@@ ﺔﻳﺭﺍﺩﻹﺍ ﺺﺧﺮﻟﺍ ﻱﺮﺋﺍﺰﺠﻟﺍ …1 ﺮﺋﺍﺰﳉﺍ...

771
1 ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻟﺮﺧﺺ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﺩﺭﺟﺔ ﻟﻨﻴﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻗﺒﻞ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺔ: ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻋﺒﺪ ﻋﺰﺍﻭﻱ. ﺇﺷﺮﺍﻑ: ﻭﻟﻴﺪ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ. ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﳉﻨﺔ: ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ـ. ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﳏﻤﺪ ﺑﻮﻏﺰﺍﻟﺔ........ ............ ﺭﺋﻴﺴﺎ. ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ـ. ﻭﻟﻴﺪ ﺍﻟﻌﻘﻮﻥ..................................................... ﻣﺸﺮﻓﺎ. ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ـ. ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﳏﻤﺪ ﻧﺎﺟﻲ ﺑﻦ............ ﻋﻀﻮﺍ. ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ـ. ﻋﻤﺎﺭ ﻣﻌﺎﺷﻮ. .................................................. ﻋﻀﻮﺍ. ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ـ. ﳏﻤﺪ ﻋﻤﺎﺭ ﺑﻦ.............................................. ﻋﻀﻮﺍ. ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﻧﻮﻗﺸﺖ02 ﺟﻮﺍﻥ2007 ﺟﺪﺍ ﻣﺸﺮﻑ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ

Transcript of @@ ﺔﻳﺭﺍﺩﻹﺍ ﺺﺧﺮﻟﺍ ﻱﺮﺋﺍﺰﺠﻟﺍ …1 ﺮﺋﺍﺰﳉﺍ...

  • 1

    جامعة اجلزائر كلية احلقوق

    @@@@

    لرخص اإلداريةا في التشريع الجزائري

    @@

    رسالة لنيل درجة دكتوراه دولة يف القانون العام

    .عزاوي عبد الرمحن: مقدمة من قبل الطالب .األستاذ الدكتور العقون وليد: إشراف

    :جلنة املناقشة @ @@ @@ @@ @@ .رئيساً ....................بوغزالة حممد الناصر. ـ األستاذ د@ .مشرفاً.....................................................العقون وليد . ـ األستاذ د .عضواًً............بن ناجي حممد الشريف. ـ األستاذ د .عضواًً.................................................. .معاشو عمار. ـ األستاذ د .عضواًً..............................................بن عمار حممد. ـ األستاذ د

    بتقدير مشرف جداً 2007جوان 02نوقشت بتاريخ

  • 2

    : مقدمةتتمثل من ناحية في إدارة وتسيير : تقوم السلطة اإلدارية بمهمة أساسية ذات شقين

    ومن ناحية . توفير الخدمات وإشباع الحاجات العامة لألفراد المرافق العامة على نحو يكفلاألمن العام والصحة العامة (أخرى في إقامة وصيانة النظام العام بعناصره التقليدية الثالثة

    وفي )2(.ثم أبعاده ومظاهره الحديثة المتمثلة في النظام العام االقتصادي والبيئي )والسكينة العامة: تقوم السلطة اإلدارية بسلسلة من األعمال والتصرفات المادية والقانونية أدائها لهذه المهمة،

    فاألعمال المادية هي مجرد وقائع وتصرفات تصدر عن أعوان السلطة اإلدارية بدون أن أما األعمال القانونية فإن َمناطَها اتجاه إرادة اإلدارة . يصاحبها قصد بترتيب آثار قانونية معينة

    قانونية معينة مقصودة، تعتبر بمثابة المؤثر األساسي في الحياة القانونية التي إلى إحداث آثار كما أنها تمثل التجسيد القانوني الحي ألهم . تعيشها ويعيشها معها األفراد المخاطبين بها

    بما يستتبع تَطَبُّع )3(خصائص القانون اإلداري كقانون يستند في أساسه إلى فكرة السلطة العامةت التي ينظمها بعدم المساواة بين اإلدارة واألفراد، خالفاً لما تتسم به طبيعة عالقات العالقا

    ذلك أن اختالف المصالح التي يحميها كل من القانون العام والقانون الخاص، . القانون الخاصوتغليب األول للمصلحة العامة التي تمثلها اإلدارة على مصالح األفراد الخاصة التي تُكرَُّس

    كام القانون الخاص لحمايتها، يتضمن بالضرورة منح اإلدارة سلسلة من االمتيازات تحتكر أحومن بين هذه االمتيازات طائفة . مباشرتها وال ُيتصور أن ُيمنح أشخاص القانون الخاص مثلها

    ية بين التي ترتِّب آثاراً قانون ،ةاألعمال القانونية التي تجسدها القرارات اإلدارية والعقود اإلداريأطرافها على نحو يختلف عن مسار ترتيب الحقوق وااللتزامات بين أطراف عالقات القانون

    وبخاصة ترتيب اآلثار القانونية في جانبها المتعلق بااللتزامات من جانب واحد، على )4(.الخاصخالف األصل في القانون الخاص، حيث ال ُيرغَم أحد على تغيير مركزه القانوني دون رضاه،

    .مزايا لصالحه بمن حيث تقييده أو إثقاله بالتزامات، بل وال حتى ترتيباالشتراك مع طرف آخر متعاقد مع )التزامات وحقوق(فالعقود اإلدارية ترتب هذه اآلثار

    بينما تترتب هذه . اإلدارة المتصرفة كسلطة عمومية، إذ هي أعمال قانونية ثنائية األطراف

    هذا األخير . معلى النظام العا ةحيث يجد الترخيص اإلداري ـ موضوع هذه األطروحة ـ مبّرره األول، وبالتالي ضرورته، في المحافظ - 2

    لة في الذي ُيعتَبر بدوره األساس القانوني لتدخل الدولة المحدود ثم المتسع في النشاطات الخاصة، خالل األطوار التي عرفها تطور وظيفة الدو . المجتمع على َمرِّ العصور، مثلما سيتبين من خالل بعض التطبيقات الخاصة عبر مراحل هذه األطروحة

    فكرة المرفق العام التي تعتبر أساس القانون اإلداري حسب اتجاه مدرسة المرفق العام،االتجاه الفقهي الذي تزعمه الفقيه جانب لىوهذا إ - 3، األمر الذي أدى إلى ظهور ما ُعرِف بأزمة المرفق العام في فقه القانون اإلداري، ولكن ليس هذا موضوع اهتمامنا Léon DUGUITالفرنسي

    . طروحةوبحثنا في هذه األ .1ص1995، دار الفكر العربي، اإلسكندرية طبعة )القرار اإلداري ـ العقد اإلداري(أعمال السلطة اإلدارية: محمد فؤاد عبد الباسط - 4

  • 3

    ، برضا األفراد وموافقتهم ةفي القرارات اإلدارية باإلرادة المنفردة والملزمة لجهة اإلداراآلثار .أو بدونهما، بطلب أو مسعى منهم أو بدونه في أغلب الحاالت، وهي القاعدة

    كل ذلك بفضل ما تتمتع به اإلدارة من امتيازات السلطة العامة تمكِّنها من اصدار األوامر ومستحقيها بإزالة هات فتُطاع، تمنح التسهيالت والمساعدات القانونية والمادية لطالبيهاوالنواهي والتوجي

    الحواجز القانونية من أمامهم الستيفاء شروطها، أو تمنعها عنهم إن لم يكونوا كذلك، بكل ما يأو مراكزهم القانونية، وه ميترتب على ذلك من تغيير في النظام القانوني القائم وفي وضعياته

    خاصية ذاتية في القرار اإلداري التنفيذي الذي تقترن صفته وقوته التنفيذية هذه بصفة أخرى هي الصفة اآلمرة، مع بعض االختالف بين حاالت التدخل المباشر والتلقائي لجهة اإلدارة، وحاالت أخرى عندما تتدخل، بل وال تتدخل إال بناء على طلب ذوي الشأن والمصلحة والصفة،

    كقرار إداري فردي مثالها النموذجيموضوع بحثنا الرخصة اإلداريةحالة التي تُجسُِّد وهي البمثل اأيضاً، حيث تُجيب السلطة اإلدارية الطالب إلى طلبه بالمقارنة مع غيره ممن لم يحظو

    .هذه االستجابة لمساعيهم

    ؟ إِذ الكلمة الفصل في ولكن ما مدى تحقُّق هذه القوة التنفيذية في قرار الترخيص اإلداري الموضوع تبقى بيد اإلدارة منحاً أو منعاً، وال فضل إلرادة الطالب في صدوره سوى كون طلبه

    قرار الترخيص، ربالترخيص يشكل عنصر السبب في تدخل السلطة اإلدارية المختصة بإصداالقرارات اإلدارية وماعدا ذلك سيظل قرارها هذا قراراً وتصرُّفاً قانونياً فردياً خالصاً كما

    إنه موضوع . األخرى، مع بعض االختالف من حيث الطبيعة وقوته التنفيذية من عدمها . يستوجب وقفة خاصة في مسار هذه األطروحة األمر الذي سنعالجه في المتن في حينه

    وقبل هذا يجب التنويه إلى أنه سيتم التركيز في هذه األطروحة على الرخص اإلدارية في مجال تنظيم ممارسة النشاط الفردي والحريات العامة والضبط اإلداري كمجال من مجاالت

    أو أشخاص النشاط اإلداري، وهذا من زاوية العالقة بين اإلدارة والمتعاملين معها من أفراد ، باإلضافة إلى مراقبة اإلدارة ى النشاط الفردي وتنظيم ممارستهعلمعنوية خاصة، كوسيلة رقابية

