بشأن الزكاة لكانت لھا موردا حالال طیبا یغنیھا عن الضرائب الجائرة والمكوس فأما إذا . اإلسالم الظالمة وألحیت بذلك فریضة ضائعة وركنا مھمال من أركان

نسیت الحكومات اإلسالمیة واجبھا حیال الزكاة جمعا وإعطاء ، فإن على األفراد أن یقوموا بإحیاء ھذه الشعیرة وإعادة ھذه الفریضة وإخراج حق اهللا لعیال اهللا ، فمن

.قصر في ذلك فإثمھ على نفسھ وجریرتھ على عنقھ وجزاؤه ألیم عند ربھ أفراد المسلمین تغافلوا عن حق اهللا في أموالھم ولم یخروا وھا أنت ترى أن

نصیب الفقراء من إیرادھم ، مما قطع العالئق وأكثر الجرائم ولوث النفوس وزاد .أحقادھا وأضغانھا

رأى اإلخوان المسلمون ذلك فأرادوا أن یكونوا الرعیل األول یضربون للناس دءون بأنفسھم فیخرجون زكاة أموالھم طیبة المثل عملیا في إحیاء ھذا الركن ، ویب

بھا نفوسھم ، فإذا نجحوا في ذلك كانوا حجة على المقصرین ودلیال للراغبین ودعاة .للقاعدین

وقد سبقت إلى الخیر في ھذا الشأن برمبال القدیمة من أعمال مدیریة الدقھلیة جاءت بھا اآلیة بالقطر المصري ، فجمعت الزكاة وصرفتھا في مصارفھا التي

:الكریمة إنما الصدقات للفقراء والمساكین والعاملین علیھا والمؤلفة قلوبھم وفي الرقاب (

).٦٠:وبةالت) (والغارمین وفي سبیل اهللا وابن السبیل فریضة من اهللا واهللا علیم حكیمولقد كنت عظیم اإلشفاق شدید الخوف من انقسام الوحدة وانصداع الكلمة ، ألن في

المسلمین اآلن خصال تحول دون اجتماعھم على مثل ھذا الخیر ، وال سیما إذا اتصل بالمادة والمال فما بالك إذا كان المشروع من أساسھ مالیا ؟ كنت أخشى على

وتھم الظنیین الذین یخلقون ..غلھم أیدیھم عن اإلعطاء إخوان برمبال شح األغنیاء ولكل شيء عیبا ولو كان ھو الكمال مجسما ، فیلمزون المطوعین بالریاء ویلمزون

وجشع اآلخذین الذین یود أحدھم أن لو كان ما جمع لھ كلھ لیس .. الجامعین بالمحاباة ھا والتي تجعل كل بیت والعادات المتوارثة التي درجنا علی.. من غیره من منصب

ممن بقیت فیھم بقیة من المحافظة على إخراج الزكاة یفضل أن یشرف بنفسھ على .صرف زكاة مالھ وال یؤثر بذلك غیرة مھما كان في ھذا اإلیثار من فائدة

كنت أخشى على إخوان برمبال ھذه المعوقات األربعة وھي واضحة ملموسة في إخوان برمبال وأھل برمبال كانوا أرفع من ذلك مجتمعاتنا مما یبكي ویؤسف ولكن

وأسمي فقرت بھم العین وسعدت بھم النفس واطمأن بعملھم القلب وأثبتوا للناس أن .الطھارة ـ إن خالطت نفوسھم ـ والثقة ـ إن تبودلت بینھم ـ كفیلتان بتذلیل كل عقبة

ذ داعي الزكاة بھم أھابا لقد كان أغنیاء برمبال أرفع من أن یمتنعوا عن أداء حق اهللا إولقد كان فقراء برمبال أرفع من أن تمتد أعینھم إلى حقوق إخوانھم فما ھو إال أن ..

وصل إلى كل منھم ما قسم لھ من الزكوات المجموعة حتى سرت نفسھ ولھج لسانھ ولقد كان إخوان برمبال أحكم وأحزم بتوفیق اهللا تعالى .. بالدعاء للمزكین وللمنظمین

فتكونت منھم لجنة أولي لعمل الكشوف . ن یدعو للتھم مجاال وللظنة شبھة من أبالمستحقین أخذ علیھا العھد والمیثاق أال تحابي وال تجامل وال تفشي سرا وال تظھر عورة ثم تلتھا لجنھ أخرى للفحص عن ھذه الكشوف ومراجعتھا والتثبت من صحتھا

ل من تثبت حاجتھ واستحقاقھ ثم لجنھ رابعھ ثم لجنھ ثالثة لتقدیر األنصبة المستحقة لكوكان ھذا النظام . لمراجعة ھذا التقدیر وإقراره ثم لجنھ خامسھ للقیام بالتوزیع عملیا

الدقیق الموفق مدعاة إلى اإلعجاب والفرح من كل من شاھدوه أو علموا بھ أو رأوا بعد ذلك أكبر وكان أھل برمبال..آثاره الرضیة في نفوس برمبال وجیران برمبال

من العادات وأسمي من القیود فاتبعوا الرشد وأثاروا التعاون وضربوا في ذلك أروع .المثل في تحقیق أمنیة كنا نحلم بھا من زمن بعید

وأفال ... أفلست ترى أیھا القارئ بعد ھذا البیان أن اإلخوان المسلمین قوم عملیون لھم فیعملوا علي أن نسمع في القریب عن یري اإلخوان المسلمون في ذلك تحقیقا آلما

فأقیموا الصالة وآتوا الزكاة (ھذه الخطوات الموفقة في بقیة الشعب النشیطة ).٧٨:الحج) (واعتصموا باهللا ھو موالكم فنعم المولى ونعم النصیر

الجھـاد عزنــا

القراء الكرام فیھ بھذه الخطرات التي تملیھا العاطفة مر األسبوع الفائت ولم أناج وال أكتم القراء الكرام أني وجدت .ویفیض بھا القلب عن جھود اإلخوان المسلمین

لذلك ألم الحرمان ووخز الضمیر ال ألننا نحب أن نرائي الناس بعملنا أو نظھرھم م یبتغون وجھ اهللا فقد یعلم اهللا أن اإلخوان المسلمین یعملون وھ، علي جھودنا

ویعتقدون أنھم ، ویریدون بذلك رضوانھ وال ینتظرون من أحد جزاء وال شكورا وإنما . إنما یقومون ببعض ما یوجبھ اإلسالم علي أبنائھ وال یزالون بعد مقصرین

نحب أن نبلغ الناس دعوتنا ونحدد لھم وجھتنا ونكشف عن حقیقتنا ، لعلنا نجد منھم وھداة إلى البر فیتضاعف النفع ویقرب المدى وتدنو الغایة أعوانا على الخیر

.ویتحقق ما نرجو من إصالح شامل وإنقاذ عاجل وإن كل یوم یمضي ال تعمل فیھ األمة عمال للنھوض من كبوتھا یؤخرھا أمدا طویال

وإن في دعوة اإلخوان لو فقھھا الناس لمنقذا ، وإن في منھاجھم لو اتبعتھ األمة .وإن في جھودھم لو أعینوا علیھا ألمال ، وما النصر إال من عند اهللا العزیز ، حا لنجا

.الحكیم صلى اهللا كان یسیر مع رسول اهللا tوبعد فقد ورد في الصحیح ما معناه أن معاذا

. إن شئت یا معاذ حدثتك برأس ھذا األمر وذروة السنام منھ : ( فقال لھ علیھ وسلم إلھ إال اهللا وحده ال شریك لھ وأن محمدا عبده ورسولھ ، وإن إن رأس ھذا األمر ال

. قوام ھذا األمر إقامة الصالة وإیتاء الزكاة وإن ذروة السنام منھ الجھاد في سبیل اهللا إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى یقیموا الصالة ویؤتوا الزكاة ویشھدوا أن ال إلھ إال

بده ورسولھ ، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا اهللا وحده ال شریك لھ وأن محمدا عوالذي نفس محمد ، وعصموا دماءھم وأموالھم إال بحقھا وحسابھم علي اهللا عز وجل

بیده ما شحب وجھ وال أغبرت قدم في عمل تبتغي بھ درجات الجنة بعد الصالة في)أي تموت(المفروضة كجھاد في سبیل اهللا ، وال أثقل میزان عبد كدابھ تنفق

).سبیل اهللا أو یحمل علیھا في سبیل اهللا لإلسالم وھو أعرف الناس باإلسالم وإن صلى اهللا علیھ وسلمذلك تعریف النبي

اإلخوان المسلمین ال یحملون الناس علي غیر اإلسالم ومبادئ اإلسالم ، وال ینھجون .إال مناھج اإلسالم وشعاب اإلسالم

ما یریدون من أنفسھم ومن الناس حیالھا ، وقد حدثتك عنھم في الصالة والزكاة وفألتحدث إلیك اآلن عن اإلخوان المسلمین المجاھدین ، . وھي قوام األمر ودعامتھ

وماذا یریدون من أنفسھم ومن الناس حیال الجھاد في سبیل اهللا وھو من اإلسالم .ذروة السنام

حنانا إلى عز اإلسالم عاطفة حیھ قویھ تفیض : من الجھاد في اإلسالم أیھا الحبیب ومجده ، وتھفو شوقا إلى سلطانھ وقوتھ ، وتبكي حزنا علي ما وصل إلیھ المسلمون من ضعف وما وقعوا فیھ من مھانة ، وتشتعل ألما علي ھذا الحال الذي ال یرضي

اهللا وال یرضي محمدا علیھ الصالة والسالم وال یرضي نفسا مسلمة وقلبا مؤمنا .كما ورد في الحدیث الصحیح ) ھتم بأمر المسلمین فلیس منھممن لم ی(و.

لمثل ھذا یذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسالم وإیمانأن یحملك ھذا الھم الدائم والجوى الالحق : ومن الجھاد في سبیل اهللا أیھا الحبیب

ء وقت طویل في علي التفكیر الجدي في طریق النجاح وتلمس سبیل الخالص وقضافكرة عمیقة تمحص بھا سبل العمل وتتلمس فیھا أوجھ الحیل لعلك تجد ألمتك منفذا

أو تصادف منقذا ، ونیة المرء خیر من عملھ واهللا یعلم خائنة األعین وما تخفي .الصدور

أن تنزل عن بعض وقتك وبعض مالك : ومن الجھاد في سبیل اهللا أیھا الحبیب فإن كنت قائدا ففي مطالب ..خیر اإلسالم وبني المسلمین وبعض مطالب نفسك ل

وكال وعد ، القیادة تنفق ، وإن كنت تابعا ففي مساعدة الداعین تفعل ، وفي كل خیر ما كان ألھل المدینة ومن حولھم من (واهللا تبارك وتعالى یقول ، اهللا الحسني

ن رسول اهللا وال یرغبوا بأنفسھم عن نفسھ ذلك بأنھم ال األعراب أن یتخلفوا عیصیبھم ظمأ وال نصب وال مخمصة في سبیل اهللا وال یطأون موطئا یغیظ الكفار وال

وال ، عمل صالح إن اهللا ال یضیع أجر المحسنین ینالون من عدو نیال إال كتب لھم بھ ینفقون نفقة صغیرة وال كبیرة وال یقطعون وادیا إال كتب لھم لیجزیھم اهللا أحسن ما

) .١٢١-١٢٠:التوبة) (كانوا یعملونأن تأمر بالمعروف وأن تنھي عن المنكر ، : أیھا الحبیب ومن الجھاد في سبیل اهللا

وأن تنصح هللا ورسولھ ولكتابھ وألئمة المسلمین وعامتھم ، وأن تدعوا إلى سبیل ربك بالحكمة والموعظة الحسنھ وما ترك قوم التناصح اال ذلوا وما أھملوا التآمر

ین كفروا من بني إسرائیل على لعن الذ ( ،بالمعروف والتناھي عن المنكر اال خذلوا كانوا ال یتناھون عن ، لسان داود وعیسى ابن مریم ذلك بما عصوا وكانوا یعتدون

) .٧٩-٧٨:المائدة) (منكر فعلوه لبئس ما كانوا یفعلون

ان تتنكر لمن تنكر لدینھ وان تقاطع من :ا الحبیب و من الجھاد في سبیل اهللا ایھعادي اهللا ورسولھ فال یكون بینك وبینھ صلھ وال معاملھ وال مؤاكلھ وال مشاربھ

إن أول ما دخل النقص علي بني اسرائیل انة كان الرجل یلقى : (وفي الحدیث ن الغد وھو یا ھذا اتق اهللا ودع ما تصنع فانھ ال یحل لك ثم یلقاه م: الرجل فیقول

علي حالھ فال یمنعھ ذلك أن یكون أكیلھ وشریبھ وقعیده فلما فعلو ذلك ضرب اهللا ).قلوب بعضھم ببعض

أن تكون جندیا هللا تقف لھ نفسك ومالك ال : ومن الجھاد في سبیل اهللا أیھا الحبیب فإذا ھدد مجد اإلسالم ودیست كرامة اإلسالم ودوي نفیر . تبقي علي ذلك من شئ

إن اهللا (، نھضھ الستعادة مجد اإلسالم كنت أول مجیب للنداء وأول متقدم للجھاد ال: وفي الحدیث ، )١١١:التوبة) (اشترى من المؤمنین أنفسھم وأموالھم بأن لھم الجنة

سلم وأبو رواه م) من مات ولم یغز ولم یحدث بھ نفسھ مات علي شعبة من النفاق( .وبذلك یتحقق ما یرید اهللا من نشر اإلسالم حتى یعم األرض جمیعا .داود والنسائي

أن تعمل علي إقامة میزان العدل وإصالح : ومن الجھاد في سبیل اهللا أیھا الحبیب .شئون الخلق وانصاف المظلوم والضرب علي ید الظالم مھما كان مركزه وسلطانھ

د الخدري رضي اهللا عنھ عن النبي صلي اهللا علیھ وسلم وفي الحدیث عن أبي سعیرواه أبو داود والبخاري ) أفضل الجھاد كلمة حق عند سلطان أو أمیر جائر: (قال

سید : (قال رسول اهللا صلي اهللا علیھ وسلم : بمعناه ، وعن جابر رضي اهللا عنھ رواه ابن ) نھاه فقتلھالشھداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره و

.ماجھ باسناد صحیح أن تحب : ومن الجھاد في سبیل اهللا تبارك وتعالى ان لم توفق إلى شئ من ذلك كلھ

المجاھدین من كل قلبك وتنصح لھم بمحض رأیك وقد كتب اهللا لك بذلك األجر :وال تكن غیر ذلك فیطبع علي قلبك ویؤاخذك أشد المؤاخذة . وأخالك من التبعة

لیس على الضعفاء وال على المرضى وال على الذین ال یجدون ما ینفقون حرج إذا (وال على الذین ، نصحوا هللا ورسولھ ما على المحسنین من سبیل واهللا غفور رحیم

قلت ال أجد ما أحملكم علیھ تولوا وأعینھم تفیض من الدمع حزنا إذا ما أتوك لتحملھمإنما السبیل على الذین یستأذنونك وھم أغنیاء رضوا بأن ، أال یجدوا ما ینفقون

) .٩٣-٩١:التوبة) ( اهللا على قلوبھم فھم ال یعلمونیكونوا مع الخوالف وطبعوبعد فھذه بعض مراتب الجھاد في اإلسالم ودرجاتھ فأین اإلخوان المسلمون من ھذه

الدرجات؟فأما أنھم محزونون لما وصل الیھ المسلمون آلمون ، فعلم اهللا أن أحدھم یجد من ذلك

أعماق نفسة ویحز في قرارة فؤادة ویمنعة في كثیر من ما یذیب لفائف قلبة وینال من .األحایین األنس بأھلھ وإخوانھ والمتعة بكل ما في الوجود من لذة وجمال

وأما انھم یفكرون في سبیل الخالص ، فعلم اهللا أنھ ما من فكرة تحتل أفكارھم وما ملك علیھم من خطة تستھوى عواطفھم وما من شان یشغل عقولھم كھذا الشان الذي

. رؤوسھم وقلوبھم واستبد منھم بشعورھم وتفكیرھموأما أنھم یبذلون في ھذا السبیل وقتا وماال ، فحسبك أن تزور نادیا من أندیتھم لترى

عیونا أذبلھا السھر ووجوھا أشحبھا الجلد وجسوما أضناھا النصب وأخذ منھا بابا یقضون لیلھم إلى ما بعد اإلعیاء على أنھا فتیة بإیمانھا قویة بعقیدتھا ، وش

انتصافھ مكبین على المكتب أو عاكفین على المناضد وأترابھم في لھوھم وأنسھم

ورب عین ساھرة لعین نائمة وإنما نحتسب ذلك عند اهللا والنمتن . ومتعتھم وسمرھم ) .١٧:الحجرات) (دقینبل اهللا یمن علیكم أن ھداكم لإلیمان إن كنتم صا ( ،بھ

فإذا سألت عن المال الذي ینفق علي دعوتھم فما ھو إال مالھم القلیل یبذلونھ في وإنھم لیحمدون اهللا إذ ترقت تضحیتھم بالمال من . سخاء ورضاء وراحة وطمأنینة

درجة السخاء بكمالیات العیش إلى درجة االقتصاد من ضروریاتھ وإنفاق ما یقتصد ما ، )٩:الحشر) (ومن یوق شح نفسھ فأولئك ھم المفلحون(، دعوة في سبیل ال

.أسعدنا أن یقبل اهللا منا ذلك وھو منھ وإلیھ فقد بدأوا في ذلك بأنفسھم ثم : وأما أنھم یأمرون بالمعروف وینھون عن المنكر

لك بالصبر واألناه بأسرھم وبیوتھم ثم بإخوانھم وأصدقائھم وھم یتذرعون في ذوالحكمة والموعظة وھل تري جریدتھم ھذه إال مظھرا من مظاھر األمر بالمعروف والنھي عن المنكر؟ وھل تري عظاتھم وأقوالھم إال سبیال في ھذه السبیل ؟ وأما ما

وإن اإلخوان ، بقي من درجات الجھاد فواجب الجماعة فعلي الجماعة أن تجیب یل االول ال یدخرون وسعا وال یحتجزون جھدا ، وھم یعلمون المسلمین في ذلك الرع

من لقي اهللا : ( قال صلى اهللا علیھ وسلممنزلة ذلك من اإلسالم ویعلمون أن النبي وھم یسألون اهللا أن . رواه الترمذي وابن ماجھ ) بغیر اثر من جھاد لقي اهللا وفیھ ثلمة

ال تكلف إال نفسك ( :هللا تعالى لنبیھ وقد قال ا. یوفقھم إلى لقائھ ولیس بھم ثلمات ، وإنا لنرجوا أن نكون بذلك قد أبلغنا الجماعة ، )٨٤:النساء) (وحرض المؤمنین

وأن یكون ھذا الصوت قد وصل إلى نفوسھم فوجد منھا خصوبة یزداد بھا عدد وا فینا لنھدینھم سبلنا وإن اهللا والذین جاھد(العاملین وتنتظم معھا صفوف المجاھدین

).٦٩:العنكبوت) (لمع المحسنین

حــق القرآن

ما رأیت ضائعا أشبھ بمحتفظ بھ وال مھمال أشبھ بمعني بشأنھ من القرآن الكریم في مر الدین أنزل اهللا القرآن الكریم كتابا محكما ونظاما شامال وقواما أل: أمتنا ھذه

) ال یأتیھ الباطل من بین یدیھ وال من خلفھ تنزیل من حكیم حمید ( ،والدنیا ) . ٤٢:فصلت(

وأعتقد ان أھم األغراض التي تجب علي األمة اإلسالمیة حیال القرآن الكریم ثالثة :مقاصد

..تھ ، والتقرب إلى اهللا تبارك وتعالى بھ اإلكثار من تالوتھ ، والتعبد بقراء: أولھا

..جعلھ مصدرا الحكام الدین وشرائعھ ، منھ تؤخذ وتستنبط وتستقي وتتعلم : وثانیھا

.جعلھ أساسا ألحكام الدنیا منھ تستمد وعلي مواده الحكیمة تطبق : وثالثھا

تركھ فینا من تلك أھم المقاصد واألغراض التي أنزل اهللا لھا كتابھ وأرسل بھ نبیھ وولقد فھم السلف رضوان اهللا . بعده واعظا مذكرا وحكما عدال وقسطاسا مستقیما

فكان منھم من یقرأ القرآن في ثالث ، علیھم ھذه المقاصد فقاموا بتحقیقھا خیر قیام ولقد كان بعضھم . ومنھم من یقرأه في سبع ومنھم من یقرأه في أقل من ذلك أو أكثر

: ورده من القرآن نظر في المصحف وقرأ بعض اآلیات الكریمة وقال إذا شغل عن فكان القرآن ربیع قلوبھم وورد . حتى ال أكون ممن اتخذوا ھذا القرآن مھجورا

ورضي اهللا عن الخلیفة الثالث الذي لم .عباداتھم یتلونھ آناء اللیل وأطراف النھار یسل المصحف والحصار علي بابھ والسیف علي عنقھ

مني كتاب اهللا أول لیلة وآخره ال في حمام المقادرت

:ویرحم اهللا ذلك الذي لم یجد في رثائھ من أن یقول

ضحوا بأشمط عنوان السجود بھ یقطع اللیل تسبیحا وقرآنا

وأنت إذا رجعت إلى سیرھم لم تجد واحدا منھم ھجر كتاب اهللا أو ترك تالوتھ أسبوعا واحدا فضال

وال أحب أن أطیل علیك بما أشرقت بھ . ر كامل فضال عن السنین واألعوام عن شھوھم حینما أرادوا أن . كتب السیر واستنارت بضوء سناه صحائف كتب التاریخ

یستنبطوا أحكام دین اهللا كان القرآن أول المصادر ، وما األول إذن ان لم یكن كتاب قد أقر معاذا حین سألھ بم ھ وسلمصلى اهللا علیاهللا ؟ وھا أنت ترى أن المصطفي

وقد علمت أن عمر رضي اهللا . یحكم ، فقال بكتاب اهللا وبدأ بھ ثم ثنا بالسنة المطھرةعنھ حظر علي كثیر من الصحابة الكرام أن یحدثوا الناس ـ وھم حدیثوا عھد

باإلسالم ـ باألحادیث والوقائع حتى یفقھوھم في كتاب اهللا أوال ویقفوھم علي حاللھوقد علمت كذلك أن األئمة من صدور التابعین وتابعیھم بإحسان أمثال . وحرامھ

سعید بن المسیب ما كانوا یسمحون للناس بتدوین فتاویھم حذر االنصراف بأقوالھم تأخذ كالمي : ولقد مزق سعید الصحیفة من ید من دون إفتاءه وقال . عن كتاب اهللا

. علیك بكتاب اهللا وسنة رسولھ ! سعید قال سعید وتدع كتاب اهللا ثم تذھب تقول قال

أفلست ترى من ھذا وغیره أن السلف الصالحین رضوان اهللا علیھم قد جعلوا كتاب .اهللا تعالى أصل األصول التي یستنبطون منھا دین اهللا وأحكامھ

حقوق تؤدى.. وما كانت أحكام الدنیا عندھم اال وفق ما یأمر بھ ونزوال علي حكمھ .وحدود تقام وأحكام تنفذ وأوامر تسري ال إلغاء والتعطیل وال تعلیل وال تأویل

كذلك كان ، یوم كان اإلسالم غضا طریا ، وثمر الدین بالغا جنیا ، ویوم فھم كتاب (، المسلمون حكمة وجود القرآن بینھم كما علمھم رب القرآن ونبي القرآن

). ٢٩:ص) (ك لیدبروا آیاتھ ولیتذكر أولو األلبابأنزلناه إلیك مبار

ثم دالت تلك الدولة ، وذھب ماكان للقرآن علي عقول الناس وألبابھم من صولة ، وسرت في ألسنتھم وعقولھم لوثة العجمة ، فإذا ھم في ناحیة والقرأن في ناحیة

:أخرى وبین الناحیتین بعد المشرقین

رت مشرقة وسرت مغربا شتان بین مشرق ومغربسا

فأما التعبد بتالوة القرآن وقرائتھ آناء اللیل وأطراف النھار فالنذر الیسیر منا من وأما بقیة المتعبدین فلھم فیما وضعوا ألنفسھم ووضع لھم .. عني بذلك وعمل علیھ

كتاب اهللا وأحلوه محلھ شیوخھم من أوراد وأحزاب ووظائف وصلوات ما تركوا بھ .حفظا و اھتماما وتعبدا وتالوة وتردیدا وتكرارا

وما نحرم تالوة األوراد الصحیحة ، وال نحول بین الناس واألدعیة واألحزاب التي كتاب اهللا أولى أوال ، رتبوا على أنفسكم : ولكن نقول لھم . ال تخالف ظاھر الشریعة بھ وتربط أرواحكم بفیضھ وإشراقھ ، ثم اذكروا اهللا بعد منھ أحزابا تصل قلوبكم

أما أن تھملوا القرآن جملة . ذلك بما شئتم من الصیغ التي تنطبق علي أحكام الدین وتجعلوا عبادتكم كلھا مما وضعتم ألنفسكم أو وضع غیركم لكم فترك لكتاب اهللا ،

.وإھمال لحقوقھ

لناس في جھالة بكتاب اهللا تجعل بینھم وبین ذلك وأما استنباط األحكام منھ فقد وقع احجابا كثیفا وسدا منیعا ، مما اضطرھم إلى القناعة بالملخصات والرضا بالتعلیقات

.وقصر ھممھم عن السمو إلى ما ھو أرقي من ذلك من الغایات

جعلوا وأما تطبیق أحكامھ الدنیویة فقد استبدلھا القوم بغیرھا وأحلوا سواھا محلھا ، وتشریع األجانب وما وضع الفرنسیون والرومان أساسا لتشریعھم ومصدرا ألحكامھم

وبذلك تعطلت أحكام كتاب اهللا وأصبحت بین المسلمین نسیا منسیا وفیھا ـ علم اهللا ـ . واكتفى المسلمون بعد ھذا كلھ من القرآن الكریم .. لھم كل خیر لو كانوا یسمعون

راضھم وزینة لمجتمعاتھم وسلوة في حفلھم وأفراحھم وأحزانھم بأن جعلوه تمائم ألمولیتھم إذ جعلوه كذلك أعطوه حقھ بل تراھم في محلھ الھین غافلین العبین .

وإذا قرئ ( :منصرفین إلى اللغو والحدیث واللھو العبث ، واهللا تبارك وتعالى یقول ) .٢٠٤:ألعراف) (كم ترحمونالقرآن فاستمعوا لھ وأنصتوا لعل

كان القرآن فیما مضى زینة الصلوات فأصبح الیوم زینة الحفالت ، وكان قسطاس العدالة في المحاكم فصار سلوة العابثین في المواسم وكان واسطة العقد في الخطب

ما : أفلست محقا حین قلت ، والعظات فسار بواسطة العقد في الحلى والتمیمات تناقض عجیب في ھذا الموقف منا ! ضائعا أشبھ لمحتفظ بھ من كتاب اهللا رأیت

ونقترب .. ونذوذ عنھ ، ما في ذلك شك .. أننا نعظمھ ، ما في ذلك شك : أمام القرآن أخطأتم طریق التعظیم وتنكبتم سبیل الذود : إلى اهللا بھ ما في ذلك شك ، ولكن یاقوم

. اهللا بھ عنھ وضللتم عن جادة التقرب إلى

ألیس من اإلضاعة لكتاب اهللا أن ترى المراكز التي كان القرآن یعفي منھا عددا عظیما من القرعة العسكریة صارت الیوم خلوا ممن یحفظھ ویتقدم للمعافاه بھ ؟

أولیس من اإلضاعة لكتاب اهللا أن ترى الطالب یدخل األزھر الشریف وھو یحفظھ ج منھ وقد نسیھ ألن القرآن لم یشترط في إجازتھ ألن ذلك شرط دخولھ ، ثم یخر

فتراه إن خرج لیكون إماما یصلى بالناس قصر بھم ، وإن كان . بنھایة مدة تعلیمھواعظا استند إلى فقھاء الریف الحافظین في عظاتھ ودروسھ ، وإن كان محامیا أو

إننا ! اهللا قاضیا لجأ إلى المصحف في تصحیح اآلیات التي یستشھد بھا من كتاب

حقیقة أضعنا كتاب اهللا وكأنھ بیننا كتاب أثري ال یسري مفعولھ وال ینفذ حكمھ ، .وھذا في الحقیقھ أصل ما أصابنا من بالء وشر

فاعلم أن اإلخوان المسلمین یحاولون في جد .. وإذا علمت ھذا أیھا القارىء الكریم وتھ ویستنیرون في تفھم أقوال األئمة أن یعودوا ھم أوال إلى كتاب اهللا ، یتعبدون بتال

األعالم بأیاتھ ویطالبون الناس بإنفاذ أحكامھ ویدعون الناس معھم إلى تحقیق ھذا .وهللا األمر من قبل ومن بعد ، الغایة التي ھى أنبل غایات المسلم في الحیاة

منھج اإلخوان ومیزانھم

، ة وغربیة قدیما وحدیثا أنت إذا رجعت تاریخ النھضات في األمم المختلفة شرقیرأیت أن القائمین بكل نھضة موفقة نجحت وأثمرت كان لھم منھاج محدود علیھ

وضعھ الداعون إلى النھوض وعملوا على .. یعملون وھدف محدود إلیھ یقصدون حتى إذا حیل بینھم وبینھ وانتھت بھم تلك ، تحقیقھ ما امتد بھم األجل وأمكنھم العمل

خلفھم من قومھم غیرھم یعملون على ، فتره الحیاة في ھذه الدنیا الفترة القصیرةمنھاجھم ، ویبدءون من حیث انتھى أولئك ، ال یقطعون ما وصل ، وال یھدمون ما

فإما زادوا عمل . بنو ، وال ینقضون ما أسسوا وشادوا ، وال یخربون ما عمروا عوھم على آثارھم فزادوا البناء أسالفھم تحسینا ، أو مكنوا نتائجھ تمكینا ، وإما تب

طبقة وساروا باألمة شوطا إلى الغایة حیث یصلون بھا إلى ما تبتغي ، أو ینصرفون وھكذا دوالیك حتى تحقق اآلمال وتصدق األحالم ویتم . راشدین ویخلفھم غیرھم

فمن یعمل (، النھوض ویثمر الجھاد وتصل األمة إلى ما إلیھ قصدت ولھ عملت ) .٧:الزلزلة) (ثقال ذرة خیرا یرهم

راجع تاریخ الھیئات والشعوب تر ھذا القول واضحا بینا ، وأن أساس النجاح في كل نھضاتھا منھج محدود وقوم یعملون في حدود ھذا المنھج ، ال یملون وال یفترون

ة اإلسالم والیسأمون وال یمتنون ، ذلك واضح جلي في الخطوات التي سلكتھا دعواألولى ، فقد وضع اهللا لھا منھاجا محدودا یسیر بالمسلمین األولین رضوان اهللا علیھم

ثم ھجرة .. ثم إعالن بھذه الدعوة ونضال في سبیلھا ال یمل .. دعوة في السر ..إلیھ فإخاء بین ھذه النفوس وتمكین عرى .. إلى حیث القلوب الخصبة والنفوس المستعدة

وھذا أبو بكر یرید . ثم نضال جدي وانتصاف من الباطل للحق ..لوبھا اإلیمان في ق أن ینتظر حتى صلى اهللا علیھ وسلمأن یخرج من مكة إلى المدینة فیأمره النبي

حتى إذا تمت الخطوات في القسم األول من منھاج الدعوة ، . یأتیھ ھو إذن اهللا بذلك : تشریعا وتطبیقا ، أنزل اهللا قولھ صلى اهللا علیھ وسلموھى التي أنیطت بالرسول

).٣:المائدة) (الیوم أكملت لكم دینكم وأتممت علیكم نعمتي ورضیت لكم اإلسالم دینا(

من الصحابة والتابعین من نقلوا ھذا صلى اهللا علیھ وسلمبعد رسول اهللا ثم جاءزیرة العرب إلى غیرھا من بلدان العالم لتكون كلمة اهللا ھي النموذج الكامل من ج

.وحتى ال تكون فتنة ویكون الدین هللا، العلیا

وأنت إذا رجعت بذاكرتك إلى تاریخ الفرق اإلسالمیة ، وإلي األدوار التي سبقت ، وقارنت قیام الدولة العباسیة في الشرق ، ثم إلى نھضة الدول الحدیثة األوربیة من

ا وایطالیا وروسیا وتركیا ـ سواء في الدور األول وھو دور تكوین الوحدات فرنس

وتأسیس الحكومات أو في ھذا الدور وھو دور تكوین المبادىء ومناصرة النظریات ـ لرأیت ذلك یخضع إلى مناھج معروفة الخطوات تؤدى إلى النتیجة الحتمیة التي

.تعمل لھا األمة

ب تاریخى وكل نھضة في أمة تسیر طبق ھذا القانون أعتقد یا عزیزي أن كل انقالحتى النھضات الدینیة التي یرأسھا األنبیاء والمرسلون صلوات اهللا علیھم ، إال أن ..

ھذه النھضات یرسم منھاجھا الحق تبارك وتعالى ویھدى الرسول ومن ورائھ قومھ ناسب ، ویرشدھم إلى خطوات المنھج خطوة خطوة ، كل خطوة في وقتھا الم

كتب اهللا ألغلبن ( ،فتكون النھضة موفقھ ال محالة .. ویؤیدھم في كل ذلك بنصره ومن أین یأتي الخطأ إذا كان واضع ، )٢١:المجادلة) (أنا ورسلي إن اهللا قوي عزیز

ق المنھج العلیم الخبیر ومنفذه معصوم من الزلل محفوظ من الخطأ مؤید بالتوفی والنصرـ ومن ھنا كانت النبوات رحمة للعالمین ـ ؟

قسم درس تاریخ األمم وأطوار نھوضھا فھو : ھذا كالم أعتقد أن القراء فیھ قسمان مؤمن بھ معتقد لھ ، وقسم لم تتح لھ ھذه الفرصة فإن شاء لیعلم أني لم أقل إال الحق

. وإن شاء وثق فما أرید إال اإلصالح ما استطعت

ذلك في النھضات الموفقة ، فھل سارت نھضتنا وفق ھذا القانون الكوني والسنة كان ؟..االجتماعیة

ذلك ما أشك فیھ كثیرا ، فإني أالحظ أن خلق التسرع المركوز في طباعنا ، وسرعة التأثر وھیاج العواطف الذي یبدو فینا واضحا ، وغیرھما من أسباب اجتماعیة وغیر

ھضتنا فورات عاطفیة تشتد وتقوى بقوة المؤثر الوقتي وشدتھ ثم جعلت ن.. اجتماعیھ ولئن كانت الغایة التي نعمل لھا جمیعا واضحة . تخمد وتزول كأن لم یكن شىء

:معروفة للكثیرین فأنا واثق من أمرین یالزمان ھذه المعرفة

ط أن الوسائل غیر معروفة وال محدودة ، وقد تكون متعاكسة یخب: األمر األول .بعضھا بعضا ونحن ال نشعر

یصل السابق إلى .. أن الصلة منقطعة تماما بین السابق الالحق : واألمر الثاني نصف الطریق فإذا جاء الالحق لم یتبعھ إلنقطاع الصلة بینھم ، فیبدأ طریقا جیدا قد

كل یصل فیھ إلى مقدار ما وصل سابقھ وقد یقصر عنھ وقد یسبق قلیال ، ولكنھ على حال ال یصل باألمانة إلى النھایة ألن أعمار األفراد قصیرة بالنسبة ألعمار النھضات

.والشعوب

ونحن نتصور أن الواحد یستطیع أن یحقق لألمة كل ما تبتغي ، وھى فكرة خیالیة .وخدعة نفسیة عاطفیة یجب أن تزول من نفس كل عامل حتى ینتفع بھا عمل سلفھ

وبعده أقول لك إن لإلخوان المسلمین منھاجا محدودا یتابعون ھذا استطراد البد منھ فإذا . السیر علیھ ویزنون أنفسھم بمیزانھ ویعرفون بین الفینة والفینة أین ھم منھ

: فإني أجیبك في صراحة تامة .. سألتھم عن أصول ھذا المنھاج النظریة ما ھي؟ لت وما وسائلھم و خطواتھم فإذا ق. ھو األصول و القواعد التي جاء بھا القرآن

ھي الوسائل والخطوات التي أثرت عن : العملیة أقول لك في صراحة كذلك ، وال یصلح آخر ھذه األمة إال بما صلح بھ صلى اهللا علیھ وسلمالرسول العظیم

.أولھا

وأما بعد ، فبھذه الكلمة تنتھي تلك السلسلة المجملة من الحدیث عن اإلخوان وأرجو أن یكون لھا أثرھا المنشود في نفس قرائنا الكرام ، . یین المسلمین العمل

فیؤازروا أولئك القوم الذین وقفوا كل شيء في سبیل اهللا والدعوة ، وینضموا إلیھم لیساھموا معھم في ھذه النھضة الموفقة ، التي یكسب العامل فیھا كل یوم نصرا

:بعده بفضل مجھوده إن شاء اهللا جدیدا ، إن لم یؤده إلى الفتح فسیؤدي إلیھ من

وقل اعملوا فسیرى اهللا عملكم ورسولھ والمؤمنون وستردون إلى عالم الغیب ( ) .١٠٥:التوبة) (والشھادة فینبئكم بما كنتم تعملون

بین األمس والیوم األمـین ـ رسـالة النبـي ١

منذ ألف و ثالثمائة سنة و سبعین عاما نادى محمد بن عبد اهللا النبي األمي في بطن : مكة و على راس الصفا

قل یا أیھا الناس إني رسول اهللا إلیكم جمیعا الذي لھ ملك السماوات واألرض ال إلھ (یمیت فآمنوا باهللا ورسولھ النبي األمي الذي یؤمن باهللا وكلماتھ واتبعوه إال ھو یحیي و ) . ١٥٨:ألعراف) (لعلكم تھتدون

و مستقبل ، بین ماض مظلم ، فكانت تلك الدعوة الجامعة حدا فاصال في الكون كلھ و إعالنا واضحا مبینا لنظام جدید شارعھ اهللا ، و حاضر زاخر سعید، باھر مشرق

و جنده ، و كتابھ القرآن الواضح المنیر ، العلیم الخبیر و مبلغھ محمد البشیر النذیر و لیس من ، و الذین اتبعوھم بإحسان ، السابقون األولون من المھاجرین و األنصار

: و من أحسن من اهللا صبغة، و لكنھ صبغة اهللا ، وضع الناس ما كنت تدري ما الكتاب وال اإلیمان ولكن جعلناه نورا نھدي بھ من نشاء من عبادنا (

صراط اهللا الذي لھ ما في السماوات وما في األرض ، وإنك لتھدي إلى صراط مستقیم ) . ٥٣-٥٢:الشورى) ( تصیر األمورأال إلى اهللا

ـ منھاج القرآن الكریم في اإلصالح االجتماعي٢

و قد أخذ یتنزل على ، و القرآن ھو الجامع ألصول ھذا اإلصالح االجتماعي الشامل ویعلن بھ المؤمنین بین اآلن و اآلن بحسب الوقائع و ، النبي صلى اهللا علیھ و سلم

مناسبات الظروف و الوال یأتونك بمثل إال جئناك بالحق وأحسن ، كذلك لنثبت بھ فؤادك ورتلناه ترتیال (

) .٣٣-٣٢:الفرقان) (تفسیرا

حتى اكتمل بھ الوحي و حفظ في الصدور و السطور في مدى اثنتین و عشرین سنة و و أصول اإلصالح االجتماعي ، اهللا فیھ لھذه األمة تبیان كل شيء و قد جمع، نیفا

: الكامل الذي جاء بھ تكاد تنحصر في ھذه األصول

. أ ـ الربانیة . ب ـ التسامي بالنفس اإلنسانیة

. ج ـ تقریر عقیدة الجزاء . د ـ إعالن األخوة بین الناس

و تحدید ، إعالن التكافل و المساواة بینھما و، ھـ ـ النھوض بالرجل و المرأة جمیعا . مھمة كل منھم تحدیدا دقیقا

و ـ تأمین المجتمع بتقریر حق الحیاة و الملك و العمل و الصحة و الحریة و العلم و . األمن لكل فرد و تحدید موارد الكسب

لفم و و تنظیم مطالب ا، و حفظ النوع ، غریزة حفظ النفس : ز ـ ضبط الغریزتین الفرج

. ح ـ الشدة في محاربة الجرائم األصلیة . ط ـ تأكید وحدة األمة و القضاء على كل مظاھر الفرقة و أسبابھا . ي ـ إلزام األمة الجھاد في سبیل مبادئ الحق التي جاء بھا النظام

ھا و مسؤولة عن تحقیق أھداف، ك ـ اعتبار الدولة ممثلة للفكرة و قائمة على حمایتھا . و إبالغھا للناس جمیعا ، في المجتمع الخاص

ـ الشـعائر العـملیة لھذا النظـام٣

و قد خالف النظام القرآني غیره من النظم الوضعیة و الفلسفات النظریة فلم یترك و ال كلمات على األفواه ، و ال أراء في الكتب ، مبادئھ و تعالیمھ نظریات في النفوس

و لكنھ وضع لتركیزھا و تثبیتھا و االنتفاع بآثارھا و نتائجھا مظاھر عملیة ، و الشفاه و ألزم األمة التي تؤمن بھ و تدین لھ بالحرص على ھذه األعمال و جعلھا فرائض ،

بل یثیب العاملین و یعاقب المقصرین عقوبة قد ، علیھا ال تقبل في تضییعھا ھوادة . تمع اإلسالمي و تطوح بھ إلى مكان سحیق تخرج بالواحد منھم من حدود ھذا المج

: و أھم ھذه الفرائض التي جعلھا ھذا النظام سیاجا لتركیز مبادئھ ھي

. الخ ...أ ـ الصالة و الذكر و التوبة و االستغفار . ب ـ الصیام و العفة و التحذیر من الترف

. ج ـ الزكاة و الصدقة و اإلنفاق في سبیل اهللا . حج و السیاحة و الرحلة و الكف و النظر في ملكوت اهللا د ـ ال

. ھـ ـ الكسب و العمل و تحریم السؤال . و رعایة أھلیھم و مصالحھم من بعدھم ، و ـ الجھاد و القتال و تجھیز المقاتلین . ز ـ األمر بالمعروف و بذل النصیحة

. ح ـ النھي عن المنكر ومقاطعة مواطنھ و فاعلیھ

التزود بالعلم و المعرفة لكل مسلم و مسلمة في فنون الحیاة المختلفة كل فیما یلیق ط ـ . بھ

. ي ـ حسن المعاملة و كمال التخلق باألخالق الفاضلة . ك ـ الحرص على سالمة البدن و المحافظة على الحواس

. ل ـ التضامن االجتماعي بین الحاكم و المحكوم بالرعایة و الطاعة معا

و ، و النھوض بھا كما فصلھا النظام القرآني ، فالمسلم مطالب بأداء ھذه الوجبات و بینتھا بیانا شافیا ، و قد ورد ذكرھا جمیعا في القرآن ، علیھ أال یقصر في شيء منھا

كل عمل فیھا ، أعمال النبي و أصحابھ و الذین اتبعوھم بإحسان في بساطة و وضوح كز أو عدة مبادئ من النظریات السابقة التي جاء ھذا النظام أو عدة أعمال تقوي و تر

. لتحقیقھا و إفادة الناس بنتائجھا و آثارھا

الـدولـة اإلسـالمـیة األولــى-٤

على قواعد ھذا النظام االجتماعي القرآني الفاضل قامت الدولة اإلسالمیة األولى تؤمن حتى كان الخلیفة األول ، و تنشره في العالمین بھ إیمانا عمیقا و تطبقھ تطبیقا دقیقا

و حتى أنھ ) لو ضاع مني عقال بعیر لوجدتھ في كتاب اهللا: ( رضي اهللا عنھ یقول : (لیقاتل مانعي الزكاة و یعتبرھم مرتدین بھدمھم ھذا الركن من أركان النظام و یقول

) . ما استمسك السیف بیديواهللا لو منعوني عقاال كانوا یؤدونھ لرسول اهللا لقاتلتھم فالوحدة االجتماعیة ، و كانت الوحدة بكل معانیھا و مظاھرھا شمل ھذه األمة الناشئة

و الوحدة السیاسیة شاملة في ظل أمیر ، شاملة بتعمیم نظام القرآن و لغة القرآن و لم یحل دونھا أن كانت الفكرة ، المؤمنین و تحت لواء الخالفة في العاصمة

، و في تصرفات الوالة ، و في بیوت المال ، میة فكرة ال مركزیة في الجیوش اإلسال . إذ أن الجمیع یعملون بعقیدة واحدة و بتوجیھ عام متحد

و لقد طردت ھذه المبادئ القرآنیة الوثنیة المخرفة في جزیرة العرب و في بالد الفرس ق ضیق و قضت على و طاردت الیھودیة الماكرة فحصرتھا في نطا، فقضت علیھا

وصارعت المسیحیة حتى انحصر ظلھا في ، سلطانھا الدیني و السیاسي قضاء تاما قارتي آسیا و أفریقیا و انحازت إلى أوربا في ظل الدولة الرومانیة الشرقیة

و تركز بذلك السلطان الروحي والسیاسي بالدولة اإلسالمیة في ، بالقسطنطینیة حت بالغزو على القارة الثالثة تھاجم القسطنطینیة من الشرق و أل، القارتین العظیمتین

و تأتیھا من الغرب فتقتحم األندلس وتصل جنودھا ، وتحاصرھا حتى یجھدھا الحصار و تقیم في غرب أوربا دولة ، المظفرة إلى قلب فرنسا و إلى شمال و جنوب إیطالیا

د ذلك فتح القسطنطینیة نفسھا و یتم لھا بع، شامخة البنیان مشرقة بالعلم و العرفان وتمخر ، وحصر المسیحیة و حصر المسیحیة في ھذا الجزء المحدود من قلب أوربا

األساطیل اإلسالمیة عباب البحرین األبیض و األحمر فیصیر كل منھما بحیرة إسالمیة وتقبض قوات الدولة اإلسالمیة بذلك على مفاتیح البحار في الشرق والغرب وتتم لھا ، . سیادة البریة و البحریة ال

وقد اتصلت بغیرھا من األمم ، ونقلت كثیرا من الحضارات ، ولكنھا تغلبت بقوة إیمانھا ومتانة نظامھا علیھا جمیعا ، فعربتھا أو كادت ، واستطاعت أن تصبغھا وأن

عھا أن تأخذ تحملھا على لغتھا ودینھا بما فیھما من روعة وحیویة وجمال ، ولم یمنالنافع من ھذه الحضارات جمیعا ، من غیر أن یؤثر ذلك في وحدتھا االجتماعیة أو

. السیاسیة

ـ عوامل التحلل في كیان الدولة اإلسالمیة٥ ومع ھذه القوة البالغة والسلطان الواسع فإن عوامل التحلل فإن عوامل التحلل قد

وتعظم و تنتشر و تقوى شیئا فشیئا حتى ، قرآنیة أخذت تتسلل إلى كیان ھذه األمة المزقت ھذا الكیان وقضت على الدولة اإلسالمیة المركزیة في القرن السادس الھجري

وتركت وراءھا في كلتا ، وفي القرن الرابع عشر الھجري مرة ثانیة ، بأیدي التتار . نھوض المرتین أمما مبعثرة و دویالت صغیرة تتوق إلى الوحدة و تتوثب لل

: و كان أھم ھذه العوامل

مع التحذیر الشدید الذي جاء ، أ ـ الخالفات السیاسیة والعصبیة وتنازع الریاسة والجاه

بھ اإلسالم في ذلك و التزھید في اإلمارة و لفت النظر إلى ھذه الناحیة التي ھي سوس شلوا وتذھب ریحكم واصبروا إن وال تنازعوا فتف ( :األمم و محطمة الشعوب و الدول

و مع ھذه الوصیة البالغة باإلخالص هللا وحده في ، )٤٦:ألنفال) (اهللا مع الصابرین . القول و العمل و التنفیر من حب الشھرة و المحمدة

اظ ب ـ الخالفات الدینیة والمذھبیة واالنصراف عن الدین كعقائد وأعمال إلى ألف

وإھمال كتاب اهللا و سنة الرسول صلى اهللا ، ومصطلحات میتة ال روح فیھا وال حیاة والولع بالجدل والمناظرات و ، و الجمود و التعصب لآلراء و األقوال ، علیھ وسلم

: حتى قال الرسول ، وكل ذلك مما حذر منھ اإلسالم ونھى عنھ أشد النھي ، المراء ) . أوتوا الجدلما ضل قوم بعدي على ھدى إال(

حتى أثر ، واإلقبال على المتعة والشھوات ، ج ـ االنغماس في ألوان الترف والنعیم

مع أنھم یقرءون ، عن حكام المسلمین في كثیر من العصور ما لم یؤثر عن غیرھم : قول اهللا تبارك وتعالى

ا ففسقوا فیھا فحق علیھا القول فدمرناھا وإذا أردنا أن نھلك قریة أمرنا مترفیھ ( . ) ١٦:اإلسراء) (تدمیرا

د ـ انتقال السلطة والریاسة إلى غیر العرب، من الفرس تارة، والدیلم تارة أخرى،

والممالیك واألتراك وغیرھم ممن لم یتذوقوا طعم اإلسالم الصحیح، ولم تشرق قلوبھم : مع أنھم یقرءون قول اهللا تبارك و تعالى ، قرآن لصعوبة إدراكھم لمعانیھ بأنوار ال

یا أیھا الذین آمنوا ال تتخذوا بطانة من دونكم ال یألونكم خباال ودوا ما عنتم قد بدت (آل ) (ھم أكبر قد بینا لكم اآلیات إن كنتم تعقلونالبغضاء من أفواھھم وما تخفي صدور

). ١١٨:عمران

ھـ ـ إھمال العلوم العملیة والمعارف الكونیة، وصرف األوقات وتضییع الجھود في

مع أن اإلسالم یحثھم على النظر في ، فلسفات نظریة عقیمة وعلوم خیالیة سقیمة :ویأمرھم أن یتفكروا في ملكوت اهللا ، الخلق والسیر في األرض الكون واكتناه أسرار

) . ١٠١:یونس) (قل انظروا ماذا في السماوات واألرض (

و ـ غرور الحكام بسلطانھم، واالنخداع بقوتھم، وإھمال النظر في التطور االجتماعي وقد أمرھم ، وأخذتھم على غرة لألمم من غیرھم ، حتى سبقتھم في االستعداد واألھبة،

: القرآن بالیقظة و حذرھم من مغبة الغفلة و اعتبر الغافلین كاألنعام بل ھم أضل ولقد ذرأنا لجھنم كثیرا من الجن واإلنس لھم قلوب ال یفقھون بھا ولھم أعین ال (

) ھم آذان ال یسمعون بھا أولئك كاألنعام بل ھم أضل أولـئك ھم الغافلونیبصرون بھا ول ). ١٧٩:األعراف(

ز ـ االنخداع بدسائس المتملقین من خصومھم ، واإلعجاب بأعمالھم ومظاھر حیاتھم ،

دید عن التشبھ بھم و األمر مع النھي الش، واالندفاع في تقلیدھم فیما یضر وال ینفع الصریح بمخالفتھم و المحافظة على مقومات األمة اإلسالمیة والتحذیر من مغبة ھذا

یا أیھا الذین آمنوا إن تطیعوا فریقا من الذین أوتوا ( :التقلید حتى قال القرآن الكریم ) .١٠٠:آل عمران) (كم كافرینالكتاب یردوكم بعد إیمان

یا أیھا الذین آمنوا إن تطیعوا الذین كفروا یردوكم على ( :و قال في آیة أخرى ) . ١٤٩:آل عمران) (أعقابكم فتنقلبوا خاسرین

ـ صــراع سیـاسـي٦

أخذت ھذه العوامل تعمل في كیان :األمة اإلسالمیة محاوالت القضاء على ) أ ( و ظنت األمم الموتورة أن قد سنحت ، الدولة اإلسالمیة و األمة اإلسالمیة عملھا

، الفرصة لتأخذ بثأرھا و تقضي على ھذه الدولة اإلسالمیة التي فتحت بالدھا من قبل كالسیل الدافق على فانحدر التتار ، و غیرت معالم أوضاعھا في كل شؤون الحیاة

و أخذوا یقطعون أشالءھا جزءا جزءا حتى وصلوا إلى بغداد قلب ، الدولة اإلسالمیة و بذلك تبدد شمل ، و وطئوھا بنعالھم في شخص الخلیفة المستعصم ، الخالفة العباسیة

فكل قبیلة ، الدولة و انتثر عقد الخالفة ألول مرة و تفرقت األمم إلى دویالت صغیرة و تنبھت المسیحیة في أوربا و جمعت جموعھا و قذفت ، أمیر المؤمنین و منبر فیھا

الشرق المسلم في آسیا و أفریقیا بكتائبھا في تسع حمالت صلیبیة اشتملت على خیر ما و تمكنت ھذه القوات الزاحفة من إقامة دولة صلیبیة ، فیھا من فرسان و ملوك و عتاد الم في الشرق و الغرب و مھاجمة مصر أقوى ھذه في بیت المقدس و تھدید أمم اإلس

. الدول إذ ذاك

و لكن اهللا تبارك و تعالى لم یأذن بعد بانتصار الباطل على :انتصارات متتالیة ) ب ( فاستطاعت مصر أن تجمع حولھا فلول بعض ھذه الدویالت و تقذف بھم في ، الحق

نھم بیت المقدس و تریھم كیف تكون فتستعید م، نحر الصلیبیین بقیادة صالح الدین ثم تقف في وجھ التتار بقیادة الظاھر بیبرس و تردھم على ، الھزیمة في حطین

و یرید اهللا بعد ذلك ، ثم تعید رسم الخالفة من جدید ، أعقابھم خاسئین في عین جالوت ھلھ و تجمع كلمة أ، أن تقوم لإلسالم دولة وارفة الظالل قویة البأس شدیدة المراس

و یأبى لھا علو الھمة إال أن تغزو المسیحیة ، تضم تحت لوائھا معظم أممھ و شعوبھ فتفتح القسطنطینیة و یمتد سلطانھا في قلب أوربا حتى یصل إلى فیینا ، في عقر دارھا

. تلك ھي دولة األتراك العثمانیة ،

حت لواء العثمانیین إلى اطمأنت الدولة اإلسالمیة ت: بواكیر النھضة في أوربا ) ج ( و لكن أوربا التي اتصلت ، و غفلت عن كل ما یدور حولھا ، سلطانھا و استنامت إلیھ

لم تضع الفرصة و لم ، بأضواء اإلسالم غربا باألندلس و شرقا بالحمالت الصلیبیة فأخذت تتقوى و تتجمع تحت لواء الفرنجة في بالد ، تغفل عن االستفادة بھذه الدروس

و أن تبث ، واستطاعت بعد ذلك أن تصد تیار الغزو اإلسالمي الغربي ، ال الغو أن تضرب بعضھم ببعض إلى أن قذفت بھم ، الدسائس بین صفوف مسلمي األندلس

فقامت مقامھم الدولة اإلسبانیولیة ، أخیرا إلى ما وراء البحر أو إلى العدوة األفریقیة و تجوب البالد و تكشف ، مع و تفكر و تتعلم و ما زالت أوربا تتقوى و تتج، الفتیة

حتى كان كشف أمریكا عمال من أعمال أسبانیا و كشف طریق الھند عمال ، األقطار و توالت فیھا صیحات اإلصالح و نبغ بھا كثیر من المصلحین و ، من أعمال البرتغال

الثورات و انتھت بھا ھذه، أقبلت على العلم الكوني و المعرفة المنتجة المثمرة اإلصالحیة إلى تكوین القومیات و تكوین دولة قویة جعلت ھدفھا جمیعا أن تمزق ھذه

و تحالفت ھذه ، الدول اإلسالمیة التي قاسمتھا أوربا استأثرت دونھا بأفریقیا و آسیا . الدول الفتیة على ذلك أحالفا رقت بھا إلى درجة القداسة في كثیر األحیان

و امتدت األیدي األوربیة بحكم الكشف و الضرب في األرض و :ھجوم جدید) د (

إلى كثیر من بلدان اإلسالم كالھند و بعض الوالیات ، الرحلة إلى أقصى آفاقھا البعیدة و أخذت تعمل في جد للوصول إلى تمزیق دولة اإلسالم ، اإلسالمیة المجاورة لھا

یرة تعبر عنھا أحیانا بالمسألة القویة الواسعة و أخذت تضع لذلك المشروعات الكثو اخذت كل دولة تنتھز الفرصة ، و أخرى باقتسام تركة الرجل المریض ، الشرقیة

و تھاجم الدولة الوادعة الالھیة فتنقص بعض ، السانحة و تنتحل األسباب الواھیة و استمرت ھذه المھاجمة أمدا طویال انسلخ فیھ عن، أطرافھا أو تھد جانبا من كیانھا

و وقعت تحت السلطان األوربي ، الدولة العثمانیة كثیر من األقطار اإلسالمیة كالمغرب األقصى و شمال أوربا و استقل فیھ كثیر من البالد غیر اإلسالمیة التي

و كان الدور الختامي في ھذا ، كانت تحت سلطان العثمانیین كالیونان و دول البلقان م الذي انتھى بھزیمة تركیا و ١٩١٨ – ١٩١٤ة الصراع الحرب العالمیة األولى سن

و إلى ) إنجلترا و فرنسا ( حلفائھا و بذلك سنحت الرصة كاملة ألقوى شعوب أوربا فوضعت یدھا على ھذا المیراث الضخم من أمم اإلسالم و شعوبھ ) إیطالیا ( جوارھما

و انتداب و و بسطت سلطانھا علیھا بأسماء مختلفة من احتالل و استعمار و وصایة، : تقاسمتھ على ھذا النحو

تتخللھا ، مستعمرات فرنسیة ) مراكش و الجزائر و تونس ( أفریقیا الشمالیة - ١ . و مستعمرات أسبانیة في الریف ، منطقة نفوذ دولیة في طنجة

طرابلس و برقة مستعمرة إیطالیة لم تشأ إیطالیا أن تبقي على شيء من آثار - ٢

و ، ففرضت علیھا التجنس بالجنسیة اإلیطالیة و أسمتھا إیطالیا الجنوبیة ، م فیھا اإلسال . قذفتھا باآلالف من جیاع األسر و ذئاب البشر

مصر و السودان تحت الحمایة اإلنجلیزیة ال تملك إحداھما لنفسھا من أمرھا شیئا - ٣ . فسھا أن تبیعھا للیھود لینشئوا فیھا فلسطین مستعمرة إنجلیزیة أباحت إنجلترا لن- ٤

. الوطن القومي الصھیوني . سوریا مستعمرة فرنسیة - ٥ . العراق مستعمرة إنجلیزیة - ٦ الحجاز حكومة ضعیفة متداعیة تنتظر الصدقات و تتشبث بالعھود الزائفة و - ٧

.المواثیق الباطلة مھدد بالغزو في كل مكان في أي وقت من الیمن حكومة منزویة و شعب فقیر - ٨

.األوقات بقیة أقسام الجزیرة العربیة إمارات صغیرة یعیش أمراؤھا في كنف القناصل - ٩

، اإلنجلیزیة و یقاتلون بفتات موائدھم و تشتعل صدورھم بنیران التحاقد و التباغض فاء لعاھل الجزیرة الملك ھذا مع الوعود المؤكدة و المواثیق المغلظة التي قطعھا الحل

.حسین أن یساعدوه على استقالل العرب و تدعیم سلطان الخالفة العربیة

إیران و األفغان حكومات مضطربة تتوزعھا األطماع من كل مكان فھي تحت - ١٠ .كنف ھذه األمة تارة و إلى جانب تلك تارة أخرى

. الھند مستعمرة إنجلیزیة - ١١

.ستان و ما جاورھا مستعمرات روسیة یذیقھا البالشفة مر العذاب ترك- ١٢

و فیما عدا ذلك فھناك األقلیات اإلسالمیة المنثورة في كثیر من البلدان ال تعرف دولة

أو حكومة مسلحة تحتمي بجنسیتھا كالمسلمین في الحبشة و الصین ، تلجأ إلى حمایتھا . الجنوبیة و الشرقیة و الغربیة و البلقان و بالد أفریقیة الوسطى و

و تم لھا ما أرادت من تمزیق ، وبھذا الوضع انتصرت أوربا في ھذا الصراع السیاسي و حذفھا سیاسیا من دائرة الدول ، اإلمبراطوریة اإلسالمیة و الذھاب بدولة اإلسالم

. الحیة العظیمة

و االستھتار بالعھود و المواثیق و لكن ھذا العدوان الصارخ:إلى القوة من جدید ) ھـ ( فھبت ھذه األمم تطالب باستقاللھا و تجاھد السترداد ، أحرج الصدور و أثار النفوس

فثارت تركیا و ثارت مصر ، و اشتعلت فیھا الثورات لھذا المعنى ، حریتھا و مجدھا ، و ثارت العراق و سوریا و تكررت الثورات في فلسطین و الریف في بالد المغرب

و وصلت شعوب اإلسالم بذلك إلى بعض ، و عمت الیقظة في النفوس كل مكان و اعتبرت مصر و العراق دولتین ، فاستقلت تركیا في حدودھا الجدیدة ، الحقوق

و حافظت الیمن و إیران و ، و قامت في الحجاز و نجد دولة السعودیین ، مستقلتین بت سوریا أن تسلب االعتراف باستقاللھا و قار، المستقلة ، أفغانستان على وضعیاتھا

و خطا المسلمون و ال شك خطوات ، و لفتت فلسطین أنظار العالم إلیھا بكفاحھا ، طیبة و أن كانت قلیلة و بطیئة نحو األھداف الكریمة التي قصدوھا من استعادة حریتھم

القومي و لئن اتجھت ھذه الخطوات إلى المعنى، و استرداد مجدھم و بناء دولتھم و تعمد كثیر من العاملین ، الخاص و طالبت كل أمة بحقھا في الحریة كأمة مستقلة

لھذه النھضة أن یغفل فكرة الوحدة فإن مصیر ھذه الخطوات سیكون و ال شك التجمع و عودة األمة اإلسالمیة كدولة متحدة تضم شتات شعوب العالم اإلسالمي و ترفع رایة

فلیس في الدنیا أمة یجمعھا ما یجمع المسلمون من وحدة اللغة ،اإلسالم و تحمل دعوتھ . و االشتراك في المصالح المادیة و الروحیة و التشابھ في اآلالم و اآلمال

و لقد خرجت الدول األوربیة من الحرب العالمیة و بذور الحقد و :حرب جدیدة) و (

الصلح و معاھداتھ لطمات و جاء مؤتمر، البغضاء متأثرة في صدور الكثیر منھا ، ھذا إلى ظھور كثیر من الفكر الجدیدة ، قاسیة لبعضھا و خیبة أمل مؤلمة لكثیر منھا

و البد أن تنتھي ھذه الحال بھذه األمم إلى خالف ، المبادئ المتعصبة شدیدة التعصب جدید و حرب طاحنة ضروس تبدد شملھم و تمزق وحدتھم و تعیدھم إلى رشدھم و

و تھب ألمم اإلسالم فرصة أخرى تسوي فیھا صفوفھا و تجمع ، عن ظلمھم تردھمشملھا و تستكمل حریتھا و استقاللھا و تسترد دولتھا و وحدتھا تحت لواء أمیر

: المؤمنین ، الوارثین ونرید أن نمن على الذین استضعفوا في األرض ونجعلھم أئمة ونجعلھم (

) .٦-٥:القصص) (ونمكن لھم في األرض

ـ صــراع اجــتماعـي٧

إن األمم األوربیة التي اتصلت باإلسالم و شعوبھ في الشرق :حضارة جدیدة و لم تستفد من ، و في الغرب بمجاورة عرب األندلس و خالطتھم ، بالحروب الصلیبیة

و لكنھا أفادت إلى ، رد الشعور القوي أو التجمع و التوحد السیاسي ھذا االتصال مجو ظھرت فیھا ، جانب ذلك یقظة ذھنیة و عقلیة كبیرة و اكتسبت علوما و معارف جمة

و ، و قامت الكنیسة تناقض ھذه الظاھرة الغریبة ، نھضة أدبیة و علمیة واسعة النطاق و تذیق رجالھا من ، بكل ما أوتیت من قوة قامت الكنیسة تناقض ھذه الظاھرة الغریبة

و تعتدي علیھم محاكم التفتیش و تثیر ضدھم الدول و ، األدباء و العلماء مر العذاب و لكن ذلك كلھ لم یجدھا نفعا و لم تثبت تعالیمھا أمام حقائق العلم و كشوفھ ، الشعوب

فصارعت ، بذلك و خرجت النھضة العلمیة منتصرة كل االنتصار و تنبھت الدولة ، و تخلص بذلك المجتمع األوربي تخلصا تاما من ، الكنیسة ھي األخرى حتى صرعتھا

و ، سلطانھا و طارد رجالھا إلى المعبد و األدیرة و ألزم البابا اإلقامة في الفاتیكان حصر عمل رجال الدین في نطاق ضیق من شؤون الحیاة ال یخرجون عنھ و ال

و عامل من ، م تبق أوربا على المسیحیة إال كتراث تاریخي و ل، یتطلعون إلى سواه و وسیلة من وسائل التغلب و ، عوامل تھذیب البسطاء و األغرار من دھماء الشعوب

. االستعمار و قضاء المآرب السیاسیة

و ضعفت ، و امتد أمام األوربیین رواق العلم و انفسح مجال االختراع و الكشف و سار ذلك جنبا إلى جنب مع ، و وجھت الحیاة وجھة صناعیة الماكینة اإلنتاج

نشأة الدولة القویة و امتداد سلطانھا فأقبلت الدنیا على ھذه األمم األوربیة و جبیت إلیھا ، إلى كثیر من البالد و األقطار

فكان طبیعیا بعد ذلك أن ، و تدفقت علیھا األموال من كل مكان ، ثمرات كل شيء الدین عن مظاھر الحیاة تقوم الحیاة األوربیة و الحضارة األوربیة على قاعدة إقصاء

االجتماعیة و بخاصة الدولة و المحكمة و المدرسة و طغیان النظریة المادیة و جعلھا و تبعا لذلك صارت مظاھر ھذه الحضارة مظاھر مادیة بحتة ... المقیاس في كل شيء

تھدم ما جاءت بھ األدیان السماویة ، وتناقض كل المناقضة تلك األصول التي قررھا م الحنیف، وجعلھا أساسا لحضارتھ التي جمعت بین الروحانیة والمادیة جمیعھا، اإلسال

: ومن أھم الظواھر التي الزمت المدنیة األوروبیة ـ اإللحاد والشك في اهللا وإنكار الروح ونسیان الجزاء األخروي والوقوف عند حدود ١

اة الدنیا وھم عن اآلخرة ھم یعلمون ظاھرا من الحی ( :الكون المادي المحسوس ). ٧:الروم) (غافلون

ـ اإلباحیة والتھافت على اللذة والتفنن في االستمتاع وإطالق الغرائز الدنیا من ٢

عقالھا، وإشباع شھوتي البطن والفرج، وتجھیز المرأة بكل صنوف المفاتن األجسام والعقول ویقضي على نظام والمغریات، واإلغراق في الموبقات إغراقا یحطم

والذین كفروا یتمتعون ویأكلون كما تأكل األنعام والنار : (األسر ویھدم سعادة البیوت ). ١٢:محمد) (مثوى لھم

ـ األثرة في األفراد ، فكل إنسان ال یرید إال خیر نفسھ، وفي الطبقات، فكل طبقة ٣عالى على من سواھا وتود أن تحظى بالمغانم دونھا، وفي الشعوب، فكل أمة تتعصب تت

. لجنسھا وتنتقص غیرھا وتحاول أن تلتھم من ھي أضعف منھا ـ الربا واالعتراف بشرعیتھ واعتباره قاعدة التعامل، والتفنن في صوره وضروبھ ٤

. وتعمیمھ بین الدول واألفراد

لمادیة البحتة في المجتمع األوروبي فساد النفوس، وضعف وقد أنتجت ھذه المظاھر ااألخالق، والتراخي في محاربة الجرائم ، فكثرت المشكالت ، وظھرت المبادئ

الھدامة ، واشتعلت الثورات المخربة المدمرة ، واضطربت النظم االقتصادیة حزاب ، واالجتماعیة والسیاسیة فلم تستقر على حال، وتمزقت الدول بالطوائف واأل

وتناحرت الشعوب على المطامع واألحقاد ، وأثبتت ھذه المدنیة الحدیثة عجزھا التام عن تأمین المجتمع اإلنساني ، وإقرار الطمأنینة والسالم فیھ ، وفشلت في إسعاد الناس

، رغم ما فتحت علیھم من حقائق العلم والمعرفة ، وما وفرت لھم من أسباب الغنى لدولھا في األرض من قوة وسلطان و لما یمض علیھا قرن كامل والثراء، وما مكنت

. من الزمان ـ طغیان المادة على بالد اإلسالم٨

وقد عمل األوروبیون جاھدین على أن تغمر موجة ھذه الحیاة المادیة ، بمظاھرھا م ، وأوقعھا الفاسدة وجراثیمھا القتالة ، جمیع البالد اإلسالمیة التي امتدت إلیھا أیدیھ

سوء الطالع تحت سلطانھم ، مع حرصھم الشدید على أن یحتجزوا دون ھذه األمم عناصر الصالح والقوة ، من العلوم والمعارف والصناعات ، والنظم النافعة ، وقد أحكموا خطة ھذا الغزو االجتماعي ، إحكاما شدیدا ، واستعانوا بدھائھم السیاسي ،

. تم لھم ما أرادواوسلطانھم العسكري ، حتىأغروا كبار المسلمین باالستدانة منھم والتعامل معھم ، وسھلوا علیھم ذلك وھونوه علیھم ، واستطاعوا بذلك أن یكتسبوا حق التدخل االقتصادي ، وأن یغرقوا البالد

برؤوس أموالھم ومصارفھم وشركاتھم ، وأن یدیروا دوالب العمل االقتصادي كما یستأثروا دون األھلین باألرباح الطائلة ، والثروات العظیمة ، وتمكنوا یریدون ، وأن

بعد ذلك من أن یغیروا قواعد الحكم والقضاء والتعلیم ، وأن یصبغوا النظم السیاسیة . والتشریعیة والثقافیة بصبغتھم الخالصة في أقوى بالد اإلسالم

وخمورھم ومسارحھم ومراقصھم وجلبوا إلى ھذه الدیار نساءھم الكاسیات العاریات ، ومالھیھم، وقصصھم وجرائدھم، وروایاتھم وخیاالتھم ، وعبثھم ومجونھم ، وأباحوا فیھا من الجرائم ما لم یبیحوه في دیارھم ، وزینوا ھذه الدنیا الصاخبة العابثة ، التي

وذوي تعج باإلثم وتطفح بالفجور ، في أعین البسطاء األغرار من المسلمین األغنیاء ، . الرأي فیھم ، وأھل المكان والسلطان

ولم یكفھم ھذا حتى أنشأوا المدارس والمعاھد العلمیة والثقافیة في عقر دیار اإلسالم، تقذف في نفوس أبنائھ الشك واإللحاد وتعلمھم كیف ینتقصون أنفسھم، ویحتقرون دینھم

غربي، ویؤمنون بأن ووطنھم، وینسلخون من تقالیدھم وعقائدھم، ویقدسون كل ما ھو . ما یصدر عن األوروبیین وحده ھو المثل األعلى في ھذه الحیاة

واحتوت ھذه المدارس على الطبقة العلیا وحدھا وصارت وقفا علیھا، وأبناء ھذه الطبقة ھم العظماء والحكام، ومن سیكون بیدھم بعد قلیل مقالید األمور في ھذه األمم

ھذه المعاھد الموضعیة، فإن في البعثات المتالحقة ما والشعوب، ومن لم یتم نضجھ في .یكفل لھم التمام

ونجح ھذا الغزو االجتماعي المنظم العنیف أعظم النجاح، فھو غزو محبب إلى النفوس، الصق بالقلوب طویل العمر، قوي األثر، وھو لھذا أخطر من الغزو السیاسي

. والعسكري بأضعاف األضعاف

مم اإلسالمیة في اإلعجاب بھذه الحضارة األوربیة و التبرم بصبغتھا و تغالت بعض األحتى أعلنت تركیا أنھا دولة غیر إسالمیة و تبعت األوربیین بعنف قاس ، اإلسالمیة

و حاول ذلك أمان اهللا خان ملك األفغان فطاحت تلك المحاولة ، في كل ما یصنعون و استفحلت حتى استطاع رجل من و ازدادت في مصر مظاھر ھذا التقلید ، بعرشھ

ذوي الرأي فیھا أن یجھر بأنھ ال سبیل إال الترقي إال بأن نأخذ بھذه الحضارة خیرھا و و ، شرھا و حلوھا و مرھا و ما یحب منھا و ما یكره و ما یحمد منھا و ما یعاب

أخذت تنتقل في سرعة و قوة من مصر إلى ما جاورھا من البالد حتى وصلت إلى . و طوفت بالمشاعر المقدسة في ربوع الحجاز ، المغرب أقصى

ونستطیع أن نقسم البالد اإلسالمیة بحسب تأثرھا بھذه الحضارة المادیة و طغیان : مادتھا علیھا إلى ثالثة أقسام

كما غیر األوضاع ، بالد بلغ ھذا التأثر مبلغا عظیما یصل إلى القلوب و المشاعر - ١

فقد انحسر ظل الفكرة اإلسالمیة في ھذه ، ھذه البالد تركیا و مصر و من ، و المظاھر و طوردت الفكرة اإلسالمیة لتقبع في المساجد و ، البالد عن كل األوضاع االجتماعیة

. الزوایا و الربط و التكایا و لكنھا لم تتغلب ، بالد تأثرت بھذه الحضارة في أوضاعھا و مظاھرھا الرسمیة - ٢

. مشاعر القلبیة كإیران و بالد المغرب و شمال أفریقیا فیھا على ال بالد لم تتأثر بھذه الحضارة فیھا إال طبقة خاصة من المثقفین و الحكام دون العامة - ٣

و الدھماء كسوریا و العراق و الحجاز و كثیر من أجزاء الجزیرة العربیة و بقیة . ممالك اإلسالم

ة البرق لتصل إلى ما لم تصل إلیھ بعد من النفوس و و مع ھذا فالموجة تمتد بسرع

. الطبقات و األوضاع

ولقد استطاع خصوم اإلسالم أن یخدعوا عقالء المسلمین وأن یضعوا ستارا كثیفا أمام أعین الغیر منھم، بتصویر اإلسالم نفسھ تصویرا قاصرا في ضروب من العقائد

موعة من الطقوس والخرافات والمظاھر الجوفاء، والعبادات واألخالق، إلى جانب مججھل المسلمین بحقیقة دینھم، حتى استراح كثیر منھم إلى : وأعانھم على ھذه الخدیعة

ھذا التصویر واطمأنوا إلیھ ورضوا بھ، وطال علیھم في ذلك األمد، حتى صار من . الحیاةالعسیر أن نفھم أحدھم أن اإلسالم نظام اجتماعي كامل یتناول كل شؤون

إن الحضارة الغربیة بمبادئھا المادیة، قد انتصرت في ھذا : نستطیع بعد ذلك أن نقول

الصراع االجتماعي على الحضارة اإلسالمیة، بمبادئھا القویمة الجامعة للروح والمادة معا في أرض اإلسالم نفسھ، وفي حرب ضروس، میدانھا نفوس المسلمین، وأرواحھم

ھم، كما انتصرت في المیدان السیاسي والعسكري، و ال عجب في وعقائدھم وعقولھذا، فإن مظاھر الحیاة ال تتجزأ، والقوة قوة فیھا جمیعا، والضعف ضعف فیھا جمیعا

وإن كان مبادئ اإلسالم ، ) ١٤٠:آل عمران( )وتلك األیام نداولھا بین الناس: (كذلكھا فیاضة بالخصب والحیاة، جذابة أخاذة بروعتھا وجمالھا، وتعالیمھ ظلت قویة في ذات

وستظل كذلك، ألنھا الحق ولن تقوم الحیاة اإلنسانیة كاملة فاضلة بغیرھا، وألنھا من ویأبى ( ، )٩:الحجر) (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لھ لحافظون: (صنع اهللا وفي حیاطتھ

) . ٣٢:التوبة) (ن یتم نوره ولو كره الكافروناهللا إال أ

كان لھذا ، و كما كان لذلك العدوان السیاسي أثره في تنبیھ المشاعر القومیة : یـقـظـةفارتفعت األصوات من كل ، الطغیان االجتماعي أثره في انتعاش الفكرة اإلسالمیة

و البد أن یأتي ، فھم أحكامھ و تطبیق نظامھ مكان تطالب بالرجوع إلى اإلسالم و تو ، قریبا ذلك الیوم الذي تندك فیھ صروح ھذه المدنیة المادیة على رؤوس أھلھا

حینئذ یشعرون بسعیر الجوع الروحي تشتعل بھ قلوبھم و أرواحھم و ال یجدون الغذاء : و الشفاء و الدواء إال في تعالیم ھذا الكتاب الكریم

ھا الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وھدى ورحمة یا أی () قل بفضل اهللا وبرحمتھ فبذلك فلیفرحوا ھو خیر مما یجمعون، للمؤمنین

). ٥٨-٥٧:یونس(

بعث واإلنقاذ ـ دعوتنا دعوة لل٩

وھكذا أیھا اإلخوان أراد اهللا أن نرث ھذه التركة المثقلة بالتبعات ، :تركة مثقلة ) أ ( وأن یشرق نور دعوتكم في ثنایا ھذه الظالم وأن یھیئكم اهللا إلعالء كلمتھ وإظھار

. ولینصرن اهللا من ینصره إن اهللا لقوي عزیز : شریعتھ وإقامة دولتھ من جدید

ماذا نرید أیھا اإلخوان ؟ أنرید جمع المال وھو ظل زائل ؟ أم :أھدافنا العامة ) ب ( إن األرض هللا یورثھا : سعة الجاه وھو عرض حائل ؟ أم نرید الجبروت في األرض

تلك الدار اآلخرة (ونحن نقرأ قول اهللا تبارك وتعالي . من یشاء من عباده األعراف ).٨٣:القصص) (ذین ال یریدون علوا في األرض وال فسادا والعاقبة للمتقیننجعلھا لل

شھد اهللا أننا ال نرید شیئا من ھذا وما لھذا عملنا وال إلیھ دعونا ، ولكن اذكروا دائما

: أن لكم ھدفین أساسیین ي وذلك حق طبیعي لكل إنسان ، أن یتحرر الوطن اإلسالمي من كل سلطان أجنب- ١

. ال ینكره إال ظالم جائر أو مستبد قاھر أن تقوم في ھذا الوطن الحر دولة إسالمیة حرة تعمل بأحكام اإلسالم وتطبق - ٢

نظامھ االجتماعي وتعلن مبادئھ القویمة وتبلغ دعوتھ الحكیمة الناس ، وما لم تقم ھذه سؤولون بین یدي اهللا العلي الكبیر عن تقصیرھم الدولة فإن المسلمین جمیعا آثمون م

ومن العقوق لإلنسانیة في ھذه الظروف الحائرة أن . في إقامتھا وقعودھم عن إیجادھم تقوم فیھا دولة تھتف بالمبادئ الظالمة وتنادي بالدعوات الغاشمة وال یكون في الناس

. من یعمل لتقوم دولة الحق والعدالة والسالم ق ھذین الھدفین في وادي النیل وفي بالد العروبة وفي كل أرض أسعدھا نرید تحقی

. دین وجنسیة وعقیدة توحد بین جمیع المسلمین : اهللا بعقیدة اإلسالم

ولنا بعد ھذین الھدفین أھداف خاصة ال یصیر المجتمع :أھدافنا الخاصة ) ج ( من المصریین % ٦٠ أن أكثر من فاذكروا أیھا اإلخوان. إسالمیا كامال إال بتحقیقھا

یعیشون أقل من معیشة الحیوان ، وال یحصلون علي القوت إال بشق النفس ، وأن مصر مھددة بمجاعة قاتلة ومعرضة لكثیر من المشكالت االقتصادیة التي ال یعلم

شركة أجنبیة تحتكر كل المرافق العامة ٢٣٠نتیجتھا إال اهللا ، وأن مصر بھا أكثر من منافع الھامة في جمیع أنحاء البالد ، وأن دوالب التجارة والصناعة والمنشآت وكل ال

االقتصادیة كلھا في أیدي األجانب المرابین ، وأن الثروة العقاریة تنتقل بسرعة البرق من أیدي الوطنیین إلى أیدي ھؤالء ، وأن مصر أكثر بالد العالم المتمدین أمراضا

من الشعب المصري مھدد بضعف البنیة وفقد % ٩٠ وأوبئة وعاھات ، وان أكثر منالحواس ومختلف العلل و األمراض ، وأن مصر ال زالت إلى اآلن جاھلة لم یصل

عدد المتعلمین فیھا إلى الخمس بما في ذلك أكثر من مائة ألف شخص ال یتجاوز ئلة تعلیمھم برامج مدارس اإللزام ، وأن الجرائم تتضاعف في مصر وتتكاثر بدرجة ھا

حتى أن السجون لتخرج أكثر مما تخرج المدارس ، وأن مصر لم تستطع إلى اآلن أن تجھز فرقة واحدة في الجیش كاملة المعدات ، وأن ھذه المعاني والصور تتراءى في كل بلد من بلدان العالم اإلسالمي ، فمن أھدافكم أن تعملوا إلصالح التعلیم ومحاربة

یمة وتكوین مجتمع نموذجي أن ینتسب إلى شریعة الفقر والجھل والمرض والجر . اإلسالم

كیف نصل إلى ھذه األھداف ؟ إن الخطب واألموال والمكاتبات :وسائلنا العامة ) د (

والدروس والمحاضرات وتشخیص الداء ووصف الدواء كل ذلك وحده ال یجدي نفعا لكن للدعوات وسائل ال وال یحقق غایة وال یصل بالداعین إلى ھدف من األھداف ؛ و

والوسائل العامة للدعوات ال تتغیر وال تتبدل وال تعدو . بد من األخذ بھا والعمل لھا : ھذه األمور الثالثة

. اإلیمان العمیق - ١ . التكوین الدقیق - ٢ . العمل المتواصل - ٣

وتجمعوا حولھا واعملوا لھا وتلك ھي وسائلكم العامة أیھا اإلخوان فآمنوا بفكرتكم . واثبتوا علیھا

وقد تكون إلى جانب ھذه الوسائل العامة وسائل إضافیة ال بد :وسائل إضافیة ) ھـ (

من األخذ بھا وسلوك سبیلھا ، منھا السلبي ومنھا اإلیجابي ، ومنھا ما یتفق مع عرف نھا ما فیھ لین ومنھا ما الناس ومنھا ما یخرج علي ھذا العرف ویخالفھ ویناقضھ ، وم

فیھ شدة ، وال بد أن نروض أنفسنا علي تحمل ذلك كلھ و اإلعداد لھذا كلھ حتى نضمن قد یطلب إلینا أن نخالف عادات ومألوفات وأن نخرج علي نظم وأوضاع ألفھا . النجاح

الناس وتعارفوا علیھا ، ولیست الدعوة في حقیقة أمرھا إال خروجا علي المألوفات غییرا للعادات واألوضاع ، فھل أنتم مستعدون لذلك أیھا اإلخوان ؟ وت

وماذا تعني ھذه الوسائل ؟ وما عساھا أن تنفع : وسیقول كثیر من الناس :تثبیط ) و ( في بناء أمة وترمیم مجتمع ھذه المشكالت المزمنة ومع استقرار الحال علي ھذه

صاد علي غیر أساس الربا ؟ وكیف تصنعون المفاسد المتعددة ؟ وكیف تعالجون االقتفي قضیة المرأة ؟ وكیف تنالون حقكم بغیر قوة ؟ فاعلموا أیھا اإلخوان أن وساوس

الشیطان یلقیھا في أمنیة كل مصلح فینسخ اهللا ما یلقي الشیطان ثم یحكم اهللا آیاتھ واهللا األمم الماضیة علیم حكیم واذكروا لھؤالء جمیعا أن التاریخ یقص علینا من نبأ

. واألمة التي تصمم علي الحیاة ال یمكن أن تموت . والحاضرة ما فیھ عظة وعبرة أحب أن أصارحكم أن دعوتكم ال زالت مجھولة عند كثیر :العقبات في طریقنا ) ز (

من الناس ، ویوم یعرفونھا ویدركون مرامیھا ستلتقي منھم خصومھ شدیدة وعداوة أمامكم كثیرا من المشقات وسیعترضكم كثیر من العقبات ، وفي قاسیة ، و ستجدون

أما اآلن فال زلتم . ھذا الوقت وحده تكونون قد بدأتم تسلكون سبیل أصحاب الدعوات سیقف جھل الشعب . مجھولین تمھدون للدعوة وتستعدون لما تتطلبھ من كفاح وجھاد

تدین ومن العلماء الرسمیین من بحقیقة اإلسالم عقبة في طریقكم ، وستجدون من أھل الیستغرب فھمكم لإلسالم وینكر علیكم جھادكم في سبیلھ ، وسیحقد علیكم الرؤساء

والزعماء وذوو الجاه والسلطان ، وستقف في وجھكم كل الحكومات علي السواء ، . وستحاول كل حكومة أن تجد من نشاطكم وأن تضع العراقیل في طریقكم

طرق لمناھضتكم وإطفاء نور دعوتكم ، وسیستعینون في وسیتذرع الغاصبون بكل. ذلك بالحكومات الضعیفة واألیدي الممتدة إلیھم بالسؤال وإلیكم باإلساءة والعدوان

وسیثیر الجمیع حول دعوتكم غبار الشبھات وظلم االتھامات ، وسیحاولون أن یبصقوا ین علي قوتھم وسلطانھم بھا كل نقیصة ، وأن یظھروھا للناس في أبشع صورة ، معتمد

یریدون أن یطفئوا نور اهللا بأفواھھم ویأبى اهللا إال أن : (، ومعتدین بأموالھم ونفوذھم وستدخلون بذلك وال شك في دور التجربة . )٣٢:التوبة) (یتم نوره ولو كره الكافرون

ون ، وتنقلون وتشردون ، وتصادر مصالحكم وتعطل واالمتحان ، فستجنون وتعتقلأحسب الناس أن یتركوا ( :أعمالكم وتفتش بیوتكم ، وقد یطول بكم مدي ھذا االمتحان

ولكن اهللا وعدكم من بعد ذلك كلھ نصرة ) . ٢:العنكبوت) (أن یقولوا آمنا وھم ال یفتنونیا أیھا الذین آمنوا ھل أدلكم على تجارة تنجیكم (ن المحسنین المجاھدین ومثوبة العاملی

) فأیدنا الذین آمنوا على عدوھم فأصبحوا ظاھرین.......... من عذاب ألیم ) . ١٤-١٠:الصف(

فھل أنتم مصرون علي أن تكونوا أنصار اهللا ؟

ومن الحق أیھا األخوان أن نذكر أمام ھذه العقبات جمیعا أننا :عوامل النجاح ) ح ( ندعو بدعوة اهللا وھي أسمي الدعوات ، وننادي بفكرة اإلسالم وھي أقوي الفكر ، ونقدم

) صبغة اهللا ومن أحسن من اهللا صبغة(، للناس شریعة القرآن وھي أعدل الشرائع وأن العالم كلھ في حاجة إلى ھذه الدعوة وكل ما فیھ یمھد لھا و یھیئ ، ) ١٣٨:قرةالب(

سبیلھا ، وأننا بحمد اهللا براء من المطامع الشخصیة بعیدون عن المنافع الذاتیة ، وال نقصد إال وجھ اهللا وخیر الناس وال نعمل إال ابتغاء مرضاتھ ، وإننا نترقب تأیید اهللا

) ذلك بأن اهللا مولى الذین آمنوا وأن الكافرین ال مولى لھم ( :ب لھ ونصره اهللا فال غالفقوة دعوتنا وحاجة إلیھا ونبالة مقصدنا وتأیید اهللا إیانا ھي عوامل ) . ١١:محمد(

أمره واهللا غالب على ( :النجاح التي ال تثبت أمامھا عقبة وال یقف في طریقھا عائق ) . ٢١:یوسف) (ولكن أكثر الناس ال یعلمون

ـ وصـــیـة١٠

: أیھا اإلخوان المسلمون ، اسمعوا

أردت بھذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات عصیبة تنتظرنا یحال یكم ، فأوصیكم أن فیھا بیني وبینكم إلي حین ؛ فال أستطیع أن أتحدث معكم أو أكتب إل

تتدبروا ھذه الكلمات وأن تحفظوھا إذا استطعتم وأن تجتمعوا علیھا ، وإن تحت كل . كلمة لمعاني جمة

أنتم لستم جمعیة خیریة وال حزبا سیاسیا وال ھیئة موضعیة ألغراض : أیھا اإلخوان ن ، ونور ولكنكم روح جدید یسري في قلب ھذه األمة فیحییھ بالقرآ. محدودة المقاصد

جدید یشرق فیسدد ظالم المادة بمعرفة اهللا ، وصوت داو یعلو مرددا دعوة الرسول صلي اهللا علیھ وسلم ومن الحق الذي ال غلو فیھ أن تشعروا أنكم تحملون ھذا العبء

. بعد أن تخلي عنھ الناس صلي اهللا فقولوا ندعو إلي اإلسالم الذي جاء بھ محمد ... إذا قیل إالم لكم تدعون ؟

علیھ وسلم والحكومة جزء منھ والحریة فریضة من فرائضھ ، فإن قیل لكم ھذه سیاسة . فقولوا ھذا ھو اإلسالم ونحن ال نعرف ھذه األقسام !

وإن قیل لكم أنتم دعاة ثورة ، فقولوا نحن دعاة حق وسالم نعتقده ونعتز بھ ، فإن ثرتم أن ندفع عن أنفسنا وكنتم الثائرین الظالمین علینا ووقفتم في طریق دعوتنا فقد أذن اهللا

آمنا باهللا وحده وكفرنا ( :وإن قیل لكم إنكم تستعینون باألشخاص والھیئات فقولوا . سالم علیكم ال : (فإن لجوا في عدوانھم فقولوا ، ) ٨٤:غافر) (بما كنا بھ مشركین

) .٥٥:القصص) (یننبتغي الجاھل

واجــبات

.. أیھا اإلخوان ـ آمنوا باهللا واعتزوا بمعرفتھ واالعتماد علیھ واالستناد إلیھ ، فال تخافوا غیره وال

.وأدوا فرائضھ واجتنبوا نواھیھ . ترھبوا سواه

هللا وكونوا أقویاء بأخالقكم أعزاء بما وھب ا. ـ وتخلقوا بالفضائل وتمسكوا بالكماالت . لكم من عزة المؤمنین وكرامة االتقاء الصالحین

ـ وأقبلوا علي القرآن تتدارسونھ ، وعلي السیرة المطھرة تتذاكرونھا ، وكونوا عملیین ال جدلیین ؛ فإذا ھدي اهللا قوما ألھمھم العمل ؛ وما ضل قوم بعد ھدي كانوا علیھ إال

. أوتوا الجدل

رصوا كل الحرص علي رابطتكم فھي سر قوتكم وعماد ـ وتحابوا فیما بینكم ، واح . نجاحكم ، واثبتوا حتى یفتح اهللا بینكم وبین قومكم بالحق وھو خیر الفاتحین

ـ واسمعوا وأطیعوا لقیادتكم في العسر والیسر والمنشط والمكره ، فھي رمز فكرتكم

. وحلقة االتصال فیما بینكم

ویومئذ یفرح ( ،والفرصة آتیة ال ریب فیھا . أییده ـ وترقبوا بعد ذلك نصر اهللا وت ) . ٥-٤:الروم) (بنصر اهللا ینصر من یشاء وھو العزیز الرحیم، المؤمنون

وفقنا اهللا وإیاكم لما یحبھ و یرضاه ، وسلك بنا وبكم مسالك األخیار المھتدین ، وأحیانا

.ء السعداء وأماتنا موت المجاھدین والشھداء إنھ نعم المولي ونعم النصیر حیاة األعزا

رسالة المؤتمر الخامس

مقدمــة

بـســم اهللا الرحمـن الرحیـم :أیھا اإلخوان

وأن نكل األعمال وحدھا الحدیث عن ، كنت أود أن نظل دائما نعمل وال نتكلم نت أحب أن تتصل خطواتكم الالحقة بخطواتكم وك، اإلخوان وخطوات اإلخوان

السابقة في ھدوء وسكون من غیر ھذا الفاصل الذي نحدد بھ جھاد عشر سنوات مضت لنستأنف مرحلة أخرى من مراحل الجھاد الدائب في سبیل تحقیق فكرتنا

.السامیة و ال بأس ،وأحببتم أن تسعدونا بھذا االجتماع الشامل فشكرا لكم ، ولكنكم أردتم ھذا

، ونراجع فھرس أعمالنا ، أن ننتھز ھذه الفرصة الكریمة فنستعرض نتائجنا و ، ونستوثق من مراحل طریقنا ونحدد الغایة والوسیلة فتتضح الفكرة المبھمة

ویعرف ، وتتم الحلقة المفقودة ، و تعلم الخطوة المجھولة ، تصحح النظرة الخاطئة .من غیر لبس وال غموض ، ة دعوتھم الناس اإلخوان المسلمین على حقیق

وال بأس بأن یتقدم إلینا من وصلتھ ھذه الدعوة و من سمع أو قرا ھذا ، ال بأس بھذا و ننزل على ، برأیھ في غایتنا و وسیلتنا و خطواتنا فنأخذ الصالح من رأیھ ، البیان

سلمین فإن الدین النصیحة هللا و لرسولھ ولكتابھ وألئمة الم، الحق من مشورتھ .وعامتھم

:أیھا اإلخوان

وعن وصف ما یغمرني من السعادة بموقفي ، أجدني في غنى عن تحیتكم و شكركم ومن السرور و الفرح بلقائكم و من األمل العظیم بمؤازرتكم و توفیق اهللا ، ھذا بینكم

.إیاكم غمر ج ھذا أجدني في غنى عن بیان ھذا كلھ بھذا الفیض من العواطف النبیلة الذي ی

فكان كل ما فیھ ینطق بالحب العمیق واالرتباط الوثیق و األخوة الصادقة ، االجتماع .ووفقكم اهللا لخیر ما یحب ویرضى ، و التعاون المكین

اإلخوان فكرة في نفوس أربعة

:أیھا اإلخوان الكرام ، دة طالعت كثیرا و جربت كثیرا و خالطت أوساطا كثیرة و شھدت حوادث ع

، فخرجت من ھذه السیاحة القصیرة المدى الطویلة المراحل بعقیدة ثابتة ال تتزلزل :ھي أن

و ال ، السعادة التي ینشدھا الناس جمیعا إنما تفیض علیھم من نفوسھم و قلوبھم و أن الشقاء الذي یحیط بھم و یھربون منھ إنما ، تأتیھم من خارج ھذه القلوب أبدا

و إن القرآن الكریم یؤید ھذا المعنى و ، وس و القلوب كذلك یصیبھم بھذه النف) إن اللھ ال یغیر ما بقوم حتى یغیروا ما بأنفسھم: ( ذلك قول اهللا تعالى ، یوضحھ

) . ١١:الرعد( :و ما رأیت كالھما أعمق في فلسفة االجتماع من قول ذلك

لھا و لكن أخالق الرجال تضیقلعمرك ما ضاقت بالد بأھ

اعتقدت ھذا و اعتقدت إلى جانبھ أنھ لیست ھناك نظم و ال تعالیم تكفل سعادة ھذه النفوس البشریة و تھدي الناس إلى الطرق لھذه السعادة كتعالیم اإلسالم الحنیف

ال مجال و ، و لیس ھنا مجال تفصیل ھذه التعالیم ھذه التعالیم ، الفطریة الواضحة و تكفل سعادة البشریة جمیعا فلذلك مجال آخر ، التدلیل على أنھا تتضمن ھذه النتیجة

على أن ، فضال عن أننا كلنا فیما أعتقد شركاء في التسلیم بصحة ھذه النظریة ، .كثیرا من غیر المسلمین یقر بھا و یعترف بما في اإلسالم من جمال و كمال

على غایة واحدة ھي إرشاد الناس إلى اإلسالم حقیقة و و لھذا وقفت نفسي منذ نشأت، و لھذا كانت فكرة اإلخوان المسلمین إسالمیة بحتة في غایتھا و في وسائلھا ، عمال

.ال تتصل بغیر اإلسالم ي شيء و قد أفضي ، ظلت ھذه الخواطر حدیثا نفسانیا ومناجاة روحیة بھا في نفسي لنفسي

و قد تظھر في شكل دعة فردیة أو خطابة وعظیة أو ،بھا إلى كثیر ممن حولي أو حث لبعض األصدقاء و العلماء ، درس في المساجد إذا سنحت فرصة التدریس

في إنقاذ الناس و إرشادھم إلى ما في اإلسالم ، على بذل الھمة و مضاعفة المجھود .من خیر

ة ألھبت نفسي و ثم كانت في مصر و غیرھا من بلدان العالم اإلسالمي حوادث عدو سلوك طریق ، و لفتت نظري إلى وجوب الجد و العمل ، أھابت كوامن في قلبي

و ال أطیل علیكم بتفصیل حوادث ، و التأسیس بعد التدریس ، التكوین بعد التنبیھ .و فاء إلى الرشد أو بعض الرشد أصحابھا ، انتھى أمرھا و عفت آثارھا

ار القوم في وجوب النھوض و العمل و سلوك طریق و لقد أخذت أفاتح كثیرا من كب

و لكني ، فكنت أجد التثبیط أحیانا و التشجیع أحیانا و التریث أحیانا ، الجد و التكوین و من الوفاء أذكر في ھذا المقام ، لم أجد ما أرید من االھتمام بتنظیم الجھود العملیة

فما رأیتھ إال مثاال للھمة المتوثبة و ، أفسح اهللا لھ في جنتھ أحمد باشا تیمورالمرحوم و ما تحدثت إلیھ في شأن من شؤون األمة العامة إال وجدت العقل ، الغیرة المتوقدة

فرحمھ اهللا و أجزل ، الكامل و االستعداد التام و اإللمام الشامل و ترقب ساعة العمل .مثوبتھ

ھد الطلب و صدق و لیت وجھي شطر األصدقاء و اإلخوان ممن جمعني و إیاھم عو كان أسرعھم إلى مشاركتي ، فوجدت استعدادا حسنا ، الود و الشعور بالواجب

اإلخوان الفضالء ، عبء التفكیر و أكثرھم اقتناعا بوجوب العمل في إسراع و ھمة اسكنھ اهللا حامد عسكریةو األخ المفضال المرحوم الشیخ ، أحمد أفندي السكري:

. وكثیر غیرھم أحمد عبد الحمیدیخ و األخ الش، فسیح جنتھ حتى یتحول العرف العام في ، و كان عھد و كان موثق أن یعمل كل منا لھذه الغایة

. األمة إلى وجھة إسالمیة صالحة لیس یعلم أحد إال اهللا كم من اللیالي كنا نقضیھا نستعرض حال األمة ، وما وصلت

، ونحلل العلل واألدواء، ونفكر في العالج وحسم الداء إلیھ في مختلف مظاھر حیاتھاوكم كنا نعجب إذ نرى أنفسنا في ، ویفیض بنا التأثر لما وصلنا إلیھ إلى حد البكاء ،

مثل ھذه المشغلة النفسانیة العنیفة و الخلیون ھاجعون یتسكعون بین المقاھي و عما یحملھ على ھذه الجلسة فإذا سألت أحدھم، یترددون على أندیة الفساد و اإلتالف

و ما دري ھذه المسكین أن من یقتل وقتھ إنما ، أقتل الوقت : الفارغة المملة قال لك . فإنما الوقت ھو الحیاة ، یقتل نفسھ

و من ھم أولى منا بحمل ھذا ، كنا نعجب لھؤالء الناس و كثیر منھم من المثقفین أال ، داء من أدواء األمة و لعلھ أخطرھا ألیس ھذا : ثم یقول بعضنا لبعض ، العبء

.تفكر في مرضھا و أال تعمل لعالج نفسھا وقفنا أنفسنا فنتعزى و نحمد اهللا على ، و لھذا و أمثالھ نعمل و إلصالح ھذا الفساد

.أن جعلنا من الداعین إلیھ العاملین لدینھ و ، بالمحمودیة سكريأحمد أفندي الو عمل الزمن عملھ فتفرقنا نحن األربعة فكان

بكفر أحمد عبد الحمیدو كان الشیخ ، بالزقازیق حامد عسكریةكان المرحوم الشیخ : و كنت باإلسماعیلیة أذكر قول الشاعر ، الدوار

بالشام أھلي و بغداد الھوى و أنا بالرقمتین و بالفسطاط جیراني

و ظھرت أول ، ل نواة تكوینیة للفكرة و في اإلسماعیلیة أیھا اإلخوان وضعت أو

ھیئة متواضعة نعمل و نحمل لوائھا نعاھد اهللا على الجندیة التامة في سبیلھا تحت . ھـ ١٣٤٧و كان ذلك في ذي القعدة سنة ) اإلخوان المسلمون(اسم

إسالم اإلخوان المسلمین

أن لإلخوان المسلمین و لست أعني بھ ، و اسمحوا لي إخواني استخدام ھذا التعبیر

، إسالما جدیدا غیر اإلسالم الذي جاء بھ سیدنا محمد صلى اهللا علیھ وسلم عن ربھ و إنما أعني أن كثیرا من المسلمین في كثیر من المسلمین في كثیر من العصور

و استخدموا مرونتھ ، خلعوا عن اإلسالم نعوتا و أوصافا و رسوما من عند أنفسھم فاختلفوا في معنى ، ضارا مع أنھا لم تكن إال للحكمة السامیة و سعتھ استخداماو انطبعت لإلسالم في نفس أبنائھ صور عدة تقرب أو تبعد أو ، اإلسالم اختالفا

. تنطبق على اإلسالم األول الذي مثلھ رسول اهللا و أصحابھ خیر تمثیل فإن أداھا أو رأى من فمن الناس من ال یرى اإلسالم شیئا غیر حدود العبادة الظاھرة

و ذلك ھو ، یؤدیھا اطمأن إلى ذلك و رضي بھ و حسبھ قد وصل على لب اإلسالم .المعنى الشائع عند عامة المسلمین

و الغذاء ، و من الناس من یرى اإلسالم إال الخلق الفاضل و الروحانیة الفیاضة .ة الطاغیة الظالمة و البعد بھما عن أدران الماد، الفلسفي الشھي للعقل و الروح

و منھم من یقف إسالمھ عند حد اإلعجاب بھذه المعاني الحیویة العملیة في اإلسالم .فال یتطلب النظر إلى غیرھا و ال یعجبھ التفكیر في سواھا

و منھم من یرى اإلسالم نوع من العقائد الموروثة و األعمال التقلیدیة التي ال غناء و تجد ھذا ، متبرم باإلسالم و بكل ما یتصل باإلسالم فھو، فیھا و ال تقدم معھا

المعنى واضحا في نفوس كثیر من الذین ثقفوا ثقافة أجنبیة و لم تتح لھم فرص حسن أو عرفوه ، االتصال بالحقائق اإلسالمیة فھم لم یعرفوا عن اإلسالم شیئا أصال

.صورة مشوھة بمخالطة من لم یحسنوا تمثیلھ من المسلمین ت ھذه األقسام جمیعا تندرج أقسام أخرى یختلف نظر كل منھا إلى اإلسالم عن و تح

وقلیل من الناس أدرك اإلسالم صورة كاملة واضحة ، نظر اآلخر قلیال أو كثیرا . تنتظم ھذه المعاني جمیعا

ھذه الصور المتعددة لإلسالم الواحد في نفوس الناس جعلتھم یختلفون اختالفا بینا في .وان المسلمون وتصور فكرتھم فھم اإلخ

فمن الناس من یتصور اإلخوان المسلمون جماعة وعظیة إرشادیة كل ھمھا أن تقدم .للناس العظات فتزھدھم في الدنیا و تذكرھم باآلخرة

و منھم من یتصور اإلخوان المسلمین طریقة صوفیة تعني بتعلیم الناس ضروب . ما یتبع ذلك من تجرد و زھادة الذكر و فنون العبادة و فنون العبادة و

و منھم من یظنھم جماعة نظریة فقھیة كل نظرھم أن تقف عند طائفة من اإلحكام و تحمل الناس علیھا و تخاصم أو تسالم من لم یسلم بھا ، تجادل فیھا و تناضل عنھا

.معھا حدود و قلیل من الناس خالطوا اإلخوان المسلمین و امتزجوا بھم و لم یقفوا عند

فعرفوا حقیقتھم ، السماع و لم یخلعوا على اإلخوان المسلمین إسالما یتصورنھ ھم وھذا أحببت أن أتحدث لحضراتكم ، و أدركوا كل شيء عن دعوتھم علما وعمال

حتى یكون ، المسلمین ، عن معنى اإلسالم و صورتھ الماثلة في نفوس اإلخوان .ب لھ و االستمداد منھ واضحا جلیا األساس الذي ندعو إلیھ و نعتز باالنتسا

نحن نعتقد أن أحكام اإلسالم و تعالیمھ شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنیا و ) ١(

و أن الذین یظنون أن ھذه التعالیم إنما تتناول الناحیة العبادیة أو الروحیة ، اآلخرة و وطن و ، بادة فاإلسالم عقیدة و ع، دون غیرھا من النواحي مخطئو نفي ھذا الظن

و القرآن ، و مصحف و سیف ، و روحانیة و عمل ، ، و دین ودولة ، جنسیة الكریم ینطق بذلك كلھ و یعتبره من لب اإلسالم و من صمیمھ و یوصي باإلحسان

وابتغ فیما آتاك اهللا الدار اآلخرة : (و إلى ھذا تشیر اآلیة الكریمة ، فیھ جمیعھ )٧٧:القصص) (تنس نصیبك من الدنیا وأحسن كما أحسن اهللا إلیكوال

و إنك لتقرأ في القرآن و في الصالة إن شئت قول اهللا تبارك و تعالي في العقیدة و یقیموا الصالة وما أمروا إال لیعبدوا اهللا مخلصین لھ الدین حنفاء و ( :العبادة

) .٥:البینة) (ویؤتوا الزكاة وذلك دین القیمةفال وربك ال یؤمنون حتى ( :وتقرأ قولھ تعالى في الحكم والقضاء و السیاسة

) ا قضیت ویسلموا تسلیمایحكموك فیما شجر بینھم ثم ال یجدوا في أنفسھم حرجا مم ) ٦٥:النساء(

یا أیھا الذین آمنوا إذا تداینتم بدین إلى ( :و تقرأ قولھ تعالى في الدین و التجارة یكتب كما علمھ اهللا أجل مسمى فاكتبوه ولیكتب بینكم كاتب بالعدل وال یأب كاتب أن

فلیكتب ولیملل الذي علیھ الحق ولیتق اهللا ربھ وال یبخس منھ شیئا فإن كان الذي علیھ یھ بالعدل واستشھدوا الحق سفیھا أو ضعیفا أو ال یستطیع أن یمل ھو فلیملل ول

شھیدین من رجالكم فإن لم یكونا رجلین فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشھداء وا وال تسأموا أن تضل إحداھما فتذكر إحداھما األخرى وال یأب الشھداء إذا ما دع

أن تكتبوه صغیرا أو كبیرا إلى أجلھ ذلكم أقسط عند اهللا وأقوم للشھادة وأدنى أال كتبوھا ترتابوا إال أن تكون تجارة حاضرة تدیرونھا بینكم فلیس علیكم جناح أال ت

) ٢٨٢:البقرة) (وأشھدوا إذا تبایعتم وال یضار كاتب وال شھیدوإذا كنت فیھم فأقمت لھم الصالة ( :و تقرا قولھ تعالى في الجھاد و القتال و الغزو

ھم فإذا سجدوا فلیكونوا من ورائكم ولتأت فلتقم طائفة منھم معك ولیأخذوا أسلحتطائفة أخرى لم یصلوا فلیصلوا معك ولیأخذوا حذرھم وأسلحتھم ود الذین كفروا لو

یكم میلة واحدة وال جناح علیكم إن كان بكم تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فیمیلون عل ) ١٠٢:النساء) (أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم

و إلى غیر ذلك من اآلیات الكثیرة البارعة في ھذه األغراض نفسھا و في غیرھا من .العامة و شؤون االجتماع اآلداب

و ھكذا اتصل اإلخوان بكل بكتاب اهللا و استلھموه و استرشدوه فأیقنوا أن اإلسالم ھو وأنھ یجب أن یھیمن على كل شؤون الحیاة و أن تصطبغ ، ھذا المعنى الكلي الشامل

وأن تسایر قواعده و تعالیمھ و تستمد منھا ما ، جمیعھا بھ و أن تنزل على حكمھ أما إذا أسلمت في عباداتھا و ، األمة ترید أن تكون مسلمة إسالما صحیحا دامت

فھي أمة ناقصة اإلسالم تضاھئ الذین قال ، قلدت غیر المسلمین في بقیة شؤونھا أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من یفعل ذلك : (تعالى فیھم

كم إال خزي في الحیاة الدنیا ویوم القیامة یردون إلى أشد العذاب وما اهللا بغافل من ) ٨٥:البقرة) (عما تعملون

إلى جانب ھذا یعتقد اإلخوان المسلمون أن أساس التعالیم اإلسالمیة معینھا ) ٢(

اللذان إن تمسكت بھما فلن تضل ، سولھ صلى اهللا علیھ و سلم ھو كتاب اهللا و سنة رو أن كثیرا من اآلراء و العلوم التي اتصلت باإلسالم و تلونت بلونھ تحمل لون ، أبدا

و لھذا یجب أن تستقي النظم ، العصور التي أوجدتھا و الشعوب التي عاصرتھا و ، في معین السھولة األولى اإلسالمیة التي تحمل علیھا األمة من ھذا المعین الصا

أن نفھم اإلسالم كما كان یفھمھ الصحابة و التابعون من السلف الصالح رضوان اهللا و أن نقف عند ھذه الحدود الربانیة النبویة حتى ال نقید أنفسنا بغیر ما یقیدنا ، علیھم .و ال نلزم عصرنا لون عصر ال یتفق معنا، اهللا بھ

أیضا یعتقد اإلخوان المسلمون أن اإلسالم كدین عام انتظم و إلى جانب ھذا ) ٣(

جاء أكمل و ، كل شؤون الحیاة في كل الشعوب و األمم لكل األعصار و األزمان ، أسمى من أن یعرض لجزئیات ھذه الحیاة و خصوصا في األمور الدنیویة البحتة

د الناس إلى و یرش، فھو إنما یضع القواعد الكلیة في كل شأن من ھذه الشؤون .الطریق العملیة للتطبیق علیھا و السیر في حدودھا

عني اإلسالم عنایة ، و لضمان حق الصواب في ھذا التطبیق أو تحریھما على األقل تامة بعالج النفس اإلنسانیة و ھي مصدر النظم و مادة التفكیر و التصویر و التشكل

لھوى و یغسلھا من أضرار فوصف لھا من األدویة الناجعة ما یطھرھا من ا، و یزجرھا عن الجور القصور ، الغرض و الغایة و یھدیھا إلى الكمال و الفضیلة

و إذا استقامت النفس و صفت فقد أصبحت كل ما یصدر عنھا صالحا ، العدوان و قد تأتي ، یقولون إن العدل لیس في نص القانون و لكنھ في نفس القاضي ، جمیال

لعادل إلى القاضي ذي الھوى و الغایة فیطبقھ تطبیقا جائرا ال عدل بالقانون الكامل او قد تأتي بالقانون الناقص و الجائر إلى القاضي الفاضل العادل البعید عن ، معھ

األھواء و الغایات فیطبقھ تطبیقا فاضال عادال فیھ كل الخیر و البر و الرحمة و و كانت ، نایة كبرى في كتاب اهللا اإلنصاف و من ھنا كانت النفس اإلنسانیة محل ع

و لھذا كلھ كانت ، النفوس األولى التي صاغھا ھذا اإلسالم مثال الكمال اإلنساني و لھذا ، و تتسع لكل األغراض و المطالب ، طبیعة اإلسالم تسایر العصور و األمم

ده أیضا كان اإلسالم ال یأبى أبدا االستفادة من كل نظام صالح ال یتعارض مع قواع .الكلیة و أصولھ العامة

ال أحب أیھا أن استرسل في ھذا البیان فذلك باب و اسع و حسبنا ھذه اإللمامة الموجزة تلقي ضوءا على ھذا المعنى للفكرة اإلسالمیة في نفوس اإلخوان المسلمین

.

اإلخوان فكرة إصالحیة شاملة

اإلخوان المسلمین أن شملت كان من نتیجة ھذا الفھم العام الشامل لإلسالم عندفكرتھم كل نواحي اإلصالح في األمة ، وتمثلت فیھا كل عناصر غیرھا من الفكر

اإلصالحیة ، وأصبح كل مصلح مخلص غیور یجد فیھا أمنیتھ ، والتقت عندھا آمال محبي اإلصالح الذین عرفوھا وفھموا مرامیھا ، وتستطیع أن تقول وال حرج علیك

: مسلمین ، إن اإلخوان الألنھم یدعون إلى العودة باإلسالم إلى معینھ الصافي من : دعوة سلفیة ) ١ (

.كتاب اهللا وسنة رسولھألنھم یحملون أنفسھم علي العمل بالسنة المطھرة في كل : وطریقة سنیة ) ٢ (

.شيء ، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبیال ألنھم یعلمون أن أساس الخیر طھارة النفس ، ونقاء : وحقیقة صوفیة ) ٣ (

القلب ، والمواظبة علي العمل ، و اإلعراض عن الخلق ، والحب في اهللا ، . واالرتباط علي الخیر

ألنھم یطالبون بإصالح الحكم في الداخل وتعدیل النظر : وھیئة سیاسیة ) ٤ ( ا من األمم في الخارج ، وتربیة الشعب علي العزة في صلة األمة اإلسالمیة بغیرھ

. والكرامة والحرص علي قومیتھ إلي أبعد حد ألنھم یعنون بجسومھم ، ویعلمون أن المؤمن القوي : وجماعة ریاضیة ) ٥ (

إن لبدنك علیك : (خیر من المؤمن الضعیف ، وأن النبي صلي اهللا علیھ وسلم یقول سالم كلھا ال یمكن أن تؤدي كاملة صحیحة إال بالجسم القوي ، و إن تكالیف اإل) حقا

فالصالة والصوم والحج والزكاة ال بد لھا من جسم یحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق ، وألنھم تبعا لذلك یعنون بتشكیالتھم وفرقھم الریاضیة

. یاضة البدنیة وحدھا عنایة تضارع وربما فاقت كثیرا من األندیة المتخصصة بالرألن اإلسالم یجعل طلب العلم فریضة علي كل : ورابطة علمیة ثقافیة ) ٦ (

مسلم ومسلمة ، وألن أندیة األخوان ھي في الواقع مدارس للتعلیم والتثقیف ومعاھد . لتربیة الجسم والعقل والروح

ال و كسبھ من وجھھ وھو ألن اإلسالم یعني بتدبیر الم: وشركة اقتصادیة ) ٧ ( : ویقول ) نعم المال الصالح للرجل الصالح: (الذي یقول نبیھ صلي اهللا علیھ وسلم

)إن اهللا یحب المؤمن المحترف(، ) من أمسي كاال من عمل یده أمسي مغفورا لھ(ألنھم یعنون بأدواء المجتمع اإلسالمي ویحاولون : وفكرة اجتماعیة ) ٨ (

. طرق عالجھا وشفاء األمة منھا الوصول إلي

وھكذا نري أن شمول معني اإلسالم قد أكسب فكرتنا شموال لكل مناحي اإلصالح ، ووجھ نشاط اإلخوان إلي كل ھذه النواحي ، وھم في الوقت الذي یتجھ فیھ غیرھم إلي ناحیة واحدة دون غیرھا یتجھون إلیھا جمیعا ویعلمون أن اإلسالم یطالبھم بھا

. جمیعا ومن ھنا كان كثیر من مظاھر أعمال اإلخوان یبدو أمام الناس متناقضا وما ھو

. بمتناقض فقد یري الناس األخ المسلم في المحراب خاشعا متبتال یبكي ویتذلل ، وبعد قلیل

سكون ھو بعینھ واعظا مدرسا یقرع اآلذان بزواخر الوعظ ، وبعد قلیل تراه نفسھ ا یرمي بالكرة أو یدرب علي العدو أو یمارس السباحة ، وبعد فترة یكون ریاضیا أنیق

ھذه مظاھر . ھو بعینھ في متجره أو معملھ یزاول صناعتھ في أمانة وفي إخالص قد یراھا الناس متنافرة ال یلتئم بعضھا ببعض ، ولو علموا أنھا جمیعا یجمعھا

لتحققوا فیھا مظاھر االلتئام ومعاني اإلسالم ویأمر بھا اإلسالم ویحض علیھا اإلسالماالنسجام ، ومع ھذا الشمول فقد اجتنب اإلخوان كل ما یؤخذ علي ھذه النواحي من

. المآخذ ومواطن النقد والتقصیركما اجتنبوا التعصب لأللقاب إذ جمعھم اإلسالم الجامع حول لقب واحد ھو اإلخوان

. المسلمون

خصائص دعوة اإلخوان

و أن یكون ذلك ، من صنع اهللا لدعوة اإلخوان المسلمین أن تنبت باإلسماعیلیة لعلعلى أثر خالف فقھي بین األھلین و انقسام دام سنوات حول بعض النقاط الفرعیة

و أن تصادف نشأتھا عھد ، التي أذكى نار الفرقة فیھا ذوو المطامع و األغراض فكان من أثر ھذه ، و الوطني المجاھد الصراع القوي العنیف بین األجنبي المتعصب

الظروف أن تمیزت ھذه الدعوة بخصائص خالفت فیھا كثیرا من الدعوات التي .عاصرتھا

: و من ھذه الخصائص البعد عن مواطن الخالف ) ١( البعد عن ھیمنة األعیان و الكبراء ) ٢( البعد عن األحزاب و الھیئات ) ٣( ن و التدرج في الخطواتالعنایة بالتكوی ) ٤( إیثار الناحیة العملیة اإلنتاجیة على الدعایة واإلعالنات ) ٥( وشدة اإلقبال من الشباب ) ٦( و سرعة االنتشار في القرى و المدن ) ٧( البعد عن مواطن الخالف- ١

فأما البعد عن مواطن الخالف الفقھي فألن اإلخوان یعتقدون أن الخالف في أمر ضروري البد منھ، إذ إن أصول اإلسالم آیات وأحادیث وأعمال الفرعیات

تختلف في فھمھا وتصورھا العقول و األفھام ، لھذا كان الخالف واقعا بین الصحابة أنفسھم ومازال كذلك، وسیظل إلى یوم القیامة، وما أحكم اإلمام مالك ـ رضي اهللا

إن أصحاب : "اس على الموطأعنھ ـ حین قال ألبي جعفر وقد أراد أن یحمل النرسول اهللا ص تفرقوا في األمصار وعند كل قوم علم، فإذا حملتھم على رأي واحد

، ولیس العیب في الخالف ولكن العیب في التعصب للرأي والحجر على "تكون فتنةعقول الناس وآرائھم، ھذه النظرة إلى األمور الخالفیة جمعت القلوب المتفرقة على

دة، وحسب الناس أن یجتمعوا على ما یصیر بھ المسلم مسلما كما قال الفكرة الواحزید ـ رضي اهللا عنھ ـ وكانت ھذه النظرة ضروریة لجماعة ترید أن تنشر فكرة في

.بلد لم تھدأ بعد فیھ ثائرة الخالف على أمور ال معنى للجدل وال للخالف فیھا

: البعد عن ھیمنة الكبراء و األعیان - ٢

البعد عن ھیمنة الكبراء و األعیان فالنصرافھم عن ھذه الدعوات الناشئة و أماالتي تستتبع المغانم و تجر ، المجردة من الغایات و األھواء إلى الدعوات القائمة

و ألننا معشر القائمین بدعوة ، المنافع و لو في ظن الناس ال في حقیقة الحال

حتى ال یطمس لونھا الصافي لون ، بالظھور ألول عھد الدعوة ، اإلخوان تعمدنا ھذا و حتى ال یحاول أحد منھم ، آخر من ألوان الدعوات التي یروج لھا ھؤالء الكبراء و ذلك إلى أن كثیر من ، أن یستغلھا أو یوجھھا في غیر الغایة التي تقصد إلیھا

عن العظماء ینقصھ الكمال اإلسالمي الذي یجب أن یتصف بھ المسلم العادي فضالو على ھذا فقد ظل ھذا ، المسلم العظیم الذي یحمل اسم دعوة إسالمیة إلرشاد الناس

یفھم فكرتھم و ، الصنف بعیدا عن اإلخوان اللھم إال قلیال من األكرمین الفضالء . یعطف على غایتھم و یشارك في أعمالھم و یتمنى لھم التوفیق و النجاح

البعد عن الھیئات و األحزاب- ٣

وأما البعد عن االتصال باألحزاب و الھیئات فلما كان و ال یزال بین ھذه الھیئات من و دعوة اإلسالم عامة تجمع و ال ، التنافر و التناحر الذي ال یتفق مع أخوة اإلسالم

، تفرق و ال ینھض بھا و ال یعمل لھا إال من تجرد من كل ألوانھ و صار هللا خالصا التي ترید أن تصل عن ، قبل عسیرا على النفوس الطامحة و قد كان ھذا المعنى من

لھذا آثرنا أن نتجنب الجمیع ، طریق حزبیتھا أو جماعتھا إلى ما ترید من جاه و مال و ، و أن نصبر على الحرمان من كثیر من العناصر الصالحة حتى ینكشف الغطاء

لمثلى بعد التجربة و یدرك الناس بعض الحقائق المستورة عنھم فیعودوا إلى الخطة ا .قد امتألت قلوبھم بالیقین و اإلیمان

و نحن اآلن وقد اشتد ساعد الدعوة و صلب عودھا و أصبحت تستطیع أن توجھ و نھیب بالكبراء و األعیان و الھیئات و األحزاب أن ، ال توجھ و أن تؤثر و ال تتأثر

أن یتركوا ھذه المظاھر و أن یسلكوا سبیلنا و أن یعملوا معنا و، ینضموا إلینا و یتوحدوا تحت لواء القرآن العظیم یستظلوا برایة النبي ، الفارغة التي ال غناء فیھا

فإن أجابوا فھو خیرھم و سعادتھم في الدنیا و ، الكریم و منھاج اإلسالم القویم و إن أبوا فال بأس علینا ، اآلخرة و تستطیع الدعوة بھم أن تختصر الوقت و الجھود

أن ننتظر قلیال و نلتمس المعونة من اهللا و حده حتى یحاط بھم أو یسقط في أیدیھم و ( ،یضطرون إلى العمل للدعوة أذنابا و قد كانوا یستطیعون أن یكونوا رؤساء

) ٢١:یوسف) (واهللا غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال یعلمون

خطوات التدرج في ال- ٤

وأما التدرج واالعتماد على التربیة ووضوح الخطوات في طریق اإلخوان مرحلة الدعایة : المسلمین، فذلك أنھم اعتقدوا أن كل دعوة البد لھا من مراحل ثالث

والتعریف والتبشیر بالفكرة وإیصالھا إلى الجماھیر من طبقات الشعب، ثم مرحلة وتعبئة الصفوف من بین ھؤالء المدعوین، التكوین وتخیر األنصار وإعداد الجنود

ثم بعد ذلك كلھ مرحلة التنفیذ والعمل واإلنتاج، وكثیرا ما تسیر ھذه المراحل الثالث

جنبا إلى جنب نظرا لوحدة الدعوة وقوة االرتباط بینھا جمیعا، فالداعي یدعو، وھو .ك في الوقت نفسھ یتخیر ویربي، وھو في الوقت عینھ یعمل وینفذ كذل

ولكن الشك في أن الغایة األخیرة أو النتیجة الكاملة ال تظھر إال بعد عموم الدعایة .وكثرة األنصار، ومتانة التكوین

في حدود ھذه المراحل سارت دعوتنا وال تزال تسیر، فقد بدأنا بالدعوة فوجھناھا إلى فالت األمة في دروس متتالیة وفي رحالت متالحقة وفي مطبوعات كثیرة وفي ح

عامة وخاصة، وفي جریدة اإلخوان المسلمین األولى ثم في مجلة النذیر األسبوعیة، وال زلنا ندعو، وسنظل كذلك، حتى ال یكون ھناك فرد واحد لم تصلھ دعوة اإلخوان المسلمین على حقیقتھا الناصعة، وعلى وجھھا الصحیح، ویأبى اهللا إال أن یتم نوره،

مرحلة إلى درجة نطمئن علیھا وعلى اطراد السیر فیھا، وأظن أننا وصلنا في ھذه الوصار من ألزم واجباتنا أن نخطو الخطوة الثانیة، خطوة االختیار والتكوین والتعبئة

.

:خطونا الخطوة الثانیة في صور ثالث

ویراد بھا تقویة الصف بالتعارف، وتمازج النفوس واألرواح ومقاومة : ـ الكتائب١ت، والمران على حسن الصلة باهللا تبارك وتعالى، واستمداد النصر العادات والمألوفا

.منھ، وھذا ھو معھد التربیة الروحیة لإلخوان المسلمین

ویراد بھا تقویة الصف بتنمیة : ـ الفرق للكشافة والجوالة واأللعاب الریاضیة٢دھم جسوم اإلخوان، وتعویدھم الطاعة والنظام واألخالق الریاضیة الفاضلة، وإعداللجندیة الصحیحة التي یفرضھا اإلسالم على كل مسلم، وھذا ھو معھد التربیة

.الجسمیة لإلخوان المسلمین

ویراد بھا تقویة الصف : ـ درس التعالیم في الكتائب أو في أندیة اإلخوان المسلمین٣نھ بتنمیة أفكار اإلخوان وعقولھم بدراسة جامعة ألھم ما یلزم األخ المسلم معرفتھ لدی

ودنیاه، وھذا ھو معھد التربیة العلمیة والفكریة لإلخوان المسلمین، ذلك إلى مختلف نواحي النشاط األخرى التي یدرب بھا اإلخوان على الواجب الذي ینتظرھم كجماعة

.تعد نفسھا لقیادة أمة، بل لھدایة العالمین

ة الثالثة، وھي بعد أن نطمئن على موقفنا من ھذه الخطوة نخطو إن شاء اهللا الخطو .الخطوة العملیة التي تظھر بعدھا الثمار الكاملة لدعوة اإلخوان المسلمین

مصارحة : أیھا اإلخوان المسلمون وبخاصة المتحمسون المتعجلون منكم

إن : اسمعوھا مني كلمة عالیة داویة من فوق ھذا المنبر في مؤتمركم ھذا الجامع ولست مخالفا ھذه الحدود التي . حدوده طریقكم ھذا مرسومة خطواتھ موضوعة

اقتنعت كل االقتناع بأنھا أسلم طریق للوصول ، أجل قد تكون طریقا طویلة ولكن إنما تظھر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب ، فمن . لیس ھناك غیرھا

عھ في أراد منكم أن یستعجل ثمرة قبل نضجھا أو یقتطف زھرة قبل أوانھا فلست مومن . ذلك بحال ، وخیر لھ أن ینصرف عن ھذه الدعوة إلي غیرھا من الدعوات

صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ویحین القطاف فأجره في إما النصر والسیادة ، وإما الشھادة : ذلك علي اهللا ، ولن یفوتنا وإیاه أجر المحسنین

. والسعادة

: لمسلمون أیھا اإلخوان األجموا نزوات العواطف بنظرات العقول ، وأنیروا أشعة العقول بلھب العواطف ،

وألزموا الخیال صدق الحقیقة والواقع ، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخیال الزاھیة وال تمیلوا كل المیل فتذروھا كالمعلقة ، وال تصادموا نوامیس الكون فأنھا . البراقة

البوھا واستخدموھا وحولوا تیارھا واستعینوا ببعضھا علي بعض ، غالبة ، ولكن غ . وترقبوا ساعة النصر وما ھي منكم ببعید

أیھا اإلخوان المسلمون

إنكم تبتغون وجھ اهللا وتحصیل مثوبتھ ورضوانھ ، وذلك مكفول لكم ما دمتم سن االستعداد ولم یكلفكم اهللا نتائج األعمال ولكن كلفكم صدق التوجھ وح. مخلصین

، ونحن بعد ذلك إما مخطئون فلنا أجر العاملین المجتھدین ، وإما مصیبون فلنا أجر علي أن التجارب في الماضي والحاضر قد أثبتت أنھ ال خیر إال . الفائزین المصیبین

طریقكم ، وال إنتاج إال مع خطتكم ، وال صواب إال فیما تعملون ، فال تغامروا واعملوا واهللا معكم ولن یتركم أعمالكم والفوز . روا بشعار نجاحكم بجھودكم وال تقام

) . ١٤٣:البقرة) (وما كان اهللا لیضیع إیمانكم إن اهللا بالناس لرؤوف رحیم(للعاملین

متي تكون خطوتنا التنفیذیة ؟

: أیھا اإلخوان المسلمون مؤتمرا عائلیا یضم أسرة اإلخوان المسلمین ، وأرید أن نحن ھنا في مؤتمر أعتبره

: أكون معكم صریحا للغایة فلم تعد تنفعنا إال المصارحة إن میدان القول غیر میدان الخیال ، ومیدان العمل غیر میدان القول ، ومیدان الجھاد

. غیر میدان العمل ، ومیدان الجھاد الحق غیر میدان الجھاد الخاطئ علي كثیر ین أن یتخیلوا ، ولكن لیس كل خیال یدور بالبال یستطاع تصویره یسھل

أقواال باللسان ، وإن كثیرین یستطیعون أن یقولوا ولكن قلیال من ھذا الكثیر یثبت عند العمل ، وكثیر من ھذا القلیل یستطیع أن یعمل ، ولكن قلیال منھم یقدر علي

وھؤالء المجاھدون وھم الصفوة القالئل . ي حمل أعباء الجھاد الشاق والعمل المضنمن األنصار قد یخطئون الطریق وال یصیبون الھدف إن لم تتداركھم عنایة اهللا ، وفي قصة طالوت بیان لما أقول ، فأعدوا أنفسكم وأقبلوا علیھا بالتربیة الصحیحة

لیھا ، واالختبار الدقیق وامتحنوھا بالعمل ، العمل القوي البغیض لدیھا الشاق ع . وافطموھا عن شھواتھا ومألوفاتھا وعاداتھا

وفي الوقت الذي یكون فیھ منكم ـ معشر اإلخوان المسلمین ـ ثالثمائة كتیبة قد جھزت كل منھا نفسیا روحیا باإلیمان والعقیدة ، وفكریا بالعلم والثقافة ، وجسمیا

لحج البحار ، وأقتحم بالتدریب والریاضة ، في ھذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكموأغزو بكم كل عنید جبار ، فإني فاعل إن شاء اهللا ، وصدق . بكم عنان السماء

إني أقدر لذلك وقتا لیس طویال ). ولن یغلب اثنا عشر ألفا من قلة: (رسول اهللا القائلبعد توفیق اهللا واستمداد معونتھ وتقدیم إذنھ ومشیئتھ ، وقد تستطیعون أنتم معشر

اإلخوان ومندوبھم أن تقصروا ھذا اآلجل إذا بذلتم ھمتكم وضاعفتم جھودكم ، نوابوقد تھملون فیخطئ ھذا الحساب ، وتختلف النتائج المترتبة علیھ ، فأشعروا أنفسكم

العبء وألقوا الكتائب وكونوا الفرق ، وأقبلوا علي الدروس ، وسارعوا إلي التدریب . تصل إلیھا بعد ، وال تضیعوا دقیقة بغیر عمل وانشروا دعوتكم في الجھاد التي لم

وقد یظن من یسمع ھذا أن اإلخوان المسلمین قلیل عددھم أو ضعیف مجھودھم ، ولست إلى ھذا أقصد ولیس ھذا ھو مفھوم كالمي ، فاإلخوان المسلمون والحمد هللا

نوب عن كثیرون ، وإن جماعة یمثلھا في ھذا االجتماع آالف من أعضائھا كل منھم یشعبة كاملة ألكثر من أن یستقل عددھا أو ینسي مجھودھا أو یغمط حقھا ، ولكن

و رجل العمل غیر ، أقصد إلى ما ذكرت أوال من أن رجل القول غیر رجل العمل و رجل الجھاد فقط غیر رجل الجھاد المنتج الحكیم الذي یؤدي إلى ، رجل الجھاد

.أعظم الربح بأقل التضحیات ثار الناحیة العملیة إی- ٥

و أما إیثار الناحیة العملیة فقد أثارھا في نفوس اإلخوان و دعا إلیھا في منھاجھم :أمور

و مخافة أن تشوب ھذه األعمال ، منھا ما جاء في اإلسالم خاصا بھذه الناحیة بالذات ا ورد شوائب الریاء فیسرع إلیھا التلف و الفساد و الموازنة بین ھذه النظرة و بین م

أمر دقیق قلما یتم ، إذاعة الخیر واألمر بھ والمسارعة إلى إعالنھ لیتعدى نفسھ في .إال بتوفیق

و منھا نفور اإلخوان الطبیعي من اعتماد الناس على الدعایات الكاذبة و التھریج و ما أنتجھ في ھذه األمة من أثر سیئ و تضلیل كبیر و ، الذي لیس من ورائھ عمل

.وس فساد ملمو منھا ما كان یخشاه اإلخوان من معاجلة الدعوة بخصومة حادة أو صداقة ضارة

.ینتج عن كلیھما تعویق السیر أو تعطیل عن الغایة كل ھذه أمور و ضعھا اإلخوان في میزانھم آثروا أن یسیروا في دعوتھم بجد و

.محیطھم و إن لم یؤثر ذلك إال في ، إسراع و إن لم یشعر بھم إال من حولھم قلیل من الناس من یعرف أن الداعیة من دعاة اإلخوان قد یخرج من عملھ المصلحي

و إذا ھو في صالة ، فإذا ھو في العشاء بالمنیا یحاضر الناس ، في عصر الخمیس و بعد العشاء ، فإذا ھو في العصر یحاضر بأسیوط ، الجمعة یخطب بمنفلوط

النفس مطمئن القلب یحمد اهللا على ما وفقھ ثم یعود أدراجھ ھادئ، یحاضر بسوھاج .إلیھ و ال یشعر بھ إال الذین استمعوه

و لكن اإلخوان ـ لما ، ھذا مجھود لو قام بھ غیر اإلخوان لمأل الدنیا صیاحا و دعایة و من لم یؤثر ، فمن أقنعھ العمل فبھا ، قدمت ـ یؤثرون أال یراھم الناس إال عاملین

.ه القول فیھ العمل فلن یرشدقد یقضي األخ شھرا أو شھرین بعیدا عن أھلھ و بیتھ و زوجھ و ولده یدعو إلى اهللا

فیلقي ، یوما بحزوى و یوما بالعقیق ، ھو في اللیل محاضر و في النھار مسافر ،

و قد تضم الحفالت التي ، أكثر من ستین محاضرة من شرق القطر إلى غربھ ثم ھو بعد ذلك یوصي أال یكون محل ، بقات یحاضر فیھا اآلالف من مختلف الط

.دعایة أو إعالن یعقد اإلخوان معسكرا نموذجیا باألسكندریة قرابة شھر فیكون معسكرا نموذجیا بحق

و تتمثل فیھ بجالء ، یجمع ریاضة الفكر و الروح إلى ریاضة البدن و الجسم ، و ، طول ھذه الفترة و یدوم ذلك ، وضوح المعاني الریاضیة و العسكریة الكاملة

فال یكون لذلك صداه في ، یضم تحت خیامھ المباركة مائة من الشباب التقي المؤمن .غیر من حضروه من اإلخوان المسلمین

یعقد مؤتمر كمؤتمركم ھذا و ھو في الواقع أصدق برلمان لمصر إذ مثلت فیھ و قد ، مثیل مدیریاتھا و مراكزھا و قراھا و حواضرھا من كل الطبقات أصدق ت

فنوجھ إلیكم ، حضرتم جمیعا ال یحملكم إلى ذلك إال الرغبة األكیدة في العمل المنتج .الدعوة و یضمكم معشر اإلخوان المسلمین ھذا المكان المبارك

یقوم اإلخوان المسلمون بھذا و بغیره من ضروب اإلصالح التي تنتج أحسن اآلثار و ال یذكرون حتى الحقیقة فضال عن المبالغة ، ثم ھم بذلك ال یتشدقون و ال یباھون

و لو كان بعض ھذا النشاط و بعض ھذه األعمال مما یوفق إلیھ غیر ، و اإلغراق ، و ألسمعوا من في المشرق و المغرب ، اإلخوان من الھیئات لملئوا الدنیا صراخا

.و عجب فنحن في عصر الدعایات

:أیھا اإلخوان ون إلیھ معنى جمیل حقا و خطة محمودة عند اهللا و عند ذلك المعنى الذي تقصد

و لكن ال حظوا أنكم اآلن و قد أرغمتكم ، فادرجوا علیھا و ال بأس علیكم ، الناس الدعوة على أن تتخطوا الحواجز الخاصة إلى ا

و قد أظھرت ، لمیادین الواسعة و أخذ بعض الفضولیین یتطوع ، الدعوة نفسھا فأخذ الناس یتساءلون عنھا و عنكم

فقد وجب علیكم أن ، قلیال و ال كثیرا من شؤونكم بتصویركم لغیركم و ھو ال یدري و أن تعلنوا ھذه ، تبینوا للناس غایتكم و وسیلتكم و حدود فكرتكم و منھاج أعمالكم

األعمال على الناس ال للمباھاة بھا و لكن لإلرشاد إلى ما فیھا من نفع لألمة و خیر

ى الصحف الیومیة و أظنھا ال و اكتبوا إل، ألبنائھا فاكتبوا إلى النذیر و ھي لسانكم و أن ، و احرصوا على أن تكونوا صادقین ال تتجاوزون الحقیقة ، تقف ي سبیلكم

تكون دعایتكم في حدود األدب الكامل و الخلق الفاضل و الحرص التام على جمع و استشعروا كلما ظھرت دعوتكم أن الفضل في ذلك كلھ ، القلوب و تألیف األرواح

) .١٧:الحجرات) ( اهللا یمن علیكم أن ھداكم لإلیمان إن كنتم صادقینبل ( :هللا إقبال الشباب على الدعوة- ٦

و نموھا في كثیر من األوساط التي ھي أخصب ، و أما إقبال الشباب على الدعوة املة و الوسطى المنابت للدعوات التي ھي أخصب المنابت للدعوات من الطبقات الع

فقد أقبل الشباب من كل مكان على دعوة اإلخوان ، فتوفیق كبیر نحمد اهللا علیھ ، و یعاھد اهللا على النھوض بحقھا و العمل في سبیلھا ، یؤمن بھا و یؤیدھا و یناصرھا

. و علم اهللا ، تقدم ستة من شباب الجامعة منذ سنوات یھبون اهللا نفوسھم و جھودھم

فإذا بالجامعة كلھا من أنصار اإلخوان المسلمین تحبھم و ، دھم و آزرھم منھم ذلك فأیو إذا من الشباب الجامعي فئة كریمة مؤمنة تتفانى ، تحترمھم و تتمنى لھم النجاح

.في الدعوة و تبشر بھا في كل مكان و األزھر بطبعھ معقل الدعوة اإلسالمیة و موئل ، قل مثل ذلك في األزھر الشریف

فلیس غریبا علیھ أن یعتبر دعوة اإلخوان المسلمین دعوتھ و أن یعد غایتھا ، الم اإلسو أن تمتلئ الصفوف اإلخوانیة و األندیة اإلخوانیة بشبابھ الناھض و علمائھ ، غایتھ

و أن یكون لھم جمیعا أكبر األثر في نشر الدعوة و ، الفضالء و مدرسیھ و وعاظھ و لم یقتصر إقبال الشباب على طوائف الطلبة و ، مكان تأییدھا و المناداة بھا في كل

بل إن كثیرا من طبقات الشعب المؤمنة أقبل على الدعوة و ، الفضالء و من إلیھم و إن كثیرا من الشباب كان ضاال فھداه اهللا و كان ، كان خیر معوان في مناصرتھا

و كان ال ، ى الطاعة و كانت المعصیة لھ عادة فوفقھ اهللا إل، حائرا فأرشده اهللا ) یھدي اهللا لنوره من یشاء(، یعرف لھ غایة من الحیاة فوضحت أمامھ الغایة

) .٣٥:النور(و إنا لنعتبر ذلك من عالمات التوفیق و نلمس كل یوم تقدما جدیدا في ھذا الباب

صر إال من عند وما الن(، یدعونا إلى األمل القوي و المثابرة و مضاعفة الجھود ) .١٢٦:آل عمران) (اهللا العزیز الحكیم

سرعة االنتشار في القرى و المدن- ٧

و أما سرعة انتشار الدعوة في القرى و المدن فقد قدمت لكم أن الدعوة نشأت في ، و ترعرعت في جوھا الصافي و درجت على رمالھا الممتدة الجمیلة ، اإلسماعیلیة

یغذیھا و ینمیھا ما ترى ما ترى كل صباح و مساء من مظاھر االحتالل األجنبي و و ، فھذه قناة السویس علة الداء و أصل البالء ، االستئثار األوربي بخیر ھذا البلد

و في المشرق المكتب العام إلدارة ، في الغرب المعسكر اإلنجلیزي بأدواتھ و معداتھ و المصري غریب بین كل ھذه ، ستھ و عظمتھ و مرتباتھ شركة القناة بأثاثھ و ریا

و األجنبي یعتز بما یغتصبھ ، األجواء في بلده محروم و غیره ینعم بخیر وطنھ ذلیل كان ھذا الشعور غذاء جمیال و مدادا طیبا لدعوة اإلخوان فبسطت ، من موارد رزقھ

تحتل ، ى مدیریة الدقھلیة رواقھا في منطقة القناة ثم تخطتھا إلى البحر الصغیر ثم إلثم ال تلبث أن تستولي على ھذه القلوب ، قلوب المؤمنین بھا بذرة صغیرة متواضعة

و تصبح للرجل أمل اآلمال و غایة الغایات فیدعو ، و تستغرق شعورھا و تفكیرھا .و یضحي و یبذل

أدواتھا و خطت الدعوة إلى القاھرة باندماج جمعیة الحضارة اإلسالمیة بدعاتھا و و زھادة في األلقاب و ، إیمانا بفكرتھم و إیثارا للعمل مع الجماعة ، إلى اإلخوان

ثم تبع ذلك ، و احتقارا لھذه األنانیة الفردیة التي أفسدت علینا كل عمل ، األسماء تكون مكتب اإلرشاد العام بالقاھرة و إشرافھ على شعب الجماعة الناشئة في األقالیم

عملھ الدائب على نشر الفكرة و إیصالھا للبلدان التي لم تتصل بھا بعد و، و البلدان .

