إمعان في أقسام القرآن (Aqsam al quran arabic) || Australian Islamic Library ||

إمعان

في أقسام القرآن تأليف

العالمة عبداحلميد الفراهي رمحه هللا صاحب تفسري

)نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان(

AUSTRALIAN ISLAMIC LIBRARY www.australianislamiclibrary.org

إمعان في أقسام القرآن للفراهي

(2 )

Australian Islamic Library - www.australianislamiclibrary.org

إمعان

في أقسام القرآن تأليف

العالمة عبداحلميد الفراهي رمحه هللا صاحب تفسري

)نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان(


(3 )


(1)

سبحان الذي أنطق كل شيء بأنه صنع يده ، وغذي رفده. تسبح الشمس لكربيائه وجمده ، ه ، ي ه ، كما قال ويسجد له القمر جببينه وخد تنهد له الب ر بغوره ونده ، ويفد إليه البحر جبزره ومد

تعاىل يف كتابه :)تسبح له السموات السبع واألرض ومن فيهن وإن من شيء إال يسبح حبمده(.هده ، ونصلي ونسلم على حممد رسوله املختار وعبده ، وعلى آله وصحبه املعتصمني حببله وع

والتابعني هلم على سواء السبيل وقصده.أما بعد : فهذا كتاب يف بيان أقسام القرآن ، وموجز من املقدمة اليت جعلتها لذكر األمور الكلية

لتغين عن التكرار الذي ال )نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان(اليت أحتاج إىل إيرادها يف كتاب يف كتاب هللا تعاىل كثريا ، واشتبه على الناس معناه وحكمته .طائل حتته. وقد جاء القسم

والبحث عنه يف كل موضع ال يليق بكتابنا الذي بين على اإلجياز. فأردت أن أتكلم عليه من جهة كلية يف جزء خمتصر.

ومل أطلع على كتاب من القدماء يف هذا الباب غري كتاب التبيان للعالمة ابن القيم ، أو ما ذكر التفسري الكبري للعالمة الرازي ومن أهمه رهمهم هللا.يف

وسنورد منهما يف خالل فصول كتابنا هذا ما يقتضيه سياق الكالم وهللا اهلادي إىل سبيل السالم.


(4 )


(2)

ذكر الشبهات الثالث على أقسام القرآن

، ليكون الناظر ملا كان املقصد األعظم من هذا البحث إزالة الشبهات ، أردت أن أذكرها أوال من قبل على بصرية مبساق الكالم ، فيتضح له شكل نظامه ، وغرض سهامه. فاعلم أن الشبهة على

أقسام القرآن من وجوه :القسم نفسه ال يلي ق جبالل ة هللا ربن ا إ ف لن ال ذي يل ق عل ى قول ه يه ني نفس ه -1

:)وال تط ع ك ل ح ال ، ويض عها موض ع م ن ال مع ول عل ى حديث ه ، وق د ج اء يف الق رآنفجع ل افل ق م ن اذ الل املذموم ة ، وحل ى املس يح اف واريني ع ن افل ق ، 11القل م مه ني(

مطلقا ، فقال هلم :)ليكن قولكم نعم نعم أو ال ال وال حتلفوا(.القسم يف القرآن جاء عل ى أم ور مهم ة ، كاملع اد والتوحي د والرس الة. وال فائ دة -2

ا إ فلن ه يطل ل ال دليل والربه ان ، والقس م ل يس في ه ش يء من ه ، فيه ا للقس م ، ال للمنك ر وال للمؤمن فلنه قد آمن ا.

:)م ن ك ان حالف ا القس م يك ون بال ذي عظ م وج ل. وق د ق ال الن -3فليحل ق ب ا أو ليص مه(. فنه ى ع ن القس م بغ ري هللا. فكي ق يلي ق جبالل ة ربن ا أن يقس م

لتني والزيتون؟باملخلوق وال سيما بأشياء مثل افهذه ثالث ش بهات ، ون ذكر أوال م ا أج اب ب ه ال رازي وغ ريه م ن املتق دمني ، ون دلي عل ى م ا في ه م ن الض عق ، لنح ذرب ع ن التمس ي ب العرا الواهن ة ، فلن ه أك رب ض ررا يف ال دين ، وأبس أللس نة

ق وذم اره ، كم ا أدع و أن املعان دين. وم ع ذل ي ن دعو أن جي ازيهم هللا مب ا اجته دوا يف ال ذب ع ن بيض ة اف جيعلين من حزب افق وأنصاره.


(5 )


(3)

طريق اإلمام الرازي يف اجلواب عن هذه الشبهات

ق د ذك ر اإلم ام ال رازي الش بهة الثاني ة ، وأج اب عنه ا يف تفس ري س ورة )والص افات( . فقال:)واجلواب من وجوه :

ة يف س ائر الس ور بال دالئل اليقيني ة ، فلم ا األول : أن ه تع اىل ق رر التوحي د ، وص حة البع ث والقيام تق دم ذك ر تل ي ال دالئل مل يبع د تقريره ا ، ف ذكر القس م تأكي دا ، ال س يما والق رآن أن زل بلغ ة الع رب ،

وإثبات املطالل بافلق واليمني طريقة مألوفة عند العرب(.هم أيض ا ج واب للش بهة وفيما ذكر من نزول الق رآن بلغ ة الع رب ، وك ون اليم ني طريق ة مألوف ة عن د

األوىل. وحاص ل ه ذا الوج ه أن القس م إب ا ه و مس بوق بال دالئل ، ف املعول عليه ا. وأم ا إي راد القس م فه و للتأكيد احملض كما هو ع ادة الع رب. والظ اهر أن ه ذا اجل واب يناقض ه الق رآن فلن ي يف أوائ ل ال وحي ت را

القسم أكثر مما تراه بعد استيفاء الدالئل.ج ه الث او يف اجل واب أن ه تع اىل مل ا أقس م ذه األش ياء عل ى ص حة قول ه تع اىل :)إن إهلك م )الو

لواحد( ذكر عقيبه ما هو كالدليل اليقيين يف ك ون اإلل ه واح دا ، وه و قول ه تع اىل:)رب الس موات واألرض لفس دتا( أن انتظ ام وما بينهما ورب املشارق(. وذلي ألنه تعاىل بني يف قول ه :)ل و ك ان فيهم ا آهل ة إال هللا

الس موات واألرض ي دل عل ى أن اإلل ه واح د. فهاهن ا مل ا ق ال:)إن إهلك م لواح د( أردف ه بقول ه:)رب السموات واألرض وما بينهما ورب املشارق(. كأنه قيل: قد بينا أن النظر يف انتظ ام ه ذا الع امل ي دل عل ى

علم بالتوحيد(.كون اإلله واحدا ، فتأملوا يف ذلي الدليل ليحصل لكم الوحاص ل ه ذا اجل واب أن القس م هاهن ا م رد بق ول في ه افج ة ، فاالحتج اج ا. وأم ا القس م فلمح ض التنبي ه. وه ذا اجل واب يش به اجل واب األول . وكالم ا س اكه ع ن بي ان حكم ة ه ذه الص ور

املتنوعة للقسم. فأي فائدة للعدول عن القسم با إىل القسم ذه األشياء.الثالث يف اجل واب أن املقص ود م ن ه ذا الك الم ال رد عل ى عب دة األص نام يف ق وهلم بأحل ا آهل ة )الوجه

فكأن ه قي ل: ه ذا امل ذهل ق د بل ا يف الس قوح والركاك ة إىل حي ث يكف ي يف إبطاهل ا مث ل ه ذه افج ة وهللا أعلم(.

حج ة في ه ، ه ذا اجل واب س خيق ج دا . كأن ه بع د م ا اع ني يف ال وجهني األول ني ب أن القس م ال قال : إن مذهل اذصم كان جديرا بأن جياب عنه مبا ليس من افجة يف شيء.


(6 )


، فق ال : )ق د مث ذكر من حكمة القسم يف تفسري سورة الذاريات ما يشبه باجلواب ع ن الش بهاتها ذكرنا افكمة يف القسم ، وهي من املسائل الشريفة ، واملطالل العظيمة ، يف سورة والص افات ، ونعي د

ههنا. وفيها وجوه :األول : أن الكف ار ك انوا يف بع ض األوق ات يعنيف ون بك ون الن غالب ا يف إقام ة ال دليل ، وك انوا ينسبونه إىل اجملادلة وإىل أنه عار يف نفسه بفس اد م ا يقول ه ، وأن ه يغلبن ا بق وة اجل دل ال بص دق املق ال ،

، ومل يب ق ل ه حج ة ، يق ول: إن ه غلب ين بطري ق اجل دل كم ا أن بع ض الن اس إذا أق ام علي ه اذص م ال دليل وعج زي ع ن ذل ي ، وه و يف نفس ه يعل م أن اف ق بي دي ، ف ال يبق ى للم تكلم امل ربهن طري ق غ ري اليم ني ،

فيقول : إن األمر كما أقول ، وال أجادلي بالباطل.ول اذص م في ه وذل ي ألن ه ل و س لي طريق ا آخ ر م ن ذك ر دلي ل آخ ر ، ف لذا ال دليل ا خ ر ، يق

مثل ما قال يف األول إن ذلي تقرير بقوة اجلدل ، فال يبقى إال السكوت أو التمسي باألميان وت رب إقام ة الربهان(.

ويف هذا اجلواب خل بني الغث والسمني ، ونقض ملا قال يف تفسري سورة والص افات ، فلن ه رهم ه يل ، وإب ا ك ان القس م ألج ل التأكي د ، واألم ر هللا أج اب هن اب يف الوج ه الث او ب أن القس م يتبع ه ال دل

كذلي. فلن القرآن ال يس كه عل ى القس م ، فل و ق ال إن ال دليل احمل ض رمب ا ال ينج ع يف اذص م إذا ك ان قلي ل املعرف ة باالس تدالل ، وقلي ل االعتم اد عل ى نظ ره أو متهم ا للم تكلم الب ة بيان ه ، فيحس ن يف ه ذه

فلو قال هكذا لكان أقرب. –افاالت شوب افجة باليمني )الث او: ه و أن الع رب كان ه حت نيز ع ن األمي ان الكاذب ة ، وتعتق د أحل ا ت د ال ديار بالق ع ، مث إن

أكثر من األميان بكل شريق ومل يزده ذلي إال رفعة وثباتا ، وكان يص ل هل م العل م بأن ه ال يل ق الن اله املكروه يف بعض األزمان(. ا كاذبا ، وإال ألصابه شؤم األميان ، ولن

ويف هذا اجلواب كأنه أشار إىل سبل كون اليمني طريقة مألوف ة عن د الع رب كم ا م ر ، وق د أص اب أكثر م ن األمي ان بك ل ش ريق ، كأن ه ب ني س بل خ وفهم ، يف ذلي لو مل يزد عليه ما قال من أن الن

يف ميينهم به.وأراد أحلم إذا أقسموا بكل شريق خافوا سخطه إن كذبوا وضعق هذا القول ظاهر ، فلن أقسام القرآن:

رمبا يكون مبا ليس فيه شر . -1 والقرآن يهدي إىل أن ال خنا إال هللا. -2

وأي شؤم خيا من التني والزيتون. -3

كان يبلا القرآن من هللا فالقسم منه تعاىل. وهو ال خيا أحدا. مث الن -4


(7 )


ه ، وق ال : إن الع رب كان ه حت نيز ع ن األمي ان الكاذب ة ، فل و اقتص ر عل ى اجل زء األول م ن جواب وخت ا مغبته ا ، وتعتق د أن الرج ل ال يل ق ك ذبا ، ف لذا حل ق أح د أص غوا إلي ه ، ك ان أق رب إىل

ما جياب به عن الشبهة األوىل والثانية جوابا ضعيفا.

ص ورة األمي ان. مثال ه ق ول )الثال ث : أن األمي ان ال يت حل ق هللا تع اىل ا كله ا دالئ ل أخرجه ا يفالقائ ل ملنعم ه: وح ق نعم ي الكث رية ، إو ال أزال أش كرب. في ذكر ال نعم ، وه ي س بل مفي د ل دوام الشكر ، ويسلي مسلي القسم. كذلي هذه األش ياء كله ا )أي ال يت أقس م ا يف أول ال ذاريات(

األمي ان؟ نق ول : ألن اإلنس ان دليل على قدرة هللا تعاىل عل ى اإلع ادة. ف لن قي ل فل م أخرجه ا خم رجإذا شر يف أول مالمه حبلق يعلم الس امع أن ه يري د أن ي تكلم بك الم عظ يم فيص غي ألي ه أكث ر م ن أن يصغي إليه حيث يعلم أن الكالم ليس مبعترب ، فبدأ بافلق ، وأدرج الدليل يف صورة اليمني(.

لقائ ل ب ه أن يب ني وج ه االس تدالل ه ذا اجل واب يكف ي ل دفع الش بهة الثاني ة. ولك ن يل زم عل ى ا باملقسم به على املقسم عليه.

كثريا ما يتاج إىل إمعان شديد. ولعل ه هل ذا الس بل مل –مع كونه ظاهرا يف بعض املواضع –وهذا يعتمد عليه إال يف سورة الذاريات ويف بعض آخر. وأما يف البواقي فله طريقان:

مكن ه اإلنك ار ف رارا ع ن ش بهات واردة عل ى القس م . كم ا ق ال أنه ينكر وجود القسم إذا أ األول : يف تفسري سورة القيامة يف ذكر )ال( اليت تبتدئ ا السورة.

)االحتم ال الث او أن )ال( هن ا لنف ي القس م. كأن ه ق ال : ال أقس م ب ذلي الي وم وتل ي ال نفس ، وت. ف لن كن ه حتس ل ولك ين أس ألي غ ري مقس م : أحتس ل أن ا ال نم ع عظام ي إذا تفرق ه ب امل

ذلي فاعلم أنا قادرون على أن نفعل ذلي. وهذا القول اختيار أيب مسلم وهو األصح(.ه ذا الق ول غ ري خمت ار عن د الع ار بك الم الع رب. فلن ه ل و ك ان امل راد كم ا فه م لك ان وج ه الق ول

ريه ا. مث ه ذا نفي جمرد القس م ال ذك ر األش ياء اذاص ة ك النفس اللوام ة واذ نس اجل واري الك نس وغخم الق ألس لوب كالمه م. ف لحلم يس تعملون كلم ة )ال( قب ل القس م منقطع ة ، كم ا بين ا يف تفس ري

سورة القيامة. وهذا هو خمتار الزخمشري.ه و الق ول ب أن القس م للتأكي د والتنبي ه عل ى ش رافة املقس م ب ه. ق ال يف تفس ري والطريقققق الثقققا :

لقسم التنبيه على جاللة املقسم به(.الذاريات : وقد عرفه أن املقصود من اوعل ى ه ذا األص ل ق ال يف تفس ري س ورة الت ني :)اعل م أن اإلش كال ه و أن الت ني والزيت ون ليس ا م ن األم ور الش ريفة فكي ق يلي ق أن يقس م هللا تع اىل م ا ؟ ف ج ل ه ذا الس ؤال حص ل في ه ق والن( مث


(8 )


ك ر ش رافتهما إن ك ان امل راد منهم ا مس جدين أو ذكر فوائدما إن كان املراد منهما ه ذه األا ار ، وذ بلدين.

وق د علم ه أن التمس ي ذا اجل واب م ع كون ه ب ادي اذل ل ال يزي ل الش بهة الثالث ة ، ف لن ه ذه األشياء اليت أقسم ا يف القرآن ، ومنها : العاديات ضبحا ، واجلواري الك نس ، واللي ل ، والص بح

ل ة مبك ان يقس م ا خالقه ا ور ا إن ك ان القس م ألج ل ، والت ني والزيت ون ، ليس ه م ن اجلال شرافتها.


(9 )


(4) طريق العالمة ابن القيم رمحه هللا

يف تأويل أقسام القرآن لدفع الشبهات

مل يضع العالمة اب ن الق يم كتاب ه عل ى ش كل اجملادل ة ، في ذكر الش بهات وجيي ل عنه ا ، لكن ه حب ث ما يزيل الوهم ويسم جراثيم االعنياض ، ورك ن إىل اجل واب ال ذي عن حكمة القسم يف القرآن ، وبني فيه

استحسنته. ولكنه مثل الرازي مل يتمسي به كل التمس ي ، فذب ذب ب ني أم رين. وه و يف كتاب ه رمب ا يش ر يف تفسري السور اليت فيها القسم ، وخيرج من قول إىل قول.

فيه حسل شرطنا. وإو أورد عليي خالصة جوابه ، وندلي على موضع اذللفاعلم أنه رهمه هللا سلي مسلي االستقراء ، فمهد أوال أن أقسام الق رآن كله ا ب ا وص فاته وآيات ه

، فقال:)وهو س بحانه يقس م ب أمور عل ى أم ور. وإب ا يقس م بنفس ه املوص وفة بص فاته وآيات ه املس تلزمة لذات ه

يم آياته(. وبعد ذكر األمثلة قال :وصفاته ، وإقسامه ببعض املخلوقات دليل على أنه من عظ)إذا عر فهو سبحانه يقسم على أصول اإلمي ان ال يت جي ل عل ى اذل ق معرفته ا. ت ارة يقس م عل ى التوحي د ، وت ارة يقس م عل ى أن الق رآن ح ق ، وت ارة عل ى أن الرس ول ح ق ، وت ارة عل ى اجل زاء والوع د

والوعيد ، وتارة على حال اإلنسان(.اجل زاء ، فاقتص ر القس م عل ى ثالث ة أم ور. وه ذه الثالث ة مآهل ا واح د . وه و ص فته ومآل ه عن ده إىل

تعاىل ، كما ستعلم من قوله عن قريل. فبعد هذا التمهيد مل يبق له كب ري حاج ة إىل ج واب القس م ، ف لن لقس م القس م بنفس ه دالل ة عل ى املقس م علي ه املعل وم املتع ني ، وه و أح د األم ور الثالث ة ، فق ال يف ذك ر ا

الذي تبتدئ به سورة والعاديات وسورة والعصر:)حذ جواب القسم ألنه قد علم بأنه يقسم على هذه األمور )أي التوحي د والنب وة واملع اد( وه ي متالزم ة . فم ت ثب ه ص دق الرس ول ال ذي ج اء ب ه. وم ت ثب ه أن الوع د ح ق والوعي د ح ق ثب ه ص دق

اجل واب ي ذ ت ارة وال ي راد ذك ره ب ل ي راد تعظ يم املقس م ب ه ، الرس ول وص دق الكت اب ال ذي ج اء ب ه. و وأنه مما يلق به(.

