1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد...

15
ادعد زومتوليو يوز ي 178 (1( Saleh al-Shoura | لح الشورة صافلسطينية: الجرائد ال يح بلفور ت1929 ق عام ا ثورة ال من صدوره إThe Balfour Declaration in Palestinian Newspapers from 1917 till the Buraq Revolution of 1929 مقدمة (2( Balfour Declaration بلفور" يحن بإعلبيطا ا ستعمار وا الصهيونية الحركة ب الصفقة تّ تم طماعها د رسمييول تأينية، وأ لحركة الصهيون دولة عظمى باي م اف رسمك أول اع، وكان ذل1917 / نوفمبلثا ين ا ت2 طانيا ت بري انت، بعد أنليهودء الوطن القومي ل رسا ، أرض فلسط ا عً عمليصهيو- نغلوق الوفاضمون اق م . وتحق(3( فلسط يح، عضمون الت اً ، وفقطانية، تجاه فلسطت الحكومة البيجبا نتداب واد ا. فحد وية ا لعا الحرب ا تها فرنسا وحليفم، مق عصبة اوجب ميثا ه، بم تقرير مص نيفلسطي ال وحق الشعب العر يحنفيذ الت ار ت إقر الواضح بلتناقض من ا الرغم. وية ا لعاء الحرب العرب أثناقطوعة لء احلفاعود ال وو،1929 حتى عام فلسط تصدر حينهاي كانتسطينية التفل بعض الجرائد ال كيز ع اللعد بلفور من خ الحديث عن و يأ جريدة ا عّ ً كيز منصبسيكون ال ا. وً مع الوجود الصهيو ولبيطا نتداب ا ضد امة بشتى صورهاقاوحولت فيه ام الذي تلعاهو ا و اً يح كان متشابهه التفلسطينية تجاجرائد الللعام ل النسق ا ا أنً صفحاتها، علم الوعدا تركيزها عمه ة؛ أهاب كث سب فلسطي أن الخط الصحفي يعن لجة. وهذاعاني، وطرائق افلسطي الجمعي الصحفي العقل ال لّ مر الذي شكهو ا ا، وً وم الجرائد عم بختلف ت يح. فكانته التفعل تجا ى من ردات ال أخرً خذت أشكاك جرائد فلسطينية اتت هناحدة، بل كان ة وا وت جاء ع التفصي ى من البحث، الحصة الكب فلسط حازت جريدة لجة، لذاعا أسلوب ا مع الحدث وتعامل من حيث الوجهات أصحابهاتها وت مفردا رها، إصدا اً نتظامفلسطينية ا الجرائد الت من أك كان فلسط أن جريدة أو تنقضها، خاصةد الفكرة خرى لتؤكءت الجرائد ا وجاب الصحفي العرلخطا مفردات ا البحث والتقل ا من خً بدو جلية. وي ردنيمعة الجا مكتبة ا ٍ نحو كافدها عتوافر أعدا وتقة ب كنه العفزعة"، وأنها تجهل "الفلسطينية أقرب إ الجرائد ال، أن ردات فعل حينها لم العرلعا ا ، وأظنها فلسط ظيفية صهيونيةق دولة و خلمل عهو الع؛ و فلسط لبيطالوجود اقي لب الحقيالسبة كافية ب درايد، وليس لها اليهوطانيا و بري ا هو تحويلً ا واحدً أمرلتزموز الحب والكره، وتتجاة مادية تأوروبا حضارة نفعي ته. فّ برم ورور ا ستعمانية، بل البيطا لح اصا تخدم ا ردن.ية، ا لعا مية ا سعلوم امعة العلوم، جا داب وال، كلية اعاريخ الحديث والتا ا أستاذ مشارك1 Associate Professor in Modern and Contemporary History, Faculty of Arts and Sciences, World Islamic Sciences University, Jordan. : وعد بلفور لصظر النص ا ان2 Palestine Royal Commission Report, presented by the Secretary of state for the Colonies to Parliament by command of his Majesty (London: July 1937), p. 22. .71 ، ص)1973 ع الوطني،لدفا/ وزارة افلسطينيةت الساسة الدرا وت: مؤسب( الخطر الصهيوفلسطينية و القضية ال3

Transcript of 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد...

Page 1: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

متوز ي يوليو زومت ددع ا

178

(1(Saleh al-Shoura | صالح الشورة

ترصيح بلفور يف الجرائد الفلسطينية:

من صدوره إىل ثورة الرباق عام 1929

The Balfour Declaration in Palestinian Newspapers from 1917 till the Buraq Revolution of 1929

مقدمة

يف (2( Balfour Declaration"بلفور "ترصيح بإعالن البيطاين واالستعمار الصهيونية الحركة بني الصفقة تمت

تأييد رسمي ألطماعها يف بالحركة الصهيونية، وأول 1917، وكان ذلك أول اعرتاف رسمي من دولة عظمى الثاين/ نوفمب 2 ترشين فلسطني)3). وتحقق مضمون الوفاق األنغلو-صهيوين عمليا عىل أرض فلسطني، إلرساء الوطن القومي لليهود، بعد أن انترصت بريطانيا

وحليفتها فرنسا يف الحرب العاملية األوىل. فحدد االنتداب واجبات الحكومة البيطانية، تجاه فلسطني، وفقا ملضمون الترصيح، عىل

الفلسطيني يف تقرير مصريه، بموجب ميثاق عصبة األمم، العريب الترصيح وحق الشعب تنفيذ إقرار الواضح بني التناقض الرغم من

ووعود الحلفاء املقطوعة للعرب أثناء الحرب العاملية األوىل.

يأيت الحديث عن وعد بلفور من خالل الرتكيز عىل بعض الجرائد الفلسطينية التي كانت تصدر حينها يف فلسطني حتى عام 1929،

وهو العام الذي تحولت فيه املقاومة بشتى صورها ضد االنتداب البيطاين والوجود الصهيوين معا. وسيكون الرتكيز منصبا عىل جريدة

فلسطني ألسباب كثرية؛ أهمها تركيزها عىل الوعد يف صفحاتها، علما أن النسق العام للجرائد الفلسطينية تجاه الترصيح كان متشابها

بني الجرائد عموما، وهو األمر الذي شكل العقل الجمعي الصحفي الفلسطيني، وطرائق املعالجة. وهذا ال يعني أن الخط الصحفي

التفصييل جاء عىل وترية واحدة، بل كانت هناك جرائد فلسطينية اتخذت أشكاال أخرى من ردات الفعل تجاه الترصيح. فكانت تختلف

يف مفرداتها وتوجهات أصحابها من حيث التعامل مع الحدث وأسلوب املعالجة، لذا حازت جريدة فلسطني الحصة الكبى من البحث،

وجاءت الجرائد األخرى لتؤكد الفكرة أو تنقضها، خاصة أن جريدة فلسطني كانت من أكرث الجرائد الفلسطينية انتظاما يف إصدارها،

وتتوافر أعدادها عىل نحو كاف يف مكتبة الجامعة األردنية. ويبدو جليا من خالل البحث والتقيص يف مفردات الخطاب الصحفي العريب

يف فلسطني، وأظنها يف العالم العريب يف حينها، أن ردات فعل الجرائد الفلسطينية أقرب إىل "الفزعة"، وأنها تجهل كنه العالقة بني

بريطانيا واليهود، وليس لها دراية كافية بالسبب الحقيقي للوجود البيطاين يف فلسطني؛ وهو العمل عىل خلق دولة وظيفية صهيونية

تخدم املصالح البيطانية، بل االستعمار األورويب برمته. فأوروبا حضارة نفعية مادية تتجاوز الحب والكره، وتلتزم أمرا واحدا هو تحويل

1 أستاذ مشارك يف التاريخ الحديث واملعارص، كلية اآلداب والعلوم، جامعة العلوم اإلسالمية العاملية، األردن.Associate Professor in Modern and Contemporary History, Faculty of Arts and Sciences, World Islamic Sciences University, Jordan.

2 انظر النص األصيل لوعد بلفور يف:Palestine Royal Commission Report, presented by the Secretary of state for the Colonies to Parliament by command of his Majesty (London: July 1937), p. 22.

3 القضية الفلسطينية والخطر الصهيوين )بريوت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية/ وزارة الدفاع الوطني، 1973(، ص 71.

Page 2: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

179

نادوس أسطاوا مئة عام عىل وعد بلفور: املقدمات والنتائج

العالم إىل مادة استعمالية ال قداسة لها، وكما يقول اللورد باملرستون Lord Palmerston وزير خارجية بريطانيا )1830 - 1841( ورئيس

وزرائها )1846 - 1851( "ليس لنا أصدقاء دائمون وال أعداء دائمون، بل مصالح دائمة")4).

