النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

31
: ة ي ل الدو عات ا ز لن ل زة س ف م ل ا ات ري ظ ن ل ا ة لاحظ م( ات( ب س+ لا زة س ف م ل ا ات ري ظ ن ل ا ي ق ا( ي رض ع م ت ي س، زة ض حا م ل ا ي ق ة م ي د ق ت م ت ا م للا ما ك ب س : ا: ي ل ا ب ل كا ة ي ل الدو عات ا ز لن ا:) ي طن و ل و ا+ ا ي ل خ وى الدا ت س م ل وى ا ت س م ي مع ت( ج م ل ا( ي ن اX ب ل ل ا ب ل ح[ ت ل وى ا ت س م] ن م ض- ة ي ف را مغ ي الد ة ري ظ ن ل ا: دات ا ي ز ل و ا ة ي ع يi ب لط ا ات ب ن مكاp لا ا] نq ي( ب ق س ا ب[ ليدم ا ول ع ح، وس ت لا م مة ل س م] ن م ا لاق ط ن ا" " اع. ز ن اورة( ح م رى خ+ و دول ا ر لغدول ال( ع ي ف د ما ي ا ، هد لة+ هاي ل ا ة ي ن سكا ل ا ة افX ب ك ل ا ات رى د خ+ دول ا رف ط] ن م دة د ه م] ون ك ي خ ي ار ب ل ز ا( ن ع] كان س ل ا ة ل ب ل ق دول ال. زة نi ب ك ل ا ة ي ن سكا ل ا اع ز ن ل ا ة خال لX ب م، ة ي ب ع م ة دول] ن م+ د ا هدي ت و+ ار ار ق ي سدر ا ص م ي ق را مغ يد الل م عا ل ل ا كX س يا م ك. ي نرا ماp لا ا ي نزا نp لا ا ال] رن لق لاد عد ي سلا ا( ة( اي ب ك ي ق دى ب ي ب ك ول( ب وس ت ل ما زة ك ق رح ط عاد+ ا" " 20 رة( ج ه ل ا] ن+ ا( ال ي ق) اع. ز لن ا خالة ق ل خ ي لp ا لك د دى+ و ت ف دمة ق ي م لدول ا ي ال لp ا ة ف ل ح ت م لدول ا ال] ن م] ون ك ي( ة ري ظ ن ل ة ا د ه ي ق] ن يX ث ح ا( ب ل م ا ه+ ا] ن م: ة ي نا س يp لا ا ات( اخ ب ب خلا ا ة ري ظ نJohn Burton و) ( Johan Galtung .)

description

gbadtih

Transcript of النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

Page 1: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

النظريات المفسرة للنزاعات الدولية: : اس��تكماال لم��ا تم تقديم��ه في المحاض��رة، س��يتم ع��رض ب��اقيمالحظة

النظريات المفسرة ألسباب النزاعات الدولية كالتالي: ض��من مس��توى التحلي��ل الث��اني ) المجتمعي – مس��توى المس��توى

الداخلي أو الوطني(:: النظرية الديمغرافية-

انطالق��ا من مس��لمة "م��التوس"، ح��ول ع��دم التناس��ق بين اإلمكاني��ات الطبيعية و الزيادات السكانية الهائلة، هذا ما يدفع بالدول لغ��زو دول أخ��رى

مجاورة نزاع. الدول قليلة السكان عبر الت��اريخ تك��ون مه��ددة من ط��رف دول أخ��رى

ذات الكثافة السكانية الكبيرة. كم��ا يش��كل العام��ل ال��ديمغرافي مص��در اس��تقرار أو تهدي��د أمن دول��ة

معينة، مثل حالة النزاع اإليراني اإلماراتي.أعاد طرح فكرة مالتوس "بول كينيدي" في كتابه ) االستعداد للقرن ال�

( قال بأن الهجرة تكون من الدول المتخلفة إلى الدول المتقدمة فيؤدي20ذلك إلى خلق حالة النزاع.

Johnنظرية االحتياجات اإلنسانية: من أهم الباحثين في ه��ذه النظري��ة )Burton( و )Johan Galtung.)

هذه النظرية تقوم على إفتراض أن جميع البشر لديهم إحتياج��ات أساس��ية يسعون إلش��باعها وأن النزاع��ات تح��دث وتتف��اقم عن��دما يج��د اإلنس��ان أناحتياجاته األساسية ال يمكن إشباعها أو أن هناك آخرين يعوقون إشباعها.

ويفرق مؤيدو هذه النظرية بين االحتياجات والمتطلبات ويورون أن عدم إشباع األولى هو مصدر النزاع��ات وليس الثانية. على سبيل المثال، إن الحاج��ة للطع��ام هي احتي��اج أساس��ي ولكن تفضيل نوع معين من الطعام هو متطلب وليس احتياج��اً. فالحاج��ات

األساسية ال بديل لها بينما المتطلبات يمكن أن نجد لها بديالً. و تشمل االحتياجات األساسية ما هو مادي وم��ا ه��و معن��وي، فالحاج��ة الى الطعام والمسكن والصحة كلها حاجات مادية باإلضافة إلى ذلك فإن هن��اك حاجات غير مادية مثل الحاجة للحري��ة والحاج��ة لالنتم��اء والهوي��ة والحاج��ة

للعدالة. وفقاً لهذه النظرية فإن النزاعات تحدث عندما يشعر الفرد أو الجماعة بأن أحد هذه االحتياجات غير مشبعة، وعليه ف��إن ح��ل المنازع��ات ه��و أس��لوب يسعى إلى إيجاد ُمشبعات لهذه االحتياجات وطبعاً فد تك��ون ه��ذه المس�ألة في غاي��ة الص��عوبة عن��دما يتن��ازع األف��راد على نفس المص��در إلش��باع

احتياجاتهم.

Page 2: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

التفس��ير ال��واقعي للنزاع��ات الدولي��ة )مس��توى-الدولة كوحدة تحليل النزاع(:

إن الحديث عن الدولة كوحدة تحليل لظواهر العالقات الدولية، يدفع بالكثيرين إلى التوجه نحو طروحات المدرسة الواقعية باعتبارها أهم اتج��اه نظري أسس طروحاته على الدولة كوح��دة تحلي��ل أساس��ية لفهم مختل��ف

الظواهر الدولية. الكالسيكية الواقعية

رغم ثراء ميدان العالقات الدولية بالعديد من النظريات والمقاربات، إال أن الواقعية حازت على النصيب األوفر من اهتمام الب��احثين والدارس��ين في حقل العالقات الدولية، وهو ما جعله��ا تهيمن على الدراس��ات النظري��ة لهذا الحقل لف�ترات طويل�ة، كونه�ا ق�دمت المس�تويات التفس�يرية األمث�ل لمسائل الصراعات والحروب. و ربما كان التعاطي ال��دائم للواقع��يين م��ع حالة الحرب، هو المسلمة المركزية التي تأسس عليها البن��اء ال��واقعي من

جهة، وعنصر إضفاء الموضوعية والعقالنية عليها، من جهة أخرى. ويستوحي الواقعيون تحليالتهم من فلسفة مكيافيللي، وخصوصاً من

(- الدول��ة ذات النظ��ام ال��دكتاتوري-Leviathan( في كتاب��ه )Hobbesه��وبز ) (- حيث وصف الع�الم في الوض�ع الط�بيعي،1651الصادر باالنكليزية عام )

أنه خلعة للغرائز النرجسية- المغرورة- لإلنسان، وهن��ا "حيث ال توج��د ق��وة مش��تركة، فال وج��ود لق��انون، وحيث ال وج��ود لق��انون، فليس هنال��ك من ظلم". وبالنس��بة للواقع��يين، ف��إن المجتم��ع ال��دولي مش��كّل من دول دون"ق��وة مش��تركة"، فه��و فوض��وي من الطبيع��ة. ولق��د وص��ف توس��يد ي��د )

Thucidydeمن قب��ل، عملي��ة التط��ور في الع��الم اليون��اني: تب��دأ المدين��ة ،) بتسليح نفسها من أجل أن ال تقع تحت طغيان مدينة أخرى. وم��ا أن تص��بح مجهزة بمعدات عسكرية قوية، فإنها تص��ل إلى االس��تدالل ب��أن اله��دف أن تكون محمية أكثر، وما أن تقوم بذلك، حتى تنتقل لوض��ع ال��دول المج��اورة لها تحت وصايتها، وتص��بح بالت�الي امبريالي�ة، ألنه�ا لم تبحث إال عن ال�دفاع عن مصالحها. وإن الموازن��ة الوحي��دة لوق��ف هيمن��ة ق��وة ك��برى تكمن في