فه ذه األقس ام عن ده دالالت عل ى ص فات هللا ، كم ا ق ال يف ذك ر القس م ال ذي تبت دئ ب ه س ورة واألحسقققن أن ي قققون هقققذا القسقققم ال ربوج :)وك ل ذل ي م ن آي ات قدرت ه وش واهد وحدانيت ه( مث ق ال :)

اب ألن القصد التنبيه على املقسم به وأنه من آيات الرب العظيمة(.مستغنيا عن اجلو


(11 )


وكذلي قال يف ذكر القسم الذي تبتدئ به سورة الط ارق :) واملقص ود أن ه س بحانه أقس م بالس ماء ونومها املضيئة ، وكل منها آية من آياته الدالة على وحدانيته(.:)فأقس م س بحانه بالس ماء ذات املط ر مث ق ال يف ذك ر القس م ال ذي ج اء يف وس ه ذه السورة

واألرض ذات النبات ، وكل ذلي آية من آيات هللا تعاىل الدالة على ربوبيته(.وهك ذا ق ال يف ذك ر القس م ال ذي يف أواخ ر س ورة االنش قاق :)وه ذه اأي الش فق واللي ل والقم ر

جواب هذا القس م :) جي وز أن وأمثاهلا آيات دالة على ربوبيته مستلزمة للعمل بصفات كماله(. مث قال يف يكون م ن القس م احمل ذو جواب ه(. وه ذا مل ا قلن ا أن ه ال يت اج إىل ج واب القس م ف لن املقس م علي ه عن ده

معلوم متعني.ه ذا ، وال خيف ى علي ي الف رق ب ني طري ق ال رازي رهم ه هللا ال ذي أش ار إىل أجوب ة خمتلف ة رمب ا ين اقض

هم ه هللا ال ذي عم د إىل حل ح واح د ، واجته د أن يع ول علي ه يف ي ع بعضها بعضا وبني طري ق اب ن الق يم ر األقسام. وهذا الطريق أحسن.

وا ن ندلي على مالب األمر يف جوابه ، فاعلم أنه رهمه هللا اعتمد على أصلني :

أنه سبحانه وتعاىل إبا أقسم بنفسه وآياته . وأما القسم باملخلوقات فه و أيض ا م ن ب اب األول :لقس م بذات ه فلحل ا م ن آيات ه. وأراد ذا األص ل إزال ة الش بهة الثالث ة وه ي تعظ يم املخل وق ف وق مكانت ه. ا

ولكنه ا مل ت زل ، ف لن القس م تعل ق ص ريا باملخلوق ات. وكوحل ا م ن آيات ه ودالئ ل ص فاته ال خيرجه ا ع ن كوحلا املقسم ا.

ظيم املقسم به وأنه مما يل ق ب ه( تص ريح من ه وقوله :)واجلواب يذ تارة وال يراد ذكره بل يراد تعبأنه سبحانه أقسم بغري ذاته املقدسة ، وأراد تعظيم بعض خملوقاته. فغاي ة األم ر أن ه تع اىل مل يقس م ا إال من جهة شريفة. وال بأس بأن جيعل هللا تعاىل لبعض خملوقاته شرفا وكرامة ، لكن الش بهة ليس ه يف حم ض

ف رب ص غري كب ري ، ورب ض ئيل نبي ل ال خ تال االعتب ارات ، ب ل الش بهة يف ش رافة بع ض األش ياء ، وضعها موضع ما يقسم به الرب تعاىل شأنه علوا كبريا.

ال ذي اعتم د علي ه ه و أن األقس ام كله ا دالالت عل ى املقس م علي ه. وأراد ذا واألصقققل الثقققا

ح ني ذك ره يف وج وه أخ ر ، فل م يعتم د علي ه. وأم ا األصل إزالة الشبهة الثانية ، كما فع ل ال رازي رهم ه هللاابن القيم رهمه هللا فاعتمد على هذا األصل كل االعتماد ، وفسر أكثر آيات القسم عل ى طري ق يظه ر ب ه داللة املقسم به على املقسم عليه. وإذا أش كل علي ه ال رب جع ل املقس م علي ه حم ذوفا. وجع ل القس م داال

مما ذكرنا آنفا. على صفات هللا وغريها


(11 )


ومع هذا الوهن يف جوابه والتصريح أحيانا بأن القسم لتعظيم املقسم بقه لققد أجقاأ وأصقاب أو قد كاأ يف غري موضع من كتابه.


(12 )


(5) طريق هذا ال تاب يف اجلواب

على سبيل اإلمجالإن ه ذه األقس ام الخيف ى علي ي مم ا س بق م ن أق وال العلم اء رهمه م هللا أن أحس نهم ق وال م ن يق ول

ول ققن الغمققة الققج تنمققل عققنهم وامل ققيق الققذي نرجققوا منققه هققو ققنهم ب ققون القسققم دالالت. مشتمال على تعظيم املقسم به ال حمالة. وذلك هو الظن الباطل الذي صقار حمابقا علقى فهقم أقسقام

شيء من التعظقيم ومناقا القرآن ومنشأ للشبهات. فنبطله أوال حىت يتبني أن أصل القسم ليس يف يفهم من بعض أقسامه.

مث نب ني أن أقس ام الق رآن باملخلوق ات ليس ه إال آي ات دال ة ، وأحل ا ن و م ن القس م مب اين ل قس ام التعظيمية ، وليس من القسم بصفات هللا كما ذهل إليه ابن القيم رهمه هللا.

ودة ح ت يتب ني أن النه ي املطل ق غ ري مث نرج ع إىل الف رق ب ني مواق ع القس م احملم ودة وغ ري احملم صحيح.

فهذه ثالثة مقاصد يتوجه إليها الكالم يف كتابنا هذا. وإذ هي تقتضي بع ض التفاص يل والبس يف الك الم دعين ا إىل أن نبح ث ع ن ت اريا القس م وحاج ة الن اس إلي ه ق دميا وح ديثا وطرق ه املتنوع ة ، ونب ني

ومفاهيمه املتشعبة الثالثة من اإلك رام والتق ديس واالس تدالل اجمل رد معاو كلمات القسم ومفهومه األصلي عن التعظيم.

ونورد م ن نف س الق رآن دالئ ل واض حة عل ى تأوي ل أقس امه. ون دل عل ى أس باب خف اء ه ذا التأوي ل ليتضح عذر من قبلنا من كبار العلماء رهمهم هللا . ونشري إىل بعض وجوه البالغة يف أقسام القرآن.

ر وج وه النه ي واإلباح ة ، واالستحس ان يف القس م. ونكش ق ع ن تأوي ل ق ول املس يح علي ه مث ن ذك السالم حني حلى تالميذه عن افلق.

ونلمع إملاعا إىل بعض بالغة القرآن يف همييزه بني كلمات القس م حس ل مواقع ه ل تعلم م ا ال يس ن منه.

، ف ا ن نش ر يف التفص يل ، وهللا ذلي ، وقد ذكرن ا فيم ا ق دمنا ج ل مطال ل ه ذا الكت اب إ اال املوفق ونعم الوكيل.


(13 )


(6) تاريخ القسم وحاجة الناس منليه

وطرقه املختلفة والداللة على حقيقة معناه يف أول األمر

إن اإلنسان رمبا يت اج إىل تأكي د خ رب أو وع د من ه ، ح ني يري د أن يعتم د علي ه املخاط ل وتطم ئن مور العظيمة كاملعاهدة بني قوم وقوم أو ب ني مل ي ورعيت ه أو ب ني أف راد الن اس ، به نفسه ، وال سيما يف األ

ليكون وا عل ى ثق ة بعض هم م ن بع ض ، فيعلم وا املواف ق م ن املخ الق وال و م ن الع دو. وه ذه افاج ة التمدنية دعتهم إىل طرق وكلمات خاصة يعربون ا عن هذا التأكيد. فكان ذلي أصل قسمهم .

وا عنه بأخذ اليمني كما علمنا من أحوال الروم والعرب والعربانيني. ف لذا أخ ذ بعض هم مي ني فرمبا عرب بعض عند املعاه دة أفص حوا بع زمهم وتأكي ده. ك أحلم ق الوا ، أنن ا ق د وص لنا أمرن ا ورهن ا ب ه أميانن ا. ول ذلي

مسوا القسم ميينا ، ورمبا صرحوا ذا املعىن كما قال جساس : ويدي رهن فعا سأؤدي حق جاري ومن هنا تضمن القسم معىن الكفالة والضمانة.

وهذا معلوم ومعرو وباق يف أخذ اليمني للبيعة ، وصفق اليد يف البيع والشراء. ونراه يف أم م أخ ر 8ع دد 144ك الروم واهلن د. ون را العرباني ني أيض ا أحل م ع ربوا ع ن القس م ب اليمني. فج اء يف الزب ور

فواههم تنطق سوءا وميينهم ميني كذب(.:)الذين أيف العربانية :)أشر فيهم دبر سوء وميينام ميني شاقر( والعجل من املني ني االنكليزيني كيق ذه ل

عليهم هذا املعىن فني وه بقول معناه :) اليد اليمىن منهم يد ميىن الكذب(. ا م ن أفح ع العث رات ، وخي رب ع ن قل ة فل م يفهم وا م ن كلم ة اليم ني القس م ب ل الي د اليم ىن وه ذ

التفاهتم إىل العربانية . والعج ل ك ل العج ل أحل م يف ه ذا الزم ان أص لحوا الني ة املس تندة ، وغريوه ا كث ريا ، ومع ذلي تركوا هذا اذطأ الفاحع على حاله.

1ع دد 6ذل ي وج اء ذك ر العق د بص فقة الك ق يف أمث ال س ليمان يف التح ذير ع ن الض مانة )يا بين إن ضمنه صاحبي فصفقه كفي لغريل(.:

فتشا ه هاتان األمتان يف أمر العقد. ولذلي صارت كلم ة اليم ني امس ا للقس م ب ني العرباني ني كم ا هي عندنا.

ورمبا غمسوا أمياحلم يف إناء ماء إذا كانوا كثريين فك أحلم أخ ذ بعض هم ي د بع ض وأ ع وا أم رهم مب ا مس هم بلا يف املس واللصوق. ولذلي قالوا : بل بالشيء ي دي ، أي لص قه ب ه. ق ال طرف ة شيء واحد ، واملاء أ

:


(14 )


إذا ابتدر القوم السالح وجدتين منيعا إذا بله بقائمة يدي

ورمب ا أخ ذوا عط را ، فاقتس موه بي نهم ، ومس حوا ب ه أي ديهم ، فراح وا ، وعبق ه م ، فه و أبق ى م ن امل اء ونشرا. وأشهر وأعر ، ولذلي مسوه عرفا

وم ن أمثل ة ه ذا الطري ق ملعاه دهتم م ا ن را يف قص ة عط ر منش م ، وه ي أن قوم ا حت الفوا عل ى أن يق اتلوا ع دوهم ، وجعل وا آي ة افل ق تع اطي عط ر ب اعوه م ن عط ارة تس مى منش م ، وقص ة ه ذا افل ق مش هورة

حت جرا به املثل قال زهري: وا بينهم عطر منشمتداركتما عبسا وذبيان بعدما تفانوا ودق

وكذلي نرا غمس األيدي يف العطر يف قصة حلق املطيبني اليت نذكرها يف الفصل العاشر.

ورمبا ذحبوا يمة ورشوا دمها على أجسام الفريقني من افلفاء عالم ة مل واالهتم إىل ح د القراب ة ، أو لثب اهتم : 8-5عدد 24على افلق حت يسيلوا مهجهم. جاء يف سفر اذروج

)وأرسل فتيان بين إس رائيل فأص عدوا حمرق ات وذحب وا ذب ائح س المة لل رب م ن الث ريان. فأخ ذ موس ى نص ق الدم ووضعه يف الطس وس ، ونص ق ال دم رش ه عل ى امل ذبح. وأخ ذ كت اب العه د وق رأ يف مس امع الش عل.

ق ال : ه و ذا دم فقالوا : كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. وأخذ موسى الدم ورش على الشعل . و العهد الذي قطعه الرب معكم على يع هذه األقوال(.

فنيا هذا القسم أحلم عاهدوا الرب برش الدم على أنفسهم وعلى املذبح نيابة عن ال رب ، فص اروا حلف اء :)فلو بدم عهدب قد أطلقه أسراب(. 11عدد 9للرب. وهذا كثري ، جاء يف سفر زكريا

حبب ل ا خ ر ، فص ار م ن حلفائ ه ، ح ت ص ار افب ل امس ا لعق د الذم ة واجل وار ، ورمب ا وص ل بعض هم حبل ه كما جاء يف القرآن :)حببل من هللا وحبل من الناس(.

وقال امرؤ القيس : إو حببلي واصل حبلي وبريع نبلي رائع نبلي

وذكر افطيئة أصل ذلي فقال: م طنباقوم يبيه قرير العني جارهم إذا لوا بقوا أطنا

فهذه طرق تأكيد عقودهم بني فريقني ومن الفريقني.ورمب ا حرم وا عل ى أنفس هم بع ض املش تهيات ح ت يفعل وا بع ض م ا أوجب وا عل ى أنفس هم ، ومس وه )ن ذرا(. كما نذر املهلهل أخو كليل أن ال يشرب اذمر وال ميس الطيل وال يرجل شعره إىل أن يأخذ بث أر أخي ه

، وقصته مشهورة. ي فعل أمرؤ القيس وقال بعد ما حل نذره :وكذل

حله اذمر وكنه أمرءا عن شر ا يف شغل شاغل


(15 )


مث توسع معناه وصار النذر التزام شيء عن طريق القسم. كما قال عمرو بن معد يكرب : هم ينذرون دمي وأنذر إن لقيه بأن أشدا

النذر: ولذلي مسوا النذر ميينا ، كما قال قبيصة بعد ذكر إيفاء فأصبحه قد حله مييين وأدركه بنو ثعل تبلي وراجعين شعري

يف أبيات ذكرت يف افماسة. أي بعد إدراب تبلي حل نذري ، أي ما حرمته علي بالنذر.ويش به الن ذر دع وهتم عل ى أنفس هم أو إل زامهم إياه ا س وءا إن ك انوا ك اذبني يف خ رب أو وع د. كم ا ق ال

معدان بن جواس الكندي : إن كان ما بلغه عين فالمين صديقي وشله من يدي األنامل وكفنه وحدي منذرا يف ردائه وصاد حوطا من أعادي قاتل

ومثله ما قال األشني النخعي : ب قيه وفري واحنرفه عن العلى ولقيه أضيايف بوجه عبوس إن مل أشن على ابن حرب غارة مل ختل يوما من حلاب نفوس

وم ن ه ذا ال دعاء ب املكروه حمل ة يف األقس ام الديني ة. ف لن فيه ا خ و س خ هللا ولعنت ه إن ك ذب اف الق بعد إشهاد هللا على قوله.

ورمبا كفوا عن ش يء م ن غ ري ش رح ، ومس وه )ألي ة( كم ا ج اء يف الق رآن :)لل ذين يؤل ون م ن نس ائهم ت رب ليه( مرادفا لقوهلم )أقسمه(. قال امرؤ القيس:أربعة أشهر(. مث توسع استعماهلا فصار قوهلم )آ

... وآله حلفة مل حتلل وقال طرفة :

فآليه ال ينفي كشحي بطانة لعضل رقيق الشفرتني مهند وقاله غنية أم حا الطائي :

لعمري لقدما عضين اجلو عضة فآليه أال أمنع الدهر جائعا آليه مرادفا ألقسمه.وهذا كثري يف كالمهم ، يقولون :

ورمب ا اس تعملوا الم التأكي د ، وق الوا ألفعلن ه ، أو مثل ه. كقول ه تع اىل:)وإن مل ينته وا عم ا يقول ون ليمس ن الذين كفروا منهم عذاب أليم( ، أو كقوله تعاىل :)ولينصرن هللا من ينصره( ، أو كقول لبيد :

هاولقد علمه لتأتني منييت إن املنايا ال تطيع سهامق ال س يبويه رهم ه هللا :)كأن ه ق ال : وهللا لت أتني( . وإب ا ق ال ه ذا عل ى طري ق التمثي ل ، فلن ه رهم ه هللا أراد

أن ههنا ميينا ، كما قال يف ذكر الم القسم.


(16 )


ومثل ذلي :)ملن تبعي منهم ألم ن( ، إبا دخله الالم على نية اليمني ، وهللا أعلم ، فلم ي رد أن ههن ا وذلقك ألن القسقم لقيس منال التأكيقد وال ، بل امل راد أن جم رد قول ه تع اىل :)ألم ن( مي ني. قسما بشيء

حتتاج منىل تقدير املقسم به يف كل موضع.وعلى هذا األصل كل ما ترا يف القرآن من الم اليمني ، وإذا جاءت قبله ا كلم ة ت دل عل ى اليق ني واجل زم

ي ه لبي د ال ذي م ر آنف ا. ومثل ه يف قول ه تع اىل :)مث ب دا هل م كانه مشا ة بكلمة القس م ، كم ا رأي ه يف ب من بعد ما رأوا ا يات ليسجننه حت حني(.