و دأب المكتب بعد ذلك یقتطع أعضاؤه من قوتھم و أوقاتھم و جھودھم ما یستعینون ال یمدون ألحد یدا ، و في طھارة ماء الغمام ، بھ على خدمة عقیدتھم في عفة األسد

ال یأخذون من مال حكومة و ال یطلبون معونة و، و ال یسألون كبیرا و ال ھیئة شیئا حتى انتشرت شعب اإلخوان بسرعة فائقة في جمیع نواحي القطر ، أحد إال اهللا

المصري من أسوان إلى اإلسكندریة إلى رشید إلى بورسعید إلى السویس إلى طنطا و فیما ، إلى قنا ، إلى جرجا ، إلى أسیوط ، إلى المنیا ، إلى الفیوم إلى بني سویف ،

.بین ذلك من المراكز و القرى و لم تقف عند ھذه الحدود المصریة بل تجاوزتھا إلى القسم الجنوبي من الوطن

سوریا : ثم إلى بقیة أجزاء الوطن اإلسالمي العزیز ، إلى السودان المفدى ، الغالي اإلسالمیة ثم إلى غیر ذلك من بقیة بالدنا، و المغرب بأقسامھ غربا ، بأقسامھا شرقا

.المباركة أما اآلن فقد صارت الدعوة تسبقنا إلى ، كنا نوجھ الدعوة و نعمل على انتشارھا

البالد و القرى و تضطرنا إلى مالحقتھا و أداء حقوقھا مھما كان في ذلك من عنت و و المھم أن الصلة بین ھذه الھیئات كلھا لیس مجرد التشابھ في االسم أو ، من إرھاق

إنھا صلة الحب ، كال بل إنھا أقوى الصالت جمیعا ، في المقصد العام الوحدةو االلتفاف التام حول محور ، و االرتباط القدسي المتین ،العمیق و التعاون الوثیق

و ، و الوحدة و الشاملة في األلم و األمل و الجھاد و العمل ، الدعوة و مركزھا .و لیس بعد ذلك زیادة لمستزید ، الوسائل و الغایات و المناھج و الخطوات

و لیست ھذه الھیئات في البلدان القرى مقتصرة في عملھا على تنفیذ تعلیمات بل إنھا تجد و تعمل في مناحي الخدمة العامة فتبني ، المكتب الرئیسي لھا بالقاھرة

نھا و كثیر م، و كثیر منھا قد بنى داره و أصبحت ملكا خالصا لھ خاصا بھ ، أندیتھا و جمیعھا ، كذلك قام بالكثیر من المشروعات الخیریة و االقتصادیة و االجتماعیة

دائمة النشاط جمة اإلنتاج كما أن صلة المكتب بفروعھ و ھیئاتھ المختلفة لیست صلة و لكنھا ،و لیس صلة اإلدارة البحتة و اإلشراف العلمي فقط ، الرئیس بالمرؤوس و صلة أفراد األسرة الواحدة بعضھم ببعض ، وح أوال صلة الر: صلة فوق ذلك كلھ

فدعاة اإلخوان یزورن إخوانھم و یختلطون بھم و یعرفون أھم ما ، التزاور في اهللا ، و لم یتوفر ذك لھیئة من الھیئات القائمة ، یتصل بحیاتھم و شؤونھم الخاصة و العامة

.وذلك فضل اهللا یؤتیھ من یشاء ، فیما أعلم

:خوان أیھا اإل

فخور بھذا االرتباط الرباني ، ال أكتمكم أني مزھو بھذه الوحدة اإلخوانیة الصادقة ما دمتم كذلك أخوة في اهللا متحابین ، عظیم األمل في المستقبل ، القوي المتین

.فاحرصوا على ھذه الوحدة فإنھا سالحكم و عدتكم ، متعاونین یقوم اإلخوان المسلمون بنفقات ھذه و من أین : و عن كثیرا من الناس لیتساءل

و ھي نفقات كثیرة تعجز األغنیاء فضال عن الفقراء ؟، الدعوة أال فلیعلم ھؤالء و لیعلم غیرھم أن اإلخوان المسلمین ال یبخلون على دعوتھم یوما

فضال عن كمالیاتھم ، من األیام بقوت أوالدھم و عصارة دمائھم و ثمن ضروریاتھم و أنھم یوم أن حملوا ھذا العبء عرفوا جیدا أنھا دعوة ال ، قاتھم و الفائض من نف

: فخرجوا عن ذلك كلھ هللا و فقھوا معنى قولھ تعالى ، ترضى بأقل من الدم و المال لوا فقب ، )١١١:التوبة) (إن اهللا اشترى من المؤمنین أنفسھم وأموالھم بأن لھم الجنة(

، معتقدین أن الفضل كلھ هللا ، البیع و قدموا البضاعة عن رضا و طیب نفس و منحھم اهللا البركة في القلیل فأنتج ، فاستغنوا بما في أیدیھم عما في أیدي الناس

.الكثیر إلى اآلن أیھا اإلخوان لم یمنح مكتب اإلرشاد العام إعانة واحدة من حكومة أیا كانت

یفاخر و یتحدى الناس جمیعا أن یقول أحدھم إن ھذا المكتب قد و ھا ھو یباھي و، و لسنا نرید إال ھذا ، ولن نقبل ، دخل خزانتھ قرش واحد من غیر جیوب أعضائھ

إال من عضو أو من محب ، ولن نعتمد علي الحكومات في شيء ، وال تجعلوا في واسألوا اهللا من فضلھ إن ( ترتیبكم وال منھاجكم ذلك وال تنظروا إلیھ وال تعملوا لھ ،

). ٣٢:النساء) (اهللا كان بكل شيء علیماتلك أیھا اإلخوان بعض خصائص دعوتكم ، انتھزت ھذه الفرصة ألتحدث إلیكم عنھا

، وأنتقل بعد ذلك إلى ناحیة ھامة من نواحي الدعوة قد یلتبس األمر في موقف ن الناس ، وربما خفي علي بعض اإلخوان أنفسھم حتى اإلخوان منھا علي كثیر م

.نحدد معا ونكشف معا ما عسي أن یكون من إبھام

منھاج اإلخوان المسلمین

الغایة والوسیلة أظنكم أیھا االخوة الفضالء قد عرفتم من ھذا الحدیث الطویل غایة اإلخوان

.ووسیلتھم ومھمتھم تماما صر في تكوین جیل جدید من المؤمنین بتعالیم اإلسالم الصحیح إن غایة اإلخوان تنح

صیغة اهللا : یعمل علي صبغ األمة بالصبغة اإلسالمیة الكاملة في كل مظاھر حیاتھا ومن أحسن من اهللا صیغة وأن وسیلتھم في ذلك تنحصر في تغییر العرف العام

یرھم في التمسك بھا وتربیة أنصار الدعوة علي ھذه التعالیم حتى یكونوا قدوة لغوالحرص علیھا والنزول علي حكمھا ؛ وأنھم ساروا إلى غایتھم في حدود وسیلتھم

فوصلوا إلى درجة من النجاح یطمئنون إلیھا ویحمدون اهللا علیھا ، و أظنني لست في .حاجة إلي مزید شرح أو بیان في ھذه الناحیة

اإلخوان والقوة والثورة

ھل في عزم اإلخوان المسلمین أن یستخدموا القوة في : ویتساءل كثیر من الناستحقیق أغراضھم والوصول إلى غایتھم ؟ وھل یفكر اإلخوان المسلمین في إعداد

....ثورة عامة علي النظام السیاسي أو النظام االجتماعي في مصر ؟ وال أرید أن أدع ھؤالء المتسائلین في حیرة ، بل إني أنتھز ھذه الفرصة فأكشف

. اللثام عن الجواب السافر لھذا في وضوح وفي جالء ، فلیسمع من یشاء فالقرآن الكریم ینادي في وضوح ، أما القوة فشعار اإلسالم في كل نظمھ و تشریعاتھ

هللا وأعدوا لھم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخیل ترھبون بھ عدو ا ( :و جالء ).٦٠:ألنفال) (وعدوكم

بل إن القوة شعار اإلسالم ، ) المؤمن القوي خیر من المؤمن الضعیف(و النبي یقول واسمع ما كان یدعو بھ النبي ، حتى في الدعاء و ھو مظھر الخشوع و المسكنة ن الھم اللھم إني أعوذ بك م: (في خاصة نفسھ و یعلمھ أصحابھ و یناجي بھ ربھ

والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من أال ترى في ھذه األدعیة أنھ قد استعاذ باهللا من كل ، ) غلبة الدین وقھر الرجال

و ضعف اإلنتاج ، حزن ضعف اإلرادة بالھم و ال: مظھر من مظاھر الضعف و ضعف العزة و ، و ضعف الجیب و المال بالجبن و البخل ، بالعجز و الكسل

فماذا ترید من إنسان یتبع ھذا الدین إال أن یكون قویا في .. الكرامة بالدین و القھر ؟ ، فاإلخوان المسلمون البد أن یكونوا أقویاء .. شعاره القوة في كل شيء ؟، كل شيء

.أن یعملوا في قوة و البد و لكن اإلخوان المسلمین أعمق فكرا و أبعد نظرا من أن تستھویھم سطحیة األعمال

فال یغوصوا في أعماقھا و ال یزنوا نتائجھا و ما یقصد منھا و ما یراد بھا ، و الفكر ثم یلي ذلك قوة ، فھم یعلمون أن أول درجة من درجات القوة قوة العقیدة و اإلیمان ،

و ال یصح أن توصف جماعة ، ثم بعدھما قوة الساعد و السالح ، دة و االرتباط الوحو أنھا إذا استخدمت قوة الساعد و السالح ، بالقوة حتى تتوفر لھا ھذه المعاني جمیعا

و ھي مفككة األوصال مضطربة النظام أو ضعیفة العقیدة خامدة اإلیمان فسیكون .مصیرھا الفناء و الھالك

ھل أوصى اإلسالم ـ و القوة شعاره ـ باستخدام القوة : و نظرة أخرى ، ھذه نظرة في كل الظروف و األحوال ؟ أم حدد لذلك حدودا و اشترط شروطا و وجھ القوة

توجیھا محدودا ؟ھل تكون القوة أول عالج أم أن آخر الدواء الكي ؟ و ھل من الواجب : و نظرة ثالثة

تخدام القوة النافعة و نتائجھا الضارة و ما یحیط بھذا أن یوازن اإلنسان بین نتائج اس االستخدام من ظروف ؟ أم من واجبھ أن یستخدم القوة و لیكن بعد ذلك ما یكون ؟

ھذه نظرات یلقیھا اإلخوان المسلمون على أسلوب استخدام القوة قبل أن یقدموا علیھ و ، یھا أدق و أعمق فنظر اإلخوان المسلمون إل، و الثورة أعنف مظاھر القوة ،

بخاصة في وطن كمصر جرب حظھ من الثورات فلم یجن من ورائھا إال ما تعلمون .

إن اإلخوان المسلمین : و بعد كل ھذه النظرات و التقدیرات أقول لھؤالء المتسائلین سیستخدمون القوة العملیة حیث ال یجدي غیرھا ، وحیث یثقون أنھم قد استكملوا عدة

حدة ، وھم حین یستخدمون ھذه القوة سیكونون شرفاء صرحاء اإلیمان والووسینذرون أوال، وینتظرون بعد ذلك ثم یقدمون في كرامة وعزة ، ویحتملون كل

. نتائج موقفھم ھذا بكل رضاء وارتیاح

وال یعتمدون علیھا ، وال یؤمنون ، وأما الثورة فال یفكر اإلخوان المسلمون فیھا ن كانوا یصارحون كل حكومة في مصر بأن الحال إذا دامت بنفعھا ونتائجھا ، وإ

علي ھذا المنوال ولم یفكر أولو األمر في إصالح عاجل وعالج سریع لھذا المشاكل ، فسیؤدي ذلك حتما إلي ثورة لیست من عمل اإلخوان المسلمین وال من دعوتھم ،

ولیست ، ولكن من ضغط الظروف ومقتضیات األحوال ، وإھمال مرافق اإلصالح ھذه المشاكل التي تتعقد بمرور الزمن و یستفحل أمرھا بمضي األیام إال نذیرا من

. ھذه النذر ، فلیسرع المنقذون باألعمال

اإلخوان المسلمون والحكم

ھل في منھاج اإلخوان المسلمین أن یكونوا حكومة : ویتساءل فریق آخر من الناس ...م إلى ذلك ؟ وأن یطالبوا بالحكم ؟ وما وسیلتھ

. وال أدع ھؤالء المتسائلین أیضا في حیرة ، وال نبخل علیھم بالجواب فاإلخوان المسلمون یسیرون في جمیع خطواتھم وآمالھم وأعمالھم علي ھدي اإلسالم

وھذا اإلسالم . الحنیف كما فھموه ، وكما أبانوا عن فھمھم ھذا في أول ھذه الكلمة لمسلمون یجعل الحكومة ركنا من أركانھ ، ویعتمد علي الذي یؤمن بھ اإلخوان ا

إن اهللا : (التنفیذ كما یعتمد علي اإلرشاد ، وقدیما قال الخلیفة الثالث رضي اهللا عنھ وقد جعل النبي صلي اهللا علیھ وسلم الحكم ) . لیزع بالسلطان ما ال یزع بالقرآن

یة من العقائد واألصول ، ال والحكم معدود في كتبنا الفقھ. عروة من عري اإلسالم من الفقھیات والفروع ، فاإلسالم حكم وتنفیذ ، كما ھو تشریع وتعلیم ، كما ھو قانون

والمصلح اإلسالمي إن رضي لنفسھ أن . وقضاء ، ال ینفك واحد منھا عن اآلخر یكون فقیھا مرشدا یقرر األحكام ویرتل التعالیم ویسرد الفروع واألصول ، وترك

لتنفیذ یشرعون لألمة ما لم یأذن بھ اهللا ویحملونھا بقوة التنفیذ علي مخالفة أھل اأوامره ، فان النتیجة الطبیعیة أن صوت ھذا المصلح سیكون صرخة في واد ونفخة

. في رماد كما یقولون قد یكون مفھوما أن یقنع المصلحون اإلسالمیون برتبة الوعظ و اإلرشاد إذا وجدوا

من أھل التنفیذ إصغاء ألوامر اهللا و تنفیذا ألحكامھ و إیصاال آلیاتھ و من أھل التنفیذالتشریع اإلسالمي في واد و التشریع الفعلي : و أما الحال كما نرى ، ألحادیث نبیھ فإن قعود المصلحین اإلسالمیین عن المطالبة بالحكم جریمة إسالمیة ، في واد آخر

التنفیذ من أیدي الذین ال یدینون بأحكام ال یكفرھا إال النھوض واستخالص قوة .اإلسالم الحنیف

و لكننا نقرر بھ أحكام اإلسالم الحنیف ، ھذا كالم واضح لم نأت بھ من عند أنفسنا وعلى ھذا فاإلخوان المسلمون ال یطلبون الحكم ألنفسھم فإن وجدوا من األمة من

إسالمي قرآني فھم جنوده یستعد لحمل العبء وأداء ھذه األمانة والحكم بمنھاجوأنصاره وأعوانھ وإن لم یجدوا فالحكم من منھاجھم وسیعملون الستخالصھ من

.أیدي كل حكومة ال تنفذ أوامر اهللا وعلى ھذا فاإلخوان المسلمون أعقل و أحزم من أن یتقدموا لمھمة الحكم و نفوس

و یتعلم ، خوان و تسود فالبد من فترة تنتشر فیھا مبادئ اإل، األمة على ھذا الحال .فیھا الشعب كیف یؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة

ھي أن اإلخوان المسلمین لم یروا في حكومة : و كلمة البد أن نقولھا في ھذا الموقف

و ال ، من الحكومات التي عاصروھا ـ و ال الحكومة القائمة و ال الحكومة السابقة یة ـ ن ینھض بھذا العبء أو من یبدي االستعداد غیرھما من الحكومات الحزب

و لتطالب حكامھا بحقوقھا ، فلتعلم األمة ذلك ، الصحیح لمناصرة الفكرة اإلسالمیة .و لیعمل اإلخوان المسلمون ، اإلسالمیة

أنھ لیس أعمق في الخطأ من ظن بعض الناس أن اإلخوان المسلمین : و كلمة ثانیة أو منفذین لغایة ، دعوتھم مطیة لحكومة من الحكومات كانوا في أي عھد من عھود

فلیعلم ذلك من لم یكن یعلمھ من ، أو عاملین على منھاج غیر منھاجھم ، غیر غایتھم . اإلخوان و من غیر اإلخوان

إلخوان المسلمون و الدستورا

ویتساءل كذلك فریق من الناس ما موقف مجموعة اإلخوان المسلمین من الدستور ري ؟ و السیما بعد أن كتب األخ صالح أفندي عشماوي رئیس تحریر مجلة المص

بالنقد و الموازنة ) مصر الفتاة ( و تناولت كتابتھ صحیفة ، النذیر في ھذا الموضوع و ھذه فرصة طیبة ألتحدث إلى حضراتكم فیھا عن رأي اإلخوان المسلمین و ،

) الدستور ( فرق دائما بین وأحب قبل ھذا أن ن، موقفھم من الدستور المصري وھو نظام الحكم العام الذي ینظم حدود السلطات وواجبات الحاكمین ومدى صلتھم

وھو الذي ینظم صلة األفراد بعضھم ببعض ویحمى ) القانون ( وبین ، بالمحكومین .حقوقھم األدبیة والمادیة ویحاسبھم على ما یأتون من أعمال

و من ، جلي لكم موقفنا من نظام الحكم الدستوري عامة و أستطیع بعد ھذا البیان أن أ :الدستور المصري خاصة

أن الباحث حین ینظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص : الواقع أیھا اإلخوان وعلى الشورى واستمداد السلطة ، في المحافظة على الحریة الشخصیة بكل أنواعھا

الشعب و محاسبتھم على ما یعملون من أعمال من األمة وعلى مسئولیة الحكام أماموبیان حدود كل سلطة من السلطات ھذه األصول كلھا یتجلى للباحث أنھا تنطبق ،

.كل االنطباق على تعالیم اإلسالم ونظمھ وقواعده في شكل الحكم

ولھذا یعتقد اإلخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري ھو أقرب نظم الحكم القائمة .عالم كلھ إلى اإلسالم، وھم ال یعدلون بھ نظاما آخر في ال

و ثانیھما ، أولھما النصوص التي تصاغ في قالبھا ھذه المبادئ : بقي بعد ذلك أمران إن المبدأ السلیم القویم قد ، طریقة التطبیق التي تفسر بھا عملیا ھذه النصوص

و إن ، أ في ذاتھ یوضع في نص مبھم غامض فیدع مجاال للعبث و بسالمة المبدالنص الظاھر الواضح للمبدأ السلیم القویم قد یطبق و ینفذ بطریقة یملیھا الھوى و

.فیذھب ھذا التطبیق بكل ما یرجى من فائدة ، توحیھا الشھوات

و إذا تقرر ھذا فإن من نصوص من الدستور المصري ما یراه اإلخوان المسلمون ، ل و التفسیر الذي تملیھ الغایات و األھواء غامضا مبھما یدع مجاال واسعا للتأوی

ھي أن : و الثانیة ، ھذه واحدة ... فھي في حاجة إلى وضوح و إلى تحدید و بیان

و یتوصل بھا إلى جني ثمرات الحكم ، طریقة التنفیذ التي یطبق بھا الدستور ال طریقة أثبتت التجارب فشلھا و جنت األمة منھا األضرار ، الدستوري في مصر

فھي في حاجة شدیدة إلى تحویر و إلى تعدیل یحقق المقصود و یفي بالغایة ، المنافع .

و ھو وسیلة اختیار النواب الذین یمثلون ، و حسبنا أن نشیر ھنا إلى قانون االنتخاب و ما جره ھذا القانون على األمة من ، األمة و یقومون بتنفیذ دستورھا و حمایتھ

و البد أن تكون فینا ، ما أنتجھ یشھد بھ الواقع الملموس و ، خصومات و حزازات .الشجاعة الكافیة لمواجھة األخطاء و العمل على تعدیلھا

لھذا یعمل اإلخوان المسلمون جھدھم حتى تحدد النصوص المبھمة في الدستور و أظن أن موقف ، و تعدل الطریقة التي ینفذ بھا ھذا الدستور في البالد ، المصري

.و ردت األمور إلى نصابھا الصحیح ، وان قد وضح بھذا البیان اإلخ

إن األخ صالح أفندي عشماوي قد أراد أن یعبر في مقالھ األول عن وجھة النقد التي فنحن ، و لما نبھناه إلى أن ھذا لیس موقفنا في الواقع ، یراھا اإلخوان فاحتد و اشتد

تبارھا متفقة بل مستمدة من نظام نسلم بالمبادئ األساسیة للحكم الدستوري باعأراد أن یعبر عن ذلك و یقر األمر ، و إنما ننقد اإلبھام و طرائق اإلنفاذ ، اإلسالم

و ھو في كال الموقفین مأجور ، في وضعھ الطبیعي بالنسبة لإلخوان فتساھل و الن خ و نحن نشكر الذین أخذوا على األ، و نیة المرء خیر من عملھ ، فالخیر أراد ،

و ال یضره فیما أعتقد أن یستفید من ھذا التنبیھ فیؤثر ، صالح أفندي ھذا الموقف أما األمثلة ، و أعتقد أنھ ال مجال لقول بعد ھذا البیان ، االعتدال في كل حال

التفصیلیة و األدلة الوافیة و وصف طرائق العالج و اإلصالح ففي رسالة خاصة إن . شاء اهللا

و القانونإلخوان المسلمون

و قد أبنت موقف اإلخوان من ، قدمت أن الدستور شيء و القانون شيء آخر .و أبین لحضراتكم اآلن موقفھم من القانون ، الدستور

إن اإلسالم لم یجئ خلوا من القوانین، بل ھو قد أوضح كثیرا من أصول التشریع دولیة ، والقرآن وجزئیات األحكام، سواء أكانت مادیة أم جنائیة، تجاریة أم

واألحادیث فیاضة بھذه المعاني، وكتب الفقھاء غنیة كل الغنى بكل ھذه النواحي، وقد اعترف األجانب أنفسھم بھذه الحقیقة، وأقرھا مؤتمر الھاي الدولي أمام ممثلي األمم

.من رجال القانون في العالم كلھ

إسالمیة متناقضا مع تعالیم فمن غیر المفھوم وال المعقول أن یكون القانون في أمة دینھا وأحكام قرآنھا وسنة نبیھا، مصطدما كل االصطدام بما جاء عن اهللا ورسولھ،

وأن احكم بینھم بما : (وقد حذر اهللا نبیھ ص من ذلك من قبل، فقال تبارك وتعالىفتنوك عن بعض ما أنزل اهللا إلیك فإن تولوا أنزل اهللا وال تتبع أھواءھم واحذرھم أن ی

أفحكم ، فاعلم أنما یرید اهللا أن یصیبھم ببعض ذنوبھم وإن كثیرا من الناس لفاسقون

ذلك بعد ، )٥٠-٤٩:المائدة) ( لقوم یوقنونالجاھلیة یبغون ومن أحسن من اهللا حكما) ومن لم یحكم بما أنزل اهللا فأولئك ھم الكافرون ـ الظالمون ـ الفاسقون ( :قولھ تعالى

، فكیف یكون موقف المسلم الذي یؤمن باهللا وكلماتھ إذا )٤٧ ، ٤٥ ، ٤٤:المائدة(یات البینات وغیرھا من األحادیث واألحكام، ثم رأى نفسھ محكوما سمع ھذه اآل

إن األجانب ال یرضون بھذا وال : بقانون یصطدم معھا؟ فإذا طالب بالتعدیل قیل لھإن المصریین مستقلون وھم لم : یوافقون علیھ ، ثم یقال بعد ھذا الحجر والتضییق .الحریات یملكوا بعد أن یتمتعوا بحریة الدین، وھي أقدس

على أن ھذه القوانین الوضعیة كما تصطدم بالدین ونصوصھ تصطدم بالدستور فكیف نوافق بین ھذین یا أولى ، الوضعي نفسھ الذي یقرر أن دین الدولة ھو اإلسالم

األلباب ؟

وإذا كان اهللا ورسولھ قد حرم الزنا وحظر الربا ومنع الخمور وحارب المیسر وجاء انیة و الزاني ویلزم بالربا ویبیح الخمر وینظم القمار فكیف یكون القانون یحمى الز

موقف المسلم بینھما ؟ أیطیع اهللا ورسولھ ویعصى الحكومة وقانونھا واهللا خیر وأبقى ؟ أم یعصى اهللا ورسولھ ویطیع الحكومة فیشقى في اآلخرة واألولى ؟ نرید الجواب

العدل و من علمائنا الفضالء على ھذا من رفعة رئیس الحكومة و معالي وزیر .األجالء

أما اإلخوان المسلمون فھم ال یوافقون على ھذا القانون أبدا وال یرضونھ بحال وسیعملون بكل سبیل على أن یحل مكانھ التشریع اإلسالمي العادل الفاضل في

ا نواحي القانون ولسنا ھنا في مقام الرد على ما قیل في ھذه الناحیة من شبھات أو میعترض سبیلھا من توھم العقبات ولكننا في مقام بیان موقفنا الذي عملنا وسنعمل

علیھ متخطین في سبیلھ كل عقبة موضحین كل شبھة حتى ال تكون فتنة ویكون الدین .كلھ هللا

و لقد تقدم اإلخوان المسلمون إلى معالي وزیر العدل بمذكرة إضافیة في ھذا ، مة في نھایتھا من إحراج الناس ھذا اإلحراج و لقد حذروا الحكو، الموضوع

و سوف ال یكون ذلك آخر ، و سوف یعاودون الكرة ، فالعقیدة أثمن ما في الوجود ) ٣٢:التوبة)(ویأبى اهللا إال أن یتم نوره ولو كره الكافرون(مجھودھم

إلخوان والقومیة والعروبة واإلسالما

الوحدة القومیة والوحدة : وزع أفكار الناس في ھذه النواحي الثالثة كثیرا ما تتالعربیة والوحدة اإلسالمیة وقد یضیفون إلى ذلك الوحدة الشرقیة ثم تنطلق األلسنة واألفكار بالموازنة بینھا وإمكان تحققھا أو صعوبة ذلك اإلمكان ، ومبلغ الفائدة أو

.ض اآلخر الضر منھا و التشجیع لبعضھا دون البع

فما موقف اإلخوان المسلمین من ھذا الخلیط ومن األفكار والمناحي ؟ وال سیما وكثیر من الناس یغمزون اإلخوان المسلمین في وطنیتھم ویعتبرون تمسكھم باألفكار

.اإلسالمیة مناعة إیاھم من اإلخالص للناحیة الوطنیة

ناھا أساسا لفكرتنا وھى السیر والجواب عن ھذا أننا لن نحید عن القاعدة التي وضعفما موقف اإلسالم نفسھ من ھذه النواحي . على ھدى اإلسالم وضوء تعالیمھ السامیة

؟

إن اإلسالم قد فرضھا فریضة الزمة ال مناص منھا وأن یعمل كل إنسان لخیر بلده و أن یقدم أكثر ما یستطیع من الخیر لألمة التي یعیش فیھا، وأن یتفانى في خدمتھ

وأن یقدم في ذلك األقرب فاألقرب رحما وجوارا حتى أنھ ال یجز أن تنقل الزكوات إیثارا لألقربین بالمعروف فكل مسلم – إال لضرورة –أبعد من مسافة القصر

مفروض علیھ أن یسد الثغرة التي ھي علیھا وأن یخدم الوطن الذي نشأ فیھ ومن ھنا فروض علیھ من رب العالمین وكان كان المسلم أعمق الناس وطنیة ألن ذلك م

اإلخوان المسلمون بالتالي أشد الناس حرصا على خیر وطنھم وتفانیا في خدمة ، وھم یتمنون لھذه البالد العزیزة المجیدة كل عزة ومجد وكل تقدم ورقى ، قومھم

و قد انتھت إلیھا ریاسة األمم اإلسالمیة بحكم ظروف كثیرة ، وكل فالح ونجاح و إن حب المدینة لم یمنع رسول اهللا أن یحن إلى ، ى ھذا الوضع الكریم تضافرت عل

و أن یجھل ) یا أصیل دع القلوب تقر(و قد أخذ یصفھا ، مكة و أن یقول ألصیل :بالال یھتف في قرارة نفسھ

أال لیت شعري ھل أبیتن لیلة بواد وحولي إذخر وجلیـل وھل یبدون لي شامة وطفیل وھل أردن یوما میـاه مجنة

ویحرصون على وحدتھ القومیة بھذا االعتبار ، فاإلخوان المسلمون یحبون وطنھم وأن یفنى في سبیل قومھ وأن ، ال یجدون غضاضة على أي إنسان یخلص لبلده

.ھذا من وجھة القومیة الخاصة ، یتمنى لوطنھ كل مجد وكل عزة وفخار

و جاء كتابھ ، نیف نشأ عربیا و وصل إلى األمم عن طریق العرب ثم إن اإلسالم الحو توحدت األمم باسمھ على ھذا اللسان یوم كان المسلمون ، بلسان عربي مبین

و قد تحقق ھذا المعنى ، إذا ذل العرب ذل اإلسالم : و قد جاء في األثر ، مسلمین لى غیرھم من األعاجم و حین دال سلطان العرب السیاسي و انتقل المر من أیدیھم إ

. فالعرب ھم عصبة اإلسالم و حراسھ ، الدیلم و من إلیھم

، كما عرفھا النبي ، و أحب ھنا أن ننوه إلى أن اإلخوان المسلمین یعتبرون العروبة أال ، أال إن العربیة اللسان : (فیما یرویھ ابن كثیر عن معاذ بن جبل رضي اهللا عنھ

) .إن العربیة السان

ن ھنا كانت وحدة العرب أمرا البد منھ إلعادة اإلسالم وإقامة دولتھ وإعزاز ومومن ھنا وجب على كل مسلم أن یعمل إلحیاء الوحدة العربیة وتأییدھا ، سلطانھ

.ومناصرتھا، وھذا موقف مجموعة البحث من الوحدة العربیة

سالم كما ھو عقیدة و الحق أن اإل، بقي علینا أن نحدد موقفنا من الوحدة اإلسالمیة إنما ( :وأنھ قضى على الفوارق النسبیة بین الناس فاهللا تبارك وتعالى یقول

المسلم أخو (:صلى اهللا علیھ وسلم قالوالنبي ، )١٠:الحجرات) (المؤمنون إخوة .والمسلمون تتكافأ دماؤھم ویسعى بذمتھم أدناھم وھم ید على سواھم ) المسلم

الم والحالة ھذه ال یعترف بالحدود الجغرافیة وال یعتبر الفروق الجنسیة فاإلسویعتبر الوطن اإلسالمي وطنا واحدا ، ویعتبر المسلمین جمیعا أمة واحدة ، والدمویة

. مھما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده

ویعملون ، وكذلك اإلخوان المسلمون یقدسون ھذه الوحدة ویؤمنون بھذه الجامعة ع كلمة المسلمین وإعزاز أخوان اإلسالم وینادون بأن وطنھم ھو كل شبر أرض لجم

وما أروع ما قال في ھذا المعنى ) ال إلھ إال اهللا محمد رسول اهللا(فیھ مسلم یقول : شاعر من شعراء اإلخوان

ولست أدرى سوى اإلسالم لي وطنا الشام فیھا و وادي النیل سیان

عددت أرجاءه من لب أوطـاني اهللا فى بلــدوكلمـــا ذكر اسم

إن ذلك یناقض تیار الفكرة السائدة في العالم فكرة التعصب : یقول بعض الناس فكیف تقفون ، و العالم اآلن تجربة موجة القومیات الجنسیة ، لألجناس و األلوان

و كیف تخرجون على ما اتفق علیھ الناس ؟، أمام ھذا التیار

جواب ذلك أن الناس یخطئون و أن نتائج خطئھم في ذلك ظاھرة ملموسة في وو لیست ، إقالق راحة األمم و تعذیب ضمائر الشعوب مما ال یحتاج إلى برھان

و ، مھمة الطبیب أن یجاري المرضى و لكن أن یعالجھم و أن یھدیھم سواء السبیل .تلك مھمة اإلسالم و من وصل دعوتھ باإلسالم

إن ذلك غیر ممكن و العمل لھ عبث ال طائل من تحتھ و مجھود ال : ول آخرون و یقو خیر للذین یعملون لھذه الجامعة أن یعملوا ألقوامھم یخدموا أوطانھم ، فائدة منھ

.الخاصة بجھودھم

فقد كانت ھذه األمم مفرقة من ، و الجواب على ھذا أن ھذه لغة الضعف و االستكانة فوحدھا ، و المشاعر و اآلمال و اآلالم ، الدین و اللغة : كل شيء قبل متخالفة في

و مازال اإلسالم كما ھو بحدوده و رسومھ ، اإلسالم و جمع قلوبھا على كلمة سواء ، فإذا وجد من أبنائھ من ینھض بعبء الدعوة إلیھ و تجدیده في نفوس المسلمین ،

و اإلعادة أھون من ، ن قدیم فإنھ یجمع ھذه األمم جمیعا من جدید كما جمعھا م .و التجربة أصدق دلیل على اإلمكان ، االبتداء

و أظن أنھ لم یثر ھذه النعرة في نفوس ، یھتف بعض الناس بعد ھذا بالوحدة الشرقیة و ھم ، الھاتفین بھا إال تعصب الغربیین لغربھم و سوء عقیدتھم في الشرق و أبنائھ

لغربیون على عقیدتھم ھذه فستجر علیھم الوبال و و إذا استمر ا، في ذلك مخطئون

و اإلخوان المسلمون ال ینظرون إلى ھذه الوحدة الشرقیة إال من خالل ھذه ، النكال و ، و الشرق و الغرب عندھم سیان إذا استوى موقفھما من اإلسالم ، العاطفة فقط

.ھم ال یزنون الناس إال بھذا المیزان

لمین یحترمون قومیتھم الخاصة باعتبارھا األساس األول وضح إذا أن اإلخوان المسو أن یقدمھ للوطن ، و ال یرون بأسا بأن یعمل كل إنسان لوطنھ ، للنھوض المنشود

ثم ھم بعد ذلك یؤیدون الوحدة العربیة باعتبارھا الحلقة الثانیة في ، على سواه اج الكامل للوطن ثم ھم یعملون للجامعة اإلسالمیة باعتبارھا السی، النھوض

فھم ، إن اإلخوان یریدون الخیر للعالم كلھ : ولى أن أقول بعد ھذا ، اإلسالمي العام ینادون بالوحدة العالمیة ألن ھذا ھو مرمى اإلسالم وھدفھ ومعنى قول اهللا تبارك

) .١٠٧:األنبیاء) (وما أرسلناك إال رحمة للعالمین ( :وتعالى

في غنى بعد ھذا البیان أن أقول أنھ ال تعارض بین ھذه الوحدات بھذا االعتبار و أنا فإذا أراد أقوام أن یتخذوا ، و بان كل منھما یشد أزر األخرى یحقق الغایة منھا ،

فاإلخوان المسلمون ، من المناداة بالقومیة الخاصة سالحا یمیت الشعور بما عداھا . ق بیننا و بین كثیر من الناس لیسوا معھم و لعل ھذا ھو الفار

اإلخوان المسلمون و الخالفة

و لعل من تمام ھذا البحث أن أعرض لموقف اإلخوان السلمین من الخالفة و ما و ، و بیان ذلك أن اإلخوان یعتقدون أن الخالفة رمز الوحدة اإلسالمیة ، یتصل بھا

ة یجب على المسلمین التفكر و إنھا شعیرة إسالمی، مظھر االرتباط بین أمم اإلسالم و لھذا ، و الخلیفة مناط كثیر من األحكام في دین اهللا ، في أمرھا و االھتمام بشأنھا

قدم الصحابة رضوان اهللا علیھم النظر في شأنھا على النظر في تجھیز النبي و دفنھ .حتى فرغوا إلى تلك المھمة و اطمأنوا إلى إنجازھا ،

و بیان أحكام اإلمامة و تفصیل ما ، ي وجوب نصب اإلمام و األحادیث التي وردت فال تدع مجاال للشك في أن من واجب المسلمین أن یھتموا بالتفكیر في ، یتعلق بھا

.أمر خالفتھم منذ حورت عن منھاجھا ثم ألغیت بتاتا إلى اآلن

ھم ، واإلخوان المسلمون لھذا یجعلون فكرة الخالفة والعمل إلعادتھا في رأس مناھجو أن ، و ھم مع ھذا یعتقدون أن ذلك یحتاج إلى كثیر من التمھیدات التي البد منھا

:الخطوة المباشرة إلعادة الخالفة البد أن تسبقھا خطوات

ال بد من تعاون تام ثقافي و اجتماعي و اقتصادي بین الشعوب اإلسالمیة كلھا ، یلي ع والمؤتمرات بین ھذه البالد ،و إن ذلك تكوین األحالف والمعاھدات ، وعقد المجام

المؤتمر البرلماني اإلسالمي لقضیة فلسطین و دعوة وفود الممالك اإلسالمیة إلى لندن للمناداة بحقوق العرب في األرض المباركة لظاھرتان طیبتان و خطوتان

حتى إذا تم ، ثم یلي ذلك تكوین عصبة األمم اإلسالمیة ، واسعتان في ھذا السبیل الذي ھو واسطة العقد ، ومجتمع ) اإلمام( للمسلمین نتج عنھ االجتماع على ذلك

.الشمل ، ومھوى األفئدة ، وظل اهللا في األرض

اإلخوان والھیئات المختلفة

اإلخوان المسلمون و الھیئات اإلسالمیة

و اآلن و قد أفصحت عن رأي اإلخوان و موقفھم في كثیر من المسائل العامة التي أحب كذلك أن أفصح لحضراتكم عن موقف ، ذھان األمة في ھذه األوقات تشغل أ

ذلك أن كثیرا من محبي الخیر ، اإلخوان المسلمین من الھیئات اإلسالمیة في مصر ، یتمنون أن تجتمع ھذه الھیئات و تتوحد في جمعیة إسالمیة ترمي عن قوس واحدة

.الح في ھذا البلد ذلك أمل كبیر و أمنیة عزیزة یتمناھا كل محب لإلص

واإلخوان المسلمون یرون في الھیئات اإلسالمیة على اختالف میادینھا تعمل لنصرة اإلسالم ، ویتمنون لھا جمیعا النجاح ، و لم یفتھم أن یجعلوا من منھاجھم التقرب

منھا والعمل على جمعھا و توحیدھا حول الفكرة العامة ،و قد تقرر ھذا في المؤتمر و أبشركم بأن مكتب ، ابع لإلخوان بالمنصورة و أسیوط في العام الفائت الدوري الر

وجد روحا طیبة من كل الھیئات ، اإلرشاد حین أخذ یعمل على تنفیذ ھذا القرار . مما یبشر بنجاح المسعى مع الزمن إن شاء اهللا ، التي اتصل بھا و تحدث إلیھا

اإلخوان و الشبان

ما الفرق بین جماعة اإلخوان المسلمین و : ذھان الناس كثیرا ما یتردد سؤال على أ جماعة الشبان ؟ و لماذا ال تكونان ھیئة واحدة تعمالن على منھاج واحد ؟

و أحب قبل الجواب أن أؤكد للذین یسرھم وحدة الجھود و تعاون العاملین أن مناقشة و ال یشعرون بأنھم في میدان ، اإلخوان و الشبان و بخاصة ھنا في القاھرة

و أن كثیرا من القضایا اإلسالمیة العامة یظھر ، لكن في میدان تعاون قوي وثیق إذ أن الغایة العامة مشتركة و ، فیھا اإلخوان و الشبان شیئا واحدا و جماعة واحدة و إنما تقع فروق یسیرة في ، ھي العمل لما فیھ إعزاز اإلسالم وإسعاد المسلمین

و إن ، ة القائمین بھا و توجیھ جھودھم في كلتا الجماعتین أسلوب الدعوة و في خطالوقت الذي ستظھر فیھ الجماعات اإلسالمیة كلھا جبھة موحدة غیر بعید على ما

.الزمن كفیل بتحقیق ذلك إن شاء اهللا ، أعتقد

اإلخوان المسلمون و األحزاب

یعا قد وجدت في و اإلخوان المسلمون یعتقدون أن األحزاب السیاسیة المصریة جمو شرح ذلك تعلمونھ ، و لدواع أكثرھا شخصي ال مصلحي ، ظروف خاصة

.حضراتكم جمیعا فكل منھا ، و یعتقدون كذلك أن ھذه األحزاب لم تحدد برامجھا و مناھجھا إلى اآلن

و لكن ما تفاصیل ھذه ، سیدعي أنھ یعمل لمصلحة األمة في كل نواحي اإلصالح و ما العقبات التي ، ئل تحقیقھا ؟ و ما الذي أعد من ھذه الوسائل و ما وسا، األعمال

و ما أعد لتذلیلھا ؟ كل ذلك ال جواب لھ عند رؤساء ، ینتظر أن تقف في سبیل التنفیذ

كما اتفقوا في أمر آخر ، فھم قد اتفقوا في ھذا الفراغ ، األحزاب و إدارات األحزاب ة حزبیة وكل وسیلة شریفة وغیر شریفة في ھو التھالك على الحكم وتسخیر كل دعای

و تجریح كل من یحول من الخصوم الحزبیین دون الحصول ، سبیل الوصول إلیھ .علیھ

ویعتقد اإلخوان كذلك أن ھذه الحزبیة قد أفسدت على الناس كل مرافق حیاتھم وكان لھا في حیاتھم ، ومزقت روابطھم ، وأتلفت أخالقھم ، وعطلت مصالحھم

.ة والخاصة أسوأ األثر العامفي غنى عن نظام األحزاب ، بل حتى البرلماني ، ویعتقدون كذلك أن النظام النیابي

و إال لما قامت الحكومات االئتالفیة في البالد ، بصورتھا الحاضرة في مصر الدیمقراطیة فالحجة القائلة بأن النظام البرلماني ال یتصور إال بوجود األحزاب حجة

ثیر من البالد الدستوریة البرلمانیة تسیر على نظام الحزب الواحد وذلك في واھیة وك .اإلمكان

كما یعتقد اإلخوان أن ھناك فارقا بین حریة الرأي والتفكیر واإلبانة واإلفصاح

والشورى والنصیحة ، وھو یوجبھ اإلسالم ، و بین التعصب للرأي و الخروج على سیع ھوة االنقسام في األمة وزعزعة سلطان الحكام ، الجماعة والعمل الدائب على تو

و ھو ما تستلزمھ الحزبیة و یأباه اإلسالم و یحرمھ أشد التحریم ، و اإلسالم في كل .تشریعاتھ إنما یدعو إلى الوحدة و التعاون

و ھم لھذا قد ، ھذا مجمل نظرة اإلخوان إلى قضیة الحزبیة و األحزاب في مصر منذ عام تقریبا أن یطرحوا ھذه الخصومة جانبا و ، ألحزاب طلبوا إلى رؤساء ا

كما اقترحوا التوسط في ھذه القضیة على صاحب السمو ، ینضم بعضھم إلى بعض كما طلبوا من جاللة الملك حل ھذه األحزاب القائمة حتى .. األمیر عمر طوسون

.سالم تندمج جمیعا في ھیئة شعبیة واحدة تعمل لصالح األمة على قواعد اإلفإننا نعتقد أن ، و إذا كانت الظروف لم تساعد في الماضي على تحقیق ھذه الفكرة

و كان مقنعا لمن كان في شك بأنھ ال ، ھذا العام كان دلیال على صدق نظرة اإلخوان و ، و سیواصل اإلخوان جھودھم في ھذا السبیل ، خیر في بقاء ھذه األحزاب

و بتوالي فشل رجال ، اهللا و فضل یقظة األمة سیصلون إلى ما یریدون بتوفیق فأما الزبد فیذھب جفاء وأما ما : (األحزاب في میادینھا سیتحقق قطعا ناموس اهللا

) .١٧:الرعد) (ینفع الناس فیمكث في األرض خدمة لغیره من یظن بعد رجال األحزاب أننا إنما نقصد بھذه التعالیم ھدم حزبھم

و لیس أدل على خطأ ھذه النظرة من أن ھذا ، األحزاب و جریا وراء منفعة خاصة فكثیر من رجال الوفد من یتھم اإلخوان ، الوھم قد سرى إلى نفوس األحزاب جمیعا

المسلمین بأنھم یعملون لمحاربتھ و بأنھ وحده ھو المقصود بھذه النعوت و األوصاف و بأنھم إنما ، ا یحملون الناس على محاربتھ و االنفضاض عنھ و بأن اإلخوان إنم،

و في الوقت الذي ، یقصدون بذلك خدمة الحكومة و تقویة األحزاب الممثلة فیھا فھل ھناك دلیل أصدق من ! نسمع فیھ ھذه التھمة بعینھا من أحزاب الحكومة أیضا

، رون فیھ عن عقیدتھم و یصد، ھذا على أن اإلخوان یقفون من الجمیع موقفا واحدا و یعملون فیھ بوحي من ضمائرھم و إیمانھم ؟

إن الیوم الذي یستخدم فیھ : أحب أن أقول إلخواننا من دعاة األحزاب و رجالھا و إن ، اإلخوان المسلمون لغیر فكرتھم اإلسالمیة البحتة لم یجئ و لن یجئ أبدا

و لكنھم ، خاصة بھ اإلخوان ال یضمرون لحزب من األحزاب أیا كان خصومةیعتقدون أن من قرارة نفوسھم أن مصر ال یصلحھا و ال ینقذھا إال أن تنحل ھذه

و تتألف ھیئة وطنیة عاملة تقود األمة إلى الفوز وفق تعالیم القرآن ، األحزاب كلھا .الكریم

ب و بھذه المناسبة أقول إن اإلخوان المسلمین یعتقدون عقم فكرة االئتالف بین األحزا، و سرعان ما ینقض المؤتلفون بعضھم على بعض ، یعتقدون أنھا مسكن ال عالج ،

و العالج الحاسم ، فتعود الحرب بینھم جذعة على أشد ما كانت علیھ قبل االئتالف الناجح أن تزول ھذه األحزاب مشكورة فقد أدت مھمتھا وانتھت الظروف التي

.ون أوجدتھا و لكل زمان دولة و رجال كما یقول اإلخوان و مصر الفتاة

بھذه المناسبة البد لي أن أعرض لموقف اإلخوان المسلمین من جماعة مصر الفتاة لقد تكونت ھذه جماعة اإلخوان منذ عشر سنین و تكونت جماعة مصر الفتاة منذ ،

و مع ، فجمعیة اإلخوان تكبر جمعیة مصر الفتاة بضعف عمرھا تماما ، خمس سنین و ، في كثیر من األوساط أن جماعة اإلخوان من شعب مصر الفتاة ھذا أیضا شاع

سبب ذلك أن مصر الفتاة اعتمدت على الدعایة و اإلعالن في الوقت الذي آثر فیھ و ما علینا من ذلك كلھ فسواء أكان اإلخوان ھم الذین ، اإلخوان العمل و اإلنتاج

م أن مصر الفتاة ھي التي رسموا لمصر الفتاة طریق الجھاد و العمل لإلسالم أو ھم قد ولدوا قبلھا و سبقوھا إلى الجھاد و ، أظھرت اإلخوان و أبرزتھم للناس

و ذلك أمر نظري ال یقیم لھ اإلخوان وزنا ، المیدان بخمس سنوات أي بمثل عمرھا و لكن الذي أنبھ أرید أن إلیھ في ھذه الكلمة أن اإلخوان المسلمین لم یكونوا یوما ،

و ال أقصد بذلك أن أنال منھا أو ، ألیام في صفوف مصر الفتاة و ال عاملین لھا من او أن جریدة مصر الفتاة ھاجمت ، من القائمین بدعوتھا و لكن أقول تقریرا للواقع

اإلخوان و اتھمتھم تھما غیر صحیحة و زعمت أنھم یعتدون علیھا و یتھمونھا و ذلك و ال نحب ، ان لم نعقب على ما كتب أھمیة و نحن معشر اإلخو، غیر صحیح أیضا

.و أرجو أن یكون ذلك ھو شعور اإلخوان جمیعا ، أن نؤاخذ بشيء منھ و ، و أن كثیرا من الناس یود لو اتحدت جماعة مصر الفتاة مع اإلخوان المسلمین

ھذا شعور ما من شك في أنھ جمیل نبیل فلیس أجمل من الوحدة و التعاون على في مصر الفتاة من ال ، كن من األمور ما لیس یفصل فیھ إال الزمن وحده و ل، الخیر

و في ، یرى اإلخوان إال جماعة وعظیة و ینكر علیھم كل ما سوى ذلك من منھاجھم اإلخوان من یعتقد أن مصر الفتاة لم ینضج في نفوس كثیرا من أعضائھا بعد المعنى

فلنترك ، وة اإلسالمیة خالصة سلیمة اإلسالمي الصحیح نضجا یؤھلھم للمناداة بالدع .للزمن أداء مھمتھ و إصدار حكمھ و ھو خیر كفیل بالصقل و التمیز

و لیس معنى ھذا أن اإلخوان سیحاربون مصر الفتاة بل إنھ لیسرنا أن یوفق كل و في میدان ، و ال یحب اإلخوان أن یخلطوا البناء بھدم ، عامل للخیر و إلى الخیر

.للجمیع الجھاد متسع و أنھا تعمل ، ذلك موقفنا من مصر الفتاة مادامت قد أعلنت أنھا لیست حزبا سیاسیا

و في ذلك الواقع انتصار جدید ، و ستظل تعمل للفكرة اإلسالمیة و لمبادئ اإلسالم .لمبادئ اإلخوان المسلمین

، ت بقي أمر أخیر ذلك ھو موقف اإلخوان من مصر الفتاة في قضیة تحطیم الحاناو قد ، و معلوم أنھ ما من غیور في مصر یتمنى أن یرى فوق أرضھا حانة واحدة

ألنھا ھي التي ، ألقى اإلخوان تبعة ھذا التحطیم على الحكومة قبل الذین فعلوه و االتجاه ، أحرجت شعبھا المسلم ھذا اإلحراج و لم تفطن إلى ذلك التغییر النفساني

: و قدیما قیل ، تقدیس اإلسالم و االعتزاز بتعالیمھ الجدید القوي الذي طرأ علیھ منو ، ) تأمر الضارب بالكف أن یرفع العصا، قبل أن تأمر الباكي بالكف عن البكاء (

و البد من تخیر الظروف المناسبة أو ، نحن نعتقد أن ھذا التحدي لم یحن وقتھ بعد بلغ في الداللة على و إنفاذه بصور أخف ضررا و أ، استخدام منتھى الحكمة فیھ

و بالرغم من أن المقبوض ، كلفت نظر الحكومة إلى واجبھا اإلسالمي ، المقصد یلفتون نظر معالیھ فیھ ، فقد وجھ اإلخوان إلى معالي وزیر العدل ، علیھم لم یعترفوا

و ، إلى وجوب النظر في ھذه القضیة نظرة خاصة تتناسب مع الدافع الشریف فیھا . تشریع یحمي البالد من ھذه المھالك الخلقیة أن یسرع بإصدار

وقف اإلخوان من الدول األوربیةم

في أھم ، الذي یملیھ علیھم اإلسالم ، بعد ھذا البیان عن موقف اإلخوان المسلمین :یحسن أن أتحدث إلى حضراتكم عن موقفھم من الدول األوربیة ، القضایا الداخلیة

مسلمین أمة واحدة تجمعھا العقیدة و یشارك بعضھا بعضا اإلسالم كما قدمت یعتبر الو أي عدوان یقع على واحدة منھا أو على فرد من المسلمین ، في اآلمال و اآلالم

.فھو واقع علیھم جمیعا الشرح الصغیر على أقرب (أضحكني و أبكاني حكم فقھي رأیتھ عرضا في كتاب

بیت بالمشرق وجب على أھل المغرب مسألة امرأة مسلمة س: (قال مؤلفھ ) المسالكو رأیت مثلھ قبل ، ) تخلیصھا و افتداؤھا و لو أتي ذلك على جمیع أموال المسلمین

رأیت ھذا فضحكت و بكیت و قلت ، ) البحر في مذھب األحناف ( ذلك في كتاب أین عیون ھؤالء الكاتبین لتنظر المسلمین جمیعا في أسر غیرھم من أھل : لنفسي

العدوان ؟؟الكفر و و أن العدوان على ، أرید أن استخلص من ھذا أن الوطن اإلسالمي واحد ال یتجزأ

و الثانیة أن اإلسالم فرض على ، ھذه واحدة ، جزء من أجزائھ عدوان علیھ كلھ بل ، بل لیس ذلك فحسب ، سادة في أوطانھم ، المسلمین أن یكونوا أئمة في دیارھم

على الدخول في دعوتھم و االھتداء بأنوار اإلسالم التي إن علیھم أن یحملوا غیرھم .اھتدوا بھا من قبل

و من ھنا یعتقد اإلخوان المسلمین أن كل أمة اعتدت و تعتدي على أوطان اإلسالم دولة ظالمة البد أن تكف عن عدوانھا و البد من أن یعد المسلمون أنفسھم و یعملوا

.متساندین على التخلص من نیرھا و ال فائدة في أن نقول إن ، إنجلترا ال تزال تضایق مصر رغم محالفتھا إیاھا إن

المعاھدة نافعة أو ضارة أو ینبغي تعدیلھا أو یجب إنفاذھا فھذا كالم ال طائل تحتھ و و ھل تستطیع أن ، المعاھدة غل في عنق مصر و قید في یدھا ما في ذلك شك

عمل و حسن االستعداد ؟ فلسان القوة ھو أبلغ تستطیع أن تتخلص من ھذا القید إال بال .فلتعمل على ذلك و لتكتسب الوقت إن أرادت الحریة و االستقالل ، لسان

و ، و إن إنجلترا ال تزال تسئ إلى فلسطین و تحاول أن تنقص من حقوق أھلھا و ، فلسطین وطن لكل مسلم باعتبارھا من أرض اإلسالم و باعتبارھا مھد األنبیاء

ففلسطین دین على إنجلترا ، تبارھا مقر المسجد األقصى الذي بارك اهللا حولھ باع

ذلك ما ، و إنجلترا تعلم ذلك العلم ، للمسلمین ال تھدأ ثائرتھم حتى توفیھم فیھ حقھم و آنا ننتھز ھذه الفرصة ، حداھا إلى دعوة ممثلي البالد اإلسالمیة إلى مؤتمر لندن

و بأن ھذه األعمال القاسیة التي یدأب ، یمكن أن تنقص فنذكرھا بأن حقوق العرب ال و ، ممثلوھا على ارتكابھا في فلسطین لیست مما یساعد على حسن ظن المسلمین بھا

و إنا لنبعث لسماحة ، خیر لھا أن تكف ھذه الحمالت العداونیة عن األبریاء األحرار مسلمین بھا و أطیب المفتي األكبر من فوق ھذا المنبر أخلص تحیات اإلخوان ال

و لن یضر سماحتھ و لن یضیر آل الحسیني أن تفتش دورھم و یسجن ، تمنیاتھم و نذكر الوفود ، فذلك مما یزیدھم شرفا إلى شرفھم و فخارا إلى فخارھم ، أحرارھم

اإلسالمیة بمكر إنجلترا و خداعھا و بوجوب القیام على حقوق العرب كاملة غیر .منقوصة

سبة أذكر اإلخوان بأنھ قد تألفت لجنة عامة بدار الشبان المسلمین من و بھذه المناللتعاون على إصدار قرش موحد یوزع من أول السنة ، الجمعیات اإلسالمیة جمیعا

و سیحل ھذا الطابع محل كل الطوابع المختلفة ، الھجریة إغاثة لفلسطین المجاھدة م في تشجیع ھذه اللجنة بتوزیع فالوصیة لإلخوان أن یبذلوا جھدھ، لكل الھیئات

و بتصفیة ما قد یكون موجودا لدیھم من حساب الطوابع ، طوابعھا حین صدورھا .القدیمة و إعادتھا إلى المكتب إلعدامھا

و التي ، و لنا حساب بعد ذلك مع إنجلترا في األقالیم اإلسالمیة التي تحتلھا بغیر حق .أن نعمل إلنقاذھا و خالصھا یفرض اإلسالم على أھلھا و علینا معھم

أما فرنسا التي ادعت صداقة اإلسالم حینا من الدھر فلھا مع المسلمین حساب طویل و ال ننسى لھا موقفھا في ، و ال ننسى لھا ھذا الموقف المخجل مع سوریا الشقیقة ،

و ال ننسى أن كثیرا من إخواننا ، قضیة المغرب األقصى و الظھیر البربري في أعماق السجون و ، شباب المغرب األقصى الوطني الحر المجاھد ، األعزاء

وتلك األیام نداولھا (، و سیأتي الیوم الذي یصفى فیھ ھذا الحساب ، أطراف المنافي ) .١٤٠:آل عمران) (بین الناس

مسلمة فطرابلس العربیة ال، و لیس حسابنا مع إیطالیا بأقل من حسابنا مع فرنسا یعمل الدوتشى و رجالھ على إفنائھا و إبادة أھلھا و ، الجارة القریبة العزیزة

و كیف یكون فیھا أثر للعروبة و ، استئصالھا و محو كل أثر للعروبة و اإلسالم منھا اإلسالم و قد اعتبرت جزءا من إیطالیا ؟ و ال یجد الدوتشي بعد ذلك مانعا یمنعھ من

!!سالم و أن یطلب بھذا العنوان صداقة المسلمین أن یدعي أنھ حامي اإل

:أیھا اإلخوان المسلمون

فتلك ، و حسبي ھذه الفواجع في ھذا البیان ! ھذا الكالم یدمي القلوب و یفتت األكباد و أن ، و لكن علیكم أن تبینوه للناس ، و انتم تعرفون ھذا ، سلسلة ال آخر لھا

ن أبنائھ بأقل من الحریة واالستقالل ، فضال عن تعلموھم أن اإلسالم ال یرضى م، السیادة وإعالن الجھاد ، ولو كلفھم ذلك الدم والمال فالموت خیر من ھذه الحیاة

و أنتم إن فعلتم ذلك و صدقتم اهللا العزیمة فالبد ! حیاة العبودیة و الرق و االستذالل : من النصر إن شاء اهللا

) .٢١:المجادلة) ( أنا و رسلي إن اهللا قوي عزیزكتب اهللا ألغلبن (

ـاتـمـةخ

:أیھا اإلخوان المسلمون ، تقدمت إلیكم في ھذا البیان بخالصة وافیة موجزة عن فكرتكم في مظھرھا الخاص

و الیوم كنت احب أن استعرض معكم بعض المشاكل االجتماعیة و االقتصادیة و إن شئتم فقولوا اإلسالمي فإن الداء یكون واحدا في ، مجتمع المصري القائمة في ال

ضعف األخالق و : و لوال أن ینحصر في واحدة ھي ، لوال ضیق الوقت ، الجمیع و الجبن عن ، و إیثار المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ، فقدان المثل العلیا ھذا ھو الداء ، و الفرقة قاتلھا اهللا ، و الھروب من تبعات العالج ، مواجھة الحقائق

ھي عالج النفوس أیھا اإلخوان ، و الدواء كلمة واحدة أیضا ھي ضد ھذه األخالق ، : و تقویم أخالق الشعب

) .١٠-٩:الشمس) (وقد خاب من دساھا، قد أفلح من زكاھا (

: أیھا اإلخوان المسلمون ن بجھاد أسالفكم علي دعائم قویة من اإلیمان باهللا ، و الزھادة في لقد قام ھذا الدی

متعة الحیاة الفانیة وإیثار دار الخلود ، والتضحیة بالدم والروح والمال في سبیل مناصرة الحق ، وحب الموت في سبیل اهللا والسیر في ذلك كلھ علي ھدي القرآن

. الكریم ھضتكم و أصلحوا نفوسكم وركزوا دعوتكم فعلي ھذه الدعائم القویة أسسوا ن

) . ٣٥:محمد) (واهللا معكم ولن یتركم أعمالكم ( وقودوا األمة إلي الخیر ،

: أیھا اإلخوان المسلمون ال تیئسوا فلیس الیأس من أخالق المسلمین ، وحقائق الیوم أحالم األمس ، وأحالم

وال زال في الوقت متسع ، وال زالت عناصر . الغد األمس ، وأحالم الیوم حقائق. السالمة قویة عظیمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغیان مظاھر الفساد

ونرید : (والضعیف ال یظل ضعیفا طول حیاتھ ، والقوي ال تدوم قوتھ أبد اآلبدین ) علھم أئمة ونجعلھم الوارثینأن نمن على الذین استضعفوا في األرض ونج

) .٥:القصص(

إن الزمان سیتمخض عن كثیر من الحوادث الجسام ، وإن الفرص ستسنح لألعمال العظیمة ، وإن العالم ینظر دعوتكم دعوة الھدایة والفوز والسالم لتخلصھ مما ھو فیھ

ادة الشعوب ، وتلك األیام نداولھا بین وإن الدور علیكم في قیادة األمم وسی، من آالم الناس ، وترجون من اهللا ما ال یرجون ، فاستعدوا واعملوا الیوم ، فقد تعجزون عن

. العمل غدا لقد خاطبت المتحمسین منكم أن یتریثوا و ینتظروا دورة الزمان ، و إني ألخاطب

: المتقاعدین أن ینھضوا و یعملوا فلیس مع الجھاد راحة ) ٦٩:العنكبوت) (والذین جاھدوا فینا لنھدینھم سبلنا وإن اهللا لمع المحسنین(

...وإلي األمام دائما واهللا أكبر وهللا الحمد

حسـن البنــا

في مؤتمر طلبة اإلخوان المسلمین بســم اهللا الرحمن الرحیـم

صالة والسالم علي سیدنا محمد وعلي آلھ وصحبھالحمد هللا وال

فأما ، یا أیھا الناس قد جاءكم برھان من ربكم وأنزلنا إلیكم نورا مبینا (یھم الذین آمنوا باهللا واعتصموا بھ فسیدخلھم في رحمة منھ وفضل ویھد

)إلیھ صراطا مستقیما

ھجریة١٣٥٧المحرم

إلـي العمـــل

..أیھا االخوة

كلما وقفت ھذا الموقف من جمھور یستمع ، سألت اهللا أن یقرب الیوم الذي ندع فیھ میدان الكالم إلي میدان العمل ، ومیدان وضع الخطط والمناھج إلي میدان اإلنفاذ

الوقت الذي قضیناه خطباء متكلمین والزمن یطالبنا في إلحاح والتحقیق ، فقد طال باألعمال الجدیة المنتجة ، والدنیا كلھا تأخذ بأسباب القوة واالستعداد ، ونحن مازلنا

كبر مقتا ، یا أیھا الذین آمنوا لم تقولون ما ال تفعلون :(بعد في دنیا األقاویل واألحالم إن اهللا یحب الذین یقاتلون في سبیلھ صفا كأنھم ، د اهللا أن تقولوا ما ال تفعلون عن

) ٤-٢:الصف) (بنیان مرصوص

..أیھا األخوة

تحدث إلیكم اإلخوان في شمول معني اإلسالم وإحاطتھ واستیعابھ لكل مظاھر حیاة أو مستقرة منشئة أو مستكملة ، وعرض بعضھم لموقف اإلسالم من األمم ، ناھضة

الوطنیة ، فأظھركم علي أن وطنیة اإلسالم ھي أوســع الوطنیة حدودا ، وأعمھا وجودا ، وأسماھا خلودا ، وأن أشد المتطرفین لوطنھ المتعصبین لقومھ لن یجد في

المؤمنین ، ولست أفیض في دعــوة الوطنیین المجردین ما یلقاه من حماسة وطنیة شرح ذلك بعد إذ عرضوا لھ ، ولكــــني سأعرض إلي ناحیة واحدة كثر فأغظ الناس

) .السیاسة واإلسالم: (بھا وكثر تبعا لذلك غلطھم فیھا ، ھي

والسـیاسـة.. الـدین

قلما تجد إنسانا یتحدث إلیك عن السیاسة واإلسالم إال وجدتھ یفصل بینھما فصال ،ویضع كل واحد من المعنیین في جانب ، فھما عند الناس ال یلتقیان وال یجتمعان ، ومن ھنا سمیت ھذه جمعیة إسالمیة ال سیاسیة ، وذلك اجتماع دیني ال سیاسة فیھ ،

ال تتعرض الجمعیة للشئون (ورأیت في صدر قوانین الجمعیات اإلسالمیة ومناھجھا ) .السیاسیة

النظرة بتزكیة أو تخطئة احب أن الفت النظر إلى أمرین وقبل أن أعرض إلي ھذه : مھمین

أن الفارق بعید ن عن الحزبیة والسیاسیة ، وقد یجتمعان وقد یفترقان ، فقد :أولھما یكون الرجال سیاسیا بكل ما في الكلمة من معان وھو ال یتصل بحزب وال یموت

ة شیئا، وقد یجمع بینھما فیكون سیاسیا إلیھ ، وقد یكون حزبیا ولیدري من أمر السیاسحزبیا أو حزبیا سیاسیا حد سواء ، وأنا حین أتكلم عن السیاسة في ھذه الكلمة فإنما أرید السیاسة المطلقة ، وھى النظر في شؤون األمة الداخلیة والخارجیة غیر مقیدة

.ھذا أمر.. بالحز بینة بحال

جھلوا ھذا اإلسالم ، أو حینما أعیاھم أمر وثباتھ أن غیر المسلمین حینما :والثاني في نفوس اتباعھ ، ورسوخھ فت قلوب المؤمنین بھ ، واستعداد كل مسلم لتفدیتة

بالنفس والمال ، لم یحول أن یجرحوا في نفوس المسلمین اسم اإلسالم وال مظاھره فیة من نواح وشكلیاتھ ، ولكنھم حاولوا یحصروا معناه في دائرة ضیقة تذھب بكل ماقویة عملیة ، وان تركب للمسلمین بعد ذلك قشور من األلقاب واألشكال

فافھموا المسلمین أن اإلسالم شئ .... والمظھریات ال تسمن وال تغنى من جوع واالجتماع شيء أخر ، وان اإلسالم شيء والقانون شئ غیره ، وان اإلسالم شئ

م شئ والثقافة العامة سواه ، وان اإلسالم ومسائل االقتصاد ال تتصل بھ ، وان اإلسال .شئ یجب أن یكون بعیدا عن السیاسة

فحدثوني بربكم أیھا اإلخوان ، إذا كان اإلسالم شیئا غیر السیاسة وغیر االجتماع .... فما ھو إذن ؟ ... ،وغیر االقتصاد ، وغیر الثقافة

.. أھو ھذه الركعات الخالیة من القلب الحاضر

.. استغفار یحتاج إلى استغفار:أللفاظ التي ھي كما تقون رابعة العدویة أم ھذا ا

تبیانا لكل شيء وھدى :(ألھذا أیھا االخوة نزل القران نظاما كامل محكما مفصال ) .٨٩:النحل) (ورحمة وبشرى للمسلمین

الضیقة التي حددھا معنى اإلسالم ھذا المعنى المتضائل لفكر اإلسالم ، وھذه الحدود ، ھي التي حاول خصوم اإلسالم أن یحصر فیھا المسلمین ، وان یضحكوا علیھم بأن

یقولوا لھم بأن تركنا لكم حریة الدین ، وان الدستور ینص على أن دین الدولة . الرسمي ھو اإلسالم

اإلسـالم الشـامـل

صراحة ووضوح وقوة ، أن اإلسالم شئ أنا أعلن أیھا اإلخوان من فوق المنبر بكل غیر ھذا المعنى الذي أراد خصومة واألعداء من أبنائھ أن یحصرون فیھ ویقیدون بھ

، وأن اإلسالم عقیدة وعبادة ، ووطن وجنسیة ، وسماحة وقوه ، وخلق ومادة ، وأن المسلم مطالب بحكم إسالمھ أن یعني بكل شؤون أمتھ ، ومن لم ، وثقافة وقانون

.تم بأمر المسلمین فلیس منھم یھ

واعتقد أن أسالفنا رضوان اهللا علیھ ما فھموا لإلسالم معنى غیر ھذا ، فبھ كانوا یحكمون ، ولھ كانوا یجاھدون ، وعلى قواعده كانوا یتعلمون ، وفى حدوده كانوا

یسیرون في كل شان من شؤون الحیاة الدنیا العملیة قبل شؤون اآلخرة الروحیة ، ).لو ضاع مني عقال بعیر لوجدتھ في كتاب اهللا: ( اهللا الخلیفة األول إذ یقول ورحم

بعد ھذا التحدید العام لمعنى اإلسالم الشامل ولمعنى السیاسة المجردة عن الحزبیة ، أستطیع أن اجھر في صراحة بأن المسلم لن یتم إسالمھ إال إذا كان سیاسیا ، یعید

وأستطیع كذلك أن أقول أن ھذا . بھا غیور علیا النظر في شؤون أمتھ ، مھتما التحدید التجرید أمر ال یقره اإلسالم ، وأن على كل جمعیة إسالمیة أن تضع في

رأس برنامجھا االھتمام بشؤون أمتھا السیاسیة وإال كانت تحتاج ھي نفسھا إلى أن . تفھم معنى اإلسالم

ر ھذا المعنى الذي قد یبدو مفاجأة دعوني أیھا االخوة استرسل معكم قلیال في تقریغریبة على قوم تعودوا إن یسمعوا دائما نغمة التفریق بین اإلسالم والسیاسة ، والذي

إن جماعة اإلخوان : قد یدع بعض الناس یقولون بعد انصرافنا من ھذا الحفل المسلمین قد تركت مبادئھا ، وخرجت علي صفتھا ، وصارت جماعة سیاسیة بعد أن

جمعیة دینیة ، ثم یذھب كل متأول في ناحیة من نواحي التأویل ملتمسا أسباب كانتھذا االنقالب في نظره ، وعلم اهللا أیھا السادة أن اإلخوان ما كانوا یوما من األیام

غیر سیاسیین ، ولن یكونوا یوما من األیام غیر مسلمین ، وما فرقت دعوتھم أبدا بین وإذا سمعوا اللغو (اھم الناس في ساعة من نھار حزبیینالسیاسة والدین ، ولن یر

) أعرضوا عنھ وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سالم علیكم ال نبتغي الجاھلین، ومحال أن یسیروا لغایة غیر غایتھم أو یعملوا لفكرة سوي فكرتھم ) ٥٥:القصص(

صبغة اهللا ومن أحسن من اهللا صبغة ونحن لھ :(نوا بلون غیر اإلسالم الحنیف أو یتلو ) . ١٣٨:البقرة) (عابدون

السـیاسـة الداخـلیـة

دعوني أیھا األخوة أسترسل معكم في تقریر ھذا المعني ، فأقول إن كان یراد لحكومة وبیان مھماتھا وتفصیل بالسیاسة معناھا الداخلي من حیث تنظیم أمر ا

حقوقھا وواجباتھا ومراقبة الحاكمین واإلشراف علیھم لیطاعوا إذا أحسنوا وینقدوا إذا فاإلسالم قد عني بھذه الناحیة ، ووضع لھا القواعد واألصول ، وفصل ... أساءوا

حقوق الحاكم والمحكوم ، وبین مواقف الظالم والمظلوم ، ووضع لكل حدا ال یحدوه .وال یتجاوزه

فالدساتیر والقوانین المدنیة والجنائیة بفروعھا المختلفة عرض لھا اإلسالم ، ووضع وھو حین فعل ھذا . نفسھ منھا بالموضع الذي یجعلھ أول مصادرھا وأقدس منابعھا

إنما وضع األصول الكلیة ، والقواعد العامة ، والمقاصد الجامعة ، وفرض علي

ك لھم الجزئیات والتفاصیل یطبقونھا بحسب ظروفھم الناس تحقیقھا ، وتر .وعصورھم ، ویجتھدون في ذلك ما وسعتھم المصلحة وواتاھم االجتھاد

وقد قرر اإلسالم سلطة األمة وأكدھا ، وأوصي بأن یكون كل مسلم مشرفا تمام اإلشراف علي تصرفات حكومتھ ، یقدم لھا النصح والمعونة ویناقشھا الحساب ،

ا فرض علي الحاكم أن یعمل لمصلحة المحكومین بإحقاق الحق وإبطال وھو كمالباطل فرض علي المحكومین كذلك أن یسمعوا ویطیعوا للحاكم ما كان كذلك ، فإذا انحرف فقد وجب علیھم أن یقوموه علي الحق ویلزموه حدود القانون ویعیدوه

وأنزلنا إلیك الكتاب بالحق (:إلي نصاب العدالة ، ھذه تعالیم كلھا من كتاب اهللا مصدقا لما بین یدیھ من الكتاب ومھیمنا علیھ فاحكم بینھم بما أنزل اهللا وال تتبع

منھاجا ولو شاء اهللا لجعلكم أھواءھم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة وأمة واحدة ولكن لیبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخیرات إلى اهللا مرجعكم جمیعا فینبئكم

اهللا وال تتبع أھواءھم واحذرھم أن وأن احكم بینھم بما أنزل، بما كنتم فیھ تختلفون یفتنوك عن بعض ما أنزل اهللا إلیك فإن تولوا فاعلم أنما یرید اهللا أن یصیبھم ببعض

جاھلیة یبغون ومن أحسن من اهللا أفحكم ال، ذنوبھم وإن كثیرا من الناس لفاسقون ، إلي عشر من اآلیات الكریمة التي تناولت )٥٠-٤٨:المائدة) (حكما لقوم یوقنون

.كل ما ذكرنا بالبیان والتفصیل

في تقریر سلطة األمة وتقریر الرأي العام صلى اهللا علیھ وسلمویقول رسول اهللا هللا ولرسولھ ولكتابھ : (لمن یا رسول اهللا ؟ قال : قالوا ) . النصیحةالدین: (فیھا

إن من أفضل الجھاد كلمة حق عند (ویقول أیضا ) .. وألئمة المسلمین و عامتھمسید الشھداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلي (، ویقول كذلك ) سلطان جائر

دیث التي تفصل ھذا المعني وإلي مئات األحا) .. إمام جائر فأمره ونھاه فقتلھوتوضحھ ، وتوجب علي المسلمین أن یأمروا بالمعروف وأن ینھوا عن المنكر ،

.وأن یراقبوا حكامھم ویشرفوا علي مبلغ احترامھم للحق وإنفاذھم ألحكام اهللا

حین یأمر بھذا التدخل ، أو اإلشراف أو صلى اهللا علیھ وسلمفھل كان رسول اهللا مھ ما شئت ، وحین یحض علیھ ، ویبین أنھ الجھاد األكبر ، وأن التناصح ، أو س

یخالف تعالىم اإلسالم فیخلط السیاسة بالدین ، أم أ، ھذه .. جزاءه الشھادة العظمي ، وأننا في الوقت الذي صلى اهللا علیھ وسلمھي طبیعة اإلسالم الذي بعث اهللا بھ نبیھ

فسنا إسالما خاصا غیر الذي جاء بھ نعدل فیھ باإلسالم عن ھذا المعني نصور ألن . عن ربھ صلى اهللا علیھ وسلمرسول اهللا

لقد تقرر ھذا المعني الفسیح لإلسالم الصحیح في نفوس السلف الصالح لھذه األمة ، وخالط أرواحھم وعقولھم ، وظھر في كل أدوار حیاتھم االستقاللیة قبل ظھور ھذا

.اإلسالم االستعماري الخانع الذلیل

یتكلمون في صلى اهللا علیھ وسلمومن ھنا أیھا اإلخوان كان أصحاب رسول اهللا نظم الحكم ، ویجاھدون في مناصرة الحق ، ویحتملون عبء سیاسة األمة ،

حتى ) رھبان باللیل فرسان بالنھار(ویظھرون علي الصفة التي وصفوا أنفسھم بھا

الناس في دقائق السیاسة ، وتصور لھم كانت أم المؤمنین عائشة الصدیقة تخطب مواقف الحكومات في بیان رائع وحجة قویة ، ومن ھنا كانت الكتیبة التي شقت

عصا الطاعة على الحجاج وحاربتھ وأنكرت علیھ بقیادة ابن األشعث تسمي كتیبة الفقھاء ، إذ كان فیھا سعید بن جبیر وعامر الشعبي وأضرابھما من فقھاء التابعین

. علمائھموجلة

ومن ھنا رأینا من مواقف األئمة رضوان اهللا علیھم في مناصحة الملوك ومواجھة .األمراء والحكام بالحق ما یضیق بذكر بعضھ فضال عن كلھ المقام

ومن ھنا كذلك كانت كتب الفقھ اإلسالمي قدیما وحدیثا فیاضة بأحكام األمارة امالت والحدود والتعزیزات ، ذلك إلي والقضاء والشھادة والدعاوى والبیوع والمع

أن اإلسالم أحكام عملیة وروحیة ، إن قررتھا السلطة التشریعیة فإنما تقوم علي حراستھا وإنفاذ السلطة التنفیذیة والقضائیة ، وال قیمة لقول الخطیب كل جمعة علي

واألنصاب واألزالم رجس من عمل یا أیھا الذین آمنوا إنما الخمر والمیسر(المنبر، في الوقت الذي یجیز فیھ القانون ) ٩٠:المائدة) (الشیطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون

السكر وتحمي الشرطة السكیرین وتقودھم إلي بیوتھم آمنین مطمئنین ، ولھذا كانت ن ، ولھذا كانت السیاسة جزءا من الدین ، تعالیم القرآن ال تنفك عن سطوة السلطا

وكان من واجبات المسلم أن یعني بعالج الناحیة الحكومیة كما یعني بعالج الناحیة .الروحیة

.وذلك موقف اإلسالم من السیاسة الداخلیة

السـیاسـة الخـارجـیة

یتھا ، فإن أرید بالسیاسة معناھا الخارجي ، وھو المحافظة علي استقالل األمة وحروأشعارھا كرامتھا وعزتھا ، والسیر بھا إلي األھداف المجیدة التي تحتل بھا مكانتھا بین األمم ومنزلتھا الكریمة في الشعوب والدول ، وتخلیصھا من استبداد غیرھا بھا

وتدخلھ في شؤونھا ، مع تحدید الصلة بینھا وبین سواھا تحدیدا یفصل حقوقھا جمیعا فإن ) .. القانون الدولي(ھا إلي السالم العالمي العام وھو ما یسمونھ ، ویوجھ الدول كل

اإلسالم قد عني بذلك كل العنایة وأفتي فیھ بوضوح وجالء ، وألزم المسلمین أن یأخذوا بھذه األحكام في السلم والحرب علي السواء ، ومن قصر في ذلك وأھملھ فقد

.جھل اإلسالم أو خرج علیھ

ة األمة اإلسالمیة وأستاذیتھا لألمم في آیات كثیرة من القرآن ومنھا قرر اإلسالم سیادكنتم خیر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنھون عن المنكر :(قولھ تعالى

م أمة وسطا وكذلك جعلناك:( ، وقولھ تعالى )١١٠:آل عمران) (وتؤمنون باهللا، وقولھ ) ١٤٣:البقرة) (لتكونوا شھداء على الناس ویكون الرسول علیكم شھیدا

، ) ٨:المنافقون) (وهللا العزة ولرسولھ وللمؤمنین ولكن المنافقین ال یعلمون:(تعالىلي طریق صیانتھا وإلي ضرر تدخل غیرھا في شؤونھا وأكد قوامتھا وأرشدھا إ

یا أیھا الذین آمنوا ال تتخذوا بطانة من دونكم ال یألونكم خباال ودوا :(بمثل قولھ تعالى

بر قد بینا لكم اآلیات إن ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواھھم وما تخفي صدورھم أك ، )١١٩-١١٨:آل عمران) (ھا أنتم أوالء تحبونھم وال یحبونكم، كنتم تعقلون

إن :(وأشار إلي مضار االستعمار وسوء أثره في الشعوب فقال تبارك وتعالى ) ٣٤:النمل) (وھا وجعلوا أعزة أھلھا أذلة وكذلك یفعلونالملوك إذا دخلوا قریة أفسد

.

ثم أوجب علي األمة المحافظة علي ھذه السیادة ، وأمرھا باستعداد العدة و استكمال وأعدوا (القوة ، حتى یسیر الحق محفوظا بجالل السلطة كما ھو مشرق بأنوار الھدایة

، ولم یغفل التحذیر من صورة النصر ونشوة )٦٠:ألنفال) (ستطعتم من قوةلھم ما ااالعتزاز وما تجلبھ من مجانبة للعدالة وھضم للحقوق ، فحذر المسلمین العدوان علي

، مع ) ٨:المائدة) (وال یجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا:(أیة حال في قولھ تعالى الذین إن مكناھم في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا (قولھ تعالى

). ٤١:الحج) (بالمعروف ونھوا عن المنكر وهللا عاقبة األمور

اب الكریم ، ومن ھنا أیھا اإلخوة رأینا أخالء المسجد ، وأنضاء العبادة ، وحفظة الكتبل وأبناء الروابط والزوایا من السلف رضوان اهللا علیھم ، ال یقنعون باستقالل

بالدھم ، وال بعزة قومھم ، وال بتحریر شعوبھم ، ولكنھم ینسابون في األرض ، ویسیحون في آفاق البالد فاتحین معلمین ، یحررون األمم كما تحرروا ، ویھدونھا

، ویرشدونھا إلي سعادة الدنیا واآلخرة ، ال یغلون وال بنور اهللا الذي اھتدوا بھیغدرون ، وال یظلمون وال یعتدون ، وال یستعبدون الناس وقد ولدتھم أمھاتھم

. أحرارا

اللھم لو علمت : (ومن ھنا رأینا عقبة بن نافع یخوض األطلسي بلبة جواده قائال ، في الوقت الذي یكون ) سبیلكوراء ھذا البحر أرضا لمضیت في البالد مجاھدا في

فیھ أبناء العباس األشقاء قد دفن أحدھم بالطائف إلي جوار مكة ، والثاني بأرض الترك من أقصي الشرق ، والثالث بأفریقیا من أقصي المغرب ، جھادا في سبیل اهللا

وھكذا فھم الصحابة والتابعون لھم بإحسان أن السیاسة الخارجیة . وابتغاء لمرضاتھ . من صمیم اإلسالم

الحـقوق الـدولــیة

وأحب قبل أن أختم ھذا االسترسال أن أؤكد لحضراتكم تأكیدا قاطعا أن سیاسة اإلسالم داخلیة أو خارجیة تكفل تمام الكفالة حقوق غیر المسلمین ، سواء أكانت سالم حقوق دولیة أم كانت حقوق وطنیة لألقلیات غیر المسلمة ، وذلك ألن شرف اإل

وإما تخافن من قوم :(الدولي أقدس شرف عرفھ التاریخ ، واهللا تبارك وتعالى یقول ى سواء إن اهللا ال یحب الخائنین إال :( ، ویقول )٥٨:ألنفال) (خیانة فانبذ إلیھم عل

م ینقصوكم شیئا ولم یظاھروا علیكم أحدا فأتموا إلیھم الذین عاھدتم من المشركین ثم لوإن جنحوا :( ، ویقول تعالى )٤:التوبة) (عھدھم إلى مدتھم إن اهللا یحب المتقین

).٦١:ألنفال) ( السمیع العلیمللسلم فاجنح لھا وتوكل على اهللا إنھ ھو

ولئن كانت إیطالیا المتمدنة قد غزت الحبشة حتى استولت علیھا ولم تعلن علیھا حربا ولم تسبق إلي ذلك بإنذار ، وحذت حذوھا الیابان الراقیة فھي تحارب الصین ولم

، وال ھ وسلمصلى اهللا علیتخطرھا ولم تعلنھا ، فإن التاریخ لم یؤثر عن رسول اهللا عن صحابتھ أنھم قاتلوا قوما أو غزوا قبیال دون أن یوجھوا الدعوة ویتقدموا باإلنذار

. وینبذوا إلیھ علي سواء

ال ینھاكم :(وقد كفل اإلسالم حقوق األقلیات بنص قرآني ھو قول اهللا تبارك وتعالى ولم یخرجوكم من دیاركم أن تبروھم وتقسطوا اهللا عن الذین لم یقاتلوكم في الدین

) .٨:الممتحنة) (إلیھم إن اهللا یحب المقسطین

كما أن ھذه السیاسة اإلسالمیة نفسھا ال تنافي أبدا الحكم الدستوري الشورى ، وھي والذین ( أوصاف المؤمنینواضعة أصلھ ومرشدة الناس إلیھ في قولھ تعالى من

) استجابوا لربھم وأقاموا الصالة وأمرھم شورى بینھم ومما رزقناھم ینفقونآل ) (وشاورھم في األمر فإذا عزمت فتوكل على اهللا:( ، وقولھ تعالى )٣٨:الشورى(

یشاور أصحابھ وینزل علي رأي صلى اهللا علیھ وسلموقد كان ، ) ١٥٩:عمرانالفرد منھم متي وضح لھ صوابھ كما فعل ذلك مع الحباب بن منذر في غزوة بدر ،

، وكذلك ترك عمر األمر ) لو اجتمعتما ما خالفتكما: (ویقول ألبي بكر وعمر .بینھم شوري بین المسلمین ، ومازال المسلمون بخیر ما كان أمرھم شورى

سـعة التشـریع اإلسـالمي

كما أن تعالیم اإلسالم وسیاستھ لیس فیھا معني رجعي أبدا ، بل ھي علي أدق قواعد التشریع الصالح ، وقد اعترف التشریع لكثیر منھا ـ وسیكشف الزمن للناس علي ر ، جاللھ ما لم یعرفوا ـ بأنھا قد سبقتھ في دقة األحكام وتصویر األمور وسعة النظ

و " المیسو المبیر"وشھد بذلك كثیر من غیر المسلمین كما ورد كثیرا في كالم إضرابھ ، وأكدت ذلك مؤتمرات التشریع الدولیة علي أن اإلسالم قد وضع من

القواعد الكلیة ما یترك للمسلم بابا واسعا في االنتفاع بكل تشریع نافع مفید ال ثاب علي االجتھاد بشروطھ ، وقرر قاعدة یتعارض مع أصول اإلسالم ومقاصده و أ

كل ھذه القواعد تجعل . المصالح المرسلة ، واعتبر العرف ، واحترم رأي اإلمام .التشریع اإلسالمي في الذروة السامیة بین الشرائع والقوانین واألحكام

ا ھذه معان أحب أیھا السادة أن تذیع بیننا وأن نذیعھا في الناس ، فإن كثیرین الزالویفھمون من معنى النظام اإلسالمي ما ال یتفق بحال مع الحقیقة ، وھم لھذا ینفرون

منھ ویحاربون الدعوة إلیھ ، ولو فقھوه علي وجھھ لرجعوا بھ ولكانوا من أوائل .أنصاره وأشدھم تحمسا لھ وأعالھم صوتا في الدعوة إلیھ

الحـزبیـة السـیاسـیة

..أیھا االخوة الكرام

یاسة معني آخر یؤسفني أن أقول أنھ وحده ھو المعني الذي یرادفھا ویالزمھا بقي للس ). الحزبیة(بغیر حق في أذھان كثیر منا ، ذلك ھو

وإن لي في الحزبیة السیاسیة آراء ھي لي خاصة وال أحب أن أفرضھا علي الناس واجب فإن ذلك لیس لي وال ألحد ، ولكني كذلك ال أحب أن أكتمھا عنھم ، وأري أن

النصیحة لالمة ـ وخصوصا في مثل ھذا الظروف ـ یدعوني إلي المجاھرة بھا وعرضھا علي الناس في وضوح وجالء ، وأحب كذلك أن یفھم جیدا أني حینما

أتحدث عن الحزبیة السیاسیة فلیس معني ھذا أني أعرض لحزب دون حزب ، أو وأزكي األخر ، لیس ذلك من أرجح أحد األحزاب علي غیره ، أو أن أنتقص أحدھا

مھماتي ، ولكني سأتناول المبدأ من حیث ھو ، وسأعرض للنتائج واآلثار المترتبة یوم (علیھ ، وأدع الحكم علي األحزاب للتاریخ وللرأي العام والجزاء الحق هللا وحده

وء تود لو أن بینھا وبینھ تجد كل نفس ما عملت من خیر محضرا وما عملت من س ) .٣٠:آل عمران) (أمدا بعیدا

أعتقد أیھا السادة ، أن الحزبیة السیاسیة إن جازت في بعض الظروف في بعض البلدان ، فھي ال تجوز في كلھا ، وھي ال تجوز في مصر أبدا ، وخاصة في ھذا

، ونرید أن نبني أمتنا بناء قویا یستلزم تعاون الوقت الذي نستفتح فیھ عھدا جدیدا الجھود وتوافر القوي واالنتفاع بكل المواھب ، واالستقرار الكامل والتفرغ التام

إن وراءنا في اإلصالح الداخلي منھاجا واسعا مطوال ، یجب أن . لنواحي اإلصالح ویة ، الجم النشاط ، نصرف كل الجھود إلي تحقیقھ ، إلنقاذ ھذا الشعب الدائم الحی

المجھز بكل وسائل النشاط ، الذي ال ینقصھ إال القیادة الصالحة والتوجیھ القویم ، حتى یتكون أصلح تكوین ، یقضي علي الضعف والفقر والجھل والرذیلة ، وھي

معاول الھدم وسوس النھضات ، ولیس ھنا محل تفصیل ھذا المنھاج فذلك لھ وقت جمیعا نشعر بثقل وطأة األعباء ، وبالمجھودات العظیمة التي آخر ، وأنا أعلم أننا

.یجب أن تبذل في سبیل التنظیم الداخلي في كل مظاھر الحیاة

كانت كل واحدة منھما ألمع نجم في تاریخ ، وأعتقد كذلك أننا جربنا الوحدة مرتین دي بحقھا أما أوالھما ففي فجر النھضة حینما برزت األمة صفا متحدا تنا، النھضة

وتطالب باستحقاقھا في اجتماع أفزع الغاصبین وروع المستعمرین ووھنت أمام أما الثاني فحین تكوین الجبھة الوطنیة التي خطت بنا خطوة ، سلطانھ قوى الظالمین

وجربنا التفرقة في مرات كثیرة ، مھما كانت قصیرة فھي إلى األمام على كل حال ، وإفساد الشؤون ، وإحباط األعمال ، تمزیق الجھود من قبل ومن بعد فما رأینا إال

واستفادة الخصوم على حساب ، وخراب البیوت وتقطیع األرحام ، وإتالف األخالق .المختلفین المتنابزین

الحزبیـة والتدخللیس لھ من باب إال التدابر ، وأعتقد أیھا السادة أن التدخل األجنبي في شؤون األمة

وأنھ مھما انتصر أحد الفریقین فإن ، لنظام الحزبي البغیض وھذا ا، والخالف ویقفون منھما موقف القرد من ، یلوحون لھ بخصمھ اآلخر ، الخصوم بالمرصاد

وال یجني الشعب من وراء ذلك إال الخسارة من كرامتھ واستقاللھ وأخالقھ ، القطتین .ومصالحھ

وال ، وال زلنا في المیزان ، تكماال تاما إننا یا إخوان أمة لم نستكمل استقاللنا بعد اسوال سیاج لحمایة ھذا االستقالل والقضاء ، زالت المطامع تحیط بنا من كل مكان . على تلك المطامع إال الوحدة والتكلف

وإذا جاز لبعض األمم التي استكملت استقاللھا وفرغت من تكوین نفسھا أن تختلف على أننا ، ك ال یجوز في األمم الناشئة أبدا فإن ذل، وتتحزب في فرعیات األمور

أو ، نالحظ أن الحوادث العالمیة قد ألجأت األمم جمیعا إلى التجرد من الحزبیة مطلقا اإلبقاء على حزبیة صوریة تقلیدیة مع الوحدة في كل االتجاھات

ال أحـزاب في مصـر

، أكثر منھا حقیقیة وأعتقد كذلك أن ھذه األحزاب المصریة الحالیة أحزاب مصنوعةوأن المھمة والحوادث التي ، وأن العامل في وجودھا شخصي أكثر منھ وطني

.كونت ھذه األحزاب ویجب أن ینتھي ھذا النظام بانتھائھالقد تكون الوفد المصري من األمة كلھا للمطالبة باالستقالل على أساس المفاوضة

لدستوریین للخالف في أسلوب ثم تفرع منھ حزب األحرار ا، وتلك ھي مھمتھ وقد انتھت المفاوضة بأسالیبھا ونظمھا وقواعدھا فانتھت مھمتھا بذلك ، المفاوضات

وقد انتھى ذلك ، وتكون حزب الشعب إلیجاد نظام خاص ودستور خاص ، ، وتكون حزب ، الدستور وذلك النظام بأشكالھ وأوضاعھ فانتھت مھمتھ ھو اآلخر

، لقد انتھت ھذه الظروف جمیعا ، السراي واألحزاب الشعب لموقف خاص بین فال معنى أبدا لبقاء ھذه األحزاب ، وتجددت ظروف أخرى تستدعي مناھج وأعماال

وال معنى أبدا للرجوع على الماضي والمستقبل یلح إلحاحا صارخا بالعمل والسیر ، .بأسرع ما یمكن من الخطوات

اإلسـالم ال یقـر الحـزبیة

وھو دین ، كلھ أعتقد أیھا السادة أن اإلسالم وھو دین الوحدة في كل شئ وبعد ھذاوالتعاون الصادق بین بني ، واإلخاء الصحیح ، ونقاء القلوب ، سالمة الصدور

ال یقر نظام الحزبیة وال ، اإلنسان جمیعا فضال عن األمة الواحدة والشعب الواحد واعتصموا بحبل اهللا جمیعا وال :(ل والقرآن الكریم یقو، یرضاه وال یوافق علیھ

ھل أدلكم على أفضل من درجة (eویقول رسول اهللا ، ) ١٠٣:آل عمران) (تفرقوا

فإن فساد ذات ، الصالة والصوم ؟ قالوا بلى یا رسول اهللا قال إصالح ذات البین ) .ال أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدین، البین ھي الحالقة

یمقتھ ، وتدابر وبغضاء ، من تنابز وتقاطع ، ما یستتبعھ ھذا النظام الحزبي وكلوتفصیل ذلك ، ویحذر منھ في كثیر من األحادیث واآلیات ، اإلسالم أشد المقت

.یطول و وكل حضراتكم بھ علیم

حـریة الـرأيوالوجھة وفرق أیھا اإلخوان بین الحزبیة التي شعارھا الخالف واالنقسام في الرأي

وبین حریة اآلراء التي یبیحھا اإلسالم ویحض علیھا ، العامة وفي كل ما یتفرع منھا حتى ، وبین تمحیص األمور وبحث الشؤون واالختالف فیما یعرض تحریا للحق ،

فال ، إذا وضح نزل على حكمھ الجمیع سواء أكان ذلك اتباعا لألغلبیة أو لإلجماع .یرى القادة إال متفقینتظھر األمة إال مجتمعة وال

أیھا اإلخوان لقد آن األوان أن ترتفع األصوات بالقضاء على نظام الحزبیة في مصر وأن یستبدل بھ نظام تجتمع بھ الكلمة وتتوحد بھ جھود األمة حول منھاج إسالمي ،

.صالح تتوافر على وضعھ وإنفاذه القوى والجھود بھم اإلسالمي أوال والوطني ثانیا ھذه نظرات یرى اإلخوان المسلمون أن واج

واإلنساني ثالثا یفرض علیھم فرضا ال مناص منھ أن یجھروا بھا وأن یعرضوھا معتقدین أن تحقیقھا ھو السبیل الوحید ، على الناس و في إیمان عمیق وبرھان وثیق

یبوا هللا یا أیھا الذین آمنوا استج(،لتدعیم النھضة على أفضل القواعد واألصول وللرسول إذا دعاكم لما یحییكم واعلموا أن اهللا یحول بین المرء وقلبھ وأنھ إلیھ

) .٢٤:ألنفال) (تحشرون

خـاتمــــة، فھذه نظرات سیضحك لھا كثیر من الناس حین یستمعون إلیھا ، وبعد أیھا اإلخوان

وجھلوا أن ، أولئك ھم الذین یئسوا من أنفسھم وغفلوا عن تأیید اهللا لعباده المؤمنین وھذا الذي تجھرون بھ الیوم لیس شیئا جدیدا ولكنھ دعوة اإلسالم التي جاء بھا رسول

والتي یجب على كل مسلم ، وجاھد في سبیلھا وعمل لھا أصحابھ من بعده eاهللا . یعمل لھا كما عملوا ویجاھد في سبیلھا كما جاھدوایؤمن باهللا وبرسولھ وكتابھ أن

وان ، أما أنتم أیھا اإلخوان فتؤمنون بذلك كلھ و وتعتقدون أن اهللا غالب على أمره اهللا معكم على ذلك البرھان العلمي والتطور التاریخي والوضع الجغرافي والتأیید

أن نمن على الذین ونرید:(وتجدون البشرى في قول رب العالمین ، الرباني واعلموا أن ، ) ٥:القصص) (استضعفوا في األرض ونجعلھم أئمة ونجعلھم الوارثین

فآمنوا وأخلصوا ، وال أطیل علیكم في بیان واجبكم فإنكم لتعلمونھ ، اهللا معكم هللا األمر من قبل ومن (و.. ار واعملوا وانتظروا ساعة الفوز وترقبوا وقت االنتص

) بنصر اهللا ینصر من یشاء وھو العزیز الرحیم، بعد ویومئذ یفرح المؤمنون ) .٥:الروم(

والسالم علیكم ورحمة اهللا وبركاتھ

حسـن البنــا

دعوة للشباب مـن الرحیـمبســــــم اهللا الرح

.الحمد هللا والصالة والسالم على سیدنا محمد وعلى آلھ وصحبھ ومن وااله

قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا هللا مثنى وفرادى ثم تتفكروا { عذاب شدید ما بصاحبكم من جنة إن ھو إال نذیر لكم بین یدي

قل ما سألتكم من أجر فھو لكم إن أجري إال على اهللا وھو ، ، قل إن ربي یقذف بالحق عالم الغیوب ، على كل شيء شھید

ل إن ضللت فإنما ق، قل جاء الحق وما یبدئ الباطل وما یعید أضل على نفسي وإن اھتدیت فبما یوحي إلي ربي إنھ سمیع

}قریب

عـوامـل النجــاح

:أیھا الشباب

أحمد إلیكم اهللا الذي ال إلھ إال ھو ، وأصلي وأسلم على سیدنا محمد إمام المصلحین .الھ وصحبھ والتابعینوسید المجاھدین ، وعلى

:أیھا الشباب

إنما تنجح الفكرة إذا قوي اإلیمان بھا ، وتوفر اإلخالص في سبیلھا ، وازدادت وتكاد . الحماسة لھا ، ووجد االستعداد الذي یحمل على التضحیة والعمل لتحقیقھا

اإلیمان، واإلخالص ، والحماسة ، والعمل من : تكون ھذه األركان األربعة الن أساس اإلیمان القلب الذكي ، وأساس اإلخالص الفؤاد النقي . الشباب خصائص

، وأساس الحماسة الشعور القوي ، وأساس العمل العزم الفتي ، وھذه كلھا ال تكون ومن ھنا كان الشباب قدیما و حدیثا في كل أمة عماد نھضتھا ، وفي كل . إال للشباب

إنھم فتیة آمنوا بربھم وزدناھم ( :تھانھضة سر قوتھا ، وفي كل فكرة حامل رای ) . ١٣:الكھف) (ھدى

ومن ھنا كثرت واجباتكم ، ومن ھنا عظمت تبعاتكم ، ومن ھنا تضاعفت حقوق ومن ھنا وجب علیكم أن تفكروا . أمتكم علیكم ، ومن ھنا ثقلت األمانة في أعناقكم

حددوا موقفكم ، وأن تتقدموا لإلنقاذ ، وأن تعطوا طویال ، وأن تعملوا كثیرا ، وأن ت .األمة حقھا كامال من ھذا الشباب

قد ینشأ الشاب في أمة وادعة ھادئة ، قوي سلطانھا واستبحر عمرانھا ، فینصرف إلى نفسھ اكثر مما ینصرف إلى أمتھ ، ویلھو ویعبث وھو ھادئ النفس مرتاح

قد استولى علیھا غیرھا ، واستبد بشؤونھا وقد ینشأ في أمة جاھدة عاملة . الضمیر خصمھا فھي تجاھد ما استطاعت في سبیل استرداد الحق المسلوب، والتراث

وحینئذ یكون من . المغصوب ، والحریة الضائعة واألمجاد الرفیعة، والمثل العالیة. أوجب الواجبات على ھذا الشباب أن ینصرف إلى أمتھ أكثر مما ینصرف إلى نفسھ

إذ یفعل ذلك یفوز بالخیر العاجل في میدان النصر، و الخیر اآلجل من مثوبة وھو ولعل من حسن حظنا أن كنت من الفریق الثاني فتفتحت أعیننا على أمة دائبة . اهللا

واستعدوا یا رجال فما أقرب النصر . الجھاد مستمرة الكفاح في سبیل الحق والحریة .لدائبینللمؤمنین وما أعظم النجاح للعاملین ا

:أیھا الشباب

اختالف - وھي في فجر نھضتھا-لعل من أخطر النواحي في األمة الناھضةالدعوات، واختالط الصیحات، وتعدد المناھج ، وتباین الخطط والطرائق ، و كثرة

وكل ذلك تفریق في الجھود وتوزیع للقوى یتعذر معھ . المتصدین للتزعم والقیادة ھنا كانت دراسة ھذه الدعوات والموازنة بینھا أمرا ومن. الوصول إلى الغایات

.أساسیا ال بد منھ لمن یرید اإلصالح

ومن ھنا كان من واجبي أن أشرح لكم في وضوح موجز دعوة اإلسالم في القرن . الھجري الرابع عشر

دعوتنـا في العصـر الحـدیث

ثبت من الرواسي وأعمق لقد آمنا إیمانا ال جدال فیھ وال شك معھ، واعتقدنا عقیدة أمن خفایا الضمائر، بأنھ لیس ھناك إال فكرة واحدة ھي التي تنقذ الدنیا المعذبة وترشد اإلنسانیة الحائرة وتھدي الناس سواء السبیل، وھي لذلك تستحق أن یضحي في سبیل

إعالنھا و التبشیر بھا وحمل الناس علیھا باألرواح واألموال وكل رخیص وغال، :رة ھي اإلسالم الحنیف الذي ال عوج فیھ وال شر معھ وال ضالل لمن اتبعھ ھذه الفك

شھد اهللا أنھ ال إلھ إال ھو والمالئكة وأولو العلم قائما بالقسط ال إلھ إال ھو العزیز ( ) .١٨:آل عمران) (الحكیم

) ٣:المائدة) ( دینكم وأتممت علیكم نعمتي ورضیت لكم اإلسالم دیناالیوم أكملت لكم ( .

ففكرتنا لھذا إسالمیة بحتة، على اإلسالم ترتكز ومنھ تستمد ولھ تجاھد وفي سبیل ال تعدل باإلسالم نظاما ، وال ترضى سواه إماما ، وال تطیع ، إعالء كلمتھ تعمل

.امالغیره أحك

) .٨٥:آل عمران) (ومن یبتغ غیر اإلسالم دینا فلن یقبل منھ (

و لقد أتى على اإلسالم والمسلمین حین من الدھر توالت فیھ الحوادث وتتابعت الكوارث، وعمل خصوم اإلسالم على إطفاء روائھ وإخفاء بھائھ وتضلیل أبنائھ و

وده ، وتحریف تعالیمھ وأحكامھ تارة بالنقص منھا ، تعطیل حدوده ، و إضعاف جنوأخرى بالزیادة فیھا ، وثالثة بتأویلھا على غیر وجھھا ، وساعدھم على ذلك ضیاع

سلطة اإلسالم السیاسیة و تمزیق إمبراطوریتھ العالمیة وتسریح جیوشھ المحمدیة .ووقوع أممھ في قبضة أھل الكفر مستذلین مستعمرین

نحن اإلخوان أن نبین للناس حدود ھذا اإلسالم واضحة كاملة بینة ال فأول واجباتنازیادة فیھا وال نقص بھا وال لبس معھا، وذلك ھو الجزء النظري من فكرتنا، وأن

نطالبھم بتحقیقھا ونحملھم على إنفاذھا ونأخذھم بالعمل بھا، وذلك ھو الجزء العملي .لي ھذه الفكرة

الذي ال یأتیھ الباطل من بین یدیھ وال من خلفھ ، وعمادنا في ذلك كلھ كتاب اهللاوالسنة الصحیحة الثابتة عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ و سلم ، والسیرة المطھرة

لسلف ھذه األمة ، ال نبغي من وراء ذلك إال إرضاء اهللا وأداء الواجب وھدایة البشر .وإرشاد الناس

ا ما حیینا وسندعو الناس جمیعا إلیھا ، وسنجاھد في سبیل تحقیق فكرتنا، وسنكافح لھوسنبذل كل شيء في سبیلھا ، فنحیا بھا كراما أو نموت كراما ، وسیكون شعارنا

اهللا غایتنا ، والرسول زعیمنا ، والقرآن دستورنا ، والجھاد سبیلنا ، والموت : الدائم .في سبیل اهللا أسمى أمانینا

:أیھا الشباب

ة إلیھ واإلیمان بھ والتنشئة على دینھ، وكتب لكم بذلك مرتبة إن اهللا قد أعزكم بالنسب .الصدارة من الدنیا ومنزلة الزعامة من العالمین وكرامة األستاذ بین تالمذتھ

كنتم خیر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنھون عن المنكر وتؤمنون ( ) .١١٠:آل عمران) (باهللا

) ١٤٣:البقرة) (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شھداء على الناس (

فأول ما یدعوكم إلیھ أن تؤمنوا بأنفسكم ، أن تعلموا منزلتكم وأن تعتقدوا أنكم سادة یكم غیركم بظاھر الدنیا وإن أراد لكم خصومكم الذل ، وأساتذة العالمین وإن ظھر عل

.من الحیاة الدنیا والعاقبة للمتقین

فجددوا أیھا الشباب إیمانكم ، وحددوا غایاتكم وأھدافكم، وأول القوة اإلیمان ، ونتیجة فآمنوا وتآخوا واعلموا . ھذا اإلیمان الوحدة ، وعاقبة الوحدة النصر المؤزر المبین

.وبشر المؤمنین.. وترقبوا بعد ذلك النصر

الم كلھ حائر یضطرب ، كل ما فیھ من النظم قد عجز عن عالجھ وال دواء لھ إن العإال اإلسالم، فتقدموا باسم اهللا إلنقاذه، فالجمیع في انتظار المنقذ، ولن یكون المنقذ إال

. رسالة اإلسالم التي تحملون مشعلھا وتبشرون بھا

مــاذا نریــد؟

:أیھا الشباب

محدود المراحل واضح الخطوات، فنحن نعلم تماما ماذا إن منھاج اإلخوان المسلمین .نرید ونعرف الوسیلة إلى تحقیق ھذه اإلرادة

نرید أوال الرجل المسلم في تفكیره وعقیدتھ ، وفي خلقھ وعاطفتھ ، وفي عملھ -ا .فھذا ھو تكویننا الفردي. وتصرفھ

وعاطفتھ وفي عملھ ونرید بعد ذلك البیت المسلم في تفكیره وعقیدتھ وفي خلقھ -٢وتصرفھ ونحن لھذا نعنى بالمرأة عنایتنا بالرجل ، ونعنى بالطفولة عنایتنا بالشباب

.وھذا ھو تكویننا األسري

ونرید بعد ذلك الشعب المسلم في ذلك كلھ أیضا ونحن لھذا نعمل على أن تصل -٣وتتغلغل دعوتنا إلى كل بیت ، وأن یسمع صوتنا في كل مكان ، وأن تتیسر فكرتنا

في القرى والنجوع والمدن والمراكز والحواضر واألمصار، ال نألو في ذلك جھدا .وال نترك وسیلة

ونرید بعد ذلك الحكومة المسلمة التي تقود ھدا الشعب إلى المسجد ، وتحمل بھ -٤الناس على ھدى اإلسالم من بعد كما حملتھم على ذلك بأصحاب رسول اهللا صلى اهللا

ونحن لھذا ال نعترف بأي نظام حكومي ال . أبي بكر وعمر من قبل علیھ و سلم یرتكز على أساس اإلسالم وال یستمد منھ ، وال نعترف بھذه األحزاب السیاسیة ، وال بھذه األشكال التقلیدیة التي أرغمنا أھل الكفر وأعداء اإلسالم على الحكم بھا والعمل

المي بكل مظاھره ، وتكوین الحكومة علیھا، وسنعمل على إحیاء نظام الحكم اإلس .اإلسالمیة على أساس ھذا النظام

ونرید بعد ذلك أن نضم إلینا كل جزء من وطننا اإلسالمي الذي فرقتھ السیاسة -٥ونحن لھذا ال نعترف بھذه التقسیمات . الغربیة وأضاعت وحدتھ المطامع األوروبیةتي تجعل من الوطن اإلسالمي دویالت السیاسیة وال نسلم بھذه االتفاقات الدولیة، ال

ضعیفة ممزقة یسھل ابتالعھا على الغاصبین، وال نسكت على ھضم حریة ھذه فمصر وسوریة والعراق والحجاز والیمن وطرابلس . الشعوب واستبداد غیرھا بھا

ال إلھ إال اهللا ، كل ذلك : وتونس والجزائر ومراكش وكل شبر أرض فیھ مسلم یقول . الذي نسعى لتحریره وإنقاذه وخالصھ وضم أجزائھ بعضھا إلى بعضوطننا الكبیر

ولئن كان الرایخ األلماني یفرض نفسھ حامیا لكل من یجري في عروقھ دم األلمان ، فإن العقیدة إسالمیة توجب على كل مسلم قوي أن یعتبر نفسھ حامیا لكل من تشربت

یكون العامل العنصري أقوى فال یجوز في عرف اإلسالم أن. نفسھ تعالیم القرآن والعقیدة ھي كل شيء في اإلسالم، وھل اإلیمان إال . في الرابطة من العامل اإلیماني

الحب والبغض؟

ونرید بعد ذلك أن تعود رایة اهللا خافقة عالیة على تلك البقاع التي سعدت -٦أراد لھا نكد باإلسالم حینا من الدھر ودوى فیھا صوت المؤذن بالتكبیر والتھلیل ، ثم

فاألندلس وصقلیة . الطالع أن ینحسر عنھا ضیاؤه فتعود إلى الكفر بعد اإلسالم والبلقان وجنوب إیطالیا وجزائر بحر الروم ، كلھا مستعمرات إسالمیة یجب أن

تعود إلى أحضان اإلسالم ، ویجب أن یعود البحر األبیض والبحر األحمر بحیرتین ولئن كان السنیور موسولیني یرى من حقھ أن یعید ، إسالمیتین كما كانتا من قبل

اإلمبراطوریة الرومانیة ، وما تكونت ھذه اإلمبراطوریة المزعومة قدیما إال على أساس المطامع واألھواء ، فإن من حقنا أن نعید مجد اإلمبراطوریة اإلسالمیة التي

.قامت على العدالة واإلنصاف ونشر النور والھدایة ببن الناس

نرید بعد ذلك ومعھ أن نعلن دعوتنا على العالم وان نبلغ الناس جمیعا ، وأن نعم -٧بھا آفاق األرض ، وأن نخضع لھا كل جبار ، حتى ال تكون فتنة ویكون الدین كلھ

.هللا ویومئذ یفرح المؤمنون بنصر اهللا ، ینصر من یشاء وھو العزیز الرحیم

فروعھا ووسائلھا، وإنما نجمل ھنا القول ولكل مرحلة من ھذه المراحل خطواتھا و .دون إطالة وال تفصیل ، واهللا المستعان وھو حسبنا ونعم الوكیل

لیقل القاصرون الجبناء أن ھذا خیال عریق ووھم استولى على نفوس ھؤالء الناس ، ذلك ھو الوھن الذي قذف في . وذلك ھو الضعف الذي ال نعرفھ وال یعرفھ اإلسالم

مة فمكن ألعدائھا فیھا ، وذلك ھو خراب القلب من اإلیمان وھو علة قلوب ھذه األوإنما نعلن في وضوح وصراحة أن كل مسلم ال یؤمن بھذا . سقوط المسلمین

المنھاج وال یعمل لتحقیقھ الحظ لھ في اإلسالم ، فلیبحث لھ عن فكرة أخرى یدین بھا .ویعمل لھا

:یا شباب

اهللا على أیدیھم ھذا المنھاج فال تھنوا وتضعفوا، لستم أضعف ممن قبلكم ممن حقق :وضعوا نصب أعینكم قولھ تعالى

الذین قال لھم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوھم فزادھم إیمانا وقالوا حسبنا ( ) . ١٧٣:آل عمران) (اهللا ونعم الوكیل

سنا لیكون منا الرجل المسلم ، وسنربي بیوتنا لیكون منھا البیت المسلم ، سنربي أنفوسنربى شعبنا لیكون منھ الشعب المسلم؟ وسنكون من بین ھذا الشعب المسلم ،

وسنسیر بخطوات ثابتة إلى تمام الشوط ، والى الھدف الذي وضعھ اهللا لنا ال الذي ویأبى اهللا إال أن یتم نوره ولوكره وضعناه ألنفسنا، وسنصل بإذن اهللا وبمعونتھ ،

.الكافرون

وقد أعددنا لذلك إیمانا ال یتزعزع ، وعمال ال یتوقف، وثقة باهللا ال تضعف ، .وأرواحا أسعد أیامھا یوم تلقى اهللا شھیدة في سبیلھ

فلیكن ذلك من صمیم السیاسة الداخلیة والخارجیة ، فإنما نستمد ذلك من اإلسالم، لتفریق بین الدین والسیاسة لیس من تعالیم اإلسالم الحنیف ، وال ونجد بأن ھذا ا

یعرفھ المسلمون الصادقون في دینھم الفاھمون لروحھ وتعالیمھ، فلیھجرنا من یرید تحویلنا عن ھذا المنھاج فإنھ خصم لإلسالم أو جاھل بھ، ولیس لھ سبیل إال أحد

. ھذین الوضعین

مـن ھـم اإلخوان المسـلمـین؟

قد ) جماعة دراویش(یخطئ من یظن أن جماعة اإلخوان المسلمین : الشبابأیھاحصروا أنفسھم في دائرة ضیقة من العبادات اإلسالمیة ، كل ھمھم صالة وصوم

فالمسلمون األولون لم یعرفوا اإلسالم بھذه الصورة، ولم یؤمنوا بھ . وذكر وتسبیحووطنا وجنسیة ، وخلقا ومادة ، على ھذا النحو؟ ولكنھم آمنوا بھ عقیدة وعبادة،

واعتقدوه نظاما كامال یفرض نفسھ على كل . وثقافة وقانونا ، وسماحة و قوة اعتقدوه نظاما عملیا وروحیا معا . مظاھر الحیاة وینظم أمر الدنیا كما ینظم اآلخرة

وھم مع ھذا ال یھملون أمر عبادتھم وال . فھو عندھم دین ودولة ، ومصحف وسیف في أداء فرائضھم لربھم ، یحاولون إحسان الصالة ویتلون كتاب اهللا ، یقصرون

ویذكرون اهللا تبارك وتعالى على النحو الذي أمر بھ وفي الحدود التي وضعھا لھم، في غیر غلو وال سرف ، فال تنطع وال تعمق ، وھم أعرف بقول رسول اهللا صلى

برفق، إن المنبت ال أرضا قطع وال إن ھذا الدین متین فأوغل فیھ : (اهللا علیھ و سلم ، وھم مع ھذا یأخذون من دنیاھم بالنصیب الذي ال یضر بآخرتھم، ) ظھرا أبقى

:ویعلمون قول اهللا تبارك وتعالى

) .٣٢:ألعراف) (قل من حرم زینة اهللا التي أخرج لعباده والطیبات من الرزق (

لیعلمون أن خیر وصف لخیر جماعة ھو وصف أصحاب رسول اهللا و إن اإلخوان ، وكذلك یحاولون أن )رھبان في اللیل فرسان في النھار: (صلى اهللا علیھ و سلم .یكونوا واهللا المستعان

ویخطئ من یظن أن اإلخوان المسلمین یتبرمون بالوطن والوطنیة، فالمسلمون أشد دمة ھذه األوطان واحتراما لكل من یعمل لھا الناس إخالصا ألوطانھم وتفانیا في خ

. مخلصا، وھا قد علمت إلى أي حد یذھبون في وطنیتھم والى أي عزة یبغون بأمتھم ولكن الفارق بین المسلمین وبین غیرھم من دعاة الوطنیة المجردة أن أساس وطنیة

لھ فھم یعملون لوطن مثل مصر ویجاھدون في سبی. المسلمین العقیدة اإلسالمیةویفنون في ھذا الجھاد الن مصر من أرض اإلسالم وزعیمة أممھ؟ كما أنھم ال

یقفون بھذا الشعور عند حدودھا بل یشركون معھا فیھ كل أرض إسالمیة وكل وطن إسالمي ، على حین یقف كل وطني مجرد عند حدود أمتھ وال یشعر بفریضة العمل

اھاة أو المنافع، ال عن طریق للوطن إال عن طریق التقلید أو الظھور أو المبوحسبك من وطنیة اإلخوان المسلمین أنھم . الفریضة المنزلة من اهللا على عباده

یعتقدون عقیدة جازمة الزمة أن التفریط في أي شبر أرض یقطنھ مسلم جریمة ال .تغتفر حتى یعیدوه أو یھلكوا دون إعادتھ، وال نجاة لھم من اهللا إال بھذا

ن األخوان المسلمین دعاة كسل أو إھمال، فاإلخوان یعلنون في ویخطئ من یظن أكل أوقاتھم أن المسلم ال بد أن یكون إماما في كل شيء ، وال یرضون بغیر القیادة . والعمل والجھاد والسبق في كل شيء ، في العلم وفي القوة وفي الصحة وفي المال

لتعالیم دیننا ، ونحن مع ھذا والتأخر في أیة ناحیة من النواحي ضار بفكرتنا مخالفننكر على الناس ھذه المادیة الجارفة التي تجعلھم یریدون أن یعیشوا ألنفسھم فقط

وأن ینصرفوا بمواھبھم وأوقاتھم وجھودھم إلى األنانیة الشخصیة ، فال یعمل أحدھم لم من: (لغیره شیئا وال یعنى من أمر أمتھ بشيء ، والنبي صلى اهللا علیھ و سلم یقول

).إن اهللا كتب اإلحسان على كل شيء: (، كما یقول) یھتم بأمر المسلمین فلیس منھم

ویخطئ من یظن أن اإلخوان المسلمین دعاة تفریق عنصري بین طبقات األمة فنحن نعلم أن اإلسالم عني أدق العنایة باحترام الرابطة اإلنسانیة العامة بین بني اإلنسان

وقد حرم ) . ٢٨٥:البقرة) ( نفرق بین أحد من رسلھال: (قولھ تعالى. في مثل وال یجرمنكم ( :اإلسالم االعتداء حتى في حاالت الغضب والخصومة فقال تعالى

) .٨:المائدة) (شنآن قوم على أال تعدلوا اعدلوا ھو أقرب للتقوى

ال ینھاكم ( :ن المواطنین وإن اختلفت عقائدھم وأدیانھموأوصى بالبر واإلحسان بیاهللا عن الذین لم یقاتلوكم في الدین ولم یخرجوكم من دیاركم أن تبروھم وتقسطوا

).٨:الممتحنة) (إلیھم

نعلم ). لنا وعلیھم ما علینا لھم ما : ( كما أوصى بإنصاف الذمیین وحسن معاملتھمولكننا إلى جانب ھذا . كل ھذا فال ندعو إلى فرقة عنصریة ، وال إلى عصبیة طائفیة

ال نشتري ھذه الوحدة بإیماننا وال نساوم في سبیلھا على عقیدتنا وال نھدر من أجلھا ر فمن حاول غی. مصالح المسلمین ، وإنما نشتریھا بالحق واإلنصاف والعدالة وكفى

.وهللا العزة ولرسولھ وللمؤمنین: ذلك أوقفناه عند حده وأبنا لھ خطأ ما ذھب إلیھ

ویخطئ من یظن أن اإلخوان المسلمین یعملون لحساب ھیئة من الھیئات أو یعتمدون فاإلخوان المسلمون یعملون لغایتھم على ھدى من . على جماعة من الجماعات

ومكان ، وینفقون مما رزقھم اهللا ابتغاء ربھم، وھي اإلسالم وأبناؤه في كل زمان مرضاتھ، ویفخرون بأنھم إلى اآلن لم یمدوا یدھم إلى أحد ولم یستعینوا بفرد وال

.ھیئة وال جماعة

:أیھا الشباب

فإن آمنتم بفكرتنا ، . على ھذه القواعد الثابتة وإلى ھذه التعالیم السامیة ندعوكم جمیعاسبیل اإلسالم الحنیف ، وتجردتم من كل فكرة سوى واتبعتم خطواتنا ، وسلكتم معنا

ذلك ، ووقفتم لعقیدتكم كل جھودكم فھو الخیر لكم في الدنیا واآلخرة ، وسیحقق اهللا بكم إن شاء اهللا ما حقق بأسالفكم في العصر األول ، وسیجد كل عامل صادق منكم

.قین في میدان اإلسالم ما یرضى ھمتھ ویستغرق نشاطھ إذا كان من الصاد

وإن أبیتم إال التذبذب واالضطراب ، والتردد بین الدعوات الحائرة والمناھج الفاشلة وما النصر إال من عند اهللا : (، فإن كتیبة اهللا ستسیر غیر عابئة بقلة وال بكثرة

).١٢٦:آل عمران) (العزیز الحكیم

حســن البنــا

مـھـمتنـا الرحمـن الرحیـمبســم اهللا

.وصلى اهللا على سیدنا محمد وعلى آلھ وصحبھ وسلم ، الحمد هللا فسالم اهللا علیكم ورحمتھ ، أحییكم بتحیة اإلسالم تحیة من عند اهللا مباركة طیبة

.وبركاتھ ...أیھا اإلخوان المسلمون

...أیھا الناس أجمعون التي تلدھا اللیالي ، ثیرة المریرة في ھذا الصخب الداوي من صدى الحوادث الك

وفي ھذا التیار المتدفق الفیاض من الدعوات التي تھتف بھا ،الحبالى في ھذا الزمان مجھزة بكل ما یغري ، وتسري بھا أمواج األثیر في أنحاء المعمورة ، أرجاء الكون

.و یخدع من اآلمال والوعود والمظاھر ...ن نتقدم بدعوتنا نحن اإلخوان المسلمو

...ھادئة ...لكنھا أقوى من الزوابع العاصفة

...متواضعة ...لكنھا أعز من الشم الرواسي

...محدودة ..لكنھا أوسع من حدود ھذه األقطار األرضیة جمیعا

...خالیة من المظاھر والبھرج الكاذب ...ولكنھا محفوفة بجالل الحق ، وروعة الوحي ، ورعایة اهللا

مطامع واألھواء والغایات الشخصیة والمنافع الفردیة ، ولكنھا تورث مجردة من ال . المؤمنین بھا والصادقین في العمل لھا السیادة في الدنیا والجنة في اآلخرة

على ضـوء الدعـوة األولـى

...أیھا اإلخوان المسلمون ...أیھا الناس أجمعون

ول من بعد كما جلجل بھا من یجلجل بھا صوت الداعي األ، اسمعوھا صریحة داویة :قبل

) .٣:المدثر) (وربك فكبر، قم فأنذر ، یا أیھا المدثر (

) فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركین ( :ویدوي معھا سر قولھ تعالى ) .٩٤:الحجر(

:ویھتف بھا لسان الوحي مخاطبا الناس أجمعین

قل یا أیھا الناس إني رسول اهللا إلیكم جمیعا الذي لھ ملك السماوات واألرض ال إلھ (وه إال ھو یحیي ویمیت فآمنوا باهللا ورسولھ النبي األمي الذي یؤمن باهللا وكلماتھ واتبع

) ١٥٨:ألعراف) (لعلكم تھتدون

أین نحن من تعالیم اإلسالم؟

...أیھا اإلخوان المسلمون ...أیھا الناس أجمعون

إن اهللا بعث لكم إماما ، ووضع لكم نظاما ، وفصل أحكاما ، وأنزل كتابا ، وأحل وھداكم سواء السبیل حالال ، وحرم حراما ، وأرشدكم إلى ما فیھ خیركم وسعادتكم ،

؛ فھل اتبعتم إمامھ ، واحترمتم نظامھ ، وأنفذتم أحكامھ ، وقدستم كتابھ ، وأحللتم حاللھ ، وحرمتم حرامھ؟

كونوا صرحاء في الجواب ، وسترون الحقیقة واضحة أمامكم ، كل النظم التي تستمد تسیرون علیھا في شؤونكم الحیویة نظم تقلیدیة بحتة ال تتصل باإلسالم ، وال

:منھ وال تعتمد علیھ .نظام الحكم الداخلي

.نظام العالقات الدولیة .نظام القضاء

.نظام الدفاع والجندیة .نظام المال واالقتصاد للدولة واألفراد

.نظام الثقافة والتعلیم .بل نظام األسرة والبیت

.بل نظام الفرد في سلوكھ الخاص والمحكومین ، ویشكل مظاھر الحیاة على الروح العام الذي یھیمن على الحاكمین

.اختالفھا ، كل ذلك بعید عن اإلسالم وتعالیم اإلسالم وماذا بقي بعد ھذا؟

ھذه المساجد الشامخة القائمة التي یعمرھا الفقراء والعاجزون ، فیؤدون فیھا ركعات خالیة من معاني الروحانیة والخشوع إال من ھدى اهللا؟

في العام فتكون موسما للتعطل والتبطل والطعام والشراب ، ھذه األیام التي تصام ..وقلما تتجدد فیھا نفس أو تزكو بھا روح

) .٢٤:ص) (إال الذین آمنوا وعملوا الصالحات وقلیل ما ھم (ھذه المظاھر الخادعة من المسابح والمالبس ، واللحى والمراسم ، والطقوس

..كلماتواأللفاظ والأھذا ھو اإلسالم الذي أراده اهللا أن یكون رحمتھ العظمى ، ومنتھ الكبرى على

العالمین؟أھذا ھدي محمد صلى اهللا علیھ وسلم الذي أراد بھ أن یخرج الناس من الظلمات إلى

النور؟أھذا ھو تشریع القرآن الذي عالج أدواء األمم ومشكالت الشعوب ، ووضع لإلصالح

وأرسخ األصول؟أدق القواعد

موجة التقلید الغربي

...بل أیھا الناس أجمعون ... أیھا اإلخوان المسلمون من الحق أن نعترف بان موجة قویة جارفة وتیارا شدیدا دفاقا قد طغى على العقول

وانغماس منھم في ، وفي غرور من أمم اإلسالم ، واألفكار في غفلة من الزمن وتأسست ، وظھرت نظم وفلسفات ، دئ ودعوات فقامت مبا.. الترف والنعیم

وغزت ، ونافست ھذه كلھا فكرة اإلسالم في نفوس أبنائھا ، حضارات ومدنیات ودخلت علیھم بلدانھم وبیوتھم ، وأحاطت بھم من كل مكان ، أممھ في عقر دارھا

وتھیأت لھا من أسباب اإلغواء ، بل احتلت قلوبھم وعقولھم ومشاعرھم ، ومخادعھم واجتاحت أمما إسالمیة بأسرھا ، إلغراء والقوة والتمكن ما لم یتھیأ لغیرھا من قبل واوتأثر ما بقي ، وانخدعت بھا دول كانت في الصمیم والذؤابة من دول اإلسالم ،

، إلى غیر اإلسالم أقرب ، ونشأ في كل األمم اإلسالمیة جیل مخضرم ، تأثرا بالغا ان الزعامة الفكریة والروحیة والسیاسیة تصدر في تصریف أمورھا واحتل مك

بل إلى ما ألف وھي ال تدري ، فدفع بالشعوب مغافلة إلى ما یرید ، والتنفیذیة منھا وارتفعت أصوات الدعاة إلى الفكرة ، ما تدري ما یراد بھا وال ما تصیر إلیھ

اضین ال وتقبلوا معنا ر، أن خلصونا مما بقي من اإلسالم وآثار اإلسالم : الطاغیة واطرحوا بقیة الفكرة ، كارھین مستلزمات ھذه الحیاة وتكالیفھا وأفكارھا ومظاھرھا

تعملون عمل ، وال تكونوا مخادعین منافقین معاندین ، البالیة من رؤوسكم ونفوسكم .الغربیین وتقولون قول المسلمین

سالم ال یأبى من الحق أن نعرف أننا بعدنا عن ھدي اإلسالم وأصولھ وقواعده ، واإلأن نقتبس النافع وأن نأخذ الحكمة أنى وجدناھا ، ولكنھ یأبى كل اإلباء أن نتشبھ في كل شيء بمن لیسوا من دین اهللا على شيء ، وأن نطرح عقائده وفرائضھ وحدوده

.وأحكامھ ، لنجري وراء قوم فتنتھم الدنیا واستھوتھم الشیاطینوتقدم الفكر ، وتزاید المال، وتبرجت الدنیا ، حقا لقد تقدم العلم ، وتقدم الفن ،

وأخذت األرض زخرفھا وازینت ، وأترف الناس ونعموا ؛ ولكن ھل جلب شيء من ھذا السعادة لھم؟ وھل أمن لھم شيء من ھذا الحیاة ، أو ساق إلى نفوسھم الھدوء

والطمأنینة؟ ھل اطمأنت الجنوب في المضاجع؟

ھل جفت الجفون من المدامع؟ حوربت الجریمة ، واستراح المجتمع من شرور المجرمین؟ھل

ھل استغنى الفقراء وأشبعت المالیین التي تفوق الحصر بطون الجائعین؟ھل ساقت ھذه المالھي والمفاتن ، التي مألت الفضاء وسرت مسرى الھواء ، العزاء

إلى المحزونین؟ عتدین وظلم الظالمین؟ھل تذوقت الشعوب طعم الراحة والھدوء ، وأمنت عدوان الم

ال شيء من ھذا أیھا الناس ، فما فضل ھذه الحضارة إذن على غیرھا من الحضارات؟

وھل ھذا فحسب؟ألسنا نرى ھذه النظم والتعالیم والفلسفات حتى في العلوم واألرقام یحطم بعضھا

ویرجع الناس بعد طول التجربة وعظیم ، ویقضي بعضھا على بعض ، بعضا یھا بمرارة الفشل وخیبة األمل وألم الحرمان؟التضحیات ف

مـھـمتنـا

ما مھمتنا إذا نحن اإلخوان المسلمین؟

وحضارات ،فھي أن نقف في وجھ ھذه الموجة الطاغیة من مدنیة المادة : أما إجماال فأبعدتھا عن زعامة النبي وھدایة ، التي جرفت الشعوب اإلسالمیة ،المتع والشھوات

حتى تنحسر ، وأخرت تقدمھ مئات السنین ، العالم من أنوار ھدیھا وحرمت، القرآن ولسنا واقفین عند ھذا الحد بل سنالحقھا في ، عن أرضنا ویبرأ من بالئھا قومنا

وتوقن الدنیا ، حتى یھتف العالم كلھ باسم النبي ، وسنغزوھا في عقر دارھا ، أرضھا وحینئذ یتحقق ، ارف على األرض وینتشر ظل اإلسالم الو، كلھا بتعالیم القرآن

هللا األمر من قبل ومن بعد (فال تكون فتنة ویكون الدین كلھ هللا و ،للمسلم ما ینشده ) ٥:الروم) (بنصر اهللا ینصر من یشاء وھو العزیز الرحیم، ویومئذ یفرح المؤمنون

. . اإلخوان المسلمین إجماالھذه مھمتنا نحن

بحكم أنھا في المقدمة من –فھي أن یكون في مصر أوال : وأما في بعض تفاصیلھا : ثم في غیرھا كذلك –دول اإلسالم وشعوبھ

:ـ نظام داخلي للحكم یتحقق بھ قول اهللا تبارك وتعالى ھواءھم واحذرھم أن یفتنوك عن بعض ما وأن احكم بینھم بما أنزل اهللا وال تتبع أ (

) .٤٩:المائدة) (أنزل اهللا إلیك

:ـ ونظام للعالقات الدولیة یتحقق بھ قول القرآن الكریم ) علیكم شھیداوكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شھداء على الناس ویكون الرسول ( ) .١٤٣:البقرة(

:ـ ونظام عملي للقضاء یستمد من اآلیة الكریمة

فال وربك ال یؤمنون حتى یحكموك فیما شجر بینھم ثم ال یجدوا في أنفسھم حرجا ( ).٦٥:النساء) (مما قضیت ویسلموا تسلیما

:ـ ونظام للدفاع والجندیة یحقق مرمى النفیر العام

) .٤١:التوبة) (انفروا خفافا وثقاال وجاھدوا بأموالكم وأنفسكم في سبیل اهللا (

:ـ ونظام اقتصادي استقاللي للثروة والمال والدولة واألفراد أساسھ قول اهللا تعالى ) .٥:النساء) (وا السفھاء أموالكم التي جعل اهللا لكم قیاماوال تؤت (

ویطابق جالل الوحي في أول ، ،ـ ونظام للثقافة والتعلیم یقضي على الجھالة والظالم ) .١:العلق) (اقرأ باسم ربك الذي خلق ( :آیة من كتاب اهللا

ینشئ الصبي المسلم والفتاة المسلمة والرجل المسلم ویحقق ـ ونظام األسرة والبیت

:قولھ تعالى ) .٦:التحریم) (یا أیھا الذین آمنوا قوا أنفسكم وأھلیكم نارا وقودھا الناس والحجارة (

:ـ ونظام للفرد في سلوكھ الخاص یحقق الفالح المقصود بقولھ تعالى ) .٩:الشمس) (قد أفلح من زكاھا (

ـ وروح عام یھیمن على كل فرد في األمة من حاكم أو محكوم قوامھ قول اهللا تعالى :

وابتغ فیما آتاك اهللا الدار اآلخرة وال تنس نصیبك من الدنیا وأحسن كما أحسن اهللا ( ) .٧٧:القصص) (بغ الفساد في األرضإلیك وال ت

:نحن نرید

...ـ الفرد المسلم

...ـ والبیت المسلم

...ـ والشعب المسلم

...ـ والحكومة المسلمة

ـ والدولة التي تقود الدول اإلسالمیة ، وتضم شتات المسلمین ، وتستعید مجدھم ، وبالدھم المغصوبة ، ثم تحمل علم وترد علیھم أرضھم المفقودة وأوطانھم المسلوبة

.الجھاد ولواء الدعوة إلى اهللا ، حتى تسعد العالم بتعالیم اإلسالم عـدتنــا

وھذا منھاجنا... ھذه غایتنا أیھا الناس فما عدتنا لتحقیق ھذا المنھاج ؟

والسالح الذي غزا بھ زعیمنا وقدوتنا محمد رسول ، عدتنا ھي عدة سلفنا من قبل مع قلة العدد وقلة المورد وعظیم ، اهللا علیھ وسلم وصحابتھ معھ العالم اهللا صلى

:الجھد .ھو السالح الذي سنحملھ لنغزو بھ العالم من جدید ،

:لقد آمنوا أعمق اإلیمان وأقواه وأقدسھ وأخلده .)١٦٠:آل عمران) (إن ینصركم اهللا فال غالب لكم ( :ـ باهللا ونصره وتأییده

) لقد كان لكم في رسول اهللا أسوة حسنة ( :ـ وبالقائد وصدقھ وإمامتھ ). ٢١:األحزاب(

یھدي بھ اهللا ، قد جاءكم من اهللا نور وكتاب مبین ( :ـ وبالمنھاج ومزیتھ وصالحیتھ ) .١٦-١٥:ئدةالما) (من اتبع رضوانھ سبل السالم ) .١٠:الحجرات) (إنما المؤمنون إخوة ( :ـ وباإلخاء وحقوقھ وقدسیتھ

ذلك بأنھم ال یصیبھم ظمأ وال نصب وال ( :ـ وبالجزاء وجاللھ وعظمتھ وجزالتھ فار وال ینالون من عدو نیال إال مخمصة في سبیل اهللا وال یطأون موطئا یغیظ الك

) .١٢٠:التوبة) (كتب لھم بھ عمل صالح إن اهللا ال یضیع أجر المحسنینوكتب لھم ، فھم الجماعة التي وقع علیھا اختیار القدر إلنقاذ العالمین : ـ وبأنفسھم

.ت للناس فكانوا خیر أمة أخرج،الفضل بذلك ونحن نرجو أن یحبب اهللا إلینا ھذا اإلیمان ، لقد سمعوا المنادي ینادي لإلیمان فآمنوا

.فاإلیمان أول عدتنا ...ویزینھ في قلوبنا كما حببھ إلیھم وزینھ من قبل في قلوبھم ، ، أن دعوتھم ھذه ال تنتصر إال بالجھاد ، ولقد علموا أصدق العلم وأوثقھ أن

وجاھدوا في ،فقدموا النفوس وبذلوا األرواح ، بذل وتقدیم النفس والمال والتضحیة وال :وسمعوا ھاتف الرحمن یھتف بھم ، اهللا حق جھاده

قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشیرتكم وأموال اقترفتموھا (ن كسادھا ومساكن ترضونھا أحب إلیكم من اهللا ورسولھ وجھاد في وتجارة تخشو

) .٢٤:التوبة) (سبیلھ فتربصوا حتى یأتي اهللا بأمره، راضیة قلوبھم ، طیبة بذلك نفوسھم ، وخرجوا عن كل شيء ، فأصاخوا للنذیر

.لذي بایعوا اهللا بھ مستبشرین ببیعھم ا .ركضا إلى اهللا بغیر زاد: یعانق أحدھم الموت وھو یھتف

. تركت لعیالي اهللا ورسولھ: ویبذل أحدھم المال كلھ قائال :ویخطر أحدھم والسیف على عنقھ

ولست أبالي حین اقتل مسلما عن أي جنب كان في اهللا مصرعيفالجھاد من ... وكذلك نحاول أن نكون ، وكبیر بذل ، یة وعظیم تضح، صدق جھاد : كذلك كانوا .عدتنا كذلك

:مطمئنون إلیھ ، ونحن بعد ھذا كلھ واثقون بنصر اهللا الذین إن مكناھم في األرض أقاموا ، ولینصرن اهللا من ینصره إن اهللا لقوي عزیز (

) ا الزكاة وأمروا بالمعروف ونھوا عن المنكر وهللا عاقبة األمورالصالة وآتو ) .٤١-٤٠:الحج(

بین الخیال و الحقیقة .وإنھ الغرور ، سیقول الذین یسمعون ھذا إنھ الخیال بعینھ وإنھ الوھم

وا ھذه القوى المتآلبة وأنى لھؤالء الذین ال یملكون إال اإلیمان والجھاد أن یقاوموھم بین ذراعي و ،وأن یصلوا إلى حقھم ، واألسلحة المتنوعة المختلفة ، المجتمعة

جبھة األسد ؟ویئسوا من ، فھم قد یئسوا من أنفسھم ،و لعل لھم بعض العذر ، سیقول كثیرون ھذا

ونحن ، ھا أما نحن فنقول إنھا الحقیقة التي نؤمن بھا ونعمل ل، صلتھم بالقوي القادر :نقرأ قول اهللا تعالى

وال تھنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنھم یألمون كما تألمون وترجون من ( ) .١٠٤:النساء) (اهللا ما ال یرجون

أسالفنا لم یكونوا أكثر ومكن اهللا لھم في األرض من ، وإن الذین فتحوا أقطار الدنیا ونحن سنعتد الیوم بما اعتد بھ ، ولكنھم مؤمنون مجاھدون ، وال أعظم عدة ، عددا

واهللا لیتمن ھذا األمر ، حتى : (رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یوم قال یبشر خبابا ) یسیر الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، ال یخاف إال اهللا و الذئب على غنمھ

.ذاك یستترونوكانوا إذ وكان مھاجرا بدینھ لیس معھ إال اهللا ، ویوم وعد سراقة بن مالك سوار كسرى

.وصاحبھ وقد حاصره المشركون في مدینتھ ، ویوم ھتف مطلعا على قصور الروم البیضاء

)وإذ زاغت األبصار وبلغت القلوب الحناجر: (بجنود من فوقھم ومن أسفل منھم ) .١٠:األحزاب(

؟؟.....ثم ماذا كان بعد ذلك ، وترددت في فم الزمان آیات قرآنیة ، كان أن أصغى مسمع الدھر لدعوة رسول اهللا

، وعم الكون نور ، وأشرقت شموس الھدایة في كل مكان من قلوب أصحابھ وأتباعھ وأمن ، ، لحكم وتذوقت اإلنسانیة حالوة السعادة بعدالة ا، ورفرف على الدنیا سالم

، المحكوم في ظل ھذا الرعیل األول من تالمذة محمد صلوات اهللا علیھ وسالمھ وألقت ، ومدت األرض بأعناقھا ، ودانت مدائن الفرس ، وفتحت قصور الروم

ترف علیھا أنفاس ، واستسلمت مختارة للھدایة المنقذة ، بجرانھا وزویت أكنافھا :وتحققت بھا رحمة اهللا من كل جانب ، المقدس وتمازجھا أنفاس الوحي ، النبوة

ورد اهللا الذین كفروا بغیظھم لم ینالوا خیرا وكفى اهللا المؤمنین القتال وكان اهللا قویا (یھم وقذف في قلوبھم وأنزل الذین ظاھروھم من أھل الكتاب من صیاص، عزیزا

وأورثكم أرضھم ودیارھم وأموالھم وأرضا لم ، الرعب فریقا تقتلون وتأسرون فریقا ) .٢٧-٢٥:األحزاب) (تطأوھا وكان اهللا على كل شيء قدیرا

، وسننتصر كما انتصر أسالفنا باألمس القریب ، ھذه العدة سنعتد أیھا الناس الیوم ب :وما النصر إال من عند اهللا العزیز الحكیم و وسیتحقق لنا وعد اهللا تبارك وتعالى

، ونرید أن نمن على الذین استضعفوا في األرض ونجعلھم أئمة ونجعلھم الوارثین ( ) .٦-٥:القصص) (ونمكن لھم في األرض

. )٦٠:الروم) (فاصبر إن وعد اهللا حق وال یستخفنك الذین ال یوقنون ( لو كانت لنا حكومة

مستقلة التفكیر ، صادقة اإلیمان ، لو كانت لنا حكومة إسالمیة صحیحة اإلسالم وجالل النظام اإلسالمي الذي ، لعلم عظمة الكنز الذي بین یدیھا تعلم حق ا، والتنفیذ لكان لنا أن نطلب ... وتؤمن بان فیھ شفاء شعبھا و وھدایة الناس جمیعا ، ورثتھ

وأن تطالب غیرھا من الدول بالبحث والنظر فیھ ، إلیھا أن تدعم الدنیا باسم اإلسالم ، اإلقناع والدلیل والبعثات المتتالیة وأن تسوقھا سوقا إلیھ بالدعوات المتكررة و،

والكتسبت مركزا روحیا وسیاسیا وعملیا ، وبغیر ذلك من وسائل الدعوة واإلبالغ وتدفع بھ نحو ، والستطاعت أن تجدد حیویة الشعب ، بین غیرھا من الحكومات

.وتثیر في نفسھ الحماسة والجد والعمل ، المجد والنور وتحمل ، وتنفق في سبیلھا ، وتدعو إلیھا ، تھتف بھا عجیب أن تجد الشیوعیة دولة

، وتعتز باتباعھا ،وتجاھد لھا ، وأن تجد الفاشیة والنازیة أمما تقدسھا ، الناس علیھا وأن تجد المذاھب االجتماعیة والسیاسیة ، وتخضع كل النظم الحیویة لتعالیمھا

وأفكارھم وأقالمھم وأموالھم یقفون علیھا أرواحھم وعقولھم ، المختلفة أنصار أقویاء .ویحیون ویموتون لھا، وصحفھم وجھودھم

الذي جمع محاسن ھذه ، وال نجد حكومة إسالمیة تقوم بواجب الدعوة إلى اإلسالم وتقدمھ لغیرھا من الشعوب كنظام عالمي فیھ الحل ، النظم جمیعا وطرح مساوئھا

اإلسالم جعل الدعوة مع أن، الصحیح الواضح المریح لكل مشكالت البشریة ، وأوجبھا على المسلمین شعوبا وجماعات قبل أن تخلق ھذه النظم ، فریضة الزمة

:وقبل أن یعرف فیھا نظام الدعایات ولتكن منكم أمة یدعون إلى الخیر ویأمرون بالمعروف وینھون عن المنكر وأولئك ( ) .١٠٤:آل عمران) (م المفلحونھ

، ودانوا بفكرتھم ، وھم جمیعا قد تربوا في أحضان األجانب ، ولكن أنى لحكامنا ھذا وفي مرضاتھم یتنافسون ؟ ولعلنا ال نكون مبالغین إذا قلنا إن ، على آثارھم یھرعون

ال عن أن فض،الفكرة االستقاللیة في تصریف الشؤون واألعمال لم تخطر ببالھم .تكون منھاج عملھم

وكان طبیعیا أال یكون لھذه ، لقد تقدمنا بھذه األمنیة إلى كثیر من الحاكمین في مصر فإن قوما فقدوا اإلسالم في أنفسھم وبیوتھم وشؤونھم الخاصة ، الدعوة اثر عملي

وفاقد ، ویتقدموا بدعوة سواھم إلیھ ، والعامة ألعجز من أن یفیضوه على غیرھم .شيء ال یعطیھ ال

، فقد أثبتت التجارب عجزھم المطلق عن أدائھا ، لیست ھذه مھمتھم أیھا اإلخوان وعلموه ،وجدوا في تكوینھ ، فأحسنوا دعوتھ ، ولكنھا مھمة ھذا النشء الجدید

وامألوا ، واستقالل الجھاد والعمل ، واستقالل الفكر والعقل ، استقالل النفس والقلب ، وجندوه تحت لواء محمد ورایتھ ، ل اإلسالم وروعة القرآن روحھ الوثابة بجال

.وسترون منھ في القریب الحاكم المسلم الذي یجاھد نفسھ ویسعد غیره طبیعة فكرتنـا

...أیھا اإلخوان المسلمون ...بل أیھا الناس أجمعون

..اوإن كانت السیاسة على قواعد اإلسالم من صمیم فكرتن، لسنا حزبا سیاسیا ولسنا جمعیة خیریة إصالحیة ، وإن كان عمل الخیر واإلصالح من أعظم

..مقاصدنا ..ولسنا فرقا ریاضیة ، وإن كانت الریاضة البدنیة والروحیة من أھم وسائلنا

لسنا شیئا من ھذه التشكیالت ، فإنھا جمیعا تبررھا غایة موضعیة محدودة لمدة مجرد الرغبة في تألیف ھیئة ، والتحلي باأللقاب معدودة ، وقد ال یوحي بتألیفھا إال

.اإلداریة فیھاوال یقیده ، فكرة وعقیدة ، ونظام ومنھاج ، ال یحدده موضع : ولكننا أیھا الناس

جنس ، وال یقف دونھ حاجز جغرافي ، وال ینتھي بأمر حتى یرث اهللا األرض ومن .األمین ذلك ألنھ نظام رب العالمین ، ومنھاج رسولھ ، علیھا

نحن أیھا الناس ـ وال فخر ـ أصحاب رسول اهللا ، وحملة رایتھ من بعده ، ورافعو لوائھ كما رفعوه ، وناشرو لوائھ كما نشروه ، وحافظو قرآنھ كما حفظوه ،

) ولتعلمن نبأه بعد حین(والمبشرون بدعوتھ كما بشروا ، ورحمة اهللا للعالمین . )٨٨:ص(

: اإلخوان المسلمون أیھاأو تسلكوا في ، فتقیسوا أنفسكم بغیركم ، فال تصغروا في أنفسكم ، ھذه منزلتكم

أو توازنوا بین دعوتكم التي تتخذ نورھا من ، دعوتكم سبیال غیر سبیل المؤمنین ، بغیرھا من الدعوات التي تبررھا الضرورات ، نور اهللا ومنھاجھا من سنة رسولھ

.ادث واألیام وتذھب بھا الحوولقد رأیتم ثمار ھذا المجھود الضئیل أصواتا تھتف بزعامة ، لقد دعوتم وجاھدتم

، وتخلیص الغایة هللا ، ووجوب النھوض للعمل ، رسول اهللا وھیمنة نظام القرآن ورغبة صادقة للشھادة في سبیل ، ودماء تسیل من شباب طاھر كریم في سبیل اهللا

واهللا معكم (، واعملوا ، فواصلوا جھودكم ، كنتم تنتظرون وھذا نجاح فوق ما . اهللا ) .٣٥:محمد) (ولن یتركم أعمالكم

ومن تقاعد عنا من المخلصین الیوم فسیلحق بنا غدا ، فمن تبعنا اآلن فقد فاز بالسبق أو ، أو سخریة بھا ، زھادة ، ومن رغب عن دعوتنا . وللسابق علیھ الفضل ، وسیقذف ، فستثبت لھ األیام عظیم خطأه ، أو یائسا من انتصارھا ، ستصغارا لھا ا

.اهللا بحقنا على باطلھ فیدمغھ فإذا ھو زاھق، فھنا الطریق السوي ، والمجاھدون المخلصون ، فإلینا أیھا المؤمنون العاملون

.وال توزعوا القوى والجھود ، والصراط المستقیم طي مستقیما فاتبعوه وال تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبیلھ ذلكم وصاكم بھ وأن ھذا صرا (

) .١٥٣:األنعام) (لعلكم تتقون حسـن البنــا

من ھم اإلخوان المسلمون؟ بســم اهللا الرحمـن الرحیـم

ي ھدانا لھذا وما كنا لنھتدي لوال أن ھدانا اهللالحمد هللا الذوالصالة والسالم علي سیدنا محمد إمام المجاھدین وعلي آلھ وصحبھ ومن جاھد في

سبیل دعوتھ إلى یوم الدین من ھم اإلخوان المسلمون؟

:أیھا اإلخوان المسلمون في الثالث عشر من ذي الحجة (طف اهللا بعد عامین من مؤتمركم الماضي بدار آل ل

دار فیھما الفلك دورتھ ، ورأي العالم فیھا مختلف األحداث ) ھجریة ١٣٥٧سنة ، ودوي علي األرض من جدید نفیر ) مخزن البارود(والظروف ، وانفجر أخیرا

الحرب بعد أن زعم أھلوھا أنھم قد أقروا فیھا السالم ، تجتمعون اآلن ـ أیھا اإلخوان ـ لتراجعوا صفحة أعمالكم ، ولتبینوا مراحل منھاجكم ، ولتتحدثوا إلى أنفسكم وإلي

الناس عن دعوتكم من جدید ، لعل في ذلك تبصرة وذكري ، والذكري تنفع المؤمنین .

