الفروسية لابن القيم

424
1 ﺍﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ- ﺍﺑﻦ ﺍﻟ ﻘﻴﻢ ﺍﻟﺠﻮﺯﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻟ ﻘﻴﻢ ﺍﻟﺠﻮﺯﻳﺔwww.al-mostafa.com

description

frosyea ibn qayem

Transcript of الفروسية لابن القيم

Page 1: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  1

الفروسية

قيم الجوزيةالابن 

www.alwww.al-mostafa.com

Page 2: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  2

بسم اهللا اهللا الرحمن الرحيم

قال الشيخ الفقيه العالم الحافظ العالمة أوحد عصره وفريد دهره شيخ اإلسالم والمسلمين 

و عبداهللا محمد بن عبدالرحمن أبي بكر بن قامع البدعة والمبتدعين الشيخ شمس الدين أب

أيوب الزرعي المعروف بابن قيم المدرسة الجوزية رضي اهللا عنه وغفر له وأعال في الجنة 

درجته آمين

تحمدة وتقدمة

الحمد هللا الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على جميع األديان وأيده باآليات 

عظمها القرآن وأمده بمالئكة السماء تقاتل بين يديه الظاهرة والمعجزات الباهرة ومن أ

مقاتلة الفرسان ونصره بريح الصبا تحارب عنه أهل الزيغ والعدوان كما نصره بالرعب وقذفه 

في قلوب أعدائه وبينه وبينهم مسيرة شهر من الزمان وأقام له جنودا من المهاجرين 

واألنصار تقاتل معه بالسيف والسهم والسنان

Page 3: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  3

ن يديه في ميادين السباق تصاول األقران وتبذل في نصرته من نفوسها وأموالها نفائس بي

األثمان تسليما للمبيع الذي جرى عقده على أيدي الصادق المصدوق والتزم للبائع الضمان 

إن اهللا اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل اهللا 

 وتبارك الذي أرسل 111 عليه حقا في التوراة واإلنجيل والقرآن التوبة فيقتلون ويقتلون وعدا

رسله بالبينات وأنزل معهم الكتاب والميزان وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع تتم بها 

مصالح اإلنسان وعلم الفروسية وجعل الشجاعة خلقا فاضال يختص به من يشاء وكمله 

ب محبته للجواد الشجاع وكمله ومقته للبخيل الجبانلحزبه وأصاره حلية أهل اإليمان فأوج

وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له رب العالمين وإله األولين واآلخرين وقيوم 

السماوات واألرضين الذي أفاض على خلقه النعمة وكتب على نفسه الرحمة وضمن 

ه وأفعاله وأسمائه وتحبب الكتاب الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه تعرف إلى عباده بأوصاف

إليهم بنعمته وآالئه وابتدأهم بإحسانه وعطائه فهو المحسن إليهم والمجازي على 

إحسانه باإلحسان فله النعمة والفضل والثناء الحسن الجميل واإلمتنان يمنون عليك أن 

17أسلموا قل ال تمنوا علي إسالمكم بل اهللا يمن عليكم أن هداكم لإليمان الحجرات 

شهد أن محمدا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه وسفيره بينه وبين وأ

عباده وحجته على جميع اإلنس والجان أرسله على حين فترة من الرسل فهدى به إلى 

أقوم الطرق وأبين السبل وافترض

Page 4: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  4

تح ألحد العباد طاعته ومحبته وتعظيمه والقيام بحقوقه وسد إلى الجنة جميع الطرق فلم يف

إال من طريقه فشرح اهللا له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره وبعثه بالكتاب الهادي 

والسيف الناصر بين يدي الساعة حتى يعبد سبحانه وحده ال شريك له وجعل رزقه تحت 

ظل سيفه ورمحه وجعل الذلة والصغار على من قابل أمره بالمخالفة والعصيان وأنزل عليه 

 ومن الشرائع أكملها ومن األمم أفضلها وهم يوفون سبعين أمة هم خيرها من الكتب أجلها

وأكرمها على الرحمن وخصه من األخالق بأزكاها ومن مراتب الكمال بأعالها وجمع له من 

المحاسن ما فرقه في نوع اإلنسان فهو أكمل الناس خلقا وأحسنهم خلقا وأشجعهم قلبا 

صدرا وألطفهم عشرة وأفصحهم لسانا وأثبتهم جنانا وأجودهم كفا وألينهم عريكة وأوسعهم 

وأشرفهم بيتا ونسبا

فهو محمد بن عبداهللا بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كالب بن مرة 

بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن 

إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان

ى اهللا ومالئكته وأنبياؤه ورسله والصالحون من خلقه عليه كما عرفنا باهللا وأسمائه فصل

وصفاته ووحده ودعا إليه وآتاه الوسيلة والفضيلة وبعثه المقام المحمود الذي وعده في دار 

السالم والسالم عليه ورحمة اهللا وبركاته

ن والسيفأما بعد فإن اهللا سبحانه أقام دين اإلسالم بالحجة والبرها

Page 5: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  5

فكالهما في نصره أخوان شقيقان وكالهما شجيع ال يتم إال بشجاعة القلب وثبات الجنان 

وهذه المنزلة الشريفة والمرتبة المنيفة محرمة على كل مهين جبان كما حرمت عليه 

المسرة واألفراح وأحضر قلبه الهموم والغموم والمخاوف واألحزان فهو يحسب أن كل صيحة 

 مصيبة قاصدة إليه فقلبه بالحزن مغمور بهذا الظن والحسبانعليه وكل

وقد علم أن الفروسية والشجاعة نوعان فأكملها ألهل الدين واإليمان والنوع الثاني مورد 

مشترك بين الشجعان

وهذا مختصر في الفروسية الشرعية النبوية التي هي من أشرف عبادات القلوب واألبدان 

ة الرحمن السائقة لهم إلى أعلى غرف الجنان علقته على بعد الحاملة ألهلها على نصر

من األوطان واغتراب عن األصحاب واإلخوان وقلة بضاعة في هذا الشأن فما كان فيه من 

صواب فمن فضل اهللا وتوفيقه وما كان فيه من خطأ فمن الشيطان واهللا ورسوله منه بريئان

فأقول وباهللا المستعان وعليه التكالن

 النبي أنه سابق باألقدام وثبت عنه أنه سابق بين اإلبل وثبت عنه أنه سابق بين ثبت عن

الخيل وثبت عنه أنه حضر نضال السهام وصار مع إحدى الطائفتين فأمسكت األخرى وصار 

مع الطائفتين كلتيهما وثبت عنه أنه رمى بالقوس وثبت عن الصديق أنه راهن كفار مكة 

وه على أن ال يكون ذلك ووضعوا الخطر من الجانبين وكان على غلبة الروم للفرس وراهن

ذلك بعلم النبي وإذنه وثبت عنه أنه طعن بالرمح وركب الخيل مسرجة ومعراة وتقلد 

السيف

Page 6: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  6

مسابقته باألقدام

فأما مسابقته باألقدام ففي مسند اإلمام أحمد وسنن أبي داود من حديث عائشة قالت

ا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني فقال هذه بتلكسابقني النبي فسبقته فلبثن

وفي رواية أخرى

أنهم كانوا في سفر فقال النبي ألصحابه تقدموا فتقدموا ثم قال لعائشة سابقيني 

فسابقها فسبقته ثم سافرت معه مرة أخرى فقال ألصحابه تقدموا ثم قال سابقيني 

فسبقته وسبقني فقال هذه بتلك

لى األقدام بين يديهمسابقة الصحابة ع

وتسابق الصحابة على األقدام بين يديه بغير رهان

ففي صحيح مسلم عن سلمة بن األكوع قال

Page 7: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  7

بينما نحن نسير وكان رجل من األنصار ال يسبق شدا فجعل يقول أال مسابق إلى المدينة 

 قال قلت هل من مسابق فقلت أما تكرم كريما وتهاب شريفا قال ال إال أن يكون رسول اهللا

يا رسول اهللا بأبي أنت وأمي ذرني أسابق الرجل فقال إن شئت فسبقته إلى المدينة

فصل

مصارعته

وأما مصارعته ففي سنن أبي داود عن محمد بن علي بن ركانة

إن ركانة صارع النبي فصرعه النبي

Page 8: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  8

هذيب الكمال وهذا الحديث فيه قصة نذكرها أخبرنا شيخنا أبو الحجاج الحافظ في كتاب ت

قال

ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كالب بن مرة بن كعب 

بن لؤي بن غالب القرشي المطلبي كان من مسلمة الفتح وهو الذي صارع النبي فصرعه 

النبي مرتين أو ثالثا وذلك قبل إسالمه وقيل إن ذلك كان سبب إسالمه وهو أمثل ما روى 

ة النبي وأما ما ذكر من مصارعة النبي أبا جهل فليس لذلك أصل انتهى كالم في مصارع

شيخنا

وقال الزبير بن بكار في كتاب النسب

وركانة بن عبد يزيد الذي صارع النبي بمكة قبل اإلسالم وكان أشد الناس فقال يا محمد إن 

صرعتني آمنت بك فصرعه النبي فقال أشهد إنك ساحر ثم أسلم بعد

Page 9: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  9

صلف

مسابقته بين الخيل

وأما مسابقته بين الخيل ففي الصحيحين من حديث ابن عمر قال

سابق رسول اهللا بين الخيل فأرسلت التي أضمرت منها وأمدها الحفياء إلى ثنية الوداع 

والتي لم تضمر أمدها ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق

وفي الصحيحين عن موسى بن عقبة

Page 10: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  10

لى ثنية الوداع ستة أميال أو سبعةأن بين الحفياء إ

وقال البخاري قال سفيان من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة ومن ثنية 

الوداع إلى مسجد بني زريق ميل

وفي مسند اإلمام أحمد من حديث عبد اهللا بن عمر أيضا إن النبي سبق بين الخيل وأرهن

وفي لفظ له سبق بين الخيل وأعطى السابق

وفي المسند أيضا من حديث أنس أنه قيل له أكنتم تراهنون على عهد رسول اهللا أو كان 

رسول اهللا يراهن قال

Page 11: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  11

نعم واهللا لقد راهن رسول اهللا على فرس له يقال له سبحة فسبق الناس فبهش لذلك 

وأعجبه

وفي سنن أبي داود عن ابن عمر

إن النبي سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية

فصل

مسابقته بين اإلبل

وأما مسابقته بين اإلبل ففي صحيح البخاري تعليقا عن أنس

Page 12: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  12

ابن مالك قال

كانت العضباء ال تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها األعرابي وكأن ذلك 

شق على أصحاب رسول اهللا فقال حق على اهللا أن ال يرتفع شيء إال وضعه

ميد عن أنس بهذه القصة وقال إن حقا على اهللا عز وجل أن ال وفي صحيحه أيضا عن ح

يرفع شيئا من الدنيا إال وضعه

قلت تأمل قوله في اللفظ األول أن ال يرتفع شيء وفي اللفظ الثاني أن ال يرفع شيئا من 

الدنيا إال وضعه فجعل الوضع لما رفع وارتفع ال لما رفعه سبحانه فإنه سبحانه إذا رفع عبده 

ته وأعزه بها ال يضعه أبدابطاع

فصل

تناضل الصحابة بالرمي بحضرته

وأما تناضل أصحابه بالرمي بحضرته ففي صحيح البخاري عن سلمة بن األكوع قال مر 

النبي بنفر من أسلم ينتضلون بالسوق فقال

وارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ارموا وأنا مع بني فالن

Page 13: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  13

يقين بأيديهمقال فأمسك أحد الفر

فقال رسول اهللا ما لكم ال ترمون

قالوا كيف نرمي وأنت معهم

فقال ارموا وأنا معكم كلكم

فصل

مراهنة الصديق للمشركين بعلمه وإذنه

وأما مراهنة الصديق للمشركين بعلمه وإذنه فروى الترمذي في جامعة من حديث سفيان 

ابن عباس في قول اهللا تعالى عز الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن 

 قال3 ­ 1: وجل آلم غلبت الروم في أدنى األرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون الروم 

كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم ألنهم وإياهم أهل أوثان وكان 

 المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس ألنهم أهل كتاب فذكروه ألبي بكر رضي اهللا

عنه فذكره أبو بكر لرسول اهللا فقال له رسول اهللا

أما إنهم سيغلبون فذكروه لهم فقالوا اجعلوا بيننا وبينك أجال فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا وإن 

ظهرتم كان لكم كذا فجعل أجل خمس سنين فلم يظهروا فذكروا ذلك للنبي فقال أال 

عشر قال ثم ظهرت الروم بعد قال فذلك جعلت إلى دون العشر قال سعيد والبضع ما دون ال

قوله آلم غلبت الروم في

Page 14: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  14

أدنى األرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين هللا األمر من قبل ومن بعد 

5 ­ 1: ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر اهللا الروم 

قال سفيان

سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر

قال الترمذي

هذا حديث حسن صحيح

امعه أيضا عن نيار بن مكرم األسلمي قالوفي ج

 3 ­ 1: إلى قوله في بضع سنين الروم . . . لما نزلت آلم غلبت الروم في أدنى األرض 

وكانت فارس يوم نزلت هذه اآلية قاهرين للروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم 

نون بنصر اهللا ينصر من ألنهم وإياهم أهل كتاب و في ذلك قوله تعالى ويومئذ يفرح المؤم

 وكانت قريش تحب ظهور فارس ألنهم وإياهم ليسوا 5 ­ 4: يشاء وهو العزيز الرحيم الروم 

بأهل كتاب وال إيمان ببعث فلما أنزل اهللا هذه اآلية خرج أبو بكر الصديق يصيح في نواحي 

مكة آلم غلبت الروم في أدنى األرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون

Page 15: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  15

 فقال ناس من قريش ألبي بكر فذلك بيننا وبينكم بزعم 4 ­ 1: سنين الروم في بضع 

صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين افال نراهنك على ذلك قال بلى قال وذلك 

قبل تحريم الرهان فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان وقالوا ألبي بكر كم نجعل 

ن فسم بيننا وبينك وسطا ننتهي إليه قال فسموا البضع وهو ثالث سنين إلى تسع سني

بينهم ست سنين قال فمضت الست سنين قبل أن يظهروا فأخذ المشركون رهن أبي بكر 

فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر 

تسميته ست سنين ألن اهللا قال في بضع سنين قال وأسلم عند ذلك ناس كثير

ل الترمذيقا

هذا حديث حسن صحيح

وفي الجامع أيضا من حديث ابن عباس أن رسول اهللا قال ألبي بكر في مناحبته

Page 16: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  16

أال أخفضت وفي لفظ أال احتطت فإن البضع ما بين الثالث إلى التسع

رواه من حديث الزهري عن عبيد اهللا بن عتبة عن ابن عباس

اطرة وهي المراهنة من النحب وهو النذر وقوله في الحديث مناحبته فالمناحبة المخ

وكالهما مناحب هذا بالعقد وهذا بالنذر

وقوله أال أخفضت يجوز أن يكون من الخفض وهو الدعة والمعنى هال نفست المدة فكنت 

في خفض من أمرك ودعة ويجوز أن يكون من الخفض الذي هو من االنخفاض أي هال 

استنزلتم إلى أكثر مما اتفقتم عليه

وله في اللفظ اآلخر هال احتطت هو من اإلحتياط أي هال أخذت باألحوط وجعلت األجل وق

أقصى ما ينتهي إليه البضع فإن النص ال يتعداه

وقوله وذلك قبل تحريم الرهان من كالم بعض الرواة ليس من كالم أبي بكر وال من كالم 

النبي

Page 17: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  17

 ممنوعةإلسالم وأدلته وبراهينههل المراهنة على المسائل التي فيها ظهور أعالم ا

وقد اختلف أهل العلم في إحكام هذا الحديث ونسخه على قولين

فادعت طائفة نسخه بنهي النبي عن الغرر والقمار قالوا ففي الحديث داللة على ذلك وهو 

قوله وذلك قبل تحريم الرهان

هريرة قال قال قالوا ويدل على نسخه ما رواه اإلمام أحمد وأهل السنن من حديث أبي 

رسول اهللا

ال سبق إال في خف أو حافر أو نصل

والسبق بفتح السين والباء وهو الخطر الذي وقع عليه الرهان

Page 18: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  18

وإلى هذا القول ذهب أصحاب مالك والشافعي واحمد

وادعت طائفة أنه محكم غير منسوخ وأنه ليس مع مدعي نسخه حجة يتعين المصير إليها

رم جملة فإن النبي راهن في تسبيق الخيل كما تقدم وإنما الرهان قالواوالرهان لم يح

على المحرم الرهان على الباطل الذي ال منفعة فيه في الدين وأما الرهان على ما فيه 

ظهور أعالم اإلسالم وأدلته وبراهينه كما قد راهن عليه الصديق فهو من أحق الحق وهو 

ق الخيل واإلبل أدنى وأثر هذا في الدين أقوى أولى بالجواز من الرهان على النضال وسبا

ألن الدين قال بالحجة والبرهان وبالسيف والسنان والمقصد األول إقامته بالحجة والسيف 

منفذ

قالوا وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل واإلبل لما في ذلك من 

اد فجواز ذلك في المسابقة والمبادرة إلى التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجه

العلم والحجة التي بها تفتح القلوب ويعز اإلسالم وتظهر أعالمه أولى وأحرى

وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ اإلسالم ابن تيمية

قال أرباب هذا القول والقمار المحرم هو أكل المال بالباطل

Page 19: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  19

فكيف يلحق به أكله بالحق

صديق لم يقامر قط في جاهلية وال إسالم وال أقر رسول اهللا على قمار فضال عن أن قالوا وال

يأذن فيه

وهذا تقرير قول الفريقين

فصل

المسابقة باألقدام بعوض وبال عوض

وأما المسابقة باألقدام فاتفق العلماء على جوازها بال عوض

واختلفوا هل يجوز بعوض على قولين

أحمد ومالك ونص عليهأحدهما ال يجوز وهو مذهب 

Page 20: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  20

الشافعي

والثاني يجوز وهو مذهب أبي حنيفة

وللشافعية وجهان فحجة من منعه حديث أبي هريرة ال سبق إال في خف أو حافر أو نصل

وهذا يتعين حمله على أحد معنيين

إما أن يريد به نفي الجعل أي ال يجوز الجعل إال في هذه الثالثة فيكون نفيا في معنى  -

نهي عن الجعل في غيرها ال عن نفس السباقال

وإما أن يريد به أن ال يجوز المسابقة على غيرها بعوض فيكون نهيا عن المسابقة بالعوض  -

في غير الثالثة فعلى التقدير األول يكون المنع من الجعل على غير الثالثة

 التقديرين فهو وعلى الثاني يكون المنع من العقد المشترط فيه الجعل على غيرها وعلى

مقتض للمنع من الجعل في غيرها

قالوا وألن غير هذه الثالثة ال يحتاج إليها في الجهاد كالحاجة إلى الثالثة وال يقوم مقامها 

وال ينفع فيه نفعها فكانت كأنواع اللعب الذي

Page 21: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  21

ال يجوز المراهنة عليه

إن كال منهما مسابقة وحجة من جوز الجعل في ذلك قياس القدم على الحافر والخف ف

فهذا بنفسه وهذا بمركوبه

قالوا وكما أن في مسابقة اإلبل والخيل تمرينا على الفروسية والشجاعة فكذلك المسابقة 

على األقدام فإن فيها من تمرين البدن على الحركة والخفة واإلسراع والنشاط ما هو 

مطلوب في الجهاد

ما بذل فيه السبق هذه الثالثة لكمال نفعها قالوا والحديث يحتمل أن يراد به أن أحق 

وعموم مصلحتها فيكون كقوله ال ربا إال في النسيئة أي إن الربا الكامل في النسيئة

قالوا وأيضا فهذا مثل قوله ال صالة لجار المسجد إال في المسجد و ال صالة بحضرة طعام وال 

صالة وهو يدافعه

Page 22: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  22

ونحو ذلك مما ينفي الكمال ال الصحة. . . اسم اهللا عليه األخبثان و ال وضوء لمن لم يذكر 

قالوا وألن ذلك جعالة على عمل مباح فكان جائزا كالثالثة المذكورة في النص

Page 23: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  23

قال المانعون هذا جمع بين ما فرق اهللا ورسوله بينهما حكما وحقيقة فإن رسول اهللا أثبت 

عدم مساواة وما أثبته لما نفاه في السبق في الثالثة ونفاه عما عداها وهذا يقتضي 

الحكم والحقيقة فال يجوز التسوية بينهما

وهذا كقوله ال يجلد فوق عشرة اسواط إال في حد من حدود اهللا ففرق بين الحد وغيره في 

تجاوز العشرة فال يجوز قياس أحدهما على اآلخر وال الجمع بينهما في الحكم

ويزه في العرايا ال يجوز الجمع بينهما في التحريم وال وكذلك منعه من بيع الرطب بالتمر وتج

في المنع

وكذلك تحريمه ربا الفضل مع اتحاد الجنس في األعيان التي نص عليها وتجوزيه التفاضل 

مع اختالف الجنس

وكذلك سائر ما فرق بينهما في الحكم

Page 24: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  24

لغاء أحد األمرين إما إلغاء فال يفرق بين ما جمع بينه وال يجمع بين ما فرق بينه فال بد من إ

ما اعتبرتموه من الجمع بين ما فرق الشارع بينه أو إلغاء ما اعتبره من الفرق وال سبيل إلى 

الثاني فتعين األول

ثم تبين أن ما ذكرتموه من الجمع ليس بصحيح فأي فروسية وأي مصلحة لإلسالم وأهله 

ر بأحدهم عدو وانتصر به حق للمجاهدين في مسابقة السعاة على اقدامهم ومتى انكس

أو تقوت به فئة ومتى كسر بعث بهذا على قدميه

فأحسن أحوال هذا العمل أن يكون مباحا فأما التراهن عليه فال

وأما ما نظرتم به هذا الحديث من قوله ال ربا إال في النسيئة و ال صالة لجار المسجد إال 

 لمن ال وضوء له و ال صالة إال بفاتحةفي المسجد ونظائرهما فلو نظرتموه بقوله ال صالة

Page 25: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  25

الكتاب و ال صيام لمن لم يبيت النية من الليل و ال عمل لمن ال نية له و ال اجر لمن ال 

حسبه له ونظائره لكان

Page 26: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  26

أولى إذ حقيقة ذلك نفي مسمى هذه األشياء شرعا واعتبار وما خرج عن هذا فلمعارض 

أوجب خروجه

 هذا جعالة على عمل مباح فكان جائزا كسائر الجعاالت فجوابه من قالوا وأما قولكم إن

وجهين

أحدهما أن هذا ينتقض عليكم بسائر ما منعتم منه الرهان من العمل المباح كالسباحة 

والمبادرة إلى جواب مسائل العلم والمسابقة إلى الحفظ والتسابق في الصناعات المباحة 

ء من ذلككلها فإنكم ال تجوزون الرهان في شي

الثاني الجعالة المعهودة عرفا وشرعا أن ينتفع الجاعل بالعمل والعامل بالجعل وأما ها هنا 

فإن العامل ال يجعل ماال لمن يغلبه إذ ال منفعة له في ذلك وإنما يبذل المال في مقابلة 

النفع الذي يحصل له

Page 27: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  27

فصل

الصراع بالرهن وبال رهن

 يجوز بالرهن عند الجمهوروأما الصراع فيجوز بال رهن وال

Page 28: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  28

كمالك وأحمد والشافعي وجوز بعض أصحابه فعله بالرهان وهو قول أصحاب أبي حنيفة

السباحة بالرهن وبال رهن

وأما السباحة فال يجوز بالرهن عند الجمهور وفي جوازها وجه ألصحاب الشافعي

Page 29: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  29

المشابكة باأليدي

ولهم في المشابكة باأليدي وجهان

دلة والترجيحاأل

والحجة على الجواز والمنع كما تقدم في مسابقة األقدام سواء ويلزم من جوزه أن يجوز 

الرهان على العالج إذ ال فرق بينهما فإن العالج عمل مباح كالصراع ومسابقة األقدام وله 

أصل في السنة وهو

أن النبي مر بقوم يربعون حجرا ليعرفوا األشد منهم فلم ينكر عليهم

Page 30: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  30

و يربعون بالباء المفتوحة أي يرفعونه

ولكن يلزم من جوز الصراع بالرهن أحد أمرين

إما أن ال يجوز إخراج السبق منهما معا بل يتعين جعله من أحدهما أو من غيرهما

وإما أن يترك قوله في المحلل إذا كان السبق منهما الستحالة دخول المحلل مع 

لمسابقات من باب الجعاالت وجوز إخراج السبق في المتصارعين وملزم من جعل عقد ا

المصارعة والعدو أن يجوزه في الصناعات المباحة كلها وهذا ال يعلم به قائل

فإن قال أنا أجوزه فيما يكون فيه معرفة على الحرب وقوة قيل فجوزه في صناعات آالت 

 ال يجوز ويكون ذلك الحرب كلها وإال فاذكر فرقا مطردا منعكسا بين ما يجوز من ذلك وما

الفرق مما قد اعتبره الشارع

فصل

المسابقة بين الخيل والبغال والحمير والبقر والحمام والسفن

وأما المسابقة بين الخيل وبين الحافر المذكور في حديث أبي هريرة فقصرها أصحاب مالك 

وأحمد على الخيل وجوزها

Page 31: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  31

وللشافعي في البغال والحمير قوالنأصحاب أبي حنيفة في البغال والحمير والبقر 

ثم اختلف أصحابه في مسائل فرعوها على هذين القولين

Page 32: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  32

وهي المسابقة على الفيل والحمام والسفن ولهم في جواز السباق عليها بالرهن وجهان

قال من جوز السباق على البغال والحمير اسم الحافر يتناولهما

Page 33: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  33

كتناوله للفرس

 يرد الشارع بلفظ الحافر حافر الحمار والبغل وإنما أراد حافر ما سوبق عليه وقال اآلخرون لم

وجعل السباق عليه من إعداد القوة لجهاد أعداء اهللا فما لحافر البغال والحمير والبقر دخول 

في تلك ألبتة ولم يسابق أحد من السلف قط بحمار وال بغل

قالوا والحافر وقع في سياق اإلثبات فال عموم له

قالوا وال يصح قياس الحمار والبغل على الخيل لما بينهما من الفروق شرعا وحسا ومنفعة 

وما سوى اهللا بين الخيل لما بينهما من الفروق شرعا وحسا ومنفعة وما سوى اهللا بين 

الخيل والحمير قط ال في سهم الغنيمة وال في الغزو وال جعل الخير معقودا إال في نواصيها 

يمة فما أفسد قياسهما على الخيل التي ظهورها عز و بطونها كنز وهي معاقل باألجر والغن

وحصون والخير معقود بنواصيها والغنائم ثلثاها لها وأرواثها وأبوالها في ميزان صاحبها إذا 

ارتبطها في سبيل اهللا تعالى

فصل

المسابقة بين اإلبل والفيل

حديث أبي هريرةوأما المسابقة بين اإلبل فهي الخف المذكور في 

Page 34: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  34

والجمهور على اختصاصها بالبعير وجوز بعض الشافعية المسابقة على الفيل بالجعل قالوا 

ألنه ذو خف فيدخل في الحديث

وقول الجمهور أصح لما تقدم ولذلك ال يسهم للفيل عند األئمة األربعة وشذ القاضي أبو 

يعلى من أصحاب أحمد فقال

يسهم للفيل سهم الهجين

ون على الروايتين فيه هل لهم سهم أو سهمانفيك

فصل

النضال بحضرته وإذنه فيه

وأما النضال فحضره وأذن فيه وهو أجل هذه األبواب على اإلطالق وأفضلها وكان الصحابة 

رضي اهللا عنهم يفعلونه كثيرا وكان عقبة بن عامر يختلف بين الغرضين وهو شيخ كبير 

 يشق عليك فقال لوال كالم سمعته من رسول اهللا لم فقيل له تفعل ذلك وأنت شيخ كبير

أعانه سمعته يقول

من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا

وفي لفظ

فقط عصى

Page 35: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  35

رواه أهل السنن

وفي السنن عن عقبة بن عامر أيضا قال قال رسول اهللا

امي به إن اهللا ليدخل بالسهم الواحد ثالثة نفر الجنة صانعه المحتسب في عمله الخير والر

والممد به وفي رواية ومنبله فارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا كل لهو باطل 

ليس من اللهو محمود إال ثالثة تأديب الرجل فرسه ومالعبته أهله ورميه بقوسه ونبله 

فإنهن من الحق ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة فإنها نعمة تركها أو قال كفرها

Page 36: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  36

ح مسلم عن عقبة أيضا قال سمعت رسول اهللا يقولوفي صحي

وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة صحيح مسلم عن عقبة أيضا قال سمعت رسول اهللا يقول

وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة إال إن القوة الرمي أال إن القوة الرمي أال إن القوة الرمي

وفي صحيح البخاري عن سلمة بن األكوع قال

 ينفر ينتضلون فقال ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ارموا وأنا مع خرج رسول اهللا

بني فالن فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال ما لكم ال ترمون فقالوا كيف نرمي وأنت 

معهم فقال ارموا وأنا معكم كلكم

وقال مصعب بن سعد

كان سعد يقول أي بني تعلموا الرماية فإنها خير لعبكم

Page 37: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  37

كر الطبراني في كتاب فضل الرميذ

وذكر فيه أيضا عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال

كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن علموا غلمانكم العوم ومقاتلتكم الرمي 

فكانوا يختلفون في األغراض فجاء سهم غرب فقتل غالما وهو في حجر خال له ال يعلم له 

لى عمر إلى من أدفع علقه فكتب إليه عمر إن رسول اهللا كان يقول أصل فكتب أبو عبيدة إ

اهللا ورسوله مولى من ال مولى له والخال وارث من ال وارث له

Page 38: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  38

كتاب عمر رضي اهللا عنه لعتبة بن فرقد وشرحه

وقال علي بن الجعد ثنا شعبة قال أخبرني قتادة قال سمعت أبا عثمان النهدي قال

بن الخطاب ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد أما بعد فاتزروا وارتدوا أتانا كتاب من عمر 

وانتعلوا وألقوا الخفاف وألقوا السراويالت وعليكم بثياب أبيكم إسماعيل وإياكم والتنعم وزي 

العجم وعليكم بالشمس فإنها حمام العرب وتمعددوا واخشوشنوا واخلولقوا واقطعوا الركب 

رموا األغراضوانزوا على الخيل نزوا وا

قلت هذا تعليم منه للفروسية وتمرين للبدن على التبذل وعدم الرفاهية والتنعم ولزوم زي 

ولد إسماعيل بن إبراهيم فأمرهم باالتزاز

Page 39: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  39

واالرتداء واالنتعال وإلقاء الخفاف لتعتاد األرجل الحر والبرد فتتصلب وتقوى على دفع أذاهما

اء عنها باألزر وهو زي العربوقوله وألقوا السراويالت استغن

وبين منفعتي األزر والسروايل تفاوت من وجه فهذا أنفع من وجه وهذا انفع من وجه فاإلزار 

أنفع في البحر والسروايل أنفع في البرد والسراويل أنفع للراكب واإلزار أنفع للماشي

األرديةوقوله وعليكم بثياب أبيكم إسماعيل هذا يدل على أن لباسه كان األزر و

وقوله وإياكمم والتنعم وزي العجم فإن التنعم يخنث النفس ويكسبها األنوثة والكسل ويكون 

صاحبه أحوج ما يكون إلى نفسه وما آثره من أفلح

وأما زي العجم ف ألن المشابهة في الزي الظاهر تدعو إلى الموافقة في الهدي الباطن 

كما دل عليه الشرع والعقل والحس ولهذا

Page 40: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  40

جاءت الشريعة بالمنع من التشبه بالكفار والحيوانات والشياطين والنساء واألعراب وكل 

ناقص

حتى نهى في الصالة عن التشبه بشبه أنواع من الحيوان يفعلها أو كثيرا منها الجهال 

نهى عن نقر كنقر الغراب والتفات كالتفات الثعلب وإقعاء كإقعاء الكلب وافتراش كافتراش 

 كبروك الجمل ورفع األيدي يمينا وشماال عند السالم كأذناب الخيلالسبع وبروك

ونهى عن التشبه بالشياطين في األكل والشرب بالشمال وفي سائر خصال الشيطان

ونهى عن التشبه بالكفار في زيهم وكالمهم وهديهم حتى نهى عن الصالة بعد العصر 

نوبعد الصبح فإن الكفار يسجدون للشمس في هذين الوقتي

ونهى عن التشبه باألعراب وهم أهل الجفاء والبدو فقال

ال تغلبنكم األعراب على اسم صالتكم العتمة وإنها العشاء في كتاب اهللا

ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء

وقوله عليكم بالشمس فإنها حمام العرب فإن العرب لم تكن

Page 41: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  41

 بالشمس فإنها تسخن وتحلل كما يفعل تعرف الحمام وال كان بأرضهم وكانوا يتعوضون عنه

الحمام

وقوله وتمعددوا أي الزموا المعدية وهي عادة معد بن عدنان في أخالقه وزيه وفروسيته 

وأفعاله

وقوله واخشوشنوا أي تعاطوا ما يوجب الخشونة ويصلب الجسم ويصبره على الحر والبرد 

ه خشونة وقوة وصبرا ما ال والتعب والمشاق فإن الرجل قد يحتاج إلى نفسه فيجد عند

يجدها صاحب التنعم والترفه بل يكون العطب إليه أسرع

وقوله واخلولقوا هو من قوله اخلولق السحاب بعد تفرقه أي اجتمع وتهيأ للمطر وصار خليقا 

له فمعنى اخلولقوا تهيئوا واستعدوا لما يراد منكم وكونوا خلقاء به جديرين بفعله ال كمن 

باب فروسيته وقوته فلم يجدها عند الحاجةضيع أركان و أس

وقوله واقطعوا الركب إنما أمرهم بذلك لئال يعتادوا الركب دائما بالركاب فأحب أن يعودهم 

الركوب بال ركب وأن ينزوا على الخيل نزوا

وقوله ارموا األغراض أمرهم بأن يكون قصدهم في الرمي اإلصابة ال البعد وهذا هو مقصود 

إنما تكون المناضلة على اإلصابة ال على البعد كما سنذكره إن شاء اهللا تعالىالرمي ولهذا 

Page 42: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  42

فصل

فوائد النضال

فلو لم يكن في النضال إال أنه يدفع الهم والغم عن القلب لكان ذلك كافيا في فضله وقد 

جرب ذلك أهله

ل اهللا ما وقد روى الطبراني من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسو

على أحدكم إذا لج به همه أن يتقلد قوسه فينفي به همه وهذا نظير قوله عليكم بالجهاد 

فإنه باب من أبواب اهللا به عن النفوس الهم والغم

Page 43: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  43

قاتلوهم يعذبهم اهللا بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور : وهو من قوله تعالى 

14: هللا على من يشاء واهللا عليم حكيم التوبة قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب ا

فصل

أيمان الرماة لغو ال كفارة فيها

وقد روي في حديث ان أيمان الرمان لغو ال كفارة فيها وال حنث وترجم عليه أبو القاسم 

: الطبراني فقال

باب سقوط الكفارة في أيمان الرماة حدثنا يوسف بن يعقوب بن عبد العزيز الثقفي البصري 

بمصر قال حدثني أبي حدثنا سفيان بين عيينة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال

مر النبي وأبو بكر وعمر برماة يرمون فقال الرامي أصبت واهللا فأخطأ فقال أبو بكر حنث يا 

رسول اهللا فقال

ال أيمان الرماة لغو ال حنث وال كفارة

Page 44: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  44

 عثمان بن حكيم األودي ثنا أبو بكر يونس بن حدثنا زكريا بن يحيى الساجي حدثنا أحمد بن

بكير ثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال

مر رسول اهللا على قوم ينتضلون ويتحالفون أصبت واهللا فقال

ارموا وال إثم عليكم

قلت ينظر في حال يعقوب بن عبد العزيز في السند األول ويونس بن بكير في الثاني وإن 

يخالفا قاعدة األيمان فإن الحلف في ذلك من باب لغو اليمين وهو قول صح الحديثان لم 

الرجل ال واهللا بلى واهللا وليس من األيمان المنعقدة الموجبة للكفارة

فصل

فضل المشي بين الغرضين ومن مشى بينهما من السلف الصالح

وقد روى الطبراني من حديث سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال رسول اهللا

Page 45: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  45

من مشى بين الغرضين كان له بكل خطوة حسنة

وقال إبراهيم التميمي عن أبيه

رأيت حذيفة يعدو بين الهدفين بالمدائن في قميص

وقال األوزاعي عن بالل بن سعد

أدركت قوما يشتدون بين األغراض يضحك بعضهم إلى بعض فإذا كان الليل كانوا رهبانا

وقال مجاهد

 الهدفين ويقول أنا بهارأيت ابن عمر يشتد بين

Page 46: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  46

وقد تقدم أن عقبة بن عامر كان يشتد بين الغرضين وهو شيخ كبير

فصل

المفاضلة بين ركوب الخيل ورمي النشاب

فإن قيل فأيما أفضل ركوب الخيل أو رمي النشاب وأي المسابقة أفضل

قيل قد اختلف في ذلك فرجحت طائفة ركوب الخيل قال مالك

لي من سبق الرميسبق الخيل أحب إ

ذكره أبو عمر في التمهيد عنه

وجوه تفضيل سبق الخيل على الرمي

واحتج أصحاب هذا القول بوجوه

أحدها أنه أصل الفروسية وقاعدتها

الثاني أنه يعلم الكر والفر والظفر بالخصم

الثالث أن الحاجة إلى الرمي في ساعة وأما الركوب فالحاجة إليه من أول ما يخرج إلى 

لقتال إلى أن يرجعا

Page 47: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  47

الرابع أن الركوب يعلم الفارس والفرس معا فهو يؤثر القوة في المركوب وراكبه

الخامس أن النبي راهن على فرس يقال له سبحة فسبق الناس ذكره اإلمام أحمد ولم 

يحفظ عنه أن راهن في النضال

السادس أن ركوبه كان أضعاف أضعاف رميه بما ال يحصى

 سبحانه عقد الخير بنواصي الخيل إلى يوم القيامةالسابع أنه

الثامن أنها تصلح للطلب والهرب فهي حصون ومعاقل ألهلها

التاسع أن أهلها أعز من الرماة وأرفع شأنا وأعال مكانا وأهلها حكام به على الرماة والرماة 

رعية لهم

لنسائي في سننه عن العاشر أنها كانت أحب األشياء إلى رسول اهللا بعد النساء فروى ا

أنس قال

لم يكن شيء أحب إلى رسول اهللا بعد النساء من الخيل

الحادي عشر ما روى مالك في موطئه عن يحيى بن سعيد قال رئى رسول اهللا يمسح 

وجه فرسه بردائه فقيل له في ذلك

Page 48: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  48

فقال إني عوتبت في الخيل

وهذا لكرامتها عليه وعلى من عاتبه فيها

ا رواه النسائي عن أبي ذر قال قال رسول اهللالثاني عشر م

ما من فرس عربي إال يؤذن له عند السحر بكلمات يدعو بهن اللهم خولتني من خولتني 

من بني آدم وجعلتني له فاجعلني من أحب أهله وماله إليه

 ضبحاالمراد بقوله تعالى والعاديات

ابه وذلك يدل على شرفها الثالث عشر أن اهللا سبحانه وتعالى أقسم بالخيل في كت

وفضلها عنده قال تعالى

3 ­ 1: والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا العاديات 

أقسم سبحانه بالخيل تعدو في سبيله و الضبح صوت في

Page 49: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  49

أجوافها عند جريها

فالموريات قدحا توري النار بحوافرها عندما تصك الحجارة

ر تثيره الخيل عند عدوهافأثرن به نقعا النقع الغبا

والضمير في به قيل يعود على القدح وهو ضعيف فإن الغبار ال يثار بالقدح وقيل عائد على 

المغار المدلول عليه بقوله فالمغيرات أي أثرن بالمغار غبارا لكثرة جوالتها فيه ويجوز أن يعود 

 يعود على العدو المفهوم على المغار الذي هو مصدر أي أثرن الغبار بسبب اإلغارة ويجوز أن

من لفظ العاديات

والضمير في وبه الثانية مثل األولى وقيل عائد على النقع أي وسطن جمعا ملتبسات 

بالنقع وعلى هذا ف جمع هنا مجمع العدو وهذا قول ابن مسعود

وقال علي المراد بها إبل الحاج أقسم اهللا سبحانه بها لعدوها في الحج الذي هو من 

جمع الذي وسطن به هو مزدلفة أغرن به وقت الصبحسبيله و 

والقول األول أرجح لوجوه

أحدها أن المستعمل بالضبح إنما هو الخيل ولهذا قال أهل اللغة الضبح صوت أنفاس الخيل 

إذا عدت قال اهللا تعالى والعاديات ضبحا ويقال أيضا ضبح الثعلب

دوها وهذاالثاني وصفها بأنها توري النار من الحجارة عند ع

Page 50: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  50

مشهود في الخيل لقرع سنابكها في الحديد للصفا فيتولد قدح النار من بينهما كما يتولد 

من الحديد والصوان عند القدح

الثالث أنه وصفها باإلغارة وهي وإن استعملت لإلبل كما كانت قريش تقول أشرقت ثبير 

كيما نغير لكن استعمالها في إغارة الغزو أكثر

 سبحانه وقت اإلغارة بالصبح والحجاج عند الصبح ال يغيرون وإنما يكونون بموقف الرابع أنه

مزدلفة وقريش إذ ذاك لم تكن تغير حتى تطلع الشمس فلم تكن تغير بالصبح قريش وال 

غيرها من العرب

في الصحيح عن النبي

أنه كان في الغزو ال يغير حتى يصبح فإذا أصبح فإن سمع أذانا أمسك وإال أغار

الخامس أنه سبحانه عطف توسط الجمع بالفاء التي هي للترتيب بعد اإلغارة وهذا يقتضي 

أنها أغارت وقت الصبح فتوسط الجمع بعد اإلغارة ومن المعلوم أن إبل الحاج لها إغارتان 