    )5(العقارية، لنتخذ من أعمال البناء ورخصة البناء نموذجاً تطبيقيا، ةيالملكرسة األفراد لحق مما

    في ومن هنا فإننا نستبعد من مجال دراستنا التراخيص الرئاسية والوصائية كوسيلة رقابية تهدف لضمان وحدة التوجيه والتسيير اإلداريين - 5فهي قد تتمثل في ترخيص . والتي ال تعني في حقيقة األمر سوى إذن من الجهة اإلدارية الرئاسية أو الوصائية. الدولة خدمة للمصلحة العامة

    الرئيس اإلداري األعلى ألحد مرؤوسيه بالتصرف على نحو معين بمقتضى سلطة التوجيه التي يحوزها الرئيس اإلداري في مواجهة مرؤوسيه أو إذن من جهة إدارية عليا إلى جهة .إلخ... توجيههم وإجازة أعمالهم أو رفضها أو تعديلها أو إلغائها لعدم المشروعية أو عدم المالءمةب

    فق أخرى دنيا بالتصرف في أمر معين في إطار نظام الالمركزية اإلدارية والعالقة بين السلطتين المركزية والالمركزية أو المحلية أو المرا== توريد أو تأجير ( العمومية، كاإلذن والترخيص للجهة اإلدارية الخاضعة للوصاية اإلدارية بالتعاقد وإبرام صفقة من الصفقات العمومية

    ومن ثمة فهي تخرج عن نطاق الرخص اإلدارية بالمعنى الفني المقصود في . أو بالتصرف في الميزانية بعد المصادقة عليها ) العقارات==

  • 4

    المشترك هنا هو أن المبادرة في ربط هذه العالقة تأتي من ألفراد أصحاب الشأن والمصلحة القاسم إذ . والصفة

    حصري للرخص اإلدارية أو أننا ال نقصد من هذه الدراسة القيام بعمل لىكما يجب التنويه إ استرشاديتعداد مجاالتها، فهذا عمل من الصعوبة بمكان، بل هي محاولة منا للقيام بعمل

    للتعريف بالمقصود بالترخيص اإلداري كوسيلة من الوسائل اإلدارية المستعملة في رقابة النشاط للسلطة اإلدارية الفردي في المجتمع، تلكم الوظيفة ـ من بين عديد الوظائف ـ المسندة

    المتصرفة كسلطة عمومية، وبخاصة بهيئة ضبط إداري، ودورها الرقابي في تنظيم الحياة )6(.االجتماعية بأبعادها وجوانبها المختلفة االجتماعية واالقتصادية، والقانونية على وجه التحديد

    ها عينات، لذلك ستقتصر دراستنا على بعض أنواع الرخص اإلدارية في بعض المجاالت نتخذ .يقاس عليها كلما كان ذلك ممكناً ومفيدا

    ويرجع التركيز على هذا الجانب أيضاً إلى كون وظيفة الضبط اإلداري من ُأولى وظائف الدولة وواجباتها وأهمها وأقدمها، إذ هي قديمة ِقدم الدولة ذاتها، تقوم بها ابتداًء وتلقائياً

    فهي ضرورة الزمة الستقرار النظام العام . تى عند عدمهوح يبوجود النص القانون )7(كقاعدة،في الدولة وصيانة الحياة االجتماعية والمحافظ عليها، إذ بدونها يسود االضطراب ويختل

    )8(.التوازن في المجتمع وينهار النظام الجماعيناحي وقد ازدادت أهمية وظيفة الضبط اإلداري هذه مع ازدياد تطور وظيفة الدولة في جميع م

    للنشاط الفردي تطبيقاً لفلسفة المذهب الفردي الحر ةالحياة، لتَطال حتى تلك التي كانت متروك

    ا البحث، حيث ال عالقة لها بتنظيم النشاط الفردي في المجتمع، وإنما هي وسيلة من وسائل تنظيم العمل اإلداري داخل الجهاز اإلداري هذرسالة دكتوراه دولة في ) دراسة مقارنة(الترخيص اإلداري: لتفصيالت أكثر في الموضوع راجع محمد جمال عثمان جبريل. الواحد وفروعه

    . 144-118، ص1992كلية الحقوق جامعة عين شمسن ام، القانون العفهي التي تحدد اإلطار القانوني لنشاط األفراد، . وهذا بذاته يعد امتداداً واستمراراً لوظيفة الدولة في المجتمع باعتبارها صانعة القانون - 6

    اإلدارية ـ إن بشكل أو بآخر ـ في كل العالقات القانونية، األمر الذي يجعل من هذه األخيرة تسجل حضورها الدائم عبر امتداداتها وفروعها وهذا كانعكاس طبيعي للدور التدخلي للدولة، وذلك حتى في المجتمعات الحرة أين َيعتبِر . حتى تلك التي ال تهم سوى حياة األفراد مباشرة

    بمثابة الضمانة واالحترام المطلق للفرد، وهو طرح قليل منه و التللنشاط الفردي أالمكثف déréglementation المذهب الحر أن غياب التنظيماألسعار (أو فهم يعكس بدوره التداخل، إن لم نقل الخلط ، بين ظاهرة التنظيم والقانون العام ـ وبخاصة في المجال االقتصادي واالجتماعي

    -sur في نفس الوقت عملية تنظيم مكثفة في حين يمكن أن نجد في مجاالت أخرى و...) وتداول السلع وقانون وعالقات العملréglementation حقوق اإلنسان والحريات الفردية تؤطرها وتضبطها قواعد من شأنها تقييدها والحد منها باسم ( الفرد تمس بشكل مباشر

    هذه العالقة في مسار القانون العام للمزيد من التفاصيل حول هذا الطرح و) . تغليب األمن العام وعموماً النظام العام على المصلحة الخاصة MAX GOUNELLE : introduction au droit public وعالقته بتنظيم دور الدولة ومنه السلطة اإلدارية في تنظيم حياة األفراد ونشاطاتهم راجع

    Français ; édition Montchrestien 1979 , p 16-20 . باستثناء الحاالت المتعلقة بالترخيص اإلداري المسبق، حيث ال تتدخل السلطة اإلدارية إال بناء طلب بذلك يرفعه إليها صاحب الشأن وهذا - 7

    .كما سنبينه عبر مراحل هذه األطروحة ، دار النهضة )دراسة مقارنة(دور سلطات الضبط اإلداري في تحقيق النظام العام وأثره على الحريات العامة: العليم عبد المجيد مشرفعبد - 8

    . 7، ص1995المصرية العامة للكتاب ، الضبط اإلداري وحدوده، الهيئة : وعادل أبو الخير. 1، ص 1998العربية، طبعة

  • 5

    التي كانت ال ترى ضرراً في ترك النشاط الفردي حّراً دون تدخل، وحيث كانت أغلب أوجه النشاط االجتماعي واالقتصادي تُترك بحسب األصل للحريات والمبادرات الفردية، ليقف دور

    كل . المشروعة لدولة عند الحد الضروري والالزم من التنظيم، لضمان تمتع األفراد بحقوقهم وحرياتهمااالقتصادي واالجتماعي، وبتأثير من األفكار التدخلية للدولة نتيجة عذلك تحت ضغط الواق

    ت للمتغيرات السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي ُوجِدت في أوائل القرن العشرين وتركناهيك عن مجاالت النشاط التي تتوالها الدول مباشرة . بصماتها على موضوع الضبط اإلداري

    في شكل إدارة وتسيير األمالك العامة على نحو يستفيد منها جميع المواطنين بشكل غير مباشر أو مباشر، جماعي أو فردي يستوجب الحصول على ترخيص إداري خاص، أو في صورة

    ا لجمهور المواطنين عبر المرافق العمومية التي تنشئها، تنافس فيها القطاع خدمة عمومية تقدمهالخاص، بل قد تتولى بعضاً من هذه النشاطات على سبيل االحتكار، لتَحلَّ اإلدارة العامة محل

    .النشاط الفردي وتتولى هي إشباع الحاجة العامة مباشرة

    قة مع السلطة اإلدارية في مجال ممارسة كما يرجع ذلك إلى أن المبادرة في ربط العال الحريات والنشاطات الفردية تأتي ـ عندما يقتضي القانون ذلك ـ من الشخص صاحب الشأن، معتمداً على قدرته الذاتية المادية وحتى مؤهالته المعرفية والعلمية المتخصصة لمزاولة نشاط أو

    . ينتظر تلقي الخدمة العمومية من اإلدارةمهنة أو حرفة يحقق بها ذاته ومصلحته المادية، وال فالنشاط الخاص قائم وال يزال، وكل ما في األمر أن بعض القيود فُرِضت عليه حماية للنظام العام، ومن بين أدوات فرض هذه القيود أن يخضع هذا النشاط الفردي لقيد الترخيص اإلداري

    ة من يراض القانوني والَعقبة اإلدارفالشخص أو الفرد يرغب فقط في إزالة االعت) 9(.المسبقأمامه لممارسة الحرية والنشاط الفردي المرغوب فيهما بعد مسعى يبذله لدى السلطة اإلدارية

    على أنه يتعين على هذه األخيرة التزام حكم القانون وهي . باستصدار ترخيص إداري بالممارسة .تصدر قرار الترخيص أو ترفضه

    فال الرخص، ا أوالً االلتزام باعتبارات المصلحة العامة، وثانياً بمبدِأ المساواة بين طالبيفعليه يكون المنح والمنع وسيلة للمجاملة أو أداة لالنتقام الشخصي أو القهر والتحكم في مصائر