تحاول هذه الورقة استقراء واقع الجرائد ومخيالها وأقالمها، وانعكاسات صورة الترصيح ومضامينه عىل صفحاتها، الذي بدوره

عكس وانعكس عىل حال املقاومة. وقد اعتمدت الدراسة عىل املنهج التاريخي االسرتجاعي املتسلسل، خاصة أنها أدركت عامل الزمن،

لألحداث التاريخي التصاعد سياق يف الجرائد يف الترصيح أخبار عن التنقيب جاء لذا األحوال. بتبدل خلدون ابن عند يعرف ما أو

وتحوالتها املتسارعة، مع األخذ يف االعتبار مقدار الوعي ونقيضه يف ما يتعلق باختالف املعالجات الصحفية، وأسبقية جريدة عىل أخرى،

الدراسة. ومن أهم هذه إبان مجال التي كانت تصدر يف فلسطني بلفور. وسيكون الرتكيز منصبا عىل الجرائد بشأن إدراك خطر وعد

الجرائد: جريدة فلسطني، وغريها من الجرائد الفلسطينية التي رافقت الفرتة الزمنية املبحوث فيها؛ ومنها عىل سبيل املثال ال الحرص:

جريدة الجامعة العربية، وجريدة الكرمل، وجريدة لسان العرب، بوصفها تعب عن اختالف يف وجهة النظر.

إرهاصات الوعد وتلقي الصدمة

ظلت اإلدارة السياسية البيطانية تعمل عىل إخفاء اإلعالن الرسمي عن ترصيح بلفور حتى استقرت لها األمور يف فلسطني؛ وذلك

بنتائج عكسية ال تحمد عقباها كما أو أن يأيت إعالنه للمنطقة، البيطاين العام لسكان فلسطني االحتالل املزاج خوفا من أن يعكر

Allenby القائد العسكري للحملة)5). وهذا ما الحظه عارف العارف صاحب جريدة سوريا الجنوبية ومحررها، ادعى الجرنال اللنبي

بإلغائه؛ األمر بلفور ومطالبة الجرائد األخرى وعد بعد عام واحد من إصدارها، مستنكرة مع والتي صدرت عام 1919، ولكنها عطلت

الذي يرصده الكاتب نفسه حينما قال: "لم يذع خب الوعد إال عندما وضعت الحرب أوزارها، ولم يعد اإلنكليز يف حاجة لرضا العرب

سكان البالد")6). ويبدو أن حركة الشارع الفلسطيني كان لها السبق يف رفض االحتالل البيطاين املحايب لليهود، وقد تكون هي التي

ويافا القدس الحاشدة يف مدينتي التظاهرات انطلقت العكس. حيث الوعد ومآالته وليس الحديث عن للخوض يف الجرائد وجهت

منددة بالوجود اليهودي. وهتف املحتشدون ضد اليهود، وأطلقوا شعارات الوحدة الوطنية واالستقالل بعد أن وقفت اإلدارة العسكرية

البيطانية موقفا سلبيا تجاه التظاهرات الصهيونية يف القدس بمناسبة الذكرى األوىل لترصيح بلفور يف ترشين الثاين/ نوفمب 1918، والتي

وصفها الحاكم العسكري للقدس الكولونيل رونالد ستورز Ronald Storrs باآليت: "استثري الرأي العام يف القدس استثارة بالغة يف األيام

الثالثة األخرية بمناسبة إعالن البعثة الصهيونية عن تنظيمها موكبا واجتماعا كبريين تنوي عقدهما إلحياء الذكرى األوىل لترصيح بلفور

]...[ وقد أثارت هذه التظاهرات الصهيونية مشاعر عدائية يف أوساط العرب املسلمني واملسيحيني، وأصبح هذا االستياء أقوى وأعمق

مع قدوم املزيد من اليهود إىل فلسطني")7).

يف خاص، بيان يف Bols بولز الجرنال البيطاين العسكري الحاكم أصدره عندما بالفعل الوعد عن الرسمي اإلعالن أىت

18 شباط/ فباير 1920، ومما جاء فيه: "أن يدمج وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود يف معاهدة الصلح مع تركيا" ثم تال الترصيح، وقال: "إن إدماجه يف صك االنتداب، يعني عدم التعرض للعادات الدينية واألماكن املقدسة، وعدم تقييد يشء من الحرية الدينية، شط

4 عبد الوهاب املسريي، "اليهود ودولة إرسائيل يف اإلسرتاتيجية الغربية"، الجزيرة نت، 3 / 10 / 2004، شوهد يف 13 / 5 / 2018، يف:https://bit.ly/2J01ObT

5 Wiliam Basil, Palestine of the Mandate (London: T. Fisher Unwin, 1925), p. 3.

6 عارف العارف، املفصل يف تاريخ القدس 1892 - 1973 )القدس: مكتبة األندلس، 1961(، ص 140.

7 Martin Gilbert, Jerusalem in The Twentieth Century (New York: John Wilcy and Sons, 1996), p. 81.

Page 3: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

متوز ي يوليو زومت ددع ا

180

املحافظة عىل النظام واألمن العام")8). وال شك يف أن اإلدارة العسكرية البيطانية عملت بجهد دؤوب عىل تحقيق الوعد عىل أرض

الواقع من حيث تشجيع الهجرة اليهودية إىل فلسطني، وامتالك األرايض، ومن ثم تمليكها لليهود من خالل قوانني كثرية سنتها ال

مجال لذكرها هنا. بل تعدت سياسة مساعدة اليهود إىل العمل يف الرس والعلن عىل تغليب العنرص اليهودي يف فلسطني عىل حساب أهلها

األصليني، ملقية بذلك بواقعها الديموغرايف العريب لصالح اليهود، وهذا ما توضحه الرسالة الرسية التي أرسلها الجرنال بولز إىل حاييم

وايزمان، والتي ورد فيها: "أرسل كتايب هذا إىل الدكتور وايزمان، وأعلمه بأنه يف اإلمكان جلب مهاجري اليهود بأعداد كبرية من دون

حدوث اضطرابات، عىل أن تجري عملية الهجرة بغري مظاهر. إنني أستطيع أن أجعل هذه البالد تتسع ملليونني ونصف املليون بدال من

تسعمائة ألف فقط، وأن أجعل وادي األردن يتسع ملليون ساكن بدال من ألف ساكن فقط يعيشون فيه اآلن")9).

عندما اجتمع ونستون ترششل Churchill Winston بوفد اللجنة التنفيذية، يف 28 آذار/ مارس 1921، بالقدس ردا عىل طلب الوفد

إلغاء ترصيح بلفور، وإيقاف الهجرة اليهودية إىل فلسطني قال: "إنكم تطلبون مني ما هو ليس من سلطتي، ولست راغبا فيه ]...[ إين

آسف ألنكم تعتبون الشق الثاين من ترصيح بلفور عديم القيمة، إنه مهم لكم، ويجب عليكم التمسك به بقوة، إننا سنعمل عىل تنفيذ

الشقني بإخالص، ودققوا النظر يف كلمات املسرت بلفور، هناك فرق واضح يف املعنى بني أن تصبح فلسطني وطنا قوميا لليهود، وبني أن

يكون يف فلسطني وطن قومي. إن إقامة الوطن القومي، ال يعني حكومة يهودية تسيطر عىل العرب")10).

ولم يخف االندفاع البيطاين تجاه تحويل فلسطني إىل يهودية عىل بعض الجرائد الفلسطينية التي بدأت تمأل صفحاتها بإنكار

الوعد، وقد كانت جريدة الكرمل )لنجيب نصار( من الجرائد التي تنبهت لهذا الخطر. فقد ورد يف صفحاتها بأنها ستواصل األسلوب

نفسه الذي نذرت نفسها لخدمته، ولن يثنيها عن ذلك سطوة حاكم، وستظل تهاجم السياسة االستعمارية البيطانية، وتطعن يف وعد

بلفور، وتندد بالهجرة الصهيونية إىل فلسطني وتحرك الوعي الوطني)11). واملالحظ هنا أن هذه الجريدة كانت تدعو إىل التخلص من

االنتداب برمته يف هذا الوقت املبكر، ومن ثم اليهود. أما الجرائد الفلسطينية األخرى إجماال، فقد كانت تغرق يف حسن نيات الصديقة

بريطانيا )وهذا ما سريد الحقا( ونبذ تشكيل نهج مبني عىل أن بريطانيا هي سبب البالء.

حافظت الجرائد الفلسطينية عىل النهج الداعي إىل توجيه العتب إىل اإلدارة البيطانية بسبب انحيازها إىل الجانب اليهودي، فهذا

عيىس داوود العيىس صاحب جريدة فلسطني ينكر عىل السياسة البيطانية، بل الحلفاء، فعلتهم، ويوجه إليهم اللوم مستنكرا مستغربا حينما

يقول: "كيف أن الحلفاء لم يذكروا لفلسطني ولم يقدروا لها التضحية، وحكموا عليها بأن تكون وطنا لدخيل أجنبي، ينازع ابنها حق الحياة

فيها"، وبعد أن يتأسف ملا جرى، يقول: "إنه عندما جاءت بريطانيا العظمى جعلت للصهيونيني يف فلسطني حقا، وعدهم به بلفور، وصادق

عليه الحلفاء!")12). بل كانت معظم الجرائد تؤكد أن العدو األول للشعب العريب الفلسطيني هم الصهاينة وليس غريهم، وكانت تفرد ذلك

عىل نحو رصيح عىل صفحاتها، ومثال ذلك ما ورد يف جريدة فلسطني التي يقول محررها: "نريد أن نرصح مرة أخرى أننا لسنا أعداء لليهود،

بل نريد أن نعيش كما عشنا باملايض بوئام مع مواطنينا يهود فلسطني، وأما الذي يحتج عليه شعب ضعيف مثلنا هو املرشوع الصهيوين الذي

سيستعبدنا ويخرجنا من بالدنا، نقول إننا شعب ضعيف بالنسبة إىل قوة إنجلرتا، ولكننا قادرون عىل الدفاع عن أنفسنا ضد الصهيونيني")13).