نتيجة تحالف اآلخرين، ومن هنا البحث الدائم عن توازن القوى. وتتح��دد االفتراض��ات األساس��ية للمدرس��ة الواقعي��ة في

:العالقات الدولية فيما يليالدول هي الفاعل األساسي أو األهم في العالقات الدولية؛-1الدولة كفاعل دولي وحدة واحدة ال تتجزأ؛-2الدولة فاعل عقالني باألساس؛-3األمن القومي يحتل قمة أولويات القضايا الدولية.-4

Page 3: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

وينظر أنصار الواقعية عادة إلى القضايا العسكرية واألمني��ة واإلس��تراتيجية، باعتبارها قضايا السياسة العليا، بينما يرون القضايا االقتصادية واالجتماعي��ة

باعتبارها قضايا السياسة الدنيا الروتينية واألقل أهمية . وتعتمد الواقعية في تحليلها للعالق��ات الدولي��ة على مقول��ة أساس��ية، وهي ''أن هذا العالم هو عالم الصراع والحرب، والصراع و الح��رب هم��ا أس��اس العالقات الدولية'' وأن لك��ل دول��ة من دول الع��الم مجموع��ة من المص��الح

القومية، يمكن إجمالها في ثالث مصالح رئيسية: - مصلحة البقاء: وهي المصلحة األساسية الدولية، وتعني أن تظل موجودة

ماديا وال يتم إلغاؤها - مص���لحة تعظيم الق���وة العس���كرية: حيث أن األداة العس���كرية هي أداة

الدولة األساسية للدفاع عن نفسها ضد الطامعين. - مصلحة تعظيم القوة السياسية: يتم االهتمام بالبعد االقتصادي و التجاري في العالقات الدولية، ألن ذلك هو األساس المادي الذي تقوم عليه مصلحة

تعظيم القوة العسكرية. وتعت��بر ه��ذه المدرس��ة ب��أن توزي��ع الق��وة من أهم عوام��ل الص��راع الدولي، والق��وة عن��دها موزع��ة بين ثالث أش��كال هي: الق��وة العس��كرية و القوة االقتصادية و الق��وة التجاري��ة و الق��وة السياس��ية ال��تي تع��د محص��لة القوتين االقتصادية والعسكرية. و تجد هذه األفكار دعامتها ل��دى أب��رز رواد

إن المرج��ع بقول��ه :'' H.Morgenthauالواقعي��ة وه��و ه��انس مورغ��انثو الرئيسي للواقعية في السياسة الدولية هو المص��لحة المح��ددة

. بناءا على القوة'' كما يرى الواقعيون بأن الدول في الغالب تتضارب في مصالحها إلى درج�ة يقود بعضها للحرب، كما تلعب اإلمكانيات المتوفرة للدول��ة، دورا هام��ا في تحديد نتيجة الصراع الدولي وقدرة الدولة على التأثير في سلوك اآلخ��رين، ش��ريطة إدراك أن ق��درات الدول��ة ال تقتص��ر على اإلطالق على الج��انب العس��كري إذ أن الق��وة هي م��ركب من أج��زاء عس��كرية وغ��ير عس��كرية ك��التطور التق��ني أو الس��كان أو المص��ادر الطبيعي��ة والعوام��ل الجغرافي��ة

وشكل الحكومة والقيادة السياسية و اإليديولوجية. وتسعى الدول من خالل سلوكها الخارجي إلى تحقيق عدة أهداف، قسمها

مورغانثو إلى ثالثة أهداف أساسية:- زيادة القوة: بإتباع سياسة توسعية.

- الحفاظ على القوة: من خالل انتهاج سياسة الحفاظ على الوضع الراهن.- إظهار القوة: بإتباع سياسة عرض القوة.

ونظرا لتركيزها األساسي على قضايا الحرب واألمن الوطني اعتبر مفه��وم بمثابة أداة تحليل أساسية في الواقعية الكالسيكية لبن��اءInterestالمصلحة

تفسير أو تنبؤ في السياسة الدولية. إلى جانب مفهوم توازن القوى ال��ذيBalanceيعت���بر أح���د أهم إس���هامات ه���انس مورغ���انثو في نظري���ة of

Page 4: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

powerحيث يعتبره على أنه الوسيلة الناجعة لض��مان الس�الم. كم�ا ينص��ح، الدول المتنافسة أن تلزم نفسها بقبول نظام توازن القوى كإطار مش��ترك لمساعيها، ألن ه��ذا االتف��اق يض��بط الرغب��ة غ��ير المح��دودة للحص��ول على

القوة ويحول دون تحقيق رغبة السيطرة. كما يرى الواقعيون أن التس��ليم بمفه��وم''المص��لحة هي الق��وة'' يمكن من تقييم أعمال القادة السياس��يين في مراح��ل مختلف��ة من الت��اريخ. ويض��يف أيضا بأن السياسات الدولية هي عملية يتم فيه��ا تس��وية المص��الح القومي��ة المختلفة، ويوضح فكرته بالقول ''إن مفهوم المص��لحة القومي��ة ال يف��ترض التناسق الطبيعي أو السالم العالمي وال حتمية الحرب كنتيج��ة لس��عي ك��ل الدول لتحقيق مصالحها، بل العكس إنها تف��ترض ص��راعا وتهدي��دا مس��تمرا بالحرب يساهم العمل الدبلوماسي في تقليل احتماالت��ه من خالل التس��وية

المستمرة للمصالح المتعارضة.'' وتعتبر هذه المدرسة إلى جانب ذلك، أن الفوضى والص��راع ش��ئ ض��روري أي أنه دائما سوف يكون هناك ص�راع وال يك�ون هن��اك تع�اون وأن مس�ائل الحرب والص��راع ت��أتي في المرتب��ة األولى في العالق��ات الدولي��ة، فعن��دما يكسب طرف شيئا فان ذلك دائم��ا م��ا يمث��ل خس��ارة الط��رف األخ��ر له��ذا

Nicholasالش��ئ. وه��ذا م��ا أك��ده نيك��والس س��بيكمان Spykmanب��دوره Charlesباس��تناده إلى عب��ارة ش��ارلزتيلي Tillyالش��هيرة ''الح��رب ص��نعت

الدولة والدولة صنعت الحرب'' ليؤكد أن ميزة العالقات الدولية ه��و ال��نزاع وليس التع��اون، ويض��يف بأن��ه كم��ا ه��و الح��ال في العالق��ات القائم��ة بين الجماعات في دولة معينة خالل األزمات، أو عند انهي��ار الس��لطة المركزي��ة فإنها تمثل حالة طبيعية للعالقات بين الدول في النظام الدولي، وأن الدول

في ظل هذا النظام تبقى إما ألنها قوية، أو ألن دوال أخرى تتولى حمايتها. فالص�راع إذا حس��ب الواقع�يين يعت��بر حال�ة طبيعي��ة ناتج��ة عن

، ويجس��د مفه��وم الق��وة المتغ��يرالتضارب في المص��الح بين ال��دول األساس��ي في تفس��ير س��لوكيات ال��دول، وأن المص��طلحات و التع��ابير القانونية ليست سوى ستارا يختفي وراءه محرك العالقات الدولية أال وه��و القوة. أما في تحليلهم لمصادر الصراعات الدولية ف��ان الواقع��يين يهمل��ون المصادر االقتصادية واالجتماعية والنفسية للنزاعات ،فالنزاع حس��ب رأيهم ظاهرة طبيعية تنتج عن تنافس الدول في سعيها الكتساب الق��وة وتحقي��ق مصالحها الوطنية التي تكون عادة متناقضة مع األط��راف األخ��رى، ويعتق��د

Raymondريمون أرون Aronأن السياسة الدولي��ة تتض��من ص��داما ثابت��ا '' إلرادات الدول، بما أن النظام الدولي يتك��ون من دول ذات س��يادة وغي��اب قوانين تنظم العالقة بينها، فهذه ال��دول تتن��افس فيم��ا بينه��ا ألن ك��ل دول��ة تتأثر بأفعال دول أخرى وتشك في نواياه�ا، وه�ذا م�ا يجع�ل ال�دول تس�عى

للحصول على أكبر قدر من القوة.''