    )10(.األفراد، مما يُحول دون ممارستهم حرياتهم ونشاطاتهم الخاصة

    الضبط اإلداري بأدواته المختلفة والمتنوعة ةن ممارسة اإلدارة لوظيفوعليه، فال ريب أ تنعكس آثارها بشكل أو بآخر على الحريات العامة لألفراد، إذ هناك صلة وثيقة بين الضبط

    . 161، ص 1992الدار الجامعية طبعة ) يذاتية القانون اإلدار(نون اإلداري القا: مصطفى أبو زيد فهمي - 9

    . 173نفس المرجع ، ص - 10

  • 6

    اإلداري والحريات العامة، األمر الذي يمكننا الوقوف عليه من خالل واقع وطبيعة الحرية ذاتها، كما نستطيع استظهار مدى ُمكنات الضبط اإلداري في . ة حمايتها قانونياوأسلوب صياغتها وكيفي

    . تفاعل الحرية مع النظام العام من حيث إقامته وصيانته وإعادته إلى نصابه في حال اإلخالل بهاألفراد بصورة أو تفهذا التدخل من جانب اإلدارة يؤدي دون أدنى شك إلى المساس بحريا

    ويتمثل هذا المساس . لعادية أو االستثنائية التي قد تتعرض لها الدولةبأخرى، إن في الظروف افي قيام سلطات الضبط اإلداري بفرض قيود عديدة على ممارسة األفراد حرياتهم، األمر الذي يستوجب بدوره وضع حدود وضوابط لصالحية جهة الضبط اإلداري وممارستها اختصاصها

    الحريات ضد كل تعسف محتمل أو جور من جانب السلطة لضمان توفير الحماية الكاملة لهذهولذلك فقد )11(.اإلدارية، وبخاصة لكون هذه األخيرة كثيراً ما تبني قراراتها على عنصر المالءمة

    استقر القضاء على خضوع أعمال الضبط اإلداري لرقابة قضائية واسعة تُجاوِز نطاق الرقبة )12(.ت اإلداريةالعادية التي يباشرها على سائر القرارا

    وبالترتيب على ما تقدم فإن إجراء الترخيص اإلداري المسبق كعمل قانوني تقوم به اإلدارة، معينة، ُيعدُّ إجراًء إدارياً ةتأذن بموجبه ألحد األشخاص بمزاولة نشاط ما، أو ممارسة حري

    عمال قد يزداد أو يتضاءل است .في الحياة العملية ةرقابياً من بين اإلجراءات اإلدارية المستعملويتناقص من نظام قانوني آلخر، وبحسب ما إذا كانت الرخصة متعلقةً بحرية من الحريات التقليدية اللصيقة بالشخصية أو بحرية التجارة والصناعة، أو بنشاط يرقى أو قد ال يرقى إلى

    ذا بالعالقة والتواتر مع وه )13(مستوى الحق أو الحرية المعترف بها دستورياً، والمنظمة قانونياً،الدور الرقابي المسند لإلدارة في المجتمع باعتبارها سلطةً عمومية، وبخاصة كونها سلطة ضبط إداري، من اجل حماية النظام العام بعناصره التقليدية المألوفة، من أمن عام وصحة عامة

    م العام االقتصادي والبيئي وسكينة وطمأنينة عامة، باإلضافة إلى أبعاده ومظاهره الحديثة كالنظا، وهذا من حيث إقامته )أو ما يسمى بجمال الرَّْونَِق والرََّواء(وجمال المدينة وتنظيم العمران

    وصيانته وحماته عبر توجيه النشاط الخاص المربح أو مراقبة مزاولته أو ممارسة حرية من .الحريات العامة في المجتمع

    : األمر والنهي، المنع والمنح ِتجاه األفراد باتباع أحد األسلوبين فمن اجل ذلك خّولها المشرع سلطة

    ، ِلتأذن بممارسة النشاط أو الحرية المرغوب فيهما، إذا بدا لها وقّدرت أنَّ الهيئةالوقائي أوالً

    . 2دور سلطات البط اإلداري في تحقيق النظام العام وأثره على الحريات العامة،مرج سابق، ص : عبد العليم عبد المجيد مشرف - 11 . 9مرجع سابق، ص الضبط اإلداري وحدوده ، : عادل أبو الخير - 12 . 180مرجع سابق، ص ) ذاتية القانون اإلداري(القانون اإلداري : مصطفى أبو زيد فهمي - 13

  • 7

    االجتماعية لن يصيبها أي خطر أو ضرر ، وأن النظام العام لن يصيبه أي اضطراب أو خلل الممارسة ، على أن يبذل ذو الشأن والمصلحة والصفة مسعى لديها باستصدار قرار جرَّاء هذه .أو ترفض اإلذن والترخيص بذلك إذا بدا لها العكس. الترخيص بهذه الممارسة أو المزاولة .أو الزجري إن كان له مبرر، وذلك عندما ال يكفي األسلوب الوقائي وأدواته األسلوب الردعيلَيِليه

    وانطالقاً من ـوقد يحدث العكس، إذ يختار المشرع في شأن تنظيمه لممارسة الحريات أوالً، )العقابي(البدء باألسلوب الردعي ـأصالً وتقييدها استثناء )حرية الممارسة(كون الحرية

    والوسيلة القانونية في ذلك في الحالة الثانية هي االكتفاء بنظام اإلخطار أو التصريح المسبق العزم عليه، عكس الحالة األولى إذ ما انعقد علىبالرغبة في الممارسة وتنبيه السلطة اإلدارية

    . فعل الترخيص اإلداري وأداة الرخصة اإلداريةالوسيلة هي ومن ثم، يمثِّل إجراء الترخيص في مجال العمل اإلداري في مظهره الرقابي على وجه

    :القرارات اإلدارية األخرى من جانبين أو مظهرينالخصوص شيئاً متميزاً بالمقارنة مع

    كالرخصة اإلدارية، االعتماد (أن هذه األداة التي تتخذ أشكاالً وتسمياٍت مختلفةً: أولهما ال تُصِدرها اإلدارة تلقائياً كما القرارات اإلدارية األخرى، بل )14()...والتأشيرة واإلذن واإلجازة

    .حينههذا ما سنبحثه ونجيب عنه الحقاً في ؟ك كيف ذل. تُستصَدُر استصداراً

    أن من شأن استعمال هذه األداة القانونية التي بَِيِد السلطة اإلدارية أن ُيِحدَّ من : وثانيهما ومن ثم يغدو من الضروري، بل من الحتمي دراسة، وبكل َروِية، . نطاق الحريات العامة

    ذا اإلجراء ذاته، وخصائصه القانونية في سياق المفهوم الذي يستند إليه مثل ه األساس القانونيالعام لمجموع القواعد القانونية في الدولة، وبخاصة عالقته بمبدأ المشروعية في إطار كل من

    من المشرع والقاضي القانون الدستوري واإلداري، وكذلك الضمانات التي يمكن بموجبها لكل . من كل تعسٍف محتمل من جانب هذه السلطة اإلداريةعلى تكريس هذه الحريات وحمايتها العمل وفي هذا الخصوص، وعند هذا المستوى تحديداً، يجب التنبيه إلى أن القاعدة، بل المبدأ الذي

    أن السلطة اإلدارية ال تمتلك ابتداًء وبإرادتها الذاتية : تجب معرفته ومراعاته في دولة القانون هوييد الحريات العامة أو الحد من حق ممارستها لُمَسوِّغٍ ما، بفرض الخالصة أهلية وصالحية تق

    نظام الترخيص اإلداري المسبق، واستعمال إجراء اإلذن السابق كشرٍط واقٍف لممارسة نشاط معين أو حرية معينة ضِمنها الدستور ونظمها القانون، بل يجب أن تكون مؤهَّلًَه لهذا من ِقَبِل

    . 95-89ص، 1992رسالة دكتوراه دولة، كلية الحقوق جامعة عين شمس، ) دراسة مقارنة(الترخيص اإلداري: محمد جمال عثمان جبريل - 14

  • 8

    من ما تتخذه أو ستتخذه في )15(فعالً ومسبقاً الموجود لقانونياإلى النص دالمشرع، وذلك باالستناقرارات فرديةـ أو حتى تنظيميةـ إذ هو المخوَّل دستورياً بصالحية تحديد الحريات العامة وضبطها وتنظيمها وإعادة تنظيمها، باعتباره ممثالً لإلرادة العامة، وضامناً لها بفعل حياده الذي

    ع والعالقات به على نحو مسبق ومجرد من الذاتية والشخصية بما يضعه من قواعد ينظم المجتمعكس قرارات اإلدارة )16(قانونية عامة مجردة محايدة ، وهو ما يمكن تسميته بالضبط التشريعي،

    الفردية التي تعالج الحاالت الخاصة، فهي ال يمكن أن تكون مجردة من الذاتية والخصوصية، وألجل ذلك يجب أن . تعسف اإلدارة في استعمال سلطتها وارداً باستمرارمما يجعل احتمال

    . تخضع لرقابة القضاء اإلداري، على تفصيل نعرض له في حينهفإنه يجب عليها التزام حدوَد ما فهي إذ تتصرف وتتدخل في ممارسة األشخاص حرياتهم ،

    إلدخال النص والتدابير التفصيلية يتركه لها المشرع من هامش في مجال اتخاذ اإلجراءات .القانوني حيز التطبيق والتنفيذ، وإسقاط أحكامه على الحاالت والوقائع الخاصة