أیھا اإلخوان المجاھدون الذین اجتمعت اللیلة من أقصي مصر المباركة إلى أقصاھا ..

.. وما دعوتكم بین الدعوات .. تم في أھل ھذا العصر ؟ أحب أن تتبینوا جیدا من أنوألي معني جمع اهللا بینكم ووحد قلوبكم ووجھتكم ، وأظھر .. وأیة جماعة جماعتكم

.فكرتكم في ھذا الوقت العصیب الذي تتلھف فیھ الدنیا إلى دعوة السالم واإلنقاذ عند فساد الناس ، وأنكم أنكم الغرباء الذین یصلحون.. فاذكروا جیدا أیھا االخوة

العقل الجدید الذي یرید اهللا أن یفرق بھ بین الحق والباطل في وقت التبس علیھا فیھ الحق بالباطل ، وأنكم دعاة اإلسالم ، وحملة القرآن ، وصلة األرض بالسماء ،

وخلفاء صحابتھ من بعده ، فضلت دعوتكم الدعوات ، وسمت rوورثھ محمد ت ، واستندتم إلى ركن شدید ، واستمسكتم بعروة وثقي ال انفصام غایتكم علي الغایا

واهللا ، لھ ، وأخذتم بنور مبین وقد التبست علي الناس المسالك وضلوا سواء السبیل .غالب على أمره

تجــردواذكروا جیدا أیھا اإلخوان أنھ ما من رجل منكم ـ أومن إخوانكم الذین حبسھم العذر

رجو بمناصرة ھذه الدعوة والعمل تحت رایتھا غایة من عن حضور مؤتمركم ـ یغایات الدنیا أو عرضا من أعراضھا ، وأنكم تبذلون من ذات أنفسكم وذات یدكم ، ال تعتمدون إال علي اهللا ، وال تستمدون المعونة والتأیید إال منھ ، وال ترجون إال ثوابھ

) ٤٥:النساء) ( وكفى باهللا نصیراوكفى باهللا ولیا(، وال تبتغون إال وجھھ فھــم

أن اهللا قد من علیكم ، ففھمتم اإلسالم فھما نقیا صافیا ، .. واذكروا جیدا أیھا اإلخوان سھال شامال ، كافیا ووافیا ، یسایر العصور ویفي بحاجات األمم ، ویجلب السعادة

حیین وتعقید المتفلسفین ، ال غلو فیھ للناس ، بعیدا عن جمود الجامدین وتحلل اإلباوال تفریط ، مستمدا من كتاب اهللا وسنة رسولھ وسیرة السلف الصالحین استمدادا

منطبقا منصفا ، بقلب المؤمن الصادق ، وعقل الریاضي الدقیق ، وعرفتموه علي عقیدة وعبادة ، ووطن وجنس ، وخلق ومادة ، وسماحة وقوة ، وثقافة : وجھھ

دین ودولة ، وحكومة وأمة ، ومصحف وسیف ، : واعتقدتموه علي حقیقتھ . ون وقان :وخالفة من اهللا للمسلمین في أمم األرض أجمعین

) وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شھداء على الناس ویكون الرسول علیكم شھیدا ( ) .١٤٣:البقرة(

خــوةأ أن كل شعبة من شعبكم وحدة متصلة الروح مؤتلفة .. واذكروا جیدا أیھا اإلخوان

القلوب ، جمعتھا الغایة السامیة علي ھدف واحد وأمل واحد وألم واحد وجھاد واحد ، وأن ھذه الوحدات المؤتلفة یرتبط بعضھا ببعض ویتصل بعضھا ببعض ویحن

وتشعر كل أمة منھا أنھا ال تتم إال باخوتھا بعضھا إلى بعض ویقدر بعضھا بعضا ،وال تكمل أخوتھا إال بھا ، كلبنات البناء المرصوص یشد بعضھ بعضا ، وأنھا جمیعا ترتبط بمركزھا العام أوثق ارتباط وأسماه وأعاله ، روحیا وإداریا وعملیا ومظھریا

منیرة حول محورھا ، وتدور حولھ كما تدور المجموعة المتماسكة من الكواكب ال) إنما المؤمنون إخوة: (الجاذب وأصلھا الثابت ، لتحقق بذلك قول اهللا تبارك وتعالي

) .١٠:الحجرات( جـھاد

واذكروا جیدا أیھا األخوة أن اهللا تبارك وتعالي قد بارك جھادكم ونشر فكرتكم وجمع وینتصر لمبادئكم عدد غیر قلیل القلوب علیكم ، فال یمر یوم حتى تتكون لكم شعب

ممن كانوا یجھلونھا أو ییأسون من نجاحھا أو یتبرمون بھا أو یكیدون لھا ، وبذلك وصلت دعوتكم إلى مختلف الطبقات ، وتغلغلت في المجتمعات ، ووجدت األتباع

:واألنصار في كل األوساط البیئات . سبیل اإلصالح الحق ـ آالف من الشباب المؤمن مستعدون للعمل والجھاد في

.ـ دور في كل مكان مجھزة للدعوة واإلرشاد والتوجیھ الصالح .ـ فرق منظمة تزاول الریاضة البدنیة والروحیة بلذة وشغف وسرور

ـ شعب منبثة في القرى والكفور والنجوع والمدن والحواضر تربو علي الخمسمائة .تتعاون وتتكاتف وتتسابق في الخیرات

أقالم مفصحة مبینة تكشف للناس عن جمال اإلسالم وروعة اإلسالم ـ ألسنة و .وحقائق اإلسالم

.ـ بعثات مستمرة تنفر في سبیل اهللا لتتفقھ في الدین ولتعلمھ الناس ذلك ھدى : (ھذه بعض آثار جھادكم أیھا اإلخوان ترونھا واضحة تتضاعف وتزداد

) .٨٨:اماألنع) (اهللا یھدي بھ من یشاء

تضـحیةواذكروا جیدا أیھا اإلخوة أن دعوتكم أعف الدعوات ، وأن جماعتكم أشرف

الجماعات ، وأن مواردكم من جیوبكم ال من جیوب غیركم ، ونفقات دعوتكم من قوت أوالدكم ومخصصات بیوتكم وأن أحدا من الناس أو ھیئة من الھیئات أو حكومة

وما ، ال تستطیع أن تجد لھا في ذلك منة علیكم .. ول أو دولة من الد، من الحكومات :ذلك بكثیر على دعوة أقل ما یطلب من أھلھا النفس والمال

) .١١١:التوبة) (إن اهللا اشترى من المؤمنین أنفسھم وأموالھم بأن لھم الجنة (

إخـالصولكن لتعلموا أن اهللا قد ، ان ـ ال للفخر و ال للمباھاة اذكروا ھذا جیدا ـ أیھا اإلخو

كتب لدعوتكم من اإلیمان واإلخالص والفھم والوحدة والتأیید والتضحیة ما لم یكتبھ وتلك الصفات ، الفخمة المظاھر ، العالیة البوق ، لكثیر من الدعوات الرائجة السوق

لیھا كاملة ، وأن تزیدوھا في فاجتھدوا أن تحرصوا ع. ھي دعائم الدعوات الصالحة بل اهللا یمن علیكم ( ،أنفسكم ثباتا وقوة ، واعلموا أنھ لیس لكم في ذلك فضل وال منة

).١٧:الحجرات) (أن ھداكم لإلیمان إن كنتم صادقین

ھـل نحن قوم غـامضون؟ ..أیھا اإلخوان المسلمین

ال زال ھناك ، مضت وأنتم تجھرون بدعوتكم وتبلغونھا للناس بعد اثني عشرة عامافھل أنتم قوم ، ویراھم أمامھ جماعة غامضة ، فریق یتساءل عن اإلخوان المسلمین

وسأتكلم عن غایة . غامضون؟ وسأجیب على ھذا السؤال بصراحة ووضوح عن موقفھم و، وعن وسیلتھم وعن موقفھم من الھیئات المختلفة ، اإلخوان المسلمین

والكثیر منكم أحاط بذلك علما . في ھذه الظروف الحاضرة التي تظلل الناس حوادثھا وإنما نذكر ، وقد سبق لنا أن فصلناه في رسائل اإلخوان وكتاباتھم ومحاضراتھم ،

. ذلك اآلن في إیجاز تذكرة للغافل وتعلیما لمن لم یكن یعلم غایة اإلخوان المسلمین

غایة قریبة یبدو ھدفھا وتظھر ثمرتھا ألول یوم : مسلمون لغایتین یعمل اإلخوان الأو تظھر الجماعة اإلخوانیة فیھ في میدان العمل العام ، ینضم فیھ الفرد إلى الجماعة

وغایة بعیدة البد فیھا من ترقب الفرص وانتظار الزمن وحسن اإلعداد وسبق . .التكوین

والخدمة ، خیر العام أیا كان لونھ ونوعھ فأما الغایة األولى فھي مساھمة في ال .االجتماعیة كلما سمحت بھا الظروف

فیكون مطالبا بتطھیر نفسھ وتقویم مسلكھ وإعداد روحھ ، یتصل األخ باإلخوان ثم ھو مطالب بأن ، وعقلھ وجسمھ للجھاد الطویل الذي ینتظره في مستقبل األیام

فال یكون األخ أخا مسلما حقا حتى ، یشیع ھذه الروح في أسرتھ وأصدقائھ وبیئتھویقف عند حدود األمر والنھي ، یطبق على نفسھ أحكام اإلسالم وأخالق اإلسالم

فألھمھا ، ونفس وما سواھا : (التي جاء بھا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم عن ربھ ) .١٠-٧:الشمس) (وقد خاب من دساھا، قد أفلح من زكاھا ، فجورھا وتقواھا

وتتكون الجماعة من جماعات اإلخوان ، فتتخذ دارا وتعمل علي تعلیم األمیین وتلقین الناس أحكام الدین وتقوم بالوعظ واإلرشاد واإلصالح بین المتخاصمین ، وإقامة

مقدرتھا المنشآت النافعة من مدارس ومعاھد و مستوصفات ومساجد في حدود والظروف التي تحیط بھا ، وكثیر من شعب اإلخوان ینھض بھذه الواجبات یؤدیھا

.غلي حالة مرضیة من حسن األداء !فھل ھذا ما یریده اإلخوان المسلمون ویجھزون أنفسھم لھ ویأخذونھا بھ ؟

ھو .. ال أیھا اإلخوان لیس ھذا ك ما نرید ، ھو بعض ما نرید ابتغاء مرضاة اهللا دف األول القریب ، صرف الوقت في طاعة وخیر حتى یجيء الظرف المناسب الھ

.وتحین ساعة العمل لإلصالح الشامل المنشود أما اإلصالح الذي یریده .. أما ھدف اإلخوان األسمى .. أما غایة اإلخوان األساسیة یعا فھو إصالح شامل كامل تتعاون علیھ قوي األمة جم.. اإلخوان ویھیؤن لھ أنفسھم

.وتتجھ نحوه األمة جمیعا ویتناول كل األوضاع القائمة بالتغییر والتبدیل إن اإلخوان المسلمین یھتفون بدعوة ، ویؤمنون بمنھاج ، ویناصرون عقیدة ،

ویعملون في سبیل إرشاد الناس إلى نظام اجتماعي یتناول شؤون الحیاة جمیعا اسمھ ي قلب سید المرسلین لیكون بھ من المنذرین نزل بھ الروح األمین عل) .. اإلسالم(

ویریدون بعث األمة اإلسالمیة النموذجیة التي تدین بالسالم .. بلسان عربي أمین الحق ، فیكون لھا ھادیا وإماما ، وتعرف في الناس بأنھا دولة القرآن التي تصطبغ

ھذا السبیل بھ والتي تذود عنھ والتي تدعو إلیھ والتي تجاھد في سبیلھ وتضحي في .بالنفوس واألموال

لقد جاء اإلسالم نظاما وإماما ، دینا ودولة ، تشریعا وتنفیذا ، فبقي النظام وزال ألیس ھذا . اإلمام ، واستمر الدین وضاعت الدولة ، وازدھر التشریع وذوي التنفیذ

واألموال وإال فأین الحكم بما أنزل اهللا في الدماء ! ھو الواقع أیھا اإلخوان ؟وأن احكم بینھم بما أنزل اهللا وال ( :rواألعراض ؟ واهللا تبارك وتعالي یقول لنبیھ

تتبع أھواءھم واحذرھم أن یفتنوك عن بعض ما أنزل اهللا إلیك فإن تولوا فاعلم أنما ) . ٤٩:المائدة) (ن یصیبھم ببعض ذنوبھم وإن كثیرا من الناس لفاسقونیرید اهللا أ

واإلخوان المسلمون یعلمون لیتأید النظام بالحكام ، ولتحیا من جدید دولة اإلسالم ، ولتشمل بالنفاذ ھذه األحكام ، ولتقوم في الناس حكومة مسلمة ، تؤیدھا أمة مسلمة ،

ثم جعلناك على ( : في كتابھ حیث قال rظم حیاتھا شریعة مسلمة أمر اهللا بھا نبیھ تنإنھم لن یغنوا عنك من اهللا ، شریعة من األمر فاتبعھا وال تتبع أھواء الذین ال یعلمون

) . ١٩-١٨:الجاثـیة) (م أولیاء بعض واهللا ولي المتقینشیئا وإن الظالمین بعضھ

بعض نتائج فساد النظام االجتماعي الحالي في مصر ..أیھا اإلخوان

وأكثرھا ،وأیسرھا رزقا ، وأعدلھا ھواء ، إننا في اخصب بقاع األرض وأعذبھا ماء وأحفلھا بآثار ، ما ومعرفة وأقدمھا مدنیة وحضارة وعل،وأوسطھا دارا ، خیرا

وفي بلدنا المواد األولیة والخامات ، العمران الروحي والمادي والعملي والفني الصناعیة والخیرات الزراعیة وكل ما تحتاج إلیھ أمة قویة ترید أن تستغني بنفسھا

وما من أجنبي ھبط ھذا البلد األمین إال صح بعد مرض ، وتسوق الخیر إلى غیرھا فماذا أفاد المصریون .. بعد فاقة وعز بعد ذلة وأترف بعد البؤس والشقاء واغتنى

وھل ینتشر الفقر والجھل والمرض والضعف في بلد .. أنفسھم من ذلك كلھ؟ ال شيء !كما ینتشر في مصر الغنیة مھد الحضارة وزعیمة أقطار الشرق غیر مدافعة؟

ددنا من أخطار اجتماعیة ماحقة إلیكم أیھا اإلخوان بعض األرقام التي تنطق بما یھ :ساحقة إن لم یتداركنا فیھا اهللا برحمتھ فسیكون لھا أفدح النتائج وأعظم اآلثار

واألرض المنزرعة نحو ستة ، الفالحون في مصر یبلغون ثمانیة مالیین ) ١( .مالیین من األفدنة وعلى ھذا االعتبار یخص الفرد الواحد نحو ثلثي فدان

لى جانب ھذا أن األرض تفقد خواصھا لضعف المصارف وكثرة فإذا الحظنا عوإنھا لھذا السبب تأخذ من السماد الصناعي أضعاف غیرھا من التي تقل ، اإلجھاد

وإن التوزیع في ھذه ، وإن عدد السكان یتكاثر تكاثرا سریعا ، عنھا جودة وخصوبة ملیونین ال یزید ملكھم و، األرض یجعل من ھذا العدد أربعة مالیین ال یملكون شیئا

علمنا مبلغ الفقر ، عن نصف فدان ومعظم الباقي ال یزید ملكھ على خمسة أفدنة الذي یعانیھ الفالحون المصریون ودرجة إنحطاط مستوى المعیشة بینھم درجة

.ترعب وتخیفإن أربعة مالیین من المصریین ال یحصل أحدھم على ثمانین قرشا في الشھر بشق

ا فرضنا أن لھ زوجة وثالثة أوالد وھو متوسط ما یكون علیھ الحال في فإذ، النفس كان متوسط ما یخص الفرد في العام ، الریف المصري بل األسر المصریة عامة

قرشا ١٤٠(فإن یتكلف صاحبھ ، وھو أقل بكثیر مما یعیش بھ الحمار ، جنیھین قرشا أردب ١٥٠ قرشا حمال ونصف الحمل من التبن و ٣٠خمس فدان برسیم و

وھو ضعف ما ) قرشا٣٤٠ قرشا أربعة قراریط عفش ذرة ومجموعھا ٢٠فول و وبذلك یكون أربعة مالیین مصري ، یعیش بھ الفرد من ھؤالء اآلدمیین في مصر

.یعیشون اقل من عیشة الحیوان .ثم إذا نظرت إلى طبقة المالك الكبار وجدتھم مكبلین بالدیون أذالء للمحاكم والبنوك

ویبلغ دینھ ، إن البنك العقاري وحده یحوز من الرھون قریبا من نصف ملیون فدان وھذا بنك ، ١٩٣٦ ملیونا من الجنیھات إلى أكتوبر سنة ١٧على المالك المصریین

.واحد ١٩٣٩وقد بلغ ثمن ما نزعت ملكیتھ للدیون من األرض والمنازل في سنة

رقام؟فعلى أي شيء تدل ھذه األ) جنیھا٣٤٦٫٢٥٦(، أي نحوا من ستة مالیین عامل ) ٥٫٧١٨٫١٢٧(العمال في مصر یبلغون ) ٢(

وھناك ، أي أكثر من نصف ملیون ال یجدون شیئا ) ٥١١٫١١٩(یشكو التعطل .الجیوش من حملة الشھادات العاطلین

فكیف یشعر إنسان ھذه حالھ بكرامتھ اإلنسانیة أو یعرف معنى العاطفة القومیة ولقد استعاذ النبي ـ صلى اهللا علیھ ، وھو بلد ال یستطیع أن یجد فیھ القوت والوطنیة

فضال عن أن المشتغلین ، یكاد الفقر أن یكون كفرا : وقدیما قیل ، وسلم ـ من الفقر من العمال مھددون باستغالل أصحاب رأس المال وضعف األجور واإلرھاق في

وقد ، افي لحمایة ھؤالء البائسین ولم تصدر الحكومات بعد التشریع الك، العمل ضاعفت حالة الحرب القائمة ھذا العدد من المتعطلین وزادت العاملین منھم بؤسا

.على بؤسھمشركات االحتكار في مصر قد وضعت یدھا على مرافق الحیاة والمنافع العامة ) ٣( ال ترقب في فالنور والمیاه والملح والنقل ونحوھا كلھا في ید ھذه الشركات التي ،

والتي تحقق أفحش األرباح وتضن حتى باستخدام المصریین ، مصري إال وال ذمة .في أعمالھا

١٩٣٣ إلى سنة ١٨٦٥ مایو سنة ٢٧لقد بلغت أرباح شركة المیاه منذ تأسست في وقد بلغ التفریط والتھاون بالحكومة المصریة أن ، عشرین ملیونا من الجنیھات

وكان ناظر الشغال (الشركة في عھد وزارة ریاض باشا باعت حصتھا في أرباح بمبلغ عشرین ألفا من الجنیھات مع أن حصتھا في صافي ) حینذاك محمد زكي باشا

فقط مبلغ ملیونین ١٩٣٤ إلى سنة ١٨٩٩ یولیو سنة ١٠الربح من تاریخ البیع وھو .ونصف من الجنیھات

وقد بلغت أرباحھا في ، حیاة شركة أجنبیة تستغل جمیع مرافق ال٣٢٠إن في مصر وھذه الشركات جمیعا تخالف نصوص ) جنیھا٧٫٦٣٧٫٤٨٢( الماضیة ١٩٣٨سنة

العقود في كثیر من التصرفات ثم ال یكون التصرف معھا إال متراخیا ضعیفا یفوت .الفائدة على الحكومة والجمھور معا

بلغ ١٩٣٨سنة ولعل من الطریف المبكي أن نقول إن عدد الشركات المصریة إلى . شركة أجنبیة٣٢٠إحدى عشر شركة فقط مقابل

مریضا ) ٧٫٢٤١٫٣٨٣ (١٩٣٤لقد استقبلت العیادات الحكومیة المصریة سنة ) ٤( وملیون ونصف ، وأكثر من نصف ملیون باألنكلستوما ، منھم ملیون بالبلھارسیا

من ٥٥٫٥٧٥ وفیھا، في المائة مریض بالرمد والطفیلیات ٩٠وفي مصر ، بالرمد ویكشف لنا الكشف الطبي في المدارس وفي المعاھد وفي الجامعة ـ ، فاقدي البصر

ومنھا الكلیة الحربیة ـ حقائق عجیبة عن ضعف بنیة الطالب وھم زھرة شباب األمة وكل ذلك في أمة علمھا نبیھا أن تسأل اهللا أن یعافیھا في أبدانھا وفي سمعھا وفي ،

.بصرھا، بعد ھذا الجھاد الطویل ال زالت بھا آالف كثیر ممن ال یخط األلف إن مصر ) ٥(

من بینھم تالمیذ ) في المائة٢٠(والزال عدد المتعلمین فیھا ال یجاوز الخمس المدارس اإللزامیة الذین ال یحسنون شیئا وكثیر منھم لم یجاوز شھادة إتمام الدراسة

ال تنقطع الشكوى من أن مؤھالتھم العلمیة االبتدائیة و حتى الذین تعلموا تعلیما عالیاوتتردد ھذه الشكوى على لسان ، ال تمكنھم من النجاح الكامل في الحیاة العملیة

.وزراء المعارف ورؤساء دوائر العمال وغیرھم وقد انحط مستوى الخلق انحطاطا عجیبا فقد بلغ عدد الذین حوكموا بجرائم ) ٦(

أكثر من ملیون مصري ومصریة دخل منھم السجن ١٩٣٨تخالف القانون في سنة عدا من لم تصل إلیھم ید القضاء ولم تعرف جرائمھم ، زھاء مائة ألف أو یزیدون

.بعدھذا مع جرأة كثیر من الشبان وغیر الشبان على المخالفات الدینیة التي ال یؤاخذ

والسباق علیھا القانون الوضعي كشرب الخمر واإلقبال على القمار والیانصیب .بدون خشیة وال حیاء، والعبث وما إلیھ مما ال یحصیھ العد ، ونحوھا

ومع أننا فقدنا مقومات الحیاة المادیة من العلم الدنیوي النافع ومن الثروة ) ٧( .كال.. فھل أبقینا على شيء من قوانا الروحیة؟ كال ، والمال ومن القوة الصحیة

...ویعتمد علیھ حق االعتماد؟ ، اإلیمان كم من المصریین یؤمن باهللا حق ...وكم منھم یعتز بكرامتھ القومیة وعزتھ اإلسالمیة؟

...وكم منھم یؤدي الصلوات؟ ...وكم من ھؤالء المؤدین یقیمھا على وجھھا ویتعرف أحكامھا وأسرارھا؟

...وكم منھم یؤدي الزكاة ویتحرى بھا مصارفھا والغایة منھا؟ ...اهللا ویتقیھ ویبتعد عن المعصیة ویتجنب كبائر اإلثم والفواحش؟ وكم منھم یخشى

یجیبنا الواقع المشاھد عن األسئلة جمیعا جوابا یؤلم ویحزن ویحز نفس كل مؤمن .غیور

الـداء والـدواء

..أیھا اإلخوان .وھذا قلیل من كثیر من مظاھر البؤس والشقاء في مصر، ھذه لغة األرقام

..؟ فما سبب ذلك كلھ ..ومن المسؤول عنھ؟

..وما الطریق إلى اإلصالح؟ ، وكیف نتخلص منھ وما الطریق :السـبب

فقد غزتنا ، أما سبب ذلك ففساد النظام االجتماعي في مصر فسادا البد لھ من عالج أوربا منذ مائة سنة بجیوشھا السیاسیة وجیوشھا العسكریة وقوانینھا ونظمھا

وإلى جانب ھذا بخمرھا ونسائھا ومتعھا وترفھا ، نھاومدارسھا وعلومھا وفنوووجدت منا صدورا رحبة وأدوات طیعة تقبل كل ما یعرض ، وعاداتھا وتقالیدھا

ولم نقف عند حد االنتفاع بما یفید من علم ومعرفة ، ولقد أعجبنا بذلك كلھ ، علیھا ین بنا فأسلمنا بل كنا عند حسن ظن الغاصب،وفن ونظام وقوة ومنعة وعزة واستعالء

، وقدمو لنا الضار من بضاعتھم فأقبلنا علیھ ، وأھملنا من أجلھم دیننا ، لھم قیادنا وزاد الطین بلة أن تفرقنا على الفتات شیعا ، وحجبوا عنا النافع منھا وغفلنا عنھ

ال نتبین ھدفا وال ، وأحزابا یضرب بعضنا وجوه بعض وینال بعضنا من بعض .نجتمع على منھاج

:المسؤول الحاكم الذي النت قناتھ : أما المسؤول عن ذلك فالحاكم والمحكوم على السواء

حتى فشت ، وعني بنفسھ اكثر مما عني بقومھ ، وسلس قیاده للغاصبین ، للغامزین فاألنانیة والرشوة .. في اإلدارة المصریة عطلت فائدتھا وجرت على الناس بالئھا

، والتعقید كلھا صفات بارزة في اإلدارة المصریة والمحاباة والعجز والتكاسلوالمحكوم الذي رضي بالذلة وعجز وغفل عن الواجب وخدع بالباطل وانقاد وراء

.األھواء وفقد قوة اإلیمان وقوة الجماعة فأصبح نھب الناھبین وطعمة الطامعین :الخــالص

، أس وال یأس مع الحیاة وال حیاة مع الی، أما كیف نتخلص من ذلك فبالجھاد والكفاح فنخلص من ذلك كلھ بتحطیم ھذا الوضع الفاسد وأن نستبدل بھ نظاما اجتماعیا خیرا

تقوم علیھ وتحرسھ حكومة حازمة تھب نفسھا لوطنھا وتعمل جاھدة إلنقاذ ، منھ ولئن فقدت األمة مصباح وھاج ،یؤیدھا شعب متحد الكلمة قوي اإلیمان ، شعبھا

.ر على ھداهنھتدي بنوره ونسیوال تستطیع حكومة مصریة أن تقوم بھذا اإلصالح االجتماعي حتى تتحرر تماما من

وتتخلص من ھذا ، الضعف والعجز والخوف والتدخل السیاسي الذي یقید خطواتھا .النیر الفكري الذي وضعتھ أوربا في أعناقنا فأضعف نفوسنا وأوھن مقاومتنا

جساما تغیر النظم واألوضاع وتجدد الدول ونحن نستقبل في ھذه األیام حوادثفاولى بنا أن نتخذھا فرصة سانحة للتحلل من آثار الماضي وبناء ، والممالك

.المستقبل المجید على دعائم قویمة من ھذا اإلصالح اإلسالمي القویم :ولھذا كان ھدف اإلخوان المسلمین یتلخص في كلمتین

ـ العودة للنظام اإلسالمي االجتماعي ـ والتحرر الكامل من كل سلطان أجنبي

.وبذلك نستطیع أن ننقذ مصر من آثار ھذه الویالت

یراھا الناس بعیدة ، ولنا بعد ذلك آمال جسام في إحیاء مجد اإلسالم وعظمة اإلسالم ) نفاصبر إن وعد اهللا حق وال یستخفنك الذین ال یوقنو ( :ونراھا قریبة

).٦٠:الروم(

وسیلة اإلخوان المسلمین :أما وسائلنا العامة

ـ فاإلقناع ونشر الدعوة بكل وسائل النشر حتى یفقھھا الرأي العام ویناصرھا عن .عقیدة وإیمان

.ـ ثم استخالص العناصر الطیبة لتكون ھي الدعائم الثابتة لفكرة اإلصالحالدعوة في األندیة الرسمیة وتناصرھا ـ ثم النضال الدستوري حتى یرتفع صوت ھذه

وتنحاز إلیھا القوة التنفیذیة، وعلى ھذا األساس سیتقدم مرشحو اإلخوان المسلمین حین یجيء الوقت المناسب إلى األمة لیمثلوھا في الھیئات النیابیة، ونحن واثقون

من ینصره إن اهللا ولینصرن اهللا (بعون اهللا من النجاح مادمنا نبتغي بذلك وجھ اهللا ).٤٠:الحج) (لقوي عزیز

أما سوي ذلك من الوسائل فلن نلجأ إلیھ إال مكرھین ن ولن نستخدمھ إال مضطرین ، وسنكون حینئذ صرحاء شرفاء ، ال نحجم عن إعالن موقفنا واضحا ال لبس فیھ وال

أیا كانت ، ال نلقي التبعة غموض معھ ، ونحن علي استعداد تام لتحمل نتائج عملناعلي غیرنا ، وال نتمسح بسوانا ، ونحن نعلم أن ما عند اهللا خیر وأبقي ، وأن الفناء

في الحق ھو عین البقاء ، وأنھ ال دعوة بغیر جھاد ، وال جھاد بغیر اضطھاد ، : وعندئذ تدنو ساعة النصر ویحین وقت الفوز ، ویتحقق قول الملك الحق المبین

ى إذا استیأس الرسل وظنوا أنھم قد كذبوا جاءھم نصرنا فنجي من نشاء وال یرد حت( ).١١٠:یوسف) (بأسنا عن القوم المجرمین

نحن و السیاسة

ھذه سبیل وما لإلخوان والبرلمان واإلخوان جماعة دینیة و: وقد یقول بعض الناس الھیئات السیاسیة؟ ألیس ھذا یؤید ما یقول الناس من أن اإلخوان المسلمین قوم

؟سیاسیون ال یقفون عند حد الدعوة لإلسالم كما یدعونأما أنا سیاسیون حزبیون .. أیھا األخ : وأقول لھذا القائل في صراحة ووضوح

طیع أحد أن یأتي على وال یست، نناصر حزبا ونناھض آخر فلسنا كذلك ولن نكونھ .ھذا بدلیل أو شبھ دلیل

وأما أننا سیاسیون بمعنى أننا نھتم بشئون أمتنا ، ونعتقد أن القوة التنفیذیة جزء من تعالیم اإلسالم تدخل في نطاقھ وتندرج تحت أحكامھ ، وأن الحریة السیاسیة والعزة

ین الستكمال القومیة ركن من أركانھ وفریضة من فرائضھ ، وأننا نعمل جاھدالحریة وإلصالح األداة التنفیذیة فنحن كذلك ، ونعتقد أننا لم نأت فیھ بشيء جدید ،

فھذا المعروف عن كل مسلم درس اإلسالم دراسة صحیحة ونحن ال نعلم دعوتنا ولم نخرج بذلك قید شعرة عن . والنتصور معنى لوجودنا إال تحقیق ھذه األھداف

الم ال یكتفي من المسلم بالوعظ واإلرشاد ولكنھ یحدوه الدعوة إلى اإلسالم ، واإلس) والذین جاھدوا فینا لنھدینھم سبلنا وإن اهللا لمع المحسنین(دائما إلى الكفاح والجھاد

).٦٩:العنكبوت(

أما موقفنا من الھیئات في مصر فصریح واضح نتحدث بھ ونكتب عنھ في كل ......ظروف والمناسباتال

نحن والحكوماتفأما موقفنا من الحكومات المصریة على اختالف ألوانھا فھو موقف الناصح الشفیق

وإن كانت التجارب ، وأن یصلح اهللا بھا الفساد ، الذي یتمنى لھا السداد والتوفیق ، .ليویا ویح الشجي من الخ، الكثیرة كلھا تقنعنا بأننا في واد وھي في واد

وتقدمنا لكثیر ، لقد رسمنا للحكومات المصریة المتعاقبة كثیرا من مناھج اإلصالح ..منھا بمذكرات إضافیة في كثیر من الشؤون التي تمس صمیم الحیاة المصریة

لقد لفتنا نظرھا إلى وجوب العنایة بإصالح األداة الحكومیة نفسھا باختیار الرجال ءات ومراعاة الكفایات و القضاء على االستثناءات وتركیز األعمال وتبسیط اإلجرا

.. وإلى إصالح منابع الثقافة العامة بإعادة النظر في سیاسة التعلیم ومراقبة الصحف

واستدراك نواحي النقص فیھا وتوجیھھا ، والكتب والسینما والمسارح واإلذاعة .الوجھة الصالحة

ومحاربة المنكر ومقاومة اإلثم ، وإصالح القانون باستمداده من شرائع اإلسالم ..بالحدود وبالعقوبات الزاجرة الرادعة

.وتوجیھ الشعب وجھة صالحة بشغلھ بالنافع من األعمال في أوقات الفراغولقد قامت وزارة الشؤون االجتماعیة لسد ھذا ، ال شيء .. فماذا أفاد كل ذلك؟

ام؟الفراغ فماذا فعلت وقد مضى علیھا أكثر من عام ونصف عھي الجواب لكل " ال شيء"وستظل ، ال شيء .. ماذا أنجزت من األعمال ؟

المقترحات مادمنا ال نجد الشجاعة الكافیة للخروج من سجن التقلید والثورة على ھذا ، وما دمنا لم نحدد المنھاج ولم نتخیر إلنفاذه األكفاء من الرجال ، الروتین العتیق

ن یفتح اهللا بیننا وبین قومنا بالحق وھو خیر ومع ھذا فسنظل في موقف الناصحی .الفاتحین

نحن و األحزابأما موقفنا من األحزاب السیاسیة فلسنا نفاضل بینھا وال ننحاز إلى واحد منھا ولكننا

:نعتقد أنھا تتفق جمیعا في عدة أمور تتفق في أن كثیرا من رجالھا قد عملوا على خدمة القضیة السیاسیة المصریة،

شتركوا فعال في الجھاد في سبیلھا، وفي الوصول إلى ما وصلت إلیھ مصر من واثمرات ھذا الجھاد الضئیلة أو الجلیلة، فنحن في ھذه الناحیة ال نبخس ھؤالء الرجال

.حقھموتتفق كذلك في أن حزبا منھا لم یحدد بعد منھاجا دقیقا لما یرید من ضروب

لیھ ، وھي لھذا ال تتفاوت في المناھج واألغراض اإلصالح ، ولم یضع ھدفا یرمي إ .والغایات

وتتفق كذلك في أنھا جمیعا لم تقتنع بعد بوجوب المناداة باإلصالح االجتماعي على قواعد اإلسالم وتعالیم اإلسالم ، وال زال أقطابھا جمیعا یفھمون اإلسالم على أنھ

األمم والشعوب االجتماعیة ضروب من العبادات والروحانیات ال صلة لھا بحیاة .والدنیویة

وتتفق بعد ذلك في أنھا تعاقبت على حكم ھذا البلد فلم تأت بجدید ، ولم یجد الناس في ، ولقد كان لھذا أثر العملي ، ظل حكمھا ما كانوا یأملون من تقدم مادي أو أدبي

ومنھا ، فقامت في مصر الحكومات غیر الحزبیة في أحرج الظروف وأدق المواقف .الحكومة الحالیة

وإذا فال خالف بین األحزاب المصریة إال في مظاھر شكلیة ، وشؤون شخصیة ، ال یھتم لھا اإلخوان المسلمون ، ولھذا فھم ینظرون إلى ھذه األحزاب جمیعا نظرة

واحدة ، ویرفعون دعوتھــم ـ وھي میراث رسول اهللا ـ فوق ھذا المستوى الحزبي ھا واضحة مستنیرة إلى كل رجال ھذه األحزاب على السواء ، كلھ ، ویوجھون

ویودون أن لو أدرك حضراتھم ھذه الحقیقة ، وقدروا ھذه الظروف الدقیقة ، ونزلوا على حكم الوطنیة الصحیحة ، فتوحدت كلمتھم ، واجتمعوا على منھاج واحد ،

خوان المسلمین ، بل تصلح بھ األحوال وتتحقق اآلمال ، ولیس أمامھم إال منھاج اإلصراط اهللا الذي لھ ما في السماوات وما في األرض أال إلى اهللا (ھدى رب العالمین

) ٥٣:الشورى) (تصیر األمورونحن ال نھاجم ألننا في حاجة إلى الجھد الذي یبذل في الخصومة والكفاح السلبي

ابي وندع حسابھم للزمن معتقدین أن البقاء لألصلح لننفقھ في عمل نافع وكفاح إیج ).١٧:الرعد) (فأما الزبد فیذھب جفاء وأما ما ینفع الناس فیمكث في األرض(

نحن والھیئات اإلسالمیةوأما موقفنا من الھیئات اإلسالمیة علي اختالف نزعاتھا ، فموقف حب و إخاء

ووالء ، نحبھا ونعاونھا ، ونحاول جاھدین أن نقرب بین وجھات النظر وتعاون وال یباعد . ونوفق بین مختلف الفكر توفیقا ینتصر بھ الحق في ظل التعاون والحب

بیننا وبینھا رأي فقھي أو خالف مذھبي ، فدین اهللا یسر ، ولن یشاد الدین أحد إال ذ نتحري الحق في أسلوب لین یستھوي ولقد وفقنا اهللا إلى خطة مثلي ، إ. غلبھ

القلوب وتطمئن إلیھ العقول ، ونعتقد أنھ سیأتي الیوم الذي تزول فیھ األسماء واأللقاب والفوارق الشكلیة والحواجز النظریة وتحل محلھا وحدة عملیة تجمع

صفوف الكتیبة المحمدیة حیث ال یكون ھناك إال إخوان مسلمون ، للدین عاملون ومن یتول اهللا ورسولھ والذین آمنوا فإن حزب اهللا ھم ( :اهللا مجاھدون وفي سبیل

) .٥٦:المائدة) (الغالبون

كلمة حــقنحب بعد ھذا أن نقول كلمة صریحة ألولئك الذین ال زالوا یظنون أن اإلخوان

. لناس ، وال تقولون ما ال تعملون اتقوا اهللا أیھا ا: یعملون لحساب شخص أو جماعة والذین یؤذون المؤمنین والمؤمنات بغیر ما اكتسبوا فقد : (واذكروا قول اهللا تعالي :r، وقول رسول اهللا ) ٥٨:األحزاب) (احتملوا بھتانا وإثما مبینا

یوم القیامة المشاؤون بالنمیمة المفرقون بین وإن أبغضكم إلى وأبعدكم مني مجلسا(، ولیعلموا تماما أن الیوم الذي یكون فیھ اإلخوان ) األحبة الملتمسون للبرءاء العیب

و أذكر أنني . المسلمون مطیة لغیرھم أو أداة لمنھاج ال یتصل بمنھاجھم لم یخلق بعد :آخره كتبت في إحدى المناسبات خطابا ألحد الباشوات جاء في

واإلخوان المسلمون یا رفعة الباشا ال یقادون برغبة وال برھبة ، وال یخشون أحدا (إال اهللا ، وال یغریھم جاه وال منصب ، وال یطمعون في منفعة وال مال ، وال تعلق

نفوسھم بعرض من أعراض ھذه الحیاة الفانیة ، ولكنھم یبتغون رضوان اهللا ویرجون ففروا إلى اهللا : (ن في كل خطواتھم قول اهللا تبارك وتعالي ثواب اآلخرة ، ویتمثلو ) ٥٠:الذریات) (إني لكم منھ نذیر مبین

فھم یفرون من كل الغایات والمطامع إلى غایة واحدة ومقصد واحد ھو رضوان اهللا تھم ، ، وھم لھذا ال یشتغلون في منھاج غیر منھاجھم وال یصلحون لدعوة غیر دعو

) صبغة اهللا ومن أحسن من اهللا صبغة ( :وال یصطبغون بلون غیر اإلسالم فمن حاول أن یخدعھم خدع ، ومن أراد أن یستغلھم خسر ، ومن ... )١٣٨:البقرة(

ومن أخلص معھم في غایتھم ووافقھم على متن ... طمع في تسخیرھم لھواه أخفق بھ ، ورأى فیھم الجنود البسالء واإلخوة األوفیاء ، یفدونھ طریقھم سعد بھم وسعدوا

........بأرواحھم ویحوطونھ بقلوبھم وجھودھم ، ویرون لھ بعد ذلك الفضل علیھمأكتب لكم ھذا یا رفعة الباشا ال رجاء معونة مادیة لجماعة اإلخوان المسلمین وال

ألدعوكم إلى صف ھؤالء رغبة في مساعدة نفعیة ألحد أعضائھا العاملین ، ولكن اإلخوان بعد دراستھم دراسة جدیة صحیحة تقنعكم بمنھاجھم وتنتج تعاونكم معھم في

و .. إصالح المجتمع المصري على أساس متین من الخلق اإلسالمي وتعالیم اإلسالم ر اهللا ینصر من یشاء وھو بنص، هللا األمر من قبل ومن بعد ویومئذ یفرح المؤمنون (

) .٥-٤:الروم) (العزیز الرحیمونكتب لرفعة النحاس باشا ومحمد محمود باشا ، بمثل ھذا األسلوب نخاطب الناس

وغیرھم مما نرید أن نعذر إلى اهللا بإبالغھم ، وعلي ماھر باشا وحسین سري باشا ..ھ الخیر والصواب لھم وللناس الدعوة وتوجیھھم إلى ما نعتقد أن فی

أفیقال بعد ھذا أن اإلخوان المسلمین یعملون لحساب شخص أو ھیئة كبر ذلك أم لوال إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسھم خیرا وقالوا .. (صغر قل أم كثر

اذ اهللا أن نكون في یوم من األیام لغیر اإلسالم ومع . )١٢:النور) (ھذا إفك مبین .وتعالیم اإلسالم

موقفنا في الظروف الحاضرة

تعاقبت فیھا الحوادث ، من المؤتمر الخامس إلى المؤتمر السادس مضى عامان وقد قابل المركز العام لإلخوان المسلمین . الجسام على مصر في الداخل والخارج

، ووقفوا منھا الموقف الذي یالئمھا ، ل حادثة بما یناسبھا ومن ورائھ شعبھ جمیعا ك، مستنیرین في ذلك بوحي الغایة السامیة ، من تأیید أو تسدید أو نقد أو تزكیة

.وبقواعد منھاجھم السلیم

وكان أجل تلك الحوادث وأشدھا خطرا وأعمقھا أثرا إعالن الحرب وامتداد لھیبھا متناحرین یعمل كل منھما على إفناء اآلخر ووقوف أوربا معسكرین،إلى مصر

.حتى أخفقت وسائل التھدئة وسل الحسام بعد أن خرس الكالم ،وإبادتھ

وأیدھا في ، وأیدھا في ذلك البرلمان ، لقد أعلنت الحكومة المصریة موقف مصر ویمكن تلخیص ھذا الموقف في ، وأیدھا اإلخوان المسلمون أیضا ، ذلك الرأي العام

) .الحیاد واالستعداد(ن كلمتی

وھو موقف واضح مستنیر لو استكمل شروط الصحة فإن ھذا الحیاد محال أن یكون حقیقیا والمعاھدة المصریة اإلنجلیزیة تفرض علینا أن نقدم كل المساعدات الممكنة

وجندت مصر تجنیدا حقیقیا لمساعدة ، للقوات البریطانیة ونحن قد قمنا بذلك فعال أعلنت األحكام العرفیة وفرضت الرقابة على الصحف واستخدمت السكك ف، إنجلترا

، الحدیدیة والمطارات والموانئ والتلیفونات والتلغرافات وكل طرق المواصالت ، وقدمت طلبات السلطة العسكریة البریطانیة في جمیع الشؤون على كل الطلبات

، ت الحاجة إلیھا شدیدة وحجزت المواد الالزمة للجیش ولألعمال الحربیة مھما كانوصارت مصر حقیقة ال خیاال ، وأرسل الجیش المصري إلى الحدود وإلى السودان

.في حالة حرب مما جعل ھذا الحیاد ال قیمة لھ في الواقع

كما أن االستعداد لن یكون كامال وأمامھ عقبات مادیة وسیاسیة تجعل الوقت یمر .ت العسكریة أو المدنیة دون أن نجھز أنفسنا بالقلیل من المعدا

وكلنھ ، وإذا فرضاء مصر بھذا الموقف الصوري العجیب لیس عن طواعیة واختیار ونھیب ،ولیس ھناك موقف أفضل منھ مادمنا مجبرین علیھ ، عن كراھیة واضطرار

وتجھیز ، بالحكومة المصریة جاھدین أن تعمل ما وسعھا العمل على استكمال العدة .فاع العسكریة والمدنیة أخذا بالحیطة واستعدادا للطوارئ الشعب بوسائل الد

:أما الوقف الذي ترضاه مصر وتھش لھ وتقنع بھ فال یخرج عن أحد أمرین

وحینئذ یكون ، إما أن إنجلترا ال تثق بنا وال تعتمد علینا وال تعتبرنا حلفاء حقیقین لھا نا مساعداتنا وأن تحلنا من علیھا أن تصارحنا بذلك وأن تخلي أرضنا وأن توفر علی

وذلك فرض مستبعد ، قیود المعاھدة التي تنص على المحالفة وترتب علیھا المساعدة .طبعا

وقد قدمنا ، وإما أنھا تثق بنا وتعتبرنا حلفاء لھا وتقدر حسن نیتنا وصدق معونتنا ر فمنذ نشبت الحرب إلى اآلن والحكومة المصریة ال تدخ،البرھان على ذلك فعال

فعلیھا حینئذ أن تطمئنا على مستقبلنا ، وسعا في مشاركتھا سراء الحرب وضرائھا فتعلن اآلن بصفة رسمیة المحافظة على استقالل مصر ، في ھذه الحوادث وبعدھا

وتشمل ھذا ، وأن بققاء القوات البریطانیة في مصر موقوت بالحرب ، والسودان ح لنا بزیادة عدد جیشنا وبتقویة سالحنا وبإعداد فتسم، اإلعالن بالمساعدة الفعلیة لنا

وحینئذ نتعاون تعاونا صادقا ونحمل أعباء الحرب معا ونتقاسم األعمال ، شعبنا فیحمل الجیش المصري عبء الحرب في السودان مثال حتى ،العسكریة والمدنیة

حتى تضع وتحرس الجیوش البریطانیة الحدود الغربیة ، یطھره اهللا من العدو المغیر وال یغني ، ھذا كالم صریح نعتقد أنھ من الخیر أن یكون واضحا .الحرب أوزارھا

مصر شیئا أن تسمع ثناء الجرائد والمجالت اإلنجلیزیة وعبارات المجاملة التي وال عبارات التقدیر التي یشكرون بھا المساعدة ، یحییھا بھا الساسة البریطانیون

إن مصر ستفي من .عھا الكالم الرسمي والعمل المنتج وإنما ینف، المصریة الجلیلة ألنھا ال تملك إال ھذا وال تستطیع ، جانبھا بالتزاماتھا التي سجلتھا علیھا المعاھدة

ولكن تمسك الحكومة البریطانیة تمسكا جامدا بروح المعاھدة ، غیره مادیا وأدبیا وفي ظروف ، د ونصھا في وقت واحد تفسر فیھ ھذه النصوص لمصلحة طرف واح

تعصف بالدول والشعوب واألموال واألرواح واألمم والحكومات والنظم والمعاھدات ولقد جاھدت مصر ، فھو تمسك إن رضیھ الفقھ السیاسي فلن یرضاه الشعب األبي ،

وھي ضنیة بھذا ، وستجاھد في سبیل ذلك إن أعوزھا الجھاد ، في سبیل استقاللھا وال ترید أن تكون في حمى ، ویزول قبل أن یتم ،یكتمل االستقالل أن یسلب قبل أن

وإذ كانت ، أو أن تظل تحت رحمة سواھا مھما كلفھا ذلك من التضحیات ، غیرھا الحكومة البریطانیة تسمع من الحكومة المصریة أو الساسة المصریین كالما غیر

.ھذا فإنما ھي المجاملة الدبلوماسیة

ال نبتغي من وراء ، لحقیقیة على صورتھا الطبیعیة أما نحن فنصور عقائد الشعب ا .ذلك إال تعاونا سلیما على أساس سلیم

فنتقدم مخلصین إلى الساسة الغربیین فنلفت ، بل إننا نرید أن ننتھز ھذه الفرصة أنظارھم إلى فرصة سانحة لعلھا إن أفلتت منھم الیوم فلن تعود إال بعد حین ال یعلم

. وفقوا إلى االنتفاع بھا فھو الخیر لھم وللعالم أجمع وإن، إال اهللا مداه

فھتلر یرید أن یتقدم للناس بنظام " ... النظام الجدید " لقد ردد الساسة جمیعا كلمة جدید ، وتشرشل یقول إن إنجلترا المنتصرة ستحمل الناس على نظام جدید ،

إلى أن ھذا النظام الجدید وروزفلت یتنبأ ویشید بھذا النظام الجدید ، والجمیع یشیرون سینظم أوروبا ویعید إلیھا األمن والطمأنینة والسالم ، فأین حظ الشرق والمسلمین

من ھذا النظام المنشود ؟

نرید ھنا أن نلفت أنظار الساسة الغربیین إلى أن الفكرة االستعماریة إن كانت قد ة ، وقد تنبھت المشاعر أفلست في الماضي مرة ، فھي في المستقبل أشد فشال ال محال

وتیقظت حواس الشعوب ، وان سیاسة القھر والضغط والجبروت لم تأت في الماضي إال بعكس المقصود منھ ، وقد عجزت عن قیادة القلوب والشعوب ، وھى

.في المستقبل أشد عجزا

وأن سیاسة الخداع والدھاء والمرونة السیاسیة إن ھدأ بھا الجو حینا فال تلبث أن وقد تكشفت ھذه السیاسة عن كثیر من األخطاء . ب العاصفة قویة عنیفة تھ

.والمشكالت والمنازعات ، وھى في المستقبل أضعف من أن توصل إلى المقصود

وإذا فال بد من سیاسة جدیدة ، وھى سیاسة التعاون والتحالف الصادق البريء ، لح المادیة واألدبیة بین أفراد المبنى على التآخي والتقدیر ، وتبادل المنافع والمصا

األسرة اإلنسانیة في الشرق والغرب ، ال بین دول أوروبا فقط ، وبھذه السیاسة .وحدھا یستقر النظام الجدید وینتشر في ظلھ األمن والسالم

إن حكم الجبروت والقھر قد فات ، ولن تستطیع أوروبا بعد الیوم أن تحكم الشرق النظریات السیاسیة البالیة لن تتفق مع تطور الحوادث وأن ھذه. بالحدید والنار

ورقى الشعوب ونھضة األمم اإلسالمیة ، وال مع المبادئ والمشاعر التي ستطلع بھا .ھذه الحرب الضروس على الناس

ولسنا وحدنا الذین نقول ھذا ، بل ھم الساسة األوروبیون أنفسھم ، ونحن نضع ھذه البریطانیین والساسة الفرنسیین وغیرھم من ساسة الدول النظریات أمام أعین الساسة

االستعماریة ، على أنھا نصائح تنفعھم أكثر مما ھي مطالب تنفعنا ، فلیأخذوا أو .لیدعوا ، وقد وطنا أنفسنا على ان نعیش أحرارا عظماء أو نموت أطھارا كرماء

وان خیرا لكل . نا حقناونحن ال نطمع في حق سوانا ، وال یستطیع أحد أن ینكر علیأمة أن تعیش متعاونة مع غیرھا ، من أن تعیش متنافسة مع سواھا حینا من الدھر،

یندلع بعده لھیب الثورة في البالد المغصوبة ، وجحیم الحرب بین الدول المتنافسة

ولعل ، ولعلھ إلى الخیال أقرب ، ھذا كالم قد یراه الناس من اإلفراط في حسن الظن ولكني أعتقد أن ، اس من یرى أن من الكیاسة أال یقال في مثل ھذه الظروف من الن

وال ندري متى وكیف تتم ھذه الحرب ، المصارحة دائما ھي أفضل طریق للوصول وألن ننبھ أذھان قومنا إلى ما یجب أن یكون فنبرئ بذلك ذمتنا ونقدم نصیحتنا ،

) یقول الحق وھو یھدي السبیلواهللا ( ،أولى بنا من أن نفوت الفرصة المواتیة ).٤:األحزاب(

أما أغنیة ، وعلى ھذه األسس العادلة یظفر العالم بتعاون شریف وسالم طویل الدیمقراطیة والدیكتاتوریة فأنشودة نعتقد أنم الحرب الحالیة ستدخل علیھا ألحانا

ه المحنة دیمقراطیة كالتي عھدھا ولكن یكون في الدنیا بعد ھذ، جدیدة وأنغاما جدیدة ولن تكون ھناك فاشیة وال . وال دیكتاتوریة كھذه الدیكتاتوریة التي عرفوھا ، الناس

ولكن ستكون ھناك نظم في الحكم ، شیوعیة على غرار ھذه األوضاع المألوفة ثم ، وأسالیب في االجتماع تبدعھا الحرب ابتداعا ویخترعھا الساسة اختراعا

.وتلك سنة اهللا ونظام المجتمع . موضع التجربة من جدید یضعونھا

ویكشفوا عن قلوبھم وأسماعھم ، وما أجل أن یھتدي أولئك الساسة یومئذ بنور اهللا ویتخذوا اإلسالم الحنیف الذي أخذ من كل ، وأبصارھم غشاوة التعصب الممقوت

حقق الوحدة اإلنسانیة فتت، شيء أحسنھ أساسا لنظمھم السیاسیة والمدنیة واالجتماعیة ،الروحیة التي طال علیھا األمد والتي ال یحققھا إال سماحة اإلسالم وھدي اإلسالم

یھدي بھ اهللا من اتبع رضوانھ سبل السالم ، قد جاءكم من اهللا نور وكتاب مبین (-١٥:المائدة) (نور بإذنھ ویھدیھم إلى صراط مستقیمویخرجھم من الظلمات إلى ال

١٦. (

حسـن البنــا

طور جدید في دعوة اإلخوان المسلمین بـســم اهللا الرحمن الرحیـم

ھذا طور جدید في دعوة اإلخوان المسلمین ،ال دعوة والن اس ف ي انص راف فق د نش أت ھ ذه .. أحببت أن أتحدث إلى القراء عنھ ا فی ھ

عن الفكرة اإلسالمیة وفى إعج اب ب الفكرة الغربی ة المادی ة فأخ ذت طریقھ ا ف ي ھ دوء إل ى قل وب الطبق ة األول ى م ن الن اس ، طبق ة الجم اھیر المؤمن ة الس لیمة العقائ د والص دور، وظل ت ف ي نفوس ھم أمین ة عزی زة وعاطف ة متوق دة كریم ة وش علة مش رقة

كان ت جمھ رة المفك رین وأھ ل ال رأي والتوجی ھ یروج ون للفك رة منی رة ، عل ى ح ین األخرى ویھتفون بھا ویدعون الن اس إلیھ ا ویزینوھ ا ف ي األس ماع واألبص ار والقل وب

.بمختلف صنوف التزیین والتحسینالت ي ھ زت ك ل العق ول ) الح رب العالمی ة الثانی ة (وش اء اهللا أن تق ع األح داث العنیف ة

فكار، وأشعرت اإلنسانیة الحاجة الشدیدة إل ى إع ادة النظ ر ف ي والمشاعر والقلوب واأل من اھج الحی اة وقواع د المدنی ة ودع ائم التحض ر ، وانطلق ت األص وات م ن ك ل مك ان

.تھیئ لنظام جدید وعالج جدید

وصادف ذلك امتحان لدعوة اإلخوان كشف عن جوھرھا ولفت أنظار الناس إلیھا ، حولھا ، وبذلك انتقلت الدعوة إلى القلوب المؤمنة وجمع كثیرا من القلوب النافرة

والعقول المفكرة ، وأصبحت قاعدة مسلما بھا بعد أن كانت عاطفة متحمسة ، ونظر إلیھا كثیر من الناس على أنھا مبادئ ممكنة التحقیق صالحھ للتطبیق ، فلم تعد حلما

.في الرؤوس أو وجدانا في النفوس فقط

ر األسئلة عن مرامي الدعوة وكنھھا وعن الطرق التي یسلكھا وكان طبیعیا أن تكثأھلھا والقائمون بھا في عالج ما یحیط بتطبیق مبدئھا وتعالیمھا من مشاكل داخلیة

وخارجیة ، ولم یعد یكفى في الجواب عن ذلك كالم مرتجل أو خطابة تثیر المشاعر الدعوة أن یصورھا أو عبارات تؤثر في العواطف ، بل صار واجبا على أھل ھذه

للناس تصویرا منطقیا دقیقا واضحا مبینا على أدق قواعد البحث العلمي ، وأن یرسموا أمام الناس الطرق العملیة المنتجة التي أعدوھا لتحقیق ما یریدون ، ولتذلیل

.ما سیصادفون من عقبات البد من وجودھا في الطریق

موضع التجربة العملیة ،وحینئذ یتم ولعل طورا آخر ینتظر ھذه الدعوة حین توضع ھذا الھیكل الذي تجھز لھ ھذه اللبنات ، وحینئذ یرى الناس أي خیر سینالون من

.تطبیق ھذه المبادئ السامیة وتحقیق ھذه األھداف العالیة

وسأتناول إن شاء اهللا خصائص ھذه الدعوة ومرامیھا ، والشبھات التي تورد علیھا . في ھذا الطور الجدید ، مستمدا من اهللا المعونة والتوفیقوالعقبات التي تحیط بھا

ربانیة عالمیة :أخص خصائص دعوتنا أنھا ربانیة عالمیة

أ ـ أما أنھا ربانیة فألن األساس الذي تدور علیھ أھدافنا جمیعا ، أن یتعرف الناس ن إلى ربھم ، وأن یستمدوا من فیض ھذه الصلة روحانیة كریمة تسموا بأنفسھم ع

نحن اإلخوان . جمود المادة الصماء وجحودھا إلى طھر اإلنسانیة الفاضلة وجمالھا :المسلمین لنھتف من كل قلوبنا

فأول أھداف ھذه الدعوة أن یتذكر الناس من جدید ھذه الصلة التي " اهللا غایتنا"اس اعبدوا یا أیھا الن(تربطھم باهللا تبارك وتعالى والتي نسوھا فأنساھم اهللا أنفسھم

وھذا في الحقیقة ھو . )٢١:البقرة) (ربكم الذي خلقكم والذین من قبلكم لعلكم تتقونالمفتاح األول لمغالیق المشكالت اإلنسانیة التي أوصدھا الجمود والمادیة في وجوه

. ھذا المفتاح فال إصالح البشر جمیعا فلم یستطیعوا إلى حلھا سبیال ، وبغیر: ب ـ وأما أنھا عالمیة فألنھا موجھھ إلى الناس كافھ ألن الناس في حكمھا إخوة

أصلھم واحد ، وأبوھم واحد ، ونسبھم واحد ، ال یتفاضلون إال بالتقوى و بما یقدم لذي خلقكم یا أیھا الناس اتقوا ربكم ا(أحدھم المجموع من خیر سابغ وفضل شامل

من نفس واحدة وخلق منھا زوجھا وبث منھما رجاال كثیرا ونساء واتقوا اهللا الذي فنحن ال نؤمن . )١:النساء) (تساءلون بھ واألرحام إن اهللا كان علیكم رقیبا

نشجع عصبیة األجناس واأللوان ، ولكن ندعو إلى األخوة بالعنصریة الجنسیة وال .العادلة بین بنى اإلنسان

قرأت ألحد زعماء الغرب أنھ یقسم الجنس البشرى إلى مبتكرین ومحافظین ومخربین ، وھو یعتبر قومھ مبتكرین ویعتبر قوما آخرین من الغربیین محافظین ،

ھذا التقسیم ظالم ، ن مخربین ومدمرین ویعتبرنا نحن الشرقیین وما إلینا عدا ھذیجائر فضال عن أنھ غیر صحیح بأصلھ ، فالجنس البشرى كلھ مرده إلى دم واحد

وإذا ھذب اإلنسان . وطینھ واحدة وإن اختلفت البیئات والوسائط والمدارك والثقافات ولیس . استطاع أن یرتقي من رتبتھ إلى أعلي منھا بدرجة ما یصل إلیھ من تھذیب

ھذا . ھناك جنس من بني آدم ال یمكن إصالحھ في حدود ظروفھ وبیئتھ الخاصة بھ ومن جھة أخري فإن ھذا الشرق الذي وضع في صف المخربین ، من جھة

والمدمرین ھو مبعث المدنیات ومشرق الحضارات ومھبط الرساالت ، وھو مفیض ه المزاعم الباطلة إنما ومثل ھذ. ذلك كلھ علي الغرب ، ال ینكر ھذا إال جاحد مكابر

ھي نزوات من غرور اإلنسان وطیش الوجدان ال یمكن أن تستقر علي أساسھا وما دام في الناس من یشعر بمثل ھذا ، نھضات أو تقوم على قاعدتھا مدنیات

الشعور ألخیھ اإلنسان فال أمن وال سالم وال اطمئنان حتى یعود الناس إلى علم ویستظلون بظلھ الوارف األمین ، ولن یجدوا طریقا معبدة األخوة فیرفعونھ خفاقا ،

یا أیھا الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ( :إلى ذلك كطریق اإلسالم الذي یقول كتابھ . )١٣:الحجرات ()وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اهللا أتقاكم

) لیس منا من دعا إلى عصیبة ، ولیس منا من مات علي عصیبة : (rویقول نبیھ .tرواه أحمد من حدیث جبیر بن مطعم

. ولھذا كانت دعوة اإلخوان المسلمین ربانیة إنسانیة بین العقلیة الغیبیة والعقلیة العلمیة

ر األرض إلى یومھ ھذا ـ ولقد تذبذب العقل البشري منذ وجد اإلنسان علي ظھوأغلب الظن كذلك حتى تتداركھ ھدایة من اهللا ـ بین أطوار ثالثة ، وإن شئت قلت

:بین ألوان ثالثة من ألوان التفكیر والتصویر

ـ طور الخرافة والبساطة والتسلیم المطلق للغیب المجھول والقوي الخفیة البعیدة ١وال یري لنفسھ معھا عمال وال . كل شيء فھو ینسب إلیھا كل شيء ویفسر بھا . عنھ

فكرا ، وكثیرا ما استبد ھذا الطور باإلنسان في أدوار حیاتھ األولي یوم عاش علي ھذه األرض یجھلھا وتجھلھ ، ولعل أقواما من بني اإلنسان ال یزالون یعیشون علي

.ھذا النحو إلى اآلن المجھول ، والخروج علي ھذه القوي ـ وطور الجمود والمادیة والتنكر لھذا الغیب ٢

البعیدة علي حس اإلنسان والتمرد علي كل ما یتصل إلیھا بسبب ، ومحاولة تفسیر مظاھر الكون جمیعا محاولة مادیة صرفة وفق قوانین تجریبیة اھتدي إلیھا اإلنسان

اني وكثیرا ما طغى ھذا التفكیر علي العقل اإلنس. بطول تجاربھ ودوام بحثھ وتفكیره في ھذه العصور الحدیثة ، التي وصل فیھا اإلنسان إلى الكشف عن كثیر من

مجھوالت الطبیعة ، وعرف فیھا الكثیر من خواص الكائنات ، فظن أنھ واصل ال محالة بھذا األسلوب إلى معرفة ما ھناك ، وإن كان الذي یعرفھ بالنسبة إلى ما یجھلھ

.لفسیحة كالذرة من الرمال في الفالة الواسعة اوفي ھذا الدور أنكر اإلنسان المادي األلوھیة وما یتصل بھا والنبوات وما یمت إلیھا

واآلخرة والجزاء والعالم الروحي بكل ما فیھ ، ولم یر شیئا إال ھذا العالم األدنى .المحدود یفسر ظواھره بحسب قوانینھ المادیة الصرفة

ریح وغلو فاحش وجھالة من اإلنسان بما كال ھذین اللونین من ألوان التفكیر خطأ ص .یحیط باإلنسان

ـ ولقد جاء اإلسالم الحنیف یفصل القضیة فصال حقا ، فیقرر حق العالم الروحي ٣ویوضح صلة اإلنسان باهللا رب الكائنات جمیعا وبالحیاة اآلخرة بعد ھذه الحیاة الدنیا

من عالم الروح فعال والتي ال ، ویجعل اإلیمان باهللا أساس إصالح النفس التي ھي ویصف ذلك العالم الغیبي المجھول وصفا ، سبیل إلى صالحھا إال بھذا اإلیمان

یقربھ إلى األذھان وال یتنافى مع بدھیات العقول ، وھو مع ھذا یقرر فضل ھذا العالم المادي وما فیھ من خیر للناس لو عمروه بالحق وانتفعوا في حدود الخیر ، ویدعو

ى النظر السلیم في ملكوت السماوات واألرض ، ویعتبر ھذا النظر أقرب إلى إلھذا الموقف من اإلسالم الحنیف ألزم العقل البشري لونا من . معرفة اهللا العلي الكبیر

ألوان التفكیر ، ھو أكملھا وأتمھا وأكثرھا انطباقا علي واقع الحیاة ومنطق الكون ، . ذلك ھو الجمع بین اإلیمان بالغیب واالنتفاع بالعقل : وأعظمھا نفعا لبني اإلنسان

فنحن نعیش في عالمین فعال ال في عالم واحد ، ونحن عاجزون عن تفسیر كثیر من ونحن . ظواھر الكون فعال ، عاجزون عن إدراك كل الحقائق األولیة التي تحیط بنا

جز إلى اإلقرار بعظمة في إدراكھا ننتقل من مجھول إلى مجھول حتى ینتھي بنا العاهللا ، ونحن نشعر من أعماق قلوبنا بعاطفة اإلیمان قویة مشبوبة ، ألن اإلیمان من

فطرة نفوسنا وھو لھا ضرورة من ضرورات حیاتھا كالغذاء والھواء والماء لألجسام ونحن بعد ذلك نلمس أن المجتمع اإلنساني لن یصلحھ إال اعتقاد . سواء بسواء

النفوس مراقبة اهللا والتعزي بمعرفتھ ، ومن ھنا كان لزاما علي روحي یبعث في الناس أن یعودوا إلى اإلیمان باهللا والنبوات وبالروح وبالحیاة اآلخرة ، وبالجزاء فیھا

)ومن یعمل مثقال ذرة شرا یره، فمن یعمل مثقال ذرة خیرا یره (علي األعمال ) .٨-٧:الزلزلة(

كل ھذا في الوقت الذي یجب علیھم فیھ أن یطلقوا لعقولھم العنان لتعلم وتعرف وتخترع وتكتشف وتسخر ھذه المادة الصماء وتنتفع بما في الوجود من خیرات

وإلي ھذه اللون من التفكیر الذي ، ) ١١٤:طـھ) (وقل رب زدني علما ( :ومیزات لقد عاش الغرب أخریات أیامھ . یتین الغیبیة والعلمیة ندعو الناس یجمع بین العقل

مادي النزعة ال یشعر بغیر المادة وال یعترف بغیر المادة وال یحس بوجود غیرھا حتى ماتت في نفوس أبنائھ عواطف الرحمة اإلنسانیة ، وخبت أنواع الروحانیة

عارفھ ومباھجھ وزخارفھ وھیمن الغرب علي الدنیا بأسرھا بعلومة وم. الربانیة وصبغ الفكر البشري في كل مكان بصبغتھ ، وكشوفھ ومخترعاتھ وجنوده وأموالھ

.ھذه واآلن والدنیا كلھا تكتوي بھذه النیران تنبثق الدعوة من جانب جدید لتھیب بالناس في

وأن یؤمنوا بالغیب والشھادة ، وأن ، الشرق والغرب معا أن یمزجوا المادة بالروح ) . ٥٠:الذریات) (ففروا إلى اهللا إني لكم منھ نذیر مبین ( :عترفوا من جدید إلى اهللا ی

القومیة والعروبة والشرقیة والعالمیة

وكما أن دعوتنا ھذه ربانیة تدعو إلى ھجر المادیة ومقاومتھا والوقوف في وجھ اإلیمان بھ واالعتماد علیھ وحسن طغیانھا والحد من سلطانھا والفرار إلى اهللا و

فھي كذلك إنسانیة تدعو إلى األخوة بین بني اإلنسان وترمى ، مراقبتھ في كل عمل واإلسالم للناس كافھ لیس لجنس دون جنس وال ، إلى إسعادھم جمیعا ألنھا إسالمیة

) یكون للعالمین نذیراتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ل(، ألمھ دون أخرى قل یا أیھا الناس إني رسول اهللا إلیكم جمیعا الذي لھ ملك السماوات ( ، )١:الفرقان(

ذي یؤمن باهللا واألرض ال إلھ إال ھو یحیي ویمیت فآمنوا باهللا ورسولھ النبي األمي الوما أرسلناك إال كافة للناس ( ، )١٥٨:األعراف) (وكلماتھ واتبعوه لعلكم تھتدون

) . ٢٨:سـبأ) (بشیرا ونذیراومن ھذا العموم في بعثة النبي صلى اهللا علیھ وسلم ومدى رسالتھ استمدت دعوتنا

ھدفھا ومرماھا ، فھي دعوة توجھ الناس جمیعا وتسعى لخیرھم جمیعا العموم فيوتؤاخي بینھم جمیعا وال تعترف بفوارق األجناس واأللوان و ال تتغیر بتغیر

.الشعوب واألوطان وتتردد في أفواه الدعاة والناس ألفاظ كثیرة یعنون بھا أراء ومذاھب فأین مكان ھذه

ظ من ھذه األلفاظ ولكل رأى من ھذه اآلراء مكانا في األلفاظ في دعوتنا؟ إن لكل لفدعوتنا ال ألننا نعمل إلرضاء الجمیع و نجامل في الفكرة وعلى حسابھا ولكن ألن

: طبیعة دعوتنا ھكذا عموم وشمول .لھا في دعوتنا مكانھا وحقھا في الكفاح والنضال: أ ـ فالـمصریة أو القومیة

ومصر بلد مؤمن . مة التي نبتنا فیھا ونشأنا علیھا إننا مصریون بھذه البقعة الكریتلقي اإلسالم تلقیا كریما وذاد عنھ العدوان في كثیر من أدوار التاریخ وأخلص في

اعتناقھ و طوى علیھ أعطف المشاعر وأنبل العواطف ، وھو ال یصلح إال باإلسالم إلیھ بحكم الظروف وقد انتھت . وال یداوى إال بعقاقیره وال یطب لھ إال بعالجھ

الكثیرة حضانة الفكرة اإلسالمیة والقیام علیھا فكیف ال نعمل لمصر و لخیر مصر ؟ وكیف ال ندفع عن مصر بكل ما نستطیع ، وكیف یقال إن اإلیمان بالمصریة ال یتفق

إننا نعتز بأننا ! مع ما یجب أن یدعو إلیھ رجل ینادي باإلسالم ویھتف باإلسالم

طن الحبیب عاملون لھ مجاھدون في سبیل خیره ، وسنظل كذلك مخلصون لھذا الوما حیینا معتقدین أن ھذه ھي الحلقة األولي في سلسلة النھضة المنشودة ، وأنھا جزء

.من الوطن العربي العام ، وأننا حین نعمل لمصر نعمل للعروبة والشرق واإلسالم

وبما سبق إلیھ قدماء ، ولیس یضیرنا في ھذا كلھ أن نعني بتاریخ مصر القدیم فنحن نرحب بمصر القدیمة كتاریخ فیھ مجد . المصریین الناس من المعارف والعلوم

ونحارب ھذه النظریة بكل قوانا كمنھاج عملي یراد صبغ مصر . وفیھ علم ومعرفة بھ ودعوتھا إلیھ بعد أن ھداھا اهللا بتعالیم اإلسالم وشرح لھا صدرھا وأنار بھ

بھ شرفا ومجدا فوق مجدھا ، وخلصھا بذلك مما الحق ھذا التاریخ بصیرتھا وزادھا .من أوضار الوثنیة وأدران الشرك وعادات الجاھلیة

أو الجامعة العربیة ، لھا في دعوتنا كذلك مكانھا البارز وحظھا :ب ـ والعروبة إذا ذل ( : rفالعرب ھم أمة اإلسالم األولي وشعبة المتخیر ، وبحق ما قالھ ، الوافر

ولن ینھض اإلسالم بغیر اجتماع كلمة الشعوب العربیة ) العرب ذل اإلسالمونھضتھا ، وإن كل شبر أرض في وطن عربي نعتبره من صمیم أرضنا ومن لباب

.وطننا فھذه الحدود الجغرافیة والتقسیمات السیاسیة ال تمزق في أنفسنا أبدا معني الوحدة

القلوب علي أمل واحد وجعلت من ھذه األقطار جمیعا العربیة اإلسالمیة التي جمعت .أمة واحدة مھما حاول المحاولون وافتري الشعوبیون

معني العروبـة إذ فسرھا rومن أروع المعانـي في ھذا السبیل ما حدد بھ الرسول .بأنھا اللسان واإلسالم

الناس إن الرب یا أیھا : (rفقد روي الحافظ بن عساكر بسنده عن مالك قول النبي واألب واحد ، والدین واحد ، ولیست العربیة بأحدكم من أب وال أم ، وإنما ، واحد

) .ھي اللسان فمن تكلم بالعربیة فھو عربيوبذلك نعلم أن ھذه الشعوب الممتدة من خلیج فارس إلى طنجة ومراكش علي

، وتؤلفھا بعد ذلك المحیط األطلسي كلھا عربیة تجمعھا العقیدة ویوجد بینھا اللسان ھذه الوضعیة المتناسقة في رقعة من األرض واحدة متصلة متشابھة ال یحول بین أجزائھا حائل ،وال یفرق بین حدودھا فارق ، ونحن نعتقد أننا حین نعمل للعروبة

. نعمل لإلسالم ولخیر العالم كلھ المشاعر فیھا معني لھا في دعوتنا مكانھا وإن كان المعني الذي یجمع :ج ـ والشرقیة

وقتیا طارئا ، إنما ولده وأوجده اعتزاز الغرب بحضارتھ وتغالیھ بمدنیتھ ، وانعزالھ عن ھذه األمم التي سماھا األمم الشرقیة وتقسیمھ العالم إلى شرقي وغربي ، وندائھ

الشرق شرق والغرب غرب وال : بھذا التقسیم حتى في قول أحد شعرائھ المأثور ھذا المعني الطارئ ھو الذي جعل الشرقیین یعتبرون أنفسھم . تمعا یمكن أن یج

صفا یقابل الصف الغربي ، أما حین یعود الغرب إلى اإلنصاف ویدع سبیل االعتداء واإلجحاف فتزول ھذه العصبیة الطارئة وتحل محلھا الفكرة الناشئة ، فكرة التعاون

. بین الشعوب علي ما فیھ خیرھا وارتقاؤھا أو اإلنسانیة فھي ھدفنا األسمى وغایتنا العظمي وختام الحلقات في : ـ أما العالمیة د

والدنیا صائرة إلى ذلك ال محالة فھذا التجمع في األمم ، والتكتل . سلسلة اإلصالح في األجناس والشعوب ، وتداخل الضعفاء بعضھم في بعض لیكتسبوا بھذا التداخل

كل ذلك ممھد ، وا في ھذا االنضمام أنس الوحدة قوة ، وانضمام المتفرقین لیجدلسیادة الفكرة العالمیة وحلولھا محل الفكرة الشعوبیة القومیة التي آمن بھا الناس من

قبل ، وكان ال بد أن یؤمنوا ھذا اإلیمان لتتجمع الخالیا األصلیة ، ثم كان ال بد أن وھي . التآلف الوحدة األخیرة یتخلوا عنھا لتتألف المجموعات الكبیرة ، ولتحقق بھذا

خطوات إن أبطأ بھا الزمن فال بد أن تكون ، وحسبنا أن نتخذ منھا ھدفا ، وأن نضعھا نصب أعیننا مثال ، وأن نقیم ھذا البناء اإلنساني لبنتھ ولیس علینا أن یتم

.البناء ، فلكل أجل كتاب عظمھا على أساس العصبیة وإذا كان في الدنیا اآلن دعوات كثیرة ونظم كثیر یقوم م

القومیة التي تستھوي قلوب الشعوب وتحرك عواطف األمم ، فان ھذه الدروس القاسیة التي یتلقاھا العالم من آثار ھذه القوة الطاغیة بأن یفنى الناس إلى الرشد

.ویعودوا إلى التعاون واإلخاء وحد النظام واإلعمال بعد ولقد رسم اإلسالم للدنیا ھذه السبیل فوحد العقیدة أوال، ثم

.ذلك ، وظھر ھذا المعنى الساحر النیل في كل فروعھ العملیة فرب الناس واحد ، ومصدر الدین واحد ، واألنبیاء جمیعا مقدسون معظمون ،

شرع لكم ( ،والكتب السماویة كلھا من عند اهللا ، والغایة المنشودة اجتماع القلوب ى بھ نوحا والذي أوحینا إلیك وما وصینا بھ إبراھیم وموسى من الدین ما وص

والقرآن عربي وھو ، )١٣:الشورى) (وعیسى أن أقیموا الدین وال تتفرقوا فیھ أساس ھذا الدین ،وركن الصالة أفضل القربات إلى اهللا ، وتلك ھي الوسیلة العملیة

.إلى وحدة اللسان بعد وحدة اإلیمان وھذه الصالة وتلك الزكاة ، والحج والصوم إنما ھي كلھا تشریعات اجتماعیة یراد

بھا توثیق الوحدة وجع الكلمة وإزالة الفوارق وكشف الحجب والموانع بین بنى .اإلنسان

جمیعا وأن ومن ھنا كانت دعوتنا ذات مراحل نرجو أن تتحقق تباعا ، وأن نقطعھا .نصل بعدھا إلى الغایة

نرجو أن تقوم في مصر دولة مسلمة تحتضن دعوة اإلسالم ، وتجمع كلمة العرب وتعمل لخیرھم وتحمي المسلمین في أكناف األرض من عدوان كل ذي عدوان ،

. حتى ال تكون فتنة ویكون الدین كلھ هللا.. وتنشر كلمة اهللا وتبلغ رسالتھ

یمان والعزة واألملیقظة الروح ـ اإلوینظر الناس في الدعوات إلى مظاھرھا العملیة وألوانھا الشكلیة ، ویھملون كثیرا النظر إلى الدوافع النفسیة واإللھامات الروحیة التي ھي في الحقیقة مدد الدعوات

وتلك حقیقة ال یجادل فیھا إال البعید عن . وغذاؤھا وعلیھا یتوقف انتصارھا ونماؤھا الدعوات وتعرف أسرارھا ، إن من وراء المظاھر جمیعا في كل دعوة روحا دراسة

دافعة ، وقوة باطنة تسیرھا وتھیمن علیھا وتدفع إلیھا ، ومحال أن تنھض أمة بغیر إن اهللا ال یغیر ما بقوم حتى ( :ھذه الیقظة الحقیقیة في النفوس واألرواح والمشاعر

) . ١١:الرعد) (أنفسھمیغیروا ما بولھذا أستطیع أن أقول إن أول ما نھتم لھ في دعوتنا ، وأھم ما نعول علیة في نمائھا

فنحن نرید أول ما نرید یقظة . وظھورھا وانتشارھا ھذه الیقظة الروحیة المرتجلة كلم الروح ، حیاة القلوب ، صحوة حقیقیة في الوجدان والمشاعر ، ولیس یعنینا أن نت

عما نرید بھذه الدعوة من فروع اإلصالح في النواحي العملیة المختلفة بقدر ما یعنینا .أن نركز في النفوس ھذه الفكرة

نحن نرید نفوسا حیة قویة فتیة ، قلوبا جدیدة خفاقة ، مشاعر غیورة ملتھبة متأججة ، امیة لتسمو نحوھا أرواحا طموحة متطلعة متوثبة ، تتخیل مثال علیا ، وأھدافا س

وتتطلع إلیھا ثم تصل إلیھا ، والبد من أن تحدد ھذه األھداف والمثل ، والبد من أن تحصر ھذه العواطف والمشاعر ، والبد من أن تركز حتى تصبح عقیدة ال تقبل جدال

وبغیر ھذا التحدید والتركیز سیكون مثل ھذا الصحوة مثل . وال تحتمل شكا وال ریبا لتائھ في البیداء ال ضوء لھ وال حرارة فیھ ، فما حدود األھداف وما منتھاھا الشعاع ا

!؟إننا نتحرى بدعوتنا نھج الدعوة األولي ونحاول أن تكون ھذه الدعوة الحدیثة صدي

في بطحاء مكة قبل ألف rحقیقیا لتلك الدعوة السابقة التي ھتف بھا رسول اهللا رجوع بأذھاننا وتصوراتنا إلى ذلك العصر المشرق ومئات من السنین ، فما أوالنا بال

بنور النبوة ، الزاھي بجالل الوحي ، لنقف بین یدي األستاذ األول وھو سید المربین وفخر المرسلین الھادین ، لنتلقى عنھ اإلصالح من جدید ، وندرس خطوات الدعوة

.من جدید قلوب صحابتھ فأشرقت أي نور من وھج الشموس الربانیة أشعلھ النبي الكریم في

وأضاءت بعد ظلمة و دیجور ؟ وأي ماء من فیض الحیاة الروحیة أفاضھ علیھا فاھتزت وربت ونمت فیھا األزاھیر وأورقت بالوجدانیات والمشاعر وترعرعت فیھا

!العواطف والضمائر ؟ قذف في قلوب صحابتھ بھذه المشاعر الثالثة فأشرقت بھا وانطبعت rإن النبي

:علیھا قذف في قلوبھم أن ما جاء بھ ھو الحق وما عداه الباطل وأن رسالتھ خیر ) أ (

الرساالت ، ونھجھ أفضل المناھج ، وشریعتھ أكمل النظم التي تتحقق بھا سعادة الناس أجمعین ، وتال علیھم من كتاب اهللا ما یزید ھذا المعني ثباتا في النفس وتمسكا

:في القلب وإنھ لذكر لك ولقومك ، بالذي أوحي إلیك إنك على صراط مستقیم فاستمسك (

) فتوكل على اهللا إنك على الحق المبین(، ) ٤٤-٤٣:الزخرف) (وسوف تسألونمر فاتبعھا وال تتبع أھواء الذین ال ثم جعلناك على شریعة من األ( ، )٧٩:النمل(

فال وربك ال یؤمنون حتى یحكموك فیما شجر بینھم ثم ( ، )١٨:الجاثـیة) (یعلمون ) .٦٥:اءالنس) (ال یجدوا في أنفسھم حرجا مما قضیت ویسلموا تسلیما

.فآمنوا بھذا واعتقدوه وصدروا عنھ وقذف في قلوبھم أنھم ما داموا أھل الحق وما داموا حملة رسالة النور ) ب (

وغیرھم یتخبط في الظالم ، وما دام بین یدیھم ھدى السماء إلرشاد األرض فھم إذن یجنوا : میذه یجب أن یكونوا أساتذة الناس وان یقعدوا من غیرھم مقعد األستاذ من تل

.علیھ ویرشده ویقومھ ویسدده ویقوده إلى الخیر ویھدیھ سواء السبیل وجاء القرآن الكریم یثبت ھذا المعني ویزیده كذلك وضوحا ، وصاروا یتلقون عن

:نبیھم من وحي السماء ن عن المنكر وتؤمنون كنتم خیر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنھو (

وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شھداء على الناس (، ) ١١٠:آل عمران) (باهللا

وجاھدوا في اهللا حق جھاده ھو (، )١٤٣:البقرة) (ویكون الرسول علیكم شھیدا ). ٧٨:الحج) (ما جعل علیكم في الدین من حرجاجتباكم و

.فآمنوا بھذا أیضا واعتقدوه وصدروا عنھ وقذف في قلوبھم أنھم ما داموا كذلك مؤمنین بھذا الحق معتزین بانتسابھم إلیھ ) ج (

، فإن اهللا معھم یعینھم ویرشدھم وینصرھم ویؤیدھم ویمدھم إذا تخلي عنھم الناس ،وإذا لم ینھض معھم جند . ویدفع عنھم إذا أعوزھم النصیر وھو معھم أینما كانوا

األرض تنزل علیھم المدد من جند السماء وأخذوا یقرءون ھذه المعاني السامیة :واضحة في كتاب اهللا

، )١٢٨:ألعراف) (إن األرض هللا یورثھا من یشاء من عباده والعاقبة للمتقین (ولینصرن اهللا من ینصره (، ) ١٠٥:األنبیاء) (أن األرض یرثھا عبادي الصالحون(

) كتب اهللا ألغلبن أنا ورسلي إن اهللا قوي عزیز(، ) ٤٠:الحج) (إن اهللا لقوي عزیز )٢١:یوسف) (واهللا غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال یعلمون( ، )٢١:المجادلة(وكان ( ، )١٢:ألنفال) (إذ یوحي ربك إلى المالئكة أني معكم فثبتوا الذین آمنوا(،

ونرید أن نمن على الذین استضعفوا في ( ، )٤٧:الروم) (حقا علینا نصر المؤمنین ) .٥:القصص) (األرض

.قرءوا ھذا وفقھوه جیدا فآمنوا بھ واعتقدوه وصدروا عنھ اإلیمان بعظمة الرسالة واالعتزاز باعتناقھا واألمل في تأیید : وبھذه المشاعر الثالثة

وحدد ، في قلوب المؤمنین من صحابتھ بإذن اهللا rاهللا إیاھا ، أحیاھا الراعي األول لھم أھدافھم في ھذه الحیاة ، فاندفعوا یحملون رسالتھم محفوظة في صدورھم أو مصاحفھم ، بادیة في أخالقھم وأعمالھم معتدین بتكریم اهللا إیاھم واثقین بنصره

وحضارة فدانت لھم األرض وفرضوا علي الدنیا مدنیة المبادئ الفاضلة، وتأییده األخالق الرحیمة العادلة ، وبدلوا فیھا سیئات المادیة الجامدة إلى حسنات الربانیة

.ویأبى اهللا إال أن یتم نوره ، الخالدة

إلى ھذه المشاعر الثالثة ندعو الناس أوالقبل أن نتحدث إلیكم في ھذه الدعوة عن الصالة والصوم وعن القضاء ، أیھا الناس

دات والعبادات وعن النظم وعن المعامالت ، نتحدث إلیكم عن والحكم وعن العاالقلب الحي والروح الحي والنفس الشاعرة والوجدان الیقظ واإلیمان العمیق بھذه

اإلیمان بعظمة الرسالة واالعتزاز باعتناقھا واألمل في تأیید اهللا : األركان الثالثة . فھل أنتم مؤمنون ؟ ، إیاھا

بیت المسلم ، األمة المسلمةالفرد المسلم ، الوھذا الشعور القوي الذي یجب أن تفیض بھ النفوس ، وھذه الیقظة الروحیة التي

والبــد أن تسبقھا !ندعو الناس إلیھا البد أن یكون لھا أثرھا العملي في حیاتھم .وال شــك نھضــة عملیــة تتنــاول األفـــراد واألســر والمـجتمعات

عمل ھذه الیقظة عملھا في الفرد فإذا بھ نموذج قائم لما یریده اإلسالم في ست) أ ( إن اإلسالم یرید في الفرد وجدانا شاعرا یتذوق الجمال والقبح ، وإدراكا ... األفراد

صحیحا یتصور الصواب والخطأ ، وإدارة حازمة ال تضعف وال تلین أمام الحق ،

ات اإلنسانیة حق القیام ویصبح أداة صالحة لتحقیق وجسما سلیما یقوم بأعباء الواجب .اإلرادة الصالحة وینصر الحق والخیر

وقد وضع اإلسالم تكالیفھ الشخصیة علي القواعد التي توصل إلى ھذه النتائج كلھا ، وفي النظر اإلسالمي ما یرقي بالعقول واأللباب ویدفعھا إلى كشف ستائر الكون

.ومعرفة دقائق الوجود ي الخلق اإلسالمي ما یربي اإلرادة الحازمة والعزیمة الماضیة الصارمة ، وفي وف

النظام اإلسالمي في الطعام والشراب والمنام وتوابع ذلك من شؤون الحیاة ما لو اتبعھ الفرد لحفظ جسمھ من مھلكات ال دواء لھا ، ولظل في وقایة من فواتك

.األمراض تعبد بما أمره اهللا بھ لیرقي وجدانھ ، وأن یتعلم ما ولھذا نجوب علي األخ المسلم أن ی

وسعھ العلم لیتسع إدراكھ وأن یتخلق بأخالق اإلسالم لتقوي إرادتھ ، وأن یلتزم نظام اإلسالم في الطعام والشراب والنوم لیحفظ اهللا علیھ بدنھ من غوائل األمراض

.والسقام یدع النساء ولكن الصنفین في واإلسالم حین یضع ھذه القواعد ال یضعھا للرجال و

ھذه الناحیة الفردیة في اإلسالم سواء ، فعلي األخت المسلمة أن تكون كاألخ المسلم .في دقة وجدانھا وسمو إدراكھا ومكانة خلقھا وسالمة بدنھا

وسیكون لھذا اإلصالح الفردي أثره في األسرة ، ذلك أن األسرة مجموعة ) ب ( وصلحت المرأة ـ وھما عماد لألسرة ـ استطاع أن یكونا أفراد ، فإذا صلح الرجل

بیتا نموذجیا وفق القواعد التي وضعھا اإلسالم ، وقد وضع اإلسالم قواعد البیت فأحكم وضعھا ، فأرشد إلى حسن االختیار ، وبین أفضل الطرائق لالرتباط وحدد

حتى ینع الحقوق والواجبات ، وأوجب علي الطرفین رعایة ثمرات ھذا الزواجوتنضج في غیر عبث وال إھمال ، وعالج ما یعترض ھذه الحیاة الزوجیة من

.المشكالت أدق عالج ، وأختط في كل نظراتھ طریقا وسطا ال تفریط فیھ وال إفراط وإذا صلحت األسرة فقد صلحت األمة مجموعة ھذه األسر وإنما األسرة أمة ) ج (

ضع اإلسالم لألمة قواعد الحیاة االجتماعیة مصغرة واألمة أسرة مكبرة ، وقد والسعیدة ، فعقد بین بنیھا آصرة األخوة وجعلھا قرینة اإلیمان ، ورفع مستوى ھذه

الصلة إلى المحبة بل إلى اإلیثار ، وقضى على كل ما من شأنھ أن یمزق ھذه قھا الروابط أو یضعف ھذه الوشائج ، وحدد الحقوق والواجبات والصالت ،فلألبوة ح

وعلیھا واجبھا ، وللنبوة مثال ذلك ، ولذوى القربى حقوقھم وعلیھم واجباتھم ، وفصل مھمة الحاكم والمحكوم أدق تفصیل ، وبین المعامالت بین الناس أحكامھا بأفصح بیان ، ولم یجعل ألحد علي أحد فضال إال بالتقوى فال سید وال مسود وال

اهللا سواسیة كأسنان المشط ، إنما یتفاوتون أمراء وال عبید ، ولكن الناس في ذاتبعمل الصالحات ، وكذلك حدد صالت األمم بعضھا ببعض ، وبین حقوق كل صنف

.فیھا وواجباتھ ، ولم یدع من ذلك صغیرة وال كبیرة إال أحصاھا فالوقایة مما یؤدي إلیھا أوال . وقد عالج اإلسالم بعد ذلك مشاكل المجتمعات

فلكل مشكلة اجتماعیة عنده دواء ، والدواء . اه أن یحدث منھا ثانیا واستئصال ما عس .األول في كل عالج صالح النفوس والتضامن االجتماعي بین بني اإلنسان

واإلسالم یحیط بكل ذلك ال یسلك سبیل العنت ، وال یحمل الناس علي ما یؤدي إلى یضع القواعد الكلیة ویدع الحرج ولكن یرید بالناس الیسر وال یرید بھم العسر ، و

الفرعیات الجزئیة ویرسم طرائق التطبیق ، ویكل لألزمان والعصور وبعد ذلك أن

تعمل عملھا وھو لذلك شریعة كل زمان ومكان ، وھو لذلك یفرض نشر الدعوة حتى )وما أرسلناك إال رحمة للعالمین: (تشمل الناس أجمعین ویتحقق قولھ تعالي

) .١٠٧:األنبیاء(وإذا قوي الشعور الذي أشرنا إلیھ آنفا ، وأدي إلى نتیجتھ التي وضعناھا اآلن ،

فطبق نظام اإلسالم علي الفرد والبیت واألمة ، ووصلت الرسالة إلى القلب واآلذان ، .فقد نجحت فكرتنا واستجیبت دعوتنا ویأبى اهللا إال أن یتم نوره

والصبغة التقلیدیةبین الصبغة االستقاللیةنحن نرید الفرد المسلم ، والبیت المسلم ، والشعب المسلم ، ولكنا نرید قبل ذلك أن

تسود الفكرة اإلسالمیة حتى تؤثر في كل ھذه األوضاع وتصبغھا بصبغة اإلسالم ، وبدون ذلك لن نصل إلى شيء ، نرید أن نفكر تفكیرا استقاللیا یعتمد علي أساس

یف ال علي أساس الفكرة التقلیدیة التي جعلتنا نتقید بنظریات الغرب اإلسالم الحنواتجاھاتھ في كل شيء ، نرید أن نتمیز بمقوماتنا ومشخصات حیاتنا كأمة عظیمة

.مجیدة تجر وراءھا أقدم وأفضل ما عرف التاریخ من دالئل ومظاھر الفخار والمجدثابتة قویة ، تغلغلت في الضمائر لقد ورثنا ھذا اإلسالم الحنیف واصطبغنا بھ صبغة

والمشاعر ولصقت بحنایا الضلوع وشغاف القلوب ؛ واندمجت مصر بكلیتھا في عقیدتھ ولغتھ وحضارتھ ودافعت عنة وذادت عن حیاضھ وردت : اإلسالم بكلیتھ

عنة عادیة المعتدین ، وجاھدت في سبیلھ ما وسعھا الجھاد بمالھا ودم أبنائھا ، ن التتار وأنیاب الصلیبیین ، وردت الجمیع على أعقابھم خاسرین ، وأنقذتھ من براث

استقرت فیھا فیھا علوم اإلسالم ومعارفھ ،واحتوت األزھر أقدم جامعة تقوم على حیاطتة ورعایتھ وحراستھ ، وانتھت إلیھا زعامة شعوبھ األدبیة واالجتماعیة ،

.وصارت مطمح أنظار الجمیع ومعقد آمالھم، عقیدتھ ونظمھ ولغتھ وحضارتھ ، میراث عزیز غال على مصر لیس ھذا اإلسالم

تفریطھا فیھ بالشيء الھین وال إبعادھا عنھ باألمر المستطاع مھما بذلت في سبیل ومن ھنا بدت مظاھر اإلسالم قویة فیاضة زاھرة . ذلك الجھود الھدامة المدمرة

المیة ولغتھا عربیة ، وھذه فأسماؤھا إس: دفاقة في كثیر من جوانب الحیاة المصریة المساجد العظیمة یذكر فیھا اسم اهللا ویعلو منھا نداء الحق صباح مساء ، وھذه

كل ذلك حق ، ولكن . مشاعرنا ال تھتز لشيء اھتزازھا لإلسالم وما یتصل باإلسالم ھذه الحضارة الغربیة قد غزتنا غزوا قویا عنیفا بالعلم والمال ، وبالسیاسة والترف ،. والمتعة واللھو وضروب الحیاة الناعمة العابثة المغریة التي لم نكن نعرفھا من قبل

فأعجبنا بھا ، وركنا إلیھا ، وأثر ھذا الغزو فینا أبلغ األثر وانحسر ظل الفكرة اإلسالمیة عن الحیاة االجتماعیة في كثیر من شؤونھا الھامة ، واندفعنا نغیر

ا بالصبغة األوروبیة ، وحصرنا سلطان اإلسالم في أوضاعنا الحیویة ونصبغ معظمھحیاتنا علي القلوب والمحاریب ، وفصلنا عنھ شؤون الحیاة العملیة ، وباعدنا بینھ

.وبینھا مباعدة شدیدة وبھذا أصبحنا نحیا حیاة ثنائیة متذبذبة أو متناقضة وأصولھ اإلسالم بما فیھ من روعة وجالل ، وبسلطانھ الساحر العذب الجذاب ،

الثابتة المدعمة القویة ، وحجتھ البـالغة یجذب إلیـھ القلـوب والمشاعر ، ویجعلنا نحن وھذه الحیاة الغربیة بما تحتویھ من مباھج ومفاتن . المؤمنین بھ في حنین دائم إلیھ

وبما لھا من مظاھر القوة المادیة تحاول أن تسیطر وتھیمن علي ما بقي لنا من ھذا وضع مشاھد ملموس یراه ویعلمھ كل ما یعنیھ أمر ھذه األمة ، .شؤوننا الحیویة

وال بد أن ینتھي ھذا التذبذب إلى استقرار والبد أن یتغلب أحد الجانبین علي اآلخر .!فلكل شيء نھایة

فنحن اإلخوان المسلمین نشفق كل اإلشفاق من أن تكون ھذه النھایة ھي التحلل مما نغماس الكلي في الحیاة الغربیة بكل مظاھرھا ، ولقد بقي من مظاھر اإلسالم واال

ارتفعت بذلك صیحات وقامت علي قواعده دعوات ، وسبقتنا غلیھ شعوب وحكومات .، وإن كان ذلك كلھ قد خفت وطأتھ اآلن أمام ما یقاسي العالم كلھ من محن وویالت

سالم وقواعده نحن نشفق من ھذا المصیر ، وندعو إلى أن تعود مصر إلى تعالیم اإل، تعتمد علیھا وتستمد منھا وتبني علي أساسھا النھضة الجدیدة وتركز علیھا

.األوضاع االجتماعیة في المستقبل إن شاء اهللا وإذ كان اإلسالم یدعو إلى أن نأخذ من كل شيء أحسنھ ، وینادي بأن الحكمة ضالة

تبس األمة اإلسالمیة المؤمن أني وجدھا فھو أحق الناس بھا ، وال یمنع من أن تقالخیر من أي مكان ، فلیس ھناك ما یمنع من أن ننقل كل ما ھو نافع مفید عن غیرنا

.مفید ونطبقھ وفق قواعد دیننا ونظام حیاتنا وحاجات شعبنا أما أثر ھذا التذبذب في مظاھر حیاتنا العملیة فكبیر واضح ، ولعلة مصدر كثیر من

، وفى حیاة األسرة وفى منابع الثقافة العامة وفى غیر المشكالت في التعلیم والقضاء ذلك من الشؤون العامة ، ھل ھناك أمة غیر مصر یسیر التعلیم فیھا من أول خطواتھ

على ھذین اللونین من ألوان التربیة ، فھناك التعلیم الدیني یتصل بنصف األمة یتصل بالنصف الثاني وینتھي إلى األزھر ومعاھدة وكلیاتھ ، وھناك التعلیم المدني

ویتمیز كل منھا بخواصھ وممیزاتھ ؟ وھل لذلك من سبب سوى أن السلسلة األولى ھي أثر اإلسالم الباقي في نفوس ھذه األمة وأن السلسلة

الثانیة ھي نتاج مجاراة الغرب واألخذ عنة ، فما الذي یمنع من توحید التعلیم في اإلسالمیة ثم یكون بعد ذلك التخصص ؟ مراحلھ األولى على أساس التربیة القومیة

وھل ھناك أمة غیر مصر ینقسم فیھا القضاء إلى شرعي وغیر شرعي كما ینقسم القضاء المصري وھل لذلك سبب سوى أن القضاء األول أثر اإلسالم في الحیاة

المصریة والثاني ولید النقل عن الغرب واألخذ عنھ ، وما الذي یمنع من أن تتوحد على أساس اعتبار الشریعة اإلسالمیة ھي شریعة البالد ومصدر التقنین ؟المحكمة

وھذه البیوت المصریة ، ألسنا نلمح فیھا أثر ھذه الحیاة المذبذبة المتناقضة ، فكثیر من األسر المصریة ال تزال شدیدة المحافظة على ما ورث من تعالیم اإلسالم وآدابھ

لكثیر عن ھذه التعالیم وخرج على ھذه اآلداب في الوقت في الوقت الذي انسلخ فیھ اوغلبت علیة نزعة التقلید في كل شيء بل جاوز بعضنا ذلك الحد حتى صار غریبا

.أكثر من الغربیین وال بد من وضع حد لھذا التفاوت الغریب حتى نظفر باألمة الموحدة ، فبدون الوحدة

.ال تحقق نھضة وال تحیا أمة حیاة الكمال وا اإلخوان المسلمون إلى أن یكون األساس الذي تعتمد علیة نھضتنا ھو لھذا یدع

توحید مظاھر الحیاة العملیة في األمة على أساس اإلسالم وقواعده وبذلك تبنى مصر .نفسھا ، وتقدم للعالم كلھ أكمل نماذج الحیاة اإلنسانیة الصحیحة

بین جماعة وفكرة.. وسیلتنا العامة لعامة لإلخوان المسلمین یقف بنا أمام ھذه الدعوة كجمعیة من الكالم عن الوسیلة ا

الجمعیات التي تقوم بالخدمة العامة ، ثم یقف بنا كذلك أمامھا كدعوة من الدعوات .التجدیدیة لحیاة األمم والشعوب التي ترسم لھا منھاجا جدیدا تؤمن بھ وتسیر علیھ

ة من بناء المساجد وعماراتھا ، أ ـ ال شك أن جماعات اإلخوان تقوم بالخدمة العامومن فتح المدارس والمكاتب واإلشراف علیھا، ومن إنشاء األندیة والفرق وتوجیھھا

ورعایتھا ، ومن االحتفال بالذكریات اإلسالمیة احتفاال یلیق بجاللھا وعظمتھا ، ومن اإلصالح بین الناس في القرى والبلدان إصالحا یوفر علیھم كثیرا من الجھود

األموال ، ومن التوسط بین األغنیاء الغافلین والفقراء المعوزین بتنظیم اإلحسان ووجمع الصدقات لتوزع في المواسم واألعیاد ، الشك أن اإلخوان یقومون بھذا كلھ

ولھم فیھ والحمد هللا أثر یذكر، وقد تضاعفت نشاطھم في ھذه النواحي مضاعفة طبیعة التفات الناس إلیھا وإقبالھم علیھا ، ملموسة في ھذا الدور من أدوار الدعوة ب

ووسیلة اإلخوان في ھذه المیادین التنظیم والتطوع واالستعانة بأھل الرأي والخبرة ، وتدبیر ما تحتاج إلیھ ھذه المشروعات من أموال من المشتركین تارة ومن المتبرعین

ن قد اكتملت أخرى إلى ما ینفع لمثل ھذه المشروعات ، ولسنا نقول إن اإلخواجھودھم في ھذه الناحیة ولكنا نقول انھم یسیرون بخطوات واسعة نحو الكمال ، واهللا

ھؤالء ھم اإلخوان وتلك ھي دعوتھم كجماعة من جماعات الخدمة . الموفق المستعان .العامة

ب ـ ولكن اإلخوان كما علمت لیسوا كذلك فحسب ، ولكن لب دعوتھم فكرة وعقیدة نفوس الناس لیتربى علیھا الرأي العام وتؤمن بھا القلوب وتجتمع من یقذفون بھا في

.تلك ھي العمل لإلسالم والعمل بھ في كل نواحي الحیاة : حولھا األرواح أما الوسیلة إلى تحقیق ذلك فلیست المال ، والتاریخ منذ عرف إلى اآلن یحدثنا أن

ال ، فھي تحتاج إلى مال في الدعوات ال تقوم أول أمرھا بالمال وال تنھض بھ بحبعض مراحل طریقھا ولكن محاال أن یكون قوامھا ودعامتھا، فرجال الدعوات

وأنصارھا ھم دائما المقلون من ھذا المال وسل التاریخ ینبئك ، ولیست الوسیلة القوة كذلك فالدعوة الحقة إنما تخاطب األرواح أوال وتناجى القلوب وتطرق مغالیق

أن تثبت بالعصا أو أن تصل إلیھا على شبا األسنة والسھام ، ولكن النفوس ، ومحالالوسیلة في تركیز كل دعوة وثباتھا معروفة معلومة مقروءة لكل من لھ إلمام بتاریخ

...الجماعات ماذا فعل رسول اهللا صلى اهللا . إیمان وعمل ومحبة وإخاء : وخالصة ذلك جملتان

س الرعیل األول من أصحابھ أكثر من أنھ علیھ وسلم في تركیز دعوتھ في نفودعاھم إلى اإلیمان ، ثم جمع قلوبھم على الحب واإلخاء ، فاجتمعت قوة العقیدة إلى

قوة الوحدة وصارت جماعتھم ھي الجماعة النموذجیة التي البد أن تظھر كلمتھا بعد وتنتصر دعوتھا وان ناوأھا أھل األرض جمیعا، وماذا فعل الدعاة من قبل ومن

أكثر من ھذا ؟ ینادون بالفكرة ویوضحونھا ویدعون الناس إلیھا فیؤمنون بھا ویعملون لتحقیقھا ویجتمعون علیھا ویزدادون عددا فتزداد الفكرة بھم ظھورا حتى

.تبلغ مداھا وتبتلع ما سواھا ، وتلك سنة اهللا ولن تجد لسنة اهللا تبدیال صدى من الدعوة األولى یدوي في ولیست دعوة اإلخوان بدعا في الدعوات فھي

ویحاولون أن یقذفوا بھ إیمانا في قلوب . قلوب ھؤالء المؤمنین ویزداد على ألسنتھم األمة المسلمة لیظھر عمال في تصرفاتھا ولتجمع قلوبھا علیة ، فإذا فعلوا ذلك فأیدھم

خاء أیھا فإلى اإلیمان والعمل وإلى الحب واإل.. اهللا ونصرھم وھداھم سواء السبیل ..اإلخوان واهللا معكم وتلك ھي وسیلتكم واهللا غالب على أمره

في اجتماع رؤوساء المناطق ومراكز الجھاد المنعقد بالقاھرة في

ھـ١٣٦٤ شوال سنة ٣ م١٩٤٥ سبتمبر سنة ٨الموافق

مقدمـة بســم اهللا الرحمن الرحیـم

د وعلى الھ وصحبھ ومن دعا بدعوتھ إلى الحمد هللا والصالة والسالم على سیدنا محم ..یوم الدین

..أیھا االخوة الفضالءوبعد ، فقد خطر لي أن أشكركم على ما تجشمتم . السالم علیكم ورحمة اهللا وبركاتھ

من مشقة وتحملتم من عناء وأنفقتم من نفقة في سبیل حضوركم ھذا االجتماع ، قتضیھ الدعوة من واجبات ؟ وإذا ففیم ألیس ذلك ھو أیسر ما ت: ولكنى سألت نفسي ال شكر على واجب ، ولھذا عدلت عن أن أتقدم إلیكم شاكرا ، : الشكر ، وقدیما قیل

ولكن ذلك ال یحول بیني وبین أن أتقدم إلیكم مبشرا ، بما أعد اهللا لعباده العاملین هللا المخلصین من عظیم األجر وجزیل المثوبة متى عملوا واخلصوا واستجابوا

إنكم ما خطوتم خطوة أو .. وللرسول إذا دعاھم لما یحییھم ، فبشراكم أیھا اإلخوان أنفقتم نفقة تبتغون بھا إعزاز كلمة اهللا ونصر الدعوة واالجتماع على الحب في اهللا

إال كتب اهللا لكم بھا ، ورفع لكم بھا في المأل األعلى ذكرا ، ، والتآخي في اهللا وال ینفقون نفقة صغیرة وال كبیرة وال یقطعون وادیا إال كتب ( :وصدق اهللا العظیم

كما أني أتقدم كذلك مھنئنا ، ) ١٢١:التوبة) (لھم لیجزیھم اهللا أحسن ما كانوا یعملون على اإلنسانیة سائال اهللا تبارك وتعالى أن یعیده، موسم عید الفطر ، بھذا الموسم

وتنھض ، وإن كان عیدنا الحقیقي یوم تنتصر دعوتنا ، التائھة بالھدایة والتوفیق .وتعلو بنا كلمة اهللا في أرضھ ویومئذ یفرح المؤمنون بنصر اهللا ، دولتنا

...أیھا اإلخوة األحبة الفضالء

اتصل إذا، وأي شعور نبیل یثیره اجتماعكم في نفس من یراكم ، أي معنى جلیل فرأى أي دافع كریم ، ونفذت بصیرتھ إلى أعماق نفوسكم ، شعوره بشعوركم

استولى علیكم فدفع بكم إلى ھذا المكان ، ورأي أي تفكیر سام بريء طھور تزدحم بھ في ھذه الساعات خواطركم ، وأي جالل ووقار ورحمة وسكینة ورضوان تحف

.اآلن بمجلسكم ھذا وتتغشاكم في أماكنكم :دیدة أمة ج

جدیدة في قلوبھا النقیة البیضاء التي یغمرھا اإلیمان والیقین جدیدة في عقولھا .وھدایة رب العالمین ، المشرقة المستنیرة بتعالیم القرآن الكریم

جدیدة في آمالھا وأمانیھا التي ال تمت إلى األنانیة بسبب ، ولكنھا تبقي الخیر .والسعادة للناس أجمعین

لھا الواضحة الصریحة العادلة الرحیمة التي تبدأ بالحكمة والموعظة جدیدة في وسائ: الحسنة وتنتھي باإلنصاف والعدالة الرحمة ، وتنتظر مثوبة ذلك في قولھ تعالى

تلك الدار اآلخرة نجعلھا للذین ال یریدون علوا في األرض وال فسادا والعاقبة ( ). ٨٣:القصص) (متقینلل

..أیھا اإلخوة الفضالء اذكروا نعمة علیكم واقدروا أنفسكم واقدروا دعوتكم ، وأبشروا فالمستقبل لكم واهللا

معكم ولن یتركم أعمالكم ، وثقوا بأنكم تمثلون تمثیال حقیقیا أمة وادي النیل التي التي تناھز سبعین ملیونا ، ومن یفوق عددھا ثالثین ملیونا ، ومعھا بقیة األمة العربیة

ورائھا العالم اإلسالمي الذي یبلغ ثالثمائة ملیونا من المسلمین ، أنتم تمثلون ھذه المجموعة من الناس تمثیال حقیقیا صحیحا قد تنكره علیكم الجھات الرسمیة

والشكلیات العملیة ، ولكن ھل یشك منصف عادل في أنكم ھنا في اجتماعكم ھذا وسكم بما تختلج بھ ھذه النفوس جمیعا من المشاعر؟ وتمتلئ رؤوسكم بما تختلج نف

تمتلئ بھ ھذه الرؤوس جمیعا من األفكار؟ وتنطلق ألسنتكم بما تردده تلك األلسن من الكلمات؟

ولو خلي بین ھؤالء وبین حریتھم لصافحت أیدیھم أیدیكم في حرارة وشوق ، : ى ھتافھم عالیا قویا مع ھتافكم وضمت صدورھم صدوركم في حب ولھف ، ودو

اهللا اكبر وهللا الحمد ، وھي األخوة التي ال تنفصم والتي جمع علیھا القرآن قلوب ) إنما المؤمنون إخوة: (المؤمنین بھ في كل مكان ، وسجلھا لھم إذ یقول

) .١٠:الحجرات( ..اسمعوا فیا أیھا الممثلون الحقیقیون لخیر أمة أخرجت للناس

أوال ـ ما ھي دعوتكم؟على اإلسالم تعتمد ومنھ تستمد " إسالمیة صمیمة"لقد أعلنتم من أول یوم أن دعوتكم

اهللا غایتنا ، والرسول قدوتنا ، والقرآن دستورنا ، (، وھتفتم بھا من كل قلوبكم تم اإلسالم ولكنكم مع ھذا فھم..) والجھاد سبیلنا ، الموت في سبیل اهللا أسمى أمانینا

:فھما شامال ـ فآمنتم بھ نظاما اجتماعیا كامال یصحح للناس أوضاع مجتمعھم في كل شئ ، فال ١

یدع صغیرة وال كبیرة من شؤون الحیاة إال تناولھا ، وأوضح ما فیھا من خیر لیقبل .الناس علیھ ، وما فیھا من شر لیجتنبوه

یجاھد في سبیل ھذا اإلسالم حتى ـ وآمنتم كذلك بأن من واجب المسلم الحق أن٢ .یھیمن على المجتمع كلھ ، ویحتل مكانھ الذي ھیأه اهللا لھ في دنیا البشر

. ـ وآمنتم كذلك بأن ذلك أمر ممكن میسور لو أراده المسلمون واجتمعوا علیھ ٣وقد تكون ھذه األمور الثالثة محل خالف بینكم وبین فریق من المسلمین أنفسھم ،

، كثیرون ال یرون اإلسالم إال في صور من العقائد الصحیحة أو الفاسدة فال زال وال یزال الكثیرون یرون أن الجھاد في سبیل ھذا .. والعبادات الكاملة أو الناقصة

وال یزال الكثیرون یرون أن العقبات .. اإلسالم أمر قد انقضى وقتھ ومضى زمنھ .ن أن یزیلھا شئ أمام المجاھدین في سبیل ھذه الغایة أكبر م

ولھذا القصور في الفھم والصغر في الھمم والیأس في النفوس استسلم كثیر من الناس لألمر الواقع ، وظنوا أن ذلك یرفع عنھم اللوم في الدنیا والعذاب في اآلخرة ، ونسوا

سھم قالوا فیم كنتم قالوا إن الذین توفاھم المالئكة ظالمي أنف ( :قول اهللا تبارك وتعالى

كنا مستضعفین في األرض قالوا ألم تكن أرض اهللا واسعة فتھاجروا فیھا فأولئك ، فقمتم أنتم أیھا اإلخوان المسلمون )٩٧:النساء) (مأواھم جھنم وساءت مصیرا

عن الناس أوضار القصور والضعف والیأس ، وتنتظرون موعود تنفضون عنكم والذین إن مكناھم ، ولینصرن اهللا من ینصره إن اهللا لقوي عزیز ( :اهللا تبارك وتعالى

ھوا عن المنكر وهللا في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ون ) . ٤١-٤٠:الحج) (عاقبة األمور

بین دورین

لقد جاء اإلسالم الحنیف یقرر للدنیا أعدل المبادئ وأقوم الشرائع الربانیة ، ویسمو بالنفس اإلنسانیة ویقدس األخوة العالمیة ، ویضع عقیدة الخلود والجزاء دافعا إلى

عا من الفساد في األرض ، ویرسم الطریق العملي لذلك كلھ األعمال الصالحة ومانفي حیاة الناس الیومیة ثم في أوضاعھم المدنیة ، ویحیى على ذلك القلوب ، ویجمع علیھ األمة ، ویقیم على أساسھ الدولة ، ویوجب الدعوة إلیھ في الناس كلھم حتى ال

.تكون فتة ویكون الدین كلھ هللاسلمین حینا من الدھر ، علت فیھا دعوتھم ، وامتدت ومضت على ھذا حیاة الم

دولتھم ، وتمكن سلطانھم ، وسادوا أمم الدنیا ، وكانوا أساتذة الناس ، ووعدھم اهللا فآتاھم اهللا ثواب الدنیا وحسن ( :على ذلك أجمل المثوبة ، وحقق لھم ھذا الوعد

).١٤٨:آل عمران) (حسنینثواب اآلخرة واهللا یحب المثم اختلط علیھم بعد ذلك األمر ، فاتخذوا الدین طقوسا وأشكاال ، والعلم والمعرفة

جدال ومراء ، ووزعوا مھمة اإلصالح لتكون أداة للدنیا ووسیلة للجاه والمال ، ففسدت النفوس أوال وتفرقت الكلمة بعد ذلك ، ودالت الدولة تبعا لھذا ، وطمع في

سلمین من ال یدفع عن نفسھ ، فوقعوا تحت حكم غیرھم وسلطانھ ، وتغیرت تبعا الم .لذلك كل أوضاع حیاتھم األدبیة والعلمیة

وأراد المصلحون الغیورون أن یتداركوا األمر ، فقامت طائفة تحاول إصالح النفوس ، وقامت أخرى تحاول خدمة الشعوب ، واختصت ثالثة نفسھا بتقویم أداة الحكم

وأطلق كل على نفسھ اسما یرضاه ووصفا یعجبھ ، انتصر لمھمتھ ، وانتقص مھمة ،غیره ، وكان شرط ھذا االختصاص ـ لیكون نافعا مفیدا ـ أن تقوى كل ناحیة

األخرى وتكون سنادا لھا ، فیدفع من یھیمنون على تربیة النفوس أتباعھم إلى خدمة صالح المجتمع بصالح الحكم ، حتى المجتمعات ، وھؤالء ینبھون من معھم إلى أن

وكان شرط ھذا االختصاص كذلك أن تقوم ھناك . یتآزر الجمیع على اإلصالح العام الھیئة الجامعة التي تأخذ بأطرافھ وتجمع بین حواشیھ ، وكان شرط ھذا االختصاص

م أخیرا أن بھ األكفاء المخلصون ، ولكن ھذا كلھ لم یتوفر إال نادرا ، والنادر ال حك .لھ

مقاصد الدعوة ووسائلھا العامةفلمعت كما ، وظھرت دعوتكم أیھا اإلخوان في ثنایا ھذه السحب المتراكمة جمیعا

تبعث في القوم النور ، ثم أنارت كما تنیر الشمس المشرقة ، یلمع البرق الوامض فكانت أغراضكم وأھدافكم ھي أغراض ، والحیاة والیقظة بعد طول نوم وخمود

.الم الحنیف ومقاصده اإلس

ـ تصحیح فھم المسلمین لدینھم وشرح دعوت القرآن الكریم شرحا وضحا ، ١وعرضھا عرضا كریما یوافق روح العصر ، ویكشف عما فیھا من روعة وجمال ،

.ویرد عنھا األباطیل والشبھات في ـ ثم جمع المسلمین عملیا على مبادئ كتابھم الكریم بتجدید أثره البالغ القوى٢

.النفوس ـ ثم خدمة المجتمعات وتنقیتھا بمحاربة الجھل والمرض والفقر والرذیلة ، ٣

.وتشجیع البر والنفع العام في آیة صورة ـ ولن یستشعر أحد العزة والكرامة ویتذوق طعم الحیاة الكریمة إال إذا شبع بطنھ ٤

اإلسالم فلم واستغني عن غیره ، وتوفرت لھ ضروریات حیاتھ ، وإلي ذلك نظر یھمل المعاني االقتصادیة ولم یتغافل عن اإلصالح المالي ، بل إنھ وضع لذلك أفضل

وترفع مستوي المعیشة وتقرب بین ، القواعد التي تنمي وحدة األمة أفرادا وجماعات الطبقات ، وتؤمن الجمیع أنفسھم وزراریھم وأوالدھم ، وتضمن لھم العدالة

.وفر الفرص المتكافئة للجمیع علي السواء االجتماعیة الصحیحة ، وتبل اعتبر المال ، لم یحتقر اإلسالم المال ، ولم یزھد في الثروة ولم یحرم الطیبات

، ) نعم المال الصالح للرجل الصالح : (rمن نعم اهللا الواجبة الشكر ، وقال النبي )ك من الكفر والفقراللھم إني أعوذ ب: (واستعاذ من العوز والفقر وقرنھ بالكفر فقال

، وحث بعد ذلك علي العمل والكسب ، واعتبر ذلك قربة إلي اهللا تؤدي إلي حبھ : كما قال ) إن اهللا یحب المؤمن المحترف : (rفقال رسول اهللا . ومثوبتھ ومغفرتھ

، وحرم السؤال واالستجداء لما في ) من أمسي كاال من عمل یده أمسي مغفورا لھ( .ان ذلك من مذلة وھو

ثم أوصي بعد ھذا بالمحافظة علي ھذا المال واالعتدال في إنفاقھ وابتغاء أفضل ) وال تؤتوا السفھاء أموالكم التي جعل اهللا لكم قیاما: (السبل بھ فقال القرآن الكریم

) ولم یقتروا وكان بین ذلك قواماوالذین إذا أنفقوا لم یسرفوا: ( ، وقال )٥:النساء( ) .٦٧:الفرقان(

ثم لفت النظر إلي منابع الثروة وأصول طرائق الكسب من التجارة والزراعة والصناعة والثروات الحیوانیة والمعدنیة والمائیة والھوائیة والقوي الكونیة ، وكل

مسلمین علي استغاللھا وتثمیرھا ذلك واضح في كتاب اهللا العلي الكبیر ، وحث الألم تروا أن (، واالنتفاع بھا وعدم الغفلة عنھا ، جمع لھم ذلك في إشارة واضحة

) اهللا سخر لكم ما في السماوات وما في األرض وأسبغ علیكم نعمھ ظاھرة وباطنة ).٢٠:لقمان(

الحرام كلھ إلي البغضاء والشحناء وفساد المجتمعات ، ألن اإلسالم ثم حرم الكسبحین أراد لن یوفر للفرد وسائل الحیاة والرفاھیة أراد كذلك أن یوفر للمجتمع حیاة

ویقضي فیھ علي فحش األثرة واألنانیة ، فحرم الربا وحرم ، التكافل والطمأنینة المعروفة من تقدیم المنفعة العامة ووضع في ذلك القاعدة ، النصب وحرم االحتیال

علي المنفعة الخاصة دائما ، فإذا تعارضت حقوق الفرد مع حقوق الجماعة أھدرت الحقوق الفردیة وعوض عنھا أصحابھا ، وأقیمت حقوق الجماعة بما یوصل للخیر

.العام ولكنھ رسم الخطط ، ولم یقف أمر النظام االقتصادي اإلسالمي عند ھذا الحد

ساسیة للتقریب بین الطبقات فانتقص من مال الغني بما یزكیھ ویطھره وینقیھ األوزھده في الترف والخیالء ورغبھ في الصدقة واإلحسان ، ویكسبھ القلوب والمحامد

وأجزل لھ في ذلك المثوبة والعطاء وقرر للفقیر حقا معلوما وجعلھ في كفالة الدولة ، ثم قرر بعد ھذا صور . وفي كفالة المجتمع بعد ذلك أوال وفي كفالة األقارب ثانیا

التعامل النافع للفرد الحافظ للجماعة تقریرا عجیبا في دقتھ وشمولھ وآثاره ونتائجھ ، كل ھذا بعض . وأقام الضمیر اإلنساني مھیمنا علیھا من وراء ھذه الصور الظاھریة

تصادیة للمؤمنین ، وقد فصلت ما وضع اإلسالم من قواعد ینظم بھا شأن الحیاة االقالحیاة االقتصادیة الممسوخة التي یحیاھا الناس في ھذه األعصر بین االقتصاد

واإلسالم ، فقمتم أنتم ومن أھدافكم وأغراضكم اإلصالح االقتصادي بتنمیة الثروة القومیة وحمایتھا ، والعمل علي رفع مستوي المعیشة ، والتقریب بین الطبقات ،

عدالة االجتماعیة ، والتأمین الكامل للمواطنین جمیعا ، وإقرار األوضاع وتوفیر ال .التي جاء بھا اإلسالم في ذلك كلھ

ـ وإذا كانت ھذه األھداف جمیعا ال تتحقق إال في ظل الدولة الصالحة وقد عرفتنا ٥ تزید فإذا ھي جمیعا ال، األیام ألوان الحكومات التي تقوم علي غیر النظام اإلسالمي

األمر إال شدة ، مع أن دستور بالد الذي ارتضتھ نظاما لنفسھا یعلن في المادة ، فكان البد أن ) أن دین الدولة اإلسالم ولغتھا الرسمیة اللغة العربیة : (منھ ) ١٤٩(

، تطالبوا بحق اإلسالم في إقامة الحكومة التي ترتكز علي أصولھ وأحكامھ وتعالیمھ الستقالل الكامل فكان طبیعیا أن یكون من أھدافكم ـ كدعوة وشرط ذلك الحریة وا

إسالمیة صحیحة كاملة ـ تحریر وادي النیل والبالد العربیة والوطن اإلسالمي بكل .أجزاؤه من كل سلطان أجنبي

ـ ودعوة اإلسالم الحنیف لیست قاصرة علي شعب دون شعب أو قطر دون قطر ٦ ، )٢٨:سـبأ) ( أرسلناك إال كافة للناس بشیرا ونذیراوما : (rفإن اهللا یقول لنبیھ

، )١:الفرقان) (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده لیكون للعالمین نذیرا(ویقول ، وذلك أول أساس ) ١:إبراھیم) (لتخرج الناس من الظلمات إلى النور: (ویقول

روحي وعملي ، وضع في ھذه األرض للوحدة العالمیة التي یھتف بھا الزعماء وتمھد لھا المخترعات وتتجمع علیھا أفكار األرض وتتھیأ لھا الشعوب واألمم في

فمن دعواتكم أیھا اإلخوة األحبة أن تساھموا في السالم العالمي وفي بناء ، ھذه األیام ة للناس بإظھارھم علي محاسن دینكم وتجلیھ مبادئھ وتعالیمھ لھم الحیاة الجدید

وتقدیمھا إلیھم بعد ھذا الظمأ القاسي الذي التھبت بھ أكبادھم في ھذه الحیاة المادیة .المیكانیكیة القاسیة

تلك ھي مقاصد دعوتكم وأغراض ھیئتكم ، كلھا من اإلسالم الحنیف ال تخرج عنھ ) هللا الذي ھدانا لھذا وما كنا لنھتدي لوال أن ھدانا اهللالحمد (قید شعرة و

).٤٣:ألعراف( :أما وسائلكم من ھذه الغایة فھي وسائل الدعوة األولي

. ـ نشر الدعوة للتبلیغ وتربیة النفوس علي ھذه التعالیم عملیا للتكوین١یاة للتوجیھ والتقدم إلي األئمة والھیئات ـ ووضع المناھج الصالحة في شؤون الح٢

.النیابیة والتنفیذیة والدولیة . ـ وفي أثناء ذلك من مھمتكم إسداء الخیر والمعروف للناس ٣

م ١٩٢٨ھـ ، ١٣٤٧ھكذا كنتم منذ وضع األساس األول لدعوتكم في شھر ذي القعدة .إن شاء اهللا وعلي ھذا ظللتم وثبتم وستظلون وتثبتون حتى یحقق اهللا وعده ، وصفنا

وسیقول الناس ما معني ھذا وما أنتم أیھا اإلخوان ؟ أننا لم نفھمكم بعد ، فأفھمونا .أنفسكم وضعوا ألنفسكم عنوانا نعرفكم بھ كما تعرف الھیئات بالعناوین

ھل أنتم طریقة صوفیة ؟ أم مؤسسة اجتماعیة ؟ أم حزب سیاسي ؟ كونوا واحدا من .سمیات لنعرفكم بأسمائكم وصفتكم ھذه األسماء والم

:نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة : فقولوا لھؤالء المتسائلین إلصالح النفوس وتطھیر األرواح وجمع القلوب علي اهللا : ـ طریقة صوفیة نقیة

.العلي الكبیر ـ وجمعیة خیریة نافعة تأمر بالمعروف وتنھي عن المنكر وتواسي المكروب وتبر

.السائل والمحروم وتصلح بین المتخاصمین بتحارب الجھل والفقر والمرض والرذیلة في أیة صورة : ـ ومؤسسة اجتماعیة قائمة

.من الصور ـ وحزب سیاسي نظیف یجمع الكلمة ویبرأ من الغرض ویحدد الغایة ویحسن القیادة

.والتوجیھ نھ لیس في یدكم مفتاح النور أل: وقد یقولون بعد ھذا كلھ الزلتم غامضین فأجیبوھم

وجھھ ىنحن اإلسالم أیھا الناس فمن فھمھ عل... الذي تبصروننا علي ضوئھ الصحیح فقد عرفنا كما یعرف نفسھ فافھموا اإلسالم أو قولوا عنا بعد ذلك ما تریدون

!. نحن ووزارة الشؤون االجتماعیة

..أیھا االخوة األحبة شأت دعوتكم ودرجت ،ثم أنشئت خالل ذلك وزارة على ھذا الوضع الواضح الكریم ن

الشؤون االجتماعیة وكان من مھمتھا تنشیط أعمال البر وتشجیع الھیئات الشعبیة والجمعیات الخیریة وإعانتھا مادیا وأدبیا على ما ھي بسبیلھ من عمل الخیر ، ورأینا

شاطنا واتصالنا أن ال مانع من أن نتعاون معھا في ذلك في الناحیة التي تخصھا من نبھا على ھذا األساس وأذنا لشعب اإلخوان أن تتصل بھا كذلك ، واستمرت صلتنا

بوزارة الشؤون على ھذا النحو من التفاھم والتعاون إلى اآلن ، حتى صدر القانون م الخاص بتنظیم الجمعیات الخیریة والمؤسسات االجتماعیة ١٩٤٥ لسنة ٤٩رقم

وبتطبیق ھذا التحدید . فیھ تحدید لمعنى الجمعیة والمؤسسة والتبرع للوجوه الخیریة وعلى ھیئة اإلخوان المسلمین نراه ال ینطبق علیھا بحال فال ھي جمعیة خیریة وال

ھي مؤسسة اجتماعیة وإن كانت تعمل الخیر وتخدم المجتمع فإنھا تعتمد في ذلك أوال .على مال أعضائھا وعلى ما یجمع من الجمھور

ولسنا . ومن جھة أخرى فان ھذا لیس كل أغراضھا ولم تنشأ لھ خاصة ھذا من جھةنأبى أن نتعاون مع وزارة الشؤون في الخیر وخدمة الناس فإننا نرحب بذلك ونوده ولكننا نرید أن توضع األمور في وضعھا الصحیح وأال نضع أنفسنا ودعوتنا التي

أمل اآلمال في موضع یغل یدھا وقفنا لھا الدم والمال والحیاة واألبناء وھي عندنا .ویحول بینھا وبین العمل لتحقیق أغراضھا والوصول إلي أھدافھا

ھل یتوھم إنسان أن دعوة اإلخوان وجماعتھم تكون في عرف القانون ومنطق األوضاع السلیمة الصحیحة ـ وھي الھیئة التي تعمل لتنشر في الدنیا دعوة القرآن

اجھ الدنیا بتعالیمھ لینعم الناس في ظلھ بما یحلمون بھ وتحیي أمتھ وتقیم دولتھ وتویھدي بھ اهللا من اتبع ، قد جاءكم من اهللا نور وكتاب مبین ( ،من سعادة وسالم

م إلى صراط رضوانھ سبل السالم ویخرجھم من الظلمات إلى النور بإذنھ ویھدیھ

، ھذه الھیئة أیھا اإلخوان وھذا مقصدھا ـ ھل یتوھم أحد ) ١٦-١٥:المائدة) (مستقیمأن تكون في عرف القانون وفي منطق األوضاع كجماعة لتكفین موتي الفقراء ؟

وجماعة قطرة الحلیب ؟ وجماعة أنصار اإلحسان ؟ وعلم اهللا أننا ال نستصغر ناحیة .ر وال ننتقص عمال من أعمال الخیر مھما كان ، ولكن لكل مقام مقال من نواحي الب

لھذا رأي مكتب اإلرشاد أن یعدل النظام األساسي تعدیال یوضح أھداف الدعوة ووسائلھا وضوحا ینص علي انفصال ناحیتي البر والریاضة في إداراتھما

مع وزارة الشؤون وحساباتھما عن الھیئة الرئیسیة لھا تسھیال لمھمة التعاوناالجتماعیة ـ إن شاء اهللا ـ من جھة ومع كل الھیئات التي تعمل لھاتین الناحیتین من

وسیعرض علیكم مشروع التعدیل وقرار المكتب في ھذا الشأن كلھ في . جھة أخري ) . ٤:األحزاب) (واهللا یقول الحق وھو یھدي السبیل ( ،نھایة ھذا االجتماع

ثانیا ـ حقوقنا الوطنیةأما فیما یتعلق باألمر الثاني الذي اجتمعتم من أجلھ وھو التذكیر بالحقوق الوطنیة

لوادي النیل وللعالم اإلسالمي وتبیین طرق العمل إلحقاقھا والوصول إلیھا فاسمعوا :أیھا اإلخوان

وأن تبعتكم من تأكدوا أن واجبكم أنتم في ذلك كأفراد وھیئة من أثقل الواجبات ، أعظم التبعات ، أنكم في ذلك تطالبون بأكثر مما یطالب بھ الناس ، وتحملون منھ

...أكثر مما یحملون ، فلقد أراد اهللا ...أن تستیقظوا حین كان یغط غیركم في نومھ

...وأن تؤمنوا حین كان یھیم سواكم في شكھ ...وأن تأملوا حین تغشت الناس سحابة الیأس

...تجمعوا وقد تشققت العصا واختلف أمر الھیئات واألحزاب وأن تأن یلتف الناس حولكم وتنتھي الثقة إلیكم ویحف األمل بكم حین فقد الناس أملھم

..وكاد كل واحد یشك حتى في نفسھ ، وثقتھم ویظھر اهللا أمركم فلم یقف عند حدود مصر والسودان بل جاوزھا إلى غیرھا من

.األقطار والبلدانویشاء اهللا لكم بعد ھذا أن تمر بكم عواصف ھذه الحرب الضروس ست سنوات

كاملة ، فتمزق من غیركم من الداخل والخارج ما شاء اهللا لھا أن تمزق ، ولكنھا تمر بكم أنتم مرا رفیقا یقوي وال یضعف وال یزعزع وینبھ وال یوھن ، ویزیدكم بنصر

متھ تنطقون ولدعوتھ تعملون فأنتم لذلك على عینھ اهللا إیمانا وبرعایتھ ثقة ألنكم بكل) ٤٨:الطور) (واصبر لحكم ربك فإنك بأعیننا وسبح بحمد ربك حین تقوم(تصنعون

.