8 عيىس السفري، فلسطني العربية بني االنتداب والصهيونية )القدس: منشورات صالح الدين، 1981(، ص 30.

9 Chaim Weizmann, Trial and Error: The Autobiography of Chaim Weizmann (London: Hamish Hamilton, 1950), p. 323.

10 Christopher Sykes, Cross Roads to Israel (London: the New English Library, 1969), pp. 68 - 69.

11 جريدة الكرمل، 19 / 3 / 1920.

12 جريدة فلسطني، 19 / 3 / 1921.

13 املرجع نفسه، 20 / 8 / 1920.

Page 4: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

181

نادوس أسطاوا مئة عام عىل وعد بلفور: املقدمات والنتائج

لم تقف فكرة االستغراب بشأن ما فعلته بريطانيا عند الجسم الصحفي فقط، بل ترسبت إىل أوساط الناس الذين بدؤوا يستشعرون

املستقبل املبهم لهذا الوعد، ويقدمون اللوم الناعم للسياسة البيطانية، فحاولت أن تعكس آراء الناس عب صفحاتها، فهذا أحد أعيان

القدس وهو شكيب أفندي النشاشيبي يرسل رسالة إىل جريدة فلسطني يشوبها الشك والعتب، يطلب فيها أن تقوم الجريدة بنرش وعد

بلفور بحذافريه ليتم له التأكد إن كان فيه ما يشتمل عىل إعطاء بيوت الوطنيني لليهود من دون أجرة أو بدل، ألن له دارا أجرها لحاكم

القدس املسرت ستورز ملدة معينة، وملا انقضت املدة استوىل عليها الصهيونيون وجعلوها مدرسة للموسيقى، حتى صار يتخيل أن وعد

بلفور يشتمل عىل األمالك الخاصة. ويعلق املحرر يف نهاية الكتاب بقوله: قلنا له، أي للنشاشيبي: "كان من األجدر بك أن تسأل املسرت

ترششل فهو أعلم بالوعد وأوىل بالجواب")14).

شكل حديث الوعد يف األوساط السياسية الفلسطينية صدمة عارمة، األمر الذي انعكس عىل األقالم لتؤدي دور املحرض الناعم

بلفور، فقد غطت الواعي بمصريه وإشكالية وعد الشعب بكل طوائفه بمظهر السلمي، ومحاولة إظهار التظاهر الناس إىل يف توجيه

أن وأظهرت اليهودية)15). بالهجرة ومنددة الوعد رافضة الفلسطينية املدن انطلقت يف شتى التي التظاهرات تقارير جريدة فلسطني

رفض الوعد لم يقترص عىل الرجال، يف محاولة منها لتبديد فكرة أن املجتمع الفلسطيني مجتمع ذكوري ينأى بنفسه عن أفكار التحرر

والتقدم، فقامت جريدة فلسطني بنرش رسالة ممهورة بتوقيع سيدات فلسطني إىل قرينة املسرت ترششل ورد فيها: "إن البالد بالدنا، ونريد

أن نعيش فيها مع أزواجنا وأوالدنا بأمن، وحاشا للشعب البيطاين الحر أن يقبل بهذا الظلم الذي ال نظري له بالتاريخ")16). بل ذهبت

بعض الترصيحات إىل الدفاع عن سياسة بريطانيا يف ذلك الحني، وعدلها، ومحاولة تطهريها من خطيئة وعد بلفور، مع محاولة إيجاد

العذر لها وإن كان عذرا غري شعي، وهو وسوسة الشيطان لها، وحاجتها إىل املال اليهودي. وهذا ما توضحه جريدة فلسطني: "آمنا

بالله وبآياته، وباالنتداب وفوائده، وباإلنسانية وحماتها، وبأوروبا وإنصافها، وبالحلفاء وعطفهم، وببيطانيا وعظمتها، اللهم إال عهد

بلفور، فإننا نكفر به وننكره ألنه من عمل الشيطان، نقول ذلك ونحن نعلم أن شيطان املال فعل أفاعيله يف فكر إنجلرتا ]...[ وتتعجب

الجريدة ذاتها من بقاء اإلنكليز عىل عنادهم يف املوقف من القضية الفلسطينية، ألن هذه القضية هي سبب املشكلة القائمة بني العرب

واإلنكليز، وهي الشوكة يف جنب الصداقة بينهما، والقذى الذي يعكر صفاء العالئق بينهما")17). وهي ترى يف موقع آخر من صفحاتها

أن املنفعة املتبادلة بني األمتني البيطانية والعربية تقتيض أن يفي كل جانب بتعهداته، وقد أدى العرب ما عليهم، فعىل الفريق اآلخر

أن يؤدي ما عليه أيضا)18).

اليهودي يف الوجود الذي سيرتتب عىل الخطر الوعد مدركة تلت إعالن التي للسنني األوىل الصحفية املعالجات جاءت معظم

فلسطني بناء عىل وعد بلفور، لذا كان هناك إرصار من الجرائد التي عكست واقع املقاومة الفلسطينية عىل إلغاء الوعد بغض النظر عن

الطريقة، ولكنها كانت تقف خجلة حائرة أمام مصدر الوعد وهو بريطانيا، وهذا ما يؤكده الخطاب الصحفي العام. فقد ورد يف جريدة

فلسطني أن املقاومة الفلسطينية ال يخامرها الريب يف أن ترصيح وعد بلفور لم يأت برغبة من بريطانيا العظمى التي نثق بها وبإنصافها،

بل بسبب شدة تأثري النفوذ الصهيوين فيها)19). وهذا الحس ينسحب عىل معظم بيانات القيادة السياسية الفلسطينية التي مثلها الوفد

العريب الذي كان يفاوض اإلنكليز بشأن فلسطني ووعد بلفور، إذ يالحظ القارئ أن البيانات الرسمية واملقاالت الصحفية كانت تمدح

14 جريدة فلسطني، 30 / 3 / 1921.

15 املرجع نفسه.

16 املرجع نفسه.

17 املرجع نفسه.

18 املرجع نفسه، 18 / 1 / 1922.

19 املرجع نفسه، 29 / 5 / 1921.

Page 5: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

متوز ي يوليو زومت ددع ا

182

بريطانيا وال تشكك يف نياتها تجاه قضايا العرب)20). ويمكن لهذا اللقاء الذي رصدته جريدة فلسطني بني ترششل وأحد الصحافيني

أن يعطي الفكرة للقارئ عن األجواء التي تعامل معها العمل الصحفي تجاه وعد بلفور، إذ ورد اآليت: "الصحايف: ال أظنكم تعلمون

يا سيدي مقدار الفرح الذي استوىل عىل األمة الفلسطينية عندما وصلت جيوشكم هذه البالد، فإن البعض بىك من شدة االبتهاج.

ولكن رسعان ما تغري هذا الفرح إىل غم واستياء بعد أن علم بترصيح بلفور وما ينطوي عليه من الخطر الصهيوين لكل عريب. فأجاب

السياسية حقوقكم لكم يضمن باألحرى وأنه البتة، عليكم فيه ضيم ال البيطانية الحكومة تراه كما بلفور ترصيح إن ترششل:

والشعب والصناعة، بالتجارة تام بشكل متمول قوي شعب اليهود أن تعلم وأنت هذا؟ كيف الصحايف: فرد والدينية. واملدنية

الفلسطيني جله غري متعلم. فقال ترششل: ال خوف من اليهود ألنكم العدد األكرث يف البالد. فقال الصحايف: نعم ولكن عددهم يزداد

كل يوم، وال يميض وقت طويل حتى تمتلئ البالد منهم، والذي يزيد يف الطني بلة أن وعد بلفور يمنح اليهودي حال دخوله فلسطني

ذات الحقوق الوطنية التي للوطنيني، فماذا تقول يا جناب الوزير إذا ذهبت أنا لبالدك وحال وصويل أنتخب عضو املجالس البلدية

ومجلس البملان، فأجاب ترشتشل: ال، ال إن هذا ال يمكن إال إذا عشت بضع سنني يف البالد، قال الصحايف: إذا ملاذا ال تعاملوننا

يف بالدنا كما تعاملون أنفسكم يف بالدكم؟ وملاذا تعطون اليهود حقوقا يف فلسطني تضنون بها عليهم يف بالدكم؟ ألنه متى أعطي

شخص حق االنتخاب يف البالد فقد أعطي حق كل يشء ]...[ واعلم يا سيدي بأن اليهودي ينتفع من أهل البالد وال ينفعهم بيشء

ماذا ولكن فأجاب ترششل: العناء. أشد مزاحمتهم وقوتكم كدولة تالقون من مالكم وعلمكم بهم، ومع كرثة الناس أعرف وأنتم

نفعل بهذا الشعب املشتت يف العالم فهو ال بد له من وطن، وفلسطني أقرب البالد إليه من حيث التاريخ. فقال الصحايف: اسمح يل

بالبالد؟ 1200 سنة فأيهما أحق العرب هنا يستند إىل 400 سنة فقط، ولكن حق اليهود استولوا عىل فلسطني مدة يا موالي فإن

ثم نحن ال نكره اليهود، وقد عشنا معهم قبل الحرب عىل وئام تام، إنما نحن نكره الفكرة الصهيونية التي ترمي لجعل هذه البالد

مملكة يهودية يف املستقبل. فأجاب ترششل: ال تخافوا فإن هذا ال يصري ولن يصري، وإن من أقدس واجبات بريطانيا العظمى أن

تعيش وتعمل مع العرب وتدافع عن حقوقهم")21).