    . هذا هو المبدأ أو األصل العام لكن األمر الثابت هو أن هناك استثناًء يرد على هذا األصل، وهو االعتراف للسلطة التنفيذية،

    ستويات هيكلها التنظيمي في الدولة بدور ما، أو قدر ما من أي السلطة اإلدارية في أعلى ملكن . وحرياتهم العامة، الفردية منها والجماعيةسلطة ضبط المجتمع، سلطة قد تطال حقوق األفراد

    . ما هو سندها ومصدر سلطتها في ذلك كله ؟ ذلكم ما نوضحه في حينه أيضا سباب الدافعة الختيار هذا الموضوع وكذا إشكاليةوعليه، وبالبناء على ما تقدم تتلخَّص األ

    : في المعطيات واألفكار التالية "الرخص اإلدارية في التشريع الجزائري " هذه األطروحة

    : أهمية الموضوع وأسباب دراسته: أوالً

    أما في الظروف االستثنائية فإنه ُيعترفُ للسلطة اإلدارية . العادية، إذ هي المعيار والقاعدة يحدث هذا وينطبق على حالة الظروف - 15م، وإن المتصرفة كسلطة ضبط إداري باتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات من شأنها ضمان بقاء الدولة أوالً وبقاء مرافقها تسير باستمرار وانتظا

    سبق من احترام مبدأ المشروعية باحترام حرفية النص القانوني ألنه ُوجَِد لمواجهة الظروف العادية ال في الحد األدنى من قدرتها، فبقاؤها أ== ألن السالم العام في المجتمع ال يحتمل اإلخالل به حتى. أما إذا لم يكن النص القانوني موجوداً فمن باب أولى وأحق . الظروف االستثنائية

    عكس الظروف العادية، فإذا ما أرادت سلطة الضبط اإلداري تقييد الحريات في إطار . ستند إليه اإلدارةعند عدم وجود نص قانوني ت== حدود سلطة الضبط : عاطف محمود البنا.الضبط اإلداري بمعناه الواسع، وجب أن يستند اإلجراء الذي تتخذه إلى نص قانوني يبيحه

    لكنها مع ذلك تخضع لرقابة القضاء اإلداري في ما . 8، ص1980 4و 3معة القاهرة، العددان اإلداري،مجلة القانون واالقتصاد، كلية الحقوق جا. تتخذه من تدابير وإجراءات من حيث وجود الوقائع التي استندت إليها وتكييفها، والوسائل المستعملة لمواجهتها من حيث التناسب بينها

    قابة القضائية على ركن السبب في إجراءات الضبط اإلداري، رسالة لنيل درجة الر: للتوسع في الموضوع راجع رضا عبد اهللا حجازي . 351ص، 2001الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق جامعة القاهرة،

    دراسة (مبادئ القانون اإلداري: وانظر أيضاً سليمان محمد الطماوي. 8حدود سلطة الضبط اإلداري، مشار إليه، ص: عاطف محمود البنا - 16إذ يذكر أنه على هذا األساس تتعرض الحريات العامة . 84، ص1979الكتاب الثالث أموال اإلدارة العامة وامتيازاتها، دار الفكر العربي ) قارنةم

    داً ، وفي نطاق هذه القيود تملك اإلدارة أن تفرض قيو"البوليس التشريعي"قيود يفرضها المشرع، ويطلق عليها بعض الفقهاء: لنوعين من القيود . جديدة إما تنفيذاً للقوانين الصادرة في هذا الصدد، وإما قيوداً مبتدأة

  • 9

    تكمن األسباب الموضوعية، النظرية والعملية الدافعة لطرح موضوع الرخص اإلدارية : اط البحث في العناصر والمعطيات التاليةعلى بس

    أن اإلدارة إذْ تتدخل بقراراتها التنظيمية والفردية باعتبارها سلطة عمومية، وبخاصة سلطة) 1 فراد نشاطاتهم وحرياتهم وتوجيهها ومراقبتها، ضبط إداري، إنما تتدخل لتنظيم ممارسة األ

    ولتعمل بذلك على إقامة النظام في دولة القانون، أو لنقل دولة الحق والقانون والحرية، وتقوية دعائمها وتثبيتها، ُمستِندةً في ذلك إلى أحكام القانون الموجود فعالً كما سبق القول، حتى ال تُعمَّ

    د يمارسون حرياتهم دون تقنين أو تنظيم مسبقْين، ورقابة إدارية الفوضى فيما لو تُرَِك األفراألن اإلطالق يتنافى . الحريات العامة ال إطالقها نسبيةالحقة أو حتى سابقة، وهذا انطالقاً من

    وجوهر الحرية، بل وجوهر وحقيقة وجود الدولة نفسها كتنظيم وسلطة رسمية تعلو إرادتها م تنظيماً قانونياً ُمحكماً، تسهر عبر مؤسساتها على سير الحياة في إرادة الكل في المجتمع المنظ

    .هذا المجتمع سيراً منتظماً وطبيعياً، مع إمكانية تقييمه وتقويمه كلما استدعى األمر ذلكرياً بالحريات، يكون أمام السلطة المختصة بتنظيمها، من اجل حمايتها فبعد االعتراف دستو

    تدابير : وضمان ممارستها، االختيار بين نموذجين من الكيفيات أو التدابير واإلجراءات القانونية : ردعية، وأخرى وقائية، يمكننا تحديدها كاآلتي

    النظام "وهذا هو . الردعية أو الجزائيةفيمكنها أوالً اللجوء إلى التدابير أو اإلجراءات )أ فُيصبُح للحريات العامة حدوداً يمثل. أو نظام الرقابة الالحقة. أو الزجري العقابي "الردعي

    تجاوزها مخالفة تترتب عليها عقوبة جزائية، والمشرع وحده هو المؤهَّل برسم وضبط هذه . بقة من جانب السلطة اإلداريةالحدود، ِلتماَرَس الحرية دون تدخل أو إذن أو رقابة مس

    الحرية هي "وتتمثل حقيقة هذا النموذج وأصله في تطبيق القاعدة األساسية التي مؤداها أن وكل ما لم ُيحرِّمه المشرع أو ُيجرِّْمُه فهو مباح، يماَرس تلقائياً، . "األصل، وتقييدها هو االستثناء

    ة المرغوب فيها فورية ال تؤخِّرها شكليات أو ومن ثم تكون ممارسة الحق أو النشاط أو الحري .إجراءات إدارية مسبقة

    أما التدبير أو اإلجراء الثاني الذي يمكن للسلطة المختصة بتنظيم الحرية اللجوء إليه، )ب ، إذ يتم إخضاع ممارسة الحرية أو النشاط "نظام وقائي"فهو على العكس من النظام األول

    . اشرها اإلدارةلرقابة مسبقة تبفهو نظام يهدف ابتداًء إلى تفادي إساءة استعمالهما بالنظر لما يمكن أن يترتب على ذلك من مشاكل قانونية، قد تنتهي بتحميل الُممارِسِ مسؤولية أعماله أمام األنظمة اإلدارية، باإلضافة إلى

    .المسؤولية في بعدها أو مفهومها المدني أو الجنائي

  • 10

    إذ هو . وذج األخير قد ال تماَرُس الحرية إال برضا اإلدارة المسبق كعامل شَرطيففي هذا النمنظام يهدف من خالل تدخل اإلدارة المسبق إلى فرض نظام الرقابة الوقائية المباشرة واألكيدة ضد ظهور الفوضى والالِّنظام واستفحالهما ، فيما لو تُرَِك األفراد يمارسون حرياتهم ونشاطاتهم

    . فهمهم للقانون من حيث أوامره ونواهيه مع توقُّع الجزاء في حال صدور منهم ما يخالفهحسب ومن ثم، فإن الترخيص اإلداري المسبق يعتبر وسيلة وقائية َدْرئية، من شأنها حماية المجتمع

    ووقايته من األضرار التي قد تصيبه فيما لو تُرِكِت النشاطات والحرية تُمارُس فقط في ظل مفهوم نظام القواعد القانونية العامة المجردة وفهم األفراد لها وتفسيرهم لمضمونها، وهي التي قد يعتريها شيء من النقص أو الغموض ال يمكن جبرهما إال بتدخل طرف ثالث يتمثل في

    مما إذ قد ال يفيد النظام الردعي أو العالجي وحده، بالرغم. اإلدارة بقراراتها التنظيمية والفرديةتتوفر عليه القواعد القانونية الضابطة للنشاط أو الحرية من عنصر اإللزام والجزاء والعقاب في حال اإلخالل بها ومخالفة أحكامها، والذي قد يأتي متأخراً، وقد يكون محدود األثر بالمقارنة بما

    .قد يصيب النظام العام من ضرر، وبوتيرة يصعب استباقها

    ترخيص اإلداري ـ باعتباره إجراًء ينتمي إلى النظام الوقائي ـ أمرُُ ال بد وهكذا، فإن ال . منه في كثير من الحاالت حتى ال تعم الفوضى نشاط األفراد أو ترافقه

    والنتائج السلبية لبعض النشاطات والممارسات المشاكلالكثير من المجتمعفهو يمكن أن يدفع عن عنها، كرفض الترخيص بإقامة منشأة أو ورشة أو مصنع ال واإلشكاليات القانونية هو في غنى

    .تتوفر فيه شروط وأسباب حماية البيئة والمحيط، أو حماية أمن األفراد وراحة الجوارالترخيص اإلداري كوسيلة يندرجأن في هذا النموذج أو النظام تحديداً : محّصلة ذلك هي