.ومن ھنا كان واجبكم أكبر الواجبات وكانت تبعتكم أثقل التبعات

انتھاز الفرصةأنھا الفرصة السانحة التي ال تعوض ، وماذا تنتظرون بعد ذلك ، ثم تأكدوا بعد ذلك

ولقد انتھت ھذه الحرب الضروس وخرج منھا الحلفاء بنصر لم یكونوا یتوقعونھ ،

وسلم لھم أعداؤھم بغیر قید وال شرط ، وعرفت حكوماتھم وھیئاتھم وشعوبھم قیمة رغ والخصومة القاتلة الوقت ، فلم یضیعوه سدي ولم ینفقوه ھباء في الجدل الفا

والنوم العمیق ، ولكنھم كانوا یحاربون ویرتبون ، حتى إذا وضعت الحرب أوزارھا ، كان مؤتمر سان فرانسیسكو ومؤتمر بوتسدام ومؤتمر وزراء الخارجیة في لندن

ولم تبق علیھ إال لیال وأیام ، وفي خالل ذلك مقابالت واجتماعات وتصریحات ت ، وحكومات أثر حكومات ، وھكذا تسیر الدول الكبرى وقرارات ، وخطب ومقاال

وتتأھل الدول األخرى ، في سرعة ویقظة واھتمام ، ویقرر مصائر العالم ویحدد مستقبل األمم والشعوب في ھذه الساعات الفاصلة في تاریخ الناس ، فإذا وقع األمر

ون ؟ واألمر أمركم فقلما یتغیر إال بالمجھود العنیف والدأب المخیف فما الذي تنتظروأنتم موضع البحث والتقریر ، علي مصالحكم یشتد الجدل والخالف ، وإلیھا تتجھ المطامع واآلمال ، أفال ترون بعد ھذا كلھ أنھا ساعات لھا ما بعدھا بل أنھا أحرج

؟.الساعات في تاریخنا الحدیث

بین الوطنیة واالجتماعھمون في رأي وال في نصیحة منذ أیام قالئل قال لي أحد أصدقاء اإلخوان الذین ال یت

ألیس األروح لإلخوان واألجدى علي الوطن أن تشتغل ھیئة اإلخوان باألغراض : األدبیة واالجتماعیة واالقتصادیة من برنامجھا ـ وھي من اإلسالم أیضا ـ وتدع

ى ال الناحیة القومیة أو الوطنیة أو السیاسیة بعبارة أخري لسواھا من الھیئات حتیتعرض للعواصف القاسیة ھذا البناء العالي الذي أصبح للغیورین أمال وفي تاریخ

.ھذه النھضة عمال ؟ واهللا یا أخي إني ألشاركك ھذا الرأي ، وأجد : فقلت لھ في صراحة وإخالص وتأثر

في أعماق نفسي ھذا الشعور قویا عمیقا ، وأكره أشد الكراھیة ما یصحب ھذا مظاھر وآثار في النفوس وفي الصالت وما یجر إلیھ من نواحي الشھرة النضال من

والجاه الكاذب الذي یلھي الناس عن الحقائق والواجبات ، وكم كنت أتمني أن تكون الظروف معي ومعك ، وأن تدع لنا الحوادث من الوقت ما یتسع لھذا الذي تحب

كن األمور ھي كما تري وأحب ، ولیس ذلك عن حب للراحة أو إیثارا للدعة ، ول :اآلن

الدول الكبرى ـ وقد خرجت منتصرة ـ تعمل جاھدة لیل نھار وتحاول بل تتعمد أن تتغافل عن حقوقنا وأن تنسي ما بذلت لنا من عھود ومواثیق والوقت یمر مر

.السحاب والھیئات السیاسیة عندنا قد غفلت عن ھذا الواجب واشتغلت عنھ بما تقرأ في

ائدھا من تنابز باأللقاب وتخاصم علي األسالب ، علي أن الحوادث قد صحفھا وجرأعانت ذوي األغراض علي أن یفرقوا وحدتھا ، ویفضوا الناس عنھا ، ویظھروا

رجالھا أمام الرأي العام بمظھر الملوثین العابثین ، ففقد الشعب ثقتھ بقادتھ ، وخسر .ة بأنفسھم والثقة بحقھم القادة الجنود ، واألنصار فقدوا ھم أیضا الثق

والشعور الوطني كما تري في ثورة وقوة وحماس وبخاصة في ھذا النفر من الشباب المثقف ، وإن لم یكن في ھذا الشعب كلھ الذي ألح علیھ الفقر وأمضھ الجوع

والعري وأكل منھ الغالء والجھد ، وما لم تقده أید حكیمة وتصرفھ عقول مجربة فقد .ال تؤدي إلي نجاح وال تصل إلي غایة یسیر في طریق

وإلي جانب ھذا الشعور الوطني ھذا التھیؤ من جانب األمة العربیة وما جاورھا من اإلسالم للوحدة واالجتماع والرغبة في تنسیق الجھود واألعمال ، ولیست ھیئة من

الھیئات أقرب إلي قلوب ھذه الشعوب وأقدر علي الظھور في ھذا المیدان من .خوان اإل

كل ذلك یا أخي جعلنا وقد قضینا سبعة عشر عاما في اإلعداد واالستعداد ، وأفھمنا الناس فیھا األمر علي حقیقتھ ، من أن السیاسة والحریة والعزة من أوامر القرآن ، وأن حب األوطان من اإلیمان ، ولم یتبق بعد ھیئة من الھیئات علي وحدتھا وثقة

إال اإلخوان ، كل ذلك یا أخي جعلني أشعر شعورا قد ارتقي الناس بھا وأملھم فیھا إلي مرتبة االعتقاد ، إننا لم یعد لنا الخیار ، وإن من واجبنا اآلن أن نقود ھذه النفوس

.الحائرة ونرشد ھذه المشاعر الثائرة ونخطو ھذه الخطوة واهللا المستعان ألست ترى یا أخي أن أھم . علي أن ھناك نظرة أخري لیست بأقل مما تقدم أھمیة

عوامل الفساد واإلفساد لحیاة ھذا الشعب المصري وغیره من الشعوب العربیة واإلسالمیة ھذا التدخل والتحكم األجنبي الذي أفقدنا عزتنا ووجھنا غیر وجھتنا

وبدل أوضاع حیاتنا وضحك علینا بالقشور وصرفنا عن اللباب ، ثم ھذا الضعف ومات التي جعلت من نفسھا أداة طیعة إن لم تكن مسرعة في المتناھي من ھذه الحك

ید األجنبي یتحكم بھا في رقاب الناس كما یشاء وینفذ بھا مطالبھ وخططھ كما یرید .سافرا أو مستترا

أولست ترى أن أول باب لإلصالح أن نجاھد ھذین المظھرین ، وأن یتحرر الناس ضیاع ، وقد جربنا ذلك في أنفسنا وفي من ھذین النیرین ، وإال فكل مجھود إلي

غیرنا ولمسناه وعرفناه ، فإذا لم ندخل علي القوم من الباب في ھذه الفترة من الزمن .فمتي إذن ؟

واهللا یا أخي لو كنا أمة مستقلة تصرف أمورھا حكومة یقظة لكان في كل غرض من لغرض العلمي من أغراض دعوتنا علي حدة متسعة لكل أوقاتنا ومجھوداتنا ، فھذا ا

شرح دعوة اإلسالم والكشف عما فیھا من روعة وجمال ، وھذا الغرض االجتماعي من مساواة المنكوبین ومعاونة البائسین ، وھذا الغرض االقتصادي من استنفاد

الثروة القومیة وتنمیتھا وحمایتھا ، كل غرض من ھذه األغراض یستغرق أضعاف ن ما كل ما یتمني المرء یدركھ واهللا أعلم حیث یجعل وقتنا ویستنفد أمثال جھودنا ولك

.رسالتھ وفي مثل ھذه الساعات الھامة الفاصلة یكون ھذا الجھاد الوطني فرضا عینیا علي

صدقت سیروا : فقال ذلك الصدیق األخ في تأثر وحماس ... كل األفراد والھیئات .علي بركة اهللا واهللا معكم

..أیھا االخوة الفضالء كدوا كذلك أن لبالدنا حقوقا ومطالب قومیة لم تنلھا بعد ، وال فائدة من ذكر العوامل تأ

التاریخیة والحوادث التي أدت إلي انتقاص ھذه الحقوق واغتصابھا ، ولكن الذي یفید ویجدي أن نؤمن إیمانا قویا جارفا بھذه الحقوق ، وأن نجاھد جھادا داعبا عنیفا في

لوصول إلیھا ، وباإلیمان والجھاد واألمل والعمل ننتصر ونصل سبیل تخلیصھا وا .إن شاء اهللا وما ضاع حق وراءه مطالب

نحن حین نؤمن ونجاھد ال نعتمد في جھادنا علي قوة السالح وكثرة الجیوش واألساطیل ، فنحن نعلم أننا عزل من ذلك كلھ ، ونشعر أعمق الشعور بما یكبل

واألغالل الثقال ، وحسب العالم ما قاسي من االعتماد علي أیدینا وأرجلنا من القیود

القوة ونبذ القانون وإھمال قواعد العدالة واإلنصاف ، ولكننا نعمد علي أن ھذا ھو حقنا الطبیعي الذي ال ینكره علینا إال جاحد ومكابر ، فلسنا أمة بدائبة تحتاج إلي

الحضارات وأعرق المدنیات الرعایة والوصایة والتوجیھ ولكنا أمة ورثت أمجد وأنارت الدنیا بالعلم والمعرفة وحین لم تكن ھذه األمم الحدیثة تدري من أمر الوجود

.شـیئاونعتمد علي أننا ساھمنا في المجھود العربي بأموالنا ودمائنا وأبنائنا وأرضنا

فنا ومواصالتنا وأقواتنا وكل مرافق حیاتنا ، وعرضنا كل شيء للخطر الداھم ، ووقإلي جانب األمم المتحدة وقفات كان لھا أثرھا في ھذا النصر وال شك ، ولم نشأ أن

نساوم في ساعة العسرة علي حق من حقوقنا أو نثیر مطلبا من مطالبنا ، ولكنا تركنا ذلك كلھ ودیعة بین یدي الضمیر اإلنساني العالمي معتمدین علي نبل حلفائنا وصدق

.وعودھم العھود والمواثیق التي قطعھا الحلفاء علي أنفسھم ومنھا میثاق ونعتمد علي ھذه

األطلنطي ، وتلك التصریحات والخطب ، والكلمات والنشرات التي أعلنوا فیھا شعوبا وحكومات ، أنھم یحاربون في سبیل العدالة والتحریر ویریدون نصرة

الم جدید یقوم علي المظلومین وإنقاذ البشریة من العبودیة واالستبداد ، وإنشاء ع .التعاون وكفالة الحریات والقانون واإلنصاف

ونعتمد كذلك علي التطور في التفكیر العالمي وھذه الیقظة في الضمیر اإلنساني ، ویا ویح الدنیا إذا كانت ستسودھا وتصرفھا من جدید األفكار الرجعیة ، وتتحكم فیھا

تصرة تظن أن في استطاعتھا أن تقود المطامع االستعماریة ، وإذا كانت الدول المنالدنیا من جدید بالحدید والنار ، فما أبعد ھذا الظن وأعرقھ في الوھم والخیال ، فإن

موجة الیقظة التي أحدثتھا ھذه الھزات العنیفة ال یمكن أن یقف تیارھا حتى یصل إلي ركت الدول غایتھ ویبلغ مداه ، ولن یستقر بعد الیوم في األرض السالم إال إذا أد

الكبرى ھذه الحقیقة واعترفت لغیرھا من األمم والشعوب بحقھا في الحیاة والحریة .واالستقالل

ولسنا من الغفلة وضعف اإلدراك بحیث نعتقد أن في وسعنا أن نعیش بمعزل عن الناس و بمنأى عن الوحدة العالمیة التي یتھیأ لھا األرض جمیعا والتي انطلق من

لمسلمین أول من صوت یھتف بھا ویدعو إلیھا ویتلو آیات الرحمة حناجرنا نحن ا ، ولكنا ندرك أن الدنیا لم )١٠٧:األنبیاء) (وما أرسلناك إال رحمة للعالمین(والسالم

تكن في حاجة إلي التعاون وتبادل المصالح والمنافع في یوم من األیام كما ھي في حن علي استعداد لمناصرة ھذا التعاون وتحقیقھ ، في ظل حاجة إلي ذلك اآلن ، ون

مثل علیا فاضلة ، تضمن الحقوق وتصون الحریات ویأخذ معھا القوي بید الضعیف . حتى ینھض

مطالبناونحن حین نطالب بحقنا ال نغالي وال نتعسف ، وال نرید علوا في األرض وال فسادا

یمكن أن یحیا بدونھ فرد أو شعب حیاة ، ولكنا نقف عند الحق الطبیعي الذي ال .عزیزة كریمة

وادي النیل* لوادي النیل: فنحن نطلب

فال یكون ھناك جیش احتالل في أیة بقعة من : ـ أن تجلو عنھ الجنود األجنبیة ١وماذا تغني ھذه الفئة القلیلة من الجنود إذا فقدت الثقة وفسدت العالقات . بقاعھ

تراف بالحقوق ھو أضمن وسیلة لتبادل المنافع والمحافظة وإرضاء النفوس واالع .علي المصالح

ـ وأن ترفع ھذه القیود واألغالل التي فرضت علي تجارتنا وزراعتنا وصناعتنا ٢إبان الحرب وقبل الحرب والتي قبلناھا مساھمة منا في المجھود الحربي ، وأن

طراد وتضیق بھا أرضھا وموارد تالحظ الدول األجنبیة أننا أمة یتكاثر عددھا باضثروتھا ، وأنھ لیس من العدل أن یأخذ األجنبي كل شيء أیضا ، إننا ال نكره األجانب وال نرید أن نقطع صالت التعاون بیننا وبینھم ، ونحن نعلم تماما أننا ال نستغني عن

اون علي رؤوس أموالھم وعن خبرتھم الفنیة ، ولكنا ال نرید كذلك أن یكون ھذا التعوالواجب أن تقدر كل ھذه العوامل االجتماعیة . قاعدة أن لھم الغنم وعلینا الغرم

إن عددنا یكثر ومستوي المعیشة عندنا أقل منھ في أیة أمة من األمم . واالقتصادیة الراقیة ، فأكثر من نصف المصریین یعیش أقل من عیشة الحیوان ، ومع ھذا یفكر

رضنا وفي تقیید حریتنا في التصدیر واالستیراد والتجارة األجانب في الھجرة إلي أوال ینتج ذلك كلھ إال حرج الصدور وإثارة الشعور ، والضغط . والزراعة والنقد

.الشدید یولد االنفجار ـ وقناة السویس ـ أرض مصریة حفرت بدماء مصریة وجھود أبنائھا فیجب أن ٣

ظیم شأنھا ، ولقد قارب أمد امتیازھا یكون لمصر حق اإلشراف علیھا وحمایتھا وتناالنتھاء وتفكر بعض الدول في التدخل في شأنھا أنھا قد اشترت عددا كبیرا من

إن مصیر ھذه القناة إلینا بعد عدد قلیل من السنین ، ومن واجبنا أن نتنبھ . أسھمھا مختلفة لذلك من اآلن وأن نطالب بزیادة عدد الموظفین من المصریین في األقسام ال

یجب أن نستعد للمستقبل وأال . وبخاصة األقسام الفنیة التي تحتاج إلي درایة ومران ویجب أن تعترف لنا الدول . ننتظر الحوادث حتى تفاجئنا ونحن علي غیر استعداد

.بھذا الحق الثابت وتقرنا علیھ ودان ال نقول أننا نطالب بحق مصر فیھ فلیس لمصر حقوق في الس: ـ والسودان ٤

ولكن السودان جزء من الوطن فھو مصر الجنوبیة ومصر ھي السودان الشمالي وكالھما وادي النیل ، ھذا كالم نرید أن یكون مفھوما جیدا للدول األجنبیة كلھا عامة

إن النیل الذي تتوقف علیھ حیاة مصر . وإلخواننا ومواطنینا أبناء السودان خاصة سا إنما ینحدر إلیھا من السودان ومن مائھ ومن طمیھ أرضا ونباتا وحیوانا وأنا

تكونت أرض الجنوب كما نشأت أرض الشمال ومنھا نشأت ھذه الجسوم وجرت ھذه الدماء فنحن أیھا األخوة السودانیون من ماء واحد وطینة واحدة وإذا قال لكم قائل أن

لسلطان في مصر ترید أن تستعمركم لتستغل أرضكم وتستغلي علیكم وتستطیل باأرضكم فقولوا أنھا فریة كاذبة نحن نرید السودان جزءا من مصر كما أن مصر

إذا فتحت . جزءا منھ للسوداني ما للمصري من حقوق وعلیھ ما علیھ من واجبات المدارس في مصر مثلھا في السودان وإذا أنشئت المحاكم في الشمال أنشئت في

ون ویتوحد كل شيء في مظاھر الحیاة الجنوب وتتوحد الجنسیة ویتوحد القانوإذا كان المغرضون قد استطاعوا . االجتماعیة في جزأي الوطن الواحد وادي النیل

أن یصوروا األمور علي غیر وضعھا الصحیح فإن ذلك الباطل ال یغني من الحق لقد عملت الدعایة األجنبیة عملھا في السودان ، ولكن إخواننا السودانیین . شیئا

منون وأذكیاء وھم یشعرون تماما أن ما یجدونھ اآلن من مالطفة ولین موقوت مؤإلي حین ثم بعد ذلك ینكشف االستعمار عن االستعمار ویتحقق لھم قول اهللا العلي

) ك یفعلونإن الملوك إذا دخلوا قریة أفسدوھا وجعلوا أعزة أھلھا أذلة وكذل ( :الكبیر

ولقد حاولت اإلدارة السودانیة أن تفصل السودان الجنوبي عن . )٣٤:النمل(السودان الشمالي فصال تاما ، والسودان الجنوبي ھو منبع الثروة ھو مستقرھا في السودان كلھ فھو موضع الغابات ومرعي الحیوان ومستقر المعادن ، ولقد حجبتھ

الشمالي وضربت علیھ نطاقا من المراقبة الشدیدة ، الحكومة عن أھل السودانوحرمت الذھاب إلیھ حتى علي التجار من السودانیین أنفسھم ، وأطلقت فیھ الدعایة

التبشیریة من مختلف اإلرسالیات وجعلتھ نھبا مقسما بینھا ومع ھذا كلھ فالزال حكومة مصر ال تھتم اإلسالم یشق طریقھ إلیھ واهللا غالب علي أمره ومن الغریب أن

لكثیر مما یقع في السودان وال تخطو خطوة إیجابیة في سبیلھ ولكنا لن نسكت علي ونعتقد أن الھیئات السودانیة التي تطالب الوحدة التامة مع مصر ـ إن . ھذا الحال

وجدت ھذه الھیئات ـ لو علمت ھذا الوضع الصحیح الذي نعلنھ ونؤمن بھ ونعمل بأسرع ما یمكن إلعالن ھذا الرأي وتقریره ، فإن مصر إذا علي أساسھ لبادرت

كانت تحتاج السودان لتطمئن علي ماء النیل وھو حیاتھا فإن السودان أحوج ما یكون إلي مصر في كل مقومات الحیاة كذلك وكالھما جزء یتمم اآلخر وال شك ، وذلك

وسنظل . لدماء فضال عن وحدة اللغة والدین والمشاعر والمظاھر واألنساب وانطالب بھذا الحق ونستمسك بھ حتى نصل إلیھ إن شاء اهللا ألنھ حق والحق البد أن

بل نقذف بالحق على الباطل فیدمغھ فإذا ھو زاھق ولكم الویل مما ( ،یعلو ویظھر ) .١٨:األنبیاء) (تصفون

برقة وطرابلس* بعد ذلك تأمینا لحدودنا ، حدودنا الغربیة ، ال بأن نحتل برقة ، وال بأن ـ ونرید٥

نستعمر طرابلس ، فنحن أكرم علي أنفسنا والحق أكرم علینا من أن نذھب ھذا المذھب الظالم ، ولكن أننا نأمن علي حدودنا الغربیة یوم تسلم لیبیا ألھلھا العرب

اد األبطال ، وكان ختام ذلك أن اشترك الذین جاھدوا في سبیلھا عشرات السنین جھجیشھم الحدیث في الحرب جنبا إلي جنب مع جنود الحلفاء ، وتقوم فیھا حكومة

عربیة مستقلة وتظل وطنا موحدا حرا مستقال ، وإذا كانت إنكلترا قد حررت الحبشة ، فإن من نیر االستعمار اإلیطالي ثم سلمتھا إلي إمبراطورھا مملكة مستقلة موحدة

من واجبھا أن تفعل ذلك في لیبیا ولیس جھادھا في سبیل حریتھا بأقل من جھاد ولیس للتفریق بینھما في المعاملة إال تأویل واحد ھو أن روح التعصب . الحبشة

للمسیحیة علي اإلسالم الزالت تتحكم في نفوس بعض الدول الغربیة الراقیة حتى في نا نحن المتعصبون وإلي اهللا المشتكي ، ولیس في القرن العشرین ، ومع ھذا یقال أن

الدنیا أبلغ في االستھتار بكرامة العرب والمسلمین من أن یقال أن ھناك تفكیر من ھذا عجیب ومدھش حقا !! بعض الدول في إعادة المستعمرات اإلیطالیة إلي إیطالیا

الحلفاء المجاھدون إیطالیا العدو المحارب ترد إلیھا حریتھا ومستعمراتھا والغرب.. یستبعد وطنھم ویسلمھ حلفاؤھم رغم المواثیق والعھود ویرید الناس بعد ذلك أن

!! .یستقر في األرض أمن وسالم وقریب من ھذا ما یشاع من أن طرابلس ستكون إلیطالیا تحت إشراف ھیئة دولیة

ب ثنائي وأن ساحل برقة سیعطي للیونان وأن صحراء لیبیا ستكون للعرب تحت انتداما ھـذا أیھا المنتصرون ؟ ما شأن الیونان بساحل برقة وأي ! مصري إنكلـیزي معـا

غفلة ھذه تغشي عقول المصریین لیتقدموا إلي صحراء تستنزف الدم والجھد والمال لیعمروھا ثم یتركوھا ؟ وأي ذلیل یرضي بأن یحكم كثبانا من الرمال تحت سلطان

ل ترضي الیونان بھذا العدوان ؟ وھل نسیت درس احتالل وھ.. االنتداب و االحتالل .األناضول من قبل ؟

واللیالي من الزمان حبالي مثقالت یلدن كل عجیبنحن نرید أن تؤمن حدودنا الغربیة باستقالل لیبیا ووحدتھا وقیام حكومة عربیة

د إلینا جعبوب مصریة كما كانت من صدیقة فیھا ورد ما أخذ منا ظلما وعدوانا فتعو . قبل

وفلسطین أیضا* كما نرید أن تؤمن حدودنا الشرقیة بحل قضیة فلسطین حال یحقق وجھة النظر

إن مصر والعالم . العربیة أیضا یحول دون تغلب الیھود علي مرافق ھذه البالد الشرقي المتاخم ، العربي واإلسالمي كلھ یفتدي فلسطین ، فأما مصر فألنھا حدھا

وأما بالد العرب فألن فلسطین قلبھا الخافق و واسطة عقدھا ومركز وحدتھا وھي ضنینة بھذه الوحدة أن تتمزق مھما كانت الظروف ومھما كلفھا ذلك من تضحیات ،

رسول rوأما العالم اإلسالمي فألن فلسطین أولي القبلتین وثاني الحرمین ومسرىب أن تضعھا الدول المتحدة نصب عینھا ، فصداقة المسلمین وھذه الحقیقة یج. اهللا

والعرب في كفة ومطامع الیھود في فلسطین في الكفة األخرى ، ولعل من خیر ال شك في أننا نتألم لمحنة . الیھود أنفسھم أن یصرفوا وجوھھم عن ھذه الناحیة

أن ترفع عنھم الیھود تألما شدیدا ولكن لیس معني ھذا أن ینصفوا بظلم العرب وبھالك غیرھم والعدوان علیھ ، وفي األرض مندوحة وفي األوطان متسع ، وكل

تفكیر أو تصریح أو عمل یتنافى مع إنصاف العرب وال یحقق آمالھم في فلسطین ال .یكون من ورائھ إال اإلثارة واإلحراج

ك ألنھ حق نحن نطالب بھذا ألنھ تأمین لحدودنا ومصلحة مباشرة لنا ونطالب بھ كذلأمتین عربیتین في الشرق والغرب ھم منا ونحن منھم ولن یفرق بیننا شيء وما

.وحده اهللا یستطیع أن یفصلھ الناس

إریتریا وزیلع وھرر ومصوع* ونرید بعد ذلك أن تؤمن حدودنا الجنوبیة بأن تحفظ حقوقنا في إریتریا ثم زیلع وھرر

ط بتربتھا دم الفاتح المصري وعمرتھا الید تلك المناطق التي اختل.. وأعالي النیل ثم اغتصب من جسم الوطن . المصریة ورفرف في سمائھا العلم المصري الخفاق

ظلما وعدوانا ، ولیس ھناك اتفاق دولي أو وضع قانوني یجعل الحق فیھا لغیر مصر رجع وإن أبي علینا ذلك الناس ، ومن واجبنا أال نتلقى حدود بلدنا عن غیرنا وأن ن

في ذلك إلي تاریخنا ولنر أي ثمن غال دفعناه من الدماء واألرواح في سبیل تأمین حدودنا ال لمطامع استعماریة وال لمغانم جغرافیة ولكن لضرورات حیویة ال محیص منھا وال معدي عنھا ، والفرصة اآلن سانحة لتطالب مصر برد ما أخذ منھا في غفلة

ذلك ما نطلب لوادي النیل ـ أوال ـمن الزمن وإھمال من الحكومات و

البالد العربیة*

ونطلب للبالد العربیة أن تثق الدول الكبرى بالجامعة العربیة وأن تفسح لھا المجال لتقوي وتنھض ، ففي نھضتھا وقوتھا أكبر عامل یساعد علي استقرار السالم

ة بحقھا في والطمأنینة في الشرق العربي ، كما یجب أن یعترف لكل أمة عربیوتعدل .. فتجلو القوات األجنبیة عن سوریا ولبنان .. الحریة واالستقالل الكامل

.. المعاھدة العراقیة بما یحقق وجھة نظر الشعب العراقي ویصدق أملھم في الحلفاء ویعترف لشرق األردن بحقھ حتى تقتنع الشعوب الصغیرة بضرورة التجمع في زمن

االنفراد ، وتكف الدول الكبرى عن المطامع غیر لم تعد تصلح فیھ العزلة و .ھذا في الشرق .. المشروعة في الیمن والحجاز

وفي غرب مصر ولیبیا خمسة وعشرون ملیونا من المسلمین في تونس والجزائر نكبوا باالستعمار الفرنسي تحت اسم الحمایة أو الفتح الظالم أو االحتالل ... ومراكش

ات السنین وبذلوا في ذلك الضحایا غالیة من الحریات البغیض ، وجاھدوا عشروالدماء فامتألت بھم السجون والمعتقالت وسالت بدمائھم األباطح واألودیة وشرد زعماؤھم وشبابھم المجاھد في كل مكان ، وحاول االستعمار الغاشم أن ینال من

والقھر دینھم بالتبشیر ومن عروبتھم بالعجمة والتنصیر ومن حریتھم بالضغط والجبروت ، فلم یفد ذلك كلھ شیئا وثبت المجاھدون علي جھادھم كالرواسي

وجاءت ھذه الحرب األخیرة وانھزمت فرنسا وانضمت لأللمان وتنكرت . الشامخات لحلفائھا األقدمین واحتل الحلفاء إفریقیا الشمالیة ، فوجدوا من أبناء ھذه األوطان

تراكا فعالیا في القتال في إفریقیا وفي إیطالیا وفي أعظم المساعدة واشتركوا معھم اشحملة فرنسا وثبتوا معھم في أعنف المواقع وفي أحرج الساعات ، وھل كان جیش

فرنسا الحرة إال ھؤالء األبطال البواسل من أبناء المغرب الشھید ، وقد اعترف بذلك ، وانتھت الحرب المستر تشرشل وأثني علي بطولة ھؤالء المجاھدین أطیب الثناء

ولم تتورع فرنسا ـ وھي لم تنس بعد وقع أقدام المحتلین ـ عن أن تدك المدن والقرى بقذائف الطائرات ، وأن تقتل في الجزائر في ثورة واحدة أربعین ألفا من المدنیین ، وأن تقضى علي خمس وأربعین قریة عامرة ، وال ذنب لھؤالء إال أنھم أرادوا أن

. وعودھم فقاموا یطلبون الحریة واالستقالل وھما الحق الطبیعي لھم یحقق الحلفاءوترید فرنسا المناھرة في عیون الناس الرماد ، فتدعي أنھا ثورة خبز وطعام وتزعم لنفسھا حقوقا موھومة إن بررتھا غفلة العرب والمسلمین في الماضي فقد مضي ذلك

و ھا ھي مراكش تشعل نارا وجحیما األوان ، وستتالحق الثورات ویتنفس البركان ،، وال یقل عنھا صدر الجزائر وتونس لھبا وحمیما ، ولیس علي ھذه المشاعر یبني السالم أو یستقر األمن واالطمئنان ، فنحن نطلب لكل ھذه األوطان وھي قطع من

دول قلب وطننا العربي الكبیر أن تنال حقھا وأن تنضم انضماما فعالیا إلي جامعة الالعربیة ، وإذا كان ھناك استفتاء لشكل الحكومة التي یجب أن تكون في ھذه البالد فالبد أن یكون ھذا االستفتاء بإشراف مجلس الجامعة وأن تمثل فیھ الدول العربیة

.المستقلة علي األقل

البالد اإلسالمیة و األقلیات اإلسالمیة* المیة أن تستقل وتتحرر وتنال حقوقھا ویرفع عنھا الظلم للبالد اإلسالمیة و األقلیات اإلس: ونطلب

.والحیف وتكون بمأمن من الظلم والعدوان فھذه إیران یجب أن تجلو عنھا الجنود البریطانیة والروسیة طبقا لتصریح الدول

المشتركة في خالل ستة أشھر من انتھاء الحرب مع الیابان ، وھذه إندونیسیا تعود مرة ثانیة إلي ھولندا ، وحسب ھولندا وقد ذاقت مرارة بأقسامھا ال مبرر ألن

الظلم والجبروت أن تقنع بأرضھا وأن تعمل لمصالحھا في ظل العدالة واإلنصاف

وتبادل المنافع وذلك خیر وأبقي من استالب الحقوق واغتصاب الحریات وقضیة اعد علي رقیھم الھند یجب أن تحل حال یحفظ حقوق المسلمین في كل الوالیات ویس

وحفظ حقوقھم في كل مكان ، ولقد كانت ألبانیا حكومة إسالمیة قبل ھذه الحرب بما أن غالب سكانھا من المسلمین من بقایا المھاجرین من البلقان والترك ، فمن الواجب

أن تعود ھذه الحكومة ومن العدل والنصفة أن تساعد مساعدة فعلیة علي أن تكون یات اإلسالمیة في بالد البلقان ، ففي یوغسالفیا وفي الیونان وفي حامیة لحقوق األقل

بلغاریا وفي غیرھا أقلیات إسالمیة مظلومة یعتدي علیھا وتستلب حقوقھا وال یدري بذلك أحد ، والمسلمون في كل مكان أمة واحدة یسعى بذمتھم أدناھا إذا اشتكي عضو

الواجب أن تسند مھمة اإلشراف منھم تداعي لھ سائر الجسد بالسھر والحمي ، فمن .علي إنصاف ھؤالء إلي أقرب الحكومات اإلسالمیة إلیھم

ولقد فكرت تركیا بعد الحرب الماضیة في االنسالخ من الشرق واألمم اإلسالمیة و االرتماء في أحضان الغرب والتزلف إلي الدول األوروبیة ظنا منھا أن ذلك یساعدھا

أمن في أرضھا ، وأكب الظن أنھا بعد ھذه الحرب قد علي أن تطمئن في دارھا وتأدركت مبلغ ما فاتھا من الفوائد بھذه العزلة عن العرب وأمم اإلسالم وال نرید أن نحاسبھا اآلن علي ما فات فنحن إیاھا أحوج ما نكون إلي التعاون والتساند في ھذا

تھا ولعلھا تدرك ذلك المعترك الطافح بالرغبات واألطماع ولن ندعھا منفردة في محنفتعود إلي ما نسیت من إسالمھا وتتمسك من جدید بھذه االخوة الخالدة التي تزول

.الدنیا وال تزول ، وتفني األیام وھي أبقي علي الزمان الباقي من الزمن ونحن نرید بعد ھذا كلھ ونتمنى للعالم كلھ أمنا وطمأنینة وسالما طویال وراحة بال

تأتى إال بالعدل واإلنصاف ونحن علي ھذه الفطرة جبلنا فاصفح عنھم وال نظن ذلك ی . وقل سالم فسوف یعلمون

ثالثـا ـ حـق اإلسـالم ..أیھا االخوة األعزة الفضالء

أرید بعد ذلك بعد ذلك أقول لكم أن الدول الكبرى قد صرحت أكثر من مرة ، بأنھا ومن ذلك شكل الحكومات ، سوف ال تتدخل في شؤون األمم الداخلیة البحتة

وقد ظفرت الفكرة اإلسالمیة . وبخاصة إذا اتفقت مع قواعد الدیمقراطیة العامة ، إذا قرر المؤتمر إنھا شریعة مستقلة ١٩٣٨بالتقدیر الكامل في مؤتمر الھاي سنة

كما ظفرت بھذا التقریر مرة . قابلة للتطور النماء متفقة مع أحدث قواعد التشریع الذي مثل مصر فیھ وزیر العدل حافظ باشا ١٩٤٥ي مؤتمر واشنطن مایو ثانیة ف

رمضان ، واستطاع من المؤتمرین بقرار یؤكد القرار السابق ، ویحفظ لمصر بناء علي ذلك الحق في أن یكون لھا ممثل في محكمة العدل الدولیة باسم الشریعة

عالمي ، یكفل للناس الخیر ذلك إلي أن اإلسالم في ذاتھ نظام اجتماعي . اإلسالمیة والسعادة ، ویحل لھم ما في مجتمعھم من مشكالت لو نفذوا إلي روحھ وأنفذوه علي

إن دین الدولة اإلسالم ولغتھا (١٤٩وقد قرر الدستور المصري في المادة . وجھھ وقد تھیأت الدنیا من جدید للعودة إلي روح التدین ، ) . الرسمیة اللغة العربیة

فكرة التجرد من العقائد واألدیان ، حتى إن لجان .. أ الفكرة القدیمة وأدركت خطالتعلیم في إنكلترا وأمریكا قررت وجوب إدخال الدین إلي المدارس وذھب بعضھا

في ذلك إلي حد أن یكون الدرس األول في كل المعاھد صالة علمیة ، وعلي ھذا

میة بعد ذلك أن تعود في فنحن نطلب من أیة حكومة مصریة أوال وعربیة أو إسال :نظام حیاتھا اإلسالمیة والمدنیة إلي اإلسالم ، ویكون من المظاھر العملیة لذلك

. ـ أن تعلن أنھا حكومة إسالمیة تمثل فكرة اإلسالم دولیا تمثیال رسمیا ١ ـ أن تحترم فرائضھ وشعائره وأن تلزم بأدائھا كل موظفیھا وعمالھا وأن یكون ٢

. ذلك قدوة لغیرھم الكبار في ـ أن تحرم الموبقات التي حرمھا اإلسالم من الخمر وما یلحق بھا ، ومن الزنا وما ٣

یمھد لھ ، والربا وما یتصل بھ من أنواع القمار والكسب الحرام ، وأن تكون الحكومات قدوة في ذلك فال تبیح شیئا من ھذا وال تعمل علي حمایتھ بسلطة القانون

.ع شعبھا علي أساسھ وال تتعامل م ـ أن تجدد مناھج التعلیم بحیث تقوم علي التربیة اإلسالمیة والوطنیة ، ویعني بھا ٤

باللغة العربیة والتاریخ القومي عنایة فائقة ، وتؤدي إلي طبع نفوس المتعلمین بتعالیم .اإلسالم وتثقیف عقولھم في أحكامھ وحكمھ

.ر األول للقانون ـ أن تكون الشریعة اإلسالمیة المصد٥ . ـ أن تصـدر الحكـومات عن ھـذا التوجیھ اإلسالمي في كـل التصرفات٦

ذلك ھو حق اإلسالم علینا وقد بلغنا ، اللھم اشھد ، وال نري لھذا وقتا أنسب من ھذا .األوان

یقول الناس وما تفعلون باألجانب وبغیر المسلمین من المواطنین ، فنقول یا سبحان حل اإلسالم ھذا األشكال ، وصان وحدة األمة عن التشقق واالنقسام ، وقرر اهللا لقد

) ال إكراه في الدین(حریة العقیدة والتعبد وما یلحق بھما فقال القرآن الكریم لھم ( ، كما كان شعا التعامل بین المواطنین في أرض اإلسالم دائما )٢٥٦:البقرة(

.لیس وراء ذلك من التسامح زیادة لمستزید ، و) ما لنا وعلیھم ما علیناأي نظام في الدنیا ـ دیني أو مدني ـ استطاع أن یفسح في : علي أننا نعود فنقول

قلوب المؤمنین بھ والمتعصبین لھ والفانین فیھ لغیرھم من المخالفین ما أفسح من ذلك كتاب نزل اإلسالم الحنیف الذي یفرض علي المسلم أن یؤمن بكل نبي سبق ، وبكل

، وأن یثني علي كل أمة مضت ، وأن یحب الخیر لكل الناس ، وأن یكون رحیما بكل ذي كبد رطبة ، حتى إن الجنة لتفتح أبوابھا الثمانیة لرجل أطفأ ظمأ كلب ،

وتسعر النار بأعمق دركاتھا المرأة حبست ھرة ، ھذا الدین الرحیم ال یمكن إال أن . وئام یكون مصدر حب ووحدة وسالم و

رابعا ـ وســائلنـا ..أیھا األخوة الكرام وما وسائلكم أیھا المغلوبون علي أمركم لتحقیق مطالبكم : ویقول الناس كذلك

وماذا یرید منا الناس ؟ ولو : والوصول إلي حقكم ؟ ونقول نحن في سھولة ویسر و یستخزى أننا مغلوبون علي أمرنا مدفوعون عن حقنا ؟ وھل یلیق بكریم أن یذل

؟ واهللا ) من أعطي الذلة من نفسھ طائعا غیر مكره فلیس مني: ( یقول rوالرسول ) .٨:المنافقون) (وهللا العزة ولرسولھ وللمؤمنین ولكن المنافقین ال یعلمون ( :یقول

والحق باق خالد واهللا ) لحق ا(إن لنا سالحا ال یفل وال تنال منھ اللیالي واألیام ھو ) بل نقذف بالحق على الباطل فیدمغھ فإذا ھو زاھق ولكم الویل مما تصفون ( :یقول

) .١٨:األنبیاء(

ء وأما ما ینفع الناس كذلك یضرب اهللا الحق والباطل فأما الزبد فیذھب جفا ( :ویقولوقل جاء : (، ویقول ) ١٧:الرعد) (فیمكث في األرض كذلك یضرب اهللا األمثال

) . ٨١:اإلسراء) (الحق وزھق الباطل إن الباطل كان زھوقاكذلك سر من أسرار القوة ال واإلیمان ) . اإلیمان(ولنا سالح آخر بعد ذلك وھو

یدركھ إال المؤمنون الصادقون ، وھل جاھد العاملون من قبل وھل یجاھدون من بعد . إال باإلیمان ، وإذا فقد اإلیمان ؟ فھل تغني أسلحة المادة جمیعا عن أھلھا شیئا ؟

،وإذا وجد اإلیمان فقد وجدت السبیل إلي الوصول ، وإذا صدق العزم وضح السبیل ، ولئن تخلي عنا جند األرض فإن )٤٧:الروم) (وكان حقا علینا نصر المؤمنین (

) إذ یوحي ربك إلى المالئكة أني معكم فثبتوا الذین آمنوا(معنا جند السماء ) .١٢:ألنفال(

جل وال نسبق الحوادث وال واألمل بعد ذلك سالح ثالث فنحن ال نیأس وال نتعیضعف من ھمتنا طول الجھاد والحمد هللا رب العالمین ، ألننا نعلم أننا مثابون متي

حسنت النیة وخلصت الضمائر وھي خالصة بحمد اهللا ، فكل یوم یمضي تبنا فیھ اهللا كتب اهللا ألغلبن أنا ورسلي إن(ثواب جدید والنصر من وراء ذلك ال یتخلف

حتى إذا استیأس الرسل وظنوا أنھم قد كذبوا جاءھم ( ، )٢١:المجادلة) (قوي عزیزففیم ، ) ١١٠:یوسف) (نصرنا فنجي من نشاء وال یرد بأسنا عن القوم المجرمین

إنھ ال ییأس من روح ( سبیال بإذن اهللا لیأس إلى قلوبنالن یجد ا. الیأس و فیم القنوط ) .٨٧:یوسف) (اهللا إال القوم الكافرون

وسنعمل علي ضوء ھذه المشاعر وسنعمل بالحق یدفعنا اإلیمان ویحدونا األمل ، فنذیع النشرات والبیانات ونوضح للناس ما خفي عنھم من حقوقھم ونكشف لھم ما

ستر من أالعیب المخادعین لھم والمغررین بھم في الداخل والخارج وسنجمع كلمة الناس علي ھذا في مؤتمرات جامعة في كل مكان وسندعو إلي عقد مؤتمر عربي إسالمي جامع لتوحید الجھود وتنسیق الخطط ، وسنبعث بإخواننا في كل مكان من

القضیة اإلسالمیة الوطنیة فإذا لم البلدان األجنبیة یثیرون الشعوب والحكومات في یفد ذلك كلھ ولم نجد النصفة من العالم الجدید الذي یرید أن تتركز الحیاة فیھ علي

الطمأنینة والسالم فسنعرف كیف نضبط أنفسنا ونضع حاجزا حصینا قویا بیننا نحن یفوت المؤمنین وبین ھؤالء الظالمین المفترین ، وسیرون أن ھذا السالح السلبي س

علیھم قصدھم ویعكس علیھم عدوانھم ویرد علیھم كیدھم في نحورھم وسیعلم الذین إن ینصركم اهللا فال ( .ظلموا أي منقلب ینقلبون ولنا النصر في النھایة واهللا معنا

). ١٦٠:آل عمران) (غالب لكم ..أیھا األخوة الفضالء

كروا وقرروا واعملوا واثبتوا واصبروا إنھا الساعات الفاصلة في تاریخكم فف .وصابروا ورابطوا واتقوا اهللا لعلكم تفلحون واهللا أكبر وهللا الحمـد

والسالم علیكم ورحمة اهللا وبركاتھ ، حسـن البنـا بســم اهللا الرحمـن الرحیـم

أمرنا رشداربنا آتنا من لدنك رحمة وھیئ لنا من ھـ١٣٦٦القاھرة عاصمة الدیار المصریة في رجب

...حضرة صاحب السالم علیكم ورحمة اهللا وبركاتھ

فإنما حملنا على التقدم بھذه الرسالة إلى مقامكم الرفیع رغبة أكیدة في توجیھ ، وبعد توجیھا ، ووكل إلیكم شأنھا في عھدھا الجدید ، األمة التي استرعاكم اهللا أمرھا

ویقیھا التزلزل ، ویرسم لھا خیر المناھج ، صالحا یقیمھا على أفضل المسالك .ویجنبھا التجارب المؤلمة الطویلة ، واالضطراب

... ولسنا نبغي من وراء ذلك شیئا إال أن نكون قد أدینا الواجب وتقدمنا بالنصیحة .وثواب اهللا خیر وأبقى

تبعة الراعي ...یا صاحب

وجعل مصالحھا وشؤونھا وحاضرھا ومستقبلھا ، وكل إلیكم أمر ھذه األمة إن اهللاوأنتم مسؤولون عن ذلك كلھ بین یدي اهللا تبارك وتعالى ، أمانة لدیكم وودیعة عندكم

وما أعظمھا أمانة ، فإن الجیل اآلتي من غرسكم ، ولئن كان الجیل الحاضر عدتكم ، ) .كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعیتھ (:وأكبرھا تبعة أن یسأل الرجل عن أمة

لو عثرت بغلة بالعراق : (وقدیما قال اإلمام العادل عمر بن الخطاب رضي اهللا عنھ ) .لرأیتني مسؤوال عنھا بین یدي اهللا تبارك وتعالى لم لم أسو لھا الطریق؟

ا لوددت أن أخرج منھ: (وصور اإلمام عمر بن الخطاب عظم التبعة في جملة فقال ).كفافا ال لي وال علي

مـقدمــات :عھد االنتقال ) أ (

وإن أخطر العھود في حیاة األمم وأوالھا بتدقیق النظر عھد االنتقال من حال إلى إذ توضع مناھج العھد الجدید وترسم خططھ وقواعده التي یراد تنشئة األمة ، حال

والمناھج واضحة صالحة فإذا كانت ھذه الخطط والقواعد، علیھا والتزامھا إیاھا وبشر قادتھا إلى ھذا ، قویمة فبشر ھذه األمة بحیاة طویلة مدیدة وأعمال جلیلة مجیدة

بعظیم األجر وخلود الذكر وإنصاف التاریخ وحسن ،وأدلتھا في ھذا الخیر ، الفوز .األحدوثة

:على مفترق طریقین ) ب (

:ولقد كانت المھمة ذات شطرین ویرجع إلیھا ما فقدت ، ص األمة من قیودھا السیاسیة حتى تنال حریتھا تخلی: أولھما

.من استقاللھا وسیادتھاوتنافس غیرھا في درجات ، بناؤھا من جدید لتسلك طریقھا بین األمم : ثانیھما

.الكمال االجتماعي وأصبحتم تستقبلون باألمة عھدا ، واآلن وقد وضع النضال السیاسي أوزاره إلى حین

فإنكم سترون أمامكم طریقین، كل منھما یھیب بكم أن توجھوا األمة وجھتھا ، یدا جد. وتسلكوا بھا سبیلھ، ولكل منھما خواصھ وممیزاتھ وآثاره ونتائجھ ودعاتھ ومروجوه

فأما األول فطریق اإلسالم وأصولھ وقواعده وحضارتھ ومدنیتھ، وأما الثاني فطریق .جھاالغرب ومظاھر حیاتھ ونظمھا ومناھ

أن الطریق األول طریق اإلسالم وقواعده وأصولھ ھو الطریق الوحید : وعقیدتنا .الذي یجب أن یسلك وأن توجھ إلیھ األمة الحاضرة والمستقبلة

:مزایا التوجھ اإلسالمي ) ج ( وإننا إذا سلكنا باألمة ھذا المسلك استطعنا أن نحصل على فوائد كثیرة؛ منھا أن

د جرب من قبل وشھد التاریخ بصالحیتھ، وأخرج للناس أمة من المنھاج اإلسالمي قأقوى األمم وأفضلھا وأرحمھا وأبرھا وأبركھا على اإلنسانیة جمیعا؛ ولھ من قدسیتھ واستقراره في نفوس الناس ما یسھل على الجمیع تناولھ وفقھھ واالستجابة لھ والسیر

إذ . واإلشادة بالوطنیة الخالصةعلیھ متى وجھوا إلیھ، فضال عن االعتزاز بالقومیةوفي ذلك أفضل معاني . أننا نبني حیاتنا على قواعدنا وأصولنا وال نأخذ عن غیرنا

.االستقالل االجتماعي والحیوي بعد االستقالل السیاسيوفي السیر على ھذا المنھاج تقویة للوحدة العربیة أوال، ثم للوحدة اإلسالمیة ثانیا،

سالمي كلھ بروحھ وشعوره وعطفھ وتأییده، ویرى فینا إخوة ینجدھم فیمدنا العالم اإل .وینجدونھ ویمدھم ویمدونھ، وفي ذلك ربح أدبي كبیر ال یزھد فیھ عاقل

وھذا المنھاج تام شامل، كفیل بتقریر أفضل النظم للحیاة العامة في األمة عملیة ظم الحیاة لألمم على وھذه ھي المیزة التي یمتاز بھا اإلسالم، فھو یضع ن. وروحیة

.أخذ الصالح وتجنب الضار: أساسین مھمینفإذا سلكنا ھذا السبیل استطعنا أن نتجنب المشكالت الحیویة التي وقعت فیھا الدول

األخرى، التي لم تعرف ھذا الطریق ولم تسلكھ، بل استطعنا أن نحل كثیرا من وإنا نذكر ھنا كلمة جورج ،المشكالت المعقدة التي عجزت عن حلھا النظم الحالیة

:برنارد شوما أشد حاجة العالم في عصره الحدیث إلى رجل كمحمد یحل مشكلتھ القائمة العقدة (

).بینما یتناول فنجان القھوةوبعد ذلك كلھ، فإننا إذا سلكنا ھذا السبیل، كان تأیید اهللا من ورائنا، یقوینا عند الوھن،

: المشاق، ویھیب بنا دائما إلى األماموینقذنا في الشدائد، ویھون علیناوال تھنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنھم یألمون كما تألمون وترجون من (

) .١٠٤:النساء) (اهللا ما ال یرجون وكان اهللا علیما حكیما :یة اآلن المدنیة الغرب) د (

إن مدنیة الغرب، التي زھت بجمالھا العلمي حینا من : ومن تمام ھذا البحث أن نقول ، الدھر، وأخضعت العالم كلھ بنتائج ھذا العلم لدولھ وأممھ، تفلس اآلن وتندحر

فھذه أصولھا السیاسیة تقوضھا ، وتندك أصولھا وتنھدم نظمھا وقواعدھا ویشھد ضدھا مالیین ، دیة تجتاحھا األزمات الدكتاتوریات، وأصولھا االقتصاوأصولھا االجتماعیة تقضي علیھا المبادئ الشاذة ، البائسین من العاطلین والجائعین

، والثورات المندلعة في كل مكان، وقد حار الناس في عالج شأنھا وضلوا السبیل بح ال وعصبة أممھم ش، ومواثیقھم تمزق ، ومعاھداتھم تخرق ، مؤتمراتھم تفشل

وید العظیم فیھم توقع مع غیره میثاق السالم والطمأنینة في ، روح فیھ وال نفوذ لھ وھكذا أصبح العالم ، ثم تلطمھ الید الثانیة من ناحیة أخرى أقسى اللطمات ، ناحیة

حار ربانھا وھبت ، بفضل ھذه السیاسات الجائرة الطامعة كسفینة في وسط الیم وقد ، اإلنسانیة كلھا معذبة شقیة قلقة مضطربة . علیھا العواصف من كل مكان

فھي في أشد الحاجة إلى عذب من سؤر اإلسالم ، اكتوت بنیران المطامع والمادة .الحنیف یغسل عنھا أوضار الشقاء ویأخذ بھا إلى السعادة

لقد كانت قیادة الدنیا في وقت ما شرقیة بحتة ، ثم صارت بعد ظھور الیونان ة ، ثم نقلتھا النبوات الموسویة والعیسویة والمحمدیة إلى الشرق مرة والرومان غربی

ثانیة ، ثم غفا الشرق غفوتھ الكبرى ، ونھض الغرب نھضتھ الحدیثة ، فكانت سنة وورث الغرب القیادة العالمیة ، وھا ھو ذا الغرب یظلم ویجور ، اهللا التي ال تتخلف

قویة ، یظللھا لواء اهللا ، " شرقیة" ید ویطغى ویحار ویتخبط ، فلم تبق إال أن تمتدوتخفق على رأسھا رایة القرآن ، ویمدھا جند اإلیمان القوي المتین ، فإذا بالدنیا

الحمد هللا الذي ھدانا لھذا وما كنا لنھتدي ( :مسلمة ھانئة ، وإذا بالعوالم كلھا ھاتفة ) .٤٣:افألعر) (لوال أن ھدانا اهللا

، إن لم یتحقق بنا ،بل ھو حكم التاریخ الصادق ، لیس ذلك من الخیال في شيء فسوف یأتي اهللا بقوم یحبھم ویحبونھ أذلة على المؤمنین أعزة على الكافرین (

) ة الئم ذلك فضل اهللا یؤتیھ من یشاءیجاھدون في سبیل اهللا وال یخافون لوم ) .٥٤:المائدة(

ویكتبون في دیوان ھذا ، بید أننا نحرص على أن تكون مما یحوزون ھذه الفضیلة ) .٦٨:القصص) (وربك یخلق ما یشاء ویختار ( ،الشرف

اإلسالم كفیل بإمداد األمةمد األمة الناھضة بما تحتاج إلیھ من نظم وقواعد وعواطف لیس في الدنیا نظام ی

ولقد امتأل القرآن الكریم بتصویر ، ومشاعر كما یمد اإلسالم بذلك كلھ أممھ الناھضة ، وضرب األمثال فیھا باإلجمال تارة وبالتفصیل تارة أخرى ، ھذه الناحیة خاصة

.ة حتى تصل إلى ما ترید ال تأخذ بھ أم، وعالج ھذه النواحي عالجا دقیقا واضحا أ ـ اإلسالم واألمل

وقد أمد القرآن أممھ بھذا الشعور ، تحتاج األمة الناھضة إلى األمل الواسع الفسیح وحسبك انھ یجعل ، بأسلوب یخرج من األمة المیتة أمة كلھا حیاة وھمة وأمل وعزم

م إذا سمعت وإن أضعف األم، الیأس سبیال إلى الكفر والقنوط من مظاھر الضالل :قولھ تعالى

، ونرید أن نمن على الذین استضعفوا في األرض ونجعلھم أئمة ونجعلھم الوارثین ( ) .٦-٥:القصص) (ونمكن لھم في األرض

إن یمسسكم ، علون إن كنتم مؤمنین وال تھنوا وال تحزنوا وأنتم األ ( :وقولھ تعالى -١٣٩:آل عمران) (قرح فقد مس القوم قرح مثلھ وتلك األیام نداولھا بین الناس

١٤٠. ( ن دیارھم ألول الحشر ھو الذي أخرج الذین كفروا من أھل الكتاب م ( :وقولھ تعالى

ما ظننتم أن یخرجوا وظنوا أنھم مانعتھم حصونھم من اهللا فأتاھم اهللا من حیث لم مؤمنین فاعتبروا یحتسبوا وقذف في قلوبھم الرعب یخربون بیوتھم بأیدیھم وأیدي ال

).٢:الحشر) (یا أولي األبصارأم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما یأتكم مثل الذین خلوا من قبلكم ( :وقولھ تعالى

ول والذین آمنوا معھ متى نصر اهللا مستھم البأساء والضراء وزلزلوا حتى یقول الرس ) .٢١٤:البقرة) (أال إن نصر اهللا قریب

وقرأت ما إلیھ من قصص تطبیقیة ، إن أضعف األمم إذا سمعت ھذا التبشیر كلھ والبد أن ترى في ھذا ، البد أن تخرج بعد ذلك أقوى األمم إیمانا وأرواحا ، واقعیة

ومقارعة الحوادث مھما ، یدفعھا إلى اقتحام المصاعب مھما اشتدت األمل ما .حتى تظفر بما تصبو إلیھ من كمال ،عظمت

ب ـ اإلسالم والعزة القومیةوتحتاج األمم الناھضة إلى االعتزاز بقومیتھا كأمة فاضلة مجیدة لھا مزایاھا

لمجد والشرف فیفدون ذلك ا، حتى تنطبع الصورة في نفوس األبناء ، وتاریخھا ھذا المعنى لن . ویعملون لخیر ھذا الوطن وإعزازه وإسعاده ، بدمائھم وأرواحھم

فإن ، نراه واضحا في نظام من النظم عادال فاضال رحیما كما ھو اإلسالم الحنیف األمة التي تعلم أن كرامتھا وشرفھا قد قدسھ اهللا في سابق علمھ وسجلھ في محكم

، ) ١١٠:آل عمران) (كنتم خیر أمة أخرجت للناس: (ى كتابھ فقال تبارك وتعالوكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شھداء على الناس ویكون الرسول : (وقال تعالى للمؤمنین ولكن المنافقین ال وهللا العزة ولرسولھ و( ، )١٤٣:البقرة) (علیكم شھیدا

.لھي أجدر األمم بافتداء عزتھا الربانیة بالدنیا وما فیھا ، )٨:المنافقون) (یعلمونولقد عملت األمم الحدیثة على ترسیخ ھذا المعنى في نفوس شبابھا ورجالھا وأبنائھا

وسودي یا (، ) إیطالیا فوق الجمیع(، ) ألمانیا فوق الجمیع: (ومن ھنا سمعنا ، جمیعا ولكن الفارق بین الشعور الذي یملیھ المبدأ اإلسالمي وبین ) . بریطانیا واحكمي

أن شعور المسلم یتسامى حتى یتصل باهللا ، الشعور الذي أملتھ ھذه الكلمات والمبادئ ومن جھة أخرى فإن ، على حین ینقطع شعور غیره عند حد القول فقط من جھة ، وبین أنھا لیست ، سالم حدد الغایة من خلق ھذا الشعور وشدد في التزامھا اإل

ولھذا قال تبارك وتعالى ، العصبیة الجنسیة والفخر الكاذب بل قیادة العالم إلى الخیر ) .١١٠:آل عمران) (تأمرون بالمعروف وتنھون عن المنكر وتؤمنون باهللا: (

ذلك مناصرة الفضیلة ومقارعة الرذیلة واحترام المثل األعلى ومالحظتھ عند ومعنىولھذا أنتج الشعور بھذه السیادة في السلف المسلم منتھى ما أثر عن األمم ، كل عمل

أما مبدأ السیادة في نفس األمم الغربیة فلم یحدد غایتھ بغیر ، من عدالة ورحمة فكان المبدأ ، احر والعدوان على األمم الضعیفة ولھذا أنتج التن، العصبیة الخاطئة

وجنبھم ما فیھا ، وأراد أن ینطبع بذلك أبناؤه ، اإلسالمي أخذ خیر ما في ھذه الناحیة فالوطن في عرف ، ولقد وسع اإلسالم حدود الوطن اإلسالمي ،من شر وطغیان

:اإلسالم یشمل . القطر الخاص أوال– ١ .إلسالمیة األخرى فكلھا للمسلم وطن ودار ثم یمتد إلى األقطار ا– ٢ ثم یرقى إلى اإلمبراطوریة اإلسالمیة األولى التي شادھا األسالف بدمائھم – ٣

وال تزال آثارھم فیھا تنطق بما كان لھم من ، الغالیة العزیزة فرفعوا علیھا رایة اهللا عالى لماذا لم یعمل فكل ھذه األقالیم یسأل المسلم بین یدي اهللا تبارك وت، فضل ومجد

.على استعادتھاألست تسمع قول ، ثم یسمو وطن المسلم بعد ذلك كلھ حتى یشمل الدنیا جمیعا – ٤

) ٣٩:ألنفال) (وقاتلوھم حتى ال تكون فتنة ویكون الدین كلھ هللا ( :اهللا تبارك وتعالى .

طنیة الخاصة وشعور الوطنیة العامة بما وبذلك یكون اإلسالم قد وفق بین شعور الویا أیھا الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ( :فیھ الخیر كل الخیر لإلنسانیة جمیعا

) .١٣:الحجرات) (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا

ج ـ اإلسالم والقوة الجندیةوال سیما في ھذه ، ناھضة إلى القوة وطبع أبنائھا بطابع الجندیة وتحتاج كذلك األمم ال

والتي صار شعار أبنائھا ، العصور التي ال یضمن فیھا المسلم إال باالستعداد للحرب ).القوة أضمن طریق إلحقاق الحق: (جمیعا

ولم یفرق ، بل جعلھا فریضة محكمة من فرائضھ ، واإلسالم لم یغفل ھذه الناحیة ١، ولیس في الدنیا كلھا نظام عني بھذه الناحیة ، ا وبین الصالة والصوم في شيء بینھ

كما عني بذلك اإلسالم في القرآن وفي حدیث رسول ، ال في القدیم وال في الحدیث :اهللا وإنك لترى ذلك ماثال واضحا في قولھ تعالى

) باط الخیل ترھبون بھ عدو اهللا وعدوكموأعدوا لھم ما استطعتم من قوة ومن ر (كتب علیكم القتال وھو كره لكم وعسى أن ( :وفي قولھ تعالى ، ) ٦٠:ألنفال(

) .٢١٦:ةالبقر) (تكرھوا شیئا وھو خیر لكم وعسى أن تحبوا شیئا وھو شر لكموھل رأیت منشورا عسكریا في كتاب مقدس یتلى في الصالة والذكر والعبادة

:والمناجاة كھذا المنشور الذي یبتدئ بالمر المنجز في قولھ تعالى : ثم بین الجزاء بعد ذلك )فلیقاتل في سبیل اهللا الذین یشرون الحیاة الدنیا باآلخرة ( ) .٧٤:النساء) (من یقاتل في سبیل اهللا فیقتل أو یغلب فسوف نؤتیھ أجرا عظیماو(

:ثم یتلو ذلك باستثارة أنبل العواطف في النفوس وھي استنقاذ األھل والوطن فیقول من الرجال والنساء والولدان الذین وما لكم ال تقاتلون في سبیل اهللا والمستضعفین (

یقولون ربنا أخرجنا من ھذه القریة الظالم أھلھا واجعل لنا من لدنك ولیا واجعل لنا ) .٧٥:النساء) (من لدنك نصیرا

لیبین لھم أنھم یجودون بثمن غال ، ایة عدوھم ثم یوضح لھم شرف غایتھم ودناءة غعلى حین یقاتل غیرھم ،ھو الحیاة على سلعة غالیة وتربوا علیھ وھي رضوان اهللا

:فذلك قولھ تعالى ، فھم أضعف نفوسا وأخزى أفئدة، لغیر غایة ون في سبیل الطاغوت فقاتلوا الذین آمنوا یقاتلون في سبیل اهللا والذین كفروا یقاتل (

. )٧٦:النساء) (أولیاء الشیطان إن كید الشیطان كان ضعیفاوأخذوا التكالیف السھلة وتركوا تكالیف ، ثم یندد بالذین جنبوا عن أداء ھذا الواجب

ھم شیئا بل سیكسبون بھ وأن اإلقدام لن یضر، ویبین لھم خطأ موقفھم ھذا ، البطولة واإلحجام ال یغنیھم شیئا فالموت من ورائھم ال محالة فیقول بعد ، الجزاء الكبیر

:اآلیات السابقة مباشرة ألم تر إلى الذین قیل لھم كفوا أیدیكم وأقیموا الصالة وآتوا الزكاة فلما كتب علیھم (قتال إذا فریق منھم یخشون الناس كخشیة اهللا أو أشد خشیة وقالوا ربنا لم كتبت ال

علینا القتال لوال أخرتنا إلى أجل قریب قل متاع الدنیا قلیل واآلخرة خیر لمن اتقى ) أینما تكونوا یدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشیدة، تظلمون فتیال وال

) .٧٨-٧٧:النساء(بربك أي منشور عسكري في ھذه القوة وفي ھذا الوضوح یبعث في نفس الجندي كل

ما یرید القائد من ھمة وعزة وإیمان ؟؟فقد جمعھما ، ھما النظام والطاعة ، سكریة في عرفھم أمرین وإذا كان قوام الحیاة الع

:اهللا في آیتین من كتابھ فقال تبارك وتعالى ، ) ٤:الصف) (إن اهللا یحب الذین یقاتلون في سبیلھ صفا كأنھم بنیان مرصوص (

) .٢١-٢٠:محمد) (ول معروفطاعة وق، فأولى لھم ( :كما قال تعالى

وإنك إذا قرأت ما جاء بھ اإلسالم في إعداد العدة واستكمال القوة وتعلیم الرمي وفضل الشھادة وأجر الجھاد وثواب النفقة فیھ ورعایة أھلھ واستیعاب ، ورباط الخیل

سواء في اآلیات الكریمة أو ، لرأیت من ذلك ما ال یحصیھ الحصر ، صنوفھ ) وسع كل شيء علما ( :دیث الشریفة أو السیر المطھرة أو الفقھ الحنیف األحا

. )٩٨:طـھ(ورأینا أساس فاشیة ، ولقد عنیت بذلك األمم الحدیثة فبنت نفسھا على ھذه القواعد

ولكن الفرق بین ذلك ، موسولیني ونازیة ھتلر وشیوعیة ستالین أساسا عسكریا بحتا ، فإن اإلسالم الذي قدس القوة ھذا التقدیس ، اإلسالم فرق عظیم كلھ وبین عسكریة

وإن جنحوا : (وھو الذي آثر علیھا السلم فقال تبارك وتعالى بعد آیة القوة مباشرة . )٦١:ألنفال) (للسلم فاجنح لھا وتوكل على اهللا

ولینصرن اهللا من ینصره إن اهللا : (وھو الذي حدد ثمن النصر ومظاھره فقال تعالى الذین إن مكناھم في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا ، لقوي عزیز

. )٤١:الحج) (بالمعروف ونھوا عن المنكر وهللا عاقبة األموروإما تخافن من قوم : (ضع أساس القانون الدولي الحربي فقال تعالى وھو الذي و

ى سواء إن اهللا ال یحب الخائنین . )٥٨:ألنفال) (خیانة فانبذ إلیھم علوألمر ما كانت وصیة الرسول صلى اهللا علیھ وسلم وخلفائھ من بعده لقواد جنودھم

تغلوا ، وال تمثلوا ، وال تقتلوا وال ال تغدروا ،: (اھر الرحمة والرفق أروع مظامرأة وال طفال وال شیخا كبیرا ، وال تقطعوا شجرة مثمرة ، وال تجھزوا على جریح

).، وستمرون بأقوام ترھبوا في الصوامع فدعوھم وما فرغوا أنفسھم لھأما ، وشرطة القانون والنظام كذلك كانت العسكریة في اإلسالم بولیس العدالة

فأي ، عسكریة أوربا اآلن فقد علم الناس جمیعا عنھا أنھا جیش الظلم وجند المطامع الفرقین خیر مقاما وأحسن ندیا؟

د ـ اإلسالم والصحة العامة

وكان قوام ھذه ، ولما كانت األمم الناھضة في حاجة إلى ھذه الجندیة الفاضلة فقد أشار القرآن إلى ھذا المعنى في بیان قصة ، ة األجسام الجندیة صحة األبدان وقو

أمة مجاھدة تحفزت للنھوض بعبء النضال في سبیل حریتھا واستقاللھا وتكوین وجعل من أركان نھوضھ ، فاختار اهللا لھا زعیما قوي الفكر وقوي الخلق ، نفسھا

:في تزكیتھ طالوت فذلك ما حكاه القرآن الكریم عن بني إسرائیل ، بعبئھ قوة بدنھ . )٢٤٧:البقرة) (قال إن اهللا اصطفاه علیكم وزاده بسطة في العلم والجسم(

وحث المؤمنین على ، ولقد شرح رسول اهللا ھذا المعنى في كثیر من أحادیثھ : یح یقول فالحدیث الصح، كما حثھم على قوة أرواحھم ، المحافظة على قوة أبدانھم

ولقد بین ) . إن لبدنك علیك حقا(ویقول ) المؤمن القوى خیر من المؤمن الضعیف(وھو ، رسول اهللا لألمة كثیرا من قواعد الصحة العامة وبخاصة في علم الوقایة

نحن قوم ال نأكل حتى نجوع وإذا : (أفضل شطري الطب فقولھ صلى اهللا علیھ وسلم ، ) كان یستعذب الماء: (وفي الحدیث ، شرب من ماء وتحریھ فیما ی) أكلنا ال نشبع

وإعالنھ الحجر الصحي على البلد ، ونھیھ عن البول والتبرز في المیاه الراكدة وتحذیره من العدوى وطلب الفرار ، فال یتركونھ وال ینزلھ غیرھم ، المطعون وأھلھ

والسباحة وأخیرا عنایتھ بكثیر من فروع ریاضة البدن كالرمي ، من المجذوم

من : (وحث أمتھ علیھا وعلى العنایة بھا حتى جاء في الحدیث ، والفروسیة والعدو ونھیھ نھیا مشددا عن التبتل والترھب وتعذیب ، ) تعلم الرمي ثم نسیھ فلیس مني

وإرشاد األمة إلى جانب االعتدال ، الجسوم وإضوائھا تقربا إلى اهللا تبارك وتعالى طق بعنایة اإلسالم البالغة بصحة األمة العامة وتشدیده في كل ھذا ین، في ذلك كلھ

.المحافظة علیھا وإفساح صدره لكل ما فیھ خیرھا وسعادتھا من ھذا الجنب الھام

ھـ ـ اإلسالم والعلم

وكما تحتاج األمم إلى القوة تحتاج كذلك إلى العلم الذي یؤازر ھذه القوة ویوجھھا لیھ من مخترعات ومكتشفات ، واإلسالم ال یأبى أفضل توجیھ ، ویمدھا بما تحتاج إ

العلم ، بل یجعلھ فریضة من فرائضھ كالقوة ویناصره ، وحسبك أن أول آیة نزلت :من كتاب اهللا تعالى

م الذي عل، اقرأ وربك األكرم ، خلق اإلنسان من علق ، اقرأ باسم ربك الذي خلق ( )٥-١:العلق) (علم اإلنسان ما لم یعلم، بالقلم

وأن رسول اهللا قد جعل من فداء المشركین في بدر أن یعلم أحدھم من األسرى ولم یسو اهللا بین ، عمال على محو األمیة ،عشرة من أبناء المسلمین القراءة والكتابة

قل ھل یستوي الذین یعلمون والذین ( :الى فقال تبارك وتع، العلماء وبین الجاھلین وقد وزن اإلسالم مداد العلماء بدم ، ) ٩:الزمر) (ال یعلمون إنما یتذكر أولو األلباب

فلوال نفر من كل : (والزم القرآن بین العلم والقوة في اآلیتین الكریمتین ، الشھداء ذروا قومھم إذا رجعوا إلیھم لعلھم یحذرون ف ، رقة منھم طائفة لیتفقھوا في الدین ولین

أن اهللا یا أیھا الذین آمنوا قاتلوا الذین یلونكم من الكفار ولیجدوا فیكم غلظة واعلموا . )١٢٣-١٢٢:التوبة) (مع المتقین

ولم یفرق القرآن بین علم الدنیا وعلم الدین ، بل أوصى بھما جمیعا ، وجمع علوم الكون في آیة واحدة ، وحث علیھا وجعل العلم بھا سبیل خشیتھ وطریق معرفتھ ،

:فذلك قول اهللا تعالى

وفي ذلك إشارة إلى الھیئة والفلك وارتباط ) من السماء ماءألم تر أن اهللا أنزل (وفي ذلك ) فأخرجنا بھ ثمرات مختلفا ألوانھا: (ثم قال تعالى، السماء باألرض

ومن الجبال جدد بیض وحمر (، اإلشارة إلى علم النبات وغرائبھ وعجائبھ وكیمیائھ وفي ذلك اإلشارة إلى علم الجیولوجیا وطبقات ) تلف ألوانھا وغرابیب سودمخ

)ومن الناس والدواب واألنعام مختلف ألوانھ كذلك(، األرض وادوارھا وأطوارھا ھائم وفیھا اإلشارة إلى علم البیولوجیا والحیوان بأقسامھ من إنسان وحشرات وب

: فھل ترى ھذه اآلیة غادرت شیئا من علوم الكون ؟ ثم یردف ذلك كلھ بقولھ تعالى . )٢٨-٢٧:فاطر) (إنما یخشى اللھ من عباده العلماء(

أفلست ترى من ھذا التركیب العجیب أن اهللا یأمر الناس بدراسة الكون ویحضھم بدقائقھ وأسراره ھم أھل معرفتھ وخشیتھ ؟ویجعل العارفین منھم ، على ذلك

.اللھم فقھ المسلمین في دینھم

و ـ اإلسالم والخلق

الخلق الفاضل القوي المتین والنفس .. واألمة الناھضة أحوج ما تكون إلى الخلق الكبیرة العالیة الطموحة ، إذ أنھا ستواجھ من مطالب العصر الجدید ماال تستطیع

خالق القویة الصادقة النابعة من اإلیمان العمیق والثبات الراسخ الوصول إلیھ إال باألوإنما یصوغ ھذه النفس الكاملة اإلسالم وحده ، ، والتضحیة الكثیرة واالحتمال البالغ

قد أفلح من ( :ھو الذي جعل صالح النفس و تزكیتھا أساس الفالح ، فقال تعالى . )١٠-٩:الشمس) (اھاوقد خاب من دس، زكاھا

إن اهللا ال ( :وجعل تغییر شئون األمم وقفا على تغیر أخالقھا وصالح نفوسھا فقال . )١١:الرعد) (یغیر ما بقوم حتى یغیروا ما بأنفسھم

غالب وإنك لتسمع اآلیات البالغة في مفردات األخالق الكریمة فتراھا القوة التي ال تمن : (مثل قولھ تعالى في الوفاء ، في إصالح النفوس وإعدادھا وتزكیتھا وتصفیتھا

المؤمنین رجال صدقوا ما عاھدوا اهللا علیھ فمنھم من قضى نحبھ ومنھم من ینتظر . )٢٤-٢٣:األحزاب) (قین بصدقھملیجزي اهللا الصاد، وما بدلوا تبدیال

ذلك بأنھم ال یصیبھم ( :وفي البذل والتضحیة والصبر واالحتمال ومغالبة الشدائد ظمأ وال نصب وال مخمصة في سبیل اهللا وال یطأون موطئا یغیظ الكفار وال ینالون

وال ، نیال إال كتب لھم بھ عمل صالح إن اهللا ال یضیع أجر المحسنین من عدوینفقون نفقة صغیرة وال كبیرة وال یقطعون وادیا إال كتب لھم لیجزیھم اهللا أحسن ما

. )١٢١-١٢٠:التوبة) (كانوا یعملون

ولیس كاإلسالم عامال على إیقاظ الضمیر وإحیاء الشعور وإقامة رقیب على النفس وذلك خیر الرقباء ، وبغیره ال ینتظم قانون ما إلى أعماق السرائر وخفیات األمور

ز ـ اإلسالم واالقتصاد

وھي أھم الشؤون ، واألمة الناھضة أحوج ما تكون إلى تنظیم شؤونھا االقتصادیة ولم یغفل اإلسالم ھذه الناحیة بل وضع كلیاتھا ولم یقف أمام ، ھذه العصور في

وھا أنت ذا تسمع قول اهللا تبارك وتعالى في المحافظة على المال ، استكمال أمرھا وال تؤتوا السفھاء أموالكم التي جعل اهللا لكم ( :وبیان قیمتھ ووجوب االھتمام بھ

. )٥:النساء) (اقیام

وال تجعل یدك مغلولة إلى عنقك وال تبسطھا : (ویقول في موازنة اإلنفاق والدخل ) .٢٩:اإلسراء) (كل البسط

وھو كما یصدق في ) ما عال من اقتصد: (ویقول رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم نعم المال الصالح للرجل : ( علیھ وسلم الفرد یصدق في األمة مع قولھ صلى اهللا

وأي نظام اقتصادي فاضل یرحب بھ اإلسالم ویدعو األمة إلى تشجیعھ ، ) الصالحوقد ، والفقھ اإلسالمي مملوء بأحكام المعامالت المالیة ، وال یقف أبدا في سبیلھ

.فصلھا تفصیال ال یدع زیادة لمستزید

لدعائم من األمل والوطنیة والعلم والقوة والصحة وبعد فإن األمة إذا توفرت لھا ھذه اوال سیما إذا أضیف إلى ذلك أنھا ، واالقتصاد فھي بال شك أقوى األمم والمستقبل لھا وأصبحت تتمنى الخیر للعالم كلھ ، قد طھرت من األثرة والعدوان واألنانیة والطغیان

النكول عنھ والعدول عن وإن اإلسالم قد كفل ذلك فال حجة ألمة ترید النھوض في ، .طریقھ

ح ـ نظم اإلسالم العامة

ھذه ناحیة من نواحي الجمال في بعض النظم اإلسالمیة وھي النظم الخاصة بنھضة أما كل نواحي الجمال في كل النظم ، على اعتبار أننا نستقبل عھد النھضة ، األمم

، یة األطراف اإلسالمیة فذك ما یحتاج إلى مجلدات ضخام وبحوث واسعة مترامإن نظم اإلسالم فیما یتعلق بالفرد : وحسبنا أن نقول كلمة مجملة كل اإلجمال وھي

نظم اإلسالم ، أو صلة األمم بعضھا ببعض ، أو األسرة أو األمة حكومتھا وشعبھا وإنھا ، في ذلك كلھ قد جمعت بین االستیعاب والدقة وإیثار المصلحة وإیضاحھا

ھذا حكم یؤیده لتاریخ ویثبتھ . اس من النظم قدیما أو حدیثا أكمل وأنفع ما عرف الن .البحث الدقیق في كل مظاھر حیاة األمة

وكلما تغلغل الباحثون في بحوثھم كشفوا ، ولقد كان ھذا الحكم یشھد بھ كل منصف وصدق اهللا ، من نواحي الجمال في ھذه النظم الخالدة ما لم یكن قد خطر ببال سلفھم

:القائل

سنریھم آیاتنا في اآلفاق وفي أنفسھم حتى یتبین لھم أنھ الحق أولم یكف بربك أنھ ( . )٥٣:فصلت) (على كل شيء شھید

موقف اإلسالم من األقلیات واألجانب ...یا صاحب

اسا لنظام الحیاة ینافي وجود أقلیات غیر یظن الناس أن التمسك باإلسالم وجعلھ أسمسلمة في األمة المسلمة ، وینافي الوحدة بین عناصر األمة ، وھي دعامة قویة من

دعائم النھوض في ھذا العصر ، ولكن الحق غیر ذلك تماما ، فإن اإلسالم الذي لك وضعھ الحكیم الخبیر الذي یعلم ماضي األمم وحاضرھا ومستقبلھا قد احتاط لت

العقبة وذللھا من قبل ، فلم یصدر دستوره المقدس الحكیم إال وقد اشتمل على النص الصریح الذي ال یحتمل لبسا وال غموضا في حمایة األقلیات ، وھل یرید الناس

:أصرح من ھذا النصوكم من دیاركم أن تبروھم ال ینھاكم اهللا عن الذین لم یقاتلوكم في الدین ولم یخرج (

) .٨:الممتحنة) (وتقسطوا إلیھم إن اهللا یحب المقسطین

فھذا نص لم یشتمل على الحمایة فقط، بل أوصى بالبر واإلحسان إلیھم ، وأن :اإلسالم الذي قدس الوحدة اإلنسانیة العامة في قولھ تعالى

) الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوایا أیھا ( . )١٣:الحجرات(

ثم قدس الوحدة الدینیة العامة كذلك فقضى على التعصب وفرض على أبنائھ اإلیمان :بالرساالت السماویة جمیعا في قولھ

وما أنزل إلینا وما أنزل إلى إبراھیم وإسماعیل وإسحاق ویعقوب قولوا آمنا باهللا (واألسباط وما أوتي موسى وعیسى وما أوتي النبیون من ربھم ال نفرق بین أحد منھم

آمنوا بمثل ما آمنتم بھ فقد اھتدوا وإن تولوا فإنما ھم في فإن ، ونحن لھ مسلمون ) صبغة اهللا ومن أحسن من اهللا صبغة، شقاق فسیكفیكھم اهللا وھو السمیع العلیم

. )١٣٨-١٣٦:البقرة(

الخاصة في غیر صلف وال عدوان فقال تبارك ثم قدس بعد ذلك الوحدة الدینیة :وتعالى

) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویكم واتقوا اهللا لعلكم ترحمون ( . )١٠:الحجرات(

ھذا اإلسالم الذي بني على ھذا المزاج المعتدل واإلنصاف البالغ ال یمكن أن یكون بل بالعكس إنھ أكسب ھذه الوحدة صفة القداسة ، ھ سببا في تمزیق وحدة متصلة أتباع

.الدینیة بعد أن كانت تستمد قوتھا من نص مدني فقط

وقد حدد اإلسالم تحدیدا دقیقا من یحق لنا أن نناوئھم ونقاطعھم وال نتصل بھم فقال :تعالى بعد اآلیة السابقة

الذین قاتلوكم في الدین وأخرجوكم من دیاركم وظاھروا على إنما ینھاكم اهللا عن ( . )٩:الممتحنة) (إخراجكم أن تولوھم ومن یتولھم فأولئك ھم الظالمون

یال ولیس في الدنیا منصف واحد یكره أمة من األمم على ترضى بھذا الصنف دخ .فیھا وفسادا كبیرا بین أبنائھا ونقضا لنظام شؤونھا

، واضح ال غموض فیھ وال ظلم معھ ، ذلك موقف اإلسالم من األقلیات غیر مسلمة فإن فسدت ضمائرھم ، وموقفھ من األجانب موقف سلم ورفق ما استقاموا وأخلصوا

:وكثرت جرائمھم فقد حدد القرآن موقفنا منھم بقولھ

ھا الذین آمنوا ال تتخذوا بطانة من دونكم ال یألونكم خباال ودوا ما عنتم قد بدت یا أی (، البغضاء من أفواھھم وما تخفي صدورھم أكبر قد بینا لكم اآلیات إن كنتم تعقلون

) .١١٩-١١٨:آل عمران) (تم أوالء تحبونھم وال یحبونكمھا أن

. وبذلك یكون اإلسالم قد عالج ھذه النواحي جمیعا أدق العالج وأنجحھ وأصفاه

موقف اإلسالم من العالقة مع الغربوقد یظن الناس كذلك أن نظم اإلسالم في حیاتنا الجدیدة تباعد بیننا وبین الدول

بیة ، وتعكر صفو العالئق السیاسیة بیننا وبینھا بعد أن كادت تستقر ، وھو أیضا الغرظن عریق في الوھم ، فإن ھذه الدول إن كانت تسيء بنا الظنون فھي ال ترضى عنا سواء تبعنا اإلسالم أم غیره ، وإن كانت صادقتنا بإخالص وتبودلت الثقة بینھا وبیننا

كل دولة حرة في النظام الذي تسلكھ في داخل فقد صرح خطباؤھا وساستھا بأنأن یفھموا أن : أرضھا ، مادام ال یمس حقوق اآلخرین فعلى ساسة ھذه الدول جمیعا

شرف اإلسالم الدولي ھو أقدس شرف عرفھ التاریخ ، وأن القواعد التي وضعھا .اإلسالم الدولي لصیانة ھذا الشرف وحفظھ أرسخ القواعد وأثبتھا

وأوفوا بالعھد : (الذي یقول في المحافظة على التعھدات وأداء االلتزاماتفاإلسالم إال الذین عاھدتم من المشركین ثم ( : ، ویقول )٣٤:االسراء) (إن العھد كان مسؤوال

أتموا إلیھم عھدھم إلى مدتھم إن اهللا یحب لم ینقصوكم شیئا ولم یظاھروا علیكم أحدا ف، ویقول ) ٧:التوبة) (فما استقاموا لكم فاستقیموا لھم: (ویقول ، )٤:التوبة) (المتقین

جارك وإن أحد من المشركین است ( :في إكرام الالجئین وحسن جوار المستجیر، وھذا بالمشركین فكیف ) ٦:التوبة) (فأجره حتى یسمع كالم اهللا ثم أبلغھ مأمنھ

بالكتابیین؟یجب أن یعتبره : فاإلسالم الذي یضع ھذه القواعد ویسلك بأتباعھ ھذه األسالیب

ن تسودھا نقول إنھ من خیر أوربا نفسھا أ. الغربیون ضمانة أخرى ، تضمن لھم .النظریات السدیدة في معامالت دولھا بعضھا لبعض، فذلك خیر لھم وأبقى

أصول النھضة في الشرق غیر الغرب ...یا صاحب

من األسباب التي دعت بعض األمم الشرقیة إلى االنحراف عن اإلسالم واختیار تقلید م الدین وھدم الغرب دراسة قادتھا للنھضة واقتناعھم بأنھا لم تقم إال على تحطی

والقضاء ، والتخلص من سلطة البابویة وإلجام القساوسة ورجال الكھنوت ، الكنائس وفصل الدین عن سیاسة الدولة العامة ، على كل مظاھر السلطة الدینیة في األمة

ألن ، وذلك إن صح في األمم الغربیة فال یصح أبدا باألمم اإلسالمیة ، فصال تاما وسلطة رجال الدین ، المیة غیر طبیعة تعالیم أي دین آخر طبیعة التعالیم اإلس

مما جعل ، المسلمین محصورة محدودة ال تملك تغییر األوضاع وال قلب النظم تسایر العصور وتدعو إلى الرقي و ، القواعد األساسیة في اإلسالم على مر القرون

وتلك بحوث ،فما كان ھناك ال یصح أن یكون ھنا ، تعضد العلم وتحمي العلماء ومھمتنا اآلن أن نلم بالموضوع إلمامة قصیرة ، واسعة وضعت فیھا الكتب الكثیرة

ونحن على یقین من أن كل منصف معنا ، من باب التذكرة والقضاء على الشبھات وعلى ذلك فال یجوز أبدا أن یكون ھذا الشعور رائدنا في نھضتنا ، في ھذه القاعدة

كز أول ما ترتكز على دعائم قویة من الخلق الفاضل التي یجب أن ترت، الجدیدة .وھو ما یأمر بھ اإلسالم ، والعلم الغزیر والقوة السابغة

رجال الدین غیر الدینأنھم أخذوا یشھرون ، ومن المبررات التي اتخذھا بعض الذین سلكوا سبیل الغربیین

وتجنیھم ، الوطنیة بمسلك رجال الدین المسلمین من حیث موقفھم المناوئ للنھضة على الوطنیین ومماألتھم للغاصبین وإیثارھم المنافع الخاصة والمطامع الدنیویة على

وذلك إن صح فھو ضعف من رجال الدین أنفسھم ال في الدین ، مصلحة البلد واألمة وھل یملیھ سیرة األجالء األفاضل من علماء األمة ، وھل یأمر الدین بھذا؟ ، ذاتھ

فیقرعونھم ، لذین كانوا یقتحمون على الملوك واألمراء أبوابھم وسدودھم اإلسالمیة اویأمرونھم وینھونھم ویرفضون أعطیاتھم ویبینون لھم الحق ویتقدمون إلیھم بمطالب

وما نسي التاریخ بعد كتیبة ، بل ویحملون السالح في وجوه الجور والظلم ، األمة وال ثورة القاضي بن ، اإلسالمیة الفقھاء في صف ابن األشعث في شرق الدولة

.یحیى اللیثي المالكي في غربھا ھذه تعالیم الدین وھذا ماضي رجالھ من فقھاء المسلمین فھل فیھ شيء من ھذا الذي

یزعمون؟ وھل من اإلنصاف أن یتحمل الدین تبعة رجال انحرفوا عنھ؟قعت لظرف وإن و، وعلى ھذه المزاعم إن صحت في قوم فلیست صحیحة للجمیع

وھذا تاریخ النھضات الحدیثة في الشرق حافل ، خاص فلیست تسار كل الظروفوما موقف األزھر في مصر ، بمواقف رجال الدین المسلمین في كل أمة من األمم

وموالنا أبي ) لبنان(وسوریا الشمالیة ) فلسطین(والمجلس األعلى في سوریا الجنوبیة لھند وزعماء المسلمین في إندونیسیا بمنسي وال الكالم وإخوانھ من جلة العلماء ا

فتلك إذا مزاعم یجب أال تتخذ ذریعة لتحویل األمة عن دینھا باسم الوطنیة ، ببعید أو لیس األنفع لألمة أن تصلح رجال الدین وتصطلح علیھم بدال من أن ، المجردة

.تقف منھم الموقف المبید ال تنطبق وال تتفق ) رجال الدین(تقلیدا ومنھا على إن ھذه التعبیرات التي سرت إلینا

فأنھا في العرف ، ) باألكلیروس(فإنھا إن كانت مع الغرب خاصة ، مع عرفنا .فالمسلمون جمیعا من أصغرھم ألكبرھم رجال دین ، اإلسالمي تشمل كل مسلم

خطوة جریئة ولكنھا موفقة ...یا صاحب

واتبعنا طریق ، طریق اإلسالم : یق الحق بعد كل ما تقدم ال عذر لنا إن جانبنا طروفیھ لذائذ ، وفي طریق أوربا زینة وبھرج ، طرق أوربا : الشھوات والزخارف

وكل ذلك إلى النفس ، وفیھ ما تھوى األنفس من متعة ، وفیھ تحلل وإباحیة ، وترف :حبیب وقد قال تعالى

ء والبنین والقناطیر المقنطرة من الذھب زین للناس حب الشھوات من النسا ( )١٤:آل عمران) (والفضة والخیل المسومة واألنعام والحرث ذلك متاع الحیاة الدنیا

. وثبات وفضیلة ، وبركة واستقامة ، وحق وقوة ، ولكن طریق اإلسالم عزة ومنعة

:فاسلكوھا باألمة وفقكم اهللا ، بل ونقل أؤنبئكم بخیر من ذلكم للذین اتقوا عند ربھم جنات تجري من تحتھا األنھار (

) .١٥:آل عمران ()خالدین فیھا وأزواج مطھرة ورضوان من اهللا واهللا بصیر بالعباد :وإنما زلزلت أوربا المتع والمطامع ، وإنما أھلك األمم الترف

وإذا أردنا أن نھلك قریة أمرنا مترفیھا ففسقوا فیھا فحق علیھا القول فدمرناھا ( ) .١٦:االسراء) (تدمیرا

وبعث معھ كتابھ ، سولھ رحمة للعالمین إلى یوم القیامة وإن اهللا تعالى قد أرسل روإن زعامة الرسول صلى اهللا علیھ وسلم باقیة ، الحق نورا وھدى إلى یوم القیامة

وإن اإلنسانیة صائرة إلیھما ال محالة بعز ، وإن سلطان القرآن قوي بحجتھ ، بسنتھ لیظھره على الدین : ( عزیز أو بذل ذلیل من قریب أو من بعید حتى یتحقق قول اهللا

. )٢٨:الفتح) (كلھفكونوا أول من یتقدم باسم رسول اهللا بقارورة الدواء من طب القرآن الستنقاذ العالم

.المعذب المریض ویومئذ : (إنھا خطوة جریئة ولكنھا موفقة إن شاء اهللا تعالى واهللا غالب على أمره

) ٥-٤:الروم) (بنصر اهللا ینصر من یشاء وھو العزیز الرحیم، ون یفرح المؤمن بعض خطوات اإلصالح العملي

...یا صاحب نحب ، بعدما وضحنا ما یجب أن یسود األمة في نھضتھا الجدیدة من شعور روحي

ھا ھذا أن نعرض ختاما لبعض ھذه المظاھر واآلثار العملیة التي یجب أن یملیوسنذكر ھنا رؤوس موضوعات فقط ونحن نعلم تمام أن كل مطلب من ، الشعور

ھذه المطالب یحتاج إلى بحث فسیح واسع دقیق تتوافر فیھ جھود األخصائیین كما أننا نعلم أننا لم نستقص بعد كل حاجیات األمة ومطالبھا ومظاھر ، وكفایتھم

المطالب من الھنات الھینات بحیث یتم ولسنا نعتقد أن تحقیق ھذه ، النھضة جمیعا كما أننا نعلم أن كثیرا منھا أمامھ من العقبات المتشعبة ما ، في عشیة أو ضحاھا

، كل ذلك نعلمھ ونقدره ، یحتاج إلى طول األناة وعظیم الحكمة وماضي العزیمة ذا وان األمة القویة اإلرادة إ، ونعلم إلى جانبھ أنھ إذا صدق العزم وضح السبیل

فلتتوجھوا ، أخذت في سبیل الخیر فھي ال بد واصلة إلى ما ترید إن شاء اهللا تعالى أما رؤوس مناحي اإلصالح المرتكز على الروح اإلسالمي الصحیح ، واهللا معكم

:فھي :في الناحیة السیاسیة والقضائیة واإلداریة : أوال

وجھة واحدة وصف واحد القضاء على الحزبیة وتوجیھ قوى األمة السیاسیة في– ١. . إصالح القانون حتى یتفق مع التشریع اإلسالمي في كل فروعھ – ٢ تقویة الجیش واإلكثار من فرق الشباب وإلھاب حماستھا على أسس من الجھاد – ٣

.اإلسالميوبخاصة العربیة منھا تمھیدا ، تقویة الروابط بین األقطار اإلسالمیة جمیعا – ٤

.العملي في شأن الخالفة الضائعةللتفكیر الجدي بث الروح اإلسالمي في دواوین الحكومة بحیث یشعر الموظفون جمیعا بأنھم – ٥

.مطالبون بتعالیم اإلسالم مراقبة سلوك الموظفین الشخصي وعدم الفصل بین الناحیة الشخصیة والناحیة – ٦

.العملیة حتى یعین ذلك على الفرائض تقدیم مواعید العمل في الدواوین صیفا وشتاء – ٧

.ویقضي على السھر الكثیر

القضاء على الرشوة والمحسوبیة واالعتماد على الكفایة والمسوغات القانونیة – ٨ .فقطفتكون نظم الحفالت ، أن توزن كل أعمال الحكومة بمیزان األحكام والتعالیم اإلسالمیة – ٩

تشفیات بحیث ال تصطدم بقاعدة بتعالیم والدعوات واالجتماعات الرسمیة والسجون والمس .وتكون الدوریات في األعمال على تقسیم ال یتضارب مع أوقات الصالة، اإلسالم

. استخدام األزھریین في الوظائف العسكریة واإلداریة وتدریبھم– ١٠ :في الناحیة االجتماعیة والعلمیة : ثانیا

ع إرشادات معززة بحمایة القانون ووض، تعوید الشعب احترام اآلداب العامة - ١ .وتشدید العقوبات على الجرائم األدبیة ، في ذلك الشأن

عالج قضیة المرأة عالجا یجمع بین الرقى بھا والمحافظة علیھا وفق تعالیم - ٢اإلسالم ، حتى ال تترك ھذه القضیة التي ھي أھم قضایا االجتماع تحت رحمة

.رطین والمفرطیناألقالم واآلراء الشاذة من المفواعتبار الزنا مھما كانت ظروفھ ، بنوعیھ السري والعلني ، القضاء على البغاء - ٣

.جریمة منكرة یجلد فاعلھا . القضاء على القمار بكل أنواعھ من ألعاب ویناصیب ومسابقات وأندیة - ٤ .وتحرمھا وتخلیص األمة من شرورھا ، محاربة الخمر كما تحارب المخدرات - ٥والتشدید في ، مقاومة التبرج والخالعة وإرشاد السیدات إلى ما یجب أن یكون - ٦

.ذلك بخاصة على المدرسات والتلمیذات والطبیبات والطالبات ومن في حكمھن إعادة النظر في مناھج تعلیم البنات ووجوب التفریق بینھا وبین مناھج تعلیم – ٧

.الصبیان في كثیر من مراحل التعلیم واعتبار خلوة أي رجل بامرأة ال تحل لھ ، منع االختالط بین الطلبة والطالبات – ٨

.جریمة یؤاخذان بھا ووضع تشریع یحمي ، تشجیع الزواج و النسل بكل الوسائل المؤدیة إلى ذلك - ٩

.األسرة ویحض علیھا ویحل مشكلة الزواج .ما إلى ذلك إغالق الصاالت والمراقص الخلیعة وتحریم الرقص و- ١٠ . مراقبة دور التمثیل وأفالم السینما والتشدید في اختیار الروایات واألشرطة - ١١ . تھذیب األغاني واختیارھا ومراقبتھا والتشدید في ذلك - ١٢ حسن اختیار ما یذاع أو یعرض على األمة من برامج ومحاضرات وأغاني - ١٣

.یة وطنیة خلقیة فاضلة وموضوعات واستخدام اإلذاعة والتلفاز في ترب مصادرة الروایات المثیرة والكتب المشككة المفسدة والصحف التي تعمل على - ١٤

.إشاعة الفجور وتستغل الشھوات استغالال فاحشا تنظیم المصایف تنظیما یقضى على الفوضى واإلباحیة التي تذھب بالغرض - ١٥

.األساسي من االصطیاف وإغالق المقاھي العامة ومراقبة ما یشتغل بھ رواده تحدید مواعید افتتاح- ١٦

.وإرشادھم إلى ما ینفعھم وعدم السماح لھا بھذا الوقت الطویل كلھ استخدام ھذه المقاھي في تعلیم األمیین القراءة والكتابة ویساعد على ذلك ھذا - ١٧

الشباب المتوثب من رجال التعلیم اإللزامي والطلبةت الضارة اقتصادیا أو خلقیا أو غیر ذلك وتحویل تیارات مقاومة العادا- ١٨

الجماھیر عنھا إلى غیرھا من العادات النافعة ، أو تھذیب نفسھا تھذیبا یتفق مع

المصلحة وذلك كعادات األفراح والمآتم والموالد والزار والمواسم واألعیاد وما إلیھا .، وتكون الحكومة قدوة صالحة في ذلك

عوة الحسبة ومؤاخذة من یثبت علیھ مخالفة شئ من تعالیم اإلسالم أو اعتبار د- ١٩االعتداء علیھ ، كاإلفطار في رمضان وترك الصالة عمدا أو سب الدین وأمثال ھذه

.الشؤون ضم المدارس اإللزامیة في القرى و المساجد وشمولھا معا باإلصالح التام من - ٢٠

حتى یتدرب الصغار على الصالة ویتدرب ، ة حیث الموظفین و النظافة وتمام الرعای .الكبار على العلم

تقریر التعلیم الدیني مادة أساسیة في كل المدارس على اختالف أنواعھا كل - ٢١ .بحسبھ وفى الجامعة أیضا

وجعل حفظھ شرطا في نیل ، تشجیع تحفیظ القرآن في المكاتب العامة الحرة - ٢٢مع تقریر حفظ بعضھ في ، الناحیة الدینیة واللغویة اإلجازات العلمیة التي تتصل ب

.كل مدرسةوتوحد أنواعھ المتحدة ، وضع سیاسة ثابتة للتعلیم ، تنھض بھ وترفع مستواه - ٢٣

وتجعل المرحلة ، وتقرب بین الثقافات المختلفة في األمة ، األغراض و المقاصد .الخلق القویم األولى من مراحلھ خاصة بتربیة الروح الوطني الفاضل و

العنایة باللغة العربیة في كل مراحل التعلیم وإفرادھا في المراحل األولى عن - ٢٤ .غیرھا من اللغات األجنبیة

العنایة بالتاریخ اإلسالمي والتاریخ الوطني التربیة الوطنیة وتاریخ حضارة - ٢٥ .اإلسالم

.األمة تدریجیا التفكیر في الوسائل المناسبة لتوحید األزیاء في – ٢٦ القضاء على الروح األجنبیة في البیوت من حیث اللغة والعادات واألزیاء - ٢٧

.الخ ، وتصحیح ذلك وبخاصة في بیوت الطبقات الراقیة ..والمربیات والممرضات توجیھ الصحافة توجیھا صالحا وتشجیع المؤلفین والكاتبین على طرق - ٢٨

.الموضوعات اإلسالمیة الشرقیةمن نشر الدعایة الصحیة بمختلف الطرق ، العنایة بشؤون الصحة العامة - ٢٩

.واإلكثار من المستشفیات واألطباء والعیادات المتنقلة وتسھیل سبل العالج العنایة بشأن القریة من حیث نظامھا ونظافتھا وتنقیة میاھھا ووسائل الثقافة - ٣٠

.والراحة والتھذیب فیھا :ة االقتصادیة في الناحی: ثالثا

واالستعانة بھ في ، تنظیم الزكاة دخال ومنصرفا بحسب تعالیم الشریعة السمحة – ١المشروعات الخیریة التي البد منھا كمالجئ العجزة والفقراء والیتامى وتقیة الجیش

. وتكون الحكومة ، تحریم الربا وتنظیم المصارف تنظیما یؤدي إلى ھذه الغایة – ٢

بإلغاء الفوائد في مشروعاتھا الخاصة بھا كبنك التسلیف والسلف قدوة في ذلك .الصناعیة وغیرھا

وتشغیل العاطلین من ، تشجیع المشروعات االقتصادیة واإلكثار منھا – ٣ .المواطنین فیھا واستخالص ما في أیدي األجانب منھا للناحیة الوطنیة البحتة

وإلزامھا حدودھا والحصول حمایة الجمھور من عسف الشركات المحتكرة– ٤ .على كل منفعة ممكنة للجمھور

تحسین حال الموظفین الصغار برفع مرتباتھم واستبقاء عالواتھم ومكافأتھم – ٥ .وتقلیل مرتبات الموظفین الكبار

، واالقتصار على الضروري ، حصر الوظائف وخصوصا الكثیرة منھا – ٦ . والتدقیق في ذلكوتوزیع العمل على الموظفین توزیعا عادال

واالھتمام بترقیة الفالح ، تشجیع اإلرشاد الزراعي والصناعي والتجاري – ٧ .والصانع من الناحیة اإلنتاجیة

ورفع مستواھم في مختلف النواحي ، العنایة بشؤون العمال الفنیة واالجتماعیة – ٨ .الحیویة

.لمھملة وغیرھا استغالل الموارد الطبیعیة كاألرض البور والمناجم ا– ٩ . تقدیم المشروعات الضروریة على الكمالیات في اإلنشاء والتنفیذ – ١٠

وإنا لنضع أنفسنا ومواھبنا وكل ما ، نتقدم بھا، فھذه رسالة اإلخوان المسلمین ، وبعد نملك تحت تصرف أي ھیئة أو حكومة ترید أن تخطو بأمة إسالمیة نحو الرقي

ونرجو أن نكون قد أدینا بذلك أمانتنا وقلنا ، الفداء نجیب النداء ونكون، والتقدم .كلمتنا والدین النصیحة هللا ولرسولھ وألئمة المسلمین وعامتھم

...وسالم على عباده الذین اصطفى ... وحسبنا اهللا وكفى حسـن البنــا

نظـرات ثــــالث بـســـم اهللا الرحمـن الرحیــم

في البر والبحر بما كسبت أیدي الناس لیذیقھم بعض الذي ظھر الفساد{ }عملوا لعلھم یرجعون

..إلى رئیس الحكومة باعتباره المسؤول األول وإلى أعضاء الھیئات اإلسالمیة ـ على اختالفھا ـ باعتبارھم الدعاة الرسمیین لنظام

..اإلسالم ى رؤساء الھیئات الشعبیة السیاسیة والوطنیة باعتبارھم قادة الفكر وموجھي وإل

الجماھیر ..وإلى كل محب لخیر العالم وسیادة بني اإلنسان

..وقیاما بحق الدعوة ، أداء لألمانة ، أوجھ ھذه الكلمات اللھم فاشھد... أال قد بلغت

حسـن البنــا

لیھ الحال في وطننا العزیز مصر من فساد فإلى ما وصلت إ:فأما النظرة األولى :تغلغل في كل المرافق ، وشمل كل مظاھر الحیاة

...مطالبنا الوطنیة لم نصل فیھا إلى شيء

و روح الشعب المعنویة محطمة أشد تحطیم بسب الركود ، والشقاق والخالف یملك …نفوس القادة والزعماء حاكمین ومحكومین على السواء

وسوء التصرفات ، والغایات الحزبیة ، اري أفسدتھ المطامع الشخصیة والجھاز اإلدوالھرب من تحمل ، وضعف األخالق ، والمركزیة القاتلة واإلجراءات المعقدة ،

.التبعات

والقانون قد ضعف سلطانھ على النفوس و األوضاع لكثرة ما اقتحم علیھ من تحایل .واستثناءات

إلى حد –طلین لقلة األعمال وانخفاض مستوى المعیشة وشدة الغالء ، وكثرة المتع..مع نضوب معین ، بین األغلبیة العظمى من السكان –ال یكاد یتصوره إنسان

الرحمة من القلوب واستیالء القسوة وروح الجبروت والظلم على النفوس كل ذلك أخذ یتحول إلى حال من السخط تتمثل في كثرة اإلضرابات وتتجلى في كثیر من

…المظاھر والعبارات

وعصف بھا الجھل و الفقر و الحاجة والفاقة – أو كاد –واألخالق قد انتھى أمرھا …وانتشرت الرذائل و مظاھر االنحالل الخلقي في كل مكان

.واألفكار مبلبلة والنفوس قلقة ال تكاد تستقر في شئ على حال

وتنذر ببالء ، ة بعد ساعة وكل ھذه المعاني تزداد بمرور األیام ، وتتضاعف ساع ...إن لم یتداركھا العقالء قبل فوات األوان ، محیط وشر مستطیر

فإلى ما وصلت إلیھ الحال في أوطاننا الغالیة العزیزة من بالد :وأما النظرة الثانیة :العروبة وأمم اإلسالم

من األمریكان مھددة بھذا االجتیاح الذي انتھت إلیھ ھذه المؤامرة الدولیة : فلسطین بفعل الصھیونیة العالمیة التي سخرت الحكومات ، والروس واإلنجلیز على السواء

بكل تعصب ذمیم على العرب ، مع استعدادھا السابق ، والشعوب الغربیة بالمال ...والمسلمین أینما كانوا

المؤبد ، تقاسي األمرین من ھذا العدوان الوثني المسلح : و الباكستان الناشئة التي –حتى روسیا ، بدسائس االستعمار وأسلحة االستعمار على اختالف دولھ

تتآمر ھي األخرى على الدولة الناشئة إن –تتظاھر باحترام إرادة وأمم الشعوب ...صح ما ولفتنا بھ الیوم البرقیات األخبار

دا التي تضغط علیھا ھولن، التي تبلغ سبعین ملیونا أكثرھم من المسلمین :وإندونیسیا وترید أن تحول بین ، لم تكسر قید االحتالل األلماني إال بید غیرھا من جنود الحلفاء

..الشعب السلم الباسل وبین ما ھو حق طبیعي لھ من حریة واستقالل

تجھز لھا حبائل االستفتاء وال یدري عواقب ھذه اللعنة : وطرابلس الغرب وبرقة ...ه قریب وإن غدا لناظر، السیاسیة إال اهللا

ویجاھد ما ، یستغیث وال مغیث ، تونس والجزائر ومراكش : وشمال أفریقیا بأقسامھ وحرمتھ بھا حقھ في ، ستطاع لیكسر القیود واألغالل التي ضربتھا من حولھ فرنسا

...ومن االستقالل التام ، العیش الحر الكریم

ا منھا قد سلم من فإنك لن تجد واحد، وقل مثل ذلك في كل شعب عربي إسالمي ھذا في أوضاعھ السیاسیة ، وكلھا من ... مناورات الغصب ودسائس االستعمار

وكلنا ... حیث األوضاع االجتماعیة لیست أحسن حاال مما تقدم ذكره في وادي النیل .في الھم شرق

فإلى ما انحدر إلیھ التفكیر بین زعماء العالم وساسة الشعوب :وأما النظرة الثالثة الذین أتاحت لھم المقادیر أن یكونوا قادة الدنیا في ھذه األیام بعد الحرب العالمیة و

.الثانیة

وغابت عن األنظار و القلوب تلك األھداف ، لقد اختفت المثل العلیا تمام االختفاء وجندوا باسمھا قوى األمم ضد ، الجمیلة التي نادى بھا ھؤالء الناس ساعة العسرة

.. ومبادئ میثاق األمم، والحریات األربع ، فالعدالة االجتماعیة ... ن الظلم و الطغیا .الخ

ھذه القائمة الطویلة العریضة من المبادئ السامیة واألھداف المغریة أصبحت في یقودون بتوجیھھا العالم " فلسفة راقیة " خبر كان ولم تعد لھؤالء الساسة و الزعماء

مطامع االستعماریة ومناطق النفوذ واالستیالء على إال فلسفة المصالح المادیة ، والوكل ذلك على صورة من الجشع و النھم لم تر الدنیا لھا مثیال وال ! . المواد الخام

وأصبحت ھذه المعاني وحده محور التنافس بیت الدول . بعد الحرب العالمیة األولى وإن حاولت كل ، روسیا من جانب وأمریكا وإنجلترا من جانب آخر ، المنتصرة

، منھا أن تستر جشعھا ومناورتھا بستار من دعوى المبادئ االجتماعیة الصالحة ولیس وراء ھاتین ، باسم الشیوعیة أو الدیمقراطیة ، والنظم اإلنسانیة الفاضلة

.اللفظتین إال المطامع االستعماریة والمصالح المادیة في كل مكان

–قیقة أمره مسخ إلنسانیة بنى اإلنسان الذي ھو في ح–ونتیجة ھذا االنحراف المسلحة بالقنابل الذریة ، والغازات الخانقة واألسلحة " الحرب الثالثة "لیست إال وما سمعنا وما لم نسمع عنھ بعد من معدات الھالك والدمار التي تمثل ما ، المھلكة

یكون الناس یوم ( :جاءت بھ الكتب السماویة ومن وصف القارعة وھول القیامة ) .٥-٤:القارعة) (وتكون الجبال كالعھن المنفوش، كالفراش المبثوث

وفى وطننا العربي واإلسالمي وفى وطننا ، ھذه ھي صورة الحال في وطننا الخاص ق تحمل رسالة الح" الدعوة الجدیدة " وإذا لم تقم في الدنیا أمة ، اإلنساني العام

...وعلى اإلنسانیة السالم ، والسالم فعلى الدنیا العفاء

أن نتقدم لنصلح أنفسنا وندعو ، وإن من واجبنا وفى یدنا شعلة النور وقارورة الدواء وإال فحسبنا أن نكون قد بلغنا الرسالة وأدینا األمانة وأردنا ، فإن نجحنا فذاك ، غیرنا

فحسب الذین یحملون الرساالت ، أنفسنا وال یصح أبدا أن نحتقر ، الخیر للناس وفى ، ولھا مخلصین ، ویقومون بالدعوات من عوامل النجاح أن یكونوا بھا مؤمنین

فھل من مجیب ؟... وأن یكون الزمن ینتظرھا و العالم یترقبھا ، سبیلھا مجاھدین

رادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا هللا مثنى وف ( . )٤٦:سـبأ) (إن ھو إال نذیر لكم بین یدي عذاب شدید

أي لــون نختــار؟ )صبغة اهللا ومن أحسن من اهللا صبغة ونحن لھ عابدون(

و ، و إذا دامت ھذه الحیرة فلیس وراءھا إال الثورة ... تسود مجتمعنا الیوم حیرة وال تعقیب إال ، وال ضابط وال نظام وال حدود ، الثورة الھوجاء التي ال غایة لھا

وبخاصة في ھذا العصر الذي ال یرحم والذي ، الھالك و الدمار والخسارة البالغة كمصر تتطلع إلیھ تتجارى بأھلھ األھواء كما یتجارى الكلب بصاحبھ ، وفى وطن

.األنظار وتتقاذفھ المطامع في الداخل والخارج

وإنك لتسمعھ من الزعماء ، ھذا الكالم متفق علیھ بین كل من یعنیھم أمر ھذا الوطن و المفكرین كما تسمعھ من العامة في مجالسھم و المجتمعین في أندیتھم وذوى

ومن بائع الخضر إذا ، ت معھ األعمال في أماكن عملھم ، ومن سائق العربة إذا ركبأو استصغرنا نتائجھ كنا كالنعامة ، وإذا أنكرنا ذلك أو تغافلنا عن أثره .. تحدثت إلیھ

.التي تدفن رأسھا في الرمل وتظن أنھا بذلك تخدع الصیاد

تأمل المبادئ ، ومن ھذه الثغرة وتطبیقا لھذا القانون االجتماعي الذي ال یتخلف وتكافح في سبیل استیالئھا على ، الجدیدة أن تنفذ إلى مصر الجدیدة والدعوات

النفوس المصریة والقلوب المصریة أشد الكفاح وتسلك إلى ذلك كل سبیل مستطاع وغیر مستطاع ومن ھنا سمعنا كثیرا من ھذه األصوات یتردد في الصحف السیارة

أبناء ھذا فالشیوعیة جادة في فرض تعالیمھا على، وفى المجالس والمنتدیات ، والدیمقراطیة االستعماریة الھزیلة تحاول من جانبھا أن تقاوم ھذا التیار ، المجتمع

ویقف اإلسالم العتید المستقر في ھذه القلوب ، ویتوسطھم قوم داعون لالشتراكیة ، المؤثر فیھا بجمالھ وجاللھ وسموه وروعتھ ، المستولى علیھا ،أربعة عشر قرنا أن ینزل عن مرتبتھ أو یتخلى عن ھذه القلوب التي أمنت بھ یأبى على الجمیع

وجاھدت أكرم الجھاد في سبیل إعالئھ وبقائھ ورفعتھ وردت عنھ بھذا الجھاد غارات واهللا غالب على أمره ولكن أكثر : (الصلیبیین وھجمات التتار ومكاید الصھیونیة

) .٢١:یوسف) (الناس ال یعلمون

وھو إن كان الیوم صغیرا ، ولك إلى متى ھذا التطاحن بین ھذه اآلراء و األوضاع !فھو لن یظل كذلك ؟

و إلى متى ینظر أھل الرأي في مصر إلى ھذا الصراع في غفلة وبلھ وانصراف ال !.. وكأنھ یتناول بلدا غیر بلدھم وأشخاصا غیر أشخاصھم ؟، كأن األمر ال یعنیھم

. أن نختار مناص لنا من

ونحن – بل الغد القریب جدا –فسنقبل غدا ، وإذا لم نختر الیوم ونحن راضون .وإني ألرى الومیض خالل الرماد ویوشك أن یكون لھ ضرام ، مرغمون

ولم تعد أوضاع الحیاة االجتماعیة ، البد من أن نختار لون الحیاة الجدیدة التي نحیاھا التطور الجدید في األخالق و األفكار وحاجات بكل نواحیھا في مصر صالحة أمام

.والعاقل من تدبر األمر قبل وقوعھ وأعد لھ عدتھ ، الناس

وھما معتبرتان في منطق التحالف الدولي الیوم من ، وأمامنا الشیوعیة واالشتراكیة وأمامنا كذلك . وال یستطیع الدیمقراطیون أن یقدموا غیر ھذا ، معاني الدیمقراطیة

.وأحكام اإلسالم ، وتعالیم اإلسالم ، وتوجیھ اإلسالم ) م اإلسالمنظا(

فإننا جمیعا آمنا بھذا ، ونحن في الحقیقة لسنا مخیرین ولسنا أحرارا في االختیار بل ھي زعیمة دول ، واعتبرنا مصر دولة إسالمیة ، اإلسالم الحنیف دینا ودولة

رسمي اإلسالم ولغتھا اللغة العربیة دین الدولة ال" وقال دستورنا صراحة . اإلسالم ."