اإلنكليز السياسة رجاالت نيات يف تشكك وال الزلل، عن فلسطني يف وإدارتها البيطانية السياسة تنزه الجرائد بعض كانت

التي تدعي غري ذلك، فعندما الجرائد األخرى باملرصاد لزميالتها من البالد وتطويرها، فوقفت العمل عىل رفعة السامي يف وهدفهم

عينت الحكومة البيطانية السري هربرت صموئيل Herbert Samuel الصهيوين مندوبا ساميا عىل فلسطني، عبت بعض الجرائد العربية

لسان العرب الفلسطينية لصاحبها بناء الوطن القومي، إال أن جريدة بأنه سيساعد بكل ما لديه من نفوذ يف الفلسطينية عن خوفها

اللبناين إبراهيم النجار، وبإدارة فخري النشاشيبي، طمأنت زميالتها وقالت عنه: "السيد هربرت صموئيل! إرسائييل ال شك فيه ولكن

روح الرش ليست شطا يف صدر كل إرسائييل عىل وجه هذه الكرة، فهو خلق ريض وعلم موفور ورغبة يف إحقاق الحق"، وأضافت "بأن

فخامة املندوب السامي يحتاج إىل صب أيوب وحكمة سليمان وعدل عمر")22). ونظرت الجريدة ذاتها إىل حكومة االنتداب نظرة تختلف

عن نظرة الكثري من الجرائد العربية الفلسطينية، فقالت: "إن البالد يف حاجة إىل معونة دعوها انتدابا، ومن أنكر ذلك فهو جاهل غبي أو

متعصب ذميم، وإنجلرتا هي خري دولة يف الغرب تقدر أن تقوم بهذه املساعدة أو بهذا االنتداب، هذه قضية مسلم بها ال تقبل الجدل،

وأن العدل البيطاين سمعته حسنة لدى الرشقيني عامة وأهل فلسطني خاصة حتى يرضب به املثل، وتقرر الجريدة بأن االستقالل لن

يتحقق إال إذا جاء عب االتفاق مع بريطانيا وليس االعرتاض عىل سياستها")23).

20 املرجع نفسه، 13 / 7 / 1921.

21 املرجع نفسه، 20 / 3 / 1921.

22 جريدة لسان العرب، 20 / 2 / 1922.

23 املرجع نفسه، 24 / 5 / 1922؛ 25 / 10 / 1922.

Page 6: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

183

نادوس أسطاوا مئة عام عىل وعد بلفور: املقدمات والنتائج

قبول الواقع وانقطاع الرجاء

يبدو أن الجرائد أدركت أنه ال مناص من تطبيق الوعد، وأنه أصبح أمرا واقعا، فغريت من الخط العام الداعي إىل إلغائه، وخفضت من

التصعيد يف الخطاب الالئم املوجه إىل السياسة البيطانية. فهذه جريدة بيت املقدس تخاطب بريطانيا بأسلوب املحب الودود العاتب وتقول:

"إنك ]بريطانيا[ تحاولني أيتها املنقذة أن تستعبدينا لقوم عاش األجيال مستعبدا طريدا، أفال ترين أن املوت أفضل من استعباد املستعبد

الطريد للحر، ما يعرتف أهل فلسطني بك منقذة إال إذا ألغيت وعد بلفور وظهرت بمظهر الكريم واألم الرؤوم والوصية الناصحة واملنتدبة

العادلة، وسهرت عىل تركتهم سهر الويص املخلص، فأمنيها لهم وحدهم دون غريهم من البرش")24). وتنقل جريدة فلسطني عن مرآة الرشق

املعارضة لها أصال موقفا مغايرا لنهج الجرائد األخرى وأكرث جرأة يف الدفاع عن السياسة البيطانية، والتماس العذر لها، واالستسالم للواقع.

فقد جاء فيها مقال بعنوان "قبة من حبة" ما ييل: "سامح الله صاحب مرآة الرشق فقد رمى يف البرئ حجرا أصبح يتعذر عىل مئة رجل رفعه، وأهم

ما جاء يف ذلك الحديث عن وعد بلفور كما نرشته الجريدة. أرى من العبث أن تطالبوا من الحكومة البيطانية إلغاء هذا الوعد ألنها ال يمكنها

أن تلغي وعدا كهذا رصحت به دون أن يؤثر ذلك تأثريا سيئا يف سياساتها الخارجية، وما عىل األهايل إال أن يطالبوا الحكومة بتطبيق هذا

الوعد تطبيقا عادال معقوال بطريقة ال ترض بموقف الحكومة السيايس وال يجحف بحقوق األهايل ومصالحهم يف البالد")25).

حينما انقطع الرجاء من السياسة البيطانية من إلغاء وعد بلفور؛ دعت الجرائد إىل تطبيق الشق الثاين منه املتعلق بحقوق العرب،

ومثاله ما ورد يف جريدة فلسطني؛ إذ تقول: "قد عملت أيتها الحكومة حتى اآلن بما يقيض به الشق األول من وعد بلفور، فاعميل مرة

واحدة بما يقيض به الشق الثاين")26).

أدت الجرائد يف هذه الفرتة خاصة، دور املحرض عىل إلغاء الوعد بشتى الطرق، وأظهرت أن املكون الديني اإلسالمي املسيحي

ال يختلف يف املطالبة ذاتها، فأكرثت يف صفحاتها من نرش املناشدات الشعبية املتنوعة، وركزت عىل املؤسسات الدينية التي تنادي بإلغاء

الوعد إىل كل من يمكنه املساعدة يف هذا األمر، ومثالها البقية التي أرسلتها الجمعية اإلسالمية املسيحية بيافا محتجة فيها عىل وعد

اللوردات، ورئيس أساقفة كانرتبري، والكاردينال بورن، وشكة النواب ومجلس بلفور إىل رئيس الوزراء ووزير املستعمرات، ومجلس

الجرائد، وجريدة مورننغ بوست، والوفد الفلسطيني يف لندن، وإىل مؤتمر نزع السالح يف واشنطن، وقد ورد فيها: "اليوم بمناسبة وعد

املسرت بلفور الجائر الذي صدر عام 1917 نكرر احتجاجنا نحن املسلمني واملسيحيني الذين نمثل تسعني باملئة من أهايل فلسطني بشدة

عىل هذا الوعد. ال يمكن أن نقبل وعدا جائرا كهذا. نسترصخ الشعب البيطاين والحكومة البيطانية والحلفاء مرة أخرى ألن ال يدعوا

بالدنا املقدسة املحبوبة تتألم. لقد حاربنا مع الحلفاء جنبا إىل جنب لننال الحرية والسعادة ال لرنضخ لشعب غريب وحكم صهيوين")27).

ترسب الفتور إىل أوصال الجرائد الفلسطينية عندما نفذ إليها خب بأن وزارة املستعمرات البيطانية قد قررت يف 9 ترشين الثاين/

نوفمب 1923 أنه ال تراجع عن ترصيح بلفور، وأن أي شكل من أشكال اإلدارة املحلية الذاتية يجب أال يكون متعارضا مع نصه)28). لذا

استدارت بعض الجرائد مباشة عن الحديث عن إلغاء الوعد عىل نحو مباش إىل مقاومة الهدف الذي أطلق ألجله، وهذا ما قامت به

جريدة الجزيرة، ممثلة بذلك الخط الصحفي العام الذي بدأ يركز عىل هجرة اليهود ويربطها مباشة بالوعد. فقد ربطت الجريدة ذاتها

24 جريدة بيت املقدس، 10 / 12 / 1922.

25 جريدة فلسطني، 19 / 5 / 1922.

26 املرجع نفسه، 16 / 11 / 1923.

27 املرجع نفسه، 23 / 11 / 1921.

28 Paul Hanna, British Policy in Palestine (Washington: American Council on Public Affairs, 1942), p. 85.

Page 7: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

متوز ي يوليو زومت ددع ا

184

وعد بلفور بالهجرة الصهيونية، فدعت إىل محاربة الغاية )الهجرة( إللغاء الوسيلة )الوعد(؛ إذ تقول: "فاليهود ال يصلون إىل وعد بلفور

وتحقيقه إال بالهجرة الصهيونية، وصريورتهم أكرثية يف فلسطني، وإنها تنكر عىل من يعرتف بالهجرة )ولو محدودة( فهو كأنما يعرتف

بوعد بلفور! ألنه ال سبيل إىل تحقيق مطامع اليهود إال بالكرثة العددية، وإال يبقى وعد بلفور حبا عىل ورق، ال منقوشا عىل صخر متني!

كان ما بريطانيا أن تأكيد خالل من فلسطني جريدة وأيدتها جمعاء")29). العربية والبالد فلسطني عىل األخطار أكب من فهجرتهم

باستطاعتها أن ترتجم وعد بلفور إىل واقع إال إذا كانت األكرثية يف البالد يهودية)30).