Page 5: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

كما يرتكز مفكرو الواقعي��ة السياس��ية في تفس��ير الس��لوكيات النزاعية على مفاهيم استراتيجيه كاالختالل في ميزان الق��وى

وال��ذي يح��دث نتيج��ة انس��حاب ق��وة ك��برى منأو وجود ''فراغ ق��وة'' القيام بدور أساسي سياسي وأمني ك��انت تق��وم ب��ه في منطق��ة معين��ة أو دولة معينة، أو وجود موقع جيوستراتيجي هام )دولة، مضيق، بح��ر( يش��كل نقط��ة ج��ذب وتن��افس عن��د الق��وى الدولي��ة واإلقليمي��ة مثال. ورغم ترك��يز الواقعيين الكالسيكيين على تفسير الحروب والنزاعات إال أنهم اهتموا أيضا بش��روط تحقي��ق الس��الم، حيث اعتق��د مورغنث��و أن هن��اك ثالث��ة أش��كال لتحقيق الس��الم على الص��عيد الع��المي: أوال إذا تم فرض��ه من قب��ل ال��رأي الع��ام ال��دولي أو ن��وع من األخالق، ثاني��ا يمكن تحقي��ق الس��الم من خالل القانون الدولي، ثالثا هذا السالم يمكن أن يك��ون حقيق��ة إذا أقمن��ا حكوم��ة عالمية، أي قوة مهيمن��ة ش��به مطلق��ة يمكنه��ا ف��رض آرائه��ا على الجمي��ع، أخيرا يمكن تحقيق السالم أو تحديد الحرب من خالل توازن القوة وحس��ب مورغنثو الحل األخير هو الممكن، ألن الحلول األخ��رى تب��دو ل��ه غ��ير قابل��ة

للتحقيق من الناحية العملية، عكس مفهوم توازن القوة. إال أن طروحات الواقعية التقليدية، انتقدت بش��كل الذع بس��بب منهجيته��ا الس��لوكية، ال��تي تمح��ورت ح��ول س��لوك الدول��ة –العنص��ر األساس��ي في تق��ديرها- في السياس��ة الدولي��ة، و أخفقت في اس��تيعاب الواق��ع الحقيقي على أنه "نظام" له بنيته أو كيانه المميز، و بالغت في تفسيرها للمص��لحة، و مف���هوم القوة، و أغفلت س��لوك المؤسس��ات الدولي��ة، و أط��ر عالقاته��ا

االعتمادية في جوانبها االقتصادية.

التفسير الجيوبولتيكي:- ع��رفت الدراس��ات الجيوبوليتكي��ة تط��ورا كب��يرا في ف��ترة م��ا بين الح��ربين الع��الميتين وبش��كل أخص في ألماني��ا على ي��د فري��دريك رات��زل

Friedrich Ratzelوك����ارل هوش����هوفر Karl Haushoferوفي ال����دول ، .Hاالنجلوساكسونية )هالفورد ماكين��در Mackinder وألفري��د ماه��ان ،Alfred

T.Mahan ونيكوالس سبيكمان Nicolas Spykmanوانصبت تحليالتهم على .) عالقة قوة الدولة بالجغرافيا، أي حدود الدولة بوضعها أو م��ا س��تكون علي��ه

الدولة من خالل تفاعلها في إطار الجغرافيا مع الدول األخرى. كما يعتبر هذا االتجاه أن الح��دود من�اطق مائع�ة ال ثب��ات فيه�ا، وأنه�ا قابلة للزحزحة في صالح الدول األكثر قوة، وأن الحدود كثيرا ما ت�ؤدي إلى قيام الحروب الدولية، ألن المساحة البرية لدول��ة معين��ة تح��دد قوته��ا ول��ذا تسعى الدول وبشكل دائم لتوسيع حدود إقليمه��ا، وأن الرغب��ة في التوس��ع تبدو بشكل أوضح لدى ال��دول القومي��ة أين تخض��ع الح��دود للتغي��ير بش��كل دائم حيث تصبح بذلك مناطق للصراع بين ال��دول. ويعت��بر رات��زل، وك��ذلك هوشوفر أن الدول كمنظمات أو هيئات جغرافية، حيث الحدود م��دعوة ألن

Page 6: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

تتغير، ويجردانها من مفهوم "المجال الحيوي" . حيث شبه راتزل في ه��ذا اإلطار الدول بالكائنات الحية التي ترتهن مقدرتها على النم��و بم��دى الح��يز المكاني ال��ذي تتح��رك وتتفاع��ل في��ه، ل��ذلك اس��تندت نظريت��ه على فك��رة الحدود المائعة التي ال ثبات فيها وأنها قابلة للزحزح��ة في مص��لحة الدول��ة

األكثر قوة . إن المصدر الجغرافي للصراعات الدولي��ة وإن ك��ان ت��دهور من حيث أهميت��ه النس��بية نتيج��ة ت��دهور المتغ��ير الجغ��رافي في السياس��ة الدولي��ة واستقرار الحدود السياسية الدولية لحد كب��ير، إال أن��ه ال ي��زال يتس��بب في العديد من الصراعات المعاص��رة س��واء كمص��در للص��راع أو كحج��ة تس��اق لتبرير السلوك الصراعي. حيث يمكن للجغرافيا أن تعم��ل كوس��يط لل��نزاع بين دولتين متالص��قتين جغرافي��ا، كم��ا يمكن أن يرتب��ط المتغ��ير الجغ��رافي بعامل السكان في تفسير مصادر بعض الصراعات. فض��غط الس��كان على مساحة الدولة وامتدادات األمة التي توجد خارج الحدود السياس��ية للدول��ة المعبرة عن هذه األزم��ة، وال�تي تعيش تحت س�يطرة دول�ة أخ�رى أو على ج��زء من إقليمه��ا مت��اخم إلقليم الدول��ة األم، يمكن أن تك��ون نقط��ة بداي��ة لمواقف تعارض بين دولتين تسعى فيه األولى لضم إقليم الدولة المالص��قة له��ا، أو ج��زء من��ه أو لض��م اإلقليم ال��ذي تعيش علي��ه االمت��دادات القومي��ة

لشعبها. كم��ا ي��رى البعض أن أهمي��ة بعض المن��اطق الجغرافي��ة تزي��د من احتماالت دخول الدول في نزاعات من أجل السيطرة عليها وذلك لألسباب

التالية: - أن أهمية هذه األقاليم قد تكون ذات أهمية إس��تراتيجية لط��رف واح��د أو أكثر، حيث أن الذي يسيطر على المنطقة موضوع ال��نزاع تك��ون ل��ه مزي��ة

عسكرية واضحة على الدولة غير المسيطرة. - قد تكون األراض��ي ذات قيم��ة اقتص��ادية لوح��دات أو أك��ثر من األط��راف

الحتوائها على ثروات طبيعية ومعدنية. - تكون ذات أهمية لدولة معينة أو مجموعة من الدول ألس��باب عقائدي��ة أو

دينية.- قد تدخل الدول في نزاعات إقليمية ألسباب قانونية أو تاريخية.

كم��ا توص��لت ع��دة دراس��ات تطبيقي��ة إلى وج��ود عالق��ة قوي��ة بين الصراعات الدولية وعوامل الجغرافي��ا. خاص��ة التج��اور والتق��ارب والتن��ازع على أق��اليم أرض��ية ومائي��ة، وبالمقارن��ة بين ه��ذه العوام��ل، ي��رى فاس��كيز

J.Vasquesأن عامل التن��ازع على األق��اليم أق��در على تفس��ير الص��راعات'' الدولي��ة من التق��ارب الجغ��رافي )وك��ذلك مس��توى التفاع��ل بين ال��دول المتص��ارعة(، وبمقارن��ة عام��ل التن��ازع على األق��اليم م��ع عام��ل اختالف الدولتين في شكل ن����ظام الحكم أو سياسته وجد أن عام��ل التن��ازع على

األقاليم يزيد احتمال وقوع حرب بين الدولتين بشكل وبدرجة أكبر.''

Page 7: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

إن أهمي��ة ه��ذا الم��دخل في دراس��ة ال��نزاع ال��دولي تكمن في إب��راز دور العام��ل الجغ��رافي وت��أثيره على س��لوكات ال��دول وب��األخص في إث��ارة الصراعات الدولية، خاصة إذا ارتبط األمر بأهمية منطقة جغرافية لط��رفين أو أكثر، أو إذا كانت هذه المنطقة تحظى بأهمية اقتص��ادية أو إس��تراتيجية. باإلضافة إلى دور العامل االثني الذي ي��برز كذريع��ة لت��دخل الق��وى الدولي��ة في المناطق ال��تي تراه��ا ذات أهمي��ة جيوس��تراتيجية. وله��ذا ف��إن المص��در الجغرافي يبرز كعامل مساعد في زي��ادة احتم��االت ال��دخول في ص��راعات بين دول تنطوي على مصادر صراعية أخرى مث��ل االختالف��ات اإليديولوجي��ة

واختالف طبيعة األنظمة.