    ودفع التعارض الذي قد يحدث أحياناً بين ممارسة إلزالة توفيقيقانونية وإدارية تقوم بدور الحقوق والحريات العامة المعبِّرة دوماً عن المصالح الخاصة، وبين ومصالح المجتمع وسير

    .الحياة به بمختلف مظاهرها وأبعادها القانونية واالجتماعية واالقتصاديةاتها اإلدارية ـ باعتبارها عامل قوة الدولة ومركزها ـ ممثَّلَةً في مؤسس: بين إجراء وسيطإنه

    ثبات ونظام في المجتمع من جهة، وضرورة كفالة ممارسة الحقوق والحريات العامة والنشاطات .الخاصة في إطار من النظام والمرونة معا من جهة ثانية

    وجيه أن الترخيص اإلداري ُيَعدُّ من بين أكثر الوسائل القانونية استعماالً وفعالية في ت) 2 ومراقبة مزاولة النشاط الخاص وممارسة الحريات العامة، الجماعية منها والفردية في المجتمع،

    :إنه إجراء يتنوع مفهومه وهدفه بحسب تنوع المواضيع التي ينظمها، والصيغة التي ُيستعَمُل فيها

  • 11

    وهذا )17(ت،في ذات الوق وسياسي واقتصاديفله مفهوم وهدف قانوني إداري تنظيمي رقابي، في سياق ممارسة الحريات العامة السياسية، ومزاولة األنشطة التجارية والصناعية المربحة، أو ممارسة عنصر من عناصر حق الملكية، كحق الملكية العقارية ببناء الشخص على أرض

    . يملكها، أو له عليها الحيازة والسيطرة والسلطة القانونية ري كوسيلة قانونية وإدارية وقائية قد َيِضيق أو يتسع بالتناسب معفاستعمال الترخيص اإلدا

    نظام الحكم والتنظيم اإلداري السائدين في الدولة، ووفق درجة التنظيم والتحضر والديمقراطية التي . بلغتها

    فكلما كثُر استخدام الترخيص اإلداري المسبق دلَّ ذلك وَعكََس ضعف مستوى التقدم والتحضر لُيكتفى في كثير من األحيان . والعكس صحيح. دولة، وَدلَّ على انحسار الحريات العامة بهافي ال

    في سبيل تنظيم ممارسة هذه الحريات بمجرد اإلخطار، أي التصريح المسبق بالرغبة في .الممارسة لدى الجهة اإلدارية المختصة

    ال تعم الفوضى، مع العمل على ولكنه مع ذلك يبقى أمراً ال بد منه في العديد من الحاالت حتىفي مجال وهو عين ما طبَّقه المشرع الجزائري مع بداية التسعينيات . تطبيقه في أضيق نطاق

    )18(تنظيم ممارسة حرية االستثمار مثالً، فتحوَّل بها من نظام الترخيص اإلداري المسبق كقاعدة، .ناًء بعدما كان القاعدةإلى نظام اإلخطار أو التصريح كقاعدة، ليصبَح الترخيص استث

    :من قاعدة عامة مااستثناًء أن الترخيص اإلداري المسبق يمثل على الدوام )3 ، ولكنها حرية منظمة تقييد للحرية في إطار إباحة عامةأي . فقد يكون استثناًء من الحرية

    اإلدارية طرفاً وسيطاً عن طريق قانونياً، فال تماَرس مباشرة وتلقائياً، بل ال بد من تدخل السلطة إجراء الترخيص اإلداري المسبق، أو بإجراء أقل ِشدَّةً وتقييداً هو اإلخطار أو التصريح المسبق، ألسباب تتعلق بحماية النظام العام في المجتمع، أو بسبب طبيعة النشاط المنظم الذي يماَرس

    نظمة التي تتطلب ممارستها مؤهالت على أساس االحتراف واالمتهان، كما في حالة المهن الم .علمية متخصصة تشرف عليها المنظمات أو النقابات المهنية كما سيأتي شرحه في المتن

    تَخُصُّ بموجه السلطة اإلدارية )19(،استثناًء من حظر عامكما قد يكون هذا الترخيص اً، عندما تُقدُِّر أن الهيئة المانحة الطالب بُمكنة الممارسة استثناًء، وبتأهيل من المشرع دائم

    . 2الترخيص اإلداري، رسالة مشار إليها، ص : محمد جمال عثمان جبريل - 17 . والذي كان يصدر في شكل اعتماد إداري - 18في هذه الحالة استثناًء من األصل ، ألن الدولة ليس لها أن تحتكر وهو إما أن يكون منصباًّ على نشاط غير ضار بقصد احتكاره، ويعتبر - 19

    وإما أن يكون منصّباً على نشاط ضار بطبيعته أو . الخير العام والنشاطات المربحة في مجتمع منفتح على الملكية الخاصة والمبادرات الفرديةأو حظر مزاولة بعض أنواع . خالق واآلداب العامة أو البيئة سواء كان هذا الضرر متعلقا بالصحة العامة أو باأل. بسبب ظروف ممارسته

  • 12

    االجتماعية لن يصيبها ضرر أو خطر، وأن النظام العام والسالم العام في المجتمع لن ُيهدَِّدهما االضطراب ولن يصابا باالختالل فيما لو َسمحت لشخص معين وبشروط معينة ممارسة نشاط

    فعة معينة، كالترخيص ما أو حيازة واستعمال شيء معين محظور أصالً، ولكنه قد يحقق منبحيازة سالح وامتالكه، أو استعمال مواد متفجرة في أغراض اقتصادية وصناعية محددة، كاستخراج المعادن وتكسير الحجارة لتحويلها إلى مواد بناء مثالً، ولكن ذلك يتم تحت أعين

    ورقابتها السلطة اإلدارية .باعتبارها سلطة ضبط إداري

    يص اإلداري المسبق كأداة أو وسيلة قانونية رقابية مرهون دائماً أن استعمال الترخ )4 ... بالمصلحة العامة للمجتمع، والتي لها مدلولها القانوني والسياسي واالقتصادي واالجتماعي

    لتتصرف اإلدارة عند منح الرخصة أو رفض منحها على ضوء تحقيق هذه الغاية، فهي المكلفة لصالح العام للمجتمع، وتعمل على تحقيقهما وتكريسهما فيما تصدره عملياً بتكييف النفع العام وا . من قرارات تنظيمية وفردية

    إذ المصلحة العامة التي يعتبرها الفقه أحد عناصر القرار اإلداري وشروط صحته، ومثله القرار ظام المتضمن الرخصة اإلدارية، هي الخير العام للجماعة، الذي يعتبر هو اآلخر هدف الن

    القانوني في الدولة في مجمله، هدفُُ تتكفل السلطة اإلدارية بتقدير كيفية تسييره، وهذا بالرغم . مما قد يشوب تصرفاتها وقراراتها من عيوب وتجاوز أو إساءة الستعمال السلطة أو االنحراف بهاي تتعامل ومن اجل هذا أيضاً، كان ال بد من فرض رقابة قضائية على تصرفاتها وأعمالها وه

    مع طلبات التراخيص اإلدارية المرفوعة إليها من ذوي المصلحة والصفة، منحاً أو منعاً أو .رفضاً، أو انهاًء أو الغاًء وسحبا

    أن هناك تفكيراً أو فهماً خاطئين أو غامضين في المجتمع ـ وبخاصة في الدول حديثة ) 5 ، وهو أن هذا األخير قد تحول، أو يتحول العهد بالديمقراطية ـ حول حقيقة الترخيص اإلداريفيه بمطلق سلطتها، من حيث منحه تتصرفإلى َمزية أو ِمنَّة أو تبرُّع أو منحة من لَُدنِ اإلدارة،

    أو رفض منحه أو رفض طلب تجديده، أو سحبه أو الغاؤه دون إمكانية األفراد مقاضاتها طلُب وُيستصَدُر استصداراً، ويتعين على كل ذلك لخاصية ذاتية فيه، وهي أنه ُي. بسهولة ويسر

    اإلدارة إعماُل سلطتها التقديرية حين دراسة طلب الحصول عليه للموازنة بين المصلحة الخاصة

    تعلق النشاط الفردي بالنسبة ألجزاء معينة من المال العام إذا كان ذلك لتحقيق أغراض تتصل بالصالح األعلى للدولة من الناحية المالية، أو

    . بالنظام واألمن العام أو لصيانة المال العام ذاته من التلف

  • 13

    التي سيجنيها المترشح وما يجنيه المجتمع، أو على األقل عدم التعارض بينهما، مما ُيشِْعُر بعض ع المتبرع أو صاحب فضل على الطالب ؟ أصحاب مراكز القرار في اإلدارة أنهم في موق

    ذلكم هو ما. كما أن هناك خلطاً بين الترخيص اإلداري المسبق والتصريح المسبق أو اإلخطار .سنبينه تفصيالً في حينه في متن موضوع هذه األطروحة

    ة ومن بين أسباب اختيار هذا الموضوع والتعمق في بحثه، أن العادة في الدراسات الفقهي )6 للقرار اإلداري كعمل إداري قانوني تكاد تنحصر على الدوام على القرارات اإلدارية اآلمرة باعتبارها النموذج الوحيد ـ أو يكاد ـ للقرار اإلداري التنفيذي الذي ينتج بذاته آثاره القانونية

    الً أو إلغاء، في في الوضع أو النظام القانوني القائم والمراكز القانونية القائمة، إنشاًء أو تعديحين أن هناك من القرارات اإلدارية ما ال تتوفر على هذه الصفة اآلمرة، ولكنها مع ذلك تؤثِّر بشكل مباشر في حياة األفراد ومراكزهم القانونية وحقوقهم، إنه بكل بساطة قرار الترخيص