ومثله قوله تعاىل:)قال فافق وافق أقول * ألم ن جهنم(. فليس لي أن تقدر مقسما به يف هذه األمثلة اليت ذكرناها ، وال يليق ا كما يظهر من سياق الكالم.

ا مققن طريققق اليمققني واحللققف وتعبرياتققه يققدلك علققى أن املقسققم بققه لققيس مققن لققوازم ف ققل مققا ذكرنققالقسم حىت تقدره كلما يذكر مناا أراأوا بالقسم تأكيدا حم ا للقول أو من هار عزم وصرمية ألزمقوا

به على أنفسهم فعال أو ترك فعل.


(17 )


(7) بيان أن القسم ال يلزمه املقسم به

كثر استعماهلا للقسم بإي اح معا كلماتل يس القس م ب ا أو بش عائره م ن املع او البس يطة ح ت يوض ع ل ه اللف ق أوال ، ف يظن أن املقس م ب ه إذا مل يذكر كان املراد منه القسم با تعاىل. إبا القسم التعظيمي نشأ من تركيل دواع ي املعاش رة وعقائ د

الدين. ويأتيي بيانه يف الفصل العاشر.هذا الفصل فنوضح معاو كلمات كثر اس تعماهلا للقس م ، لتع ر أحل ا يف أص لها مل توض ع وأما يف

للقس م ب ا أو بش عائره ، أو بش يء آخ ر. وه ذه الكلم ات ه ي : اليم ني ، والن ذر ، واأللي ة ، والقس م ، وافلق.

، والكفال ة أما اليمني ، فقد علمه وجه استعماهلا ، وعمومه ا للقس م ، وم ا فيه ا م ن مع ىن ال رهن ، والضمانة فال نعيده.

وأم ا الن ذر فه و اإلبع اد والتح ذير. ومن ه إبع اد الش يء عن ي ، وجعل ه ، فص ار مبع ىن التح ر . و ذا املع ىن يس تعمل يف العرباني ة. ومن ه حت ر املش تهيات ، مث توس ع إلل زام الش يء عل ى ال نفس عل ى وج ه

القسم كما مر.اإلقص ار ع ن األم ر ، فيق ال )ا ( للمقص ر الع اجز ع ن الش يء. مث ج اء ل نيب وأما األلية فمعناه ا

الش يء. ومن ه اإلي الء م ن النس اء عل ى وج ه القس م ، مث توس ع يف مع ىن إل زام الش يء س واء ك ان لل نيب أو الفعل ، ولكنه أكثر يف إلزام ما فيه شوب من املضرة ، فشابه النذر ، كما قال ابن زيابة التيمي :

يه ال أدفن قتالكم فدخنوا املرء وسربالهآل مث توسع وصار مرادفا للقسم ، كما مر يف الفصل السابق.

وأم ا القس م فه و يف أص له للقط ع. ومن ه قس مه الش يء وقس مته. والقط ع يس تعمل لنف ي الري ل ذا ه و والش بهة ، ول ذلي ش واهد كالص رمية ، واجل زم ، والق ول الفص ل ، واإلبان ة والص د ، والقط ع فه

األصل.مث اخ ت القس م م ن ب ني ه ذه األلف ا بش دة الفص ل ب القول. واس تعماله م ن ب اب اإلفع ال

ذاص ية املبالغ ة كق وهلم )أس فر الص بح(. وال يلزم ه أن يك ون ل ه مقس م ب ه س واء ك ان عل ى خ رب أو عق د ، كما قال طرفة :

اد بقرمد كقنطرة الرومي أقسم رب ها لتكت ن فن حت تش وهذا كثري يف كالم العرب. قاله جنوب يف مرثيتها املشهورة:

فأقسمه يا عمرو لو نبهاب إذا نبها مني أمرا عضاال


(18 )


وقال ريطة السلمية : فأقسمه ال أنفي أحدر عربة جتود ا العينان مين لتسجما

وقاله خرنق أخه طرفة: وال صديقأال أقسمه آسى بعد بشر على حي ميوت

وجاء يف القرآن :)أهؤالء الذين أقسمتم ال ين اهلم هللا برهم ة( ومن ه قول ه تعاىل:)وقامسهم ا إو لكم ا ملن الناصحني * فدالما بغرور(.

فلن قيل : إن املقسم به مقدر ، وهو هللا تعاىل.القس م يك ون ب ا قلن ا : إن أردت االحتم ال ف ال ننك ره. إب ا قولن ا إن ه غ ري الزم ، فلق د رأين ا أن

حض. تعاىل وبغريه ، ورمبا يكون جمردا عن املقسم به ، وحينئذ ال يراد به إال التأكيد واجلزم امل

وأم ا افل ق فمعن اه القط ع واف دة ، فيش ابه كلم ة القس م. يق ال : س نان حلي ق ، أي ق اطع ، وهو نبات أطرافه حمددة.ولسان حليق ، أي حديد ذلق. وعند األزهري هذا مأخوذ من افلق ،

فق وهلم : حل ق عل ى أم ر ، كق وهلم : قط ع ب ه. وه ذا ه و األص ل. مث اخ ت مث ل )القس م( بش دة الفص ل واجل زم يف الق ول. ول ذلي ال يلزم ه املقس م ب ه ، أال ت را أحل م إذا عق دوا امل واالة بي نهم ب أي طري ق

فيها بشيء. كانه ، مسوا حلفاء. وقد علمه طرقه املختلفة اليت مل يلفوافتبني مما مر بي يف هذا الفصل والذي قبله أن القسم ال يلزمه املقسم به فضال عن تعظيمه.

، ولذلي قدمنا وتلي هي كلمات قد كثر استعماهلا للقسم حبيث إنه ال يلتفه إىل أصول معانيها ذكرها.

دناها أظهر داللة على مث للقسم كلمات أخر مل يذهل عن معانيها األصلية ، فلذا نظرنا فيها وج أحلا ليسه يف شيء من تعظيم املقسم به ، ونذكر هذه الكلمات يف الفصل ا يت.


(19 )


(8) بيان أصل معىن القسم منذا كان فيه مقسم به

بعد ما علمه معىن القسم اجملرد عن املقسم به ، ال يبع د عن ي فه م معن اه إذا أقس م في ه بش يء . س م كالش اهد عل ى قول ه ، ول ذلي كث ر اس تعمال ال واو قبل ه وك ذلي الب اء. فلبا ه و ض م املقس م ب ه م ع املق

وأم ا الت اء فلب ا ه ي مقلوب ة م ن ال واو كم ا ت را يف تق وا وجت اه ، فه ذه اف رو للمعي ة ولض م الش يء بالشيء.

ويؤيد هذا التأويل ما علمه من تاريا القس م وطرق ه . ف لحلم مل يقس موا إال عل ى رؤوس األش هاد. شهداء على أمياحلم لتأكيدها. فلن الرجل جيتنل أن جيعل نفسه كاذبا يف عيون الناس.فكانوا

ويش هد عل ى ه ذا م ا ج اء يف الق رآن يف ذك ر ميث اق النبي ني حي ث ق ال ع ز م ن قائ ل:)وإذ أخ ذ هللا ميث اق النبي ني مل ا آتي تكم م ن كت اب وحكم ة مث ج اءكم رس ول مص دق مل ا معك م لت ؤمنن ب ه ولتنص رنه ق ال

ق رر وأخ ذ عل ى ذلك م إص ري ق الوا أقررن ا ق ال فاش هدوا وأن ا معك م م ن الش اهدين * فم ن ت وىل بع د أأ ذلي فأولئي هم الفاسقون(.

أي قد أوثقنا هذا العهد مبشهدي ومشهدكم ، فال يسوغ اإلنكار بعد ذلي إال بالفسق.، ال لم ه ومش هدهوأص ل ه ذا التأكي د أن امل رء إذا ق ال: أش هد ب ه ، فق د ص رح بأن ه يق ول بع

بسماعه. فال ميكن له العذر إن كذب. ولذلي ق ال إخ وة يوس ق علي ه الس الم:)وما ش هدنا إال مب ا علمن ا وم ا كن ا للغي ل ح افظني(. واس تعمال ه ذا الوج ه يف القس م ي را يف قول ه تع اىل:)لكن هللا يش هد مب ا أن زل

إليي أنزله بعلمه واملالئكة يشهدون وكفى با شهيدا(.يف الشهادة أكرب وجوه التأكيد من جه ة أخ را. وه ي أن الرج ل إذا ق ال : أش هد أن األم ر ك ذا مث

، فكأنه قال: أنا أقول هذا كمن يقوم شاهدا على أمر ، والكذب يف الشهادة أكرب إاا وأشد ذما.ه م ا ول ذلي ورد النه ي عن ه خاص ة يف الش رائع ، كم ا ج اء يف األحك ام العش رة م ن الت وراة. ويش به

ذكر يف القرآن يف مدح األبرار )والذين ال يشهدون الزور( على أظهر تأويله. مث ترا صريح قوهلم يف أقسامهم )أنا أشهد( )وهللا يشهد( )وهللا يعلم(. وهذا يف أكثر اللغات.

فلننا نرا األمم يف املشرق واملغرب مع اختال كثري يف ع اداهتم ال خيتلف ون يف أحل م إذا ق الوا : هللا شهيد على ذلي ، أو ما يشبهه ، أرادوا به القسم.

ق ال س يبويه رهم ه هللا يف ذك ر الم اليم ني :)واعل م أن م ن األفع ال أش ياء فيه ا مع ىن اليم ني جي ري فص رح ب أن )أش هد( 1/454الفع ل بع دها جم راه بع د قول ي : أقس م ألفعل ن ، وأش هد ألفعل ن( الكت اب

كقولي أشهد.معناه اليمني ، وأن قولي )أقسم(


(21 )


فأمقا معقىن تعظققيم املقسقم بققه فقذلك بقا ان ققم بقه يف بعققض األحقوال فهقو مققن عقوار القسققم. وسيأيت.

وبعدما علمه حقيقة القسم وأصل مفهومه نذكر لي املفاهيم اليت هي ف رو عل ى األص ل ، وه ي ا ، ح ت يس هل ل ي اإلك رام والتق ديس واالس تدالل ، ون ذكرها بالنيتي ل ل تفهم وجوهه ا وهمي ز ب ني معانيه

النظر يف أقسام القرآن ، فتعرفها على وجهها ، وتكون على بصرية يف تأويلها.


(21 )


(9) القسم على وجه اإلكرام

للمقسم به واملت لم واملخاطب

ال س يما إذا عاه دوا عل ى أم ر ، وأعط وا ل ه أمي احلم ، –مل ا ك ان الص دق م ن أح ل س جايا الع رب روا حلف اء ، أو عق دوا عق د اجل وار ، أو ن ذروا ب أمر ، أوف وا ذم تهم ، وع دوا ف لذا ص ا –وأش هدوا علي ه

الكذب فيها بعد القسم عارا عظيما وذلة كبرية ، ألنفتهم وللحمية اليت جبلوا عليها.وكان يف ره ن أي ديهم للعق ود عن دهم آي ة عل ى أحل م خي اطرون هل ا أنفس هم ، فتض من القس م خم اطرة

ل السادس.النفس كما مر يف الفصولذلي كثر قسمهم بقوهلم : لعمري ، أي أنا أخاطر على هذا الق ول حي ايت. ورمب ا بين وا ه ذا امل راد

كما قاله ريطة بنه العباس السلمي : لعمري وما عمري علي ني لنعم الفت أرديتم آل خثعما

وقال النابغة الذبياو : لي األقار لعمري وما عمري علي ني لقد نطقه بطال ع

وهذا كثري ، ومن هذه اجلهة انضم مفهوم اإلكرام باملقسم به. فلن املتكلم ال يدل على تأكيد قوله ذا الطريق إال إذا أقسم مبا يكرمه ويضن به. فهذا أصل هذا النو من القسم ، مث جتاوزوه إىل

أراد أو ال أقسم بعمري بل بعمرب قوهلم )لعمرب( أو ما يشبهه ملا فيه من إكرام املخاطل. كأن القائل . وهذا هو األصل ، مث رمبا ال يراد به إال تأكيد القول مع إكرام املخاطل ، الذي هو أعز وأكرم عليب وبعزتي ، وملا كان هذا أحسن يف التحاور كثر قوهلم يف القسم : لعمرب ولعمر أبيي ، أو وجد

وأمثاهلا.اس تعماهلا للقس م ف ال حاج ة إىل نق ل الس ند هل ا. ولك ن يهمن ا يف وه ذه الكلم ات ال يت ذكرن ا كث ر

هذا القسم النظر إىل أمور:أن املقس م ب ه يف ه ذه األقس ام ، وإن ك ان عن د امل تكلم كرمي ا ومض نونا ب ه ، لكن ه ال يك ون األول:

مما يعبده ويقدسه ، كما سنيا يف أقسام دينية نذكرها يف الفصل التا .ا أض يق املقس م ب ه إىل املخاط ل دل عل ى إكرام ه ، كقول ه تع اىل:)لعمرب إحل م لف ي أن ه إذ الثققا :

سكرهتم يعمهون( فأكرم هللا نبيه ذا اذطاب. ومنه قوله تعاىل :)فال وربي ال يؤمنون حت يكموب(.وإذا أض يق إىل امل تكلم دل عل ى عزت ه ومنعت ه ، كأن ه ق ال : إن حي ايت وع زي مني ع ال ي رام. وم ن

اجله ة ال ينبغ ي ه ذا القس م لعب اد هللا اذاش عني املتواض عني. ولع ل املس يح أش ار إىل ه ذا األم ر حي ث هذه


(22 )


ق ال علي ه الس الم فيم ا حل ى ع ن افل ق مطلق ا :) ال حتل ق براس ي ألن ي ال تق در أن جتع ل ش عرة واح دة بيضاء أو سوداء(.افان ث ، كم ا م ر يف الفص ل أن ه مل ا ك ان م ن بع ض وج وه القس م ال دعاء بالس وء عل ى الثالقق :

السادس ، ورمبا انضم ذا النو ذلي املفه وم ، ك أن اف الق ق ال: إن كن ه كاذب ا أبي د عم ري ، وأهين ه عزيت.

وال خيف ى علي ي مم ا ذكرن ا أن ه ذا الن و م ن القس م ال يك ون إال بلض افة املقس م ب ه ، إم ا إىل ظ ه اذاص ة ال يت ذكرناه ا. وال يك ون إال ب أمور ع ر عزهت ا امل تكلم أو إىل املخاط ل ، وال يك ون إال بألفا

عل ى امل تكلم. فب ني أن أقس ام الق رآن بال ذاريات والعادي ات واذ نس اجل وار الك نس وأمثاهل ا ال يك ون م ن هذا النو .

واعل م أن ه ذه األقس ام ليس ه م ن جه د أمي احلم ، وعل ى األكث ر تس تعمل حمل ض التأكي د مبع ىن ا قالوا: لعم ر هللا ، ف ال يري دون ا هم ام معناه ا األص لي إال إذا بين وه كم ا م ر يف ق ول أقسمه ، ولذلي رمب ريطة السلمية والنابغة.

مث إن هلم أميانا غليظة غري ذلي ، ويأتيي ذكرها يف الفصل ا يت.


(23 )


(11) القسم على وجه التقديس للمقسم به

تهم تل ي ال دواعي إىل مبالغ ة االس تيثاق واملغ االة تقدم افديث عن دواعي توثيق أقواهلم ، فرمب ا دع

في ه ، فك انوا جيتمع ون للمعاه دة مبش هد معاب دهم. وب ذلي خلط وا بالقس م جه ة ديني ة ، وأرادوا ب ه جع ل الرب شاهدا على قوهلم ، فلن كذبوا فيما أقسموا عليه أسخطوه.

د فطري ة كاجلب ال الش اخمة ، ومل ا كان ه دائ رة حك ومتهم ض يقة ، ومل تف رق األم م املتج اورة ح دو والبحور املتالطمة ، مل مينع اجلريان عن االقتتال غري املعاهدة ، فصارت هي أحصن معاقلهم.

ورمبا اتفق ه أق وام مل جتمعه م أواص ر القراب ة عل ى خ ال ع دو ، فعاه دوا عل ى التع اون. فأمي ا ك ان ا إب راهيم علي ه الس الم مل ا ه اجر قوم ه ، من سلم أو حرب ، إذا عظم أمرها فزع وا إىل العه د ، ول ذلي ت ر

وس كن يف ب الد الع رب ، ورآه أب و مل ي ذا ب أس ومنع ة ، هاب ه واس تعظمه فعاه د ب ه عل ى رس م خ ا ، لكيال تكون بينهما حرب ، وصارا حليفني ذه املعاهدة.

ا. والت اريا ش اهد بعظ م مكان ة املعاه دة يف التم دن ، ح ت ت را ا ن اعتص ام األم م العظيم ة والع رب ك انوا يف ج اهليتهم أش د األم م بأس ا وأل دهم خص اما ، كم ا أحل م أب رهم ميثاق ا وأوف اهم ذمام ا. وكان ه الكعب ة أعظ م معاه دهم. وحرماهت ا أك رب واز هل م ع ن اف رب ، فتطف أ ناره ا يف ش هور اف ح ،

اذرف ان بع د أن ك انوا أس ودا وي أتون إىل الكعب ة م ن ك ل ف ح حم رمني راهب ني خمتلط ني يف غاي ة األم ن ، كض ارية. وذل ي كل ه م ن تعظ يمهم للكعب ة ، ح ت إحل م مس وا مك ة ص الحا وأم ال رحم ، ف لذا ح اولوا توثي ق

عهد جاءوا إىل هذا املعبد ليقسموا با العظيم على مواثيقهم. ومن شركهم رمبا أقسموا عند أنصا م اليت ذحبوا عليها لشفعائهم عند هللا األكرب.