باملجلسيني الرئيسني؛ الحسينية ممثلة فيما عرف القطبني الفلسطينية بني املقاومة التي اعرتت صف كان للخالفات األرسية

)نسبة إىل املجلس اإلسالمي األعىل(، والنشاشيبية التي حملت اسم املعارضة )معارضة املجلسيني()31) دور كبري يف تعزيز الفتور تجاه

التنديد بوعد بلفور، والدعوة إىل التخلص منه، وقد أدركت حكومة االنتداب هذا التنافس الشديد، فعملت منذ استيالئها عىل فلسطني،

عىل إذكاء نار الفتنة ورضب هذه األرس بعضها بالبعض اآلخر. ال سيما أنه توافرت لديها األرضية الخصبة للوصول إىل مبتغاها من خالل

االحتالل عهد يف األفندية طبقة استمرت فقد السلطة. ومراكز النفوذ مواقع يف املتنفذة والعائالت األرس هذه بني الشديد التنافس

بأي تتمتع رابطة سياسية وال كانت طبقة ال تجمعها ولكنها البالد. االقتصادية يف والهيمنة السيايس، النفوذ بني البيطاين، تجمع

قوة منظمة)32). ويؤكد هدسون هذا بالقول: "بينما كانت الطائفة اليهودية تنظم نفسها، يف شبه دولة، لها جيش )الهاغانا( ورضائب،

ومؤسسات مالية وحشد من املنظمات التعليمية والثقافية والخريية، كان العرب غري منظمني إىل حد كبري، يقودهم وجهاء تقليديون

من رجال الدين، والتجار الذين نالوا قسطا من الثقافة، ولكن لم يدربوا عىل طرائق السياسة الواقعية. وكان يعرقل قدرتهم عىل القيادة،

تأرجح موقفهم تجاه البيطانيني ]...[ والتوتر بني مصالحهم، والتزامهم الوطني. وكذلك التنافس الشخيص والفئوي")33). ويعلق شريمان

عىل ذلك بالقول: "لقد طغت أطماع أرسيت الحسيني والنشاشيبي يف بعض القضايا، عىل املصلحة السياسية الكبى الفلسطينية")34).

يبدو أن جل الجرائد الفلسطينية املحلية وقعت يف حرية من هذ االنقسام، وعملت عىل التزام الصمت يف بداية األمر، وذلك بعدم

محمد الفلسطيني لصاحبها الشورى، جريدة عىل ينطبق لم األمر هذا ولكن السطح، عىل األرسية الخالفات إبراز يف أقالمها زج

الطاهر املقيم يف القاهرة؛ فهي لم تلتزم سياسة الصمت، بل قرعت املقاومة واتهمتها عىل نحو مباش بأسباب تراجع الحس الوطني

تجاه القضية، ومما ورد يف هذه الجريدة: "أرضبت فلسطني يف الذكرى السابعة لوعد بلفور إرضابا عاما احتجاجا عىل السياسة الغاشمة،

اليهود بال العام املايض، أال فليسرتح املحتلون، وليهدأ أنه جاء أكب من الحوانيت إلفشال اإلرضاب، إال البعض طاف عىل مع أن

والصهيونيني، فقد يرس لهم الله من أبناء فلسطني من يعمل عىل النكاية بفلسطني")35).

انعكس الخالف عىل تشتت االتجاهات واختالف نظرة كل حزب إىل القضايا املصريية، ويف ما يتعلق بالوعد فقد ورد أن املجلسيني

تبنوا سياسة التشدد، وعدم التسوية، بينما وافقت املعارضة عىل املهادنة والتعاون مع سلطة االنتداب؛ تذرعا بشعار "خذ وطالب")36).

وعندما ألقت الخالفات املذكورة بظاللها عىل الشارع الفلسطيني، اضطرت الجرائد، بوجه عام، إىل أن تتحزب لهذه الجهة أو لتلك،

29 جريدة الجزيرة، 23 / 3 / 1924.

30 جريدة فلسطني، 4 / 4 / 1924.

31 محمد عزة دروزة، القضية الفلسطينية يف مختلف مراحلها: تاريخ ومذكرات وتعليقات )صيدا: منشورات املكتبة العرصية، 1959(، ص 56.

32 عيل محافظة، "الكوابح االجتماعية للحركة الوطنية الفلسطينية )1918 - 1939("، املستقبل العريب، العدد 34 )1981(، ص 24.

33 Micheal Hudson, "The Transformation of Jerusalem," in: Kamil Jamil Asali (ed.), Jerusalem In History (Buckurst: Scorpion, 1989), p. 254.

34 A. J. Sherman, Mandate Days: British Lives in Palestine 1918 - 1948 (London: The John Hopkins Press, 2001), p. 108.

35 جريدة الشورى، 4 / 11 / 1924.

36 عزت طنوس، الفلسطينيون: ماض مجيد ومستقبل باهر، ج 1 )بريوت: مركز األبحاث بمنظمة التحرير الفلسطينية، 1982(، ص 128.

Page 8: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

185

نادوس أسطاوا مئة عام عىل وعد بلفور: املقدمات والنتائج

ة من قبل، وهو النمط الذي بدا عليه اليأس من إحداث تغيري وأن تمتطي صهوة الخالفات وتنتهج نمطا احتجاجيا لوعد بلفور أقل حد

يف سياسة بريطانيا تجاه املطالبات الصحفية حتى قرر بلفور زيارة فلسطني عام 1925. وهذا ال يعني أن الحس العام للجرائد الفلسطينية

التي نظرت إىل صداقة بريطانيا وعداوة اليهود قد سار عىل وترية واحدة ويف اتجاه واحد، بل وجدت جرائد نأت بنفسها عن األمراض

العدو األول البيطاين باعتبار االنتداب العداء، البيطانية السياسة املسار، فناصبت الداخلية متقدمة عىل غريها يف هذا "الزعاماتية"

وباعتبار البقية تبعا لهذا العدو؛ ومنها، عىل سبيل املثال ال الحرص، جريدة الجزيرة التي كانت تهاجم االنتداب البيطاين وتنظر إليه

بوصفه "االستعمار بحد ذاته ]...[ وإذا سلمنا بالهجرة وتنازلنا عن حقنا يف البالد كأصحابها الحقيقيني الوحيدين، فإنه من الصعب علينا

بعدئذ أن نسرتد حقوقنا كاملة، فليس االعرتاف باالنتداب والهجرة ما يوصلنا إىل االستقالل")37).

من الركود إىل الثورة

التنفيذية يدعو إىل اإلرضاب عن العمل اللجنة 1924. وقد صدر بيان من 27 ترشين األول/ أكتوبر عقد يف القدس اجتماع يف

بمناسبة ذكرى وعد بلفور. وعندما أعلن عن زيارة بلفور لفلسطني يف شباط/ فباير 1925، دعت معظم الجرائد الفلسطينية إىل مقاطعته

وألقيت السوداء، الرايات ورفعت والنصارى. املسلمون به وتقيد وغريها، واملدارس املتاجر اإلرضاب وشمل اإلرضاب)38). وإعالن

الخطابات الوطنية، واتخذت اللجنة قرارا يدعو اللورد بلفور إىل مغادرة فلسطني التي دخلها خالفا لرغبات سكانها وأهلها، وبلغ القرار

إىل املندوب السامي عن طريق حاكم لواء القدس)39). وامتنعت الجرائد الوطنية الفلسطينية عن حضور املؤتمر الصحفي لبلفور، وأخذته

األقالم بالسباب والشتائم)40).

الفرقة والسري القيادات؛ لذا ركزت يف خطابها عىل رأب الصدع ونبذ كانت جريدة فلسطني مدركة لحجم الخالف األرسي بني

تجاه الهدف العاجل؛ وهو االتحاد يف إعالن رفض الوعد، الذي يمثله حينئذ وجود بلفور يف فلسطني، فقالت: "ندعو األمة جمعاء عىل

اختالف مذاهبها وتعدد أحزابها مهما اختلفت، فإنها ال تختلف عىل أن وعد بلفور كان شؤما عىل فلسطني وسببا يف شقائها وبالئها، ويف

أن الغرض الذي قدم بلفور من أجله إنما هو إكرام الصهيونية وتأييدها")41). ولم يتوقف األمر هنا، بل أخذ الشعراء يرتجزون األشعار

التي تذم بلفور واليهود وترفض زيارته، ومنها ما ورد يف الجريدة نفسها تحت عنوان "بلفور ووعده" لشاعر فلسطيني وسمته الجريدة

بـ "شاعرنا حسان" الذي قال: "بلفور لوال وعده والوعد أشبه بالوعيد. لرأى من العرب الحفاوة يف التهائم والنجود. بلفور ال أهال وال سهال

ببلفور اللدود. الغادر العرب األباة الناكر املايض املجيد. الجاعل الوطن املؤيد بالعروبة لليهود. يف عهد قوم يزعمون بأنهم أهل العهود.

وهم األىل نقضوا العهود وأخلفوا كل الوعود")42).

ولكن األمر لم يجر كما أرادت جريدة فلسطني ومثيالتها، خاصة أن بعض زعماء املقاومة لم يلتزموا بقرار مقاطعة بلفور)43).

37 جريدة الجزيرة، 23 / 3 / 1924.