یدین بھذا الدین – شعب وادي النیل كلھ في الشمال والجنوب –وھذا الشعب الحنیف واألقلیة غیر المسلمة من أبناء ھذا الوطن تعلم تمام العلم كیف تجد

ھذا الذى، الطمأنینة واألمن و العدالة و المساواة التامة في كل تعالیمھ و أحكامھ :یقول كتابھ

ال ینھاكم اهللا عن الذین لم یقاتلوكم في الدین ولم یخرجوكم من دیاركم أن تبروھم ( . )٨:الممتحنة) (وتقسطوا إلیھم إن اهللا یحب المقسطین

التاریخ الطویل العریض للصلة الطیبة وھذا ، والكالم في ھذا المعنى مفروغ منھ یكفینا مؤونة – مسلمین وغیر مسلمین –الكریمة بین أبناء ھذا الوطن جمیعا

فإن من الجمیل حقا أن نسجل لھؤالء المواطنین الكرام أنھم ، اإلفاضة واإلسراف ویعتبرون اإلسالم معنى من معاني قومیتھم ، یقدرون ھذه المعاني في كل المناسبات

.إن لم تكن أحكامھ وتعالیمھ من عقیدتھم و

وإذا ال مناص للحكومة المصریة و الھیئات المصریة واألحزاب المصریة من أن وبعھدھا ، تفي بعھدھا الشرعي هللا ولرسولھ یوم نطقت بالشھادتین فالتزمت اإلسالم

ونصت فیھ على أن الدین ، المدني الوطني لھذا الشعب یوم أصدرت الدستور و خانت أمانة اهللا و ، وبغیر ذلك تكون قد غدرت بعھدھا ، سمي ھو اإلسالم الر

وعلیھا أن تصارح الشعب لیحدد موقفھ منھا وموقفھا منھ ، وال محل ، الناس عندھا .الیوم للمداورة والخداع

ویعید الطمأنینة ، وھذا الوفاء سیحمى الوطن مما یھدده من أخطار اجتماعیة داھمة لكنھ یستلزم حاال تغییر االتجاھات و األوضاع ، لى النفوس و القلوب و السكینة إ

كلھا و المجاھرة بأن وادي النیل ھو حامل رسالة اإلسالم و منفذھا ومبلغھا فى غیر .وال یغنى عن العمل الكالم ، مواربة وال وھن

ال فتعود إلى حجر اإلسالم قوال وعم، فھل تصیخ اآلذان المغلقة إلى ھذا النذیر فال وربك ال یؤمنون حتى یحكموك فیما شجر بینھم ثم ال یجدوا في ( وتطبیقا ؟؟

) .٦٥:النساء) (أنفسھم حرجا مما قضیت ویسلموا تسلیما

.یا دولة رئیس الحكومة

.ویا رجال األزھر الشریف

. و الجماعات واألحزاب ویا رؤساء الھیئات

.ویا أیھا الغیور على مصلحة ھذا الوطن العزیز

...ویا أبناء ھذا الوطن جمیعا

صبغة اهللا ومن أحسن من اهللا صبغة (فإلى تعالیم اإلسالم ، ، إلیكم أوجھ النداء . )١٣٨:البقرة) (ونحن لھ عابدون

. فاشھد اللھم... أال قد بلغت

اعتراضـــاتفترى الذین في قلوبھم مرض یسارعون فیھم (

یقولون نخشى أن تصیبنا دائرة فعسى اهللا أن یأتي بالفتح أو أمر من عنده فیصبحوا على ما أسروا في

)أنفسھم نادمین

إلى أن یبروا بعھدھم مع ، دعوت قومي إلى أن یختاروا ، أو بعبارة أصح و أوضح اهللا ومع أنفسھم فیقیموا دعائم حیاتنا االجتماعیة في كل مظاھرھا على قواعد اإلسالم

وبذلك یسلم مجتمعنا من ھذا القلق واالضطرابات و البلبلة التي شملت كل ، الحنیف والتي حالت بیننا وبین أن نتعرف الطریق ، كل تقدم والتي وقفت بنا عن ، شيء

وقلت ، السوي إلى عالج أیة قضیة من قضایانا الكثیرة المعلقة في الداخل و الخارج إنھ ال سبیل إلى النجاة إال ھذا االتجاه عقیدة وعمال بكل ما نستطیع من حزم وسرعة

. تقوم على أساس الدین في أیة كیف ذلك والحیاة العصریة في العالم كلھ ال: وقد یقال

التي بیدھا الیوم مقالید األمور ، وقد اصطلحت أمم العالم ، ناحیة من نواحیھا ، على فصل الحیاة االجتماعیة عن العقائد الدینیة ، وتوجیھ مقدرات األمم والشعوب

وإقصاء الدین عن كل مرافق الحیاة وحصره بین الضمیر والمعبد ، وھى وحدھا .لمؤمن التي یتصل منھا باهللا نافذة ا

ولم ، ولم یدرسوا تعالیمھ وأحكامھ ، " اإلسالم " والذین یقولون ھذا القول لم یعرفوا ومسجد ، من أنھ دین ومجتمع .. یفقھوه بعد على طبیعتھ الصحیحة ووضعھ السلیم

رض ودنیا وآخرة ، وأنھ تعرض لشؤون الحیاة الدنیویة العلمیة بأكثر مما تع، ودولة وإن كان قد أقام الشطرین معا على دعامة من سالمة القلب ، ، بھ لألعمال التعبدیة

فالدین على ھذا جزء من نظام . وطھر النفس ، ومراقبة اهللا ، وحیاة الوجدان ونحن كمسلمین مطالبون بأن یقوم . واإلسالم ینظمھ كما ینظم الدنیا تماما، اإلسالم

ومن أحسن من اهللا حكما لقوم ( :اعد اإلسالمیة دیننا ودنیانا على أساس القو . )٥٠:المائدة) (یوقنون

ومن ھنا فرق الفقھاء في النظرة التشریعیة بین ما ھو من قواعد أحكام المعامالت فأفسح للنظر واالجتھاد في الثانیة ما لیس في األولى ، وشؤون الحیاة االجتماعیة

یرید اهللا بكم الیسر وال یرید ( ،لى الناس في ذلك حرج وال مشقة حتى ال یكون ع .وتحدث للناس أقضیة بقدر ما أحدثوا من الفجور . )١٨٥:البقرة) (بكم العسرإن ھذا جمود ورجوع بالعالم إلى الوراء ألف عام أو تزید ، فكیف یعقل : وقد یقال

ت ألمة عاشت قبلنا بأربعة عشر جیال في أرض غیر أننا نطبق الیوم نظما جاء

وأین سنة التطور وقوانین التقدم ! أرضنا وعلى لون من الحیاة غیر ألوان حیاتنا ؟ واالرتقاء ؟

الذي جاء للناس ، ونقول لھؤالء كذلك إنكم أیضا لم تفھموا طبیعة اإلسالم الحنیف وتتناول المسائل الكلیة ، ألساسیة وتضع القواعد ا، فكرة سامیة تحدد األھداف العلیا

وتدع بعد ذلك للحوادث االجتماعیة و التطورات ، وال تتورط في الجزئیات ، .الحیویة أن تفعل فعلھا وتتسع لھا جمیعا وال تصطدم بشيء منھا

وھذا تاریخ التشریع اإلسالمي یحدثنا أن ابن عمر رضى اهللا عنھ كان یفتى في ثم تعرض علیھ في الموسم التالي من العام ، ضایا برأي الموسم في القضیة من الق

ذاك على ما علمنا وھذا على ما : فیقول ، فیقال لھ في ذلك .. القابل فیفتى برأي آخر .نعلم أو كالم ھذا نحوه

فلما تمصر ، كما یحدثنا أن الشافعي رضى اهللا عنھ وضع بالعراق مذھبھ القدیم وتمشیا مع مظاھر الحیاة الجدیدة من ، م البیئة وضع مذھبھ الجدید نزوال على حك

... غیر أن یخل ذلك بسالمة التطبیق على مقتضى القواعد األساسیة الكلیة األولى ونرى تغیر " وقال الشافعي في الجدید . قال الشافعي في القدیم : " وأصبحنا نسمع

وبحسب –ر كما فعل بن عم–رأى الرجل الواحد في القضیة بحسب الزمان تارة أو بحسبھما معا كما سمعنا أن عمر رضى – كما فعل الشافعي –المكان تارة أخرى

وجاءه رجل یشكو سرقة خدمھ ، اهللا عنھ أمر بعدم القطع في السرقة عام المجاعة ... فأحضرھم فأقروا وذكروا أن السبب ذلك أنھ ال یقوم بكفایتھم من طعام وملبس

واعتبرھا ) إذا سرق خدمك مرة ثانیة قطعت یدك أنت : (فتركھم عمر قائال . الخ ..شبھة تدرأ الحد ، والحظ الظروف والمالبسات

ولیست في ، فھل یقال بعد ھذا إن في الرجوع إلى النظام اإلسالمي رجعیة وجمودا وتتمتع بمعاني المرونة و ، وتسایر مقتضیات التقدم ، الدنیا شریعة تقبل التطور

ما یرید اهللا لیجعل علیكم من حرج (، كشریعة اإلسالم الحنیف السالسة والسعة . )٦:المائدة) (ولكن یرید لیطھركم ولیتم نعمتھ علیكم لعلكم تشكرون

مم وقد یقال إن الجھر بالعودة إلى نظام اإلسالم مما یخیف الدول األجنبیة و األوھذا ، وال طاقة لنا بھم وال قدرة لنا علیھم ، فتتألب علینا وتتجمع ضدنا ، الغربیة

وھا نحن أوالء نرى ھذه .. منتھى الوھن وغایة الفساد في التقدیر وقصر النظر فھل ، واتبعناھا في تقالیدھا ، وأخذنا بألوان حیاتھا ، الدول وقد سایرناھا في نظمھا

وھل دفع من كیدھا ؟ وھل منعھا من أن تحتل أرضنا ، ! أغنى ذلك عنا شیئا ؟وتسلب استقاللنا وتستأثر بخیرات بالدنا ، ثم تتجمع في كل مؤتمر أو مجتمع دولي

وال تتأثر إال بشيء ، ضد حقوقنا وتثیر المشكالت والصعاب والعقبات في وجوھنا فقد رأیناھا ، نصرانیةواحد ھو ظروفھا ومصالحھا فقط ، وال یعنیھا بعد ذلك إال أنھا

وتتملق مع ھذا دول ، وكلھا مسیحیة ، في الحرب الماضیة یحطم بعضھا بعضا وھاھم أوالء جمیعا ، وتتزلف إلیھ بمعسول وحلو الحدیث ، اإلسالم وأممھ وشعوبھ

یناصرون الصھیونیة الیھودیة وھى أبغض ما تكون إلیھم الرتباط مصالحھم المادیة وقد أصبح ھذا المعنى معلوما في . ة بھذه المناصرة وأغراضھم االستعماری

.تصرفات كل الساسة الغربیین

ولن یزیدھم فینا بغضا أن نعلن ، إذن فلن یجدینا شیئا عندھم أن نتنصل من اإلسالم وبخاصة وھم اآلن معسكران مختلفان متنافسان على ، التمسك بھ واالھتداء بھدیھ

.المصالح المادیة وحدھافما دمنا بعیدین ، التنصل من اإلسالم والتنكر لھ عظیم على كیاننا نحن ولكن خطر

متفرقین . فسنظل حائرین فتتحطم معنویاتنا ، عن تشرب روحھ وتحقیق تعالیمھ أننا معشر أمم اإلسالم : ولو أخذنا بالحزم وأعلناھا صریحة واضحة . فتضعف قوتنا

لذي یزعمون ، ولكننا بحمد اهللا ال شیوعیون وال دیمقراطیون وال شئ من ھذا ا، مسلمون ، الرتسمت أمامنا توا طریق الھدایة والنور ، ولجمعتنا كلمة اإلسالم

وال شئ –وفى ذلك وحده ... ووحدت بیننا وبین إخواننا جمیعا في أقطار األرض القوة والمنقذ أمام ھذا العدوان الغربي االستعماري الجارف الذي یھددنا في –غیره

. مكان كلأننا إذا الحظنا غضب الغربیین ورضاھم في تمسكنا : وخالصة ھذا الكالم في إیجاز

باإلسالم أو بعدنا عنھ ، فلیس لھذا من معنى إال أننا إن لم نتمسك باإلسالم فلن نكسب رضاھم وسنخسر أنفسنا ، في حین أننا إذا تمسكنا بھ وتجمعنا من حولھ واھتدینا

وكان ھناك احتمال قوى أن نكسبھم أیضا بتأثیر قوة . وال شك بھدیھ كسبنا أنفسنا !الوحدة فأي الرأیین أولى باالتباع یا أولي األلباب ؟

أما اعتراض األقلیات الغیر مسلمة فقد أشرنا إلیھ من قبل وال نرید أن نطیل فیھ .فاألمر أوضح من أن یكون موضع مراء ، القول الیوم

سالمیة الیوم إال ھذه الفرصة ، وإن الدول الغربیة تدرك ھذا إنھ لیس أمام األمم اإلولیس في الوقت متسع للتردد . تماما ، فھي تشغلنا بأنفسنا ، وتزیدنا حیرة على حیرة

.وإن تبعة من ال یعلم في عنق من یعلم ، وال یصلح الناس فوضى ال سراة لھم ، ...ویا رجال األزھر الشریف... فیا رئیس الحكومة

.ویا أعضاء الجماعات واألحزاب ویا ذوى الغیرة على ھذا الوطن

:إلیكم أقول ... ویا أبناءه جمیعا

إنما كان قول المؤمنین إذا دعوا إلى اهللا : (عودوا إلى اإلسالم تغنموا وتسلموا ) .٥١:النور) (عناورسولھ لیحكم بینھم أن یقولوا سمعنا وأط

اللھم فاشھد... أال قد بلغت

قضیتنا الوطنیة في ضوء التوجیھ اإلسالميحقوقنا الوطنیة معروفة ، أعلنتھا األمة بكل وضوح وجالء على لسان أحزابھا

تحقیق وحدة وادي النیل : وھیئاتھا وجماعاتھا وأفرادھا في كل المناسبات ، وھى .لتتم بذلك حریتھ واستقاللھ ، وات األجنبیة عنھ جمیعا وجالء الق، جنوبھ وشمالھ

واإلسالم الحنیف یعلن الحریة ویزكیھا ، ویقررھا لألفراد واألمم والجماعات بأفضل معانیھا ، ویدعوھم إلى االعتزاز بھا والمحافظة علیھا ، ویقول نبیھ صلى اهللا علیھ

وھو یحارب ھذه ) . س منىمن أعطى الذلة من نفسھ طائعا غیر مكره فلی: (وسلم اللصوصیة الدولیة التي یسمونھا االستعمار بكل ما فیھ من قوه ، وال ترضى تعلیمھا

أبدا بأن تسود أمة أو یرھق شعب شعبا آخر ، وال تزال كلمة عمر الفاروق رضى متى تعبدتم الناس وقد : (اهللا عنھ ترن في األذن حین قال لعاملھ عمرو بن العاص

) .مھاتھم أحراراولدتھم أ

ویوم حمل الفاتح المسلم سیفھ على عاتقھ ، وانطلق غازیا في أراضى اهللا لم یكن یرجوا من وراء ذلك مغانم دنیویة ، ولم یكن یتطلع إلى خیرات األمم والشعوب

ولكن كان یؤمن بدعوتھ .. لیستأثر بھا دونھا وإن امتألت یداه منھا بغیر قصد منھ یحمى في العالم مبادئ الحق والعدل والسالم وتاریخ الصدر ویحمى رسالتھ ، و

یعطیك ھذه – وھم الحجة لإلسالم –األول من أئمة المسلمین الراشدین المھدیین .الصورة بنیة المعالم ، واضحة الحدود

واإلسالم مع ھذا یعتبر األمة اإلسالمیة أمینة على رسالة اهللا في أرضھ ، ولھ في بحكم ھذه األمانة ، فال یسمح لھا – وال نقول مرتبة السیادة –ساتذة العالم مرتبة األ

أن تذل ألحد ، أو تستعبد ألحد ، أو تالین قناتھا لغامز أو تخضع لغاصب معتدا أثیم ) .١٤١:النساء) (ولن یجعل اهللا للكافرین على المؤمنین سبیال: (

فافترض الجھاد . ر الطریق العلمي لحمایة ھذه الحریة ویوم قرر اإلسالم ھذا ، قربالنفس والمال ، وجعلھ فرض كفایة لتأمین الدعوة ، وفرض عین على كل أبناء

األمة لرد العدوان على الوطن إذ واجھتھ قوات الغزاة من غیر المسلمین ، وجعل والخلود ، الدنیا ووعد المجاھدین النصر و التأیید في ، الشھادة أعلى مراتب اإلیمان

،والبقاء والنعیم المقیم في اآلخرة ، وأعلن أن الجھاد أفضل األعمال بعد اإلیمان الذین آمنوا وھاجروا وجاھدوا في سبیل اهللا بأموالھم وأنفسھم أعظم درجة عند اهللا (

شرھم ربھم برحمة منھ ورضوان وجنات لھم فیھا نعیم مقیم یب، وأولئك ھم الفائزون . )٢٢-٢٠:التوبة) (خالدین فیھا أبدا إن اهللا عنده أجر عظیم،

ومع ھذا فقد رحب اإلسالم بالوسائل السلمیة وإنھاء الخصومة متى أدت ھذه الوسائل وإن جنحوا للسلم فاجنح لھا وتوكل على (، عتراف بحق الكمال ألصحابھ إلى اال

وما خیر النبي صلى اهللا علیھ وسلم بین أمرین إال اختار أیسرھما . )٦١:ألنفال) (اهللاوقد فاوض ، ومن السلم المفاوضة إذا أوصلت إلى الحق الكامل ، ما لم یكن محرما

ومن السلم التحاكم إذا أدى إلى ھذا ، صلى اهللا علیھ وسلم في الحدیبیة رسول اهللا أو أحد من –وإن كنا ال نعلم إن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم . الحق أیضا

والزم ، ولكنھ مقتضى عموم اآلیة . الخلفاء الراشدین المھدیین رضي بتحكیم كافر م بین المسلمین وغیرھم متى كان فیھ االتفاق على الخیر ، الذي ال یمنعھ اإلسال

.مصلحة لھم ولیس فیھ ضرر علیھم

الذي یتضمن ) النبذ(فإذا فشلت ھذه الجھود السلمیة فإن رأى اإلسالم صریح في وإما تخافن من قوم : (إعالن الخصومة ، ثم األخذ توا بكل وسیلة من وسائل الجھاد

وال یحسبن الذین كفروا سبقوا ، ھم على سواء إن اهللا ال یحب الخائنین خیانة فانبذ إلی

وأعدوا لھم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخیل ترھبون بھ عدو ، إنھم ال یعجزون . )٦٠-٥٨:الألنف) (اهللا وعدوكم

وقد وعد اهللا المجاھدین للحق أن یدافع عنھم ، وینصرھم ال محالة على أعدائھم مھما یكن عدوھم كامل األھبة ، عظیم العدد ، مرموق العدة ، قوى الوسائل ، وعلیھم أال

) وكان حقا علینا نصر المؤمنین ( ،یعبأوا بذلك ، وإن یعتمدوا على اهللا وحده ھذه األحكام جمیعا مقررة في اإلسالم یعرفھا بتفصیل أوسع واستدالل ، ) ٤٧:الروم(

وعلى ضوئھا ، وأخذ بحظ من الفقھ فیھ ، أقوى وأدق وأحكام كل من نھل من معینھ واضطربت ، نستطیع أن نحل قضیتنا الوطنیة التي وصلت إلى حد من االرتباك

:وإلیك بیان بذلك ، األذھان

.ضنا فلم نصل إلى شيء لتعنت اإلنجلیز وتصلبھم ومناورتھم لقد فاو

واحتكمنا فلم نصل إلى شئ ، كذلك أمام تغلیب المصالح الدولیة والمطامع أننا وصلنا إلى كسب أدبي عظیم بالدعایة : ولقد قال كاتب فاضل ، االستعماریة

یث التفاھم الثنائي الواسعة لقضیتنا بطرحھا أمام أنظار العالم كلھ ، وإخراجھا من حإلى حیز التحاكم الدولي الواسع ، وذلك صحیح ولكن ھذا الكسب األدبي لم ، الضیق

یغنى عن الحقیقة الواقعة شیئا ، وھى أننا مازلنا مع اإلنجلیز حیث كنا لم نقدم خطوة .بل أن ھذا الركود كان مدعاة إلى التساؤل والبلبلة ،

بأن نعلنھم بالخصومة الصریحة السافرة ، ونقرر ) اءالنبذ على سو(لم یبقى إذا إال ونعلن اعتبارا أمة وادي ، في صراحة إلغاء ما بیننا وبینھم من معاھدات واتفاقات

. وننظم حیاتنا على ھذا االعتبار - ولو سلبیة -النیل معھم في حالة حرب

عرب والمسلمین باالكتفاء واالقتصار على ما عندنا وعند إخواننا من ال: اقتصادیا .والدول الصدیقة إن كانت

.تشجیع روح العزة والكرامة وحب الحریة : واجتماعیا

.بتدریب الشعب كلھ تدریبا عسكریا حتى یأتى أمر اهللا: وعلمیا

وتھیأ نفوس الشعب لذلك بدعایة واسعة تامة كاملة ، كم تفعل األمم إذا واجھت حالة .ألوضاع االجتماعیة على ھذه األساس الحرب الحقیقیة ، وتتغیر كل ا

ولكن الحكومة ھي المسئولة عنھ ، وھذا العمل ال یتسنى لألفراد وال للھیئات ابتداء أوال وأخیرا ، فأما الشعب نقولھا في صراحة ووضوح وثقة ، أنھ على أتم استعداد

… لبذل كل شيء لو سلكت الحكومة ھذا السبیل ، إنھ مستعد لیجوع ویعرى ولكن على شریطة أن یكون ذلك .. یموت ویناضل ، ویكافح بأشد النضال والكفاح ول

في سبیل حریتھ واستقاللھ ال في سبیل ارتباك اللجان الحكومیة ، وضعف الوسائل اإلداریة والتخبط في السیاسة االقتصادیة والوقوف أمام مكائد اإلنجلیز وضغطھم

.موقف المستسلمین العاجزین

إنني مستعد أنا : مال فقیرا یقول حین صدرت األوامر بخلط الخبز لقد سمعت عاإذا وثقنا من أن ھذا في سبیل الحریة ، وأوالدي أن نأكل كل یوم مرة واحدة

ولكنني ساخط كل السخط ألني ال أفھم لماذا نلجأ إلى ھذا ، والتخلص من اإلنجلیز !الخلط ونحن بلد زراعي أعظم محصولھ المواد الغذائیة؟

ولكن في الطریق واضحة مرسومة تؤدى إلى ، فالشعب على أتم استعداد للبذل بقیادة حكومة حازمة ترسم لھ في قوة وإخالص مراحل ھذا ، الحریة أو الشھادة

أما إذا استمرت الحكومة في ترددھا وتراخیھا واضطرابھا ، فلن یؤدى ، الطریق وإما أن یموت ، و كالھما جریمة ذلك بالشعب إال إلى أحد أمرین ، إما أن یثور ،

.وطنیة ال یغتفرھا أبدا التاریخ

..فیا دولة رئیس الحكومة

..ویا رجال األزھر الشریف

..و یا زعماء الھیئات واألحزاب

..ویا ذوى الغیرة على ھذا الوطن

:ویا أبناء األمة جمیعا

.ھذه ھي الطریق فاسلكوھا في ضوء اإلسالم واهللا معكم

اللھم فأشھد.. قد بلغت أال

وحدتنا في ضوء التوجیھ اإلسالمي وإن ھذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون

باألمس وضعت بین یدي قومي وفي قضیتنا الوطنیة الخاصة ، توجیھ اإلسالم الذي نبذ بالخصومة ، وإعداد ھو أخصر الطرق كلھا حال حاسما كریما ، والذي ال یعدوا ال

فقد خرجنا وال شك من ھذه الحیرة ، ووجدنا ، ومتى فعلنا ذلك ، وسائل الجھاد الجواب الصحیح لھذا السؤال الذي یتحرك بھ كل لسان ، ویتردد في خاطر كل

.ماذا نعمل اآلن ؟ : مواطن

ونفر من ، ل ونھرب من تبعات العم، والحق أننا ال نحار ألننا ال نرید أن نفعل شیئا ثقل التضحیات وتكالیف الكفاح ، ونلتمس اللین والسھولة دائما ، وال نفكر في

والسماء ، ونتصور أن الحریة واالستقالل یھبطان من السماء بغیر عمل ، سواھما ولو كنا جادین حقیقة في .. ال تمطر ذھبا وال فضة ، وال تفیض بحریة أو استقالل

، والنصر ) ننبذ ، ونجاھد( بعد أن عرفنا في كلمتین اثنین الطلب ، لسرنا في الطریق .بعد ذلك من عند اهللا

واآلن أعرض لموضوع آخر یتصل بقضیتنا الوطنیة العامة ، التي تنتظم قضایا لنرى كیف تحل ھي األخرى ، األمة العربیة بمختلف شعوبھا والعالم اإلسالمي كلھ

.في ضوء توجیھ اإلسالم الحنیف

أن اإلسالم رسالة عالمیة جاءت لخیر األمم والشعوب جمیعا ، ال فرق بین معلوم تبارك الذي نزل الفرقان على عبده لیكون ( :عربي أو عجمي أو شرقي أو غربي

ولھذا دعا إلى القضاء على الفوارق الجنسیة . )١:الفرقان) (للعالمین نذیرا ، و أعلن األخوة اإلنسانیة ، ورفع لواء العالمیة بین الناس ألول مرة في والعنصریة

یا أیھا الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منھا : (تاریخ البشریة الذي تساءلون بھ واألرحام إن اهللا زوجھا وبث منھما رجاال كثیرا ونساء واتقوا اهللا

) .١:النساء) (كان علیكم رقیبا

ومعلوم أن اإلسالم كذلك قد قرر من باب األول أقوى معاني األخوة بین المؤمنین بھ والمنتسبین إلیھ والمعتقدین لرسالتھ ، حتى جعل األخوة معنى من معاني اإلیمان ،

المسلم أخو المسلم ( ، )١٠:الحجرات) (إنما المؤمنون إخوة: (كمل معانیھ بل ھي أومثل المؤمنین فى توادھم وتعاطفھم وتراحمھم كالجسد (، ) ، ال یظلمھ وال یسلمھ

والمؤمن (، ) الواحد إذا إشتكى منھ عضوا تداعى لھ سائر الجسد بالسھر والحمى ) .بعضاللمؤمن كالبنیان یشد بعضھم

ویوم واجھ المسلمون العالم كلھ صفا واحدا وقلبا واحدا في ظل ھذه األخوة الصادقة الحقة ، لم تلبث أمامھم ممالك الروابط اإلداریة أو السیاسیة المجردة ساعة من نھار

وكونوا إمبراطوریة . الروم والفرس على السواء – بغیر نظام –، وانھزم أمامھم .لمحیط إلى المحیط ، ذات علم وحضارة ، وقوة وإشراق ضخمة تمتد من ا

وال تنازعوا فتفشلوا وتذھب : (ولم یأخذوا بھدى كتابھم ، ویوم غفلوا عن سر قوتھم ودب إلیھم داء األمم من قبلھم ، ) ٤٦:ألنفال) (ریحكم واصبروا إن اهللا مع الصابرین

تمزقت ھذه … المادیة الزائلة على االخوة اإلیمانیة الباقیة من تغلیب المصالحولعبت بھا المطامع الخارجیة والداخلیة ، وانتھى ، اإلمبراطوریة أیدي ابن سبأ

أمرھا مؤخرا بعد الحرب العالمیة األولى إلى االنھیار ، والوقوع في أسر خصومھا وتقاسموھا فیما بینھم ، ، رھا الذین احتلوا أرضھا ، وملكوا أم، من غیر المسلمین

.وظنوا أنھ قد انتھى أمر اإلسالم وختمت الحروب الصلیبیة أفضل ختام

وكانت الدسیسة الكبرى التي اقتحمت على المسلمین عقولھم وقلوبھم أوال ، ثم أراضیھم وبالدھم ثانیا ، ھي تأثرھم بالعنصریة والشعوبیة ، واعتداد كل أمة منھم

سى ما جاء بھ اإلسالم من القضاء على عصبیة الجاھلیة والتفاخر بجنسھا ، وتنا .باألجناس واأللوان واألنساب

التي قضت على العنصریات الحدیثة في أوربا ، ، وقد انتھت الحرب العالمیة الثانیة عنصریة النازیة والفاشیة ، فرأینا بعدھا الدول األوربیة الكبرى تسعى سعیا حثیثا

فروسیا .. والمصالح تارة أخرى ، التكتل ، باسم العنصریات تارة إلى التجمع ووإنجلترا ، تحاول أن تجمع العنصر الصقلبى بكل شعوبھ تحت لواء االتحاد السوفیتي

وأمریكا تتجمعان باسم الجنس واللغة ، ثم تتقاسمان بعد ذلك أمم العالم ومناطق النفوذ وتستر ھذا التنافس بینھا بتكوین ، ة في األرض باسم المصالح والضروریات الحیوی

كما ، ھیئة األمم المتحدة لتوھم الناس أنھا تزكى العالمیة ، وتعمل لخیر بنى اإلنسان رأینا ھذه الدول نفسھا تتجمع ضد حقوقنا الوطنیة ، وتخذلنا في كل قضیة من

،سواء عرضت على مجلس األمن أم في ھیئة األمم المتحدة ، قضایانا الجوھریة .وفي قضیة إندونیسیا ، وفى قضیة فلسطین ، كما حدث في قضیة مصر

نحن أمام كل ھذه األوضاع العالمیة الجدیدة ، وأمام تشابھ قضایانا ، فھي كلھا قضیة .. وتكسیر قیود االستغالل واالستعمار ، واحدة معناھا استكمال الحریة واالستقالل سالم على أبناءه منذ أول یوم ، حین جعل وال بد أن نلجأ من جدید إلى ما فرضھ اإل

وقد بدأنا بالجامعة . یجب أن نتكتل ونتوحد … الوحدة معنى من معاني اإلیمان العربیة ، وھى وإن كانت لم تستقر بعد االستقرار الكامل ، إال أنھا نواه طبیة مباركة

من عوامل على كل حال ، فعلینا أن ندعمھا ونقویھا ، ونخلصھا من كل ما یحیط بھا –وعلینا أن نوسع الدائرة حتى تتحقق رابطة أمم اإلسالم . الضعف والتخلخل

وبھذه … بأذن اهللا ) لھیئة األمم اإلسالمیة( فتكون نواه –عربیة وغیر عربیة الطریقة ، والتي ستضیف إلى وسائلنا الخاصة بكل أمة ، من النبذ والجھاد معنى

والتجمع ، نستطیع أن نتخلص ، وأن نحفظ وھي الوحدة، آخر من معاني القوة .التوازن العالمي بین األمم الطامعة ، والدول المتنافسة على المغانم والحطام

والمسؤول عن تحقیق ھذه الخطوات ، الحكومات العربیة واإلسالمیة جمیعا ، وكل : والیوم أوجھ النداء . دعاة اإلصالح في ھذه الشعوب من رسمیین وأھلیین

) .١٠٣:آل عمران) (واعتصموا بحبل اهللا جمیعا وال تفرقوا(

.اللھم فاشھد .. أال قد بلغت

حسـن البنــا

نظام الحكموأن احكم بینھم بما أنزل اهللا وال تتبع أھواءھم واحذرھم أن یفتنوك عن بعض

اهللا إلیكما أنزل

الحكومة في اإلسالم

یفترض اإلسالم الحنیف الحكومة قاعدة من قواعد النظام االجتماعي الذي جاء بھ للناس ، فھو ال یقر الفوضى ، وال یدع الجماعة المسلمة بغیر إمام ، ولقد قال

إذا نزلت ببلد ولیس فیھ سلطان : (الرسول صلى اهللا علیھ وسلم لبعض أصحابھ إذا كنتم ثالثة فأمروا : (كما قال في حدیث آخر لبعض أصحابھ كذلك ، )حل عنھفار

) .علیكم رجال

ال یعرض للسیاسة ، أو أن السیاسة – أو بعبارة أدق اإلسالم –فمن ظن أن الدین لیست من مباحثھ ، فقد ظلم نفسھ ، وظلم علمھ بھذا اإلسالم وال أقول ظلم اإلسالم

وجمیل قول .. ال یأتیھا الباطل من بین یده وال من خلفھ فإن اإلسالم شریعة اهللااعلم أن الشریعة أصل ، والملك حارس ، وما ال : (اإلمام الغزالي رضى اهللا عنھ

فال تقوم الدولة اإلسالمیة إال على أساس ) أصل لھ فمھدوم وما ال حارس لھ فضائعومة مادة جامدة صماء ال الدعوة ، حتى تكون دولة رسالة ال تشكیل إدارة ، وال حك

.كما ال تقوم الدعوة إال في حمایة تحفظھا وتنشرھا وتبلغھا وتقویھا ، روح فیھا

وإن كنا لن ، وأول خطئنا أننا نسینا ھذا األصل ففصلنا الدین عن السیاسة عملیا نستطیع أن نتنكر لھ نظریا فنصصنا في دستورنا على أن دین الدولة الرسمي ھو

ولكن ھذا النص لم یمنع رجال السیاسة وزعماء الھیئات السیاسیة أن ،اإلسالم والجمال ، یفسدوا الذوق اإلسالمي في الرؤوس ، والنظرة اإلسالمیة في النفوس

اإلسالمي في األوضاع ، باعتقادھم وإعالنھم وعملھم على أن یباعدوا دائما بین .أصل الفساد توجیھ الدین ومقتضیات السیاسة ، وھذا أول الوھم و

عائم الحكم اإلسالمي

والحكومة في اإلسالم تقوم على قاعدة معروفة مقررة ، ھي الھیكل األساسي لنظام فھي تقوم على مسؤولیة الحاكم ووحدة األمة واحترام أرادتھا وال .. الحكم اإلسالمي

.عبرة بعد ذلك باألسماء واألشكال

:مسئولیة الحاكم

اهللا وبین الناس ، وھو أجیر لھم وعامل لدیھم ، ورسول اهللا فالحاكم مسئول بین یدي، وأبو بكر رضى ) كلكم راع وكلكم مسئول عن رعیتھ: (صلى اهللا علیھ وسلم یقول

أیھا الناس ، كنت أحترف لعیالي : (عندما ولى األمر وصعد المنبر: اهللا عنھ یقول وھو بھذا قد ) . بیت مالكمفأكتسب قوتھم ، فأنا اآلن أحترف لكم ، فافرضوا لي من

فما ھو إال ، فسر نظریة العقد االجتماعي أفضل وأعدل تفسیر ، بل ھو وضع أساسھ وإن ، فإذا أحسن فلھ أجره ، تعاقد بین األمة والحاكم على رعایة المصالح العامة

.أساء فعلیھ عقابھ

:وحدة األمة

سالم علیھا القلوب أصل من ألن األخوة التي جمع اإل، واألمة اإلسالمیة واحدة وال یمنع ذلك حریة الرأي . أصول اإلیمان ال یتم إال بھا وال یتحقق إال بوجودھا

وبذل النصح من الصغیر إلى الكبیر ، ومن الكبیر إلى الصغیر ، وذلك ھو المعبر عنھ في عرف اإلسالم ببذل نصیحة ، واألمر المعروف النھى عن المنكر ، وقال

: لمن یا رسول اهللا ؟ قال: ، قالوا) الدین النصیحة: (ى اهللا علیھ وسلم رسول اهللا صلإذا رأیت أمتي تھاب أن : (وقال ) هللا ولرسولھ ولكتابھ وألئمة المسلمین وعامتھم(

وبطن األرض خیر لھم من : (، وفي روایة ) تقول للظالم یا ظالم فقد تودع منھا المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر سید الشھداء حمزة بن عبد: (، وقال ) ظھرھا

) .فأمره ونھاه فقتلھ

وال تكون الفرقة في الشؤون الجوھریة في األمة اإلسالمیة ، ألن نظام الحیاة . االجتماعیة الذي یضمھا نظام واحد ھو اإلسالم ، معترف بھ من أبنائھا جمیعا

زبیة یدور معھا والخالف في الفروع ال یضر ، وال یوجد بغضا وال خصومة وال حفما ، ولكنھ یستلزم البحث والتمحیص والتشاور وبذل النصیحة .. الحكم كم تدور

كان من المنصوص علیھ فال اجتھاد فیھ وما ال نص فیھ فقرار ولى األمر یجمع .األمة علیھ وھى شيء بعد ھذا

:احترام إرادة األمة

ة ، وأن تشیر علیھ بما ترى ومن حق األمة اإلسالمیة أن تراقب الحاكم أدق مراقب، وأن یأخذ بالصالح من آراءھا ، وعلیھ أن یشاورھا وأن یحترم إرادتھا ، فیھ الخیر

وأثنى ) . ١٥٩:آل عمران) (وشاورھم في األمر ( :وقد أمر اهللا الحاكمین بذلك فقال . )٣٨:شورىال) (موأمرھم شورى بینھ ( :بھ على المؤمنین خیرا فقال

ونصت على ذاك سنة رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم والخلفاء الراشدین المھدین من أمر جمعوا أھل الرأي من المسلمین واستشاروھم ونزلوا عند ، إذا جاءھم .. بعدھم

فیقول أبو بكر . الصواب من آرائھم ، بل أنھم لیندبونھم إلى ذلك ویحثونھم علیھ رأیتموني على حق فأعینوني وإن رأیتموني على باطل فإن : (رضى اهللا عنھ

) .من رأى في اعوجاجا فلیقومھ: (ویقول عمر بن الخطاب، ) فسددوني أو قوموني

في ھذا ال یعنیھ األشكال وال األسماء متى تحققت ھذه القواعد ) والنظام اإلسالمي(قا یحفظ التوازن وال ومتى طبقت تطبی، األساسیة التي ال یكون الحكم صالحا بدونھا

وال یمكن أن یحفظ ھذا التوازن بغیر الوجدان ، یجعل بعضھا یطغى على بعض الحي والشعور الحقیقي بقدسیة ھذه التعالیم ، وإن في المحافظة علیھا وصیانتھا الفوز في الدنیا والنجاة في اآلخرة ، وھو ما یعبرون عنھ فاالصطالح الحدیث

أو نحو ھذه األلفاظ ، ) التربیة الوطنیة(ضج السیاسي أو أو الن) بالوعي القومي(ومردھا جمیعا إلى حقیقة واحدة ھي اعتقاد صالحیة النظام ، والشعور بفائدة

إذ أن النصوص وحداھا ال تنھض بأمة كاملة كما ال ینفع القانون … المحافظة علیھ .إذا لم یطبقھ قاض عادل نزیھ

قلنا من أوربا ھذا النظام النیابي الذي تعیش في ظلھ ونحن في حیاتنا العصریة قد نووضعنا دستورنا على أساسھ ، وتغییر ھذا الدستور مرة باسمھ ، حكوماتنا اآلن

كذلك ، وجربنا الكثیر من آثاره ، فإلى أي مدى ینطبق ھذا النظام على اإلسالم ؟ وإلى أي مدى كانت فائدتنا منھ طوال ھذه المدة ؟

.لھ إن شاء اهللا ذلك ما سنعرض

مسؤولیة الحاكم

أفحكم الجاھلیة یبغون ومن أحسن من اهللا حكما لقوم یوقنون

:قدمت في الكلمة السابقة أن الدعائم التي یقوم علیھا نظام الحكم اإلسالمي ثالث

.مسؤولیة الحاكم ) أ (

.ووحدة األمة ) ب(

.رادتھا واحترام إ) جـ(

ولقد تحقق ھذا النظام بأكمل صورة في عھد الخلفاء الراشدین بعد رسول اهللا صلى فكانوا یشعرون أتم الشعور بالتبعات الملقاة على . اهللا علیھ وسلم اهللا علیھ وسلم

ویظھر ذلك في كل أقوالھم وتصرفاتھم . كواھلھم كحكام مسؤولین عن رعایاھم بن الخطاب رضى اهللا عنھ حیت ولي الخالفة ، وعمر وحسبك أن تقرأ ما قالھ عمر

أیھا الناس : (وجاءت سیرتاھما مطابقتین لقولھما ، بن عبد العزیز حین ولیھا كذلك قد ولیت علیكم ، ولوال رجاء أن أكون خیركم لكم ، وأقواكم علیكم ، وأشدكم

ھما محزنا اضطالعا بما ینوب من مھم أموركم ، ما تولیت ذلك منكم ، وكفي عمر مانتظار موافقة الحساب ، یأخذ حقوقكم كیف أخذھا ووضعھا أین أضعھا ، وبالسیر

، فإن عمر أصبح ال یثق بقوة و ال حیلة إن لم ) منكم كیف أسیر فربى المستعانلو أن جمال ھلك : (یتداركھ اهللا عز وجل برحمتھ وعونھ وتأییده ، وكان یقول

) .یسأل اهللا عنھ آل الخطابضیاعا بشط الفرات لخشیت أن

أما بعد ، فإنھ لیس بعد نبیكم صلى اهللا علیھ : (وقال عمر بن عبد العزیز في خطبتھ أال ما أحل اهللا عز وجل إلى یوم ، وال بعد الكتاب الذي أنزل علیھ كتاب ،وسلم نبي

أال إني القیامة ، وما حرم اهللا حرام إلى یوم القیامة ، أال لست یقاض ولكنني منفذ ، وقدمت إلیھ ) . لست بخیركم ولكنى رجل منكم غیر أن اهللا جعلني أثقلكم حمال

مراكب الخالفة بعد دفن سلیمان بن عبد الملك فأمر بتأخیرھا ، وركب بغلتھ وعاد : فقال یا أمیر المؤمنین لعلك مھتم؟: إلى منزلھ ، فدخل علیھ مواله مزاحم فقال

ي اھتممت ، إن لیس من أمة محمد في مشرق وال بمثل ھذا األمر الذي نزل ب() مغرب أحد إال لھ قبلي حق یحق علي أداؤه إلیھ ، غیر كاتب إلي فیھ وال طالبھ مني

.

وكانت األمة مجتمعة الكلمة باستمساكھا بأھداب الدین ، واعتقادھا فضل ما جاء بھ ده في الوحدة حتى من أحكام ، ورعایتھا ألمر رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وتشدی

من أتاكم وأمركم جمیع : (أمر بقتل من فارق الجماعة أو خرج على الطاعة ، فقال من خرج على : (، كما قال ) یرید أن یشق عصاكم فاضربوه بالسیف كائنا من كان

الطاعة وخالف الجماعة فمات ، مات میتة جاھلیة ، ومن قاتل تحت رایة عمیة

ومن . صبة ، أو ینصر عصبة ، فقتل ، فقتلة جاھلیة یغضب لعصبة أو یدعو إلى عخرج على أمتي یضرب برھا وفاجرھا وال یتحاشى من مؤمنھا ، وال یفي ذا عھد

) .عھده ، فلیس منى ولست منھ

كما كانت إرادتھا محترمة مقدرة ، فما كان أبو بكر یمضى في الناس أمرا إال بعد أن وكذلك كان عمر بن الخطاب ، فقد جعل یستشیرھم وخصوصا فیما ال نص فیھ ،

الخالفة من بعده شورى في الستة اللذین توفي رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وھو .عنھم راض

وقلت في الكلمة السابقة أیضا إننا نقلنا ھذا النظام النیابي ، الذي تعیش حكومتنا في لذي أفدناه منھ منذ طبق ظلھ ، عن أوربا ، فإلى أي مدى ینطبق على اإلسالم ؟ وما ا

وھي مدة تبلغ ربع قرن من الزمان تقریبا ؟، في عھده األخیر في بالدنا إال اآلن

موقف اإلسالم من النظام النیابي والدستور المصري

یقول علماء الفقھ الدستوري إن النظام النیابي یقوم على مسؤولیة الحاكم ، وسلطة مانع فیھ یمنھ وحده األمة واجتماع كلمتھا ، ولیست األمة ، واحترام إرادتھا ، وإنھ ال

وإن كان بعضھم یقول إن من دعائم النظام النیابي ، الفرقة والخالف شرطا فیھ ألنھ ، ولكن ھذا إذا كان عرفا فلیس أصال في قیم ھذا النظام ، الحزبیة : البرلماني

.ة یمكن تطبیقھ بدون ھذه الحزبیة وبدون إخالل بقواعده األصلی

وعلى ھذا فلیس في قواعد ھذا النظام النیابي ما یتنافى مع القواعد التي وضعھا اإلسالم لنظام الحكم ، وھو بھذا االعتبار لیس بعیدا عن النظام اإلسالمي وال غریبا

وبھذا االعتبار یمكن أیضا أن نقول في اطمئنان إن القواعد األساسیة التي قام ، عنھ ري ال تتنافى مع قواعد اإلسالم ، ولیست بعیدة من النظام علیھا الدستور المص

بل إن واضعي الدستور المصري رغم أنھم وضعوه ، اإلسالمي وال غریبة عنھ على أحدث المبادئ واآلراء الدستوریة وأرقاھا ، فقد توخوا فیھ أال یصطدم أي نص

ص الذي یقول من نصوصھ بالقواعد اإلسالمیة ، فھي إما متمشیة معھا صراحة كالنأو قابلة للتفسیر الذي یجعلھا ال تتنافى معھا كالنص الذي ) دین الدولة اإلسالم: (

).حریة االعتقاد مكفولة: (یقول

وأحب أن أنبھ ھنا إلى الفرق بین الدستور وبین القوانین التي تسیر علیھا المحاكم إذ سالم ، وذلك بحث أخر أن كثیرا من ھذه القوانین یتنافى صراحة مع ما جاء بھ اإل

.سنعرض لھ في موضعھ إن شاء اهللا

ومع أن النظام النیابي والدستور المصري في قواعدھما األساسیة ال یتنافیان مع ما وضعھ اإلسالم في نظام الحكم ، فإننا نصرح بأن ھناك قصورا في عبارات الدستور

ة التي جاء بھا اإلسالم ، وسوءا في التطبیق ، وتقصیرا في حمایة القواعد األساسی

وقام علیھا الدستور ، أدت جمیعا إلى ما نشكو منھ ، ما وقعنا فیھ من اضطراب في .كل ھذه الحیاة النیابیة

.وستناول ھذا اإلیجاز بشيء من البیان

الــوزارة

فأما عن مسؤولیة الحاكم فإن األصل فیھا في النظام اإلسالمي أن المسؤول فیھا ھو لة كائنا من كان ، لھ أن یتصرف ، وعلیھ أن یقدم حساب تصرفھ لألمة ، رئیس الدو

فإن أحسن أعانتھ ، وإن أساء قومتھ ، وال مانع في اإلسالم في أن یفوض رئیس الدولة غیره في مباشرة ھذه السلطة وتحمل ھذه المسؤولیة ، كما عرف ذلك في

ص الفقھاء المسلمون في في كثیر من العھود اإلسالمیة ، ورخ) وزارات التفویض(ذلك وأجازوه ما دام فیھ مصلحة ، والقاعدة في مثل ھذه األمور رعایة المصلحة

والوزارة على ضربین ، : (العامة ، قال الماوردي في كتاب األحكام السلطانیة وزارة تفویض ، ووزارة تنفیذ ، فأما وزارة التفویض فھو أن یستوزر اإلمام من

مور برأیھ ، وإمضاءھا على مقتضى اجتھاده ، ولیس یمتنع یفوض إلیھ تدبیر األواجعل لي ( :جواز ھذه الوزارة ، قال تعالى حكایة عن نبیھ علیھ الصالة والسالم

-٢٩:طـھ) (وأشركھ في أمري، اشدد بھ أزري ، ھارون أخي ، وزیرا من أھلي ألن ما وكل إلى اإلمام من . لنبوة كان في اإلمامة أجوز فإذا جاز ذلك في ا . )٣٢

تدبیر األمة ال یقدر على مباشرة جمیعھا إال باستنابة ، ونیابة الوزیر المشارك لھ في التدبیر أصح في تنفیذ األمور في تفرده بھا لیستظھر بھا على نفسھ ، وبھا یكون أبعد

) .من الزلل وأمنع من الخلل

مسؤولیة في النظام النیابي ، أن المسؤول ھو الوزارة مسؤولیة واألصل في ھذه العلى رئیس الدولة ، وقد جرى على ھذا الدستور المصري والدستور اإلنجلیزي ،

فصرح كل منھما بمسؤولیة الوزارة ، وإخالء رئیس الدولة من كل مسؤولیة .واعتباره ال یخطئ ، واعتبار ذاتھ مصونة ال تمس

في النظام النیابي من تحمل رئیس الدولة المسؤولیة واعتبار الوزارة على أنھ ال مانعوالغریب أن تشیر كتب . تابعة لھ في ذلك ، كما یقرر ذلك دستور الوالیات المتحدة

فیقول ) وزارة التنفیذ(الفقھ اإلسالمي إلى ھذا الوضع أیضا ، وتسمى ھذه الوزارة وأما وزارة التنفیذ فحكمھا أضعف : (أیضا ) األحكام السلطانیة(الماوردي في كتابھ

، وشروطھا أقل ، ألن النظر مقصور فیھا على رأى اإلمام وتدبیره ، وھذا الوزیر وسط بینھ وبین الرعایا والوالة ، یؤدى عنھ ما أمر ، وینفذ ما ذكر ویمضي ما حكم

مان وال شك أن ھذا من سعة مادة الفقھ اإلسالمي ومرونتھ وصالحیتھ لكل ز) … .ومكان

غموض الدستور المصري

فماذا فعلنا نحن ، ) مسؤولیة الحاكم(ھذه ھي قواعد النظام اإلسالمي والنیابي معا في وجاء دستورنا في ھذا المعنى . في مصر؟ وقفنا في منتصف الطریق نصا وتطبیقا

ة غامضا مقتضبا غیر واضح وال مفصل ، مع أنھا أھم نقطة في تحدید لون الحیاوشرحا لذلك سأسوق ما كتبھ األستاذان الدكتور .. النیابیة واإلسالمیة التي نحیاھا

واألستاذ مریت غالي في مذكرتھما ، إبراھیم مدكور عضو مجلس الشیوخ المصري :قاال تحت عنوان الدستور وغموضھ ) نظام جدید(

باراتھ ، قد فأما العامل األول فملخصھ أن دستورنا على الرغم من دقتھ وضبط ع{ وقع في نفس الغموض الذي وقعت فیھ دساتیر أسبق منھ ، وترك أھم نقطة في الحكم

النیابي دون أن یحددھا التحدید الكافي ، ونعني بھا سلطة الوزراء وصلتھم بالشعب ممثلة في نوابھ من جھة ، وإشراقھم على ما یؤدى إلیھ من خدمات من طریق

كما أجمل إجماال مخال في بیان موقفھم من . ى المصالح واإلدارات من جھة أخررئیس الدولة و ملیك البالد ، واكتفى بأن یصوغ ھنا في عبارات تصلح لكل ما یراد

وواضح أن الوزارة ھي العمود الفقري لھیكل النظام النیابي الجدید وحلقة ، منھا د بھ احترام سلطة االتصال بین التشریع والتنفیذ ومبعث الحیاة والحركة في نظام یرا

وإذا ما رجعنا إلى . الشعب مع تصریف شؤون الدولة تصریفا محكما سریعا الدستور وجدنا أن ما جاء بھ متصال بھذه النقطة الحساسة ال یكاد یتجاوز ثالثة

أن السلطة التنفیذیة یتوالھا : (٢٩فیقرر في المادة ، أسطر كلھا غموض وعموم الملك یتولى سلطتھ بواسطة : (٤٨وفي المادة ، ) ورالملك في حدود ھذا الدست

: ٥٧وفي المادة ، ) الملك یعین وزراءه ویقیلھم : (٤٩وفي المادة ، ) رائھوزالوزراء : (٦١وفي المادة ، ) مجلس وزرائھ ھو المھیمن على مصالح الدولة(

م وكل منھ، مسؤولون متضامنون لدى مجلس النواب عن السیاسة العامة للدولة – شفھیة أو كتابیة –أوامر الملك : (٦٣وفي المادة ، ) مسؤول عن أعمال وزارتھ

}) ال تخلي الوزراء من المسؤولیة على أیة حال

وال نظن أن فیھا ما یكفي ، تلك تقریبا جملة النصوص المتصلة بھذا الموضوع .مطلقا لحل أي مشكل من المشاكل التي أشرنا إلیھا

والمھم .. في الشرح والتمثیل بما یفصل ما تقدم من ھذه المعاني وقد أفاضا بعد ذلك وھي القاعدة األولى ، أن ھذه النقطة وھي لب األمر تحتاج على إیضاح واستقرار

و بغیر ذلك ال یمكن أن تستقیم ، أو النیابي على السواء ) النظام اإلسالمي(من قواعد .األمور أو تسلم

وحـدة األمـــة

ینھم بما أنزل اهللا وال تتبع أھواءھم عما جاءك من الحق فاحكم ب لكل جعلنا منكم شرعة ومنھاجا ولو شاء اهللا لجعلكم أمة واحدة

تبرھا ویع، وأما عن وحدة األمة فقد أبنت أن اإلسالم الحنیف یفترضھا افتراضا إذ أنھ یعتبر الوحدة ، جزءا أساسیا في حیاة المجتمع اإلسالمي ال یتساھل فیھ بحال

كما یعتبر الخالف والفرقة قرین الكفر كما ، )إنما المؤمنون أخوة(قرین اإلیمان الكتاب یردوكم بعد یا أیھا الذین آمنوا إن تطیعوا فریقا من الذین أوتوا ( :فال تعالى

eأي بعد وحدتكم متفرقین كما قال رسول اهللا . )١٠٠:آل عمران) (إیمانكم كافرینفعبر بكلمة الكفر على ) ال ترجعوا بعدى كفارا یضرب بعضكم وجوه بعض: (

.الفرقة والخالف وأن یضرب بعضھم وجوه بعض

وبخاصة ، ال یأبى ھذه الوحدة -یا وغیر برلماني برلمان–وأعتقد أن الحكم النیابي كما ھو شأن ، إن كان لون الحیاة االجتماعیة واحدا في أصولھ واتجاھاتھ العامة

وإنما الزمت الحزبیة والفرقة والخالف ھذا ، األمة اإلسالمیة جمیعا في ھذه األیام وكانت الخالفات ، ألنھا نشأت على أنقاضھا ، النظام النیابي في أوربا وغیرھا

المتكررة الدامیة بین الشعوب وحكامھا ھي السبب في نشأتھ فعال مع تباین المشارب وعصمھا بوحدة ، أما األمم اإلسالمیة فقد حماھا اهللا من ذلك كلھ ... واختالف اآلراء

.اإلسالم وسماحتھ من ھذا التبلبل واالضطراب

، ھ لم یقم على ھذه الحزبیة المسرفة ومع ھذا فإن الحكم النیابي في أعرق مواطنوتكاد تكون حزبیتھما ، فلیس في إنجلترا إال حزبان ھما اللذان یتداوالن فیھا األمر

فال تجد لھذه الحزبیة أثرا ، وتجمعھما دائما المسائل القومیة المھمة ، داخلیة بحتة ئا إال في مواسم كما أن أمریكا لیس فیھا إال حزبان كذلك ال نسمع عنھما شی، البتة

والبالد التي تطورت في ، أما فیما عدا ھذا فال حزبیة وال أحزاب ، االنتخابات الحزبیة وأسرفت في تكوین األحزاب ذاقت وبال أمرھا في الحرب والسلم على

.وفرنسا أوضح مثال لذلك، السواء

إلسالمي وال وكانت وحدة األمة أساسا في النظام االجتماعي ا، وإذا كان األمر كذلك یأباه النظام النیابي فإن من الواجب أن نتحول سریعا إلى الوحدة بعد أن أھلكت

.الحزبیة في مصر الحرث والنسل

األحزاب المصریةوھي ، لقد انعقد اإلجماع على أن األحزاب المصریة ھي سیئة ھذا الوطن الكبرى

لیست أحزابا حقیقیة وأنھا ، أساس الفساد االجتماعي الذي نصطلي بناره اآلن فھي لیست أكثر من ، بالمعنى الذي تعرف بھ األحزاب في أي بلد من بالد الدنیا

اقتضت ، سلسلة انشقاقات أحدثتھا خالفات شخصیة بین نفر من أبناء ھذه األمة كما انعقد ، الظروف في یوم ما أن یتحدثوا باسمھا وأن یطالبوا بحقوقھا القومیة

وال خالف بینھا في شيء ، ه األحزاب ال برامج لھا وال مناھج اإلجماع على أن ھذوآیة ذلك واضحة فیما تعلن من بیانات خارج الحكم وفیما ، أبدا إال في الشخصیات

وبما أن األحزاب ھي التي تقدم الشیوخ و ، تطلع بھ من خطب العرش داخل الحكم فإن من البدیھي أال یستقیم أمر وھي التي تسیر دفة الحكم في الحیاة النیابیة، النواب

.الحكم وھذا حال من یسیرون دفتھ أعلنھ شیوخ ونواب وفقھاء ودستوریون ، وھذا الكالم الذي انعقد إجماع األمة علیھ

أو ، ) مبادئ وطنیة(ومن قرأ ما كتبھ علوبة باشا في كتابھ ، في صراحة ووضوح ، أو غیرھما من الكتاب ) مصرعیوب الحكم في (األستاذ حسن الجداوي في كتابھ

وحسبنا ھنا أن ننقل فقرة من كتاب الفقیھ الدستوري األستاذ ، رأى صدق ما نقول والواقع أنھ لم : (عن األحزاب المصریة قال ) مبادئ القانون الدستوري(سید صبري

بل أصبح كل ، یعد ألغلب األحزاب السیاسیة في مصر برنامج یدافع عنھ أنصاره فإن ، ولھذه النتیجة أھمیتھا ، عن وزیر سابق لھ أنصار ومریدون حزب عبارة

بل ، فقد أصبحت واحدة للجمیع ، االنتخاب لن یقوم على المفاضلة بین البرامج وستكون االنتخابات شخصیة ال ، سیقوم على الثقة باألشخاص أو المفاضلة بینھم

ن بقاء األحزاب على ھذا وبدیھي أ، حزبیة بالمعنى المفھوم لدى الشعوب الغربیة المنوال یقسم البالد شیعا وأحزابا ویثیر الشقاق والمنازعات بین األفراد واألسر بال

، وإذا أضیف إلى ھذا أن مصر بلدا محتال إلى اآلن ).سبب مفھوم وال أساس معقولوأنھ إذا استسیغ ، وأن الذي یستفید من ھذه الفرقة ھم المحتلون الغاصبون فقط

فإن أمة وادي النیل ھي ، في أمة من األمم – وھو غیر مستساغ بحال –الخالف أحوج ما تكون إلى أكمل معاني الوحدة لتتجمع قواھا في نضال االستقالل وفي عمل

.إذا أضیف ھذا كلھ كان األمر أخطر من أن یھمل أو یستھان بھ ، اإلصالح الداخلي حل األحزاب المصریة

كذلك فال أدري ما الذي یفرض على ھذا الشعب الطیب وال أدري إذا كان األمر المجاھد المناضل الكریم ھذه الشیع والطوائف من الناس التي تسمي نفسھا األحزاب

السیاسیة؟

ولقد حاول المصلحون أن یصلوا إلى وحدة ولو مؤقتة لمواجھة ، إن األمر خطیر ولم یعد األمر یحتمل ، وا فیئسوا وأخفق، ھذه الظروف العصیبة التي تجتازھا البالد

وال مناص بعد اآلن من أن تحل ھذه األحزاب جمیعا وتجمع قوى ، أنصاف الحلول ویضع أصول اإلصالح ، األمة في حزب واحد یعمل الستكمال استقاللھا وحریتھ

ثم ترسم الحوادث بعد ذلك للناس طرائق في التنظیم في ظل الوحدة ، الداخلي العام .سالمالتي یفرضھا اإل

احترام رأى األمة

إنما كان قول المؤمنین إذا دعوا إلى اهللا ورسولھ لیحكم بینھم أن یقولوا سمعنا وأطعنا

نظام االنتخابات

ووجوب تمثیلھا واشتراكھا في الحكم اشتراكا صحیحا ، وأما عن احترام رأى األمة سالم لم یشترط استبانة رأى أفرادھا جمیعا في كل نازلة ، وھو المعبر عنھ ، فإن اإل

بأھل (، في االصطالح الحدیث باالستفتاء العام ، ولكنھ اكتفى في األحوال العادیة ولم یعینھم بأسمائھم ، وال بأشخاصھم ، والظاھر من أقوال الفقھاء ) الحل والعقد

:لى ثالث فئات ھم ووصفھم إیاھم أن ھذا الوصف ینطبق ع

.الفقھاء المجتھدون الذین یعتمد على أقوالھم في الفتیا واستنباط األحكام - ١

.وأھل الخبرة في الشؤون العامة - ٢

ومن لھم نوع قیادة أو رئاسة في الناس كزعماء البیوت واألسر وشیوخ القبائل -٣ .ورؤوساء المجموعات

" .أھل الحل والعقد"فھؤالء جمیعا یصح أن تشملھم عبارة

ولقد رتب النظام النیابي الحدیث طریق الوصول إلى أھل الحل والعقد بما وضع الفقھاء الدستوریون من نظام االنتخابات وطرائقھ المختلفة ، واإلسالم ال یأبى ھذا التنظیم ما دام یؤدى إلى اختیار أھل الحل والعقد ، وذلك میسور إذا لوحظ في أي

تحدید االنتخاب صفات أھل الحل والعقد ، وعدم السماح لغیرھم بالتقدم نظام من نظم .للنیابة عن األمة

عیوب نظم االنتخابات في مصر

، ١٩٢٣ونحن في مصر قد أخذنا بنظام االنتخاب المباشر تارة في قانون سنة وكالھما في الواقع لم یحقق ، ١٩٣٠وبنظام االنتخاب على درجتین في قانون سنة

وظھر لھ حین التطبیق عیوب یجب أن نعمل على إصالحھا ، رض المقصود منھ الغولكن الرضا بھ واالستمرار علیھ ، ولیس الخطأ عیبا في ذاتھ ، بتعدیل شامل

.والدفاع عنھ ھو الخطأ كل الخطأ

ولقد شعر الجمیع بقصور قانون االنتخابات الحالي عن الوفاء بالغرض الذي وضع ول إلى اختیار الصالحین للنیابة عن األمة ، ووجھت إلیھ من أجلھ وھو الوص

انتقادات مرة كشفت عن كثیر من العیوب وأھمھا ما ذكره الدكتور سید صبري في أنھ أوجد ھیئة ناخبة ال یمكنھا تحقیق الغرض {) : مبادئ القانون الدستوري(كتابھ

ل األمة تمثیال صحیحا من االنتخابات على الوجھ المطلوب ، وأنھ لم یحقق فكرة تمثیوقد أورد ) ...، وأنھ لم یصل إلى إیجاد ھیئة تعمل للصالح العام مجردة من كل قید

بعد ذلك إحصائیة دقیقة خلص منھا باألرقام إلى أن قرارات البرلمان المصري في أدواره المختلفة ال تعبر عن رأى األمة وال عن رأى أكثریتھا ، وال عن رأى أقلیة

وإنما تعبر عن رأى نسبة ضئیلة من مجموع من لھ حق ، عن أبنائھا محترمة :وبیان ذلك % ١٢لم تصل یوما إلى ، االنتخاب

مع أنھا صحیحة ونافذة بحكم القانون – ال تمثل قراراتھ ١٩٣٦أن مجلس نواب سنة .من ھیئة الناخبین % ١٠٫٧٥ إال –

% .٩٫٢٥ نسبة التمثیل فیھ ١٩٢٩ومجلس سنة

% .١٠٫٧٥ النسبة فیھ ١٩٣٦سنة ومجلس

% .١١٫٧٥ النسبة فیھ ١٩٣٨ومجلس سنة

% .٩٫٧٥ النسبة فیھ ١٩٤٢ومجلس سنة

!فكیف یقال بعد ھذا إن ذلك تعبیر عن رأي األمة وتمثیل لھا تمثیال صحیحا؟

تعدیل وإصالح

:ال بد من تعدیل وإصالح لقانون االنتخاب ، ومن وجوه ھذا اإلصالح الضرورة

وضع صفات خاصة للمرشحین أنفسھم ، فإذا كانوا ممثلین لھیئات فال بد أن - ١یكون لھذه الھیئات برامج واضحة وأغراض مفصلة یتقدم على أساسھا ھذا المرشح

، وإذا لم یكونوا ممثلین لھیئات فال بد أن یكون لھم من الصفات والمناھج االصالحیة ھذا المعنى مرتبط إلى حد كبیر بإصالح ما یؤھلھم للتقدم للنیابة عن األمة ، و

.األحزاب في مصر ، وما یجب أن یكون علیھ أمر الھیئات السیاسیة فیھا

وضع حدود للدعایة االنتخابیة ، وفرض عقوبات على من یخالف ھذه الحدود ، - ٢بحیث ال تتناول األسر وال البیوت وال المعاني الشخصیة البحتة التي ال دخل لھا في

.ة المرشح وإنما تدور حول المناھج والخطط اإلصالحیة أھلی

إصالح جداول االنتخابات ، وتعمیم نظام تحقیق الشخصیة ، فقد أصبح أمر - ٣جداول االنتخابات أمرا عجبا بعد أن لعبت بھا األھواء الحزبیة واألغراض الحكومیة

.طول ھذه الفترات المتعاقبة ، وفرض التصویت إجباریا

.وضع عقوبة قاسیة للتزویر من أي نوع كان ، وللرشوة االنتخابیة كذلك - ٤

وإذا عدل إلى االنتخابات بالقائمة ، ال االنتخاب الفردي كان ذلك أولى وأفضل ، - ٥حتى یتحرر النواب من ضغط ناخبیھم ، وتحل المصالح العامة محل المصالح

.الشخصیة في تقدیر النواب واالتصال بھم

ل حال فأبواب اإلصالح والتعدیل كثیرة ، ھذه نماذج منھا ، وإذا صدق وعلى كالعزم وضح السبیل ، والخطأ كل الخطأ في البقاء على ھذا الحال والرضا بھ ،

.واالنصراف عن محاولة اإلصالح

الواقع الحالي

ما أراك اهللا وال إنا أنزلنا إلیك الكتاب بالحق لتحكم بین الناس ب تكن للخائنین خصیما

عرضت في الكلمات السابقة لدعائم الحكم الصالح الثالث في النظام اإلسالمي أو :وھي ، النیابي على السواء

مسؤولیة الحاكم– ١

ووحدة األمة– ٢

واحترام إرادتھا– ٣

والقصور والفساد في ، ع وأشرت في إیجاز بالغ إلى نواحي الغموض في التشری، في أسلوب الحكم الذي جربناه منذ صدور الدستور المصري إلى اآلن ، التطبیق

ما نحن علیھ اآلن من حیرة قلق ... وقد كانت نتیجة ھذا الغموض والقصور والفساد .وما وصلنا إلیھ من فرقة وتمزق وشتات ، و ارتباك

ضعف الحكومات

ات المتعاقبة قد ضعفت عن أداء واجبھا ، وفقد معظم ال یجادل أحد في أن الحكومبسبب ھذا التجریح بالحق وبالباطل الذي تملیھ الروح ، ھیبتھا في النفوس كحكومة

الحزبیة البحتة ، وبسبب ھذا العجز الناتج عن عدم تحدید المسؤولیة واالضطالع بھا لطاعة واالستسالم كاملة غیر منقوصة ، ولوال أن النفوس في مصر مطبوعة بطابع ا

لتعطل كل شئ ، ولعجز .. ، واألعمال تسیر بطریق روتیني ال تجدید فیھ وال ابتكار الدوالب اإلداري المضطرب عن أن ینھض بحاجات الشعب أو أن یؤدى للناس

.عمال

ھیبة القانون

وال شك أن سلطان القانون قد تزعزع وفقد معظم احترامھ كذلك ، بسبب ھذه والمحسوبیات والحیل المتكررة ، واالعتداء أحیانا بنسخ القانون لغرض االستثناءات

ولكن الدوافع تكون معروفة ، ولو أن ھذا النسخ بقانون في ظاھر األمر .. شخصي دائما وال تخفي على أحد ، فیعمل ذلك عملھ في النفوس وینال من ھیبة القانون

.واحترام النظام

حزبیة عمیاء

الخصومة والحقد قد اضطرب في نفوس الحاكمین والمحكومین على وال شك أن نار التي لم نفھمھا نحن في مصر في یوم من ، السواء ، بفعل ھذه الحزبیة الخاطئة

بل فھمناھا عداوة وبغضاء ، األیام على أنھا خالف في الرأي ال یفسد للود قضیة وإلى ، ن عامة وخاصة تتعدى النظر في المصالح العامة إلى المقاطعة في كل الشؤو

والباطل في جانب أنصارنا ، أن نرى الحق في جانب خصومنا الحزبیین باطال ویستفحل ھذا ، ونصدر من ھذا الشعور في كل تصرفاتنا وصالتنا ، الحزبیین حقا

فال نستطیع أن نوحد صفوفنا في أي ، الداء ویستشري حتى في أحرج المواقف .ھ إصالح أمرنا ومستقبل بالدنا موقف قومي مھما یكن یتوقف علی

قد ، والفھم الخاطئ للحزبیة الذي تحول إلى عداوة متأصلة ، وھذا الشعور البغیض أن انصرفت معظم الجھود الفكریة والعملیة إلى أمرین استغرقا كل : كان من نتائجھ صرف فالحاكم ی، اإلیقاع بالخصوم الحزبیین واتقاء مكائدھم : وھما ، اھتمام رجالنا

وفي ، والمعارضة ال تقل عن الحاكم اھتماما بھا ، جل ھمھ في ھاتین الناحیتین ، ویرثى األصدقاء ویشمت األعداء ، سبیل ذلك تضیع الحقوق وتتعطل المصالح

.ویستفید الخصم الجاثم على صدر البالد

قد ھذه الحال قد أنتجت التحطم في المعنویات ، والفساد واالضطراب في المادیات و.. بلغ األمر منتھاه ولم یعد قوس الصبر منزع ، والبد من تغییر حازم حاسم سریع

فأما أن یفقھ أولو األمر ھذه الحقیقة ویقدروھا ، فیبادروا في سرعة إلى إجراء التغییر الصالح برأیھم وعلى أیدیھم ، وفي ذلك السالمة واالستقرار ، ومازال في

یظلوا في ھذا االنصراف فتسبقھم الحوادث ، ویفلت الوقت متسع لإلصالح ، وإما أن .من یدھم الزمام ، وال یدري عاقبة ذلك إال اهللا

..یا أولى األمر في ھذا البلد

..ویا دولة رئیس الحكومة

...ویا رجال األزھر

...ویا زعماء األحزاب والھیئات والجماعات

:ویا ذوى الغیرة على ھذا الوطن األسیف

وهللا عاقبة األمور .. وأمامكم سفینة النجاة بنظام اإلسالم .. ألمر قبل الفوات تداركوا ا.

.اللھم فاشھد ... أال قد بلغت

حسـن البنــا

النظام اإلقتصادي تمـھـید

عدة كلمات سالفة ) مشكالتنا الداخلیة في ضوء النظام اإلسالمي(كتبت تحت عنوان :د على قواعد ثالث بینت فیھا أن نظام الحكم اإلسالمي یعتم

أ ـ مسؤولیة الحاكم

ب ـ احترام إرادة األمة

ج ـ والمحافظة على وحدتھا

وإن من حسن الحظ أن ھذه ھي أیضا دعائم النظام النیابي الحدیث الذي اخترناه وبذلك ، كما بینت أننا لم نطبق ھذا النظام وال ذاك تطبیقا صحیحا ، ألنفسنا

أال وإن في : (فإن ھذا المر اصل وما عداه تابع لھ ، اضطربت األمور تبعا لذلك أال وھي ، وإذا فسدت فسد الجسد كلھ ، الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلھ

فإذا فسدت أوضاعھا ، الحكومة وال شك قلب اإلصالح االجتماعي كلھ ، ) القلبروا وقد أھبت بالقائمین أن یباد... فسد األمر كلھ وإذا صلحت صلح المر كلھ

وأن یعودوا إلى اإلسالم الحنیف جماع الخیر لیھتدوا بھدیھ ویسیروا ، باإلصالح .وبغیر ذلك ال یمكن أن نظفر باإلصالح الحقیقي ، على ضوئھ

بمثل ھذا البیان ، رجاء أن تجد ھذه الكلمات ) وضعنا االقتصادي(وھنا أتناول ر وتعمل على تالفیھ ، من قبل المخلصة آذانا مصغیة ، وقلوبا واعیة ، تستشعر الخط

وال یحرك النفوس ...أن یستشري الداء ، ویعز الدواء ، ویتسع الخرق على الراقع ویثیر الخواطر ، ویؤلم المشاعر شئ كالضائقة المالیة ، تأخذ بخناق الجماھیر

وال أزمة .. فتحول بینھم وبن الحصول على ضروریات الحیاة فضال عن كمالیتھا وال حاجة .. مة الرغیف ، وال عضة أقوى من عضة الجوع والمسغبة أعنف من أز

دخلت الجاریة على محمد بن . أشد من حاجة القوت ، وطالب القوت ما تعدى قاتلك اهللا : فقال . یا سیدي فني الدقیق : الحسن الشیباني صاحب أبي حنیفة ، فقالت

.أذھبت من رأسي أربعین مسألة!

واقعنا االقتصـادي

: اك حقائق ال یستطیع أحد أن ینكرھا أو یتجاھلھا منھا وھن

غنى الطبیعة

إن ھذا البلد لیس فقیرا ، بل لعلھ أغنى بالد اهللا تبارك وتعالى بخیراتھ الطبیعیة ، وثرواتھ المختلفة من زراعیة ومائیة وحیوانیة ومعدنیة ، ونیلھ العجیب ، ووادیھ

: وتعالى على مصر وأھل مصر منذ القدم الخصیب ، وما شئت من فضل اهللا تبارك ) . ٦١:البقرة) (اھبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم(

فساد اقتصادي

، وتساھل من حكامھ ، ومنھا أن األجانب الذین احتلوا ھذا الوطن بغفلة من أھلھ ى أفضل وأنھم قد وضعوا أیدیھم عل، أسعد حاال من أھلھ وبنیھ ، وظلم من غاصبیھ ، والمنافع العامة ، فالصناعة والتجارة ، شركات أو أفرادا ، منابع الثروات فیھ

أو األجانب الذین اتخذوا من ،كلھا بید ھؤالء األجانب حقیقة ، والمرافق الرئیسیة الجنسیة المصریة شعارا ومازالوا یحنون بعد إلى أوطانھم ویؤثرونھا بأكبر أرباحھم

والحاكم ، والعامل المصري ، ینظر إلى المواطن المصري وإن كثیرا مازال ..، .المصري نظرة ال تقدیر فیھا وال إنصاف

ثراء فاحش وفقر مدقع

ومنھا أن التفاوت عظیم ، والبون شاسع ، والفرق كبیر ، بین الطبقات المختلفة في ھذا الشعب ، فثراء فاحش وفقر مدقع ، والطبقة المتوسطة تكاد تكون معدومة ،

الذي نسمیھ نحن الطبقة المتوسطة لیس إال من الفقراء المعوزین وإن كنا نسمیھم وورحم اهللا فقھاءنا الذین . بعض الشر أھون من بعض : متوسطین ، على قاعدة

حبروا البحوث الطویلة في الفرق بین الفقراء والمساكین وإن كالھما من المحتاجین . البائسین

تخبط اقتصادي

األھم ، أننا في وسط ھذا المعترك الحاد الصاخب العنیف بین المبادئ ومنھا وھو االقتصادیة، من رأسمالیة أو اشتراكیة أو شیوعیة ، لم نحدد لونا نصبغ بھ حیاتنا

في وقت تحتم فیھ التحدید ، وتعقدت فیھ األمور ، بحیث لم تعد تنفع ، االقتصادیة وضوح الكامل ، وتحدید األھداف تحدیدا فیھا أنصاف الحلول ، ولم یعد یجدي إال ال

.دقیقا ، والسیر إلیھا في قوة وعزیمة

وھذه األوضاع ، وإن امتزجت بھا المعاني السیاسیة ، إال أنھا في أغلب صورھا ودوافعھا ونتائجھا تعالیم وأوضاع اقتصادیة ، ولھذا ال بد لنا من أن نختار لونا من

تطعنا ، لنعیش في حدود وضع معلوم لھ خصائصھ ھذه األلوان أو من غیرھا إن اسوممیزاتھ ، یحدد أھدافنا الرئیسیة ، ویرسم لنا طریق العمل للوصول إلى ھذه

. األھداف

إلى اإلســالم

وأعتقد أنھ ال خیر لنا في واحد من ھذه النظم جمیعا ، فلكل منھا عیوبھ الفاحشة ، غیر أرضنا ألوضاع غیر أوضاعنا ، كما لھ حسناتھ البادیة ، وھى نظم نبتت في

فضال عن أن بین أیدینا النظام الكامل الذي ... ومجتمعات فیھا غیر ما في مجتمعنا یؤدى إلى اإلصالح الشامل في توجیھات اإلسالم الحنیف ، وما وضع لالقتصاد نا قواعد كلیة أساسیة لو علمناھا وطبقناھا تطبیقا سلیما ، النحلت مشكالتنا ، ولظفربكل ما في ھذه النظم من حسنات ، وتجنبنا كل ما فیھا من سیئات ، وعرفنا كیف یرتفع مستوى المعیشة وتستریح كل الطبقات ، ووجدنا أقرب الطرق إلى الحیاة

. الطیبة

قواعد النظام االقتصادي في اإلسالم

یھا النظم قدمت في الكلمة السابقة أن مصر تتقاذفھا األلوان االقتصادیة وتتضارب فوأن من الخیر كل الخیر ، من رأسمالیة أو اشتراكیة أو شیوعیة ، واآلراء العصریة

أن تبرأ مصر من ھذه األلوان كلھا ، وأن تركز حیاتھا االقتصادیة على قواعد اإلسالم وتوجیھاتھ العلیا ، وتستمد منھ وتعتمد علیھ ، وذلك تسلم من كل ما یصحب

یلصق بھا من عیوب علیھ ، وبذلك تسلم من كل ما ھذه اآلراء من أخطاء ومایصحب ھذه اآلراء من أخطاء ، وما یلصق بھا من عیوب ، وتنحل مشاكلنا

.االقتصادیة من أقصر طریق

:ویتلخص نظام اإلسالم االقتصادي في أھمھا

اعتبار المال الصالح قوام الحیاة ، ووجوب الحرص علیھ ، وحسن تدبیره - ١ .وتثمیره

. إیجاب العمل والكسب على قادر- ٢

الكشف عن منابع الثروات الطبیعیة ، ووجوب االستفادة من كل ما في الوجود - ٣ .من قوى ومواد

. تحریم موارد الكسب الخبیث- ٤

تقریب الشقة بین مختلف الطبقات ، تقریبا یقضى على الثراء الفاحش والفقر - ٥ .المدقع

.والعمل على راحتھ وإسعاده، وتأمین حیاتھ ، واطن الضمان االجتماعي لكل م– ٦

الحث على اإلنفاق في وجوه الخیر ، وافتراض التكافل بین المواطنین ، - ٧ .ووجوب التعاون على البر والتقوى

تقریر حرمة المال ، واحترام الملكیة الخاصة ما لم تتعارض مع المصلحة - ٨ .العامة

.بتشریع عادل رحیم ، والتدقیق في شؤون النقد تنظیم المعامالت المالیة - ٩

. تقریر مسؤولیة الدولة في حمایة ھذا النظام - ١٠

والذي ینظر في تعالیم اإلسالم ، یجد فیھ ھذه القواعد مبینة في القرآن الكریم والسنة . المطھرة وكتب الفقھ اإلسالمي بأوسع بیان

المال الصالح قوام الحیــاة

م المال الصالح ، وأوجب الحرص علیھ وحسن تدبیره وتثمیره ، فقد امتدح اإلسالوأشاد بمنزلة الغنى الشاكر الذي یستخدم مالھ في نفع الناس ومرضاة اهللا ، ولیس في اإلسالم ھذا المعنى الذي یدفع الناس إلى الفقر والفاقة من فھم الزھد على غیر معناه

.

روة إنما یراد بھ ما یدعو إلى الطغیان وما ورد في ذم الدنیا والمال والغنى والثویستعان بھ على اإلثم والمعصیة والجور وكفران نعمة اهللا ، ، والفتنة واإلسراف

وال تؤتوا : (، وفى اآلیة الكریمة ) نعم المال الصالح للرجل الصالح(وفى الحدیث . )٥:النساء) (السفھاء أموالكم التي جعل اهللا لكم قیاما

عن إضاعة eوفى ذلك اإلشارة إلى أن األموال قوام األعمال ، وقد نھى رسول اهللا إن اهللا ینھاكم عن قیل وقال ، وكثرة السؤال ، : (المال في غیر وجھھ ، فقال

: كما أن من مات مدافعا عن مالھ فھو شھید كما جاء في الحدیث ) وإضاعة المال .الحدیث ...) شھید ، ومن مات دون مالھ فھو شھید من مات دون عرضھ فھو (

العمل على كل قادر

وفى اإلسالم الحث على العمل والكسب ، واعتبار الكسب واجبا على كل قادر علیھ والثناء كل الثناء على العمال والمحترفین ، وتحریم السؤال ، وإعالن أن من ،

اء ، وأن أفضل الكسب ما كان من أفضل العبادة العمل ، وأن العمل من سنة األنبیعمل الید ، والزرایة على أھل البطالة ، والذین ھم عالة على المجتمع مھما كان

فإن اإلسالم ال یعرف ھذا الضرب من . سبب تبطلھم ، ولو كان االنقطاع لعبادة اهللا قد والتوكل على اهللا إنما ھو األخذ في األسباب وأیضا بالنتائج ، فمن ف.. التبطل

والرزق المقدور مقرن بالسعي الدائب ، واهللا تبارك وتعالى .. أحدھما فلیس بمتوكل وقل اعملوا فسیرى اهللا عملكم ورسولھ والمؤمنون وستردون إلى عالم ( :یقول

ما : (eویقول الرسول . )١٠٥:التوبة) (نالغیب والشھادة فینبئكم بما كنتم تعملوأكل أحد طعاما قط خیرا من أن یأكل من عمل یده ، وإن نبي اهللا داود علیھ السالم

ال یقعد أحدكم عن طلب الرزق وھو یقول : (ویقول عمر ، ) كان یأكل من عمل یدهوال : (یث وفى الحد، ) اللھم ارزقني ، وقد علم أن السماء ال تمطر ذھبا وال فضة

) . یزال الرجل یسأل الناس حتى یأتي یوم القیامة ولیس في وجھھ مزعة لحم

الكشف عن منابع الثروات

كما أن فیھ لفت النظر إلى في الوجود من منابع الثروة ومصادر الخیر ، والحث على العنایة بھا ووجوب استغاللھا ، وأن كل ما في ھذا الكون العجیب مسخر

ألم تروا أن اهللا سخر لكم ما في السماوات وما في ( ،ید منھ وینتفع بھ لإلنسان لیستفوسخر لكم ما في (، ) ٢٠:لقمان) (األرض وأسبغ علیكم نعمھ ظاھرة وباطنة

ومن قرأ آیات القرآن الكریم ، . )١٣:الجاثـیة) (السماوات وما في األرض جمیعا . علم تفصیل ذلك بأوسع بیان وأوفاه

تحریم الكسب الخبیث

تحریم موارد الكسب الخبیثة ، وتحدید الخبث في الكسب بأنھ ما كان : ومن تعالیمھ : كالربا والقمار والیناصیب ونحوھا ، أو كان بغیر حق : بغیر مقابل من عمل

كثمن الخمر : أو كان عوضا لما یضر . وھا كالنصب والسرقة والغش ونحفكل ھذه موارد للكسب ال یبیحھا اإلسالم ، وال یعترف . والخنزیر والمخدر ونحوھا

. بھا

التقریب بین الطبقات

وقد عمل اإلسالم على التقریب بین الطبقات بتحریم الكنز ومظاھر الترف على الفقراء ، وتقریر حقھم في مال األغنیاء ، والحث على رفع مستوى المعیشة بین

.الدولة ومال األغنیاء ، ووصف الطریق العملي لذلك

وأكثر من الحث على اإلنفاق في وجوه الخیر والترغیب في ذلك ، وذم البخل والریاء والمن واألذى ، وتقریر طریق التعاون والقرض الحسن ابتغاء مرضاة اهللا

عاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم وت ( :تبارك وتعالى ورجاء ما عنده . )٢:المائدة) (والعدوان

حرمة المال واحترام الملكیات

وقرر حرمة المال ، واحترام الملكیة الخاصة ما دامت ال تتعارض مع المصلحة ال ضرر وال (و ) .. دمھ وعرضھ ومالھ: كل المسلم على المسلم حرام : (العامة ) . ضرار

تنظیم المعامالت المالیة

وشرع تنظیم المعامالت المالیة في حدود مصلحة األفراد والمجتمع ، واحترام العقود وااللتزامات ، والدقة في شؤون النقد والتعامل بھ ، حتى أفردت لھ أبواب في الفقھ

من مواضع الحكمة اإلسالمي تحرم التالعب فیھ كالصرف ونحوه ولعل ھنا موضعا .في تحریم استخدام الذھب والفضة باعتبارھما الرصید العالمي للنقد

الضمان االجتماعي

وقرر الضمان االجتماعي لكل مواطن ، وتأمین راحتھ ومعیشتھ كائنا من كان ، مادام مؤدیا لواجبھ ، أو عاجزا عن ھذا األداء بسبب قھري ال یستطیع أن یتغلب

ر عمر على یھودي یتكفف الناس ، فزجره واستفسر عما حملھ على ولقد م. علیھ ما أنصفناك یا : (السؤال ، فلما تحقق من عجزه رجع على نفسھ بالالئمة وقال لھ

).ھذا ، أخذنا منك الجزیة قویا وأھملناك ضعیفا ، افرضوا لھ من بیت المال ما یكفیھ

.یعا وھذا مع إشاعة روح الحب والتعاطف بین الناس جم

مسؤولیة الدولة

، وعن حسن التصرف في المال العام ، وأعلن مسؤولیة الدولة عن حمایة ھذا النظام إن ھذا المال : (ولقد قال عمر ما معناه، ، وتعدل في جبایتھ ، تأخذه بحقھ وترفھ بحقھ

عى في غنمھ ولیصلن الراعي بأقصى األرض قسمھ من ھذا المال وإنھ لیر، وأنتم عباده ، مال اهللا ).ومن غل غل في النار،

من أین لك ھذا ؟.. استغالل النفوذ

، كما حظر اإلسالم استخدام السلطة والنفوذ ، ولعن الراشي والمرتشي والرائش وحرم الھدیة على الحكام واألمراء ، وكان عمر یقاسم عمالھ ما یزید عن ثرواتھم ،

، ولیس ) تجمعون النار وتورثون العارمن أین لك ھذا ؟ إنكم: (ویقول ألحدھم للوالي من مال األمة إال ما یكفیھ ، وقد قال أبو بكر لجماعة المسلمین حین ولي

كنت أحترف لعیالي فأكتسب قوتھم ، وأنا اآلن احترف لكم ، فافرضوا لي : (علیھم ففرض لھ أبو عبیدة قوت رجل من المسلمین لیس بأعالھم وال ، ) من بیت مالكم

أوكسھم ، وكسوة الشتاء وكسوة الصیف ، وراحلة یركبھا ویحج علیھا ، وقومت ب ، زادھا لھ خمسمائة ال یكفیني: ولما قال أبو بكر .. ھذه الفریضة بألفي درھم

.وقضي األمر

وخالصة قواعده أوجزناھا منتھى ، تلك ھي روح النظام االقتصادي في اإلسالم تفصیل یستغرق مجلدات ضخاما ، ولو اھتدینا یھدیھا اإلیجاز ، ولكل واحدة منھا

.وسرنا على ضوئھ لوجدنا في ذلك الخیر الكثیر

صور تطبیق النظام االقتصادي اإلسالمي

استقالل النقد

والروح التي ، ذكرنا بعض األصول التي یقوم علیھا النظام االقتصادي اإلسالمي تطبیق الصحیح وضعا اقتصادیا سلیما التي تنتج مع ال، تملیھا علینا تلك األصول

واعتماده على رصید ثابت من مواردنا ، فھي توجب استقالل نقدنا ، لیس أفضل منھ ال على أذونات الخزانة البریطانیة ودار الضرب البریطانیة والبنك ، ومن ذھبنا

وال تؤتوا ( : وتأمل اآلیة الكریمة – وإن كان مقره مصر –األھلي البریطاني . )٥:النساء) (السفھاء أموالكم التي جعل اهللا لكم قیاما

أن یسلم جھوده ومنتجاتھ نظیر أوراق ال قیمة لھا ، ومن أفظع التغریر بھذا الشعب ، وأحكمت تصرفاتھا ، وإن مصر إذا حزمت أمرھا ، إال بالضمان اإلنجلیزي

وفكرنا ، ولقد انفصلنا عن الكتلة اإلسترلینیة ...ستصل وال شك إلى ھذا االستقالل وكل ھذه ونحوھا ، وطالبنا بالدیون التي لنا على اإلنجلیز ، في تأمیم البنك األھلي

فماذا فعل اهللا بھا؟ وماذا أعددنا العدة إلنقاذھا؟... مشروعات تؤمن النقد المصري

اع فیھ أن المفاوضات لعل من المفارقات أن أكتب ھذه الكلمات في الوقت الذي یذ، بین مصر وإنجلترا حول األرصدة اإلسترلینیة باءت أو قاربت أن تبوء بالفشل

، ملیونا ١٢ أكثر من ١٩٤٨لتعنت اإلنجلیز وتمسكھم بأال یدفعوا لمصر عن سنة . ملیونا١٨في الوقت الذي تطلب فیھ مصر طلبا متواضعا ھو

، ستھانة بأمره استھانة بلغت حد االستھتار واال، ولقد أنتج ضعف الرقابة على النقد وصعوبة ، ھذه المآسي التي نصطلي بنارھا من التضخم الذي استتبع غالء المعیشة

.االستیراد والتصدیر

ولم یحدث في تاریخ الدول الراقیة فیما نعلم أن بنكا یستغل قرارا من وزیر ھذا ر من وزیر المالیة غیر الموقع كما فعل ذلك البنك األھلي بقرا، االستغالل الشائن

.فیصدر بمقتضاه من األوراق ما یشاء ، ١٩١٦علیھ من أحد في یونیو سنة

تمصیر الشركات

وإحالل رؤوس ، كما توجب ھذه األصول االھتمام الكامل بتمصیر الشركات وتخلیص المرافق ، األموال الوطنیة محل رؤوس األموال األجنبیة كلما أمكن ذلك

فال یصح بحال أن تكون ، من ید غیر أبنائھا – وھي أھم شيء لألمة –العامة األرض والبناء والنقل والماء والنور والمواصالت الداخلیة والنقل الخارجي حتى

في ید شركات أجنبیة تبلغ رؤوس أموالھا وأرباحھا المالیین من .. الملح و الصودا الوطني منھا إال البؤس والشقاء ال یصیب الجمھور الوطني وال العامل، الجنیھات . والحرمان

استغالل منابع الثروة

واستغالل منابع الثروة الطبیعیة استغالال سریعا منتجا ، أمر یوجبھ اإلسالم ، الذي لفت كتابھ أنظارنا إلى آثار رحمة اهللا في الوجود ، وما أودع في الكون من خیرات

ام الركاز ، وحث على طلب الخیر أینما في األرض وفى السماء ، وأفاض في أحكفي الماء عندنا ثروات ، وفى الصحاري ثروات ، وفى كل مكان ثروات ، ال . كان

ینقصھا إال فكر یوجھ ، وعزیمة تدفع ، وید تعمل ، وخذ بعد ذلك من الخیر ما تشاء بھ ثمرات مختلفا ألوانھا ومن الجبال ألم تر أن اهللا أنزل من السماء ماء فأخرجنا ( :

ومن الناس والدواب واألنعام ، جدد بیض وحمر مختلف ألوانھا وغرابیب سود ، والعلماء ھنا ) ٢٨-٢٧:اطرف) (مختلف ألوانھ كذلك إنما یخشى اهللا من عباده العلماء

فیما یظن الذین یعلمون علم الكائنات وما فیھا للناس من خیر ، وما یتجلى في دقیق .صنعھا من واسع علم اهللا خالق األرض والسموات

والعنایة بالمشروعات الوطنیة الكبرى المھملة التي طال علیھا األمد ، وقعد بھا مة الحزبیة أو طمرتھا المنافع الشخصیة ، أو التراخي والكسل ، أو أحبطتھا الخصو

قضت علیھا األالعیب السیاسیة والرشوة الحرام ، كل ھذه یجب أن تتوجھ إلیھا الھمم ) .إن اهللا یحب من أحدكم إذا عمل عمال أن یتقنھ: (من جدید

وكم كنا ، ١٩٣٧كم كنا نربح لو أن مشروع خزان أسوان تحقق فعال منذ سنة أن یتقدم بمشروعات – علیھ الرضوان - طلعت حربى لو لم یلھم اهللا نحتاج ونعر

) .المحلة(

ھناك مشروعات كثیرة درست وبحثت ، ثم وضعت على الرف وطال علیھا األمد قبل الحرب ، وال موجب لھذا اإلھمال ، والضرورة قاسیة والحاجة ملحة ، واألمر

.ال یحتمل التأخیر

فسیرى ( :ه المشروعات واستذكروھا من جدید ونفذوا انفضوا الغبار عن ملفات ھذ . )١٠٥:التوبة) (اهللا عملكم ورسولھ والمؤمنون

الصناعـة

إن اهللا یحب : (eوالتحول إلى الصناعة فورا من روح اإلسالم الذي یقول نبیھ والذي أثنى ) . ھمن أمسى كاال من عمل یده أمسى مغفورا ل(، ) المؤمن المحترف

كتابھ على داود وسلیمان بھذا التقدم الصناعي ، وذكر لنا من دقائق الرقى فیھ ما ..أعجز البشر ، واستغل قوى الجن والشیطان

وألنا لھ ( :حرام على األمة التي تقرأ في كتابھا من الثناء على داود علیھ السالم ) وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصیرأن اعمل سابغات، الحدید

وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فھل أنتم ( :، وتقرأ ) ١١-١٠:سـبأ( .ثم ال یكون فیھا مصنع للسالح ، )٨٠:األنبیاء) (شاكرون

ولسلیمان الریح غدوھا شھر ورواحھا شھر وأسلنا لھ عین : (أ في كتابھا ثم تقرالقطر ومن الجن من یعمل بین یدیھ بإذن ربھ ومن یزغ منھم عن أمرنا نذقھ من

ون لھ ما یشاء من محاریب وتماثیل وجفان كالجواب وقدور یعمل، عذاب السعیر وال ، ثم ال یكون فیھا مسبك عظیم ) .. ١٣-١٢:سـبأ) (راسیات اعملوا آل داود شكرا

.مصنع كامل لألدوات المعدنیة

ثم تھمل ما ) .. ٢٥:الحدید) (ید ومنافع للناسوأنزلنا الحدید فیھ بأس شد ( :ثم تقرأ عندھا من ھذا المعدن ھذا اإلھمال ، وھو من أجود األنواع ویكفي العالم مائتي عام

...كما قدر الخبراء

!!! حرام ھذا كلھ

نظام الملكیات في مصر

نظام عرضت في الكلمة السابقة لبعض صور التطبیق التي تملیھا علینا قواعد الوأعرض في ھذه الكلمة لبعض الصور التي تملیھا ھذه ، اإلسالمي االقتصادي

.القواعد أیضا في صمیم اإلصالح االقتصادي القومي

توجب علینا روح اإلسالم الحنیف ، وقواعده األساسیة في االقتصاد القومي ، أن ونعوض ،فنختصر الملكیات الكبیرة ، نعید النظر في نظام الملكیات في مصر

ونشجع الملكیات الصغیرة ، أصحابھا عن حقھم بما ھو أجدى علیھم وعلى المجتمع ، حتى یشعر الفقراء المعدمون بأنھ قد أصبح لھم في ھذا الوطن ما یعنیھم أمره ،

وأن نوزع أمالك الحكومة حاال على ھؤالء الصغار كذلك حتى .. ویھمھم شأنھ . یكبروا

تنظیم الضرائب

ینا روح اإلسالم في تشریعھ االقتصادي ، أن نبادر بتنظیم الضرائب وتوجب علاالجتماعیة ، وأولھا الزكاة ، ولیس في الدنیا تشریع فرض الضریبة على رأس المال

محاربة الكنز وحبس : ال على الربح وحده كاإلسالم ، وذلك لحكم جلیلة منھا لھذا التداول الذي یستفید من األموال عن التداول ، وما جعلت األموال إال وسیلة

..ورائھ كل الذین یقع في أیدیھم ھذا المال المتداول

وإنما جعل اإلسالم مصارف الزكاة اجتماعیة بحتة لتكون سببا في جبر النقص والقصور الذي ال تستطیع المشاعر اإلنسانیة والعواطف الطیبة أن تجبره ، فیطھر

خذ من أموالھم صدقة تطھرھم : ( وتسمو بذلك المجتمع ویزكو ، وتصفو النفوس . )١٠٣:التوبة) (وتزكیھم بھا

بحسب المال –فال بد من العنایة بفرض ضرائب اجتماعیة على النظام التصاعدي یعفى منھا الفقراء طبعا ، وتجبى من األغنیاء الموسرین وتنفق –ال بحسب الربح

ومن لطائف عمر رضى اهللا .. معیشة بكل الوسائل المستطاعة في رفع مستوى العنھ ، أنھ كان یفرض الضرائب الثقیلة على العنب ألنھ فاكھة األغنیاء ، والضریبة

فكان أول من الحظ ھذا المعنى ، التي ال تذكر على التمر ألنھ طعام الفقراء . االجتماعي في الحكام واألمراء رضى اهللا عنھ

بامحاربة الر

ویوجب علینا روح اإلسالم أن نحارب الربا حاال ، ونحرمھ ونقضي على كل تعامل أال وإن الربا موضوع ، وأول ربا أبدأ بھ ربا عمى العباس بن عبد : (على أساسھ

.وصدق رسول اهللا ) المطلب

ولقد كان المصلحون یتجنبون أن یقولوا في الماضي ھذا الكالم حتى ال یقال لھم إن فقد أصبحت ھذه .. أما الیوم ، ستحیل وعلیھ دوالب االقتصاد العالمي كلھ ھذا م

الحجة واھیة ساقطة ال قیمة لھا بعد أن حرمت روسیا الربا وجعلتھ أفظع المنكرات فالربا حرام ، وحرام أن تسبقنا روسیا الشیوعیة إلى ھذه المنقبة اإلسالمیة ،في دارھا

. تحریمھ أمم اإلسالم ودول اإلسالم حرام وأولى الناس ب... حرام ...

تشجیع الصناعات المنزلیة

وتوجب علینا روح اإلسالم تشجیع الصناعات الیدویة المنزلیة ، وھذا ھو باب اإلسعاف السریع لھذه العائالت المنكوبة ، وباب التحول إلى الروح الصناعي

ل والنسیج باألنوال وأول ما تفعلھ ھذه األیدي العاطلة ، الغز.. والوضع الصناعي الصغیرة ، وصناعة الصابون ، وصناعة العطور والمربیات ، وأنواع كثیرة من

صنوف كبیرة تستطیع النساء والبنات واألوالد أن یشغلوا الوقت فیھا ، فتعود بالربح ..الوفیر ، وتمنعھم بؤس الحاجة وذل السؤال

وغیرھا ، منفلوط –) بني عدي(و، غربیة -)فوه(وقد رأینا ھذا بأعیننا منذ زمن في ولقد .من بلدان القطر المصري ، ورأینا في ھذه البالد الثروة والغنى ویسر الحال

واستحضرت أصنافا من ، كانت وزارة الشئون قد فكرت في ھذا المشروع الحیوي ولكن ، ویوم الحكومة بسنة كما یقولون ... وال ندري ماذا فعل اهللا بھا ، المغازل

لم یعد یحتمل االنتظاراألمر

تقلیل الكمالیات واالكتفاء بالضروریات

وإرشاد الشعب إلى التقلیل من الكمالیات واالكتفاء بالضروریات ، وأن یكون الكبار في ذلك قدوة للصغار ، فتبطل ھذه الحفالت الماجنة ، ویحرم ھذا الترف واإلسراف

یبتھ على الدور والقصور الفاسد ، وظھور الجسد بخشونتھ وعبوستھ ووقاره وھ .أمر یحتمھ اإلسالم الحنیف ، وكل ذلك یحتاج إلى إعداد .. والوجوه والمنتدیات

. فإلى العمل .. ھذه كلھا واجبات البد أن تنھض بأعبائھا حاال

خـاتمـة

...وبعد

فھنا نحن قد رأینا مما تقدم كیف أننا لم نسر على نظام اقتصادي معروف ال نظریا عملیا ، وأن ھذا الغموض واالرتجال قد أدیا بنا إلى ضائقة أخذت بمخانق الناس وال

.جمیعا

ولیس الشأن أن نرتجل الحلول ، ونواجھ الظروف ، بالمخدرات والمسكنات التي یكون لھا من رد الفعل ما ینذر بأخطر العواقب ، ولكن المھم في أن ننظر إلى

. نردھا إلى أصل ثابت تستند إلیھ ، وترتكز علي األمور نظرة شاملة محیطة ، وأن .الشامل الدقیق ، وفیھ خیر السداد ) النظام اإلسالمي(ولیس ذلك األمر إال

لقد أتاح اهللا لنا من أسباب الیسر االقتصادي ، والنجاح المادي ما لم یتجھ لغیرنا من مصلحة والتاریخ بیننا األمم والشعوب ، فھذه الرابطة الوثیقة من اللغة والعقیدة وال

وبین أمم العروبة واإلسالم ، وھى بحمد اهللا أغنى بالد اهللا في أرضھ ، أخصبھا تربة ..، وأعدلھا جوا ، وأكثرھا خیرات ، وأثراھا بالمواد األولیة وبالخامات من كل شئ

الل سبیل االكتفاء الذاتي واالستق– لو أحسنا االنتفاع بھا –ھذه الرابطة ، تمھد لنا .االقتصادي ، وتنقذنا من ھذا التحكم الغربي في التصدیر واالستیراد وما إلیھما

وال یكلفنا األمر أكثر من أن نعزم ونتقدم ، ونقوي الصلة ، ونحكم الرابطة ، ونوالي البعثات والدراسات ، ونحاول بكل سبیل إنشاء أسطول تجارى ، ونشیع روح الوحدة

.العروبة وشعوب اإلسالم والتعاون بیننا وبین أمم

لقد صبر الشعب المصري صبرا طویال على ھذه الحیاة الجافیة القاسیة ، وھذا الحرمان العجیب الذي ال یصبر علیھ آدمي إال بمعجزة من معجزات اإلیمان ، ومن

نظر إلى العامل المصري والفالح المصري ومن إلیھما من عامة الشعب المصري ، .شاھد من فاقة وصبر أخذه العجب مما ی

حین عاد من جولة قصیرة في ، لقد أخجلني أحد اإلخوان الھنود وقد قدم من إنجلترا لقد كنا نظن أن ما تنشره الصحف في إنجلترا من سوء حالة : القاھرة ، یقول لي

الشعب المصري ، وانخفاض مستوى معیشتھ ، مجرد دعایة یراد بھا الحط من ه الفترة القصیرة في القاھرة وزرت بعض أحیاء عامتھا كرامتھ ولكنى قضیت ھذ

ولكنني رددت عن نفسي وعن الشعب بقولي ، فأسفت لما رأیت فخجلت لقولھ ھذا ألیس ھذا البؤس من مظالم االحتالل؟، سل ھذه الجرائد التي تنشر : لھ

أأنت راض عن حال : وتألمت مرة ثانیة حین وجھ إلي مدیر شركة أجنبي قولھ أولست تعلم أن السبب في ھذه : ولكنني رددت علیھ أیضا ! الء العمال المساكین ؟ھؤ

المسكنة استئثار ھذه الشركات وبخلھا على ھؤالء العمال بما یوازي ضروریات !الحیاة؟

إن األمر جد ال ھزل فیھ ، وقد بلغ غایتھ ، ووصل إلى مداه ، وال بد من عالج حاسم إال في طب اإلسالم الحنیف وعالجھوسریع ، ولن نجده كما قلت

فیا رئیس الحكومة ، ویا رؤساء الھیئات والجماعات ، ویا من یعنیھم أمر الطمأنینة ..والسالم في ھذا الوطن

..وعودوا إلى نظام اإلسالم ... تداركوا األمر بحزم

..اللھم فاشھد .. أال قد بلغت

حسـن البنــا

رسالة التعالیم مـقـدمـة

اهللا الرحمـن الرحیـمبسـم

الحمد هللا والصالة و السالم على إمام المتقین وقائد المجاھدین سیدنا محمد .النبي األمي وعلى آلھ وصحبھ ومن تبع ھداھم إلى یوم الدین

:أما بعد

فھذه رسالتي إلى اإلخوان المجاھدین من اإلخوان المسلمین الذین آمنوا بسمو عزموا صادقین على أن یعیشوا بھا ، أو یموتوا في دعوتھم ، وقدسیة فكرتھم ، و

سبیلھا ، إلى ھؤالء اإلخوان فقط أوجھ ھذه الكلمات ، وھي لیست دروسا تحفظ ، وقل اعملوا فسیرى اهللا ( :فإلى العمل أیھا اإلخوان الصادقون ، ولكنھا تعلیمات تنفذ

ردون إلى عالم الغیب والشھادة فینبئكم بما كنتم عملكم ورسولھ والمؤمنون وستوأن ھذا صراطي مستقیما فاتبعوه وال تتبعوا السبل (، ) ١٠٥:التوبة) (تعملون

. )١٥٣:األنعام) ( تتقونفتفرق بكم عن سبیلھ ذلكم وصاكم بھ لعلكم، ومظاھر وإداریات ، وكتب ومقاالت ، فلھم دروس ومحاضرات .. أما غیر ھؤالء

.وكال وعد اهللا الحسنى ، ولكل وجھة ھو مولیھا فاستبقوا الخیرات والسالم علیكم ورحمة اهللا وبركاتھ

حسـن البنـا أركـان البیـعـة

أیھا اإلخوان الصادقون :تنا عشر فاحفظوھاأركان بیع

الفھم و اإلخالص و العمل و الجـھــاد و التضحیة و الطاعة و الثبات و التجرد و .األخـوة و الثقة

الفھــم :إنما أرید بالفھم

في حدود ھذه ، أن توقن بأن فكرتنا إسالمیة صمیمة و أن تفھم اإلسالم كما نفھمھ :األصول العشرین الموجزة كل اإلیجاز

اإلسالم نظام شامل یتناول مظاھر الحیاة جمیعا فھو دولة ووطن أو حكومة - ١وأمة ، وھو خلق وقوة أو رحمة وعدالة ، وھو ثقافة وقانون أو علم وقضاء ، وھو

مادة أو كسب وغنى ، وھو جھاد ودعوة أو جیش وفكرة ، كما ھو عقیدة صادقة .وعبادة صحیحة سواء بسواء

سنة المطھرة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام اإلسالم ، والقرآن الكریم وال- ٢ویفھم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربیة من غیر تكلف وال تعسف ، ویرجع في فھم

.السنة المطھرة إلى رجال الحدیث الثقات

ولإلیمان الصادق والعبادة الصحیحة والمجاھدة نور وحالوة یقذفھما اهللا في قلب - ٣ه ، ولكن اإللھام والخواطر والكشف والرؤى لیست من أدلة من یشاء من عباد .وال تعتبر إال بشرط عدم اصطدامھا بأحكام الدین ونصوصھ، األحكام الشرعیة

وكل ، والتمائم والرقي والودع والرمل والمعرفة والكھانة وادعاء معرفة الغیب - ٤ .قرآن أو رقیة مأثورة ما كان من ھذا الباب منكر تجب محاربتھ إال ما كان آیة من

ورأي اإلمام ونائبھ فیما ال نص فیھ ، وفیما یحتمل وجوھا عدة وفي المصالح - ٥وقد یتغیر بحسب الظروف ، المرسلة معمول بھ ما لم یصطدم بقاعدة شرعیة

وفي ، و األصل في العبادات التعبد دون االلتفات إلى المعاني ، والعرف والعادات .إلى األسرار و الحكم و المقاصد العادیات االلتفات

وكل ما ، وكل أحد یؤخذ من كالمھ ویترك إال المعصوم صلى اهللا علیھ وسلم - ٦و إال فكتاب اهللا ، جاء عن السلف رضوان اهللا علیھم موافقا للكتاب والسنة قبلناه

وسنة رسولھ أولى باإلتباع ، ولكنا ال نعرض لألشخاص ـ فیما اختلف فیھ ـ بطعن أو .ونكلھم إلى نیاتھم وقد أفضوا إلى ما قدموا ، تجریح

ولك مسلم لم یبلغ درجة النظر في أدلة األحكام الفرعیة أن یتبع إماما من أئمة - ٧الدین ، ویحسن بھ مع ھذا اإلتباع أن یجتھد ما استطاع في تعرف أدلتھ ، وان یتقبل

وأن یستكمل ، وكفایتھ كل إرشاد مصحوب بالدلیل متى صح عنده صالح من أرشده .نقصھ العلمي إن كان من أھل العلم حتى یبلغ درجة النظر

وال یؤدي إلى ، والخالف الفقھي في الفروع ال یكون سببا للتفرق في الدین - ٨وال مانع من التحقیق العلمي النزیھ في ، خصومة وال بغضاء ولكل مجتھد أجره من غیر ، عاون على الوصول إلى الحقیقة مسائل الخالف في ظل الحب في اهللا والت

.أن یجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب

وكل مسألة ال ینبني علیھا عمل فالخوض فیھا من التكلف الذي نھینا عنھ شرعا - ٩والخوض في معاني اآلیات ، ومن ذلك كثرة التفریعات لألحكام التي لم تقع ،

العلم بعد ، والكالم في المفاضلة بین األصحاب القرآنیة الكریمة التي لم یصل إلیھاولكل منھم فضل صحبتھ وجزاء نیتھ ، رضوان اهللا علیھم وما شجر بینھم من خالف

.وفي التأول مندوحة

ومعرفة اهللا تبارك وتعالى وتوحیده وتنزیھھ أسمى عقائد اإلسالم ، وآیات - ١٠نؤمن بھا كما جاءت من ، ابھ الصفات وأحادیثھا الصحیحة وما یلیق بذلك من التش

ویسعنا ما ، وال نتعرض لما جاء فیھا من خالف بین العلماء ، غیر تأویل وال تعطیل والراسخون في العلم یقولون آمنا بھ (وسع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وأصحابھ

)٧:آل عمران) (كل من عند ربنا.

ة في دین اهللا ال أصل لھا ـ استحسنھا الناس بأھوائھم سواء بالزیادة وكل بدع- ١١فیھ أو بالنقص منھ ـ ضاللة تجب محاربتھا والقضاء علیھا بأفضل الوسائل التي ال

.تؤدي إلى ما ھو شر منھا

لكل ، والبدعة اإلضافیة والتركیة وااللتزام في العبادات المطلقة خالف فقھي - ١٢ .وال بأس بتمحیص الحقیقة بالدلیل والبرھان ، فیھ رأیھ

ومحبة الصالحین و احترامھم والثناء علیھم بما عرف من طیب أعمالھم قربة - ١٣الذین آمنوا وكانوا (واألولیاء ھم المذكورون بقولھ تعالى ، إلى اهللا تبارك وتعالى

اعتقاد أنھم رضوان اهللا علیھم ال مع ، والكرامة ثابتة بشرائطھا الشرعیة ، )یتقونیملكون ألنفسھم نفعا وال ضرا في حیاتھم أو بعد مماتھم فضال عن أن یھبوا شیئا من

.ذلك لغیرھم ولكن االستعانة ، وزیارة القبور أیا كانت سنة مشروعة بالكیفیة المأثورة - ١٤

قرب أو بعد بالمقبورین أیا كانوا ونداؤھم لذلك وطلب قضاء الحاجات منھم عن والنذر لھم وتشید القبور وسترھا وأضاءتھا والتمسح بھا والحلف بغیر اهللا وما یلحق

.وال نتأول لھذه األعمال سدا للذریعة ، بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتھا والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى اهللا تعالى بأحد من خلقھ خالف فرعي في كیفیة - ١٥

.مسائل العقیدة الدعاء ولیس من بل یجب التأكد من حدود ، والعرف الخاطئ ال یغیر حقائق األلفاظ الشرعیة - ١٦

كما یجب االحتراز من الخداع اللفظي في ، والوقوف عندھا ، المعاني المقصود بھا .فالعبرة المسمیات ال باألسماء ، كل نواحي الدنیا والدین

وتحصیل الكمال ، ب أھم من عمل الجارحة وعمل القل، والعقیدة أساس العمل - ١٧ .في كلیھما مطلوب شرعا وإن اختلفت مرتبتا الطلب

ویرفع قدر العلم ، ویحث على النظر في الكون ، واإلسالم یحرر العقل - ١٨ویرحب بالصالح والنافع من كل شيء ، والحكمة ضالة المؤمن أنى ، والعلماء

.وجدھا فھو أحق الناس بھا د یتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما ال یدخل في دائرة اآلخر وق- ١٩فلن تصطدم حقیقة علمیة صحیحة بقاعدة شرعیة ، ولكنھما لن یختلفا في القطعي ،

فإن كانا ظنیین فالنظر الشرعي أولى ، ثابتة ، ویؤول الظني منھما لیتفق مع القطعي .باإلتباع حتى یثبت العقلي أو ینھار

وال نكفر مسلما أقر بالشھادتین وعمل بمقتضاھما وأدى الفرائض ـ برأي أو - ٢٠أو كذب ، أو أنكر معلوما من الدین بالضرورة ، بمعصیة ـ إال إن أقر بكلمة الكفر

أو عمل ، أو فسره على وجھ ال تحتملھ أسالیب اللغة العربیة بحال ، صریح القرآن .عمال ال یحتمل تأویال غیر الكفر

القرآن (فقد عرف معنى ھتافھ دائما ، و إذا علم األخ المسلم دینھ في ھذه األصول ) .دستورنا و الرسول قدوتنا

اإلخـــــالص :و أرید باإلخالص

وابتغاء مرضاتھ وحسن ، أن یقصد األخ المسلم بقولھ وعملھ وجھاده كلھ وجھ اهللا وبذلك ، أو تقدم أو تأخر مثوبتھ من غیر نظر إلى مغنم أو مظھر أو جاه أو لقب

قل إن صالتي ونسكي ( ،ال جندي غرض و منفعة ، یكون جندي فكرة وعقیدة و بذلك یفھم األخ المسلم معنى ، )١٦٢:األنعام) (ومحیاي ومماتي هللا رب العالمین

) .اهللا أكبر وهللا الحمد(و ) اهللا غایتنا(ھتافھ الدائم ــلالعمـ

:و أرید بالعمل وقل اعملوا فسیرى اهللا عملكم ورسولھ والمؤمنون ( :ثمرة العلم واإلخالص

غیب والشھادة فینبئكم بما كنتم تعملون . )١٠٥:التوبة) (وستردون إلى عالم ال : الألخ الصادق و مراتب العمل المطلوبة من

قادرا على ، مثقف الفكر ، متین الخلق ، قوي الجسم : إصالح نفسھ حتى یكون – ١منظما ، حریصا على وقتھ ، مجاھدا لنفسھ ، صحیح العبادة ، سلیم العقیدة ، الكسب

.وذلك واجب كل أخ على حدتھ ، نافعا لغیره ، في شؤونھ والمحافظة على آداب ، احترام فكرتھ بان یحمل أھلھ على، وتكوین بیت مسلم -٢

و توقیفھا على حقھا و ، وحسن اختیار الزوجة ، اإلسالم في مظاھر الحیاة المنزلیة وذلك واجب ، والخدم وتنشئتھم على مبادئ اإلسالم ، وحسن تربیة األوالد ، واجبھا

.كل أخ على حدتھ كذلك و ، اربة الرزائل و المنكرات ومح، بنشر دعوة الخیر فیھ ، وإرشاد المجتمع – ٣

وكسب الرأي ، والمبادرة إلى فعل الخیر ، واألمر بالمعروف ، تشجیع الفضائل وذلك ، وصبغ مظاھر الحیاة العامة بھا دائما ، العام إلى جانب الفكرة اإلسالمیة

.و واجب الجماعة كھیئة عاملة ، واجب كل أخ على حدتھ سلطان أجنبي ـ غیر إسالمي ـ سیاسي أو وتحریر الوطن بتخلیصھ من كل– ٤

.اقتصادي أو روحي وبذلك تؤدي مھمتھا كخادم لألمة ، وإصالح الحكومة حتى تكون إسالمیة بحق - ٥

والحكومة إسالمیة ما كان أعضاؤھا ، و أجیر عندھا و عامل على مصلحتھا حكام وكانت منفذة أل، مسلمین مؤدین لفرائض اإلسالم غیر متجاھرین بعصیان

٠اإلسالم وتعالیمھ وال بأس أن نستعین بغیر المسلمین عند الضرورة في غیر مناصب الوالیة العامة و

مادام موافقا للقواعد العامة في نظام الحكم ، ال عبرة بالشكل الذي تتخذه و ال بالنوع .اإلسالمي

، بین الناس و العدالة ، على الرعیة ، والشفقة ، الشعور بالتبعیة : ومن صفاتھا .واالقتصاد فیھ ، والعفة عن المال العام

وحفظ ، وإعداد القوة ، ونشر التعلیم ، وإنفاذ القانون ، صیانة األمن :ومن واجباتھا ،وتقوي األخالق ، وحراسة المال ، وتنمیة الثروة ، ورعایة المنافع العامة ، الصحة

.ونشر الدعوة

.والمساعدة بالنفس واألموال ، الوالء والطاعة : - متى أدت واجبھا -ومن حقھا فالنصح واإلرشاد ، ثم الخلع واإلبعاد ، وال طاعة لمخلوق في معصیة : فإذا قصرت

.الخالقبتحریر أوطانھا وإحیاء مجدھا وتقریب ، إعادة الكیان الدولي لألمة اإلسالمیة - ٦

خالفة المفقودة والوحدة حتى یؤدى ذلك كلھ إلى إعادة ال، ثقافتھا وجمع كلمتھا .المنشودة

وقاتلوھم حتى ال تكون فتنة ( و أستاذیة العالم بنشر دعوة اإلسالم في ربوعھ – ٧) ویأبى اهللا إال أن یتم نوره ولو كره الكافرون(، ) ٣٩:ألنفال) (ویكون الدین كلھ هللا

. )٣٢:التوبة(

وھذه المراتب األربعة األخیرة تجب على الجماعة متحدة وعلى كل أخ باعتباره یراھا الناس خیاال ، وما أثقلھا تبعات وما أعظمھا مھمات ، عضوا في الجماعة

واهللا غالب (ولنا في اهللا أعظم األمل ، ولن نیأس أبدا ، ویراھا األخ المسلم حقیقة . )٢١:یوسف) (أكثر الناس ال یعلمونعلى أمره ولكن

الجھــــاد و أرید بالجھاد

: الفریضة الماضیة إلى یوم القیامة و المقصود بقول رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، وأول مراتبھ إنكار القلب ، ) من مات ولم یغز ولم ینو الغزو مات میتة جاھلیة(

وبین ذلك جھاد اللسان و القلم والید وكلمة الحق عند ،وأعالھا القتال في سبیل اهللا ، وبقدر سمو الدعوة وسعة أفقھا ، وال تحیا دعوة إال بالجھاد ، السلطان الجائر

وضخامة الثمن ، وبقدر سمو الدعوة و سعة أفقھا تكون عظمة الجھاد في سبیلھا ) في اهللا حق جھادهوجاھدوا ( :و جزالة الثواب للعاملین، الذي یطلب لتأییدھا

. )٧٨:الحج( ) .الجھاد سبیلنا: (وبذلك تعرف معنى ھتافك الدائم

التضـحـیة :وأرید بالتضحیة

ولیس في الدنیا جھاد ، بذل النفس والمال والوقت والحیاة وكل شيء في سبیل الغایة لجزیل و وإنما ھو الجر ا، وال تضیع في سبیل فكرتنا تضحیة ، ال تضحیة معھ

إن اهللا اشترى من المؤمنین ( :الثواب الجمیل ومن قعد عن التضحیة معنا فھو آثم ذلك بأنھم ال (، اآلیة ..) قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم(، اآلیة ) أنفسھم وأموالھم

وبذلك تعرف معنى ، ) فإن تطیعوا یؤتكم اللھ أجرا( ،اآلیة ) یصیبھم ظمأ وال نصب ) .والموت في سبیل اهللا أسمى أمانینا: (ھتافك الدائم الطــاعـة

:وأرید بالطاعة و ذلك أن مراحل ، امتثال األمر وإنفاذه توا في العسر و الیسر و المنشط و المكره

:ھذه الدعوة ثالث

ونظام الدعوة في ھذه المرحلة نظام ، ر الفكرة العامة بین الناس بنش : التعریف– ١و مھمتھا العمل للخیر العام و وسیلتھا الوعظ و اإلرشاد تارة ، الجمعیات اإلداریة

وكل شعب ، إلى غیر ذلك من الوسائل العملیة ، وإقامة المنشآت النافعة تارة أخرى و ینظمھا القانون األساسي ، حیاة الدعوة اإلخوان القائمة اآلن تمثل ھذه المرحلة من

.والدعوة في ھذه المرحلة عامة ، وتشرحھا وسائل اإلخوان و جریدتھم ،

ویتصل بالجماعة فیھا كل من أراد من الناس متى رغب المساھمة في أعمالھا ووعد ولیست الطاعة التامة الزمة في ھذه المرحلة بقدر ما یلزم ، بالمحافظة على مبادئھا

.فیھا احترام النظم و المبادئ العامة للجماعة

باستخالص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجھاد وضم بعضھا إلى : التكوین - ٢، صوفي بحت من الناحیة الروحیة – في ھذه المرحلة –و نظام الدعوة ، بعض

ر من غی) أمر وطاعة(وشعار ھاتین الناحیتین ، وعسكري بحت من الناحیة العملیة

وتمثل الكتائب اإلخوانیة ھذه المرحلة من ، تردد وال مراجعة وال شك وال حرج .وھذه الرسالة اآلن ، وتنظمھا رسالة المنھج سابقا ، حیاة الدعوة

والدعوة فیھا خاصة ال یتصل بھا إال من استعد استعدادا تاما حقیقیا لتحمل أعباء .ذا االستعداد كمال الطاعة وأول بوادر ھ، جھاد طویل المدى كثیر التبعات

وھي مرحلة جھاد ال ھوادة فیھ ، وعمل متواصل في سبیل الوصول : التنفیذ – ٣وال یكفل النجاح في ، إلى الغایة ، وامتحان وابتالء ال یصبر علیھما إال الصادقون

ھذه المرحلة إال كمال الطاعة كذلك وعلى ھذا بایع الصف األول من اإلخوان .ھـ ١٣٥٩ ربیع األول سنة ٥ یوم المسلمین في

تكون ، وتعھدك بھذه البیعة ، وتقبلك لھذه الرسالة ، وأنت بانضمامك إلى ھذه الكتیبة فقدر التبعة التي التزمتھا وأعد نفسك ، وبالقرب من الدور الثالث ، في الدور الثاني

.للوفاء بھا

الثبــات :وأرید بالثبات

ا في سبیل غایتھ مھما بعدت المدة وتطاولت السنوات أن یظل األخ عامال مجاھدفإما الغایة وإما ، حتى یلقى اهللا على ذلك وقد فاز بإحدى الحسنیین ، واألعوام

من المؤمنین رجال صدقوا ما عاھدوا اهللا علیھ فمنھم من (، الشھادة في النھایة والوقت عندنا جزء ، ) ٢٣:األحزاب) (ن ینتظر وما بدلوا تبدیالقضى نحبھ ومنھم م

ولكنھا وحدھا ، والطریق طویلة المدى بعیدة المراحل كثیرة العقبات ، من العالج .التي تؤدي إلى المقصود مع عظیم األجر وجمیل المثوبة

وتحین الفرص ودقة وذلك أن كل وسیلة من وسائلنا الستة تحتاج إلى حسن اإلعداد) ویقولون متى ھو قل عسى أن یكون قریبا(وكل ذلك مرھون بوقتھ ، اإلنفاذ

) .٥١:االسراء(

التجــرد

:أرید بالتجرد

أن تتخلص لفكرتك مما سواھا من المبادئ واألشخاص ، ألنھا أسمى الفكر وأجمعھا قد كانت لكم ( ، )١٣٨:البقرة) (حسن من اهللا صبغةصبغة اهللا ومن أ ( :و أعالھا

أسوة حسنة في إبراھیم والذین معھ إذ قالوا لقومھم إنا برآء منكم ومما تعبدون من العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا باهللا وحده إال دون اهللا كفرنا بكم وبدا بیننا وبینكم

قول إبراھیم ألبیھ ألستغفرن لك وما أملك لك من اهللا من شيء ربنا علیك توكلنا . )٤:الممتحنة) (وإلیك أنبنا وإلیك المصیر

أو مسلم قاعد ، أو ، مسلم مجاھد : والناس عند األخ الصادق واحد من ستة أصنافو لكل حكمھ في میزان اإلسالم ، مسلم آثم ، أو ذمي معاھد ، أو محاید ، أو محارب

.وفى حدود ھذه األقسام توزن األشخاص و الھیئات ، ویكون الوالء أو العداء ،

األخـوة :وأرید باألخوة

تبط القلوب واألرواح برباط العقیدة ، والعقیدة أوثق الروابط وأغالھا ، أن ترقوة الوحدة ، وال وحدة : واألخوة أخت اإلیمان ، والتفرق أخو الكفر ، وأول القوة

ویؤثرون على (، مرتبة اإلیثار : وأعاله ، سالمة الصدر : وأقل الحب، بغیر حب )٩:الحشر) (م خصاصة ومن یوق شح نفسھ فأولئك ھم المفلحونأنفسھم ولو كان بھ

. واألخ الصادق یرى إخوانھ أولى بنفسھ من نفسھ ، ألنھ إن لم یكن بھم ، فلن یكون

، ) وإنما یأكل الذئب من الغنم القاصیة(، بغیرھم ، وھم إن لم یكونوا بھ كانوا بغیره والمؤمنون والمؤمنات بعضھم ). (ؤمن كالبنیان، یشد بعضھ بعضاوالمؤمن للم(

.وھكذا یجب أن نكون ، ) ٧١:التوبة) (أولیاء بعض الثقــة

:و أرید بالثقة اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءتھ وإخالصھ اطمئنانا عمیقا ینتج الحب والتقدیر

فال وربك ال یؤمنون حتى یحكموك فیما شجر بینھم ثم ال ( ،واالحترام والطاعة ) .٦٥:النساء) (یجدوا في أنفسھم حرجا مما قضیت ویسلموا تسلیما

والقائد جزء من الدعوة ، وال دعوة بغیر قیادة ، وعلى قدر الثقة المتبادلة بین القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة ، وإحكام خططھا ، ونجاحھا في الوصول إلى

) فأولى لھم طاعة وقول معروف(وتغلبھا على ما یعترضھا من عقبات ، غایتھا ) .٢١-٢٠:محمد(

، و األستاذ باإلفادة العلمیة ، وللقیادة في دعوة اإلخوان حق الوالد بالرابطة القلبیة ودعوتنا تجمع ھذه ، والقائد بحكم السیاسة العامة للدعوة ، لشیخ بالتربیة الروحیة وا

.والثقة بالقیادة ھي كل شيء في نجاح الدعوات ، المعاني جمیعا :ولھذا یجب أن یسأل األخ الصادق نفسھ ھذه األسئلة لیتعرف على مدى ثقتھ بقیادتھ

یاتھ ؟ ھل تعرف إلى قائده من قبل و درس ظروف ح– ١ ھل اطمأن إلى كفایتھ وإخالصھ ؟– ٢ ھلھ ھو مستعد العتبار األوامر التي تصدر إلیھ من القیادة في غیر معصیة – ٣

طبعا قاطعا ال مجال فیھا للجدل وال للتردد وال لالنتقاص وال للتحویر مع إبداء النصیحة والتنبیھ إلى الصواب؟

إذا ، وفي القیادة والصواب ھل ھو مستعد ألن یفترض في نفسھ الخطأ– ٤ تعارض ما أمر بھ مع ما تعلم في المسائل االجتھادیة التي لم یرد فیھا نص شرعي ؟

ھل ھو مستعد لوضع ظروفھ الحیویة تحت تصرف الدعوة ؟ وھل تملك القیادة – ٥ .في نظره حق الترجیح بین مصلحتھ الخاصة ومصلحة الدعوة العامة

لة وأشباھھا یستطیع األخ الصادق أن یطمئن على مدى صلتھ باإلجابة على ھذه األمثوألف بین قلوبھم لو أنفقت (والقلوب بید اهللا یصرفھا كیف یشاء ، وثقتھ بھ ، بالقائد

) عزیز حكیمما في األرض جمیعا ما ألفت بین قلوبھم ولكن اهللا ألف بینھم إنھ ) .٦٣:ألنفال(

واجـبـات األخ العامــل :أیھا األخ الصادق

إن إیمانك بھذه البیعة یوجب علیك أداء ھذه الواجبات حتى تكون لبنة قویة في البناء : واجتھد أال تختم في ، أن یكون لك ورد یومي من كتاب اهللا ال یقل عن جزء – ١

.ثة أیام وال في أقل من ثال، أكثر من شھر وأن تدرس السیر ، أن تحسن تالوة القرآن و االستماع إلیھ والتدبر في معانیھ – ٢

حماة (و أقل ما یكفي في ذلك كتاب ، المطھرة و تاریخ السلف بقدر ما یتسع لھ وقتك وأن ، و إن تكثر من القراءة في حدیث رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، ) اإلسالم

وأن تدرس رسالة في ، على األقل ولتكن األربعین النوویة تحفظ أربعین حدیثا .أصول العقائد و رسالة في فروع الفقھ

، أن تبادر بالكشف الصحي العام وان تأخذ في عالج ما یكون فیك من أمراض – ٣ .وتھتم بأسباب القوة و الوقایة الجسمانیة وتبتعد عن أسباب الضعف الصحي

، ونحوھا من المشروبات المنبھة ،في قھوة البن والشاي أن تبتعد عن اإلسراف – ٤ .وأن تمتنع بتاتا عن التدخین ، فال تشربھا إال لضرورة

أن تعني بالنظافة في كل شيء في المسكن و الملبس و المطعم و البدن و محل – ٥ .فقد بني الدین على النظافة ، العمل

. أن تكون صادق الكلمة فال تكذب أبدا – ٦ .فال تخلف مھما كانت الظروف ، أن تكون وفیا بالعھد والكلمة و الوعد – ٧وأفضل الشجاعة الصراحة في الحق وكتمان ، أن تكون شجاعا عظیم االحتمال – ٨

.واالعتراف بالخطأ واإلنصاف من النفس وملكھا عند الغضب ، السر المزاح الصادق و وال یمنعك الوقار من ، أن تكون وقورا تؤثر الجد دائما - ٩

.الضحك في تبسم تسر ، عظیم التأثر بالحسن و القبح ، أن تكون شدید الحیاء دقیق الشعور – ١٠

وأن ، و أن تكون متواضع في غیر ذلة وال خنوع وال ملق ، لألول و تتألم للثاني .تطلب أقل من مرتبتك لتصل إلیھا

ال ینسیك الغضب الحسنات ، أن تكون عادال صحیح الحكم في جمیع األحوال – ١١، وال تحملك الخصومة على نسیان الجمیل ، وال تغضي عین الرضا عن السیئات

.وتقول الحق ولو كان على نفسك أو على أقرب الناس إلیك وإن كان مرا تشعر بالسعادة ، أن تكون عظیم النشاط مدربا على الخدمات العامة – ١٢

فتعود المریض وتساعد ، دمة لغیرك من الناس والسرور إذا استطعت أن تقدم خوتبادر دائما إلى ، المحتاج و تحمل الضعیف وتواسي المنكوب و لو بالكلمة الطیبة

.الخیرات أن تكون رحیم القلب كریما سمحا تعفو وتصفح و تلین وتحلم وترفق باإلنسان – ١٣

حافظا على اآلداب م، جمیل المعاملة حسن السلوك مع الناس جمیعا ، و الحیوان وال ، اإلسالمیة االجتماعیة فترحم الصغیر وتوقر الكبیر و تفسح في المجلس

.الخ ..وتستأذن في الدخول واالنصراف ، تتجسس وال تغتاب وال تصخب

وأن تكثر من المطالعة في رسائل اإلخوان ، أن تجید القراءة و الكتابة – ١٤ون لنفسك مكتبة خاصة مھما كانت صغیرة و أن تك، وجرائدھم و مجالتھم ونحوھا

وان تلم بالشؤون ، وأن تتبحر في علمك و فنك إن كنت من أھل االختصاص ، اإلسالمیة العامة إلماما یمكنك من تصورھا و الحكم علیھا حكما یتفق مع مقتضیات

.الفكرة ضئیال وأن تقدم العمل الحر مھما ، أن تزاول عمال اقتصادیا مھما كنت غنیا – ١٥ .وأن تزج بنفسك فیھ مھما كان كانت مواھبك العملیة ،

و أن تعتبرھا الضیق أبواب الرزق وال ، أال تحرص على الوظیفة الحكومیة – ١٦وال تتخل عنھا إال إذا تعارضت تعارضا تاما مع واجبات ، ترفضھا إذا أتیحت لك

.الدعوة إلجادة واإلتقان وعدم أن تحرص كل الحرص على أداء مھنتك من حیث ا– ١٧

.الغش و ضبط الموعد وأن تؤدي حقوق الناس كاملة غیر منقوصة ، أن تكون حسن التقاضي لحقك – ١٨

.وال تماطل أبدا ، بدون طلب وتتجنب ، أن تبتعد عن المیسر بكل أنواعھ مھما كان المقصد من ورائھا – ١٩

.وسائل الكسب الحرام مھما كان وراءھا من ربح عاجل . أن تبتعد عن الربا في جمیع المعامالت وأن تطھر منھ تماما – ٢٠ أن تخدم الثروة اإلسالمیة العامة بتشجیع المصنوعات والمنشآت االقتصادیة – ٢١

وأن تحرص على القرش فال یقع في ید غیر إسالمیة مھما كانت ، اإلسالمیة .مي وال تلبس وال تأكل إال من صنع وطنك اإلسال، األحوال

وان تجعل ، تؤدي الزكاة الواجبة فیھ ، أن تشترك في الدعوة بجزء من مالك – ٢٢ .منھ حقا معلوما للسائل والمحروم مھما كان دخلك ضئیال

.وأال تتورط في الكمالیات أبدا ، أن تدخر للطوارئ جزءا من دخلك مھما قل – ٢٣ة و إماتة العادات األعجمیة أن تعمل ما استطعت على إحیاء العادات اإلسالمی– ٢٤

ومواعید ، ومن ذلك التحیة و اللغة والتاریخ والزي واألثاث ، في كل مظاھر الحیاة الخ ..والحزن والسرور ، والقدوم واالنصراف ، والطعام و الشراب ،العمل والراحة

.وأن تتحرى السنة المطھرة في ذلك ، واألندیة والصحف و ، إسالمي أن تقاطع المحاكم األھلیة وكل قضاء غیر– ٢٥

.الجماعات والمدارس والھیئات التي تناھض فكرتك اإلسالمیة مقاطعة تامة وتقطع مراحل ، وتذكر اآلخرة وتستعد لھا ، أن تدیم مراقبة اهللا تبارك وتعالى – ٢٦

وتتقرب إلیھ سبحانھ بنوافل العبادة ومن ، السلوك إلى رضوان اهللا بھمة وعزیمة واإلكثار من الذكر ، اللیل وصیام ثالثة أیام من كل شھر على األقل ذلك صالة

.و تحري الدعاء في المذكور في كل األحوال ، القلبي واللساني . أن تحسن الطھارة وأن تظل على وضوء غالب األحیان – ٢٧وتحرص على الجماعة ، أن تحسن الصالة وتواظب على أدائھا في أوقاتھا – ٢٨

. أمكن ذلك والمسجد ماوتعمل على ذلك إن ، أن تصوم رمضان و تحج البیت إن استطعت إلیھ سبیال – ٢٩

.لم تكن مستطیعا اآلن ذلك أن تستصحب دائما نیة الجھاد و حب الشھادة وأن تستعد لذلك ما وسعك – ٣٠

.االستعداد

عن أن تجدد التوبة واالستغفار دائما وأن تتحرز من صغائر اآلثام فضال– ٣١وأن تجعل لنفسك ساعة قبل النوم تحاسبھا فیھا على ما عملت من خیر أو ، كبارھا

، وأن تحرص على الوقت فھو الحیاة فال تصرف جزءا منھ من غیر فائدة ، شر .وأن تتورع عن الشبھات حتى ال تقع في الحرام

وأن تغض طرفك ، أن تجاھد نفسك جھادا عنیفا حتى یسلس قیادتھا لك – ٣٢وتسمو بھا دائما إلى الحالل ، وتضبط عاطفتك وتقاوم نوازع الغریزة في نفسك

.وتحول بینھا وبین الحرام من ذلك أیا كان ، الطیب . أن تتجنب الخمر والمسكر والمفتر وكل ما ھو من ھذا القبیل كل االجتناب – ٣٣ . اإلثم أن تبتعد عن أقران السوء و أصدقاء الفساد و أماكن المعصیة و– ٣٤وأن تبتعد عن مظاھر الترف و ، أن تحارب أماكن اللھو فضال عن أن تقربھا – ٣٥

.الرخاوة جمیعا وتعرفھم نفسك معرفة تامة ، أن تعرف أعضاء كتیبتك فردا فردا معرفة تامة – ٣٦

وتؤدي حقوق أخوتھم كاملة من الحب والتقدیر والمساعدة واإلیثار وأن ، كذلك .وتؤثرھم بمعاملتك دائما ، م فال تتخلف عنھا إال بعذر قاھر تحضر اجتماعاتھ

أن تتخلى عن صلتك بأیة ھیئة أو جماعة ال یكون االتصال بھا في مصلحة – ٣٧ .فكرتك وخاصة إذا أمرت بذلك

أتعمل على نشر دعوتك في كل مكان وأن تحیط القیادة علما بكل ظروفك وال – ٣٨وأن تكون دائم االتصال الروحي و ، ا إال بإذن تقدم على عمل یؤثر فیھا جوھری

.وأن تعتبر نفسك دائما جندیا في الثكنة تنتظر األوامر ، العملي بھا خـاتمـة

:أیھا األخ الصادق وتستطیع أن تجمع ھذه المبادئ في ، وبیان موجز لفكرتك ، ھذه مجمل لدعوتك

:خمس كلماتو الشھادة ، و الجھاد سبیلنا ، آن شرعتنا و القر، و الرسول قدوتنا ، اهللا غایتنا (

) .أمنیتنا :و أن تجمع مظاھرھا في خمس كلمات أخرى

.والخلق ، والجندیة ، والصالة ، والتالوة ، البساطة .وإال ففي صفوف القاعدین متسع للكسالى و العابثین ، فخذ نفسك بشدة بھذه التعالیم

كان جزاؤك العزة في ، اتك وغایة غایتك وأعتقد أنك إن عملت بھا وجعلتھا أمل حیوإن انصرفت عنھا ، وأنت منا ونحن منك ، الدنیا والخیر والرضوان في اآلخرة

وإن تصدرت فینا المجالس وحملت ، وقعدت عن العمل لھا فال صلة بیننا وبینك وسیحاسبك اهللا على قعودك أشد ، أفخم األلقاب وظھرت بیننا بأكبر المظاھر

.فاختر لنفسك ونسأل اهللا لنا ولك الھدایة و التوفیق ، الحساب :یا أیھا الذین آمنوا ھل أدلكم على تجارة تنجیكم من عذاب ألیم ( تؤمنون باهللا ورسولھ ) ١( :كم ذلكم خیر لكم إن كنتم تعلمونوتجاھدون في سبیل اهللا بأموالكم وأنفس ) ٢( یغفر لكم ذنوبكم - ١ویدخلكم جنات تجري من تحتھا األنھار ومساكن طیبة في جنات عدن ذلك - ٢

الفوز العظیم من اهللاوأخرى تحبونھا نصر - ٣

.وفتح قریب وبشر المؤمنین - ٤یا أیھا الذین آمنوا كونوا أنصار اهللا كما قال عیسى ابن مریم للحواریین من أنصاري

فة من بني إسرائیل وكفرت طائفة إلى اهللا قال الحواریون نحن أنصار اهللا فآمنت طائ ) .١٤-١٠:الصف) (فأیدنا الذین آمنوا على عدوھم فأصبحوا ظاھرین

والسالم علیكم ورحمة اهللا وبركاتھ

نظام األسر بسم اهللا الرحمن الرحیم

واالهالحمد هللا والصالة والسالم على رسولھ ومن

األســـرة

، یحرص اإلسالم على تكوین أسر من أھلھ یوجھھم إلى المثل العلیا ویقوي روابطھم ، ویرفع أخوتھم من مستوى الكالم و النظریات إلى مستوى األفعال والعملیات

.فاحرص یا أخي أن تكون لبنة صالحة في ھذا البناء اإلسالم

بتحقیقھا حتى ال یكون ھذا تكلیفا ال روح وأركان ھذا الرباط ثالثة فاحفظھا واھتم : فیھ

فتعارفوا وتحابوا بروح اهللا تعالى، ، ھو أول ھذه األركان : التعارف- ١واجتھدوا أال یعكر صفو ، واستشعروا معنى األخوة الصحیحة الكاملة فیما بینكم

ب اجعلوھا نص، عالقتكم شيء وتمثوا اآلیات الكریمة دائما واألحادیث الشریفة وقولھ تعالى ، ) ١٠:الحجرات) (إنما المؤمنون إخوة(أعینكم وتذاكروا قول اهللا تعالى

وقول رسول اهللا ، )١٠٣:آل عمران) (واعتصموا بحبل اهللا جمیعا وال تفرقوا: ( أخو المسلم(، ) المؤمن للمؤمن كالبنیان یشد بعضھ بعضا: (صلى اهللا علیھ وسلم

مثل المؤمنین في توادھم وتراحمھم وتعاطفھم كمثل ) (المسلم ال یظلمھ وال یسلمھ ) .الجسد الواحد

ولقد ظلت ھذه األوامر الربانیة والتوجیھات المحمدیة بعد الصدر األول كالما على ، حتى جئتم معشر اإلخوان المتعارفین ، وخیاال في نفوسھم ، ألسنة المسلمین المتآخیة بروح اهللا وأخوة ، وتریدون تألیف األمة ، ھا في مجتمعكم تحاولون تطبیق

واهللا ولي ، وأرجو أن تكونوا كذلك ، فھنیئا لكم عن كنتم صادقین ، اإلسالم من جدید . توفیقكم

فاستقیموا على منھج ، وھو الركن الثاني من أركان ھذا النظام : والتفاھم – ٢ھ ، واتركوا ما نھاكم عنھ ، وحاسبوا أنفسكم حسابا الحق ، وافعلوا ما أمركم اهللا بثم بعد ذلك لینصح كل منكم أخاه متى رأى فیھ عیبا ، ، دقیقا على الطاعة والمعصیة

ولیحذر الناصح أن یتغیر ، ولیقبل األخ نصح أخیھ بسرور وفرح ، ولیشكر لھ ذلك

أو بتفضیل ، قاصھ ولیحذر أن یشعر بانت، قلبھ على أخیھ المنصوح بمقدار شعرة وال یخبر بما الحظھ أحدا إال رئیس ، ولكنھ یتستر علیھ شھرا كامال ، نفسھ علیھ

ثم ال یزال بعد ذلك على حبھ ألخیھ وتقدیره ، األسرة وحده إذا عجز عن اإلصالح ولیحذر المنصوح من العناد ، حتى یقضي اهللا أمرا كان مفعوال ، إیاه مودتھ لھ

لب على أخیھ الناصح قید شعرة ، فإن مرتبة الحب في اهللا ھي والتصلب وتغیر الق، واهللا یعصمكم من بعض ) الدین النصیحة: (أعلى المراتب ، والنصیحة ركن الدین

. ویصرف عنا وعنكم كید الشیطان ، ویعزكم بطاعتھ

ولیحمل بعضكم عبء بعض ، وذلك ، فتكافلوا ، ھو الركن الثالث : والتكافل – ٣فلیتعھد بعضكم بعضا بالسؤال والبر ، ولیبادر إلى ، یمان ولب األخوة صریح اإل

ألن یمشي أحدكم في : (وتصورا قول رسول اهللا ، مساعدتھ ما وجد إلى ذلك سبیال من أدخل السرور على (، ) حاجة أخیھ خیر لھ من أن یعتكف في مسجدي ھذا شھرا

واهللا یؤلف بین قلوبكم ، ) لجنةأھل بیت من المسلمین لم یر اهللا لھ جزاء دون ا .بروحھ إنھ نعم المولى ونعم النصیر

في الواجبات التي بین أیدیكم إن وعیتموھا واألعمال التي بین أیدیكم : أیھا اإلخوان

، فراجعوا دائما واجبات األخ التعاوني ، إن اتبعتموھا ما یكفل تحقیق ھذه األركان ثم لیحرص كل أخ على االجتماعات المحددة ، ولیحاسب كل منكم نفسھ على إنفاذھا

حتى ال ، ثم لیبادر كل منكم إلى تسدید ما علیھ لصندوق أسرتھ ، مھما كانت أعذاره فإذا أدیتم ھذه الواجبات الفردیة و االجتماعیة و ، یتخلف عن الواجبات متخلف

حتى یموت وإذا قصرتم فیھا فسیتضاءل، فإن ھذا النظام سیتحقق وال شك ، المالیة .وھي الیوم أمل اإلسالم والمسلمین ، وفي موتھ أكبر خسارة لھذه الدعوة ،

وذلك أمر سھل ، ویسال كثر منكم عما یشغلون بھ وقت اجتماعھم األسبوعي كأسرة وما أكثر الواجبات وأقل األوقات فلیكن ما تشغل بھ األسرة وقتھا ، میسور

:واجتماعاتھا

ویشاركھ إخوانھ في دراسة حلولھا في جو من صدق أ ـ یعرض كل أخ مشاكلھوالمؤمن (وتوثیق للرابطة ، وفي ذلك توطید للثقة ، األخوة وإخالص التوجھ إلى اهللا

مثل (، وحتى یتحقق فینا شيء من مأثور قولھ علیھ الصالة والسالم ) مرآة أخیھاشتكى منھ عضو كمثل الجسد الواحد إذا ، المؤمنین في توادھم وتراحمھم وتعاطفھم

) .تداعى لھ سائر الجسد بالسھر والحمى

ب ـ مذاكرة حول شؤون اإلسالم ، وتالوة الرسائل والتوجیھات الواردة من القیادة فذلك حرام في ، العامة لألسر ، وال محل في األسرة للجدل أو الحدة ورفع الصوت

لمتداول من الجمیع ولكن بیان واستیضاح في حدود األدب والتقدیر ا، فقھ األسرة فإذا أغلق شيء أو أرید اقتراح شيء أو استیضاحھ احتفظ بھ النقیب حتى یرجع إلى ،

وإذا جاءھم أمر من األمن أو الخوف أذاعوا بھ: (وقد عاب اهللا أقواما فقال ، القیادة

إلى الرسول وإلى أولي ولو ردوه: (ثم أرشدھم إلى ما یجب أن یكون فقال ..) ) .٨٣:النساء) (األمر منھم لعلمھ الذین یستنبطونھ

جـ ـ مدارسة نافعة في كتاب من الكتب القیمة ، ولیحرص اإلخوان بعد ھذا على التي ال تحضرھا الكتب وال تحیط بھا ، تحقیق معنى األخوة في المجامالت الطارئة

ومواساة المحتاج ولو ، عیادة المریض : وأشار إلیھا الصادق األمین ، جیھات التو، كلھا تزید رابطة اإلخاء .. وتعھد المنقطع ، وتفقد الغائب ، بالكلمة الطیبة

.وتضاعف في النفوس والشعور بالحب والصلة

:ولزیادة الترابط بین اإلخوان علیھم أن یحرصوا على

.فیة لزیارة اآلثار والمصانع وغیر ذلك القیام برحالت ثقا– ١

. القیام برحالت قمریة ریاضیة– ٢

. القیام برحالت نھریة للتجدیف - ٣

. القیام برحالت جبلیة أو صحراویة أو حقلیة - ٤

. القیام برحالت متنوعة بالدراجة - ٥

. صیام یوم في األسبوع أو كل أسبوعین - ٦

.بوع على األقل في المسجد صالة الفجر جماعة مرة كل أس- ٧

. الحرص على مبیت اإلخوان مع بعضھم مرة كل أسبوع أو أسبوعین – ٨ حسـن البنــا

رسالة العقائد بسم اهللا الرحمن الرحیم

مقدمـــات

: تعریف العقائد - ١و تكون ، و تطمئن إلیھا نفسك ، ھي األمور التي یجب أن یصدق بھا قلبك : العقائد

.و ال یخالطھ شك ، ال یمازجھ ریب ، یقینا عندك

: درجات االعتقاد - ٢

و تمكنھا من ، بحسب وضوح األدلة ، و الناس في قوة العقیدة و ضعفھا أقسام كثیرة :و لنوضح لك ھذا المقام بضرب اآلتي ، نفوس كل قسم

من رجل آخر غیر معروف ، كالیمن مثال ، لو أن رجال سمع بوجود بلد لم یره فإذا سمع ھذا الخبر من عدة رجال ، فإنھ یصدق بوجود ھذا البلد و یعتقده ، بالكذب

، و إن كان ال یمنعھ ذلك من أن یشك في اعتقاده إذا عرضت لھ الشبھات ، زاد بھ ثقة و أصبح الشك متعسرا علیھ أمام ، فإذا رأى صورتھ الفوتوغرافیة زاد اعتقاده بوجوبھ

فإذا ، بدت لھ أعالمھ و بشائره زاد إیقانھ و زال شكھ فإذا سافر و ، قوة ھذا الدلیل و رسخت في نفسھ ھذه العقیدة ، لم یعد ھناك مجال للریبة ، نزلھ و رآه رأي العین

، رسوخا قویا حتى یكون من المستحیل رجوعھ عنھا و لو أجمع الناس على خالفھا و ، ھ خبرة و معرفة و درس شؤونھ و أحوالھ ازداد ب، فإذا سار في طرقھ و شوارعھ

.كان ذلك أمرا موضحا العتقاده زائدا علیھ :و إذا علمت ھذا فاعلم أن الناس أمام العقائد الدینیة أقسام كذلك

و ھذا ال یؤمن علیھ من أن یتشكك إذا ، و اعتقدھا عادة ، منھم من تلقاھا تلقینا م من أدام النظر و و منھ، و منھم من نظر وفكر فازداد إیمانھ ، عرضت الشبھات

فأشرقت ، و إحسان عبادتھ ، و استعان بطاعة اهللا تعالى و امتثال أمره ، أعمل الفكر :و ثبت فؤاده ، فرأى بنور بصیرتھ ما أكمل و أتم یقینھ ، مصابیح الھدایة في قلبھ

) .١٧:محمد) (والذین اھتدوا زادھم ھدى وآتاھم تقواھم(و تعمل الفكر في تفھم ، ا ضربنا لك ھذا المثل لترقى بنفسك عن مواطن التقلید في التوحید و إنم

و تستعین بطاعة موالك في معرفة ، و تستعین بطاعة موالك في معرفة أصول دینك ، عقیدتك :و تترقى في مدارج الكمال ، أصول دینك حتى تصل إلى مراتب الرجال

فاربأ بنفسك أن ترعى مع الھملقد رشحوك ألمر لو فطنت لھ : تقدیر اإلسالم للعقل - ٣

. كتاب اهللا تعالى و سنة رسولھ – ككل األحكام الشرعیة –أساس العقائد اإلسالمیة و یثبتھا النظر الصحیح ، أن كل ھذه العقائد یؤیدھا العقل ، مع ذلك ، و یجب أن تعلم

و ندبھ إلى البحث ، علھ مناط التكلیف و ج، و لھذا شرف اهللا تعالى العقل بالخطاب ، قل انظروا ماذا في السماوات واألرض وما تغني : (قال تعالى ، و النظر و التفكیر

أفلم ینظروا إلى : (وقال تعالى ، ) ١٠١:یونس) (اآلیات والنذر عن قوم ال یؤمنونواألرض مددناھا وألقینا فیھا ، كیف بنیناھا وزیناھا وما لھا من فروج السماء فوقھم

ونزلنا من ، تبصرة وذكرى لكل عبد منیب ، رواسي وأنبتنا فیھا من كل زوج بھیج ، والنخل باسقات لھا طلع نضید ، فأنبتنا بھ جنات و حب الحصید السماء ماء مباركا

و ذم الذین ال یتفكرون ، ) ١١ ،٦:ق) (رزقا للعباد وأحیینا بھ بلدة میتا كذلك الخروج ة في السماوات واألرض یمرون علیھا وھم وكأین من آی: (و ال ینظرون فقال تعالى

و طالب الخصوم بالدلیل و البرھان حتى فیما ھو ، )١٠٥:یوسف) (عنھا معرضونو قد ورد في الحدیث أن ، و إظھارا لشرف الحجة ، تقدیرا لألدلة ، ظاھر البطالن

ویحك : (فقال ، بكي فسألھ عن سبب بكائھ فرآه ی، بالال جاء یؤذن النبي بصالة الصبح إن في خلق السماوات : ( یا بالل ما یمنعني أن أبكي و قد أنزل اهللا علي ھذه اللیلة

: ثم قال ، ) ١٩٠:آل عمران) (واألرض واختالف اللیل والنھار آلیات ألولي األلباب .رواه ابن أبي الدنیا في كتاب التفكر ) یھاویل لمن قرأھا و لم یتفكر ف(

و عن أرشدھا ، و من ھنا تعلم أن اإلسالم لم یحجر على األفكار و لم یحبس العقول فقال ، و ندبھا إلى االستزادة من معارفھا ، و عرفھا قلة علمھا ، إلى التزام حدھا

وقل رب زدني (و قال تعالى ، )٨٥:السراءا) (وما أوتیتم من العلم إال قلیال: (تعالى . )١١٤:طـھ) (علما

أقسام العقائد اإلسالمیة- ٤

:تحت كل قسم منھا فروع عدة ، العقائد اإلسالمیة تنقسم إلى أربعة أقسام رئیسیة اإللھیات: القسم األول

و یلحق ، ه و أفعالھ وتبحث فیما یتعلق باإللھ سبحانھ و تعالى من حیث صفاتھ و أسماؤ .بھا ما یستلزمھ اعتقاده من العبد لمواله

النبوات: القسم الثاني من حیث صفاتھم و ، صلوات اهللا و سالمھ علیھم ، و تبحث في كل ما یتعلق باألنبیاء

و یلحق بھذا القسم ما یتعلق باألولیاء ، عصمتھم و مھمتھم و الحاجة إلى رسالتھم .و الكتب السماویة ، و المعجزة و الكرامة ، رضوان اهللا علیھم

الروحانیات: القسم الثالث .و الروح ، و الجن ، كالمالئكة علیھم السالم : و تبحث فیما یتعلق بالعالم غیر المادي

السمعیات: القسم الرابع ، و عالمات القیامة ، كأحوال القبر : و الحیاة األخرویة ، فیما یتعلق بالحیاة البرزخیة

.و الجزاء ، و الحساب ، و الموقف ، و البعث

ذات اهللا تعــالىأن ذات اهللا تبارك و تعالى أكبر من أن ، ھدانا اهللا و إیاك إلى الحق ، اعلم یا أخي

ألنھا مھما بلغت من العلو و ، أو تدركھا األفكار اإلنسانیة ، تحیط بھا العقول البشریة ، و سنفرد بحثا خاصا إن شاء اهللا تعالى ، لقدرة محصورة ا، اإلدراك محدودة القوة

و لكن یكفي أن أذكرك ، تعلم منھ مبلغ قصور العقل البشري عن إدراك حقائق األشیاء تنتفع بكثیر من األشیاء و ال ، من أكبرھا إلى أصغرھا ، بما نلمسھ اآلن من أن عقولنا

ى نستخدمھا و ننتفع بھا و ال قو، و المغناطیس و غیرھما ، فالكھرباء ، تعلم حقائقھا على أن ، و ال یستطیع أكبر عالم اآلن أن یفیدك بشيء ، نعلم عنھا شیئا من حقیقتھا

و یكفینا ما نعرف من خواصھا ما یعود بالفائدة ، معرفة حقائق األشیاء ال یفیدنا بشيء .علینا

ت اهللا تبارك و تعالى فإذا كان ھذا شأننا في األمور التي نلمسھا و نحسھا فما بالك بذاو قد ضل أقوام تكلموا في ذات اهللا تبارك و تعالى فكان كالمھم سببا لضاللھم و ! ؟

و ال یقدرون على معرفة كنھھ ، فتنتھم اختالفھم ألنھم یتكلمون فیما ال یدركون تحدیده .و أمر بالتفكر في مخلوقاتھ ، و لھذا نھى الرسول عن التفكر في ذات اهللا ،

تفكروا : (بن عباس رضي اهللا عنھما إن قوما تفكروا في اهللا عز و جل فقال النبي عن ارواه أبو : قال العراقي ) فإنكم لن تقدروا قدره، و ال تتفكروا في اهللا ، في خلق اهللا

و رواه األصبھاني في الترغیب و الترھیب بإسناد ، نعیم في الحلیة بإسناد ضعیف .و ھو على كل حال صحیح المعنى ، یخ كذلك و رواه أبو الش، أصح منھ