    دارية يخرج من وال أدلَّ على ذلك من أن المَرخََّص له بحصوله على الرخصة اإل. اإلداريدائرة الحظر أو التقييد، إلى دائرة المباح وحرية الممارسة، تنشأ له بموجبها مزايا، كما تترتب

    .في ذمته التزامات، على تفصيل نعرض له في حينه في متن هذه األطروحة

    كما جرت عادة الدراسات الفقهية للقرارات اإلدارية ـ من جهة أخرى من حيث تحليل أو التقليدية كطرف " الجهات اإلدارية الخالصة"ن القرار اإلداري ـ على التركيز على أركا

    في هذا القرار والُمصِدرِ الوحيد له، في حين أثبت الواقع التشريعي والقضائي واإلداري والعملي اعترف لها المشرع ببعض امتيازات السلطة العامة، ولكثير من "شبه إدارية"أن هناك جهات

    ، يختص القاضي اإلداري بنظر المنازعات التي تثار يراتها بصفة وطبيعة القرار اإلدارقراتتولى التأطير القانوني للمهن المنظمة، تنظيمات، وهي المهنيةالمنظمات أو النقابات إنها. بشأنها

    بدءاً من مراقبة االنضمام إليها عن طريق إجراء التسجيل في جداولها الوطنية ـ وهو إحدى ور الترخيص اإلداري كما سيأتي ـ وانتهاًء بالعمل على تنميتها وترقيتها والدفاع عن ص

    .على تفصيل يأتي في المتن. مصالح أعضائها، مروراً بفرض االنضباط على منتسبيها

    العامة أن من بين أهم ما يثير االنتباه وفضول البحث المعّمق في موضوع ضبط الحريات ) 7 سلطة إصدار النصوص والقواعد القانونية "مصدر"ة وتنظيم ممارستها، هو والنشاطات الخاص

    إجراء " إعمال"الناظمة لها، وبخاصة مصدر سلطة اإلدارة في مراقبة ممارستها بواسطة أو الجهة الشبه إدارية ال تأتي به كنظام من عندها، بل ةإِذ اإلدار. الترخيص اإلداري المسبقكل ذلك انطالقا من . شّرعاً، تضعه جهات أخرى عليا مكلّفة دستورياًتجده قائماً أي مؤسساً وم

  • 14

    وخلق القواعد القانونية التي تنظم العالقات )20("إنتاج"حق الدولة وسلطتها، بل وامتيازها باحتكار االجتماعية وعلى نحو ملزم بين مختلف القوى االجتماعية والسياسية في المجتمع، سواء بين

    )21(.ا، أو بينها وبين األفراد، أو بين هؤالء األِخيرين أنفسهممؤسسات الدولة نفسهأوالتنظيمي الخالص للدولة ـ ال سيما في مادة إن هذا االختصاص واالمتياز القاعدي

    الحريات العامة والضبط اإلداري موضوع بحثنا ـ ُيترَجُم عملياً وشكلياً في ثالثة نماذج من، وهو ما يعرف رمختلفة، وهي الموزعة والمتدرِّجة بين الدستو القواعد القانونية ذات مصادر

    القانون العادي (والتشريع العادي بفئتيه. أيضاً بالتشريع األساسي الذي تضعه السلطة التأسيسيةالذي يضعه المشرع صاحب الوالية العامة فيه باعتباره صاحب االختصاص في )والعضوي

    تشريع الفرعي، أو ما يعرف اصطالحاً أيضا بالالئحة أووأخيراً ال. التشريع ووضع القوانينوهو الصادر عن السلطات اإلدارية في الدولة في أعلى مستوياته، أي الحكومة بما )22(التنظيم،

    وعموماً السلطة التنفيذية وحسب طبيعة النظام الدستوري أين .وسلطة تنظيمية من اختصاص لها )23(.احديمكن أن تتكون من قطبين أو من بقطب و

    ) 24(.العام ومن اجل ذلك ُعرِّفَ التشريع بكونه المصدر األول الرسمي والشكلي للقانون بالمعنى

    :وبهذه المثابة يقصد بالتشريع أحد أمرين أو مفهومين عام أو خاص

    قيام السلطات عملية(فالتشريع هنا ينظر له أنه ُيقصد به : législation المعنى العام للتشريع )أ اختصاصاتها مختصة في الدولة بوضع قواعد جبرية لتنظيم العالقات في المجتمع، وذلك في حدودال

    .الدستورية وفق اإلجراءات المقررة لذلككما يقصد به مجموعة القواعد القانونية المكتوبة ذاتها، التي تمَّ وضعها من ِقَبِل السلطات

    د في المجتمع، سواء كانت السلطة التشريعية المختصة في الدولة، لحكم وتنظيم عالقات األفرامصدر القواعد وبذلك يستعمل اصطالح التشريع في مفهومه الواسع تارة بمعنى . أو التنفيذية

    )25().القانونية المكتوبة، وتارة أخرى بمعنى القواعد المستمدة من هذا المصدر

    20 - Françoise Dreyfus – François d’Arcy : les institution politiques et administratives de la France,5e édition refondue

    et mise à jour, économica,1997 , p159 . . 160-159نفس المرجع، ص - 21 .125 والمادة 85/3ومن قبل الدستور أنظر المادة .وهو المصطلح المستعمل في كل من القانون الدستوري واإلداري في الجزائر - 22

    .من الدستور 169و 165مادتانوبمناسبة ممارسة الرقابة الدستورية على القوانين والتنظيمات تراجع الأما في القانون اإلداري فتمتد هذه السلطة التنظيمية عمودياً . هذا في مجال القانون الدستوري من الوجهة التي تخدم موضوع بحثنا هذا - 23

    ي أو المحافظ ومدير المؤسسة العامة وأفقياً لتشمل تلك السلطة المسندة لإلدارات والهيئات اإلدارية الالمركزية ممثلة في رئيس البلدية والوال Françoise Dreyfus – François d’Arcy : les institution -للتوسع أكثر في الموضوع من وجهة المقاربة اإلدارية راجع .اإلدارية

    politiques et administratives de la FRANCE… op. cit . p200-209. .المادة األولى من التقنين المدني الجزائري - 24 . 129،ص2002الطبعة الثالثة دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، )الوجيز في نظرية القانون(مدخل إلى العلوم القانونية: محمد سعيد جعفور - 25

  • 15

    لقواعد القانونية التي تضعها فينصرف إلى مجموعة ا :loiأما المعنى الخاص للتشريع )ب )26(.السلطة التشريعية في حدود االختصاص المخوَّل لها دستوريا

    ومن اجل ذلك، وللموازنة بين المعنى العام والمعنى الخاص للتشريع، ُعرِّفَ القانون مجموعة القواعد القانونية التي تنظم حياة األفراد "بصرف النظرعن مصدر قواعده بأنه

    ، ويجب على الكافةالتقدم للجماعةم في جماعة ما، تنظيماً يحقق الخير للفرد ويكفل ونشاطهوإال قامت السلطة العليا في تلك الجماعة بإرغام الناس قسراً على القواعد، احترام تلك

    أو والمعنىكّل ذلك يستوجب النظر للقانون بالمعنى والمعيار الشكلي أو العضوي، )27(".ذلك )28(.لمادي أو الموضوعي معاً في كثير من األحيان والحاالتالمعيار ا

    التشريعي للعالقات في المجتمع الذي يتواله المشرع، )الضبط(وسواء تعلّق األمر بالتنظيم أو بما تتولى وضعه السلطة اإلدارية لهذا الشأن من ترتيبات إدارية الئحية، فإن هذه القواعد

    واحدة هي تنظيمها لهذه العالقات على نحو ملزم، مما يجعلها تشترك في تشترك في خاصية ". في مفهوم القانون بمعناه العام"ومناهج العلوم القانونية واإلدارية أبجديات الفكر القانوني

    فهي وإن اختلفت في الشكل والقوة من حيث التدرج، فإنها تشترك في اشتمالها على قواعد ت مدلول عام ومجّرد من الذاتية والشخصية، بموجب ما ترتِّبه من ضبط تتضمن أحكاماً ذا

    لسلوكات األفراد وما تفرضه من التزامات أو من ممنوعات ونواهي في مواجهتهم، أو العكس .بها عند اللزوم أمام القضاء المختص المطالبةبما ترتبه لهم من حقوق ومزايا ومنافع يمكنهم

    حسمت الصطالحي للتشريع بمعنى القانون بالمعنى العام الموضوعي الذيإنه ذات المفهوم ا معرفة المقصود 1971 يوليو سنة 3فيه المحكمة الدستورية العليا في مصر في حكم لها بتاريخ

    : بالقانون الذي يخضع للرقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة، حيث جاء فيهع للرقابة على الدستورية، كافة التشريعات، على اختالف المقصود بالقانون الذي يخض"

    أنواعها، سواء كانت أصلية صادرة من الهيئة التشريعية، أم كانت تشريعات فرعية صادرة عن ومن حيث أن رقابة دستورية القوانين تستهدف صدارة الدستور وحمايته من ... السلطة التنفيذية

    األساسي األعلى الذي ُيرسي األصول والقواعد التي يقوم الخروج على أحكامه، باعتباره القانونولمَّا كان هذا الهدف ال يتحقق على الوجه األكمل إال إذا انبسطت رقابة ... عليها نظام الحكم

    . 163-127المرجع ص نفسولمعلومات ضافية حول أهمية التشريع وخصائصه وطريقة وضعه وأنواعه، . 130رجع، صنفس الم - 26دار الفتح للطباعة والنشر، بيروت الطبعة ) مقارنات بين الشريعة والقانون(المدخل للعلوم القانونية والفقه اإلسالمي:علي علي منصور - 27

    . 80المرجع، ص نفسوم التشريع باعتباره المصدر األول الرئيسي والرسمي للقانون، ومن حيث مفه. 24، ص 1971الثانية، Françoise Dreyfus – François d’Arcy : les institution politiques et administratives de -لمعلومات مركَّزة في السياق ذاته راجع - 28

    la France. p 170-174 .