38 جريدة فلسطني، 28 / 2 / 1925؛ جريدة الكرمل، السنة 12، العدد 1218، 5 / 8 / 1925 .

39 "CO733/90 Sir Samuel, High Commissioner to Secretary of state for the colonies," (March 1925); Robert Jarman (ed.), Political Diaries of the Arab World: Palestine and Jordan, 1924 - 1936, vol. 2 (London: Archive Editions, 2001), p. 151.

40 جريدة الكرمل، السنة 12، العدد 1218.

41 جريدة فلسطني، 28 / 2 / 1925.

42 املرجع نفسه، 24 / 3 / 1925.

43 عبد الوهاب الكيايل، تاريخ فلسطني الحديث )بريوت: املؤسسة العربية للدراسات والنرش، 1970(، ص 223 - 224.

Page 9: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

متوز ي يوليو زومت ددع ا

186

بدأت بعض الجرائد تتفرد بتحسس الوضع البائس الذي آلت إليه حال املقاومة بسبب الخالفات التي ال تكاد تموت حتى تحيا

من جديد، فوجهت سهامها ضد الجميع، فهذه جريدة االتحاد العريب تضع اللوم عىل الفلسطينيني بكل مكوناتهم وليس عىل اإلنكليز

الذين أعطوا لليهود وعد بلفور، وبذلك تقرر أن الخلل يكمن يف األمة وليس يف خصمها، فتقول: "وماذا يرضنا من ترصيح بلفور وتمسك

أننا أعددنا لألمر عدته وتمسكنا بأراضينا ولم نسلمها لقمة سائغة لليهود أصحاب ذلك الوعد. اإلنجليز بتنفيذه وهو حب عىل ورق لو

فاإلنجليز أعطوا لليهود وعدا ال يخرج من حد الكالم، أما نحن فقد أعطيناهم فعال ]...[ فمنا البائع والسمسار، ومنا املارق، ومنا من

يصانع اليهود ويبذل عىل إرادتهم يف كل ما يريدون حتى أصبح الخطر دانيا منا")44).

فاستغل املقاومة، قطبي بني نشبت التي الفنت بذلك مستغال الجرائد، أقالم فلسطني يف الصهيوين السيايس النشاط أجهض

الشحناء والتنافس الشديد بني املعنيني. ففرتت االحتجاجات الصحفية والتظاهرات السياسية بني عامي 1926 و1928 العتقاد الجرائد

والحركة الوطنية بعدم جدواها. فقد ورد يف جريدة فلسطني تحت عنوان "وعد بلفور" ما يؤكد أن الخالف بني األرس استفحل وجاء عىل

مقتل الحركة الوطنية، وتشتت هدف الجرائد نفسها، ونقتبس منه القول: "قبح من وعد، فهو سلسلة وعود ينقض بعضها بعضا، فال هي

متفقة مع الكرامة وال هي منتهية إىل العدالة ]...[ ويل يف الختام اقرتاح أعرضه عىل إخواين أصحاب الجرائد الفلسطينية علهم يعريونه

شيئا من االلتفات، وذلك أن يعقدوا منذ 2 ]ترشين الثاين[/ نوفمب هدنة ملعركة املطامع الشخصية ]...[ لتعود األمة إىل ما كانت عليه من

الهمة، ويعود الزعماء إىل ما يجب عليهم لبعضهم من االحرتام والوفاء، وتعود الجرائد إىل القيام بمهمتها من نقد بريء ودفاع شيف

عن املصلحة العامة ]...[ واألمر ال يتطلب نزوال عن مبدأ بل هو مقدمة لتقريب اليوم الذي يصبح فيه وعد بلفور أثرا بعد عني")45). وتلحظ

الجريدة نفسها يف إحدى مقاالتها الواقع التعس الذي آل إليه حال املقاومة من تنافس وتشاحن يف ما بني رموزها؛ األمر الذي فت يف

عضدها ورضب عليها عزلة منعتها من تجديد رفض الوعد أو التذكري بخطورته؛ إذ تقول: "كان العرب يف يوم الوعد املشؤوم يرضبون

ويحتجون مستنكرين هذا الحيف ]...[ ولكن عندما دب الفتور بني هؤالء وأصبحوا شيعا وأحزابا لم نعد نرى منذ سنتني تلك املظاهر بل

نسينا واجبنا نحو هذا الوطن")46).

الحني، الفلسطينية، يف ذلك السياسية الرموز الكثري من إن بل الصحفي؛ الحقل العاملني يف السابق عىل املشهد يقترص ولم

تلك الفلسطيني يف العمل الضعف يف أسباب عنارص الكرمل الشقريي يف جريدة أسعد الشيخ فينرش الواقع، يدركون مثل هذا كانوا

الفرتة نقتبس منها ما ييل: "لم أشعر منذ االحتالل إىل اليوم بوجود قضية وطنية حقيقية يف فلسطني ]...[ أكابر الوطنيني وأصاغرهم،

من مسلمني ونصارى ودروز، استقبلوا االحتالل البيطاين بالتهليل والرتحيب ]...[ أما رجال اإلدارة العسكرية البيطانيون، فعملوا يف

بدء احتاللهم كما يعمل كل فاتح حكيم، عهدوا بكثري من الوظائف إىل عبدتها من أبناء العائالت الكبى ليستميلوهم ويستعينوا بهم،

وليستخدموهم فيما يريدون ]...[ ال ريب عندي يف أن الساسة البيطانيني، بعد أن عجموا أعواد وفودنا، اطمأنوا لسياستهم")47).

عقد املؤتمر العريب الفلسطيني السابع يف القدس يف 20 - 21 حزيران/ يونيو 1928 برئاسة موىس الحسيني، وقرر املؤتمرون املطالبة

بحكومة برملانية، ورضورة وقف سن القوانني إىل أن تشكل حكومة تمثل البالد. ولكن املؤتمر لم يأت عىل ذكر وعد بلفور)48).

44 جريدة االتحاد العريب، 9 / 5 / 1925.

45 جريدة فلسطني، 9 / 11 / 1926.

46 املرجع نفسه، 1 / 11 / 1927.

47 جريدة الكرمل، 14 / 2 / 1926.

48 Tom Segev, One Palestine Complete: Jews and Arabs Under The British Mandate (New York: Henry Holt and Company, 1999), pp. 276 - 277.

Page 10: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

187

نادوس أسطاوا مئة عام عىل وعد بلفور: املقدمات والنتائج

كلفرسيك الخواجة وايزمان ومعاون لندن، يف الصهيونية املنظمة رئيس Frederick Kisch كيش فردريك املسرت استطاع

Kalvarisky تأليف حزب شعبي يف القدس، أطلق عليه الحزب الوطني العريب، باش اتصاالته، واتفق عىل أن يكون الزعماء املساندون

وبسبب أوال، الشعب قبل بسبب عزله من الحزب وقد فشل النشاشيبي)49). وراغب الدجاين، وعارف الشقريي، أسعد الشيخ له هم:

انقطاع املعاونة والتشجيع املستمر من قبل الحكومة والصهيونية ثانيا، فأهمل الحزب إهماال تاما)50). ويقول عبد العزيز الثعالبي: "ملا

النوع، فرشع يف تأسيس جمعيات صهيونية عربية ملقاومة العريب الصهيوين قام بمحاولة أخرى من ذلك النادي رأى كلفرسيك فشل

الكلفرسكية' 'الجمعيات اسم العام الرأي عليها وأطلق اإلسالمية، الجمعيات اسم عليها أطلق املسيحية، اإلسالمية الجمعيات

القدس، وحيفا، ومدن أخرى، فكانت الجمعية الصهيونية تدفع لرؤسائها وأعضائها مرتبات شهرية، فاحتقرها لها فروع يف فتأسس

الرأي العام وأعرض عنها. لذلك لم تلبث غري زمن قصري حتى أدركها البوار فماتت يف املهد حتف أنفها")51).

كان للموقف البيطاين املتشدد إزاء الجرائد والحركة الوطنية يف فلسطني أثر يف نزع صفة التمثيل الفاعل عن قيادات املقاومة،

بمطلبي تبلورت التي الوطنية األهداف عن وضياع وشلل، ركود، مرحلة بأنها اتصفت جديدة، مرحلة مالمح بإجمالها فكونت

للشعب الحقيقية املصالح تمثيل قدرتها عىل مأزق، وجعلت الوطنية يف القيادة فأدخلت بلفور. ووعد االنتداب االستقالل، ورفض

الفلسطيني خاضعة للمساومة، وتعززت بذلك مكانة املقاومة الشعبية يف صفوف الجماهري التي أثبتت أنها كانت تتجاوز تلك القيادة

وتسبقها بمراحل، عىل عكس قيادتها التي اتصفت بمهادنة حكومة االنتداب، وبميوعة عالقتها به. وظلت تميز بمواقفها السياسية،

يف معها التحاور خالل من تأمل تزال ال كانت التي وبريطانيا الوحيد، العدو اعتبتها التي الصهيونية بني االجتماعي وحراكها

اتجاه يف الجرائد وتدفع املقاومة، تحرك التي هي الشعبية الحركة أصبحت حتى الصهيونية)52)، سياستها عن بالرتاجع إقناعها

تتبلور األفكار أيضا. وقد بدأت للوجود البيطاين نفسه يف فلسطني لليهود فقط، بل التصعيد، وتبني مواقف صحفية ليست معادية

السياسة "محور بعنوان العربية الجامعة جريدة يف ورد ما ومثاله التوجه. هذا عىل بناء وأقالمها أصحابها فعل وردات الصحفية

القايض بجعل فلسطني وطنا بلفور بتنفيذ وعد يتعلق تتغري فيما لم السياسة اإلنجليزية هي هي إذ تقول: "فإن البيطانية واحد"؛

نفسها الجريدة وتؤكد والغاية")53). الصبغة صهيونية االنتداب حكومة تتخذها التي واإلجراءات والتدابري والقوانني لليهود، قوميا

بلفور لم يأت إال كونه سياسة بريطانية يقصد منها محو شعب أصيل سكن البالد منذ قرون طويلة، إلحالل مرات عديدة أن وعد

شعب دخيل خليط محله، وأنه وصمة عار يف وجه السياسة البيطانية)54).