التفسير البنائي للنزاعات الدولية: ساهمت النهاية السلمية للحرب الباردة في إضفاء الشرعية على النظري��ة البنائية ألن الواقعية والليبرالية أخفقتا في اس��تباق ه��ذا الح��دث كم��ا أنهم��ا وجدتا ص��عوبة كب��يرة في تفس��يره، بينم��ا اس��تطاعت البنائي��ة تفس��يره من خالل اعتمادها على متغيري الهوية والمصلحة، خصوصا م��ا يتعل��ق ب��الثورة ال��تي أح��دثها ميخائي��ل غورباتش��يف في السياس��ة الخارجي��ة الس��وفيتية باعتناقه أفكارا جديدة "كاألمن المشترك". زي��ادة على ذل��ك، وب��النظر إلى التحدي الذي تتعرض له الض��وابط التقليدي�ة بمج�رد تحل��ل الح��دود، وب��روز القضايا المرتبط��ة بالهوي��ة، فإن��ه ليس من المف��اجئ أن نج��د الب��احثين ق��د التجئوا إلى مقاربات ت��دفع بمث��ل ه��ذه القض��ايا إلى الواجه��ة وتجع��ل منه��ا

محور االهتمام. ومن وجهة نظ��ر بنائي��ة، ف��إن القض��ية المحوري��ة في ع���الم م��ا بع��د

كيفية إدراك المجموعات المختلفة لهوياته��االحرب الب��اردة هي'' .'' ورغم أن التحلي��ل البن��ائي ال يس��تبعد متغ��ير الق��وة، إال أنومص��الحها

البنائية ترتكز باألساس على كيفية نشوء األفكار والهوي�ات، والكيفي��ة ال�تي تتفاع��ل به��ا م��ع بعض��ها البعض، لتش��كل الطريق��ة ال��تي تنظ��ر به��ا ال��دول

لمختلف المواقف، وتستجيب لها تبعا لذلك. وتنطلق البنائية من تصورات تنتقد االتجاهات النظرية العقالنية ال��تي ثبت فشلها قي أعقاب نهاي��ة الح��رب الب��اردة من خالل ع��دم ق��درتها على

تفسير نهاية هذه الحرب وبشكل سلمي ويتضح ذلك في العناصر التالية: تستند االتجاهات النظرية العقالني��ة الواقي��ة و الليبرالي��ة في تحدي��دها-

للواقع حسب توزيع القوى المادية، وعلى خالف ذلك تنطل��ق البنائي��ة ال��تيIdentityعنص��ر الهويةمن عناصر غير مادية وبالتحديد على

تعتبرها مسألة جوهرية في عالم ما بعد الحرب الب��اردة، وتؤك��د على كيفية تعامل الهويات مع الطريقة التي تستوعبها الوحدات السياس��ية )الدول( وتستجيب لمتطلباتها ومؤسساتها، ومع ذلك فالبنائية ال تنفي

Page 8: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

دور العوامل المادي��ة، ب��ل هي تح��اول أن ترب��ط بين األبع��اد المادي��ة، الذاتي��ة والتذاتاني��ة في العالق��ات الدولي��ة. وق��د أوض��ح ون��دت ''أن المصادر المادية تكتسب فقط معنى بالنسبة ألفعال البش��ر من خالل

بنية المعرفة المشتركة المرسخة في أذهانهم.'' أن االتجاه��ات العقالني��ة تعت��بر أن الواق��ع االجتم��اعي ش��ئ معطى-

وبالتالي فان مصالح الدول شئ معطى ك��ذلك، في حين أن البن��ائيين يعتبرون أن النظام الدولي هو من اختراع اإلنسان، فه��و نت��اج للفك��ر اإلنس��اني الص��رف، مجموع��ة من األفك��ار، بن��اء فك��ري، نظ��ام للقيم والمعايير التي نظمت من طرف بني البشر في سياق زماني متص��ل وإذا تغيرت األفكار التي تسود العالقات الدولية القائمة، فان النظ��ام

نفسه سيتغير معها كذلك ألن النظام يتضمن تلك األفكار. تركز البنائية كإطار مفهوماتي على مف��اهيم البني��ة، الفاع��ل، الهوي��ة،-

المصالح والمعايير، وهو إطار مفهوماتي اجتماعي قائم على األفك��ار. وفي رأي ون��دت أن المفه��وم ال��واقعي للفوض��ى ال يفس��ر لن��ا كي��ف تحدث الصراعات بين الدول تفسيرا كافيا، وفي اعتقاده أن المس��ألة الحقيقي��ة تكمن في كيفي��ة اس��تيعاب الفوض��ى وفهمه��ا. وهي ب��ذلك تتخلى عن المفردات والتعابير مثل: الدولة، ت��وازن الق��وى، الفوض��ى وغيره��ا. كم��ا تت��ولى تحلي��ل ت��أثير تل��ك الكلم��ات، وتحلي��ل المب��ادئ والقواع��د، والتطبيق��ات العملي��ة له��ا، وال��دور اإلنس��اني في ص��نع

التركيبات االجتماعية. يرى البنائيون أن فشل النظري��ات التقليدي��ة يرج��ع في ج��زءه الكب��ير-

وت��رى أن ه��ذا اإلهم��ال انعكسIdentityإلى إهمالها لمتغير الهوية على عدم قدرة الواقعيين في فهم األشكال الجدي��دة من النزاع��ات، خاصة الداخلية منها باعتبار أن أغلبها نزاعات يضبطها ويغذيها عنص��ر الهوي��ة، وه��ذا األخ��ير إلى ج��انب األفك��ار واإلدراك والمع��ايير يح��دد طريقة تشكل مصالح الفواعل من جهة، واالتجاه الذي يتخذون ضمنه سلوكياتهم الدولية إما تنافسا أو تعاونا من جهة أخرى، ويقول ون��دت

بهذا الخصوص: ''إن الهوي��ات والمص��الح ال��تي يعتبره��ا العقالني��ون من المعطي��ات القائمة ال��تي ي��رون أنه��ا تنتج في السياس��ة الدولي��ة ال��تي نش��اهدها، ليست من المعطي�ات في الواق��ع، لكنه�ا أش��ياء قمن��ا نحن بإيجاده��ا، وبعد أن نكون قد أوجدناها فإن باستطاعتنا إيجاده��ا بش��كل مختل��ف، وسيكون ذلك من الصعب ألننا عملنا جميع�ا على إض�فاء ص�فة ذاتي�ة على الطريق��ة ال��تي يوج��د به��ا الع��الم، ولكن يمكنن��ا أن نجعل��ه غ��ير

ذلك.'' ويركز وندت على عملية التفاعل التي تشكل بني��ة النظ��ام، فه��و يقول:''إننا نبالغ في االفتراض إذا كنا نفكر ب��أن ال��دول ل��ديها هوي��ات

Page 9: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

ومص��الح قائم��ة قب��ل التفاع��ل، فال يوج��د م��ا يس��مى بمعض��لة أمني��ة تلقائية للدول، إن مثل ه��ذا اإلدع��اء أو ذل��ك ال��ذي يق��ول ''إن ال��دول مثل األفراد في وضع يف��ترض مس��بقا أنه��ا ق��د حص��لت على مص��الح أنانية وهويات قبل عملي��ة تفاعله��ا...وب��دال من ذل��ك ف��إن المس��اعدة

الذاتية ال تظهر إال من جراء التفاعل بين الدول.''

- دور متغ���ير الهوي���ة في تفس���ير الس���لوكيات النزاعي���ةللفواعل:

رغم أن البنائية تتقاسم بعض االفتراضات مع الواقعية الس��يما فيم��ا يتعل��ق بفوض��وية النظ��ام ال��دولي واإلق��رار باإلمكاني��ات والق��درات اإلس��تراتيجية العس��كرية لل��دول وانع��دام الثق��ة في نواي��ا الوح��دات السياس��ية األخ��رى وعقالنية الفاعلين، إال أنها ترفض ما يسميه الواقعيون بتصور كرة البيلي��ارد

Billiard Ball imageكون هذا التص��ور فش��ل في إب��راز أفك��ار ومعتق��دات ، الفاعلين الذين أقحموا أنفس��هم في النزاع��ات والص��راعات الدولي��ة. وفي المقابل يرغب البنائيون في اختبار ما يوجد بداخل كريات البيليارد للوصول