وك انوا يقس مون : إم ا ب لهراق القرب ان ، أو مبس ح الكعب ة كم ا س تعلم مم ا ذك روا يف أش عارهم ، أو بغمسهم أيديهم يف عطر ومس ح الكعب ة ا ، كم ا ت را يف حل ق املطيب ني ال ذي ك ان قبي ل البعث ة ، ح ني

الق وم أرادت بنوعب د من ا أن جيمع وا أم رهم ، فوض عوا جفن ة طي ل ألحالفه م عن د الكعب ة ، فغم سوأب و بك ر رض ي هللا عن ه م نهم. أو أي ديهم فيه ا ، مث مس حوا ا الكعب ة ، فس موا املطيب ني. وك ان الن

مبجرد شهودهم عند البيه وعقدهم أمياحلم لديه.فه ذا أص ل قس مهم ال ديين ، مث توس عوا ف اكتفوا مبج رد ذك ر الكعب ة ومش اعر اف ح ، كم ا س نيا

لة اليت نذكرها.التصريح به يف بعض هذه األمث قال زهري بن أيب سلمى :

فأقسمه بالبيه الذي طا حوله رجال بنوه من قريع وجرهم


(24 )


وقال أيضا: فتجمع أمين منا ومنكم مبقسمة همور ا الدماء

وقال أعشى قيس: فلو وثويب راهل افح واليت بناها قصي وحده وابن جرهم

وقال أيضا: إذا خمرم خلفته بعد خمرمحلفه له بالراقصات إىل مىن

وقال افارث بن عباد: كال ورب الراقصات إىل مىن كال ورب افل واإلحرام

وقال النابغة الذبياو : فال لعمر الذي مسحه كعبته وما هريق على األنصاب من جسد واملؤمن العائذات الطري همسحها ركبان مكة بني الغيل والسعد

تيه به إذا فال رفعه سوطي إ يديما قله من سيء مما أ إذا فعاقبين ريب معاقبة قرت ا عني من يأتيي بالفند

وقال شأس أخو علقمة الفحل: حلفه مبا ضم افجيح إىل مىن وما شح من حنر اهلدا املقلد

وقاله غنية األعرابية تصق ابنها : العصا أحلق باملروة يوما والصفا أني خري من تفاريق

وأما حلفهم باألنصاب فمنه قول املهلهل: كال وأنصاب لنا عادية معبودة قد قطعه تقطيعا

وقول طرفة : فأقسمه عند النصل أو هلالي مبتلفة ليسه بغب وال خفع

وقول امللتمس : أطردتين حذر اهلجاء وال وهللا واألنصاب ال تئل

وقال رشيد بن رميض العنزي : رات حول عوض وأنصاب تركن لدا السعريحلفه مبائ

والقسم باألنصاب قليل جدا فك ان ج ل أقس امهم املؤك دة بالكعب ة ومش اعر اف ح. ف لن الع رب م ع اخ تال ديان اهتم يف اجلاهلي ة مل خيتلف وا يف تعظ يم ه ذا البي ه العتي ق . وعلم وا أن ه أول بي ه هللا ال ذي


(25 )


نوا يقسمون به. قال ع دي ب ن زي د وق د تنص ر يف اجلاهلي ة وضع للناس ، حت إني ترا النصارا منهم كا:

سعى األعداء ال يألون شرا عليي ورب مكة والصليل وقال األخطل وكان جماهرا بنصرانيته :

حلفه مبن تساق له اهلدايا ومن حله بكعبته النذور وقال أيضا:

رملقد حلفه مبا أسرا افجيح له والناذرين دماء البدن يف اف وقال أيضا:

إو حلفه برب الراقصات وما أضحى مبكة من حجل وأستار وباهلدي إذا اهمرت مذارعها يف يوم نسي وتشريق وتنحار

فنيا مما ذكرنا أحلم إذا اجتهدوا بالقسم حلفوا بالكعبة ومشاعر افح. وبذلي جاء التص ريح م نهم

المه:، قال حسان بن ثابه األنصاري فيما قال قبل إس إو ورب املخيسات وما يقطعن من كل سربا جدد والبدن قد قربه ملنحرها حلفة بر اليمني جمتهد

وقال عارق الطائي: فأقسمه جهدا باملنازل من مىن وما سحقه فيه املقادم والقمل

وبقي بعد ذلي يف اإلسالم. قال الفرزدق: قامأمل ترو عاهدت ريب وإنين لبني رتاج قائما وم

على حلفة ال أشتم الدهر مسمال وال خارجا من يف زرو كالم

وقال افطيئة : لعمر الراقصات بكل فح من الركبان موعدها مناها

فتل ي ج ل أقس امهم الديني ة ، وال خيف ى علي ي أحل م مل يري دوا ا إال إش هاد اإلل ه املعب ود ال ذي عل ى العق ود. وم رادهم أحل م إن ك ذبوا بع د ذل ي أس خطوا هللا جعلوه شاهدا ، وبذلي جعلوه وكيال وكفيال

، كما صرح به النابغة يف أبيات مرت يف هذا الفصل.وأما مراد الصلحاء من إش هاد هللا تع اىل فل يس إال اعتم ادهم وت وكلهم عل ى ر م ، وإظه ار ج دهم

يف شهاداهتم ، كما سنيا يف أمثلة جتدها يف آخر هذا الفصل.


(26 )


الع رب يف أمي احلم الكعب ة والنح ر عن دها ومس حها تأكي دا ملع ىن اإلش هاد وإش ارة إىل وإب ا ذك رت طري ق قس مهم باإلل ه عن د بيت ه. ول ذلي ت را زه ريا يس مي املنح ر )مقس مة( وأن ه هن اب جتم ع أميانن ا. وإذا

ون أوق ع كان القسم مبحض اسم الرب عاما ، ال ينتبه ل ه بين وه ب ذكر أص له ، وص وروه ببي ان ش كله ، ليك يف القلل.

وه ذا امل راد ال ذي فهمن ا م ن أح واهلم وأش عارهم يؤي ده تص ريهم بلش هاد هللا تع اىل يف أمي احلم. فيقولون :)وهللا شهيد( ، )وهللا يعلم( أو ما يشبهه ، كما قال عمرو بن معد يكرب: هللا يعلم ما تركه قتاهلم حت علوا فرسي بأشقر مزبد

وقال افارث بن عباد: أكن من جناهتا علم هللا وإو حبرها اليوم صالمل

أو كم ا ص رح النابغ ة ال ذبياو يف ذك ر قص ة افي ة وحليفه ا ال ذي ل دغه ابن ه فم ات ، مث ص افته على أن تعطيه دية ابن ه. فلم ا ك اد الرج ل أن يس تويف الدي ة ه م بقتله ا ، ولك ن وقاه ا هللا ض ربته ، فحينئ ذ

فذلي يذكر النابغة بقوله:دعاها للعهد مرة أخرا. فقال : تعا نعل هللا بيننا على ما لنا أو تنجزي آخره فقاله ميني هللا أفعل إنين رأيتي مسحورا مييني فاجره

يف خطب ة ال بالغ ، فق ال بع د م ا بلغه م ع وازم األم ور :)أال ه ل بلغ ه أو كم ا ص رح ب ه الن ما عاهدهم به.اللهم اشهد(. فجعل الرب شاهدا على

أو كم ا ق ال ح ني رج ع إلي ه اب ن اللتبي ة األزدي ، وق د اس تعمله عل ى الص دقة ، وأخ ذ اهل دايا ، بتبع ات الغل ول رف ع علي ه الس الم يدي ه إىل الس ماء ، . فبع د م ا أخ ربهم الن فأس خ الن

م ا ق ال. كأن ه ق ال : وق ال:)اللهم ه ل بلغ ه( ث الث م رات. فه ذا رف ع الي د ك ان إلش هاد هللا تع اىل عل ى اللهم اشهد.

وهكذا نرا إش هاد هللا برف ع الي د إىل الس ماء يف قص ة إب راهيم علي ه الس الم. ج اء يف س فر التك وين : 22عدد 14

23)فقال إبرام )إبراهيم( مللي سدوم رفعه ي دي إىل ال رب اإلل ه العل ي مال ي الس ماء واألرض ، من كل ما هو لي(. ال آخذن ال خيطا وال شراب نعل ، وال

أي أقسمه با على ذلي وأشهدته وعاهدته. ورفع اليد يف الصالة للعهد والشهادة وتفصيل ذلي يف كتاب )أصول الشرائع(.

أو كما صرح به القرآن يف غري موضع. وقد مر أمثلته يف الفصل الثامن.


(27 )


ل ا مع ىن التعظ يم م ن جه ة و ل ة الك الم أن األمي ان الديني ة أيض ا أص لها اإلش هاد. وإب ا اخ ت

املقسم به ، المن جهة حمض اإلشهاد الذي هو أظهر معىن القسم بالشيء.ويتضح هذا األمر م ن ن و آخ ر م ن أقس امهم ال يت أش هدوا فيه ا باملقس م ب ه عل ى وج ه االس تدالل

ال غري. وهو مسلي لطيق من البالغة. ونذكره يف الفصول ا تية.


(28 )


(11) االستدالل باملقسم بهالقسم على وجه

ق د تب ني مم ا ذكرن ا أحل م ك انوا يقس مون بالش هادة م ن أنفس هم أو بالش هادة ب ا تع اىل. وإذ كان ه الش هادة ب ا أك رب الش هادات ، كث ر القس م ا ، ول ذلي ظ ن م ن ق ل التفات ه إىل أس اليل الك الم وفن ون

ظيم.بالغته أن اإلشهاد ال يكون إال باملعبود وعلى جهة التعولكني إذا سرحه النظر يف كالم العرب وغريهم وج دت أحل م رمب ا أش هدوا بأش ياء مل يعب دوها وال عظموه ا. وإب ا أرادوا االس تدالل جبع ل املقس م ب ه ش اهدا عل ى أق واهلم. ب ل رمب ا جتم ع جه ة االس تدالل

باألقسام الدينية أيضا. وسيأتيي ذكره يف الفصل اذامس عشر.ا نذكر أمثل ة القس م االس تدال ونوض ح مفهوم ه. فمنه ا م ا ق ال أب و العري ان الط ائي وأما هاهنا فلب ميدح حاهما اجلواد:

قد علموا والقدور تعلمه ومستهل الغرار مطرد أن ليس عند اعنيار طارقها لديي إال استالهلا مدد

ومنها ما قال الراعي : يام والبلدإن السماء وإن الريح شاهدة واألرض تشهد واأل

لقد جزيه بين بدر ببغيهم يوم اهلباءة يوما ما له قود ومنها ما قال النابغة الذبياو :

واذيل تعلم أنا يف جتاولنا عند الطعان أولو بأس وإنعام ومنها قول عننية :

واذيل تعلم والفوارس أنين فرقه عهم بطعنة فيصلبالق دور ، واملدي ة ، والس ماء وال ريح ، واألرض ، واألي ام ، فقد رأيه يف ه ذه األمثل ة أحل م أش هدوا

والبلد ، واذيل ، والفوارس. وليس املراد إال أني لو سألتهن ونطقن لشهدن على دعوانا.وم ن ه ذا األس لوب م ا ق ال الفض ل ب ن عيس ى ب ن أب ان يف وعظه:)س ل األرض ، فق ل : م ن ش ق

جتبي حوارا ، أجابتي اعتبارا(.أحلارب وغرس أشجارب ، وجىن اارب؟ فلن مل :)فاس أل 11-7ع دد 12ولع ل ه ذا الك الم م أخوذ م ن ص حق أي وب علي ه الس الم ، ق ال

البه ائم فتعلم ي ، وطي ور الس ماء فتخ ربب ، أو كل م األرض فتجيب ي ، ويث ي مس ي البح ر. م ن ال يعل م إنسي(.من كل هؤالء أن يد الرب صنعه هذا. الذي بيده نفس كل حي وروح كل


(29 )


:) أش هد 19ع دد 31ومث ل ه ذا م ا ج اء يف ص حق موس ى علي ه الس الم س فر التثني ة عليكم السماء واألرض ق د جعل ه ق دامي افي اة وامل وت ، والربك ة واللعن ة ، ف اخني افي اة لك ي حتي ا أن ه

ونسلي(.ف لن نقض تموه فأراد ذا اإلشهاد أن عهدي ه ذا بك م ال يؤخ ذ س را ب ل نعل ه مش هودا ومش تهرا ،

ل زمكم ع اره دائم ا أب دا. فم ت م ا أظل تكم الس ماء وأقل تكم الغ رباء ج اءتكم اللعن ة والع ذاب م ن ف وقكم ، فكأن ه علي ه الس الم أق ام عل يهم ش اهدين وحتتكم. فضرب السماء واألرض مثال لدوام ولزوم ذلة النقض

ال يفلتون منهما أبدا وآيتني ال تغربان عنهم.لش بهة ع ن القس م ال ذي يش هد في ه مب ا ينط ق بلس ان اف ال أحل م كم ا أش هدوه بكلم ة ومم ا جيل و ا

)يشهد( و)يعلم( أو ما يشبههما ، فكذلي أشهدوه بكلمات خص ه بالقس م ، أو نص ه ل ه مث ل : واو القسم )لعمري( أو ما يشا هما.

ان اف ال. فمنه ا ف لن مل يطم ئن قلب ي باألمثل ة الس ابقة ، ف دوني أقس ام ص رية ب أمور ناطق ة بلس قول عروة بن مرة اهلذ :

وقال أبو أمامة يال بكر فقله : ومرخة دعوا كبري يستهزئ الشاعر بأيب أمامة على استغاثته بقبيلة بكر. فقال :

هذه دعوا كبرية ، أي ما أصغر من يدعوه لنصره فأقسم بشجرة صغرية ال ت ؤوي م ن يل وذ ا ، األشياء مالذا ، ويتضح هذا املعىن مما قال أبو جندب اهلذ : وضر ا مثال ألضعق

وكنه إذا جار دعا ملضوفة أمشر حت ينصق الساق مئزري فال حتسنب جاري لدا ضل مرخة وال حتسبنه فقع قا بقرقر

ومنها قسم اهلجرس حني قتل جساسا قاتل أبيه ، فقال: ليه ، وسيفي وغراريه ، ال ينيب الرجل قاتل أبيه ، وهو ينظر إليه (.)وفرسي وأذنيه ، ورحمي ونص

فأقسم ذه األشياء اس تدالال ا ، كأن ه ق ال: فكي ق أت رب قات ل أيب ؟ وأن ا ق ادر عل ى الك ر والف ر والطعن والضرب.

فذكر يف قسمه ما يصدق دعواه ، ويستدل ا على وجوب ما أراد به ، ومنها قسم طرفة : ذي القرىب وجدب إنين مت يي أمر للنكيثة أشهدوقربة

أراد أن ه كي ق ال يش هد جمل س ذوي الق رىب إذا اجتمع وا ألم ر كب ري ، وال يراع ي منزل ة ال رحم ، وه ي عظيم ة عن دهم ، وك انوا ينش دون ب ا وال رحم ، فأقس م ا اس تدالال عل ى ل زوم مش هده. ومنه ا ق ول

رث خليله :افصني بن هماد يرثي نعيم بن افا قتلنا مخسة ورموا نعيما وكان القتل للفتيان زينا


(31 )


لعمر الباكيات على نعيم لقد جله رزيته علينافلم يقسم بالباكيات إال ألن حاهلن يشهد على جاللة ه ذه الرزي ة ، وه ذا الن و م ن القس م ، وإن

ح ، وأس لوب خ ا ، جيم ع مل يكث ر يف كالمه م لدق ة مذهب ه ، ولغلب ة أقس ام أخ را ولكن ه طري ق واض ابواب ا م ن البالغ ة ، كم ا س يأتيي بياحل ا يف الفص ل الس ابع عش ر؟ ويوج د يف الع رب والعج م ون دلي عل ى

عمومه بليراد بعض األمثلة من كالم اليونانيني.


(31 )


(12) القسم على وجه االستدالل

يف كالم أمياسثنس أعظم بلغاء يونان

رية كاملة ، مل ميلكهم ملي ، بل ي دور أم رهم عل ى اجلمهوري ة كانه اليونان يف أول أمرهم على ح، ح ت نش أ ف يهم فيلب وس أب و إس كندر األعظ م. فتمل ي عل يهم. ولك ن مل يس تقر حكم ه إال بع د مشاجرات باجلمهور. وك ان يرض هم عليه ا أعظ م خطب ائهم دمياس ثنس الش هري. فلم ا ه زمهم فيلب وس ق ام

ص مة بالده م ، وألق ى عل يهم خطبت ه الطنان ة يس ليهم عل ى ه زميتهم هذا اذطي ل عل ى أه ل أثين ة وه ي عاوميدحهم على إلقاء نفوسهم إىل اهلالب إلبقاء حريتهم ، وكان خطي ل آخ ر يس مى أس كنس مي نعهم ع ن

خمالفة امللي ، فقال دمياسثنس رادا على أسكنس ومادحا أهل أثينة.اطر بنفوس كم يف القت ال ع ن حري ة يون ان )أيه ا األثيني ون إنك م مل تكون وا عل ى الباط ل ح ني خ

وسالمتها ، ويف ذلي لكم أسوة يف أسالفكم ، فلحلم مل يكون وا عل ى الباط ل : ال ذين ق اتلوا عل ى م راثن ، ال ذين ق اتلوا عل ى س المس ، ال ذين ق اتلوا عل ى فالط ي. إنك م مل تكون وا عل ى الباط ل. ك ال ، مل تكون وا.