يبدو أن النتيجة السابقة بدأت تترسب إىل الخط الصحفي الذي شع يرفض السياسة البيطانية ويعدها هي املسؤول األول عن

مأساة فلسطني، فقد ورد يف جريدة صوت الحق ما يشري إىل ذلك حينما قالت: "إن وعد بلفور رفع الستار عن نوايا إنجلرتا نحو العرب

وانكشف الغطاء للعرب عما تضمره سياسة االستعمار اإلنجليزي من الغل والحقد عىل الشعوب العربية")55). وقد سارت الجريدة نفسها

49 بيان الحوت، القيادات واملؤسسات السياسية يف فلسطني 1917 - 1948 )بريوت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1986(، ص 181؛ وانظر أيضا:Palestine: A Study of Jewish-Arab and British Policies (New Haven: Yale University Press, 1970), p. 232.

50 الحوت، ص 183.

51 عبد العزيز الثعالبي، خلفيات املؤتمر اإلسالمي بالقدس 1350ه- 1931م، إعداد أحمد بن ميالد، تحقيق حمادي الساحيل )بريوت: دار الغرب اإلسالمي، 1988(،

ص 101.

52 عصام سخنيني، "تمثيل الشعب الفلسطيني يف عهد االنتداب البيطاين"، مراجعة تاريخية، شؤون عربية، العدد 44 )كانون األول/ ديسمب 1988(، ص 62.

53 جريدة الجامعة العربية، 9 / 6 / 1927.

54 عىل سبيل املثال وليس الحرص، انظر: املرجع نفسه، 3 / 11 / 1927؛ 8 / 11 / 1928؛ 7 / 7 / 1930؛ 4 / 11 / 1929.

55 جريدة صوت الحق، 13 / 10 / 1927.

Page 11: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

متوز ي يوليو زومت ددع ا

188

عىل هذا النهج، وركزت يف منشوراتها عىل تبني فكرة أن بلفور واالنتداب هما سبب مأساة األمة، لذا يجب أن يوجه العداء إىل السياسة

البيطانية وليس إىل غريها؛ من خالل القول: "إن االنتداب هو خصمنا األعظم فإياه نعارض، ولن نتحول عن رفض االنتداب ووعد

بلفور يف فلسطني ومقاومته")56).

بدت الجرائد الفلسطينية مدركة سبب التعنت والصلف البيطاين تجاه التمسك بالوعد، حينما غريت يف نهجها الصحفي، وبدأت

تتحدث عن هذه االعتبارات بيشء من املنطق بعيدا عن العاطفة، وأصبحت مدركة للفرق بني الشعوب األوروبية وأنظمتها، وهذا ما

تؤكده جريدة الجامعة العربية بقولها: "كان وعد بلفور جزءا من دعاية حربية قصد به استجالب رضا اليهود الصهيونيني الذين كانوا

أقوياء يف أملانيا والنمسا، وأن هذا الوعد لم يعرض قط عىل الشعب اإلنجليزي وال عىل البملان البيطاين")57). ولم يقترص ذاك التحليل

عىل جريدة واحدة، بل تجد بعض الجرائد األخرى تتشاطر الفكرة نفسها. وهذا ما تالحظه جريدة الدفاع الفلسطينية، وإن جاء الخب

يف وقت متأخر قليال عن إدراك كنه العالقة بني بريطانيا واليهود، ولكنه يتحدث عن جزء من أسباب ترصيح بلفور فكتبت قائلة: "هناك

مستعمراتها، مع مواصالتها وتأمني السويس، قناة بوضع وثيق ارتباط له كان ما منها لبيطانيا. بالنسبة بلفور لوعد كثرية اعتبارات

وخاصة مع الهند. واستخدام الصهيونية يف مواجهة حركة التحرر القومي العريب التي كانت قد بدأت تتبلور بوضوح وتتحول إىل حركة

ذات جذور بني الجماهري العربية يف سوريا الطبيعية والعراق وغريهما")58).

بدايات األمل

بسبب العرشين، القرن عرشينيات من األخرية السنوات يف نتائجه وتاليش الوعد باضمحالل الفلسطينية الجرائد تفاءلت

لم القومي الوطن املقدس، وادعت أن فكرة العربية يف جهادها ثبات األمة السبب إىل الجرائد املعاكسة، وعزت اليهودية الهجرة

يبق منها إال اسمها، وأعادت هذا كله إىل جهاد الجرائد واملقاومة الرشسة التي أثخنت يف املرشوع الصهيوين ومآربه، ومنها ما ورد

يف جريدة فلسطني؛ إذ قالت: "عىل الرغم من األموال التي رصفت يف تحقيق تلك الفكرة الخارسة إال أنها ذهبت أدراج الرياح، حقا

لقد أصبحنا نشفق عىل ضحايا الصهيونية ممن ضاقت بهم سبل العيش فأصبحوا عالة عىل البالد، إنهم جاؤوا باألمس واآلمال تمأل

ناقمني عىل زعمائهم")59). وقد شاطرت أتوا زرافات من حيث يعودون بلفور، فأصبحوا بمقتىض وعد لتأسيس وطن قومي قلوبهم

جريدة الجامعة العربية جريدة فلسطني هذا الحس، بأن رأت أن املرشوع الصهيوين أصيب بمقتل يف نهايته عندما اصطدم بالواقع

العريب الصلب الرافض لوعد بلفور، وادعت الجريدة أيضا أن سبب تأخر مثل هذه النتيجة هي الخالفات بني الزعامات، فكانت تلمز

بلفور، فآمال الصهيونية القيادة الوطنية وترميها بأسباب التخاذل املشني، ومما جاء فيها: "لم يعد الصهاينة يحتفلون بذكرى وعد

املندفعة وتيار أحالمها املتدفق صار يصطدم بالسنني األخرية بصخرة الحقيقة الراهنة ]...[ ولو لم يظهر عند العرب التخاذل املشني

لقيض عىل الصهيونية حتما")60). ومن خالل ما ورد آنفا، تبني أن الجرائد العربية كانت بعيدة عن التحليل الحقيقي لهذا االرتداد،

وهو متعلق بالرتدي االقتصادي، الذي أصاب الهجرة والوجود اليهودي يف فلسطني بمقتل، وإن كانت بعض الجرائد قد جاءت عىل

مثل هذا التحليل ولكن املرتبط باألوضاع الداخلية فقط، أي إن الجرائد لم تعزل الظاهرة العامة عن بنائها العام. وهذا ما يلحظ يف

56 املرجع نفسه، 15 / 3 / 1928.

57 جريدة الجامعة العربية، 26 / 9 / 1929.

58 جريدة الدفاع، 14 / 11 / 1934.

59 جريدة فلسطني، 1 / 11 / 1927.

60 جريدة الجامعة العربية، 3 / 11 / 1927.

Page 12: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

189

نادوس أسطاوا مئة عام عىل وعد بلفور: املقدمات والنتائج

جريدة فلسطني حينما تقول: "إن األزمة االقتصادية الحارضة خري برهان عىل فشل التجربة الصهيونية وعودة املهاجرين دليل عىل

إفالسها والجوع من عالمات احتقارها")61).

حاول اليهود االعتداء عىل حقوق املسلمني يف حائط الباق الرشيف يف أيلول/ سبتمب 1928، إال أن املسلمني تصدوا لهم، ومنعوهم

من تنفيذ مرادهم، وتدخلت كذلك قوات االحتالل البيطانية، وحالت دون استمرارهم يف هذه املحاولة)62). وأصبح هم املقاومة هو

التعامل مع الواقع الطارئ الساخن وهو الدفاع عن املقدسات، فانصب تركيز املؤتمرين عىل قضية الباق الرشيف وتجاهلت القيادة أن

القاعدة األساسية التي انطلقت منها أوهام بني صهيون يف العرص الحديث مبنية عىل وعد بلفور، حتى إن نتائج املؤتمر خلت من ذكر

الوعد)63). وقد قرر املؤتمرون، االحتجاج بكل قوة عىل أي محاولة ترمي إىل إحداث أي حق لليهود يف حائط الباق. واستجابت السلطات

البيطانية لطلبات العرب وأبقت عىل الوضع الراهن. غري أن اليهود لم يرضوا بهذا القرار وراحوا يتحدونه ويتحدون العرب)64). وقد نرشت

جريدة الجامعة العربية بعض االعرتاضات القادمة من جنني ويافا من خارج دائرة املؤتمر، والتي تربط بني نتيجة ما حدث يف القدس

وأسبابه العائدة إىل وعد بلفور، فوجهت خطابا إىل املندوب السامي، وهذا بعض ما جاء فيه: "إننا نحتج بكل ما لدينا من حق شعي عىل

وعد بلفور الجائر، ونلفت أنظاركم إىل أن الحالة الدينية التي أقلقت املسلمني يف جميع أقطار العالم العتداء اليهود عىل براقهم املقدس

إنما هو من نتائج ذلك")65).