إلى إدراك تصور معمق بشأن تلك الصراعات. وألن��ه من المهم فهم التف��اعالت االجتماعي��ة الداخلي��ة لل��دول الس��تيعاب المخرج��ات السياس��ية له��ا، وح��تى ال يتم حص��رها في مخرج��ات البني��ة الفوضوية للنظام الدولي. وبالتالي بدل االعتماد على حتمية البني��ة المادي��ة الجام��دة وم��دى تأثيره��ا على الس��لوك ال��نزاعي للفواع��ل، نج��د البن��ائيين يدخلون متغيرات البنية القيمية ودورها في تشكيل هوية الفواع��ل. وتعتق��د البنائي��ة في ه��ذا اإلط��ار أن الهوي��ات والمص��الح والس��لوك ألي دول��ة تب��نى اجتماعيا وذلك من خالل الت��أويالت واإلدراك��ات المش��تركة للع��الم. وذل��ك نتيجة االتصال االجتم��اعي ال��ذي يمس��ح بتقاس��م بعض المعتق��دات والقيم، والذي يبلوره الواقع ذو الطبيع��ة التذاتاني��ة، حيث ال وج��ود لش��ئ معطى أو حتمي، بل اإلدراك أو الفهم الجماعي والمعايير تمنح األشياء المادية مع��نى

مث��اال ح��ولWendtيساعد على تكوين الواقع. وفي هذا اإلطار يس��وق لن��ا المس��دس ق��ائال: ''المس��دس بين أي��دي ص��ديق ليس ل��ه نفس الم��دلول مقارن���ة بتواج���ده بين أي���دي ع���دو، ألن الع���داء عالق���ة اجتماعي���ة وليس

مادية.''ونفس الشئ بالنسبة لألسلحة النووية. يغذيها ال البنائيين- الدولية-حسب الصراعات أن بدوره يؤكد وهذا

السعي الكتساب القوة من أجل المصلحة)كما يعتقد الواقعيون التقليديون( وال الطبيع��ة الفوض��وية المطلق��ة للنظ��ام ال��دولي ) على غ��رار الواقع��يين الجدد(، بل يستندون في تفسير أشكال النزاع��ات المختلف��ة ب��التركيز على تفاعالت الوحدات األساس��ية، من خالل إرج��اع أس��باب ال��نزاع إلى التوج��ه التن��ازعي للهوي��ة االجتماعي��ة لألف��راد أو الق��ادة وهي العوام��ل ال��تي ت��رى

Page 10: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

البنائية أنها ليست معطى مس��بق ب��ل تحكمي��ة ي��ديرها الق�ادة واألنظم��ة أوالظروف االجتماعية.

ذريعة للتدخل الخ��ارجيذات الطابع االثنيوقد شكلت النزاعات ب��دافع القراب��ة واالنتم��اء االث��ني الواس��ع حيث يص��بح الب��ديل األق��ل تكلف��ة واألكثر فعالية من حيث التنسيق الداخلي، هذا إذا أضفنا مدى إسهامها في توسيع دائرة األطراف المتصارعة، وبالتالي فإن ما يبدو للوهلة األولى بأن��ه صراع داخلي قد يتح��ول إلى ص��راع دولي عل��ني أو خفي وبالت��الي ال يع��ود

صراعا داخليا . وربما يتفق التحليل البنائي للنزاع��ات )المرتك��زة على الهوي��ة( م��ع فك��رة هنتنغتون، إذ يقول: ''يكشف الناس هويات جديدة ع��ادة م��ا تك��ون قديم��ة، هم يسيرون تحت أعالم جديدة، عادة ما تكون قديم��ة، لت��ؤدي ب��دورها إلى حروب مع أعداء جدد، هم في حقيقة األمر أعداء قدامى." وه��ذا يع��ني أن النزاعات بين الدول تغ��ذيها التراكم��ات الحض��ارية الثقافي��ة. فالهوي��ة ال��تي تعتبر بناء اجتماعيا يتشكل باس��تمرار ع��بر الخطاب��ات االجتماعي��ة الناف��ذة، يقوم المنظمون بالتحكم بها باستدعاء األساطير وإعادة ص��ياغة المف��اهيم، وإعادة تفسير حقائق سابقة، بل وحتى تلفيق قص��ص خيالي��ة ي��دعمون به��ا وجهات نظرهم. ويستعمل المتطرفون هذه العملية لتصعيد الص��راع بحيث يمكن تبرير نفوذهم وسلطتهم المطلقة، وعندما تصبح سياس��ة المجموع��ة مجرد تنافس بين المتشددين، فإن العالقات مع المجموعات األخرى تدخل

حلقة العنف

وعموما نستخلص أن الصراع وف��ق التحلي��ل البن��ائي ليس معطى مسبق أو نتيجة لفوضى النظام الدولي، وإنما ه��و نت��اج للتوجه التنازعي للهوية االجتماعية لألفراد أو الق��ادة )أي نت��اج لعوام��ل غ��ير مادي��ة( وهي العوام��ل ال��تي ت��رى البنائي��ة بأنه��ا ليس��ت معطى مس��بق ب��ل تحكمي��ة ي��ديرها الق��ادة واألنظم��ة باإلض��افة إلى طبيع��ة التنش��ئة االجتماعي��ة، وال��تي تنعكس في الخطاب��ات الس��ائدة في المجتم��ع والمي��ول النخبوي��ة ال��تي بإمكانها تشكيل الهوي��ات على أس��س تنازعي��ه من خالل تعبئ��ة الجماهير وإحي��اء الض��غائن التاريخي��ة من أج��ل تمري��ر أه��دافها

المصلحية.

Systemic- التفس��ير النظمي للنزاع��ات الدولي��ة 3level

ينطلق أصحاب الطروحات التي ترتكز على مستوى النظ��ام ال��دولي في التحليل من حالة الفوضى كمعطى مسبق في النظام الدولي، ويترتب

Page 11: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

عن ذل��ك إغف��ال االختالف��ات على مس��توى الوح��دات وغض النظ��ر عن خصائص��ها الداخلي��ة ويتب��نى ه��ذا الط��رح بش��كل خ��اص أنص��ار االتجاه��ات:

الواقعية الجديدة، ونظرية النظم.

Neo-realismالواقعية الجديدة : وتعرف أيضا بالواقعية البنيوية أو الواقعي��ة العص��رية، وتعت��بر ذاته��ا امت��دادا للواقعية التقليدية، ومن أهم كتابها كينيث والتز وس��تيفن كريزن��ر وروب��رت جيليبين وروبرت ت��اكر وج��ورج مودلس��كي. والواقعي��ة الجدي��دة هي رؤي��ة

للسياسات الدولية، وهي عكس الواقعي��ة التقليدي��ة فإنه��اSystemicنسقيه تربط حالة الصراع بالطبيعة الفوضوية للنظام ال��دولي ال��ذي يعي��ق تش��كل

Kennethعالقات تعاونية. ويعتبر كي��نيث وال��تز N.Waltzأهم مفك��ري ه��ذا االتجاه، الذي حاول من خالل عمله الش��هير ''نظري��ة السياس��ات الدولي��ة''

Theory of international politics تج��اوز النق��د ال��ذي وج��ه إلى(1979) مورغنثو، مقترحا نظرية ''المنظومة الدولي��ة''واإلبق��اء على ه��ذا المس��توى من التحلي��ل باعتب��اره الوس��يلة الوحي��دة لفهم س��لوكيات الف��اعلين ال��ذين يشكلون عناصر هذه المنظومة التي تف��رض قي��ودا مح��ددة على الس��لوك، أما العوامل األخرى كالدين والسياسة الداخلية واالقتصاد إلى حد م��ا تعت��بر

ثانوية. وقد برز اعتماد الواقعية الجديدة على المنظوم��ة الدولي��ة في التحلي��ل من

( (، الذي قسم من خاللهMan,State and Warخالل عمل والتز الكالسيكي: مختلف السياسات الدولية وبشكل خاص تحدي��د أس��باب الح��رب وش��روط السالم، انطالقا من المستوى الذي تكمن ض��منه األس��باب: الف��رد، الدول��ة

( وض��ع بمقتض��اه نظري��ات1979والنظام ال�دولي. ثم وض��ع تص��نيفا آخ�ر ) السياسة الدولية التي تحص��ر األس��باب في المس��تويين الف��ردي والوط��ني

في مقابلReductionistضمن ما يسميه بالنظريات التقليصية أو االختزالية التي تستند إلى المستوى ال��دولي. ورغم أن وال��تز يق�رSystemicالنسقية

بأن الواقعية الجديدة هي امتداد للواقعية الكالس��يكية ، إال أن ذل��ك ال ينفيوجود اختالف بينهما من حيث منطق تفسير بعض السلوكيات الدولية.