معرك ة م راثن ، ال ذين م ن أس الفكم ألق وا بنفوس هم إىل اهل الب عل ى أقس م بال ذين خ اطروا بنفوس هم عل ىمي دان م راثن ، ال ذين ك انوا يف اف رب البحري ة عن د س المس وأرطميس يم ، وال ذين ك افحوا األع داء عل ى فالط ى. في ا أس كنس إن أه ل البل د مل يكرم وا الف ائزين م نهم فق ، ب ل أكرم وهم أ ع ني ب لكرام جن ازهتم

وريا(.إكراما هيعين مل يكرموهم عل ى ف وزهم ب ل عل ى حمام اهتم واس تمتاتتهم للحري ة ، فك ذلي أن تم وإن مل تف وزوا

فقد بذلتم نفوسكم للدفا عن افرية.ف انظر يف ه ذا القس م ، كي ق مث ل أس الفهم وفع اهلم ب ني أي ديهم ل يم قل و م بالفخ ار املس لم

ش اهدا عل ى حس ن مس عاة املخ اطبني . وأخ رج عن دهم ، فض رب هل م م ثال ، وجع ل حس ن مس اعيهم الكالم خمرج القسم الذي بين على التأكيد.

واشتهر هذا القسم لبالغته ، واستجاده السلق واذلق من الناقدين . ولكن أرا املت أخرين م نهم م ا أخطأوا كما أخط أ علماؤن ا. ف لن ال نن وس اليون او ال ذي نش أ بع د س تمائة م ن دمياس ثنس ، وك ان معل

للبالغ ة يف أثين ة ، ومش هورا بغ زارة العل م يف زمان ه ، ذك ر ه ذا القس م يف كتاب ه عل ى البالغ ة ، وق ال في ه : إن حسنه يف غاية تعظ يم املقس م م ، ف لن دمياس ثنس جعله م مبنزل ة ا هل ة. وأنك ر عل ى م ن ق ال إن ه ذا

األسلوب مأخوذ من قول الشاعر يوبولس الذي أقسم بلكليله.


(32 )


أذك ر قس م يوب ولس أيض ا ليك ون مث اال ثاني ا ، ول تعلم أن ال رأي ال ذي أنك ره ال ن وس ه و وإو الرأي القو .


(33 )


(13) القسم على وجه االستدالل

يف كالم يوبولس الشاعر اليونا كان من سنن يونان يف زم ان ح ريتهم أن ه إذا فع ل أح د م نهم أم را عظيم ا نافع ا هل م عص بوا برأس ه

ال تشريفا لقدره واعنياف ا حبق ه. وك ان الش اعر يوب ولس ن ال م نهم ه ذا اإلك رام يف ح رب م راثن مل ا أبل ى إكلي بالء حسنا.

مث بعد ذلي اهتم ه بع ض حس اده بأن ه س اخ ب القوم ، لي زر ذه التهم ة بغض ه يف قل و م. ف أزاح يوبولس هذا الظن عن نفسه بقول تر ته :

مراثنا ال وإكليلي الذي نله لدا ال يراو شامه أضمر سخطا كامنا

فأقس م بلكليل ه ال ذي نال ه م ن أي دي قوم ه اس تدالال عل ى ع دم س خطه م كأن ه ق ال : كي ق أسخ على قومي بعد أن أكرموو ذا العز.

أن القس م ال خي ت باإلل ه. وب ذلي ينه دم م ا ب ىن –كما رأينا يف أمثلة أخر –فنرا يف هذا املثال ننوس رأيه ، وتبني لنا أن من جعل قسم دمياسثنس مشا ا بقسم الش اعر يوب ولس أص اب امل راد. عليه ال

فإهنما استعماله علقى وجقه االسقتدالل وضقرب املثقل ولقيس املقراأ منقه تعظقيم املقسقم بقه. فقإن كقان لقس م حم ض ا املقسم به يف نفس األمر عظيما فهقذا مقن حمقض االتفقاو وال يتعلقق بقه غقر القسقم.

س اكه ع ن عظمت ه. أال ت را ع روة ب ن م رة ال ذي م ر ش عره يف الفص ل اف ادي عش ر كي ق أقس م باملرخ ة وضر ا مثال لغاية الذلة والضعق.


(34 )


(14) شرح أالالت القسم االستداليل

بعدما وقفه على أمثلة القسم االستدال من النثر ، والنظم لدا العرب والعجم ، وتبني لي أنه ن البالغة ، نريد أن نمع لي يف هذا الفصل ما فيه من الدالالت االستداللية اليت أسلوب خا م

ذكرناها يف الفصول السابقة شتاتا لتفهمها كل الفهم ، فلن ذلي من مهمات مباحث هذا الكتاب. مث جتد زيادة عليه حني نذكر ما يف القسم من أبواب البالغة.

تدالل رمب ا أرادوا ب ه ش دة وض وح املقس م علي ه كم ا ت را يف ف اعلم أحل م إذا أش هدوا عل ى وج ه االس

قول الراعي : إن السماء وإن الريح شاهدة واألرض تشهد واأليام والبلد

يع ين أن األم ر بل ا غاي ة الش هرة واملعرف ة ح ت إن ك ل ش يء يش هد ب ه ، ف ذهل يف آف اق الس ماء ل د ، وكفل ه األي ام بلبقائ ه عل ى ص فحات وأقط ار األرض ، وج رت ب ه ال ريح يف ك ل جان ل ، وبل ا ك ل ب

الدهر. وغاية التأكيد يف أن هذه األشياء اليت ال روح هلا تشهد به فكيق بأهل السمع والبصر والنطق.وهذا حبسل الظاهر مبالغة. ولكنه بين على الصدق ، فلن املراد ب ه غاي ة الش هرة وعم وم العل م ب ه.

م حيث أشهد السماء واألرض.ويشبه ذلي ما مر من قسم موسى عليه السالورمبا أرادوا به ضرب مثل على وجه التشبيه ادعاء من املتكلم كما ترا يف قسم ع روة ب ن م رة. فلن ه ضرب املرخة مثال لقبيلة بكر اليت استغاث م أبو أمامة ، فشبههم باملرخة. وهذا حم ض االدع اء ، ولك ن

ط ل ب القبول ، مثلم ا ت راه يف التش بيه والكناي ة ، كم ا بين وه الدعوا إذا كان ه بطري ق اإلش ارة يتلقاه ا املخا يف كتل املعاو ، ونرجع إىل هذا البحث يف الفصل السابع عشر إن شاء هللا تعاىل.

ورمب ا أرادوا ب ه تأيي دا للق ول ، فأش هدوا باملقس م ب ه لكون ه مؤك دا للمقس م علي ه ، كم ا ت را يف ق ول

أكرم ه ب ه قوم ه. وه و أقص ى الغاي ة عن دهم يف التعظ يم. فكأن ه ق ال يف يوبولس. فلن ه أش هد بلكليل ه ال ذيرد ق ول خمالف ه ، إو بع د ه ذا الش ر ال دائم كي ق يظ ن يب أو أس خ م. وك ان يف ه ذا االس تدالل ضعق فلنه ميكن ملخالفه أن يقول : أنه مع هذا اإلكرام العظيم تبدله ، وص رت جاح د النعم ة. فأك د

كر شر نفسه ، فقال: إو اقتنيته يف أش هر ح رو م ال يت ب دت فيه ا من ازل س راة الق وم قسمه باإلكليل بذ ، فكنه فيها م ن الط راز األول. فبع د ه ذا التأكي د مل ي نيب ذص مه إال حم ل حس ود يس يك الظ ن ب الكرام.

ولكن يف هذا االستدالل ال يتم التقريل بني الدعوا ودليلها.


(35 )


ى قوهلم بذكر أمر ج امع ب ني املقس م ب ه واملقس م علي ه ، كم ا ت را يف ورمبا أرادوا به حجة قاطعة علقسم دمياسثنس. فلنه ذكر حسن فعال أسال املخاطبني ، وهم ال يشكون فيه ، واحتح ب ه عل ى حس ن فع ال ال ذين اتبع وا أس الفهم. ول ذلي ص رح أوال ب أن لك م أس وة يف أس الفكم وه ذا لعم رب أحس ن وج وه

هذا النم من القسم.


(36 )


(15) األألة املأخوذة من نفس القرآن على ما فيه من األقسام االستداللية

بع دما تب ني ل ي أن القس م أص له االستش هاد ، وأن ه ال ي راد م ن التعظ يم ، إال إذا ك ان ب ا تع اىل وبش عائره ، وعلم ه أن ه رمب ا يك ون حمل ض االس تدالل ، ال خيف ى علي ي أن أقس ام الق رآن ال يت ب ىن عليه ا

نيض الشبهتني األخريتني ليسه إال لالستدالل واإلشهاد با يات الدالة.املعفل قال قائل : هل أن أصل القسم هو اإلشهاد ، ولكنه لكثرة استعماله للتعظ يم ص ار ك املنقول ، وأصله كاملذهول. ولذلي حلي عن القسم بغري هللا تعاىل ، فال يصار إىل األصل إال بدليل واضح بني.

منا ولكن ا مل ن ذهل إىل ه ذا املع ىن اذ ا ألقس ام الق رآن إال بدالل ة الق رآن م ن وج وه قلن ا : س ل كثرية. ودوني بياحلا :

م ا علمن ا م ن س نة الق رآن م ن اس تعماله بع ض الكلم ات م رة للعب د وأخ را تع اىل. األول :كلم ة الص الة فلحل ا وحينئ ذ ميي ز ب ني وجوهه ا ، ح ت ال يك ون خمالف ا جلالل ة ربن ا جل ه عظمت ه ، مث ل

الدعاء من العبد والرهم ة م ن هللا تع اىل . وكلم ة الش كر فلحل ا م ن العب د االع نيا بالنعم ة ، وم ن هللا تع اىل قبوله افسنات من عبده.

وهك ذا التوب ة ، والس خ ، واملك ر ، والكي د ، واألس ق ، وافس رة وغريه ا. ب ل م ا م ن كلم ة إال عمله تع اىل. ويؤخ ذ بأحس نها وي نيب م ا ال يلي ق بذات ه املقدس ة. وق د ميي ز ب ني وج وه معانيه ا إذا اس ت

، وأخ ذنا مب ا ه و )خ ري وأحس ن علمن ا الوج وه الكث رية للقس م ، فحملن اه عل ى وج ه يلي ق جبالل ة ربن ا تأويال(.

م ا هتت دي إلي ه م ن هم ل النظ ري عل ى النظ ري وتفس ري ا ي ات بعض ها ب بعض. فلن ي ت را والثققا :ذكر األمور الدالة تارة على أسلوب القسم ا ، وأخ را عل ى أس لوب ا ي ة والع ربة. وكله ا إش هاد القرآن ي

ملن يتفكر فيها. قال تعاىل:)إن يف خلق الس موات واألرض واخ تال اللي ل والنه ار والفل ي ال يت جت ري يف ا وب ث فيه ا م ن ك ل داب ة البحر مبا ينفع الناس وما أنزل هللا من السماء من ماء فأحي ا ب ه األرض بع د موهت وتصريق الرياح والسحاب املسخر بني السماء واألرض يات لقوم يعقلون(.

ومثل هذا كثري. فيذكر هللا تعاىل آياته ويتح ا.مث ت را ه ذه ا ي ات أش هد ا الق رآن عل ى أس لوب القس م ، فأش هد بالس ماء واألرض والش مس

حى ، وال ريح والس حاب ، واجلب ال ، والبح ر والبل د ، واإلنس ان والقم ر ، واللي ل والنه ار ، والفج ر والض والوال د والول د ، وال ذكر واألنث ى ، والش فع وال وتر. فكوحل ا آي ات دال ة ل ه نظ ري ، وال س بيل إىل إرادة

تعظيمها.


(37 )


م ا ي دلي علي ه نف س املقس م ب ه . ف لن العاق ل ال يت وهم أن هللا تع اىل يض ع خملوقات ه والثالققق :

عب ود املق دس ، ال س يما ال ذي ل يس ل ه كب ري تق دس كاذي ل العادي ة وال ريح الذاري ة ، وق د ص رح موض ع املالق رآن بك ون هاتي ي املقس م ا م ن الس ماء واألرض والش مس والقم ر والنج وم وغريه ا مس خرة مدلل ة

طائعة. ففي نفس القسم ا داللة على أن املراد حمض اإلشهاد ا.

ناس بة الظ اهرة ب ني املقس م ب ه واملقس م علي ه. ف لن الق رآن وض ع أكث ر ه ذه م ا ت را م ن املوالرابققع : األقس ام حبي ث ال خيف ى عل ى العاق ل جه ة داللته ا عل ى م ا أقس م علي ه. ول ذلي ت را ص احل التفس ري

مل خت ق علي ه –مع ظن ه ب أن القس م للتعظ يم ، وتكلف ه لبي ان فض ائل الت ني والزيت ون –رهمه هللا –الكبري يف دالل ة األقس ام ال يت ج اءت يف أول س ورة ال ذاريات فق ال: )إحل ا كله ا دالئ ل أخرجه ا يف جه ة عام ة

صورة األميان(. ولو تأمل يف سائر أقسام القرآن اليت جاءت عل ى وج ه االس تدالل الخت ار ه ذا التأوي ل يف يعها.

ق ال تع اىل :)ف ال ما ترا من تعم يم املقس م ب ه عل ى طري ق تعم يم ا ي ات الدال ة ، كم ا واخلامس :أقس م مب ا تبص رون * وم ا ال تبص رون( فل م ي نيب ش يئا إال وق د أقس م ب ه ، كم ا ق ال :)وإن م ن ش يء إال يس بح حبم ده( فل م ي نيب ش يئا إال وق د أنطق ه حبم ده وأش هده مبج ده. ويش به ه ذا التعم يم اس تعمال

ن هللا عظم كل ش يء ؟ والس بيل إىل املتقابلني حيث أقسم بالليل والنهار واألرض والسماء. فكيق يظن أ جعله آية دالة ظاهر فال يصار إال إليه.

م ا يتب ع املقس م ب ه م ن التنبي ه عل ى ك ون املقس م ب ه دل يال للعق الء. كم ا ق ال تع اىل والسققاأس : :)والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر* والليل إذا يسر * هل يف ذلي قسم لذي حجر(.

خرية مثل ما جتد كثريا يف القرآن بعد ذكر ال دالئل كم ا ج اء يف س ورة النح ل :) إن فهذه اجلملة األيف ذل ي ي ات لق وم يعقل ون( أو كم ا ج اء يف س ورة ط ه :)إن يف ذل ي ي ات ألو النه ى( أو كم ا ج اء

نب ه يف س ورة آل عم ران :) إن يف ذل ي لع ربة ألوىل األبص ار( وه ذا كث ري. فهك ذا هاهن ا بع د ذك ر األقس ام على كوحلا دالئل لذي عقل وبصرية.

ويشبه ذلي ما جاء من التنبيه بعد القسم يف سورة الواقعة حيث قال:) ف ال أقس م مبواق ع النج وم * وإن ه لقس م ل و تعلم ون عظ يم( أي إن فيه ا دالل ة عظيم ة وش هادة كب رية. فص رح بعظم ة القس م ال بعظم ة

املقسم به.


(38 )


م ب ه عل ى ص فة خاص ة تش ري إىل جه ة االس تدالل. كقول ه تع اىل م ا ت را يف ذك ر املقس والسققابع ::)وال نجم إذا ه وا( وقول ه تع اىل:)فال أقس م ب اذنس * اجل وار الك نس( وقول ه تعاىل:)والص افات ص فا * ف الزاجرات زج را * فالتالي ات ذك را( وقول ه تعاىل:)وال ذاريات ذروا * فاف امالت وق را* فاجلاري ات يس را *

( وقوله تعاىل :) وال أقسم بالنفس اللوامة( وغريها.فاملقسمات أمرا، ومالم ة فه وي الثري ا ، وخن وس النج وم ، وص ق املالئك ة ، وذرو الري اح ، وتقس يمها األم ور

النفس أقرب إىل االستدالل منها إىل التعظيم.

ى وج ه م ا يس بق املقس م ب ه م ن ص ريح ذك ر ا ي ات الدال ة ، مث يع رب ع ن املقس م ب ه عل والثققامن :يشري إىل تلي ا يات ، كأنه مهد من قبل ملا أريد من وجه االستدالل . وهذا مما يهت ز ل ه املت دبر يف نظ م

القرآن.ويتض ح ذل ي باملث ال. ق ال تع اىل يف س ورة ال ذاريات :)ويف األرض آي ات للم وقنني * ويف أنفس كم

أفال تبصرون* ويف السماء رزقكم وما توعدون(.ية على الربوبية والدينونة ، كما فصل ذلي يف غ ري موض ع م ن الق رآن. فبع د م ا أي إن لكم فيهن آ

ذك ر أن األرض والس ماء ق د اش تمله عل ى آي ات اجل زاء ب ل عل ى نف س اجل زاء ، ج اء بقول ه :) ف ورب السماء واألرض إنه( أي الدين واجلزاء. وليس املراد به القرآن كما توموه )فق مثل ما أنكم تنطقون(.

ق د تض من –م ع داللت ه عل ى التق ديس لكون ه إش هادا ب ا تع اىل –خيف ى أن ه ذا القس م ف ال االس تدالل بآي ات يف األرض والس ماء ، مل ا ع رب ع ن املقس م ب ه عل ى ص فة تش ري إىل م ا س بق م ن ص ريح

الل االستدالل با يات الدالة. وملا كان وجه التعظيم يف هذا القسم أظهر ، وكاد يش غل ع ن وج ه االس تد حسن التمهيد له من قبل.