إغارة في أول الليل إلى جمع وإغارة قبل طلوع الشمس منها إلى منى واإلغارة األولى 

كن الجمع بينهما وبين وقت الصبح وبين توسط جمع وهذا ظاهرقبل الصبح وال يم

السادس أن النقع هو الغبار وجمع مزدلفة وما حوله كله صفا

Page 51: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  51

وهو واد بين جبلين ال غبار به تثيره اإلبل واهللا أعلم بمراده من كالمه

عودة إلى وجوه تفضيل سبق الخيل على سبق الرمي

الرابع عشر أن النبي أخبر أن

ن ارتبط فرسا في سبيل اهللا فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامةم

الخامس عشر أنه أمر بارتباطها ومسح نواصيها وأكفالها ففي سنن أبي داود والنسائي 

من حديث أبي وهب الجشمي قال قال رسول اهللا

تارارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها وقلدوها وال تقلدوها األو

Page 52: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  52

النهي عن تقليد الخيل األوتار ومعناه

وفي هذا قوالن

أحدهما أنه ال يركب عليها ويقلدها في األخذ باألوتار الجاهلية وهي الذحول والعداوات 

التي بين القبائل

الثاني وهو الصحيح أن ال يقلدها وترا من أجل العين كما كان أهل الجاهلية تفعله وكذلك ال 

ة وال عظما وال تميمة فإن ذلك كله من عمل الجاهليةيعلق عليها خرز

وفي سنن أبي داود وغيره مرفوعا

Page 53: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  53

من تقلد وترا فإن محمدا منه بريء

فصل

 العدوأوجه تفضل الرمي بالنشاب على ركوب الخيل وذكر منفعته وتأثيره ونكايته في

 تعلمه والسباق به وذهبت طائفة ثانية إلى أن الرمي أفضل من الركوب وتعلمه أفضل من

أفضل واحتج هذه الفرقة بوجوه منها

أحدهما أن اهللا سبحانه قدم الرمي في الذكر على الركوب فقال

60: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل األنفال 

وثبت عن النبي أنه فسر القوة بالرمي والعرب إنما تبدأ في كالمها باألهم واألولى قال 

سيبويه

Page 54: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  54

كأنهم إنما يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم ببيانه أعنى وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم 

هذا لفظه

الثاني أنه سمى الرمي قوة وعدل عن لفظه وسمى رباط الخيل بلفظه ولم يعدل إلى 

غيره إشارة إلى ما في الرماية من النكاية والمنفعة

ه من الركوب فدل على أنه أفضل منه ففي سنن الثالث أن النبي أخبر أن الرمي أحب إلي

أبي داود والنسائي والترمذي من حديث عقبة بن عامر قال قال رسول اهللا

إن اهللا ليدخل بالسهم الواحد ثالثة نفر الجنة صانعه المحتسب في عمله الخير والرامي به 

والممد به فارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا

الرمي ميراث من إسماعيل الذبيح كما في صحيح البخاري أن النبي مر بنفر الرابع أن 

ينتضلون فقال

ارموا بني اسماعيل فإن أباكم كان راميا

الخامس أن النبي دخل مع الفريقين معا في النضال ولم يدخل مع الفريقين في سباق 

ن ال يفوته منه شيءالخيل فدل على فضل الرماة والرماية فأراد أن يحوز فضل الفريقين وأ

Page 55: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  55

السادس أنه صح عنه من الوعيد في نسيان الرمي ما لم يجيء مثله في ترك الركوب 

ففي صحيح مسلم من حديث عقبة بن عامر قال قال رسول اهللا

من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى

ول الهوعند الطبراني عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رس

من تعلم الرمي ثم نسيه فهي نعمة سلبها

Page 56: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  56

وقال عبد اهللا بن المبارك حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال أخبرني أبو سالم قال 

حدثني خالد بن زيد عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول اهللا يقول

من نسي الرمي بعدما علمه فإنها نعمة كفرها أو تركها

هم يعدل عتق رقبة كما في سنن أبي داود والنسائي والترمذي عن السابع أن رمي الس

عمرو بن عبسة قال سمعت رسول اهللا يقول

من رمى بسهم في سبيل اهللا فهو عدل محرر

Page 57: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  57

قال الترمذي

حديث حسن صحيح

وفي لفظ النسائي

من رمى بسهم في سبيل اهللا بلغ العدو أو لم يبلغ كان له عتق رقبة

بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن أسد بن وداعة عن عمرو بن عبسة وقال عبد اهللا 

قال سمعت رسول اهللا يقول

Page 58: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  58

من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اهللا بكل عضو منه عضوا منه من النار ومن رمى بسهم في 

سبيل اهللا وبلغ العدو فأصاب أو أخطأ كان له عتق رقبة

ني من حديث أبي عوانة عن األعمش عن عمرو الثامن أنه درجة من الجنة كما رواه الطبرا

بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد اهللا بن مسعود قال قال رسول اهللا يوم الطائف

قاتلوا فمن بلغ بسهم فإنها درجة أما إنها ليست بدرجة أبي أحدكم وال أمه ولكنها درجة 

في الجنة

Page 59: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  59

جعد عن معدان بن أبي وذكر من حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن سالم بن أبي ال

طلحة عن عمرو بن عبسة قال رسول اهللا وهو محاصر الطائف

من رمى بسهم فله درجة في الجنة فبلغت ستة عشر سهما وقال من بلغ بسهم فهو 

عدل رقبة وذكر أبو يعقوب القراب من حديث األعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن 

 بلغ بسهم فله درجة في الجنةعبداهللا بن مسعود قال قال رسول اهللا من

قالوا يا رسول اهللا وما الدرجة

Page 60: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  60

قال ما بين الدرجتين خمس مئة عام

التاسع أنه نور يوم القيامة كما رواه الحافظ أبو يعقوب القراب في كتاب فضل الرمي من 

حديث محمد ابن الحنفية قال رأيت أبا عمرة األنصاري وكان بدريا أحديا وهو يتلوى من 

لعطش ثم قال سمعت رسول اهللا يقولا

من رمى بسهم في سبيل اهللا فبلغ أو قصر كان ذلك السهم نورا يوم القيامة

قال أبو يعقوب وروينا بروايات مختلفة أكثر من عشرة يطول بذكر أسانيدهم الكتاب عن 

رسول اهللا

من رمى بسهم في سبيل اهللا كان له نورا تاما

Page 61: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  61

للرماة قال لسعد بن أبي وقاصالعاشر أن النبي دعاة 

اهللا سدد رميته وأجب دعوته

فكان ال يخطئ لهم سهم وكان مجاب الدعوة

الحادي عشر أن النبي فدى الرماة بأبيه وأمه ففي الصحيحين عن سعيد بن المسيب قال 

قال سعد بن مالك

نثل لي رسول اهللا كنانته يوم أحد فقال ارم فداك أبي

Page 62: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  62

وأمي

اوفي لفظ لهم

جمع لي رسول اهللا أبويه يوم أحد

وفي صحيح مسلم عن عامر بن سعد عن أبيه

أن النبي جمع له أبويه يوم أحد قال كان رجل من المشركين أحرق المسلمين فقال له 

النبي ارم فداك أبي وأمي قال فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط 

لى نواجذهوانكشفت عورته فضحكت رسول اهللا حتى نظرت إ

الثاني عشر للماشي بين الغرضين بكل خطوة حسنة كما روى الطبراني في كتاب فضل 

الرمي من حديث علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال رسول اهللا

من مشى بين الغرضين كان له بكل خطوة حسنة

أن النبي كان من حرصه على الرمي يناول الرامي: الثالث عشر 

Page 63: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  63

السهم ما له نصل يرمي به وكان الرماة وقاية لرسول اهللا كما ذكر ابن إسحاق في المغازي 

من حديث سعد أنه رمى يوم أحد دون رسول اهللا قال سعد

ولقد رأيت رسول اهللا يناولني السهم ويقول ارم فداك أبي وأم حتى أنه ليناولني السهم 

السهم ما لم نصل فأرمي به

ضائل القوس أن النبي كان يخطب وهو متوكئ عليهاالرابع عشر أنه من ف

ويذكر عن أنس قال

ما ذكرت القوس عند النبي إال قال ما سبقها سالح إلى خير قط

ويذكر أن جبريل جاء يوم بدر وهو متقلد قوسا عربية

الخامس عشر إن في القوس خاصة وهي أنها تنفي الفقر عن

Page 64: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  64

 نظر ذكره أبو القاسم الطبراني في كتاب فضل الرمي صاحبها وقد ورد بذلك أثر في إسناده

من حديث الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس أن رسول اهللا قال

من اتخذ قوسا عربية نفى اهللا عنه الفقر

السادس عشر أن بالقسي مكن اهللا الصحابة في البالد ونصرهم على عدوهم كما رواه 

اعدة عن أبيه عن جده أن رسول اهللا أشار الطبراني من حديث عبد الرحمن بن عويم بن س

إلى القوس العربية وقال

بهذه وبرماح القنا يمكن اهللا لكم البالد وينصركم على عدوكم

وروى ابن ماجه نحوه عن علي بن أبي طالب كرم اهللا وجهه مرفوعا

السابع عشر أن النبي حرضهم عند فتح البالد عليهم على اللهو بالسهام كما رواه 

اني من حديث صالح بن كيسان عن عقبة بن عامرالطبر

Page 65: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  65

قال سمعت رسول اهللا يقول

ستفتح لكم األرض وتكفون المؤنة فال يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه

الثامن عشر أن منفعة الرمي ونكايته في العدو فوق منفعة سائر آالت الحرب فكمم من 

رسان وترعد منه أبطال الرجالسهم واحد هزم جيشا وإن الرامي الواحد ليتحاماه الف

هذا وإن السهم تريد ترسله إلى عدوك فيكفيك مؤنته على البعد وقد علم بالتجربة أن 

الرامي الواحد إذا كان جيد الرمي فإنه يأخذ الفئة من الناس الذين ال رامي معهم ويطردهم 

ئة سهم عد جميعا ولهذا عند أرباب الحروب إن كل سهم مقام رجل فإذا كان مع الرجل م

بمئة رجل والخصم يخاف من النشاب أضعاف خوفه من السيف والرمح وإذا كان راجل واحد 

رام أمكنه أن يأخذ مئة فارس ال رامي فيهم ويغلبهم ومئة فارس ال يغلبون راميا واحدا ولهذا 

ألقى اهللا من الرعب لصاحب الرمي عند خشخشة النشاب والجعبة ما لم يلقه لصاحب 

مح وهذاالسيف والر

Page 66: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  66

معلوم بالمشاهدة حتى أن األلف ليفزعون من رام واحد وال يكادون يفزعون من ضارب 

سيف واحد فصوت الرامي المجيد في الجيش خير من فئة كما قال النبي

صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة

Page 67: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  67

وكان أبو طلحة من أحسن الصحابة رميا وأشدهم نزعا وفي الصحيح أنه

ن يوم أحد انهزم الناس عن رسول اهللا وأبو طلحة بين يدي رسول اهللا مجوب عليه لما كا

بحجفة معه وكان أبو طلحة رجال راميا شديد النزع وكسر يومئذ قوسين أو ثالثا وكان الرجل 

يمر بالجعبة فيها النبل فيقول انثرها ألبي طلحة ويشرف رسول اهللا فينظر إلى القوم فيقول 

شرف يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحركله أبو طلحة ال ت

وفي لفظ آخر

ال تشرف يا رسول اهللا نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء

Page 68: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  68

وقال أنس

كان رسول اهللا وأبو طلحة يترسان بترس واحد وكان أبو طلحة إذا رمى يشرف له رسول اهللا 

ينظر إلى مواقع سهمه

لجهات كلها فيعمل في وجه العلو والسفل واليمين التاسع عشر أن الرمي يعمل في ا

والشمال وخلف وأمام على البعد وغيره ال يبلغ عمله ذلك وال بعضه وال يؤثر إلى مع القرب

العشرون أن الرمي يصلح للكسب والحرب فيصاد به الطير والوحش وهو يصلح لتحصيل 

ين وإن كان غير الرامي قد المنافع ولدفع المضار وهو أعظم اآلالت تحصيال لهذين األمر

يحصل به ذلك إال أن الحاصل منه بالرمي أكمل وأتم فهذا بعض ما احتج به الفريقان

قال شيخ اإلسالم

وقد روي أن قوما كانوا يتناضلون فقيل يا رسول اهللا قد حضرت الصالة فقال إنهم في صالة 

فشبه رمي النشاب بالصالة وكفى

Page 69: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  69

بذلك فضال

ن تفضيل الرمي على ركوب الخيل والعكسفضل النزاع بي

وفضل النزاع بين الطائفتين أن كل واحد منهما يحتاج في كماله إلى االخر فال يتم مقصود 

أحدهما إال باآلخر والرمي أنفع في البعد فإذا اختلط الفريقان بطل الرمي حينئذ وقامت 

الخصمان من البعد فالرمي سيوف الفروسية من الضرب والطعن والكر والفر وأما إذا تواجه 

أنفع وأنجع وال تتم الفروسية إال بمجموع األمرين واألفضل منهما ما كان أنكى في العدو 

وأنفع للجيش وهذا يختلف باختالف الجيش ومقتضى الحال واهللا أعلم

فصل

رميه بيده الكريمة

وأما رميه بيده الكريمة فقال ابن اسحاق في المغازي

بن قتادة أن رسول اهللا رمى عن قوسه يوم أحد حتى اندقت سيتها حدثني عاصم بن عمر 

فأخذها قتادة بن النعمان فكانت عنده وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى وقعت 

على وجنته فحدثني عاصم بن عمر أن رسول اهللا ردها بيده فكانت أحسن عينيه وأحدهما

Page 70: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  70

فصل

طعنه بالحربة

 رمح قصير ففي مغازي موسى بن عقبة وابن إسحاق واألموي وأما طعنه بالحربة وهي

وغيرها

أنه لما كان يوم أحد وأسند رسول اهللا إلى الجبل أدركه أبي بن خلف وهو يقول أين محمد 

ال نجوت إن نجا

قال ابن إسحاق

Page 71: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  71

وكان أبي بن خلف كما حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف يلقى رسول اهللا 

ة فيقول يا محمد إن عندي العود فرسا له أعلفه كل يوما فرقا من ذرة أقتلك عليها بمك

فيقول بل أنا أقتلك إن شاء اهللا

قال موسى بن عقبة

قال سعيد بن المسيب فلما أدرك أبي رسول اهللا اعترض له رجال من المؤمنين فأمرهم 

لدار يقي رسول اهللا رسول اهللا فخلوا طريقه واستقبله مصعب بن عمر أخو بني عبد ا

بنفسه فقتل مصعب بن عمير وأبصر رسول اهللا ترقوة أبي بن خلف من فرجة في سابغة 

الدرع والبيضة فطعنه بحربته فوقع أبي عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم فكسر ضلعا من 

أضالعه فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم قال 

حمد قالوا له ذهب واهللا فؤادك إنه ما كان بك من بأس قال إنه كان قد قال لي قتلني واهللا م

بمكة أنا أقتلك فواهللا لو بصق علي لقتلني فمات عدو اهللا بسرف وهم قافلون إلى مكة

قال ابن عقبة في هذا الحديث

قال والذي نفسي بيده لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا

Page 72: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  72

أجمعون

فصل

رماحفضل ال

وقد ذكر اهللا سبحانه وتعالى الرماح في كتابه فقال

يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم اهللا بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم اهللا من يخافه 

94: بالغيب المائدة 

وفي مسند اإلمام أحمد من حديث عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما قال قال رسول اهللا

يدي الساعة حتى يعبد اهللا وحده ال شريك له وجعل رزقي تحت ظل بعثت بالسيف بين 

رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم

Page 73: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  73

وفي سنن ابن ماجه عن علي بن أبي طالب قال

كانت بيد رسول اهللا قوس عربي فرأى رجال بيده قوس فارسية فقال ما هذه ألقها وعليك 

ها ورماح القنا فإنهما يزيد اهللا بهما في الدين ويمكن لكم في البالدبهذه وأشباه

والرماح للمقاتلة بمنزلة الصياصي للوحوش تدفع بها من يقصدها وتحارب بها وقد نص اإلمام 

أحمد على أن العمل بالرمح أفضل من الصالة النافلة في األمكنة التي يحتاج فيها إلى 

الجهاد

Page 74: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  74

ر فيها الفروسيةاألشياء التي تظه

والفروسية تظهر في ثالثة أشياء

ركوب الخيل والمسابقة عليها -

ورمي النشاب -

واللعب بالرمح وهو بنود كثيرة ومبناه التبطيل والنقل والتسريح والنثل والطعن والدخول  -

والخروج ومداره على أصلين الطعن والتبطيل فالشجاع الخبير الذي ال يطعن في موطن 

 وال يبطل في موضع الطعن بل يعطي كل حال ما يليق به ويعرف حكم مالزقة التبطيل

القرن ومفارقته ومخارجته ومضايقته وهزله وجده وأخذه ورده وطلوعه ونزوله وكره وفره 

ويعطي كل حال من هذه األحوال كفوها وما يليق بها ويكون عارفا بالدخول والخروج ومواضع 

ام واستعمال الطعن الكاذب في موضعه والصادق في الطعن والضرب واإلقدام واإلحج

موضعه واالستدارة عند المجاولة يمينا وشماال وإعمال الفكر حال دخول القرن على قرنه 

في الخروج منه والدخول عليه فال يشغله أحدهما عن اآلخر

أوجه الشبه بين الجالد بالسيف والجدال بالحجة

جدال بالحجة ولبرهان كاألخوين الشقيقين والقرينين ولما كان الجالد بالسيف والسنان وال

المتصاحبين كانت أحكام كل واحد منهما شبيهة بأحكام اآلخر ومستفادة منه

فاإلصابة في الرمي والنضال كاإلصابة في الحجة والمقال

Page 75: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  75

والطعن والتبطيل نظير إقامة الحجة وإبطال حجة الخصم والدخول الخروج نظير اإليراد 

تراز منه وجواب الخصم والقرن عند دخوله عليك كجواب الخصم عما يورده عليكواالح

فروسية العلم والبيان وفروسية الرمي والطعان

فالفروسية فروسيتان فروسية العلم والبيان وفروسية الرمي والطعان

د ولما كان أصحاب النبي أكمل الخلق في الفروسيتين فتحوا القلوب بالحجة والبرهان والبال

بالسيف والسنان

وما الناس إال هؤالء الفريقان ومن عداهما فإن لم يكن ردءا وعونا لهما فهو كل على نوع 

اإلنسان

وقد أمر اهللا سبحانه وتعالى رسوله بجدال الكفار والمنافقين وجالد أعدائه المشاقين 

والمعاد وال والمحاربين فعلم الجدال والجالد من أهم العلوم وأنفعها للعباد في المعاش 

يعدل مداد العلماء إال دم الشهداء والرفعة وعلو المنزلة في الدارين إنما هي لهاتين 

الطائفتين وسائر الناس رعية لهما منقادون لرؤسائهما

فصل الرهان على الغلبة بالرمح

فإن قيل فإذا كان شأن الرمح ما ذكرتم فهال جوزتم الرهان على الغلبة به كما جوزتموها 

لنضال وسباق الخيلفي ا

Page 76: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  76

قيل اختلفت الفقاء في ذلك فمنعه أصحاب أحمد ومالك وللشافعية في المزاريق وجهان

قال من جوز الرهان عليها هي داخلة في اسم النصل

وقال المانعون المراد بالنصل ما يتبادر إليه األفهام وما جرت عادة الناس بالتراهن عليه من 

و السهام خاصة وال ريب أن من جوز الرهان على العدو باألقدام عهد الصحابة وإلى اآلن وه

والصراع فتجويزه له في المغالبة بالرماح أولى وأحرى

فصل

 األولىركوب النبي الفرس عريانا وتقلده بالسيف وورود ذلك في صفته في الكتب

لوأما ركوبه الفرس عريانا وتقلده السيف ففي الصحيحين من حديث ثابت عن أنس قا

Page 77: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  77

كان رسول اهللا أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس ولقد فزع أهل المدينة ليلة فركب 

فرسا ألبي طلحة عريا فخرج الناس فإذا هم برسول اهللا قد سبقهم الى الصوت قد إستبرأ 

الخبر وهو يقول لن تراعوا وقال النبي وجدناه بحرا

ن فرسا يبطأقال ثابت فما سبق ذلك الفرس بعد ذلك قال وكا

وفي لفظ فستقبل الناس على فرس عري ألبي طلحة والسيف في عنقه

وفي صفته في الكتب األولى عزه على عاتقه إشارة الى تقلده السيف

وفيها أيضا صفته وصفة أمته تتقلد السيوف كما في الزبور في بعض المزامير

سيف ألنه البهاء لوجهك والحمد من أجل هذا بارك اهللا عليك إلى األبد فتقلد أيها الخيار ال

الغالب عليك لتركب كلمة الحق وسمت التأله فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك 

وسهامك

Page 78: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  78

مسنونة واألمم يجرون تحتك

وليس من األنبياء من تقلد السيف بعد داود وخرت األمم تحته وقرنت شرائعه بالهيبة سوى 

نبينا كما قال

 شهرنصرت بالرعب مسيرة

وفي صفة أمته في الزبور

وليفرح من اصطفى اهللا أمته وأعطاه النصر وسدد الصالحين منهم بالكرامة يسبحونه على 

مضاجعهم ويكبرون اهللا بأصوات مرتفعة بأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقم بهم من األمم 

الذين ال يعبدونه

وهذه الصفات منطبقة على محمد وأمته

فصل

 المسابقة وصوره المتفق عليها والمختلف فيهاأحكام الرهان في

اتفق العلماء على جواز الرهان في المسابقة على الخيل واإلبل والسهام في الجملة 

واختلفوا في فصلين

أحدهما في الباذل للرهن من هو

Page 79: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  79

الثاني في حكم عود الرهن إلى من يعود

 يجوز أن يكون أحد المتعاقدين فذهب الشافعي وأحمد وأبو حنيفة إلى أن الباذل للرهن

ويجوز أن يكون كالهما وأن يكون أجنبيا ثالثا إما اإلمام وإما غيره ولكن إن كان الرهن منهما 

لم يحل إال بمحلل وهو ثالث يدخالنه بينهما ال يخرج شيئا فإن سبقهما أخذ سبقهما وإن 

مع أحدهما اشترك هو سبقاه معا أحرزا سبقهما ولم يغرم المحلل شيئا وإن سبق المحلل 

والسابق في سبقه

ثم اختلفوا في أمر آخر في المحلل وهو أنه هل يجوز أن يكون المحلل أكثر من واحد أو ال 

يجوز أن يكون إال واحدا

فظاهر كالمهم أن المحلل يكون كأحد الحزبين إما واحدا وإما عددا

وقال أبو الحسن اآلمدي من أصحاب أحمد

د ولو كانوا مئة ألن الحاجة تندفع بهال يجوز أكثر من واح

قالوا والعقد بدون المحلل إذا أخرجا معا قمار

Page 80: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  80

ومذهب مالك أنه إنما يجوز أن يخرج السبق ثالث ليس من المتسابقين إما اإلمام أو غيره 

وال يجري معهم فمن سبق منهما أخذ ذلك السبق فإن جرى معهما الذي أخرج السبق فال 

ون السباق فرسين أو أكثر فإن كانتا فرسين فسبق مخرج السبق فالسبق يخلو إما أن تك

طعم لمن حضر وال يأخذه السابق وإن كانت خيال كثيرة وقد سبق مخرج السبق أعطى 

سبقه للذي يليه وهو المصلي ولم يأخذه

وفقه ذلك أن سبقه ال يعود إليه بحال سواء سبق أو سبق

لل وال بغير محلل وال أن يخرج أحد المتسابقينوال يجوز عنده أن يخرجا معا ال بمح

وقد روى عن مالك رواية ثانية جواز إخراج السبق منهما بمحلل كقول الثالثة قال ابن عبد 

البر

وهذا أجود قوليه وهو اختيار ابن المواز

قلت ولكن أصحابه على خالفه والمشهور عندهم ما حكيناه عنه أوال والقول بالمحلل 

لناس عن سعيد بن المسيب وأما الصحابة فال يحفظ عن أحد منهم قط أنه مذهب تلقاه ا

اشترط المحلل وال راهن به مع كثرة تناضلهم ورهانهم بل المحفوظ عنهم خالفه كما ذكره 

عن أبي

Page 81: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  81

عبيدة بن الجراح

وقال الجوزجاني اإلمام في كتابة المترجم

أبو إسحاق هو الفزاري عن ابن عيينة حدثنا أبو صالح هو محبوب بن موسى الفراء حدثنا 

عن عمرو بن دينار قال قال رجل عند جابر ابن زيد إن أصحاب محمد كانوا ال يرون بالدخيل 

بأسا فقال هم كانوا أعف من ذلك

والدخيل عندهم هو المحلل فينافيه ما نقل عنهم أنهم لم يكونوا يرون به بأسا

ون شرطا في صحة العقد وحله فهذا ال يعرف عن وفرق بين أن ال يرون به بأسا وبين أن يك

أحد منهم ألبتة

وقوله كانوا أعف من ذلك أي كانوا أعف من أن يدخلوا بينهم في الرهان دخيال كالمستعار 

ولهذا قال جابر بن زيد راوي هذه القصة

أنه ال يحتاج المتراهنان إلى المحلل

حكاه الجوزجاني وغيره عنه

فصل

ناس في هذه المسألة فنذكر حجج الفريقين ومأخذ المسألة من إذا عرفت مذاهب ال

الجانبين وإلى المنصف التحاكم وغيره ال يعبأ اهللا به وال رسوله وال أولو العلم شيئا

Page 82: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  82

أدلة المجوزين للتراهن من غير محلل

قال المجوزون للتراهن من غير محلل

قال اهللا تعالى

1:  المائدة يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود

وهذا يقتضي األمر بالوفاء لكل عقد إال عقدا حرمه اهللا ورسوله أو أجمعت األمة على 

تحريمه وعقد الرهان من الجانبين ليس فيه شيء من ذلك فالمتعاقدان مأموران بالوفاء به

وقال اهللا تعالى

34: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤوال اإلسراء 

177: عهدهم إذا عاهدوا البقرة وقال تعالى والموفون ب

وقال النبي

المسلمون عند شروطهم إال شرطا أحل حراما أو حرم حالال حديث صحيح

وقال عليه السالم إن من أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم على 

الناس من أجل مسألته

Page 83: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  83

ليل من كتاب اهللا وسنة وهذا يدل على أن العقود والمعامالت على الحل حتى يقوم الد

ورسوله على تحريمها

فكما أنه ال واجب إال ما أوجبه اهللا ورسوله فال حرام إال ما حرمه اهللا ورسوله

قالو وقد أطلق النبي جواز أخذ السبق في الخف والحافر والنصل إطالق مشرع إلباحته ولم 

يقيده بمحلل فقال

ال سبق إال في خف أو حافر أو نصل

محلل شرطا لكان ذكره أهم من ذكر محال السباق إن كان السباق بدونه حراما فلو كان ال

وهو قمار عند المشترطين فكيف يطلق رسول اهللا جواز أخذ السبق في هذه األمور ويكون 

أغلب صوره مشروطا بالمحلل وأكل المال بدونه حرام وال يبينه بنص وال بإيماء وال تنبيه وال 

مدة رهانهم في المحلل قضية واحدةينقل عنه وال عن أصحابه 

قالوا وفي مسند اإلمام أحمد عن أبي لبيد لمازة بن زبار قال قلنا ألنس أكنتم تراهنون 

على عهد رسول اهللا قال

Page 84: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  84

نعم لقد راهن رسول اهللا على فرس يقال له سبحة فسبق الناس فهش لذلك وأعجبه وهو 

به رواية هذا اإلمام له وعلى المانع إبداء ما حديث جيد اإلسناد ومن الكفاية في االحتجاج 

يوجب عدم اإلحتجاج

قالوا والمراهنة مفاعلة وهي ال تكون إال من الطرفين هذا اصلها والغالب عليها

قالوا وروى أحمد ايضا حدثنا غندر عن شعبة عن سماك قال سمعت عياضا األشعري قال

غضب قال فسبقه قال فرأيت عقيصتي قال أبو عبيدة من يراهنني فقال شاب أنا إن لم ت

أبي عبيدة تنقزان وهو على فرس خلفه عري

ولم يذكر محلال في هذا وال في غيره

قالوا ومثل هذا ال بد أن يشتهر ولم ينقل عن صحابي خالفه

قال شيخ اإلسالم

ما علمت بين الصحابة خالفا في عدم اشتراط المحلل

Page 85: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  85

قالوا وقد قال النبي

جنب في الرهانال جلب وال 

والرهان على وزن فعال وهو مقتضى أن يكون من الجانبين فأبطل النبي في عقد الرهان 

الجلب والجنب ولم يبطل اشتراطهما في بذل السبق مع أن بيان حكمه أهم من بيان 

الجلب والجنب بكثير

 هذا قالوا ولو كان إخراج العوض من المتراهنين حراما وهو قمار لما حل بالمحلل فإن

المحلل ال يحل السبق الذي حرمه اهللا ورسوله وال تزول المفسدة التي في إخراجها 

بدخوله بل تزيد كما سنبينه فإن كان العقد بدونه قمارا فهو بدخوله أيضا قمار إذ المعنى 

الذي جعلتموه

Page 86: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  86

عقد قمارا ألجله قمارا إذا اشتركا في اإلخراج هو بعينه قائم مع دخول المحلل فكيف يكون ال

في إحدى الصورتين وحالال في األخرى مع قيام المعنى بعينه

وال تذكرون فرقا إال كان الفرق مقتضيا ألن يكون العقد بدونه أقل خطرا وأقرب إلى الصحة 

كما سنذكره إن شاء اهللا تعالى

قالوا ودخول المحلل في هذا العقد كدخول المحلل في النكاح للمطلق ثالثا وكدخول 

لل في عقد العينة ونحوها من العقود المشتملة على الحيل الربوية فإن كان واحد المح

منهم مستعار غير مقصود في العقد والمقصود غيره وهو حرف جاء لمعنى من غيره وقد 

ثبت في محلل النكاح والعينة ما ثتب فيه من النهي عنه واإلخبار عن محلل النكاح أنه 

قد وإنما استعير دخيال ليحل ما حرم اهللا تعالىتيس مستعار فإنه لم يقصد بالع

قالوا فإن كان إخراج السبق من المتراهنين حراما فدخول المحلل ليحله كدخول محلل 

النكاح سواء بسواء وإن كان بذل السبق منهما جائزا معه فبدونه أولى بالجواز

أو ليحل أكل السبق قالوا وأيضا فالمحلل إما أن يكون دخوله ليحل العمل أو ليحل البذل 

واألقسام الثالثة باطلة

أما بطالن إحالله العمل فظاهر فإن العمل حالل باالتفاق

وأما بطالن إحالله البذل فكذلك أيضا ألن البذل جعالة عند المشترطين للمحلل في هذا 

العقد وبذل الجعل في الجعالة ال يتوقف على

Page 87: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  87

ليهما إذ غايتها أن تكون جعالة من الطرفين محلل سواء كان من أحد الجانبين أو من ك

وحلها ال يتوقف على محلل كما لو أبق لكل واحد منهما عبد فقال كل منهما لآلخر إن رددت 

عبدي فلك عشرة وبذل السبق عندهم هو مثل هذا فإنهم يدخلونه في قسم الجعاالت

كان حراما بدون وأما بطالن إحالله ألجل السبق فكذلك أيضا ألن أكل هذا السبق إن 

المحلل فهو حرام بدخوله فإنه ال تأثير له في حل ما كان حراما عليهما وإن لم يكن حراما 

بدخول المحلل لم يكن حراما بدونه فإنه ال تأثير له في عملهما وال في دفع المخاطرة في 

عقدهم بل دخوله إن لم يضرهما لم ينفعهما

لميسر في كتابه كما حرم الخمر والميسر هو القمار قالوا وأيضا فاهللا سبحانه وتعالى حرم ا

وتحريمه إما أن يكون لنفس العمل أو لما فيه من أكل المال الباطل أو لمجموع األمرين 

وليس هنا قسم رابع

وأيا ما كان فليس في هذا العقد المتنازع فيه واحد من األمور الثالثة بل هو خال عنها فإن 

الثة أقسام أحدها ما فيه مفسدة راجحة على منفعته المغالبات في الشرع تنقسم ث

كالنرد والشطرنج فهذا يحرمه الشارع ال يبيحه إذ مفسدته راجحة على مصلحته وهي من 

جنس مفسدة السكر ولهذا قرن اهللا سبحانه وتعالى بين الخمر والقمار في الحكم 

وجعلهما فريني األنصاب واألزالم وأخبر أنها كلها رجس

Page 88: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  88

ا من عمل الشيطان وأمر باجتنابها وعلق الفالح باجتنابها وأخبر أنها تصد عن ذكره وعن وأنه

الصالة وتهدد من لم ينته عنها ومعلوم أن شارب الخمر إذا سكر كان ذلك مما يصده عن 

ذكر اهللا وعن الصالة ويوقع العداوة والبغضاء بسببه

رنج وأمثالهما مما يصد عن ذكر اهللا وكذلك المغالبات التي تلهي بال منفعة كالنرد والشط

وعن الصالة لشدة التهاء النفس بها واشتغال القلب فيها أبدا بالفكر

ومن هذا الوجه فالشطرنج أشد شغالل للقلب وصدا عن ذكر اهللا وعن الصالة ولهذا جعله 

بعض العلماء أشد تحريما من النرد وجعل النص على أن الالعب بالنرد عاص هللا ورسوله 

بيها بطريق األولى على أن الالعب بالشطرنج أشد معصية إذ ال يحرم اهللا ورسوله فعال تن

مشتمال على مفسدة ثم يبيح فعال مشتمال على مفسدة أكبر من تلك والحس والوجود 

شاهد بأن مفسدة الشطرنج وشغلها للقلب وصدها عن ذكر اهللا وعن الصالة أعظم من 

لبغضاء لما فيها من قصد كل من المتالعبين قهر اآلخر مفسدة النرد وهي توقع العداوة وا

وأكل ماله وهذا من اعظم ما يوقع العداوة والبغضاء فحرم اهللا سبحانه هذا النوع الشتماله 

على ما يبغضه ومنعه مما يحبه

Page 89: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  89

بين فصل المصلحة الراجحة المتضمنة لما يحبه اهللا ورسوله تقتضي عدم إدخال المحلل 

أوجه ذلكالمتسابقين و

القسم الثاني عكس هذا وهو ما فيه مصلحة راجحة وهو متضمن لما يحبه اهللا ورسوله 

معين عليه ومفض إليه فهذا شرعه اهللا تعالى لعباده وشرع لهم األسباب التي تعين عليه 

وترشد إيه وهو كالمسابقة على الخيل واإلبل والنضال التي تتضمن االشتغال بأسباب 

روسية واالستعداد للقاء أعدائه وإعالء كلمته ونصر دينه وكتابه ورسوله الجهاد وتعلم الف

فهذه المغالبة تطلب من جهة العمل ومن جهة أكل المال بهذا العمل الذي يحبه اهللا تعالى 

ورسوله ومن الجهتين معا

وهذا القسم جوزه الشارع بالبرهان تحريضا للنفوس عليه فإن النفس يصير لها داعيان 

غلبة وداعي الكسب فتقوى رغبتها في العمل المحبوب هللا تعالى ورسوله فعلم أن داعي ال

أكل المال بهذا النوع أكل له بحق ال بباطل ومعلوم أن دخول المحلل يضعف هذا الغرض 

ويفتر عزم األقران فهو يعود على مطلوب الشارع باإلبطال فإن المتسابقين متى رأيا بينهما 

هما إن غلب وال يأخذان منه شيئا إن غلباه فترت عزيمتهما وضعف دخيال مستعارا يأكل مال

حرصهما

ومعلوم أن هذا ال إعانة فيه على هذا العمل وال تقوية فيه للرعية وال هو أدى إلى تحصيل 

المال الباعث على العمل فالعقد بدونه أقرب إلى

Page 90: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  90

حصول ما يحبه اهللا تعالى

فصلقالوا والوجود شاهد بذلك 

القسم الثالث وهو ما ليس فيه مضرة راجحة وال هو أيضا متضمن لمصلحة راجحة يأمر وأما 

اهللا تعالى بها ورسوله فهذا ال يحرم وال يؤمر به كالصراع العدو والسباحة وشيل األثقال 

ونحوها

فهذا القسم رخص فيه الشارع بال عوض إذ ليس فيه مفسدة راجحة وللنفوس فيه 

ن مع القصد الحسن عمال صالحا كسائر المباحات التي تصير استراحة وإجمام وقد يكو

بالنية طاعات فاقتضت حكمة الشرع الترخيص فيه لما يحصل فيه من إجمام النفس وراحتها 

واقتضت تحريم العوض فيه إذ لو أباحته بعوض التخذته النفوس صناعة ومكسبا فالتهت به 

عن كثير من مصالح دينها ودنياها

عبا محضا وال مكسب فيه فإن النفس ال تؤثره على مصالح دنياها ودينها وال فأما إذا كان ل

تؤثره عليها إال النفوس التي خلقت للبطالة

قالوا وبهذا التقسيم تتبين حكمة الشرع في إدخاله السبق في الخف والحافر والنصل 

ومنعه فيما عداها وتبين به أن الدخيل ال مصلحة فيه للمتسابقين ألبتة

ا وأيضا فالشرع مبناه على العدل فإن اهللا سبحانه أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس قالو

بالقسط وقد حرم اهللا سبحانه الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده والعقود كلها 

مبناها على العدل بين

Page 91: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  91

على العدل المتعاقدين عقود المعاوضات والمشاركات جائزها والزمها وإذا كان مبنى العقود 

من الجانبين فكيف يوجب في عقد من العقود أن يبذل أحد المتعاقدين وحده دون اآلخر 

وكالهما في العمل والرغبة سواء وكل واحد منهما راغب في السبق والكسب فما الذي 

جوز البذل ألحدهما دون اآلخر

ل ماليهما إن قالوا وأيضا فالمحلل كأحدهم في العمل والرغبة فما الذي أوجب عليها بذ

سبقهما وحرم عليه وعليهما بذل ماله لهما إن سبقاه مع تساويهم في العمل من كل وجه 

فأي قياس أو أي نظر أو أية حكمة أو أية مصلحة توجب ذلك

قالوا بل دخول المحلل بينهما يضرهما وال ينفعهما فهو لم يزدهما إال ضررا فإنه إن سبقهما 

ال منه شيئا وأما إذا لم يدخاله فإنه أيهما سبق صاحبه أخذ أكل مالهما وإن سبقاه لم يأك

ماله وإن لم يسبق أحدهما اآلخر أحرز كل واحد منهما مال نفسه وهذا أعدل ألن الغالب 

يأخذ بعمله والمغلوب يغرم ألنه بذل المال لمن يغلبه وأما المحلل فإنه إن كان غالبا غنم 

 مغلوبا غرموإن كان مغلوبا سلم وصاحب المال إن كان

قالوا فمقتضى القياس فساد العقد بالمحلل

قالوا وأيضا فالمحلل عندكم على خالف القياس وإنما احتملتموه للضرورة حتى قال أبو 

الحسن اآلمدي

Page 92: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  92

ال يجوز أكثر من محلل واحد ولو كانوا مئة

لم يكن على قالوا ألن الحاجة اندفعت به ولو كان هذا المحلل مقصودا وللعقد به مصلحة 

خالف القياس وكان كأحد الحزبين

قالوا ومن المعلوم أن المحلل غير مقصود بالعقد وإنما المقصود صاحباه فأنتم جعلتم 

المحلل الذي لم يقصد بهذا العقد أحسن حاال من صاحبيه المقصودين بالعقد وهل هذا 

د أحق من رعاية جانب األمر إال بالعكس أولى فإن رعاية جانب الباذلين المقصودين بالعق

هذا المحلل الذي هو غير مقصود وال باذل فالمحلل له منفعة على تقديرين وسالمة على 

تقدير وأما اآلخران فلكل منهما منفعة على تقدير ومضرة على تقدير فهو احسن حاال منهما 

 الذي فليلحق بهما من المضرة وقلة االنتفاع ودخول ثالث يأكل مالهما ما لم يحصل للمحلل

هو دخيل غير مقصود فخصصتم بالمضرة المقصود الذي حضه النبي على الركوب والرمي 

وخصصتم بزوالها وزيادة النفع هذا العارية الذي هو غير مقصود

قالوا وهذا يتضمن أمرين أحدهما خروج هذا العقد عن اإلنصاف الذي هو مدار العقود فكيف 

منافيا للعدل ويحرم ما يكون موجب العدل يشرع الشارع الحكيم في العقود ما يكون 

ومقتضاه

الثاني أ ن يجعل الراغب في العمل المحبوب هللا ولرسوله المريد للرمي والركوب ليستعين 

به على الجهاد أسوأ حاال من هذا الدخيل الذي لم يبذل شيئا إنما دخل عارية فجعلتموه 

انب من الخسران وليس مراعى جانبه منظورا في مصلحته معرضا للكسب مصان الج

صاحباه

Page 93: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  93

بهذه المنزلة

قالوا ومن تأمل مقاصد الشرع وما اشتمل عليه من الحكم والمصالح علم أن األمر بالعكس 

أولى

قالوا وأيضا فالعاقل ال يبذل الجعل إال لعمل هو مقصود له ال يبذله فميا هو مكروه إليه 

داره ورد عبده أو نفع غيره كفداء أسير أو عتق فيبذله لنفع هو يعود عليه كخياطة ثوبه وبناء 

عبد أو خلع امرأة فهذان غرضان مطلوبان فإذا بذل أجنبي السبق لمن سبق كان قد بذل 

ماله لغرض مقصود له وهو اإلعانة على القوة في سبيل اهللا فإذا بذله أحد المتسابقين جاز 

ون مسبوقا مغلوبا وأنه إن كان لهذا المقصود فكيف يقال يجوز أن يبذل الجعل بشرط أن يك

سابقا ال يحصل له شيء وال يجوز أن يبذله إذا كان مسبوقا وإن كان سابقا حصل له شيء

بيان ذلك أنه إذا كان المخرج أحدهما كان مقتضى العدل من الباذل أنه ال يجوز له بذله إال 

شيئا إذا كان غالبابشرطين أحدهما خروج السبق عنه إن كان مغلوبا والثاني أنه ال يأخذ 

وإذا أخرجا معا كان مقتضى العقل أنه يبذله إذا كان مغلوبا ويأخذ إذا كان غالبا فقد جوزتم 

بذلك الجعل في الحال الذي ال ينتفع بها الباذل ومنعتم بذله في الحال التي يرجو فيها 

نتفاع به ومن انتفاعه فجوزتهم بذلك في عقد ال ينتفع به ومنعتم بذله في عقد هو بصدد اال