وينطلق والتز في بناء نظريته من افتراض أن الواقعيين التقلي��ديين ح��ددوا م��وطن الح��رب في مس��توى واح��د من اث��نين، أو كالهم��ا وهم��ا الف��رد، والمجتمع أو الدول��ة، وي��رى أن الص��واب ه��و وج��وب الفص��ل بين مس��توى

النظام ووحداته. ورغم انطالق الواقعية الجديدة من المسلمات والمف��اهيم األساس��ية ذاته��ا في الواقعي��ة الكالس��يكية، خاص��ة من حيث اعتباره��ا أن الدول��ة هي الوح��دة األساس��ية للتحلي��ل وأن دراس��ة العالق��ات الدولي��ة هي دراس��ة العالقات بين هذه الوحدات، إال أن الواقعيين الجدد ال ينكرون وجود فواعل

Page 12: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

أخ�رى غ��ير الدول�ة كالمنظم��ات الدولي��ة والش��ركات المتع�ددة الجنس��يات والجماعات اإلرهابية والمنظمات الع��بر وطني��ة، إال أن ه��ذه الفواع��ل تبقى

في تصورهم ذات أهمية قليلة مادامت الدول هي الفواعل المهمة. ترك��ز الواقعي��ة الجدي��دة علىوفي تحليلها لظاهرة النزاع ال��دولي،

أثر بنية النظام الدولي وطبيعته على العالقات بين الدول، وهم يرون أيض��ا أن ال��دول تتفاع��ل في ظ��ل نظ��ام دولي يتس��م بالفوض��ى يل��زم ك��ل منه��ا باالعتماد على ذاتها في تحقيق أهدافها، إذ ال توجد سلطة علي��ا في النظ��ام الدولي يمكنها مساعدة الدول عن��د الحاج�ة، ل�ذلك تس�عى ال�دول لتت�وازن قواها فتحقق حالة التعادل أو التس��اوي بينه�ا، مم�ا يقل��ل من خط��ر ان��دالع الحرب. فالدول��ة إذا هي الفاع��ل الف��ردي العقالني ال��تي تح��دد بمص��الحها وأنشطتها شكل وسمات النظام الدولي. لذلك يركز الواقعيون الجدد على النتائج واآلثار ال��تي تح��دثها بني��ة األنس��اق الدولي��ة على ال��دول )الف��اعلين( المشكلين لها. فالتنافس في تلك األنساق ينتهي بإزالة ال��دول ال��تي تفتق��ر للجدية، باإلضافة إلى ذلك فان األنساق تؤهل الدول اجتماعيا بإجبارها على أن تتصرف بطرق معينة. ويبدو من وجهة النظر هذه أن والتز يتبنى وجهة

على س��لوكStructureنظ��ر المنظ��رين الب��نيويين الق��ائلين بت��أثير''البني��ة'' المكونين لها، بنفس القدر الذي يتبنى في��ه أيض��ا وجه��ةActors''الفاعلين''

نظر المنظ��رين الف��رديين الق��ائلين بت��أثير ''الف��اعلين''على ''البني��ة'' ال��تيتحويهم.

وس��عيا من��ه لتج��اوز اللبس من حيث اعتب��ار الدول��ة الفاع�ل األساس�ي من جانب، واالرتك��از على بني��ة النظ��ام ال��دولي لتفس��ير س��لوكيات ال��دول من ج��انب آخ��ر، نج��د أن وال��تز ح��ريص على التمي��يز ال��دقيق بين التنظ��ير المنظومي )الذي ينطلق من مستوى النظام(، والتنظ��ير ال��ذي ينطل��ق من مستوى الوحدة، أي التمييز بين مس��تويين مختلفين من التحلي��ل: مس��توى النسق ومستوى الوح��دة. ففي حين يرتك��ز مس��توى الوح��دة على دراس��ةعملي��ة التفاع��ل بين ال��دول )من خالل تفس��ير أفع��ال أو سياس��ات دول – وحدات-بعينها(، تهتم الدراسة على مستوى النسق بتفسير القيود والمي��ول الكلي��ة ال��تي تح��دث على مس��توى النس��ق. وه��ذا م��ا ي��برز اهتم��ام وال��تز

بدراسة السياسة الدولية، وليس السياسة الخارجية. كما يعتقد والتز أن النظام الدولي يخضع لقوانين خاص��ة ب��ه تختل��ف نوعي��ا عن تل��ك ال��تي تتحكم بالمجتمع��ات القومي��ة، ل��ذلك فه��و ينتق��د االتجاه��ات االختزالية التي ي��رى أنه��ا تس��تنتج ق��وانين النظ��ام ال��دولي من التناقض��ات الداخلية للمجتمع ال��دولي وح��ده. وعلى خالف االتجاه��ات ال��تي ترب��ط بين طبيع��ة النظ��ام السياس��ي ال��داخلي والس��لوكيات الخارجي��ة نج��د أن وال��تز ينطلق من فرضية ''أن الدول هي في النظ��ام ال��دولي وح��دات متماثل��ة ال تختلف ب��اختالف أنظمته��ا )داخلي��ا( ب��ل ب��اختالف مواقعه��ا في ه��ذا النظ��ام

)الدولي(.

Page 13: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

ومن وجهة نظر والتز فإن ما عجزت النظريات االختزالية عن تفس��يره ه��و لم��اذا تتص��رف ال��دول بطريق��ة مماثل��ة رغم اختالف أنظمته��ا السياس��ية وتناقض إيديولوجياتها ؟ لقد حلت هذه المشكلة مع الواقعية الجديدة ال��تي

Systemicتفترض أن العوائق النسقية Constraintsتحتل موقعا وس��طا بين الدول وسلوكيات سياستها الخارجي��ة، و ته�دف الواقعي��ة الجدي��دة لتوض��يح كيف أن ه��ذه الق�وى النس��قية مس��ئولة عن التش�ابه المالح�ظ في س��لوك السياسة الخارجية. ويعطي والتز مثاال واضحا على ذلك من خالل ظ��اهرة عالقات الواليات المتحدة واالتحاد السوفيتي في ظل نظ��ام ت��وازن الق��وى أثناء الح��رب الب��اردة، فعلى ال�رغم من اختالف البني��ة السياس��ية لل��دولتين وعدم تطابق األيديولوجيتين، فقد سلكت القوتان وفقا ألنماط متشابهة في البحث عن نفوذ و تأثير وبسط هيمنة وتحقيق مكاسب، فما ه��و الس��ر في ذلك؟ يجد والتز اإلجابة من خالل دراس��ته للبني��ة النظامي��ة على المس��توى الدولي، حيث يرى وجود تغ��يرات على أفع��ال الق��وى أش��د ت��أثيرا من تل��ك النابع��ة من السياس��ة الداخلي��ة. إذا فعلى عكس م��ا تبن��اه م��ورتن ك��ابلن

M.Kaplanوريتش�ارد روزكران�ز وماكليالن�د باعتم�ادهم على النس�قية، ف�ان الواقعي��ة الجدي��دة تعت��بر أن النظ��ام يتك��ون من بني��ة تس��مح ب��النظر إلى

الوحدات كأنها مكونة بشكل مختلف عن وحدة واحدة. وفي تفسيره لس��لوكيات ال��دول في ظ��ل المنظوم��ة الدولي��ة يق��دم وال��تز مسلمتين في ه�ذا الخص��وص: تتمث��ل األولى في الق��ول أن الدول��ة مهتم��ة بالدرجة األولى بتحقيق األمن، ما دام تحقيق األه��داف األخ��رى يعتم��د على تأمين بقاء الدول��ة فق��ط. وتن��اقض ه��ذه المس��لمة وجه��ة نظ��ر العدي��د من الواقعيين الكالسيكيين القائلين ''أن الدول تسعى لزي��ادة قوته��ا كغاي��ة في حد ذاتها،'' وهذا ما ينطبق مع منطق الفوضى السائدة في النظام ال��دولي ''حيث من الصعب على الدول أن تستمتع بأية ض��مانة ألمنه��ا إال إذا ق��امت هي بتوفيره لنفسها،''األم��ر ال��ذي يجع��ل من المنظوم��ة الدولي��ة نوع��ا من

نسق االعتماد على الذات. أما فيما يخص عالقة شكل النظام بظاهرة الصراع، فإن والتز يبني تصوره

''أن االس��تقرار يق��وم في النظ��امبهذا الخصوص على فرضية تعتبر .''ثنائي القط��بين أك�ثر مم�ا يق�وم في نظ��ام متع�دد األقط�اب

وبالتالي حسب والتز فان نظام الثنائية القطبية هو األكثر تحقيقا لالستقرارواألقل ميال للصراعات ويدعم حجته هذه من خالل اعتبار:

- قدرة الدولتين المهيمنتين على استخدام العنف أو السيطرة عليه تمكنه��امن تخفيف آثار استخدام اآلخرين للعنف.

- قوى القطبية الثنائي��ة تس��عى من خالل ه��دف الحف��اظ على وجوده��ا إلى الحفاظ على توازن القوى الموجود اعتمادا على مدى واس��ع من الق��درات

العسكرية والتكنولوجية.