توسع نطاق عمل الوكالة اليهودية، حتى شمل الكثري من األمور السياسية ومجريات األمور، وكان هذا التوسع بإذن من الحكومة

البيطانية بعد مفاوضات طويلة انتهت يف آب/ أغسطس 1929. وهذا بدوره أعاد الثقة واألمل للصهاينة يف تحقيق أهدافهم وطموحاتهم.

فعادت الهجرة الصهيونية إىل فلسطني بازدياد، وزادت نقمة الجماهري يف فلسطني، ما عجل باندالع هبة الباق)66)؛ األمر الذي دفع

االنتداب من التخلص عىل املقاومة تحرض وأن مباشة، البيطاين االنتداب إىل النقد سهام توجه أن إىل التاريخ هذا بعد الجرائد

برمته، مع اعتبار أن وعد بلفور هو فرع وأن االنتداب هو األصل)67). فدعت جريدة الجامعة العربية إىل محاربة االنتداب من دون وعد

بلفور، وقالت: "فعالم إذا نكرس حياتنا ملحاربة وعد بلفور وهو فرع من فروع االنتداب، ونرتك االنتداب ذاته وهو أشد خطرا عىل العرب

والوحدة العربية من الصهيونية ومن كل يشء ]...[ يف اعتقادنا أن هؤالء الذين يرصفون أوقاتهم يف محاربة وعد بلفور دون االنتداب،

ال يخدمون أمتهم خدمة تذكر، بل عىل العكس يهدمون ما تبنيه األمة للوصول إىل استقاللها بمعول الضعف والقناعة الذي يتسلح به

هؤالء االنتدابيون")68). وتحت عنوان: "ملاذا يتحمل العرب وزر السياسة البيطانية؟"، جاء يف الجريدة ذاتها: "ليس من اإلنصاف أن

يكتوي العرب بجحيم السياسة البيطانية والتي تسعى إىل تجريدهم من مميزاتهم القومية، والتي ما زالت تقوم عىل أساس التهديد

والوعيد، بل البطش والتخميد، والتجريد والترشيد")69).

61 جريدة فلسطني، 2 / 11 / 1926.

62 Robert John & Sami Hadawi, The Palestine Diary: 1914 - 1945, vol. 1 (Beirut: Palestine research Center, 1970), p. 251.

63 جريدة الجامعة العربية.

64 املرجع نفسه، 15 / 11 / 1928.

65 املرجع نفسه، 8 / 11 / 1928.

66 Peter Mansfield, From British Mandate to the Present Day: Jerusalem the Key to World Peace (London: Islamic and Europe studies, 1980), p. 164.

67 جريدة الجامعة العربية، 25 / 11 / 1929؛ 7 / 4 / 1930.

68 املرجع نفسه، 3 / 1 / 1930.

69 املرجع نفسه، 29 / 11 / 1930.

Page 13: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

متوز ي يوليو زومت ددع ا

190

خامتة

لم يرث نرش الترصيح/ الوعد انتباها كبريا لألقالم الصحفية الفلسطينية يف حينه، وكانت املعالجات الصحفية الخجلة تعكس اعتقادا

صحفيا سائدا متمثال بأن الترصيح طارئ، وال يعكس السياسة البيطانية وأنه سيصبح بعد حني طي النسيان. ويمكن أن نعزو ذلك إىل

الغموض الذي اكتنف عبارات الترصيح، خاصة أن صياغتها عملت عىل تحايش الرصاحة والتفصيل والدقة والتحديد؛ بسبب أن تعارض

إىل البحث 1915. ويصل – هرني مكماهون سنة الرشيف حسني مثلتها مراسالت التي للعرب البيطانية التعهدات مع املنحى هذا

نتيجة مفادها أن الخط الصحفي الفلسطيني حافظ عىل صيغة االحتجاجات الصحفية عىل الترصيح وبقي يدور يف فلك األقالم املساملة،

واكتفى بتقديم معالجات صحفية خجلة، ال يختلف نهجها عن النهج الذي دفع يف اتجاه الدعوة إىل الحراك السلمي ونبذ العنف.

األعذار والتماس العربية - البيطانية بالصداقة الثقة من عموما، تنطلق، الترصيح عىل األوىل الصحفية الفعل ردات كانت

لسياستها، فلم تخامر بعض األقالم الهواجس والشكوك يف أن اإلنكليز كانوا مغلوبني عىل أمرهم بسبب حاجتهم إىل املال اليهودي.

فتوجهت األقالم إىل مهاجمة الصهيونية وأغراضها الرامية إىل تحويل فلسطني إىل وطن قومي لليهود. إال أن هذا النهج بدأ باالستدارة

مع بداية اشتعال الثورة التي توجت بثورة الباق عام 1929، فتغريت نظرة الصحف إىل السياسة اإلنكليزية ومراميها يف فلسطني، وهو

األمر الذي دفعها إىل أن توجه سهام النقد إىل االنتداب البيطاين مباشة، وأن تحرض املقاومة عىل التخلص من االنتداب برمته، مع

اعتبار أن وعد بلفور فرع، وأن االنتداب هو األصل.

Page 14: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

191

نادوس أسطاوا مئة عام عىل وعد بلفور: املقدمات والنتائج

املراجع

العربية

الثعالبي، عبد العزيز. خلفيات املؤتمر اإلسالمي بالقدس 1350ه- 1931م. إعداد أحمد بن ميالد. تحقيق حمادي الساحيل. بريوت:

دار الغرب اإلسالمي، 1988.

الحوت، بيان. القيادات واملؤسسات السياسية يف فلسطني 1917 - 1948. بريوت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1986.

دروزة، محمد عزة. القضية الفلسطينية يف مختلف مراحلها: تاريخ ومذكرات وتعليقات. صيدا: منشورات املكتبة العرصية، 1959.

سخنيني، عصام. "تمثيل الشعب الفلسطيني يف عهد االنتداب البيطاين". مراجعة تاريخية. شؤون عربية. العدد 44 )كانون األول/

ديسمب 1988(.

السفري، عيىس. فلسطني العربية بني االنتداب والصهيونية. القدس: منشورات صالح الدين، 1981.

طنوس، عزت. الفلسطينيون: ماض مجيد ومستقبل باهر. بريوت: مركز األبحاث بمنظمة التحرير الفلسطينية، 1982.

العارف، عارف. املفصل يف تاريخ القدس 1892 - 1973. القدس: مكتبة األندلس، 1961.

القضية الفلسطينية والخطر الصهيوين. بريوت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية/ وزارة الدفاع الوطني، 1973.

الكيايل، عبد الوهاب. تاريخ فلسطني الحديث. بريوت: املؤسسة العربية للدراسات والنرش، 1970.

محافظة، عيل. "الكوابح االجتماعية للحركة الوطنية الفلسطينية )1918 - 1939(". املستقبل العريب. العدد 34 )1981(.

األجنبية

• Asali, Kamil Jamil (ed.). Jerusalem in History. Buckurst: Scorpion, 1989.

• Basil, Wiliam. Palestine of the Mandate. London: T. Fisher Unwin, 1925.

• Gilbert, Martin. Jerusalem in The Twentieth Century. New York: John Wilcy and Sons, 1996.

• Hanna, Paul. British Policy in Palestine. Washington: American Council on Public Affairs, 1942.

• Jarman, Robert (ed.). Political Diaries of the Arab World: Palestine and Jordan, 1924 - 1936. London: Archive Editions, 2001.

• John, Robert & Sami Hadawi. The Palestine Diary: 1914 - 1945. Beirut: Palestine research Center, 1970.

• Mansfield, Peter. From British Mandate to the Present Day: Jerusalem the Key to World Peace. London: Islamic and Europe studies, 1980.

• Palestine Royal Commission Report. presented by the Secretary of state for the Colonies to Parliament by command of his Majesty. London: July 1937.

• Palestine: A Study of Jewish-Arab and British Policies. New Haven: Yale University Press, 1970.

• Political Diaries of the Arab World: Palestine and Jordan 1924 - 1936. Robert Jarman (ed.). UK: Archive Editions, 2001.

Page 15: 1917 till the Buraq Revolution of 1929 · 2018-08-28 · ويلوي ي زوتم اتموز عدد 178 (1(Saleh al-Shoura | ةروشلا حلاص:ةينيطسلفلا دئارجلا

متوز ي يوليو زومت ددع ا

192

• Segev, Tom. One Palestine Complete: Jews and Arabs Under The British Mandate. New York: Henry Holt and Company, 1999.

• Sherman, A. J. Mandate Days: British Lives in Palestine 1918 - 1948. London: The John Hopkins Press, 2001.

• Sykes, Christopher. Cross Roads to Israel. London: the New English Library, 1969.

• Weizmann, Chaim. Trial and Error: The Autobiography of Chaim Weizmann. London: Hamish Hamilton, 1950.