المعلوم أن ما منعتموه أولى بالجواز مما جوزتموه وأن ما شرطتموه للحل هو أولى أن يكون 

مانعا من الحل أقرب

Page 94: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  94

قولوا وأيضا فإن كان أحدهما يأكل مال اآلخر بالباطل إذا أخرجا معا بدون المحلل فأكل 

المحلل مالهما بالباطل أولى وأحرى

أكل مال اآلخر إذا كان غالبا له فيأكله بالجهة التي يأكل بها اآلخر بيانه أن أحدهما إنما ي

ماله بعينها مع تسويهما في البذل والغنم والغرم والعمل وأما المحلل فإنه يأكل مالهما إن 

سبقهما وال يأكالن له شيئا إن سبقاه فال يأكل واحد منهما ماله اذا كان مغلوبا ويأكل 

لم يكن هذا أكال للمال بالباطل فالصورة التي منعتموها أولى أن ال مالهما إذا كان غالبا فإن 

تكون أكال بالباطل وإن كانت تلك متضمنة لألكل بالباطل فهذا أولى

وهذا مما ال جواب عنه

قالوا وأيضا فإذا أخرجا معا كان كل منهما له مثل ما لآلخر وعليه مثل ما عليه ورجاؤه وخوفه 

هو العدل المحض فهما كشريكي العنان والشريكين في المساقاةكرجاء اآلخر وخوفه وهذا 

Page 95: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  95

والمزارعة والمضاربة ولهذا حرم الشارع أن يختص أحدهما عن اآلخر بزرع بقعة بعينها أو 

ثمرة شجرة بعينها والمضارب ال يجوز أن يختص بربح سلعة بعينها بل يكونان سواء في 

المغنم والمغرم

ل من أحدهما ألنه يلتحق بالجعالة عندكموإنما جوز أن يكون البذ

وهذه الجعالة العمل فيها مقصود وحيئنذ فيقال إذا أخرجا معا كان غايته أنه جعالة من 

الطرفين فال يمنع جوازه وإذا علم هذا فإذا أخرجا معا كان اقرب إلى عقود المعاوضات 

الشتراك في العمل والمشاركات مما إذا أخرج أحدهما ألنهما قد اشتركا في العمل وا

يقتضي االشتراك في بذل الجعالة بخالف ما إذا أخرج أحدهما وانفرد الباذل بالمال والعامل 

بالعمل فإنهما هناك لم يشتركا في العمل فهو نظير ما إذا بذل السبق أجنبي لم يدخل 

معهما

قالوا وأيضا فلو كان تحريم هذا العقد الذي أخرج فيه المتعاقدان

Page 96: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  96

ا من غير محلل لما فيه من المخاطرة بين المغنم والمغرم للزم طرد ذلك فيحرم كل كالهم

عقد تضمن مخاطرة بين الغنم والغرم وكان يلزم تحريم الشركة فإن كل واحد من الشريكين 

إما إن يغرم وإما أن يغنم

ن فإن قلتم بل ها هنا قسم ثالث وهو أن يسلم فال يغنم وال يغرم كان جوابكم من وجهي

أحدهما أن السابق كذلك قد يسلم أيضا فال يسبق وال يسبق الثاني أن احتمال هذا 

القسم ال يزيل المخاطرة بل كانت مخاطرة بين أمرين فصارت بين ثالثة

قالوا وأيضا فإذا أخرج احدهما دون اآلخر كان آكل المال في هذا العقد آكال بوجه يحبه اهللا 

مي واإلصابة والفروسية فإذا اشتركا في اإلخراج فكل ورسوله وهو تعلم ما يحبه من الر

منهما إما معين أو معان على تحصيل هذا المحبوب المرضي هللا فكل واحد منهما يأكل 

بالجهة التي يأكل بها صاحبه فجهة أكل المال جهة واحدة فإن حرم أكله في صورة 

 االنفراد لزم إباحته في اشتراكهما في اإلخراج حرم في صورة االنفراد وإن أبيح في صورة

صورة االشتراك إذ ال فرق بينهما يقتضي جعل إحدى الصورتين من المباح بل من 

المستحب الذي يحبه اهللا ورسوله والثاني من القمار والميسر الذي يبغضه اهللا ورسوله

فيا هللا العجب أي معنى وأي حكمة فرقت بينهما هذا الفرقان مع أنهما أخوان شقيقان

Page 97: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  97

قالوا ويوضحه أن الغالب إنما يأكل المال بغلبه وهذه العلة بعينها موجودة فيما إذا أخرجا معا 

فيجب طرد الحكم الطراد علته

قالوا ويوضحه أن المانع من طرد الحكم منتف لما تقدم والمقتضي موجود فيجب القول 

بالمقتضي السالم عن المعارض المقاوم

حريم الشتراكهما في الخراج هي المخاطرة لزم فساد العلة قالوا وأيضا فإذا كانت علة الت

لتخلف الحكم عنها في صورة المحلل وحينئذ فيقال ليس الحكم لفساد التخلف المذكور مع 

المحلل أولى من اعتبارها لالقتران مع عدمه

قالوا وأيضا فتأثير المحلل إما أن يكون في رفع السبب المقتضي للتحريم أو في رفع الحكم 

وهو التحريم مع قيام سببه كالرخصة في أكل الميتة والدم ولحم الخنزير للمضطر وكالهما 

باطل

أما األول فإن السبب المحرم عندكم هو المخاطرة وهي لم تزل بالمحلل وأما الثاني فكذلك 

أيضا إذ هو مستلزم تخلف الحكم عن علته مع قيام الوصف الذي جعلها مؤثرة فإن قلتم 

لل يصير من باب المعاوضات ومخرج من شبه القمار فجوابكم من وجهينالعقد بالمح

أحدهما أن هذا الفرق بعينه حجة عليكم فإنه إذا صار العقد به من عقود المعاوضات بل إذا 

تعاقد الجاعالن وبذل كل منهما جعال لمن يعمل مثل عمله جاز بال محلل اتقافا

لل في سائر األعمالالثاني أنه يلزمكم إخراج السبق منهما بمح

Page 98: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  98

المباحة كالمسابقة على األقدام والسباحة والكتابة والخياطة والنجارة وسائر الصناعات 

المباحة فإن المحلل إذا جعل العقد من باب الجعاالت الجائزة هناك فلم ال يجعله من 

الجعاالت الجائزة هنا وما الفرق وهذا في غاية الظهور

لل إما أن يكون ليحل السبق لنفسه أو لغيره وكالهما باطلقالوا وأيضا فدخول المح

أما األول فظاهر البطالن فإنه لم يدخل إال ألجلهما لئال يكون عقدهما قمارا عندكم وقد صرح 

جمهور المشترطين بأنه لم يدخل ليحل السبق لنفسه ووهنوا رغم من زعم ذلك وأبطلوه 

سبق لنفسه ألجل مجيئه سابقا أو لعدم إخراجه وهو كما قالوا ألنه إما أن يكون إحالله ال

فإن كان إحالله لسبقه فالسبق حينئذ هو المقتضي للحل فمن أسعده اهللا تعالى بسبقه

فمن تمام السعادة تخصيصه برزقه فال أثر للمحلل ألبتة وإن كان إنما يحله لنفسه لعدم 

أولى وأحرى ألن بذلك إخراجه فيقال إذا حل له السبق مع عدم بذله فألن يحل للباذل 

الباذل زيادة إحسان وخير فال يكون سببا لحرمانه ويكون ترك بذل هذا سببا ألخذه وفوزه 

فكيف يحرم على الباذل المحسن ويحل للمستعار الذي لم يبذل وهل يدل الشرع والعقل 

نعم واالعتبار إال على عكس ذلك

رة المقتضية للتحريم أو بقيت على قالوا وأيضا فبدخول المحلل إما أن يقال زالت المخاط

حالها أو ازدادت واألول محال ألنها كانت بين أمرين فصارت بين ثالثة كما تقدم

Page 99: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  99

والثاني يقتضي عدم اشتراط المحلل والثالث يقتضي بطالنه وهذا واضح ال يحتاج إلى تأمل 

 وهو خصمه فإذا دخل قالوا وأيضا فكل منهما بدون المحلل كان يتوقع غرامة ماله لواحد فقط

المحلل صار متوقعا لغرامته لآلخر أو للمحلل أو لهما فكيف يقال يجوز العقد الذي يتوقع فيه 

غرامة ماله لهذا وحده لهذا وحده ولهما معا ويحرم العقد الذي إنما يتوقع فيه غرامته لواحد 

ن جهات غرامة فقط ومن المعلوم أن وقوع قسم من ثالثة أقرب من وقوع واحد بعينه فتكو

كل منهما مع المحلل ضعفي جهة غرامته بدونه

فكيف يباح هذا ويحرم ذاك وهل كان ينبغي إال العكس

قالوا وأيضا فإذا كان ال يجوز ألحدهما أن يأخذ مال اآلخر إذا اشتركا في اإلخراج ويكون أكل 

 الدخيل المستعار المال منه اكال بالباطل فيكف يجوز لكل مهما أكل مال اآلخر إذا دخل هذا

ويكون األكل به اكال بحق مع أنهما لم يستفيدا به إال أكله مالهما وحصولهما على الحرمان 

وإن غلباه لم يفرحا بغلب فإذا دخل وتناصفا في اإلخراج وتساويا في العمل وانتظر كل 

منهما ما يخرج له به القدر حرمتموه

طيا آخذا فإذا دخل بينهما هذا الثالث دخل من قالوا وأيضا فإذا أخرجا معا كان كل منهما مع

يكون آخذا ال معطيا فإن كان أكله

Page 100: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  100

السبق على هذا الوجه أكال بحق فأكل من يكون معطيا آخذا أحل منه فكيف يقال إن من 

يأخذ وال يعطي يستحق ومن يأخذ ويعطي ال يستحق مع استوائهما في العمل

لمال في هذه الصورة إما أن يكون بحق أو بباطل فإن كل قالوا وأيضا فإذا أخرجا معا فأكل ا

بحق فال حاجة في جوازه إلى المحلل وإن كان أكال بباطل فدخول المحلل ال يجعله أكال 

بحق فإن المحلل لم يزل السبب الذي كان أكل المال به بدونه باطال كما تقدم

تص المحلل بسبق اآلخر أو قالوا وأيضا فإذا سبق المحلل مع أحدهما فإما أن يقولوا يخ

يشترك هو والسابق

واألول ممتنع ألنهما قد اشتركا في السبق واستويا في العمل فتخصيص المحلل بالسبق 

مع تساويهما في سببه ظلم

وإن قلتم يشتركان فيه لزمكم المحذور التي فررتم منه ألن كل ما ذكرتم فيما إذا لم يكن 

 االثنين لما سبقا الثالث صارا بمنزلة الواحد الذي سبق بينهما محلل فهو ها هنا بعينه ألن

اآلخر ولهذا اشتركا في سبقه فإن لم يكن في هذا محذور لم يكن في الصورة التي 

منعتموها محذور وإن كان في صورة المنع محذور فهاهنا مثله وال فرق فإن كان عندكم فرق 

را ومن وراء الرد إن كان غير مؤثرفأبدوه لنا فإنا من وراء القبول له إن كان فرقا مؤث

قالوا وأيضا فكما زادت المخاطرة بدخول المحلل في أقسام الغنم والغرم زادت أيضا بالنسبة 

إلى المسابقين فإنهما إذا كانا اثنين

Page 101: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  101

فقط فمخاطرة كل واحد منهما مع اثنين من قرنه ومع المستعار الدخيل وقد كان قبل 

غنم إذا غلب واحد فقط وبدخول المحلل ال يغنم حتى يغلب اثنين المحلل كل منهما بصدد ال

وال ريب أن المخاطرة كلما كانت أقل كانت أولى بالجواز وكيف يكون العقد الذي زادت 

مخاطرته هو الحالل الجائز والذي هو أقل مخاطرة منه وأقرب إلى تحصيل مقصود الشارع 

والمتراهنين هو الحرام الممتنع

أتي به الشريعة الكاملةهذا مما ال ت

قالوا وأيضا فحل المال يستدعي طيب نفس باذله به فإنه ال يحل مال امرئ مسلم إال عن 

طيب نفس منه والمتراهنان إذا دخل

Page 102: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  102

بينهما محلل يأخذ وال يعطي لم تطب أنفسهما وال تسمح له ببذل المال ألنه كاسب غر 

بل تضررهما به هو الواقع وهذا موجود في غارم وهو عارية بينهما دخيل لم ينتفعا به 

نفوس المسابقين ال يحتمالن المستعار إال على كره ونفرة ويرينا دخوله غير مستحسن

قالوا وأيضا فنفرة الطباع منه وعدم استحسان العقالء لدخوله يدل على أنه غير حسن عند 

م وتشهد بحسنه اهللا فإن كل ما هو حسن عند اهللا ورسوله فالعقالء تستحسنه طباعه

ومالءمته لقضيات العقول وال سيما إذا ظهرت لها مصلحة

Page 103: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  103

 جهة أخرىأوجه الشبه بين المتسابقين والمتناضلين من جهة والمتناظرين في العلم من

قالوا ومما يبين أن العقد بدون المحلل أحل منه بالمحلل وأولى بالجواز أن المسابقة 

هاد فإذا تعلم الناس أسبابه وتدربوا فيها وتمرنوا عليها قبل المناضلة من باب االستعداد للج

لقاء العدو ألفاهم ذلك عند اللقاء قادرين على عدوهم مستعدين للقائه وكل من 

المتسابقين والمتناضلين يريد أن يغلب صاحبه كما يريد المقاتل أن يغلب خصمه فهو يتعلم 

متناظرين في العلم فإن احدهما يورد غلبة صاحبه ليتوصل إلى غلبة عدوه وهذا كحال ال

على صاحبه من الممانعات والمعارضات وأنواع األسئلة ما يرد على اآلخر جوابه ليعرف 

الحق في المسألة فإذا جادله مبطل كان مستعدا لمجادلته بما تقدم له من المناظرة مع 

لحجج ودفع صاحبه فالمناظرة في العلم نوعان أحدهما للتمرين والتدرب على إقامة ا

الشبهات والثاني لنصر الحق وكسر الباطل واألول يشبه السباق والنضال والثاني يشبه 

الجهاد وقتال الكفار قال اهللا تعالى وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من 

83: نشاء األنعام 

قال مالك

Page 104: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  104

إن العلم بالحجج والقوة على قال زيد بن اسلم بالعلم فعلم الحجة يرفع درجة صاحبه ف

الجهاد مما رفع اهللا به درجات األنبياء وأتباعهم كما قال تعالى يرفع اهللا الذين آمنوا منكم 

 وقال تعالى واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب 11: والذين أوتوا العلم درجات المجادلة 

ا على إظهار الحق وأمر اهللا  فاأليدي القوى التي يقدرون به45: أولي األيدي واألبصار ص 

وإعالء كلمته وجهاد أعدائه واألبصار البصائر في دينه ولهذا يسمي اهللا سبحانه الحجة 

سلطانا

قال ابن عباس

كل سلطان في القرآن فهو الحجة كما قال تعالى أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن 

ء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل  وقال تعالى إن هي إال أسما156: كنتم صادقين الصافات 

 وقال تعالى أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به 23: اهللا بها من سلطان النجم 

35: يشركون الروم 

وهذا ألن الحجة تسلط صاحبها على خصمه فصاحب الحجة له سلطان وقدرة على خصمه 

وإن كان عاجزا عنه بيده

التي ينصر اهللا بها رسله والمؤمنين في الدنيا كما قال تعالىوهذا هو أحد أقسام النصرة 

Page 105: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  105

أقسام الجهاد 51: إننا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد غافر 

فإذا كانت المسابقة شرعت ليتعلم المؤمن القتال ويتعوده ويتمرن عليه فمن المعلوم أن 

 إذا كان المجاهد مطلوبا والعدو طالبا وقد يقصد الظفر بالعدو المجاهد قد يقصد دفع العدو

ابتداء إذا كان طالبا والعدو مطلوبا وقد يقصد كال األمرين واألقسام ثالثة يؤمر المؤمن فيها 

بالجهاد

وجهاد الدفع أصعب من جهاد الطلب فإن جهاد الدفع يشبه باب دفع الصائل ولهذا أبيح 

للمظلوم أن يدفع عن نفسه

 وقال النبي من قتل دون ماله 39: كما قال اهللا تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا الحج 

فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد

Page 106: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  106

ألن دفع الصائل على الدين جهاد وقربة ودفع الصائل على المال والنفس مباح ورخصة فإن 

قتل فيه فهو شهيد

م وجوبا ولهذا يتعين على كل أحد يقم ويجاهد فيه فقتال الدفع أوسع من قتال الطلب وأع

العبد بإذن سيده وبدون إذنه والولد بدون إذن أبويه والغريم بغير إذن غريمه وهذا كجهاد 

المسلمين يوم أحد والخندق

وال يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي المسلمين فما دون فإنهم كانوا 

 المسلمين فكان الجهاد واجبا عليهم ألنه حينئذ جهاد ضرورة يوم أحد والخندق أضعاف

ودفع ال جهاد اختيار ولهذا تباح فيه صالة الخوف بحسب الحال في هذا النوع وهل تباح في 

جهاد الطلب إذا خاف فوت العدو ولم يخف كرته فيه قوالن للعلماء هما روايتان عن اإلمام 

أحمد

اإلنسان طالبا مطلوبا أوجب من هذا الجهاد الذي هو فيه ومعلوم أن الجهاد الذي يكون فيه 

طالب ال مطلوب والنفوس فيه أرغب من الوجهين

وأما جهاد الطلب الخالص فال يرغب فيه إال أحد رجلين إما عظيم اإليمان يقاتل لتكون كلمة 

اهللا هي العليا ويكون الدين كله هللا

Page 107: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  107

وإما راغب في المغنم والسبي

 يقصده كل أحد وال يرغب عنه إال الجبان المذموم شرعا وعقال وجهاد الطلب فجهاد الدفع

الخالص هللا يقصده سادات المؤمنين وأما الجهاد الذي يكون فيه طالبا مطلوبا فهذا يقصده 

فصلخيار الناس إلعالء كلمة اهللا ودينه ويقصده أوساطهم للدفع ولمحبة الظفر 

اد فمثله في الوسائل وهي المسابقة والمناضلة فإنه فإذا تبين هذا في الغايات وهي الجه

من المعلوم أنه إذا كان الرهن من أحد الجانبين كان غاية مقصود باذله أن يسلم فيكون 

حرصه من باب حرص الدافع ال الطالب فإنه ال يحصل هل من اآلخر شيء ومقصود اآلخر من 

اد طلبجنس مقصود الطالب فجهاد األول جهاد دفع وجهاد هذا جه

وإذا كان الرهن من كل واحد منهما صار سباق كل واحد سباق طالب مطلوب وهو نظير 

جهاد الطالب للمطلوب فتكون الرغبة والحرص على السبق أقوى الجتماع السببين بخالف 

سباق المطلوب فقط أو الطالب فقط

ح ما هو فكيف يحرم هذا الذي هو من أعظم األسباب المقتضية لمصلحة المسابقة ويبا

دونه في تحصيل هذه المصلحة

فليتدبر المنصف هذا ثم إلى إنصافه التحاكم وإلى عدله التخاصم وباهللا التوفيق

Page 108: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  108

تفسير قوله ال جلب وال جنب في الرهان قالوا وأيضا فمبنى هذا العقد على استواء 

لى الحزب اآلخر الحزبين فال يجوز أن يقوى أحدهما على اآلخر لما فيه من مزيد إعانة له ع

ولهذا نهى النبي عن الجلب والجنب في السباق فالجلب أن يصيح بفرسه في وقت 

السباق هو أو غيره ويزجره زجرا يزيد معه في شأوه وإنما العدل أن يركضا بتحريك اللجام 

واالستحثاث و بالسوط والمهماز وما في معناهما من غير إجالب بالصوت هذا تفسير 

و أن يجتمع قوم فيصطفوا وقوفا من الجانبين ويزجروا الخيل ويصيحوا بها األكثرين وقيل ه

فنهوا عن ذلك والحديث يعم القسمين

وأما الجنب ففيه تفسيران أحدهما وهو تفسير أكثر الفقهاء أن يجنب المسابق مع فرسه 

 كنت ...فرسا يحرضه على الجري قال أحمد بن أبي طاهر وإذا تكاثر في الكتيبة أهلها 

الذي ينشق عنه الموكب

Page 109: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  109

 وورا ورائك قد أتى من يجنب والتفسير الثاني أنهم كانوا ...وأتيت تقدم من تقدم منهم 

يجنبون الفرس حتى إذا قاربوا األمد تحولوا عن المركوب الذي قد كده الركوب إلى الفرس 

المجنوب فأبطل النبي ذاك ذكره الخطابي وغيره

 عن قول رسول اهللا ال جلب وال جنب ما تفسير ذلك فقال وفي موطأ القعنبي سئل مالك

بلغني ذلك وتفسيره أن يجلب وراء الفرس حتى يدنو من األمد ويحرك وراءه الشئ 

يستحث به ليسبق فذلك الجلب والجنب أن يجنب مع الفرس الذي يسابق به فرسا آخر 

حتى إذا دنا تحول راكبه على الفرس المجنوب

 تقوية أحد الحزبين بما يكون فيه مزيد إعانة له على اآلخر لما فيه والمقصود أنه نهى عن

من الظلم فإذا كان اإلخراج من أحدهما كان فيه تقوية للمبذول له دون الباذل وهذا مأخذ 

من لم يجوز البذل إال من أجنبي فإذا إذا كان اإلخراج منهما لم يكن في ذلك تقوية ألحدهما 

ز قالوا وأيضا واألجنبي إذا بذل الجعل ألحدهما إن غلب ولمعلى اآلخر فهو أولى بالجوا

Page 110: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  110

يبذله لآلخر إن غلب لم يجز ذلك لما فيه من الظلم فإن اآلخر يقول إن سبقت لم آخذ شيئا 

وخصمي إن سبق أخذ وهذا بعينه موجود فيما إذا كان البذل من أحدهما فإن الباذل يقول 

ذلك يضعف همته وهذا مأخذ من منع من فقهاء إن سبقت لم آخذ وقريني إن سبق أخذ و

أهل المدينة هذه الصورة وأما إذا بذله األجنبي لمن سبق منهما تساويا في العمل 

واالستحقاق ولهذا اتفق الناس على جواز هذه الصورة وإذا عرف هذا فهو نظير إخراجهما 

ذا امتنع إخراج معا فكيف يكون إخراج السبق من أحدهما أولى من إخراجه منهما بلى إ

السبق من أحدهما كان أولى بالعدل من منع إخراج السبق منهما فإذا جوزتم إخراج 

السبق من أحدهما فإخراجه منهما أولى بالجواز ونكتة المسألة أن اإلخراج منهما أقرب 

إلى العدل ومقصود العقد وطيب نفس كل واحد منهما وحرصه على الغلب مما إذا كان 

هما والواقع شاهد بذلكاإلخراج من أحد

المقصود من السباق وبيان أن اشتراط المحلل يناقضه قالوا وأيضا فالسباق إنما يقصد منه 

التعليم والتدريب والتمرين على الفروسية والرمي وليس المقصود من أكل المال كما يقصد 

دفي البيع واإلجارة والجعالة فإنه هناك ال قصد ألحدهما إال المال وهنا مقصو

Page 111: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  111

الشارع بشرع هذا العقد العمل ال المال وإنما شرع فيه المال ألنه أبلغ في ترغيب النفوس 

فيه ألنه متى كان الباعث على السباق الظفر بالمال والغلبة قويت فيه الرغبة والمال ال 

يؤكل في هذا العقد إال على وجه المخاطرة ومعلوم أن حصول هذا المقصود بدون المحلل 

نه إذا كان بينهما وأن المخاطرة مع المحلل كالمخاطرة بدونه سواء أو أزيد وهذا أعظم م

ضروري التصور وهو مما ال يستراب فيه فالمحلل دائر بين أمرين إما أنه ال فائدة منه وإما أن 

مصلحة السباق بدونه أتم وأيهما كان فهو مستلزم لبطالن اشتراطه قالوا وأيضا إذا كان 

لمتسابقين فمقصوده منع اآلخر من أخذ الجعل ودفعه عنه كأنه يقول أنت الجعل من أحد ا

ال تقدر على أن تغلبني وأنا أبين عجزك بأن أبذل لك جعال ألقوي رهبتك ورغبتك في أن 

تغلبني وأنت مع ذلك عاجز وذلك أن اإلنسان يترك الشئ إما لعجزه عنه وإما لعدم إرادته له 

 وقادرا عليه قدرة تامة لزم وجوده قطعا فالقادر على أن يغلب فمتى كان مريدا له إرادة تامة

غيره قد يريد ذلك لمجرد محبة النفس إلظهار القدرة والغلبة وقد يريد ذلك ألخذ المال فإذا 

اجتمع األمران كانت إرادته أبلغ كما تقدم بيانه فالجاعل يقول أنا أبين أنك عاجز ألني أبذل 

ي القلب مع ما في النفس من محبة ذلك فأنت مع كمال المال الذي أحرك به رغبتك ف

رغبتك عاجز عني وعن مغالبتي فأنا أقدر منك على هذا العمل هذا مقصوده قطعا ليس 

مقصوده أن يبذل الجعل لمن يغلبه ويأخذ

Page 112: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  112

ماله فإن عاقال ال يقصد هذا بل يقصد منع اآلخر ودفعه وتعجيزه فلهذا البذل من أحدهما 

المعنى فألن يجوز منهما بطريق األولى واألحرى ألن حصول هذا المعنى مع جائز لهذا 

اشتراكهما في البذل أقوى منه عند انفراد أحدهما به

مفاسد اشتراط دخول المحلل بين المتسابقين قالوا وأيضا فإن كان أكل المال إذا أخرجا معا 

خرج به هذا العقد عن القمار ال قمارا حراما فالمحلل أكد أمر هذا القمار وقواه وثبته فلم ي

صورة وال معنى وال يظهر للناظر بعد طول تأمله ونظره ألي معنى خرج به العقد عن كونه 

أكل مال بالباطل وانقلب به العقد عن كونه عقد قمار وميسر إلى كونه عقد جعالة أو إجارة 

عة العادلة بين فاستحالت به خمرة هذا العقد خال وصار به حرامه حال وهل فرقت الشري

متماثلين من غير معنى فرق بينهما أو جمعت بين متضادتين وهل حرمت عمال لمعنى ثم 

تبيحه مع قيام ذلك المعنى بعينه أو زيادته من غير تعارضه مصلحة راجحة وهل زاد 

المستعار الدخيل هذا العقد إال شرا فإنه زاده مخاطرة واقتضى نفرة طباع المتسابقين عنه 

الهما وعدم إطعامهما شيئا وهو المراعى جانبه المنظور في مصلحته وهو إما سالم وأكله م

وإما غانم يغلب فيسلم ويغلب فيغنم والذي قد أخرج ماله لصيق كبده وشقيق روحه يغلب 

فيغرم ويغلب صاحبه فال يدعه المحلل يفرح بغلبه بل يشاطره

Page 113: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  113

لية إن سبقه فسبق خصمه وغرم ماله المال إن ساواه في سبق اآلخر ويحرمه إياه بالك

فلم يستفد بسبق قرنه إال خسارة ماله وكان هذا من بركة المحلل فلواله لقرت عينه 

بسبقه وفرحت به نفسه وقويت رغبته في هذه المسابقة التي يحبها اهللا ورسوله هكذا 

 وهو بارد حال قرنه أيضا معه فالباذالن المتسابقان لهما غرم هذا العقد وللمستعار غنمه

القلب منهما وهما يعضان عليه األنامل من الغيظ وهو في هذا العقد إما منتفع وإما سالم 

من الضرر مع كونه لم يخرج شيئا وكل منهما إما منتفع وإما متضرر وإن انتفع فهو بصدد أن 

ينغص عليه المحلل منفعته هذا مع بذلهما فألحقتم بالباذلين من الشر والضرر والغبن ما 

نجيتم منه المستعار الذي هو دخيل عليهما في المسابقة وليس مقصودا مع أنه لم يبذل 

شيئا قالوا وهل تأتي شريعة بمثل هذا وهل في الشريعة التي بهرت حكمتها العقول مثل 

هذا وهل فيها رعاية جانب التابع المستعار الذي هو حرف جاء لمعنى في غيره وهو فضلة 

ب المقصود الذي هو ركن في اإلسناد وهو الذي حضه النبي على في اإلسناد وإلغاء جان

الركوب والرمي قالوا وفي هذا نوعان من الفساد أحدهما الخروج عن موجب اإلنصاف الذي 

هو الزم ملزوم الشريعة الكاملة دائر معها فإن مدارها على العدل بكل ممكن قال اهللا تعالى 

هم الكتاب والميزان ليقوملقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا مع

Page 114: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  114

 وقال اهللا تعالى لنبيه وقل آمنت بما أنزل اهللا من كتاب وأمرت 25الناس بالقسط الحديد 

 الثاني أن يجعل المطيع هللا ورسوله الراغب فيما رغب فيه النبي 15ألعدل بينكم الشورى 

ل ليكون ذلك أعظم الذي يريد الرمي والركوب لالستعانة على الجهاد في سبيل ويبذل الجع

للرغبة وأشد تحريضا للنفوس على ما يحبه اهللا ورسوله أسوأ حاال من هذا المستعار الذي 

هو دخيل بل هذا الدخيل مراعى جانبه منظور في مصلحته موفر نصيبه من األمن محصن 

في برج السالمة مسلوك به طريق األمن مكمل فرحه بالسالمة و الظفر والباذالن 

معزل عن ذلك قالوا وأيضا فبدخول المحلل لم يخرج العقد عن كون الجعل فيه المقصودان ب

من اثنين بل الجعل منهما بحاله وإنما استفدنا جهة أخرى لمصرفه فكان الخطر أن يصرفان 

إلى هذا وحده على تقدير وإلى هذا وحده على تقدير وإلى كل منهما جعله على تقدير 

خر صرف الرهنين إليه وحده وإليه وإلى هذا وحده وإليه فاستفدنا بدخوله ثالث تقديرات أ

وإلى اآلخر فلم نستفد بدخوله إال تعدد الجهات التي يصرف فيها الجعل ليس إال فلم يخرج 

به العقد من كونه عقدا أخرج منه كما ترى المتراهنان كالهما قالوا وأيضا فمشترطوا 

ه وللباذلين على قولينالمحلل مختلفون هل دخل ليحل فيه لنفسه فقط أو ل

Page 115: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  115

فذهب جمهور من اشترطه إلى أنه دخل ليحله لنفسه ولهما وقال أبو علي بن خيران من 

الشافعية إنما يحله لنفسه فقط وحكاه أبو المعالي الجويني قوال للشافعي واختاره أبو 

 هذا محمد المنذري في كتابه على سنن أبي داود وقال عليه يدل الحديث ثم قالوا فعلى

لو سبق المحلل وأحدهما بحيث جاءا معا فإن قلنا يحله لنفسه فقط استبد المحلل 

بالسبق جميعه دون اآلخر مع تساويهما في السبق وإن قلنا يحله لنفسه ولهما فإنهما 

يكونان في السبق سواء ولو

Page 116: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  116

قول سبق أحد الباذلين اآلخر والمحلل فعلى قول الجمهور يستحق السبق جميعه وعلى 

ابن خيران يشترك هو والمحلل في سبق الثالث هكذا قال بعض الشافعية والذي في 

النهاية إنه إن سبق أحد الباذلين ثم تبعه المحلل وتأخر اآلخر أحرز السابق مال نفسه وفي 

سبق الثالث أربعة وجوه أحدها أنه يحرزه صاحبه مع كونه مغلوبا مسبوقا من كل وجه وهذا 

ه والثاني أنه يختص به السابق لسبقه له وغلبه إياه والثالث أنه يكون بركة المحلل علي

بينه وبين المحلل الشتراكهما في سبقه والرابع أنه يختص به المحلل ألنه دخل ليحل 

السبق لنفسه ال لهما فإن سبق المحلل وحده وتبعه اآلخر وتأخر الثالث ففيها ثالثة أوجه 

 سبق الثالث بين المحلل والثاني نصفين والثالث أن أحدها أن السبقين للمحلل والثاني

سبق الثالث للثاني وحده وإن سبق أحدهما وتبعه اآلخر ثالثا أحرز السابق سبق نفسه 

وهل يستحق سبق الثاني على وجهين مبينين على ذلك األصل

Page 117: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  117

الذي تبين فساده وإن سبق أحدهما وساوى اآلخر المحلل خاب المحلل وفاز السابق 

سبقه وفي استحقاقه سبق صاحبه القوالن فليتدبر اللبيب ما في هذه الفروع من الفساد ب

والتناقض الدال على فساد األصل فإنهما إنما نشأت عن اشتراط المحلل وهي من لوازم 

القول به وفساد الالزم يدل على فساد الملزوم ولما تفطن بعض المشتركين لفساد هذه 

 لم يأخذ شيئا وإن سبق غرم ذكره بعض الحنفية حكاه ابن الفروع قال إن سبق المحلل

الساعاتي في شرح مجمع البحرين وابن بلدحي في شرح المختار فتأمل هذا التفاوت 

الشديد واالختالف المتباين في أمر هذا ال دخيل المستعار فإن ما كان من عند اهللا ال 

 ولو كان من عند غير اهللا لوجدوا فيه تعرض فيه وال له هذا التناقض الشديد واالختالف الكثير

 وزن هذه الفروع المتباينة واألقوال المتضادة فيه بكتاب اهللا وسنة 82اختالفا كثيرا النساء 

رسوله وقواعد شريعته وأصولها وحكمها ومصالحها واعرضها على الدليل وال تجعلها عرضة 

ألدلة ألجلها كما هو اعتماد كثير لألدلة بحيث تعرض األدلة عليها فال تجدها توافقها فترد ا

ممن غبن حظه من العلم واإلنصاف واهللا ولي التوفيق

مصارعة الرسول لركانة ورهانه على ذلك قالوا وأيضا فإن النبي قد صارع وراهن على 

الصراع وكان ذلك من الجانبين ولم يكن بينهما محلل بل يستحيل دخول المحلل بين

Page 118: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  118

قصة مصارعته قال أبو الشيخ األصبهاني حدثنا عبد اهللا بن محمد المتصارعين ونحن نذكر 

بن زكريا ثنا سلمة بن شبيب ثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن يزيد بن أبي زياد أحسبه عن 

عبد اهللا بن الحارث قال صارع النبي أبا ركانة في الجاهلية وكان شديدا فقال شاة بشاة 

في أخرى فصرعه النبي فقال عاودني في أخرى فصرعه النبي فقال أبو ركانة عاودني 

فعاوده فصرعه النبي فقال أبو ركانة ماذا أقول ألهلي شاة أكلها الذئب وشاة نشزت فما 

أقول للثالثة فقال النبي ما كنا لنجمع عليك أن نصرعك ونغرمك خذ غنمك وقال أبو داود في 

ن عمرو بن دينار عن كتاب المراسيل حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة ع

سعيد بن جبير أن رسول اهللا كان بالبطحاء فأتى عليه يزيد بن ركانة أو ركانة بن يزيد ومعه 

أعنز له فقال يا محمد هل لك أن تصارعني فقال ما تسبقني فقال شاة من غنمي فصارعه 

فصرعه فأخذ شاة قال ركانة فهل لك في العودة فقال ما تسبقني قال أخرى ذكر

Page 119: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  119

ذلك مرارا فقال يا محمد واهللا ما وضع أحد جنبي إلى األرض وما أنت بالذي تصرعني 

فأسلم ورد عليه رسول اهللا غنمه قال البيهقي هذا مرسل جيد وقد روي بإسناد آخر 

موصوال وقال أبو الشيخ أيضا في كتاب السبق له ثنا إبراهيم بن علي ثنا ابن المقري حدثنا 

ن دينار عن سعيد بن جبير فذكرهابن أبي حماد عن عمرو ب

Page 120: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  120

وهذا إسناد جيد متصل وقال أيضا ثنا ابو بكر الجارودي ثنا إسماعيل بن عبد اهللا ثنا محمد 

بن كثير ثنا حماد بن سلمة ثنا عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن يزيد بن ركانة قال 

 عبد يزيد وسعيد بن جبير لم كان رسول اهللا بالبطحاء فمر به ركانة قال شيخنا هو ركانة بن

يدرك ركانة فإن ركانة توفي في أول خالفة معاوية سنة اثنتين وأربعين وهو من مسلمة 

الفتح وقصة مصارعته للنبي معروفة عند العلماء وإنما ينكرون مصارعة النبي ألبي جهل 

كانة صارع كما تقدم التنبيه عليه وقال أبو داود في سننه عن محمد بن علي بن ركانة إن ر

النبي فصرعه النبي وهذا ليس فيه ذكر السبق ولكن ذكره في حديث سعيد بن جبير عن 

ابن عباس وفي حديث عبد اهللا بن الحارث وهذه الروايات ال تناقض فيها فإن من روى قصة 

المصارعة منهم

Page 121: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  121

 بعض من ذكر الرهن من الجانبين ومن لم يذكر الرهن لم ينفه بل سكت عنه واقتصر على

القصة ومن ذكر قصة تسبيق ركانة بالشاة لم ينف إخراج رسول اهللا أيضا بل سكت عنه 

فذكره عبد اهللا بن الحارث ولو نفى بعض الرواة إخراج رسول اهللا للرهن صريحا وأثبته البقية 

لقدم المثبت على النافي كما في نظائره وإذا ثبت هذا فهو دليل على المراهنة من 

حلل وهو نظير مراهنة الصديق فإن كل واحدة منهما مراهنة على ما فيه الجانبين بال م

ظهور الدين فإن ركانة هذا كان من أشد الناس ولم يعلم أن أحدا صرعه فلما صرعه النبي 

علم أنه مؤيد بقوة أخرى من عند اهللا ولهذا قال واهللا ما رمى أحد جنبي إلى األرض فكان ال 

ظهار آيات نبوته وما أيده اهللا به من القوة والفضل وكانت يغلب فأراد النبي بمصارعته إ

المشارطة على ذلك كالمشارطة في قصة الصديق لكن قصة الصديق في الظهور بالعلم 

وهذه في الظهور بالقوة والقدرة والدين إنما يقوم بهذين األمرين العلم والقدرة فكانت 

 لما فيهما من العون على إظهار الدين المراهنة عليهما نظير المراهنة على الرمي والركوب

وتأييده فهي مراهنة على حق وأكل المال بها أكل له بالحق لكن النبي لما كان غرضه 

إعالء الحق وإظهاره رد عليه المال ولم يأخذ منه شيئا فأسلم الرجل وهذه المراهنة من 

هي من معنى الثالثة رسول اهللا وصديقه هي من الجهاد الذي يظهر اهللا به دينه ويعزه به ف

المستثناة في حديث أبي هريرة ولكن تلك الثالثة جنسها يعد للجهاد بخالف جنس الصراع 

فإنه لم يعد للجهاد وإنما يصير مشابها للجهاد إذا تضمن نصرة

Page 122: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  122

الحق وإعالئه كصراع النبي ركانة وهذا كما أن الثالثة المستثناة إذا أريد بها الفخر والعلو 

 وظلم الناس كانت مذمومة فالصراع والسباق باألقدام ونحوهما إذا قصد به نصر في األرض

اإلسالم كان طاعة وكان أخذ السبق به حينئذ أخذا بالحق ال بالباطل واألصل في المال أن 

ال يؤكل إال بالحق ال يؤكل بباطل وهو ما ال منفعة فيه فحديث ركانة هذا أحد طرقه صريحة 

ين من غير محلل والطريق األخرى لم تنف ذلك بل لم تكن عادة في الرهان من الجانب

العرب وغيرهم وإلى اآلن أن يبذل السبق أحد المتغالبين وحده وإنما المعروف من عادات 

الناس التراهن من الجانبين وقد جعل في طباعهم وفطرهم أن الرهن من أحد الجانبين 

ه وتعده بخيال شحيحا مهينا ومما يوضح أن قمار وحرام والنفوس تحتقر الذي لم يبذل وتزدري

التراهن كان من الجانبين في هذه القصة أن ركانة لما غلبه النبي وأخذ منه شاة طلب 

ركانة العود وإنما ذلك ليسترجع الشاة ولم يكن له غرض في أن يغرم شاة أخرى وثالثة ولو 

ي خرجت منه بل إذا غلب كان البذل من ركانة وحده لم يكن له سبيل السترجاع الشاة الت

غرم شاة أخرى وإن غلب لم يفرح بأخذ شئ فلم يكن ليطلب العود إلى صراع هو فيه غارم 

وال بد وال سبيل له إلى استنقاذ ما غرمه ألبتة وهذا بخالف ما إذا كان التراهن من الجانبين 

كما هو الواقع كان المغلوب على طمع من استرجاع ما غرمه فيحرص على العود

Page 123: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  123

والمقصود أن الرهن لو كان من جانب واحد وهو جانب ركانة لم يكن له في العود بعد الغرم 

فائدة أصال بل إما أن يغرم شاة ثانية وثالثة مع األولى وإما أن تستقر األولى للنبي وهذا 

مما يعلم أن ركانة لم يقصده بل وال غيره من المتغالبين وإنما يقصد المغلوب بالعود 

اع ما خرج منه وغيره معه فهذا األثر يدل على جواز المراهنة من الجانبين بدون استرج

محلل في عمل يتضمن نصرة الحق وإظهار أعالمه وتصديق الرسول صالة اهللا وسالمة 

عليه وهذا بخالف العمل الذي وجوده مكروه بغيض إلى اهللا ورسوله متضمن للصد عن ذكره 

لعوض وهذا على أحد الوجهين في مذهب الشافعي وأحمد فإن هذا ال يجوز فيه مع إخراج ا

ظاهر جدا فإنهم يجوزون المسابقة بالعوض على الطيور المعدة لألخبار التي ينتفع بها 

المسلمون

Page 124: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  124

حكاه أبو الحسن األمدي وصاحب المستوعب عن بعض أصحاب أحمد فإذا كان أكل المال 

رة الدين وظهور أعالمه وآياته أولى وأحرى بهذه المسابقة أكال بحق فأكله بما يتضمن نص