Page 14: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

- إن زيادة القوتين العظميين لقوتهما يقلل من احتماالت استخدامها، حيث تصبح األسلحة –في النظام ثنائي القطب- مهمة إذا كان الغرض منها لدافع

ردعي وليس الستعمالها مما يعني أن فكرة التوازن تحقق االستقرار. عموما يبقى متغير الفوضى حسب الواقعية الجديدة بمثابة المرتك��ز األساس��ي في تفس��ير الس��لوك ال��نزاعي الفواع��ل، حيث تع��ني الفوض��ى حسبهم''غياب سلطة مشتركة لتعزيز أية ق��وانين أو قواع��د لتقيي��د س��لوك الدول أو أية فواعل أخرى، الشئ الذي يجعل من الفوض��ى تش��جع س��لوك

selfال��دول على التص��رف المنف��رد وال��ترويج لس��لوك المس��اعدة الذاتي��ة helpوفي ظل هذه الفوضى يعد التعاون مس��ألة ص��عبة التحقي��ق، إض��افة ،

إلى ذلك ينزع الواقعيون الجدد نحو تبني نظرة أكثر تشاؤمية ورؤي��ة لع��المتسوده.

نظرية النظم: تعت��بر نظري��ة النظم من أهم التط��ورات ال��تي نش��أت في إط��ار المدرس��ة السلوكية في منتصف الخمسينيات ، فنظرية النظم تسمح بتخطي الفاصل بين الش��ؤون الداخلي��ة للدول��ة و السياس��ة الدولي��ة. و يعم��ل منهج تحلي��ل النظم على كاف��ة المس��تويات الدولي��ة واإلقليمي��ة و الوطني��ة، ويرب��ط بين المس��تويات أيض��ا. ومن أهم رواد ه��ذه النظري��ة نج��د م��ورتن ك��ابالن

M.Kaplan و ديف���د س���نغر D.singer و ج���ورج مودلس���كي G.modelskiو .Charles Maklilandتشارلز ماكليالند

ينطلق ديفيد سنغر من اعتبار أن النظام ال��دولي ه��و ال��ذي يش��كل مفت��اح تفسير لماذا وكيف تحاول األمم التأثير على س��لوكات بعض��ها البعض. في حين أعطى مورتن كابالن النظام معنى يتمثل في مجموعة من المتغيرات المترابطة فيما بينها إلى درجة كبيرة و متغايرة في نفس الوقت مع بيئاتها

كما أن بينها عالقات داخلية تميزها عن مجموع المتغيرات الخارجية. أم��ا تش��ارلز ماكليالن��د فق��د اعت��بر نظري��ة النظم كوس��يلة لتط��وير و فهم العالق��ات بين ال��دول القومي��ة فيق��ول'' إن الخط��وة األولى أو مفت��اح ه��ذا المنهج هي إستراتيجية إدراك ومعرفة ظ��واهر مختلف��ة من خالل العالق��ات القائم��ة بين عناص��ر الظ��اهرة ثم إطالق ص��فة النظ��ام عليه��ا انطالق��ا من تحديد أي عنص��ر من المش��كلة ه��و األك��ثر ص��لة به��ا، ثم بع��د ذل��ك معرف��ة اإلجراءات الواجب استخدامها لتجنب الكثير من التعقيدات به��دف التع��رف على العالقات بين المدخالت والمخرجات وللتح�رك المنظم بين مس�تويات التحلي���ل المختلف���ة ب���التعرف على الص���لة بين النظم الرئيس���ية والنظم الفرعي��ة وللتنب��ه لح��دود الظ�اهرة وم��دى العم��ل لك��ل من النظم الفرعي��ة والرئيس��ية ولألخ��ذ في الحس��بان دور المتغ��ير الث��ابت-المقي��اس للدراس��ة وح��دوث اض��طرابات في بيئ��ة النظم...ك��ل ه��ذه العناص��ر رئيس��ية أخ��رى

لنظرية النظم العامة.

Page 15: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

''أن سلوكيات ال�دول تج��اه بعض��ها البعض تح��ددهاويعت��بر ك��ابلن بشكل أساسي طبيعة النظام الدولي القائم وسماته األساسية ،من ع��دد الوح��دات الرئيس��ية إلى توزي��ع الق��وة بينه��ا. فبني��ة

.'' كم��االنظام حسب كابلن تحدد بشكل كب��ير س��لوكية أطرافه يرى ماكليالند أن السلوك الدولي للدولة الواحدة هو عبارة عن أخذ وعطاء بين هذه الدولة وبيئتها الدولية، وكل هذا األخذ و العطاء مجتمعا وبمشاركة

كل األطراف داخل الوحدة الواحدة هو ما نطلق عليه النظام الدولي . بنية النظ��ام ال��دولي هي ال��تيإذا حسب منهج التحليل النظمي فإن

وذلك عكس االتج��اه ال�واقعي)التقلي��دي(تحدد سلوك الدول األطراف الذي يجعل من مفاهيم القوة و المص��لحة ال��تي تح��رك س��لوك ال��دول هي

التي تحدد بنية وطبيعة النظام الدولي. ولكن رغم اتفاق معظم أنصار هذا االتجاه على ت��أثير بني��ة النظ��ام ال��دولي على سلوكيات الدول، أي على العالق��ة بين توزي��ع الق��وة ووق��وع الح��روب والصراعات في النظام الدولي، إال أنهم لم يتفقوا حول بنية النظام الدولي التي تشكل مصدرا للصراع أكثر من غيرها، فظهرت ب��ذلك ثالث��ة اتجاه��ات

أساسية تسعى إلى تفسير العالقة بين النظام الدولي ووقوع الصراعات:االتجاه األول: عالقة نظام تعدد األقطاب بالصراع

Frequencyيستند هذا االتجاه على الفرضية القائلة أن'' ت��واتر الحروب يخف عندما يتحول النظام من الثنائية القطبية إلى تعدد األقطاب، أي أن زيادة عدد األطراف الرئيسية يساهم في استقرار النظ�ام.'' وي�دعم هذا االتجاه كل من ديفيد سنغر و كارل دويتش. حيث يعتبر نظام القطبي��ة التعددي��ة أن��ه م��يزة للنظ��ام المس��تقر ال��ذي ه��و نظ��ام يرك��ز في��ه على الدبلوماسية والوسائل التقليدي��ة للتف��اوض، وتك��ون أه��داف الوح��دات في��ه

أهدافا محدودة. و يضيف كل من دويتش وسنغر أنه كلما ابتعد النظام عن الثنائية القطبي��ة في اتجاه التعددية فان من المتوقع أن يتالشى تكرار اللج��وء إلى الح��رب، ويرى كالهما أن التحالفات تقلل من حرية أطرافها في التفاعل م��ع ال��دول غير األعضاء في التحالف، ومع أن التحالف يقلل من ح��دة وم��دى الص��راع

بين أطرافه، إال أنه يزيد ذلك مع الدول خارج الحلف. كما يؤكدان على أن بنيان القطبية المتعددة يتسم بدرجة من المرونة ت��تيح درج��ة أك��بر من ه��ذا التفاع��ل بين ال��دول، مم��ا يمنح له��ا آلي��ات لتمري��ر طموحاتها والتعبير عن أهدافها ومص��الحها ب�الطرق الس��لمية ودون اللج�وء إلى الحرب، كما أنه نظام ال يتم��يز بخاص��ية الس��باق نح��و التس��لح، ألن أي زيادة في اإلنفاق العسكري أو إتباع سياس��ات دفاعي��ة معين��ة لن تفهم من

طرف الدول األخرى أنها تشكل تهديدا لها.