ويف هذا القدر كفاية إن شاء هللا تع اىل. ف لذا س أل س ائل: كي ق خف ي الص واب عل ى العلم اء ، أم كيق يطمئن القلل ذا القول املبتد . أجبناه مبا نذكره يف الفصل ا يت.


(39 )


(16) بعض أسباب خفاء الوجه الصحيح

يف تأويل أقسام القرآنل العلم اء يف الفص ول الس ابقة ن را أن ه ذا املع ىن للقس م ل يس بب د ، بي د أن ه مم ا ذكرن ا م ن أق وا

خفي عليهم بعض وجوهه ومعانيه. فلم يتمسكوا به كل التمسي. فلما أن تركوه يف بعض املواض ع ، وإم ا خلطوا به معىن آخر. ولنذكر هنا بعض أسباب اذفاء ليظهر عذرهم.

ك ان املقس م ب ه يف نفس ه ش ريفا ، مث ل الق رآن والط ور ومك ة أنه يف بع ض املواق ع فالسبب األول :

، أو الش مس والقم ر والنج وم ، أو العص ر واللي ل والنه ار ، فل م يت اجوا إىل جع ل اإلقس ام ب ه اس تدالال. وق د ظن وا أن القس م بالش ريق العظ يم ع ام ش ائع. ف لذا وج دوا املقس م ب ه ذا احتم االت أخ ذوا منه ا م ا

و ذا السبل منعوا ع ن التع ريح إىل الس مه الص حيح. وذهب وا م ن القس م يف م ذهل ع ام يشبه بالشرافة. ، كما أن املاء جيري إىل اذفض إن مل يصرفه صار .

أن افكماء نعتهم األمور الكلية. فال يعجبهم رأي ينخرم بع ض جوانب ه. ووج ه والسبب الثا :

ن خفي ا يف بعض ها. ومل ا مل يتب ني هل م وج ه الدالل ة في ه الدالل ة يف األقس ام م ع ظه وره يف بع ض األمثل ة ك ا زعموا أن هذه الكلية ال تصح هاهنا.

ول يس م ن دأب أكث رهم أن يق روا ب العجز ويول وا العل م إىل هللا تع اىل ، كم ا ت را ذل ي يف مس ألة ف وا باجله ل نظم القرآن. فلنه ظاهر واضح يف أكثر املواضع ومل يش كل ك ل اإلش كال إال يف قلي ل. فل و اعني

، كم ا فع ل بعض هم ، لك ان حري ا م. لك ن ت راهم مل يعتم دوا عل ى وج ود ال نظم. وإب ا أرادوا ب ذلي أن ه ليس كليا ، فظن العوام أن ال نظم يف القرآن ، وكلها اقتضاب.

والصققواب أن نتحققرك يف كققل أمققر مققا هققو األوىل واألحسققن وقققد ألققت عليققه أال لققه وبققدت جانبقه وتوضقح الحبقه ون قون كمقا ققال تعقاىل :) القذين يسقتمعون الققول فيتبعقون خمايله وتقرجح

أحسنه أولئك الذين هداهم هللا وأولئك هم أولوا األلباب(.فلن أش كل علين ا بع ض وجوه ه نس بناه إىل قل ة علمن ا ، وس يجعل هللا يس را بع د عس ر ، وج ربا بع د

ء.كسر ، والعلوم متزايدة ، وهللا يهدي من يشافمح ض غم وض جه ة االس تدالل يف بع ض األقس ام ال يص رفنا إىل رأي باط ل م ع س خافته. أال ت را ا ي ات الدال ة ليس ه كله ا ظ اهرة الدالل ة حبي ث ال حتت اج إىل تأم ل. والق رآن ص رح ب ذلي ون دب إىل

الق رآن والص حق التفكر والتدبر فيها. بل ص رح بأحل ا ال يفهمه ا إال الع اقلون املتق ون ، كم ا ج اء كث ريا يف


(41 )


األوىل. ومع ذلي ال نشي يف أحل ا دالئ ل قاطع ة وحج ح س اطعة. فه ذا التح ري ه و اذط وة األوىل للتأم ل وإعمال العقل حت تنحل اإلشكاالت ويطمئن القلل بعد العلم.

وإو حبمد هللا تعاىل مل أطمئن هلذا الرأي إال بع د أن تأمل ه يف ي ع أقس ام الق رآن ، ح ت تب ني حلا دالئل. ومل يدلين عليه إال القرآن من وجوه عديدة كما مر ذكرها آنفا.أ

وه و م دار األول ني ، أحل م مل ا وج دوا القس م ب ا تع اىل وش عائره ش ائعا غل ل والسققبب الثالقق :

عل ى ظ نهم أن ذل ي أص له. ف لذا وج دوا القس م بغ ريه جعل وه جم ازا. مث رأوا أن اجمل از ال يص ار إلي ه إال إذا تعذرت افقيقة.

ولكن حمض الكثرة ليس دليل األصلية ، وال املصري إىل اجمل از مش روح بتع ذر افقيق ة. ب ل الص واب أن تأخذ من املعاو ما هو أحسن وأحرا ، وأشبه بالسياق ، وما له نظائر يف باقي الكالم.د ب ه. فق وهلم يف فلم ا جعل وا الف ر أص ال خف ي عل يهم حقيق ة مع ىن القس م بالش يء ، وه و اإلش ها

بع ض األقس ام إحل ا دالئ ل مل يك ن إال لش دة وض وح ه ذا امل راد فيه ا. ك أن الق رآن دع اهم بص وت جه وري وج ذ م ب بطع قس وري إىل ص حيح معن اه. وم ع ذل ي ه م عل ى الظ ن األول. فل م يك ن اذف اء م ن جه ة

القرآن بل من بعض الظن منهم عفا هللا عنهم.

أمور ذات وجوه على وجه خا ، مثل قصة هالب فرع ون وقوم ه. شهرة بعض والسبب الرابع :ف لن املش هور أحل م أهلك وا مبح ض امل اء ، وال ي رون في ه دخ ال لل ريح. وحقيق ة األم ر أن ه ك ان م ن عجائ ل تص اريفها ب أمر ر ا. وهك ذا األم ر يف طوف ان ن وح علي ه الس الم ، كم ا بين اه يف تفس ري س ورة ال ذاريات.

اسبة بني املقسم به واملقسم عليه منوط ة ب بعض الوج وه ، خف ي وج ه االس تدالل عل ى م ن فأينما كانه املنخفي عليه ذلي الوجه. وملا مل يكن تفصيل هذا القص م ن مهم ات العقائ د واألحك ام مل يلتف ه إليه ا

علماؤنا رهمهم هللا تعاىل.

ش غلتهم العل وم العقلي ة وه و يش به م ا قبل ه ، أن علماءن ا رهمه م هللا تع اىل والسقققبب اخلقققامس :والنقلية املشهورة عن علوم هي أكرب منها نفعا يف التفسري ، وذلي هو عل م لس ان أوح ي ب ه إلين ا وإىل م ن قبلن ا ، وت اريا ه ذه األم م الس امية ، وعل ومهم وآدا م. وإذ ه ي ال خت ت مبس ألة القس م ال نبس الق ول

فيها. ليكفنا هذا القدر منها.وال حاجة إىل استقصاء أسباب اذفاء ، ف


(41 )


(17) ذكر بعض ما يف القسم

من أبواب البالغة ولطا فهالعلي تقول : إن كانه هذه األقسام دالئل ال غري ، فلم مل تذكر على أسلوب االحتجاج

الصريح.ف اعلم أن االس تدالل إذا ك ان عل ى أم ور ال تتعل ق ا الرغب ة والنف رة ، مث ل م ا ت را يف العل وم

والرياض ية أو يف ت اريا األول ني عل ى األكث ر ، ك ان ذك ر األدل ة فيه ا أوىل بالتص ريح. فأم ا إذا الطبيعي ةاستدللنا على أمور نفسانية يتصادم فيها م ن القائ ل والس امع ح ث واس تنكار ، وزج ر واس تكبار ، وإف اح

الوض احة واللطاف ة وإص رار ، احتجن ا إىل إي راد األدل ة عل ى وج وه خمتلف ة م ن أس اليل الك الم متفاوت ة يف والقوة وافدة.

ورمبا نبدل األس لوب حمل ض االجتن اب ع ن م الل الس امع أو الرج اء أن ي نجح في ه بع ض األس اليل أكث ر م ن بع ض ، كم ا ص رح ب ه الق رآن :)انظ ر كي ق نص ر ا ي ات لعله م يفقه ون( وكم ا فع ل إب راهيم

دليل األول ، ح ني مل يفهم ه اذص م ، وعم د عليه السالم مع الذي حاجه يف ربه ، فنيب اإلص رار عل ى ال إىل دليل آخر أقرب إىل فهمه :) فبهه الذي كفر(.

فهذه لة اجلواب . مث يف أسلوب القسم معان مفيدة لالستدالل مما يفتح علي ه م ن البالغ ة أبواب ا البالغة. ، ويلقي عليه من احملاسن جلبابا. ونذكر هنا بعض تلي املعاو ، وندلي على ما فيه من

ه و إظه ار التأكي د واجل د يف الق ول ، كم ا ت را يف ق ول املرس لني م ن النص ارا حي ث ج اء األول:

يف القرآن :)قالوا ربنا يعلم إنا إليكم ملرس لون * وم ا علين ا إال ال بالغ املب ني( أو كم ا ت را يف قول ه تع اىل :) ا هو باهلزل(.)والسماء ذات الرجع * واألرض ذات الصد * إنه لقول فصل * وم

وق د علم وا أن اف ر امله ذب إذا أقس م عل ى أم ر فق د ب الا يف إظه ار اجل د من ه ، ونف ى ع ن نفس ه اهل زل. ول ذلي كث ر القس م يف أوائ ل النب وة ح ت تب ني هل م ج ده. وق د ص رح يف املث الني امل ذكورين. وذل ي

ات واإلنك ار بأس لوب ذصوص ية يف أس لوب القس م ، ال ألن في ه تعظيم ا ، كم ا ت را تأكي د اإلثب االستفهام أو التعجل يف أكثر األسئلة ، أو تأكيد التعجل بالنداء كقولي : ياللماء ، و:

يالقومي للشباب املسبكرك ون القس م إنش اء . وذل ي ي بهم طري ق اإلنك ار عل ى اذص م. فلن ه إن ش اء أنك ر ج واب والثقا :

س القس م ، لكون ه إنش اء. كم ا أن ه ال يتوج ه إىل القس م ، لكون ه خ ربا ، ولك ن ال يس نح ل ه أن ينك ر نف إنكار الصفة مع أحلما يف افقيقة من األخبار.


(42 )


ورمب ا جيم ع أقس ام الق رآن ه ذين اذ ربين ، كالقس م ب القرآن اجملي د ، وب اليوم املوع ود ، وباملقس مات أمرا ، وبالفارقات فرقا ، وبالصافات صفا.

. مثال إن املالئكة ص افون كالعبي د ، وإن الري اح تف رق وهمي ز فلن شرحتها رأيه فيها لتني خربيتنيحسل أمر هللا ، وإن هلم يوما موعودا ، وإن هذا القرآن جمي د. فه ذه أخب ار أدجم ه يف الص فات ، مث زي د

عليها ما أدرج من القسم. وهي أن هذه األشياء شواهد ودالئل.يص ر اذط اب إىل النه ي كقول ه تع اىل :)ي س * ف لن ك ان ذل ي مم ا ينتب ه اذص م إلنك اره ، فت ارة

والقرآن افكيم * إني ملن املرسلني(.وتارة يذ جواب القسم الذي يكون لة خربية. فحينئذ يكتفي باملقس م ب ه ، ويب ادرهم بك الم آخر مؤيد ملا حذ ، لكيال جيد اذصم فرصة لتحويل اإلنش اء إىل اذ رب فين از في ه ، ولك ي جي د الك الم فرصة فيه ، فيستمع بع د القس م مل ا ينتظ ر جواب ه ، ف يهجم علي ه م ا يؤي د االس تدالل املقص ود م ن الك الم

السابق ، كقوله تعاىل :) والقرآن ذي الذكر * بل الذين كفروا يف عزة وشقاق(.ف اكتفى باجلمل ة اإلنش ائية ، واجتن ل اذربي ة. وق د ف رغ عنه ا مب ا ذك ر يف القس م م ن ص فة الق رآن. كأنه قيل :)قد شهد القرآن أنه لذكر ونصح هلم(. مث ذكر من خصائلهم م ا ال ينكروحل ا ب ل يب اهون ا ،

وأشار إىل أن إنكارهم ليس إال فميتهم اجلاهلية ، وجداهلم بالباطل.ومثل ذلي قوله تعاىل :)ق والقرآن اجمليد * ب ل عجب وا أن ج اءهم من ذر م نهم فق ال الك افرون ه ذا

أي قد شهد القرآن أنه لنذير مبني من هللا تعاىل بالبعث ، ولكنهم ينكرونه مل ا يعجب ون أن شيء عجيل( يأيت به منذر منهم.

فأم ا إذا ك ان القس م مم ا ال ينكرون ه مل ي ذ اجل واب ، كقول ه تع اىل:)حم * والكت اب املب ني* إن ا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون(.

بين ا ، ويف اجل واب كون ه قرآن ا عربي ا ، وال ينك رون ش يئا منهم ا. وأم ا ف ذكر يف القس م ككون ه كتاب ا مكون ه من زال م ن هللا تع اىل فل م خي رب ب ه ك دعوا عل ى ح دة ، ب ل جعل ه أص ل الك الم مب ا خ اطبهم بنفس ه ،

فال يتجه اإلنكار إليه.ائ ده. وذك ره هذا ، ولوال كراهية اذروج ع ن موض وعنا لبس طنا الك الم يف ح ذ ج واب القس م وفو

حته آيات القسم أوىل.

إجياز هذا األسلوب لالس تدالل. ف لن اللف ق إذا ق ل ي نياءا املع ىن متج ردا ع ن حجب ه ، والثال :فيزيده تنويرا وت أثريا ، كأن ه أره ق ح ده ، وق رب بع ده. وه ذا مم ا جيع ل االس تعارة أحيان ا أبل ا م ن التش بيه.

لنه مبسوح يف كتل البالغة.وال حاجة إىل توضيح حسن اإلجياز ف


(43 )


وقد ب الا يف استحس انه بع ض كت اب زمانن ا ، فق ال: إن اإلجي از هل و البالغ ة ، وتكل ق يف رد ي ع احملاسن إليه. وإبا جعله أصل البالغة لتشعل أفنانه ، وتقلل ألوانه. فلم يدخل باب ا م ن أب واب البالغ ة ،

عليه.إال ورأا اإلجياز هناب موجودا ، فقصر النظر وم ن فوائ د اإلجي از أن ه ميكن ي أن جتم ع دالئ ل عدي دة يف ق رب بعض ها م ن بع ض. ف لذا دلل ن عل ى أمر واحد من جهات خمتلفة ك ن أش د أث را ، وأحك م أم را ، كم ا ت را يف أقس ام س ور الط ور والبل د والت ني.

م س ور الفج ر فل و فص ل فيه ا الك الم وش رح األدل ة لتش ته النظ ام ووهن ه قوت ه. ويق رب منه ا أقس ا والشمس والليل.

هذا والعرب لذكا هم وكربهم كانوا حيبون اإلجياز أكثر من أقوام أخر.. ولقذلك ال تقرك شقيئا من القرآن منآل ومعناه أوفر من اللفق فقإن أطنقب ققوال مقن وجقه أوجقزه مقن وجقوه أخقر. ولقذلك ال

تنق ي عما به.، وذل ي مم ا يكس ر س ورة خص امه. فلن ه إذا عل م ش يئا إشراب السامع يف اس تنباح ال دليل والرابع :

بعد التأم ل ف رح ب ه واهت ز ل ه. ف لن امل تكلم إذا جع ل الس امع م نفعال حمض ا أتعب ه وص ار كالم ه علي ه ثق ال. وهذا إذا مل خيالق رأيه. فأما إذا خالفه أمشأز منه وسد منه أذنه. أال ترا ذلي؟ وهل مسعه هذا ؟ولذلي رمبا يستعمل االستفهام بدل اإلخبار كقولي :

أو كما استفهم الن عليه السالم يف خطب ة ال ودا حي ث س أهلم : أي بل د ه ذا ؟ وأي ش هر ه ذا ؟ وأي يوم هذا ؟ فلذلي جيلل االلتفات ، وينش للسمع.

وق د ع الق رآن ه ذين األم رين يف أول س ورة الفج ر ، فأش هد ب أمور ت دعو الفك ر إىل اس تنباح لى تدبري هللا تعاىل وتق ديره وعدل ه. مث أتب ع ذل ي بقول ه :)ه ل يف ذل ي قس م ل ذي حج ر( ومث ل الدالئل ع

ذلي قوله تعاىل :)والسماء والطارق * وما أدراب ما الطارق* النجم الثاقل(.ورب مستدل حاذق يسوق املخاطل إىل الدعوا بسهولة من غري تسفيه رأيه ، حت يظن أن ه ه و

بل نفسه. وهذا مما يصري الكناية أحيانا أبلا من التصريح.الذي اهتدا إليها من قوت را ذل ي بين ا يف أقس ام الق رآن فلحل ا تع رض عل ى الس امع أم را ي دعوه إىل اس تعمال عقل ه. ورمب ا تس وقه إىل مس ه ال دعوا بلطاف ة وت دريح. كالقس م بال ذاريات ح ت انته ى إىل قول ه :)فاملقس مات أم را(.