وعلى هذا فكل مغالبة يستعان بها على الجهاد تجوز بالعوض بخالف المغالبات التي ال 

ينصر الدين بها كنقار الديوك ونطاح الكباش والسباحة والصناعات المباحة

Page 125: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  125

وا ونظير قصة الرد على القائلين بأن مراهنة أبي بكر الصديق لكفار قريش منسوخة قال

مصارعه النبي لركانة قصة مراهنة الصديق لكفار قريش على تصديق النبي فيما أخبر به 

من غلبة الروم لفارس وكان الرهان من الجانبين كما تقدم في أول الكتاب سياق الحديث 

وإسناده على شرط الصحيح وقد صححه الترمذي وغيره قالوا وال يصح أن يقال إن قصة 

خة بتحريم القمار فإن القمار حرم مع تحريم الخمر في آية واحدة والخمر الصديق منسو

حرمت ورسول اهللا محاصر بني النضير وكان ذلك بعد أحد بأشهر وأحد كانت في شوال 

سنة ثالث بغير خالف والصديق لما كان المشركون قد أخذوا رهنه عاد وراهنهم على مدة 

مدة المضروبة بينهم فأخذ أبو بكر رهنهم هكذا أخرى كما تقدم فغلبت الروم فارس قبل ال

جاء مصرحا به في بعض طرق الحديث وهذه الغلبة من الروم لفارس كانت عام الحديبية بال 

شك ومن قال كانت عام وقعة بدر فقد وهم لما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس 

إيلياء شكرا هللا عن أبي سفيان أن هرقل لما أظهره اهللا على فارس مشى من حمص إلى 

فوافاه كتاب رسول اهللا وهو بإيلياء فطلب من هناك من العرب فجئ بأبي سفيان صخر بن 

حرب فقال له إني سائلك عن هذا الرجل

Page 126: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  126

فذكر الحديث وفيه فقال هل يغدر فقال أبو سفيان ال ونحن اآلن في أمان منه في مدة ما 

 صلح الحديبية وكان في ذي القعدة سنة ندري ما هو صانع فيها يريد أبو سفيان بالمدة

ست بال شك فعلم أن تحريم القمار سابق على أخذ الصديق الرهان الذي راهن عليه أهل 

مكة ولو كان رهان الصديق منسوخا لكان أبعد الناس منه فقد روى البخاري في صحيحه 

 فقال مالك أنه كان له غالم يأخذ منه الخراج فجاء يوما بشئ فأكل منه ثم ضحك غالمه

فقال أتدري من أين هذا قال ال قال إني كنت تكهنت إلنسان في الجاهلية فلما كان اليوم 

جاءني بما جعل لي فوضع أبو بكر يده في فيه واستقاء ما كان أكل فكيف يأخذ القمار 

الحرام بعد علمه بتحريمه ونسخه هذا من المحال البين وقد روي أن رسول اهللا أمر أبا بكر 

تصدق بما أخذ من المشركين من الرهانأن ي

Page 127: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  127

وهذا إن صح ال يضر فإنه األولى واألكمل واألليق بمنصب الصديقية فلما رأت هذه الطائفة 

أنه ال يصح أن تكون قصة الصديق منسوخة بتحريم القمار قالت هي منسوخة بحديث أبي 

م عام خيبر سنة سبع وهذا هريرة ال سبق إال في خف أو حافر أو نصل قالوا وأبو هريرة أسل

بعد تحريم القمار والخمر بال شك فيكون حديثه ناسخا لمراهنة الصديق قال اآلخرون أبو 

هريرة لم يقل سمعته من رسول اهللا فجائز أن يكون أرسله عن بعض الصحابة كما في 

من عامة حديثه فإنه كان يقول قال رسول اهللا فإذا وقف يقول حدثني فالن ويذكر من حدثه 

الصحابة وعلى تقدير أن يكون سمعه من النبي فغايته أنه لفظ عام ومراهنة الصديق واقعة 

خاصة والخاص مقدم على العام تقدم أو تأخر عند الجمهور وقيل إنه إجماع الصحابة كما 

ثبت في الصحيحين أن رسول اهللا كان أقر أهل خيبر على أن يعملوها والثمرة بينهم وبينه 

ثم أوصى

Page 128: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  128

عند وفاته أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب وال خالف أن خيبر من جزيرة العرب 

فعمل الخليفتان الراشدان بالخاص المتقدم وقدماه على العام المتأخر وأقر أهل خيبر فيها 

إلى أن أحدثوا في زمن عمر رضي اهللا عنه ما أحدثوا وعلم فأجالهم إلى الشام قالوا وهذا 

زم فإنهم يرون المراهنة على مثل ما راهن عليه الصديق من الغلبة في مسائل للحنفية أل

العلم وعندهم أن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم ولم ينسخوا قصة الصديق المتقدمة 

الخاصة بحديث أبي هريرة العام المتأخر وهو قوله ال سبق إال في خف أو حافر أو نصل 

 الصديق لم تدخل في حديثوعلى هذا فقد يقال قصة مراهنة

Page 129: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  129

أبي هريرة وال أريد بها بنفي وال إثبات وعلى هذا فكل واحد من الحديثين يبقى معموال به 

ألنه على بابه وال تعارض بينهما وهو تقرير حسن قالوا فهذه نبذة من أدلتنا على عدم 

ن وراء القبول اشتراط المحلل في السباق فإن كان عندكم ما يعارضها فحيهال به فنحن م

له إن قاومها ومن وراء الرد والجواب إن لم يقاومها ومحال أن تقوم هذه األدلة وأكثر منها 

على أمر باطل في الشرع يتضمن تحليل ما حرمه اهللا ورسوله وإلحاق القمار بالحالل وال 

 يكون عنها أجوبة صحيحة صريحة ولها معارض مقام فمن ادعى بطالنها فليجب عنها أجوبة

مفصلة وإال فليعرف قدره وال يتعدى طوره وال يقتحم حلبة هذا السباق إال إذا وثق من 

نفسه بمقاومة الرفاق

فصل

أدلة القائلين باشتراط المحلل

قال أصحاب التحليل لقد أجلبتم علينا بخيل األدلة ورجلها وجنبتم معها شكلها وغير شكلها 

ل أدركتم وسبقتم فال حاجة بكم إلى الجلب وجيوش أدلتنا وراءكم في الطلب وسائقها يقو

والجنب فاستعدوا اآلن للقاء جيوش من األدلة إن طلبت أعجزت من طلبها وإن طلبت أدركت 

من استنصر بها فهو منصور ومن عاندها فهو مقهور وسلطان هذه العساكر المنصورة كتاب 

ابعين ومن بعدهم وهذه اهللا ثم سنة رسول اهللا وأمراؤها أئمة اإلسالم من الصحابة والت

طليعة الجيش قد أقبلت وسلطانه قد برز

Page 130: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  130

: قال اهللا تعالى

وما كان لمؤمن وال مؤمنة إذا قضى اهللا ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم 

36األحزاب 

: وقال اهللا تعالى

7وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا الحشر 

فال وربك ال يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ال يجدوا في : وقال اهللا تعالى 

65انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما النساء 

: وقال اهللا تعالى

فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اهللا والرسول إن كنتم تؤمنون باهللا واليوم اآلخر ذلك خير 

59وأحسن تأويال النساء 

هذه المسألة فألي القولين شهد القرآن والسنة أخذنا به ولم وقد تنازعنا نحن وأنتم في 

نترك موجبه لقول أحد وعند هذا فنقول

الدليل األول على اشتراط المحللالدليل على اشتراط المحلل من وجوه 

األول ما رواه حافظ األمة محمد بن شهاب الزهري عن أعلم التابعين سعيد بن المسيب 

ة قال قال رسول اهللاعن حافظ اإلسالم أبي هرير :

من أدخل فرسا بين فرسين وهو ال يأمن أن يسبق فال بأس ومن "

Page 131: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  131

ادخل فرسا بين فرسين وهو آمن أن يسبق فهو قمار

عن يزيد بن هارون ثنا سفيان بن " مسنده " رواه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل في 

" سننهما " ود وابن ماجه في حسين عن الزهري وبنى عليه مذهبه وعمل به ورواه أبو دا

: ورواه أبو بكر بن أبي شيبه وقال أبو عبد اهللا الحاكم

Page 132: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  132

" هو صحيح اإلسناد "

وقال أبو محمد بن حزم

هو صحيح وليس في رجال هذا اإلسناد من ينبغي النظر فيه إال سفيان بن حسين هذا 

وفيق سفيان هذا قد وثقه أحمد فنقول وباهللا تعالى الت" فإنهم أئمة اإلسالم وهداة األنام 

بن عبد اهللا العجلي ويحيى ابن معين في رواية محمد بن سعد وقال كان يخطئ

ووثقه عثمان بن أبي شبية

وقال عباس الدوري

سالت يحيى عنه فقال ليس به بأس وليس من أكابر أصحاب الزهري

وقال يحيى في رواية ابن أبي خيثمة

 بذاك إنما سمع منه بالموسمهو صالح وحديثه عن الزهري ليس

Page 133: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  133

وقال أبو الفرج ابن الجوزي ومحمد بن عبد الواحد المقدسي

واستشهد به البخاري في صحيحه وقد صحح له " صحيحه " خرج مسلم حديثه في 

الترمذي عن غير الزهري فقال حدثنا زياد بن ايوب حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن 

عطاء عن جابرحسين عن يونس بن عبيد عن 

أن رسول اهللا نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثنيا إال أن يعلم

ثم قال

هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث يونس ابن عبيد عن عطاء عن 

جابر

ويكفي سكوت اإلمام أحمد عنه بعد إخراجه له وبناؤه مذهبه عليه

Page 134: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  134

وهذا يدل على صحته عنده

ل الحافظ أبو موسى المديني إن ما خرجه اإلمام أحمد في المسند فهو صحيح عندهوقد قا

إن الحديث محفوظ عن الزهري وقد شهد " علله " قالوا وقد قال أبو الحسن الدارقطني في 

أبو أحمد بن عدي أن للحديث أصال وصوب رواية سعيد له عن أبي هريرة وناهيك بهؤالء 

بخاري عن حديث سفيان بن حسين في الصدقات فقال أرجو األعالم وقد سال الترمذي ال

أن يكون محفوظا وسفيان بن حسين صدوق فهذا إمام هذا الشأن قد شهد لحديثه عن 

الزهري بأنه محفوظ ولسفيان بن حسين بالصدق ومثل هذا يكفي في االحتجاج بالحديث

و داود وابن عدي وال ريب قالوا وقد تابعه على روايته له عن الزهري سعيد بن بشير قاله أب

أن هذا يقوي أمر الحديث ويزيل عنه تفرد سفيان بن حسين به

وقد أثنى األئمة على سعيد بن بشير هذا فقال شعبة كان حافظا صدوق اللسان

وقال أبو زرعة الدمشقي رأيت عند أبي مسهر موضعا للحديث

يل إلى هوى قلت فأين هو قال وقلت لدحيم ما تقول في محمد بن راشد فقال ثقة وكان يم

من سعيد بن بشير فقدم سعيدا عليه

وفي لفظ سألت دحيما عن قول من أدرك في سعيد فقال يوثقونه

Page 135: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  135

وقال البخاري يتكلمون في حفظه وهو يحتمل

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سألت أبي وأبا زرعة عن سعيد بن بشير فقاال محله 

 قاال يحتج لحديث ابن أبي عروبة والدستوائي هذا شيخ الصدق وعندنا قلت يحتج بحديثه

يكتب حديثه

قال وسمعت ابي ينكر على من أدخله في كتاب الضعفاء وقال يحول

وقال عثمان بن سعيد الدرامي كان مشايخنا يقولون هو ثقة

قالوا وإنما تكلم في سعيد بن بشير هذا من تكلم في حديثه عن قتاده لنكرة وقعت فيه 

ل ابن عدي والدارقطني إنه أخطأ في هذا الحديث في روايته إياه عن قتاده عن حتى قا

سعيد بن المسيب عن ابي هريرة وروايته إياه عن الزهري وروايته إياه عن سعيد سالمة 

من هذا القدح ووافقة عليها سفيان بن حسين

Page 136: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  136

حيح له ال يدل على قالوا فالحديث إذن صحيح اإلسناد لثقة رجاله وترك إخراج أصحاب الص

ضعفه كغيره من األحاديث الصحيحة التي تركا إخراجها

قالوا وقصارى ما يعلل به الوقف على سعيد بن المسيب وهذا ليس بعلة فقد يكون الحديث 

 فصل عند الراوي مرفوعا ثم يفتي به من قوله فينقل عنه موقوفا فال تناقض بين الروايتين

وجهة الداللة منه

تقرير الحديث من جهة السند وأما تقرير الداللة منه فهو أن النبي أخبر أن قالوا فهذا 

المتسابقين متى أدخال بينهما ثالثا قد أمن أن يسبق فهو قمار ومعلوم أن دخوله لم يجعل 

العقد قمارا بل إخراجهما هو الذي جعل العقد قمارا ودخوله على غير الوجه الذي دخال 

عبرة به فكأنه لم يدخل فكان العقد قمارا إذ ال تأثير له لدخوله عليه من الجراء والخوف ال 

فيه مع األمن فإذا دخل على الوجه الذي دخال عليه من الخوف والرجاء لم يكن قمارا وذلك 

ألن كل واحد منهما قبل المحلل دائر بين أن يأخذ من اآلخر أو يعطيه فهو دائر بين أن يغنم 

جعل للسابق جعال على سبقه حتى يكون من جنس أو يغرم والمخرج لم يقصد أن ي

الجعائل فإذا دخل بينهما ثالث كان لهما حال ثانية وهو أن يعطيا جميعا الثالث فيكون الثالث 

له جعل على سبقه لهما

Page 137: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  137

فيكون من جنس الجعائل

ه قالوا وإنما شرط النبي أنه ال يأمن أن يسبق ألنه لم يكتف بصورة الدخيل حتى يكون دخول

حيلة مجردة بل ال بد أن يكون فرسه يحصل معه مقصود انتفاء القمار بمكافأته لفرسيهما 

قالوا ولهذا يشترط هذه المكافأة من يجوز الحيل فال يجوز دخول هذا الثالث حيلة بل ال بد 

أن يخاف منه ما يخاف من كل واحد من المخرجين ويرجو ما يرجو له وال يكفي صورته 

دخوله عن شبه القمارليتحقق الخروج ب

 فصل الدليل الثاني على اشتراط المحللهذا غاية ما يقرر به هذا الحديث سندا وداللة

قالوا والدليل الثاني على اشتراط المحلل ما رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه فقال ثنا 

هللا بن الحسن بن سفيان ثنا ابراهيم بن المنذر ثنا عبد اهللا بن نافع عن عاصم عن عبد ا

دينار عن ابن عمر

أن النبي سابق بين الخيل وجعل بينهما سبقا وجعل بينهما محلال وقال ال سبق إال في 

حافر أو خف أو نصل

Page 138: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  138

قالوا فهذا إسناد كلهم ثقات وتصحيح أبي حاتم لحديث عاصم هذا وهو عاصم بن عمر بن 

حفص يدل على كونه ثقه عنده ووجه االستدالل منه ظاهر

Page 139: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  139

الدليل الثالث على اشتراط المحلل فصل

الدليل الثالث ما رواه الحافظ أبو إسحاق يعقوب بن إبراهيم السعدي في كتابه المترجم 

فقال حدثني عبد اهللا بن يوسف حدثنا يحيى بن حمزة قال حدثني رجل من بني مخزوم 

 أن رسول اهللا من ولد الحارث بن هشام قال حدثني أبو الزناد عن األعرج عن أبي هريرة

قال ال جلب وال جنب وإذا لم يدخل المتراهنان فرسا يستبقان على السبق فيه فهو حرام

قالوا فهذا اسناد ال يسأل عن رجاله وهذا الرجل المجهول غايته أنه لم يسم فالحديث به 

 يكون مرسال فإذا انضم إلى ذينك الحديثين قوي أمره وصلح االستشهاد به ال لالعتماد عليه

الدليل الرابع على اشتراك المحللفصل 

الدليل الرابع ما رواه السعدي أيضا عن عمرو بن عاصم حدثنا

Page 140: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  140

حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن رجلين تقامرا في ظبي وهما محرمان 

أيهما يسبق إليه فسبق أحدهما صاحبه فقال عمر هذا قمار وال نجيزه

 ا ولو أخرج أحدهما لم يقل تقامرا فإن التقامر إنما يكون من اثنينفجعله قمارا لما أخرجا مع

فصل الدليل الخامس على اشتراك المحلل

الدليل الخامس ما رواه البخاري في صحيحه عن سلمة بن األكوع قال مر النبي على نفر 

 مع من أسلم ينتضلون بالسوق فقال ارموا بني إسماعيل في فإن اباكم كان راميا ارموا وأنا

بنى فالن فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال النبي ما لكم ال ترمون فقالوا كيف نرمي 

وأنت معهم فقال ارموا وأنا معكم كلكم

قالوا وال يكون مع الطائفتين إال وهو محلل وإال كان مع أحدهما

Page 141: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  141

الدليل السادس على اشتراط المحلل فصل

م يكن هناك محلل كان قمارا وهو حرام ألنه يبقى الدليل السادس أنهما إذا أخرجا معا ول

كل منهما دائرا بين أن يغرم وبين أن يغنم وهذا هو القمار فإذا أدخال بينهما ثالث حصل 

قسم ثالث وهو أن يسبقهما فيأخذ جعليهما معا وال يغرم شيئا فيصير العقد به في حكم 

ما فما لم يسبقهما لم يستحق عقود الجعاالت فكأنهما جعال لهذا المحلل جعال إن سبقه

الجعل

قالوا ولو لم يكن في هذا اال قول أعلم التابعين وال سيما بقضايا عمر وهو سعيد بن 

المسيب وكان عبد اهللا بن عمر يبعث يسأله عن قضايا أبيه فإنه أفتى بذلك وتبعه عليه 

فقهاء الحديث كاإلمام أحمد

Page 142: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  142

صحابه ومن الناس غير هؤالء فيكفينا أن ثالثة أركان والشافعي وفقهاء الرأي كأبي حنيفة وأ

األمة من جانبنا والركن اآلخر وهو مالك عنه روايتان إحداهما موافقة سعيد بن المسيب 

في القول بالمحلل قال أبو عمر بن عبد البر وهو األجود من قوليه وقول سعيد بن المسيب 

وجمهور أهل العلم واختاره ابن المواز

ب أبي حنيفة أن التابعي إذا عاصر الصحابة وزاحمهم في الفتوى وأقروه على قالوا ومذه

ذلك كان قوله حجة

قالوا وهذا مذهب إمام أهل الشام األوزاعي وإمام أهل خراسان إسحاق بن راهويه وهو 

مذهب الزهري فقد تواطأ على هذا المذهب فقهاء األمصار وفقهاء اآلثار وفقهاء الرأي 

تم أدلته ردود مشترطي المحلل على مخالفيهموالقياس وقد سمع

قالوا وأما أدلتكم فهي نوعان أثرية ومعنوية

فأما األثرية فالصحيح منها إما عام وأدلتنا خاصة فتقدم عليه أو مجمل وأدلتنا مفصلة وإما 

متقدم منسوخ بما ذكرنا من األدلة كقصة مصارعة النبي ومراهنة الصديق فإنهما كانا في 

المأول اإلس

قالوا وقد حكى أبو محمد بن حزم اإلجماع على نسخ قصة

Page 143: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  143

أجمعت األمة التي ال يجوز عليها الخطأ فيما نقلته مجمعة " الصديق ومراهنته فإنه قال 

عليه أن الميسر الذي حرمه اهللا هو القمار وذلك مالعبة الرجل صاحبه على أن من غالب 

ا بينهما كالمتصارعين يتصارعان والراكبين منهما أخذ من المغلوب قمرته التي جعاله

يتراكبان على أن من غلب منهما فللغالب على المغلوب كذا وكذا خطارا وقمارا فإن ذلك هو 

الميسر الذي حرمه اهللا تعالى وقد قال النبي من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق

قالوا وال يعلم في هذه المسألة إال مذهبان

ج الرهن من الحزبين معا سواء كان بمحلل أو لم يكن بمحلل وهذا هو مذهب من يمنع اخرا

المعروف من مذهب مالك

قال أبو عمر بن عبد البر قال مالك ال تأخذ بقول سعيد بن المسيب في المحلل وال يجب 

المحلل في الخيل

قال صاحب الجواهر

وهذا المشهور عنه

ول من حكيناوالقول الثاني قول من يجوزه بشرط المحلل وهو ق

Page 144: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  144

قوله آنفا

وأما الجواز من الحزبين من غير محلل فال نعلم به قائال من األئمة المتبوعين

قالوا وأما ما استدللتم به من قوله راهن رسول اهللا وأن المراهنة مفاعلة وحقيقتها من 

افاك اثنين فذلك غير الزم فيها فإنه يقال سافر فالن وعاقب اللص وطارق النعل ويكفي ع

اهللا

وأما المعنوية فسائر ما ذكرتم من المعاني واإللزامات فنردها كلها بأمر واحد وهو فساد 

اعتبارها لتضمنها مخالفة ما ذكرنا من النصوص الدالة على اعتبار المحلل فال حاجة إلى 

افراد كل واحد منها بجواب فهذا غاية ما تمسكت به هذه الفرقة وانتهى إليه نظرهم 

لتهم قالوا فقد تبين انا أولى باألدلة الشرعية آثارها ومعانيها منكم كما نحن أولى واستدال

باألئمة منكم في هذه المسألة فإن كاثرتمونا باألدلة كاثرناكم باألئمة فكيف ودليل واحد من 

األدلة التي ذكرناها يكفينا في النصرة علكيم

وفي الحديث ما رأه المسلمون المؤمنون قالوا وهؤالء جمهور األمة قد رأوا هذا القول حسنا 

حسنا فهو عند اهللا حسن

Page 145: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  145

وما عداه فقول شاذ ومن شذ شذ اهللا به وقد قال النبي الشيطان مع الواحد وهو من 

اإلثنين أبعد

Page 146: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  146

\ فصل ردود منكري المحلل على مخالفيهم 

شرع إليه طرف قال المنكرون للمحلل لسنا ممن يقعقع له بالشنان وال ممن يفر إذا أ

السنان وإنا بحمد اهللا للحق ناصرون وبه منتصرون وفيه متبصرون وبه مخاصمون وإليه 

محاكمون وهو أخبيتنا التي نفزع اليها وقاعدتنا التي نعتمد عليها ونحن نبرأ إلى اهللا مما 

ال سواه ونعوذ باهللا ان ننصر إال اياه ولسنا ممن يعرف الحق بالرجال وإنما ممن يعرف الرج

بالحق ولسنا ممن يعرض الحق على آراء الخلق فما وافقه منها قبله وما خالفه رده وإنما 

نحن ممن يعرض آراء الرجال وأقوالها على الدليل فما وافقه منها اعتد به وقبله وما خالفه 

خالفه

قالوا ونحن نبين أن جيوش أدلتكم التي عولتم عليها واستندتم في النصرة اليها ليست لها 

في مقاومة جيوشنا يدان وال تجري مع فرسانها في ميدان وإنها احاديث باطلة معلولة 

وصحيحها ليس معكم منه شيء وإن قياسكم بين البطالن من أكثر من أربعين وجها فنقول 

وباهللا التوفيق

أما ما قدمتم من ذكر قوله تعالى وما كان لمؤمن وال مؤمنة إذا قضى اهللا ورسوله أمراأن 

 إلى آخر 7 وقوله وما آتاكم الرسول فخذوه الحشر 36لهم الخيرة من أمرهم األحزاب يكون 

المقدمة فنعم واهللا وسمعا وطاعة لداعي اهللا ورسوله وتركا لكل قول يخالفه

ونحن ننشدكم اهللا إذا دعوناكم إلى النصوص التي تخالف من قلدتموه هل تقدمونها على 

ول من قلدتموه نصا محكما حاكما عليها والنصوص قوله وتقولون بموجبها أم تجعلون ق

ظواهر متشابهة إن أمكن

Page 147: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  147

ردها بأنواع التأويالت واال قيل صاحب المذهب أعلم

الرد على الدليل األولوعند هذا فنقول 

أما الحديث األول وهو حديث سعيد بن المسيب فالكالم معكم فيه في مقامين

أحدهما صحته مرفوعا إلى النبي

ضعف الحديثاني بيان داللته على محل النزاع الث

فأما المقام األول فنقول هذا حديث ال يصح عن رسول اهللا ألبتة ونحن نذكر كالم من تكلم 

في الحديث من األئمة وفي سفيان بن حسين

فقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب العلل له

ن بن حسين عن الزهري عن سألت أبي عن حديث رواه يزيد بن هارون وغيره عن سفيا

سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا أيما رجل أدخل فرسا بين فرسين وهو يأمن أن 

يسبق فهو قمار قال أبي هذا خطأ لم يعمل سفيان بن حسين شيئا ال يشبه أن يكون عن 

النبي وأحسن أحواله أن يكون عن سعيد بن المسيب من قوله وقد رواه يحيى بن

Page 148: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  148

ن سعيد من قولهسعيد ع

وقال ابن أبي خيثمة في تاريخه

سألت يحيى بن معين عن حديث سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب 

عن أبي هريرة عن النبي من أدخل فرسا بين فرسين الحديث فقال باطل وخطأ على أبي 

هريرة

هري عن رجال من وقال أبو داود في سننه بعد أن أخرجه رواه معمر وشعيب وعقيل عن الز

أهل العلم قالوا من أدخل فرسا وهذا أصح عندنا

هذا لفظ أبي داود فال ينبغي أن يقتصر المخرج له من السنن على قوله رواه أبو داود 

ويسكت عن تعليله له

وقد رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال من أدخل فرسا 

فجعله من كالم سعيد نفسه

كذلك رواه األساطين األثبات من أصحاب الزهري معمر بن راشد وعقيل بن خالد وشعيب و

بن أبي حمزة والليث بن سعد ويونس

Page 149: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  149

ابن يزيد األيلي وهؤالء أعيان اصحاب الزهري كلهم رووه عن سعيد بن المسيب من قوله

تمهيد وقال هذا وممن اعله ابو عبيد القاسم بن سالم وأعله أبو عمر بن عبد البر في ال

حديث انفرد به سفيان بن حسين من بين اصحاب ابن شهاب ثم أعله بكالم ابي داود

وقال بعض الحفاظ يبعد جدا أن يكون الحديث عند الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابي 

هريرة مرفوعا ثم ال يرويه واحد من أصحابه المالزمين له المختصين به الذين يحفظون 

 أعلم الناس بحديثه وعليهم مداره وكلهم يروونه عنه كأنما من قول حديثه حفظا وهم

سعيد نفسه وتتوفر هممهم ودواعيهم على ترك رفعه إلى النبي وهم الطبقة العليا من 

أصحابه المقدمون على كل من عداهم ممن روى عن الزهري ثم ينفرد برفعه من ال 

مالزمة له وال في الحفظ و ال في اإلتقان يدانيهم وال يقاربهم ال في االختصاص به وال في ال

وهو معدود عندهم في الطبقة السادسة من أصحاب الزهري على ما قال أبو عبد الرحمن 

النسائي وهو سفيان بن حسين فمن له

Page 150: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  150

ذوق في علم الحديث ال يشك وال يتوقف أنه من كالم سعيد بن المسيب ال من كالم 

رفع الحديث إلى النبي بل إما أن يرويه ويسكت عنه أو ينبه رسول اهللا وال يتأتى له الحكم ب

عليه

وسمعت شيخ اإلسالم ابن تيمية يقول رفع هذا الحديث إلى النبي خطأ وإنما هو من كالم 

سعيد بن المسيب

قال وهذا مما يعلم أهل العلم بالحديث أنه ليس من كالم النبي وإنما هو من كالم سعيد 

واه الثقات األثبات من أصحاب الزهري عنه عن سعيد بن بن المسيب نفسه وهكذا ر

المسيب مثل الليث بن سعد وعقيل ويونس ومالك بن أنس وذكره في الموطأ عن سعيد 

بن المسيب نفسه ورفعه سفيان بن حسين الواسطي وهو ضعيف ال يحتج بمجرد روايته 

عن الزهري لغلطه في ذلك

سين في تفرده عن الزهري بحديث الرجل قلت فقد غلط اإلمام الشافعي سفيان بن ح

جبار فقال روى سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة 

مرفوعا الرجل الجبار ثم قال وهذا غلط واهللا أعلم إن الحفاظ لم يحفظوا ذلك

Page 151: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  151

 رفعه وهذا اسناد حديث المحلل بعينه وعيانه والعلة واحدة بعينها فإن الحفاظ لم يحفظوا

كما تقدم

وقال ابن عدي والدارقطني والبيهقي تفرد بهذا الحديث عن الزهري سفيان بن حسين قال 

الدارقطني وهو وهم ألن الثقات خالفوه ولم يذكروا ذلك

قال البيهقي وقد رواه مالك والليث وابن جريج ومعمر وعقيل وسفيان بن عيينه وغيرهم 

رجلعن الزهري ولم يذكر أحد منهم فيه ال

وهذا نظير تعليل حديثه في المحلل سواء بسواء

ونظير هذا حديثه عن الزهري عن سالم عن أبيه في الصدقات قال يحيى بن معين لم يتابع 

سفيان بن حسين عليه أحد ليس يصح هذا مع أن له شاهدا في صحيح البخاري وقد 

وافقه عليه سليمان بن كثير أخو محمد

Page 152: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  152

ابن كثير

تفرد سفيان هذا به ومخالفة غيره من اصحاب الزهري له في وقفهفلم يصححه ل

ونظير هذا بل أبلغ منه أن سفيان بن حسين روى عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت 

كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام فاشتهيناه فأكلناه فدخل علينا رسول اهللا 

ال اقضيا يوما مكانهفبدرتني حفصة وكانت ابنه ابيها فقصت عليه القصة فق

وتابعه جعفر بن برقان وصالح بن ابي األخضر ثم قال جماعة منهم البيهقي وقد وهموا فيه 

على الزهري فقد رواه الحفاظ من أصحاب الزهري عنه قال بلغني أن عائشة وحفصة 

أصبحتا صائمتين هكذا رواه مالك ويونس ومعمر وابن جريج ويحيى بن سعيد وعبيد اهللا بن 

 وسفيان بن عيينه ومحمد بن الوليد الزبيدي وبكر بن وائل وغيرهم وقد شهد ابن جريج عمر

وسفيان بن عيينة على لفظ الزهري أنه لم يسمع هذا الحديث من عروة قال ابن جريج 

عنه ولكن حدثني ناس في خالفة سليمان بن عبد الملك عن بعض من كان يدخل على 

حد عن معمر أنه قال في هذا الحديث لو كانعائشة وقال الحميدي أخبرني غير وا

Page 153: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  153

عن عروة ما نسبته وقال البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي ال يصح هذا الحديث عن 

الزهري عن عروة عن عائشة

فهذا وأمثاله مما بين ضعف رواية سفيان بن حسين عن الزهري ولو تابعه غيره عند أئمة 

ا تفرد به عن الثقات وخالف فيه األئمة االثباتهذا الشأن وفرسان هذا الميدان فكيف بم

ومعرفة هذا الشأن وعلله ذوق ونور يقذفه اهللا في القلب يقطع به من ذاقه وال يشك فيه 

ومن ليس له هذا الذوق ال شعور له به وهذا كنقد الدراهم ألربابه فيه ذوق ومعرفة ليستا 

لكبار العلماء

د الرحمن بن مهدي إن معرفة الحديث الهامقال محمد بن عبد اهللا بن نمير قال عب

قال ابن نمير صدق لو قلت له من أين قلت لم يكن له جواب

وقال ابو حاتم الرازي قال عبد الرحمن بن مهدي إنكارنا للحديث عند الجهال كهانة

Page 154: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  154

كالم أئمة الجرح والتعديل في سفيان بن حسين الواسطي فصل

 الحديث وأما كالمهم في سفيان بن حسين الذي تفرد به فهذا كالم هؤالء األئمة في هذا

عن الناس فقال اإلمام أحمد في رواية المروزي عنه ليس بذاك في حديثه عن الزهري

وقال يحيى بن معين في رواية عباس الدوري عنه ليس به بأس وليس من كبار أصحاب 

الزهري وفي حديثه ضعف عن الزهري

 بأس وقوله في حديثه ضعف عن الزهري لما سيأتي إن شاء و ال تنافي بين قوليه ليس به

اهللا من بيان سبب ضعف حديثه عن الزهري

وقال يحيى في رواية ابن أبي خيثمة عنه ثقة في غير الزهري ال يدفع وحديثه عن الزهري 

ليس بذاك إنما سمع منه بالموسم

Page 155: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  155

با ولم يكن بالقويوقال في رواية يعقوب بن ابي شبيه كان سفيان بن حسين مؤد

وقال في رواية أبي داود وليس بالحافظ وليس بالقوي في الزهري

وقال عثمان بن أبي شيبة كان ثقة ولكنه كان مضطربا في الحديث قليال

وقال ابن سعد ثقة يخطئ في حديثه كثيرا وقال يعقوب بن ابي شيبه ثقة صدوق وفي 

حديثه ضعف وقد حمل الناس عنه

لرازي صالح الحديث يكتب حديثه وال يحتج به نحو محمد بنوقال ابو حاتم ا

Page 156: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  156

إسحاق وهو أحب إلي من سليمان بن كثير

وقال النسائي ليس به بأس إال في الزهري

وقال أبو حاتم البستي في كتاب الضعفاء وقد أدخله فيه يروي عن الزهري المقلوبات فإذا 

 صحيفة الزهري اختلطت عليه وكان روى عن غيره أشبه حديثه حديث األثبات وذلك أن

يأتي بها على التوهم فاإلنصاف من أمره يكتب مما روى عن الزهري واالحتجاج بما روى 

عن غيره

وقال أبو أحمد بن عدي هو في غير الزهري صالح وفي الزهري يروي أشياء خالف فيها 

قواعد جليلة في علم الجرح والتعديلالناس 

من ضعفه وقول من وثقه ألن من وثقه جمع بين توثيقه في غير قالوا وال تنافي بين قول 

الزهري وتضعيفه فيه وهذه مسألة غير مسألة تعارض الجرح والتعديل بل يظن قاصر العلم 

أنها هي فيعارض قول من

Page 157: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  157

جرحه بقول من عدله وإنما هذه مسألة أخرى غيرها وهي االحتجاج بالرجل فيما رواه عن 

الحتجاج به بعينه فيما رواه عن آخربعض الشيوخ وترك ا

وهذا كإسماعيل بن عياش فإنه عند أئمة هذا الشأن حجه في الشاميين أهل بلده وغير 

حجه فيما رواه عن الحجازيين والعراقيين وغير أهل بلده

ومثل هذا تضعيف من ضعف قبيصة في سفيان الثوري واحتج به في غيره كما فعل أبو عبد 

الرحمن النسائي

ذه طريقة الحذاق من أصحاب الحديث أطباء علله يحتجون بحديث الشخص عمن هو وه

معروف بالرواية عنه وبحفظ حديثه وإتقانه ومالزمته له واعتنائه بحديثه ومتابعة غيره له 

ويتركون حديثه نفسه عمن ليس هو معه بهذه المنزلة

 ضعيف ال يحتج وهذه حال سفيان بن حسين عند جماعتهم ثقة صدوق وهو في الزهري

به ألنه إنما لقيه مرة بالموسم ولم يكن له من االعتناء بحديث الزهري وصحبته ومالزمته 

له ما ألصحاب الزهري الكبار كمالك والليث ومعمر وعقيل ويونس وشعيب فإذا تفرد مثل 

هذا

Page 158: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  158

ي بحديث عن هؤالء مع مالزمتهم الزهري وحفظهم حديثه وضبطهم له و هو ليس مثلهم ف

الحفظ واإلتقان لم يكن حجة عندهم

هذا إذا لم يخالفوه فكيف إذا خالفوه فرفع ما قد وقفوه ووصل ما قطعوه وأسند ما أرسلوه

هذا مما ال يرتاب أئمة هذا الشأن في أن الحاق الغلط به أولى

وربما يظن الغالط الذي ليس له ذوق القوم ونقدهم أن هذا تناقض منهم فإنهم يحتجون 

ل ويوثقونه في موضع ثم يضعفونه بعينه وال يحتجون به في موضع آخر ويقولون إن كان بالرج

ثقة وجب قبول روايته جملة وإن لم يكن ثقة وجب ترك االحتجاج به جملة

وهذه طريقة قاصري العلم وهي طريقة فاسدة مجمع بين أهل الحديث على فسادها 

يه وقامت شهوده من طرق ومتون أخرى فإنهم يحتجون من حديث الرجل بما تابعه غيره عل

ويتركون حديثه بعينه إذا روى ما يخالف الناس أو انفرد عنهم بما ال يتابعونه عليه إذ الغلط 

في موضع ال يوجب الغلط في كل موضع واإلصابة في بعض الحديث او في غالبه ال توجب 

يده ثم روى ما يخالف العصمة من الخطأ في بعضه وال سيما إذا علم من مثل هذا أغالط عد

 فصل التنبيه على غلطين الناس وال يتابعونه عليه فإنه يغلب على الظن أو يجزم بغلطه

في علم مصطلح الحديث لعظيم فائدة االحتراز منهما

وهنا يعرض لمن قصر نقده وذوقه هنا عن نقد األئمة وذوقهم في

Page 159: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  159

األول في شرط  االحتراز منهما هذا الشأن نوعان من الغلط ننبه عليهما لعظيم فائدة

الصحيح

أحدهما أن يرى مثل هذا الرجل قد وثق وشهد له بالصدق والعدالة أو خرج حديثه في 

الصحيح فيجعل كل ما رواه على شرط الصحيح وهذا غلط ظاهر فإنه إنما يكون على شرط 

لك أو بعضه فإنه الصحيح إذا انتفت عنه العلل والشذوذ والنكارة وتوبع عليه فأما مع وجود ذ

ال يكون صحيحا وال على شرط الصحيح

ومن تأمل كالم البخاري ونظرائه في تعليله أحاديث جماعة أخرج حديثهم في صحيحه علم 

 فصل الثاني التفصيل والنقد في إمامته وموقعه من هذا الشأن وتبين به حقيقة ما ذكرنا

اعتبار حديث الراوي

لرجل قد تكلم في بعض حديثه وضعف في شيخ أو في النوع الثاني من الغلط أن يرى ا

حديث فيجعل ذلك سببا لتعليل حديثه وتضعيفه أين وجد كما يفعله بعض المتأخرين من 

اهل الظاهر وغيرهم

وهذا ايضا غلط فان تضعيفه في رجل أو في حديث ظهر فيه غلط ال يوجب تضعيف حديثه 

ار حديث الرجل بغيره والفرق بين ما انفرد مطلقا وأئمة الحديث على التفصيل والنقد واعتب

به أو وافق فيه الثقات

Page 160: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  160

وهذه كلمات نافعة في هذا الموضع تبين كيف يكون نقد الحديث ومعرفة صحيحه من 

سقيمه ومعلوله من سليمه ولم يجعل اهللا له نورا فما له من نور

قالوا فهذا شأن هذا الحديث وشأن راويه

صحيحه" ما شرطه في " صحيحه " ة لم يشترط مسلم في مقدم "

فليس كما ذكرتم وإنما " صحيحه " وأما قولكم إن مسلما روى لسفيان بن حسين في 

روى له في مقدمة كتابه ومسلم لم يشترط فيها ما شرطه في الكتاب من الصحة فلها 

شأن ولسائر كتابه شأن آخر وال يشك أهل الحديث في ذلك

 الشواهد والمتابعاتوبين ما أخرج له في" الصحيح " بخاري في التفرقة بين من أخرج له ال

فال يدل أنه حجة عنده ألن الشواهد " الصحيح " قالوا وأما استشهاد البخاري به في 

" صحيحه " والمتابعات يحتمل فيها ما ال يحتمل في األصول وقد استشهد البخاري في 

بأحاديث جماعة وترك االحتجاج بهم

 في التوثيق الصحيحتساهل الترمذي

وأما تصحيح الترمذي لسفيان بن حسين فإنما صحح له حديثا غير هذا الحديث كما تقدم 

ولم يصحح هذا الحديث الذي صححه إال من روايته عن غير الزهري وأما حديثه عن الزهري 

فكالمجمع على ضعفه كما حكينا أقوال أئمة هذا الشأن فيه آنفا

Page 161: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  161

يصحح أحاديث لم يتابعه غيره على تصحيحها بل يصحح ما يضعفه غيره هذا مع أن الترمذي 

أو ينكره

فإنه صحح حديث كثير بن عبد اهللا بن عمرو بن عوف وأحمد يضعف حديثه جدا وفال البنه 

ليس بشيء" منكر الحديث " عبد اهللا ال تحدث عنه وقال 

حديثه ليس بشيء وال يكتب" وقال يحيى  "

متروك الحديث" قطني وقال النسائي والدار "

هو ركن من أركان الكذب" وقال الشافعي  "

وقال ابن حبان

Page 162: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  162

روى عن أبيه عن جده نسخه موضوعه ال يحل ذكرها في الكتب وال الرواية عنه إال على 

" التعجب

ويصحح أيضا حديث محمد بن إسحاق وهو أعذر من تصحيحه حديث كثير هذا

مع اشتهار ضعفهويصحح أيضا للحجاج بن أرطأة 

ويصحح حديث عمرو بن شعيب وأحسن كل اإلحسان في ذلك

والمقصود أنه يصحح ما ال يصححه غيره وما يخالف في تصحيحه

Page 163: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  163

تصحيح الحاكم

قالوا وأما تصحيح الحاكم فكما قال القائل

على الماء خانته فروج األصابع... فاصبحت من ليلى الغداة كقابض 

اء علل الحديث بتصحيح الحاكم شيئا وال يرفعون به رأسا البتة بل ال وال يعبأ الحفاظ أطب

يعدل تصحيحه وال يدل على حسن الحديث بل يصحح أشياء موضوعة بال شك عند أهل 

العلم بالحديث وإن كان من ال علم له بالحديث ال يعرف ذلك فليس بمعيار على سنة 

رسول اهللا وال يعبأ أهل الحديث به شيئا

له أن ال يحتج بهم " المدخل " نفسه يصحح أحاديث جماعة وقد أخبر في كتاب والحاكم 

وأطلق الكذب على بعضهم هذا مع أن مستند تصحيحه ظاهر سنده وأن رواته ثقات ولهذا 

" قال صحيح اإلسناد

وقد علم أن صحة اإلسناد شرط من شروط صحة الحديث وليست موجبة لصحته فإن 

مور منهاالحديث إنما يصح بمجموع أ

Page 164: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  164

صحة سنده وانتفاء علته وعدم شذوذه ونكارته وأن ال يكون روايه قد خالف الثقات أو شذ 

عنهم

وهذا الحديث قد تبينت ونكارته

تصحيح ابن حزم

قالوا وأما تصحيح أبي محمد بن حزم له فما أجدره بظاهريته وعدم التفاته إلى العلل 

ح مثل هذا الحديث وما هو دونه في الشذوذ والقرائن التي تمنع ثبوت الحديث بتصحي

والنكارة فتصحيحه لألحاديث المعلولة وإنكاره لنقلتها نظير إنكاره للمعاني والمناسبات 