، و ال تضییقا على العقل ، و ال جمودا في البحث ، و لیس ذلك حجر على حریة الفكر و إبعاد لھ عن معالجة أبحاث لم ، و لكنھ عصمة لھ من التردي في مھاوي الضالل

ذه ھي و ھ، عالجھا – مھما عظمت –و ال تحتمل قوتھ ، تتوفر لھ وسائل بحثھا سئل الشبلي ، و جالل قدره ، طریقة الصالحین من عباد اهللا العرفین بعظمة ذاتھ

قبل الحدود و ، ھو اهللا الواحد المعروف : رحمھ اهللا تعالي عن اهللا تبارك و تعالى فقال ، إلھ واحد : أخبرني عن اهللا عز و جل ؟ فقال : و قیل لیحیى بن معاذ . قبل الحروف

فقال ، أین ھو ؟ فقال ھو بالمرصاد : فقیل لھ ، ؟ فقال ملك قادر فقیل لھ كیف ھوفأما صفتھ ما ، ما كان غیر ھذا كان صفة المخلوق : فقال ، لم أسألك عن ھذا : السائل

.أخبرتك عنھ .فاحصر ھمتك في إدراك عظمة ربك بالتفكر في مخلوقاتھ و التمسك بلوازم صفاتھ

أسمـــاء اهللا الحســنى، خالق المتصرف جل و عال تعرف إلى خلقھ بأسماء و صفات تلیق بجاللھ إن ال

و إلیك الحدیث . و تعظیما لقدرھا ، و تلذذا بذكرھا ، یحسن بالمؤمن حفظھا تبركا و نعم المرشد و الھادي لسان ، فنعم المعلم حدیث رسول اهللا ، الصحیح الذي جمعھا

.و مشكاة النبوة ، الوحي هللا تعالى : ( قال رسول اللھ صلى اللھ علیھ وسلم : ضي اللھ عنھ وعن أبي ھریرة ر

تسعة وتسعین اسما ، مائة إال واحدا، ال یحفظھا أحد إال دخل الجنة ، و ھو وتر یحب ي و ،و رواه الترمذ ) من أحصاھا(رواه البخاري و مسلم و في روایة البخاري ) الوتر

:زاد فیھ ھو اهللا الذي ال إلھ إال ھو ، الرحمن ، الرحیم ، الملك ، القدوس ، السالم ، المؤمن ، (

المھیمن ، العزیز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارىء ، المصور ، الغفار ، القھار ، اب ، الرزاق ، الفتاح ، العلیم ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، الوھ

السمیع ، البصیر ، الحكم ، العدل ، اللطیف ، الخبیر ، الحلیم ، العظیم ، الغفور ، یت ، الحسیب ، الجلیل ، الكریم ، الرقیب ، المجیب ، الشكور ، العلي ، الكبیر ، المق

الواسع ، الحكیم ، الودود ، المجید ، الباعث ، الشھید ، الحق ، الوكیل ، القوي ، ، الممیت ، الحي ، المتین ، الولي ، الحمید ، المحصي ، المبدىء ، المعید ، المحیي

القیوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، ، األول ، اآلخر ، الظاھر ، الباطن ، الوالي ، المتعال ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفوالرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجالل واإلكرام ، المقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ،

المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الھادي ، البدیع ، الباقي ، الوارث ، الرشید ، ) الصبور

:معاني بعض أسماء اهللا أو ھو السالم من العیوب ، األمان لخلقھ ) السالم ( المطھر من العیوب ، ) وس القد( المسیطر ) المھیمن( المصدق وعده لخلقھ و المؤمن لھم من عذابھ ، ) المؤمن ( ،

( المنفذ ألوامره ، ) الجبار ( القاھر الغالب ، ) العزیز ( الشھید الرقیب ، ، المتصرف الخالق و ھو ) البارئ ( العالي عن صفات الخلق المتفرد بصفات عظمتھ ، ) تكبر الم

، بارئ النسم و خالق السموات و األرض : یقال ، في خلق ذي الروح أظھر ھو الذي أحصى ) المحصي ( الكافي لخلقھ ، ) الحسیب ( العالم العارف ، ) المقیت(

المتعطف على عباده ببره و ) البر ( ء من األشیاء ، كل شيء یعلمھ فال یفوتھ شيھو الذي ال یعاجل ) الصبور( الذي یرشد الخلق إلى مصالحھم ، ) الرشید ( لطفھ ،

.العصاة باالنتقام منھم

بحوث تتعلق بأسماء اهللا الحسنى* : األسماء الزائد عن التسعة التسعین - ١

بل وردت ، ما ورد في اسماء اهللا تبارك و تعالى ھذه التسعة و التسعون لیس كل( ، ) الحنان ( فقد ورد في الحدیث من روایة أخرى ، األحادیث بغیرھا من األسماء

( و ) الكفیل ( و ، ) المغیث ( و ورد كذلك من أسمائھ تعالي ، ) البدیع ( ، ) المنان ) .قالخال(و ، ) ذو الفضل(و ) ذو المعارج(و ، ) ذو الطول

إنھ جمع من : قال أبوبكر بن العربي في شرح الترمذي حاكیا عن بعض اھل العلم ما ) القصد المجرد(و في كالم صاحب ، الكتاب و السنة من أسمائھ تعالى ألف اسم

و أنھض ما ورد : ثم قال ) تحفة الذاكرین(و أشار إلى ذلك الشوكاني في ، یفید ذلك .و فیھ الكفایة ، في إحصائھا الحدیث المذكور

األحادیث التي وردت فیھا ألفاظ على أنھا أسماء اهللا تعالى على المجاز - ٢:

و لكن قرائن ، ثم اعلم أن بعض األحادیث وردت فیھا ألفاظ على أنھا أسماء اهللا تعالى ، فاعلم أن ذلك من قبیل المجاز ال الحقیقة ، الحال و أصل الوضع یدل على غیر ذلك

، تسمیة الشيء باسم غیره لعالقة بینھما أو على تقدیر بعض المحذوفات و من قبیل ال تسبوا الدھر : (مثال ذلك الحدیث الذي رواه أبوھریرة رضي اهللا عنھ عن النبي قال

دعوه یئن فإن : (و حدیث عائشة رضي اهللا عنھا ، رواه مسلم ) فإن اهللا ھو الدھرذكره الجالل السیوطي ي ، ) لیھ المریضاألنین اسم من أسماء اهللا تعالى یرتاح إو ال من حدیث ، و لیس ھو من روایة مسلم ، الجامع الصغیر عن الرافعي و حسنھ و منھ ما ورد في إطالق اسم رمضان على الحق ، أبي ھریرة كما یخطئ بعض الناس

.تبارك و تعالى في بعض اآلثار : بل المقصود في األول منھا مثال ،فكل ھذه ال یراد منھا ظواھرھا و حقیقة اإلطالق

فإن اهللا ھو مسبب لحوادث الدھر فال یصح أن ینسب إلى اهللا شيء و ال أن یسب و یذم و ھكذا في المعاني ، فإن األنین أثر قھر اهللا تعالى یرتاح إلیھ المریض : و في الثاني ،

.التي تدل علیھا قرائن األحوال : و صفاتھ التوقیف في أسماء اهللا تعالى- ٣

و اعلم أن جمھور المسلمین على انھ ال یصح أن نطلق على اهللا تبارك و تعالى اسما أو وصفا لم مھندس : فال یصح أن نقول ، بقصد اتخاذه اسما لھ تعالى و إن كان یشعر بالكمال ، یرد بھ الشرع

ذه أسماء أو صفات هللا على أن تكون ھ، و ال أن نقول المدیر العام لشؤون الخلق ، الكون العظم و لكنھا إن جاءت في عرض الكالم لبیان ، و یتفق على إطالقھا علیھ تعالى ، تعالى یصطلح علیھا

. و األولى العدول عن ذلك تأدبا مع الحق تعالى ، تصرفھ تعالى من باب التقریب لألفھام فال بأس : العلمیة و الوصفیة في ھذه األسماء - ٤

و ، اهللا : متقدمة منھا علم واحد وضع للذات القدسیة و ھو لفظ الجاللة و ھذه األسماء الو ، و لھذا صح أن تكون أخبارا للفظ الجاللة ، باقیھا كلھا مالحظ فیھا معنى الصفات

و حسبنا ، ال یترتب علیھا أمر عملي ، ھل ھو مشتق أو غیر مشتق ؟ مسألة خالفیة و في ھذا ، د و بقیة األسماء مشربة بالوصفیة أن نعلم اسم الذات ھو ھذا االسم المفر

. الكفایة

: خواص أسماء اهللا الحسنى - ٥

یذكر البعض أن لكل اسم من أسماء اهللا تعالى خواص و أسرارا تتعلق بھ على إفاضة و قد یتغالى البعض فیتجاوز ھذا القدر إلى زعم أن لكل اسم خادما ، فیھا أو إیجاز

و فوق كل ، و الذي أعلمھ في ھذا ، و ھكذا ، ب على الذكر بھ روحانیا یخدم من یواظو فیھا ، أن أسماء اهللا تعالى ألفاظ مشرفة لھا فضل على سائر الكالم ، ذي علم علیم

و أن اإلنسان إذا واظب على ذكر اهللا تعالى ظھرت ، بركة و في ذكرھا ثواب عظیم أما ما ، ور قلب و فھم للمعنى و ال سیما إذا كان ذكره بحض، و صفت روحھ ، نفسھ

و ، و قد نھینا عن الغلو في دین اهللا تعالى ، زاد على ذلك فلم یرد في كتاب و ال سنة .و حسبنا االقتصار على ما ورد ، الزیادة فیھ

: اسم اهللا األعظم - ٦ :منھا ، ورد اسم اهللا األعظم في أحادیث كثیرة

مع النبي صلى اهللا علیھ وسلم رجال یدعو وھو س: عن بریدة رضي اهللا عنھ قال - ١اللھم إني أسألك بأني أشھد أنك أنت اهللا ال إلھ إال أنت األحد الصمد الذي لم یلد : یقول

لقد سأل اهللا باسمھ األعظم والذي نفسي بیده : (قال فقال . ولم یولد ولم یكن لھ كفوا أحدرواه أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ) الذي إذا دعي بھ أجاب وإذا سئل بھ أعطى

و ، ھو إسناد ال مطعن فیھ : قال شیخنا أبو الحسن المقدسي : و قال المنذري ، ماجة ھذا : ل الحافظ ابن حجر و قا، ال أعلم أنھ روي في ھذا الباب حدیث أجود إسنادا منھ

.الحدیث أرجح ما ورد في ھذا الباب من حیث السند دخل النبي صلى اهللا علیھ وسلم المسجد : عن أنس بن مالك رضي اهللا عنھ قال - ٢

بدیع ورجل قد صلى وھو یدعو وھو یقول في دعائھ اللھم ال إلھ إال أنت المنانأتدرون بما (فقال النبي صلى اهللا علیھ وسلم . السماوات واألرض ذا الجالل واإلكرام

رواه أبو ) دعا اهللا؟ دعا اهللا باسمھ األعظم الذي إذا دعي بھ أجاب وإذا سئل بھ أعطى .داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجھ

اسم اهللا : ( عن أسماء بنت یزید رضي اهللا عنھا أن النبي صلى اهللا علیھ و سلم قال - ٣اهللا ، ألـم ( ، ) وإلھكم إلھ واحد ال إلھ إال ھو الرحمن الرحیم( العظم في ھاتین اآلیتین و قال ، د و الترمذي و ابن ماجھ رواه أحمد و أبو داو) . ال إلھ إال ھو الحي القیوم

.الترمذي حدیث حسن صحیح سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : عن سعد بن مالك رضي اهللا عنھ قال - ٤

و إذا سئل بھ أعطى ، الذي إذا دعي بھ أجاب ، ھل أدلكم على اسم اهللا األعظم : (یقول أن ال إلھ إال أنت (: ثالث ؟ الدعوة التي دعا بھا یونس حیث نادى في الظلمات ال

یا رسول اهللا ھل كانت لیونس خاصة أم : فقال رجل ، ) سبحانك إني كنت من الظالمین: أال تسمع قول اهللا عز وجل : (للمؤمنین عامة ؟ فقال رسول اهللا صلي اهللا علیھ وسلم

.رواه الحاكم . )م وكذلك ننجي المؤمنینفاستجبنا لھ ونجیناه من الغ(و أن ، فأنت ترى من ھذه األحادیث و من غیرھا أنھا لم تعین اسم اهللا األعظم بالذات حتى ، العلماء مختلفون في تعیینھ الختالفھم في ترجیح األحادیث بعضھا على بعض

و من أقوال ، ھذه األحادیث الشریفة و الذي نأخذه من، اختلفوا على نحو الربعین قوال أن االسم األعظم دعاء مركب من عدة أسماء من أسمائھ ، الثقات من رجال الملة

و ، مع توفر شروط الدعاء المطلوبة شرعا استجاب اهللا لھ ، تعالى إذا دعا بھ اإلنسان .قد صرحت بھ األحادیث الشریفة في عدة مواضع

، بعض الناس من أتھ سر من األسرار یمنح لبعض األفراد فما یدعیھ، و إذا تقرر ھذا و یكون لھم بھ من الخواص ما لیس ، و یخرقون بھ العادات ، فیفتحون بھ المغلقات

و إذا احتج ھؤالء البعض ، أمر زائد عما ورد عن اهللا و رسولھ ، لغیرھم من الناس ه علم من الكتاب أنا آتیك بھ قبل أن قال الذي عند: (باآلیة الكریمة و ھي قولھ تعالى

أنھ ) عنده علم من الكتاب(على أن القول بأن معنى ، ) ٤٠:النمل) (یرتد إلیك طرفكیا حي یا : قد صرح المفسرون بأن ذلك المدعو بھ كان : نقول لھم ، اسم اهللا األعظم

آھیا : ( و ادعى بعضھم أنھ سریاني لفظھ . لحي القیوم اهللا ال إلھ إال ھو ا: أو ، قیوم فلم یخرج األمر عما ورد في األحادیث ، و ھي دعوى بغیر دلیل ، ) شراھیا

.الصحیحة و ، و ادعاء الخصوصیات ، و خالصة البحث أن بعض الناس ولعوا بالمعمیات

و قد نھینا عن ذلك ، فقالوا ما لم یرد في كتاب و ال في سنة ، الزیادة في المأثورات .فلنقف مع المأثور ، نھیا شدیدا

صــفات اهللا تعــالى

صفات اهللا تبارك و تعالى في نظر العقل- ١

و دقیق ، وغرائب المخلوق ، أنت إذا نظرت إلى الكون وما فیھ من بدائع الحكم لتجدد و وا، و التناسق واإلبداع ، مع العظمة و االتساع ، و كبیر اإلحكام ، الصنع

و شموسھا و أقمارھا ، بكواكبھا و أفالكھا ، و رأیت ھذه السماء الصافیة ، االختراع و معادنھا و كنوزھا و ، و رأیت ھذه األرض بنباتھا و خیراتھا ، و مداراتھا

بل ، و رأیت عالم الحیوان و ما فیھ من غریب الھدایة و اإللھام ، عناصرھا و موادھا و یؤدي ، كل یقوم بعملھ ، سان و ما احتواه من أجھزة كثیرة لو رأیت تركیب اإلن

و عرفت القوى ، و رأیت عالم البحار و ما فیھ من عجائب و غرائب ، وظیفتھ ثم ، من كھرباء و أثیر و مغناطیس و رادیوم ، الكونیة و ما فیھا من حكم و أسرار و كیف أن ، ت فیما بینھا إلى الروابط و الصال، انتقلت إلى ذوات العالم و أوصافھا

بحیث یتألف من مجموعھا وحدة كونیة ، كال منھا یتصل باآلخر اتصاال محكما وثیقا كما یخدم العضو في الجسم الواحد بقیة ، كل جزء منھا یخدم األجزاء األخرى

، أو وحي أو قرآن ، بغیر أن یأتیك دلیل أو برھان ، لخرجت من كل ذلك ، األعضاء و أن ھذا ، أن لھذا الكون خالقا صانعا موجدا : ة النظریة السھلة و ھي بھذه العقید

و ، الصانع ال بد أن یكون عظیما فوق ما یتصور العقل البشري الضعیف من العظمة و أنھ ، و حیا بأكمل معاني الحیاة ، قادرا فوق ما یفھم اإلنسان من معاني القدرة

و علیما بأوسع حدود العلم ، قبل أن تكون ألنھ كان، مستغن عن كل ھذه المخلوقات ، و أنھ قبل ھذه المخلوقات ألنھ خالقھا ، و أنھ فوق نوامیس ھذا الكون ألنھ واضعھا ،

و إجماال سترى نفسك مملوءا بالعقیدة بان ، و بعدھا ألنھ ھو الذي یحكم علیھا بالعدم ورھا العقل البشري صانع ھذا الكون و مدبره متصف بكل صفات الكمال فوق ما یتص

، و سترى ھذه العقیدة وحي وجدانك لوجدانك ، و منزه عن صفات النقص ، الصغیر

طر الناس علیھا ال تبدیل لخلق اهللا ذلك الدین : (و شعور نفسك لنفسك فطرت اهللا التي ف . )٣٠:الروم) (القیم

و سترى ، ة بعضا من غرائب الحوادث في ھذا الكون و نسوق إلیك بعد ھذه المقدمانھا على قلتھا بالنسبة لعظمة الكون و ما فیھ من دقة و إحكام ستكون كافیة ألن تشعر

.في نفسك بما قدمت لك منھا جزءان ، ھذا الھواء الذي نستنشقھ مركب من عدة عناصر : المالحظة األولى

و جزء ، مى باصطالح الكیمیائیین األكسجین جزء صالح لتنفس اإلنسان و یس: ھامان فمن دقائق االرتباط بین وحدات ھذا الوجود المعجز أن ، ضار بھ و یسمى الكربون

ففي الوقت الذي یكون ، ھذا الجزء الضار باإلنسان یتنفسھ النبات و ھو نافع لھ العملیة اإلنسان فیھ یستنشق األكسجین و یطرد الكربون یكون النبات یعمل عكس ھذه

فانظر إلى الرابطة التعاونیة بین اإلنسان و ، فیستنشق الكربون و یطرد األكسجین ، : و قل لي بعد ذلك ، و ھو التنفس ، النبات في شيء ھو أھم عناصر الحیاة عندھما

دقیق الحكمة ؟، ھل یفعل ھذا في الكون العظیم غیر عظیم قادر واسع العلم ، كل الطعام و ھو یتركب من عدة عناصر نباتیة أو حیوانیة أنت تأ: المالحظة الثانیة

فترى أن الریق یھضم ، مثال ، أو دھنیة ، أو نشویة ، یقسمھا العلماء إلى مواد زاللیة و المعدة ، و یذیب المواد السكریة و نحوھا مما یقبل الذوبان ، بعض المواد النشویة

و الصفراء المنفرزة من الكبد تھضم ، یھضم عصیرھا المواد الزاللیة كاللحم و غیره ثم یأتي البنكریاس بعد ذلك ، و تجزئھا إلى أجزاء دقیقة یمكن امتصاصھا ، الدھنیات

فیفرز أربع عصارات تتولى كل واحدة منھا تتمیم الھضم في عنصر من العناصر فتأمل ھذا ، و الرابعة تحول اللبن إلى جبن ، النشویة أو الزاللیة أو الدھنیة : الثالثة

و عناصر النبات و الحیوان و األغذیة ، االرتباط العجیب بین عناصر الجسم البشري .التي یتغذى بھا اإلنسان

ترى الزھرة في النبات فترى لھا أوراقا جمیلة جذابة ملونة بألوان : المالحظة الثالثة إغواء للنحل و أجابوك بأن ھذا، فإذا سألت علماء النبات عن الحكمة في ذلك ، بھیجة

حتى إذا وقفت ، أشباھھ من المخلوقات التي تمتص رحیق األزھار لتسقط على الزھرة على عیدانھا علقت حبوب اللقاح و انتقلت من الزھرة الذكر إلى الزھرة األنثى فیتم

فانظر كیف جعلت ھذه األوراق الجمیلة الزھرة حلقة اتصال بین النبات و ، التلقیح ستخدم النبات و الحیوان في عملیة التلقیح الضروریة لإلثمار و اإلنتاج الحیوان حتى ی

! و ، و سیطرة قویة ، و إرادة سامیة ، كل ما في الكون ینبئك بوجود حكمة عالیة

و ، و رب ھذه الحكمة ، نوامیس في غایة الدقة و اإلحكام یسیر علیھا ھذا الوجود اهللا: و و واضع ھذه النوامیس ھ، صاحب ھذه العظمة

و األسرار ، وفي لفت اإلنظار إلى ھذه الحكم البارعة ، و قد أفاض القرآن في ذلك و مظاھر قدرتھ و ، فال تكاد تخلو صورة من صوره من ذكر آالء اهللا و نعمھ ، العالیة

.و دوام التفكر فیھ ، حكمتھ و حث الناس على تجدید النظر في ذلك :قال تعالى

ومن آیاتھ أن خلق لكم من ، ن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ومن آیاتھ أ(أنفسكم أزواجا لتسكنوا إلیھا وجعل بینكم مودة ورحمة إن في ذلك آلیات لقوم یتفكرون

یاتھ خلق السماوات واألرض واختالف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك آلیات ومن آ، ومن آیاتھ منامكم باللیل والنھار وابتغاؤكم من فضلھ إن في ذلك لآیات لقوم ، للعالمین ومن آیاتھ یریكم البرق خوفا وطمعا وینزل من السماء ماء فیحیي بھ ، یسمعون

. )٢٤ : ٢٠: الروم ) (الأرض بعد موتھا إن في ذلك لآیات لقوم یعقلونیر سحابا فیبسطھ في السماء كیف یشاء اهللا الذي یرسل الریاح فتث: (و قال تعالى

ویجعلھ كسفا فترى الودق یخرج من خاللھ فإذا أصاب بھ من یشاء من عباده إذا ھم فانظر إلى آثار ، لمبلسین وإن كانوا من قبل أن ینزل علیھم من قبلھ، یستبشرون

رحمت اهللا كیف یحیي األرض بعد موتھا إن ذلك لمحیي الموتى وھو على كل شيء ) .٥٠-٤٨: الروم) (قدیر

و ~ و ق، و النمل ، و األنبیاء ، و القصص ، و غیر ذلك كثیر في سورة الرعد .ا من سور القرآن غیرھ

مجمل صفات اهللا في القرآن- ٢

و التي یقتضیھا ، أشارت آیات القرآن الكریم إلى بعض الصفات الواجبة هللا تعالى :و إلیك بعض ھذه اآلیات ، كمال األلوھیة

:وجود اهللا تعالى م استوى على العرش وسخر اهللا الذي رفع السماوات بغیر عمد ترونھا ث(قال تعالى

الشمس والقمر كل یجري ألجل مسمى یدبر األمر یفصل اآلیات لعلكم بلقاء ربكم لثمرات جعل وھو الذي مد األرض وجعل فیھا رواسي وأنھارا ومن كل ا، توقنون

وفي األرض ، فیھا زوجین اثنین یغشي اللیل النھار إن في ذلك آلیات لقوم یتفكرون قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخیل صنوان وغیر صنوان یسقى بماء

-٢:الروم ) (واحد ونفضل بعضھا على بعض في األكل إن في ذلك آلیات لقوم یعقلون٤. (

دة قلیال ما تشكرون (وقال تعالى وھو ، وھو الذي أنشأ لكم السمع واألبصار واألفئوھو الذي یحیي ویمیت ولھ اختالف اللیل ، ي األرض وإلیھ تحشرون الذي ذرأكم ف

) .٨٠-٧٨: المؤمنون) (والنھار أفال تعقلونو نستدل علیھ بما ترى من تصرفاتھ ، فكل ھذه اآلیات تنبئك بوجود اهللا تبارك وتعالى

.في شؤون ھذا الكون العجیب :دم اهللا تعالى وبقائھ ق

) ٣:الحدید) (ھو األول واآلخر والظاھر والباطن وھو بكل شيء علیم: (قال اهللا تعالى .

وال تدع مع اهللا إلھا آخر ال إلھ إال ھو كل شيء ھالك إال وجھھ لھ الحكم: (وقال تعالى ) .٨٨:القصص) (وإلیھ ترجعون

) ویبقى وجھ ربك ذو الجالل واألكرام، كل من علیھا فان : (وقال تعالى ) .٢٧:الرحمن(

.و البقاء هللا تبارك و تعالى ، و في ھذه اآلیات الكریمة إشارة إلى صفتي القدم

) ولم یكن لھ كفوا أحد، لم یلد ولم یولد ، اهللا الصمد ، حد قل ھو اهللا أ: (قال تعالى اإلخالص

فاطر السماوات واألرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن األنعام : (وقال تعالى ) .١١:الشورى) (يء وھو السمیع البصیرأزواجا یذرأكم فیھ لیس كمثلھ ش

وتنزھھ عن الولد و الوالد و الشبیھ و النظیر ، وفي ذلك إشارة إلى مخالفتھ تبارك للحوادث من خلقھ .

:قیام اهللا تعالى بنفسھ ى اهللا واهللا ھو الغني(قال تعالى ) .١٥:فاطر) ( الحمیدیا أیھا الناس أنتم الفقراء إل

ما أشھدتھم خلق السماوات واألرض وال خلق أنفسھم وما كنت متخذ : (وقال تعالى . )٥١:الكھف) (المضلین عضدا

.وفي ذلك إشارة إلى قیامھ تعالى بنفسھ و استغنائھ عن خلقھ مع حاجتھم إلیھ

: اهللا تعالى وحدانیةولھ ما ، وقال اهللا ال تتخذوا إلـھین اثنین إنما ھو إلھ واحد فإیاي فارھبون : (قال تعالى

من اهللا وما بكم من نعمة ف، في السماوات واألرض ولھ الدین واصبا أفغیر اهللا تتقون ) .٥٣-٥١:النحل) (ثم إذا مسكم الضر فإلیھ تجأرون

لقد كفر الذین قالوا إن اهللا ثالث ثالثة وما من إلھ إال إلھ واحد وإن لم : (وقال تعالى أفال یتوبون إلى اهللا ، ن كفروا منھم عذاب ألیم ینتھوا عما یقولون لیمسن الذی . )٧٤-٧٣:المائدة) (ویستغفرونھ واهللا غفور رحیم

لو كان فیھما آلھة إلا اهللا ، أم اتخذوا آلھة من األرض ھم ینشرون : (وقال تعالى أم ، ال یسأل عما یفعل وھم یسألون ، ا فسبحان اهللا رب العرش عما یصفون لفسدت

اتخذوا من دونھ آلھة قل ھاتوا برھانكم ھذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرھم ال وما أرسلنا من قبلك من رسول إال نوحي إلیھ أنھ ال إلھ ، فھم معرضون یعلمون الحق ) .٢٥-٢١:االنبیاء) (إال أنا فاعبدون

سیقولون هللا قل أفال ، قل لمن األرض ومن فیھا إن كنتم تعلمون : (وقال تعالى سیقولون هللا قل أفلا ، قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظیم ، كرون تذ

، قل من بیده ملكوت كل شيء وھو یجیر وال یجار علیھ إن كنتم تعلمون ، تتقون ما اتخذ اهللا من ولد ، بل أتیناھم بالحق وإنھم لكاذبون ، أنى تسحرون سیقولون هللا قل ف

وما كان معھ من إلھ إذا لذھب كل إلھ بما خلق ولعال بعضھم على بعض سبحان اهللا ) .٩٢-٨٣:المؤمنون) (لغیب والشھادة فتعالى عما یشركونعالم ا، عما یصفون ، قل الحمد هللا وسالم على عباده الذین اصطفى آهللا خیر أما یشركون : (وقال تعالى

ء ماء فأنبتنا بھ حدائق ذات بھجة ما أمن خلق السماوات واألرض وأنزل لكم من السماأمن جعل األرض قرارا ، كان لكم أن تنبتوا شجرھا ءإلھ مع اهللا بل ھم قوم یعدلون ین حاجزا ءإلھ مع اهللا بل وجعل خاللھا أنھارا وجعل لھا رواسي وجعل بین البحر

أمن یجیب المضطر إذا دعاه ویكشف السوء ویجعلكم خلفاء ، أكثرھم ال یعلمون البحر ومن یرسل أمن یھدیكم في ظلمات البر و، األرض ءإلھ مع اهللا قلیال ما تذكرون

أمن یبدأ الخلق ثم ، الریاح بشرا بین یدي رحمتھ ءإلھ مع اهللا تعالى اهللا عما یشركون م إن كنتم یعیده ومن یرزقكم من السماء واألرض ءإلھ مع اهللا قل ھاتوا برھانك

. )٦٤-٥٩:النمل) (صادقین، واحد في صفاتھ ، إلى غیر ذلك من اآلیات التي تثبت أن اهللا تعالى واحد في ذاتھ

.و ال إلھ سواه ، ال رب غیره ، واحد في أفعالھ و تصرفاتھ :قدرة اهللا تعالى

ریب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من یا أیھا الناس إن كنتم في : (قال اهللا تعالى نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغیر مخلقة لنبین لكم ونقر في األرحام ما نشاء

ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من یتوفى ومنكم من یرد إلى إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفالأرذل العمر لكیال یعلم من بعد علم شیئا وترى األرض ھامدة فإذا أنزلنا علیھا الماء

ذلك بأن اهللا ھو الحق وأنھ یحیي الموتى ، كل زوج بھیج اھتزت وربت وأنبتت من) وأن الساعة آتیة ال ریب فیھا وأن اهللا یبعث من في القبور، وأنھ على كل شيء قدیر

) .٧-٥:الحج(ھم خلق السماوات واألرض وال خلق أنفسھم وما كنت متخذ ما أشھدت: (وقال تعالى

. )٥١:الكھف) (المضلین عضداولقد خلقنا السماوات واألرض وما بینھما في ستة أیام وما مسنا من : (وقال تعالى

.) ٣٨:ق) (لغوبألم تر أن اهللا یزجي سحابا ثم یؤلف بینھ ثم یجعلھ ركاما فترى الودق : (وقال تعالى

یخرج من خاللھ وینزل من السماء من جبال فیھا من برد فیصیب بھ من یشاء یقلب اهللا اللیل والنھار إن في ، ن یشاء یكاد سنا برقھ یذھب باألبصار ویصرفھ عن م

واهللا خلق كل دابة من ماء فمنھم من یمشي على بطنھ ، ذلك لعبرة ألولي الأبصار لى رجلین ومنھم من یمشي على أربع یخلق اهللا ما یشاء إن اهللا على ومنھم من یمشي ع

) .٤٥-٤٣:النور) (كل شيء قدیر .إلى غیر ذلك من اآلیات الدالة على عظیم قدرتھ تبارك و تعالى و باھر عظمتھ

:إرادة اهللا تبارك وتعالى . )٨٢:یـس) (ما أمره إذا أراد شیئا أن یقول لھ كن فیكونإن(قال اهللا تعالى

وإذا أردنا أن نھلك قریة أمرنا مترفیھا ففسقوا فیھا فحق علیھا القول : (وقال تعالى . )١٦:االسراء) (فدمرناھا تدمیرا

فأراد ربك أن : (تعالى حكایة عن الخضر في قصتھ مع موسى علیھما السالم وقال یبلغا أشدھما ویستخرجا كنزھما رحمة من ربك وما فعلتھ عن أمري ذلك تأویل ما لم

. )٨٢:الكھف) (تسطع علیھ صبرایرید اهللا لیبین لكم ویھدیكم سنن الذین من قبلكم ویتوب علیكم واهللا علیم : (ى وقال تعال

، واهللا یرید أن یتوب علیكم ویرید الذین یتبعون الشھوات أن تمیلوا میال عظیما ، حكیم . )٢٨-٢٦:النساء) (ید اهللا أن یخفف عنكم وخلق اإلنسان ضعیفایر

إلى غیر ذلك من اآلیات الكریمة التي تشیر إلى إثبات إرادة اهللا تعالى و أنھا فوق كل ) .٣٠:االنسان) (وما تشاءون إال أن یشاء اهللا: (إرادة و مشیئة :علم اهللا تعالى الحمد هللا الذي لھ ما في السماوات وما في األرض ولھ الحمد في : (قال اهللا تعالى

یعلم ما یلج في األرض وما یخرج منھا وما ینزل من ، اآلخرة وھو الحكیم الخبیر غفورالسماء وما یعرج فیھ . )٢-١:سـبأ) (ا وھو الرحیم ال

یعلم ما في السماوات واألرض ویعلم ما تسرون وما تعلنون واهللا علیم : (وقال تعالى . )٤:التغابن) (بذات الصدور

ھا إن تك مثقال حبة من یا بني إن: (وقال تعالى حكایة عن لقمان في وصیتھ البنھ خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في األرض یأت بھا اهللا إن اهللا لطیف

. )١٦:لقمان) (خبیر

من قومھ قال المأل الذین استكبروا: (وقال تعالى في حكایة ما وقع بین شعیب وقومھ لنخرجنك یا شعیب والذین آمنوا معك من قریتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا

ھا وما یكون لنا قد افترینا على اهللا كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا اهللا من، كارھین أن نعود فیھا إال أن یشاء اهللا ربنا وسع ربنا كل شيء علما على اهللا توكلنا ربنا افتح

) .٨٩-٨٨:ألعراف) (بیننا وبین قومنا بالحق وأنت خیر الفاتحینألم تر أن اهللا یعلم ما في السماوات وما في األرض ما یكون من نجوى : (وقال تعالى

ثالثة إال ھو رابعھم وال خمسة إال ھو سادسھم وال أدنى من ذلك وال أكثر إال ھو معھم . )٧:المجادلة) (بئھم بما عملوا یوم القیامة إن اهللا بكل شيء علیمأین ما كانوا ثم ین

قل أو ، و إحاطتھ بكل شيء ، إلى غیر ذلك من اآلیات الكثیرة الدالة على سعة علمھ تبارك وتعالى .دق أو عظم ، كثر

:حیاة اهللا تعالى لھ إال ھو الحي القیوم ال تأخذه سنة وال نوم لھ ما في السماوات اهللا ال إ: (قال اهللا تعالى

) .٢٥٥:البقرة) (وما في األرض

ا بین نزل علیك الكتاب بالحق مصدقا لم، اهللا ال إلھ إال ھو الحي القیوم ، ألـم : ( و قال تعالى . )٤-١:آل عمران) (من قبل ھدى للناس وأنزل الفرقان، یدیھ وأنزل التوراة واإلنجیل

اهللا الذي جعل لكم األرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم : (قال تعالى ھو الحي ال إلھ إال ھو ، م من الطیبات ذلكم اهللا ربكم فتبارك اهللا رب العالمین ورزقك

) .٦٥-٦٤:غافر) (فادعوه مخلصین لھ الدین الحمد هللا رب العالمین و تعالى متصف بالحیاة الكاملة إلى غیر ذلك من آیات كثیرة تدل على أن اهللا تبارك

.التي لیس ثم أكمل منھا :سمع اهللا تعالى و بصره

قد سمع اهللا قول التي تجادلك في زوجھا وتشتكي إلى اهللا واهللا یسمع : (قال اهللا تعالى . )١:المجادلة) (تحاوركما إن اهللا سمیع بصیر

أو أمر ، أرأیت إن كان على الھدى ، عبدا إذا صلى ، أرأیت الذي ینھى : (وقال تعالى ) .١٤-٩:العلق) (ألم یعلم بأن اهللا یرى، أرأیت إن كذب وتولى ، بالتقوى

اذھبا إلى فرعون إنھ طغى : ( إلى فرعون وقال تعالى لموسى و ھارون حین أرسلھماقاال ربنا إننا نخاف أن یفرط علینا أو أن ، فقوال لھ قوال لینا لعلھ یتذكر أو یخشى ،

) .٤٦-٤٣:طھ) (قال ال تخافا إنني معكما أسمع وأرى، یطغى واهللا یقضي بالحق والذین ، یعلم خائنة األعین وما تخفي الصدور : (وقال تعالى

) .٢٠-١٩:غافر) (یدعون من دونھ ال یقضون بشيء إن اهللا ھو السمیع البصیر .تصافھ تبارك وتعالى بالسمع و البصر إلى غیر ذلك من اآلیات التي تدل على ا

:كالم اهللا تعـالى . )١٦٤:النساء) (وكلم اهللا موسى تكلیما: (قال اهللا تعالى

أفتطمعون أن یؤمنوا لكم وقد كان فریق منھم یسمعون كالم اهللا ثم : (وقال تعالى . )٧٥:البقرة) ( بعد ما عقلوه وھم یعلمونیحرفونھ من

.إلى غیر ذلك من اآلیات التي تدل على اتصافھ تبارك وتعالى بصفة الكالم

صفات اهللا ال تتناھى، و كماالتھ تبارك و تعالى ال تتناھى ، و صفات اهللا تبارك و تعالى في القرآن الكریم

. سبحانھ ال نحصي ثناء علیھ ھو كما أثنى على نفسھ ،و ال تدرك كنھھا عقول البشر

بین صفات اهللا و صفات الخلق

و الذي یجب أن یتفطن إلیھ المؤمن أن المعنى الذي یقصد باللفظ في صفات اهللا تبارك ، و تعالى یختلف اختالفا كلیا عن المعنى یقصد بھذا اللفظ عینھ في صفات المخلوقین

وتقول فالن عالم و العلم صفة لفالن من الناس ، صفة هللا تعالى اهللا والعلم: فأنت تقول و إنما علم اهللا ، فھل ما یقصد بلفظة العلم في التركیبین واحد ؟ حاشا أن یكون كذلك ،

وكذلك ، تبارك و تعالى علم ال یتناھى كمالھ و ال یعد علم المخلوقین شیئا إلى جانبھ فھذه ، وكذلك القدرة و اإلرادة ، وكذلك الكالم ، وكذلك البصر، وكذلك السمع ، الحیاة

كلھا مدلوالت األلفاظ فیھا تختلف عن مدلوالتھا في حق الخلق من حیث الكمال و فتفطن لھذا المعنى فإنھ ، ألنھ تبارك وتعالى الیشبھ أحدا من خلقھ ، الكیفیة اختالفا كلیا

واهللا نسأل العصمة ، ھا في حقك وإنما حسبك أن تعلم آثارھا في الكون ،ولوازم، دقیق .من الزلل وحسن التوفیق

:األدلة العقلیة و المنطقیة على إثبات صفات اهللا تعالى ، و أقیسة منطقیة ، یعمد علماء العقائد إلى إثبات صفات اهللا تبارك وتعالى بأدلة عقلیة

و حتى ال ، و مناط التكلیف ، ألن العقل أساس المعرفة ، إن ذلك حسن : ونحن نقول و ، و لكن األمر أوضح من ذلك ، یكون في نفس أحد أثر من آثار الشبھات و األباطیل

وجود الخالق تبارك و تعالى و إثبات صفات الكمال المطلق لھ صار في حكم و ال یطالب بالدلیل علیھا إال كل ، البدیھیات التي ال یحتاج إلى إثباتھا دلیل أو برھان

و مع ھذا فتتمیما للفائدة ، وال تنفع معھ حجة ، ال یجدیھ دلیل مكابر مریض القلب :فنقول ، نذكر بعض األدلة العقلیة اإلجمالیة و التفصیلیة

ھذا الوجود الذي یدل بعظمتھ و إحكامھ على وجود خالقھ و عظمتھ و : الدلیل األول كمالھ

الكون متصفا بصفات فإذا لم یكن موجد ، إن فاقد الشيء ال یعطیھ : الدلیل الثاني .الكمال فكیف تكون آثار ھذه الصفات في مخلوقاتھ

إن التعدد مدعاة للفساد و ، و ھو خاص بان ھذا الخالق واحد ال یتعدد : الدلیل الثالث و أیضا فلو استقل أحد ، الخالف و العلو وال سیما و شان األلوھیة الكبریاء و العظمة

و لو اشتركوا تعطلت بعض صفات ، اآلخرین المتعددین بالتصرف تعطلت صفات فالبد أن یكون ، و تعطیل صفات األلوھیة یتنافى مع جاللھا و عظمتھا ، كل منھم

.اإللھ واحدا ال رب غیره و من أراد ، و إثبات صفاتھ ، ھذه نماذج من األدلة المنطقیة على وجود الخالق

مركوز في فطر النفوس الصافیة على أن األمر كلھ ، االستیعاب فعلیھ بالمطوالت ) ومن لم یجعل اهللا لھ نورا فما لھ من نور(، مستقر في أعماق القلوب السلیمة

. )٤٠:النور(

سؤال یقف أمامھ كثیر من الناس: قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ورد في حدیث أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال

فمن خلق اهللا ؟ فمن وجد من ذلك ، اس یتساءلون حتى یقال خلق اهللا الخلق ال یزال الن( .رواه مسلم ) شیئا فلیق آمنت باهللا

ألننا أمرنا أال نبحث في ذات اهللا تبارك ، و ھذا السؤال و عن كان خطأ من أساسھ ألن عقولنا القاصرة التي تعجز عن إدراك حقیقة نفسھا تعجز من باب األولى ، وتعالى

و ، إال انھ یختلج في نفوس بعض الناس ، عن إدراك حقیقة ذات اهللا تبارك وتعالى :فنقول ، إن شاء اهللا تعالى ، نرید أن نوضح لھم الجواب علیھ بمثال یریح ضمائرھم

إذا وضعت كتاب على مكتبتك ثم خرجت من الحجرة و عدت إلیھا بعد قلیل فرأیت فإنك تعتقد تماما أن أحدا ال بد ، عا في الدرج الكتاب الذي تركتھ على المكتب موضو

.ألنك تعلم من صفات ھذا الكتاب أنھ ال ینتقل بنفسھ ، أنیكون وضعھ في الدرج لو كان معك في حجرة مكتبك شخص : احفظ ھذه النقطة و انتقل معي إلى نقطة أخرى

مثال جالس على الكرسي ثم خرجت و عدت إلى الحجرة فرأیتھ جالسا على البساط ألنك تعلم من ، و ال تعتقد أن أحدا نقلھ من موضعھ ، فإنك ال تسأل عن سبب انتقالھ

.صفات ھذا الشخص انھ ینتقل بنفسھ وال یحتاج على من ینقلھ لما كانت ھذه المخلوقات محدثة و نحن : احفظ ھذه النقطة الثانیة ثم اسمع ما أقولھ لك

عرفنا أن موجدھا ھو اهللا ، بل ال بد لھا من موجد نعلم من طبائعھا أنھا ال توجد بذاتھا بل إن ، و لما كان كمال األلوھیة یقتضي عدم احتیاج الھ إلى غیره ، تبارك وتعالى

عرفنا أن اهللا تبارك و تعالى موجود بذاتھ و غیر محتاج إلى ، من صفاتھ قیامھ بنفسھ اتضح لك ھذا ، الكالم و إذا وضعت النقطتین السابقتین إلى جانب ھذا، من یوجده

و اهللا نسأل العصمة ، و العقل البشري أقصر من أن یتورط في أكثر من ذلك ، المقام .إنھ رؤوف رحیم ، و الزلل

و ، و إلیك أقوال العلماء األوربیین في إثبات وجود اهللا تعالى و اإلقرار بكمال صفاتھ :اهللا ولي توفیقنا و توفیقك

في إثبات وجود اهللا و صفاتھكالم العلماء الطبیعین

تكاد ، مستقرة في األذھان الصافیة ، قدمنا إلیك أن ھذه العقیدة فطریة في النفوس السلیمة و لذلك اعتقدھا علماء ، تؤكدھا نتائج العقول جیال بعد جیل ، تكون من بدھیات المعلومات

و سننقل لك بعض ، الكون من األوربیین و غیرھم و إن لم یتلقوا عن دین من األدیانو قطعا أللسنة الذین یریدون ،ولكن إثباتا الستقرارھا في النفوس ، ال تأییدا للعقیدة ، شھاداتھم

.و یخادعوا ضمائرھم و أرواحھم بالباطل ، أن یتحللوا من رباط العقائد

: قال دیكارت العالم الفرنسي - ١

و أراني مضطرا ، ذات كاملة إني مع شعوري بنقص ذاتي أحس في الوقت نفسھ بوجود(لالعتقاد بأن ھذا الشعور قد غرستھ في ذاتي تلك الذات الكاملة المتحلیة بجمیع صفات الكمال

)اهللا: و ھي ، و یعترف بأن ، و وجود اهللا و كمالھ ، فھو یثبت في كالمھ ھذا ضعف نفسھ و نقصھا ) اللھ التي فطر الناس علیھافطرت(، شعوره و إحساسھ ھبھ من اهللا لھ و فطرة فیھ

) .٣٠:الروم(

:و مكتشف قانون الجاذبیة ، وقال إسحاق نیوتن العالم اإلنجلیزي الشھیر - ٢ال تشكوا في الخالق فإنھ مما ال یعقل أن تكون المصادفات وحدھا ھي قائدة ھذا (

) .الوجود : وقال ھرشل الفلكي اإلنجلیزي - ٣ع نطاق العلم ازدادت البراھین الدامغة القویة على وجود خالق أزلي ال حد لقدرتھ و ال كلما اتس(

و ، فالجیولوجیون و الریاضیون و الفلكیون و الطبیعیون قد تعاونوا على تشیید صرح العلم ، نھایة ) .ھو صرح عظمة اهللا وحده

) :اهللا في الطبیعة(ابھ المسمى كما نقلھ عنھ كامیل فالمریون الفرنسي في كت، وقال لینیھ - ٤قد تجلى لي ببدائع صنعھ حتى ، إن اهللا األزلي األبدي العالم بكل شيء و المقتدر على كل شيء (

سواء في ! و أي إبداع أبدعھ في مصنوعاتھ ، فأي قدرة و أي حكمة و أي ، صرت مندھشا مبھوتا ھذه الكائنات تشھد بعظمة رحمة اهللا الذي إن المنافع التي نستمدھا من ! أصغر األشیاء أو أكبرھا

وكذلك حفظھا عن التالشي و تجددھا یقر ، كما أن كمالھا و تناسقھا ینبئ بواسع حكمتھ ، سخرھا لنا ) .بجمالھ و عظمتھ

: و یقول ھوبرت سبنسر اإلنجلیزي في ھذا المعنى في رسالتھ في التربیة - ٥یوجد في شيء كثیر من العلم الطبیعي الشائع ، قض الدین و لكنھ ال ینا، العلم یناقض الخرافات (

براء من ، و رسب في اعماق الحقائق ، ولكن العلم الذي تجاوز المعلومات السطحیة ، روح الزندقة و التوجھ للعلم الطبیعي عبادة صامتة و اعتراف صامت ، العلم الطبیعي ال ینافي الدین ، ھذه الروح

بل ھو ، فلیس ذلك التوجھ تسبیحا شفھیا ، ثم بقدرة خالقھا ، ین و تدرس بنفاسة األشیاء التي تعاو ، إنما ھو احترام أثمرتھ تضحیة الوقت و التفكیر و العمل ، و لیس باحترام مدعى ، تسبیح عملي

و لكنھ ، ھذا العلم ال یسلك طریق االستبداد في تفھیم الناس استحالة إدراك السبب األول و ھو اهللا بإبالغنا جمیع أنواع الحدود التي ال یستطاع اجتیازھا ، بنا النھج األوضح في تفھیمنا االستحالة ینھج

و ھو بعد ذلك یرینا بكیفیة ال تعادل صغر العقل ، ثم یق بنا في رفق و ھوادة عند ھذه النھایة ، إن العالم : (فقال ثم أخذ یضرب األمثلة على ما یقول ، ) ...اإلنساني إزاء ذلك الذي یفوت العقل

بحیث لو اختلفت ، الذي یرى قطرة الماء فیعلم أنھا تتركب من األكسجین و اإلیدروجین بنسبة خاصة یعتقد عظمة الخالق و قدرتھ و حكمتھ و علمھ الواسع بأشد و ، ھذه النسبة لكانت شیئا آخر غیر الماء

وكذلك العالم ، أنھا قطرة ماء فحسب أعظم و أقوى من غیر العالم الطبیعي الذي ال یرى فیھا إال ال شك انھ یشعر ، الذي یرى قطعة البرد فیرى تحت مجھره ما فیھا من جمال الھندسة و دقة التقسیم

) .بجمال الخالق و دقیق حكمھ أكبر من ذلك الذي ال یعلم عنھا إال أنھا مطر تجمد من شدة البردوإنما استشھدنا بذلك حتى ، و فیما ذكرناه الكفایة ، و أقوال علماء الكون في ذلك ال تقع تحت حصر

مصداقا ، ال یزیده العلم إال قوة و ثباتا و تأییدا ، یعلم شبابنا أن دینھم مؤید من عند اهللا تبارك و تعالى ھ الحق أولم یكف بربك أنھ سنریھم آیاتنا في اآلفاق وفي أنفسھم حتى یتبین لھم أن: (لقول اهللا تعالى

) .٥٣:فصلت) (على كل شيء شھید

آیات الصفات و أحادیثھا

توھم بظاھرھا مشابھة الحق تبارك و ، وردت في القرآن الكریم آیات و في السنة المطھرة أحادیث م نقفي بذكر ما ورد فیھا من ث، نورد بعضھا على سبیل المثال ، تعالى لخلقھ في بعض صفاتھم

التي طال فیھا جدل الناس و ، و اهللا نسأل أن یوفقنا إلى بیان وجھ الحق في ھذه المسألة ، األقوال .و ھو حسبنا و نعم الوكیل ، و یلھمنا الصواب ، و أن یجنبنا الزلل ، نقاشھم في ھذا العصر

: نماذج من آیات الصفات ) .٢٧-٢٦:الرحمن) (ویبقى وجھ ربك ذو الجالل واألكرام، كل من علیھا فان (: قال اهللا تعالى -١

.و مثلھا كل آیة ورد فیھا لفظ الوجھ مضافا إلى الحق تبارك وتعالى

أن اقذفیھ في التابوت ، مك ما یوحى إذ أوحینا إلى أ، ولقد مننا علیك مرة أخرى : ( قال اهللا تعالى -٢فاقذفیھ في الیم فلیلقھ الیم بالساحل یأخذه عدو لي وعدو لھ وألقیت علیك محبة مني ولتصنع على

)٣٩-٣٧:طـھ) (عیني، لى نوح أنھ لن یؤمن من قومك إال من قد آمن فال تبتئس بما كانوا یفعلون وأوحي إ: (وقال تعالى

. )٣٧-٣٦:ھود) (واصنع الفلك بأعیننا ووحینا وال تخاطبني في الذین ظلموا إنھم مغرقون .یھا لفظ العین مضافا إلى اهللا تبارك وتعالى و مثلھا كل آیة ورد ف

إن الذین یبایعونك إنما یبایعون اهللا ید اهللا فوق أیدیھم فمن نكث فإنما ینكث على : ( قال اهللا تعالى -٣ . )١٠:الفتح) (یھ أجرا عظیمانفسھ ومن أوفى بما عاھد علیھ اهللا فسیؤت

وقالت الیھود ید اهللا مغلولة غلت أیدیھم ولعنوا بما قالوا بل یداه مبسوطتان ینفق كیف : (وقال تعالى . )٦٤:المائدة) (یشاء

. )٧١:یـس) (ا لھم مما عملت أیدینا أنعاما فھم لھا مالكونأولم یروا أنا خلقن: (و قال تعالى ال یتخذ المؤمنون الكافرین أولیاء من دون المؤمنین ومن یفعل ذلك فلیس من اهللا : ( قال اهللا تعالى -٤

. )٢٨:آل عمران) (وا منھم تقاة ویحذركم اهللا نفسھ وإلى اهللا المصیرفي شيء إال أن تتقوإذ قال اهللا یا عیسى ابن مریم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلھین من دون اهللا قال : (وقال تعالى

ون لي أن أقول ما لیس لي بحق إن كنت قلتھ فقد علمتھ تعلم ما في نفسي وال أعلم ما سبحانك ما یك . )١١٦:المائدة) (في نفسك إنك أنت عالم الغیوب

) ٥:طـھ) (الرحمن على العرش استوى: ( قال اهللا تعالى -٥ .و مثلھا كل آیة تنسب االستواء على العرش إلى اهللا تبارك وتعالى

وھو القاھر فوق عباده ویرسل علیكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم : ( قال اهللا تعالى -٦ . )٦١:األنعام) (الموت توفتھ رسلنا وھم ال یفرطون

) ءأمنتم من في السماء أن یخسف بكم األرض فإذا ھي تمور: ( قال تعالى و ) .١٦:الملك(

من كان یرید العزة فللھ العزة جمیعا إلیھ یصعد الكلم الطیب والعمل : (و قال تعالى ) عھ والذین یمكرون السیئات لھم عذاب شدید ومكر أولئك ھو یبورالصالح یرف

. )١٠:فاطر( .مما یؤخذ منھ نسبة الجھة هللا تبارك و تعالى

آلخرة وأعد لھم إن الذین یؤذون اهللا ورسولھ لعنھم اهللا في الدنیا وا: ( قال اهللا تعالى -٧ . )٥٧:األحزاب) (عذابا مھینا

ومریم ابنة عمران التي أحصنت فرجھا فنفخنا فیھ من روحنا وصدقت : (وقال تعالى ) .١٢:التحریم) (بكلمات ربھا وكتبھ وكانت من القانتین

) وجاء ربك والملك صفا صفا، كال إذا دكت األرض دكا دكا : (ال تعالى وق . )٢٢-٢١:الفجر(

نماذج من أحادیث الصفاتمنسوبة إلى اهللا تبارك ، وردت في األحادیث الشریفة ألفاظ كالتي في اآلیات السابقة

و ورد في أحادیث ، ي باآلیات عن ذكرھا فنكتف، كالوجھ و الید و نحوھما : وتعالى فمن ، كثیرة ألفاظ أخرى من ھذا القبیل منسوبة إلى ذات اهللا تبارك تعالى نورد بعضھا

:ذلك

خلق اهللا آدم : ( عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم قال-١ نفر من -على أولئك اذھب فسلم : على صورتھ ، طولھ ستون ذراعا ، فلما خلقھ قال

السالم علیكم : فاستمع ما یحیونك ، فإنھا تحیتك وتحیة ذریتك ، فقال-المالئكة جلوسورحمة اهللا ، فكل من یدخل الجنة على : السالم علیك ورحمة اهللا ، فزادوه: ، فقالوا

.رواه البخاري و مسلم ) صورة آدم ، فلم یزل الخلق ینقص بعد حتى اآلنال تزال (مالك رضي اهللا عنھ عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال عن أنس بن -٢

فینزوي ، ھل من مزید حتى یضع رب العزة فیھا قدمھ : جھنم یلقى فیھا وتقول وال یزال في الجنة فضل حتى ، بعزتك وكرمك ، قط قط : بعضھا إلى بعض وتقول

.مسلم رواه البخاري و ) ینشئ اهللا لھا خلقا، فیسكنھم فضل الجنةهللا أشد : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال-٣

.رواه البخاري و مسلم ) فرحا بتوبة أحدكم ، من أحدكم بضالتھ ، إذا وجدھا

:انقسم الناس في ھذه المسالة على أربع فرق و یدا أو أیدیا ، ق فنسبت هللا وجوھا كوجوه الخل، فرقة أخذت بظواھرھا كما ھي - ١

و بعضھم فرضھ شابا ، وھكذا حتى فرضا اإللھ شیخا ، و ضحكا كضحكھم ، كأیدیھم و لیس لقولھم ، و لیسوا من اإلسالم في شيء ، وھؤالء ھم المجسمة و المشبھة ،

لیس كمثلھ : (قول اهللا تبارك وتعالى ، و یكفي في الرد علیھم ، نصیب من الصحة اهللا ، قل ھو اهللا أحد : (وقولھ تعالى . )١١:الشورى) (ھو السمیع البصیرشيء و .اإلخالص ) ولم یكن لھ كفوا أحد، لم یلد ولم یولد ، الصمد

یقصدون بذلك نفي مدلوالتھا مطلقا ، فرقة عطلت معاني ھذه األلفاظ على أي وجھ -٢، فاهللا تبارك و تعالى عندھم ال یتكلم و ال یسمع و ال یبصر ، تبارك و تعالى عن اهللا

فبذلك یعطلون ، و الجوارح یجب أن تنفى عنھ سبحانھ ، ألن ذلك ال یكن إال بجارحة و یطلق علیھم ، وھؤالء ھم المعطلة ،صفات اهللا تبارك وتعالى و یتظاھرون بتقدیسھ

وال أظن أن أحدا عنده مسكة من ، ) الجھمیة: (المیة بعض علماء تاریخ العقائد اإلسو ھا قد ثبت الكالم و السمع و البصر لبعض ! عقل یستسیغ ھذا القول المتھافت

تعالى ! فكیف یتوقف كالم الحق تبارك وتعالى على الجوارح ؟، الخالئق بغیر جارحة .اهللا عن ذلك علوا كبیرا

و بقي أمامنا رأیان ھما محل أنظار ، لنظر ھذان رأیان باطالن ال حظ لھما من ا . وھما رأي السلف و رأي الخلف ، العلماء في العقائد

:مذھب السلف في آیات الصفات و أحادیثھا نؤمن بھذه اآلیات واألحادیث كما وردت ، : أما السلف رضوان اهللا علیھم فقالوا- ٣

بتون الید والعین واألعین فھم یث، ونترك بیان المقصود منھا هللا تبارك وتعالى ونترك هللا تبارك ، وكل ذلك بمعان ال ندركھا ، الخ ... واالستواء والضحك والتعجب

والسیما و قد نھینا عن ذلك في قول النبي صلى اهللا علیھ ، وتعالى اإلحاطة بعلمھا ) .فإنكم لن تقدروا قدره، و ال تتفكروا في اهللا ، تفكروا في خلق اهللا : (وسلم

و رواه األصبھاني في الترغیب و الترھیب ، رواه أبو نعیم في الحلیة بإسناد ضعیف : قال العراقي .و رواه أبو الشیخ كذلك ، بإسناد أصح منھ

و إلیك أقوالھم في ، مع قطعھم رضوان اهللا علیھم بعدم مشابھة بانتفاء المشابھة بین اهللا وبین الخلق :ذلك

عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنیفة رضي اهللا عنھما قال ) أصول السنة (روى الاللكائي في) أ ( اتفق الفقھاء كلھم من المشرق إلى المغرب على اإلیمان بالقرآن وباألحادیث التي جاء بھا الثقات : (

عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم في صفة الرب عز وجل من غیر تفسیر وال وصف وال تشبیھ ، ، شیئا من ذلك فقد خرج مما كان علیھ النبي صلى اهللا علیھ وسلم وفارق الجماعة فمن فسر الیوم

) .ولكن أفتوا بما في الكتاب و السنة ثم سكتوا، فإنھم لم یصفوا و لم یفسروا ) :السنة و المحنة(و ذكره حنبل في كتبھ مثل كتاب ) السنة( ذكر الخالل في كتاب ) ب (

) إن اهللا تبارك وتعالى ینزل إلى سماء الدنیا(عن األحادیث التي تروى : اهللا سألت أبا عبد: قال حنبل و ما أشبھ ھذه األحادیث ) إن اهللا یضع قدمھ(و ) إن اهللا تعالى یرى(و

ونعلم أن ما ، وال نرد منھا شیئا ، نؤمن بھا و نصدق بھا و ال كیف و ال معنى : (فقال أبو عبد اهللا و ال یوصف اهللا تبارك ، و ال نرد على اهللا قولھ ، كان بأسانید صحاحجاء بھ الرسول حق إذا

) .لیس كمثلھ شيء، وتعالى بأكثر مما وصف بھ نفسھ بال حد وال غایة من وصف شیئا من ذات اهللا عز : (مالك بن أنس یقول سمعت : و روى حرملة بن یحیى قال ) ج (

وھو (ومثلھ قولھ، فأشار بیده إلى عنقھ )٦٤:المائدة) (اهللا مغلولةوقالت الیھود ید : (وجل مثل قولھقطع ذلك منھ ، ؛ ألنھ شبھ اهللا تعالى ، فأشار إلى عینیھ أو أذنھ أو شيء من یدیھ )السمیع البصیر

أما سمعت قول البراء حین حدث أن النبي صلى اهللا علیھ وسلم ال یضحي : (ثم قال مالك ، ) بنفسھو یدي : قال البراء ، ع من الضحایا و أشار البراء بیده كما أشار النبي صلى اهللا علیھ وسلم بأرب

فكیف الخالق ، فكره البراء أن یصف ید رسول اهللا إجالال لھ و ھو مخلوق ، أقصر من ید رسول اهللا !)؟الذي لیس كمثلھ شيء

و عبد اهللا بن أبي سلمة الماجشون كالما و أبو عمرو الطلمنكي و أب، و روى أبو بكر بن األثرم ) د ( فما وصف اهللا من نفسھ فسماه على لسان رسولھ سمیناه كما : (طویال في ھذا المعنى ختمھ بقولھ

ال نجحد ما وصف و ال نتكلف معرفة ما ، و ال ھذا ، ال ھذا ، و لم نتكلف منھ صفة ما سواه ، سماه ) .یصف

وال تجاوز ما قد حدد لك ، تنتھي حیث انتھى بك اعلم رحمك اهللا أن العصمة في الدینو ، فما بسطت علیھ المعرفة ، فإن من قوام الدین معرفة المعروف و إنكار المنكر ،

و توارث علمھ األمة فال تخافن ، و ذكر أصلھ في الكتاب و السنة ، سكنت إلیھ األفئدة لفن بما وصف من ذلك و ال تك، في ذكره و صفتھ من ربك ما وصف من نفسھ عینا

و ال في الحدیث عن نبیك ، و لم تجد ذكره في كتاب ربك ، وما أنكرتھ نفسك ، قدرا و اصمت كما صمت ، وال تصفھ بلسانك ، من ذكر صفة ربك فال تتكلفن علمھ بعقلك

فإن تكلفك معرفة ما لم یصف بھ نفسھ مثل إنكارك ما وصف ، الرب عنھ من نفسھ فكذلك أعظم تكلف ما ، ما جحد الجاحدون مما وصف من نفسھ فكما أعظمت ، منھا

فقد واهللا عز على المسلمون الذین یعرفون ، وصف الواصفون مما لم یصف نفسھ یسمعون ما وصف ، و ینكرون المنكر وبإنكارھم ینكر ، المعروف و بمعرفتھم یعرف ا مرض ذكر ھذا و فم، وما یبلغھم مثلھ عن نبیھ ، اهللا بھ نفسھ من ھذا في كتابھ وال تسمیة غیره من الرب مؤمن ، وال تكلف صفة قدره ، تسمیتھ من الرب قلب مسلم

و ما عن رسول اهللا أنھ سماه من صفة ربھ فھو بمنزلة ما سمى و وصف الرب ، و ، و الواقفون حیث انتھى بھم علمھم ، و الراسخون في العلم ، تعالى من نفسھ

التاركون لما ترك من ذكرھا ال ینكرون صفة ، بھ نفسھ الواصفون لربھم بما وصف ألن الحق ترك ما ترك و ، وال یتكلفون وصفھ بما لم یسم تعمقا ، ما سمى منھا جحدا

یتبع غیر سبیل المؤمنین نولھ ما تولى ونصلھ جھنم وساءت (و من ، سمى ما سمى )١١٥:ساءالن) (مصیرا

.وھب اهللا لنا حكما و ألحقنا بالصالحین ،

:مذھب الخلف في آیات الصفات و أحادیثھا قدمت لك أن السلف رضوان اهللا علیھم یؤمنون بآیات الصفات وأحادیثھا كما -٤

و یتركون بیان المقصود منھا هللا تبارك وتعالى مع اعتقادھم بتنزیھ اهللا تبارك ،وردت .مشابھة لخلقھ وتعالى عن ال

إننا نقطع بأن معاني ألفاظ ھذه اآلیات و األحادیث ال یراد بھا : فأما الخلف فقد قالوا ) الوجھ(فاخذوا یؤولون ، وعلى ذلك فھي مجازات ال مانع من تأویلھا ، ظواھرھا و إلیك نماذج من ، وما إلى ذلك ھربا من شبھة التشبیھ .. بالقدرة ) الید(بالذات و

: في ذلك أقوالھم ) :دفع شبھة التشبیھ(قال أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي في كتابھ ) أ ( وكذلك قالوا في ، ویبقى ربك : قال المفسرون )ویبقى وجھ ربك (:قال اهللا تعالى (

كل شيء (:وقال الضحاك و أبو عبیدة ، أي یریدونھ ) یریدونھ وجھھ (:قولھ تعالى .)أي إال ھو )ھالك إال وجھھ

وعقد في أول الكتاب فصال إضافیا في الرد على من قالوا أن األخذ بظاھر ھذه االیات وخالصة ما قالھ ھو أن األخذ بالظاھر ھو تجسیم و ، و األحادیث ھو مذھب السلف

.وھكذا ، فال معنى للید حقیقة إال الجارحة ، ألن ظاھر اللفظ ھو ما وضع لھ ، تشبیھ ، ولكن السكوت جملة عن البحث فیھا ، أخذھا على ظاھرھا و أما مذھب السلف فلیس

و أیضا فقد ذھب إلى أن تسمیتھا آیات صفات و أحادیث صفات تسمیة مبتدعة لم ترد و استدل على كالمھ ، ولیست حقیقیة فإنھا إضافات لیس غیر ، في كتاب و ال في سنة

.في ذلك بادلة كثیرة ال مجال لذكرھا ھو واعلم أن نصوص القرآن : (الدین الرازي في كتابھ أساس التقدیس وقال فخر ) ب (

ولتصنع على (األول أن ظاھر قولھ تعالى : ال یمكن إجراؤھا على ظاھرھا لوجوه یقتضي أن یكون موسى موسى مستقرا على تلك العین ملتصقا بھا مستعلیا ) عیني

یقتضي أن )ع الفلك بأعینناواصن (و الثاني أن قولھ تعالى، علیھا وذلك ال یقولھ عاقل والثالث أن إثبات األعین في الوجھ الواحد قبیح ، تكون آلة تلك الصنعة ھي تلك العین

فثبت أنھ البد من المصیر إلى التأویل و وذلك أن تحمل ھذه األلفاظ على شدة العنایة ) .والحراسة

م الدین عند كالمھ على قال اإلمام الغزالي في الجزء األول من كتابھ إحیاء علو) ج ( و التأویل و ، نسبة العلم الظاھر إلى الباطن و أقسام ما یتأتى فیھ الظھور و البطون

:غیر التأویل و لكن ، القسم الثالث أن یكون الشيء بحیث لو ذكر صریحا لفخم و لم فیھ ضرر (

ب لیكون وقعھ في قلب المستمع أغل، یكنى عنھ على سبیل االستعارة و الرمز إن المسجد لینزوي من النخامة كما تنزوي (:و منھ قولھ صلى اهللا علیھ وسلم .........

ورمي النخامة تحقیر لھ ، وعناه أن روح المسجد و كونھ معظما ) الجلدة على الناروأنت ترى أن ساحة ، فیضاد معنى المسجدیة معنى النار التصال أجزاء الجلدة

أما یخشى الذي یرفع (كذلك قولھ صلى اهللا علیھ وسلمو، المسجد ال تنقبض من نخامة وذلك من حیث الصورة لم یكن قط و ) رأسھ قبل اإلمام أن یحول اهللا رأسھ رأس حمار

إذ رأس الحمار لم یكن بحقیقتھ و كونھ و ، ولكن من حیث المعنى ھو كائن ، ال یكون

ومن رفع ، بل اإلمام و من رفع راسھ ق، وھي البالدة و الحمق ، شكلھ بل بخاصیتھ و ھو ، رأسھ قبل اإلمام فقد صار رأسھ رأس الحمار في معنى البالدة و الحمق

و إنما یعرف ھذا السر على خالف الظاھر إما بدلیل عقلي أو ، المقصود دون الشكل قلب المؤمن بین (: أما العقلي فان یكون حملھ على الظاھر غیر ممكن كقولھ ، شرعي

فعلم ، إذ لو فتشنا عن قلوب المؤمنین لم نجد فیھا أصابع ) ع الرحمنإصبعین من أصابوكني باألصابع عن ، انھا كنایة عن القدرة التي ھي سر األصابع و روحھا الخفي

) .القدرة ألن ذلك أعظم وقعا في تفھم تمام االقتدار .و فیما ذكرناه كفایة ، و قد نعرض لمثل ھذا الكالم في موضع من ھذا البحث

وقد كان ھذان الطریقان مثار خالف ، إلى ھنا وضح أمامك طریقا السلف و الخلف ، و أخذ كل یدعم مذھبھ بالحجج و األدلة ، شدید بین علماء الكالم من أئمة المسلمین

ولو بحثت األمر لعلمت أن مسافة الخلف بین الطریقتین ال تحتمل شیئا من ھذا لو ترك وأن البحث في مثل ھذا الشأن مھما طال فیھ القول ال ، التطرف والغلو أھل كل منھما

وھذا ما ، یؤدي في النھایة إال إلى نتیجة واحدة ، ھي التفویض هللا تبارك وتعالى .سنفصلھ لك إن شاء اهللا

:بین السلف و الخلف ق بصفات اهللا تبارك وتعالى قد علمت أن مذھب السلف في اآلیات المتشابھات واألحادیث التي تتعل

أن یمروھا على ما جاءت علیھ ، ویسكتوا عن تفسیرھا أو تأویلھا ، وأن مذھب الخلف أن یؤولوھا بما یتفق مع تنزیھ اهللا تبارك وتعالى عن مشابھة خلقھ ، وعلمت أن الخالف شدید بین أھل الرأیین

:لك من عدة أوجھ حتى أدى بینھما إلى التنابز باأللقاب العصبیة ، وبیان ذ

.اتفق الفریقان على تنزیھ اهللا تبارك وتعالى عن المشابھة لخلقھ : أوال كل منھما یقطع بأن المراد بألفاظ ھذه النصوص في حق اهللا تبارك وتعالى غیر ظواھرھا التي : ثانیا

.ھ وضعت لھا ھذه األلفاظ في حق المخلوقات ، وذلك مترتب على اتفاقھما على نفي التشبی

كل من الفریقین یعلم أن األلفاظ توضع للتعبیر عما یجول في النفوس ، أو یقع تحت الحواس : ثالثا مما یتعلق بأصحاب اللغة وواضعیھا ، وأن اللغات مھما اتسعت ال تحیط بما لیس ألھلھا بحقائقھ علم

من أن تواتینا باأللفاظ التي ، وحقائق ما یتعلق بذات اهللا تبارك وتعالى من ھذا القبیل ، فاللغة أقصر .تدل على ھذه الحقائق ، فالتحكم في تحدید المعاني بھذه األلفاظ تغریر

وإذا تقرر ھذا فقد اتفق السلف والخلف على أصل التأویل ، وانحصر الخالف بینھما في أن الخلف

د العوام من شبھة زادوا تحدید المعنى المراد حیثما ألجأتھم ضرورة التنزیھ إلى ذلك حفظا لعقائ . التشبیھ ، وھو خالف ال یستحق ضجة وال إعناتا

:ترجیح مذھب السلف

ونحن نعتقد أن رأي السلف من السكوت وتفویض علم ھذه المعاني إلى اهللا تبارك

وتعالى أسلم وأولى باالتباع ، حسما لمادة التأویل والتعطیل ، فإن كنت ممن أسعده اهللا وأثلج صدره ببرد الیقین ، فال تعدل بھ بدیال ، ونعتقد إلى جانب ھذا بطمأنینة اإلیمان ،

أن تأویالت الخلف ال توجب الحكم علیھم بكفر وال فسوق ، وال تستدعي ھذا النزاع .الطویل بینھم وبین غیرھم قدیما وحدیثا ، وصدر اإلسالم أوسع من ھذا كلھ

علیھم ، إلى التأویل في عدة وقد لجأ أشد الناس تمسكا برأي السلف ، رضوان اهللاالحجر : (مواطن ، وھو اإلمام أحمد بن حنبل رضي اهللا عنھ ، من ذلك تأویلھ لحدیث

قلب المؤمن بین إصبعین من :(وقولھ صلى اهللا علیھ وسلم ) األسود یمین اهللا في أرضھإني ألجد نفس الرحمن من جانب : (وقولھ صلى اهللا علیھ وسلم ) أصابع الرحمن

) .یمنال

وقد رأیت لإلمام النووي رضي اهللا عنھ ما یفید قرب مسافة الخالف بین الرأیین مما ال یدع مجاال للنزاع والجدال ، وال سیما وقد قید الخلف أنفسھم في التأویل بجوازه عقال

.وشرعا ، بحیث ال یصطدم بأصل من أصول الدین ن جوزنا التأویل اشتغلنا على سبیل ثم إ) : ( أساس التقدیس ( قال الرازي في كتابھ

التبرع بذكر تلك التأویالت على التفصیل ، وإن لم نجز التأویل فوضنا العلم بھا إلى اهللا ) .تعالى ، فھذا ھو القانون الكلي المرجوع إلیھ في جمیع المتشابھات ، وباهللا التوفیق

غیر الظاھر المتعارف وخالصة ھذا البحث أن السلف والخلف قد اتفقا على أن المراد

بین الخلق ، وھو تأویل في الجملة ، واتفقا كذلك على أن كل تأویل یصطدم باألصول الشرعیة غیر جائز ، فانحصر الخالف في تأویل األلفاظ بما یجوز في الشرع ، وھو

ھین كما ترى ، وأمر لجأ إلیھ بعض السلف أنفسھم ، وأھم ما یجب أن تتوجھ إلیھ ھمم اآلن توحید الصفوف ، وجمع الكلمة ما استطعنا إلى ذلك سبیال ، واهللا حسبنا المسلمین

.ونعم الوكیل حسـن البنــا

رسالة الجھاد وجاھدوا في اهللا حق جھاده

الجھاد فریضة على كل مسلم

بسـم اهللا الرحمن الرحیم

د المجاھدین وإمام الحمد هللا رب العالمین ، والصالة والسالم على سیدنا محمد سیالمتقین وقائد الغر المحجلین ، وعلى آلھ وصحبھ ومن جاھد فى سبیل اهللا شریعة

.الى یوم الدین

فرض اهللا الجھاد على كل مسلم فریضة الزمة حازمة المناص منھا وال مفر معھا ، ورغب فیھ أعظم الترغیب ، وأجزل ثواب المجاھدین والشھداء ، فلم یلحقھم في

ومنحھم من . وبتھم إال من عمل بمثل عملھم ومن اقتدي بھم في جھادھم مثاالمتیازات الروحیة والعملیة في الدنیا واآلخرة ما لم یمنح سواھم ، وجعل دماءھم الطاھرة الذكیة عربون النصر في الدنیا وعنوان الفوز والفالح في العقبى ، وتوعد

اھم بأبشع النعوت والصفات ووبخھم علي المخلفین القاعدین بأفظع العقوبات ، ورمالجبن والقعود ، ونعني علیھم الضعف والتخلف ، وأعد لھم في الدنیا خزیا ال یرفع

إال إن جاھدوا ، وفي اآلخرة عذابا ال یفلتون منھ ولو كان لھم مثل أحد ذھبا ، .واعتبر القعود والفرار كبیرة من أعظم الكبائر وإحدى الموبقات المھلكات

ولست تجد نظاما قدیما أو حدیثا دینیا أو مدنیا ، عني بشأن الجھاد والجندیة واستنفار األمة ، وحشدھا كلھا صفا واحدا للدفاع بكل قواھا عن الحق ، كما تجد ذلك في دین

فیاضة بكل ھذه rاإلسالم وتعالیمھ ، وآیات القرآن ، وأحادیث الرسول العظیم ، داعیة بأفصح عبارة وأوضح أسلوب إلي الجھاد والقتال والجندیة المعاني السامیة

وتقویة وسائل الدفاع والكفاح بكل أنواعھا من بریة وبحریة وغیرھا علي كل .األحوال والمالبسات

وسنورد لك طرفا من ذلك علي سبیل التمثیل ال علي سبیل االستقراء والحصر ، فستري في . حادیث بشرح أو تعلیق طویل وسوف ال نتناول شیئا من اآلیات واأل

جزالة ألفاظھا ونصاعة بیانھا ووضوح معانیھا وقوة الروحانیة فیھا ما یغنیك عن .ذلك كلھ

بعض آیات الجھاد في القرآن

:فمن القرآن الكریم قولھ تعالي

شیئا وھو خیر لكم وعسى كتب علیكم القتال وھو كره لكم وعسى أن تكرھوا (– ١ ) .٢١٦:البقرة) (أن تحبوا شیئا وھو شر لكم واهللا یعلم وأنتم ال تعلمون

في نفس السورة ) كتب علیكم الصیام(كما قال تعالي ، فرض : ومعني كتب .وبنفس العبارة والتركیب

یھا الذین آمنوا ال تكونوا كالذین كفروا وقالوا إلخوانھم إذا ضربوا في یا أ ( – ٢األرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا لیجعل اهللا ذلك حسرة في

ولئن قتلتم في سبیل اهللا أو متم ، واهللا بما تعملون بصیر قلوبھم واهللا یحیي ویمیتآل ) ولئن متم أو قتلتم إللى اهللا تحشرون، لمغفرة من اهللا ورحمة خیر مما یجمعون

.١٥٨-١٥٦عمران اآلیات من

.غزاة الحرب : خرجوا فیھا مجاھدین ، وغزي : ألرض ومعني ضربوا في ا

وانظر إلي مقارنة المغفرة والرحمة للقتل أو الموت في سبیل اهللا في اآلیة األولي ، وإلي خلو اآلیة الثانیة من ذلك لخلوھا من معني الجھاد ، وفي اآلیة إشارة إلي أن

.ست اآلیة الجبن من أخالق الكافرین ال المؤمنین ، فانظر كیف انعك

، وال تحسبن الذین قتلوا في سبیل اهللا أمواتا بل أحیاء عند ربھم یرزقون (– ٣فرحین بما آتاھم اهللا من فضلھ ویستبشرون بالذین لم یلحقوا بھم من خلفھم أال خوف

فارجع إلى تمامھا في ، ١٧٥ -١٦٩آل عمران اآلیات ) لیھم وال ھم یحزنونع .المصحف

فلیقاتل في سبیل اهللا الذین یشرون الحیاة الدنیا باآلخرة ومن یقاتل في سبیل (– ٤ – ٧١سورة النساء اآلیات ابتداء من ) ھ أجرا عظیمااهللا فیقتل أو یغلب فسوف نؤتی

، فارجع إلیھا في المصحف الكریم لترى كیف یحض اهللا المسلمین على الحذر ، ٧٨وكیف یوبخ ، وممارسة القتال في جیوش او عصابات فرادى كما یقتضیھ الحال

مایة الضعفاء وكیف یستثیر الھمم لح، القاعدین والجبناء والمخلفین والنفعیین وكیف یقرن القتال بالصالة والصوم ویبین أن مثلھما من ، وتخلیص المظلومین

وكیف یفند شبھات المترددین ویشجع الخائفین أكبر تشجیع على ، أركان اإلسالم مبینا لھم أنالموت ،خوض المعامع ومقابلة الموت بصدر رحب وجنان جريء

دین فسیعوضون عن الحیاة أعظم العوض سیدركھم ال محالة وأنھم إن ماتوا مجاھ .وال یظلمون فتیال من نفقة أو تضحیة

وبیان لكثیر من ، سورة األنفال كلھا حث على القتال وحض على الثبات فیھ – ٥ولھذا اتخذھا المسلمون األولون نشیدا حربیا یتلونھ إذا اشتد الكرب وحمي ، احكامھ

وأعدوا لھم ما استطعتم من قوة ( :تعالى وحسبك منھا قول اهللا تبارك و، الوطیس یا أیھا النبي : ( إلى قولھ تعالى )ومن رباط الخیل ترھبون بھ عدو اهللا وعدوكم

یغلبوا مائتین وإن یكن حرض المؤمنین على القتال إن یكن منكم عشرون صابرون . )منكم مائة یغلبوا ألفا من الذین كفروا بأنھم قوم ال یفقھون

وحسبك منھا قول ، سورة التوبة وكلھا كذلك حث على القتال وبیان ألحكامھ – ٦قاتلوھم یعذبھم اهللا بأیدیكم ویخزھم ( :اهللا تبارك وتعالى في قتال المشركین الناكثین ویذھب غیظ قلوبھم ویتوب اهللا على ، وینصركم علیھم ویشف صدور قوم مؤمنین

) .من یشاء واهللا علیم حكیم

:وقولھ تبارك وتعالى

ن ال یؤمنون باهللا وال بالیوم اآلخر وال یحرمون ما حرم اهللا ورسولھ وال قاتلوا الذی () یدینون دین الحق من الذین أوتوا الكتاب حتى یعطوا الجزیة عن ید وھم صاغرون

انفروا خفافا ( :یة صارخة ختامھا قولھ تعالى ثم إعالن النفیر العام في آیات داو، ثم ، ) وثقاال وجاھدوا بأموالكم وأنفسكم في سبیل اهللا ذلكم خیر لكم إن كنتم تعلمون

وحرمان لھم من شرف الجھاد أبد ، تندید صارخ بموقف القاعدین الجبناء األنذال :ن في قولھ تعالى اآلبدی

فرح المخلفون بمقعدھم خالف رسول اهللا وكرھوا أن یجاھدوا بأموالھم وأنفسھم (، في سبیل اهللا وقالوا ال تنفروا في الحر قل نار جھنم أشد حرا لو كانوا یفقھون

فإن رجعك اهللا إلى طائفة ، فلیضحكوا قلیال ولیبكوا كثیرا جزاء بما كانوا یكسبون منھم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم

.االیات ) قعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفینرضیتم بال

ثم إشادة بموقف المجاھدین وعلى راسھم سیدھم الكریم صلى اهللا علیھ وسلم وبیان لكن : (أن ھذه ھي مھمتھ المطھرة وسنة أصحابھ الغر المیامین في قولھ تعالى

دوا بأموالھم وأنفسھم وأولئك لھم الخیرات وأولئك ھم الرسول والذین آمنوا معھ جاھأعد اهللا لھم جنات تجري من تحتھا األنھار خالدین فیھا ذلك الفوز ، المفلحون

. )العظیم

إن اهللا اشترى : (ا لمعتذر في قولھ تعالى ثم بیعة بعد ذلك جامعة مانعة ال تدع عذرمن المؤمنین أنفسھم وأموالھم بأن لھم الجنة یقاتلون في سبیل اهللا فیقتلون ویقتلون

أوفى بعھده من اهللا فاستبشروا وعدا علیھ حقا في التوراة واألنجیل والقرآن ومن . )ببیعكم الذي بایعتم بھ وذلك ھو الفوز العظیم

، وتصور سورة بأكملھا تسمى سورة القتال في كتاب اهللا الحكیم ، سورة القتال – ٧وقد جمع اهللا ھذا ، م الطاعة والنظا: وأن أساس الروح العسكریة كما یقولون أمران

:فأما الطاعة ففي ھذه السورة في قولھ تعالى ، األساس في آیتین من كتابھ

ویقول الذین آمنوا لوال نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فیھا القتال (ظرون إلیك نظر المغشي علیھ من الموت فأولى لھم رأیت الذین في قلوبھم مرض ین

) طاعة وقول معروف فإذا عزم األمر فلو صدقوا اهللا لكان خیرا لھم،

اتلون في سبیلھ إن اهللا یحب الذین یق: (وأما النظام ففي سورة الصف في قولھ تعالى . )صفا كأنھم بنیان مرصوص

وھي أیضا كلھا في غزوة من غزوات رسول اهللا صلى اهللا علیھ ، سورة الفتح – ٨تحت ظل الشجرة ، وفي اإلشادة بموقف رائع من مواقف الجھاد العزیز ، وسلم

السكینة السكینة والفتح فذلك فاثمرت ، حتى أعطیت بیعة الثبات والموت ، المباركة لقد رضي اهللا عن المؤمنین إذ یبایعونك تحت الشجرة فعلم ما في : (قولھ تعالى

. )قلوبھم فأنزل السكینة علیھم وأثابھم فتحا قریبا

وبیان فضلھ وحث المؤمنین ، ذكر الجھاد ھذا یااخي بعض المواضع التي ورد فیھاوكتاب اهللا مملوء بمثلھا ، علیھ وتبشیر أھلھ بالثواب الجزیل والجزاء الجمیل

وتدھش لغفلة ، تر العجب العجیب ، فتصفحھ وتدبر ما جاء فیھ من ھذا الباب .المسلمین عن اغتنام ھذا الثواب

نماذج من األحادیث النبویة في الجھاد

:ض األحادیث النبویة الشریفة في ذلك وإلیك بع

سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال - ١والذي نفسي بیده لوال أن رجاال من المؤمنین ال تطیب أنفسھم بأن یتخلفوا : (یقول

ي والذي نفس، عني وال أجد ما أحملھم علیھ ما تخلفت عن سریة تغزو في سبیل اهللا رواه البخاري ) بیده لوددت أني أقتل في سبیل اهللا ثم أحیا ثم أقتل ثم أحیاثم أقتل

.ومسلم .القطعة من الجیش ال یكون فیھا القائد العام : السریة

: أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال : عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ - ٢ واهللا أعلم بمن یكلم في سبیلھ ، إال والذي نفسي بیده ، ال یكلم أحد في سبیل اهللا ،(

.رواه البخاري ومسلم ). جاء یوم القیامة ، واللون لون الدم ، والریح ریح المسك یجرح: ویكلم ، الجرح : الكلم

غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر ، فقال : عن أنس رضي اهللا عنھ قال - ٣مشركین ، لئن اهللا أشھدني قتال یا رسول اهللا ، غبت عن أول قتال قاتلت ال:

اللھم : فلما كان یوم أحد ، وانكشف المسلمون ، قال . المشركین لیرین اهللا ما أصنع إني أعتذر إلیك مما صنع ھؤالء ، یعني أصحابھ ، وأبرأ إلیك مما صنع ھؤالء ،

ورب یا سعد بن معاذ الجنة : ثم تقدم فاستقبلھ سعد بن معاذ ، فقال . یعني المشركین فما استطعت یا رسول اهللا ما : النضر ، إني أجد ریحھا من دون أحد ، قال سعد

ضربة بالسیف أو طعنة برمح أو رمیة : فوجدنا بھ بضعا وثمانین : صنع ، قال أنس قال . بسھم ، ووجدناه قد قتل وقد مثل بھ المشركون ، فما عرفھ أحد إال أختھ ببنانھ

من المؤمنین : ( ھذه اآلیة نزلت فیھ وفي أشباھھ أن: كنا نرى ، أو نظن : أنس رواه البخاري. إلى آخر اآلیة ). رجال صدقوا ما عاھدوا اهللا علیھ

.أي من جھة جبل أحد : من دون أحد یا نبي اهللا : أم حارثة بن سراقة أنھا أتت النبي صلى اهللا علیھ وسلم فقالت وعن – ٤

فإن كان في الجنة -وم بدر، أصابھ سھم غرب وكان قتل ی-، أال تحدثني عن حارثة یا أم حارثة ، إنھا : (صبرت، وإن كان غیر ذلك ، اجتھدت علیھ في البكاء؟ قال

أخرجھ البخاري) . جنان في الجنة ، وإن ابنك أصاب الفردوس األعلى بكیت بكاء شدیدا: الذي ال یعرف رامیھ ، اجتھدت علیھ في البكاء : السھم الغرب

یا أخي كیف كانت الجنة تنسیھم الھموم والمصائب وتحملھم على الصبر عند فانظر .المكاره

أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن عبد اهللا بن أبي أوفى رضي اهللا عنھما- ٥ .أخرجھ الشیخان وأبي داود ). واعلموا أن الجنة تحت ظالل السیوف: (قال

: أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال: زید بن خالد الجھني رضي اهللا عنھ- ٦من جھز غازیا في سبیل اهللا فقد غزا ، ومن خلف غازیا في سبیل اهللا بخیر فقد (

.رواه البخاري ومسلم و أبو داود و الترمذي ) . غزا .لھ أجره : أي من : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال- ٧

فرسا في سبیل اهللا ، إیمانا باهللا ، وتصدیقا بوعده ، فإن شبعھ و ریھ و روثھ احتبس رواه البخاري) .وبولھ في میزانھ یوم القیامة

ومثل الفرس كل عدة في سبیل اهللایا رسول اهللا ما یعدل الجھاد في سبیل : وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قیل - ٨

ال (أعادوا علیھ مرتین أو ثالثا كل ذلك یقول ف: قال ) ال تستطیعونھ(اهللا ؟ قال مثل المجاھد في سبیل اهللا كمثل الصائم القائم القانت بآیات : (ثم قال ). تستطیعونھ

.الستة إال أبو داود) . حتى یرجع المجاھد، ال یفتر من صیام وال صالة ، اهللا هللا علیھ وسلم قال رسول اهللا صلى ا: عن أبي سعید الخدري رضي اهللا عنھ قال- ٩

أال أخبركم بخیر الناس وشر الناس؟ إن من خیر الناس رجال عمل في سبیل اهللا : (وإن من شر ، على ظھر فرسھ أو على ظھر بعیره أو على قدمھ حتى یأتیھ الموت

رواه النسائي) الناس رجال فاجرا یقرأ كتاب اهللا ال یرعوي إلى شيء منھ .وال ینزجر أي ال ینكف وال یتعظ : ال یرعوي

سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن ابن عباس رضي اهللا عنھما قال - ١٠عین بكت من خشیة اهللا ، وعین باتت تحرس في : عینان ال تمسھما النار : (یقول

.رواه الترمذي ) سبیل اهللا: رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال : عن ابن أبي عمیرة رضي اهللا عنھ قال - ١١

.رواه النسائي ) ألن أقتل في سبیل اهللا أحب إلي من أن یكون لي أھل المدر والوبر( .أي أھل الحواضر والبوادي : أھل المدر والوبر

یا : وعن راشد بن سعد رضي اهللا عنھ عن رجل من الصحابة أن رجال قال - ١٢كفى ببارقة : (في قبورھم إال الشھید ؟ فقالرسول اهللا ما بال المؤمنین یفتنون

.أخرجھ النسائي ) السیوف على رأسھ فتنة .وكم لھ من امتیازات كھذه ستأتي بعد ، وھذه من امتیازات الشھید في الموقعة

ما : ( وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال - ١٣رواه الترمذي ) من مس القتل إال كما یجد أحدكم من مس القرصةیجد الشھید

.حدیث حسن غریب : والنسائي والدارمي وقال الترمذي .وھذا امتیاز آخر للشھید

: قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: وعن ابن مسعود رضي اهللا عنھ قال- ١٤فعلم ما ، نھزم أصحابھ عجب ربنا تبارك وتعالى من رجل غزا في سبیل اهللا فا(

انظروا إلى عبدي رجع : علیھ، فرجع حتى أریق دمھ ، فیقول اهللا تعالى لمالئكتھ )أشھدكم أني قد غفرت لھ ، رغبة فیما عندي ، وشفقة مما عندي حتى أریق دمھ

أخرجھ أبو داود .سال دمھ :أریق دمھ ، خوفا : شفقة : قیس بن شماس ، عن أبیھ ، عن جده قال وعن عبد الخیر بن ثابت بن - ١٥

جاءت امرأة إلى رسوا اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقال لھا أم خالد وھي متنقبة تسأل جئت تسألین عن ابنك : فقال لھا بعض أصحابھ، عن ابن لھا قتل في سبیل اهللا تعالى

ھا النبي صلى اهللا علیھ إن أرزأ ابني فلن أرزأ حیائي ، فقال ل: وأنت متنقبة ؟ فقالت أخرجھ ) . ألنھ قتلھ أھل الكتاب: (ولم ؟ قال: قالت ) ابنك لھ أجر شھیدین: (وسلم

.أبو داود .أفقده وأصاب فیھ : أرزأ ابني

وأن اهللا یضاعف أجر من ، وفي ھذا الحدیث إشارة إلى وجوب قتال أھل الكتاب .ن لم یسلم فلیس القتال للمشركین فقط ولكنھ لكل م، قاتلھم

: وعن سھل بن حنیف رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال- ١٦ من(

رواه ) سأل اهللا تعالى الشھادة بصدق بلغھ اهللا منازل الشھداء وإن مات على فراشھ .الخمسة إال البخاري

من أنفق نفقة : (لیھ وسلم قال رسول اهللا صلى اهللا ع: وعن خریم بن فاتك قال- ١٧ .والنسائي ،رواه الترمذي وحسنھ ). في سبیل اهللا تعالى كتبت لھ بسبعمائة ضعف

مر رجل من أصحاب رسول اهللا صلى : وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال - ١٨ناس اهللا علیھ وسلم بشعب فیھ عیینة من ماء عذبة فأعجبتھ ، فقال لو اعتزلت ال

ال تفعل : (فأقمت في ھذا الشعب ، فذكر ذلك لرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فقالفإن مقام أحدكم في سبیل اهللا أفضل من صالتھ في بیتھ سبعین عاما ، أال تحبون أن یغفر اهللا لكم ویدخلكم الجنة؟ اغزوا في سبیل اهللا ، من قاتل في سبیل اهللا فواق ناقة

.رواه الترمذي ) بت لھ الجنةوج .عین صغیرة تفیض بالماء : عیینة

للشھید : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: وعن المقدام بن معد یكرب قال- ١٩عند اهللا ست خصال یغفر لھ في أول دفعة ویرى مقعده من الجنة ویجار من عذاب

من من الفزع األكبر ویوضع على رأسھ تاج الوقار الیاقوتة منھا خیر من القبر ویأالدنیا وما فیھا ویزوج اثنتین وسبعین زوجة من الحور العین ویشفع في سبعین من

.رواه الترمذي وابن ماجھ ) . أقربائھمن لقي اهللا بغیر : (هللا علیھ وسلم قال رسول اهللا صلى ا: وعن أبي ھریرة قال - ٢٠

.رواه الترمذي وابن ماجھ) . أثر من جھاد لقي اهللا وفیھ ثلمةمن : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن أنس رضي اهللا عنھ قال - ٢١

.رواه مسلم ) طلب الشھادة صادقا أعطیھا ولو لم تصبھ: وعن عثمان بن عفان رضي اهللا عنھ عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم قال – ٢٢

رواه ابن ). من رابط لیلة في سبیل اهللا سبحانھ، كانت كألف لیلة، صیامھا وقیامھا( ماجة: علیھ وسلم قال وعن أبي الدرداء رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا- ٢٣

والذي یسدر في البحر، كالمتشحط في . غزوة في البحر مثل عشر غزوات في البر( رواه ابن ماجة) . دمھ، في سبیل اهللا سبحانھ

یمیل ویھتز وترتج بھ السفینة: یسدر مة إلى وجوب العنایة بحفظ سواحلھا وتقویة وفیھ اإلشارة لغزو البحر ولفت نظر األ

ویقاس علیھ الجو فیضاعف اهللا للغزاة في الجو في سبیلھ أضعافا ، أسطولھا .مضاعفة

لما قتل عبد اهللا بن عمرو : وعن جابر بن عبد اهللا رضي اهللا تعالى عنھ یقول – ٢٤أال أخبرك ما ! یا جابر:( رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم بن حرام ، یوم أحد ، قال

، ما كلم اهللا أحدا إال من وراء حجاب : (قال . بلى : قلت) ؟قال اهللا عز وجل ألبیك تحییني فأقتل ! یا رب: قال ، عطك تمن على أ! یا عبدي: فقال ، وكلم أباك كفاحا

فأبلغ من ورائي ! یا رب: قال) أنھم إلیھا ال یرجعون(إنھ سبق مني : قال ، فیك ثانیة اآلیة .. ا في سبیل اهللا أمواتاوال تحسبن الذین قتلو (:فأنزل اهللا عز وجل ھذه اآلیة ،

رواه ابن ماجة. )كلھاألن : ( وعن سھل بن أنس ، عن أبیھ ، عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم قال - ٢٥

إلي من الدنیا أشیع مجاھدا في سبیل اهللا فأكفھ على رحلھ ، غدوة أو روحة ، أحب .رواه ابن ماجة ). وما فیھا

بالرواح : روحة . بالغدو وھو الصباح :عدوة . فأساعده علیھ : فأكففھ على رحلھ وھو المساء

: وفد اهللا ثالثة : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن أبي ھریرة قال– ٢٦ .رواه مسلم). الغازي والحاج والمعتمر

یشفع الشھید في : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: وعن أبي الدرداء قال– ٢٧ .رواه أبو داود ) . سبعین من أھل بیتھ

إذا تبایعتم : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن عبد اهللا بن عمر قال - ٢٨ط اهللا علیكم ذال بالعینة وأخذتم أذناب البقر ، ورضیتم بالزرع ، وتركتم الجھاد ، سل

.رواه أحمد وأبو داود وصححھ الحاكم ) . ال ینزعھ حتى ترجعوا إلى دینكمانطلق رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن أنس رضي اهللا عنھ قال – ٢٩

فقال رسول اهللا صلى ، وأصحابھ حتى سبقوا المشركین إلى بدر وجاء المشركون قال عمیر بن ، ) عرضھا السماوات واألرضقوموا إلى جنة : (اهللا علیھ وسلم

ما یحملك على قولك بخ : (فقال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، بخ بخ : الحمام ) فإنك من أھلھا: (قال ، ال واهللا یا رسول اهللا إال رجاء أن أكون من أھلھا : قال) بختى آكل تمراتي لئن أنا حییت ح: ثم قال، فأخرج تمرات من قرنھ فجعل یأكل منھن ،

ثم قاتل، فرمى بما كان معھ من التمر، ھذه ، إنھا لحیاة طویلة .رواه مسلم . حتى قتل

كنا بمدینة الروم فأخرجوا الینا صفا عظیما من الروم : عن أبي عمران قال - ٣٠فخرج الیھم من المسلمین مثلھم أو أكثر، وعلى أھل مصر عقبة بن عامر وعلى

عبید فحمل رجل من المسلمین على صف من الروم حتى دخل الجماعة فضالة بنعلیھم فصاح الناس وقالوا سبحان اهللا یلقي بیده إلى التھلكة، فقام أبو أیوب األنصاري

یاأیھا الناس إنكم لتأولون ھذه اآلیة ھذا التأویل؛ وانما نزلت ھذه اآلیة فینا : فقالفقال بعضنا لبعض سرا دون . وهمعشر األنصار لما أعز اهللا االسالم وكثر ناصر

إن أموالنا قد ضاعت وان اهللا قد أعز االسالم وكثر : رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلمناصروه فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منھا، فأنزل اهللا تبارك وتعالى على

بأیدیكم إلى وأنفقوا في سبیل اهللا وال تلقوا (نبیھ صلى اهللا علیھ وسلم یرد علینا ماقلنا فما زال أبو . فكانت التھلكة االقامة على األموال واصالحھا وتركنا الغزو)التھلكة

رواه الترمذي. أیوب شاخصا في سبیل اهللا حتى دفن بأرض الروم

والحظ یا أخي أن أبا أیوب حین یقول ھذا كان في سن كبیرة قد جاوزت الشباب ھ مثال للفتوة القویة بتأیید اهللا وعزة اإلسالم ومع ھذا فقلبھ وروحھ و إیمان، والكھولة

. : عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال و- ٣١

رواه مسلم ). من مات ولم یغز ، ولم یحدث بھ نفسھ ، مات على شعبة من النفاق( .وأبو داود ونظائره كثیرة

وندلك على ، ن أن یحیط بھ مجلد كبیر أكثر م، كذلك وفي تفصیل أحكام القتال للسید حسن ) العبرة فیما ورد عن اهللا ورسولھ في الغزو والجھاد والھجرة(كتاب

مشارع األشواق إلى مصارع (وكتاب ، صدیق خان وھو خاص بذلك البحث وما جاء في كتب الحدیث كلھا في باب الجھاد ) العشاق مثیر الغرام إلى دار السالم

.الطیب ترى الكثیر

حكم الجھاد عند فقھاء األمة

مرت بك اآلیات الكریمة في فضل الجھاد ، وأحب أن أنقل إلیك طرفا مما قالھ فقھاء المذاھب ، حتى المتأخرین منھم في أحكام الجھاد ووجوب االستعداد ، لتعلم إلي أي

مین في حد ضیعت األمة اإلسالمیة أحكام دینھا في قضیة الجھاد بإجماع آراء المسل :كل عصر من أعصارھم فاسمع

مقررا أحكام الجھاد في ) مجمع األنھر في شرح ملتقى األبحر( قال صاحب - ١الجھاد في اللغة بذل ما في الوسع من القول والفعل ، وفي : ( مذھب األحناف

الشریعة قتل الكفار ونحوه من ضربھم ونھب أموالھم وھدم معابدھم وكسر أصنامھم االجتھاد في تقویة الدین بنحو قتال الحربیین والذمیین إذا نقضوا ، والمراد

بدءا منا فرض . والمرتدین الذین ھم أخبث الكفار ، للنقض بعد اإلقرار والباغین كفایة ، یعني یفرض علینا أن نبدأھم بالقتال بعد بلوغ الدعوة ، وإن لم یقاتلونا ،

لحرب كل سنة مرة أو مرتین وعلي فیجب علي اإلمام أن یبعث سریة إلي دار االرعیة إعانتھ وإذا قام بھ بعض سقط عن الباقین ، فإذا لم تقع الكفایة بذلك البعض

وجب علي األقرب فاألقرب ، فإن لم تقع الكفایة إال بجمیع الناس فحینئذ صار فرض د الجھا( uولقولة )فاقتلوا المشركین (عین كالصالة ،أما الفریضة فلقولھ تعالي

فإن غلب العدو علي : إلي أن قال .. وإن تركھ الكل أثموا) ماض إلي یوم القیامة بلد من بالد اإلسالم أو ناحیة من نواحیھا ففرض عین ، المرأة والعبد بال إذن الزوج

) .والمولي ، وكذا یخرج الولد من غیر إذن والدیھ ، والغریم بغیر إذن دائنھ

لمة سبیت بالشرق وجب علي أھل المغرب تخلیصھا امرأة مس: (وفي كتاب البحر ).ما لم تدخل حصونھم وحرزھم

الجھاد ) : (بلغة السالك ألقرب المسالك في مذھب اإلمام مالك( وقال صاحب - ٢في سبیل اهللا إلعالء كلمة اهللا تعالي كل سنة فرض كفایة إذا قام بھ البعض سقط عن

بتعیین اإلمام وبھجوم ) لصالة والصوم أي یصیر فرض عین كا (الباقي ، ویتعینالعدو علي محلھ قوم ، فیتعین علیھم وعلي من بقربھم إن عجزوا ، ویتعین علي

المرأة والرقیق مع ھذه الحالة ولو منعھم الولي والزوج والسید و رب الدین إن كان

األسیر مدینا ، ویتعین أیضا بالنذر ، وللوالدین المنع في فرض الكفایة فقط ، وفك من الحربیین وإن لم یكن لھ مال یفك منھ فرض كفایة وإن أتي علي جمیع أموال

) .المسلمین

rكان الجھاد في عھد رسول اهللا : ( ومتن المناھج لإلمام النووي الشافعي - ٣ :فرض كفایة وقیل عین ، وأما بعده فللكفار حاالن

من فیھم الكفایة من المسلمین یكونون ببالدھم ففرض كفایة ، إذا فعلھ -أحدھما .سقط الحجر عن الباقي

یدخلون بلدة لنا فیلزم أھلھا الدفع بالممكن وإن أمكن تأھب لقتال وجب -والثاني ).الممكن حتى علي فقیر وولد ومدین وعبد بال إذن

والجھاد فرض علي الكفایة –مسألة : (البن قدامھ الحنبلي قال ) المغني ( وفي - ٤ : بھ قوم سقط عن الباقین ، ویتعین في ثالثة مواضع إذا قام

أ ـ إذا التقي الزحفان وتقابل الصفان حرم علي من حضر االنصراف ویتعین علیھ .المقام

.ب ـ إذا نزل الكفار ببلدة تعین علي أھلھ قتالھم ودفعھم

.ج ـ إذا استنفر اإلمام قوما لزمھم النفیر معھ

.وأقل ما یفعل مرة كل عام

ال أعلم شیئا من العمل بعد الفرائض أفضل )یعني اإلمام بن حنبل(قال أبو عبد اهللا نام : ( tقال أنس بن مالك . من الجھاد ، وغزوة البحر أفضل من غزوة البر

ما یضحكك یا رسول : فقلت : ثم استیقظ وھو یضحك ، قالت أم حرام rرسول اهللا علي غزاة في سبیل اهللا ، یركبون ثبج ھذا البحر ناس من أمتي عرضوا ( :اهللا ؟ قال

متفق علیھ ، ومن تمام الحدیث أن ) ملوكا علي األسرة أو مثل الملوك علي األسرة أن یدعو اهللا لھا لتكون من ھؤالء فدعا لھا ، فعمرت حتى rأم حرام سألت النبي

فنت فیھا ، ركبت البحر في أسطول المسلمین الذي فتح جزیرة قبرص وماتت بھا ود ).وھناك مسجد ومشھد ینسب إلیھا رحمھا اهللا ورضي اهللا عنھا

والجھاد فرض علي –مسألة : (البن حزم الظاھري ) المحلي ( وقال في - ٥المسلمین ، فإذا قام بھ من یدفع العدو ویغزوھم في عقر دارھم ویحمي ثغور

انفروا خفافا وثقاال ( :ي المسلمین سقط فرضھ عن الباقین ، وإال فال قال اهللا تعالوال یجوز االباذن الوالدین ، إال أن ینزل )٤١:التوبة) (وجاھدوا بأموالكم وأنفسكم

العدو بقوم من المسلمین ففرض على كل من یمكن إعانتھم أن یقصدھم مغیثا لھم ده ، فال یحل لھ ترك من یضیع ،إذن األبوان أم لم یأذن ، إال أن یضیعا أو أحدھما بع

٠)منھا

األدلة الواردة في فرضیھ الجھاد كتابا ) : (السیل الجرار ( وقال الشوكانى في -٦وسنھ اكثر من أن تكتب ھاھنا ، ولكن ال یجب ذلك األعلى الكفاح ، فإذا قام بھ

وقبل أن یقوم بھ البعض ھو فرض عین على كل مكلف . البعض سقط عن الباقین ).، و ھكذا یجب على من استنفره اإلمام أن ینفر ویتعین ذلك علیھ

فھا أنت ذا تري من ذلك كلھ كیف اجمع أھل العلم مجتھدین ومقلدین ، سلفیین وخلفیین ، علي أن الجھاد فرض كفایة علي األمة اإلسالمیة ، لنشر الدعوة ،

.وفرض عین لدفع ھجوم الكفار علیھا

لمون مستذلون لغیرھم محكومون بالكفار قد دیست أرضھم والمسلمون اآلن كما تعوانتھكت حرماتھم ، وتحكم في شؤونھم خصومھم وتعطلت شعائر دینھم في دیارھم

فوجب وجوبا عینا ال مناص منھ أن یتجھز ، ، فضال عن عجزھم عن نشر دعوتھم ة ویقضي كل مسلم وأن ینطوي علي نیة الجھاد وإعداد العدة لھ حتى تحین الفرص

.أمرا كان مفعوال

ولعل من تمام ھذا البحث أن أذكر لك أن المسلمین في أي عصر من عصورھم ، قبل ھذا العصر المظلم الذي ماتت فیھ نخوتھم ، لم یتركوا الجھاد ولم یفرطوا فیھ

حتى علمائھم والمتصوفة منھم والمحترفون وغیرھم ، فكانوا جمیعا علي أھبة ن عبد اهللا بن المبارك الفقیھ الزاھد متطوعا في أكثر أوقاتھ بالجھاد ، االستعداد ، كا

وكان عبد الواحد بن زید الصوفي الزاھد كذلك ، وكان شقیق البالخي شیخ الصوفیة .في وقتھا یحمل نفسھ وتالمذتھ علي الجھاد

سنة وكان البدر العیني شارح البخاري الفقیھ المحدث یغزو ویدرس العالم سنة ویحج ، وكان القاضي أسد بن الفراط المالكي أمیرا للبحر في وقتھ ، وكان اإلمام الشافعي

یرمي عشرة وال یخطئ كذلك كان السلف رضوان اهللا علیھ ، فأین نحن من ھذا .التاریخ؟

لمـاذا یقاتـل المسـلم؟

حتى أتي علي الناس حین من الدھر وھم یغمزون اإلسالم فرضیة الجھاد وإباحاتھ ، سنریھم آیاتنا في اآلفاق وفي أنفسھم حتى یتبین لھم أنھ : (تحققت اآلیات الكریمة

. فھا ھم اآلن یعترفون بأن االستعداد ھو أضمن طریق للسالم ) . ٥٣:فصلت) (الحقع الشخصیة ولكن فرض اهللا الجھاد علي المسلمین ال آداه العدوان وال وسیلة للمطام

ضمان للسالم وآداه للرسالة الكبرى التي حمل عبئھا المسلمون ، رسالة ھدایة الناس : إلي الحق والعدل ، وإن اإلسالم كما فرض القتال شاد بالسالم فقال تبارك وتعالي

. )٦١:ألنفال) (وإن جنحوا للسلم فاجنح لھا وتوكل على اهللا(

ن المسلم یخرج للقتال وفي نفسھ أمر واحد أن یجاھد لتكون كلمة اهللا ھي العلیا ، كاوقد فرض دینھ علیھ أن بھذا المقصد غایة أخري فحب الجاه علیھ حرام ، وحب الظھور علیھ حرام ، وحب المال علیھ حرام ، والغلول من الغنیمة علیھ حرام ،

ل أمر واحد أن یقدم دمائھ وروحھ فداء والحال. وقصد الغلب بغیر الحق علیھ حرام لعقیدتھ وھدایة للناس

في سریة ، rبعثنا رسول اهللا : (عن الحارس بن مسلم بن الحارس عن أبیھ قال فلما بلغنا المغار استحثثت فرسي فسبقت أصحابي ، فتلقاني أھل الحي بالرنین ،

حرمتنا : مني أصحابي وقالوا قولوا ال إلھ إال اهللا تحرزوا ، فقالوھا ، فال: فقلت لھم أخبروه بالذي صنعت ، فدعاني فحسن لي ما rالغنیمة ، فلما قدمنا علي رسول اهللا

، ) أال إن اهللا تعالي قد كتب لك بكل إنسان كذا وكذا من األجر: (صنعت ثم قال لي أخرجھ ) ، ففعل وختم علیھ ودفعھ إلي) أما إني سأكتب لك بالوصایة بعدي: (وقال

.و داوودأب

أن رجال من األعراب جاء فآمن بالنبي صلى : وعن شداد بن الھادي رضي اهللا عنھ . اهللا علیھ وسلم، فكانت غزاة غنم فیھا النبي صلى اهللا علیة وسلم شیئا فقسم وقسم لھ

ما على ھذا اتبعتك ، ولكنى اتبعتك على : فقال ) . قسمتھ لك: (فقال : ما ھذا : فقال إن : (قال . ھھنا ـ وأشار بیده حلقھ ـ بسھم فأموت فادخل الجنة إن أرمى إلى

فلبثوا قلیال ثم نھضوا في قتال العدو فأتى بھ النبي محموال قد . ) تصدق اهللا یصدقكقال . نعم : اھو ھو ؟ قالوا : أصابھ سھم حیث اشار، فقال النبي صلى اهللا علیھ وسلم

ي صلى اهللا علیھ وسلم ثم قدمھ فصلى علیھ ثم كفن في جبھ النب، ) صدق اهللا فصدقھ(اللھم ھذا عبدك خرج ما مھاجرا في سبیلك فقتل : (فكن مما ظھر من صالتھ .

.أخرجھ أبو داود ). شھیدا وأنا شھید على ذلك

یا رسول اهللا رجل یرید الجھاد في سبیل اهللا : أن رجال قال ( tوعن أبي ھریرة : فأعادھا علیھ ثالثا كل ذلك یقول ) . ال أجر لھ: (ال وھو یبتغي عرضا من الدنیا فق

.أخرجھ أبو داود ) ال أجر لھ(

عن الرجل یقاتل شجاعة ویقاتل حمیة rسئل رسول اهللا : ( قال tوعن أبي موسى ویقاتل ریاء أي ذلك في سبیل اهللا ؟

.مسة أخرجھ الخ) من قاتل لتكون كلمة اهللا ھي العلیا فھو في سبیل اهللا: (قال

وأنت إذا قرأت وقائع الصحابة رضوان اهللا علیھم ومسالكھم في البالد التي فتحوھا ، رأیت مبلغ عزوفھم عن المطامع واألھواء وانصرافھم لغایتھم األساسیة األصلیة ، وھي إرشاد الخلق إلي الحق حتى تكون كلمة اهللا ھي العلیا ورأیت مبلغ الخطأ في

بأنھم إنما كانوا یریدون الغلب علي الشعوب واالستبداد اتھامھم رضوان اهللا علیھم . باألمم والحصول علي األرزاق

الرحمة في الجھاد اإلسالمي

لما كانت الغایة في الجھاد اإلسالمي أنبل الغایات ، كانت وسیلتھ كذلك أفضل ) عتدینإن اهللا ال یحب الم ( :الوسائل فقد حرم اهللا العدوان ، فقال تعالي

وال یجرمنكم شنآن : (وأمر بالعدل حتى مع الخصوم فقال تعالي ، )١٩٠:البقرة(

وأرشد المسلمین إلي ، )٨:المائدة) (قوم على أال تعدلوا اعدلوا ھو أقرب للتقوى .منتھى الرحمة

مثلون وال یسرقون وال ینتھبون فھم حینما یقاتلون ال یعتدون وال یفجرون وال یاألموال ، وال ینتھكون الحرمات وال یتقدمون باألذى ، فھم في حربھم خیر محاربین

.كما أنھم في سلمھم أفضل مسالمین

كان لرسول اهللا صلى اهللا علیھ و سلم إذا أمر األمیر : (عن بریدة رضى اهللا عنھ قال اهللا تعالى ومن معھ من المسلمین على جیش أو سریره أوصاه في خاصاتھ بتقوى

اغزوا بسم اهللا في سبیل اهللا ، قاتلوا من كفر باهللا ، أغزوا والتغلوا وال : (خیرا ثم قال .رواه مسلم ) تغدروا وال تمثلوا وال تقتلوا ولیدا

إذا (: قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن أبى ھریرة رضى اهللا عنھ قال .أخرجھ الشیخان ) الوجھقاتل أحدكم فلیجتنب

أعف (: قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم :وعن ابن مسعود رضى اهللا عنھ قال . أخرجھ أبو داود )الناس قتلة أھل اإلیمان

نھى رسول اهللا صلى اهللا :(وعن عبد اهللا بن یزید األنصاري رضى اهللا عنھ قال .أخرجھ البخاري ) علیھ وسلم عن النھب و المثلھ

ما ورد النھى عن قتل النساء والصبیان و الشیوخ و اإلجھاز عن الجرحى وإھاجة كالرھبان والمنعزلین ومن ال یقاتل من اآلمنین ، فأین ھذه الرحمة من غارات

المتمدین الخانقة وفظائعھم الشنیعة ؟ وأین قانونھم الدولي من ھذا العدل الرباني الشامل ؟

.وأنقذ العالم من ھذه الظلمات بأنوار اإلسالم اللھم فقھ المسلمین في دینھم

ما یلحق بالجھاد

شاع بین كثیر من المسلمین أن قتال العدو ھو الجھاد األصغر وأن ھناك جھادا أكبر رجعنا من الجھاد األصغر : (ھو جھاد النفس ، وكثیر منھم یستدل لذلك بما یروي

) .جھاد القلب أو جھاد النفس : قالوما الجھاد األكبر ؟:إلي الجھاد األكبر ، قالوا

وبعضھم یحاول بھذا أن یصرف الناس عن أھمیة القتال واالستعداد لھ ونیة الجھاد فأما ھذا األثر فلیس بحدیث علي الصحیح ، قال أمیر المؤمنین . واألخذ في سبیلھ

ھو مشھور علي األلسنة وھو من : في الحدیث الحافظ ابن حجر في تسدید القوس .م إبراھیم بن عبلة كال

رواه البیھقي بسند ضعیف عن جابر ، : وقال العراقي في تخریج أحادیث األحیاء ورواه الخطیب في تاریخھ عن جابر ؛ علي أنھ لو صح فلیس یعطي أبدا االنصراف عن الجھاد واالستعداد إلنقاذ بالد المسلمین ورد عادیة أھل الكفر عنھا ، وإنما یكون

وھناك أمور . مجاھدة النفس حتى تخلص هللا في كل عملھا ، فلیعلم معناه وجوب إن : (األمر بالمعروف والنھي عن المنكر فقد جاء في الحدیث : تلحق بالجھاد منھا

ولكن شیئا منھا ال یوجب لصاحبھ ) . من أعظم الجھاد كلمة حق عند سلطان جائر .قتل في سبیل اهللالشھادة الكبرى وثواب المجاھدین إال أن یقتل أو ی

خـاتمـة

:أیھـا اإلخـوة

إن األمة التي تحسن صناعة الموت ، وتعرف كیف تموت الموتة الشریفة ، یھب لھا وما الوھن الذي أذلنا أال حب ، اهللا الحیاة العزیزة في الدنیا والنعیم الخالد في اآلخرة

لى الموت توھب لكم الدنیا وكراھیة الموت ، فاعدوا أنفسكم لعمل عظیم واحرصوا ع .الحیاة

واعلموا أن الموت البد منھ وأنھ ال یكون إال مرة واحدة ، فان جعلتموھا فى سبیل اهللا كان ذلك ربح الدنیا وثواب اآلخرة، وما یصیبكم إال ما كتب اهللا لكم ، و تدبروا

غم أمنة نعاسا یغشى طائفة ثم أنزل علیكم من بعد ال ( :جیدا قول اهللا تبارك وتعالى منكم وطائفة قد أھمتھم أنفسھم یظنون باهللا غیر الحق ظن الجاھلیة یقولون ھل لنا

م ما ال یبدون لك یقولون لو من األمر من شيء قل إن األمر كلھ هللا یخفون في أنفسھكان لنا من األمر شيء ما قتلنا ھاھنا قل لو كنتم في بیوتكم لبرز الذین كتب علیھم

ا في قلوبكم واهللا علیم القتل إلى مضاجعھم ولیبتلي اهللا ما في صدوركم ولیمحص م . )١٥٤:آل عمران) (بذات الصدور

رزقنا اهللا وإیاكم وكرامة ، فاعملوا للموتة الكریمة تظفروا بالسعادة الكاملة .االستشھاد فى سبیلھ

حسـن البنــا

رسالة في علم الحدیث بســـم اهللا الرحمـن الرحیـم

القاھرة ھـ١٣٦٧لمحرم غرة ا

الروایة واإلسناد

وما المتن؟.. ما اإلسناد؟ سلسلة الرواة الذین نقل عنھم : وھو" السند"تقرأ الحدیث الشریف فیطالعك أول ما یطالعك

ھذا الحدیث من لدن رسول اهللا إلى أن انتھى إلى أحد الحفاظ المشھورین كمالك أو .البخاري أو مسلم رضي اهللا عنھم

. رفع الحدیث إلى قائلھ:واإلسناد .المحدثون یستعملون السند واإلسناد لشيء واحد : وقال ابن جماعة

.فھو ألفاظ الحدیث نفسھا : وأما المتن ومعرفة السند ھي األساس عند المحدثین في الحكم على درجة الحدیث إذ إن عماد الصحة

.لوضوح والثقة أو الضعف عندھم درجة الرازي من الصدق ، ودرجة روایتھ من اولھذا كانت عنایتھم باألسانید عظیمة ، نشأ عنھا علم مصطلح الحدیث بلواحقھ من علم

.الرجال واألنساب والكنى واألسماء والجرح والتعدیل :اإلسناد من خصائص األمة اإلسالمیة

رف ولم یؤثر عن أمة من األمم العنایة برواة أخبارھا وكتبھا ، ومأثورات أنبیائھا كما عذلك عن ھذه األمة اإلسالمیة التي عنیت بھذه الناحیة أتم العنایة ، حتى إن اھتمامھا

باألسانید والرواة لم یقف عند حد العلوم الشرعیة ، بل تعداھا إلى العلوم األدبیة واألخبار .التاریخیة وغیرھا ، وإن كان في الحدیث النبوي وما إلیھ أدق وأوضح

اإلسناد : خص اهللا تعالى ھذه األمة بثالثة أشیاء لم یعطھا من قبلھا (: قال أبوعلي الجیاني ).، واألنساب ، واإلعراب

:وقال ابن حزم مع االتصال خص اهللا بھ المسلمین " صلى اهللا علیھ وسلم"نقل الثقة عن الثقة یبلغ بھ النبي (

، ولكن ال دون سائر الملل ، وأما مع اإلرسال واإلعضال فیوجد في كثیر من الیھود، بل یقفون بحیث یكون بینھم " صلى اهللا علیھ وسلم"یقربون فیھ من موسى قربنا من محمد

وال یمكن أن یبلغوا إلى صاحب نبي وال إلى تابع .. وبین موسى أكثر من ثالثین عصرا ).لھ

:وقد أثر عن السلف في الحث على العنایة باإلسناد أقوال كثیرة ).إلسناد من الدین ، لوال اإلسناد لقال من شاء ما یشاءا. : (قال ابن المبارك

ھاتھ بال إسناد ، فقال الزھري : حدث الزھري یوما بحدیث فقلت : (وقال سفیان بن عیینة ).أترقى السطح بال سلم ؟:

).اإلسناد سالح المؤمن: (وقال الثوري أصحاب عبد اهللا كانوا طلب اإلسناد العالي سنة عن السلف ؟ ألن: (وقال أحمد بن حنبل

).یرحلون من الكوفة إلى المدینة فیتعلمون من عمر ویسمعون منھ ).لىقرب اإلسناد قرب أو قربة إلى اهللا تعا: (وقال محمد بن أسلم الطوسي

لم : (وقال) .. إن ھذا العلم دین فانظروا عمن تأخذون دینكم: (وقال محمد بن سیرین لما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم ، فینظر إلى أھل یكونوا یسألون عن اإلسناد ، ف

).السنة فیؤخذ حدیثھم ، وینظر إلى أھل البدع فال یؤخذ حدیثھمحدثني فالن كیت : لقیت طاووسا فقلت: (وحكى األوزاعي عن سلیمان بن موسى قال

) .فخذ عنھ" ...." إن كان صاحبك : وكیت قال :أنواع التحمل ودرجاتھ

.نوا یتحرون حال الراوي كانوا یعنون كذلك بالطریقة التي تلقى بھا عن شیخھ وكما كا :ومنھا . وطرق التلقي تختلف في األسلوب وفى الرتبة

. السماع من لفظ الشیخ إمالء من حفظھ ، أو تحدیثا من كتابھ - ١ . قراءة الطالب على الشیخ - ٢ . سماع الطالب على الشیخ بقراءة غیره- ٣: لمناولة مع اإلجازة كأن یدفع لھ الشیخ أصل سماعھ ، أو فرعا مقابال بھ ویقول لھ ا- ٤

.أجزت لك روایتھ عنى

. اإلجازة المجردة عن المناولة ، ولھا أنواع كثیرة مفصلة في كتب الفن- ٥ المناولة من غیر إجازة بأن یناولھ الكتاب مقتصرا على قولھ ھذا سماع وال یقول اروه - ٦

. وال أجزت لك روایتھعني ، .والصحیح عندھم عدم الجواز .. تجوز الروایة بھذه المناولة : قیل

:ومثلھا .ھذا الكتاب من مسموعاتي من غیر أن یأذن لھ في روایتھ عنھ: كأن یقول: اإلعالم- ٧ .واألرجح عدم جواز الروایة بھ .. كأن یوصى بكتاب عند سفره أو موتھ : الوصیة- ٨كأن یجد حدیثا أو كتابا بخط شیخ معروف ال یرویھ الواحد عنھ بسماع وال : دة الوجا- ٩

.وجدت أو قرأت بخط فالن: إجازة فلھ أن یقول .وفى مسند اإلمام أحمد كثیر من ذلك من روایة ابنھ عنھ

وأما بالوجادة فعن المعظم أنھ ال یجوز وقطع البعض بوجوب العمل بھا عند : (قال النووي ).وھذا ھو الصحیح الذي ال یتجھ في ھذه األزمان غیره: (قال ) ..قةحصول الث

:أقدم إجازتین مأثورتین : إجازة أبي خیثمة لزكریا بن یحیى -ا

جاء في شرح ألفیة العراقي نقال عن اإلمام أبي الحسن محمد بن أبي الحسین بن الوزان ب الحافظ الشھیر صاحب ألفیت بخط أبي بكر أحمد بن أبي خیثمة زھیر بن حر: (قال

قد أجزت ألبى زكریا یحیى بن مسلمة أن : "یحیى بن معین وصاحب التاریخ ما مثالھیروي عنى ما أحب من كتاب التاریخ الذي سمعھ مني أبو محمد القاسم بن األصبح ومحمد بن عبد األعلى كما سمعاه منى ، وأذنت لھ في ذلك ولمن أحب من أصحابھ ، فإن أحب أن

وكتب أحمد بن خیثمة بیده في " اإلجازة ألحد بعد ھذا فأنا أجزت لھ ذلك بكتابي ھذاتكون ).شوال سنة ست وسبعین ومائتین

إجازة حفید بن شیبة للخالل- ٢یقول محمد بن أحمد : وكذلك أجاز حفید یعقوب بن شیبة وھذه نسختھا فیما حكاه الخطیب

لخالل وابنھ عبد الرحمن بن عمر ولختنھ قد أجزت لعمر بن أحمد ا: (بن یعقوب بن شیبة على بن الحسن جمیع ما فاتھ من حدیثي مما لم یدرك سماعھ من المسند وغیره ، وقد

وكتبت لھم ذلك بخطى في صفر سنة . أجزت ذلك لمن أحب عمر ، فلیرووه عنى إن شاءوا ).اثنتین وثالثین وثالثمائة

:واةدقة التحري وسعة معرفة أئمة الفن بأحوال الروإن ما أثر عن أئمة روایة الحدیث في دقة تحریھم عن أقوال الرواة وسعة معرفتھم بكل ما

.یتصل بھم من شئون خاصة أو عامة لمما یقضي منھ العجبولقد كانوا یتحرجون من الروایة حتى عن الثقات لتوھم الشبھة في بعض تصرفاتھم

.المتصلة بالروایةألحد من رجال الحدیث حتى یكون قد حفظ متن الحدیث وال تثبت صفة التقدم والحفظ

وألفاظھ وسنده حفظا تاما ، ثم ألم بمعرفة رجالھ وأحوالھم فردا فردا ، ثم أضاف إلى ذلك .العلم بطرق روایتھ المختلفة

وھذا اإلمام مسلم بن الحجاج یحدثنا في مقدمة صحیحھ عن شيء من ھذا فیقول شارحا :منھاجھ في الروایة

م إنا إن شاء اهللا مبتدئون في تخرج ما سألت وتألیفھ على شریطة سوف أذكرھا لك وھو ث(:

فنقسمھا على ، "صلىاهللا علیھ وسلم"أنا نعمد إلى جملة ما أسند من األخبار عن رسول اهللا فإنا نتوخى أن نقدم األخبار التي : فأما القسم األول ، ثالثة أقسام وثالث طبقات من الناس

من العیوب من غیرھا ، وأنقى من أن یكون ناقلوھا أھل استقامة في الحدیث ھي أسلم .وإتقان لما نقلوا

فإذا نحن تقصینا أخبار ھذا الصنف من الناس أتبعناھا أخبارا یقع في أسانیدھا بعض من لیس بالموصوف بالحفظ واإلتقان كالصنف المقدم قبلھم ، على أنھم وإن كانوا فیما وصفنا

كعطاء بن السائب ، ویزید بن أبي : إن اسم الستر والصدق وتعاطى العلم یشملھمدونھم ففھم وإن كانوا بما . زیاد ، ولیث بن أبي سلیم وأضرابھم من حمال اآلثار ونقال األخبار

وصفنا من العلم والستر عند أھل العلم معروفین ، فغیرھم من أقرانھم ممن عندھم ما ذكرنا ة في الروایة یفضلونھم في الحال والمرتبة ، ألن ھذا عند أھل العلم من اإلتقان واالستقام

: أال ترى أنك إذا وازنت ھؤالء الثالثة الذین سمیناھم ، درجة رفیعة ، وخصلة سنیھ عطاء ، ویزید ، ولیثا بمنصور بن المعتمر ، وسلیمان األعمش ، وإسماعیل بن أبى خالد

ھم مباینین لھم ال یدانونھم ، ال شك عند أھل العلم في إتقان الحدیث واالستقامة فیھ وجدتللذي استفاض عندھم من صحة حفظ منصور واألعمش وإسماعیل بالحدیث في ذلك

.وإتقانھم لحدیثھم ، وأنھم لم یعرفوا مثل ذلك من عطاء ویزید ولیثوفي مثل مجرى ھؤالء إذا وازنت بین األقران كابن عون ، وأیوب السختیاني مع عوف

ن أبي جمیلة وأشعث الحراني وھما صاحبا الحسن وابن سیرین ، كما أن ابن عون وأیوب بوإن كان ، وصحة النقل ، صاحباھما إال أن البون بینھما وبین ھذین بعید في كمال الفضل

..عوف وأشعث غیر مدفوعین عن صدق وأمانة عند أھل العلمصلى اهللا علیھ "خبار عن رسول اهللا فعلى نحو ما ذكرنا من الوجوه نؤلف ما سألت من األ

".سلمفأما ما كان منھا عن قوم ھم عند أھل الحدیث متھمون أو عند األكثر منھم ، فلسنا نتشاغل بتخریج حدیثھم كعبد اهللا بن مسور أبي جعفر المدائني ، وعمرو بن خالد ، وعبد القدوس

سلیمان بن عمرو أبي داود الشامي ، ومحمد بن سعید المصلوب ، وغیاث بن إبراھیم ، ووكذلك من الغالب على ، النخعي ، وأشباھھم ممن اتھم بوضع األحادیث ، وتولید األخبار

).حدیثھ المنكر أو الغلط ، أمسكنا أیضا عن حدیثھمـ ومن أمثلة التورع في الروایة حتى عن الثقات ما رواه مسلم بعد ذلك عن أبي الزناد عن

).لیس من أھلھ: ینة مائة كلھم مأمون ما یؤخذ عنھم الحدیث ، یقال أدركت بالمد: (أبیھ قال .وإذا رجعت إلى كتب الرجال والعلل والجرح والتعدیل أدھشك ما ترى من ذلك

:جودة الحفظ وسرعتھ ودقتھ وكثرتھ ولقد اشتھر الكثیر من أئمة الحدیث بسرعة الحفظ وجودتھ ، ودقتھ وكثرتھ حتى كانوا

. في ھذه المعانيأعاجیب الدنیاومنھم أبو عبد اهللا محمد بن إسماعیل البخاري الذي روي عنة في ذلك الغرائب المدھشة

.منذ كان غالما حتى لقي ربھ :ولقد حدث عن نفسھ فیما رواه الفریري

".ألھمت حفظ الحدیث وأنا في الكتاب: قال( .وكم أتى علیك إذ ذاك؟: قلت خرجت من الكتاب فجعلت أختلف إلى الداخلي وغیره فقال ثم ، عشر سنین أو أقل : فقال

إن أبا الزبیر لم یرو : فقلت. سفیان عن أبى الزبیر عن إبراھیم : یوما فیما كان یقرأ للناس .فانتھرني .. عن إبراھیم

.ارجع إلى األصل إن كان عندك : فقلت لھ كیف ھو یا غالم ؟: فدخل فنظر فیھ ثم رجع فقال

.یر وھو ابن عدى عن إبراھیمھو الزب: فقلت .صدقت: فأخذ القلم وأصلح كتابھ وقال لي

ابن كم حین رددت علیھ؟: فقال لھ إنسان .ابن إحدى عشرة سنة: فقال وعرفت كالم . فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكیع : قال

).ھؤالء ـ یعنى أصحاب الرأيان البخاري یختلف معنا إلى السماع وھو غالم ، فال ك: (وقال حامد بن إسماعیل وآخر

إنكما قد أكثرتما علي فاعرضا علي ما : فقال . یكتب ، حتى أتى على ذلك أیام فكنا نقول لھكتبتما ، فأخرجنا إلیھ ما كان عندنا ، فزاد على خمسة عشرة ألف حدیث ، فقرأھا كلھا عن

أترون أني أختلف ھدرا وأضیع : ال ثم ق. ظھر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظھ ).أیامي؟ فعرفنا أنھ ال یتقدمھ أحد

كنت عند محمد بن سالم : (سمعت سلیم بن مجاھد یقول : وقال محمد بن أبي حاتم فخرجت في : قال. لو جئت قبل لرأیت صبیا یحفظ سبعین ألف حدیث: البیكندي فقال لي

ظ سبعین ألف حدیث؟أنا أحف: أنت الذي تقول : طلبھ فلقیتھ ، فقلتنعم وأكثر، وال أجیئك بحدیث عن الصحابة أو التابعین إال عرفت مولد أكثرھم : فقال

.ووفاتھم ومساكنھمولست أروي حدیثا من حدیث الصحابة أو التابعین إال ولي في ذلك أصل أحفظھ حفظا من

)."صلى اهللا علیھ وسلم"كتاب اهللا أو سنة رسول اهللا :المشھورة التي یرویھا ابن عدي فیقول ومن ذلك الحادثة

سمعت عدة مشایخ یحكون أن البخاري قدم بغداد ، فاجتمع أصحاب الحدیث ، فعمدوا إلى (" مائة حدیث فقلبوا متونھا وأسانیدھا ، وجعلوا متن ھذا إلسناد ھذا ، وإسناد ھذا لمتن ھذا

لمجلس ، فاجتمع الناس ، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحادیث لیلقوھا على البخاري في ا. ال أعرفھ: فقال .فسألھ عن آخر . أال أعرفھ: فقال . وانتدب أحدھم ، فقام وسألھ عن حدیث

ال : وفعل مثل ذلك مع من بقي من المشایخ ، ال یزیدھم على قولھ .حتى فرغ من العشرة .أعرفھ

كذا وكذا ، والثاني كذا أما حدیثك األول فإسناده : حتى إذا فرغوا ، التفت إلى األول فقالوفعل بالثاني مثل ذلك إلى أن . وكذا ، والثالث إلى آخر العشرة ، فرد كل متن إلى إسناده

).فأقر لھ الناس بالحفظ والتقدم.. فرغ :اختالف درجات الحدیث باختالف مراتب الرواة

، وقوة وبھذا االختالف في درجات الرواة ، وقوة األسانید ، اختلفت مراتب الحدیث .االحتجاج بھا، ووضع لكل منھا اسم ووصف یكشف عن درجتھ

فالصحیح ، والحسن ، والضعیف ، وما إلى ذلك من أوصاف وألقاب لألحادیث ، إنما مرده .وأصلھ ھذا االختالف في طبقات الرواة

ونرجو أن نوفق في الكلمة التالیة إلى التعرض لھذه الناحیة بالذات حتى نضع بین یدي اء الكرام من الذین لم یتصلوا بھذه الدراسات خالصة موجزة واضحة لترجمة ھذه القر

.االصطالحات لیسھل علیھم االتصال بھذه الكتب والفنون إذا وجدوا الوقت والرغبة

الحدیـث والخبـر واألثـــر .بھ تدور ھذه األلفاظ الثالثة على ألسنة المحدثین ، والمشتغلین بھذا الفن ، والمتصلین

" صلى اهللا علیھ وسلم"وأنھا جمیعا ما أضیف إلى النبي : ـ ومنھم من یعتبرھا بمعنى واحد .قوال أو فعال أو تقریرا أو صفة

ما جاء عن : والخبر، خاصة " صلى اهللا علیھ وسلم"ما جاء عن النبي : الحدیث: ـ وقیل .ما روي عن صحابي أو تابعي: واألثر، غیره

فكل حدیث خبر ، ولیس كل خبر .. ث والخبر عموم وخصوص مطلق بین الحدی: ـ وقیل .حدیث

إن الحدیث إذا أطلق ھكذا انصرف إلى ما أثر عن رسول : ولعل خیر ما یقال في ھذا الشأنخاصة ، وأن الخبر واألثر ینصرفان إلى ھذا المعنى بالقرینة " صلى اهللا علیھ وسلم"اهللا

حدیث من األخبار والمرویات عن الصحابة الممیزة مع صحة إطالقھا على غیر ال .والتابعین رضوان اهللا علیھم

.أو قولھ أو إقراره" صلى اهللا علیھ وسلم"ومعلوم أن السنة ھي فعل النبي :الحدیث القدسي

أطال أھل الفن القول في تعریف الحدیث القدسي ، والفرق بینھ وبین القران والحدیث :ك ، وأواله بالصواب إن شاء اهللاوخالصة ما ذكروه في ذل، النبوي

أن الحدیث القدسي إلھام من اهللا تبارك وتعالى لنبیھ في الیقظة أو في النوم صورا من أن اهللا یأمره بتصویرھا لعباده ، " صلى اهللا علیھ وسلم"المعاني والمقاصد ، یشعر النبي

یھا عن ربھ عز على أنھ یرو" صلى اهللا علیھ وسلم"فیصورھا لھم بعبارة من لفظھ ھو .وجل

حدیث أبي ذر الغفاري المطول الذي رواه النووي في أربعینھ ، وھو الرابع : ومثالھ :والعشرون منھا

.الحدیث) یا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلتھ محرما بینكم ، فال تظالموا(بواسطة " مصلى اهللا علیھ وسل"وھو بھذا التعریف غیر معجز ، ولم یوح بھ إلى النبي .جبریل علیھ السالم ، ولیست ألفاظھ من عند اهللا بداھة

بإلقاء " صلى اهللا علیھ وسلم"فترتسم معانیھ وألفاظھ في نفس رسول اهللا : أما القرآن الكریمما ألقي إلیھ بلفظھ ومعناه ، " صلى اهللا علیھ وسلم"الملك ، وینتھي الوحي وقد وعى النبي

.ا ، ألن لفظھ وتركیبھ من عند اهللا فیكون معجز. ویبلغھ الناس :وأما الحدیث النبوي

بلفظھ " صلى اهللا علیھ وسلم"فھو تعبیر عن الحقائق والمعاني واألفكار التي تفیض بھا نفس النبي .ال ینطق عن الھوى أبدا" صلى اهللا علیھ وسلم"وھو صدق وحق ألنھ .. ھو علیھ الصالة والسالم

:دسي صیغتانوروایة الحدیث الق: قالواوھى عبارة ، فیما یرویھ عن ربھ " صلى اهللا علیھ وسلم"قال رسول اهللا : أن یقول: إحداھا .السلف".. صلى اهللا علیھ وسلم"قال اهللا تعالى فیما رواه عنھ رسول اهللا : أن یقول: وثانیتھا

.والمعنى واحد

.وال شك أن األولى أفضل ألنھا ال توھم التشبیھ بالقران الكریم :بین المتن واإلسناد

بذلوا منتھى الجھد في - جزاھم اهللا خیرا -عرفنا في الفصل السابق كیف أن أئمة ھذا الفن تحري أحوال الرواة وشئونھم ، وأن ھذا كان مدار ترجیحھم لصدق الحدیث وقوتھ أو

.ضعفھ سؤال

، والحكم على إنھ كان یجب أن تبذل العنایة كذلك لتمحیص المتن ( :ویقول بعض الباحثینفقد یأتي بعض المتون وفیھ ماال یتفق مع . قوة األحادیث وضعفھا بما یسفر عنھ التمحیص

ففي الوقت الذي تصرف فیھ الھمة إلى الكشف عن أحوال الرجال ، ، نتائج البحث العلمي وتحري شئون الرواة ، یجب كذلك أن نعتني بتطبیق متن الحدیث على حقائق البحث

).حكم بعد ذلك على الحدیث بالمیزانین معا ال بمیزان واحدالعلمي ، وال

الجوابویجب أن یكون ذلك من عمل ھذا . وھذا قول لھ بعض المبررات ، وفیھ كثیر من الوجاھة