االتجاه الثاني: عالقة نظام الثنائية القطبية بالصراع

Page 16: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

ي��رى دع��اة ه��ذا االتج��اه أن الثنائي��ة القطبي��ة هي أك��ثر م��دعاة لالس��تقرار، واألقل من حيث الحروب، ويمثل هذا االتجاه كينيث وال��تز، ال��ذي يعتق��د أن النسق ثنائي القطبية يسوده الحذر المتبادل بين القطبين، كما أن التقارب في مستويات القوة بين القطبين يحول دون س��عي أي منهم��ا في محاول��ة

فرض هيمنته على القطب اآلخر. ب��دوره أن نش��وب الص��راعات و الح��روبM.Haasكما يرى مايك��ل ه��اس

يكون أقل احتماال في ظل ثنائية األقطاب، وذلك رغم ميله��ا إلى أن تك��ون أط��ول نس��بيا من حيث الم��دى الزم��ني ال��ذي تس��تغرقه. ك��ذلك ي��رى

أن احتماالت الحروب و الصراع تك��ون أك��بر فيR.Rosecranceروزكرينس ظل النسق متعدد األقطاب عنها في ظل النسق ثن�ائي القطبي��ة. حيث أن تعدد األقطاب يعني وجود بدائل كثيرة أو صور عديدة ألوضاع االت��زان مم��ا قد يفسح المجال أمام تزايد احتماالت نش��وب الح��روب للتح��ول من وض��ع اتزان معين إلى آخر أما في ظل ثنائية األقط�اب فليس ثم�ة أوض�اع بديل�ة

قد تدفع بأي من القطبين إلى التعديل في الوضع الراهن. ويرى والتز أن هناك عالقة طردي��ة بين زي��ادة الق��وى الك��برى لقوته��ا وبين تحقيق االستقرار وذلك أن زيادة القوى العظمى لقوتها في القطبين يقل��ل من احتماالت استخدامها، حيث يصبح امتالك األسلحة مهم بتوفره��ا ك��دافع ردعي وليس باستعمالها، مم��ا يع��ني أن فك��رة الت��وازن تحق��ق االس��تقرار. وعلى هذا األساس يرى والتز ضرورة زي��ادة ال��دول العظمى في القط��بين

لقوتها ألن ذلك يقلل من احتماالت استخدامها. إال أن كال من االتجاهين األول و الثاني ق��د الق��ا انتق��ادات من ط��رف بعض الباحثين الذين أدركوا قصور كل اتجاه في تقديم تبريرات��ه، ومن بين ه��ؤالء

الذي يق��ترح نموذج��ا آخ��ر-R.Roscransالمعارضين نجد ريتشارد روزكرانس كبديل للنموذجين السابقين- يجمع بينهم��ا وأطل��ق علي��ه ''القطبي��ة الثنائي��ة

.Bi-multipolarityالتعددية القطبية الثنائية التعدديةBi.Multipolarityكاتجاه وسط

ويعت��بر ه��ذا االتج��اه كمحاول��ة للجم��ع بين ايجابي��ات االتج��اهين الس��ابقين )القطبي��ة الثنائي��ة و التعددي��ة( من جه��ة و التخلص من نق��اط ض��عفهما من

النموذج الثن��ائي ويق��ول''R.Rosecranceجهة ثانية. حيث ينتقد روزكرينس إنه في هذا النظام الذي تكون القوتان العظميان معنيتين تمام��ا بنت��ائج أي��ة

.Zero Sum gamesمسألة دولية كبرى يمكن القول أننا أمام صراع صفري ويرى أن دوافع التوسع واحتماالت الصراع بين قادة الكتلة أو التح��الف هي

أكبر في القطبية الثنائية أكثر منها في التعددية. كما يرى في نظام تعدد األقطاب أنه بالرغم من أن حدة الصراع قد تك��ون أق�ل في ه�ذا النظ�ام إال أن تك��رار ح�االت الص��راع ق��د تك�ون أك�ثر نتيج�ة االختالف الكبير في المص��الح، و يض��يف'' إذا ك��انت القطبي��ة تح��د من آث��ار ونتائج الصراع، إال أنها ال تؤثر إال بنسبة بسيطة على ع��دد ح��االت الص��راع،

Page 17: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

وإذا كانت القطبية الثنائية تتضمن صراعا خطيرا بين القطبين فإنها تقتضي أو تخفف الصراعات األخرى في أي مكان من الع��الم'' أم��ا النم��وذج ال��ذي يقترح��ه روزك��رينس- القطبي��ة الثنائي��ة التعددي��ة-''فتعم��ل في��ه ال��دولتان العظميان-القطبان-كمنظمين ضابطين للصراع في المن��اطق الخارج��ة عن ح��دود ك��ل قطب منهم��ا في حين ك��ان الص��راع ال ينتهي في أي��ة حال��ة من الحالتين إال أنه ال يمكن ضبطه في هذا النموذج''. وه��ذا يع��ني أن الح��رب في القطبية الثنائية التعددية أقل احتم��اال مم��ا هي في القطبي��ة الثنائي��ة أو التعددي��ة. إذن حس��ب روزك��رينس ف��إن زي��ادة القطبي��ة التعددي��ة س��تدعم الوفاق بين الق��وى العظمى و بالت��الي زي��ادة التع��اون في ح��ل المش��كالت

التي تقع في نطاق القطبية التعددية.االتجاه الثالث:عالقة نظام القطب الواحد بالصراع

تعرف القطبية األحادية بأنها بنيان دولي يتميز بوجود ق��وة أو مجموع��ة من القوى المؤتلفة سياسيا تمتلك نسبة م��ؤثرة من الم��وارد العالمي��ة، تمكنه��ا من فرض إرادتها السياسية على القوى األخرى، دون تحد رئيسي من تل��ك

القوى. وفي عالقة شكل هذا النظام بالصراعات الدولية، يع��بر عن��ه مايك��ل ه��اس

M.Haasالذي يرى أن نظام القطب الواحد أكثر ميال إلى تحقيق االس��تقرار الدولي، فوجود قطب واح��د-حس��به-يض��من اس��تقرار النظ��ام بحكم الق��وة

في تحليل��ه لواح��د وعش��رين نظام��اHaasالمهيمنة لهذا القطب، وقد وج��د أن نظ��ام القطبي��ة الواح��دة كحال��ة1649دولي��ا فرعي��ا ب��دأ من ع��ام

اإلمبراطوريات هو أكثر أشكال األنظمة الدولية استقرارا. كما دعا ك��ل من روس��و و دون��تي من قب��ل إلى التخلص من الح��روب ع��بر إقامة حكومة دولية فدرالية تكون فوق الجميع وتربط ال�دول بعض�ها ببعض كما يرتبط األفراد في دولة واحدة. وحس�ب ه�ذا االتج��اه ف�إن الص�راعات والح��روب ال تنتهي طالم��ا بقي النظ��ام ال��دولي قائم��ا على تع��دد ال��دول، والسالم لن يتحقق إال بإلغاء هذا التعدد واعتناق قومية عالمية جديدة تكون أرقى وأحسن من القوميات الضيقة الراهنة، كم��ا ي��رى ه��ذا االتج��اه أن��ه ال يمكن تحقي��ق المص��الح المش��روعة لكاف��ة الش��عوب إال في ظ��ل حكوم��ة

عالمية.

إذا وعلى اختالف الباحثين حول بنية النظام الدولي التي تش��كل مص��درا للصراع أكثر من غيرها، إال أنهم يتفقون حول مدى ت��أثير بني��ة ه��ذا النظ��ام وكذا القوى داخله وأنماط التفاعل بين أطراف��ه على تحقي��ق االس��تقرار أو الجن��وح إلى الص��راعات و الح��روب. وتفادي��ا ل��ذلك الخالف لخص ج��ون

خص��ائص النظ��ام ال��دولي المس��اعدة على انتش��ارJohnVasquezفاس��كيز الصراعات الدولية في:

Page 18: النظريات المفسرة للنزاعات الدولية

- الدول األقوى في النظام الدولي هي األميل لخوض الحروب، وحين يتغير ميزان القدرات العسكرية سريعا بين الدول الكبرى المتعادية، حتى تقترب

من درجة التعادل يزداد احتمال انجرارها إلى الحرب. - حين تتفق الدول الكبرى على قواعد اللعبة السياسية و األعراف الدولي��ة بما يح��د من ق�دراتها على التص��رف منف�ردة، يق�ل بش�دة نزوعه�ا لخ��وض

حروب ضد بعضها بعضا.

و الواقع أن أسباب الصراعات الدولية المتعلقة بالنظام الدولي التي اتف��ق عليها علماء العالقات الدولية قليلة نسبيا، ألن كثيرا منهم تحول من دراسة أس��باب الص��راع ال��دولي على مس��توى النظ��ام ال��دولي إلى دراس��ته على المستويين الفردي و الوطني، وحتى على مستوى موضوعات الص��راع بين الدول، وقد برز هذا التحول بشكل واضح بع��د نهاي��ة الح��رب الب��اردة ال��تي أفرزت أنواعا جديدة من الصراعات، أصبح للعام��ل الثق��افي وال��ديني دورا كبيرا في تشكلها، األم��ر ال��ذي زاد من ص��عوبة تب��ني مس��توى تحليلي دون آخ��ر في تفس��يرها، وفس��ح بالت��الي المج��ال لنظري��ات أخ��رى تق��وم على تفسيرات تأملية تعطي األهمية للعوام��ل غ��ير المادي��ة )الهوي��ات واألفك��ار( في تش��كيل الس��لوكيات النزاعي��ة على اعتب��ار أنه��ا ال تنب��ع من الطبيع��ة الفوضوية للنظام، بقدر م��ا هي انعك��اس للتركيب��ة االجتماعي��ة والخطاب��ات

واألفكار السائدة في المجتمع.