واألقيسة التي يستوي فيها األصل والفرع من كل وجه والرجل يصحح ما أجمع أهل 

الحديث على ضعفه وهذا بين في كتبه لمن تأمله

 وأمثلة على وسكت عنه يكون صحيحا عنده" المسند " م أحمد في ليس كل ما رواه اإلما

ذلك

وبنى مذهبه عليه وسكت عن تضعيفه وما سكت عنه " إن اإلمام أحمد رواه " وأما قولكم 

فهو صحيح عنده" المسند " في  "

وهذه أربع مقدمات لو سلمت لكم لكان غاية ما يستنتج منها تصحيح أحمد له

كرنا أقوالهم في تضعيفه والشهادة لهوأحمد قد خالفه من ذ

Page 165: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  165

بالنكارة وأنه ليس من كالم رسول اهللا

وإذا اختلف أحمد وغيره من أئمة الحديث في حديث فالدليل يحكم بينهم وليس قوله حجة 

عليهم كما إذا خالفه غيره في مسألة من الفقه لم يكن قوله حجة على من خالفه بل 

الحجة الفاصلة هي الدليل

 أنا احتججنا عليكم بمثل هذا لقلتم ولسمع قولكم تصحيح أحمد معارض لتضعيف هؤالء ولو

األئمة فال يكون حجة

فهو " المسند " كيف والشأن في المقدمة الرابعة وهي أن كل ما سكت عنه أحمد في 

صحيح عنده فإن هذه المقدمة ال مستند لها البتة بل أهل الحديث كلهم على خالفها 

الصحيح وال التزمه وفي مسنده عدة أحاديث " مسنده " د لم يشترط في واإلمام أحم

سئل هو عنها فضعفها بعينها وأنكرها

إذا كان النصف من " كما روى حديث العالء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة يرفعه 

شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يكون رمضان وقال حرب سمعت أحمد يقول هذا حديث 

م يحدث العالء بحديث أنكر من هذا وكان عبد الرحمن بن مهدي ال يحدث به البتةمنكر ول

Page 166: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  166

ال صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل وسأله الميموني عنه فقال أخبرك ما " وروى حديث 

يريد أنه موقوف" له عندي ذلك اإلسناد إال أنه عن عائشة وحفصة إسنادان جيدان 

Page 167: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  167

من أفطر يوما من رمضان لم " وس عن أبيه عن أبي هريرة يرفعه وروى حديث أبي المط

وقال في رواية مهنا وقد سأله عنه ال أعرف أبا المطوس وال ابن " يقضه عنه صيام الدهر 

" المطوس

وقال المروزي لم يصححه أبو عبد اهللا " أنه ال وضوء لمن لم يذكر اسم اهللا عليه " وروى 

وقال ليس فيه شيء يثبت

Page 168: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  168

مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط والبول فإني أستحييهم " وروى حديث عائشة 

وكان رسول اهللا يفعله وقال في رواية حرب

Page 169: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  169

لم يصح في االستنجاء بالماء حديث قيل له فحديث عائشة قال ال يصح ألن غير قتادة ال 

" يرفعه

ةحولوا مقعدتي نحو القبل" وروى حديث عراك عن عائشة 

Page 170: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  170

وأعله باإلرسال وأنكر أن يكون عراك سمع من عائشة

" وروى لجعفر بن الزبير وقال في رواية المروزي ليس بشيء

Page 171: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  171

وروى حديث وضوء النبي مرة مرة وقال في رواية مهنا

أن النبي مسح " وروى حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده " األحاديث فيه ضعيفة 

 وأنكره في رواية أبي داود قال"رأسه حتى بلغ القذال 

Page 172: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  172

ما أدري ما هذا وابن عيينة كان ينكره وروى حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده 

يرفعه أيما رجل مس ذكره فليتوضأ وقال في رواية أحمد بن هاشم األنطاكي ليس بذلك 

وكأنه ضعفه وروى حديث زيد بن خالد الجهني يرفعه من مس فرجه

Page 173: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  173

قال مهنا سألت أحمد عنه فقال ليس بصحيح الحديث حديث نسوة فقلت من فليتوضأ و

قبل من جاء خطؤه فقال من قبل ابن اسحاق أخطأ فيه ومن طريقه رواه في مسنده وروى 

حديث عائشة مرفوعا في مس الذكر وقال في رواية مهنا

Page 174: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  174

 رسول اهللا فقبض ليس بصحيح وروى عن عائشة مدت امرأة من وراء الستر بيدها كتابا إلى

يده وقال ما أدري أيد رجل أو يد امرأة قالت بل امرأة قال لو كنت امرأة غيرت أظفارك بالحناء 

وقال في رواية حنبل هذا حديث منكر وروى حديث أبي هريرة يرفعه من استقاء فليقض 

ومن ذرعه القئ فليس عليه قضاء وعلله في رواية مهنا وأبي داود قال أبو

Page 175: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  175

سألت أحمد عن هذا فقال ليس في هذا شئ إنما هو من أكل ناسيا وهو صائم فإنما داود 

أطعمه اهللا وسقاه وروى حديث ابن عباس أن النبي احتجم وهو صائم وقال في رواية مهنا 

وقد سأله عن هذا الحديث فقال

Page 176: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  176

ام ليس بصحيح وروى حديث ابن عمر يرفعه من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم حر

لم تقبل له صالة ما دام عليه وسأله أبو طالب عن هذا الحديث فقال ليس له إسناد

Page 177: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  177

وقال في رواية مهنا ال أعرف يزيد بن عبد اهللا وال هاشم األوقص ومن طريقهما رواه وروى 

عن القواريري معاذ بن معاذ عن أشعب الحمراني عن ابن سيرين عن عبد اهللا بن شقيق 

ول اهللا ال يصلي في شعرنا وال لحفنا وقال في رواية ابنه عبد اهللا ما عن عائشة كان رس

سمعت عن أشعث أنكر من هذا وأنكره إنكارا شديدا وروى حديث علي أن العباس سأل 

رسول اهللا في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك وقال األثرم سمعت أبا

Page 178: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  178

س ذلك بشئ هذا مع أن مذهبه جواز تعجيل عبد اهللا ذكر له هذا الحديث فضعفه وقال لي

الزكاة وروى حديث أم سلمة أن النبي أمرها أن توافيه يوم النحر بمكة وقال في رواية األثرم 

هو خطأ وقال وكيع عن أبيه مرسل إن النبي أمرها أن توافيه صالة الصبح يوم النحر بمكة أو 

يصنع بمكة ينكر ذلكنحو هذا ينكر ومن هذا أيضا عجب النبي يوم النحر ما 

Page 179: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  179

وروى حديث أبي هريرة يرفعه من وجد سعة فلم يضح فال يقربن مصالنا وقال في رواية 

حنبل هذا حديث منكر ونظير ما نحن فيه سواء بسواء ما رواه عن عثمان بن عمر حدثنا

Page 180: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  180

ته يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة أن رسول اهللا قال ال نذر في معصية وكفار

كفارة اليمين فهذا حديث رواه وبنى عليه مذهبه واحتج به ثم قال في رواية حنبل هذا 

حديث منكر

Page 181: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  181

وهذا باب واسع جدا لو تتبعناه لجاء كتابا كبيرا والمقصود أنه ليس كل ما رواه وسكت عنه 

يكون صحيحا عنده وحتى لو كان صحيحا عنده وخالفه غيره في تصحيحه لم يكن قوله 

على نظيره وبهذا يعرف وهم الحافظ أبي موسى المديني في قوله إن ما خرجه حجة 

اإلمام أحمد في مسنده فهو صحيح عنده فإن أحمد لم يقل ذلك قط وال قال ما يدل عليه 

بل قال ما يدل على خالف ذلك كما قال أبو العز بن كادش إن عبد اهللا بن أحمد قال ألبيه ما 

ة قال الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد قلت يصح قال التقول في حديث ربعي عن حذيف

Page 182: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  182

األحاديث بخالفه وقد رواه الحفاظ عن ربعي عن رجل لم يسمه قال فقلت له لقد ذكرته 

في المسند فقال قصدت في المسند الحديث المشهور وتركت الناس تحت ستر اهللا ولو 

 الشئ بعد الشئ ولكنك يا بني تعرف أردت أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إال

طريقتي في المسند لست أخالف ما فيه ضعف إذا لم يكن في الباب شئ يدفعه فهذا 

تصريح منه رحمه اهللا بأنه أخرج فيه الصحيح وغيره وقد استشكل أبو موسى المديني هذه 

ول لست الحكاية وظنها كالما متناقضا فقال ما أظن هذا يصح ألنه كالم متناقض ألنه يق

أخالف ما فيه ضعف إذا لم يكن في الباب شئ يدفعه وهو يقول في هذا الحديث األحاديث 

بخالفه قال وإن صح فلعله كان أوال ثم أخرج منه ما ضعف ألني طلبته في المسند فلم 

أجده

من أصول مذهب اإلمام أحمد بن حنبل

ذي بنى عليه مذهبه قلت ليس في هذا تناقض من أحمد رحمه اهللا بل هذا هو أصله ال

وهو ال يقدم على الحديث الصحيح شيئا ألبتة ال

Page 183: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  183

عمال وال قياسا وال قول صاحب وإذا لم يكن في المسألة حديث صحيح وكان فيها حديث 

ضعيف وليس في الباب شئ يرده عمل به فإن عارضه ما هو أقوى منه تركه للمعارض 

 قدم الحديث الضعيف على القياس القوي وإذا كان في المسألة حديث ضعيف وقياس

وليس الضعيف في اصطالحه هو الضعيف في اصطالح المتأخرين بل هو والمتقدمون 

يقسمون الحديث إلى صحيح وضعيف والحسن عندهم داخل في الضعيف بحسب مراتبه 

وأول من عرف عنه أنه قسمه إلى ثالثة أقسام أبو عيسى الترمذي ثم الناس تبع له بعد 

م الضعيف الذي هو حسن عنده على القياس وال يلتفت إلى الضعيف الواهي فأحمد يقد

الذي ال يقوم به حجة بل ينكر على من احتج به وذهب إليه فإن لم يكن عنده في المسألة 

حديث أخذ فيها بأقوال الصحابة ولم يخالفهم وإن اختلفوا رجح من أقوالهم ولم يخرج منها 

ففي الغالب يختلف جوابه فيها ويخرج عنه فيها روايتان أو وإذا اختلفت الصحابة في مسألة 

أكثر فقل مسألة عن الصحابة فيها روايتان إال وعنه

Page 184: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  184

فيها روايتان أو أكثر فهو أتبع خلق اهللا للسنن مرفوعها وموقوفها

كتاب أبي موسى المديني في فضائل مسند أحمد وخصائصه وتعقبه

 كتابا ذكر فيه فضائل المسند وخصائصه قال فيه ومن وقد صنف الحافظ أبو موسى المديني

الدليل على أن ما أودعه اإلمام أحمد قد احتاط فيه سندا ومتنا ولم يرو فيه إال ما صح عنده 

ما أنبأنا به أبو علي ثم ساق بسنده إلى اإلمام أحمد من المسند قال حدثنا محمد بن 

 يحدث عن أبي هريرة عن النبي أنه جعفر عن شعبة عن أبي التياح قال سمعت أبا زرعة

قال يهلك أمتي هذا الحي من قريش قالوا فما تأمرنا به يا رسول اهللا قال لو أن الناس 

اعتزلوهم قال عبد اهللا قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه اضرب على هذا فإنه خالف 

األحاديث عن النبي يعني قوله اسمعوا وأطيعوا

Page 185: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  185

ع ثقة رجال إسناده حين شذ لفظه عن األحاديث المشاهير أمر قال أبو موسى وهذا م

بالضرب عليه فدل على ما قلناه وفي نظائر له قلت هذا ال يدل على أن كل حديث في 

المسند يكون صحيحا عنده وضربه على هذا الحديث مع أنه صحيح أخرجه أصحاب الصحيح 

 األمر بالسمع والطاعة ولزوم لكونه عنده خالف األحاديث والثابت المعلوم من سنته في

الجماعة وترك الشذوذ واالنفراد كقوله

Page 186: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  186

اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي وقوله من فارق الجماعة فمات فميتته 

جاهلية وقوله الشيطان مع الواحد وهو من االثنين أبعد

Page 187: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  187

 ثالث ال يغل عليهن قلب وقوله من فارق الجماعة فقد خلع ربقة اإلسالم من عنقه وقوله

رجل مسلم إخالص العمل هللا ومناصحة والة األمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم 

تحيط من ورائهم وقوله عليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية

Page 188: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  188

إلى غير ذلك من األحاديث الصحيحة المستفيضة المصرحة بلزوم الجماعة فلما رأى أحمد 

لحديث الواحد يخالف هذه األحاديث وأمثالها أمر عبد اهللا بضربه عليه وأما من جزم هذا ا

بصحته فقال هذا في أوقات الفتن والقتال على الملك ولزوم الجماعة في وقت االتفاق 

والتئام الكلمة وبهذا تجتمع أحاديث النبي التي رغب فيها في العزلة والقعود عن القتال 

مع أحد الطائفتين وأحاديثه التي رغب فيها الجماعة والدخول مع ومدح فيها من لم يكن 

الناس فإن هذا حال اجتماع الكلمة وذاك حال الفتنة والقتال واهللا أعلم والمقصود أن ضرب 

اإلمام أحمد على هذا الحديث ال يدل على صحة كل رواه في مسنده عنده

Page 189: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  189

حاق قال جمعنا أحمد بن حنبل أنا قال أبو موسى وقال ابن السماك حدثنا حنبل بن اس

وصالح وعبد اهللا وقرأ علينا المسند وما سمعه منه غيرنا وقال لنا هذا كتاب جمعته من 

سبع مئة ألف وخمسين ألف حديث فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول اهللا 

 فارجعوا إليه فإن وجدتموه فيه وإال فليس بحجة قلت هذه الحكاية قد ذكرها حنبل في

تاريخه وهي صحيحة بال شك لكن ال تدل على أن كل ما رواه في المسند فهو صحيح 

عنده فالفرق بين أن يكون كل حديث ال يوجد له أصل في المسند فليس بحجة وبين أن 

يقول كل حديث فيه فهو حجة وكالمه يدل على األول ال على الثاني وقد استشكل بعض 

ين أحاديث ليست في المسند وأجيب عن هذا بأن الحفاظ هذا من أحمد وقال في الصحيح

تلك األلفاظ بعينها وإن خال المسند عنها فلها فيه أصول ونظائر وشواهد وأما أن يكون متن 

والمقصود  فصل صحيح ال مطعن فيه ليس له في المسند أصل وال نظير فال يكاد يوجد ألبتة

خيل في سباق الخيل أي أن إخراج أحمد لحديث سفيان بن حسين عن الزهري في الد

في عقد السباق ال يدل على صحته

Page 190: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  190

عنده بل وال على حسنه وأما كون مذهبه على مقتضاه فهذا يحتمل أمرين أحدهما وهو 

أظهر أن يكون بناه على أصله في أن الحديث الضعيف إذا لم يكن عنده في الباب شئ 

ذلك حيث لم يتبين له ضعف يدفعه أخذ به ويحتمل أن يكون قلد سعيد بن المسيب في 

قوله وكان أحمد معظما لسعيد جدا حتى قال هو أعلم التابعين وقد قال في رواية أبي 

طالب الرمي أقول فيه أيضا يكون فيه محلل مثل الفرسين هو قياس واحد واإلبل مثله 

قياس واحد وسبق له واحد وظاهر هذا أنه ذهب إليه لمجرد األثر ولم يخف على أحمد 

 وأنه من كالم سعيد لكن لم يجد في الباب غير هذا وهاب سعيد بن المسيب أن علته

يخالفه بغير نص صريح وأما أبو حنيفة فمذهبه الذي حكاه عنه أصحابه أن التابعي إذا أفتى 

في عصر الصحابة وزاحمهم في الفتوى كان قوله حجة فصل وأما قولكم إن الدارقطني قال 

يتم كالمه على وجهه لتبين لكم وجه الصواب ونحن نسوقه هو محفوظ عن الزهري فلو حك

بلفظه ففي كتاب العلل له سئل عن حديث ابن المسيب عن أبي هريرة

Page 191: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  191

عن النبي من أدخل فرسا بين فرسين الحديث فقال يرويه سعيد بن بشير عن قتادة عن 

م بن عمار سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ووهم في قوله قتادة وغيره يرويه عن هشا

عن الوليد عن سعيد بن بشير عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وكذلك 

رواه محمد بن خالد وغيره عن الوليد وكذلك رواه سفيان بن حسين عن الزهري وهو 

المحفوظ قال البرقاني قيل له فإن الحسين بن السميدع األنطاكي رواه عن موسى ابن 

ن سعيد بن عبد العزيز يقال التنوخي ثم قال هذا غلط إنما هو أيوب عن الوليد بن مسلم ع

سعيد بن بشير هذا نص كالمه وهو كما ترى ال يدل على أن الحديث صحيح عنده وال 

محفوظ عنده فإن قوله رواه سفيان بن حسين عن الزهري وهو المحفوظ يريد أن ذكر قتادة 

ن سعيد ال قتادة عن سعيد فإن بدل الزهري غلط ممن سماه وأن الصواب فيه الزهري ع

قتادة ال مدخل له في هذا الحديث فالذي حفظه الناس فيه الزهري عن سعيد هذا معنى 

كالمه فأين معنى الشهادة منه بصحة الحديث وثبوته

Page 192: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  192

 قالوا وأما قولكم إن أبا أحمد بن عدي شهد بأن له أصال وصوب رواية سعيد له عن فصل

ي ذلك ما أصابكم في كالم الدارقطني ولو حكيتم كالم ابن عدي أبي هريرة فقد أصابكم ف

لتبين لكم أنه ال يدل على صحة الحديث عنده وال حسنه فإنه ذكره في كتاب الكامل له 

وهو إنما يذكر فيه غالبا األحاديث التي أنكرت على من يذكر ترجمته ونحن نورد كالمه 

بلفظه

قال في كتابه

 دمشق تصانيف ألنه سكنها وهو بصري ورأيت له تفسيرا سعيد بن بشير له عند أهل

مصنفا من رواية الوليد عنه وال أرى فيما روي عن سعيد بن بشير بأسا ولعله يهم في 

الشيء بعد الشيء ويغلط والغالب على حديثه االستقامة والغالب عليه الصدق

الوا حدثنا هشام بن ثم قال حدثنا القاسم بن الليث الرسعني وعمر بن سنان وابن دحيم ق

عمار حدثنا الوليد حدثنا سعيد بن بشير عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي 

هريرة أن رسول اهللا قال من أدخل فرسا بين فرسين فذكر الحديث حدثناه عبدان حدثنا 

هشام حدثنا الوليد حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة

Page 193: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  193

بي قال ابن عدي وذكر لنا عبدان في هذا الحديث قصة وقال لقن هشام بن عمار عن الن

هذا الحديث عن سعيد بن بشير عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة 

والحديث عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال ابن عدي وهذا الذي قاله عبدان غلط وخطأ 

 سعيد بن بشير عن قتادة ألن هذا والحديث عن سعيد بن بشير عن الزهري أصوب من

الحديث من حديث قتادة ليس له أصل ومن حديث الزهري له أصل وقد رواه عن الزهري 

سفيان بن حسين أيضا

فهذا كالم ابن عدي كما ترى ال يدل على أن الحديث صحيح ثابت عنده بل كالمه فيه مثل 

هو من حديث الزهري وال ريب أن كالم الدارقطني فإنه أنكر أن يكون من حديث قتادة وإنما 

الزهري حدث به وله أصل من حديثه وقد حمله الناس عنه لكن األئمة األثبات من أصحابه 

كمالك والليث وعقيل ويونس وشعيب بن أبي حمزة وقفوه عنه على سعيد بن المسيب 

ورفعه من ال يجاري هؤالء في مضمارهم وال يعد في طبقتهم في حفظ وال اتقان وهم 

يان بن حسين وسعيد بن بشيرسف

Page 194: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  194

فابن عدي والدارقطني أنكرا روايته عن قتادة عن سعيد بن المسيب وصوبا رواية من رواه 

عن الزهري عن سعيد فأين الحكم له بالصحة والثبوت من هذا

ثم لو كان ذلك تصحيحا صريحا مهما لما قدم على تعليل من حكينا تعليله من األئمة كأبي 

حاتم ويحيى بن معين وغيرهم وغاية ذلك أن تكون مسألة نزاع بين أئمة الحديث داود وأبي 

والدليل يفصل بينهم

فكيف ولم يصححه إال من تصحيحه كالقبض على الماء وقد عهد منه تصحيح الموضوعات 

وهو أبو عبد اهللا الحاكم وله في مستدركه ما شاء اهللا من االحاديث الموضوعة قد صححها

افظ عبد القادر الرهاوي في كتاب المادح والممدوح له أن أبا الحسن الدارقطني وقد ذكر الح

لما وقف عليه أنكره وقال يستدرك عليهما حديث الطير فبلغ ذلك الحاكم فضرب عليه من 

كتابه وذكر عن بعض األئمة الحفاظ أنه لما وقف عليه قال ليس فيه حديث واحد يستدرك 

كم ال يستفاد منه حسن الحديث ألبتة فضال عن صحتهعليهما وبالجملة فتصحيح الحا

Page 195: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  195

فصل قالوا وأما سؤال أبي عيسى الترمذي للبخاري عن حديث سفيان بن حسين في 

الصدقات وقوله أرجو أن يكون محفوظا وهو صدوق فال يدل على صحة حديث الدخيل الذي 

سالم عن أبيه وهو نحن فيه عنده فإن حديثه في الصدقات محفوظ من حديث الزهري عن 

كتاب كتبه رسول اهللا وعمل به الخلفاء وأمر عمر بن عبد العزيز بانتساخه وبعثه إلى بالد 

اإلسالم يعملون به وهو كتاب مشهور متوارث عند آل عمر ككتاب عمرو بن حزم وكتاب 

علي وكتاب أنس الذي كتبه له أبو بكر الصديق وهذا الكتب تصدقه وتشهد بصحته وإن كان 

ه خالف يسير لبعضها وإنما أنكر على سفيان بن حسين رفعه وإال فالحديث قد رواه غير في

واحد عن الزهري عن سالم مرسال ولكن قد تابع سفيان بن حسين على وصله سليمان 

بن كثير وهو ممن اتفق الشيخان على االحتجاج بحديثه فأين هذا من حديثه في المحلل 

خالفه الناس في رفعهالذي ال شاهد له وال نظير وقد 

وقول البخاري فيه إنه صدوق إنما يدل على أنه صدوق ثقة ال يتعمد الكذب وهذا ال يكفي 

في صحة الحديث كما تقدم وأيضا فالبخاري يوثق جماعة ويعلل هو بعينه بعض حديثهم

Page 196: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  196

ويضعفه وكذلك غيره من األئمة وال تنافي عندهم بين األمرين بل هذا عندهم من علم 

الحديث وفقه علله الذي تميز به نقاده وأطباؤه من حملته الذين همتهم مجرد روايته ال 

فالحفاظ من أئمة أهل الحديث أعلوا ما يتفرد به سفيان بن حسين وأعلوا ما  فصل درايته

تابعه عليه غيره أيضا أما األول فقد قال ابن عدي في الكامل سمعت أبا يعلى يقول قيل 

ديث سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه في الصدقات ليحيى بن معين فح

فقال هذا لم يتابع سفيان عليه أحد ليس بصحيح قال ابن عدي وقد وافق سفيان بن 

حسين على هذه الرواية عن سالم عن أبيه سليمان بن كثير أخو محمد بن كثير وقد رواه 

سين وسليمان بن كثير رفعاه عن الزهري عن سالم عن أبيه جماعة فوقفوه وسفيان بن ح

إلى النبي

وقال البيهقي في السنن وأما الحديث الذي أنبأنا به أبو القاسم عبد الخالق المؤذن أنبأ

Page 197: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  197

محمد بن المؤمل حدثنا الفضل بن محمد ثنا النفيلي ثنا عباد بن العوام عن سفيان بن 

 أنه قال الرجل جبار حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي

فقد قال الشافعي هو غلط ألن الحفاظ لم يحفظوا هكذا

قال البيهقي هذه الزيادة ينفرد بها سفيان بن حسين عن الزهري وقد رواه مالك والليث 

وابن جريج ومعمر وعقيل وسفيان بن عيينة وغيرهم عن الزهري لم يذكر أحد منهم فيه 

يان بن حسين على قوله الرجل جبار أحد وهو وهم الرجل وقال الدارقطني لم يتابع سف

منه ألن الثقات خالفوه ولم يذكروا ذلك وقد غلط الحفاظ أيضا سفيان بن حسين في رفعه 

حديث الزهري عن عروة عن عائشة كنت أنا وحفصة صائمتين الحديث قالوا واللفظ 

 ومعمر وابن جريج للبيهقي رواه ثقات الحفاظ من أصحاب الزهري عنه منقطعا مالك ويونس

ويحيى بن سعيد وعبيد اهللا بن عمر

Page 198: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  198

وسفيان بن عيينة ومحمد بن الوليد الزبيدي وبكر بن وائل وغيرهم يعني أن الزهري قال 

فيه بلغني أن عائشة وحفصة ووهموا سفيان في وصله وقد تابعه صالح بن أبي األخضر 

قال الترمذي سألت محمد بن وجعفر بن برقان ولم يشتد للحديث ساعد بمتابعتهما و

إسماعيل عن هذا الحديث فقال ال يصح وكذلك قال محمد بن يحيى الذهلي

فصل

شروط الحديث الصحيح

وأما قولكم إن الحديث صحيح لثقة رجاله إلى آخره فجوابه من ودجين أحدهما ما تقدم 

من مجرد مرارا أن ثقة الرواي شرط من شروط الصحة وجزء من المقتضى لها فال يلزم 

توثيقه الحكم بصحة الحديث يوضحه أن ثقة الرواي هي كونه صادقا ال يتعمد الكذب وال 

يستحل تدليس ما يعلم أنه كذب باطل وهذا أحد األوصاف المعتبرة في قبول قول الرواي 

لكن بقي وصف الضبط والتحفظ بحيث ال يعرف بالتغفيل وكثرة الغلط ووصف آخر ثانيهما وهو 

ن الناس فيروي ما يخالفهأن ال يشذ ع

Page 199: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  199

فيه من هو أوثق منه وأكبر أو يروي ما ال يتابع عليه وليس ممن يحتمل ذلك منه كالزهري 

وعمرو بن دينار وسعيد بن المسيب ومالك وحماد ابن زيد وسفيان بن عيينة ونحوهم فإن 

 الذي أحلهم اهللا به الناس إنما احتملوا تفرد أمثال هؤالء األئمة بما ال يتابعون عليه للمحل

من اإلمامة واإلتقان والضبط فأما مثل سفيان بن حسين وسعيد بن بشير وجعفر بن برقان 

وصالح بن أبي األخضر ونحوهم فإذا انفرد أحدهم بما ال يتابع عليه فإن أئمة الحديث ال 

هن فكيف يرفعون به رأسا وأما إذا روى أحدهم بما يخالف الثقات فيه فإنه يزداد وهنا على و

تقدم رواية أمثال هؤالء على رواية مثل مالك والليث ويونس وعقيل وشعيب ومعمر 

واألوزاعي وسفيان ويحيى بن سعيد وعبد الرحن بن مهدي وأضرابهم هذا مما ال يستريب 

 فصل هل زيادة الثقة مقبولة فيه من له معرفة بالحديث وعلله في بطالنه وباهللا التوفيق

إن غاية ما يعلل به الحديث الوقف على سعيد ابن المسيب هذا ال يمنع قالوا وأما قولكم 

صحته فقد يكون الحديث عند الراوي مرفوعا ثم يفتي به من قوله فينقل عنه موقوفا فال 

تناقض بين الروايتين

Page 200: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  200

فقد أمكن تصديقهما فجوابه إن هذه طريقة ال تقبل مطلقا وال ترد مطلقا يجب قولها في 

 ردها في موضع ويتوقف فيها في موضع فإذا كان األئمة الثقات األثبات قد موطن ويجب

رفعوا الحديث أو أسندوه وخالفهم من ليس مثلهم أو شذ عنهم واحد فوقفه أو أرسله فهذا 

ليس بعلة في الحديث وال يقدح فيه والحكم لمن رفعه وأسنده

ثاله لم يلتفت إليه وال إلى وإذا كان األمر بالعكس كحال حديث سفيان بن حسين هذا وأم

من خالفهم في وقفه وإرساله ولم يعبأ به شيء وال يصير الحديث به مرفوعا وال مسندا 

ألبته وأئمة أهل الحديث كلهم على هذا

فإنه إذا كان الثقات األثبات األئمة من أصحاب الزهري دائما يروونه عنه موقوفا على سعيد 

 حفظهم حديث الزهري وضبطهم له وشدة اعتنائهم به ولم يرفعه أحد منهم مرة واحدة مع

وتمييزهم بين مرفوعه وموقوفه ومرسله ومسنده ثم يجيء من لم يجر معهم في ميدانهم 

وال يدانيهم في حفظه وال إتقانه وصحبته للزهري واعتنائه بحديثه وحفظه له وسؤاله عنه 

دة فإنه ال يرتاب نقاد اآلثار وأطباء وعرضه عليه فيخالف هؤالء ويزيد فيه وصال أو رفعا أو زيا

علل األخبار في غلطه وسهوه وال سبيل إلى الحكم له بالصحة والحالة هذه هذا أمر ذوقي 

لهم وجداني ال يتركونه لجدل مجادل ومرية ممار فكيف وهذه حال المقلدين من أتباع 

 إليهم عن األئمة وشأن أهل المذاهب مع أئمتهم فترى كل طائفة منهم تقبل ما نقل

إمامهم من رواية من

Page 201: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  201

كان أخص به وأكثر مالزمة له وأعلم بقوله وفتواه من غيره وإن كان ال يدع اآلخر عن علمه 

فأصحاب مالك إذا روى لهم األوزاعي الوليد بن مسلم أو  طبقات أصحاب مالك وثقته وصدقه

ز أو عبد اهللا بن المبارك أو عبد الرحمن بن مهدي أو عبد الرزاق أو عبد المجيد بن عبد العزي

عبد اهللا بن عثمان الملقب بعبدان أو أبو يوسف القاضي أو محمد بن الحسن أو الضحاك بن 

مخلد أو هشام بن عمار أو يحيى بن سعيد أو يونس بن يزيد ومن هو مثل هؤالء أو دونهم 

ن بكير وعبد خالف ما رواه ابن القاسم وابن وهب وعبد اهللا بن نافع ويحيى بن يحيى واب

اهللا بن مسلمة وعبد اهللا بن نافع وأبو مصعب وابن عبد الحكم لم يلتفتوا إلى روايتهم 

وعدوها شاذة وقالوا هؤالء أعلم بمالك وألزم له وأخبر بمذهبه من غيرهم حتى إنهم ال 

ريبة يعدون برواية الواحد من أولئك خالفا وال يحكونها إال على وجه التعريف أو نقل األقوال الغ

فال يقبلون عن مالك كل من روى عنه وإن كان إماما ثقة نظير ابن القاسم أو أجل منه بل 

إذا روى ابن القاسم وروى غيره عن مالك شيئا قدموا رواية ابن القاسم ورجحوها وعملوا 

بها وألغوا ما سواها

طبقات أصحاب أبي حنيفة

يوهكذا أصحاب أبي حنيفة إذا روى لهم أبو يوسف القاض

Page 202: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  202

ومحمد وأصحاب اإلمالء شيئا ثم روى عنه مثل القاسم بن معن وبشر ابن زياد وفطر بن 

حماد بن أبي سليمان وعافية بن يزيد ونوح الجامع وعبد اهللا بن زياد ومن هو فوق هؤالء 

ممن له رواية عن أبي حنيفة كالحسن بن زياد اللؤلؤي وداود بن نصير وأبي خالد األحمر 

لتفتوا إلى روايتهم وقالوا هذه رواية شاذة مخالفة لرواية أصحابه الذين هم وغيرهم لم ي

أخبر بمذهبه عنه وال يجعلون رواية الحسن بن زياد كرواية أبي يوسف ألبتة

طبقات أصحاب الشافعي

وكذلك أصحاب الشافعي إنما يقبلون عنه ما كان من رواية الربيع والمزني والبويطي 

 روى عنه غيرهم ممن هو مثل هؤالء وأجل منهم ما يخالف رواية وحرملة وأمثالهم فإذا

أولئك لم يلتفتوا إليها مثل أبي ثور وابن عبد الحكم والزعفراني وقالوا أولئك أعلم بمذهبه 

ومذهبه ما حكوه عنه دون هؤالء

بل ما نقله الترمذي عنه في كتابه بأصح إسناد وابن عبد البر وغيرهما ممن يحكي مقاالت 

طبقات أصحاب لماء لم يجعلوه في رتبة ما حكاه أولئك عنه وال يعدونه في الغالب خالفا الع

أحمد

وكذلك أصحاب أحمد إذا انفرد راو عنه برواية تكلموا فيها وقالوا تفرد بها فالن وال يكادون 

يجعلونها رواية إال على إغماض وال يجعلونها معارضة لرواية األكثرين عنه وهذا موجود في 

بهم يقولون انفرد بهذه الرواية أبو طالب أو فالن لم يروها غيرهكت

Page 203: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  203

فإذا جاءت الرواية عنه عن غير صالح وعبد اهللا وحنبل وأبي طالب والميموني والكوسج وابن 

هانئ والمروزي واألثرم وابن القاسم ومحمد بن مشيش ومثنى بن جامع وأحمد بن أصرم 

أصحابه استغربوها جدا ولو كان الناقل لها إماما ثبتا وبشر بن موسى وأمثالهم من أعيان 

ولكنهم أعلى توقيا في نقل مذهبه وقبول رواية من روى عنه من الحفاظ الثقات وال 

يتقيدون في ضبط مذهبه بناقل معين كما يفعل غيرهم من الطوائف بل إذا صحت لهم عنه 

فإذا كان  عودة إلى زيادة الثقة بهرواية حكوها عنه وإن عدوها شاذة إذا خالفت ما رواه أصحا

هذا في نقل مذاهب العلماء مع أنه يجوز بل يقع منهم الفتوى بالقول ثم يفتون بغيره لتغير 

اجتهادهم وليس في رواية من انفرد عنهم بما رواه ما يوجب غلطه إذ قد يوجد عنهم 

الذي ال يتناقض اختالف الجواب في كثير من المسائل فكيف بأئمة الحديث مع رسول اهللا 

وال يختلف كالمه

أليسوا أعذر منكم في رد الحديث أو الزيادة التي خالف راويها أو انفرد بها أو شذ بها عن 

الناس كيف والدواعي والهمم متوافرة على ضبط حديثه ونقد رواته اعظم من توفرها على 

أهل الضبط واإلتقان ضبط مذاهب األئمة وتمييز الرواة عنهم وإذا روى غير أهل المذهب من 

والحفظ عن

Page 204: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  204

اإلمام خالف ما رواه أهل مذهب قلتم أصحاب المذهب أعلم بمذهبه وأضبط له فهال قلتم 

في حديث الشيخ إذا روى عنه أصحابه العارفون بحديثه شيئا وانفرد عنهم وخالفهم من 

الشاذ وباهللا هم أخص بالشيخ منه وأعرف بحديثه إن هؤالء أعرف بحديثه من هذا المنفرد 

قالوا فهذا الجواب عن الحديث من جهة  فصل بيان داللة الحديث على محل النزاع التوفيق

السند وأما الجواب عنه من جهة الداللة فنحن نتنزل معكم ونسلم صحة الحديث وبين أنه 

ال حجة لكم فيه على اشتراط المحلل على الوجه الذي ذكرتموه ألبته وأن لفظه ال يدل 

تراطه بل وال على جوازه فإن ها هنا أربع مقاالت يصير بها محلال أحدهما أن يخرجا على اش

معا والثاني أن ال يخرج هو شيئا والثالث أن يكونوا ثالثة فصاعدا والرابع أن يغنم إن سبق وال 

يغرم إن سبق فياهللا العجب من أين تستفاد هذه األمور من الحديث وبأي داللة من الدالالت 

التي يستدل بها عليه فإن الذي يدل عليه لفظه أنه إذا استبق اثنان وجاء ثالث دخل الثالث 

معهما فإن كان يتحقق من

Page 205: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  205

نفسه سبقهما كان قمارا ألنه دخل على بصيرة أنه يأكل مالهما وإن دخل معهما وهو ال 

كن أكله يتحقق أن يكون سابقا بل يرجو ما يرجوانه ويخاف ما يخافانه كان كأحدهما ولم ي

إن سبقهما قمارا فإن العقود مبناها على العدل فإذا استووا في الرجاء والخوف والمغنم 

والمغرم كان هذا هو العدل الذي يطمئن إليه القلب وإذا تميز بعضهم عن بعض بغنم أو غرم 

أو تيقن سبقه لصحابيه لقوته وضعفهما لم يكن هذا عدال ولم تطب النفوس بهذا السباق

تراط الدخيل المستعار الذي هو شريك في الربح برئ من الخسران فأجبنا عن وأما اش

الحديث أنه ال يقتضيه بوجه ما وغايته إن دل على المحلل فإنما يدل على أن المحلل إذا 

دخل وال بد فإنه يشترط أن يكون بهذه الصفة وال يدل على أنه يشترط دخوله وأن يكون 

الحديث وبأي وجه يستفاد وهذا ظاهر ال خفاء به واهللا على هذه الصفة فمن أين هذا في 

أعلم فإن قلتم إنما دخل المحلل في هذا العقد ليخرجه عن شبه القمار فيكون دخوله 

شرطا قلنا قد تقدم من الوجوه الكثيرة ما فيه كفاية أن العقد ليس بدونه قمارا فإن كان 

بدون دخوله قمارا لم يخرج به عن شبه القمار بل ذلك

Page 206: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  206

 فصل الرد الشبه باق بعينه أو زائد وال جواب لكم عن تلك الوجوه ألبته وباهللا تعالى التوفيق

فإن قالوا وأما دليلكم الثاني وهو حديث ابن عمر أن النبي سابق بين على الدليل الثاني 

ن الخيل وجعل بينهما محلال فهذا الحديث ال يصح عن رسول اهللا ألبتة وهم فيه أبو حاتم فإ

مداره على عاصم بن عمر أخي عبيد اهللا وعبد اهللا وأبي بكر العمريين فهم أربعة أخوة 

أوثقهم عبيد اهللا متفق على االحتجاج بحديثه وأما عبد اهللا وعاصم فضعيفان أما عبد اهللا 

فكالمهم فيه مشهور وأما أخوه عاصم صاحب هذا الحديث فقال البخاري هو منكر الحديث

Page 207: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  207

دي ضعفوه وقال اإلمام أحمد في رواية ابنه صالح ضعيف وفي رواية أخرى ليس وقال ابن ع

بشيء وضعفه أبو حاتم وقال هارون بن موسى الفروي ليس بقوي وقال الجوزجاني يضعف 

في حديثه وقال النسائي ليس بثقة وقال الترمذي ليس عندي بالحافظ وقال النسائي مرة 

متروك

Page 208: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  208

رد له أحاديث جمة من جملتها هذا الحديث المذكور وأما ابن وقال ابن عدي ضعفوه ثم س

حيان فتناقض فيه فإنه أخرج حديثه في صحيحه وقال في كتاب الضعفاء منكر الحديث جدا 

يروي عن الثقات ما ال يشبه حديث األثبات ال يجوز االحتجاج به إال فيما وافق الثقات ومن 

خبره وقال الحافظ أبو عبد اهللا المقدسي عاصم كانت هذه حالته عند أهل الحديث ال يحتج ب

بن عامر هذا تكلم فيه أحمد ويحيى والبخاري وابن حبان وقد روى عنه أحاديث فال أدري 

هل رجع عن قوله فيه أو غفل عن ذلك وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ يحتمل أن أبا حاتم 

الذي يدل على بطالن هذا لم يعرف أنه عاصم العمري فإنه وقع في روايته غير منسوب و

الحديث أنه لو كان عند عمرو بن دينار

Page 209: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  209

عن ابن عمر لكان معروفا عند اصحاب عمرو مثل قتادة وأيوب وشعبة والسفيانين 

والحمادين ومالك بن أنس وجعفر بن محمد وقيس بن سعد وهشيم وورقاء وداود بن عبد 

الء وهم أجلة أصحابه هذا الحديث الرحمن العطار وغيرهم من أصحابه فكيف ال يعرف هؤ

من حديثه ويكون عند عاصم بن عمر مع ضعفه

وأيضا فعمرو بن دينار حديثه محفوظ مضبوط يجمع وكان األئمة يسارعون إلى سماعه منه 

وحفظه وجمعه فإن علي بن المديني عنده نحو أربع مئة حديث من حديثه

 فإنه لم يزل السباق بين الخيل وأيضا فلو كان هذا من حديث ابن عمر لكان مشهورا

موجودا بالمدينة وأهل المدينة يحتاجون فيه إلى فتوى سعيد بن المسيب حتى أفتاهم 

في الدخيل بما أفتاهم فلو كان هذا الحديث صحيحا من حديث ابن عمر لكانت سنة 

بن مشهورة متوارثة عنهم ولم يحتاجوا إلى فتوى سعيد ولم يقل مالك ال نأخذ بقول سعيد ا

المسيب في المحلل وال يجب المحلل مع أن مالكا من أعلم من أعلم الناس بحديث ابن 

عمر ولم يذكر عنه في المحلل حرفا واحدا فكيف يكون هذا الحديث عند عمرو بن دينار عن 

ابن عمر ثم ال يرويه أحد منهم وينفرد به من ال يحتج بحديثه وأيضا فال يعرف أن أحدا من 