.الجیل الممحص النقاد الذي ارتقت فیھ وسائل النقد العلمي إلى حد كبیر :ولكن ال یجب أن تفوتنا مع ذلك ھذه المالحظات

ن اتھام السلف رضوان اهللا علیھم بإھمال النظر في المتون جملة غیر صحیح ، إ- ١فكثیرا ما كانوا یعنون بھذه النظرة ، ویردون بعض المرویات لھذا السبب ، ویتخذون من

عدم انطباق المتن على قواعد الشرع الجلیة دلیال على ضعف إسناده ، وعدم نسبتھ إلى كما رد ابن عباس حدیث أبى ھریرة ، ، ووھم راویھ " مصلى اهللا علیھ وسل"رسول اهللا

).من حمل جنازة فلیتوضأ: (رضى اهللا عنھفروح النظر في ، ) ال یلزمنا الوضوء في حمل عیدان یابسة: (وعلل ھذا الرد بقولھ

.المتون ، واالستدالل بھاعلى درجة الحدیث كانت موجودة إذن العقول والعصور كذلك ، فما نعده نحن الیوم إن ھذا المیزان میزان اعتباري بحسب- ٢

حدیث خرافة ، كان یعتبر في بعض العصور الماضیة حقیقة من حقائق العلوم والمعارف .الرسمیة حینذاك

.والشواھد على ھذا كثیرةوما نعتبره نحن الیوم حقیقة علمیة مقررة ، لو ذكر لمن سبقونا العتبروا قائلھ مجنونا ،

یوما كنا لنكلف سلفنا . وتلك طبیعة التطور العلمي، وقد فعلوا . إلعدام ولحكموا علیھ با .فوق ما یطیقون ، وجزاھم اهللا أفضل الجزاء بما جاھدوا

أما األخذ بمیزان تمحیص اإلسناد ، ومعرفة حال الرواة ، والحكم على درجة الحدیث بھذا ور حسیة واقعیة ، ال یختلف ألنھ یعتمد على أم، االعتبار ، فھو أدق الموازین وأضبطھا

ومن حسن الحظ أنھا لم تتدخل إال بعد . معھا النقد الصحیح إال إذا تدخلت الغایات واألھواء أن تناولت ھذا المیزان أطھر النفوس ، وأنقى القلوب ، وأعف األیدي ، فنفت عنھ تحریف

.والحمد هللا رب العالمین، الغالین ، وتأویل المبطلین ن ما عرف من األحادیث التي حكم علیھا أھل ھذا الفن بالصحة مخالف ولھذا كا- ٣

لبعض مقررات العلوم قلیال جدا ، نادرا كل الندرة ، قد أحصى وعرف ، فلم یتعد العشرات وكثیر منھا یمكن التوفیق بینھ وبین ھذه المقررات بضرب ، إلى المئات إن لم یكن اآلحاد

و ، ي یحمل على أنھ روایة بالمعنى لم یدقق فیھا الراوي مقبول میسور من التأویل ، والباق . )٤١:یوسف) (قضي األمر الذي فیھ تستفتیان(

.وسنعرض لشيء من األمثلة خالل ھذا البحث إن شاء اهللا المتواتـر واآلحــاد :الحدیث المتواتر

ن یكونوا جمعا ، ال یمكن ھو ما نقل عن عدد من الرواة یحصل العلم بصدقھم ضرورة بأ ".صلى اهللا علیھ وسلم"تواطؤھم على الكذب ، یروونھ عن مثلھم عن مثلھم إلى رسول اهللا

فمن قائل : ولھذا كان مفیدا للعلم الضروري ، ویجب العمل واختلفوا في تحدید ھذا العددالفن على ولم یجمع أھل ، أربعة ، ومن قائل سبعة ، ومن قائل عشرة ، ومن قائل سبعین

.عدد معین :والمتواتر قسمان

. وھو ما تواتر لفظھ:لفظي :ولألول أمثلة كثیرة منھا. وھو ما تواتر القدر المشترك فیھ :ومعنوي .رواه نحو المائتین). من كذب على متعمدا فلیتبوأ مقعده من النار(ـ حدیث

.رواه سبعون. ـ وحدیث المسح على الخفین .رواه نحو الخمسین. ي الصالةـ وحدیث رفع الیدین ف

" صلى اهللا علیھ وسلم"وقد روي عنھ . أحادیث رفع الیدین في الدعاء: ومن أمثلة الثانيفكل ، ولكنھا في قضایا ومواضع مختلفة ، رفع یدیھ في الدعاء: نحو مائة حدیث فیھا

ر باعتبار رفع الیدین في الدعاء توات: موضع منھا لم یتواتر ، ولكن القدر المشترك وھو .المجموع

ـ واألحادیث المتواترة قلیلة طبعا لدقة ھذا الشرط ، وتعسر توفره ، خصوصا إذا بالغنا في ولھذا أثر عن أبي حنیفة . العدد ، وأخذنا بقول من حددوه بالمائة أو بالسبعین أو نحوھا

معنى بعض رضي اهللا عنھ أنھ لم یظفر من المتواتر إال بسبعة عشر حدیثا ، فحرف ھذا الالمغرضین الذین یریدون أن یھربوا من القول بحجیة الحدیث ، ووجوب العمل بھ ،

وزعموا أن أبا حنیفة مع جاللة قدره في الفقھ لم یجد من األحادیث الصحیحة إال سبعة عشر حدیثا ، فوضع الصحیح بدال من المتواتر ، لالستدالل على ما یریدون ، وھو زعم

.نا علیھ غیر صحیح ، وقد نبھ

:الحدیث اآلحاد .فھو ما لم یتوفر فیھ شرط التواتر السابق: وأما حدیث اآلحاد

:وجوب العمل بخبر اآلحاد :قال النووي رحمھ اهللا تعالى في شرح مقدمة مسلم

نبھ مسلم رحمھ اهللا تعالى على القاعدة العظیمة التي ینبني علیھا معظم أحكام الشرع وھى ( ).بر الواحد ، فینبغي االھتمام بھا ، واالعتناء بتحقیقھاوجوب العمل بخ:

وأفردھما جماعة من السلف ، وقد أطنب العلماء رحمھم اهللا في االحتجاج لھا وإیضاحھا وأول من بلغنا تصنیفھ فیھا اإلمام الشافعي رحمھ ، بالتصنیف ، واعتنى بھا أئمة المحدثین

: ونذكر ھنا طرفا فنقول، یة في كتب أصول الفقھوقد تقررت أدلتھا النقلیة والعقل، اهللا :اختلف العلماء في حكمھ

ـ فالذي علیھ جماھیر المسلمین من الصحابة والتابعین فمن بعدھم من المحدثین والفقھاء أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع ، یلزم العمل بھا ، ویفید : وأصحاب األصول

.الظن ، وال یفید العلم

:قول من قال ال حجة فیھ ظاھروإبطال صلى "وآحاد رسلھ یعمل بھا ، ویلزمھم النبي " صلى اهللا علیھ وسلم"ـ فلم تزل كتب النبي

.العمل بذلك" اهللا علیھ وسلمـ واستمر على ذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدھم من السلف والخلف على امتثال خبر

ھم إلیھ في القضاء والفتیا ، ونقضھم بھ ما وقضائھم بھ ، ورجوع، الواحد إذا أخبرھم بسنة حكموا على خالفھ ، وطلبھم خبر الواحد عند عدم الحجة ممن ھو عنده ، واحتجاجھم بذلك

والعقل . وھذا كلھ معروف ، الشك في شيء منھ ، على من خالفھم ، وانقیاد المخالف لذلك .فوجب المصیر إلیھ . ھ وقد جاء الشرع بوجوب العمل ب، ال یحیل العمل بخبر الواحد

وكیف یحصل العلم واحتمال الغلط .فھو مكابر للحس : یوجب العلم : ـ وأما من قال !!والوھم والكذب وغیر ذلك متطرق إلیھ؟ :ـ ونقل في الفتح عن ابن القیم ما ملخصھ

:السنة مع القرآن على ثالثة أوجھ( .لةأن توافقھ من كل وجھ فیكون من توارد األد: أحدھا .أن تكون بیانا لما أرید بالقرآن: ثانیھاوھذا الثالث یكون حكما مبتدأ من النبي . أن تكون دالة على حكم سكت عنھ القرآن: ثالثھا

).فتجب طاعتھ فیھ" صلى اهللا علیھ وسلم"ال یطاع إال فیما وافق القرآن لم تكن لھ طاعة خاصة " صلى اهللا علیھ وسلم"ولو كان النبي

) من یطع الرسول فقد أطاع اهللا ومن تولى فما أرسلناك علیھم حفیظا ( :ل تعالىوقد قا. ).٨٠:النساء(

إنھ ال یقبل الحكم الزائد على القران إال إن كان متواترا أو مشھورا ، : وقد تناقض من قال وتحریم ما تحرم من النسب بالرضاعة ، فقد قالوا بتحریم المرأة على عمتھا وخالتھا ،

وخیار الشرط والشفعة والرھن في الحضر ، ومیراث الجدة ، وتخییر األمة إذا أعتقت ، ومنع الحائض من الصوم والصالة ، ووجوب إحداد المعتدة عن الوفاة ، وتجویز الوضوء

بنت االبن السدس بنبیذ التمر ، وإیجاب الوتر ، وأن أقل الصداق عشرة دراھم ، وتوریث مع البنت ، واستبراء المسبیة بحیضة ، وال یقاد الوالد بالولد ، وأخذ الجزیة من المجوس ، وقطع رجل السارق في الثانیة ، وترك القصاص مع الجرح قبل االندمال ، والنھي عن بیع

.الكالئ بالكالئ ، وغیرھا مما یطول شرحھ ، وبعضھا غیر ثابت ، ولكنھم قسموھا إلى ثالثة وھذه األحادیث كلھا آحاد ، وبعضھا ثابت

.وباهللا التوفیق.. ولھم في ذلك تفاصیل یطول شرحھا ، ومحل بسطھا أصول الفقھ، أقسام أنواع األحـادیث ودرجاتھا

علمت مما تقدم أن الحدیث یحكم على درجتھ بأحوال رواتھ ـ وأحوال الرواة ال تحصى ، قال السیوطي بعد أن ذكر ھو والنووي خمسة وستین نوعا ومن ھنا، وأحوال المتون كذلك

).لیس ھذا آخر الممكن في ذلك فإنھ قابل للتنویع إلى ماال یحصى: (لألحادیثالصحیح ، والحسن ، : ومع ذلك فھذه األنواع التي ال تحصى ال تخرج عن ثالثة أقسام

أو على أدناھا ، ألنھ إن اشتمل من أوصاف القبول على أعالھا فالصحیح، والضعیف ویتصل بكل قسم من ھذه األقسام بحوث .أو لم یشتمل على شيء منھا فالضعیف، فالحسن

-:نجملھا فیما یلي :الحدیث الصحیح

وھذا .. ھو ما اتصل سنده ، بنقل العدل الضابط عن مثلھ ، مع السالمة من الشذوذ والعلل .ھو الصحیح لذاتھ

توفر فیھ ھذه الشروط بأكمل معانیھا ، ولكنھ اكتسب ما لم ت: وھناك الصحیح لغیره وھوكالروایة من غیر وجھ ، أو تلقي العلماء لھ بالقبول ، أو .. وصف الصحة لسبب آخر

االنطباق التام على اآلیات المحكمة ، أو بعض أصول الشریعة ، فإن ھذه المعاني وأشباھھا .ترفعھ إلى درجة الصحة

:مراتب الصحیحفما یكون . ودرجاتھ تتفاوت في القوة بحسب تفاوت األوصاف المتقدمةإن رتب الصحیح

رواتھ في الدرجة العلیا من العدالة .والضبط وسائر الصفات التي توجب الترجیح كان أصح مما دونھ

:ومن المرتبة العلیا في ذلك ما أطلق علیھ بعض أئمة الفن أنھ أصح األسانیدوكمحمد بن سیرین عن عبیدة بن عمر ، ر عن أبیھ كالزھري عن سالم بن عبد اهللا بن عم

.السلماني عن علي .وكمالك عن نافع عن ابن عمر، وكإبراھیم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود

:والصحیح أقسام: (قال النووي رحمھ اهللا ما اتفق علیھ البخاري ومسلم: ـ وأعالھا

ـ ثم ما انفرد بھ البخاري ـ ثم ما انفرد بھ مسلم

م ما كان على شرطھما وإن لم یخرجاهـ ث ـ ثم على شرط البخاري

ـ ثم على شرط مسلم .ـ ثم ما صححھ غیرھما من األئمة

).فھذه سبعة أقسام.. : ولم تستوعب األحادیث الصحیحة في مؤلف واحد ، وإن كانت األصول الخمسة وھى

، لم یفتھا من ) نسائيصحیح البخاري ، وصحیح مسلم ، وسنن أبي داود ، والترمذي ، وال( .كذا قال النووي. الصحیح إال الیسیر

.صحیح البخاري: وتاله، موطأ اإلمام مالك : وأول مصنف في الصحیح فإنھم ، أصح شيء في ھذا الباب ، فال یلزم من ھذه العبارة صحة الحدیث : وإذا قیل ھذا أصح ما جاء في ھذا الباب: یقولون

.جحھ أو أقلھ ضعفاأر: ومرادھم، وإن كان ضعیفا :الحدیث الحسن

:قال الشیخ تقي الدین بن تیمیةولم ، أول من عرف أنھ قسم الحدیث إلى صحیح وحسن وضعیف أبو عیسى الترمذى (

فذكر أن الحسن مما : وقد بین أبو عیسى مراده بذلك .تعرف ھذه التسمیة عن أحد قبلھشاذا ، وھو دون الصحیح الذي عرف ولم یكن فیھم متھم بالكذب ، ولم یكن . تعددت طرقھ

).عدالة ناقلیھ وضبطھموأما من قبل الترمذي من العلماء ، فما عرف عنھم ھذا التقسیم الثالثي ، لكن كانوا

:والضعیف كان عندھم نوعان. صحیح ، وضعیف: یقسمونھ إلى .وھو یشبھ الحسن في اصطالح الترمذي، ـ ضعیف ضعفا ال یمتنع العمل بھ

.وھو الواھي.. ف ضعفا یوجب تركھـ وضعی :أقسام الحسن

:والحسن قسمان .. وھو ما اشتھر رواتھ بالصدق ولم یصلوا في الحفظ رتبة رجال الصحیح: حسن لذاتھ- ١

.وھذا تعریف ابن الصالحمسند من قرب من درجة الثقة ، أو مرسل ثقة ، وروي كالھما من : الحسن: (وقال الطیبي

.وقد تقدم تعریف الترمذي، ) شذوذ وعلةغیر وجھ ، وسلم منما اتصل إسناده بنقل عدل قل ضبطھ عن الصحیح غیر شاذ وال : (ومن ألطف تعاریفھ

).معلل .أنھ أقل من الصحیح ، وفوق الضعیف: وخالصتھا جمیعا

وعرفھ ابن الصالح بما كان في إسناده مستور لم تتحقق أھلیتھ ، غیر : حسن لغیره - ٢ كثیر الخطإ في روایتھ ، وال متھم یتعمد الكذب فیھا ، وال ینسب إلى مفسق مغفل ، وال

فأصلھ ضعیف ، وإنما طرأ علیھ الحسن بالعاضد الذي .. آخر ، واعتضد بمتابع أو شاھدعضده ، فاحتمل لوجود العاضد ، ولواله الستمرت صفة الضعف فیھ ، والستمر على عدم

.االحتجاج بھ :مراتب الحسن

: رتب كالصحیح وللحسنوعمرو بن شعیب عن أبیھ ، كبھز بن حكیم عن أبیھ عن جده .. ما قبل لصحتھ : ـ فأعالھاوھو أدنى ، وأمثال ذلك . ومحمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن جابر ، عن جده

.مراتب الصحیحوعاصم بن ، كحدیث الحارث بن عبد اهللا ، ـ ثم بعد ذلك ما اختلف في تحسینھ وضعفھ

.قالھ الذھبي . ونحوھم ، وحجاج بن أرطأة ، مرة ضـ والحسن لذاتھ المشھور رواتھ بالعدالة والصدق اشتھارا دون اشتھار رجال الصحیح ، إذا

.وھذا ھو الصحیح لغیره، روي من وجھ آخر ، ترقى من الحسن إلى الصحیح ھریرة أن حدیث الترمذي من طریق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي : ومثالھ

لوال أن أشق على أمتي ألمرتھم بالسواك عند كل : (قال" صلى اهللا علیھ وسلم"رسول اهللا ).صالة

فإن محمدا وإن اشتھر بالصدق ، والصیانة ، ووثقھ بعضھم لذلك ، لم یكن متقنا لسوء وبمتابعة محمد علیھ في شیخ شیخھ وھو أبو ھریرة یرتقي .. فحدیثھ حسن لذاتھ.. حفظھوالمتابعة قد یراد بھا . .لصحة لغیره ، فقد رواه جماعة غیر أبي سلمة عن أبي ھریرةإلى ا

.وقد یراد بھا متابعة شیخ الشیخ، متابعة الشیخ صحیح لذاتھ من ھذا : والحدیث رواه الشیخان من طریق األعرج عن أبي ھریرة فھو

.صحیح لغیره من طریق محمد بن عمرو، الطریق :االحتجاج بالحسن

جمھور المحدثین ، وعامة الفقھاء على أن الحسن كالصحیح في االحتجاج بھ ، وإن كان و .ولھذا أدرجھ طائفة في أنواع الصحیح ، كالحاكم وابن حبان وابن خزیمة، دونھ في القوة منھم من یدرج الحسن في الصحیح الشتراكھما في االحتجاج ، بل نقل : (وقال السخاوي

).ھ إال الترمذي خاصةابن تیمیة إجماعھم علی

على الحسن مدار أكثر الحدیث ، ألن غالب األحادیث ال تبلغ رتبة : (وقال الخطابيوشدد بعض أھل الحدیث ، : (قال) ..الصحیح ، وعمل بھ عامة الفقھاء ، وقبلھ اكثر العلماء

).فرد بكل علة قادحة كانت أم الیحتج :فقلت ، إسناده حسن: ، فقال سألت أبى عن حدیث : (كما روى عن أبي حاتم أنھ قال

).ال: بھ؟ فقالإذ ھي في حكم الحدیث المستقل ، وھذا إن لم ، ـ وزیادة راوي الصحیح والحسن مقبولة

فإن ، تناف روایة من لم ترد ، فإن نافتھا ، ولزم من قبولھا رد األخرى ، احتیج للترجیح .كان ألحدھما مرجح فاألخرى شاذة

ـ أي الصحیح والحسن ـ : وزیادة راویھما ( : في النخبة وشرحھاقال الحافظ ابن حجرمقبولة ، ما لم تقع منافیة لروایة من ھو أوثق ممن لم یذكر تلك الزیادة ، ألنھ إما أن تكون

ال تنافي بینھا وبین روایة من لم یذكرھا ، فھذه تقبل مطلقا ، ألنھا في حكم الحدیث المستقل وإما أن تكون منافیة بحیث یلزمھم من ... یرویھ عن شیخھ غیرهالذي ینفرد بھ الثقة ، وال

فھذه التي یقع الترجیح بینھا وبین معارضھا ، فیقبل الراجح ، ، قبولھا رد الروایة األخرى ).ویرد المرجوح

وال یتأتى ذلك ، ـ واشتھر عن جمع من العلماء القول بقبول الزیادة مطلقا من غیر تفصیل ثم یفسرون الشذوذ . ن الذین یشترطون في الصحیح أال یكون شاذا عن طریق المحدثی

والعجب ممن أغفل منھم ذلك مع اعترافھ باشتراط انتفاء ، بمخالفة الثقة من ھو أوثق منھ .الشذوذ في حد الحدیث الصحیح وكذا الحسن

أحمد ـ والنقول عن أئمة الحدیث المتقدمین ، كعبد الرحمن بن مھدي ، ویحیى القطان ، وبن حنبل ، ویحیى بن معین ، وعلى بن المدیني ، والبخاري ، وأبي زرعة وأبي حاتم ،

وال یعرف ، والنسائي ، والدارقطني ، وغیرھم اعتبار الترجیح فیما یتعلق بالزیادة وغیرھا ....عن أحد منھم إطالق قبول الزیادة

المحدثین في ھذا وروى بعض، " حسن صحیح "ـ ویصف الترمذي بعض األحادیث بأنھ .ألن وصف الحسن قاصر عن الصحة، التعبیر ما یستوقف النظر

إن تردد أئمة الحدیث في حال ناقلیھ اقتضى : (وقد أجاب عن ذلك الحافظ ابن حجر بقولة وصحیح باعتبار .. حسن وصفھ عند قوم: فیقال فیھ . للمجتھد أال یصفھ بأحد الوصفین

).وصفھ عند قوم .حسن أو صحیح: أنھ حذف منھ حرف التردد ، ألن حقھ أن یقولوغایة ما فیھ

ألن الجزم أقوى من التردد ، حسن صحیح ، دون ما قیل فیھ صحیح : فما قیل فیھ، وعلیھ فإن لم یحصل تفرد ، فإطالق الوصفین على الحدیث یكون باعتبار ، وھذا حیث التفرد ،

.صحیح فقط ، واآلخر حسن: أحدھما: إسنادینحسن صحیح فوق ما قیل فیھ صحیح فقط إذا كان فردا ، ألن : ى ھذا ، فما قیل فیھوعل

.كثرة الطرق تقوي :ألقاب تشمل الصحیح والحسن

الجید ، والقوى ، والصالح ، والمعروف ، والمحفظ ، والمجود ، والثابت ، والمقبول ـ كلھا ن أو حسنا ، أو ضعیفا ألفاظ مستعملة عند أھل الحدیث في الخبر المقبول ، صحیحا كا

.یصلح لالعتبار

لواحـــق ھل توجب صحة الحدیث القطع بھ؟- ١

:للعلماء في ھذه المسألة ثالثة أقوال .وقد ذھب إلى ذلك ابن طاھر المقدسي . الوجوب مطلقا -أ

وعزاه النووي في التقریب لألكثرین ، عدم الوجوب لجواز الخطإ والنسیان على الثقة -ب .إنھ یفید الظن ما لم یتواتر: ققین ، وأنھم قالوا والمح

، أن ذلك شأن اآلحاد ، وال فرق في ذلك بین الشیخین وغیرھما : (قال في شرح مسلموتلقى األمة بالقبول إنما أفاد وجوب العمل بما فیھما من غیر توقف على النظر فیھ ،

وال یلزم من ، روط الصحیح بخالف غیرھما ، فال یعمل بھ حتى ینظر فیھ ، ویوجد فیھ ش ").صلى اهللا علیھ وسلم"إجماع األمة على العمل بما فیھما القطع بأنھ كالم النبي

وأضاف . وھو اختیار ابن الصالح ، تخصیص الوجوب بما رواه الشیخان أو أحدھما -جـ .إلیھ ابن حجر المشھور المسلسل باألئمة

جمعون على أن األخبار التي اشتمل علیھا أھل الصنعة م: قال أبو إسحاق اإلسفرایینيالصحیحان مقطوع بصحة أصولھا ومتونھا ، وال یحصل الخالف فیھا بحال ، وإن حصل

.فذلك خالف في طرقھا ورواتھاولیس لھ تأویل سائغ للخبر ، نقضنا حكمھ ألن ھذه ، فمن خالف حكمھ خبرا منھا : قال

.األخبار تلقتھا األمة بالقبول .ن الصالح من المقطوع بصحتھ في الصحیحین ما تكلم فیھ من أحادیثھاواستثنى اب

).الخبر المحتف بالقرائن یفید العلم خالفا لمن أبى ذاك: (وقال ابن حجر في شرح النخبةمنھا ما أخرجھ الشیخان في صحیحیھما مما لم یبلغ التواتر ، فإنھ احتف : وھو أنواع: (قال

:بھ قرائن منھا .في ھذا الشأن ، وتقدمھما في تمییز الصحیح على غیرھماـ جاللتھما

وھذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة ، ـ وتلقى العلماء لكتابیھما بالقبول .الطرق القاصرة عن التواتر

وبما لم یقع التجاذب بین مدلولیھ حیث ال ، إال أن ھذا مختص بما لم ینتقده أحد من الحفاظ الستحالة أن یفید المتناقضان العلم بصدقھما من غیر ترجیح ألحدھما على اآلخر ترجیح ،

).وما عدا ذلك فاإلجماع حاصل على تسلیم صحتھ، وإذا صح الحدیث فقد وجب العمل بھ ، وإن لم یخرجھ الشیخان ، وال یترك العمل بھ - ٢

.لرأي وال تقلید إمام وال یوھم إجماع : الموقعینقال ابن القیم في إعالم

صلى اهللا "والذي ندین اهللا علیھ ، وال یسعنا غیره ، أن الحدیث إذا صح عن رسول اهللا (، ولم یصح عنھ حدیث آخر ینسخھ ، أن الفرض علینا وعلى األمة األخذ " علیھ وسلم

بحدیثھ ، وترك ما خالفھ ، وال نتركھ لخالف أحد من الناس ، كائنا من كان ، ال راویھ وال .غیره

إذ من الممكن أن ینسى الراوي الحدیث ، وال یحضره وقت الفتیا ، أو یفطن لداللتھ على تلك المسألة ، أو یتأول فیھ تأویال مرجوحا ، أو یكون في ظنھ ما یعارضھ وال یكون

معارضا في نفس األمر ، أو یقلد غیره في فتواه بخالفھ العتقاده أنھ أعلم منھ ، وأنھ إنما .قوى منھخالفھ لما ھو أ

بانتفائھ وال ظنھ ـ لم یكن الراوي معصوما ولم ولو قدر انتفاء ذلك كلھ ـ وال سبیل إلى العلمتوجب مخالفتھ لما رواه سقوط عدالتھ حتى تغلب سیئاتھ حسناتھ ، وبخالف ھذا الحدیث

...الواحد ال یحصل لھ ذلك ما خالفھ ، وال من خالفھ كائنا كان اإلمام أحمد إذا وجد النص أفتى بموجبھ ، ولم یلتفت إلى

من كان ، ولذا لم یلتفت إلى خالف عمر رضي اهللا عنھ في المبتوتة لحدیث فاطمة بنت ولم یكن یقدم على ، وھذا كثیر جدا .. قیس ، وال إلى خالفھ في التیمم للجنب لحدیث عمار

ھ بالمخالف وال قول صاحب ، وال عدم علم، الحدیث الصحیح عمال وال رأیا وال قیاسا ).الذي یسمیھ كثیر من الناس إجماعا ، ویقدمونھ على الحدیث الصحیح

:ـ وقال الشعراني في المیزان ..فما أصنع في األحادیث التي صحت بعد موت إمامي ولم یأخذ بھا؟: فإن قلت(

ینبغي لك أن تعمل بھا ، فإن إمامك إن ظفر بھا ، وصحت عنده لربما كان أمرك : فالجواب .ومن فعل ذلك فقد حاز الخیر بكلتا یدیھ، فإن ، األئمة كلھم أسرى في ید الشریعة .بھا

ال أعمل بالحدیث إال إن أخذ بھ إمامي ، فاتھ خیر كثیر ، كما علیھ كثیر من : ومن قالالمقلدین ألئمة المذاھب ، وكان األولى لھم العمل بكل حدیث صیح بعد إمامھم ـ تنفیذا

اعتقادنا فیھم أنھم إن عاشوا وظفروا بتلك األحادیث التي صحت بعدھم لوصیة األئمة ، فإن .، ألخذوا بھا ، وعملوا بھا ، وتركوا كل قیاس كانوا قاسوه ، وكل قول كانوا قالوهإذا صح : وقد بلغنا من طرق صحیحة أن اإلمام الشافعي أرسل یقول لإلمام أحمد بن حنبل

ونترك كل قول قلناه قبل ذاك ، أو قالھ غیرنا ، فإنكم فأعلمونا بھ لنأخذ بھ، عندكم حدیث ).أحفظ للحدیث ، ونحن أعلم بھ

وقال في الرد على من زعم أن اإلمام أبا حنیفة رضى اهللا عنھ یقدم القیاس على الحدیث . :ما نصھ

ویحتمل أن الذي أضاف إلى اإلمام أبي حنیفة أنھ یقدم القیاس على النص ، ظفر بذلك في ( مقلدیھ الذین یلزمون العمل بما وجدوه عن إمامھم من القیاس ویتركون الحدیث الذي كالم

إن إمامنا لم یأخذ : وقولھم. فاإلمام معذور ، وأتباعھ غیر معذورین. صح بعد موت اإلمام .بھذا الحدیث ال ینھض حجة ، الحتمال أنھ لم یظفر بھ أو ظفر بھ لكن لم یصح عنده

ولیس ألحد معھ قیاس وال حجة . إذا صح الحدیث فھو مذھبنا : كلھم وقد تقدم قول األئمة ).إال طاعة اهللا وطاعة رسولھ ، بالتسلیم لھ

صح عن أبي : (ـ وقال ابن عابدین الدمشقي في شرح المنظومة المسماة بعقود رسم المفتى ) .إذا صح الحدیث فھو مذھبي: حنیفة أنھ قال

": رفع االشتباه عن مسالة المیاه"قال في رسالتھ المسماة ونقل فیھا عن العالمة قاسم أنھ لما منع علماؤنا رضى اهللا عنھم من كان لھ أھلیة النظر من محض تقلیدھم على ما رواه (

حدثنا أبو یوسف عن أبي : الشیخ اإلمام العالم العالمة أبو إسحاق إبراھیم بن یوسف قالن یفتى بقولنا ما لم یعرف من أین قولنا؟ تتبعت لیس ألحد أ: حنیفة رحمھ اهللا تعالى أنھ قال

مآخذھم ، وحصلت منھا بحمد اهللا تعالى على الكثیر ، ولم أقنع بتقلید ما في صحف كثیر ).من المحدثین

ال یقلد : وإني وهللا الحمد ، ألقول كما قال الطحاوي البن حربویھ : (وقال في رسالة أخرى ).إال عصي أو غبي

لفاظ الحدیث على طبیعتھا وداللتھا من غیر غلو في التأویل ، وال یجب أن تفھم أ- ٣ .تقصیر دون المراد

:ـ قال ابن القیم في كتاب الروح

من غیر غلو وال تقصیر ، فال یحمل " صلى اهللا علیھ وسلم"ینبغي أن یفھم عن الرسول (وقد حصل ، كالمھ ماال یحتملھ ، وال یقصر بھ عن مراده ، وما قصده من الھدى والبیان

بل سوء الفھم عن ، بإھمال ذلك والعدول عنھ من الضالل عن الصواب ماال یعلمھ إال اهللا اهللا ورسولھ أصل كل بدعة وضاللة نشأت في اإلسالم ، بل ھو أصل كل خطإ في

فیتفق سوء الفھم في بعض ، األصول والفروع ، وال سیما إذا أضیف إلیھ سوء القصد ، ع حسن قصده ، وسوء القصد من التابع ، فیا محنة الدین وأھلھ األشیاء من المتبوع م

وما أوقع القدریة والمرجئة ، والخوارج ، والمعتزلة ، والجھمیة ، .. واهللا المستعانصلى اهللا علیھ "والروافض ، وسائر طوائف أھل البدع إال سوء الفھم عن اهللا ورسولھ

والذي فھمھ الصحابة .. وجب ھذه األفھامحتى صار الدین بأكثر أیدي الناس ھو م" وسلمرضي اهللا عنھم ومن تبعھم عن اهللا ورسولھ فمھجور ال یلتفت إلیھ ، وال یرفع ھؤالء بھ

).رأسا ":إیقاظ الھمم"ـ وقال الشیخ علم الدین الفالني المالكي في كتابھ

وإن وجد حدیثا ، نرى بعض الناس إذا وجد حدیثا یوافق مذھبھ ، فرح بھ ، وانقاد لھ وسلم (صحیحا سالما من النسخ والمعارض ، مؤیدا لمذھب غیر إمامھ ، فتح لھ باب االحتماالت البعیدة ، وضرب عنھ الصفح ، والعارض ، ویلتمس لمذھب إمامھ أوجھا من الترجیح مع

وإن شرح كتابا من كتب الحدیث ، صرف ، مخالفتھ للصحابة والتابعین والنص الصریح وإن عجز عن ذلك كلھ ادعى النسخ بال دلیل ، أو الخصوصیة ، ، ف رأیھ حدیث خال كل

وإن عجز عن ذلك كلھ ادعى أن ، أو عدم العمل بھ ، أو غیر ذلك مما یحفر ذھنھ العلیل إمامھ اطلع على كل مروي أو جلھ ، فما ترك ھذا الحدیث الشریف إال وقد اطلع على طعن

بھ أربابا ، ویفتح لمناقبھم وكراماتھم أبوابا ، ویعتقد أن فیتخذ علماء مذھ، فیھ برأیھ المنیف كل من خالف ذلك لم یوافق صوابا ، وإن نصحھ أحد من علماء السنة اتخذه عدوا ولو

وإن وجد كتابا من كتب إمامھ المشھورة ، قد تضمن نصحھ ، وذم ، كانوا قبل ذلك أحبابا شھورة نبذه وراء ظھره وأعرض عن الرأي والتقلید ، وحرض على اتباع األحادیث الم

....).نھیھ وأمره ، واعتقده حجرا محجورا ومن الحكمة والكیاسة في التحدیث تحري المصلحة والمناسبات في الروایة فال یحدث - ٤

.بكل صحیح كل أحد" صلى اهللا علیھ وسلم"كنت ردف النبي : (ـ روى الشیخان عن معاذ رضي اهللا عنھ قال

" ؟یا معاذ ، ھل تدري ماحق اهللا على عباده؟ وما حق العباد على اهللا": قال. على حماروال یشركوا بھ شیئا وحق فإن حق اهللا على العباد أن یعبدوه: "قال، اهللا ورسولھ أعلم : قلت

.یا رسول اهللا ، أفال أبشر بھ الناس: قلت". العباد على اهللا أال یعذب من ال یشرك بھ شیئا "..).یتكلواال تبشرھم ، ف: "قال

ما من أحد : "وھو ردفھ قال" صلى اهللا علیھ وسلم"أن النبي (: ـ وفي روایة لھما عن أنس، "إال حرمھ اهللا على النار، یشھد أن ال إلھ إال اهللا ، وأن محمدا رسول اهللا صدقا من قلبھ

ر بھا معاذ فأخب"... إذن یتكلوا: "فقال. أفال أخبر بھ الناس فیستبشروا، یا رسول اهللا : قال )عند موتھ تأثما

أتحبون ، حدثوا الناس بما تعرفون : (ـ وروى البخاري تعلیقا عن علي رضي اهللا عنھ قال ).أن یكذب اهللا ورسولھ

ما أنت محدث قوما حدیثا ال تبلغھ عقولھم كان : (ـ وروى مسلم عن ابن مسعود قال ).نةلبعضھم فت

:ث ببعض دون بعض وممن كره التحدی: (ـ وقال الحافظ ابن حجر

وأبو ، ومالك في أحادیث الصفات ، أحمد في األحادیث التي ظاھرھا الخروج على األمیر ..یوسف في الغرائب

وأن المراد ما یقع من الفتن ونحوه ... كما روي عن في الجرابین، ومن قبلھم أبو ھریرة .عن حذیفة

ألنھ اتخذھا وسیلة إلى ما كان ،وعن الحسن أنھ أنكر تحدیث أنس للحجاج بقصھ العرنیین ).یتعمده من المبالغة في سفك الدماء بتأویلھ الواھي

وظاھره في األصل غیر مراد ، وضابط ذلك أن یكون ظاھر الحدیث یقوي البدعة .فاإلمساك عنھ عند من یخشى علیھ األخذ بظاھره مطلوب

وصلى اهللا علي سیدنا محمد وعلى آلھ وصحبھ وسلم

حسـن البنــا

المناجاة ...)وقـال ربكم ادعــونى أســـتجب لـكم(

مـقدمـة بسـم اهللا الرحمـن الرحیـم

الحمد هللا رب العالمین ، والصالة والسالم على سیدنا محمد إمام المتقین ، وعلى آلھ :وبعد.. وصحبھ ومن تبع ھداه ودعا بدعوتھ إلى یوم الدین

ن من أوراد اإلخوان المسلمین أن یجتمعوا لیلة في األسبوع على تعارف وإخاء فلما كاوذكر ودعاء ، أحببت أن أتقدم إلیھم بھذه المذكرة الموجزة في فضل القیام والدعاء

وفى بعض أدعیة مأثورة مختارة لعل فیھا تذكرة .. واالستغفار وما ینحو ھذا المنحيیفیات المطلوبة ، ولم أقصد بذلك االستیعاب والحصر ، باآلداب المسنونة وإرشادا إلى الك

واهللا ،وإنما قصدت التذكیر والتمثیل ، وما بین العبد ومواله أدق من أن یحصر في كتاب أسأل لي لھم كمال اإلخالص وحسن الھدایة والتوفیق وصلى اهللا على سیدنا محمد وعلى

.آلھ وصحبھ وسلم فضل قیام اللیل ووقت السحر

لعل أطیب أوقات المناجاة أن تخلو بربك والناس نیام والخلیون ھجع ، وقد سكن : يیا أخالكون كلھ وأرخى اللیل سدولھ وغابت نجومھ ، فتستحضر قلبك وتتذكر ربك وتتمثل

ضعفك وعظمة موالك ، فتأنس بحضرتھ ویطمئن قلبك بذكره وتفرح بفضلھ ورحمتھ ، في الدعاء وتجتھد في االستغفار ، وتفضي وتبكى من خشیتھ وتشعر بمراقبتھ ، وتلح

بحوائجك لمن ال یعجزه شيء ، وال یشغلھ شيء عن شيء ، إنما أمره إذا أراد شیئا أن یقول لھ كن فیكون ، وتسألھ لدنیاك وآخرتك وجھادك ودعوتك وآمالك وأمانیك ووطنك

.وعشیرتك ونفسك وإخوتك ، وما النصر إال من عند اهللا العزیز الحكیمھذا یا أخي وردت اآلیات الكثیرة واألحادیث المتواترة في فضل ھذه الساعات وتزكیة ول

تلك األوقات وندب الصالحین من العباد إلى أن یغتنموا منھا ثواب الطاعات ، ولھذا یا أخي حرص السلف الصالحون على أال یفوتھم ھذا الفضل العظیم فھم في ھذه األوقات

ون راكعون ساجدون یبتغون فضال من اهللا ورضوانا تائبون عابدون حامدون ذاكر .ویزدادون یقینا وإیمانا ویسألون اهللا من فضلھ وھو أكرم مسئول وأفضل مأمول

:فمن اآلیات القرآنیة قولھ تعالىؤمنون باهللا ی، من أھل الكتاب أمة قائمة یتلون آیات اهللا آناء اللیل وھم یسجدون (ـ

والیوم اآلخر ویأمرون بالمعروف وینھون عن المنكر ویسارعون في الخیرات وأولئك -١١٣:آل عمران) (وما یفعلوا من خیر فلن یكفروه واهللا علیم بالمتقین، من الصالحین

١١٥( . للذین اتقوا عند ربھم جنات تجري من تحتھا األنھار خالدین فیھا وأزواج مطھرة (ـ

نوبنا وقنا الذین یقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذ، ورضوان من اهللا واهللا بصیر بالعباد آل ) (الصابرین والصادقین والقانتین والمنفقین والمستغفرین باألسحار، عذاب النار

. )١٧-١٥:عمران، جر كان مشھودا أقم الصالة لدلوك الشمس إلى غسق اللیل وقرآن الفجر إن قرآن الف(ـ

. )٧٩-٧٨:اإلسراء) (ومن اللیل فتھجد بھ نافلة لك عسى أن یبعثك ربك مقاما محمودا

، الما وعباد الرحمن الذین یمشون على األرض ھونا وإذا خاطبھم الجاھلون قالوا س(ـ . )٦٤-٦٣:الفرقان) (والذین یبیتون لربھم سجدا وقیاما

إنما یؤمن بآیاتنا الذین إذا ذكروا بھا خروا سجدا وسبحوا بحمد ربھم وھم ال (ـ اجع یدعون ربھم خوفا وطمعا ومما رزقناھم تتجافى جنوبھم عن المض، یستكبرون

-١٥:السجدة) (فال تعلم نفس ما أخفي لھم من قرة أعین جزاء بما كانوا یعملون، ینفقون ١٧( . یحذر اآلخرة ویرجو رحمة ربھ قل ھل یستوي أمن ھو قانت آناء اللیل ساجدا وقائما(ـ

. )٩:الزمر) (الذین یعلمون والذین ال یعلمون إنما یتذكر أولو األلباب، ھم كانوا قبل ذلك محسنین آخذین ما آتاھم ربھم إن، إن المتقین في جنات وعیون (ـ

. )١٨-١٥:الذریات) (وباألسحار ھم یستغفرون، كانوا قلیال من اللیل ما یھجعون یل فسبحھ وإدبار ومن الل، واصبر لحكم ربك فإنك بأعیننا وسبح بحمد ربك حین تقوم (ـ

. )٤٩-٤٨:الطور) (النجومأو زد علیھ ورتل ، نصفھ أو انقص منھ قلیال ، قم اللیل إال قلیال ، یا أیھا المزمل (ـ

إن ناشئة ، إنا سنلقي علیك قوال ثقیال ، رتیال أو زد علیھ ورتل القرآن ت، القرآن ترتیال . )٦-١:المزمل) (اللیل ھي أشد وطئا وأقوم قیال

ین معك واهللا إن ربك یعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي اللیل ونصفھ وثلثھ وطائفة من الذ(ـ ) یقدر اللیل والنھار علم أن لن تحصوه فتاب علیكم فاقرأوا ما تیسر من القرآن

. )٢٠:المزمل(، منھم آثما أو كفورا فاصبر لحكم ربك وال تطع، إنا نحن نزلنا علیك القرآن تنزیال (ـ

-٢٣:اإلنسان) (ومن اللیل فاسجد لھ وسبحھ لیال طویال، واذكر اسم ربك بكرة وأصیال ٢٦( .

:ومن األحادیث الشریفةنا ینزل رب (:قال" صلى اهللا علیھ وسلم"ـ عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا

من یدعوني : تبارك وتعالى كل لیلة إلى سماء الدنیا حین یبقى ثلث اللیل اآلخر فیقولرواه البخاري ومالك ومسلم ). فأستجیب لھ من یسألني فأعطیھ من یستغفرني فأغفر لھ

.والترمذي وغیرھمیا أن اهللا یمھل حتى إذا ذھب الثلث األول من اللیل نزل إلى سماء الدن: (وفي روایة مسلم

).فیقول أنا الملك فمن الذي یدعوني: یقول" صلى اهللا علیھ وسلم"ـ وعن عمرو بن عنبسة رضي اهللا عنھ أنھ سمع رسول اهللا

أقرب ما یكون الرب عز وجل من العبد في جوف اللیل، فإن استطعت أن تكون ممن (یث حسن رواه أبو داود والترمذي واللفظ لھ وقال حد) یذكر اهللا في تلك الساعة فكن

.صحیح والحاكم على شرط مسلمجوف اللیل األخیر ودبر (قال .. قیل یا رسول اهللا أي الدعاء أسمع؟: ـ عن أبي أمامة قال

.رواه الترمذي وقال حدیث حسن صحیح) الصلواتعلیكم بقیام اللیل ": (صلى اهللا علیھ وسلم"قال رسول اهللا : ـ عن بالل رضي اهللا عنھ قال

ومنھاة عن اإلثم ، وتكفیر للسیئات ، ، وقربة إلى اهللا تعالى ، لحین قبلكم ، فإنھ دأب الصا .أخرجھ الترمذي). ومطردة للداء عن الجسد

قام النبي صلى اهللا علیھ وسلم حتى تورمت : المغیرة بن شعبة رضي اهللا عنھ قالـ وعن ). ن عبدا شكوراأفال أكو: (قال.. قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر: قدماه فقیل لھ

.أخرجھ الخمسة إال أبا داود

ال یدع قیام " صلى اهللا علیھ وسلم"كان رسول اهللا : (ـ عن عائشة رضي اهللا عنھا قالت .أخرجھ أبو داود). اللیل ، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا

: ذكر عند النبي صلى اهللا علیھ وسلم رجل ، فقیل: ـ وعن ابن مسعود رضي اهللا عنھ قالذلك رجل بال الشیطان في : (ما زال نائما حتى أصبح، ما قام إلى الصالة، فقال

.أخرجھ الشیخان والنسائي).أذنھنعم : (ـ وفي حدیث ابن عمر رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال

ع قال ناف.. فكان یداوم بعده على قیام اللیل ، ) الرجل عبد اهللا لو كان یصلي باللیلثم یقول یا نافع أسحرنا؟ ، كان یصلي باللیل فیقول یا نافع أسحرنا؟ فأقول ال : (مواله

دخلنا في وقت السحر : أسحرنا) .. فأقول نعم فیقعد ویستغفر اهللا تعالى حتى یطلع الفجر .والظاھر أن ذلك بعد أن كبر وكف بصره رضي اهللا عنھ

رواه ). الة بعد المكتوبة قیام اللیلأفضل الص: (ـ وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال .مسلم

صلى اهللا علیھ "ـ وعن عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنھ قال رسول اهللا من قام بعشر آیات لم یكتب من الغافلین ، ومن قام بمائة آیة كتب من القانتین، ": (وسلم

.رواه ابو داود) ومن قام بألف آیة كتب من المقنطرینایة أخرى عن عبد اهللا بن حبیش قال سئل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أي ولھ في رو

).طول القیام: (قال.. األعمال افضل؟ كانت صالة رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم من اللیل : (ـ وعن عائشة رضي اهللا عنھا

أخرجھ ).. عشر ركعات ویوتر بسجدة ویركع بركعتي الفجر فتلك ثالث عشرة ركعة . وھذا لفظ مسلمالستة

إذا قام : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ـ وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال: أخرجھ مسلم وأبو داود وزاد أبو داود) أحدكم من اللیل فلیفتتح صالتھ بركعتین خفیفتین

).ثم لیطول بعد ذلك ما شاء(

:ومن المأثور عن السلف رضوان اهللا علیھمیستوحش من : ار الصدائي في وصف علي رضي اهللا عنھ إذ یقولـ ما ورد عن ضر

وأشھد لقد رأیتھ وقد أرخى اللیل سدولھ ، ویأنس باللیل ووحشتھ ، الدنیا وزخرفھا ویبكي بكاء ، وغابت نجومھ واقفا في محرابھ قابضا على لحیتھ یتململ تململ السلیم

أم إلي تشوقت ، ھیھات ھیھات ، إلي تعرضت ، یا دنیا غري غیري : (ویقول، الحزین ، قد باینتك ثالثا ال رجعة فیھا ، فعمرك قصیر ، وحسابك عسیر ، وخطرك حقیر ، آه

).من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطریق

وما روي أن عمر رضى اهللا عنھ كان یمر باآلیة من ورده باللیل فیتأثر بھا ، ویحسب . .في المرضى

مسعود رضي اهللا عنھ كان إذا ھدأت العیون ، قام فیسمع لھ بالقرآن ـ وأن عبد اهللا بن وسئل . . . وكان ذلك دأب الصحابة جمیعا رضوان اهللا علیھم ... دوي كدوي النحل

ما بال المتھجدین من أحسن الناس وجوھا؟ قال ألنھم خلوا بالرحمن فألبسھم : الحسن .نورا من نوره

فعي رضي اهللا عنھ لیال كثیرة فلم یكن ینام من اللیل إال بت في منزل الشا: ـ وقال الربیعوتال مالك بن دینار في ورده ... یسیرا وكان ذلك دأب األئمة رضوان اهللا علیھم كذلك

أم حسب الذین اجترحوا السیئات أن نجعلھم كالذین آمنوا وعملوا ( :قول اهللا تعالى، فأخذ یرددھا حتى ) ٢١:الجاثـیة) (حات سواء محیاھم ومماتھم ساء ما یحكمونالصال

وقال المغیرة بن حبیب رافقت مالك بن دینار لیلة فقام إلى الصالة فقبض على ... أصبحن اللھم حرم شیبة مالك على النار ، إلـھي قد علمت ساك: لحیتھ فخنقتھ العبرة فجعل یقول

الجنة من ساكن النار فأي الرجلین مالك وأي الدارین دار مالك؟ فلم یزل ذلك قولھ حتى .طلع الفجر

بلیت الرسوم ، : (ـ ورئي الجنید بعد موتھ فقیل لھ ما فعل اهللا بك یا أبا القاسم؟ فقالوغابت العلوم ، وانمحت العبارات ، وطاحت اإلشارات وما نفعنا إال ركیعات ، كنا

). في جوف اللیلنركعھاال یكونن الدیك أكیس منك ، ینادى باألسحار وأنت .. یا بني: (ـ ومن وصایا لقمان البنھ

).نائمـ ولقد كانوا رضوان اهللا علیھم یجدون في كثرة القیام وحالوة المناجاة أنسا وراحة

أھل (: قال أبو سلیمان الداراني رضي اهللا عنھ... تنسیھم عناء األجسام وتعب األقداماللیل في لیلھم أروح من أھل اللھو في لھوھم ولوال قیام اللیل ما أحببت البقاء في الدنیا ،

ولو عوض اهللا أھل اللیل من ثواب أعمالھم ما یجدون من اللذة لكان ذلك أكثر من ھذه ) .....األعمال

م في قلوبھم لیس في الدنیا وقت یشبھ نعیم اآلخرة إال ما یجده أھل القیا: (ـ وقال بعضھمما بقي من لذات الدنیا : (وقال محمد بن المنكدر رضى اهللا عنھ) ... من حالوة المناجاة

منذ : (وقال بعض الصالحین)... قیام اللیل ولقاء اإلخوان والصالة في الجماعة: إال ثالثإن اهللا تعالى ینظر : (وقال بعضھم)... أربعین سنة ما أحزنني شيء إال طلوع الفجر

حار إلى قلوب المتیقظین فیملؤھا نورا فترد الفوائد على قلوبھم ثم تنتشر منھا إلى باألس ).قلوب الغافلین

أما اللیل فصافون أقدامھم تالون ألجزاء : (ـ ومن وصف علي كرم اهللا وجھھ للمتقینالقرآن یرتلونھ ترتیال ، یحزنون بھ أنفسھم ویستثیرون دواء دائھم ، إذا مروا بآیة فیھا

ویق ركنوا إلیھا طمعا وتطلعت نفوسھم إلیھا شوقا وظنوا أنھا نصب أعینھم ، وإذا تشمروا بآیة فیھا تخویف أصغوا إلیھا مسامع قلوبھم وظنوا أن زفیر جھنم وشھیقھا في

أصول آذانھم فھم حانون على أوساطھم مفترشون لجباھھم وأكفھم وأطراف أقدامھم ال ستكثرون الكثیر فھم ألنفسھم متھمون ومن أعمالھم یرضون من أعمالھم القلیل وال ی

).مشفقون -:وفى قیام اللیل من الفوائد جملة: (ـ قال ابن الحاج في المدخل

ومنھا أنھ .. فمنھا أنھ یحط الذنوب كما یحط الریح العاصف الورق الیابس من الشجرة ومنھا أن .. البدنومنھا أنھ یذھب الكسل وینشط.. ومنھا أنھ یحسن الوجھ.. ینور القلب

موضعھ تراه المالئكة من السماء یتراءى مثل الكوكب الدري ألھل األرض ، ونفحة من نفحات القیام من اللیل تعود على صاحبھا بالبركات واألنوار والتحف التي یعجز عنھا

)."إن هللا نفحات فتعرضوا لنفحات اهللا"قال صلى اهللا علیھ وسلم ، الوصف فاسلك سبیلھم وانھج نھجھم أولئك الذین ھدى اهللا فبھداھم اقتده ، وال تجعل -ا األخ أیھ-كذلك كانوا

قیامك قاصرا على لیلة االجتماع بإخوانك بل عممھ في جمیع لیالیك ما استطعت ، فإن أحب األعمال عزیمة واعلم أنھ مما یعینك على قیام اللیل ، إخالص النیة واستحضار ال، إلى اهللا أدومھا وإن قل

واستعن اهللا یعنك ، وتجدید التوبة والبعد بالنھار عن المعصیة والتبكیر بالنوم والقیلولة إن استطعت .وتقرب إلیھ یقربك واسألھ من فضلھ یعطك

فضـل الدعـاء واالسـتغفار :قد وردت اآلیات واألحادیث بفضل االستغفار والدعاء ونحن نذكرك بطرف من ذلك

:فمنھا قول اهللا تعالىفأما اآلیات الكریمة وإذا سألك عبادي عني فإني قریب أجیب دعوة الداع إذا دعان فلیستجیبوا لي ولیؤمنوا بي لعلھم (ـ

. )١٨٦:البقرة) (یرشدونسھم ذكروا اهللا فاستغفروا لذنوبھم ومن یغفر الذنوب إال اهللا ولم والذین إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنف(ـ

أولئك جزاؤھم مغفرة من ربھم وجنات تجري من تحتھا األنھار ، یصروا على ما فعلوا وھم یعلمون . )١٣٦-١٣٥:آل عمران) (ا ونعم أجر العاملینخالدین فیھ

. )٣٢:النساء) (واسألوا اهللا من فضلھ إن اهللا كان بكل شيء علیما(ـ ).١١٠:النساء) (ومن یعمل سوءا أو یظلم نفسھ ثم یستغفر اهللا یجد اهللا غفورا رحیما(ـ وال تفسدوا في األرض بعد إصالحھا وادعوه خوفا ، ادعوا ربكم تضرعا وخفیة إنھ ال یحب المعتدین (ـ

. )٥٦-٥٥:ألعراف) (وطمعا إن رحمت اهللا قریب من المحسنین . )٣٣:ألنفال) ( لیعذبھم وأنت فیھم وما كان اهللا معذبھم وھم یستغفرونوما كان اهللا(ـ

).١٥-١٤:غافر) (رفیع الدرجات ذو العرش، فادعوا اهللا مخلصین لھ الدین ولو كره الكافرون (ـ ) وني أستجب لكم إن الذین یستكبرون عن عبادتي سیدخلون جھنم داخرینوقال ربكم ادع(ـ . )٦٠:غافر(

)١٩:محمد) (ومثواكمفاعلم أنھ ال إلھ إال اهللا واستغفر لذنبك وللمؤمنین والمؤمنات واهللا یعلم متقلبكم (ـ . ویمددكم بأموال وبنین ویجعل ، یرسل السماء علیكم مدرارا ، فقلت استغفروا ربكم إنھ كان غفارا (ـ

. )١٢:نوح) (لكم جنات ویجعل لكم أنھارا . )٣:النصر) (مد ربك واستغفره إنھ كان توابافسبح بح(ـ

:ومن األحادیث الشریفةمن فتح لھ : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ـ عن ابن عمر رضي اهللا عنھ قال

منكم باب الدعاء فتحت لھ أبواب الرحمة ، وما سئل اهللا تعالى شیئا أحب إلیھ من أن ، وإن الدعاء ینفع مما نزل ومما لم ینزل، وال یرد القضاء إال الدعاء یسأل العافیة ،

.رواه الترمذي). فعلیكم عباد اهللا بالدعاءما : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ـ وعن عبادة بن الصامت رضي اهللا عنھ قال

إیاھا أو صرف عنھ من السوء على األرض مسلم یدعو اهللا تعالى بدعوة إال آتاه اهللا .رواه الترمذي) مثلھا، ما لم یدع بإثم أو قطیعة رحم

الدعاء : (ـ وعن النعمان بن بشیر رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال .أخرجھ أبو داود) } ..وقال ربكم ادعونى أستجب لكم {ھو العبادة ثم قرألیسأل أحدكم ربھ : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ي اهللا عنھ قالـ وعن أنس رض

.أخرجھ الترمذي) حاجتھ كلھا حتى یسأل شسع نعلھ إذا نقطع ).عحتى یسألھ الملح و شسع نعلھ إذا نقط: (وفي روایة عن ثابت البناني مرسال

من لم یسأل : ( اهللا علیھ وسلم قالـ وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى .واه الترمذي) اهللا یغضب علیھ

سلوا اهللا : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ـ عن ابن مسعود رضي اهللا عنھ قال .رواه الترمذي). تعالى من فضلھ فإن اهللا یحب أن یسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج

ما من عبد : (ل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلمقا: ـ عن أبي الدرداء رضي اهللا عنھ قالإال (أخرج مسلم و أبو داود وزاد ) مسلم یدعو ألخیھ بظھر الغیب إال قال الملك ولك بمثل

).قالت المالئكة آمین ولك بمثلما : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ـ عن أبي بكر الصدیق رضي اهللا عنھ قال

.أخرجھ أبو داود والترمذي) الیوم سبعین مرةأصر من استغفر ولو عاد في إنھ لیغان عل قلبي : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ـ عن آخر رضي اهللا عنھ قال

.أخرجھ مسلم وأبو داود) حتى استغفر اهللا في الیوم مائة مرة ).توبوا إلى ربكم فواهللا إني ألتوب في الیوم مائة مرة: (ـ وفي روایة لمسلم

بخاري والترمذي عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال سمعت رسول اهللا صلى اهللا ـ ولل ).واهللا إني ألستغفر اهللا وأتوب إلیھ في الیوم سبعین مرة: (علیھ وسلم یقول

إن العبد إذا : (ـ وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قالفإن ھو جزع واستغفر وتاب صقل قلبھ ، وإن أخطأ خطیئة نكتت في قلبھ نكتة سوداء

كال بل ران على ( :عاد زید فیھا حتى تعلو على قلبھ، وھو الران الذي ذكر اهللا تعالى .أخرجھ الترمذي وقال حسن صحیح والنسائي وغیرھما) }قلوبھم ما كانوا یكسبون

آداب الدعـاء الكریمة من التضرع والخشیة والسكون وحسن األدب مع الحق ومن آداب الدعاء ما جاءت بھ اآلیات

:تبارك وتعالى ، وقد أشارت إلى ذلك األحادیث الصحیحة فمن ھذه اآلدابصلى اهللا علیھ "قال رسول اهللا : فعن ابن عباس رضى اهللا عنھما قال... ـ رفع بطن الیدین حین الدعاء

ھ بغیر إذنھ فإنما ینظر في النار سلوا اهللا ببطون أكفكم ال تستروا الجدر ومن نظر في كتاب أخی" (وسلم .أخرجھ أبو داود) تسألوه بظھورھا فإذا فرغتم فامسحوا بھا وجوھكموال

قال رسول اهللا : فعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال... ـ وحضور القلب وتیقن اإلجابة لموا أن اهللا تعالى ال ادعوا اهللا وأنتم موقنون باإلجابة واع" (صلى اهللا علیھ وسلم"

.رواه الترمذي) یستجیب دعاء من قلب غافل الهـ واستفتاح الدعاء بحمد اهللا والثناء علیھ والصالة والسالم على رسول اهللا وأن تتخللھ الصالة والسالم

سمع رسول اهللا : فعن فضالة بن أبي عبید رضي اهللا عنھ قال... على رسول اهللا ویختم بھا كذلك إذا : (ثم دعاه فقال) عجل ھذا: (رجال یدعو في صالتھ ولم یصل على النبي فقال" علیھ وسلمصلى اهللا"

أخرجھ أصحاب ) صلى أحدكم فلیبدأ بتحمید اهللا والثناء علیھ ثم لیصل على النبي ثم لیدع بعد بما شاء .السنن

عاء موقوف الد ("صلى اهللا علیھ وسلم"قال رسول اهللا : ـ وعن عمر رضي اهللا عنھ قالبین السماء واألرض ال یصعد حتى یصلى علي فال تجعلوني كقدح الراكب صلوا علي

.أخرجھ الترمذي موقوفا على عمر ورفعھ رزین) أول الدعاء ووسطھ وآخرهفعن أبي مصبح القرائي عن أبي زھیر النمیري رضي ... ـ ومنھا أنھ یختم دعاءه بآمین

ات لیلة فأتینا على رجل قد ألح في المسألة فوقف رسول خرجنا مع النبي ذ: (اهللا عنھ قال، " بآمین: "فقیل بأي شيء یختم یا رسول اهللا قال" أوجب إن ختم: "اهللا یسمع منھ فقال

.رواه أبو داود) قل آمین ، وأبشر، وانصرف فقیل للرجل یا فالن

عنھ قال كنا فعن أبي موسى رضي اهللا.... ـ ومنھا الھدوء وعدم رفع الصوت بالدعاء أیھا الناس : ("صلى اهللا علیھ وسلم"فقال النبي ، في سفر فجعل الناس یجأرون بالتكبیر

أرفقوا على أنفسكم فإنكم ال تدعون أصم وال غائبا إنكم تدعون سمیعا بصیرا وھو معكم .رواه الخمسة إال النسائي) ، والذي تدعونھ أقرب إلى أحدكم من عنق راحلتھ

فعن عائشة رضي اهللا ... تار جوامع الكلم أي الدعوات الجامعات للخیر ـ ومنھا أن یخكان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یستحب الجوامع من الدعاء ، ویدع ما : (عنھا قالت ).سوى ذلك

كان رسول اهللا : (فعن ابن مسعود رضي اهللا عنھ قال... ـ ومنھا التكریر ثالثا في الدعاء واالستغفار وقد ورد أنھ أمرھم في بعض األحوال أن ). علیھ وسلم یعجبھ أن یدعو ثالثا ویستغفر ثالثاصلى اهللا

.یستغفروا سبعین مرة

صلى "قال رسول اهللا : فعن أبي ھریرة رضى اهللا عنھ قال... ـ ومنھا أال یتعجل اإلجابة ) ليیقول قد دعوت ربى فلم یستجب ، یستجاب ألحدكم ما لم یعجل (":اهللا علیھ وسلم

.أخرجھ الستة إال النسائيفعن جابر رضي اهللا ... ـ ومنھا أن ال یدعو على نفسھ وال على ولده وال على مالھ بسوء

ال تدعوا على أنفسكم وال تدعوا على : ("صلى اهللا علیھ وسلم"قال رسول اهللا : عنھ قال ساعة نیل فیھا أوالدكم وال تدعوا على خدمكم وال تدعوا على أموالكم ال توافق من اهللا

.رواه أبو داود) عطاء فیستجیب لكمكان النبي : (فعن أبي بن كعب رضي اهللا عنھ قال... ـ ومنھا أن یبدأ بنفسھ إذا دعا لغیره

.رواه الترمذي) إذا دعا ألحد بدأ بنفسھ أوقات الدعاء

:ومن األوقات التي ترجى فیھا إجابة الدعاءصلى اهللا علیھ "قال رسول اهللا : س رضي اهللا عنھ قال فعن أن... ـ بین األذان واإلقامة

سلوا : (قیل ماذا نقول یا رسول اهللا؟ قال، ) ال یرد الدعاء بین األذان واإلقامة: ("وسلم .أخرجھ أبو داود والترمذي). اهللا العافیة في الدنیا واآلخرة

صلى اهللا " ففي الحدیث عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا... ـ وفي السجود أخرجھ ) أقرب ما یكون العبد من ربھ وھو ساجد ، فأكثروا الدعاء: (قال" علیھ وسلم

.مسلم وأبو داود والنسائيثالث : (قال" صلى اهللا علیھ وسلم"فعنھ أیضا أن رسول اهللا ... ـ وفى السفر والمظلمة

، ودعوة الوالد ودعوة المسافر ، دعوة المظلوم : دعوات مستجابات ال شك في إجابتھن .أخرجھ أبو داود والترمذي) على ولده

ما : ("صلى اهللا علیھ وسلم"قال رسول اهللا : وعن عمرو بن العاص رضي اهللا عنھ قال .رواه الترمذي وأبو داود أیضا) من دعوة أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب

ل رسول اهللا قا: فعن سعد رضي اهللا عنھ قال... ـ عند النداء والصف وتحت المطر عند النداء ، وعند البأس حین یلحم : ثنتان ال تردان الدعاء: ("صلى اهللا علیھ وسلم"

).تحت المطر(وزاد في روایة ، أخرجھ مالك وأبو داود ) بعضھم بعضا أن تلح في الدعاء ، وأن تكثر في االستغفار في كل وقت وبخاصة في - یا أخي -فاجتھد

ووقت السحر فلعلك تصادف ساعة من رضوان اهللا .. لیل ھذه األوقات ، وفي جوف ال .وفیض نفحاتھ ، فتكون من المفلحین في الدنیا واآلخرة

نماذج من الدعوات

:من القرآن الكریم . )٢٠١:البقرة) (ربنا آتنا في الدنیا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار(ـ ا ال تؤاخذنا إن نسینا أو أخطأنا ربنا وال تحمل علینا إصرا كما حملتھ على الذین من قبلنا ربنا ربن(ـ

) صرنا على القوم الكافرینوال تحملنا ما ال طاقة لنا بھ واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت موالنا فان ).٢٨٦:البقرة( . )٨:آل عمران) (ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ ھدیتنا وھب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوھاب(ـ آل ) ( وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرینربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا(ـ

. )١٤٧:عمرانربنا إننا سمعنا منادیا ینادي لإلیمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سیئاتنا (ـ

آل ) (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك وال تخزنا یوم القیامة إنك ال تخلف المیعاد، فنا مع األبرار وتو . )١٩٤-١٩٣:عمران

. )٢٣:ألعراف) (ن الخاسرینربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن م(ـ ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنین یوم یقوم ، رب اجعلني مقیم الصالة ومن ذریتي ربنا وتقبل دعاء (ـ

. )٤١-٤٠:إبراھیم) (الحساب )٨٠:االسراء) ( وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصیرارب أدخلني مدخل صدق(ـ .

).١٠:الكھف) (ربنا آتنا من لدنك رحمة وھیئ لنا من أمرنا رشدا(ـ ).٨٧:االنبیاء) (المینأن ال إلھ إال أنت سبحانك إني كنت من الظ(ـ . )٧٤:الفرقان) (ربنا ھب لنا من أزواجنا وذریاتنا قرة أعین واجعلنا للمتقین إماما(ـ واجعلني من ورثة ، واجعل لي لسان صدق في اآلخرین، رب ھب لي حكما وألحقني بالصالحین (ـ

. )٨٥-٨٣:الشعراء) (جنة النعیمربنا اغفر لنا وإلخواننا الذین سبقونا باألیمان وال تجعل في قلوبنا غال للذین آمنوا ربنا إنك رؤوف (ـ

. )١٠:الحشر) (رحیم) اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بیتي مؤمنا وللمؤمنین والمؤمنات وال تزد الظالمین إال تبارارب (ـ ).٢٨:نوح(

:في التحمید والثناء على اهللا یبارك وتعالىاللھم إني أسألك بأني : (لسمع النبي صلى الھ علیھ وسلم رجال یقو: ـ عن بریدة رضي اهللا عنھ قال

فقال ).. أشھد أنك أنت اهللا الذي ال إلھ إال أنت األحد الصمد الذي لم یلد ولم یولد ولم یكن لھ كفوا أحدوالذي نفسي بیده لقد سأل اهللا باسمھ األعظم الذي إذا دعي بھ أجاب وإذا سئل بھ : (صلى اهللا علیھ وسلم

.أخرجھ أبو داود والترمذي) أعطىاللھم إني أسألك بأن لك الحمد ال إلھ إال : (رجال فقال: دعا رجل فقال: أنس رضي اهللا عنھ قالـ وعن

فقال النبي صلى اهللا علیھ وسلم ) أنت المنان بدیع السموات واألرض ذو الجالل واإلكرام یا حي یا قیوماسمھ األعظم الذي إذا دعي بھ لقد سأل اهللا ب: (قال.. اهللا ورسولھ أعلم: قالوا) ؟أتدرون بما دعا الرجل: (

.أخرجھ أصحاب السنن) أجاب وإذا سئل بھ أعطى :في الصالة والسالم على الرسول صلى اهللا علیھ وسلم

أتانا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : عن أبي مسعود األنصاري رضي اهللا عنھ قالـ تعالى أن نصلي علیك أمرنا اهللا: فقال لھ بشیر بن سعد، ونحن في مجلس سعد بن عبادة

اللھم صل على محمد وعلى آل محمد كما : قولوا: (یا رسول اهللا فكیف نصلي علیك؟ قال

صلیت على آل إبراھیم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراھیم .أخرجھ الستة إال البخاري). في العالمین إنك حمید مجید والسالم كما قد علمتم

إذا صلیتم على رسول اهللا فأحسنوا الصالة فإنكم : عود رضي اهللا عنھ قالعن ابن مسـ وقولوا اللھم اجعل صلواتك : (فعلمنا قال: ال تدرون لعل ذلك یعرض علیھ فقالوا لھ

ورحمتك علي سید المرسلین وإمام المتقین وخاتم النبین محمد عبدك ورسولك إمام الخیر ، ھ مقاما محمودا یغبطھ بھ األولون واآلخرون وقائد الخیر ورسول الرحمة اللھم ابعث

اللھم صل على محمد وعلى آل محمد كما صلیت على إبراھیم وعلى آل إبراھیم إنك اللھم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراھیم وعلى آل ، حمید مجید

.ابن ماجھ موقوفا بإسناد حسن رواه )یدإبراھیم إنك حمید مجاحي المدحوات وداعم الممسوكات ، وجابل القلوب على فطرتھا شقیھا وسعیدھا اللھم د(ـ اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق ،

. من نھج البالغة) والفاتح لما انغلق ، والمعلن الحق بالحق :دعاء رسول اهللا في التھجد

إذا قام من " صلى اهللا علیھ وسلم"كان رسول اهللا : لـ عن ابن عباس رضي اهللا عنھما قااللھم ربنا لك الحمد أنت قیوم السموات واألرض ومن فیھن ، ولك : (اللیل یتھجد قال

الحمد أنت نور السموات واألرض ومن فیھن ، ولك الحمد أنت مالك السموات واألرض قولك حق ، والجنة ولقاؤك حق ، و، ومن فیھن ، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق

حق ، والنار حق ، والنبیون حق ، ومحمد حق ، والساعة حق ، اللھم لك أسلمت وبك وإلیك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت ، وبك خاصمت ، آمنت وعلیك توكلت ، وإلیك أنبت

وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أنت أعلم بھ منى ، أنت المقدم وأنت المؤخر .أخرجھ الستة وھذا لفظ الشیخین) أنت، ال إلھ إال

:من مناجاة أمیر المؤمنین علي كرم اهللا وجھھأخبرنا محمد بن الحسن بن غراب : أخبر أبو عبد اهللا منصور بن سكبان التستري قال

حدثنا القاضي موسى بن إسحاق قال حدثنا أبو عبد اهللا محمد بن أبي شیبة قال حدثنا : قال األسدي كان علي بن أبي طالب رضي اهللا عنھ یقول في محمد بن فضیل عبد اهللا

:مناجاتھلوال ما جھلت من أمري ، ما شكوت عثراتي ولوال ما ذكرت من اإلفراط ما : إلـھي(

فامح مثبتات العثرات بمرسالت العبرات ، وھب كثیر السیئات : إلـھي.. سحت عبراتيد في طاعتك ، فأنى یلتجئ المخطئون؟ إن كنت ال ترحم إال المج: إلـھي.. لقلیل الحسنات

وإن كنت ال تكرم إال أھل اإلحسان ، فأنى یصنع المسیئون؟ وإن كان ال یفوز یوم الحشر أفحمتني ذنوبي وانقطعت مقالتي فال حجة : إلـھي.. إال المتقون فكیف یستغیث المذنبون؟

.. المرتھن بعمليلي وال عذر فأنا المقر بجرمي ، والمعترف بإساءتي واألسیر بذنبي فصل على محمد وعلى آل محمد وارحمني برحمتك وتجاوز عني ، اللھم إن : إلـھي

كیف أنقلب بالخیبة : إلـھي.. صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أمليعندك محروما ، وظني بجودك أن تقبلني مرحوما ، فإني لم أسلط على حسن ظني بك

عظم جرمي إذ كنت : إلـھي.. دق رجائي لك بین اآلملینقنوط اآلیسین فال تبطل صإن أوحشتني الخطایا من محاسن لطفك ، فقد آنسني الیقین بمكارم : إلـھي.. المتطالب بھ

إن أماتتني الغفلة عن االستعداد للقائك ، فقد أنبھتني المعرفة بكریم : إلـھي.. عطفكدیت ، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما لو لم تھدني إلى اإلسالم ، ما اھت: إلـھي.. آالئك

ولو لم تعرفني حالوة نعمتك ما عرفت ولو لم یتبین لي شدید عقابك ما . دعوتإن أقعدني التخلف عن السیر مع األبرار ، فقد أقامتني الثقة بك على : إلـھي.. استجرت

.. یرانكنفسي أعززتھا بتأیید إیمانك كیف تذلھا بین أطباق ن: إلـھي.. مدارج األخیارسمع العابدون : إلـھي.. كل مكروب فإلیك یلتجئ وكل محزون فإلیك یرتجي: إلـھي

وسمع المذنبون بسعة غفرانك فطمعوا حتى ازدحمت عصائب ، بجزیل ثوابك فخشعوا أنت دللتني : إلـھي.. العصاة ببابك ، وعج منھم إلیك العجیج والضجیج بالدعاء في بالدك

تھا ، فأقبلت النفس بعد العرفان على مسألتھا أفتدل على خیر على سؤالك الجنة قبل معرف: إلـھي.. بالسؤال ثم تمنعھ؟ وأنت الكریم المحمود في كل ما تصنعھ یا ذا الجالل واإلكرام

إن كنت غیر مستأھل لما أرجو من رحمتك فأنت أھل أن تجود على المذنبین بفضل فاصنع بي ما أنت ، ا حسن التوكل علیك وقد أظلھ، نفسي قائمة بین یدیك : إلـھي.. سعتك

شھد جناني بتوحیدك وانطلق لساني بتمجیدك ودلني : إلـھي.. أھلھ ، وتغمدني برحمة منككأني بنفسي : إلـھي.. القرآن على فضل جودك ، فكیف ال یتحقق رجائي بحسن موعدك؟دي ورحمھا المعا، وقد اضطجعت في حفرتھا وانصرف عنھا المشیعون من عشیرتھا

: لھا في الحیاة عند صرعتھا ، ولم یخف على الناظرین إلیھا ذل فاقتھا ، قالت المالئكةغریب نأى عنھ األقربون ، وبعید جفاه األھلون ، وخذلھ المؤملون ، نزل بنا قریبا

فأصبح في اللحد غریبا ، وقد كنت في دار الدنیا داعیا ورحمتك إیاي في ھذا الیوم راجیا سترت علي في الدنیا ذنوبا : إلـھي.. كن أشفق علي من أھلي وقرابتيفأحسن ضیافتي و

فلم تظھرھا فال تفضحني یوم ألقاك على رءوس العالمین بھا ، واسترھا علي یا أرحم .. مسكنتي ال یجبرھا إال عطاؤك وأمنیتي ال یفیھا إال نعاؤك: إلـھي.. الراحمین ھنالك

أحب األمور إلى : إلـھي.. بك مما یصرفني عنكأستوفقك لما یدنیني منك ، وأعوذ : إلـھينفسي وأعودھا علي منفعة ما استرشدتھا بھدایتك إلیھ ، ودللتھا برحمتك علیھ فاستعملھا

بذلك عني إذ أنت أرحم بھا مني ، یا أنیس كل غریب آنس في القبر وحشتي وارحم ظرك لي من بین ویا عالم السر واألخفى ، ویا كاشف الضر والبلوى ، كیف ن، وحدتي

ساكني الثرى؟ وكیف صنیعك لي في دار الوحشة والبلى؟ قد كنت بي لطیفا في حیاتي ، یا أفضل المنعمین في آالئھ وأكرم المتفضلین في نعمائھ ، فال تقطع برك عني بعد وفاتي

كثرت عندي أیادیك فعجزت عن إحصائھا وضقت ذرعا في شكري للمسائل بجزائھا ، ا أولیت ، ولك الشكر على ما أبلیت ، یا خیر من دعاه داع وأفضل من فلك الحمد على م

رجاه راج ، یا حنان یا منان یا ذا الجالل واإلكرام ، یا حي یا قیوم ، یا من لھ الخلق یا رحیم یا قدیر یا كریم صل على محمد وآلھ ، واألمر ، تباركت یا أحسن الخالقین

. أخبار اآللملخصا من كتاب لطائف) آمین.. الطیبین :من مناجاة ابن عطاء اهللا السكندري

كیف تكلني إلى نفسي ، وقد توكلت لي؟ وكیف أضام وأنت الناصر لي ؟ أم كیف : إلـھي(كلما أخرسني لؤمي : إلـھي.. أخیب وأنت الحفي بي؟ ھا أنا أتوسل إلیك بفقري إلیك

كانت محاسنھ مساوي من : إلـھي.. أنطقني كرمك؟ كلما أیستني أوصافي أطمعتني مننك، فكیف ال تكون مساویھ مساوي؟ من كانت حقائقھ دعاوى ، فكیف ال تكون دعاویھ

متى غبت حتى تحتاج إلى دلیل یدل علیك؟ أو متى بعدت حتى تكون اآلثار .. دعاوى؟عمیت عین ال تراك علیھا رقیبا ، وخسرت صفقة عبد لم !.. ھي التي توصل إلیك ؟

ھذا ذلي ظاھر بین یدیك ، وھذا حالي ال یخفى علیك ، : إلـھي.. یجعل لھ من حبك نصیبااھدني بنورك إلیك ، وأقمني بصدق ، منك أطلب الوصول إلیك ، وبك أستدل علیك

، وصني بسر اسمك المصون ، علمني من علمك المخزون : إلـھي.. العبودیة بین یدیك

سأل فال تخیبني ، وفى فضلك بك أنتصر فانصرني ، وعلیك أتوكل فال تكلني ، وإیاك أ: إلـھي.. أرغب فال تحرمني ، ولجنابك أنتسب فال تبعدني ، وببابي أقف فال تطردني

تقدس رضاك أن تكون لھ علة منك ، فكیف تكون لھ علة مني ، أنت الغني بذاتك عن أن ك یصل إلیك النفع ، فكیف ال تكون غنیا عني؟ أنت الذي أشرقت األنوار في قلوب أولیائ

حتى عرفوك ووجدوك ، وأنت الذي أزلت األغیار عن قلوب أحبابك حتى لم یحبوا أنت المؤنس لھم حیث أوحشتھم العوامل وأنت الذي ، سواك ، و لم یلجئوا إلى غیرك

فإذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك؟ لقد خاب . ھدیتھم حتى استبانت لھم المعالم إلـھي كیف یرجى سواك ، وأنت .. بغى عنك متحوالمن رضي دونك بدال ولقد خسر من

ما قطعت اإلحسان؟ وكیف یطلب من غیرك وأنت ما بدلت عادة االمتنان؟ یا من أذاق أحباءه حالوة مؤانستھ فقاموا بین یدیھ متملقین ، ویا من ألبس أولیاءه مالبس ھیبتھ فقاموا

دئ باإلحسان من قبل توجھ بعزتھ مستعزین أنت الذاكر من قبل الذاكرین ، وأنت الباالعابدین ، وأنت الجواد بالعطاء من قبل طلب الطالبین ، وأنت الوھاب ثم أنت لما وھبتنا

اطلبني برحمتك حتى أصل إلیك واجذبني بمنتك حتى أقبل : إلـھي.. من المستعرضینإن رجائي ال ینقطع عنك وإن عصیتك كما أن خوفي ال یزاملني وإن : إلـھي.. علیككیف : إلـھي.. قد دفعتني العوالم إلیك وقد أوقفني علمي بكرمك علیك: إلـھي.. تكأطع

أخیب وأنت أملي؟ أم كیف أھان وعلیك متكلي؟ یا من أحتجب في سرادقات عزه عن أن تدركھ األبصار یا من تجلى بكمال بھائھ فتحققت عظمة األسرار كیف وأنت الظاھر؟ أم

.انتھى بتصرف) كیف تغیب وأنت الرقیب الحاضر؟ :من دعوات السید أحمد الرفاعي

اللھم صل على سیدنا محمد وعلى آلھ وصحبھ وسلم اللھم فارج الھم كاشف الغم مجیب (دعوة المضطرین ، رحمـن الدنیا واآلخرة ورحیمھما ، أنت ترحمنا رحمة تغنینا بھا عن

یا وارث كل ، أنت سبحانك ال إلھ إال، رحمة من سواك ال إلھ إال أنت یا رب كل شيء شيء یا حي یا قیوم یا ذا الجالل واإلكرام یا أرحم الراحمین یا علي یا عظیم یا صمد یا

فرد یا واحد یا أحد یا من بیده الخیر وھو على كل شيء قدیر ، نسألك توكال خالصا علیك ورجوعا في كل األحوال إلیك واعتمادا على فضلك واستنادا لبابك یا عالم السر

لنجوى ، یا كاشف الضر والبلوى ، یا من تضرع إلیھ قلوب المضطرین وتعول علیھ واھمم المحتاجین ، نسألك اللھـم بمعاقد العز من عرشك ، وبمنتھى الرحمة من كتابك ، وباسمك العلي األعلى ، وبكلماتك التامات التي ال یجاوزھن بر وال فاجر ، وبإشراق

وآلھ وصحبھ وذریتھ ، وأن تحفنا بألطافك الخفیة وجھك ، أن تصلي على سیدنا محمدحتى نرفل بحلل األمان من خوارق الحدثان ، وعالئق األكوان وإشراك الحرمان

اللھم امنحني قلبا ال ، وغوائل الخذالن ، ودسائس الشیطان وسوء النیة وظلمة الخطیة ، وقلبني على بساط ینصرف في آمالھ إال إلیك ، ولبـا ال یعول في أحوالھ إال علیك

اللھم اسلك . المعرفة بقوة التوحید والیقین ، وأیدني بك لك بما أیدت بھ عبادك الصالحین بي طریق نبیك المصطفى سید المقربین األحباب ، وأوزعني أن أشكر نعمتك باتباعھ

اللھـم إني أعوذ بك من علم ال ینفع ، .. علیھ الصالة والسالم بطریقة الحق والصوابربنا آتنا من لدنك رحمة وھیئ لنا .. عمل ال یرفع ، وقلب ال یخشع ، ودعاء ال یسمعو

اللھـم حققني بحقیقتھ الصدیقیة ، وأذقني حالوة الیقین بصدق النیة ، .. من أمرنا رشداوخالص الطویة وال تكلني لنفسي ، وال ألحد من خلقك طرفة عین یا أرحم الراحمین ،

). هللا العلي العظیم ، وسالم على المرسلین والحمد هللا رب العالمینوال حول وال قوة إال با .من حزب الوسیلة بتصرف

:من دعوات السید أحمد بن إدریس

اللھـم أنت اهللا الملك الحق المبین القدیم المتعزز بالعظمة والكبریاء المنفرد بالبقاء الحي (عملت سوءا وظلمت ، ربي وأنا عبدك القیوم المقتدر الجبار القھار الذي ال إلھ إال أنت ،

أشھد أنك .. نفسي ، واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي كلھا فإنھ ال یغفر الذنوب إال أنتربي ورب كل شيء فاطر السموات واألرض عالم الغیب والشھادة العلي الكبیر

، ك اللھـم إني أسألك الثبات في األمر والعزیمة على الرشد والشكر على نعم.. المتعالوأسألك حسن عبادتك وأسألك من خیر كل ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم إنك أنت

).عالم الغیوب :من دعوات أبي الحسن الشاذلي

یا اهللا یا لطیف یا رزاق یا قوي یا عزیز لك مقالید السموات واألرض تبسط الرزق لمن ( ومن رحمتك ما تحول بھ تشاء وتقدر ، فابسط لنا من الرزق ما توصلنا بھ إلى رحمتك ،

بیننا وبین نقمتك ، ومن حلمك ما یسعنا بھ عفوك ، واختم لنا بالسعادة التي ختمت بھا ألولیائك ، واجعل خیر أیامنا وأسعدھا یوم لقائك ، وزحزحنا في الدنیا عن نار الشھوة ،

ا وأدخلنا بفضلك في میادین الرحمة ، واكسنا من نورك جالبیب العصمة ، واجعل لنومسخرا من أنفسنا كي نسبحك كثیرا ونذكرك ، ظھیرا من عقولنا ومھیمنا من أرواحنا

اللھـم إني أسألك لسانا رطبا یذكرك ، وقلبا مفعما بشكرك ، .. كثیرا إنك كنت بنا بصیراوبدنا ھینا لینا بطاعتك ، وأعطنا مع ذلك مما ال عین رأت وال أذن سمعت وال خطر

بھ رسولك حسب ما علمتھ بعلمك ، وأغننا بال سبب واجعلنا على قلب بشر، كما أخبراللھـم إنا .. سبب الغنى ألولیائك ، وبرزخا بینھم وبین أعدائك ، إنك على كل شيء قدیر

نسألك إیمانا كامال ، ونسألك قلبا خاشعا ، ونسألك علما نافعا ، ونسألك یقینا صادقا ، بلیة ، ونسألك تمام الغنى عن الناس ، اللھم ونسألك دینا قیما ، ونسألك العافیة من كل

رضنا بقضائك وصبرنا على طاعتك ، وعن معصیتك وعن الشھوات الموجبات للنقض أو البعد عنك ، وھب لنا حقیقة اإلیمان بك حتى ال نخاف وال نرجو غیرك ، وال نعبد

یقین والتوكل شیئا سواك ، وأوزعنا شكر نعمائك ، وغطنا برداء عافیتك ، وانصرنا بالعلیك ، وأسفر وجوھنا بنور صفاتك ، وأضحكنا وبشرنا یوم القیامة بین أولیائك ،

واجعل یدك مبسوطة علینا وعلى أھلینا وأوالدنا ومن معك برحمتك ، وال تكلنا إلى وصلى اهللا على سیدنا محمد النبي ، أنفسنا طرفة عین وال أقل من ذلك یا نعم المجیب

.انتھى من حزب البر بتصرف). وصحبھ أجمعینالكریم وعلى آلھ :من دعوات اإلمام الشافعي رضي اهللا عنھ

أعوذ بك من مقام الكافرین وإعراض الغافلین اللھم لك خضعت نفوس العارفین ودنت (إلـھي ھب لي جودك وجللني بستر واعف عن تقصیري بكرم .. لك رقاب المشتاقین

. من اإلحیاء) وجھك

:ر الدعاءنماذج من منثویقول في " صلى اهللا علیھ وسلم"كان رسول اهللا : ـ عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال

اللـھم أصلح لي دیني الذي ھو عصمة أمري ، وأصلح لي دنیاي التي فیھا (: دعائھ

معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فیھا معادي ، واجعل الحیاة زیادة لي في كل خیر ، .أخرجھ مسلم) كل شرواجعل الموت راحة لي من

اللھـم آتنا : ("صلى اهللا علیھ وسلم"ـ عن أنس رضي اهللا عنھ قال كان أكثر دعاء النبي .رواه الشیخان وأبو داود) في الدنیا حسنة وفى اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار

اللھـم اكفني : (ـ عن علي كرم اهللا وجھھ أن رسول اهللا علم بعض أصحابھ أن یقول .رواه الترمذي والنسائي) ن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواكبحاللك ع

تعوذوا باهللا : (قال" صلى اهللا علیھ وسلم"ـ عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ أنھ رسول اهللا رواه الشیخان والنسائي) عن جھد البالء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة األعداء

: "صلى اهللا علیھ وسلم"ل اهللا یقول كان رسو: ـ وعن عبد اهللا بن عمرو بن العاص قالاللھـم أعوذ بك من قلب ال یخشع ، ومن دعاء ال یسمع ، ومن نفس ال تشبع ، ومن علم (

.رواه الترمذي والنسائي) ال ینفع ، أعوذ بك من ھؤالء األربعاللھـم إني أسألك الثبات في (یقول " صلى اهللا علیھ وسلم"ـ من حدیث شداد بن أوس كان

، والعزیمة في الرشد ، وأسألك قلبا خاشعا سلیما ، وخلقا مستقیما ولسانا صادقا األمر وعمال متقبال ، وأسألك من خیر ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لما

رواه الترمذي) تعلم؟ فإنك تعلم وال أعلم وأنت عالم الغیوبللھم إني أسألك الطیبات ، وفعل ا: ( یقول"صلى اهللا علیھ وسلم"ـ من حدیث معاذ كان

وترك المنكرات ، وحب المساكین ، أسألك حبك ، وحب من أحبك ، وحب ، الخیرات وإذا أردت بقوم فتنة ، كل عمل یقرب إلى حبك ، وأن تتوب علي ، وتغفر لي وترحمني

.رواه الترمذي والطبراني) فاقبضني إلیك غیر مفتوني أسألك إیمانا ال یرتد ، ونعیما ال ینفد ، وقرة عین اللھـم إن: (ـ من حدیث ابن مسعود

).األبد ، ومرافقة نبیك محمد في جنة الخلد

خـاتمة استعن ربك واحضر قلبك وارفع إلى اهللا حاجتك واختم بالصالة والسالم على -أیھا األخ

:- لتكتال بالمكیال األوفى-النبي وآلھ واجعل آخر كالمك وسالم على المرسلین... العزة عما یصفون سبحان ربك رب

والحمد هللا رب العالمین الفقـیر إلى اهللا حسـن البنــا

اتجاه النھضة الجدیدة في العالم اإلسالمي بســم اهللا الرحمــن الرحیـم

القاھرة ھـ١٣٦٧غرة صفر

:إلى اإلسالماقبون االجتماعیون والسیاسیون والمعنیون بتطورات الحیاة في األمم والشعوب یرى المر

أن العالم اإلسالمي وفي مقدمتھ العالم العربي طبعا ، یتجھ بنھضتھ الحدیثة اتجاھا وبعد أن كان الكتاب والمفكرون والعلماء ، وأن ھذا االتجاه یقوى تیاره بالتدرج . إسالمیا

الحضارة األوربیة ووجوب االصطباغ بصبغھا واألخذ الكامل والزعماء یتغنون بأصول وارتفعت األصوات ، تبدلت ھذه النغمة وحل محلھا التحفظ والحذر ، بأسالیبھا ومناھجھا

وتقریب الحیاة العصریة ، المنادیة بوجوب العودة إلى أصول اإلسالم وتعالیمھ ومناھجھ .صطباغ الكامل بصبغة اإلسالمفي ھذه الشعوب إلیھا بقدر اإلمكان تمھیدا لال

:األسباب ویزعج ھذا االتجاه كثیرا من الحكومات والدول الغربیة التي عاشت طوال القرون

وال یرى في ، الماضیة في عقلیة الذي ال یعرف عن اإلسالم إال التعصب والجمود جسون وأخذوا یتو، المسلمین إال شعوبا مستضعفة للتسخیر وأوطانا خصبة لالستعمار

فمن قائل أنھا نتیجة قیام ، من ھذه الحركة ویذھبون في تفسیرھا وتأویلھا كل مذھب الھیئات المتطرفة والجماعات المتعصبة ، ومن قائل أنھا رد فعل للضغط السیاسي

واالقتصادي الذي شعرت بھ ھذه األمم اإلسالمیة في ھذه األعصار ، ومن قائل إنھا وكل ھذه األسباب .. لحكم والجاه إلى الظھور والمنصبوسیلة یتوصل بھا بعض طالب ا

فیما نعتقد بعیدة عن الحقیقة كل البعد ، وھذا االتجاه لیس إال نتیجة لعوامل ثالثة فیما :نرى

:إفالس الغربأولھا ـ إفالس األصول االجتماعیة التي قامت علیھا حضارة األمم الغربیة فحیاة الغرب

ي والمعرفة األولیة والكشف واالختراع وإغراق أسواق العالم التي قامت على العلم المادبمنتجات العقول واآلالت لم تستطع أن تقدم للنفس اإلنسانیة خیطا من النور ، أو بصیصا

ولم ترسم لألرواح القلقة أي سبیل للراحة واالطمئنان ، . من األمل أو شعاعا من اإلیمان ان طبیعیا أن یتبرم بھذه األوضاع المادیة البحتة ولھذا ك، ولیس اإلنسان آلة من اآلالت

وأن یحاول الترفیھ عن نفسھ ، ولم تجد الحیاة الغربیة المادیة ما ترفھ بھ عنھ إال المادیات أیضا من اآلثام والشھوات والخمور والنساء واألحفال الصاخبة والمظاھر المغریة التي

لى جوع وأحس بصرخات روحھ تنطلق ثم ازداد بھا بعد ذلك جوعا ع، تلھى بھا حینا واالنطالق في الفضاء واسترواح نسمات ، عالیة تحاول تحطیم ھذا السجن المادي

.اإلیمان والعزاء :كمال اإلسالم

وثانیھا ـ وھو العامل اإلیجابي في الموضوع ـ اكتشاف المفكرین من رجال اإلسالم ما وأنھا أكمل وأدق وأفضل ، في أصولھ وقواعده من سمو ورقي وصالحیة واكتمال

، وأشمل وأجمع من كل ما كشفت عنھ الفلسفات االجتماعیة والعقول المصلحة إلى اآلن وقد كان المسلمون غفلوا عن ذلك حینا من الدھر فلما كشف اهللا عن بصائر مفكریھم ،

وقارنوا ما عندھم من قواعد دینھم االجتماعیة بما یتحدث عنھ كبار االجتماعیین طین وجھابذة المفكرین ، ووجدوا البون شاسعا والفرق بعیدا عن كنوز ھذا المیراث وأسا

لم یملكوا أنفسھم من أن ینصفوا عقولھم وتاریخھم ، الضخم وبین ما یلھو بھ ھؤالء وشعوبھم ، وأن ینادوا بنفاسة ھذا المیراث ، وأن یھیبوا بھذه األمم الغافلة إسالمیة وغیر

ھذا اإلرشاد الرباني الكریم وأن تنھج نھج ھذا الصراط السوي إسالمیة أن تستفید من .المستقیم

:طبیعة التطور

وثالثھا ـ طبیعة التطور االجتماعي بعد حربین طاحنتین اشتركت فیھما دول العالم جمیعا ، وتناولت النفوس واألوضاع والشعوب واألفراد ، ونبتت بعدھما طائفة من المبادئ

الجتماعیة ، وقامت على أساسھا دول ونھضت بتطبیقھا ، ثم لم اإلصالحیة والنظم ایمض كبیر وقت حتى تناولتھا ید التبدیل والتغییر أو الھدم والتدمیر ، والمفكرون من

المسلمین ینظرون ویرقبون ویوازنون ویرجعون إلى ما بین أیدیھم من كتاب ربھم وھو ھو مجید ، فال یرون لنظام من ھذه مشرق ، ومن سنة نبیھم وھى بینة ، ومن تاریخھم و

وأنھم ، النظم حسنة من الحسنات إال وجدوا أنھا مقررة في نظامھم اإلسالمي االجتماعي سبقوا إلیھا فتحدثوا عنھا أو عملوا بھا ، وال یرون لنظام من ھذه النظم سیئة من السیئات

ا ووصف طریق إال وجدوا أن نظامھم اإلسالمي االجتماعي قد حذر منھا واحتاط لھسادت العالم حینا من الدھر ھذه النظم الدیمقراطیة وانطلقت ، الوقایة من نتائجھا وآثارھا

الحناجر في كل مكان تسبح وتقدس بما جاء بھ ھذا النظام الدیمقراطي من حریة لألفراد وللشعوب على السواء ، ومن إنصاف للعقل اإلنساني بحریة التفكیر ، وللنفس اإلنسانیة

حریة العمل واإلرادة ، وللشعوب بأن تكون مصدر السلطات ، وجاء النصر في الحرب باألولى معززا لھذه األفكار متوجا إیاھا بإكلیل الغار ، ثم لم یلبث الناس أن تبینوا العالمیة

وأن حریتھا الفردیة لم تأخذ الحیطة من ، أن حریتھا االجتماعیة لم تسلم من الفوضى سلطة الشعوب لم تبرئ المجتمع من كثیر من الدیكتاتوریات المستورة اإلباحیة ، وأن

التي تضیع معھا التبعات وال تحدد فیھا االختصاصات ، إلى غیر ذلك من المثالب وتخلخل نظام الجماعات والبیوت ومھدت ، والعیوب التي أدت إلى تفكك األمم والشعوب

.لقیام النظم ا لدكتاتوریةوأخذ كل من موسولیني وھتلر بید شعبھ ، لمانیا والفاشیة في إیطالیا فقامت النازیة في أ

وسرعان ما خطا ھذا النظام بھاتین ، إلى الوحدة والنظام والنھوض والقوة والمجد وبعث في النفوس ، األمتین في مدارج الصالح في الداخل والقوة والھیبة في الخارج

وجمع كلمة المختلفین المتفرقین على نظام ، دة اآلمال الخالدة وأحیا الھمم والعزائم الراكوإمام ، وأصبح الفوھرر أو الدوتشي إذا تكلم أحدھما أو خطب تفزعت األفالك والتفت

.الدھرثم تكشف األمر عن أن ھذا الجھاز القوي المتماسك الذي فنیت فیھ إرادات .. ثم ماذا ؟

بطغیانھم وانحرف بانحرافھم األفراد في إرادات الزعماء أخطأ حین أخطئوا ، فطغى وانتھى كل شيء وأصبح حصیدا كأن لم یغن باألمس بعد أن بذل ، وھوى بسقوطھم

العالم في حربھ الثانیة المالیین من زھرة الشباب والقناطیر المقنطرة من األموال .والعتاد

لفوز وزاد في ھذا البریق واللمعان معني ا، ولمع نجم االشتراكیة والشیوعیة بعد ذلك وتدل على ، واالنتصار ، وتقدمت روسیا السوفیتیة إلى المیدان االجتماعي تبشر بدعوتھا

الدنیا بنظامھا الذي تبدل في ثالثین عاما عدة مرات ، وأخذت دول الدیمقراطیات أو بعبارة أدق دول االستعمار القدیمة البالیة أو الجدیدة الطامعة تعد العدة لتوقف ھذا التیار ،

راع یقوى ویشتد تارة في العالنیة وأخرى في الخفاء ، والدول واألمم والشعوب والص، الحائرة على مفترق الطرق ال تدري أین السبیل ، ومنھا أمم اإلسالم وشعوب القرآن

.والمستقبل في ذلك كلھ بید اهللا والحكم للتاریخ والبقاء لألصلح على كل حاللعنیف القوي أیقظ ھمم المفكرین من المسلمین ھذا التطور االجتماعي وھذا الصراع ا

فأخذوا یوازنون

وانتھوا بعد الموازنة إلى نتیجة صحیحة سلیمة ھي التخلص من كل ھذه ، ویقارنون .األوضاع ووجوب عودة شعوبھم وأممھم إلى اإلسالم

النظم الثالثة في الصالةطوة موفقة كل التوفیق قلت ذات مرة مداعبا للسامعین في إحدى المحاضرات ـ وكانت خ

والحمد هللا ـ إن ھذه الصالة اإلسالمیة التي نؤدیھا في الیوم خمس مرات لیست إال تدریبا امتزجت فیھ محاسن النظام الشیوعي بمحاسن النظام ، یومیا على نظام اجتماعي عملي

ضل أف: فقلت.. كیف كان ذلك؟: الدیمقراطي بمحاسن النظام الدكتاتوري ، فعجبوا وقالواما في النظام الشیوعي من حسنات تدعیم معنى المساواة والقضاء على الفوارق

وھذه المعاني .. ومحاربة االعتزاز بالملكیة التي یكون عنھا ھذا التفاوت ، والطبقات وتتركز في نفسھ إذا دخل المسجد ألنھ ، كلھا یستحضرھا المسلم ویشعر بھا تماما

جد هللا ، ال ألحد من خلقھ ، وأنھ سواء العاكف فیھ یستشعر ألول دخولھ أن ھذا المسوالباد ، ال صغیر فیھ وال كبیر وال أمیر وال حقیر وال فوارق وال طبقات ، فإذا صاح

استوى ھذا الجمع خلف إمامھ كالبنیان ، ) قد قامت الصالة.. قد قامت الصالة : (المؤذنتى یسجد وال یأتي بحركة أو فال یركع أحد حتى یركع اإلمام وال یسجد ح، المرصوص

: سكون إال تابعا لھ ومقتدیا بھ ومقلدا إیاه ، وھذا ھو أفضل ما في النظام الدكتاتوريالوحدة والنظام في اإلرادة والمظھر على السواء ، ولكن ھذا اإلمام مقید ھو نفسھ بتعالیم

صغیر الصالة ودستورھا ، فإذا انحرف أو أخطأ في تالوة أو عمل كان للصبي الوللرجل الكبیر وللمرأة المصلیة خلفھ ، كان لكل واحد من ھؤالء الحق كل الحق أن ینبھھ

وكان على اإلمام كائنا من كان أن ، إلى خطئھ وأن یرده ، إلى الصواب في أثناء الصالة ینزل على ھذا اإلرشاد وأن یعدل عن خطئھ إلى الحق والصواب ، ولیس في

فماذا بقى بعد ذلك لھذه النظم من فضل على .. الحسنات الدیمقراطیة أروع من ھذه وقد جمع محاسنھا جمیعا واتقى بھذا المزج البدیع كل ما فیھا من سیئات ! .. اإلسالم؟

. )٨٢:النساء) (ولو كان من عند غیر اهللا لوجدوا فیھ اختالفا كثیرا( :ال مبرر لالنزعاج ـ ومعھم الذین ال یعلمون ـ ینزعجون أشد االنزعاج لھذا االتجاه والغربیون كما قلت

ألنھ لیس أكثر في عرفھم ، ویرونھ من الخطورة بحیث تجب علیھم محاربتھ بكل سبیل وتجمیع لألمم الھمجیة حولھا ضد مبادئ الحضارة ، من انتصار للمبادئ الرجعیة

وظلم صارخ ، عریق في الخطأ وھذا وھم . والمدنیة وشعوب العلم والعرفان والنظامومھمتنا في ھذه الكلمات أن نصل ، للحقائق الواضحة وضوح الشمس في وضح النھار

:معھم إلى أمرینإثبات سمو أصول النظام االجتماعي اإلسالمي وفضلھا على كل ما عرف الناس :أولھما

:تلك األصول التي منھا .یة والتعصب اإلخاء اإلنساني ـ والقضاء على روح الكراھ-ا . السالم ـ وخطأ الذین ال یعلمون في فھم مشروعیة الجھاد- ٢ . الحریة ـ وخطأ الذین یتھمون اإلسالم بإباحة الرق ومصادرة الحریات– ٣ . العدل االجتماعي ـ وفیھ بیان رأي اإلسالم في نظام الحكم والطبقات- ٤ .زھد الحیاة الطیبة ـ وفیھ بیان الخطأ في فھم حقیقة ال- ٥ . األسرة ـ وفیھ الكالم على حقوق المرأة والتعدد والطالق– ٦ . العمل والكسب ـ وفیھ الكالم على أنواع الكسب والخطأ في فھم التوكل- ٧

. العلم ـ وفیھ خطأ من یتھمون النظام اإلسالمي بتشجیع الجھالة والخمول- ٨ . اإلسالم النقص واإلھمال النظام وتقدیر الواجب ـ وفیھ خطأ من یظنون في طبیعة- ٩

. التدین ـ وفیھ حقیقة اإلیمان باهللا والفضیلة والجزاء- ١٠إثبات أن من الخیر لإلنسانیة كلھا أن یتجھ المسلمون إلى العودة لدینھم وأن ذلك :وثانیھما

وأن الدافع في ذلك لیس التعصب األعمى ، سیكون أكبر دعائم السالم على األرض تام بفضل ما جاء بھ اإلسالم وانطباقھ تمام االنطباق على أرقى ما كشف ولكن االقتناع ال

.ودعائم نظمھ القویة الثابتة، عنھ التفكیر العقلي السلیم من قواعد االجتماع الصالحة )واهللا یقول الحق وھو یھدي السبیل (

إعالن األخوة اإلنسانیة والتبشیر بالفكرة العالمیةویبطل كل ، ء اإلسالم الحنیف یعلن األخوة اإلنسانیة ویبشر بالدعوة إلى العالمیة جا

.ویسلك إلى تحقیق ھذه الدعوة الكریمة السامیة كل السبل النظریة والعملیة، عصبیة :تقریر وحدة الجنس والنسب

فالناس آلدم وال فضل لعربي على عجمي (، فقد قرر وحدة الجنس والنسب للبشر جمیعا وحكمة التقسیم إلى شعوب وقبائل إنما ھي التعارف ، ) وال ألسود على أحمر إال بالتقوىوالتفاضل بالتقوى واألعمال الصالحة التي تعود بالخیر ، ال التخالف والتعاون ال التخاذل

ویطالب عباده ، واهللا رب الجمیع یرقب ھذه األخوة ویرعاھا ، على المجموع واألفراد .والشعور بحقوقھا والسیر في حدودھا، ورعایتھا جمیعا بتقریرھا

یا أیھا الناس اتقوا ( :ویعلن القرآن الكریم ھذه المعاني جمیعا في بیان ووضوح فیقولساء ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منھا زوجھا وبث منھما رجاال كثیرا ون

. فاتحة سورة النساء ) واتقوا اهللا الذي تساءلون بھ واألرحام إن اهللا كان علیكم رقیباإن اهللا قد أذھب عنكم عیبة : ( في أشھر خطبھ في حجة الوداعrویقول النبي محمد

ب ال فضل لعربي على الناس آلدم ، وآدم من ترا، الجاھلیة وتعظمھا باآلباء واألجداد لیس منا من دعا إلى عصبیة ، ولیس (: ویقول) عجمي وال ألسود على أحمر إال بالتقوى

.رواه أبو داود) منا من قاتل على عصبیة ، ولیس منا من مات على عصبیةوبھذا التقریر قضى اإلسالم تماما على التعصب لألجناس أو األلوان في الوقت الذي ال

وتخصص أماكن ، المتحضرة من أوربا وأمریكا تقیم كل وزن لذلك تزال فیھ األمم یغشاھا البیض ویحرم منھا السود حتى في معابد اهللا ، وتضع القوائم الطویلة للتفریق بین

.األجناس اآلریة والسامیة ، وتدعي كل أمة أن جنسھا فوق الجمیع :تقریر وحدة الدین

وأن شریعة اهللا تبارك وتعالى للناس تقوم ، امة وقرر اإلسالم وحدة الدین في أصولھ العوأن األنبیاء جمیعا مبلغون عن ، على قواعد ثابتة من اإلیمان والعمل الصالح واإلخاء

وأن المؤمنین جمیعا في أیة ، وأن الكتب السماویة جمیعا من وحیھ ، اهللا تبارك وتعالى وأن الفرقة في الدین ، خرة أمة كانوا ھم عباده الصادقون الفائزون في الدنیا واآل

وأن واجب البشریة جمیعا أن تتدین ، والخصومة باسمھ إثم یتنافى مع أصولھ وقواعده وأن تتوحد بالدین ، وأن ذلك ھو الدین القیم وفطرة اهللا التي فطر الناس

وحا والذي شرع لكم من الدین ما وصى بھ ن ( :علیھا ، وفى ذلك یقول القرآن الكریم) أوحینا إلیك وما وصینا بھ إبراھیم وموسى وعیسى أن أقیموا الدین وال تتفرقوا

فلذلك فادع واستقم كما : (rویقول القرآن الكریم مخاطبا النبي محمد ، ) ١٣:الشورى(اءھم وقل آمنت بما أنزل اهللا من كتاب وأمرت ألعدل بینكم اهللا ربنا أمرت وال تتبع أھو

) وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ال حجة بیننا وبینكم اهللا یجمع بیننا وإلیھ المصیرمثلى ومثل : (مصورا ھذا المعنى أبدع تصویر rیقول النبي محمد ، و )١٥:الشورى(

األنبیاء قبلي كمثل رجل بنى بیتا فأحسنھ وأجملھ إال موضع لبنة من زاویة من زوایاه فجعل الناس یطرفون بھ ویعجبون لھ ویقولون ھال وضعت ھذه اللبنة ، فأنا تلك اللبنة

.أخرجھ الشیخان) وأنا خاتم النبیینفالمسلم یجب علیھ أن یؤمن بكل نبي سبق ، سالم إلى ھذه الوحدة مسلكا عجیبا وسلك اإل

ویثنى بالخیر على كل أمة من ، ویحترم كل شریعة مضت ، ویصدق بكل كتاب نزل قولوا آمنا باهللا ( :المؤمنین خلت ، والقرآن یفترض ذلك ویعلنھ ویأمر بھ النبي وأصحابھ

وما أنزل إلى إبراھیم وإسماعیل وإسحاق ویعقوب واألسباط وما أوتي وما أنزل إلینا) موسى وعیسى وما أوتي النبیون من ربھم ال نفرق بین أحد منھم ونحن لھ مسلمون

بأن ھذه ھي سبیل الوحدة ، وأن أھل األدیان األخرى ثم یقفي على ذلك ، )١٣٦:البقرة(إذا آمنوا كھذا اإلیمان فقد اھتدوا إلیھا وإن لم یؤمنوا بھ فسیظلون في شقاق وخالف وأن

فإن آمنوا بمثل ما آمنتم بھ فقد اھتدوا وإن تولوا فإنما ( :أمرھم بعد ذلك إلى اهللا فیقول . )١٣٧:البقرة) (م في شقاق فسیكفیكھم اهللا وھو السمیع العلیمھ

ویدعم ھذه الوحدة بین المتدینین والمؤمنین على أساسین واضحین مسلمین ال یجادل :فیھما إال مكابر

وال شك وھو مرجع ، اعتبار ملة إبراھیم علیھ السالم أساسا للدین وإبراھیم : أولھماموسى وعیسى ومحمد صلوات اهللا وسالمھ : ألنبیاء الثالثة الذین عرفت رساالتھم وھما

.علیھم جمیعاواالرتفاع بنسبتھ إلى اهللا وحده ، تجرید الدین من أغراض البشر وأھوائھم : وثانیھما

فھ نفسھ ولقد ومن یرغب عن ملة إبراھیم إال من س ( :فتقرأ في سورة البقرة قولھ تعالىصبغة اهللا ومن ( : إلى قولھ تعالى )اصطفیناه في الدنیا وإنھ في اآلخرة لمن الصالحین

ولنا قل أتحاجوننا في اهللا وھو ربنا وربكم، أحسن من اهللا صبغة ونحن لھ عابدون تلك أمة قد خلت لھا ما ( :ثم إلى قولھ تعالى ، )أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن لھ مخلصون

.١٤١ -١٣٠اآلیات ) كسبت ولكم ما كسبتم وال تسألون عما كانوا یعملون) وكان عند اهللا وجیھا ( : جمیعا فموسى نبي كریم إن القرآن یثني على األنبیاء

) رسول اهللا وكلمتھ ألقاھا إلى مریم وروح منھ(وعیسى علیھ السالم ، ) ٦٩:األحزاب(س في المھد وكھال ویكلم النا، وجیھا في الدنیا واآلخرة ومن المقربین (، ) ١٧١:النساء(

أكرمتھا ، )٧٥:المائدة) (وأمھ صدیقة ( ، )٤٦-٤٥:آل عمران) (ومن الصالحینوإذ قالت المالئكة یا مریم إن اهللا اصطفاك وطھرك واصطفاك على نساء (المالئكة . )٤٢:آل عمران) (العالمین

واإلنجیل كذلك ، )٤٤:المائدة) (إنا أنزلنا التوراة فیھا ھدى ونور(والتوراة كتاب كریم وآتیناه اإلنجیل فیھ ھدى ونور ومصدقا لما بین (كتاب كریم فیھ ھدى ونور وموعظة

وھما والقرآن معھما مصابیح ، )٤٦:المائدة) (ظة للمتقینیدیھ من التوراة وھدى وموع) نزل علیك الكتاب بالحق مصدقا لما بین یدیھ وأنزل التوراة واإلنجیل(الھدایة للناس

. )٣:آل عمران(

یا بني إسرائیل اذكروا (منت وبنو إسرائیل أمة موسى أمة كریمة مفضلة ما استقامت وآوأمة عیسى ، )١٢٢:البقرة) (نعمتي التي أنعمت علیكم وأني فضلتكم على العالمین

وجعلنا في قلوب الذین اتبعوه رأفة ورحمة (علیھ السالم أمة فاضلة طیبة ما أخلصت . )٢٧:الحدید) (بانیةورھ

والتعامل بین المسلمین وبین غیرھم من أھل العقائد واألدیان إنما یقوم على أساس ال ینھاكم اهللا عن الذین لم یقاتلوكم في الدین (، المصلحة االجتماعیة والخیر اإلنساني

إنما ینھاكم ، بروھم وتقسطوا إلیھم إن اهللا یحب المقسطین ولم یخرجوكم من دیاركم أن تاهللا عن الذین قاتلوكم في الدین وأخرجوكم من دیاركم وظاھروا على إخراجكم أن

. )٩-٨:الممتحنة) ( ھم الظالمونتولوھم ومن یتولھم فأولئك

وأساسھ التذكیر بروابط الرسالة ، والجدال یكون بالتي ھي أحسن إال للذین ظلموا وال تجادلوا أھل الكتاب إال بالتي ھي أحسن إال الذین (السماویة ووحدة العقیدة اإلیمانیة

منا بالذي أنزل إلینا وأنزل إلیكم وإلھنا وإلھكم واحد ونحن لھ ظلموا منھم وقولوا آ . )٤٦:العنكبوت) (مسلمون

وبذلك قضى اإلسالم على كل مواد الفرقة والخالف والحقد والبغضاء والخصومة بین " شریعة اإلسالم" التجمع حول ولفتھم جمیعا إلى وجوب، المؤمنین من أي دین كانوا

إن الذین آمنوا والذین ھادوا ( ،ونبذ كل ما من شأنھ العداوة والخصام بین بنى اإلنسان والنصارى والصابئین من آمن باهللا والیوم اآلخر وعمل صالحا فلھم أجرھم عند ربھم

. )٦٢:البقرة) (خوف علیھم وال ھم یحزنونوال فإن أبى الناس إال أن یفترقوا ویختلفوا ویحتكموا إلى أھوائھم باسم الدین فإن اإلسالم

إن الذین فرقوا دینھم وكانوا (وبني اإلسالم وشریعة اإلسالم اإلنسانیة العامة منھم براء من جاء ، نھم في شيء إنما أمرھم إلى اهللا ثم ینبئھم بما كانوا یفعلون شیعا لست م

قل إنني ، بالحسنة فلھ عشر أمثالھا ومن جاء بالسیئة فال یجزى إال مثلھا وھم ال یظلمون قل ، بي إلى صراط مستقیم دینا قیما ملة إبراھیم حنیفا وما كان من المشركین ھداني ر

ال شریك لھ وبذلك أمرت وأنا ، إن صالتي ونسكي ومحیاي ومماتي هللا رب العالمین . )١٦٣-١٥٩:األنعام ()أول المسلمین

:تقریر وحدة الرسالة رسوال عالمیا ال رسوال إقلیمیا وأعلن " علیھ الصالة والسالم"ولھذا جاء النبي محمد

تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ( :القرآن الكریم ھذه العالمیة في آیات كثیرة فقال) وما أرسلناك إال كافة للناس بشیرا ونذیرا ( :وقال ، )١:الفرقان) (لیكون للعالمین نذیرا

قل یا أیھا الناس إني رسول اهللا إلیكم جمیعا الذي لھ ملك السماوات : (وقال، ) ٢٨:سـبأ(میت فآمنوا باهللا ورسولھ النبي األمي الذي یؤمن باهللا واألرض ال إلھ إال ھو یحیي ویومن ھنا كانت رسالتھ أیضا ختام ، ) ١٥٨:ألعراف) (وكلماتھ واتبعوه لعلكم تھتدون

ا أحد من رجالكم ما كان محمد أب(الرساالت فال رسالة تعقبھا أو تنسخھا وال نبي بعده ، ومن ھنا كذلك كانت معجزتھ الخالدة )٤٠:األحزاب) (ولكن رسول اهللا وخاتم النبیین

ال یأتیھ ، إن الذین كفروا بالذكر لما جاءھم وإنھ لكتاب عزیز (الباقیة ھذا القرآن الكریم . )٤٢:فصلت) (ل من بین یدیھ وال من خلفھ تنزیل من حكیم حمیدالباط

ولقد كان الناس یتساءلون من قبل ھذا العصر كیف یكون فرد واحد من أمة واحدة رسوال للبشر جمیعا فجاء ھذا العصر الذي انمحت فیھ المسافات ، وتجمعت فیھ أطراف

، وتشابكت فیھ مصالح األمم والدول والشعوب حتى لكأنھا بلد األرض بھذه المواصالت وانطلقت في ، واحد كبیر ، ال ینفك جانب منھ عن الجانب اآلخر في قلیل وال في كثیر

أجواز الفضاء أنباء الشرق یعلمھا ساعة حدوثھا الغرب ، وأنباء الغرب یستمع إلیھا النظام (، و) العالم الواحد(م في وتركزت آمال المصلحین الیو، لحظة وقوعھا الشرق

فكان ذلك آیة كبرى ومعجزة ، ) السالم العالمي(و) الضمان االجتماعي(، و) الواحدسنریھم آیاتنا في اآلفاق وفي ( :أخرى لنبي اإلسالم وشریعة اإلسالم وصدق اهللا العظیم

. )٥٣:فصلت) ( أولم یكف بربك أنھ على كل شيء شھیدأنفسھم حتى یتبین لھم أنھ الحق :وحدة الشعائر

وقد كان اإلسالم عملیا كعادتھ فلم یقف عند حد تقریر األصول النظریة لھذه الوحدة اإلنسانیة ولكنھ رسم وسائل التطبیق ، وقرر الشعائر والشرائع التي یتأكد بھا ھذا المعنى

فوس ، وثبت دعائمھ في المجتمعات ، وھذا ھو الفرق بین الرساالت الفلسفیة في الن، فالفیلسوف یقرر النظریات .. والرساالت اإلصالحیة أو بین الفیلسوف والمصلح

والمصلح یرسم قواعد التفیق ویشرف بنفسھ على تمامھ ، ومن ھنا كان اإلسالم نظریا لخالد ، وعلى ھذا األساس قرر الشعائر وعملیا معا ألنھ رسالة اإلصالح الشامل ا

والشرائع التي یتحقق بالعمل بھا ما دعا إلیھ من إنسانیة عالمیة وأخوة حقیقیة بین البشر :ومن ذلك . على اختالف أوطانھم وأجناسھم وألوانھم

فعلى المؤمنین أن یصرفوا وجوھھم وقلوبھم وأفئدتھم كل یوم خمس مرات على :القبلة بناھا إبراھیم أبو األنبیاء علیھ الصالة والسالم ، وأن یشعر كل منھم " الكعبة"األقل إلى

بما یحیط بھذا الرمز الكریم من معاني األخوة وبالوحدة بین الناس جمیعا ، كما أن وینتھز ، طواف الطائفین بھذه الكعبة المشرفة إن ھو إال توكید لھذا الشعور عملیا كذلك

كمة البالغة والنظرة السامیة في ھذا التشریع الحكیم ھذه بعض الذین ال یعلمون الحوأن الكعبة ، الفرصة فیغمزون اإلسالم بأنھ ال زال متأثرا ببقیة من وثنیة العرب

والطواف من حولھا ، والحجر األسود واستالمھ وما یحیط بذلك من معاني التقدیس قول بعید عن الصحة عار عن وھذا ال، والتكریم إن ھو إال مظھر من مظاھر ھذا التأثر

الصواب ، فالمسلم الذي یرف بالكعبة أو یستلم الحجر یعتقد اعتقادا جازما أنھا جمیعا معنى األخوة : أحجار ال تضر وال تنفع ولكنھ إنما یقدس فیھا ھذا المعنى الرمزي البدیع

جعل (لعلي الكبیر ویذكر في ذلك قول اهللا ا. اإلنسانیة الشاملة ، والوحدة العالمیة الجامعة والرمزیة ھي اللغة الوحیدة لتمثیل ).٩٧:المائدة) (اهللا الكعبة البیت الحرام قیاما للناس

المعاني الدقیقة والمشاعر النبیلة التي ال یمكن أن تصورھا األلفاظ أو تجلوھا العبارات ، یج ال قیمة لھا مادیا ولكنھ یشعر كذلك والذي یعظم علم وطنھ یعلم أنھ في ذاتھ قطعة نس

وإنھا تصور أدق المشاعر ، أنھا ترمز إلى كل معاني المجد والسمو التي یعتز بھا وطنھ فھو یحمي ھذا العلم ویعظمھ ویحترمھ ویكرمھ لھذه المعاني التي تجمعت ، في وطنیتھ

مثل بھ للناس أوضح والكعبة المشرفة علم اهللا المركوز في أرضھ لی. جمیعا وتمثلت فیھ وإنما كانت بناء لیكونوا كالبنیان ، معاني أخوتھم ولیرمز بھ إلى أقدس مظاھر وحدتھم

ومن أجمل الجمیل أن یقوم على رفع قواعد ھذا البناء ، المرصوص یشد بعضھ بعضا وإسماعیل ربنا تقبل منا وإذ یرفع إبراھیم القواعد من البیت(إبراھیم الخلیل أبو األنبیاء

. )١٢٧:البقرة) (إنك أنت السمیع العلیموما الحجر األسود إال موضع االبتداء ونقطة التمیز في ھذا البناء ، وعنده تكون البیعة

اللھم إیمانا بك ال ، لرب األرض والسماء على اإلیمان والتصدیق والعمل والوفاء

جر ، وتصدیقا بكتابك ال بالخرافة ، ووفاء بعھدك وھو التوحید الخالص ال الشرك ، بالح .محطم األصنام rواتباعا لسنة نبیك

فأین ھذه المعاني الرمزیة العلویة من تلك المظاھر الوثنیة الخرافیة؟ إن الكعبة المشرفة نسانیة العالمیة رمز قائم خالد ، ركز اإلسالم من حولھ أخلد وأقدس وأسمى معاني اإل

وإذ جعلنا البیت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام (واألخوة بین بنى البشر جمیعا كع إبراھیم مصلى وعھدنا إلى إبراھیم وإسماعیل أن طھرا بیتي للطائفین والعاكفین والر

. )١٢٥:البقرة) (السجودإنا (وكما وحد اإلسالم القبلة فقد وحد اللغة وأعلن أن العربیة ھي لسان القرآن :واللغة

، وأن القرآن ھو لسان المؤمنین وأن )٣:الزخرف) (جعلناه قرآنا عربیا لعلكم تعقلونویقرر علماء االجتماع أن اللغة ھي أقوى . لمین دعوة اإلیمان دعوة موجھة إلى العا

وھى نسب من ال . الروابط بین األمم والشعوب ، وأقرب وسائل التقریب والتوحید بینھا وقد أدرك اإلسالم ھذه الحقیقة ففرض العربیة فرضا على المؤمنین في ، نسب لھ

. وجرى لسانھ بھا صلواتھم وعباداتھم ومنح الجنسیة العربیة لكل من نطق بلغة العربجاء قیس بن مطاطیة : (روى الحافظ ابن عساكر قال. واعتبر أن العربیة ھي اللسان

ھؤالء األوس : إلى حلقة فیھا سلمان الفارسي وصھیب الرومي وبالل الحبشي فقالمشیرا إلى "فما بال ھذا وھذا ؟ " rیعنى النبي "والخزرج قد قاموا بنصرة ھذا الرجل

فقام إلیھ معاذ بن جبل رضي اهللا عنھ فأخذ بتالبیبھ ثم أتى " الجالسینغیر العرب منمغضبا یجر رداءه حتى أتى المسجد ثم نودي rفأخبره بما قالھ فقام النبي rالنبي

یا أیھا الناس إن الرب واحد ، وإن الدین : "الصالة جامعة ، فاجتمع الناس فخطبھم قائالأب وال أم وإنما ھي اللسان ، فمن تكلم العربیة فھو واحد ، ولیست العربیة بأحدكم من

").عربيوأي تشجیع أعظم من ھذا على تعلم لغة العرب وتعمیمھا بین الناس لتكون ھي

وقد یقال إن . العالمي الذي یربط البشریة بأقوى روابطھا ، وھى اللسان " االسبرانتو"ھ الروحیة والحسیة من قبل ذلك خیال ال یتحقق والجواب أنھ خیال حققتھ قوة أصحاب

وتحققھ من بعد ، وال خیال في الحقیقة إال مع الضعف ، وحقائق الیوم أحالم األمس وال تعاب الطریقة المثلى إذا ھجرھا الناس وھذه ھي الطریقة . وأحالم الیوم حقائق الغد

".وكل من سار على الدرب وصل"للوحدة الي الذي تنطلق بھ حناجر المؤذنین في وتستمع إلى األذان وھو الصوت الع:األذان

اهللا اكبر اهللا اكبر ، أشھد أن ال إلھ : (الصباح والمساء وعشیا وعند الظھیرة ومع الغروباهللا اكبر اهللا . حي على الفالح . حي على الصالة . أشھد أن محمدا رسول اهللا ، إال اهللا أو ھو یقول حي على خیر العمل یكرر المؤذن أعدادھا المعروفة) ال إلھ إال اهللا. اكبر

فھل ترى في ھذا النداء دعوة إلى عصبیة جنسیة أو ھتافا . كما في بعض الروایات ال شيء إال تمجید اهللا والحث على الخیر والفالح والطاعة والصالة .. بنصرة طائفیة؟

.واإلرشاد إلى األسوة الحسنة في محمد رسول اهللا :اداتالحقوق والواجبات ومظاھر العب

فالجنس ، والمساواة العامة ھي شعار اإلسالم في الحقوق والواجبات ومظاھر العبادات ولقد كرمنا بني آدم وحملناھم ( ،اإلنساني مكرم كلھ مفضل على كثیر من المخلوقات

) على كثیر ممن خلقنا تفضیالفي البر والبحر ورزقناھم من الطیبات وفضلناھم ).٧٠:اإلسراء(

والناس جمیعا مخاطبون بھذه الدعوة اإلسالمیة وكثیرا ما یستفتح الخطاب في القرآن الكریم بیا أیھا الناس إشارة إلى عموم ھذه الرسالة وتسویتھا بین الناس في الحقوق

وق المدنیة والسیاسیة الفردیة واالجتماعیة والحقوق الروحیة فضال عن الحق، والواجبات وإن من (واالقتصادیة مقررة للجمیع على السواء ، فما من شعب إال بعث إلیھ رسول

ومظاھر العبادات وطرق أدائھا مشتركة بین الجمیع ، ) ٢٤:فاطر) (أمة إال خال فیھا نذیرالبنیان المرصوص ، وھم في الحج قلب یؤدونھا على قدم المساواة ، فھم في الصالة ك

واحد یفدون من كل فج عمیق ، وھم في الجھاد صف ال یتخلف عنھ إال أعرج أو مریض أو أعمى أو معذور ، وھم في كل معنى من ھذه المعاني كأسنان المشط ال سید

الحقوق ، وقل مثل ذلك في جمیع ) ١٠:الحجرات) (إنما المؤمنون إخوة(وال مسود .والواجبات والفرائض والعبادات التي جاء بھا ھذا اإلسالم

:تقریر معاني الرحمة والحب واإلیثار واإلحسانولقد دعم اإلسالم ھذه المعاني النظریة والمراسیم العملیة ببث أفضل المشاعر اإلنسانیة

ویؤثرون (في النفوس من حب الخیر للناس جمیعا والترغیب في اإلیثار ولو مع الحاجة ) ٩:الحشر) (على أنفسھم ولو كان بھم خصاصة ومن یوق شح نفسھ فأولئك ھم المفلحون

)١٩٥:البقرة) (وأحسنوا إن اهللا یحب المحسنین(، واإلحسان في كل شيء حتى في القتل ) إن اهللا یأمر بالعدل واألحسان ( ، )٣٠:الكھف) (أجر من أحسن عمالإنا ال نضیع ( ،

. )٩٠:النحل(وتقریر عواطف الرحمة حتى مع الحیوان فأبواب الجنة تفتح لرجل سقى كلبا ، وتبتلع

ي الجحیم امرأة ألنھا حبست ھرة بغیر طعام كما جاء ذلك وغیره من كثیر من مثلھ فوإن لنا في البھائم ألجرا یا رسول : حتى استغرب أصحابھ وقالواrأحادیث النبي محمد

رواه البخاري ، وال شك أن ھذه المشاعر ) نعم في كل ذات كبد رطبة أجر: (اهللا؟ قالھي التي تفیض على صاحبھا أفضل معاني اإلنسانیة وتوجھھ إلى تقدیر قیمھ األخوة

.العالمیة :انیة عملیا في المجتمع اإلسالميشیوع ھذه اإلنس

وإن التاریخ لیحدثنا أن المجتمع اإلسالمي سعد بتحقیق ھذه المعاني في كل عصر من العصور التي ازدھرت فیھا دعوة اإلسالم وطبقھا المؤمنون فیھا تطبیقا صحیحا ، ففي

عھد النبوة كان سلمان الفارسي إلى جانب صھیب الرومي إلى جوار بالل الحبشي واذكروا نعمت اهللا (ومعھم في نسق واحد أبو بكر القرشي تضمھم جمیعا أخوة اإلسالم

خوانا ، ولم ) ١٠٣:آل عمران) (علیكم إذ كنتم أعداء فألف بین قلوبكم فأصبحتم بنعمتھ إمین بسلطان التوجیھ اإلسالمي تعرف التعصبات الجنسیة إال یوم ضعف شعور المسل

.الصحیح واجتاحتھم شیاطین التقلید فانحرفوا عن ھذا الصراط المستقیم :عالم الیوم

ولقد بشر زعماء العالم إبان محنتھم في الحرب الماضیة بھذه اإلنسانیة العالمیة وھتفوا فھل وصلوا إلى . بالعالم الواحد السعید الذي تسوده الطمأنینة والعدالة والحریة والوئام

أو حاولوا أن یصلوا إلیھ فیما قرروا من مؤتمرات وعقدوا من .. شيء من ذلك؟ اجتماعات؟ وھل استطاعت ھیئة األم المتحدة أن تسوي في الحقوق بین أبناء الوطن الواحد في أفریقیا الجنوبیة ، أو أن تحمل األمریكان على ترك التفاضل باأللوان؟ ال

یكون إال إذا تطھرت النفوس بماء الوحي العذب الطھور ، وسقیت شيء من ھذا ، ولن .من معین اإلیمان ، وأخلصت لإلسالم دین األخوة والوحدة واإلنسانیة والسالم

)وما أرسلناك إال رحمة للعالمین، إن في ھذا لبالغا لقوم عابدین (

اإلســالم دین الســالم

ال یخالف ھذا إال جاھل بأحكامھ ، اإلسالم شریعة السالم ودین المرحمة ما في ذلك شك اسم اإلسالم نفسھ مشتق ، أو حاقد على نظامھ أو مكابر ال یقتنع بدلیل وال یسلم ببرھان

والمؤمنون بھذا الدین لم یجدوا ألنفسھم اسما أفضل ، من صمیم ھذه المادة مادة السالم ملة أبیكم إبراھیم ھو سماكم المسلمین من قبل وفي ھذا لیكون (سلمین من یكونوا الم

. )٧٨:الحج) (الرسول شھیدا علیكم وتكونوا شھداء على الناسھ هللا وھو محسن فلھ بلى من أسلم وجھ(وحقیقة ھذا الدین ولبھ اإلسالم لرب العالمین

إذ قال لھ ربھ أسلم ( ، )١١٢:البقرة) (أجره عند ربھ وال خوف علیھم وال ھم یحزنون )٧١:األنعام() وأمرنا لنسلم لرب العالمین ( ، )١٣١:البقرة) (قال أسلمت لرب العالمین

. وتحیة أھل اإلسالم فیما بینھم السالم علیكم ورحمة اهللا بركاتھ ـ وختام الصالة عندھم

سالم على الیمین وسالم على الیسار وسالم في األمام إن كانوا یصلون خلف إمام كأنھم یبدءون أھل الدنیا من كل نواحیھا بالسالم بعد أن فارقوھا بخواطرھم لحظات انصرفوا

.ا لمناجاة اهللا الملك العالمفیھإنا أنزلناه في لیلة (وقد نزل القرآن الكریم في لیلة كلھا سالم تحف بھ مالئكة السالم

وح تنزل المالئكة والر، لیلة القدر خیر من ألف شھر ، وما أدراك ما لیلة القدر ، القدر . )سورة القدر) (سالم ھي حتى مطلع الفجر، فیھا بإذن ربھم من كل أمر

) تحیتھم یوم یلقونھ سالم وأعد لھم أجرا كریما(وأفضل ما یلقى اهللا بھ عباده تحیة السالم . )٤٤:األحزاب(

والمالئكة یدخلون (ئكة بھ الصالحین من عباد اهللا في جنة السالم وخیر ما یستقبل المال ، )٢٤-٢٣:الرعد) (سالم علیكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، علیھم من كل باب

) و ولیھم بما كانوا یعملونلھم دار السالم عند ربھم وھ(والجنة نفسھا اسمھا دار السالم ) واهللا یدعو إلى دار السالم ویھدي من یشاء إلى صراط مستقیم(، ) ١٢٧:األنعام( . )٢٥:یونس(

) لسالمھو اهللا الذي ال إلھ إال ھو الملك القدوس ا(واهللا تبارك وتعالى اسمھ السالم )٢٣:الحشر(

وإن جنحوا للسلم فاجنح (ولن یتأخر المسلم عن االستجابة لدعوة السالم ولن یردھا أبدا وإن یریدوا أن یخدعوك فإن حسبك اهللا ھو ، لھا وتوكل على اهللا إنھ ھو السمیع العلیم

وال تقولوا لمن ألقى إلیكم السالم ( ، )٦٢-٦١:ألنفال) (أیدك بنصره وبالمؤمنینالذي . )٩٤:النساء) (لست مؤمنا تبتغون عرض الحیاة الدنیا فعند اهللا مغانم كثیرة

اجتماعي فرض السالم تدریبا عملیا واعتبره ولیست في الدنیا شریعة دینیة وال نظامشعیرة من شعائره وركنا من أركانھ كما فرض اإلسالم ریاضة النفس على السالم

باإلحرام في الحج ، فمتى أھل المسلم بھ فقد حرم علیھ منذ تلك اللحظة أن یقص ظفرا أو ا أو یؤذى أحدا یحلق شعرا أو یقطع نباتا أو یعضد شجرا أو یقتل حیوانا أو یرمى صید

فال رفث (بید أو لسان حتى ولو وجد قاتل أبیھ وجھا لوجھ لما استطاع أن یمسھ بشيء

فھو بھذا اإلحرام قد أصبح سلما لنفسھ ، ) ١٩٧:البقرة) (وال فسوق وال جدال في الحج .سلما لغیره من إنسان أو حیوان أو نبات

ونبي اإلسالم إنما أرسلھ ، السالم في تحیة المسلمین فھي قرین، واإلسالم دین الرحمة بسـم اهللا الرحمن (وشعار المسلم الذي یردده قبل كل قول أو عمل ، اهللا رحمة للعالمین

ثم كان من الذین آمنوا وتواصوا (والوصیة بین المؤمنین الصبر والمرحمة ، ) الرحیم . )١٨-١٧:البلد) (أولئك أصحاب المیمنة، واصوا بالمرحمة بالصبر وت

وأعمالھ وتصرفاتھ كلھا تدل على rو آیات القرآن الكریم وأحادیث الرسول محمد .سمو منزلة الرحمة بین األخالق التي یأمر بھا ھذا الدینرجال سقى كلبا یلھث یأكل الثرى لقد فتحت أبواب الجنة وشملت مغفرة اهللا تعالى ومنتھ

في rقال رسول اهللا : (روى البخاري ومسلم وغیرھما عن أبي ھریرة قال. من العطشبینما رجل یمشي بطریق اشتد علیھ العطش فوجد بئرا فنزل فیھا فشرب ثم خرج وإذا : "

ذي لقد بلغ ھذا الكلب من العطش مثل ال: كلب یلھث یأكل الثرى من العطش فقال الرجل كان بلغ مني فنزل البئر فمال خفھ ماء ثم أمسكھ بفیھ حتى رقي فسقى الكلب فشكر اهللا

في كل كبد رطبة : "وإن لنا في البھائم أجرا؟ قال: قالوا یا رسول اهللا " تعالى لھ فغفر لھ ")أجر

روى البخاري ومسلم أن ابن عمر ، وفتحت أبواب النار المرأة حبست ھرة وقست علیھا دخلت امرأة النار في ھرة ربطتھا فال ھي أطعمتھا وال ھي : ( rال رسول اهللا ق: قال

).تركتھا تأكل من خشاش األرضومن قبل أن تنشأ جمعیات الرفق بالحیوان في أوربا أو غیرھا ، كان الرفق بالحیوان

: عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال. لكل مسلم rشعار الدین اإلسالمي ووصیة النبي التتخذوا ظھور دوابكم منابر إنما سخرھا اهللا لكم لتبلغوا إلى بلد لم : (rرسول اهللا قال

.رواه أبو داود) تكونوا بالغیھ إال بشق األنفس وجعل لكم األرض فعلیھا فاقضوا حاجتكم في rكنا مع رسول اهللا : (وعن عبد الرحمن بن عبد اهللا عن أبیھ رضي اهللا عنھ قال

ا فرخان لھا فأخذناھا فجاءت الحمرة تعرش فلما جاء رسول اهللا سفر فرأینا حمرة معھrورأى قریة نمل قد أحرقناھا فقال" . من فجع ھذه بولدھا ، ردوا ولدھا إلیھا: " قال :

أخرجھ ") إنھ ال ینبغي أن یعذب بالنار إال رب النار: "قلنا نحن قال " ؟من أحرق ھذه" .أبو داود أیضا

سیرة عمر بن عبد العزیز رضي اهللا عنھ أنھ نھى عن ركض وروى ابن عبد الحكم في الفرس إال لحاجة وأنھ كتب إلى صاحب السكك أال یحملوا أحدا بلجام ثقیل وال ینخس

بمقرعة في أسفلھا حدیدة ـ وكتب إلى حیان بمصر أنھ بلغني أن بمصر إبال نقاالت یحمل رفن أنھ یحمل على البعیر اكثر من على البعیر منھا ألف رطل فإذا أتاك كتابي ھذا فال أع

.ستمائة رطلبذلك ألن فسطاط عمرو بن العاص حین الفتح " مصر القدیمة"وإنما سمي الفسطاط

اتخذت من أعاله حمامة عشا لھا فلم یشأ عمرو أن یھیجھا بتقویضھ فتركھ وتتابع .العمران من حولھ فكانت مدینة الفسطاط

رحمة التي یشیعھا اإلسالم في نفوس المؤمنین ، فھو وال وما ذلك كلھ إال أثرا من آثار ال .شك دین الرحمة ، وھو وال شك دین السالم

وإذا كان اإلسالم دین السالم ودین الرحمة فما موقفھ من فكرة الحرب والقتال والجھاد ؟ وھل انتشر بالسیف كما یقول عنھ كثیر من خصومھ الذین لم یعرفوه أو تعمدوا أن

وھل انفرد دون غیره من األدیان بمشروعیة القتال؟ ھذه ھي رؤوس یتجاھلوه؟ .الموضوعات التي سنعالجھا مختصرة في ھذه الكلمات التالیة

اإلسـالم والحــرب :أ ـ الحرب ضرورة اجتماعیة

القاعدة األساسیة التي وضعھا اإلسالم للحیاة ھي وال شك الطمأنینة والسالم واالستقرار ، مع ھذا دین یواجھ الواقع وال یفر منھ ، وما دامت في الدنیا نفوس لھا ولكن اإلسالم

أھواء ونوازع ومطامع ، وما دام ھناك ھذا الناموس الذي یطبق على األفراد والجماعات على السواء ، ناموس تنازع البقاء ، فالبد إذن من االشتباك والحرب ، وحین تكون

الحق واالنتصاف للمظلوم تكون فضیلة من الحرب لردع المعتدي وكف الظالم ونصرة الفضائل وتنتج الخیر والبركة والسمو للناس ، وحین تكون تحیزا وفسادا في األرض