  • 16

    المحكمة على التشريعات كافة على اختالف أنواعها ومراتبها، وسواء كانت تشريعات أصلية تشريعات فرعية صادرة من السلطة التنفيذية في حدود صادرة من الهيئة التشريعية أو كانت

    اختصاصها الدستوري، فذلك ألن الخروج على أحكام الدستور قائمة بالنسبة إليها جميعها، بل أن هذه الَمظَنَّة أقوى في التشريعات الفرعية منها التشريعات األصلية التي يتوافر لها من

    إعدادها ما ال يتوافر للتشريعات الفرعية التي الدراسة والبحث والتمحيص في جميع مراحلتمثل الكثرة بين التشريعات، كما أن فيها ما ينظم حريات المواطنين وأمورهم اليومية مثل لوائح الضبط، ويؤيد هذا النظر أن التشريعات الفرعية كاللوائح تعتبر قوانين من حيث الموضوع وإن

    )29(".السلطة التنفيذية لم تعتبر كذلك من حيث الشكل لصدورها من

    الكامنة في النصوص القانونية " األحكام القاعدية"غير أن الثابت في ذلك كله هو، أن تطبيق المذكورة وإدخالها حيِّز العمل ومعترك الحياة االجتماعية والقانونية يستوجب بالنسبة للسلطات

    ة والقدرة على التدخل من جانب اإلدارية ـ كما في قضية الحال الرخص اإلدارية ـ السلط )30(.واحد، بإصدار القرارات اإلدارية الفردية المتعلِّقة بالحاالت الخاصة

    وهكذا، ومن خالل إعمال مبدأ تدّرج القواعد القانونية سالف الذكر، يمكن للسلطة اإلدارية الفرعي أو العادي اتخاذ قرارات فردية باالستناد إلى االختصاص المخول لها من قبل التشريع

    وهذا األخير يتم وضعه وفق الترتيبات واإلجراءات المنصوص . أي القانون بالمعنى الشكليعليها في الدستور، أي التشريع األساسي، مما يمنح بناًء للنظام القانوني في الدولة يتخذ شكالً

    . هرميا، يتربع الدستور على قمتهالذي تتقرر وتصدر في إطاره الرخص "التشريع"ح ذلكم ما دعانا إلى استعمال مصطل

    مراقبة ممارسة الحريات العامة في لتنظيماإلدارية كإجراء قانوني يضع المشرع أساسه كأصل .ثم لتقوم السلطة التنفيذية بدور مكمل لجهد المشرع ، والمساند له في هذا المجال. الدولة

    : اإلشكالية وتحديد مجال البحث: ثانياًموضوع "الرخص اإلدارية في التشريع الجزائري" يتمثل جوهر إشكالية موضوع

    :اُألطروحة أوََّل ما يتمثل ويتبدَّى في بحث الموازنة بين طرفي العالقة في المعادلة التالية وضرورة الموازنة بين الحرية العامة. مشكلة التعايش بين السلطة العامة والحرية العامة "

    ين واللوائح وتطورها في القانون الدستوري مع نماذج من للتوسع حول هذه النقطة، والتوسع أكثر حول الرقابة الدستورية على القوان - 29

    . 52ص، 1998الدستورية، دار النهضة العربية طبعة الدعوى : اجتهادات المحكمة الدستورية في مصر والنظم المقارنة، راجع صالح الدين فوزي30 - Françoise Dreyfus – François d’Arc– François d’Arcy : les institution politiques et administratives.op.cit. p160

  • 17

    )31(".فظ النظام العامومقتضيات ح والتنظيم الُمبالغ فيه بال حرية يصير . وذلك ألن الحرية بال تنظيم تؤدي إلى االضطرابات

    أن أي حرية عامة : ومؤدى ذلك، أنه يجب التنويه منذ البدء إلى حقيقة هامة مفادها) 32(.استبداداممارستها من ِقَبِل األفراد ودون أن تُلِحقَ األذى أو اإلضرار بالنظام العام، فإنها حتى يمكن

    ولكنه تنظيم يجب أن يتم بالقدر الذي ال يصل إلى حد . تتطلب ال محالة قدراً من التنظيمراً مقدَّساً مصادرة الحرية أو تكْبيلها إلى الدرجة التي ُيفقدها فيها كُنَْهَها ونُكَْهتََها، باعتبارها شعو

    المخلوقات الحية األخرى، يحقق مما اختص به الخالق سبحانه وتعالى اإلنسان دون غيره من . هذا من جانب. بممارستها ذاته

    ومن الجانب اآلخر باعتبار الحرية من صميم المقدسات التي تنص عليها الدساتير في دول انون األساسي والمرجع الرئيس لتحديد المراكز العالم، ومن بينها الدستور الجزائري، إذ هو الق

    القانونية للمواطنين ِقَبَل الحكَّام الذين يمارسون سلطة األمر والنهي تجاههم بغرض إقامة النظام العام في المجتمع ولمصلحته، عبر المؤسسات الدستورية للدولة، ومن بينها السلطة اإلدارية، لما

    اد والقانون عبر أداة أو وسيلة الترخيص اإلداري المسبق بين األفر دور الوسيطتقوم به من )33(.موضوع البحث

    هذه األسباب وغيرها، كان من الطبيعي أن تعمَد الدولة عبر مؤسساتها وتأسيساً على الدستورية السياسية واإلدارية، إلى تنظيم ممارسة الحريات العامة ومزاولة األنشطة الخاصة

    الصناعية المربحة، بما يكفل لألفراد ممارسة هذه الحرية أو تلك، هذا النشاط المهنية والتجارية وأو ذاك، في جوٍّ من الهدوء والطُّمأنينة، وبخاصة تشجيع حرية االستثمار تجسيداً لمبدأ حرية

    .1996التجارة والصناعة في أرض الواقع بعد اعتمادها مبدًأ دستورياً منذ التعديل الدستوري األخير لسنة أي ممارسة هذه الحرية بشكل مبسط وُميسَّر، بعيداً عن التعقيدات اإلدارية غير الضرورية،

    في المجتمع، وبعيداً عن الثقل اإلداري الذي ال طائل من ورائه سوى تعطيل مسيرة التنمية

    وممارستها سلطات ) تواجداً بسيطاً أو مكثفاً(ذلك أن موضوع كيفية تنظيم ممارسة الحريات العامة والتواجد المستمر للسلطة اإلدارية - 31

    والتمكين ) سلطة األمر والنهي، المنح والمنع( الضبط اإلداري من أهم الموضوعات التي يتجلى فيها التنافر بين الرغبة في إعمال السلطة العامةوهو تنافر قد جرى قضاء مجلس الدولة الفرنسي على حسمه ليس على أساس التضحية بإحدى هاتين . للحريات العامة، الفردية منها والجماعية

    العام فإنه قد أخضعها ملتحقيق أهداف النظاإذ مع اإلقرار لإلدارة بسلطة معتبرة . المصلحتين، ولكن على أساس التوفيق بينهما قدر اإلمكان لرقابة تمتد لتشمل األسباب التي تبني عليها قراراتها من حيث وجودها وجديتها ومدى مالءمتها واألهداف المتوخاة من إعمال سلطتها

    : اإلدارية راجع سليمان محمد الطماويللمزيد من التفصيالت حول الرقابة القضائية على إعمال السلطة العامة سلطتها الضبطية . الضبطية . 98وامتيازاتها، مرجع سابق، ص ةالكتاب الثالث أموال اإلدارة العام) دراسة مقارنة(مبادئ القانون اإلداري

    . 12، ص 2001دار النهضة العربية، الطبعة األولى . التنظيم القانوني لحرية النشاط الصناعي : محمد أحمد فتح الباب - 32 .وهذا إلى جانب األدوات واإلجراءات القانونية األخرى بطبيعة الحال - 33

  • 18

    ن النزعات عوبعيداً . وتكبيل المبادرات والطاقات الفردية المعبِّرة عن طموحات اإلنسان الالمتناهية . التحكمية والتعسف في استعمال السلطة

    غير أنه في المقابل يجب التنويه إلى أن تكريس حرية التجارة والصناعة هذه مبدًأ دستورياً

    في الدستور الجزائري، وإلى جانبها حرية العمل والحرية المهنية، ال يمنع من االعتراف بأنَّ لها وف عندها، بسبب تدخل السلطة العمومية في سياق تنظيم بعض هي األخرى حدوداً ينبغي الوق

    النشاطات االقتصادية التي تعتبر ذات طبيعة أو أهمية خاصة، وهي ما تعرف باألنشطة المنظمة أو المقننة، بإخضاعها لنظام استثنائي هو نظام الترخيص اإلداري المسبق الذي يتخذ شكل

    دارية أو اإلجازة، التي تسلمها بعض الجهات اإلدارية وتسمية االعتماد اإلداري أو الرخصة اإلأو حتى جهات شبه إدارية، بالنسبة للمهن المنظمة )34(التقليدية أو السلطات اإلدارية المستقلة

    . على نحو ما سيتبين تفصيالً في متن هذه األطروحةدارية، يمكننا ضبط وعليه، وبالمقارنة مع وسائل العمل األخرى التي تتوفرعليها السلطة اإل