الت عرفا حت انتهى إىل قوله:)فالفارقات فرقا * فامللقي ات ذك ر* ع ذرا أو ن ذرا(. ومثل ذلي قسمه باملرس فلو ألقي عليه أوال أن الرياح تفرق بني قوم وقوم أنكر ذلي.


(44 )


وض ع ال دليل يف غ ري ص ورته ، لك يال يب ادر املنك ر إىل املخاص مة. وذل ي غ ري مع ىن واخلقققامس : و ، فلنه يسد باب اإلنكار. وهذا إبا ي ذهل ع ن اذص ام. لكون ه غ ري اإلنشاء الذي مر آنفا يف الوجه الثا

اإلنشاء جتده باقيا يف صورة اذرب أيضا.م ثال إن حول ه قول ه تع اىل :)والعص ر * إن اإلنس ان لف ي خس ر( وج دت بع د ه ذا التحوي ل م ن

ول: إن اإلنس ان لف ي خس ر إ اإلنشاء إىل اذرب أيضا فرقا واضحا بينه وبني صريح االستدالل. وهو أن تق ألن م ر الزم ان ي نق العم ر ، ف لن ه ذا االس تدالل م ع ص حته وظه وره ي دعو اذص م فب ه اجل دل إىل اإلنك ار ب ه. أو بال ذي ين تح من ه : وه و االعتم اد عل ى اإلمي ان والعم ل الص ان. فلن ه س يقول : ك ال ، إن

ىن ، ذا العم ر ال ذي ال ب د أن يف ىن. أو س يقول اإلنسان لفي ربح عظيم ، فلنه يش نيي اللذائ ذ ويقت ين امل : كال ، فلنه إذ ال بد من البلى ، فالتمتع بالشهوات أوىل ، كما قال امللي الضليل بن حجر القتيل:

همتع من الدنيا فلني فان من النشوات والنساء افسانال. وكلم ا زدت وال ش ي أن تل ي حج ة داحض ة. ولك ن إذا ف تح ب اب اجل دال ، كث ر القي ل والق

إيض احا ، ازداد اذص م اح ا. فيحس ن أحيان ا أن تذهل ه ع ن وج ه الن زا ، ف لن ل نس ان ب ه ض راوة كضراوة السبا .

وكانه العرب أشد األمم جدال ، وأح دهم مق وال ، كم ا ق ال تع اىل :)م ا ض ربوه ل ي إال ج دال ب ل هم قوم خصمون(. وكذلي مساهم :)قوما لدا(.

ه ذا الوج ه وال ذي قبل ه ، مبني ان عل ى لطاف ة األدل ة يف األقس ام ، فلن ه كم ا تص رفهم ع ن واعل م أن اإلنكار والنزا ، فكذلي تنشطهم للفكر واالستنباح.

م ا يعط ي أوائ ل الس ور م ن نض رة جته ا ، ورون ق ديباجته ا. فتلم ع األقس ام يف والسققققاأس :

ذي ج اء يف أثن اء الس ورة فلب ا ه و قلي ل. ومثال ه قس مات الس ور عل ى األكث ر ك الغرة البارق ة ، وأم ا ال كمجيء املطلع يف أثناء القصيدة.

ول يس يف ك ل قس م ت زيني. ولكن ه مل ا ك ان مم ا يس تفتح ب ه الك الم ، جعل ه س ببا لت زيني الف واتح ب أن اص طفى ل ه كلم ا إن ص ور عل ى عن وان الكت اب ، أو همث ل للعق ل يف مطل ع اذط اب ، م الع ني والف ؤاد

سنه وجاللته. بل جيل أكثرها عن التصوير لكمال عظمتها وضيق نطاق اذيال عن سعتها.حبوال شيء من أساليل الكالم أصلح للتصوير من القسم. ف لن ال ذي أقس مه ب ه دعوت ه كالش اهد

، فأوقفته بني يدي املخاطل متمثال.اص ة: ف نيا أحيان ا ص ورة أم ر فلم ا أراد هللا أن يوش ي عن وان الس ور ب ألوان الص ور ب دأها بأقس ام خ

واحد كالقلم الكاتل والنجم الثاقل واذيل العاديات والرياح الذاريات واملالئكة الصافات.


(45 )


وتنظر أخرا إىل صور عديدة يضمها أمر جامع بينها كالتني والزيتون وطور سينني والبل د األم ني ، والبح ر املس جور ، أو كالش مس والقم ر أو ك الطور والكت اب املس طور والبي ه املعم ور والس قق املرف و

واللي ل والنه ار واألرض والس ماء وال نفس وغ ري ذل ي ، مم ا ي دل عل ى أح وال أو أح داث يس تدل ا عل ى مسألة مهمة.

وال منزل ة عن د العق ل هل ذه التص اوير ل وال أن فيه ا دالئ ل عل ى أم ور عظيم ة. وه ذا لرعاي ة جان ل ومن كمال التبليا وإهم ام افج ة تلي ني الق ول وت أليق القل ل. وق د أم ر املستمع لكيال يتنفر ، فيسد أذنيه.

هللا األنبياء ذا ، كما ق ال تع اىل ملوس ى وه ارون ح ني أرس لهما إىل فرعون:)فق وال ل ه ق وال لين ا لعل ه يت ذكر أو خيشى(.

ال ب د أن تقد الدليل على ذكر الدعوا. فيلقي أوال على اذصم أم را يوجه ه إىل مس ه والسابع:جيلبه إىل الدعوا. ولك ن املنك ر إذا عل م م ن قب ل م ا تري د االس تدالل علي ه أخ ذ مست ا آخ ر ، وتنك ل ع ن الوجه الصحيح. فلذا مل تذكر الدعوا يوشي أن يتوجه إىل صراح مستقيم. ف لذا س ار عل ى قص د الس بيل

امس.قدته إىل آخر النتيجة. ومثال ذلي كل ما ذكرنا يف الوجه الرابع واذ

كون القسم من جوام ع الكل م. ف لن املقس م ب ه ال ي ذكر مع ه جه ة االس تدالل. فل و ض م والثامن :به جهة خاصة كان دليال واحدا ، ولكن الشيء الواحد جيمع مع او كث رية ووجوه ا خمتلف ة. وللمتوس م في ه

دالئل شت.، فجع ل ش يئا واح دا موض عا ال وهذا األمر مشنيب يف ما ذكر من األمور الدالة على أسلوب ا ية

س تنباح دالئ ل كث رية. كم ا ق ال تع اىل :)أمل ت ر أن الفل ي جت ري يف البح ر بنعم ه هللا ل رييكم م ن آيات ه إن يف ذل ي ي ات لك ل ص بار ش كور( وكم ا ق ال تع اىل :)ويف األرض آي ات للم وقنني* ويف أنفس كم أف ال

ي ات الدال ة عل ى الق درة والعظم ة والرهم ة وافكم ة مث تبصرون(. فم ن يص ي م ا يف األرض وال نفس م ن ا على التوحيد والرسالة واملعاد ، كما فصلناه يف كتاب )حجح القرآن(.

ف لذا أش هد هللا تع اىل بع ض خلق ه ، مث ذك ر مع ه م ن املطال ل الديني ة ال يت يس تدل عليه ا ، ت رب املتأمل أن يستنب الدالئل من وجوه كثرية.

املس تدل علي ه وبع د رعاي ة نظ ام الك الم ، ال ب أس ب اختال ال دالئل وطرقه ا ، وبع د االتف اق يف فلحل ا تتن و وتتكث ر حس ل م دارج األفه ام والعق ول. وجع ل هللا الق رآن ج م الفوائ د ال تنقض ي عجائب ه ، كم ا ال تنقض ي عجائ ل خلق ه وحكم ة ص نعه. ق ال ع ز م ن قائ ل: )ول و أب ا يف األرض م ن ش جرة أق الم


(46 )


ده م ن بع ده س بعة أحب ر م ا نف دت كلم ات هللا إن هللا عزي ز حك يم(. ولنكت ق ذا الق در م ن والبح ر مي أبواب البالغة اليت جتد يف أقسام القرآن ، وما أردت االستقصاء ، ومن يطيقه؟

وق د تب ني مم ا م ر معن ا مع ىن القس م ، ووجوه ه ، وب ذلي احنس مه الش بهتان األخريت ان املهمت ان. فاض محله أيض ا مل ا ذكرن ا م ن حاج ة الن اس إىل القس م وض رورته يف ع زائم األم ور وأم ا الش بهة األوىل

وموقعه يف التعايع والتعاشر بني األمم وامللوب والرعايا ، كما مر يف الفصل السادس والعاشر. وقد تبني ورد القسم كثريا يف الكتل املقدسة وك الم الرؤس اء والبلغ اء ، فل م يب ق ا ن إال تبي ني عل ة

النهي عنه.


(47 )


(18)

الفرو بني ما حيسن وما ال حيسن من القسممل ا ك ان يف القس م إم ا إش هاد ب نفس امل تكلم ، أو إش هاد ب ا تع اىل ، ويف ذل ي خم اطرة امل رء بع زه

وبدينه ، مل يسن التالعل به. فيتجه النهي إليه من ثالث جهات. إما من جهة املقسم عليه. -1 أو من جهة املقسم به. -2

و من كليهما.أ -3

فأم ا م ن جه ة املقس م علي ه ، فم ن حل ق عل ى أم ور س خيفة أظه ر ع دم مباالت ه بش ر نفس ه. ول ذلي ج اء يف الق رآن ص يغة املبالغ ة يف ش ناعة افل ق حي ث ق ال تع اىل :)وال تط ع ك ل ح ال مهني(. فدل عل ى أن م ن حل ق عل ى ك ل أم ر ج ل أو دق ، فق د أه ان نفس ه ، س واء حل ق ب ا

ه. كال ذي يغض ل م ن غ ري س بل ، أو يض حي م ن غ ري عج ل. فه ذا م ن جه ة املقس م أو بغ ري عليه.

وأما من جهة املقسم به ، فلذا أقسم عبد قسما دينيا بغري هللا تعاىل ، فكأنه اخت ذه إهل ا. ف املنع ع ن نع القس م بغ ريه تع اىل عل ى العم وم س د ألب واب الش رب ، ك املنع ع ن الس جدة لغ ريه تع اىل ، أو ك امل

13ع دد 6عن حنه األصنام ، كما جاء يف األحك ام العش رة ، ول ذلي ج اء يف س فر التثني ة عن القسم بغري هللا تعاىل. :)الرب إهلي تتقي ، وإياه تعبد ، وبامسه حتلق(. وهكذا حلى الن

ة وأم ا م ن جه ة كليهم ا مع ا ، ف ذلي أن يقس م ب ا تع اىل عل ى أم ور س خيفة. وه ذا ع ب ني قل املروءة ، وقلة التقوا معا. وإىل هذا يشري قوله تعاىل:)وال جتلعوا هللا عرضة ألميانكم(.

فه ذه ه ي الوج وه احملظ ورة يف اليم ني ، فأم ا دون ذل ي ف ال ينه ى عن ه ، الس يما إذا دع ه إلي ه دواعي املعاشرة ، كما ذكرنا يف الفصل السادس عشر.

حاج ات التم دن ، وهمي ز ب ني دق ائق األحك ام ، وتنظ ر إىل وش ريعتنا ق د أنزل ه للن اس كاف ة فنياع ي ض عق فط رة اإلنس ان. كم ا ق ال تع اىل :)يري د هللا أن خيف ق ع نكم وخل ق اإلنس ان ض عيفا( ف ال ينبغي فيها النهي املطلق ع ن أم ر ه و املف ز عن د ج د األم ر وع زائم األم ور التمدني ة والديني ة ، كم ا

مل يتعلق ا نية املتكلم ، بل نطق ا على ما ج رت ب ه الع ادة يف ال ينبغي فيها املؤاخذة على ميني التحاور. فقال تعاىل :)ال يؤاخذكم هللا باللغو يف إمي انكم ولك ن يؤاخ ذكم مب ا كس به قل وبكم وهللا

غفور حليم(.


(48 )


وذل ي ب أن األعم ال بالني ات. فيم ني اللغ و وإن كان ه خ ال امل روءة ، ال يؤاخ ذ عليه ا ، ألن ر لعباده ، يرهمهم لضعفهم ، فال يؤاخذ عامتهم على كل صغرية.الرب غفو

وه ذا ال ذي ذكرن ا يتعل ق باألمي ان العام ة ، فأم ا أقس ام الق رآن ، فلك ون جله ا اس تدالال ال خم اطرة فيها لشر وال دين ، فال همسها معرة.

ا يقس م علي ه. ه ل مث إحل ا عل ى التوحي د واملع اد والرس الة. وذل ي أعظ م األم ور جالل ة فه و أج در م نفس أحد أشر من أن خياطر ا هلذه الشهادة؟ أم خيا أحد على دينه ذ و الك ذب فيه ا .

إذا ال دين له. أم هو يستحي من إشهاد هللا تعاىل على هذه األمور ؟ مث قد شهد به هللا واملالئكة والعاملون.

نبي اء ص راحة. ف لن الن يف عم وم فالقس م علي ه حمم ول عل ى حقيق ة مع ىن الش هادة ال يت تبلغه ا األتبليغ ه يق ول إن هللا تع اىل أرس له بعلم ه ، ويش هد عل ى ص دقه ، وه و يل وذ ب ه ، ويعتم د علي ه ، ويتخ ذه وك يال عل ى م ا يق ول. وه ذه املع او ه ي ال يت تفه م م ن القس م ب ا كم ا م ر يف الفص ل

العاشر. فأي حرج إن ذكرها بأسلوب القسم؟م منذا كققان مققن هللا لقققه وكلماتققه فققال مظنققة فيققه للشققرك وال معققىن لققه منال وال نفققى أن القسقق

الشهاأة اخلالية عن معىن التعظيم.و ل ة الك الم أن االع نياض عل ى أقس ام الق رآن أو عل ى أقس ام األنبي اء والص لحاء ال ذين أظه روا

طل ق ع ن اليم ني مل ينش أ بأقسامهم توكلهم على هللا وفرارهم إليه واستعانتهم ب ه ، وك ذلي النه ي امل إال من قلة التدبر والتمييز بني األمور.

هذا ، وأما ما روي عن املسيح من حليه عن افلق مطلقا ، فلعلة خاصة. ونبينها فيما يتلو.


(49 )


(13) مني اح ما جتد يف اإلجنيل

من النهي املطلق عن احللف

مفق ود ، وإب ا يف أي دينا ت راجم اخ تل قد علمنا ، وقد اعني علماء املسيحيني ب أن أص ل اإلني ل فيه ا أق وال املس يح وأق وال ال رواة ، والرواي ات خمتلف ة رمب ا يض اد بعض ها بعض ا م ع اض طراب املت ون وع دم الس ند فض ال ع ن االتص ال والص حة. فااللتف ات إليه ا والتع رض هل ا ل يس إال عل ى تق دير

التسليم وعلى سبيل التنزل.ق ج اء يف اذطب ة املعروف ة باذطب ة اجلبلي ة امل ذكورة يف االني ل املنس وب ف اعلم أن النه ي ع ن افل

( ب بعض البس . وال توج د يف )م رقس( وال يف )يوحن ا( م ا خ ال بع ض الفق رات منه ا. إىل )م ت وجاءت يف )لوقا( خمتصرة ، والختصاره اخنيته مأخذا ال قتباسي.

قعه ا تب ني ل ي أن ه علي ه الس الم مل خياط ل ا ف لن نظ رت يف ه ذه اذطب ة وتأمل ه آياهت ا وموااجلمه ور ، ومل جيعله ا ش ريعة ع وض الت وراة ، ب ل خ ا تالمي ذه وأتباع ه ملص لحة عظيم ة كم ا

ستعلمها. أما الدليل على التخصي فمن وجوه :

( مس بوقة متص لة بقول ه :)فلم ا جل س األول: تصريه عليه السالم بذلي. فلن هذه اذطبة يف )مت تقدم إليه تالميذه ففتح فاه وعلمهم قائال(.

وكذلي رواية لوقا تذكر أنه أح اللي ل بالص الة . مث إن ه دع ا تالمي ذه ، واخت ار م نهم اث ين عش ر ، وبعد ذلي تقول : ورفع عينيه إىل تالميذه وقال ، مث بدأ اذطبة بقوله :

م أيه ا اجلي ا ا ن ألنك م تش بعون... )طوىب لكم أيها املساكني ألن لك م ملك وت هللا ، ط وىب لك ط وىب لك م إذا أبغض كم الن اس وإذا أف رزوكم وع ريوكم وأخرج وا امسك م كش رير... ولك ن وي ل لك م أيه ا األغني اء إ ألنك م ق د نل تم ع زاءكم ، وي ل لك م أيه ا الش باعى ألنك م س تجوعون ، وي ل لك م

أيها الضاحكون ا ن ألنكم ستحزنون وتبكون(.ن يف ه ذه اذطب ة أحكام ا ال تلي ق إال باملس اكني والفق راء. فلن ه علي ه الس الم كم ا حل ى أ والثاو :

فيها عن افلق ، حل ى ع ن الكث ري واالهتم ام للغ د وهماي ة ال نفس ع ن الظل م ، وب الا يف ذل ي ح ت قال:)من ضربي على خدب فاعرض له ا خر أيضا. ومن أخذ رداءب فال همنعه ثوب ي أيض ا. وك ل

ي فأعطه ومن أخذ الذي لي فال تطالبه(.من سأل


(51 )


والثال ث: أن يف ه ذه الوص ايا حس ل ظاهره ا نس خا للت وراة . واملس يح يتحاش ى عن ه. فق ال عل ى سبيل دفع دخ ل مق در قب ل ذك ر الوص ايا:)ال تظن وا أو جئ ه ألنق ض الن اموس)التوراة( أو األنبي اء

، ما جئه ألنقض بل ألكمل(. مت . را آخ ر ، وه و أن ه ال كم ال يف ت رب ال دنيا بأس رها ، فب ني هل م أن ه ذا كم ال مث دف ع دخ ال مق د

إضايف : وهو التطهر عن الذنوب بالفرار عن االمتحان. وكان ذلي سنته تعليما للذين عج زوا ع ن كمال أكمل ، فق ال )ل يس التلمي ذ أفض ل م ن معلم ه ب ل ك ل م ن ص ار ك امال يك ون مث ل معلم ه(

لوقا.يرضوا بأن تكون سنته كماال إض افيا. ف زادوا يف رواي ة م ت :)فكون وا أن تم ك املني كم ا واملبتدعون مل

أن أب اكم ال ذي يف الس موات كام ل(. ويف رواي ة لوق ا ع وض ه ذه اجلمل ة:)فكونوا رهم اء كم ا أن أباكم أيضا رحيم(.