ذا الحديث فياألئمة احتج به

Page 210: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  210

المحلل ال الشافعي وال أحمد وال أبو حنيفة وال غيرهم ممن شرط المحلل وأيضا فإن أحدا 

من األئمة الستة لم يخرجه في كتابه وال أحد من األئمة األربعة وال طبقة الحاكم لم ينقله 

لة مع فرط تساهله أن يستدركه عليهما هذا وداللته على اشتراط المحلل أبين من دال

حديث سفيان بن حسين فكيف غفل عنه هؤالء األئمة كلهم أو أغفلوه هذا من الممتنع 

 فصل الرد عادة على الجميع مع علمهم إلى ما يدل على ما دل عليه وباهللا تعالى التوفيق

قالوا وأما دليلكم الثالث وهو حديث أبي هريرة ال جلب وال جنب وإذا لم على الدليل الثالث 

هنان فرسا يستبقان على السبق فيه فهو حرام فحديث ال تقوم به حجة وال يدخل المترا

يثبت بمثله حكم فإن راويه مجهول العين والحال ال يعرف اسمه وال نسبه وال حاله إال أنه 

رجل من بني مخزوم ومثل هذا ال يحتج بحديثه باتفاق أهل الحديث وأيضا فإن هذا الحديث 

ه من بين أصحاب أبي الزناد كلهم مع اعتنائهم بحديثه منكر فإن هذا المجهول تفرد ب

وحفظهم له فكيف يفوتهم ويظفر به مجهول العين والحال

Page 211: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  211

والذي يظهر منه أن هذه الزيادة من كالم أبي الزناد أدرجت في الحديث والحديث المحفوظ 

م أتبعه من عن أبي هريرة ما رواه الناس عنه ال جلب وال جنب فقط فحدث به أبو الزناد ث

عنده وإذا لم يدخل المتراهنان فرسا إلى آخره فحمله هذا الراوي المجهول عنه وحدث به 

من غير تمييز وبالجملة فالكالم في هذا الحديث كالكالم في الذي قبله بل بطالنه أظهر 

قالوا وأما دليلكم الرابع في قصة المتقامرين في  فصل الرد على الدليل الرابع واهللا اعلم

لظبي أيهما يسبق إليه وأن عمر بن الخطاب قال هذا قمار فتعلق ببيت العنكبوت ألن عمر ا

لم يجعله قمارا لعدم المحلل وإنما كان قمارا ألنه أكل مال بالباطل فإنهما استبقا إلى فعل 

ال يجوز بذل السبق فيه باالتفاق وهو أخذ الصيد في حال اإلحرام فهذا قمار وإن دخل فيه 

حتى لو كان استبقا إلى فعل جائز على األقدام فأكل المال به قمار عند الجمهور المحلل و

ألنه ليس من الخف والحافر والنصل

هذا مع أن الحديث من رواية المتفق على ضعفه علي بن زيد بن جدعان وباهللا تعالى 

التوفيق

Page 212: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  212

الرد على الدليل الخامس فصل

لبخاري إن النبي مر بقوم أسلم ينتضلون الحديث قالوا وأما دليلكم الخامس وهو حديث ا

وفيه ارموا وأنا معكم كلكم فسبحان اهللا ماذا يوجب نصرة المذاهب والتقليد ألربابه من 

ارتكاب أنواع من الخطأ واالستدالل بما ليس بدليل ومخالفة صريح الدليل فيا هللا العجب أين 

 مثل هذا إال حجة عليكمداللة هذا الحديث على المحلل بوجه من الوجوه وهل

فإن النبي قال أوال ارموا وأنا مع بني فالن فلم يسأل هل أخرج الحزبان معا أو احدهما أو لم 

يخرج أحد شيئا فدل على أنه ال فرق في جواز العقد

ثم إن المحلل ال يكون مع أحد الحزبين وال يجوز له أن يقول أنا مع فالن أو مع هذا الحزب 

ا من شأن المحلل وال يتمم لكم حينئذ االستدالل بالحديث إال بعد أمور دون هذا فليس هذ

أحدها أن الحزبين أخرجا معا وأن النبي علم بذلك ودخل معهم ولم يخرج وكان محلال وهذا 

إن لم يقطع ببطالنه فدعواه دعوى مجردة عن برهان من اهللا

Page 213: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  213

ن كان اإلخراج قد وقع من كال ورسوله فال تكون مسموعة وال مقبولة ثم نقول ثانيها إ

الفريقين فالحديث حجة عليكم فإنه قال ارموا وأنا مع بني فالن والمحلل ال يكون مع 

أحدهما وثالثها إن كان المخرج أحد الفريقين أو لم يكن إخراج بالكلية بطل استداللكم 

بالحديث فهو إما أن يكون حجة عليكم أو ليس لكم فيه حدة أصال

فائدة دخوله مع كال الفريقين إذا لم يكن محلال فالجواب إن النبي لما صار مع فإن قيل فما 

أحد الحزبين أمسك الحزب اآلخر وعلموا أن النبي إذا كان في حزب كان هو الغالب المنصور 

فلم يحتاجوا أن يكونوا في الحزب الذي ليس فيه رسول اهللا فلما علم ذلك منهم طيب 

 هذا مقتضى الحديث الذي يدل عليه وهو برئ من التحليل قلوبهم وقال أنا معكم كلكم

قالوا وأما دليلكم السادس وهو أنه إذا  فصل الرد على الدليل السادس وباهللا تعالى التوفيق

لم يكن معهما محلل وأخرجا معا فقد دار كل واحد منهما بين المغنم والمغرم وهذا حقيقة 

ال جواب لكم عنها ما يبطلهالقمار فقد تقدم من الوجوه الكثيرة التي 

Page 214: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  214

ويبين أنه إن كان هذا العقد بدون المحلل قمارا فهو بالمحلل أولى أن يكون قمارا وإن لم 

يكن قمارا بالمحلل فهو بدون أولى أن ال يكون قمارا وال يتصور أن يكون قمارا في إحدى 

بعدم اشتراط المحلل أظهر الصورتين دون األخرى وال يذكرون فرقا وال معنى إال كان اقتضاؤه 

 من اقتضائه الشتراطه وقد تقدم منا بيان ذلك فإن كان لكم عنه جواب فبينوه وال سبيل إليه

وأما قولكم لو لم يكن في هذا إال فصل حجية قول التابعين ووجوب اتباع الدليل وترك التقليد 

ابعي إذا عاصر أنه قول أعلم التابعين سعيد بن المسيب فإن مذهب أبي حنيفة أن الت

الصحابة وزاحمهم في الفتوى كان قوله حجة فيقال من العجب أن يكون قول سعيد بن 

المسب حجة وفعل أبي عبيدة بن الجراح غير حجة وأيضا فأنتم في أحد القولين عندكم ال 

تجعلون قول الصحابي حجة فكيف يكون قول التابعي حجة

يب في جميع ما يذهب إليه فكيف توجبون وأيضا فأنتم ال توجبون اتباع سعيد بن المس

اتباعه في هذه المسألة

وأيضا فلو كان قول سعيد بن المسيب في هذه المسألة حجة أو كانت الحجة موافقة أهل 

عصره له كما يتوهمه المتوهم لما ساغ لمالك أن يقول

Page 215: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  215

ا إشارة من وال نأخذ بقول سعيد بن المسيب في المحلل وال يجب المحلل والظاهر أن هذ

مالك إلى نفسه وإلى علماء المدينة معه وأنهم أو جمهورهم لم يأخذوا بقوله في المحلل 

وقولكم يكفينا أن ثالثة أركان األمة عليه يريدون الشافعي وأبا حنيفة وأحمد فطرد هذا 

يوجب عليكم أن كل مسألة اتفق عليها ثالثة من األئمة وخالفهم الرابع أن تأخذوا فيها 

 الثالثة ألنهم ثالثة أركان األمة وهذا يلزم أهل كل مذهب وكل هذه التلفيقات بمعزل بقول

عن البرهان الذي يطالب به كل من قال قوال في الدين وقد قال اهللا تعالى فإن تنازعتم في 

 فأين أمر بالرد 5: شيء فردون إلى اهللا والرسول إن كنتم تؤمنون باهللا واليوم اآلخر النساء 

ذكرتم ومن ذكرتم وقال اهللا تعالى فال وربك ال يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر إلى ما 

 فوقف اإليمان على تحكيمه وحده ولم يوقف اإليمان على تحكيم غيره 6: بينهم النساء 

ألبته وقولكم إن هذا قول الجمهور فإن كان قول الجمهور في كل

Page 216: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  216

 كل قول انفرد به أحد األئمة عن الجمهور مسألة تنازع فيها العلماء هو الصواب وجب بطالن

ويذكر لكل طائفة من الطوائف ما انفرد به من قلدوه عن الجمهور وال يمكنهم إنكار ذلك وال 

اإلقرار ببطالن قوله وال ملجأ لهم إال التناقض وباهللا التوفيق وهم إذا كان قول الجمهور معهم 

من خالفهم وإذا كان قولهم خالف قول نادوا فيهم على رؤوس األشهاد وأجلبوا بهم على 

الجمهور قالوا قول الجمهور ليس بحجة والحجة في الكتاب والسنة واإلجماع ثم نقول أين 

المكاثرة بالرجال إلى المكاثرة باألدلة وقد ذكرنا من األدلة ما ال جواب لكم عنه والواجب 

 وحرم مخالفته وجعله الميزان اتباع الدليل أين كان ومع من كان وهو الذي أوجب اهللا اتباعه

الراجح بين العلماء فمن كان من جانبه كان أسعد بالصواب قل موافقوه أو كثروا وأما قولكم 

إن جمهور المسلمين رأوا هذا النقل حسنا وقد قال رسول اهللا ما رآه المسلمون حسنا فهو 

عند اهللا حسن فجوابه من وجوه

رد بها من قلدتموه عن جمهور األمة فما كان أحدها أن هذا يلزمكم في كل مسألة انف

جوابكم لمن خالفكم فهو جوابنا لكم بعينه

الثاني أن هذا ليس من كالم رسول اهللا وإنما يضيفه إلى كالمه من ال علم له بالحديث 

وإنما هو ثابت عن ابن مسعود من قوله

Page 217: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  217

ذكره اإلمام أحمد وغيره موقوفا عليه ولفظه

لوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاختاره لرسالته ثم نظر في إن اهللا نظر في ق

قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاختارهم لصحبته فما رآه المسلمون 

حسنا فهو عند اهللا حسن

الثالث أنه لو صح مرفوعا فهو دليل على أن ما أجمع عليه المسلمون ورأوه حسنا فهو عند 

 ال ما رآه بعضهم فهو حجة عليكماهللا حسن

الرابع أن المسلمين كلهم ال يرون المحلل في عقد السباق حسنا بل كثير منهم تنكره 

فطرهم وقلوبهم ويرونه غير حسن ولو كان حسنا عند اهللا وهو من تمام العدل الذي فطر 

عقد إذا اهللا القلوب على استحسانه لرأوه كلهم حسنا وشهدت به فطرتهم وشهدت بقبح ال

خال عنه كما شهدت بقبح الظلم والقمار وحسن العدل وأكل المال بالحق قالوا ونحن 

نحاكمكم في ذلك إلى الفطر التي لم تندفع بالتعصب ونصرة آراء الرجال والتقليد وأما قولكم 

إن القول بعدم المحلل قول شاذ وإن من شذ شذ اهللا به فجوابه من وجوه

 الذي ليس مع قائله دليل من كتاب اهللا وال من سنة رسول اهللا أحدها أن القول الشاذ هو

فهذا هو القول الشاذ ولو كان عليه جمهور

Page 218: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  218

أهل األرض وأما قول ما دل عليه كتاب اهللا وسنة رسول اهللا فليس بشاذ ولو ذهب إليه 

ن بهالواحد من األمة فإن كثرة القائلين وقلتهم ليس بمعيار وميزان للحق يعير به ويوز

وهذه غير طريقة الراسخين في العلم وإنما هي طريقة عامية تليق بمن بضاعتهم من 

كتاب اهللا والسنة مزجاة

وأما أهل العلم الذين هم أهله فالشذوذ عندهم والمخالفة القبيحة هي الشذوذ عن 

الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومخالفتها وال اعتبار عندهم بغير ذلك ما لم يجمع 

لمون على قول واحد ويعلم إجماعهم يقينا فهذا الذي ال تحل مخالفته ونحن نقول المس

لمنازعينا في هذه المسألة إذا كان القول ببطالن المحلل باطال مخالفا للكتاب والسنة 

واإلجماع فال بد أن تكون أدلة بطالنه ظاهرة ال تخفى وقوية ال تضعف وال يمكن أن تكون أدلة 

الف لإلجماع قوية كثيرة وال يمكنكم إبطالها وال معارضتها فإن بينتم القول الباطل المخ

بطالن هذه األدلة بأقوى منها وأظهر فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل وإن 

لم يكن بأيديكم إال بعض ما قد حكينا عنكم فإنا ذكرنا لكم من األدلة ما لم يوجد عندكم 

لقولكم ثم ذكرنا من الكالم عليها دليال دليال ما إن كان باطال ألبتة وال ذكره أحد ممن انتصر 

فرده مقدور ومأمور به وإن كان حقا فمتبعه محسن وما على المحسنين من سبيل

ثم نقول لو ذكرنا لكم نظير كالمكم هذا في مسألة انفردتم بها عن األئمة لم تلتفتوا إليه 

ولم تقبلوه منا فكيف تحتجون علينا بما ال

Page 219: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  219

تقبلونه منا إذا احتججنا به عليكم

فإن قلتم وأين هذا الشذوذ فلتنظر كل طائفة إلى ما انفرد به متبوعها ومقلدوها عن سائر 

األمة وال حاجة بنا إلى اإلطالة بذكر ذلك وباهللا تعالى المستعان والتوفيق

فصل

 يجوز وعلى ما الفي تحرير مذاهب أهل العلم فيما يجوز بذل السبق فيه من المغالبات و

أي وجه يجوز بذل السبق المغالبات ثالثة أقسام قد تقدم أن المغالبات ثالثة أقسام قسم 

محبوب مرضي هللا ورسوله معين على تحصيل محابه كالسباق بالخيل واإلبل والرمي 

بالنشاب وقسم مبغوض مسخوط هللا ورسوله موصل إلى ما يكرهه اهللا ورسوله كسائر 

توقع العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر اهللا وعن الصالة كالنرد والشطرنج وما المغالبات التي 

أشبههما وقسم ليس بمحبوب هللا وال مسخوط له بل هو مباح لعدم المضرة الراجحة 

كالسباق على األقدام والسباحة وشيل األحجار والصراع ونحو ذلك

Page 220: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  220

يه كل ما كان أدعى إلى تحصيله فالنوع األول يشرع مفردا عن الرهن ومع الرهن ويشرع ف

فيشرع فيه بذل الرهن من هذا وحده ومن اآلخر وحده ومنهما معا ومن األجنبي وأكل 

 النرد والشطرنج المال به اكل بحق ليس أكال بباطل وليس من القمار والميسر في شيء

 من والنوع الثاني محرم وحده ومع الرهن وأكل المال به ميسر وقمار كيف كان سواء كان

أحدهما أو من كليهما أو من ثالث وهذا باتفاق المسلمين غير سائغ فأما إن خال عن الرهن 

فهو أيضا حرام عند الجمهور نردا كان أو شطرنجا

Page 221: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  221

هذا قول مالك وأصحابه وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد وأصحابه وقول جمهور التابعين وال 

 النرد وتوقف في تحريم الشطرنج يحفظ عن صحابي حله وقد نص الشافعي على تحريم

فلم يجزم بتحريمه وذكر أنه لم يتبين له تحريمه ولهذا

Page 222: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  222

اختلف أصحابه في الشطرنج فمنهم من حرمه ومنهم من كرهه ولم يحرمه وممن حرمه 

وبالغ في تقرير تحريمه أبو عبد اهللا الحليمي والشافعي نص على تحريم النرد الخالي عن 

شطرنج الخالي عن العوض فمن أصحابه من طرد توقفه في النرد أيضا العوض وتوقف في ال

وقال إذا خال عن العوض لم يحرم كالشطرنج

Page 223: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  223

وهذا محض القياس ألن مفسدة الشطرنج أعظم من مفسدة النرد بكثير فإذا لم تنهض 

مفسدة الشطرنج للتحريم فالنرد أولى ومنهم من طرد نصه في تحريم النرد وعداه إلى 

طرنج وهذا أصح تخريجا وأوضح دليال فإن مفسدة الشطرنج أعظم من مفسدة النرد الش

وكل ما يدل على تحريم النرد بغير عوض فداللته على تحريم الشطرنج بطريق أولى وقد 

ثبت في صحيح مسلم عن النبي أنه قال من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم 

ث أبي موسى األشعري عن النبي من لعب خنزير ودمه وفي الموطأ والسنن من حدي

بالنرد فقد عصى اهللا ورسوله

Page 224: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  224

وسر المسألة وفقهها أن اهللا سبحانه لماذا حرم الميسر هل هو ألجل ما فيه من المخاطرة 

المتضمنة ألكل المال بالباطل فعلى هذا إذا خال عن العوض لم يكن حراما فلهذا طرد من 

ال النرد والشطرنج عن العوض لم يكونا حراما ولكن هذا طرد ذلك هذا األصل وقال إذا خ

القول خالف النص والقياس كما سنذكره أو حرمه لما يشتمل عليه في نفسه من 

المفسدة وإن خال عن العوض فتحريمه من جنس تحريم الخمر فإنه يوقع العداوة والبغضاء 

 اإلقبال عليه واشتغال ويصد عن ذكر اهللا وعن الصالة وأكل المال فيه عون وذريعة إلى

النفوس به فإن الداعي حينئذ يقوى من وجهين من جهة المغالبة ومن جهة أكل المال 

فيكون حراما من الوجهين وهذا المأخذ أصح نصا وقياسا نعم وأصول الشريعة وتصرفاتها 

ميسر تشهد له باالعتبار فإن اهللا سبحانه قال في كتابه يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر وال

واألنصاب واألزالم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن 

يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر اهللا وعن

Page 225: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  225

الصالة فهل أنتم منتهون وأطيعوا اهللا وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على 

 فقرن الميسر باألنصاب واألزالم والخمر وأخبر أن 91 ­ 90: غ المبين المائدة رسولنا البال

األربعة رجس وأنها من عمل الشيطان ثم أمر باجتنابها وعلق الفالح باجتنابها ثم نبه على 

وجوه المفسدة المقتضية للتحريم فيها وهي ما يقوعه الشيطان بين أهلها من العداوة 

كر اهللا وعن الصالة وكل أحد يعلم أن هذه المفاسد ناشئة من والبغضاء ومن الصد عن ذ

نفس العمل ال من مجرد أكل المال به فتعليل التحريم بأنه متضمن ألكل المال بالباطل 

تعليل بغير الوصف المذكور في النص وإلغاء للوصف الذي نبه النص عليه وأرشد إليه وهذا 

 القرآن بلغتهم سموا نفس الفعل ميسرا ال فاسد من الوجهين يوضحه أن السلف الذين نزل

أكل المال به فقال غير واحد من السلف الشطرنج ميسر العجم وصنف أبو محمد بن قتيبة 

كتابا في الميسر وذكر فيه أنواعه

Page 226: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  226

وأصنافه وعدها ومعلوم أن أكل المال بالميسر قد زاد على كونه ميسرا ولهذا كان أكل 

 ألنه أكل بعمل محرم في نفسه فالمال حرام والعمل حرام بخالف المال به اكال به بالباطل

أكله بالنوع األول فإنه كل بحق فهو حالل والعمل طاعة وأما النوع الثالث وهو المباح فإنه 

وإن حرم أكل المال به فليس ألن في العلم مفسدة في نفسه وهو حرام بل ألن تجويز أكل 

ه واتخاذه مكسبا ال سيما وهو من اللهو واللعب المال به ذريعة إلى اشتغال النفوس ب

الخفيف على النفوس فتشتد رغبتها فيه من الوجهين فأبيح في نفسه ألنه إعانة وإجمام 

للنفس وراحة لها وحرم أكل المال به لئال يتخذ عادة وصناعة ومتجرا فهذا من حكمة 

هللا سبحانه حرم الخمر الشريعة ونظرها في المصالح والمفاسد ومقاديرها يوضح هذا أن ا

قليلها وكثيرها ما أسكر منها ومنا لم يسكر ألن قليلها يدعو إلى كثيرها الذي يغير العقل 

ويوقع في المفاسد التي يريد الشيطان أن يوقع العباد فيها ويمنع عن اإلصالح الذي يحبه 

يم قليلها من اهللا ورسوله فتحريم كثيرها من باب تحريم األسباب الموقعة في الفساد وتحر

باب سد الذرائع وإذا تأملت أحوال هذه المغالبات رأيتها في ذلك كالخمر قليلها يدعو إلى 

كثيرها وكثيرها يصد عن ما يحبه اهللا ورسوله ويوقع فيما يبغضه اهللا ورسوله فلو لم يكن 

في تحريمها نص لكانت أصول الشريعة وقواعدها وما اشتملت عليه من الحكم والمصالح 

دم الفرق بينوع

Page 227: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  227

المتماثلين توجب تحريم ذلك والنهي عنه فكيف والنصوص قد دلت على تحريمه فقد اتفق 

على تحريم ذلك النص والقياس وقد سمى علي بن أبي طالب الشطرنج تماثيل فمر بقوم 

يلعبون بها فقال ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون وقلب الرقعة عليهم

Page 228: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  228

حد من الصحابة أحلها وال لعب بها وقد أعاذهم اهللا من ذلك وكل ما نسب إلى وال يعلم أ

أحد منهم من أنه لعب بها كأبي هريرة فافتراء وبهت على الصحابة ينكره كل عالم بأحوال 

الصحابة وكل عارف باآلثار وكيف يبيح خير القرون وخير الخلق بعد رسول اهللا اللعب بشيء 

الة أعظم من صد الخمر إذا استغرق فيه العبه والواقع شاهد صده عن ذكر اهللا وعن الص

بذلك وكيف يحرم الشارع النرد ويبيح الشطرنج وهو يزيد عليه مفسدة بأضعاف مضاعفة 

وكيف يظن برسول اهللا وأصحابه إباحة ميسر العجم وهو أبغض إلى اهللا ورسوله من ميسر 

العب بالنرد كغامس يده في لحم العرب بل الشطرنج سلطان أنواع الميسر وإذا كان ال

الخنزير ودمه فكيف

Page 229: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  229

بحال الالعب بالشطرنج وهل هذا إال من باب التنبيه باألدنى على األعلى وإذا كان من 

لعب بالنرد عاصيا هللا ورسوله مع خفة مفسدة النرد فكيف يسلب اسم المعصية هللا 

حب اهللا ورسوله وأخذها ولرسوله عن صاحب الشطرنج مع عظم مفسدتها وصدها عن ما ي

بفكر العبها واشتغال قلبه وجوارحه وضياع عمره ودعاء قليلها إلى كثيرها مثل دعاء قليل 

الخمر إلى كثيرها ورغبة النفوس فيها بالعوض فوق رغبتها فيها بال عوض فلو لم يكن في 

بالقمار لكان اللعب فيها مفسدة أصال غير أنها ذريعة قريبة اإليصال إلى أكل المال الحرام 

تحريمها متعينا في الشريعة كيف وفي المفاسد الناشئة من مجرد اللعب بها ما يقتضي 

تحريمها وكيف يظن بالشريعة أنها تبيح ما يلهي القلب ويشغله أعظم شغل عن مصالح 

دينه ودنياه ويورث العداوة والبغضاء بين أربابها وقليلها يدعو إلى كثيرها ويفعل بالعقل والفكر 

كما يفعل المسكر وأعظم ولهذا يصبر صاحبها عاكفا عليها كعكوف شارب الخمر على خمرة 

أو أشد فإنه ال يستحيي وال يخاف كما يستحيي شارب الخمر وكالهما مشبه بالعاكف 

على األصنام أما صاحب الشطرنج فقد صح عن علي أمير المؤمنين رضي اهللا

Page 230: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  230

 وأما صاحب الخمر ففي مسند اإلمام أحمد عن عنه أنه شبهه بالعاكف على التماثيل

النبي أنه قال شارب الخمر كعابد وثن وقد صح النهي عنها عن عبداهللا بن عباس وعن 

عبداهللا بن عمر وال يعلم لهما في الصحابة مخالف في ذلك ألبته وقد اتفق على تحريمها 

أن يقال مذهب الشافعي األئمة الثالثة وأتباعهم والشافعي لم يجزم بإباحتها فال يجوز 

إباحتها فإن هذا كذب عليه بل قال وأما الشطرنج فلم يتبين لي تحريمها فتوقف رضي اهللا 

عنه في التحريم ولم يفت باإلباحة ثم اختلف المحرمون لها هل هي أشد تحريما من النرد 

أو النرد أشد تحريما منها فصح عن ابن عمر أنه قال

Page 231: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  231

نص مالك على ذلك وقال اإلمام أحمد وأبو حنيفة النرد أشد الشطرنج شر من النرد و

تحريما منها قال شيخ اإلسالم أبو العباس بن عبد الحليم بن عبد السالم الحراني رضي 

اهللا عنه وكال القولين صحيح باعتبار فإن الغالب على النرد اشتمالها على عوض بخالف 

العوض وأما إذا اشتمال جميعا على الشطرنج فالنرد بعوض شر من الشطرنج الخالي عن 

العوض أو خلوا عنه فالشطرنج شر من النرد فإنها تحتاج إلى فكر يلهي صاحبها أكثر مما 

يحتاج إليه النرد ولهذا يقال إنها مبنية على مذهب القدر والنرد مبنية على مذهب الجبر 

فمضرتها بالعقل والدين أعظم من مضرة النرد ولكن إذا

Page 232: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  232

 العوض كان تحريمهما من جهة العمل وإذا اشتمال على العوض صار تحريمهما من خلوا عن

وجهين من جهة العمل ومن جهة أكل المال بالباطل فتصير بمنزلة لحم الخنزير الميت قال 

أحمد هو حرام من وجهين فإن غصبه أو سرقه من نصراني صار حراما من ثالثة أوجه 

فاسد وضعفها وبحسب تعدد أسبابه فاعلمفالتحريم يقوى ويضعف بحسب قوة الم

فصل

مسائل إذا عرف هذا فاتفق الناس على تحريم أكل العوض في هذا النوع وعلى تحريم 

المغالبة فيه بالرهان واتفقوا على جواز أكل المال بسباق الخيل واإلبل والنضال من حيث 

تلفوا في مسائل هل الجملة وإن اختلفوا في كيفية الجواز وتفصيله على ما سنذكره واخ

هي ملحقة بهذا أو هذا ونحن نذكرها المسألة األولى اختلفوا في جواز المسابقة على 

البغال والحمير بعوض فقال اإلمام أحمد ومالك والشافعي في أحد قوليه

Page 233: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  233

والزهري ال يجوز ذلك وقال أبو حنيفة والشافعي في القول األخر يجوز المسألة الثانية 

المسابقة على الحمام والفيل والبقر بعوض فمنعه أحمد ومالك وأكثر الشافعية اختلفوا في 

وأجازه أصحاب أبي حنيفة وبعض الشافعية وبعض أصحاب أحمد في الحمام الناقلة لألخبار 

المسألة الثالثة هل يجوز العوض في المسابقة على األقدام فمنعه مالك وأحمد 

ه الحنيفة وبعض الشافعية وهو مخالف لنص والشافعي في المنصوص عنه صريحا وأجاز

اإلمام المسألة الرابعة هل يجوز العوض في المسابقة بالسباحة منعه األكثرون وجوزه 

بعض الشافعية والحنفية المسألة الخامسة الصراع منع أحمد ومالك وبعض أصحاب 

الشافعي العوض فيه وهو مقتضى نص الشافعي في منعه العوض في

Page 234: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  234

 باألقدام وجوزه بعض أصحابه وأصحاب أبي حنيفة المسألة السادسة المشابكة المسابقة

باأليدي ال تجوز بعوض عند الجمهور وفيها وجه للشافعية بالجواز ومقتضى مذهب أصحاب 

أبي حنيفة جوازه فإنه يجوزوه في الصراع والمسابقة باألقدام والمغالبة في مسائل العلم 

لسيف والرمح والعمود منعها بعوض مالك وأحمد وجوزها المسألة السابعة المسابقة با

أصحاب أبي حنيفة وللشافعية فيها وجهان المسألة الثامنة المسابقة بالمقاليع على 

العوض منعها الجمهور وللشافعية فيها وجه ومقتضى مذهب أصحاب أبي حنيفة الجواز 

لجمهور ال يجوزون العوض فيها المسألة التاسعة المغالبة بشيل األثقال كالحجارة والعالج فا

ومن جوزه على المشابكة والسباحة والصراع واألقدام فمقتضى قوله الجواز هنا إذ ال فرق 

المسألة العاشرة المثاقفة ال تجوز بعوض عند الجمهور وأباحها

Page 235: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  235

بعض الشافعية وهو مقتضى مذهب أصحاب أبي حنيفة المسألة الحادية عشرة المسابقة 

قرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة واإلصابة في المسائل هل تجوز على حفظ ال

بعوض منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا وحكاه ابن 

عبد البر عن الشافعي وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة فمن جوز المسابقة عليها 

بالجواز وهي صورة مراهنة الصديق لكفار قريش على بعوض فالمسابقة على العلم أولى 

صحة ما أخبرهم به وثبوته وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه وأن الصديق أخذ 

رهنهم بعد تحريم القمار وأن الدين قيامه بالججة والجهاد فإذا جازت المراهنة على آالت 

اجح المسألة الثانية عشرة الجهاد فهي في العلم أولى بالجواز وهذا القول هو الر

المسابقة بالسهام على بعد الرمي ال على اإلصابة فأيهما كان أبعد مدى كان هو الغالب 

منعها بالعوض

Page 236: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  236

أصحاب أحمد والشافعي ويلزم من جوازها في المسابقة باألقدام والسباحة والمصارعة 

بعد واإلصابة فالبعد أحد جوازها هنا بل هي أولى بالجواز فإن المقصود بالرمي أمران ال

مقصوديه والسبق به من جنس السبق بالخيل واإلبل وبكل حال هو أولى من سائر الصور 

التي قاسوها على مورد النص بالجواز وظاهر الحديث يقتضيه فإنه أثبت السبق في النصل 

 كما أثبته في الخف والحافر هذا يقتضي أن يكون السبق به كالسبق بهما فأما أن يقال

يقتضي اإلصابة دون السبق في الغاية فكال وهو في اقتضائهما معا أظهر من االقتصار على 

وهي نوعان لفظي ومعنوي فاللفظي  في مأخذ هذه األقوال اإلصابة فقط واهللا أعلم فصل

االقتصار على ما أثبته النص بعد النفي العام وهي الثالثة المذكورة في الحديث فقط فال 

هؤالء جعلوايجوز في غيرها و

Page 237: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  237

أكل المال بهذه الثالثة مستثنى من جميع أنواع المغالبات وقالوا ليس غيرها في معناها 

حتى يلحق بها فإن سائر هذه األنواع المذكورة ال يتضمن ما تتضمنه هذه الثالثة من 

الفروسية وتعلم أسباب الجهاد واعتيادها وتمرين البدن عليها فأين هذه من السباحة 

شابكة والسعي والصراع والعالج واللعب بالحمام فال نص وال قياس قالوا ويوضح هذا أن والم

الخيل واإلبل هي التي عهدت المسابقة عليها بين الصحابه في عهد رسول اهللا وهي 

التي سابق عليها رسول اهللا ولم يسابق على بغل وال حمار قط ال هو وال أحد من أصحابه 

عندهم والخيل هي التي تصلح للكر والفر ولقاء العدو وفتح البالد مع وجود الحمير والبغال 

وأما أصحاب الحمير فأهل الذلة والقلة وال منفعة بهم في الجهاد ألبتة فقياسها على الخيل 

من أفسد القياس وفهم حوافرها من حوافر الخيل من أبعد الفهم والخيل هي التي يسهم 

هي التي أخبر رسول اهللا أن الخير معقود بنواصيها إلى لها في الجهاد دون البغال والحمير و

يوم القيامة وهي التي ورد الحث عن النبي على اقتنائها والقيام عليها وأخبر بأن أبوالها 

وأرواثها في ميزان صاحبها وهي التي جعل رسول اهللا تأديبها

Page 238: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  238

وانات وهي التي أمر اهللا وتعليمها وتمرينها على الكر والفر من الحق بخالف غيرها من الحي

سبحانه المؤمنين برباطها إعادا لعدوه فقال وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط 

 وهي التي ضمن العز ألربابها والقهر لمن عاداهم فظهروها عز لهم 6: الخيل األنفال 

وحصون ومعاقل وهي التي كانت أحب الدواب إلى رسول اهللا وهي أكرم الداب وأشرفها 

وأما الرمي بالنشاب فقد تقدم ذكر منفعته  فصل نفوسا وأشبهها طبيعة بالنوع اإلنساني

وتأثيره ونكايته في العدو وخوف الجيش الذي ال رامي فيهم من رام واحد فقياس المقاليع 

والثقاف والرمي بالمسالي ونحو ذلك عليه من أبطل القياس صورة ومعنى والرمي 

 فيه نكاية في العدو فليس مثل نكاية الرمي بالنشاب وال قريبا بالمزاريق والحراب وإن كان

منه

Page 239: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  239

وبالجملة فغير هذه الثالثة المشهورة المذكورة في الحديث ال تشبهها ال صورة وال معنى 

وال يحصل مقصودها فيمتنع إلحاقها بها هذا تقرير مذهب المقتصرين على الثالثة كمالك 

قالت الشافعية المغالبات التي تستعمل في الفروسية وأحمد وكثير من السلف والخلف 

والشجاعة ثالثة أقسام أحدها ما يوجد فيه لفظ الحديث ومعناه فيجوز أخذ السبق عليه 

كالخيل واإلبل والفيل على األصح والبغل والحمار في أحد الوجهين الثاني ما يوجد فيه 

والعدو على األقدام ففيه وجهان المعنى دون اللفظ كالرمي بالمقاليع والحجارة والسفن 

والمنع أظهر لخروجه عن اللفظ الثالث ما ال يوجد فيه المعنى وال اللفظ كالحمام والصراع 

والشباك فهو أولى بالمنع قال الحنفي النص على هذه الثالثة ال ينفي الجواز فيما عداها 

وقوله ال سبق إال في خف أو حافر أو نصل يريد به ال سبق

Page 240: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  240

ال ونافعا ونحوه وبذل السبق هو من باب الجعاالت فيجوز في كل عمل مباح يجوز بذلك كام

الجعل فيه فالعقد من باب الجعاالت فهي ال تختص بالثالثة وقد ذكر الجوزجاني في كتابه 

المترجم حدثنا العقيلي ثنا يحيى بن يمان عن ابن جريج قال قال عطاء السبق في كل 

مة ما تجوز فيه المسابقة فمذهب أبي حنيفة في هذا الباب شيء ذكر هذا في باب ترج

أوسع المذاهب ويليه مذهب الشافعي ومذهب مالك أضيق المذاهب ويليه مذهب أحمد 

ومذهب أبي حنفة هو القياس لو أن السبق المشروع من جنس الجعالة ومنازعوه أكثرهم 

 السبق في الصور التي منعوها يسلم له أنه من باب الجعاالت فألزمهم الحنفية القول بجواز

فلم يفرقوا بفرق طائل وألزموا الحنفية أنها لو كانت من باب الجعاالت لما اشترط فيها محلل 

إذا كان الجعل من المتسابقين كما ال يشترط في سائر الجعالت إذا جعل كل منهما جعال 

فتين فإنهم سلموا له لمن يعمل له نظير ما يعمله هو لآلخر وهذا مشترك اإللزام بين الطائ

أنها من باب الجعاالت ثم اقتصروا بها على بعض األعمال المباحة واشترطوا فيها المحلل إذا 

كان الجعل منهما هذا مخالف لقاعدة باب الجعالة وقالت طائفة ثالثة ليس هذا من الجعالة 

لبه ليس في شيء فإنه من المعلوم أن المتسابقين إذا أخرج أحدهما سبقا لآلخر إذا غ

مقصوده أن يغلبه

Page 241: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  241

اآلخر ويأخذ ماله فإن هذا ال يقصده عاقل فكيف يقصد العاقل أن يكون مغلوبا خاسرا بل 

مقصوده أن يكون غالبا كاسبا كما يقصد المجاهد والجعالة قصد الباذل فيها حصول العمل 

علي صورة من اآلخر ومعاوضته عليه بماله وهذا عكس باب المسابقة فإن المسابقة هي 

الجهاد وشرعت تموينا وتدريبا وتوطينا للنفس عليه والمجاهد ال يقصد أن يغلب ويسلب وإن 

كان قد يقع ذلك من آحاد المجاهدين إذا قصد االنغماس في العدو وأن يستشهد في 

سبيل اهللا تعالى وهذا يحمد إذا تضمن مصلحة للجيش واإلسالم كحال الغالم الذي أمر 

وصل بذلك إلى إسالم الناسالملك بقتله ليت

وقد يتفق في المتسابقين ذلك إذا كان قصد الباذل تمرين من يسابقه وإعانته على 

الفروسية وتفريح نفسه بالغلب والكسب ال سيما إذا كان مع ذلك من يحب تعليمه كولده 

وخادمه ونحوهما وهذا الباذل قد يقصد في سبقه وعلمه ليظهر اآلخر عليه ويفرح نفسه 

لك ويكون قصده أن يغلبه ويعطي ما بذل لهبذ

وهذا قد يقع ولكنه ليس بالغالب بل الغلب خالفه وهو مسابقة النظراء بعضهم لبعض واألول 

مسابقة المعلم للمتعلم

والمقصور أن هذا ليس هو الجعالة المعروفة مع أن الناس متنازعون في الجعالة فإنه أبطلها 

ي قسم الغرر والقمار وقالوا العمل فيها غير معلوم فإنه إذا طائفة من أهل العلم وأدخلوها ف

قال من رد عبدي

Page 242: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  242

فله كذا ومن شفى مريضي فله كذا لم يعرف مقدار العمل وال زمنه وهذا قول بعض 

الظاهرية ولكن األكثرون على خالف قولهم وهو الصواب قطعا

ة الالزمة ولهذا يجوز أن يجعل ولكن هي عقد جائز إذ العمل فيها غير معلوم بخالف اإلجار

للطبيب جعال على الشفاء كما جعل أهل الحي ألصحاب النبي جعال على الشفاء بالرقية 

لسيد الحي الدين استضافوهم فأبوا وال يجوز أن يستأجر الطبيب على الشفاء ألنه عير 

مقدور له والعمل غير مضبوط له

بقة ليس بواحد من البابين بل هو عقد فباب الجعالة أوسع من باب اإلجارة وعقد المسا

مستقل بنفسه له أحكام يختص بها ومن أدخله في أحد البابين تناقض كما تقدم

فصل

في تحرير المذاهب في كيفية بذل السبق وما يحل منه وما يحرم وللمسألة ثالث صور 

أحدها أن يكون الباذل غيرهما إما اإلمام أو أحد الرعية

Page 243: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  243

ن الباذل أحدهما وحده الثالثة أن يكون البذل منهما معا فمنعت طائفة بذل الثانية أن نكو

السبق من المتسابقين أو من أحدهما وقالت ال يكون إال من اإلمام أو رجل غيره وهذا قول 

القاسم بن محمد وحجة هذا القول أنه متى كان الباذل أحدهما فإنه ال تطيب نفسه بأن 

ل السابق ماله بغير طيب نفسه وقد قال النبي ال يحل مال يغلب ويؤخذ ماله فإذا غلب أك

امرئ مسلم إال عن طيب نفس منه وهذا بخالف ما إذا كان الباذل اإلمام أو أجنبيا عنهما 

فإنه تطيب نفسه ببذل المال لمن يسبق فال يكون ماله مأكوال بغير طيب نفس وال يلزم من 

منهما وأنه يكون أولى بالمنع فإنه لم يختص هذا القول المنع إذا كان البذل من كل واحد 

أحدهم ببذل ماله لمن يغلبه بل كل منهما باذل مبذول له فهما سواء في البذل والعمل 

ويسعد اهللا بسبقه من شاء من خلقه وكل منهما خاص لنفسه راج إلحراز ماله والفوز بمال

Page 244: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  244

أحدهما فإن سبق رجع إليه ماله صاحبه فلم يتميز أحدهما عن اآلخر وأما إذا كان الباذل 

ولم يأخذ من اآلخر شيئا وإن كان مسبوقا غرم ماله واآلخر إن سبق غنم وإن سبق لم 

يغرم والعقود مبناها على العدل من الجانبين وبهذا يتبين أن العقد المشتمل على اإلخراج 

 القول بأن منهما معا أحل من العقد الذي انفرد أحدهما فيه باإلخراج وأجيب صاحب هذا

النبي أطلق جواز السبق في هذه األشياء الثالثة ولم يخصه بباذل خارج عنهما فهو يتناول 

حل السبق من كل باذل قالوا وأما قولكم إنه ال تطيب نفسه بأكل ماله فإنه لما التزم بذله 

 كما عن كونه مغلوبا حل للغالب أكله بحكم التزامه االختياري الذي لم يجبره أحد عليه فهو

لو نذر إن سلم اهللا غائبه أن يتصدق على فالن بكذا وكذا فوجد الشرط فإنه يلزمه إخراج ما 

التزمه ويحل لآلخر أكله وإن كان عن غير طيب نفسه قالوا والذي حرمه الشارع من أكل 

مال المسلم بغير طيب نفس منه هو أن يكون مكرها على إخراج ماله فأما إذا كان بذله 

ختياره لم يدخل في الحديثوالتزامه با

فصل

بذل السبق من أحد المتسابقين وقالت طائفة أخرى يجوز أن يبذل السبق أحدهم فيقول 

إن

Page 245: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  245

سبقتني فلك كذا ويكره أن يقول إن سبقتك فعليك كذا فيجوز أن يكون باذال ويكره أن كون 

ماعة من أصحاب طالبا متقاضيا وهذا مذهب إبراهيم النخعي وعكرمة مولى ابن عباس وج

عبد اهللا بن مسعود قال إبراهيم بن يعقوب السعدي في كتابه المترجم حدثنا أبو صالح 

أخبرنا أبو إسحاق عن األعمش عن إبراهيم قال كان علقمة له برذون يراهن عليه فقلت 

إلبراهيم كيف كانوا يصنعون قال أن الرجل يقول لو سبقتني فلك كذا وكذا وال يقول إن 

ي كذا وكذا وإن سبقتني فلك كذا وكذا وقال ابن أبي الدنيا في كتاب السبق له سبقتك فل

أخبرنا حمزة بن العباس أخبرنا علي بن سفيان أن عبد اهللا بن المبارك عن األعمش عن 

إبراهيم قال لم يكونوا يرون بأسا أن يقول إن سبقتني فلك كذا وكذا ويكرهون أن يقول إن 