. واعتداء على الضعفاء تكون رذیلة اجتماعیة وتنتج السوء والشر والفساد في الناس ولوال دفع اهللا (: ومن ھنا جاء اإلسالم یقرر ھذا الواقع ویصوره ، فیقول القرآن الكریم ، )٢٥١:البقرة) (الناس بعضھم ببعض لفسدت األرض ولكن اهللا ذو فضل على العالمین

ولوال دفع اللھ الناس بعضھم ببعض لھدمت صوامع وبیع ( :كما یقول في آیة أخرىومساجد یذكر فیھا اسم اهللا كثیرا ولینصرن اهللا من ینصره إن اهللا لقوي عزیز وصلوات

الذین إن مكناھم في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونھوا عن ، . )٤١-٤٠:الحج) (هللا عاقبة األمورالمنكر و

وبذلك كانت أولى نظرات اإلسالم إلى الحرب أنھا ضرورة اجتماعیة أو شر ال بد منھ :إال لما یرجى من ورائھ من خیر على حد قول الشاعر العربي

والشر إن تلقھ بالخیـر ضقت بـھ ذرعا وإن تلقھ بالشر ینحسـم ان واعتسفوا فالحرب أجدى على الدنیا من السلموالناس إن ظلموا البرھ

:ب ـ أغراض الحرب في اإلسالم وفى الوقت الذي یقرر اإلسالم فیھ ھذا الواقع یحرم الحرب ویسمو بھا وال یدعو إلیھا أو

:یشجع علیھا إال لھذه األغراض األساسیة السامیة العالیة الحقةوفي ذلك یقول ، والمال والوطن والدین رد العدوان والدفاع عن النفس واألھل- ١

) وقاتلوا في سبیل اهللا الذین یقاتلونكم وال تعتدوا إن اهللا ال یحب المعتدین ( :القرآن الكریم :وكانت أول آیة من آیات القتال نزلت وفیھا اإلذن بھ قول اهللا تعالى، ) ١٩٠:البقرة( ، وفى اآلیة )٣٩:الحج) (لذین یقاتلون بأنھم ظلموا وإن اهللا على نصرھم لقدیرأذن ل(

وروى مسلم ، ) ٧٥:النساء) (..وما لكم ال تقاتلون في سبیل اهللا والمستضعفین : (الثالثةیا رسول : فقالrجاء رجل إلى النبي (:والنسائي عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال

فانشد : "فإن أبوا علي؟ قال: ، قال" فانشد باهللا: "اهللا أرأیت إن عدي على مالي؟ قالفقاتل ، فإن : "، قال فإن أبوا علي؟ قال " فانشد باهللا: "فإن أبوا علي؟ قال: ، قال" باهللا

").قتلت ففي الجنة ، وإن قتلت ففي النارداود و الترمذي والنسائي وابن ماجة عن سعد بن یزید رضي اهللا عنھ قال وروي أبو

ن قتل دون مالھ فھو شھید ومن قتل دون دمھ فھو شھید : ( یقولrسمعت رسول اهللا ).ومن قتل دون دینھ فھو شھید ومن قتل دون أھلھ فھو شھید

ما قال وروى البخاري والترمذي عن عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنھ ).من أرید مالھ بغیر حق فقاتل فقتل فھو شھید: (یقول rسمعت رسول اهللا

تأمین حریة الدین واالعتقاد للمؤمنین الذین یحاول الكافرون أن یفتنوھم عن دینھم - ٢كبیر یسألونك عن الشھر الحرام قتال فیھ قل قتال فیھ (وفى ذلك یقول القرآن الكریم

وصد عن سبیل اهللا وكفر بھ والمسجد الحرام وإخراج أھلھ منھ أكبر عند اهللا والفتنة أكبر وقاتلوھم حتى ال تكون فتنة ویكون : (ویقول في آیة أخرى، ) ٢١٧:البقرة) (من القتل

. )١٩٣:البقرة) (ین هللا فإن انتھوا فال عدوان إال على الظالمینالدوذلك ، حمایة الدعوة حتى تبلغ إلى الناس جمیعا ویتحدد موقفھم منھا تحدیدا واضحا -٣

أن اإلسالم رسالة اجتماعیة إصالحیة شاملة تنطوي على أفضل مبادئ الحق والخیر : rاس جمیع كما قال اهللا تبارك وتعالى لنبي اإلسالم محمد والعدل وتوجھ إلى الن

فال بد أن تزول من طریقھا ، )٢٨:سـبأ) (وما أرسلناك إال كافة للناس بشیرا ونذیرا(كل عقبة تمنع من إبالغھا وال بد أن یعرف موقف كل فرد وكل أمة بعد ھذا البالغ ،

، فالمؤمنون إخوانھم : د تكون معاملة اإلسالم وأھلھ للناسوعلى ضوء ھذا التحدیواألعداء المحاربون ومن ، وأھل الذمة یوفى لھم بذمتھم ، والمعاھدون لھم عھدھم

تخشى خیانتھم ینبذ إلیھم فإن عدلوا عن خصومتھم فیھا وإال حوربوا جزاء اعتدائھم حتى وخیانة ألھلھا ال إكراھا لھم على ال یكونوا عقبة في طریق دعوة الحق أو مصدر تھدید

) ال إكراه في الدین قد تبین الرشد من الغي(قبول الدعوة وال محاولة لكسب إیمانھم بالقوة :، واآلیات واألحادیث ناطقة بذلك مفضلة إیاه في مثل قول اهللا تعالى) ٢٥٦:البقرة(فلیقاتل في سبیل اهللا ( ، )٥٨:ألنفال) (یانة فانبذ إلیھم على سواءوإما تخافن من قوم خ(

الذین یشرون الحیاة الدنیا باآلخرة ومن یقاتل في سبیل اهللا فیقتل أو یغلب فسوف نؤتیھ قاتلوا الذین ال یؤمنون باهللا وال بالیوم اآلخر (وقولھ تعالى ، )٧٤:النساء) (أجرا عظیما

وال یحرمون ما حرم اهللا ورسولھ وال یدینون دین الحق من الذین أوتوا الكتاب حتى الذین آمنوا یقاتلون : (،وقولھ تعالى ) ٢٩:التوبة() یعطوا الجزیة عن ید وھم صاغرون

في سبیل اهللا والذین كفروا یقاتلون في سبیل الطاغوت فقاتلوا أولیاء الشیطان إن كید ).٧٦:النساء) (الشیطان كان ضعیفا

أمرت : (rقال رسول اهللا : مر رضي اهللا عنھما قالوروى البخاري ومسلم عن ابن عأن أقاتل الناس حتى یشھدوا أن ال إلھ إال اهللا وأن محمدا رسول اهللا ویقیموا الصالة

ویؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءھم وأموالھم إال بحق اإلسالم وحسابھم ).على اهللا

فئة الباغیة على جماعة المؤمنین التي تتمرد تأدیب ناكثي العھد من المعاھدین أو ال- ٤وإن نكثوا ( :على أمر اهللا وتأبى حكم العدل واإلصالح وفى ذلك یقول القرآن الكریم

ھم ینتھون أیمانھم من بعد عھدھم وطعنوا في دینكم فقاتلوا أئمة الكفر إنھم ال أیمان لھم لعل) أال تقاتلون قوما نكثوا أیمانھم وھموا بإخراج الرسول وھم بدأوكم أول مرة، وإن طائفتان من المؤمنین اقتتلوا فأصلحوا بینھما فإن بغت : (ویقول ، )١٣:التوبة(

داھما على األخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر اهللا فإن فاءت فأصلحوا إح ).٩:الحجرات) (بینھما بالعدل وأقسطوا إن اهللا یحب المقسطین

وفى ذلك ، لھم من الظالمین إغاثة المظلومین من المؤمنین أینما كانوا واالنتصار- ٥إن الذین آمنوا وھاجروا وجاھدوا بأموالھم وأنفسھم في سبیل اهللا (یقول القرآن الكریم

لكم من والذین آووا ونصروا أولئك بعضھم أولیاء بعض والذین آمنوا ولم یھاجروا ما

والیتھم من شيء حتى یھاجروا وإن استنصروكم في الدین فعلیكم النصر إال على قوم . )٧٢:ألنفال) (بینكم وبینھم میثاق واهللا بما تعملون بصیر

:ج ـ تحریم الحرب لغیر ذلك من األغراضل ما سوى ھذه األغراض اإلنسانیة اإلصالحیة الحقة من المقاصد المادیة أو النفعیة فك

فإن اإلسالم ال یجیز الحرب من أجلھا بحال من األحوال وذلك واضح كل الوضوح في إضافة اإلسالم القتال أو الجھاد دائما إلى سبیل اهللا فال تزد واحدة من ھاتین الكلمتین في

على أن القرآن الكریم قد صرح ، میة إال مقرونة بھذا السبیل بحث من البحوث اإلسالبتحریم كل قتال لغیر ھذه األغراض المشروعة وأكدت ھذا التحریم أحادیث النبي محمد

r وسجل التاریخ ذلك ألصحابھ الذین لم یریدوا بقتالھم شیئا أبدا إال وجھ اهللا وتحقیق یا أیھا الذین آمنوا إذا ( :قول القرآن الكریمالمقاصد المتقدمة كلھا أو بعضھا وفي ذلك ی

ضربتم في سبیل اهللا فتبینوا وال تقولوا لمن ألقى إلیكم السالم لست مؤمنا تبتغون عرض نتم من قبل فمن اهللا علیكم فتبینوا إن اهللا كان بما الحیاة الدنیا فعند اهللا مغانم كثیرة كذلك ك

ما كان لنبي أن یكون لھ أسرى حتى یثخن في : (ویقول ، )٩٤:النساء) (تعملون خبیرالوال كتاب من اهللا ، واهللا عزیز حكیم األرض تریدون عرض الدنیا واهللا یرید اآلخرة

. )٦٨-٦٧:ألنفال) (سبق لمسكم فیما أخذتم عذاب عظیم عن الرجل rسئل رسول اهللا : (وأخرج الخمسة عن أبى موسى رضي اهللا عنھ قال

من قاتل لتكون كلمة ":یقاتل شجاعة ویقاتل حمیة ویقاتل ریاء أي ذلك في سبیل اهللا؟ فقال ").اهللا ھي العلیا فھو في سبیل اهللا

یا رسول اهللا رجل یرید : أن رجال قال(وأخرج أبو داود عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ ، فأعاد علیھ ثالثا كل " ال أجر لھ: "الجھاد في سبیل اهللا وھو یبتغى عرضا من الدنیا فقال

)."ال أجر لھ: "ذلك یقولب النبي حتى األعراب منھم بھذا السمو في الغرض من القتال حتى ولقد تأثر أصحا

أن رجال من األعراب جاء فآمن (روى النسائي عن شداد بن الھادي رضي اهللا عنھ بھ بعض أصحابھ فكانت غزاة غنم النبي rفأوصى النبي ، أھاجر معك : بالنبي ثم قال

ما على ھذا اتبعتك ولكنى : قال" لكقسمتھ "فقال . ما ھذا: فیھا شیئا فقسم وقسم لھ فقال: فأموت فأدخل الجنة فقال- وأشار بیده إلى حلقھ بسھم -اتبعتك على أن أرمى إلى ھھنا

فلبثوا قلیال ثم نھضوا في قتال العدو فأتى بھ النبي محموال قد " إن تصدق اهللا یصدقك"ثم " دق اهللا فصدقھص: "نعم قال: قالوا" ؟أھو ھو: "أصابھ سھم حیث أشار فقال النبي

اللھم إن ھذا عبدك : "كفن في جبة النبي ثم قدمھ فصلى علیھ فكان مما ظھر من صالتھ )."خرج مھاجرا في سبیلك فقتل شھیدا وأنا شھید على ذلك

وصحف التاریخ فیاضة بمثل ھذه الزھادة منھم في عرض الحیاة الدنیا وغنائم الفتح وأن . إعالء كلمة اهللا وحمایة دعوتھ في الناسغرضھم من الجھاد لم یكن شیئا إال

:د ـ إیثار السلم كلما أمكن ذلك والتشجیع علیھاوحین تلوح ، فالمسلم ال یحارب إال مكرھا على القتال بعد استنفاد وسائل المسالمة جمیعا

بارقة أمل في السلم یوجب علیھ اإلسالم أن ینتھزھا وأال یدع الفرصة تفلت من یده وفى ذلك یقول ، عمل على إطفاء نار الحرب ما استطاع إلى ذلك سبیال وعلیھ أن ی

ى اهللا إنھ ھو السمیع العلیم: (القرآن الكریم ) وإن جنحوا للسلم فاجنح لھا وتوكل عل rهللا بعثنا رسول ا: ( ، وروى أبو داود عن الحارث بن مسلم عن أبیھ قال )٦١:ألنفال(

استحثثت فرسي فسبقت أصحابي فتلقاني " أي مكان المغارة"في سریة فلما بلغنا المغار فقالوھا فالمني أصحابي " قولوا ال إلھ إال اهللا تحرزوا: "أھل الحي بالرنین فقلت لھم

أخبروه بالذي صنعت فدعاني rحرمتنا الغنیمة فلما قدمنا على رسول اهللا : وقالواأما إن اهللا قد كتب لك لكل إنسان منھم كذا وكذا من "ثم قال لي فحسن لي ما صنعت

)."ففعل وختم علیھ ودفعھ إلي" أما إني سأكتب لك بالوصاة بعدي: "وقال" األجر :ھـ ـ الرحمة في الحرب ومراعاة أعلى آدابھا اإلنسانیة

ضل فإذا كانت الحرب وال بد فإن المسلم یضرب فیھا أروع المثل على الرحمة والتفومراعاة أعلى آدابھا اإلنسانیة فإذا رجحت كفة المسلمین على أعدائھم وظھرت الغلبة

لھم فإن علیھم بحق القرآن أن یكفوا عن القتل ویكتفوا باألسر لیمنوا على األسیر بعد ذلك بحریتھ أو یفتدوا بھ مثلھ من أساراھم فیحسنوا إلى إنسانین من عباد اهللا وفى ذلك یقول

فإذا لقیتم الذین كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموھم فشدوا الوثاق : (كریمالقرآن الوأما الرق فسیأتي ، ) ٤:محمد) (فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارھا

سبنا اآلن أن نقول إنھ معنى من معاني الرحمة تفصیل الكالم عنھ في بحث آخر ، وحالتي شرعھا اإلسالم في الحرب فأبدل حكم اإلعدام وھو القتل بحكم السجن المؤبد وھو الرق بعد األسر ثم جعل لھذا السجن بعد ذلك عدة منافذ یستطیع األسیر فیھا أن یسترد

في ھذا الموقف والذي حریتھ بكل سھولة ال یبیح اإلسالم الرق بحال من األحوال إال .تتجسم فیھ معاني الرحمة واإلحسان

والمسلم فئ قتالھ ، ال یغدر وال یفجر وال یفسد وال یتلف وال ینھب ماال وال یقتل امرأة وال طفال

وال شیخا كبیرا والیتبع مدبرا وال یجھز على جرحى وال یمثل بقتیل وال یسيء إلى أسیر . یقصد أن یضرب وجھا أو یقتل صبيوال یتعرض لمسالم أو رجل دین وال

أعف الناس : ( rقال رسول اهللا : أخرج أبو داود عن ابن مسعود رضي اهللا عنھ قالنھى رسول : (وأخرج البخاري عن عبد اهللا بن یزید األنصاري قال). قتلة أھل اإلیمان

).عن النھبى والمثلة rاهللا إذا قاتل أحدكم : (r قال رسول اهللا :وأخرج الشیخان عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال

).فلیتجنب الوجھغزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الولید فأتى : (وأخرج أبو داود عن أبى یعلى قال

بأربعة أعالج من العدو فأمر بھم فقتلوا صبرا بالنبل فبلغ ذلك أبا أیوب األنصاري رضي ر فوالذي نفسي بیده لو كانت ینھى عن قتل الصبrسمعت رسول اهللا : "اهللا عنھ فقال

).فبلغ ذلك عبد الرحمن فأعتق أربع رقاب" دجاجة ما صبرتھاوجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي : (وأخرج الستة ، إال النسائي ، عن ابن عمر قال

). عن قتل النساء والصبیانrفنھى رسول اهللا rرسول اهللا rكان رسول اهللا : (اهللا عنھ قال وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي عن بریدة رضى

إذا أمر األمیر على جیش أو سریة أوصاه في خاصتھ بتقوى اهللا تعالى ومن معھ من اغزوا باسم اهللا في سبیل اهللا قاتلوا من كفر باهللا اغزوا وال تغلوا : "المسلمین خیرا ثم قال

)."وال تغدروا وال تمثلوا وال تقتلوا ولیداار الخلفاء واألمراء ، یوصون بھا دائما قواد الجیوش حین وكانت ھذه الوصیة شعال تخونوا وال : (أوصى أبو بكر أسامة رضي اهللا عنھ فقال، یبعثون بھم إلى القتال

وال تعقروا نخال وال ، تغدروا وال تمثلوا ، وال تقتلوا طفال وال شیخا كبیرا وال امرأة ا شاة وال بقرة وال بعیرا إال لألكل ، وال تذبحو، وال تقطعوا شجرة مثمرة ، تحرقوه

وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسھم في الصوامع فدعوھم وما فرغوا أنفسھم لھ ، وسوف تقدمون على قوم فحصوا أوساط رؤوسھم وتركوا حولھا مثل

).اندفعوا باسم اهللا: (ثم قال، ) العصائب فاخفقوھم بالسیف خفقا ق من ھذه األفئدة وألین من ھذه القلوب؟فھل رأت الساحات والمیادین أر

:و ـ الوفاء بالعھود والمواثیق والشروطفإذا كانت ھدنة وموثق وعھد وصلح وشرط فاإلسالم یشدد في مالحظة ذلك والمحافظة على صورتھ ومعناه أدق المحافظة ویتوعد الخالفین من أبنائھ إن غدروا ولم یفوا بأشد

في ذلك واضحة محكمة ال تدع مجاال إلباحة نقض العھد واآلیات واألحادیث ، الوعید بالخیانة فیھ وقت القوة وعده قصاصة ورق عند إمكان الخروج علیھ بالحیلة ، وفى ذلك

وأوفوا بعھد اهللا إذا عاھدتم وال تنقضوا األیمان بعد توكیدھا وقد : (یقول القرآن الكریموال تكونوا كالتي نقضت غزلھا من بعد ، م اهللا علیكم كفیال إن اهللا یعلم ما تفعلون جعلت

اهللا بھ قوة أنكاثا تتخذون أیمانكم دخال بینكم أن تكون أمة ھي أربى من أمة إنما یبلوكمإال الذین عاھدتم من (، ) ٩٢-٩١:النحل) (ولیبینن لكم یوم القیامة ما كنتم فیھ تختلفون

م إلى مدتھم إن المشركین ثم لم ینقصوكم شیئا ولم یظاھروا علیكم أحدا فأتموا إلیھم عھدھ . )٣٤:اإلسراء) (وأوفوا بالعھد إن العھد كان مسؤوال(، ) ٤:التوبة) (اهللا یحب المتقین

وأخرج أبو داود عن صفوان بن سلیم عن عدة من أبناء الصحابة عن آبائھم رضي اهللا ا أو انتقصھ أو كلفھ فوق طاقتھ أو أخذ منھ من ظلم معاھد: ( قالrعنھم أن رسول اهللا

).شیئا بغیر طیب نفسھ فأنا حجیجھ یوم القیامة، إن قتیبة غدر بنا وظلمنا وأخذ بالدنا : قال أھل سمرقند لعاملھم سلیمان بن أبي السري (

وقد أظھر اهللا العدل واإلنصاف فأذن لنا فلیفد منا وفد إلى أمیر المؤمنین ـ وھو یومئذ فإن بنا إلى ذلك حاجة ، ، ن عبد العزیز ـ یشكون ظالمتنا فإن كان لنا حق أعطیناه عمر ب

: فأذن لھم فوجھوا منھم قوما إلى عمر ، فلما علم عمر ظالمتھم كتب إلى سلیمان یقول لھإن أھل سمرقند قد شكوا إلي ظلما أصابھم ، وتحامال من قتیبة علیھم حتى أخرجھم من "

ابي ھذا فأجلس لھم القاضي فلینظر في أمرھم ، فإن قضى لھم أرضھم ، فإذا أتاك كتفاجلس لھم سلیمان ، " فأخرجھم إلى لمعسكرھم كما كانوا وكنتم قبل أن یظھر علیھم قتیبة

القاضي ، فقضى أن یخرج عرب سمرقند إلى معسكرھم وینابذوھم " جمیع بن حاضر"بل نرضى بما كان وال : السندفقال أھل. على سواء فیكون صلحا جدیدا أو ظفرا عنوة

قد خالطنا ھؤالء القوم وأقمنا معھم وأمنونا : نجدد حربا ، ألن أھل الرأي منھم قالواوأمناھم فإن عدنا إلى الحرب ال ندرى لمن یكون الظفر ، وإن لم یكن لنا نكون قد اجتنبنا

وھذا ) .. اعداوة في المنازعة ، فتركوا األمر على ما كان علیھ ورضوا ولم ینازعو .منتھى المبالغة في تقصى العدل والوفاء بالعھد

:ز ـ الجزیةولسنا نحب أن تمر ھذه الكلمات عن موقف اإلسالم من الحرب قبل أن نتناول أمر

الجزیة بكلمة توضح معناھا والمقصود منھا وتكشف عن حكمتھا وكیف أنھا أبلغ معاني :قولاإلنصاف والمرحمة التي جاء بھا اإلسالم فن

الجزیة ضریبة كالخراج تجبى على األشخاص ال على األرض والكلمة عربیة مشتقة من الجزاء ألنھا تدفع نظیر شيء ھو الحمایة والمنعة ، أو اإلعفاء من ضریبة الدم والجندیة

ومعناھا الخراج الذي " كزیت"، وذھب بعض العلماء إلى أنھا فارسیة معربة وأصلھا وقال إن كسرى ھو أول من وضع الجزیة وعلى ھذا فھي نظام . یستعان بھ على الحرب

.في الضریبة نقلھ اإلسالم عن الفارسیة ولم یبتكرهولقد قرر اإلسالم ضریبة الجزیة على غیر المسلمین في البالد التي یفتحھا نظیر قیام

الجند اإلسالمي بحمایتھم وحراسة أوطانھم والدفاع عنھا في الوقت الذي قرر فیھ لضریبة الدم ، وإنما سلك اإلسالم ھذه السبیل " بدل نقدي"فھي ، عفاءھم من الجندیة إ

ولجأ إلیھا مع غیر المسلمین من باب التخفیف علیھم والرحمة بھم وعدم اإلحراج لھم حتى ال یلزمھم أن یقاتلوا في صفوف المسلمین فیتھم بأنھ إنما یرید لھم الموت

امتیاز في "لمخاطر الحرب والقتال ، فھي في الحقیقة واالستئصال والفناء والتعریض وفى الوقت نفسھ احتیاط لتنقیة صفوف المجاھدین من غیر ذوى العقیدة " صورة ضریبة

الصحیحة والحماسة المؤمنة البصیرة ومقتضى ھذا أن غیر المسلمین من أبناء البالد مر الدفاع أسقط اإلمام عنھم التي تدخل تحت حكم اإلسالم إذا دخلوا في الجند أو تكفلوا أ

وقد جرى العمل على ھذا فعال في كثیر من البالد التي فتحھا خلفاء اإلسالم ، ، الجزیة وسجل ذلك قواد الجیوش اإلسالمیة في كتب ومعاھدات ال زالت مقروءة في كتب

:التاریخ اإلسالمي ومنھا: وأوغل فیھ وھذا نصھ كتاب خالد بن الولید لصلوبا بن نسطونا حین دخل الفرات- ١إني عاھدتكم على الجزیة ، ھذا كتاب من خالد بن الولید لصلوبا بن نسطونا وقومھ (

كتب سنة اثنتي عشرة في ) والمنعة فلك الذمة والمنعة وما منعناكم فلنا الجزیة وإال فال .صفر

وما وفى حمص رد األمراء بأمر أبي عبیدة ما كانوا أخذوه من الجزیة من أھلھا - ٢رددنا علیكم أموالكم : (إلیھا حین جلوا عنھا لیتجمعوا لقتال الروم وقالوا ألھل البالد إنما

ألنھ قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع وإنكم قد اشترطتم أن نمنعكم وإنا ال نقدر على ذلك اآلن وقد رددنا علیكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط وما كان بیننا وبینكم إن

ردكم اهللا علینا ونصركم علیھم فلوا : (، فكان جواب أھل ھذه البالد) ا اهللا علیھمنصرنكانوا ھم لم یردوا علینا شیئا وأخذوا كل شيء ، لوالیتكم وعدلكم أحب إلینا مما كنا فیھ

.، وكذلك فعل أبو عبیدة نفسھ مع دمشق حین كان یتجھز للیرموك) من الظلم والغشمتبھ سوید بن مقرن أحد قواد عمر رضي اهللا عنھما لرزبان وأھل كتاب العھد الذي ك- ٣

ھذا كتاب سوید بن مقرن لرزبان صول بن رزبان : (دھستان وسائر أھل جرجان ونصھوأھل دھستان وسائر أھل جرجان أن لكم الذمة وعلینا المنعة على أن علیكم من الجزاء

"أي جزیتھ" منكم فلھ جزاؤه في كل سنة على قدر طاقتكم على كل حال ومن استعنا بھفي معونتھ عوضا عن جزائھ ، ولھم األمان على أنفسھم وأموالھم ومللھم وشرائعھم وال

شھد سواد بن قطبة وھند بن عمر وسماك بن مخرمة وعتیبة بن ) یغیر شيء من ذلك . الطبري-ھـ ١٨النھاس وكتب في سنة

ھذا ما أعطى عتبة بن : (ھذا نصھ كتاب عتبة بن فرقد أحد عمال عمر بن الخطاب و- ٤فرقد عامل عمر بن الخطاب أمیر المؤمنین أھل أذربیجان سھلھا وجبلھا وحواشیھا

وشعارھا وأھل مللھا كلھم األمان على أنفسھم وأموالھم ومللھم وشرائعھم على أن یؤدوا وضع عنھ "أي جند منھم في سنة"جزیة على قدر طاقتھم ، ومن حشر منھم في سنة

.ـ الطبري) اء تلك السنة ومن أقام فلھ مثل من أقام من ذلكجز العھد الذي كان بین سراقة عامل عمر وبین شھر براز وقد كتب بھ سراقة إلى عمر - ٥

ھذا ما أعطى سراقة بن عمرو عامل أمیر المؤمنین عمر : (فأجازه واستحسنھ وھذا نصھ

أعطاھم أمانا ألنفسھم ، مان بن الخطاب شھر براز وسكان أرمینیة واألرمن من األأي "وأموالھم وملتھم أال یضاروا وال ینقضوا ، وعلى أرمینیة واألبواب الطراء منھم

ومن حولھم فدخل معھم أن ینفروا لكل غارة وینفذوا لكل "أى المقیمون" والقناء "الغرباء أجاب عمن" أي الجزیة"أمر ناب أو لم ینب رآه الوالي صالحا على أن یوضع الجزاء

إلى ذلك ، ومن استغنى عنھ منھم وقعد فعلیھ مثل ما على أھل أذربیجان من الجزاء فإن شھد عبد الرحمن بن ربیعة وسلمان بن ربیعة ) وضع ذلك عنھم"أى جندوا"حشروا

.وبكیر بن عبد اهللا وكتب مرضي بن مقرن وشھد ـ الطبريحدثني مشایخ من أھل إنطاكیة أن : ( أخیرا أمر الجراجمة فیما ذكره البالذري فقال- ٦

الجراجمة من مدینة على جبل لكام عند معدن الزاج فیما بین بیاس وبوقا یقال لھا الجرجومة ، وأن أمرھم كان في استیالء الروم على الشام وإنطاكیة إلى بطریرك باللحاق إنطاكیة ووالیھا ، فلما قدم أبو عبیدة إلى إنطاكیة وفتحھا لزموا مدینتھم كم وھموا

بالروم إذ خافوا علي أنفسھم فلم یتنبھ المسلمون لھم ولم ینبھوا علیھم ، ثم إن أھل إنطاكیة نقضوا وغدروا فوجھ إلیھم أبو عبیدة من فتحھا ثانیة ووالھا بعد فتحھا حبیب بن مسلمة الفھري فغزى الجرجومة فلم یقاتلھ أھلھا ولكنھم بدروا بطلب األمان والصلح فصالحوه

، أن یكونوا أعوانا للمسلمین وعیونا ومسالح في جبل لكام وأال یؤخذوا بالجزیة علىودخل من كان في مدینتھم من تاجر وأجیر وتابع من األنباط وغیرھم وأھل القرى في

ولم یؤخذ الجراجمة بالجزیة قط حتى أن بعض العمال في عھد الواثق ... ھذا الصلح ). ذلك إلیھ فأمر بإسقاطھا عنھمالعباس ألزمھم جزیة رؤوسھم فرفعوا

وتظھر حكمة اإلسالم ورحمة ،من نقد أو اتھام " ضریبة الجزیة"وبھذا البیان یندفع كل ما یوجھ إلى .اهللا بعباده في تشریعاتھ واضحة ال غموض فیھا وال إبھام

:ح ـ الحث على دوام االستعداد وكمال الشجاعة إذا تحتم الجھادحرب لغرض من األغراض اإلنسانیة المشروعة التي سبقت فإذا كان وال بد من ال

كتب (اإلشارة إلیھا ، فإن اإلسالم یصرح بأن الجھاد والقتال فریضة على كل مسلم علیكم القتال وھو كره لكم وعسى أن تكرھوا شیئا وھو خیر لكم وعسى أن تحبوا شیئا

).٢١٦:البقرة) (ھو شر لكم واهللا یعلم وأنتم ال تعلمونوتوجب " شھادة"وھو حینئذ أفضل القربات إلى اهللا تبارك وتعالى والموت في ساحاتھ

اإلكبار في الدنیا والجنة في اآلخرة وال یعفى منھ إال العاجزون عنھ وعلیھم أن یجھزوا إن اهللا اشترى من (على ذلك وأن یخلفوھم في أھلیھم بخیر غیرھم إن كانوا قادرین

المؤمنین أنفسھم وأموالھم بأن لھم الجنة یقاتلون في سبیل اهللا فیقتلون ویقتلون وعدا علیھ آن ومن أوفى بعھده من اهللا فاستبشروا ببیعكم الذي بایعتم حقا في التوراة واألنجیل والقر

).١١١:التوبة) (بھ وذلك ھو الفوز العظیمفي ذلك أكثر من أن تحصر وقد باشر ھو بنفسھ في أكثر من rوأحادیث النبي محمد

ة والنجدة والبأس حتى قال فارس أصحابھ خمس وعشرین معركة كان فیھا مثال الشجاعكنا إذا اشتد البأس وحمي الوطیس واحمرت الحدق اتقینا برسول : (علي كرم اهللا وجھھ

وال ، وكذلك كان أصحابھ رضوان اهللا علیھم یفعلون ) فیكون أدنانا إلى العدو rاهللا صد وأغراض یستطیع أحد أن یرى في ھذه األحكام واألخالق لمثل ما شرعت لھ من مقا

وأجمل ما یكون ، والجود بالنفس أقصى غایة الجود ، إال أكرم معاني الفضیلة اإلنسانیة .وأفضل ما تكون القوة إذا استخدمت للحق بالحق، الحق إذا استعان بالقوة

ھل انتشرت دعوة اإلسالم بالسیف؟

ة إلى أولع خصوم اإلسالم في كل عصر وبخاصة في ھذا العصر بتوجیھ ھذه التھمفھو لم یكره الناس على اإلیمان بالسیف ولم یضعھ على ، اإلسالم ، واإلسالم منھا براء

:رقابھم لیشھدوا بشھادتھ أو یدینوا بعقیدتھ فھذه التھمة باطلة من وجوه عدة مكث بمكة المكرمة ثالث rالذي یحدثنا بأن النبي محمدا : باطلة بشھادة التاریخ- ١

ینھ كان فیھا مضطھدا أشد االضطھاد حتى من أھلھ وعشیرتھ عشرة سنة یدعو إلى دوأقرب الناس إلیھ ومع ذلك فقد احتمل وصبر وصابر وكان یمر على النفر من أصحابھ

صبرا آل یاسر : (واألسرة من المؤمنین بھ یعذبون أشد العذاب فال یزید على أن یقول لھمابقون األولون الثابتون من أبنائھ ومع ھذا فقد آمن باإلسالم الس، ) إن موعدكم الجنة

وبعد وفاتھ أعمق اإلیمان وآمن األنصار وھم أھل المدینة rوأبرھم بھ في عھد النبي بمجرد أن تحدث معھم في الموسم وتوافدوا إلیھ یبایعونھ في كل عام حتى rبالنبي

أھل ال یقابل rكانت بیعة العقبة وعلى أثرھا كانت الھجرة وكل ذلك ورسول اهللا اللھم اغفر لقومي فإنھم ال : (العدوان بسیف وال عصا ولكن یصبر ویحتسب ویقول

وما جاء اإلذن بالقتال إال في السنة الثانیة من الھجرة بعد أن كثر خصوم ) یعلموناإلسالم من المشركین والیھود وتألبوا علیھ وأخذوا یتحرشون بھ ویكیدون لھ فأنزل اهللا

أذن (ھا أروع صور اإلذن بالقتال ألنبل المقاصد واألغراض ھذه اآلیات المحكمة وفیالذین أخرجوا من دیارھم بغیر ، للذین یقاتلون بأنھم ظلموا وإن اهللا على نصرھم لقدیر

لناس بعضھم ببعض لھدمت صوامع وبیع حق إال أن یقولوا ربنا اهللا ولوال دفع اهللا ا) وصلوات ومساجد یذكر فیھا اسم اهللا كثیرا ولینصرن اهللا من ینصره إن اهللا لقوي عزیز

. )٤٠-٣٩:الحج(د بأخالقھم وحسن معاملتھم أنھم فتحوا البالrوالتاریخ یحدثنا عن أصحاب رسول اهللا

قبل أن یفتحوھا بسیوفھم وعدتھم وعددھم ، فال یتصور أن عددا قلیال من ھؤالء العرب یدك عرش كسرى ویدك ملك قیصر ویرث ھذه اإلمبراطوریات الضخمة في ھذا العدد من السنین بمجرد القوة ، وال یعقل أن ثمانیة آالف جندي یفتحون إقلیما شاسعا كمصر

رون فیھا دینھم ولغتھم و آدابھم وثقافتھم وعقیدتھم باإلكراه والجبروت ، ولكن وینشبحسن األحدوثة وجمیل العمل ، وھا نحن قد رأینا فیما تقدم كیف أن كثیرا من أھل ھذه

البالد كانوا یتمنون عودة العرب إلیھم بعد جالئھم فكیف یقال بعد ھذا إن اإلسالم قام .فعلى السیف وانتشر بالسی

: التي تقرر حریة العقیدة وتقول في وضوح وصراحة: وباطلة بآیات القرآن الكریم- ٢وقل الحق من : (كما تقول ، )٢٥٦:البقرة) (ال إكراه في الدین قد تبین الرشد من الغي(

إنا أعتدنا للظالمین نارا أحاط بھم سرادقھا وإن ربكم فمن شاء فلیؤمن ومن شاء فلیكفر )٢٩:الكھف) (یستغیثوا یغاثوا بماء كالمھل یشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا

جره حتى یسمع كالم اهللا ثم أبلغھ مأمنھ وإن أحد من المشركین استجارك فأ ( :كما تقولفھو یلزم المؤمنین إن استجار بھم أحد ، )٦:التوبة) (ذلك بأنھم قوم ال یعلمون

المشركین أن یبلغوه الدعوة ویوضحوا لھ مقاصد اإلسالم ثم یحرسوه حتى یصل إلى ..ة واقتناع ال عن خوف ورھبة وإكراهمأمنھ ویتركوه لیسلم عن رغب

فأساس : وباطلة ألن قواعد اإلسالم وما جرى علیھ العمل بھ منھا تأباھا كل اإلباء- ٣قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا (اإلیمان في اإلسالم الفكر والنظر واالطمئنان القلبي

، وأساس المؤاخذة في ) ١٤:الحجرات) (خل األیمان في قلوبكمولكن قولوا أسلمنا ولما ید

الدعوة على وجھ یدعو إلى النظر ، والتقلید في اإلیمان لیس أساسا -اإلسالم بلوغ :صحیحا لھ فضال عن اإلكراه علیھ حتى قال بعض العلماء المتأخرین في منظومة فنیة

م یخل من تردیدإذ كل من قلد في التوحید إیمانھ لوقول المكره في اإلسالم مردود علیھ وال یؤاخذ على عملھ ، فالدین الذي یعتبر العقل

والحریة أساسا لالعتقاد والمسئولیة ال یمكن أن یقال فیھ إنھ یقوم على السیف وینتشر بھ ، وإن كان قد شرع الحرب والقتال لما تقدم من األغراض التي ال یعترض علیھا إال

الذین آمنوا وتطمئن قلوبھم ( وعالمة اإلیمان الحق االطمئنان إلیھ ،، أو مكابر واھمالذین آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لھم وحسن ، بذكر اهللا أال بذكر اهللا تطمئن القلوب

. )٢٩-٢٨:الرعد) (مآب حده ھو الذي أوصى بالسیف لحمایة الحق؟ھل اإلسالم و

ولیس اإلسالم وحده ھو الذي أشار إلى القتال والحرب والجھاد كوسیلة لحمایة الحق ، بل إن الشرائع

..السابقة والالحقة كلھا جاءت بذلكفأسفار التوراة التي یتداولھا الیھود الیوم طافحة بأنباء القتال والجھاد والحرب والتخریب

ر والھالك والسبي ، وھى تقرر شریعة القتال والحرب ولكن في أبشع صورھا والتدمی: وما بعده ما یأتي بنصھ١٠فقد جاء في سفر التثنیة في اإلصحاح العشرین منھ عدد

حین تقرب من مدینة لكي تحاربھا استدعھا إلى الصلح ، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت (التسخیر ویستعبد لك ، وإن لم تسالمك بل عملت لك فكل الشعب الموجود فیھا یكون لك ب

معك حربا فحاصرھا ، وإذا دفعھا الرب إلھك إلى یدك فاضرب جمیع ذكورھا بحد السیف ، وأما النساء واألطفال والبھائم وكل ما في المدینة فتغنمھا لنفسك ، وتأكل غنیمة

منك جدا والتي لیست أعدائك التي أعطاك الرب إلھك ، ھكذا تفعل بجمیع المدن البعیدةمن مدن ھؤالء األمم ھنا ، وأما مدن ھؤالء الشعوب التي یعطیك الرب إلھك نصیبا فال

بل تحرمھا تحریما ـ الحیثیین واألموریین والكنعانیین والفیرزیین ، تبقي منھا نسمة ما ).والحویین والیوسیین كما أمرك الرب إلھك

: وما بعده یقول٢٥ین في اإلصحاح العاشر عددوفى إنجیل متى المتداول بأیدي المسیحیفإنني جئت ألفرق اإلنسان ضد ، ال تظنوا أني جئت أللقى سالما على األرض بل سیفا (

وأعداء اإلنسان أھل بیتھ ، من أحب أبا أو أما .. ابنھ واالبن ضد أبیھ والكنة ضد حماتھا فال یستحقني ، ومن ال یأخذ اكثر مني فال یستحقني ، ومن أحب ابنا أو ابنة اكثر مني

صلیبھ ویتبعني فال یستحقني ، من وجد حیاتھ یضیعھا ، ومن أضاع حیاتھ من أجلى ).یجدھا

والقانون الدولي العصري قد اعترف بالظروف واألحوال التي تشرع فیھا الحرب .ووضع لھا قواعدھا ونظمھا

السالم من كل ھذا ، فلماذا وما جاء بھ اإلسالم في ھذا الباب أفضل وأدق وأرحم وأبر بیھدي بھ اهللا ، اهللا نور وكتاب مبین (تتوجھ إلیھ الشبھات ولیس غیره سبیال إلى السالم؟

من اتبع رضوانھ سبل السالم ویخرجھم من الظلمات إلى النور بإذنھ ویھدیھم إلى صراط . )١٦:المائدة) (مستقیم

خطوات اإلسالم وما وضع من ضمانات إلقرار السالم

إن اإلسالم كان أول وأكمل تشریع خطا في سبل : وفى وسعنا بعد ھذه النظرات أن نقولإقرار السالم العالمي أوسع الخطوات ، ورسم الستقراره أوفى الضمانات التي لو أخذت

:لزعماء والساسة نھج سبیلھا ألراحوا واستراحوا ومن ذلكاألمم بھا ، وسلك الحكام وا تقدیس معنى اإلخاء بین الناس والقضاء على روح التعصب وقد تقدم موقف اإلسالم - ١

.من ذلك في الفصل السابق اإلشارة بفضل السالم وطبع النفوس بروح التسامح الكریم وقد تقدم في أول ھذا - ٢

مع افتراض الوفاء وتحریم الغدر ونقض العھود الفصل موقف اإلسالم في ذلك .والمواثیق

حصر فكرة الحروب في أضیق الحدود ، وتحریم العدوان بكل صوره وإشاعة - ٣العدل والرحمة واحترام النظام والقانون حتى في الحرب نفسھا ، ولإلسالم في ذلك القدح

یھا الذین آمنوا كونوا قوامین هللا یا أ ( :المعلى ویقول القرآن الكریم تأكیدا لھذا المعنىشھداء بالقسط وال یجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا اعدلوا ھو أقرب للتقوى واتقوا اهللا

. )٨:المائدة) (إن اهللا خبیر بما تعملونوقد سبق اإلسالم كل الخطوات العصریة إلیھ في قول القرآن الكریم التأمین المسلح - ٤وإن طائفتان من المؤمنین اقتتلوا فأصلحوا بینھما فإن بغت إحداھما على األخرى فقاتلوا (

ت فأصلحوا بینھما بالعدل وأقسطوا إن اهللا یحب التي تبغي حتى تفيء إلى أمر اهللا فإن فاء ما كان في الجاھلیة من ھذا المعنى r، ولقد ذكر رسول اهللا ) ٩:الحجرات) (المقسطین

لقد شھدت في بیت عبد اهللا بن جدعان حلفا : ( عنھrوھو حلف الفضول بكل خیر وقال ).ولو سئلت بھ في اإلسالم ألجبت: (ثم قال) عمما أحب أن لي بھ حمر الن

أین خطوات زعماء ھذا العصر من ھذه الخطوات؟فأین خطوات زعماء ھذا العصر وساستھ وعلمائھ ومشرعیھ وفالسفتھ من ھذه : وبعد

النظرات وماذا صنعوا إلقرار السالم على األرض وقد شھدت الدنیا في ربع قرن حربین " عصبة األمم"تا األخضر والیابس وقامت بعد الحرب األولى عالمیتین طاحنتین أكل

إلقرار السالم فكتب لھا أن تموت قبل أن تولد ، ووأدھا الذین شھدوا مولدھا ، باألھواء السیاسیة واألطماع االستعماریة فلم تستطع أن تعالج قضیة واحدة من قضایا الخالف بین

لم تلبث إال ریثما تھیأت األم والشعوب األمم التي اشتركت فیھا ووقعت میثاقھا ، وللحرب من جدید ، وقیل إن سبب فشلھا خلو میثاقھا من النص على العقوبة العسكریة

.للمخالفینوعقب الحرب العالمیة الثانیة قامت ھیئة األمم المتحدة وأنشئ مجلس األمن واستكمل

وقت طویل ، وال زال النقص التشریعي في بناء عصبة األمم الموءودة ومضى على ذلك ولم تنجح الھیئة وال المجلس إلى اآلن في عالج ، الخالف یشتد أثره ویقوى مظھره

.ولیس وراء ذلك إال الحرب الثالثة، قضیة أو تسویة خالف ولیس معنى الحرب الثالثة شیئا إال فناء األرض ومن علیھا فنحن في عصر القنبلة

.الذریةوتتلقى دروس السالم قلبیا ونظریا وعملیا عن ..إلى اهللا؟ فھل تفيء اإلنسانیة الحیرى

...دین المرحمة ودین السالم.. اإلسالم؟ وسالم على عباده الذین اصطفى.... قل الحمد هللا

ءآهللا خیر أما یشركون؟؟ حسـن البنــا

تربیة النشئ م١٩٢٧ن البنـا في جمعیة الشبان المسلمین عام نص المحاضرة التي ألقاھا اإلمام حس

أثر التربیة في حیاة األفراد واألمم بســم اهللا الرحمـن الرحیـم

:أیھا السادةأرأیتم بقعة من أدیم األرض أھملت فأنبتت الشوك والسعدان وصارت قفرا بورا ال تنبت

صالح والحرث فإذا ھي جنة وأخرى تعھدھا زارع ماھر باإل.. زرعا وال تمسك ماءذلك مثل األفراد واألمم إذا أھملھا رجال التربیة ولم .. یانعة تنبت من كل زوج بھیج

یعنوا بوسائل إصالحھا ورقیھا ، وھذا مثلھا إذا قاموا علیھا بالرعایة وساروا بھا إلى الكمال فالتربیة الصحیحة تھیئ الفرد للعیشة الكاملة وتصل بجسمھ وروحھ إلى.. غایة

اإلنساني وترشده إلى حقوقھ وواجباتھ وھي لھذا أكبر مؤثر في حیاة األمم ، وعلیھا في الكون كل وسائل السعادة للبشر .. یتوقف مقتبلھا وعنھا تنتج عظمتھا وسقوطھا

أودعھا اهللا فیھ یوم أبدعھ وال ینقص الناس إال أن یتعرفوا ھذه الوسائل ویھتدوا إلى . استثمارھا على وجھھا لیحیوا حیاة طیبة في الدنیا واآلخرةالطریق الموصل إلى

علمت ذلك األمم الحدیثة ، فكان أول ما تھتم لھ في مناھجھا اإلصالحیة التربیة تحدید أراد فردریك األكبر مصلح .. غایتھا وتعرف أقرب الوسائل للوصول إلى ھذه الغایة

جد أن أقرب الوسائل لذلك إصالح بروسیا العظیم أن یصل بأمتھ إلى أوج العظمة فوالتربیة بإصالح أھم وسائلھا وھي المدارس فأصدر قوانینھ المدرسیة العامة في سنة

.. میالدیة ١٧٦٣وھنا یحسن أن أذكر حضرتكم بأن التربیة أمر یشمل كل المؤثرات في حیاة الشخص

كان مرادفا لھا في وأن التعلیم وسیلة من وسائل التربیة فقط ، ولما كان أھم وسائلھا أذھان كثیرین ، فنحن حینما نقول التربیة نقصد بھا ذلك المعنى األعم الذي یشمل التعلیم وغیره من وسائلھا وقد ذكر الباحثون في حیاة األم أن السر في نشاط اإلنجلیز وعظمتھم

ما اختطوه ألنفسھم من طرق التربیة الصحیحة بفضل رجالھم المربین أمثال سبنسر ..كسلي وتشارلس إلیوت وغیرھم من القدماء والمحدثینوھ

وھذا إدمون دیموالن العالم االجتماعي الفرنسي العظیم یھیب بأمتھ أن تفكر في سبیل إصالح التربیة معتقدا أن نقص التربیة وفسادھا ھو السبب األول في كل ما یعرض

عالج كل ذلك وما أبعد لألمة من اآلالم واألزمات ، وأن في إصالح التربیة وتكمیلھانظر ذلك الطبیب الذي ترك الطب واشتغل بأمور التربیة ومعالجة مسائلھا ، فلما سئل

وجدت باالستقراء الدقیق أن معظم أسباب العلل اإلنسانیة الجسمیة : (عن ذلك كان جوابھ والنفسیة یرجع إلى نقص في التربیة فآثرت أن أستأصل الداء من جذوره باستئصال سببھاألول على أن أقضي الوقت في عالج ما ینجم عن ھذا السبب والوقایة خیر من العالج

).وال أشك أني بذلك أقوم بخدمة أعظم لإلنسانیة بقدر ما بین طب األمم وطب األفرادوكما أن البدن في االبتداء ال یخلق كامال وإنما یكمل ویقوى : (وقدیما قال اإلمام الغزالي

بالغذاء فكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال وإنما تكمل بالتربیة بالنشوء والتربیةوالصبي مھما أھمل في ابتداء نشوئھ خرج في ... وتھذیب األخالق والتغذیة بالعلم

األغلب رديء األخالق كذابا حسودا سروقا نماما لحوحا ذا فضول وضحك وكیاد ).ومجانة وإنما یحفظ عن جمیع ذلك بحسن التأدیب

ن ذلك أیھا السادة ترون أن التبعة الملقاة على عاتق المربین عظیمة إذ أن بیدھم وم .تشكیل نفسیة األمة ورسم حیاتھا المستقبلة

غایة التربیة التي نرجوھا ألمتنایجب أن نحدد غایتنا من تربیة النشء تحدیدا دقیقا واضحا حتى یمكننا معرفة الوسائل

ویجب أن .. نحدد الغایة فإننا نسیر باألمة على غیر ھدى المؤدیة إلى ھذه الغایة وما لمتكون ھذه الغایة شاملة ومشتركة مرضیة حتى تتوجھ إلیھا األمة كتلة واحدة فإن تعدد

الغایات في األمةالناشئة وبخاصة في بدء نھوضھا یؤدي إلى تفریق القوى وتوزیع الجھود ، فال تصل

..ن األمة إلى القصد إال بعناء وبعد زموقد اختلف المربون في غایة التربیة اإلنسانیة اختالفا كبیرا فمنھم من جعلھا السعادة ،

ومنھم من جعلھا ، ومنھم من جعلھا االرتزاق ، ولكل في السعادة نفسھا مذھب خاص .. روحیة محضة ، ومنھم من جعلھا الفضیلة والكمال ، ومنھم من جعلھا العیشة التامة

غایات التي كان ینتزعھا أصحابھا من مستلزمات عصورھم ومن إلى غیر ذلك من الروح التفكیر التي تسود تلك العصور واختلفت تبعا لتلك الوسائل وإن كان المربون قدیما

.وحدیثا أجمعوا على وجوب العنایة بالغایة الدینیةالذي یعنینا ولسنا بصدد مناقشة ھذه الغایات وبیان األولى منھا بالعنایة والرعایة ، ولكن

أن نحدد غایتنا نحن تلك الغایة التي یجب أن تتوجھ إلیھا جھود األمم اإلسالمیة في ھذا العصر بعد اإللمام بكل ما یحیط بھا من الظروف السیاسیة واالجتماعیة والفكریة

..وغیرھا حب اإلسالم : ..وكأننا برأس الموضوع نفسھ یملى علینا ھذه الغایة ویلخصھا في أنھا

.التمسك بآدابھ والغیرة علیھووبما أن ھذا الدین یأمر بالعنایة بالشئون الدنیویة ویحث على السبق والتبریز فیھا مع عدم

وابتغ فیما آتاك اهللا الدار اآلخرة وال تنس ( :إغفال أمر اآلخرة على حد قولھ تعالى) فلنحیینھ حیاة طیبة ( : حد قولھ تعالىوعلى، ) ٧٧:القصص) (نصیبك من الدنیا

. )٩٧:النحل(فلیست التربیة اإلسالمیة تربیة دنیویة عملیة كما كانت عند الیونان مثال ، ولیست دینیة

كما مدح جریر عمر ، محضة كما كانت عند اإلسرائیلیین قدیما ، وإنما ھي جماع بینھما :بن عبد العزیز

لدنیا مضیع نصیبھ وال عرض الدنیا عن الدین شاغلھفال ھو في ا :غایة التربیة المقصودة: ونزید ذلك تفصیال فنقول

. تحبیب اإلسالم إلى النفوس والغیرة علیھ-ا . تھیئة السبیل للنجاح في الحیاة- ٢ الدفاع عن المصلحة الدینیة والدنیویة وتنمیة الشعور بالغیرة- ٣

تي تؤدینا إلى ھذه الغایة؟ وإذن فما الوسائل ال وسائل إصالح التربیة اإلسالمیة

یتأثر الناشئ في حیاتھ بعوامل كثیرة وإصالح تربیتھ وقف على إصالح ھذه المؤثرات . المنزل ، والمدرسة ، والبیئة: وأھم ھذه المؤثرات. وتوجیھھا نحو الغایة الخاصة

المنــزل

یھ فترتسم في ذھنھ أول صور الحیاة مما یراه الطفل أول ما یرى من الوجود منزلھ وذومن حالھم وطرق معیشتھم ، فتتشكل نفسھ المرنة القابلة لكل شئ المنفعلة بكل أثر بشكل

ھذه البیئةالصبي أمانة عند والدیھ وقلبھ الطاھر جوھرة ساذجة خالیة : (أولى ، لقول اإلمام الغزالي

ل إلى كل ما یمال بھ إلیھ فإن عود من كل نقش وصورة وھو قابل لكل ما نقش ومائالخیر وعلمھ نشأ علیھ وسعد في الدنیا واآلخرة أبواه وكل معلم لھ ومؤدب ، وإن عود

).الشر وأھمل إھمال البھائم شقي وھلك وكان الوزر في رقبة القیم علیھ والوالي لھإنما أبواه یھودانھ كل مولود یولد علیھ الفطرة و: (ویقول رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

)أو یمجسانھ أو ینصرانھ :وإلى ھذا أشار أبو العالء في قولھ

وینشأ ناشئ الفتیـان منـا على ما كان عوده أبوه ما دان الفتى بحجي ولكن یعوده التدیـن أقربوه

كل وإذا كان للمنزل كل ھذا األثر في حیاة الطفل وجب ـ تحقیقا للغایة السالفة ـ أن یحاط ب : ما یغرس في نفسھ روح الدین والفضیلة ، وأھم الوسائل في إصالح المنزل

ترقیة تعلیم المرأة عندنا وتزویدھا في المدارس بالقدر الوافر من الدین والخلق أوال ـوإفساح المجال في مناھج دراسة البنات للبحوث البیتیة وتراجم فضلیات النساء الالتي

وأسماء بنت أبي بكر ، فاضل في زمنھم كنسیبة بنت كعب كن مضرب المثل في الخلق ال ..وسكینة بنت الحسین وغیرھن كثیر، وخولة بنت األزور ، وصفیة بنت عبد المطلب ،

فاألم مدرسة إذا ھذبتھا أخرجت شعبا طیب األعراق

وتترك أما أن تستمر مناھج تعلیم البنات عندنا كما ھي علیھ اآلن فتعني بالكمالي والضار ..الضروري والنافع فھذا مما ال یبشر بحیاة طیبة للنشء اإلسالمي

تدرس البنت في مدارسنا الموسیقى واللغة األجنبیة والھندسة الفراغیة والقانون اآلن ، ثم ھي ال تعلم شیئا عن تربیة الطفل وال تدبیر الصحة وال عالم النفس وال الدین والخلق وال

! .. منھج ھذا وإلى أي غایة یوصل ؟فأي!!.. تدبیر المنزلي من لي بتربیة البنات فإنھا في الشرق علة ذلك اإلخفاق

واألم إذا صلحت فانتظر من ابنھا أن یكون رجال بكل معنى كلمة الرجولة وأنت إذا استقرأت تاریخ العظماء وجدت أن السر في عظمة الكثیرین منھم ما بثتھ فیھ األم من

وما كان على بن أبى طالب كرم اهللا .. حة القویمة بحكم اللبان والتلقین المبادئ الصالوجھھ في حبھ للحق وغیرتھ علیھ ومناصرتھ للرسول صلى اهللا علیھ وسلم ، وال معاویة في حلمھ ودھائھ ، وال عبد اهللا بن الزبیر في شجاعة نفسھ ، وال الزبیر نفسھ في ذلك إال

وصفیة ابنة عبد المطلب ، وأسماء بنت أبى بكر ، سرا من أسرار فاطمة بنت أسد ، .وھند بنت عتبة

..ولئن كان الولد سر أبیھ ، فكل إناء ینضح بما فیھ :وحري بمن یسمع في مھده ألول عھده بالحیاة ـ ترنیمة أمھ ثكلت نفسي وثكلت بكري إن لم یسد فھـرا وغیر فھـر

ى في ضریح القبربالحسب العـد وبذل الوفر حتى یوار

أن یكون سیدا تتفجر الحكمة من جنبیھ ، وتنطوي السیادة في بردیھ ، كما كان عبد اهللا .بن عباس بتأثیر أمھ أم الفضل بنت الحارث الھاللیة

وحري بمن یطرق سمعھ ألول مرة تلك األغاني الخلیعة والترنیمات الغثة التي یداعب ..أ ماجنا خلیعا فاتر الھمة ضعیف النفس بھا أمھات ھذا العصر أبناءھن أن ینش

األم أستاذ العالم والمرأة التي تھز المھد بیمینھا تھز العالم بشمالھا ، فألجل أن نصلح .. المنزل یجب أن نصلح األم التي ھي روحھ وقوامھ

أن یحرص األبوان على أن یكونا خیر قدوة البنھما في احترام شعائر الدین ثانیا ـلى أداء فرائضھ وبخاصة أمامھ وعند حضوره یؤدون الصالة ویقصون والمسارعة إ

علیھ من نبإ الصالحین ، فأیقظ غرائزه في ھذه السن غریزة التقلید ، والمثل األعلى أمامھ : أبواه ومن یحیط بھ من ذویھ ، فعلیھم أن یكونوا كما كتب عمر بن عتبة لمؤدب ولده

فإن عیونھم معقودة بعینك فالحسن عندھم ما لیكن أول إصالحك لولدي إصالحك لنفسك ( ).صنعت والقبیح عندھم ما تركت

أن یضع كل من الوالدین نصب عینھ أن یشبع أبناءه بروح الدین والشعور ثالثا ـاإلسالمي في كل الفرص المناسبة یتحدث إلیھم عن عظمتھ ورجالھ وفائدتھ وأسراره ،

ویشعرھم المخافة من اهللا تعالى وھیبتھ ویصطحبھم إلى المساجد والمنتدیات الدینیةباستخالص العبر من الحوادث ، وأن یعنى بتحفیظھم شیئا من كالم اهللا وكالم رسول اهللا

. صلى اهللا علیھ وسلم

أن یحول األبوان دون تسرب الكتب الھازلة والصحف الماجنة إلى ابنھما ال بالمنع رابعا ـوإقبالھ علیھا ولكن بصرفھ إلى كتب نافعة مغریة والتھدید فإن ذلك مما یزید شغفھ بھا

..وإثارة المیل فیھ إلى ھذه الناحیة الصالحة

وھنا أذكر شدة حاجتنا إلى كتب في القصص العام اإلسالمي لألطفال تجمع بین تشویقھم إلى المطالعة ومالءمتھا لمداركھم وقواھم العقلیة وتزویدھم بالشعور اإلسالمي ،

.. غني بذلك من سیر الصحابة والتابعین وأمثالھم رضوان اهللا علیھموالقصص اإلسالمي

وأذكر كذلك ضرورة احتواء المنزل على مكتبة مھما كانت یسیرة إال أن كتبھا تختار من كتب التاریخ اإلسالمي وتراجم السلف وكتب األخالق والحكم والرحالت اإلسالمیة

ضروریة لدواء األجسام ، فالمكتبة ولئن كانت صیدلیة المنزل .. والفتوح ونحوھا ..اإلسالمیة في المنزل ضروریة إلصالح العقول

إننا لنروي أبناءنا : (وما أجمل أن أذكر ھنا قول سعد بن أبى وقاص رضي اهللا عنھ )مغازي رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كما نرویھم السورة من القرآن

ھو إیجاد ھذه الروح في الشعوب اإلسالمیة أما واجب جمعیات الشبان المسلمین في ذلك ف :وتشجیعھا بكل وسائل اإلمكان ، ومن ھذه الوسائل

درس نظام المنازل واألسر اإلسالمیة لتعرف أوجھ النقص وأسبابھ وأوجھ الكمال - ١ .ووسائلھا وذلك من برنامج اللجنة االجتماعیة التي نصت علیھا الالئحة الداخلیة

على ذلك وإقناعھم بأن ھذا من أھم األغراض التي ترمي إلیھا حمل األعضاء أوال- ٢الجمعیة والتي تؤدي إلى تكوین نشء إسالمي فاضل ، ثم ھم بعد ذلك یقومون بدعوة

اإلكثار من المحاضرات في شئون األسرة والطفل وتوزیع النشرات لترویج - ٣. غیرھم .ھذه الدعایة

یة الالزمة لخلق ھذه الروح في نفوس األطفال تألیف اللجان لتصنیف الكتب القصص- ٤، وفي الجمعیات بحمد اهللا من یمكنھم ذلك بسھولة لو وجھوا لھ شیئا من عنایاتھم ووھبوا

.لھ جزا من أوقاتھم وھو من واجب اللجنة العلمیة المذكورة في الالئحةثار من التعلیم ـ مطالبة الوزارة بإصالح مناھج تعلیم البنات ومدارس المعلمات واإلك٥

الدیني وتراجم شھیرات النساء المسلمات ونحو ذلك مما یتصل بھ واالھتمام بھذا األمر .اھتماما یتناسب مع جلیل خطره

ـ إنشاء مدارس لتعلیم البنات وھذا یكون طبعا بعد أن یشتد ساعد الجمعیات ویقوى ، ٦ .وتجد المعاونة من أغنیاء األمة وسراتھم

ا إلى القول بأن جمعیات الشبان المسلمین لم تحقق ھذه الغایة إلى وأراني ھنا مضطرالحد المأمول منھا ، ولھذا یرجع ذلك إلى أنھا في بدء التكوین وإلى أن مالیتھا محدودة ال

تتسع لذلك إال أن الواجب أن تھتم بكل وسیلة ممكنة حتى تتمكن في النھایة من كل .واهللا ولي التوفیق.. الوسائل

ســةالمدروھي العامل الثاني من عوامل التربیة وھو أھمھا وأبلغھا أثرا في حیاة الطفل إذ تقوم

بالقسم األعظم من تربیتھ وھو التعلیم والثقافة العقلیة ، فیجب أن نوجھ إلیھا العنایة .باإلصالح حتى تؤدي إلى الغایة المنشودة

:أحدھما عن اآلخروإذا قلنا المدرسة فإنما نعنى أمرین مھمین ال یفترق ..مناھج التعلیم التي ھي بمثابة الغذاء العقلي للتلمیذ: أولھما ..المعلم الذي یقوم بتوصیل ھذا النداء إلى العقل: والثاني

..وإلصالح المدرسة یجب العنایة التامة بإصالح ھذین :وإلصالح المعلم عدة وسائل

ح مناھج مدارس المعلمین بأنواعھا أیسرھا وأقربھا إلى التحقیق مطالبة الوزارة بإصالوجعلھا غنیة بالتعلیم الدیني والتاریخ اإلسالمي وفلسفة العقائد وأسرار التشریع ونحو

..ذلكیلي ھذه الوسیلة أن تقوم جمعیات الشبان المسلمین بفتح فصول لیلیة وفى اإلجازات

علمین من الطویلة كإجازة الصیف مثال لمن یحب من المعلمین وطلبة مدارس الماألعضاء وغیرھم أن یدرس فیھا ھذه المواد على أیدي كبار حضرات األعضاء

.المستطیعین لذلكیلي ھذه الوسیلة وسیلة أخرى تحول دونھا عقبات كثیرة وتغنى عنھا الوسیلة األولى إذا

ذلك أن تقوم جمعیات الشبان المسلمین بإنشاء مدارس لتخریج معلمي الدین .. تحققت واللغة العربیة ، والعقبات التي تحول دون ذلك قلة المال وعدم اعتراف واألخالق

الحكومة بإجازات ھذه المدارس وشھاداتھا وحینئذ یكون ھذا النوع من المعلمین قاصرا ..على مدارس جمعیات الشبان على اختالف أنواعھا

صرة البابا ، فقد تألفت جمعیاتھم لن... ویذكرني ذلك نظام الیسوعیین في مبدأ أمرھم وبث الكثلكة في النفوس ، ورأوا أن خیر وسیلة لذلك ھي إصالح التعلیم فأنشأوا

بھذین كان جل اعتنائھم ، منھا االبتدائي والثانوي والعالي : مدارسھم على طبقات مختلفةوانفصلوا عن كل نظام للتعلیم إذ ذاك منفردین بنظم إداریة وفنیة خاصة ، واضطرھم ،

وین معلمي ھذه المدارس تكوینا خاصا ینتج ما ترمي إلیھ جماعاتھم من ذلك إلى تك ..الغایات

وقد القوا في مبدأ أمرھم نجاحا عظیما ، وكانت مدارسھم تعد بالمئین ، وال تزال آثارھم .في الجھاد لدعوتھم باقیة إلى اآلن

ا ترید جمعیات فإذا لم توافق الحكومة على العنایة بالتعلیم الدیني في مدارسھا طبق مالشبان وطبق ما ینتج الغایة اإلسالمیة المطلوبة ، وتمكنت جمعیات الشبان من سلوك ھذا

الطریق االستقاللي في شئون التعلیم فإنھا تكون أبرك وأنفع خطوة یتیمن بھا العالم ..اإلسالمي ویرجو من ورائھا الفتح والظفر والرجوع إلى حظیرة دینھ القویم

الفكرة ما كان من إنشاء جماعة المصلحین في عھد األستاذ اإلمام رحمھ وقریب من ھذه اهللا لمدرسة دار الدعوة واإلرشاد ، فقد كانت الغایة منھا تخریج معلمین یعظون الشعب

ویرشدونھ مستقلین عن سلطة الحكومة والقیود الرسمیة ، فأماتھا البخل من ناحیة وخمود ، ولسنا نرید بذلك أن نتعرض ـ ألنھا حققت الغایة الھمم وضعف الثبات من ناحیة أخري

أو لم تحقق ـ فلیس ھذا من قصدنا على أنھا لم تطل مدتھا حتى یتمكن الباحث من الحكم ، ولكن الذي نرید أن نصل إلیھ أن فكرة االستقالل بالتعلیم عن النظام الحكومي فكرة

لھا الیوم وقد تكون خامرت الكثیرین من زعماء اإلصالح فلیس بدعا أن نعرض ..الظروف اآلن أشد مالءمة لھذه الغایة من ذي قبل

فھل تتمكن جمعیات الشبان المسلمین من سلوك ھذا السبیل؟ عجزت أال تحاول فكرة تخصیص المعلمین وطلبة المعلمین والوعاظ بفصول یتزودون فیھا بالعلوم اإلسالمیة

ذلك عن السعي لدى والة األمور في التي تعینھم على تحقیق الغایة؟ وھل تعجز مع إصالح مناھج التعلیم وبخاصة في مصر لما فیھا من حركة اإلصالح العلمي السانحة؟

..نظنھا ال تعجز عن ھذین ، ونأمل أن نراھا في سبیل تحقیقھا قریباأما إصالح .. كل ما تقدم سقناه بمناسبة وجوب إصالح المعلم الذي ھو نصف المدرسة

النصف الثاني فیجب أن یقرن بتوفیر الحصص الكافیة لفروع الدین من الفقھ المنھج وھووأسراره والعقائد وأدلتھا والتاریخ اإلسالمي والسیرة واللغة العربیة إذ ھي وسیلة فھم القرآن وتدبره وھو أساس ھذا الدین وروحھ وإظھار العنایة بھذه المادة عنایة ظاھرة

.وجعلھا مادة أساسیةنت المدارس مستقلة عن المدارس الحكومیة أضیف إلى ھذا المواد مواد المنھج فإذا كا

الحكومي حتى تحقق بذلك أمل التلمیذ في التقدم إلى الشھادات الرسمیة ، ویكون مثلھا في ذلك مثل مدارس التبشیر التي تباري مدارس الحكومة في العلوم الرسمیة بعد حذف ماال

ا غایتھا الدینیة بإجبار التالمیذ على دراسة الدین والقیام لزوم لھ منھا ، وتحقق مع ھذ ...بشعائره

ولما كان للروح العام أبلغ األثر في نفس الطفل وتكوینھ الخلقي وال سیما في المدارس االبتدائیة والسنوات األولى من الثانوي حیث یغلب على الناشئ التقلید ، وجب أن یكون

أن یكون االھتمام بالدین واحترامھ وتشجیع من : ئل ذلكھذا الروح دینیا فاضال ، ووسایبدو علیھم حبھ والعمل بھ شعار كل موظفي المدرسة من إداریین وفنیین ، وإشعار

وإعداد مسجد خاص بھم تقام بھ ، وإلزامھم أداء الفروض بدار المدرسة ، التالمیذ بذلك ویقابلھا أساتذتھم باالمتثال واالحترام الشعائر كاألذان واإلقامة یقوم بھا التالمیذ أنفسھم ،

.والخشوع ، فیشب التلمیذ على ذلك ویقلدھم فیھبعد ھذا یمكننا أن نتصور المدرسة التي ننشدھا في التعلیم األولي أو االبتدائي مدرسة

كاملة المعدات على طراز أبنیة المدارس األمیریة ، یلحق بھا مسجد یتناسب مع عددھا

ھا الخاصة ، تدرس فیھا المواد الرسمیة زائدا علیھا الدین وتوابعھ یقوم وأھمیتھا وظروفبتدریس ذلك معلم ومدیر على قدم في الدین واألخالق وضالعة في علومھا والتمسك

..بآدابھا یسودھا روح عام دیني فاضلیة ومثل ذلك قل في المدارس الثانویة والعالیة والفنیة والصناعیة ونحوھا مع مراعاة الغا

..األخرى في كلأما الذي یقوم باإلشراف العام على ھذه المدارس فھي جمعیات الشبان المسلمین طبعا ، والحذر من أن تتحول الغایة تدریجا ویتغلب العرف والتیار العادي على ھذه المدارس

..المنشأة لغایة خاصة فتجاري غیرھا ویضیع المقصد من إنشائھاكان القصد األول من إنشاء مدارسھا تحقیق ھذه الغایة " سالمیةالجمعیة الخیریة اإل"فھذه

بنصھا وبتوالي األزمان واإلدارات أصبحت اآلن وال فرق بینھا وبین المدارس الحكومیة واندثر ذلك المقصد الشریف الذي من أجلھ أنشئت ھذه المدارس ولھ ألفت الجمعیة وعلیھ

.. جحر مرتینأسست ، والزمن قلب ، وال یلدغ المؤمن منوأما إذا لم تتمكن الجمعیة من ھذا فال أقل من أن تبذل الجھد لدى الحكومات وجمعیات

التعلیم في تحقیق ھذه الوسائل بعضھا أو كلھا على قدر الممكن ، ویكون ذلك جھد المقل وحیلة العاجز واألمر بید اهللا ویسرنا أن نرى فرع اإلسكندریة یعلن عن فتح فصول

المیذ في عطلة الصیف ونرجو أن یكون المھم لدیھ انتھاز ھذه الفرصة في جدیدة للت .تشجیع الروح الدینیة

وكذلك أنشأ بعض فروع فلسطین مكاتب ومدارس للتعلیم الدیني فكانت خطوة نرجو أن .. تستمر في طریق الرقي والكثرة والتشجیع

البیئـة بشأنھا لما لھا من عظیم األثر في وھي العامل الثالث من عوامل التربیة ویجب أن نعني

: وتشمل البیئة، نفس الطفل وخلقھ كذلك : اإلخوان واألصدقاء-١

یجب أن نرشد الناشئ إلى مصاحبة األخیار ونبین لھ فضیلة ذلك ونزعھ ، ونحول بینھ وبین مخالطة األشرار مع شرح ما یستھدف لھ من الخطر إذا صاحبھم وعرف بصداقتھم

.. فھم اآلباء ذلك بالنشرات والمحاضرات واإلرشادات وبكل وسیلة ممكنة ، وعلینا أن نمثل الجلیس الصالح : (وقد أرشد الرسول صلي اهللا علیھ وسلم إلي ذلك بحدیثھ المشھور

ال یعدمك من صاحب المسك إما أن : والجلیس السوء كمثل صاحب المسك وكیر الحداد ).ك أو ثوبك أو تجد منھ ریحا خبیثةتشتریھ أو تجد ریحھ وكیر الحداد یحرق بیت

واصبر نفسك مع الذین یدعون ربھم : (كما أرشد إلیھا القرآن الكریم في قول اهللا تعالى تطع من بالغداة والعشي یریدون وجھھ وال تعد عیناك عنھم ترید زینة الحیاة الدنیا وال

. )٢٨:الكھف) (أغفلنا قلبھ عن ذكرنا واتبع ھواه وكان أمره فرطا

: األندیة والمحال العمومیة-٢وھذه لھا عظیم األثر في نفس الناشئ ، فیجب أن یعرف منھا بكل ما یرشد إلي خلق

ق كالمسارح الھازلة والمراقص الخلیعة ویبعد عن كل ما یضم مفاسد الدین والخل، دیني ..والمقاھي الموبوءة ، ویرصد إلى أمثال أندیة الجمعیات اإلسالمیة

ولنادي جمعیة الشبان في ذلك أثر یذكر فیشكر بما أنھ یحول بین الشبان وبین مجالس السوء ویزودھم بما یسمعون من عظات نافعة ومحاضرات قیمة ومذاكرات دقیقة

.. یقةومسامرات رق : االحتفاالت الدینیة-٣

یجب أن یصحب الناشئ ولي أمره إلى محال ھذه االحتفاالت البریئة التي تتجلى فیھا مشاھد جالل اإلسالم وروعتھ كالجمعة والعیدین وحفل رأس السنة وذكرى الھجرة والمولد النبوي بدور الجمعیات اإلسالمیة ال بتلك المھازل التي تمثل باسم الدین في

.. الموالد ونحوھا خاتمـة

وبعد یا سادتي فھذه عوامل التربیة أو أكثرھا وأھمھا عالجت في ھذه الكلمة بعض وجوه إصالحھا ، وقد رأینا أن جمعیاتنا المحبوبة قد قامت ببعض الواجب في سلوك ھذا

الطریق ، إال أن المھمة شاقة وفي حاجة إلى جھود متواصلة ، وإلى تضحیة وثبات ، لما یحیط بنا من ظروف تفرض علینا الدأب في العمل ، فأتقدم إلى حضرتكم وتقدیر

بالرجاء الكبیر أن نكون جمیعا أعوانا عاملین على تحقیق ھذه الفكرة النبیلة السامیة فكرة ..تھذیب النشء وتربیتھ تربیة إسالمیة وأن ننفذ ذلك في كل من لنا علیھم والیة

واهللا حسبنا وھو نعم الوكیل

حسـن البنــا ھـ١٣٥٥غرة رمضان

مـقـدمــات-المأثورات

بســم اهللا الرحمـن الرحیـموصلى اهللا على سیدنا محمد أفضل الذاكرین ، وسید الشاكرین ، ، الحمد هللا رب العالمین

من وإمام المرسلین وخاتم النبیین وقائد الغر المحجلین ، وعلى آلھ وأصحابھ أجمعین ، و ..سلك طریقھم إلى یوم الدین

: الذكر في كل حال- ١فاعلم یا أخي ـ رزقني اهللا وإیاك حسن التوفیق ـ أن لكل إنسان غایة أساسیة من : وبعد

حیاتھ تدور علیھا أفكاره وتتجھ نحوھا أعمالھ ، وتتركز حولھا آمالھ وھى التي یسمونھا بصورة من الجمال الروحي ، ومتى سمت ھذه الغایة وعلت صدرت" المثل األعلى"

.وحذت بھ إلى الكمال دائما حتى یأخذ فیھ بالنصیب الذي قدر لھواإلسالم ، وقد جاء إلصالح نفوس البشر وتزكیتھا والعلو بھا إلى منتھى الكمال الممكن

لھا ، أوضح لإلنسانیة جمیعا الغایة القصوى ، وحدا بھا نحو المثل األعلى ، وكان ھذا ففروا إلى اهللا إني لكم ( :، واآلیة الكریمة تقول ) قدس حضرة اهللا جل وعال(المثل ھو

. )٥٠:الذریات) (منھ نذیر مبینأن یكون المسلم ذاكرا هللا على كل ، وإذ عرفت ھذا أیھا األخ الكریم فال نستغرب بعد

لصیغ الرائعة البلیغة من وھو أعرف الخلق بربھ ـ تلك اrحال ، وأن تؤثر عن النبي .الذكر والدعاء

والشكر والتسبیح والتحمید في كل األحوال صغیرھا وكبیرھا وعظیمھا وحقیرھا ، فقد وال تعجب إذا طالبنا اإلخوان المسلمین أن ، یذكر اهللا على كل أحوالھ rكان النبي

: ا إلى العزیز الغفار فیحفظوا ھذه األذكار ویتقربوا بھrیستنوا بسنة نبیھم ویقتدوا بھ ) لقد كان لكم في رسول اهللا أسوة حسنة لمن كان یرجو اهللا والیوم اآلخر وذكر اهللا كثیرا( . )٢١:األحزاب( : فضل الذكر والذاكرین- ٢

ر من آیات وقد ورد األمر بالذكر واإلكثار منھ وبیان فضلھ وفضل الذاكرین في كثیوحسبك أن كان خاتمة المراتب في قولھ ، rالقرآن الكریم وأحادیث الرسول العظیم

إن المسلمین والمسلمات والمؤمنین والمؤمنات والقانتین والقانتات والصادقین : (تعالىرات والخاشعین والخاشعات والمتصدقین والمتصدقات والصادقات والصابرین والصاب

والصائمین والصائمات والحافظین فروجھم والحافظات والذاكرین اهللا كثیرا والذاكرات . )٣٥:حزاباأل) (أعد اهللا لھم مغفرة وأجرا عظیما

، یا أیھا الذین آمنوا اذكروا اهللا ذكرا كثیرا : (وقد أمر اهللا بھ المؤمنین في قولھ تعالى . )٤٢-٤١:األحزاب) (وسبحوه بكرة وأصیال

فیما یرویھ عن ربھ rقال رسول اهللا .. وقد وردت األحادیث الكثیرة في فضل الذكر ظن عبدي بي وأنا معھ إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسھ ذكرتھ في نفسي، وإن أنا عند(

.متفق علیھ من حدیث أبي ھریرة) ذكرني في مأل ذكرتھ في مأل خیر منھم

إن شرائع اإلسالم قد : یا رسول اهللا: وعن عبد اهللا بن بسر رضي اهللا عنھ أن رجال قال یزال لسانك رطبا من ذكر اهللا عز ال: (كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث بھ ، قال

.حدیث حسن: رواه الترمذي وقال). وجل : آداب الذكر- ٣

واعلم یا أخي أن الذكر لیس المقصود بھ الذكر القولي فحسب بل إن التوبة ذكر ، والتفكر من أعلى أنواع الذكر ، وطلب العلم ذكر ، وطلب الرزق إذا حسنت فیھ النیة

ولھذا كان ، ھ ربك وتذكرت نظره إلیك ورقابتھ فیھ علیك ذكر ذكر ، وكل أمر راقبت فی .العارف ذاكرا على كل حاالتھ

. وال بد لیكون للذكر أثره في القلب من مراعاة آدابھ وإال كان مجرد ألفاظ ال تأثیر فیھا :وقد ذكروا لھ آدابا كثیرة أھمھا وأوالھا بالرعایة

صیغ ، ومحاولة التأثر بھا ، ومالحظة الخشوع والتأدب ، واستحضار معاني ال-ا .مقاصدھا وأغراضھا

خفض الصوت ما أمكن ذلك مع الیقظة التامة والھمة الكاملة حتى ال یؤثر على -٢ .غیره

واذكر ربك في نفسك تضرعا ( :وقد أشارت اآلیة الكریمة إلى ھذه اآلداب فقال تعالى . )٢٠٥:ألعراف) (ن القول بالغدو واآلصال وال تكن من الغافلینوخیفة ودون الجھر م

موافقة الجماعة إن كان الذكر مع جماعة فال یتقدم علیھم وال یتأخر عنھم وال یبني - ٣على قراءتھم ، بل إن حضر وقد بدءوا ابتدأ معھم من أول صیغة ثم قضى ما فاتھ بعد

تأخر عنھم في أثناء القراءة قرأ ما فاتھ وأدركھم ، وال یبني على قراءتھم انتھائھ ، وإن .أصال ، لئال یكون بذلك قد حرف القراءة وغیر الصیغ ، وذلك حرام اتفاقا

النظافة في الثوب والمكان ، ومراعاة األماكن المحترمة واألوقات المناسبة ، حتى - ٤ .قلبھ ، وخلوص نیتھیكون ذلك أدعى إلى اجتماع ھمتھ ، وصفاء

االنصراف في خشوع وأدب ، مع اجتناب اللغط واللھو الذي یذھب بفائدة الذكر - ٥ .وأثره

فإذا الحظ ھذه اآلداب فإنھ سینتفع بما قرأ ویجد أثر ذكره حالوة في قلبھ ، ونورا لروحھ ..، وانشراحا في صدره ، وفیضا من اهللا ، إن شاء اهللا تعالى

:عة الذكر في جما- ٤ورد في األحادیث ما یشعر باستحباب االجتماع على الذكر ففي الحدیث الذي یرویھ مسلم

ال یقعد قوم یذكرون اهللا عز وجل إال حفتھم المالئكة وغشیتھم الرحمة ، ونزلت علیھم : ( ).السكینة ، وذكرھم اهللا فیمن عندهاهللا في المسجد خرج على جماعة وھم یذكرون rوكثیرا ما ترى في األحادیث أنھ

والجماعة في الطاعات مستحبة في ذاتھا ، وال سیما إذا ترتب . فبشرھم ولم ینكر علیھم تآلف القلوب ، وتقویة الروابط وقضاء األوقات فیما یفید ، : علیھا كثیر من الفوائد مثل

.وتعلیم األمي الذي لم یحسن التعلم وإظھار شعیرة اهللا تعالىذكر تكره إذا ترتب علیھا محظور شرعي كالتشویش على مصل ، نعم إن الجماعة في ال

أو لغو وضحك ، أو تحریف للصیغ ، أو بناء على قراءة غیره ، أو نحو ذلك من المحظورات الشرعیة ، فحینئذ تمنع الجماعة في الذكر لھذه المفاسد ال للجماعة في ذاتھا

صحیحة كما في ھذه الوظیفة ، وخصوصا إذا كان الذكر في جماعة بالصیغ المأثورة ال

فحبذا لو اجتمع اإلخوان على قراءتھا صباحا ومساء في نادیھم أو في مسجد من المساجد . مع اجتناب ھذه المكروھات ومن فاتتھ الجماعة فیھا فلیقرأھا منفردا وال یفرط في ذلك

:الخاتمةبھم ولكنھا للمسلمین فإلى اإلخوان المسلمین نتوجھ بھذه الوظیفة ، وما ھي بخاصة : وبعد

وھى تقرأ صباحا من الفجر .. عامة ، لعل فیھا إعانة لھم على طاعة اهللا تبارك وتعالى ومن فاتتھ كلھا فال ، إلى الظھر ، ومساء من العصر إلى ما بعد العشاء فرادى وجماعة

.یفوتنھ بعضھا حتى ال یعتاد إھمالھا وتضییعھایال أو نھارا ، وما بعدھما من األدعیة واألذكار یقرأ والورد القرآني في الوقت المناسب ل

.عند مناسباتھونسأل اهللا لنا ولھم حسن التوفیق وكمال الھدایة ، ونسألھم أال یحرمونا صالح دعواتھم

.في الخلوة والجلوة ، وصلى اهللا على سیدنا محمد وعلى آلھ وصحبھ وسلم حسن البنـا،المرشد العام لإلخوان المسلمین

سم األول ـ الوظیفةالق أعوذ باهللا السمیع العلیم من الشیطان الرجیم

، مـلك یوم الدین ، الرحمـن الرحیم ، الحمد هللا رب العالمین ، بسم اهللا الرحمـن الرحیم (صراط الذین أنعمت علیھم غیر ، نــــا الصراط المستقیم اھد، إیاك نعبد وإیاك نستعین

)الفاتحة) (المغضوب علیھم وال الضالینن الذین یؤمنو، ذلك الكتاب ال ریب فیھ ھدى للمتقین ، الـم ، بسم اللھ الرحمـن الرحیم (

والذین یؤمنون بما أنزل إلیك وما أنزل ، بالغیب ویقیمون الصالة ومما رزقناھم ینفقون ) أولـئك على ھدى من ربھم وأولـئك ھم المفلحون، من قبلك وباآلخرة ھم یوقنون

. )٥-١:لبقرةا(اهللا ال إلـھ إال ھو الحي القیوم ال تأخذه سنة وال نوم لھ ما في السماوات وما في األرض (

حیطون بشيء من من ذا الذي یشفع عنده إال بإذنھ یعلم ما بین أیدیھم وما خلفھم وال یعلمھ إال بما شاء وسع كرسیھ السماوات واألرض وال یؤوده حفظھما وھو العلي العظیم

من باهللا فقد ال إكراه في الدین قد تبین الرشد من الغي فمن یكفر بالطاغوت ویؤ، اهللا ولي الذین آمنوا یخرجھم من ،استمسك بالعروة الوثقى ال انفصام لھا واهللا سمیع علیم

النور إلى الظلمات الظلمات إلى النور والذین كفروا أولیآؤھم الطاغوت یخرجونھم من )٢٥٧-٢٥٥:البقرة) (أولـئك أصحاب النار ھم فیھا خالدون

هللا ما في السماوات وما في األرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه یحاسبكم بھ اهللا (آمن الرسول بما أنزل إلیھ ، من یشاء واهللا على كل شيء قدیر فیغفر لمن یشاء ویعذب

من ربھ والمؤمنون كل آمن باهللا ومآلئكتھ وكتبھ ورسلھ ال نفرق بین أحد من رسلھ ال یكلف اهللا نفسا إال وسعھا لھا ما ، رانك ربنا وإلیك المصیر وقالوا سمعنا وأطعنا غف

كسبت وعلیھا ما اكتسبت ربنا ال تؤاخذنا إن نسینا أو أخطأنا ربنا وال تحمل علینا إصرا الذین من قبلنا ربنا وال تحملنا ما ال طاقة لنا بھ واعف عنا واغفر لنا كما حملتھ على

. )٢٨٦-٢٨٤:البقرة) (وارحمنآ أنت موالنا فانصرنا على القوم الكافرین )٢-١:آل عمران) ( ھو الحي القیوماهللا ال إلـھ إال، الم ،بسم اهللا الرحمن الرحیم ( )سبعا ( )١٢٩:التوبة) (حسبي اهللا ال إلـھ إال ھو علیھ توكلت وھو رب العرش العظیم (

سنى وال تجھر بصالتك قل ادعوا اهللا أو ادعوا الرحمـن أیا ما تدعوا فلھ األسماء الح (وقل الحمد هللا الذي لم یتخذ ولدا ولم یكن لھ شریك ، وال تخافت بھا وابتغ بین ذلك سبیال

. )١١١-١١٠:اءاإلسر) (في الملك ولم یكن لھ ولي من الذل وكبره تكبیراومن یعمل من الصالحات وھو ، وعنت الوجوه للحي القیوم وقد خاب من حمل ظلما (

)١١٢-١١١:طھ) (مؤمن فال یخاف ظلما وال ھضمافتعالى اهللا الملك الحق ال إلھ إال ھو ، ینا ال ترجعون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إل (

ومن یدع مع اهللا إلھا آخر ال برھان لھ بھ فإنما حسابھ عند ربھ إنھ ، رب العرش الكریم )١١٨-١١٥:المؤمنون) (فر وارحم وأنت خیر الراحمینوقل رب اغ، ال یفلح الكافرون

ولھ الحمد في السماوات والأرض وعشیا ، فسبحان اهللا حین تمسون وحین تصبحون (ت من الحي ویحیي األرض بعد یخرج الحي من المیت ویخرج المی، وحین تظھرون

ومن ، ومن آیاتھ أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ، موتھا وكذلك تخرجون ل بینكم مودة ورحمة إن في ذلك آیاتھ أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إلیھا وجع

ومن آیاتھ خلق السماوات واألرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن ، لآیات لقوم یتفكرون یل والنھار وابتغاؤكم من فضلھ إن في ذلك ومن آیاتھ منامكم بالل، في ذلك آلیات للعالمین

ومن آیاتھ یریكم البرق خوفا وطمعا وینزل من السماء ماء فیحیي ، آلیات لقوم یسمعون ومن آیاتھ أن تقوم السماء ، م یعقلون بھ األرض بعد موتھا إن في ذلك آلیات لقو

ولھ من في السماوات ، واألرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من األرض إذا أنتم تخرجون )٢٦-١٧:الروم) (واألرض كل لھ قانتون

غافر الذنب وقابل ، تنزیل الكتاب من اهللا العزیز العلیم ، حم ، حیم بسم اللھ الرحمن الر ( ).٣-١:غافر) (التوب شدید العقاب ذي الطول ال إلھ إال ھو إلیھ المصیر

ھو اهللا الذي ال إلھ ، ھادة ھو الرحمن الرحیم ھو اهللا الذي ال إلھ إال ھو عالم الغیب والش (إال ھو الملك القدوس السالم المؤمن المھیمن العزیز الجبار المتكبر سبحان اهللا عما

لھ األسماء الحسنى یسبح لھ ما في السماوات ھو اهللا الخالق البارئ المصور ، یشركون )٢٤-٢٢:الحشر) (واألرض وھو العزیز الحكیم

، وأخرجت األرض أثقالھا ، إذا زلزلت األرض زلزالھا ، بسم اهللا الرحمن الرحیم (یومئذ یصدر الناس ، بأن ربك أوحى لھا ، یومئذ تحدث أخبارھا ، وقال اإلنسان ما لھا ) ومن یعمل مثقال ذرة شرا یره، فمن یعمل مثقال ذرة خیرا یره ، أشتاتا لیروا أعمالھم

)الزلزلة(وال أنتم عابدون ، ال أعبد ما تعبدون ، قل یا أیھا الكافرون ، لرحمن الرحیم بسم اهللا ا (

) لكم دینكم ولي دین، وال أنتم عابدون ما أعبد ، وال أنا عابد ما عبدتم ، ما أعبد )الكافرون(

ورأیت الناس یدخلون في دین اهللا ، إذا جاء نصر اهللا والفتح ، لرحیم بسم اهللا الرحمن ا ( )النصر) (فسبح بحمد ربك واستغفره إنھ كان توابا، أفواجا

ولم یكن لھ ، م یلد ولم یولد ل، اهللا الصمد ، قل ھو اهللا أحد ، بسم اهللا الرحمن الرحیم ( )ثالثا ( )كفوا أحد

ومن شر غاسق إذا ، من شر ما خلق ، قل أعوذ برب الفلق ، بسم اهللا الرحمن الرحیم ( )ثالثا ( )ا حسدومن شر حاسد إذ، ومن شر النفاثات في العقد ، وقب

من شر ، إلھ الناس ، ملك الناس ، قل أعوذ برب الناس ، بسم اهللا الرحمن الرحیم ( )ثالثا ( )من الجنة و الناس، الذي یوسوس في صدور الناس ، الوسواس الخناس

)ثالثا) ( والحمد هللا ال شریك لھ ، ال إلھ إال ھو وإلیھ النشورأصبحنا وأصبح الملك هللا ،(

أصبحنا على فطرة اإلسالم ، وكلمة اإلخالص ، وعلى دین نبینا محمد صلى اهللا علیھ ( )ثالثا) (وسلم ، وعلى ملة أبینا إبراھیم حنیفا وما كان من المشركین

عمتك وعافیتك وسترك في فأتم علي ن، اللھم أني أصبحت منك في نعمة وعافیة وستر ( )ثالثا) (الدنیا واآلخر

اللھم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك ال شریك لك فلك الحمد ولك ( )ثالثا) (الشكر

)ثالثا) (یا ربي لك الحمد كما ینبغي لجالل وجھك وعظیم سلطانك( )ثاثال) (وبمحمد نبیا ورسوال، وباإلسالم دینا ، رضیت باهللا ربا ( )ثالثا) (سبحان اهللا وبحمده عدد خلقھ ورضا نفسھ وزنة عرشھ ومداد كلماتھ() بسم اهللا الذي ال یضر مع اسمھ شيء في األرض وال في السماء وھو السمیع العلیم( )ثالثا( )ثالثا) (اللھم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شیئا نعلمھ ونستغفرك لما ال نعلمھ( )ثالثا) (ات من شر ما خلقأعوذ بكلمات اهللا التام(اللھم إني أعوذ بك من الھم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من (

)ثالثا) (الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدین وقھر الرجال )ثالثا) (اللھم عافني في بصري، اللھم عافني في سمعي ، اهللا عافني في بدني () ال إلھ إال أنت، وأعوذ بك من عذاب القبر ، كفر والفقر اللھم إني أعوذ بك من ال( )ثالثا(وأنا على عھدك ووعدك ما ، خلقتني وأنا عبدك ، اللھم أنت ربي ، ال إلھ إال أنت (

و أبوء بذنبي ، فاغفر ، استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي )ثالثا) (لي فإنھ ال یغفر الذنوب إال أنت

)ثالثا) (تغفر اهللا العظیم الذي ال إلھ إال ھو الحي القیوم وأتوب إلیھاس(كما صلیت على سیدنا إبراھیم ، اللھم صل على سیدنا محمد وعلى آل سیدنا محمد (

كما باركت ، وبارك على سیدنا محمد وعلى آل سیدنا محمد ، وعلى آل سیدنا إبراھیم )عشرا) (إنك حمید مجید، في العالمین على سیدنا إبراھیم وعلى آل سیدنا إبراھیم

)مائة) (واهللا أكبر، وال إلھ إال اهللا ، والحمد هللا ، سبحان اهللا () وھو على كل شيء قدیر، لھ الملك ولھ الحمد ، ال إلھ إال اهللا وحده ال شریك لھ ( )عشرا( )الثاث) (استغفرك وأتوب إلیك، أشھد أن ال إلھ إال أنت ، سبحانك اللھم وبحمدك (اللھم صل على سیدنا محمد عبدك ورسولك النبي األمي وعلى آلھ وصحبھ وسلم تسلیما (

وارض اللھم عن ساداتنا أبي بكر ، عدد ما أحاط بھ علمك وخط بھ قلمك وأحصاه كتابك وعن التابعین وتابعیھم بإحسان إلى یوم ، وعن الصحابة أجمعین ، وعمر وعثمان وعلي

)الدین )والحمد هللا رب العالمین، وسالم على المرسلین ، العزة عما یصفون سبحان ربك رب(

:الوظیفة الصغرىأو فتورا في نفسھ أو في إخوانھ إذا كان یقرأ الوظیفة بھم ، إذا وجد األخ ضیقا في وقتھ :فلیختصرھا على ھذا النحو

معوذتین كل یقرأ االستعاذة والفاتحة وآیة الكرسي وخواتیم البقرة وسورة اإلخالص والاستغفر اهللا الذي ال إلھ : (ثم یتبع ذلك باألذكار الواردة إلى االستغفار األخیر، منھا ثالثا

) سبحانك اللھم وبحمدك(ثم یتبع االستغفار مباشرة بصیغة ، ) ألخ ...إال ھو الحي القیوم .إلى آخر الوظیفة

القسم الثاني ـ الورد القرآني :فضل القرآن

وھو المنبع الذي یفیض بالخیر ، الدستور الجامع ألحكام اإلسالم القرآن الكریم ھو .والحكمة على القلوب المؤمنة وھو أفضل ما یتقرب بھ المتعبدون إلى اهللا تبارك وتعالى

إن ھذا القرآن مأدبة اهللا : ( قالrوفي حدیث ابن مسعود رضي اهللا عنھ عن النبي لقرآن ھو حبل اهللا والنور المبین والشفاء النافع إن ھذا ا، فأقبلوا على مأدبتھ ما استطعتم

وال ، وال تنقضي عجائبھ ، ال یعوج فیقوم ، ونجاة لمن اتبعھ ، عصمة لمن اعتصم بھ أما ، اتلوه فإن اهللا یأجركم على تالوتھ كل حرف عشر حسنات ، یخلق من كثرة الرد

.مرواه الحاك) ولكن ألف والم ومیم، إني ال أقل لكم آلـم حرف علیك بتالوة القرآن فإنھ نور لك في : (وفي وصیة رسول اهللا ألبي ذر رضي اهللا عنھ

.رواه ابن حبان في حدیث طویل) األرض وذخر لك في السماءالماھر بالقرآن مع السفرة ( : rقال رسول اهللا : وعن عائشة رضي اهللا عنھا قالت

.رواه البخاري ومسلم) ق لھ أجرانالكرام البررة ، والذي یقرؤه ویتعتع فیھ وھو علیھ شاویفاضل بینھم بمنزلتھم من ، یحمل الناس على القرآن حمال rولقد كان رسول اهللا

حتى ال یحرم بركة الصلة ، ویوصي من عجز عن القراءة بأن یستمع ویتفھم ، القرآن .الروحیة بكتاب اهللا تبارك وتعالى

من استمع إلى آیة من كتاب اهللا ( قال rوعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا رواه أحمد) كتبت لھ حسنة مضاعفة، ومن تالھا كانت لھ نورا یوم القیامة

بعثا وھم ذوو عدد ، rبعث رسول اهللا : (وفي حدیث أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قالفاستقرأ كل رجل منھم یعني ما معھ من القرآن ، فأتى على رجل منھم من ، فاستقرأھم

أمعك : "معي كذا وكذا وسورة البقرة قال: قال" ما معك یا فالن؟: "ثھم سنا فقالأحد .رواه الترمذي وقال حدیث حسن) "اذھب فأنت أمیرھم: "قال. نعم: قال" سورة البقرة؟

ودستور ، فجعلوه مصدر تشریعھم ، وعرف سلفنا الصالحین فضل القرآن وتالوتھ وتشربت ، وفتحوا لھ قلوبھم وتدبروه بأفئدتھم ، ھم وردد عبادت، وربیع قلوبھم ، أحكامھم

ولھم في اآلخرة عظیم ، فأثابھم اهللا في الدنیا سیادة العالم ، معانیھ السامیة أرواحھم وأھملنا القرآن فوصلنا على ما وصلنا إلیھ من ضعف في الدنیا ورقة في ، الدرجات

.الدینعرضت علي أجور أمتي، : (r اهللا قال رسول: : عن أنس بن مالك رضي اهللا عنھ قال

حتى القذاة یخرجھا الرجل من المسجد ، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم .رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة) من سورة من القرآن أو آیة أوتیھا رجل ثم نسیھا

وكان ، ولھذا عني اإلخوان المسلمون أن یجعلوا كتاب اهللا تبارك وتعالى أول أورادھم .من تعھدھم أن یرتب األخ على نفسھ كل یوم حزبا من القرآن الكریم

:مقدار الوردوترك ذلك لظروف كل ، ولھذا لم یحدد مقدار الورد ، تختلف ظروف اإلخوان وأحوالھم

.والمھم أال یمر بھ یوم بغیر أن یقرأ شیئا من كتاب اهللا تعالى، شخص ومقدرتھ

لورد القرآني عند سلفنا الصالحین رضوان اهللا علیھم على وسنورد ھنا أوجھ تقسیم ا :سبیل المثال و التوضیح فنقول

وقد كرھوا أن یختم اإلنسان في أقل من ثالث وفي أكثر ، أقل مدة للختمة ثالثة أیام – ١إن الختم في أقل من ثالث إسراعا ال یعین على التفھم والتدبر وفي : وقالوا، من شھر

.ر من شھر إسرافا في ھجر التالوةالختم في أكثقال رسول اهللا صلى اهللا علیھ : عن عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنھ قال

، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة ) لم یفقھ من قرأ القرآن في أقل من ثالث: (وسلم .حسن صحیح: وقال الترمذي

وقد أمر رسول اهللا ، ذا تمكن من ذلك الحد الوسط أن یختم القرآن مرة كل أسبوع إ- ٢r وكذلك كان جماعة من أصحاب رسول ، عبد اهللا بن عمرو أن یختم كل أسبوع مرة

.وأبي بن كعب رضي اهللا عنھم، وابن مسعود ، وزید بن ثابت ، كعثمان : اهللا یفعلونولیلة السبت ، وكان عثمان بن عفان رضي اهللا عنھ یفتتح لیلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة

ولیلة االثنین بطھ إلى طسم موسى ، ولیلة األحد بیوسف إلى مریم ، باألنعام إلى ھود ولیلة األربعاء من بتنزیل ، ولیلة الثالثاء بالعنكبوت إلى ص ، " یعني القصص"وفرعون

وكان البن مسعود رضي اهللا عنھ تقسیم آخر ... ولیلة الخمیس یختم الختمة، إلى الرحمن وقد ورد في التقسیم في ، لكنھ یتفق في الختم كل أسبوع ، في عدد السور یختلف

.األسبوع أخبار كثیرةولألخ أن یكتب ، بل ھو على سبیل االتباع واألفضلیة ، لیس ھذا التقسیم بمتعین – ٣

فإن لم یكن من أھل القراءة فلیجتھد ، بحیث ال یمضي یوم بغیر تالوة ، حسب مقدرتھ .أو في حفظ بعض السور یتلوھا كلما سنحت الفرصةفي االستماع

:سور یستحب اإلكثار من تالوتھا

یس والدخان والواقعة : وھي، من أوراد القرآن المواظبة على تالوة ھذه السور كل یوم وسورة ، ویضاف إلیھا الكھف ، ویتأكد ذلك یوم الجمعة ولیلة الجمعة ، وتبارك الملك ،

:rبذلك األحادیث عن رسول اهللا وقد وردت ، آل عمران قلب القرآن یس ال : ( قالr عن معقل بن یسار رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا – ١

رواه احمد ) اقرءوھا على موتاكم، یقرؤھا رجل یرید اهللا والدار اآلخرة إال غفر اهللا لھ .وأبو داود والنسائي وغیرھم

قرأ تبارك الذي بیده الملك كل لیلة من : ( وعن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنھ– ٢وكنا في عھد رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم نسمیھا ، منعھ اهللا بھا من عذاب القبر

رواه ) وأنھا في كتاب اهللا عز وجل سورة من قرأ بھا في لیلة فقد أكثر وطاب، المانعة .النسائي وروى مثلھ الحاكم وصححھ

من قرأ حم والدخان في لیلة أصبح یستغفر : (عنھ وفي حدیث أبي ھریرة رضي اهللا – ٣ .رواه الترمذي واألصبھاني) لھ سبعون ألف ملك

من قرأ سورة : ( قالr وفي حدیث أبي سعید الخدري رضي اهللا عنھ أن النبي – ٤رواه النسائي والبیھقي ) الكھف في یوم الجمعة أضاء لھ من النور ما بین الجمعتین

.مرفوعا

من قرأ السورة : (rقال رسول اهللا : بن عباس رضي اهللا عنھما قال وفي حدیث ا– ٥رواه ) التي یذكر فیھا آل عمران یوم الجمعة صلي علیھ اهللا ومالئكتھ حتى تغیب الشمس

.الطبراني في األوسط والكبیر وقد وردت اآلثار كذلك مرفوعة وموقوفة من حدیث عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا – ٦

وال سیما وفیھا البعث والجزاء واالستدالل على ذلك بما یدع ، الواقعة عنھ بفضل سورةفیستحب لألخ المسلم أال یحرم نفسھ فضل تالوة ھذه السورة مرة كل یوم ، شبھة لقائل

، وفي اللیل أفضل وفي یوم الجمعة ال بأس من تالوتھا في اللیل مرة وفي النھار مرة آل عمران لعلھا ساعة اإلجابة فیكون مشغوال ویجعل وقت العصر إلى المغرب لسورة

.فیھا بأفضل الذكر وھو تالوة القرآن :آداب التالوة

ونزید ھنا أن من آداب التالوة أن من آداب ، ذكرنا في المقدمة طرفا من آداب الذكر اهللا ، التالوة واالجتھاد كل االجتھاد في التدبر والتفكر فذلك ھو المقصود األول منھا

) كتاب أنزلناه إلیك مبارك لیدبروا آیاتھ ولیتذكر أولو األلباب: ( وتعالى یقولتبارككما ، وال سیما إذا الحظنا أن في ذلك خطاب رب العالمین العزیز الحكیم ، )٢٩:ص(

، ن مخارجھا فیخرج الحروف م، أن من آداب التالوة كذلك مراعاة أحكام التجوید ویفخم المفخم ویرقق ، ویغن ما یستحق الغنة ، ویؤدیھا على قواعدھا فیمد الممدود

.وھكذا.. المرققإن ھذا القرآن : (rعن سعد بن أبي وقاص رضي اهللا رضي اهللا عنھ عن رسول اهللا

القرآن فمن لم یتغن ب، فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنوا بھ ، بزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا .رواه ابن ماجة) فلیس منا

والمراد بالتغني ھنا التحزن والخشوع مع تجوید القراءة فقد جاء في حدیث جابر رضي إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه : ( قالrرسول اهللا : اهللا عنھ قال

.رواه ابن ماجة) یقرأ حسبتموه یخشى اهللا :مجلس االستماع

ان المسلمین القرآنیة االجتماع لسماع كتاب اهللا تبارك وتعالى ممن یحسن من أوراد اإلخووعلى القارئ في مجلس االستماع أن یقرأ قراءة مرسلة یالحظ فیھا اآلداب ، تالوتھ وعلى اإلخوان إذا استمعوا أن ینصتوا ویفكروا في المعاني وأن یكونوا على ، السابقة

وإذا قرئ ( :بارك وتعالى ویستحضروا اآلیة الكریمةغایة الخشوع والتعظیم لكتاب اهللا ت . )٢٠٤:األعراف) (القرآن فاستمعوا لھ وأنصتوا لعلكم ترحمون

وكان ، یستمعون القرآن وكأن على رؤوسھم الطیر rولقد كان أصحاب رسول اهللا وكان ، على الشافعي رضي اهللا عنھ مشیخة مكة من الصالحین إذا أرادوا التذكر أقبلوا

فقرأ علیھم واستمعوا فال یرى الراءون أكثر بكاء منھم في حالھم تلك ، حسن القراءة وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعینھم تفیض من الدمع مما (حین االستماع . )٨٣:المائدة) (عرفوا من الحق

ویستحب إتماما للفائدة إذا حضر مجلسھم ھذا أھل العلم أن یلخصوا لھم مقاصد ما تلي .من آیات

:ورد الحفظ

أن یجتھد ما استطاع في حفظ ، وھو من أورادنا القرآنیة ، ویستحب كذلك لألخ المسلم یم بقدر فیرتب على نفسھ كل یوم آیة أو آیات من القرآن الكر، ما یمكن من القرآن الكریم وبھذه الطریقة التدریجیة یمكنھ أن یحفظ الشيء الكثیر من ، طاقتھ یحفظھا حفظا جیدا

.كتاب اهللا تبارك وتعالىیا أبا ذر ألن تغدو فتعلم آیة : ( قال ألبي ذر رضي اهللا عنھrوفي الحدیث أن رسول اهللا

ویعضده ، د حسن رواه ابن ماجة بإسنا) من كتاب اهللا خیر لك من أن تصلي مائة ركعة .حدیث مسلم وأبي داود في ھذا المعنىواهللا نسأل أن یجعلنا وإیاك من أھل القرآن فنكون ، فاجتھد یا أخي أن تفوز بھذه الفضیلة

.واهللا حسبنا ونعم الوكیل، بذلك من أھل اهللا وخاصتھ

القسم الثالث ـ أدعیة الیوم واللیلة :أوال ـ دعاء االستیقاظ من النوم

كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ : عن حذیفة بن الیمان وأبي ذر رضي اهللا عنھ قاال – ١الحمد هللا : (وإذا استیقظ قال) باسمك اللھم أحیا وأموت: (وسلم إذا أوى إلى فراشھ قال

.رواه البخاري). الذي أحیانا بعدما أماتنا وإلیھ النشورإذا استیقظ : ( علیھ وسلم قال وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ عن النبي صلى اهللا– ٢

). الحمد هللا الذي رد علي روحي ، وعافاني في جسدي ، وأذن لي بذكره: أحدكم فلیقل .رواه ابن السني

ما من عبد یقول : ( وعن عائشة رضي اهللا عنھا عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم قال– ٣ھ ، لھ الملك ولھ الحمد وھو ال إلھ إال اهللا وحده ال شریك ل: حین یرد اهللا تعالى روحھ

رواه ابن ).على كل شيء قدیر ، إال غفر اهللا تعالى لھ ذنوبھ ولو كانت مثل زبد البحر .السني

ما من : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ قال– ٤د هللا الذي بعثني الحمد هللا الذي خلق النوم والیقظة ، الحم: رجل ینتبھ من نومھ فیقول

: إال قال اهللا تعالى. سالما سویا ، أشھد أن اهللا یحیي الموتى وھو على كل شيء قدیر . رواه ابن السني ).صدق عبدي

وعن عائشة رضي اهللا عنھا أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا استیقظ من - ٥فرك لذنبي ، وأسألك رحمتك ، ال إلھ إال أنت سبحانك اللھم وبحمدك ، أستغ: (اللیل قال

اللھم زدني علما ، وال تزغ قلبي بعد إذ ھدیتني ، وھب لي من لدنك رحمة ، إنك أنت .رواه أبو داود). الوھاب

:ثانیا ـ دعاء لبس الثوب وخلعة عن أبي سعید الخدري رضي اهللا عنھ أن النبي صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا لبس – ١

اللھم إني أسألك من خیره وخیر ما ھو لھ ، : (ء أو عمامة یقولثوبا سماه قمیصا أو ردا .رواه ابن السني). وأعوذ بك من شره وشر ما ھو لھ

من لبس : ( عن معاذ بن أنس رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال– ٢، غفر الحمد هللا الذي كساني ھذا الثوب ورزقنیھ من غیر حول مني وال قوة : ثوبا فقال

.رواه ابن السني). اهللا لھ ما تقدم من ذنبھ

ستر ما بین : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: عن أنس رضي اهللا عنھ قال– ٣بسم اهللا : أعین الجن وعورات بني آدم أن یقول الرجل المسلم إذا أراد أن یطرح ثیابھ

.رواه ابن السني). الذي ال إلھ إال ھو :وج من المنزل ودخولھثالثا ـ دعاء الخر

من قال : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: عن أنس بن مالك رضي اهللا عنھ قال– ١ بسم اهللا ، توكلت على اهللا ، وال حول وال قوة إال باهللا ، یقال ـ یعني إذا خرج من بیتھ ـ

ائي وقال رواه أبو داود والترمذي والنس) كفیت ووقیت وھدیت ، وتنحى عنھ الشیطان: لھ .حدیث حسن صحیح: الترمذي

: قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: وعن أبي مالك األشعري رضي اهللا عنھ قال– ٢اللھم إني أسألك خیر المولج وخیر المخرج ، بسم اهللا ولجنا ، : إذا ولج الرجل بیتھ فلیقل(

.رواه أبو داود) وبسم اهللا خرجنا ، وعلى اهللا ربنا توكلنا ، ثم لیسلم على أھلھ

رابعا ـ دعاء المشي إلى المسجد ودخولھ والخروج منھ عن عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنھما أن النبي صلى اهللا علیھ وسلم خرج إلى – ١

اللھم اجعل في قلبي نورا ، وفي بصري نورا ، وفي سمعي نورا ، : (المسجد وھو یقول، وتحتي نورا ، وأمامي نورا ، نورا وعن یساري نورا ، وفوقي، وعن یمیني نورا

.رواه البخاري). واجعل لي نورا، وخلفي نورا وعن عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنھما عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم – ٢

أعوذ باهللا العظیم ، وبوجھھ الكریم ، وسلطانھ القدیم ، : (أنھ كان إذا دخل المسجد یقول .رواه أبو داود) حفظ مني سائر الیوم: فإذا قال ذلك قال الشیطان ، من الشیطان الرجیم

كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إذا دخل : عن أنس بن مالك رضي اهللا عنھ قال– ٣بسم اهللا اللھم صل : (، وإذا خرج قال) بسم اهللا ، اللھم صل على محمد: (المسجد قال .رواه ابن السني). على محمد

قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ : ي حمید أو أبي أسید رضي اهللا عنھما قال عن أب– ٤اللھم : إذا دخل أحدكم المسجد فلیسلم على النبي صلى اهللا علیھ وسلم ، ثم لیقل: (وسلم

رواه مسلم وأبو ). اللھم إني أسألك من فضلك: افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فلیقل .داود والنسائي

:التخلي والمباشرةخامسا ـ دعاء عن أنس رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان یقول عند دخول – ١

.رواه الشیخان). اللھم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث: (الخالءكان رسول اهللا إذا خرج من الخالء : وعن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنھما قال– ٢

رواه ابن السني ). ني لذتھ ، وأبقى في قوتھ ، ودفع عني أذاهالحمد هللا الذي أذاق: (قال .والطبراني

وعن عائشة رضي اهللا عنھا أن النبي صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا خرج من الغائط – ٣ .رواه أبو داود). غفرانك: (قاللو أن أحدكم : ( وعن ابن عباس رضي اهللا عنھما عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم قال– ٤

بسم اهللا اللھم جنبنا الشیطان وجنب الشیطان ما رزقتنا فقضي بینھما : ذا أتى أھلھ قالإ .رواه البخاري) ولد لم یضره شیطان أبدا

:سادسا ـ دعاء الوضوء والغسل واآلذانأتیت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : عن أبي موسى األشعري رضي اهللا عنھ قال– ١

اللھم اغفر لي ذنبي ، ووسع لي في داري ، : (یدعو ویقولبوضوء ، فتوضأ ، فسمعتھ وھل تراھن : (سمعتك تدعو بكذا وكذا ، قال، یا نبي اهللا : فقلت) وبارك لي في رزقي

.رواه النسائي وابن السني). ؟تركن من شيء: قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: وعن عمر بن الخطاب رضي اهللا عنھ قال– ٢أشھد أن ال إلھ إال اهللا وحده ال شریك لھ ، وأشھد أن محمدا عبده : من توضأ فقال(

فتحت لھ أبواب الجنة ، ورسولھ ، اللھم اجعلني من التوابین واجعلني من المتطھرین .رواه مسلم والترمذي) الثمانیة یدخل من أیھا شاء

: ھ وسلم قالأن رسول اهللا صلى اهللا علی: وعن جابر بن عبد اهللا رضي اهللا عنھما– ٣اللھم رب ھذه الدعوة التامة والصالة القائمة ، آت محمدا : من قال حین یسمع النداء(

) حلت لھ شفاعتي یوم القیامة، الوسیلة والفضیلة ، وابعثھ مقاما محمودا الذي وعدتھ .رواه البخاري

:سابعا ـ دعاء الطعامالنبي صلى اهللا علیھ وسلم عن عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنھما عن – ١

اللھم بارك لنا فیما رزقتنا ، وقنا عذاب النار ، : (أنھ كان یقول في الطعام إذا قرب إلیھ .رواه ابن السني). بسم اهللا

إذا أكل : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: وعن عائشة رضي اهللا عنھا قالت– ٢: نسي أن یذكر اسم اهللا تعالى في أولھ فلیقلأحدكم فلیذكر اسم اهللا تعالى في أولھ ، فإن

.رواه أبو داود والترمذي) بسم اهللا أولھ وآخره وعن أبي سعید الخدري رضي اهللا عنھ أن النبي صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا فرغ – ٣

رواه أبو داود والترمذي ). الحمد هللا الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمین: (من طعامھ قال . وابن ماجةوالنسائي

من : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: عن معاذ بن أنس رضي اهللا عنھ قال– ٤الحمد هللا الذي أطعمني ھذا ورزقنیھ من غیر حول مني وال قوة ، غفر : أكل طعاما فقال

.رواه الترمذي وقال حدیث حسن). لھ ما تقدم من ذنبھ صلى اهللا علیھ وسلم جاء إلى سعد بن عن أنس بن مالك رضي اهللا عنھ أن النبي- ٥

: عبادة رضي اهللا عنھ ، فجاء بخبز وزیت فأكل ، ثم قال النبي صلى اهللا علیھ وسلمرواه أبو ). أفطر عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم األبرار، وصلت علیكم المالئكة(

.داود :ثامنا ـ دعاء التھجد واألرق والرؤیا

كان النبي صلى اهللا علیھ وسلم إذا قام : اهللا عنھما قال عن عبد اهللا بن عباس رضي – ١اللھم لك الحمد ، أنت قیم السماوات واألرض ومن فیھن ، ولك : (من اللیل یتھجد قال

الحمد ، لك ملك السموات واألرض ومن فیھن ، ولك الحمد أنت ملك السموات واألرض ولك حق ، والجنة حق ، ، ولك الحمد ، أنت الحق ، ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ، وق

والنار حق ، والنبیون حق ، ومحمد صلى اهللا علیھ وسلم حق ، والساعة حق ، اللھم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعلیك توكلت ، وإلیك أنبت ، وبك خاصمت ، وإلیك حاكمت ،

فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدم ، وأنت المؤخر ، .رواه البخاري). ال أنت ، وال حول وال قوة إال باهللاال إلھ إ

عن أبي سعید الخدري رضي اهللا عنھ أنھ سمع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم – ٢إذا رأى أحدكم رؤیا یحبھا ، فإنما ھي من اهللا تعالى ، فلیحمد اهللا تعالى علیھا : (یقول

ن الشیطان فلیستعذ من شرھا وال ولیحدث بھا ، وإذا رأى غیر ذلك مما یكره فإنما ھي م .رواه البخاري ومسلم). یذكرھا ألحد فإنھا ال تضره

عن عمرو بن شعیب عن أبیھ عن جده رضي اهللا عنھم أن رسول اهللا صلى اهللا – ٣أعوذ بكلمات اهللا التامة من غضبھ وعقابھ وشر : إذا فزع أحدكم فلیقل: (علیھ وسلم قال

رواه أبو داود ). فإنھا لن تضره، وأن یحضرون عباده ، ومن ھمزات الشیاطین .حدیث حسن: والترمذي والنسائي وقال الترمذي

وعن خالد بن الولید رضي اهللا عنھ أنھ أصابھ األرق ، فقال رسول اهللا صلى اهللا – ٤اللھم رب السموات السبع وما أظلت : قل، أال أعلمك كلمات إذا قلتھن نمت : (علیھ وسلم

وما أقلت ، ورب الشیاطین وما أضلت ، كن لي جارا من شر خلقك ، ورب األرضین). وتبارك اسمك، كلھم جمیعا أن یفرط علي أحد منھم أو أن یطغى علي ، عز جارك

.رواه الطبراني في األوسط وابن شیبة في مصنفھشكوت إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : وعن زید بن ثابت رضي اهللا عنھ قال– ٥

ال تأخذك ، وأنت حي قیوم ، قل اللھم غارت النجوم وھدأت العیون : ( أصابني فقالأرقافقلتھا ، فأذھب اهللا عز وجل عني ) سنة وال نوم ، یا حي یا قیوم أھدئ لیلي ، وأنم عیني

. رواه ابن السني. ما كنت أجده :تاسعا ـ دعاء النوم

إذا جاء أحدكم : ( علیھ وسلم قال عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ عن النبي صلى اهللا– ١باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعھ ، : فراشھ فلینفضھ بصنفة ثوبھ ثالث مرات ولیقل

). إن أمسكت نفسي فاغفر لھا ، وإن أرسلتھا فاحفظھا بما تحفظ بھ عبادك الصالحین .رواه الجماعة

لم كان إذا أوى إلى إن النبي صلى اهللا علیھ وس: ( وعن عائشة رضي اهللا عنھا قالت– ٢قل أعوذ برب "و" قل ھو اهللا أحد: "فراشھ كل لیلة جمع كفیھ ونفث فیھما فقرأ فیھما

ثم یمسح بھما ما استطاع من جسده ، یبدأ بھما على " قل أعوذ برب الناس"و" الفلق رواه البخاري). رأسھ ووجھھ وما أقبل من جسده ، یفعل ذلك ثالث مرات

من : (خدري رضي اهللا عنھ عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم قال وعن أبي سعید ال– ٣أستغفر اهللا الذي ال إلھ إال ھو الحي القیوم وأتوب إلیھ ، ثالث : قال حین یأوي إلى فراشھ

مرات ، غفر اهللا لھ ذنوبھ وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت عدد ورق الشجر ، وإن .رواه الترمذي وقال حدیث حسن). الدنیاكانت عدد رمل عالج ، وإن كانت عدد أیام

من قال حین : ( وعن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ أن النبي صلى اللھ علیھ وسلم قال– ٤لھ الملك ولھ الحمد وھو على كل ، ال إلھ إال اهللا وحده ال شریك لھ : یأوي إلى فراشھ

والحمد هللا وال إلھ إال اهللا سبحان اهللا ، ال حول وال قوة إال باهللا العلي العظیم ، شيء قدیر .رواه ابن حبان). غفرت لھ ذنوبھ وإن كانت مثل زبد البحر، واهللا أكبر

إذا : (قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: عن البراء بن عازب رضي اهللا عنھما قال- ٥اللھم : أتیت مضجعك فتوضأ وضوءك للصالة ، ثم اضطجع على شقك األیمن ثم قل

إلیك ، وفوضت أمري إلیك ، وألجأت ظھري إلیك ، رغبة ورھبة إلیك ، أسلمت وجھي فإن . ال ملجأ وال منجى منك إال إلیك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبیك الذي أرسلت

.أخرجھ الجماعة). مت مت على الفطرة ، واجعلھن آخر ما تتكلم بھ

:عاشرا ـ ختام الصالة وختام المجلسمن سبح : ( رضي اهللا عنھ عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال عن أبي ھریرة– ١

اهللا في دبر كل صالة ثالثا وثالثین ، وحمد اهللا ثالثا وثالثین ، وكبر اهللا ثالثا وثالثین ، ال إلھ إال اهللا وحده ال شریك لھ ، لھ الملك ولھ الحمد وھو على كل شيء : وقال تمام المئة

.رواه مسلم). انت مثل زبد البحرقدیر ، غفرت خطایاه وإن ك وعن معاذ بن جبل رضي اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أخذ بیده – ٢

: واهللا إني ألحبك ، أوصیك یا معاذ ال تدعن في دبر كل صالة تقول، یا معاذ : (وقال .رواه أبو داود). اللھم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقول بأخرة : رضي اهللا عنھ قال عن أبي برزة– ٣اللھم وبحمدك ، أشھد أن ال إلھ إال أنت ، ، سبحانك : (إذا أراد أن یقوم من المجلس

یا رسول اهللا إنك لتقول قوال ما كنت تقولھ فیما : ، فقال رجل) أستغفرك وأتوب إلیك .رواه أبو داود والحاكم في المستدرك) لسذلك كفارة لما یكون في المج: (مضى، قال

من أحب أن یكتال بالمكیال األوفى فلیقل في آخر : ( عن علي رضي اهللا عنھ قال– ٤سبحان ربك رب العزة عما یصفون ، وسالم على المرسلین ، : مجلسھ أو حین یقول

).والحمد هللا رب العالمین

لفة في غیر أحوال الیوم واللیلةالقسم الرابع ـ األدعیة المأثورة في حاالت مخت :أوال ـ دعاء االستخارة الشرعیة

كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یعلمنا : عن جابر بن عبد اهللا رضي اهللا عنھ قالإذا ھم أحدكم باألمر : (یقول. االستخارة في األمور كلھا كما یعلمنا السورة من القرآن

اللھم أني أستخیرك بعلمك ، وأستقدرك : یقلفلیركع ركعتین من غیر الفریضة ، ثم لبقدرتك ، وأسألك من فضلك العظیم ، فانك تقدر وال أقدر ، وتعلم وال أعلم ، وأنت عالم

أو "اللھم إن كنت تعلم أن ھذا األمر خیر لي في دیني ومعاشي وعاقبة أمري . الغیوبوإن كنت تعلم أن .. ھثم بارك لي فی. فاقدره لي ، ویسره لي"عاجل أمري وآجلھ: قال

، "عاجل أمري وآجلھ: أو قال"ھذا األمر شر لي في دیني ومعاشي وعاقبة أمري : قال). فاصرفھ عني ، واصرفني عنھ ، واقدر لي الخیر حیث كان ، ثم أرضني بھ

.رواه البخاري). ویسمى حاجتھ باسمھا( :ثانیا ـ صالة الحاجة

خرج علینا رسول اهللا صلى اهللا علیھ : ما قالعن عبد اهللا بن أبي أوفى رضي اهللا عنھفلیتوضأ ولیحسن ، من كانت لھ حاجة إلى اهللا تعالى أو إلى أحد من بني آدم : (وسلم فقال

ولیصل على النبي صلى اهللا علیھ وسلم ، ثم لیثن على اهللا ، الوضوء ثم لیصل ركعتین الحمد هللا رب ، العرش العظیم سبحان اهللا رب، ال إلھ إال اهللا الحلیم الكریم : ثم لیقل

والسالمة ، والغنیمة من كل بر ، وعزائم مغفرتك ، أسألك موجبات رحمتك ، العالمین وال حاجة ھي لك رضا إال ، وال ھما إال فرجتھ ، ال تدع لي ذنبا إال غفرتھ ، من إثم

أخرجھ ). قدرثم لیسأل من أمر الدنیا واآلخرة ما شاء فإنھ ی، قضیتھا یا أرحم الراحمین .الترمذي والنسائي وابن ماجة

:ثالثا ـ من أدعیة السفر) وأقرأ علیك السالم، أستودع اهللا دینك وأمانتك وخواتیم عملك : (یقول المقیم للمسافر

.رواه الترمذي والنسائي من حدیث عبد اهللا بن عمر

اطو لھ البعد ، اللھم ، علیك بتقوى اهللا ، والتكبیر على كل شرف : (ثم یوصیھ فیقول .رواه الترمذي والنسائي من حدیث أبي ھریرة) وھون علیھ السفر

أخرجھ ) ویسر لك الخیر حیثما كنت، وغفر ذنبك ، زودك اهللا التقوى : (ثم یدعو لھ بقولھ .الترمذي والنسائي من حدیث أنس

من حدیث رواه الطبراني ). أستودعك اهللا الذي ال تضیع ودائعھ: (ویقول المسافر للمقیم .أبي ھریرة

اللھم إنا نسألك في سفري (، ) اللھم بك أصول وبك أجول وبك أسیر: (ثم یدعو اهللا بقولھھذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللھم ھون علینا سفرنا ھذا ، واطو عنا بعده

السفر اللھم إني أعوذ بك من وعثاء ، اللھم أنت الصاحب في السفر والخلیفة في األھل ، : وإذا رجع قالھن وزاد فیھن). وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال واألھل والولد

رواه أحمد والبزار ومسلم وغیرھم من حدیث علي ) آیبون تائبون عابدون لربنا حامدون( .وابن عمر وعبد اهللا بن سرجس وغیرھم

الحمد هللا الذي سخر لنا : (فإذا استوى على مركبھ قال، ) بسم اهللا: (فإذا بدأ الركوب قالرواه أبو داود والترمذي من حدیث علي ) ھذا وما كنا لھ مقرنین وإنا إلى ربنا لمنقلبون

.رضي اهللا عنھ :رابعا ـ من أدعیة الظواھر الكونیة

مرتین أو ثالثة رواه ابن أبي شیبة من ) اللھم صیبا نافعا: ( إذا رأى المطر قال– ١اللھم على ، اللھم حوالینا وال علینا : (لمطر وخاف ضرره قالفإذا كثر ا، حدیث عائشة

.رواه البخاري من حدیث أنس) اآلكام والظراب وبطون األودیة ومنابت الشجروعافنا ، اللھم ال تقتلنا بغضبك وال تھلكنا بعذابك : ( إذا سمع الرعد والصواعق قال– ٢

.ث عبد اهللا بن عمررواه الترمذي والحاكم في المستدرك من حدی) قبل ذلكاللھم أھلھ علینا بالیمن واإلیمان والسالمة واإلسالم ، اهللا أكبر : ( إذا رأى الھالل قال– ٣

اللھم : (ثم یقول ثالثا) ھالل خیر ورشد(، ) والتوفیق لما تحب وترضى ربي وربك اهللاي رواه الدارم). وأعوذ بك من شره، وخیر القدر ، أني أسألك من خیر ھذا الشھر

.والترمذي والطبراني وغیرھم من حدیث عبد اهللا بن عمر وغیره :خامسا ـ من أدعیة الزواج واألوالد

رواه ) وجمع بینكما في خیر، وبارك علیكما ، بارك اهللا لكما : ( یقول لمن تزوج– ١ .البخاري ومسلم واألربعة من حدیث انس وأبي ھریرة

.رواه أبو داود والنسائي.. دتھ إذا أتي بمولود أذن في أذنھ حین وال– ٢ومن كل عین ، من كل شیطان وھامة ، أعیذك بكلمات اهللا التامة : ( تعویذ األطفال– ٣

.رواه البخاري من حدیث ابن عباس) ةالمأخرجھ ابن . وإذا أثغر فلیأمره بالصالة، إذا أفصح الصبي فلیعلمھ ال إلھ إال اهللا – ٤

.السني من حدیث عبد اهللا بن عمر :سادسا ـ من أدعیة المرئیات

وإذا رأى ما یكره ). الحمد هللا الذي بنعمتھ تتم الصالحات: ( إذا رأى ما یحب قال– ١ .رواه الحاكم وابن ماجة من حدیث عائشة). الحمد هللا على كل حال: (قالاللھم كما حسنت خلقي فحسن خلقي وحرم وجھي : ( إذا رأى وجھھ في المرآة قال– ٢

وكرم صورة وجھي فأحسنھا وجعلني من ، الحمد هللا الذي سوى خلقي فعدلھ ،على النار

والطبراني من حدیث عبد اهللا بن مسعود ، رواه ابن حبان وابن مردویة ) المسلمین .وعائشة وأنس

وبارك لنا في ، اللھم بارك لنا في ثمرنا : ( إذا رأى باكورة ثمرة أو فاكھة قال– ٣ثم ) اللھم كما أریتنا أولھ فأرنا آخره، وبارك لنا في مدنا ، عناوبارك لنا في صا، مدینتنا

.رواه مسلم والترمذي من حدیث أبي ھریرة. یعطیھ أصغر ما یكون عنده من الصبیانرواه البخاري ومسلم من ) أضحك اهللا سنك: ( إذا رأى أخاه المسلم یضحك قال– ٤

.حدیث سعد بن أبي وقاص :لتحیةسابعا ـ من أدعیة السالم وا

أخرجھ النسائي وابن القطان . إذا بلغ عن أحد سالما رده على المبلغ والمسلم معا – ١ .من حدیث أنس في سالم خدیجة

رواه أبو داود ) أحبك اهللا الذي أحببتني لھ: (قال، إذا قال لھ إنسان إني أحبك – ٢ .والنسائي وابن حبان من حدیث أنس

رواه ) بخیر أحمد اهللا: (أو قال) أحمد اهللا إلیك: (الق، إذا قیل لھ كیف أصبحت – ٣ .أحمد والطبراني من حدیث عبد اهللا بن عمر وأنس

.رواه الترمذي من حدیث أسامة) جزاك اهللا خیرا: ( إذا صنع إلیھ أحد معروفا قال– ٤ :ثامنا ـ من أدعیة عوارض الحیاة

ال إلھ إال اهللا الكریم العظیم ، (: إذا أصابھ الكرب أو الھم أو الغم أو الحزن یقول– ١الحمد هللا الذي لم (، ) توكلت على الحي الذي یموت(، ) سبحانھ تبارك اهللا رب العالمین

اللھم (، ) یتخذ ولدا ولم یكن لھ شریك في الملك ولم یكن لھ ولي من الذل وكبره تكبیرا، ) ال إلھ إال أنت، رحمتك أرجو فال تكلني إلى نفسي طرفة عین ، وأصلح لي شأني كلھ

، ) ال إلھ إال أنت سبحانك إني كنت من الظالمین(، ) یا حي یا قیوم ، برحمتك أستغیث(اللھم إني عبدك ، وابن أمتك ، ناصیتي بیدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، (

، أسألك بكل اسم ھو لك سمیت بھ نفسك ، أو أنزلتھ في كتابك ، أو علمتھ أحدا من خلقكأو استأثرت بھ في علم الغیب عندك ، أن تجعل القرآن العظیم ربیع قلبي ، ونور بصري

رواه النسائي وابن حبان )... ال حول وال قوة إال باهللا) (، وجالء حزني ، وذھاب ھميوالترمذي من ، والحاكم من حدیث أبي ھریرة وعبد اهللا بن مسعود ، من حدیث علي

.وأحمد والبزار من حدیث ابن مسعود، حدیث سعد بن أبي وقاص فإن لو تفتح ، وال یقول لو ، قدر اهللا وما شاء فعل : ( إذا وقع لھ ما ال یختاره فلیقل– ٢

.رواه النسائي من حدیث أبي ھریرة) باب الشیطانرواه أبو داود من حدیث عوف بن ). حسبنا اهللا ونعم الوكیل: ( إن غلبھ أمر فلیقل– ٣

.مالك، اللھم عندك أحتسب مصیبتي ، إنا هللا وإنا إلیھ راجعون : (ابتھ مصیبة قال إن أص– ٤

.رواه الترمذي والحاكم من حدیث أبي سلمة). فأجرني فیھا وأبدلني منھا خیراوأنت تجعل ، اللھم ال سھل إال ما جعلتھ سھال : ( إذا استصعب علیھ شيء قال– ٥

.أنسرواه ابن حبان من حدیث ) الحزن إذا شئت سھالرواه البخاري ومسلم من حدیث ) أعوذ باهللا من الشیطان الرجیم: ( إذا غضب قال– ٦

.سلیمان بن صردواغنني بفضلك عمن ، اللھم اغنني بحاللك عن حرامك : ( إذا ابتلي بالدین قال– ٧

.رواه الترمذي والحاكم من حدیث علي) سواك

:تاسعا ـ من أدعیة المرض والوفاة ، "ثالث مراث"بسم اهللا : (ع یده على موضع األلم من جسده ثم قالإذا اشتكى وض– ١

رواه مسلم من حدیث عثمان ") سبع مرات"أعوذ بعزة اهللا وقدرتھ من شر ما أجد وأحاذر .بن أبي العاص

ال شفاء ، اشف وأنت الشافي ، اللھم أذھب البأس رب الناس : ( إذا عاد مریضا قال– ٢رواه البخاري من .. ویمسح بیده علیھ ویطیب خاطره ) سقماشفاء ال یغادر، إال شفاؤك

.حدیث عائشةوكل شيء عنده بأجل ، إن هللا ما أخذ ولھ ما أعطى : ( وفي العزاء یسلم ویقول– ٣

.رواه البخاري) فلتصبر ولتحتسب، مسمى یم بسم اهللا الرحمن الرح: (وكتب رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إلى معاذ یعزیھ في ابنھ

سالم علیك ، فإني أحمد اهللا إلیك الذي ال إلھ إال : ، من محمد رسول اهللا إلى معاذ بن جبلفأعظم اهللا لك األجر ، وألھمك الصبر ، ورزقنا وإیاك الشكر ، فإن أنفسنا : أما بعد. ھو

وأموالنا وأھلینا وأوالدنا من مواھب اهللا عز وجل الھنیة وعواریھ المستودعة ، نمتع بھا ویقبضھا إلى وقت معلوم ، ثم افترض علینا الشكر إذا أعطى ، ، أجل معدود إلى

متعك اهللا بھ ، والصبر إذا ابتلى ، وكان ابنك من مواھب اهللا الھنیة وعواریھ المستودعة في غبطة وسرور وقبضھ منك بأجر كثیر ، الصالة والرحمة والھدى إن احتسبت ،

واعلم أن الجزع ال یرد میتا وال یدفع حزنا ، فاصبر ، وال یحبط جزعك أجرك فتندم ، .رواه الحاكم وابن مردویھ). وما ھو نازل فكان قد ، والسالم

وعافھ واعف عنھ ، اللھم اغفر لھ وارحمھ : ( وفي صالة الجنازة یدعو للمیت بقولھ– ٤ا نقیت واغسلھ بالماء والثلج والبرد ، ونقھ من الخطایا كم، ووسع مدخلھ ، واكرم نزلھ ،

وزوجا ، وأھال خیرا من أھلھ ، الثوب األبیض من الدنس ، وأبدلھ دارا خیرا من داره رواه مسلم ). وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وأدخلھ الجنة ، خیرا من زوجھ

.من حدیث عوف بن مالكویرحم ، مین السالم على أھل الدیار من المؤمنین والمسل: ( في زیارة القبور یقول– ٥

أنتم لنا فرط ونحن ، وإنا إن شاء اهللا بكم الحقون ، اهللا المستقدمین منكم والمستأخرین رواه مسلم والنسائي وابن ماجة ) وال تضلنا بعدھم، اللھم ال تحرمنا أجرھم ، لكم تبع

. وابن السني

:عاشرا ـ صالة التسبیحفي كل ركعة بالفاتحة وسورة ثم یسبح یقرأ ، أربع ركعات بتسلیمة واحدة أو بتسلیمتین

، ) واهللا أكبر، وال إلھ إال اهللا ، والحمد هللا ، سبحان اهللا : (قائما خمس عشرة مرة یقولوبین السجدتین ، وفي السجود عشرا ، وفي الرفع منھ عشرا ، ویسبح في الركوع عشرا

فھي ، التشھد عشرا وفي الرفع منھا قبل القیام أو، وفي السجدة الثانیة عشرا ، عشرا الحدیث أخرجھ أبو داود والحاكم من .. یفعل ذلك في كل ركعة، خمس وسبعون تسبیحة

.حدیث عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنھما

بعد الورد القرآني وورد المأثورات من أوراد اإلخــوان : ورد الدعاء– ١

مائة مرة ) لھ وصحبھ وسلماللھم صل على سیدنا محمد وعلى آ(، مائة مرة ) أستغفر اهللا(الدعاء للدعوة والقائمین بھا ولإلخوان والنفس واألھل بعد ، مائة مرة ) ال إلھ إال اهللا(،

.ذلك بما تیسر من الدعواتومساء بعد صالة المغرب أو العشاء أو قبل النوم ، ویقرأ الورد صباحا بعد صالة الصبح

یوي إال للضرورة استكماال للخشوع وتأدبا وأال یقطع ورده بكالم دن، مع الخشوع التام .في الذكر

: ورد الرابطة– ٢قل اللھم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ( :یتلو األخ اآلیة الكریمة في تدبر كامل

یدك الخیر إنك على كل شيء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بتولج اللیل في النھار وتولج النھار في اللیل وتخرج الحي من المیت وتخرج ، قدیر

)٢٧-٢٦:آل عمران) (المیت من الحي وترزق من تشاء بغیر حسابوأصوات ، اللھم إن ھذا إقبال لیلك وإدبار نھارك ( : یتلو الدعاء المأثور بعد ذلكثم

)دعائك فاغفر ليثم یستحضر صورة من یعرف من إخوانھ في ذھنھ ویستشعر الصلة الروحیة بینھ وبین

اللھم إنك تعلم أن ھذه القلوب قد : (ثم یدعو لھم بمثل ھذا الدعاء، من لم یعرفھ منھم وتعاھدت على ، وتوحدت على دعوتك ، والتقت على طاعتك ، لى محبتك اجتمعت ع

وأمألھا بنورك الذي ، واھدھا سبلھا ، وأدم ودھا ، فوثق اللھم رابطتھا ، نصرة شریعتك ، وأحیھا بمعرفتك ، وجمیل التوكل علیك ، واشرح صدورھا بفیض اإلیمان بك ،ال یخبو

وصل اللھم ، الھم آمین ، المولى ونعم النصیر إنك نعم، وأمتھا على الشھادة في سبیلك ).على سیدنا محمد وعلى آلھ وصحبھ وسلم

.ووقت ھذا الورد ساعة الغروب تماما من كل لیلة

: ورد المحاسبة– ٣

وإن وجد ، فإن وجد األخ خیرا فلیحمد اهللا ، وھو استعراض أعمال الیوم ساعة النوم .جدد التوبة وینام على أفضل العزائمغیر ذلك فلیستغفر ولیسأل ربھ ثم ی

وصلى اهللا على سیدنا محمد وعلى آلھ وصحبھ وسلم تسلیما كثیرا

حسـن البنــا