ه ، هيه ات هيه ات ه ل يس اوي العب د رب ه ؟ ولك ن اف ق غال ل ، ويبق ى عل ى رغ م معاندي ويطم س عل ى عي وحلم ، ف انظر إىل تص ريه مب ا ينف ي ش ائبة الش رب ، ويب ني أن كمال ه كم ال إض ايف

)وإذا واح د تق دم وق ال ل ه : مل اذا 16ع دد 19مم ا خي ت ب الفقراء ، كم ا ج اء يف م ت : ت دعوو ص افا ؟ ل يس أح د ص افا إال واح د وه و هللا. ولك ن إن أردت أن ت دخل افي اة ف احفق

فق ال ل ه : أي ة الوص ايا ؟ فق ال يس و : ال تقت ل. ال ت زن. التس رق. ال تش هد ب الزور. 18لوصايا اق ال ل ه الش اب : ه ذه كله ا حفظته ا من ذ 21أك رم أب اب وأم ي ، وأح ل قريب ي كنفس ي 19

ق ال ل ه يس و : إن أردت أن تك ون ك امال فاذه ل وب ع أمالك ي 21ح داثيت فم اذا يع وزو بع د؟ فلم ا مس ع الش اب الكلم ة مض ى حزين ا 22فيكون لي كنز يف الس ماء وتع ال اتبع ين وأع الفقراء

فقال يسو لتالمي ذه : اف ق أق ول لك م إن ه يعس ر أن ي دخل غ ين إىل 23ألنه كان ذا أموال كثرية وأق ول لك م أيض ا إن م رور ل م ن ثق ل إب رة أيس ر م ن أن ي دخل غ ين 24ملك وت الس ماوات إىل ملكوت هللا(.

ب ني للس ائل أن كمال ه يف اتباع ه والتج رد ع ن أس باب التم دن ، والظ اهر أن ه ذا ل يس بكم ال فالكاملني . أال ت را أن إب راهيم وداود وس ليمان ويوس ق عل يهم الس الم ك انوا ذوي الث روة والكم ال ف ع يف الدين معا؟ هل يقال إحلم مل يدخلوا ملكوت هللا؟ فبما قلنا تزول شبهة نق ض الن اموس ، وتر

املخالفة بني التوراة واإلنيل.والراب ع: أن ه ذه الوص ايا إن أري د ا العم وم واإلط الق تك ون خمالف ة لس نة أئم ة اهل دا ك لبراهيم وداود وغريم ا. ف لحلم ق اتلوا ، وانتص روا ، و ع وا ال وفر، وأنفق وه يف املواق ع احملم ودة ، ومل يكون وا

عياال على الناس.


(51 )


زادوا يف رواي ة م ت م ا ي ر الك الم ع ن معن اه . فق ال :)ط وىب للمس اكني ول دفع ه ذا االع نياض بالروح( ، وكذلي طوىب للجيا وللعطاش إىل الرب ألحلم يشبعون(.

وه ذا ال يب دل ب اقي الك الم ال ذي في ه اذط اب إىل الفق راء واملس اكني م ن جه ة ال روح. وإب ا حرف وه ألحلم مل يفهموا تأويله. وسيأتيي عن قريل.

فتب ني م ن غ ري ش ي أن ه ذه األحك ام خمتص ة بأم ة ق د خل ه ، وقض ه وطره ا ، وليس ه بش ريعة كامل ة ينيق ى ا اإلنس ان إىل ذروة الكم ال يف التم دن وهت ذيل ال نفس ، وه ي ش ريعة اإلس الم مل ا ن في ه م ن إس الم ال نفس وامل ال تع اىل أوال ، مث القي ام م ا يف طاع ة ال رب ، كم ا ق ال تع اىل :) إ

هللا اشنيا من املؤمنني أنفسهم وأمواهلم( ا ية ، وذلي مبسوح يف موضعه.فبع د ه ذا التخص ي ال دلي ل عل ى حلي ه ع ن اليم ني مطلق ا ، وق د علمن ا عق ال ونق ال جوازه ا وافاجة إليها. وحنن معشر املسلمني نوقر األنبياء أ عني ، فال نؤول كالمهم إىل م ا خي الق العق ل

خالق.أو ي األوهذا يتبني كل التب ني مم ا س نذكر يف الفص ل ا يت م ن املص لحة العظيم ة ال يت ألجله ا خص هم ذه الوصايا. وإبا نذكرها بغاية اإلجي از ، ألحل ا م ن مس ائل بس طها خيرجن ا ع ن موض و ه ذا الكت اب ،

وهي مبسوطة يف موضعها.


(52 )


(22) احل مة يف ختصيص هذه الوصايا بأتباعه

حاجة هلم إىل تطبيق النقل بالعق ل ، ف لحلم زعم وا أن ال دين وراء العق ل. ولك ن ف يهم املسيحيون الرج اال متفلس فني س عوا يف هماي ة ال دين ع ن ش ني ك ل م ا يش مئز عن ه العق ل. وه م م ع ذل ي ، ب ل

لذلي عند أئمتهم وعامتهم من املالحدة. ومنهم اسبنوزا املتفلسق املاهر بالعربانية.م ا ه و التأوي ل عن دي ، ن ورد رأي ه ذا املتفلس ق يف أم ر ه ذه الوص ايا ، ل تعلم فقب ل أن نب ني ل ي

أنه يوافقنا يف جعلها خمصوصة ألمة وحال ة ، ول تعلم الف رق ب ني أه ل العق ول م ن ط ائفيت املس يحيني واملسلمني ، وتعلم أن تأويلنا مع ظهور حجته أكرب تعظيما للشريعة وصاحبها.

ه السالم إبا أمر أتباع ه بأحك ام فيه ا الت ذلل واذض و للظ املني ، ألحل م زعم اسبنوزا أن املسيح عليكانوا حينئذ مقهورين حته سلطة اجلبارين. فأمرهم ب أن ال تق اوموا الش ر ، وتعرض وا اذ دود للطم ة

، وأمثاهلا ، ال لشرافة أو حسن أو تدين فيها ، بل لكوحلا أصلح حباهلم.أق ر بك ون ه ذه الوص ايا خمصوص ة ، –ت ل األنبي اء وأح واهلم فه ذا الرج ل م ع علم ه وخوض ه يف ك

ولكن ه مل يهت د إىل عل ة ه ذا التخص ي ، فل ئن راع ى جان ل العق ل ، فق د أض ا جان ل الش ريعة اإلهلية واملسيح وحوارييه.

وأم ا حن ن فنق ول: إن م ن ق رأ نس ا اإلني ل ه ذه بالتأم ل ال خيف ى علي ه أن املس يح علي ه الس الم إب ا ش را بق رب ملك وت هللا الظ اهر ال ذي ك ان عب ارة ع ن س لطة ديني ة. وق د ك ان أعط اه هللا ج اء مب

اليه ود ، وض يعوه ، مث دارت عل يهم ال دوائر. وك انوا ينتظرون ه م رة أخ را لوع د هللا هل م ، فبش رهم املسيح بقربه ، وعرفه هلم بأمثال كثرية تطابق مطابقة واضحة نبوة خا النبيني.

ه هور قوم ه ، وآيس ه علم اؤهم لقس اوة قل و م وتعب دهم لزخ ار ال دنيا ، اص طفى وملا مل يؤمن بم ن ع امتهم البس طاء ش رذمة قليل ة مل يغل بهم ال ني واف ر ، لك يال يعس ر عل يهم ال دخول يف ملك وت هللا إذا ظه ر ، وحينئ ذ يكمل ون بالش ريعة الكامل ة. ف أمرهم بوص ايا تبق يهم عل ى حال ة

ليبق وا عل ى طه ارة القل ل والتق وا والص رب ، ليت وب هللا عل يهم حس ل س نته الفق ر واملس كنة ، ووعده ، كما هو مبسوح يف موضعه.

ومل يكن ذنبهم إال أحلم أعطوا أمواهلم يف سبيل هللا ، وألزموا عل ى أنفس هم الفق ر ، ومل ينيك وا الت وراة ، ومل يقبل وا إال اإلني ل الع رباو ال ذي ، وحرموا اذنزير ، وأوجبوا اذتان ، ومل يقولوا بألوهي ة املس يح

ضيعه ا خرون ، وشنعوا على بولوس الذي بدل النصرانية ، وخالق افواريني ، وادعى بأن ه تعل م من املسيح يف الرؤيا. فال حاجة له إىل اتبا تالميذه.


(53 )


خالف ه األغني اء فلما جاء امللكوت املبشر على ي د خ ا النبي ني دخل ه كث ريون م ن ه ؤالء الفق راء ، و املتكربون. وعلى ما قلنا شهادات يف التوراة واإلنيل والقرآن وتاريا املسيحيني. ولكن بس ذل ي يف كتابن ا )ملك وت هللا( وغ ريه. فلب ا الك الم ه ا هن ا ج ر بن ا اض طرارا ، فل م ميكن ا الص فح عن ه

.بالكلية ، وال البس له بالتمام ، فلنه موكول إىل موضعه اجلدير بهومجلققة القققول أن هنققي املسققيح عققن اليمققني مطلقققا كققان خمصوصققا بالققذين كققانوا علققى سققنته. وال نن ققر ذلققك فققإن امققرأ تسققلل عققن التمققدن بال ليققة ومجققع جراميققزه ملل ققوت عظققيم ينتظققره يشققتم ويلطققم ويظلققم فققال ينققتقم. فهققو ال يعامققل وال جيققاأل فققال يقققاول فققأي أمققر يققدعوه منىل

ا ي ون قوله ال ال ونعم ونعم.احللف؟ منامث نق ول : إن حلي ه ع ن القس م ك ان أيض ا خمصوص ا م ن جه ة املقس م علي ه ، كم ا يظه ر م ن موق ع كالم ه. ف لو ال أرا أن ه علي ه الس الم حل ى ع ن القس م عل ى افق ائق الديني ة ، ألن ه علي ه الس الم

القسم إال اإلشهاد؟نفسه حسل رواية يوحنا أشهد هللا تعاىل على صدق رسالته. وهل وك ذلي ت را يف الق رآن أقس ام ص افي النص ارا املرس لني لتبيل ا اف ق حي ث ج اء يف س ورة ي س

:)قالوا ربنا يعلم إنا إليكم ملرسلون * وما علينا إال البالغ املبني(. فقوهلم :)ربنا يعلم( قسم كما مر ، وهو ظاهر.

تع اىل مل ن أراد ج واب الش بهات. ف لن فيم ا هذا ويف ما م ر م ن الفص ول الس ابقة كفاي ة إن ش اء هللا ذكرنا توفيقا بني النقل والعقل تصديقا بالتوراة واإلنيل والقرآن.

ومهم ا ك ان م ن اخ تال ، فلب ا ه و م ن جه ة اإلهم ام والتفص يل ، وإقام ة الوس ب ني اإلف راح والتفري ، ورعاية التمييز بني دقائق األحكام عند تشابي النفع والضر.

وق د رأي ه كي ق راع ى الق رآن ه ذا التميي ز يف حك م القس م ، ول يس ه ذا موض ع تفص يله يف س ائر أحك ام ه ذه الش ريعة الكامل ة ، ولك ن ن ذكر ا ن م ا يس ن وم ا ال يس ن من ه إهمام ا مل ا ذكرن ا م ن ة معاو القسم ، وتنبيه ا عل ى ط ر آخ ر م ن بالغ ة الق رآن ، وحث ا عل ى ب ذل اجله د يف معرف ة اللغ

العربية فلن بعض اجلهل ا يضر بدين املرء.


(54 )


(21) الفرو يف كلمات القسم

حسب مواقعها با حيسن وبا ال حيسنق د تب ني عن د علم اء اللس ان أن يف األلف ا املنيادف ة فروق ا ولك ل منه ا مع ىن خاص ا وح دا حم دودا ،

ل ه إال الناق د املتتب ع ، كاس تعماله وق د وج د علم اء العربي ة يف الق رآن م ن ه ذه الف روق م ا ال ينتب ه الرياح يف موضع النفع وال ريح يف موق ع الض رر ، وكاس تعماله اإلمط ار يف موق ع الع ذاب ، فم ن ه ذا

الباب مراعاة الفرق بني كلمات القسم حبيث يشري بذلي إىل بعض خصائصها.رفه. ف انظر كي ق ينب ه وقد ذكرنا يف الفصل الثامن عشر أن القس م رمب ا يه ني ق در امل رء وي ذهل بش

الق رآن عل ى ه ذا األم ر باس تعماله كلم ة افل ق ف يمن يص غر نفس ه بيمين ه ، ويل ح حي ث ال يل ح شريق. فنيا يف سورة ال رباءة ذك ر القس م م ن املن افقني يف س بعة مواض ع ، فل م ي أت ب ه إال بكلم ة

افلق لدناءهتم وكذ م يف اعتذارهم.آن إال حي ث يش نع مل ا فيه ا م ن قل ة املب االة بش ر ال نفس وم ا ج اءت ه ذه الكلم ة يف س ائر الق ر

والنزو إىل ما يلقيها يف الكذب واإلفاح. ولذلي ملا أراد النابغة الغلو يف تضرعه عند النعمان بن املنذر قال:

حلفه فلم أترب لنفسي ريبة وليس وراء هللا للمرء مذهلظه ار اذش ية والت ذلل ، وه و أبل ا الش عراء عن د فأفص ح ع ن غاي ة االس تكانة ، وه ذا أبل ا بين ة يف إ

الرهب ة. ول ذلي قي ل :)أش عرهم ام رؤ الق يس إذا رك ل ، واألعش ى إذا ط رب ، وعن نية إذا غض ل ، والنابغة إذا رهل(.

ف لن ص حه ه ذه اذصوص ية عن دب عرف ه ق درها يف ال دين ، فلن ي إذا تتجن ل اس تعمال كلم ة منا واملني ني للتوراة ال يبالون بقوهلم )حلق هللا بكذا(.افلق تعاىل. كما ترا املفسرين

وذصائ ب اقي كلم ات القس م حنول ي إىل الفص ل الس ابع لك ي تس تنبطها مم ا ذكرن ا م ن معانيه ا. ف لن موض و الك الم هاهن ا أن القس م مل ا ك ان أحيان ا م ذموما ، ذم ه الق رآن حس ل موض عه ، ودل

التش ريع وكم ال التبي ني كم ا ق ال تع اىل :)ونزلن ا علي ي الكت اب عليه بكلمة خاصة ، وهذا م ن هم ام تبيانا لكل شيء وهدا ورهمة وبشرا للمسلمني(.


(55 )


(22) خامتة ال تاب

ك ل م ا ذك رت يف الفص ول الس ابقة ل يس إال م ا يتعل ق مبس ألة القس م م ن جه ة كلي ة ، وأم ا تأوي ل غ ري أو يف ط ي الفص ول وغض ون آي ات القس م عل ى تفاص يلها فم ذكور يف مواض عها م ن التفس ري

األمثلة دلله على مالب أمرها ومسه حلجها.مث مل يهم ين يف ه ذا الكت اب إال ط ر خ ا م ن حب ث القس م. وه و ال ذي اش تبه عل ى املع نيض. وم ع ذل ي رمب ا ق ادتين عالئ ق الك الم إىل أم ور تقتض ي بس طا وتفص يال ، فجل ه جول ة إىل فس حة

ف ق ، واناب ه الش بهة ، أقص رت ع ن استقص اء البح ث لك يال أخ رج من القول ، حت إذا س طع اع ن املوض و . فص ار الكت اب جامع ا ب ني خطت ني : اإلجي از واإلطن اب ، وواقع ا ب ني نقطت ني :

اإل ال والتفصيل.ويوش ي الن اظر املس تعجل يتهم ين م رة بافص ر ، وأخ را باهل ذر ، فل يعلم أن ه ق د اض طرو إىل ه ذا

سألة وصورهتا اذاصة. ومع ذلي ما أب رئ نفس ي ع ن الزل ة والعث رة ، ويف ذل ي هم ام الوضع شكل امل املعذرة. وأسأل هللا العفو واملغفرة ، فلنه أرحم الراهمني.

وآخر دعوانا أن افمد رب العاملني. ***

ىل وإب ا الطباع ة مل ن مل * انتهى الكتاب حبمد هللا ، وعذرا عل ى الس هو واذط أ. والرج و إىل الكت اب املطب و أو ملتقى أهل التفسري –يتيسر له افصول عليه للمشاركة. عبدالرهمن الشهري

إمعان في أقسام القرآن (Aqsam al quran arabic) || Australian Islamic Library ||

Education

Transcript of إمعان في أقسام القرآن (Aqsam al quran arabic) || Australian Islamic Library ||