سبقتك فعليك كذا وكذا

فصل

القول بأن الجعل في السبق من باب مكارم األخالق ال من باب الحقوق ورده و قالت طائفة 

أخرى بذل السبق من مكارم األخالق فال يقضي

Page 246: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  246

عليه به القاضي إذا غلب وال يجبره عليه كما يقضي عليه بما يلزمه من الحقوق واألموال 

بر على الوفاء قال سفيان الثوري إذا قال وإنما هو بمنزلة العدة إن شاء وفى بها وإال لم يج

إن سبقتك فلي كذا وكذا فإن القاضي ال يجبره على أن يعطيه وقال عبد اهللا بن المبارك 

أخبرنا يونس عن الزهري عن سباق الرمي ما يحل منه قال ما كان عن طبي نفس ال 

ن الرجل باذال يتقاضاه صاحبه وهذا المذهب فيه أمران أحدهما أن أربابه كرهوا أن يكو

متقاضيا كأصحاب المذهب الذي قبله الثاني أنهم جعلوا الجعل فيه من باب مكارم األخالق 

ال بمن باب الحقوق التي يجب إيفاؤها كالوعد عند من لم يوجب الوفاء به وأصحاب المذهب 

ذل ماله الذي قبله كرهوا أن يكون أن يكون الرجل باذال متقاضيا ألنه إذا كان باذال كان كمن ب

لما فيه منفعة للمسلمين وهو ملحق بالجعالة التي يعم نفعها وإذا كان متقاضيا طالبا 

وهذا بخالف اآلخر إذا . كرهوه ألنه كلب أكل مال غيره على وجه يعود نفعه إلى باذل المال 

بذل له المخرج من غير طلب منه جاز له أخذه إذ ال يلزم اليلزم من كراهة أكله على وجه 

ب ما يلزم من كراهةالطل

Page 247: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  247

بذله وال كراهة أكله إذا جاء من غير طلب ومن أرباب هذا المذهب من صرح بأنه إنما يجوز 

أكل السبق إذا لم يؤخذ به رهن وال يلزم به باذله وإنما يكون تبرعا محضا قال ابن وهب 

 بأس ما أخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال إذا سبق الرجل في الرمي فال

لم يكن جزاء واحدة بواحدة أو يؤخذ به رهن أو يلزم به صاحبه قال ابن أبي الدنيا في كتابه 

حدثني يعقوب بن عبيد ثنا محمد بن سلمة أنبأ أن وهب فذكره فهذا القول يقتضي أنه لم 

يجعل العوض فيه الزما قط وقد اشترط فيه أن ال يكون جزاء واحدة بواحدة وهذا يشبه أن 

ن المراد به التسبيق من الجانبين وهذا من أضيق المذاهب وهو مذهب أبي جعفر يكو

محمد بن جرير فإنه قال في كتابه تهذيب اآلثار وإذا امتنع المسبوق من أداء السبق إلى 

السابق أو الفاضل فإنه ال يجبر على أداء ذلك إليه ألنه لم يستحقه عوضا على معتاض عنه 

ا هو عدة فحسب ومن جميل األخالق الوفاء به فإن شح بالوفاء به لم وال ألزمه اهللا به وإنم

يقض عليه ألنه ال خالف بين الجميع أن رجال لو وعد رجال هبة شيء من ماله معلوم ثم لم 

يف له بشيء أنه ال يقضى عليه به ثم أورد على نفسه سؤاال فقال فإن قيل كيف خص 

النبي بإجازة السبق فيما أجاز ذلك فيه إن

Page 248: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  248

كان ما يخرج منه على غير وجوب وحق يلزم في مال المخرج والهبات جائزة على السبق 

وغيره وأجب عنه بأن قال خصوص جواز السبق فيما خص ذلك منه لم يكن إللزامه للسبق 

وإنما ذلك لكونه على وجه اللهو دون سائر المالهي غيره ال على أن ما وعد به المسبق 

 على كل حال وحجة هذا القول أن بذل المال في المسابقة تبرع الوفاء به فمأخوذ به

كالوعد وال يلزم الوفاء به بل يستحب فإن الباذل لم يبذل معاوضة فإنه لم يرجع ليه عوض ما 

بذله له من المال وإنما هو عطية وتبرع لمن يسبق فهو كما لو وعد من يسبق إلى حفظ 

لوا والتبرعات يندب إلى الوفاء بها وال يقضى سورة أو باب من الفقه بشيء من المال قا

عليه به وإذا أورد على هؤالء تخصيص النبي الثالثة المذكورة بالسبق دون غيره كان 

جوابهم أن التخصيص بالثالثة المذكورة بكونها من الحق فالسبق فيها إعانة على الحق 

ل فيها بذل على حق كإعانة الحاج والصائم والغازي على حجه وصومه وغزوه فبذل الما

وطاعة بخالف غيرها وعلى قول هؤالء فال حاجة إلى محلل أصال ألن باذل المال يبذله لمن 

كان أقوى على طاعة اهللا فأيهما غلب أخذه كما يذكر عن الشافعي أنه كان يسأل بعض 

 أهله عن المسألة ويقول من أجاب فيها أعطيته درهما وهذا كقول اإلمام من قتل قتيال فله

سلبه ومن جاء

Page 249: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  249

برأس من رؤوس المشركين فله كذا وكذا ما يجعل فيه الجعل لمن فضل غيره في عمل بر 

ليكون ذلك مرغبا للنفوس فيما يستعان به على طاعة اهللا ومرضاته ولهذا استثناه النبي 

من اللهو الباطل فهذا تحرير هذا المذهب وتقريره

فصل

الت طائفة أخرى يجوز بذل الجعل من اإلمام أو أجنبي بذل الجعل من اإلمام أو أجنبي وق

وأما إن كان الباذل أحدهما جاز بشرط أن ال يعود السبق إلى المخرج بل إن كان معهما 

غيرهما كان لمن يليه وإن كانا اثنين فقط كان لمن حضر وسر هذا القول أن مخرج السبق 

 وقال أبو بكر الطرطوشي وهو قوله ال يعود إله سبقه بحال وهذا إحدى الروايتين عن مالك

المشهور وقال أبو عمر بن عبد البر اتفق ربيعة ومالك واألوزاعي على أن األشياء المستبق 

بها ال ترجع إلى المسبق بها على كل حال يريد أن السبق ال يرجع عند هؤالء إلى مخرجه 

بحال وقال وخالفهم الشافعي وأبو حنيفة والثوري وغيرهم

Page 250: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  250

 هذا القول فإذا سبق المخرج كان سبقه طعمة لمن حضر سواء شرط ذلك أم الوعلى

وعن مالك رواية ثانية رواها ابن وهب عنه أنه إذا اشترط السبق لمن سبق جاز سواء كان 

مخرجا أو لم يكن

وعلى هذه الرواية ال يكون طعمة لمن حضر وإنما يكون للسابق فإن شرط على هذه الرواية 

ق طعمة للحاضرين فال الطرطوشيأن يكون السب

لم يجز في قول معظم العلماء قال وهكذا يجيء على قول مالك فإن أخرجا معا ولم يكون 

معهما غيرهم لم يجز قوال واحدا في مذهبه وإن كان معهما محلل فعنه في ذلك روايتان 

مالك ال أحداهما المنع كما لو لم يكن محلل وهي المشهورة عنه قال ابن عبد البر قال 

نأخذ بقول سعيد بن المسيب في المحلل وال يجب المحلل في الخيل قال ابن شاش 

وهذه المشهورة عنه و الرواية الثانية أنه يجوز بالمحلل كقول سعيد بن المسيب قال أبو 

عمر و هو األجود من قوليه وقول ابن المسيب وجمهور أهل العلم واختاره ابن المواز وغيره

Page 251: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  251

فصل

القول السابق وحجة هذا القول أنه ال يعود إلى المخرج سبقه بحال أنه متى عاد إليه حجة 

إذا كان غالبا لم يكن جعالة ألن اإلنسان ال يبذل الجعل من ماله لنفسه على عمل يعمله 

فإذا كان سابقا فلو أحرز سبق نفسه لكان قد بذل من مال نفسه جعال على عمل يعمله 

 ال يحصل له بذلك فائدةهو وهذا غير جائز فإنه

قالوا وأيضا ففيه شبه القمار ألنه إما أن يغرم وإما أن يسلم وهذا شأن القمار بخالف 

الجاعل إذا كان أجنبيا فإنه غارم ال محالة

قالوا فالجاعل هنا يلزمه بذل المال الذي جعله للسابق ألنه بذله على عمل وقد وجد كما 

لى أصول أهل المدينة ألزم فإنه يلزمه الوفاء بالوعد إذا يلزم ذلك في نظائره قالوا وهذا ع

تضمن تقرير كمن قال لغيره تزوج وأنا أنقد عنك المهر واستدن وكل وأنا أوفي عنك ونحو 

هذا وهو بال خالف عندهم وبخالف عندنا

وأما إذا لم يتضمن تقريرا ففيه خالف بين األصحاب وأصحاب هذا القول يقولون متى كان 

يغرم مطلقا فهو جاعل ومتى كان دائرا بين أمرين كان مقامرا سواء دار بين أن يغنم الجاعل 

ويغرم أو بين أن يغرم ويسلم أو بين أن يغنم ويسلم ألن المقامرة هي المخاطرة عندهم 

وقد تقدم ما في هذه الحجة عند ذكر الوجوه الدالة على إبطال المحلل

Page 252: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  252

فصل

لمتسابقين أو من كليهما أو من ثالثيجوز أن يكون السبق من أحد ا

وقالت طائفة أخرى يجوز أن يكون السبق من احدهما ومن كليهما ومن ثالث ويقضى به إذا 

امتنع المسبوق من بذله لكن إن كان منهما لم يجز إال بمحل ال يخرج شيئا

وهذا مذهب أحمد وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق واألوزاعي وسعيد بن المسيب 

 وابن المواز من المالكية ودخوله ليحلل السبق لهما وعلى هذا إذا اشترك هو والزهري

وأحدهما في سبق اآلخر كان بينهما وإن انفرد بسبقهما أحرز السبقين وأن سبقاه لم 

يأخذا منه شيئا وإن جاؤوا معا أحرز كل واحد سبقه وال شيء لمحلل

Page 253: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  253

القول بأن المحلل دخل ليحل السبق فساد وقد تقدمت حجة هؤالء والكالم عليها فصل 

لنفسه ال للمتسابقين

وقالت طائفة أخرى مثل هذا إال أنهم قالوا إنما دخل المحلل ليحل السبق لنفسه ال لهما

وهذا قول مالك على قوله بالمحلل في إحدى الروايتين واختيار أبي علي بن خيران من 

يالشافعية وحكاه أبو المعالي الجويني قوال للشافع

وعلى قول هؤالء إذا سبق أحدهما ثم جاء اآلخر بعده ثم المحلل أحرز السابق سبق 

نفسه خاصة دون سبق اآلخر فإنه ال يحرزه فإن المحلل لم يدخل ألجله هو وإنما دخل 

ليحل السبق لنفسه وال يحرزه المحلل أيضا ألنه لم يسبق فيبقى على ملك صاحبه

سلم وهو مسبوق وأي فائدة حصلت للسابق وهذا فاسد فإن صاحبه مسبوق فكيف ي

وكيف يؤخذ ماله إن غلب وال يأخذ مال صاحبه إن غلبه

فإن سبق المحلل وأحد المخرجين للثالث أحرز السابق سبق نفسه وكان سبق اآلخر 

للمحلل وحده عند هؤالء ألنه إنما دخل ليحل السبق لنفسه إذا جاء سابقا وقد سبق 

الثالث

Page 254: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  254

ضا فإن األول قد سبق هذا اآلخر ايضا واشترك هو والمحلل في سبقه فكيف وهذا فاسد اي

ينفرد المحلل بسبقه مع اشتراكه هو واألول في سبقه ومعلوم أن هذا ليس من موجب 

العقد والشرط وال موجب الشرع ومقتضيات العقود تتلقى تارة من الشارع وتارة من 

ن العاقد وإن سبق المحلل ثم جاء أحد المتعاقدين وهذا لم يتلق ال من الشارع وال م

المخرجين بعده ثم الثالث بعدهما أحرز المحلل السبقين على القولين وهذا هوا الصحيح 

قوالن لبعض الشافعية وكشف فسادهما وقالت طائفة أخرى من الشافعية سبق الثالث 

محلل بين المحلل والثاني نصفين وسبق الثاني يختص به المحلل دون الثاني ألن ال

والثاني قد اشتركا في سبق الثالث فيشتركان في سبقه وقد انفرد المحلل في سبق 

الثاني فيختص ب سبقه وهذا وهم أيضا ألن المحلل قد سبقهما والثاني مسبوق ف كيف 

يشارك السابق وقولهم قد اشتركا هو والمحلل في سبق الثالث غير مسلم فإن السبق 

يره بل انفرد به وسبق الثاني ملغي بسبق األول الذي حصل لألول لم يشركه فيه غ

فسبق الثاني مقيد األول مطلق فهو السابق حقيقة وقالت طائفة منهم بل يكون سبق 

الثالث للثاني وحده

وهذا أفسد من األول وكأن قائل هذا القول رأى أن الثاني لما كان

Page 255: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  255

 األول لكونه مسبوقا وأعطاه سابقا مسبوقا اعتبر الوصفين في حقه فأخرج منه السبق إلى

سبق الثالث لكونه سابقا

لكن هذا غلط فإن األول قد سبقهما سبقا مطلقا وهو لو سبق الثالث فقط ال يستحق 

سبقه فكيف إذا سبق سابق الثالث مع سبقه لهم وقولهم إنه سابق مسبوق فيراعي في 

ق األول ألنه إنما حقه الوصفان جوابه أن يقال بل هو مسبوق وكونه سابقا ملغى بسب

ينفعه كونه سابقا إذا لم يسبقه غيره

فصل

وإن سبق أحدهما وجاء المحلل واألخر معا لم يكن للمحل شيء ويحرز السبق سبق 

نفسه وسبق اآلخر على قول الطائفة األولى وعلى قول هؤالء يكون سبق اآلخر له ال 

إنما كان ليحل السبق لنفسه يأخذه المحلل ألنه لم يسبقه وال األول ألن دخول المحلل 

وعلى هذا فإذا سبق أحدهما وجاء المحلل بعده وتأخر الثالث فعلى قول األولين يحرز األول 

السبقين لسبقه وعلى قول هؤالء يكون سبق الثالث للمحلل ألنه دخل ليحل السبق 

لنفسه وقد سبق الثالث

فصل

 وقالت طائفة أخرى إذا أخرجا قول في مذهب أبي حنيفة وبيان مخالفته لألصول من وجوه

معا لم يجز إال بمحلل إال أن المحلل إن سبقهما لم يأخذ منهما وإن سبقاه أعطاهما

Page 256: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  256

وهذا قول في مذهب أبي حنيفة حكاه ابن بلدجي في شرح مختار الفتوى فقال في 

و مسألة المحلل وقيل في المحلل إن سبقاه أعطاهما وإن سبقهما لم يأخذ منهما قال وه

جائز أيضا وهذا لفظ الشارع وذكره ابن الساعاتي في شرح مجمع البحرين له وهذه 

الطريقة بعيدة جدا ومخالفة لألصول من وجوه أحدها أن يغرم إن كان مسبوقا وال يغنم إن 

كن سابقا الثاني أنه يغرم ما لم تلزم غرامته ولو أخرج لم يكن محلال واحتاج العقد إلى 

 مبنى هذا العقد إذا أخرجا معا على العدل والعدل إن كان واحد من محلل آخر الثالث أن

المتسابقين ال يتميز عن اآلخر بل إن سبق أخذ وإن سبق غرم فإذا كان المحلل ال يغنم إن 

سبق ويغرم إن سبق لم يكن هذا عدال وكأن قائل هذا القول يلحظ أن المقصود دخول 

الجمهور وال يأخذ شيء منهما ألنه لو أخذ إن محلل يحل السبق لغيره ال لنفسه كما قال 

سبق لم يكن محلال بل يكون كأحدهما فكما يجوز أن يأخذ إذا سبق يجوز ان يغرم إذا سبق 

وحينئذ فيقال فيجوز أن يخرج معهما ويخرج عن كونه محلال وإال فكيف يغرم إن سبق وال 

يغنم إن سبق

Page 257: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  257

خذ وإن سبق لم يغرم ولم يكن هذا ظلما وجعلتم ولقائله أن يقول كما أنكم قلتم إن سبق أ

هذا خاصة للمحلل ليتميز عن المخرجين فهو إما أن يغنم وإما أن يسلم مع كونه مغلوبا 

وهو بخالف أحد المخرجين فإنه وإن كان مغلوبا غرم فبم تنكرون على من يقول به بل 

 غنم لخرج عن أن يكون خاصيته أن يغرم إن جاء مسبوقا وال يغنم إن جاء سابقا ألنه لو

محلال فإذا كانت خاصية المحلل أن ال يكون دائرا بين الغنم والغرم أصال فأي فرق بين أن 

يكون دائرا بين أن يغنم ويسلم أو يغرم ويسلم فكما صنتموه عن الغرامة إذا كان مسبوقا 

ليتميز عنهما منعناه نحن من المغنم إذا كان سابقا لهذا المعنى بعينه

القول عكس قولكم في المعنى ومثله في المأخذ وكل ما تلزمونا به إذا كان سابقا فهذا 

ولم يغنم نلزمكم به إذا كان مسبوقا ولم يغرم قالوا والحديث ليس فيه ما يقتضي هذا 

القول وال قولكم وال ما يبطل واحدا من القولين فال يمكن أن تبطلوا قولنا به ولكن يبقي 

 أقرب إلى خروج العقد به عن القمار إن كان بالمحلل يخرج عن الترجيح في أي القولين

القمار وأما حكم المحلل فال تعلق له بالحديث غير أنه يكون مكافئا لهما في الرمي والركوب 

وال يأمن إن سبقاه فحسب

فصل

قال المنكرون للمحلل الدخيل تأمل هذه األقوال والطرق واختالفها في المحلل ومصادمة 

عض ومناقضة بعضها لبعضبعضها بب

Page 258: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  258

وفساد الفروع واللوازم يدل على فساد األصل والملزوم وكل ما كانت من عند غير اهللا فال 

بد أن يقع فيه اختالف كثير وليس واحد من هذه األقوال بأولى بالصحة من اآلخر وال دل 

وينقض بعضها الحديث على تقدير ثبوته على شيء منها وإنما هي آراء يصادم بعضها بعضا 

بعضا فكل بكل معارض ووكل بكل مناقض قالوا وقد قال عمرو بن دينار قال رجل عند جابر بن 

زيد إن أصحاب محمد كانوا ال يرون بالدخيل بأسا فقال إنهم كانوا أعف من ذلك و انظر إلى 

 فقه الصحابة وجاللتهم وقول جابر إنهم كانوا أعف من أن يحتاجوا إلى دخيل قال السعدي

في كتاب المترجم حدثنا أبو صالح أخبرنا أبو إسحاق عن ابن عيينة عن عمرة فذكره ونحن 

نقول كما قال جابر بن زيد وإنهم كانوا أفقه من ذلك

فصل

ثم افترق منكرو التحليل فرقتين إحداهما منعت اإلخراج من االثنين مطلقا وهو مشهور 

ل قال شيخ اإلسالممذهب مالك ومن قال بقوله وفرقة جوزته بغير محل

Page 259: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  259

وهو مقتضى المنقول عن أبي عبيدة بن الجراح

قال وما علمت في الصحابة من اشترط المحلل وإنما هو معروف عن سعيد بن المسيب 

وعنه تلقاه الناس ولهذا قال مالك ال نأخذ بقول سعيد ين المسيب في المحلل وال يجب 

بة إباحة القمار وظنوا أن هذا مخرج للعقد المحلل والذي مشى هذا القول هيبة قائله وهي

عن كونه قمارا فاجتمع عظمة سعيد عند األمة وعظمة القمار وقبحه ولم يكن بد من إباحة 

السبق كما أباحه النبي ولم يمنع نص من اإلخراج منهما وقد قال عالم اإلسالم في وقته 

إن العقد بدونه قمار فهذا الذي مشى هذا القول واهللا أعلم

صلف

منهج المصنف في البحث والتأليف واعتماده على األدلة من الكتاب والسنة

فتأمل أيها المنصف هذه المذاهب وهذه المآخذ لتعلم ضعف بضاعة من قمش شيئا من 

العلم من غير طائل وارتوى من غير مورد وأنكر غير القول لذي قلده بال علم وأنكر على من 

أن مذهبة وقول من قلده عيارا على األمة بل عيار على ذهب إليه وأفتى به وانتصر له وك

الكتاب والسنة فهو المحكم ونصوصهما متشابهة فما وافق قول من

Page 260: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  260

قلده منهما احتج به وقرره وصال به وما خلفه تأوله أو فوضه فالميزان الراجح هو قوله 

ن فال ينظر فيها إال ومذهبه قد أهدر مذاهب العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمي

نظر من ردها راغبا عنها غير متبع لها حتى كأنها شريعة أخرى ونحن نبرأ إلى اهللا من هذا 

الخلق الذميم والمرتع الذي هو على أصحابه وخيم ونوالي علماء المسلين ونتخير من 

 نتخذ من أقوالهم ما وافق الكتاب والسنة ونزنها بهما ال نزنهما بقول أحد كائنا من كان وال

دون اهللا ورسوله رجال يصيب ويخطئ فنتبعه في كل ما قال ونمنع بل نحرم متابعة غيره 

في كل ما خالفه فيه وبهذا أوصانا أئمة اإلسالم فهذا عهدهم إلينا فنحن في ذلك على 

منهاجهم وطريقهم وهديهم دون من خالفنا وباهللا التوفيق

فصل

عقد الرهان عقد قائم بنفسه

ل العقد هو من باب اإلجارات أو من باب الجعاالت أو من بات المشاركات أو من فإن قيل ه

باب النذور وااللتزامات أو من باب العدات والتبرعات أو عقد مستقل بنفسه قائم برأسه 

خارج عن هذه العقود

فالجواب إنه عقد مستقل بنفسه قائم برأسه غير داخل في شيء

Page 261: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  261

امها عنه بطالن كون عقد الرهان من عقود اإلجاراتمن هذه العقود النتفاء أحك

فأما بطالن كونه من عقود اإلجارات فمن وجوه أحدها أنه عقد جائز لكل منهما فسخه قبل 

الشروع في العمل بخالف اإلجارة الثاني أن العمل في اإلجارة ال بد وأن يكون معلوما 

 وال يدري أيسبق أم يسبق وهذا مقدورا لألجير والسبق ها هنا غير ملعوم له وال مقدور

في اإلجارة غرر محض الثالث أن العمل في اإلجارة يرجع إلى المسأجر والمال يعود إلى 

األجير فهذا بذل ماله وهذا بذل نفعه في مقابلته فانتفع كل منهما بما عند اآلخر بخالف 

مل لم يلزمه غرم المسابقة فإن العمل يرجع إلى السابق الرابع أن األجير إذا لم يوف الع

والمراهن إذا لم يجيء سابقا غرم ماله إذا كان مخرجا الخامس أن عقد اإلجارة ال يفتقر 

إلى محلل وهذا عندكم يفتقر إليه في بعض صوره السادس أن األجير إما مختص وإما 

مشترك وهذا ليس واحدا منهما فإنه ليس في ذمته عمل يلزمه الوفاء به وال يلزمه تسليم 

إلى العاقد معه السابع أن األجرة تجب بنفس العقد وتستحق بالتسليم والعوضنفسه 

Page 262: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  262

هنا ال يجب بالعقد وال يستحق بالتسليم الثامن أن األجير له أن يستنيب في العمل من 

يقوم مقامه ويستحق األجرة وليس ذلك للمسابق التاسع أنه لو أجر نفسه على عمل 

نظيره فسدت اإلجارة وعقد السباق ال يصح إال بذلك فإن بشرط أن يؤجره اآلخر نفسه على 

خال عن هذا لم يكن عقد سباق كما أنه إذا قال إن أصبت من العشرة تسعة فلك كذا وكذا 

فهذا ليس بعقد رهان وإنما هو تبرع له على عمل ينتفع هو به أو هو وغيره أو جعالة في 

ر يحرص على أن يوفي المستأجر غرضه هذا الحال يقضي عليه بما التزمه العاشر أن األجي

والمراهن أحرص شيء على ضد غرض مراهنه وهو أن يغلبه ويأكل ماله وبينهما فروق 

والذي يدل على بطالن  فصل بطالن كونه من باب الجعاالت كثيرة يطول استقصاؤها فتأملها

 وإنما يبذل كونه من باب الجعاالت وجوه أحدها أن العامل فيه ال يجعل لمن يغلبه ويقهره

ماله فيما يعود نفعه إليه ولو كان بذله فيما ال ينتفع به لم يصح العقد وكان سفها الثاني أن 

الجعالة يجوز أن يكون العمل فيها مجهوال كقوله من رد عبدي اآلبق فله كذا وكذا بخالف 

عقد السباق فإن العمل فيه ال يكون إال معلوما

Page 263: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  263

عوض في الجعالة مجهوال كقول اإلمام من دلني على حصن أو الثالث أنه يجوز أن يكون ال

قلعة فله ثلث ما يغنم منه أو ربعه بخالف عقد السباق الرابع أن المراهن قصده تعجيز 

خصمه وأن ال يوفي عمله بخالف الجاعل فإن قصده حصول العمل المجعول له وتوفيته إياه 

جارة تجيء ها هنا بطالن كونه من عقود وأكثر الوجوه المتقدمة في الفرق بينهما وبين اإل

المشاركات وأما بطالن كونها من عقود المشاركات فظاهر جدا فإنها ليس نوعا من أنواع 

 فصل بطالن كونه من باب النذورالشركة وسائر أحكامها منتفية عنها

صل له والذي يبطل كونه من باب النذور وجوه أحدها أن الناذر قد التزم إخراج ما عينه إن ح

مقصوده والمسابق إنما يلزمه إخراج ماله إذا حصل ضد مقصوده الثاني أن الناذر ملتزم 

إخراج ما نذره إلى غير الغالب له والمسابق إنما التزم إخراجه لمن غلبه الثالث أن الناذر ال 

ء يلزم أن يكون معه مثله يشاركه في نذره والمراهن بخالفه الرابع أن النذر متى تعذر الوفا

به انتقل إلى بدله إن كان له بدل

Page 264: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  264

شرعي وإال فكفارة يمين بخالف المراهن الخامس أن النذر يصح مطلقا ومعلقا كقوله هللا 

علي صوم يوم وإن شفى اهللا مريضي فعلي صوم يوم بخالف المسابقة السادس أن 

تكون إال على المسابقة ال تصح على الصوم والحج واالعتكاف والصالة والقرب البدنية وال 

مال بخالف النذر السابع أن النذر منهي عنه وقال النبي إن النذر ال يأتي بخير بخالف 

المسابقة فإنه مأمور بها مرغب فيها الثامن أن النذر عقد الزم ال بد من الوفاء به والمسابقة 

مه عقد جائز التاسع أن النذر حق هللا بما التزمه به ال يسقط بإسقاط العبد وما التز

بالمسابقة حق للعبد يسقط بإسقاطه العاشر أن النذر ال يلزم أن يكون جزاء على عمل 

ويجوز أن يكون على ما ال صنع للعبد فيه ألبتة كمجئ المطر وحصول الولد ونمو الزرع 

بخالف عقد المسابقة فإن قيل فهب أنه ليس من باب نذر التبرر فما الذي يبطل كونه من 

ضب وشبهه به ظاهر فإن المراهن يقول لخصمه إن غلبتني فلك من باب نذر اللجاج والغ

مالي كذا وكذا وعرضه أن يحض نفسه على أن يكون

Page 265: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  265

ان كلمتك فلله علي كذا وكذا فهو يحض نفسه : هو الغالب وال يخسر ماله فهو كما لو قال 

التزم الجله على ترك كالمه لئال يخسر ماله بكالمه فان الغرض منع نفسه من الفعل الذي 

اخراج ما يكره اخراجه قيل هذا حسن ال بأس به لكن الفرق بينهما ان الناذر ملتزم اخراج 

ماله عند فعله ما يكون مخالفا لعقد نذره والمغالب ملتزم لذلك عند سبق غيره له وعجزه 

هو عن مغالبته لكن قد يلزم الناذر اخراج شيء من ماله عند غلبة غيره له كقوله ان 

ني فمالي صدقة وعلى هذا فيكون الفرق بينهما ان في المسابقة يكون حرصه على غلبت

 فيما اذا كان الباذل غيرهما أو كالهما والناذر نذر ­المغنم تارة وعلى دفع الغرم أخرى 

بطالن كونه من باب العدات  فصل .اللجاج حرصه على دفع الغرم فقط فبينهما جامع وفارق 

ونه من باب العدات والتبرعات القصد والحقيقة واالسم والحكم اما والتبرعات والذي يبطل ك

القصد فإن المراهن ليس غرضه التبرع وأن يكون مغلوبا بل غرضه الكسب وان يكون غالبا 

فهو ضد المتبرع وأما الحقيقة فإن التبرع والهبة ال تكون على عمل ومتى كان على عمل 

ضاتخرج عن أن يكون هبة وكان من نوع المعاو

Page 266: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  266

وأما االسم فإن اسم الرهان والسبق والخطر والجعل غير اسم الهبة والصدقة والتبرع وأما 

الحكم فأحكام الهبة مخالفة ألحكام الرهان من كل وجه وإن جمعهما مجرد اخراج المال 

الى الغير على وجه ال يعتاض باذله عنه فهذا هو القدر المشترك بينه وبين الهبة والتبرع 

تخفى الفروق التي بين هذا العقد وبين عقد الهبة فإذا عرف هذا فالصواب ان هذا العقد وال 

عقد مستقل بنفسه له أحكام يتميز بها عن سائر هذه العقود فال تؤخذ أحكامه منها وباهللا 

التوفيق فصل هل عقد الرهان الزم أو جائز واختلف الفقهاء في هذا العقد هل هو عقد الزم 

قولين أحدهما أنه من العقود الجائزة وهذا المشهور عند أصحاب أحمد وهو أو جائز على 

مذهب أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي والثاني أنه عقد الزم وهو القول اآلخر للشافعي 

ووجه في

Page 267: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  267

مذهب أحمد وألصحاب الشافعي في محل القولين طريقتان إحداهما أن القولين جاريان 

 كان الجعل منهما او من أحدهما أو من ثالثفي مطلق صورة العقد سواء

والثانية أن محل القولين في حق من أخرج السبق وأما المحلل ومن لم يخرج فالعقد جائز 

في حقه قوال واحدا وأصحاب هذه الطريقة رأوا أن لزوم العقد في حق من لم يخرج ال فائدة 

شيئا فال فائدة إللزامه بعقد ال فيه إذ ال يلزمه شيء فإنه إما أن يكسب ماال أو ال يعطي 

يكون معطيا فيه بل آخذا وأصحاب الطريقة األولى يقولون إن المخرج قد يستفيد التعلم 

ممن لم يخرج فيكون كالمعارض بماله على التعلم فيلزم اآلخر تتميم العقد قالوا وألنه عقد 

قال بالجواز دون من شرطه أن يكون العوض والمعوض معلومين فكان الزما كاإلجارة ومن 

اللزوم قال المسابقة عقد على ماال يتحقق القدرة على تسليمه فكان جائزا كرد اآلبق 

وذلك ألنه عقد على اإلصابة وال يدخل تحت قدرته وبهذا فارق اإلجارة

Page 268: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  268

 في التفريع على هذا الخالف قالت الشافعية فرع إن قلنا باللزوم فال بد من القبول فصل

جواز فهل يشترط القبول فيه وجهان المذهب أنه ال يشترط فرع هل يصح ضمان وإن قلنا بال

السبق فيه طريقان أحدهما أنا إن قلنا باللزوم صح وإن قلنا بالجواز فهل يصح الضمان على 

قولين والطريقة الثانية أنا إن قلنا باللزوم ففي الضمان قوالن وهما القوالن في ضمان ما لم 

ه فإن السبق ال يستحق قبل الفوز اتفاقا سواء إن قلنا بالجواز أو يجب وجرى بسبب وجوب

اللزوم فرع هل يصح أخذ هذا الرهن بالجعل قالوا إن قلنا ال يصح أخذ الضمين به لم يصح 

أخذ الرهن وإن

Page 269: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  269

أجزنا أخذ الضمين به ففي جواز أخذ الرهن وجهان والفرق أن باب الضمان أوسع فإن يجوز 

 يجوز أخذ الرهن بها ويجوز ضمان ما لم يجب وال يجوز أخذ الرهن به ويجوز ضمان العهدة وال

ضمان مال الكتابة في إحدى الروايتين وال يصح أخذ الرهن به والفرق بينهما من وجهين 

أحدهما أن أخذ الرهن بضمان العهدة وبمال الكتابة وبما لم يجب يمنع االرتفاق بالرهن فإنه 

ق به في كتابته وأداء ما عليه من الحق وليس كذلك الضمان ألنه ال يمنعه من بيعه واالرتفا

يعطل على البائع شيئا وال يمنعه االرتفاق بسلعته وال يعطل على المكاتب وال على 

المقترض شيئا الثاني أن ضرب الرهن يطول ألنه يدوم بقاؤه عند المرتهن وصاحبه ممنوع 

ن في ذمته ال يمنع مالك السلعة من التصرف من التصرف فيه بخالف الضمين ألن كون الدي

فيها فالمكاتب يستضر بالرهن وال يستضر بالضمين ويستضر المقترض بالرهن قبل القرض 

وال يستضر بالضمين وقال أبو المعالي الجويني ال يبعد ان يوقف السبق فإن قاربه أحدهما 

قبل الرهن لقرب أمدها تبين استحقاقه بالعقد فيكون كضمان العهدة إال أن هذه عهدة ت

بخالف عهدة البائع إذ ال أمد لها

Page 270: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  270

فرع إذا قلنا هي عقد جائز فلكل واحد منهما فسخها قبل الشروع اتفاقا وإن أراد أحدهما 

الزيادة فيها أو النقصان لم يلزم اآلخر إجابته وإن اتفقا على ذلك جاز وإن قلنا باللزوم لم 

ى الفسخ جاز وإن اتفقا على الزيادة والنقصان فيه يملك أحدهما فسخها وإن اتفقا عل

جازسواء ابقيا العقد أو فسخاه فرع فإن شرعا فيها فإن لم يظهر ألحدهما فضل على اآلخر 

جاز لكل واحد منهما الفسخ وإن ظهر ألحدها على اآلخر مثل أن يسبقه بفرسه في بعض 

مفضول ألنا لو جوزنا للمفضول المسافة أو يصيب بسهامه أكثر منه فللفاضل الفسخ دون ال

الفسخ لفات غرض المسابقة فال يحصل المقصود وكان كل من رأى نفسه مغلوبا فسخ 

العقد وقالت الشافعية إذا قلنا بجواز العقد دون لزومه ففي جواز الفسخ من المفضول 

وجهان فرع فإن مات أحد المتعاقدين فإن قلنا هي عقد جائز انفسخت

Page 271: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  271

على سائر العقود الجائزة من الوكالة والشركة والمضاربة ونحوها وإن قلنا هي بموته قياسا 

عقد الزم لم تنفسخ بموت الراكبين وال تلف أحد القوسين وانفسخت بموت أحد المركوبين 

والراميين والفرق بينهما أن العقد تعلق بعين المركوب والرامي فانفسخ بتلفه كما لو تلف 

ة بخالف موت الراكب وتلف القوس فإنه غير المعقود عليه فلم المعقود عليه في اإلجاز

ينفسخ العقد بتلفه كموت أحد المتبايعين ولهذا يجوز إبدال القوس والراكب وال يجوز إبدال 

الفرس والرامي فعلى هذا يقوم وارث الميت مقامه كما لو استأجر شيئا ثم مات فإن لم 

 كما لو أجر نفسه لعمل معلوم ثم مات فرع فإن يكن له وارث أقام الحاكم مقامه من تركته

أخر أحدهما السباق والنضال من الوقت الذي عين فيه فإن كان لعذر جاز وإن كان لغير عذر 

وقلنا بلزوم العقد لم يجز وإن قلنا بجوازه فلآلخر الفسخ وله الصبر وهكذا إن أخر إتمام 

الرمي بعد الشروع فيه

Page 272: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  272

النقصان في الجعل وعدد الرشق ومقدار المسافة في عقد فصل في إلحاق الزيادة و

السباق والنضال وهي ست صور إلحاق زيادة بالمسافة أو نقصان منها وإلحاق زيادة 

بالجعل أو نقصان منه وإلحاق زيادة بعدد الرمي والرماة أو نقصان منه وإن قلنا بجواز العقد 

ل أصحاب الشافعي ال يلحق كما ال تلحق جاز ذلك كله باتفاق الحزبين وإن قلنا بلزومه فقا

الزيادة في الثمن بعد لزوم البيت وال الزيادة في األجر بعد لزوم اإلجازة وأما من ألحق 

الزيادة في الثمن والنقصان منه بعد العقد كأصحاب ابي حنيفة وهو القول الراجح في 

وهذا هو الصواب إذا اتفقا الدليل فعلى أصولهم يجوز إلحاق الزيادة والنقصان في هذا العقد 

عليه وقد أمر النبي الصديق أن يزيد في األجل والرهن لما راهن المشركين على غلبة 

الروم والفرس وال محذور فإلحاق هذه الزيادة أصال بل النص والقياس يقتضيان جوازها وقد 

تكون الزيادة قال أصحابنا تجوز الزيادة في الصداق بعد لزومه مع ان عقد النكاح عقد الزم و

كاألصل فيما يقرره وينفعه واتفقوا على جواز الزيادة في الرهن

Page 273: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  273

واختلفوا في جواز الزيادة في دينه فمنعها أبو حنيفة وأحمد وأجازها مالك والشافعي في 

قوله القديم ومنعها في الجديد ولم أجد عن أحمد نصا بالمنع وإنما أخذه أصحابه من نصه 

من وقول مالك في هذه المسألة أرجح إذ ال محذور في ذلك وهي زيادة في الزيادة في الث

تتعلق بالرهن فجازت كزيادة التعلق بذمة الضامن وال أثر للفرق بينهما بسعة هذا وضيق 

الرهن ألن لهما أن يوسعها أضعاف ما هو متعلق به بأن يغير الرهن ولوال سعته لما أمكن 

المرهون ففداه المرتهن ليكون رهنا بالفداء وبالحق ذلك وقد قال أصحابنا لو جنى العبد 

األول جاز وهذا زيادة في دين الرهن ولكن فرقوا بين هذه الزيادة وبين غيرها بأن الجناية 

تملك المجني عليه المطالبة ببيعه في الجناية وإبطال الوثيقة من الرهن فصار بمنزلة 

هن قبل لزومه تجوز الزيادة في دينه فكذلك الرهن الجائز قبل قبضه فإنه يكون غير الزم والر

بعد الجناية ألنه قد تعرض لزوال لزومه قالوا وليس كذلك إذا لم يجز الرهن ألنه الزم ال 

سبيل الى إبطال حق المرتهن عنه فلم يصح أن يرهنه بحق آخر كما لو رهنه عند إنسان 

يبق فيه موضع لتعلق حق آخر آخر قالوا وألنه قد تعلق بجملته كل جزء من أجزاء الحق فلم 

به بخالف الضمان فإن محله ذمة الضامن وهي متسعة لكل دين يرد عليها ولمن رجح قول 

مالك أن يقول لما ملكا تغيير العقد ورفعه ثم

Page 274: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  274

جعل الرهن وثيقة بالدينين ملكا أن يجعاله وثيقة بهما مع بقاء العقد واي فائدة أو مصلحة 

د وفسخه وتعريض الحق للضياع بإبطال الرهن ومعلوم أن الشارع ال حصلت لهما بتغيير العق

يشرع ما هو عبث ال مصلحة فيه فيقول إذا أردتما الزيادة في الدين فافسخا عقد الرهن 

وأبطاله ثم زيدا فيه فتغيير صفته أسهل عليهما وأقل كلفة وأبين مصلحة وقولكم إنه قد 

ن فهذا ليس متفقا عليه بين الفقهاء فإن أبا تعلق بجملة الرهن كل جزء من اجزاء الدي

حنيفة قال في إحدى الروايتين إذا رهن شيئين بحق فتلف أحدهما كان الباقي رهنا بما 

يقابله من الحق ال بجميعه ولو سلم أنه رهن على كل جزء من أجزاء الحق لم يمنع أن 

جائزا لم يلزم بعد أو طرأ يصير رهنا على حق آخر باتفاقهما كما لو غير العقد كما لو كان 

عليه ما يعرضه لزوال لزومه وقياسكم الزيادة في الدين على رهنه عند رجل آخر ال يصح 

لتعدد المطالب المستحق وحصول التنازع والتشاح في التقديم بخالف ما إذا كان 

د المستحق واحدا والمقصود أن الزيادة في عقد السباق تصح وتلزم إذا اتفقا عليها كما زا

الصديق في المدة والخطر بأمر رسول اهللا

Page 275: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  275

فصل

أنواع المناضلة

المناضلة على ضربين مناضلة على اإلصابة ومناضلة على بعد المسافة

فاألولى جائزة اتفاقا -

وأما المناضلة على بعد المسافة فللشافعي فيها قوالن وألصحابنا فيها طريقان فأكثرهم  -

فيهامنعوها وقال صاحب الرعاية 

قلت فإن تسابقا بالخيل على أن السبق ألطولهما مدى لم يصح وإن تناضال على أن 

السبق ألبعدهما رميا احتمل وجهين

وقد تقدم أن هذه أولى بالصحة من المصارعة والسباحة والمسابقة على األقدام فمن 

جوزها في هذه الصورة فتجوزيها على بعد المسافة أولى وأحرى وهذا أرجح

رط بعض من جوزها على البعد استواء القوسين في الشدة والضعف لتنافس الرماة وقد ش

في ذلك حتى إنهم ربما رموا بقوس واحد وسهم واحدة وإذا كان العقد على اإلصابة لم 

يشترط تعيين القوسين وال استواؤهما اتفاقا

Page 276: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  276

شروط العقد على اإلصابة

طوالنوع الثاني العقد على اإلصابة وله شرو

أحدهما تعيين الرماة ألن المقصود عين الرامي ومعرفة حذقه وإصابته ال معرفة حذق رام ما 