    أنه يجب البحث في ضمان توازن : بالقولإشكالية هذه األطروحة بشيء من التحديد والتدقيق بين توازن دائم ومستمر بإيجادجيِّد ومتكامل داخل المجتمع وبنيته القانونية االجتماعية والفكرية،

    :العناصر والمقومات التالية الحاكمة للمجتمع في دولة القانون

    والبداية تكون . الموازنة بين المصلحة العامة من جهة، والمصالح الخاصة من جهة ثانية) 1 ـ بعد المؤسس الدستوري ودوره في التأسيس للحريات ـ من دور المشرع في ضبط الحريات

    بمدلوله عن طريق الضبط التشريعي أي بوضع نظامها القانوني،العامة وتحديدها وتنظيمها، . الواسع

    ويرجع ذلك إلى أن المشرع وهو ينظم نوعاً معيناً من الحريات ومن النشاط الفردي أو الخاص وُيخضعه للقيود الضابطةـ تحقيقاً للصالح العام للمجتمع ـ فإنه ال يتقيَّد بأغراض النظام العام

    التي يضمنها الضبط اإلداري بأدواته ) من أمن عام، وسكينة عامة، وصحة عامة(المعروفة فرض واجبات والتزامات إيجابية لىلقانونية والمادية المعروفة أيضاً، بل يمكن أن يتجاوزها إا

    . على األفراد، كالمساهمة في األعباء العامة

    من اجل دراسة معّمقة حول مبررات وأسس تدخل السلطات العمومية اإلدارية في مراقبة النشاط الخاص االقتصادي كانعكاس لتدخل - 34

    ل أسلوب الترخيص اإلداري المسبق، ومنها النشاطات المالية المتعلقة الدولة عموماً وبخاصة في المجال المالي، وآليات هذا التدخل باستعما Rachid ZOUAIMIA : Les autorités de régulation indépendantes de dans le بالبورصة والتعامل في القيم المنقولة ، راجع

    secteur financier en Algérie , édition HOUMA , 2005 . p 118.

  • 19

    ، بقانونال يمكن تقييد الحرية إال : لذلك ُينَصُّ في بعض أحكام القانون وعبارات قواعده مثالً أنهففي ذلك دعوة للسلطة اإلدارية للتدخل لتطبيق حكم . ون بناًء على قان، أو بمقتضى قانونأو

    القانون على الحاالت الواقعية الخاصة بالنسبة إلجراءات الضبط اإلداري عند اإلخالل بالنظام أو معالجة الحاالت الفردية أو الشخصية في حالة طلبات التراخيص اإلدارية المرفوعة . العام

    .من ذوي الشأن والصفة موضوع بحثنا

    ثم الموازنة بين المصالح الخاصة والحقوق المتجاورة ذاتها ألفراد المجتمع ، ِلَما بينها من )2 فقد يستفيد أحد . ترابط واتصال وتكامل، وِلَما يمكن أن يحدث بينها من تقابل وتنافس أو تعارض ضرر منه الغيراألفراد من تسهيالت ومزايا بناًء على ترخص تمنحه إياه السلطة اإلدارية، ليت

    . ، فيجب حينئذ إعادة التوازن بين وضعيتيهما ومركزيهما القانونيينربنفس الدرجة أو اكث أن الرخص اإلدارية تُمنح دائماً : ومن اجل ذلك وضع القضاء ، ومن ورائه المشرع مبدًأ مؤداه

    ر المتضمن تحت شرط ضمني هو عدم اإلضرار بالغير، حتى وإن لم ينَصَّ عليه في متن القرا .منح الرخصة اإلدارية المطلوبة، على تفصيل نعرض له في حينه

    الذي تقوم عليه سلطة الضبط اإلداري بوسائله القانونية )35(الموازنة بين النظام العام) 3 والمادية، الوقائية منها والردعية، لفرض إرادة المشرع والقانون والنظام والضبط التشريعي

    من الصعوبة بمكان وضع تعريف جامع مانع للنظام العام ـ التصافه بالنسبية والمرونة والتطور والتنوع واالختالف من حيث إذا كان - 35مكوناته بين مادية وأدبية واقتصادية وقانونية، من دولة إلى أخرى، بل وفي الدولة الواحدة من زمن آلخر حسب فلسفة النظام السياسي

    ظاهرة قانونية واجتماعية تشكل مجموعة من القواعد " لسائد في الدولة ـ فإنه مع ذلك يمكن القول عنه بأنه واالقتصادي واالجتماعي ااألساسية في المجتمع والتي ال يجوز مخلفتها والتحلل منها، وإال تحلل المجتمع نفسه، قواعد تجد مصدرها في القوانين أو العرف وأحكام

    دار ) دراسة مقارنة(دور سلطات الضبط اإلداري في تحقيق النظام العام وأثره على الحريات العامة: مشرف عبد العليم عبد المجيد" القضاء فهو بذلك . يتسع ليشمل جميع أبعاد النشاط االجتماعي كما ذهب البعض إلى أن النظام العام هو ذلك التنظيم الذي . 61،ص 1998 ،النهضة العربية

    والعلة من اتصاف النظام بالعمومية هي أن تدابير الضبط . 59نفس المرجع، ص. ألدبي والنظام االجتماعي واالقتصادييشمل النظام العام المادي وان النظام اإلداري التي تستهدف المحافظة على النظام العام يترتب عليها بالضرورة تقييد حريات األفراد، األمر الذي ال يكون له مبرر إال إذا كا

    ومعنى ذلك أيضاً أن يكون اإلخالل الذي تريد سلطات الضبط اإلداري تفاديه أو تجنبه مما يهدد أمن . ضطراب عاماً كذلكالعام المهدد باال . 72نفس المرجع، ص. الجماعة أو المجموع

    كما أنها تكون أحياناً معنوية ... فهو األفكار األساسية للقانون وللمجتمع. حالة مادية أو معنوية لمجتمع منظم ": وُعرِّفَ النظام العام بأنهـ وهو ... تسود المعتقدات واألخالق وحتى المبادئ القانونية واالقتصادية والسياسية واالجتماعية، وحيناً آخر تكون هذه الحالة هي األمرين معاً

    وبالتفريع عن ذلك . الضبط اإلداري اإلطار العام الذي ُيِحد من صالحيات سلطات الضبط اإلداري، ووقايته هي الهدف األساسي من اجراءاتام العام فال يجوز لسلطات الضبط اإلداري استخدام صالحياتها المقيِّدة للحريات إال إذا كانت ممارسة هذه الحريات قد ترتَّب عليها إخالل بالنظ

    ظام العام بالعالقة مع المبادئ العامة للقانون لالستزادة والتوسع حول مفهوم الن. "أو كان من المقطوع به أن ممارستها سيترتب عليها نفس األثر .49-46،ص1998، دار النهضة العربية طبعة )دراسة مقارنة(العامة غير المكتوبة في القانون اإلداريالمبادئ : صالح الدين فوزي: اإلداري راجع

    وهي فكرة . المبادئ والقيم التي يقوم عليها المجتمعفكرة قانونية تهدف إلى المحافظة على األسس و: " كما ُعرِّف النظام العام بأنه ـ ونتيجة لهذا االرتباط كان المشرع هو المصدر الرئيس . متطورة نظراً الرتباطها بفكرة القانون الذي يتطور بتطور المجتمعات التي ينظمها

    غير أن ذلك ال يعني أن فكرة النظام العام من خلق ... لتحديد النظام العام وذلك عن طريق تنظيم بعض صوَّره وإسباغ الحماية القانونية عليها مضمون فكرة النظام العام : محمد محمد بدران". المشرع وحده في كافة مجاالت القوانين، فللقضاء في هذا المجال دور إنشائي بارز أيضاً

  • 20

    ة الجماعة وتجسيدها في الواقع اليومي المعاش من جهة، والحرية العامة، حرية لتنظيم أمور حيا )36(.من جهة ثانية، والتي يجب أن تماَرس من جهتها في إطار من القانون والنظامالممارسة

    من أمن عام وصحة ونظافة عامة : ولكنه النظام العام بمكوِّناته وعناصره التقليدية المعروفةالنظام (سكينة عامة، مضافاً إليها المظاهر الحديثة لهذا النظام، كالبعد االقتصادي وطُمأنينة أو

    : "ليضيف قائالً. 9، ص1992ة العربية، طبعةدار النهض. ودورها في مجال الضبط اإلداري، دراسة مقارنة في القانون المصري والفرنسي

    بحال من غير أنه إذا كان النظام العام مفهوماً مرناً ونسبياً بسبب قوة التطور التي تحركه داخلياً وتشكل قوته، إال أن تلك المرونة ال يجوز... la التقارب ة كبيرة إال أنه يستند أيضاً على مبدِأفإذا كان النظام العام يرتكز على حركي. األحوال أن تستبعد كل تحديد قانوني له

    convergence النشاطات ويرتب عالقاتها، ويجعلها تتجه صوب هدف واحد هو حماية النظام االجتماعي وتحقيق ، إذ أنه ينظم مختلفاساً بفكرة السلطة العامة، حيث ينصبُّ التأكيد على إذ هو يستهدي أس. ومن ثم فإن للنظام العام مفهوماً قانونياً. االنسجام في العالقات االجتماعية

    أضف إلى ذلك أن النظام العام . وهو ما يستتبع وجود آثار قانونية تترتب عليه. السلطة والضرورة المِلحَّة لحماية الحد األدنى األساسي للمجتمععند التعارض