فلو تعاقد متراميان على أن مع كل واحد منهما ثالثة أو اثنين أو واحدا يرمي معه غير معين 

لم يجز ذلك

ن القصد وال يشترط تعيين القوسين وال تعيين السهام وال عينها لم تتعين وجاز إبدالها أل

معرفة الحذق ال معرفة القوس ومنفعته

وأما في الخيل فيشترط معرفة المركوبين بالتعيين دون الراكبين ألن المقصود معرفة عدو 

الفرس ال سوق راكبها

فعلى هذا أن شرطا أن ال يرمي بغيرها أعني بغير هذا القوس أو بغير هذا السهم أو ال 

لم يتعين عليه ذلكيركب غير هذا الرجل لم يصح الشرط و

Page 277: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  277

الثاني أن يكون القوسان من نوع واحد وجنس واحد فال يصح عقد السباق بين قوس يد 

وقوس رجل وال بين قوسين عربية وقوس فارسية في أحد الوجهين وفي اآلخر يجوز بين 

النوعين دون الجنسين والوجهان ألصحاب الشافعي وأحمد

ن العربي والهجين وبين البختي والعربي من اإلبل ونظير هذا االختالف في المسابقة بي

فإن فيه وجهين ألصحاب أحمد والجواز اختيار القاضي وهو مذهب الشافعي

الثالث تحديد المسافة والغاية بما جرت به العادة في النضال والسباق ألن الغرض معرفة 

 مقصرا في أول أسبقهما وال يعلم ذلك إال بتساويهما في المسافة ألن أحدهما قد يكون

عدوه سريعا في انتهائه وبالعكس فيحتاج إلى غاية تجميع حالتيه ومن الخيل ما هو أصبر 

والقارح أصبر من غيره ولهذا فضل النبي القرح في الغاية

Page 278: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  278

فإن استبقا بغير غاية لينظر أيهما يقف أوال لم يجز ألنه يؤدي إلى أنه ال يقف أحدهما حتى 

لحكم لآلخر بالسبق كما لو مات فرس اآلخر أو انكسرينقطع فرسه فيتعذر ا

وكذلك أيضا يشترط معرفة مدى الرمي إما بالمشاهدة والرؤية وإما بالذرعان ألن اإلصابة 

تختلف بالقرب والبعد

ويجوز أن يجعال غاية ما يتفقان عليه إال أن يجعال مسافة بعيدة تتعذر اإلصابة في مثلها 

 فال يصح ألن الغرض يفوت بذلك وقد قيل إنه ما ­الث مئة ذراع  وهو ما زاد على ث­غالبا 

رمى في أربع مئة ذراع إال عقبة بن عامر الجهني رضي اهللا عنه

هذا كالم أصحاب أحمد

وقال العراقيون من أصحاب الشافعي إذا كانت المسافة مئتين وخمسين ذراعا جاز وإن 

ا وجهان وهذا التقدير ليس معهم به زادت على ثالث مئة وخمسين لم يجز وفيهما بينهم

نص من اإلمام وال دليل من جهة الشريعة

وقال الخراسانيون منهم إن كانت المسافة تقرب اإلصابة فيها

Page 279: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  279

صح تعيينها وإن تعذرت اإلصابة فيها لم يصح وإن كانت بحيث يقطعها السهم وتندر اإلصابة 

فوجهان

وزوا تقديرها بثالث مئة وخمسين ذراعا أو بثالث قلت وهذا أقرب إلى الصواب فإنهم إذا ج

مئة ولم يجوزوا الرمي على البعد بل على اإلصابة لم تحصل اإلصابة في هذه المسافة إال 

اتفاقا وكلما بعدت المسافة عزت اإلصابة ولهذا رمي الغرض ال يكون إال مع مسافة يمكن 

 ولهذا يبتدئ المتعلم بالقريب ثم فيها اإلصابة غالبا وهذه ثالثة قصيرة وطويلة ومتوسطة

بالمتوسط ثم بالبعيد فالذي يصيب ما جرت به العادة في الثالثة بنبال الثالثة هو الرامي 

حقيقة

الرابع أن يكون العوض معلوما ويجوز أن يكون معينا وموصوفا وأن يكون حاال ومؤجال وأن يكون 

من جنس ومن أجناس وأن يكون بعضه حاال وبعضه مؤجال

لخامس أن يكون مقدورا على تسليمه فلو جعله عبدا آبقا أو فرسا شاردا أو جوهرة في ا

البحر أو طيرا في الهواء يحصله له لم يجز ألن ذلك كله غرر وال يجوز أن يكون مورد الشيء 

من عقود المعاوضات

Page 280: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  280

فصل

تعدد السهام وعدم تعددها

حد منها وبسهم واحد يرمي أحدهما جملة ويجوز أن يتناضال بسهام متعددة لهما أو لكل وا

رشقه ثم يرمي به اآلخر أو يرمي به هذا مرة وهذا مرة لحصول الغرض بذلك

ومنع بعض أصحاب الشافعي المناضلة على سهم واحد بشرط أن يرمي كل منهما به مرة

دة وال يظهر لهذا المنع وجه فإنهما لو تناضال بعدة أسهم على أن يرمي هذا فردة وهذا لر

جاز كما يجوز أن يستوفي ل منهما رميه عن والء ثم يأخذ اآلخر في الرمي ويجوز أن 

يتساويا سهمين سهمين وثالثة ثالثة إذ المقصود استواؤهما والتعديل بينهما فصل

في تحزب الرماة

وهو نوعان أحدهما أن يكونا اثنين فقط الثاني أن يكونوا جماعتين

Page 281: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  281

م أحدهما أن اآلخر غالب له وال بد أو مغلوب معه وال بدفإن كانا اثنين فقط وعل

فإن أخرج من تحقق أنه غالب جاز إذ ال يأخذ من اآلخر شيئا وغايته أنه يحرز ماله ويغلب 

صاحبه

وإن أخرج من تحقق أنه مغلوب وكان له في ذلك غرض صحيح مثل أن يريد أن ينفع ولده أو 

هذا الوجه ويقوي نفسه ويفرحها جاز ذلك وهو صاحبه أو فقيرا فيوصل إليه المال على 

محسن وإن لم يكن له غرض صحيح ففي صحة ذلك نظر لتضمن بذل ماله فيما ال منفعة له 

فيه ال دنيا وال أخرى ومثل ذلك يمنع منه الشرع والعقل

Page 282: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  282

وقال أبو المعالي الجويني في النهاية

كانت مناضلة بغير مال وإن علم فوزه إذا أخرج أحدهما وقد علم أن المشروط له ال يفوز 

صحت على األصح

فرع

وإذا كانوا جماعتين فهل يشترط تساوي عددهما أو يجوز أن يكونوا اثنين وثالثة

فيه احتماالن ألصحابنا

ومأخذ االشتراط تحقق العدل بالتساوي

ة ومأخذ عدمه قد يكون في أحد الحزبين واحد يقوم مقام جماعة فتكون القسمة به قسم

تعديل

ويشترط تكافؤهما في الرمي والسهام فال يكون رمي أحدهما صلبا واألخر لينا أو سهم 

أحدهما قصبا واآلخر خلنجا وكذلك في القوس فيا يكون قوس أحدهما عربيا واآلخر فارسيا

وفيه وجه بجوازه بين النوعين من القسي

Page 283: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  283

فرع

ر ويتساوون فيه فإن كانوا ثالثة ويشترط كون الرشق مما يمكن قسمته بينهم بغير كس

وجب أن يكون له ثلث وإن كانوا أربعة فأن يكون له ربع وكذلك ما زاد ألنه إذا لم يكن كذلك 

بأن بقي سهم أو أكثر بينهم ال يمكن الجماعة االشتراك فيه فرع فإن عقد النضال جماعة 

اره القاضي وهو مذهب بينهم لينقسموا حزبين بعد العقد ففيه وجهان أحدهما أنه يصح اخت

الشافعي ألن التعيين الطارئ كالمقارن والوجه الثاني ال يصح ألن التعيين شرط ولم يوجد 

حال العقد وقبل القسمة لم يتعين من في كل واحد من الحزبين فعلى هذا الوجه إذا 

ذي تقاسموا كان تقاسمهم ابتداء للعقد ويحتمل أن يعتبر تجديد العقد بعد التقاسم وهو ال

ذكره في المغني

وعلى قول القاضي قد صح العقد قبل التقاسم فالتقاسم هو موجب العقد

Page 284: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  284

فرع

فإن قلنا بقول القاضي لم يجز أن يتقاسموا بالقرعة ألنها قد تقع على الحذاق في أحد 

الحزبين وعلى الكوادن في الحزب اآلخر فيخرج العقد عن العدل الذي هو مقصود النضال

بالوجه األخر جاز أن يتقاسموا بالقرعة فإن العقد لم يصح قبل القسمة فإذا أخرجت وإن قلنا 

القرعة أحد الحزبين وميزته من اآلخر فإن تراضوا بذلك وإال فال عقد بينهم

وطريق القسمة بالعدل أن يخرج من كل حزب زعيم فيختار أحدهما واحدا ثم يختار الزعيم 

لى العدلاآلخر واحدا إلى أن تتم القسمة ع

وال يجز أن يجعل الخيار إلى أحد الزعيمين في الجميع وال أن يختار احدهما جميع حزبه أوال 

ثم يعد اآلخر فيختار بعده لخروجهما عن العدل فإن األول ال يؤمن أن يختار الحذاق في حزبه

وال يجوز أن يجعل رئيس الحزبين واحدا منهما فإنه يميل إلى حزبه فتلحقه التهمة

 يجوز أن يختار كل واحد من الرئيسين أكثر من واحد ألنه أقرب إلى التساوي والعدل فإذا وال

اختاروا واحدا اختار الرئيس اآلخر ثانيا

ونظير هذا أنه ال يقدم السابق بأكثر من حكومة واحدة فلو قال احكم لي حكومتين ثم 

احكم لمن جاء بعدي حكومتين لم يكن له ذلك

Page 285: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  285

أن من خرجت لها القرعة من نسائه في البداءة بها لم تقدم بليلتينونظيره أيضا 

ونظيره أن الطالب المتعلم إذا سبق غيره إلى الشيخ ليقرأ عليه لم يقدم بدرسين إال أن 

يكون كل منهم يقرأ درسين درسين

وإن اختلفا في المتبدئ بالخيار أقرع بينهما

 أو يخرجه أصحابي لم يجز ألن السبق إنما ولو قال أحدهما أنا أختار أوال وأخرج السبق

فصليستحق بالسبق ال بغيره 

وإذا أخرج أحد الزعيمين السبق من عنده فسبق حزبه لم يكن على حزبه شيء ألنه 

جعله على نفسه دونهم وإن شرطه عليهم فهو عليهم بالسوية

وية من أصاب وأما الحزب اآلخر ففي كيفية اقتسامهم له وجهان أحدهما يقتسمونه بالتس

منهم ومن أخطأ كما أنه على الحزب المغلوب بالسوية فيكون للغالب بالسوية وهذا قول 

أصحاب الشافعي والثاني يقسم بينهم على قدر اإلصابة ومن لم يصب منهم فال

Page 286: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  286

شيء له ألن استحقاقه باإلصابة فكان على قدرها واختص بمن وجدت فيه بخالف 

م اللتزامهم له وقد استووا في االلتزام وهؤالء استحقوه المسبوقين فإنه وجب عليه

باإلصابة وقد تفاوتوا فيها وهذا الوجه أظهر واهللا أعلم فصل

فإن شرطوا أن يكون فالن مقدما في هذا الحزب وفالن مقدما في الحزب اآلخر ثم فالن تاليا 

فاسدافي هذا الحزب وفالن تاليا في الحزب اآلخر فقال أصحابنا يكون شرطا 

قالوا ألن تقديم من في كل من الحزبين إلى رأي زعيمه خاصة وليس لآلخر مشاركته في 

ذلك فإذا شرطوه كان فاسدا

قلت ويحتمل الصحة كما أن تعيين الزعيمين كان باتفاقهما على اشتراطه فكذلك تعيين 

د يكون لهم البادئين منهما يجوز أن يتبع اشتراط الحزبين وليس في ذلك جور وال مفسدة وق

فيه غرض صحيح فال يفوت عليهم بغير سبب

وقولهم إنه ليس لآلخر مشاركة الزعيم فيمن يقدمه جوابه إن استحقاق تقدميه كان 

باشتراط الفريقين ورضاهم به واألصل في الشروط الصحة إال ما خالف حكم اهللا تعالى و 

رسول اهللا

Page 287: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  287

فصل

ق عليه أو نقترع فمن خرجت قرعته حكم له فإن قالوا نقترع فمن خرجت قرعته فالسب

بالسبق كان فاسدا ألن العوض ال يستحق بالقرعة وإنما يستحق بالبذل واإلصابة فصل

فإن تناضل اثنان وقاال نرمي كذا وكذا فأينا أصاب فالسبق على اآلخر صح أو كانا حزبين 

جا من أحدهما فقاال نرمي فأي الحزبين أصاب فالسبق على اآلخر صح ذلك وكان إخرا

خاصة كأنه قال إن سبقتني فلك عشرة وإن سبقتك فعليك عشرة فرضي اآلخر

وقال الشيخ أبو محمد رضي اهللا عنه في المغني

ال يجوز ألنه ال يستحق باإلصابة

يريد أن مجرد اإلصابة ال يوجب استحقاق السبق وهذا صحيح ولكن إنما استحق باإلصابة 

ى اآلخر فإن هذا شرط فاستحق السبق به وباإلصابة واهللا وبقوله أينا أصاب فالسبق عل

أعلم فصل

إذا تناضل اثنان وأخرج أحدهما السبق فقال أجنبي أنا شريكك في الغنم والغرم إن نضلك 

فنصف السبق علي وإن نضلته فنصفه

Page 288: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  288

لي لم يجز ذلك

ريككما في الغنم وكذلك لو كان ثالثة بمحلل عند من يقول به فقال رابع للمستبقين أنا ش

والغرم كان باطال ألن الغرم والغنم إنما يكون من المناضل فأما من ال يرمي فال غنم له وال 

غرم عليه

Page 289: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  289

فصل

وإذا نضل أحد الراميين فقال المنضول اطرح نضلك أعطك دينار ألستوي أنا وأنت لم يجز ألن 

المقصود معرفة الحذق وذلك يمنع منه

ا فسخ العقد ثم يعقدان عقدا آخر فإن اختارا ذلك فلهما فسخ العقد ثم فإن اختارا ذلك فلهم

يعقدان عقدا آخر

فإن لم يفسخاه ولكن رميا تمام الرشق فتمت اإلصابة للناضل بما أسقطه استحق السبق 

ورد الدينار إن كان أخذه

فصل

أيكم سبق فله إذا كان باذل السبق غير المتسابقين وكانا اثنين أو جماعة فقاال أيكما أو 

عشرة جاز وصح وأيهم سبق استحق العشرة وإن جاؤوا جميعا فال شيء لواحد منهم ألنه 

ال سابق فيهم

Page 290: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  290

وإن قال الثنين أيكما سبق فله عشرة وأيكما صلى أي جاء ثانيا للسابق فله عشرة لم 

على يصح ألنه ال فائدة في طلب السبق ألنه يستحق العشرة سابقا ومسبوقا فال يجزي 

السبق ألنه يستحق العشرة سابقا ومسبوقا فال يجزي على السبق

فإن قال ومن صلى فله خمسة صح ألن كال منهما يطلب السبق لفائدته المختصة به

وإن كانوا أكثر من اثنين فقال من سبق فله عشرة ومن صلى فله ذلك صح ألن كال منهما 

يطلب أن يكون سابقا أو مصليا

 ألن رأسه عند صال اآلخر والصلوان العظمان الناتئان من جانبي الذنبوالمصلي هو الثاني

وقال علي بن أبي طالب

سبق أبو بكر وصلى عمر وخبطتنا فتنة

Page 291: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  291

وقال الشاعر في السابق والمصلي

 تلق السوابق فينا والمصلينا فإن قال الباذل للمجلي وهو ...إن تبتدر غاية يوما لمكرمة 

وهو الثاني تسعون وللتالي وهو الثالث ثمانون وللبارع وهو الرابعاألول مئة وللمصلي 

Page 292: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  292

سبعون وللمرتاح هو الخامس ستون وللحظي وهو السادس خمسون وللعاطف وهو 

السابع أربعون وللمؤمل وهو الثامن ثالثون وللطيم وهو التاسع عشرون وللسكيت وهو 

احد يطلب السبق فإذا فاته العاشر عشرة وللفسكل وهو األخير خمسة صح ألن كل و

طلب ما يلي السبق

Page 293: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  293

وهذه العشرة أسماء مراتب السباق والفسكل هو األخير الذي ال يجيء بعده أحد

ثم استعمل هذا في غير المسابقة بالخيل تجوزا كما روي أن أسماء بنت عميس كانت 

أبو بكر الصديق تزوجت جعفر بن أبي طالب فولدت له عبد اهللا ومحمدا وعونا ثم تزوجها 

فولدت له محمد بن أبي بكر ثم تزوجها علي بن أبي طالب فقال إن ثالثة أنت آخرهم 

ألخيار فقال ألوالدها

لقد فسكلتني أمكم

وإن جعل للمصلي أكثر من السابق أو جعل للتالي أكثر من المصلي أو لم يجعل للمصلي 

صد التأخر فيفوت المقصودشيئا لم يجز ألن ذلك يفضي إلى أن ال يقصد السبق بل يق

فصل

إذا تناضل حزبان فما زاد على أن يكون رشق أحد الحزبين مساويا لرشق اآلخر والحزبان 

متفاوتان في العدد جاز

فإذا ناضل خمسة عشرة وعلى كل حزب مئة رشقة جاز

Page 294: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  294

ت فإن ناضل الرجل جمعا فإن شرط ما يطيقه جاز وإن شرط ما ال يطيقه عادة لم يصح وكان

مناضلة بغير مال

فصل

وال يشترط في صحة النضال معرفة كل منهما بحال اآلخر وحذقه فلو تناضل رجالن يجهل 

كل واحد منهما قدر معرفة اآلخر صح

فصل

إذا قال كل منهما أو أحدهما عندي رجل رام صفته كذا وكذا أناضلك عليه

ة فال بد من حضورهمفقال أصحاب الشافعي ال يصح فإن الرماة ال يثبتون في الذم

والصحيح جوازه ألن الصفة تقوم مقام الرؤية والمشاهدة وليس هذا بثبوت للرامي في 

الذمة وإنما هو عقد على رام موصوف فهو كإجارة عين موصوف وتزويج امرأة موصوفة وبيع 

عين موصوفة غائبة بل هذا أولى بالجواز لتمحض المعاوضة في هذه الصورة بخالف النضال

Page 295: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  295

فصل

إذا قال أحد الحزبين لحاذق منهم ارم أنت فإن غلبناهم فالسبق لنا ولك وإن غلبونا 

فالسبق علينا دونك صح ألن حكمهم حكم الرجل الواحد وال يشترط في حق الحزبين أن 

يشتركوا كلهم في الرمي بل إذا رمى بعضهم وغلب أو غلب تعدى حكمه إلى الحزب كله 

وغاية هذا أنه محلل

افعية وجهان هذا احدهما والثاني ال يصحوللش

فإن قيل المحلل ال يفوز وحده بجميع األسباق إذا سبق وال يشارك وهذا يشاركه غيره في 

السبق فالجواب إنهم صاروا به بمنزلة رام واحد

ولو قال كل من الحزبين لواحد منهم ففيه الوجهان فصل

إذا قال الباذل لعشرة من سبق منكم فله عشرة صح

فإن جاؤوا سواء فال شيء لهم ألنه لم يوجد الشرط الذي يستحق به الجعل في واحد 

منهم وإن سبقهم واحد فله العشرة لوجود الشرط فيه وإن سبق اثنان فلهما العشرة وإن 

سبق تسعة وتأخر واحد فالعشرة للتسعة ألن الشرط وجد فيهم فكان الجعل بينهم كما لو 

كذا فرده تسعةقال من رد عبدي اآلبق فله 

Page 296: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  296

وفيه وجه آخر أنه لكل واحد من السابقين عشرةألن كل واحد منهم سابق فيستحق 

الجعل بكماله كما لو قال من رد عبدا لي فله عشرة فرد كل واحد عبدا بخالف ما لو قال 

من رد عبدي فله عشرة فرده تسعة ألن كل واحد منهم لم يرده وإنما حصل رده بالستعة 

 لو قال من قتل قتيال فله سلبه فإن قتل كل واحد واحدا فله سلب قتيله كامال ونظير هذا

وإن قتل الجماعة واحدا فلجميعهم سلب واحد وهاهنا كل واحد له سبق مفرد فكان له 

الجعل كامال

فعلى هذا لو قال من سبق فله عشرة ومن صلى فله خمسة فسبق خمسة وصلى 

رة لكل واحد منهم درهمان وللمصلين خمسة خمسة فعلى الوجه األول للسابقين عش

لكل واحد منهم درهم وعلى الوجه الثاني لكل واحد من السابقين عشرة فيكون لهم 

خمسون ولكل واحد من المصلين خمسة فيكون لهم خمسة وعشرون

ومن قال بالوجه األول فقال صاحب المغني يحتمل على قوله أن ال يصح العقد على هذا 

مل إن سبق تسعة فيكون لهم عشرة لكل واحد منهم درهم وتسع ويصلي الوجه ألنه يحت

واحد فيكون له خمسة فيصير للمصلي من الجعل أكثر ما للسابق فيفوت المقصود

فصل

فإن شرطا أن السابق يطعم السبق أصحابه أو غيرهم لم يصح

Page 297: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  297

 أحمد فساد الشرط وال العقد عند الشافعي ويفسد الشرط وحده عند أبي حنيفة ومذهب

الشرط قوال واحدا ولهم في فساد العقد وجهان

ووجه بطالن الشرط أنه عوض على عمل فإذا شرط أن يستحقه غير العامل بطل

ومن أفسد العقد قال لم يرض به المتعاقدان إال على هذا الشرط وعليه عقدا فإذا فسد 

س الشروط الفاسدة في الشرط لم يكن العقد بدنه معقودا عليه فال يلزمان به وهذا قيا

عقود المعاوضات

ومن صححه قال لما لم يتوقف صحة هذا العقد على تسمية جعل بل يجوز عقده بغير جعل 

لم يفسد بفساد الشرط كالنكاح

والصحيح أنا نثبت لهما الخيار بفوات هذا الشرط الفاسد فإن أحبا أمضياه وإن أحبا فسخاه 

عكما نقول في الشروط الفاسدة في البي

وهذا أعدل األقوال فإن في إلزامهما بما لم يلتزماه وال ألزمهما به الشارع مخالفة أصول 

الشرع وفي إبطاله عليهما ضرر إذ قد يكون لهما

Page 298: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  298

في الشروط الفاسدة في غرض في تتميمه وهو جائز اإلتمام فال يمنعان من ذلك فصل 

هذا العقد

قال القاضي

تنقسم قسمين أحدهما ما يخل بشروط صحة العقد نحو الشروط الفاسدة في المسابقة 

أن يعود بجهالة الغرض أو المسافة ونحوهما فيفسد العقد ألنه ال يصح مع فوات شرطه 

والثاني ما ال يخل بشروط صحته نحو أن يشترط أن يطعم السبق أصحابه أو غيرهم أو 

ن لكل واحد منهما أو يشترط أنه إذا نضل ال يرمي أبدا أو ال يرمي شهرا أو يشترطا أ

ألحدهما فسخ العقد متى شاء بعد الشروع في العمل وأشباه هذا

فهذه شروط باطلة في نفسها وفي العقد المقترن بها وجهان أحدهما صحته ألن العقد تم 

بأركانه وشروطه فإذا انحذف الزائد الفاسد بقي العقد صحيحا والثاني يبطل ألنه بذل 

م يحصلالعوض لهذا الغرض فإذا ل

Page 299: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  299

غرضه لم يلزمه عوضه وكل موضع فسدت فيه المسابقة فإن كان السابق هو المخرج 

أمسك سبقه وإن كان اآلخر هو السابق فله أجر عمله ألنه عمل بعوض لم يسلم له 

فاستحق أجرة المثل كاإلجارة الفاسدة

نما يعود إليه قلت وفي هذا نظر ال يخفى فإن السابق لم يعمل للباذل شيئا ونفع عمله إ

نفسه ال إلى الباذل فالباذل لم يستوف منافعه فال يلزمه عوض عمله

وقد تقدم أن هذا العقد ليس من باب اإلجارات وال الجعاالت وذكرنا الفروق الكثيرة بينه 

وبينها وال يصح إلحاقه بهما

زيد ويناء وال يقال هذا كمن جعل لغيره جعل على أن يعمل عمال لغير الجاعل كخياطة ثوب 

داره فإن العلم أيضا عاد إلى غير العامل

فإن قيل كل عقد يلزمه المسمى في صحيحه يلزمه عوض المثل في فاسدة كالبيع 

واإلجارات والنكاح قيل هذا عقد صحيح في عقود المعاوضات والمشاركات وليس هذا العقد 

صل للباذل غرضه الذي واحد منهما بل هو عقد مستقل برأسه كما تقدم تقريره فإذا لم يح

بذل المال آلجله فبأي طريق يلزمه العوض وهو لم يلتزم بذله إال على وجه مخصوص وليس 

هناك عوض استوفاه فنغرمه بذله واهللا أعلم

Page 300: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  300

 في أقسام المناضلةفصل

المناضلة اسم للمسابقة بالرمي بالنشاب وهي مصدر ناضلته نضاال ومناضلة

 ألن السهم التام بريشه وقدحه ونصله يسمى نضال بالضاد وسمي الرمي مناضلة ونضاال

المعجمة وعوده قدحا وحديدته نصال بالصاد المهملة

وهي قسمان مناضلة على اإلصابة ومناضلة على البعد

أقسام مناضلة اإلصابةوقد تقدم الخالف في مناضلة البعد 

ة أحدها تسمى المبادرة وهي ومناضلة اإلصابة ثالثة أقسام النوع األول من مناضلة اإلصاب

أن يقوال من سبق إلى خمس إصابات من عشرين رمية فهو السابق فأيهما سبق إليها مع 

تساويهما في الرمي فقد سبق

فإذا رميا عشرة وأصاب أحدهما خمسا واآلخر دونها فالمصيب

Page 301: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  301

 لم يصب خمسا هو السابق ألنه قد سبق إلى خمس وسواء اصاب اآلخر اربعا أو دونها أو

شيسئا ال حاجة إلى إتمام الرمي ألن السبق قد حصل بسبقه إلى ما شرطا السبق إليه

فإن أصاب كل منهما من العشر خمسا فال سابق فيهما وال يكمالن عدد الرمي ألن جميع 

اإلصابة المشروطة قد حصلت واستويا فيها

لم يحكم بالسبق وال فإن رمى أحدى عشرا فأصاب خمسا ورمى اآلخر تسعا فأصاب أربعا 

بعدمه حتى يرمي العاشر فإن أصاب به فال سابق فيها وإن أخطأ به فقد سبق األول

فإن لم يكن اصاب من التسعة إال ثالثا فقد سبق األول وال يحتاج إلى رمي العاشر ألن أكثر 

ما يحتمله أن يصيب به وذلك ال يخرجه عن أن يكون مسبوقا

أحد الوجهين ألصحابههذا مذهب أحمد والشافعي في 

ولهم وجه ثان أنه يلزمه إتمام الرمي وإن تحقق أنه مسبوق وعللوه بأنه قد يكون لآلخر في 

غرض صحيح وهو أن يتعلم من رميه

قالوا فإن أجبنا إتمامه لم يقف استحقاق السبق عليه ألنه قد استحق بإصابة ما جعلت 

إصابته موجبة االستحقاق

Page 302: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  302

شرة من خمسين وأصاب اآلخر تسعة من تسعة وأربعين والرشق فلو أصاب أحدهما ع

خمسون خمسون كمل العدد الخمسين وإن ندرت إصابته فلعله أن يصيب

وعقد الباب أن كل موضع أتقن فيه أنه ال يصيب العدد لم يلزمه فيه إتمام الرمي ولم يقف 

ل فيه الرمي استحقاق ان يصيب على إتمامه وكل موضع يرجو فيه تكميل اإلصابة كم

 فصل النوع الثاني من المفاضلةوأوقف استحقاق المصيب على كماله

وهي أن يقوال أينا فضل صاحبه بإصابة أو إصابتين أو ثالثة من عشرين رمية فقد سبق

فإذا قاال أينا فضل صحابه بثالث من عشرين فهو سابق فرميا اثني عشر سهما فأصابها 

 لم يلزم إتمام الرمي وكان الغلب للمصيب ألن أكثر ما أحدهما كلها وأخطأها اآلخر كلها

يمكن اآلخر أن يصيب الثمانية الباقية فاألول قد نضله على كل حال

وإن كان األول أصاب من االثني عشر عشرة لزمهما رمي الثالث عشر فإن أصابا به معا أو 

ألن غاية ما يصيب أخطأا معا أو أصابه األول وحده فقد سبق وال يحتاج إلى تمام الرمي 

الثاني السبعة الباقية وال يصير بذلك سبقا وإن أصابه اآلخر وحده فعليهما أن يرميا الرابع 

عشر والحكم فيه وفيما بعده كالحكم في الثالث عشر سواء في أنه متى أصابا فيه أو 

أخطأاه أو أصابه األول وحده فقد سبق وال يحتاج إلى تمام الرمي ألن

Page 303: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  303

يصيب الثاني السبعة الباقية وال يصير بذلك سابقا وإن أصابة اآلخر وحده فعليهما غاية ما 

أن يرميا الرابع عشر والحكم فيه وفيما بعده كالحكم في الثالث عشر سواء في أنه متى 

أصابا فيه أو أخطأا أو أصابها األول فقط فقد سبق األول وال يتمان الرمي وإن أصابها اآلخر 

دهاوحده رميا ما بع

وعقد الباب ما تقدم أن كل موضع قد يكون بإتمام الرمي فيه فائدة ألحدهما يلزمه إتمامه 

وإن يئس من الفائدة لم يلزم إتمامه فإذا بقي من العدد ما يمكن أن يسبق به احدهما 

صاحبه أو يسقط به سبقه لزم اإلتمام وإال فال

 عشرة فأخطأاها أو أصاباها أو فإذا كان السبق قد جعل إصابات من عشرين فرميا ثماني

تساويا في اإلصابة فيها لم يلزم اإلتمام ألن أكثر ما يحتمل أن يصيب أحدهما هاتين 

الرميتين ويخطئها اآلخر وذلك ال يحصل له السبق وكذلك إذا فضل أحدهما اآلخر بخمس 

آلخر عن كونه إصابات فما زاد لم يلزم اإلتمام ألن إصابة اآلخر السهمين الباقين ال يخرج ا

فاضال له بثالث إصابات

وإن كان إنما فضله بأربع رميا السهم اآلخر فإن أصابه المفضول وحده فعليهما رمي اآلخر 

فإن أصابه المفضول أيضا سقط سبق األول وإن أخطأ في أحد السهمين أو أصاب األول 

أحدهما فهو سابق

Page 304: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  304

النوع الثالث من المناضلة فصل

لمحاطة وهي أن يشترط إساقط ما تساويا فيه من اإلصابة إلى أن يفضل النوع الثالث ا

ألحدهما سهم يصيبه وهو السابق

وهذه وإن كانت في معنى المفاضلة إال أن الفرق بينهما أن يشترط في المفاضلة ذكر عدد 

ما يقع به التفاضل وفي المحاطة ال يشترط ذلك بل إذا قاال يلغى ما تساوينا فيه من 

ة فمن زادت إصابته على إصابة صاحبه فهو الغالب فال يشترط تعيين الزيادةاإلصاب

ولو قاال أينا أصاب خمسا من عشرين فهو سابق فمتى أصاب أحدهما خمسا من العشرين 

ولم يصبها اآلخر فاألول سابق وإن أصاب كل واحد منهما خمسا أو لم يصب واحد منهما 

محاطةخمسا فال سابق فيهما وهذه في معنى ال

وحكم هذا النوع حكم ما قبله في أنه يلزم إتمام الرمي ما كان فيه فائدة وال يلزم إذا خال 

عنها ومتى أصاب كل واحد منهما خمسا لم يلزمه إتمامه ولم يكن فيهما سابق وإن رميا 

ست عشرة رمية فلم يصب واحد منهما شيئا لم يلزم إتمامه وال سابق منهما ألن أكثر ما 

 يصيبها أحدهما وال يحصل السبق بذلك فصليحتمل أن

فإن شرطا أن يخلص ألحدهما عشر إصابات من مئة رمية مفاضلة

Page 305: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  305

فحصلت له من خمسين لم يستحق السبق حتى تتم المئة وهذا أحد الوجهين للشافعية

ولهم وجه ثان إنه يستحق السبق قبل إكماله المئة

ه من الخمسين الثانية ما يحط هذا عن العشرة ووجه األول أن اآلخر قد يصيب فيما بقي ل

وهو إنما جعل السبق له إذا فضله بعشرة من مئة ولم يتحقق هذا بعد

فإن كان ذلك في رمي المبادرة وشرطا أن من بدر إلى عشرة من مئة استحق فبدر إليها 

من خمسين استحق ولم يلزمه إكمال الرمي ألنه قد سبق صاحبه حقيقة فصل وال بد في 

ذلك من حصر عدد الرمي وهو الرشق بعدد معلوم لينقطع به التنازع ويتيقن به السبق وإال 

فالمغلوب يقول أنا أرمي حتى أغلب

وألصحاب الشافعي في المسألة ثالثة أوجه هذا أحدها والثاني ال يشترط تعيين العدد 

والثالث يشترط في رمي المحاطة والمفاضلة دن المبادرة

Page 306: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  306

 قوي إذ ال فائدة في اشتراطه في رمي المبادرة ألنه إذا قال أينا بدر إلى خمس وهذا الوجه

إصابات فهو السابق فمتى بدر إليها أحدهما تعين سبقه سواء كان عدد الرمي معلوما أو 

لم يكن

وأما المفاضلة والمحاطة فإذا لم يكن عدد الرمي معلوما لم يحصل مقصود العقد ولم ينقطع 

دهما إذا أصاب عشرة من عشرين مثال قال اآلخر أنا أصيبها من ثالثين وليس التنازع فإن اح

عدد الرمي مشروطا بيننا لم يكن له ذلك وأدى إلىعدم معرفة السابق ويقول اآلخر أنا 

أرمي إلى أن أفضلك

فإن قيل هذا يزول باستوائهما في الرمي قيل النزاع ال ينقطع بذلك فإنه يقول له ارم حتى 

تساويني

وايضا فإنهما إذا لم يشترطا عددا فإنه قد يستمر رميهما ال إلى غاية وال يصيب أحدهما فال 

يمكن أحدهما اآلخر من إحراز سبقه ويقول لم نزل نرمي حتى يغلب أحدنا

وهذا فاسد جدا وهو بعيد من قواعد الشريعة وال سيما عند من ألحق هذا العقد بالجعاالت 

واإلجارات وباهللا التوفيق

فقد تبين من هذا أن النضال على أربعة أقسام مفاضلة ومحاطة ومبادرة ومباعدة وأنها كلها 

فصلجائزة إال المباعدة فإن فهيا خالفا وليس على منعها دليل 

فإن شرطا إصابة موضع من الهدف على أن األقرب منه يسقط

Page 307: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  307

األبعد ففضل أحدهما صاحبه بما شرطاه كان سابقا

بو يعلى وهو مذهب الشافعي ألنه نوع من المحاطةذكره القاضي أ

فإذا أصاب أحدهما موضعا بينه وبين الغرض شبر وأصاب اآلخر موضعا بينه وبين أقل من 

شبر أسقط األول

فإن أصاب األول الغرض أسقط الثاني وإن أصاب الثاني الدائرة التي في الغرض لم يسقط 

ضل أحدهما صاحبه إذا أصاباه إال أن يشترطا ذلكاألول ألن الغرض كله موضع اإلصابة فال يف

وإن اشترطا أن يحسب أحدهما خاسقة بإصابتين لم يجز ألنه ظلم وعدوان

وإن شرطا أن سحب كل منهما خاسقة بإصابتين جاز ألن أحدهما لم يفضل صحابه بشيء 

هل العرف معتبر في المناضلة المطلقة أم الفهما سواء في ذلك فصل 

لمناضلة فإن كان للرماة عادة مطردة ترك العقد عليها وإن لم يصرحوا اشتراطهاإذا أطلقت ا

وقد وافق على ذلك أصحاب الشافعي ونقضوا هذا األصل في مواضع وطردوه في مواضع

Page 308: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  308

وقد اتفق الناس على طرده في نقد البلد في المعاوضات وإن لم يشترط تنزيال للعرف 

عارف مثله عادة وإن لم يشترط كما لو باعه أو اشترى منزلة الشرط وعلى التسليم المت

منه دارا له فيها متاع كثير ال يمكن نقله في يوم وال يومين وعلى أعماله في قبول الهدية 

مع الصغار واالكتفاء بقولهم وعلى دخول الرجل اعتمادا على خبرهم عن إذنه ونظائر ذلك 

كثيرة

 الخباز وال الطباخ وال الغسال وال المكاري حتى ونقضه من قال ال تجب األجرة للحمامي وال

يعقد معهم عقد إجارة

وقد ثبت بالكتاب والسنة واإلجماع جواز عقد النكاح من غير تسمية مهر ووجوب مهر المثل 

فإذا كان هذا في النكاح الذي يحتاط له ما ال يحتاط لغيره وأحق الشروط أن يوفى به ما 

يق األولىشرط فيه فغيره من العقود بطر

والمقصود أنهم إذا كان لهم عادة في مقدار المسافة بين الموقف والغرض أو عادة في 

مقدار الغرض وارتفاع الهدف وانخفاضه نزل العقد على العادة وال يحتاج إلى ذكر ذلك

وللشافعي فقوالن هذا أحدهما والثاني ال بد من بيان ذلك في العقد وإن كان لهم عادة 

الرمي أيضا حمل العقد عليها إال أن يشترطوا خالفهافي المبتدئ ب

فإن شرطوا تعيين من يبتديء في كل رشق تعين وإن أطلقوا تعيينه

Page 309: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  309

ولم يقولوا في كل رشق احتمل أن يتعين في الجميع ألنهم لما عينوه ولم يعينوا غيره علم 

رشق األول ثم يقرع أنهم أرادوا أنه يبتديء في جميع النوبات ويحتمل أنه يتعين في ال

بينهم قرعة أخرى لجميع األرشاق ألن تعيينه مطلق وليس بعام وقد عين مرة والمطلق 

يكتفى فيه بمرة والوجهان ألصحاب الشافعي

ولهم وجه ثالث في غاية البعد أنهم يحتاجون في كل رشق إلى قرعة وفي هذا من 

التطويل والمشقة وبرد أيدي الرماة ما يوجب رده وبطالنه

فإن لم يتعرضوا لذكر الباديء بالرمي لم يبطل العقد إذ ال وجه لبطالنه وهذا قول الجمهور

وللشافعي قول حكاه الخراسانيون أنه يبطل العقد وإذا لم يحكم ببطالنه فيما إذا لم يتعين 

ينظر فإن كان السبق منهما أو من أحدهما عين بالقرعة وإن كان من اإلمام أو أجنبي 

فكذلك

افعي قول آخر أن مخرج السبق يعينه وعلى هذا القول فإن عينه لجميع األرشاق وللش

فصلتعين وإن عينه مطلقا فهل يتعين للرشق األول أو لجميع األرشاق على الوجهين 

نقل أصحاب الشافعي عنه أنه تردد في أن المتبع في هذا العقد القياس أو عادة الرماة

Page 310: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  310

ني وغيره وقالوا كيف تجوز مخالفة حجة شرعية بعادة غير واستشكله أبو المعالي الجوي

شرعية

ثم اختلفوا في جواب هذا اإلشكال فقال الصيدالني تردده محمول على عادة الرماة 

المجتهدين من العلماء وقال أبو محمد الجويني المراد بالعادة ما يتفاهمونه من األلفاظ ورد 

ياس فالحجة في القياس وإن خالفت القياس فال قول الصيدالني بأن عادتهم إذا وافقت الق

عبرة بها ورد قول أبي محمد بأنه يجب حمل العقود على العادة المطردة في األلفاظ وقال 

أبو المعالي الجويني المراد بالعادة في كالم الشافعي العادة في البادئ بالرمي وعليه 

ينزل كالمه فإن عادة الرماة البداءة بمخرج السبق

ل إذا عظم وقع القياس وبعدت عادتهم عنه وجب القطع باتباع القياسثم قا

قلت كالم الشافعي رحمه اهللا ظاهر التردد بين دليلين شرعيين فإن العقود تحل على 

العرف والمعتاد عند اإلطالق فينزل المعتاد مخالفا لكتاب اهللا والقياس دليل شرعي فإذا 

خالف العادة فتردد هل يقدمه

Page 311: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  311

العادة المنزلة منزلة الشرط أو تقدم العادة المشروطة عرفا عليه وكالهما دليل على 

شرعي

والراجح تقديم العادة فإنها منزلة منزلة الشرط وال ريب أن القياس يترك للشرط فإن القياس 

الحلول ونقد البلد وجواز التصرف عقيب العقد ويترك ذلك كله بالشرط

ن الذي حمل عليه كالم الشافعي فإنه ليس في وال يخفى ضعف مسلك إمام الحرمي

البادئ بالرمي قياس يخالف العادة الجارية بينهم ولهذا ولو شرطوا أن يبدأ واحد منهم لم 

يكن ذلك مخالفا للقياس فإذا كان لهم عادة ببداءة واحد منهم لم يكن ذلك مخالفا للقياس 

في الموقف واختالفهواهللا أعلم فصل 

 في مقابلة الغرض للرمي فرمى كل واحد من موضعه صح باتفاق الفقهاء إذا اصطفت الرماة

والرماة وال يشترط أن يتناوبوا على الوقوف في موازاة الغرض فإن رضوا بذلك جاز وإن 

تنافسوا في ذلك وكل منهم آثر الوقوف بإزاء الغرض كتنافسهم في البادئ بالرمي ففيه 

دم من يختاره مخرج السبق أو من له مزية وجهان أحدهما يقدم بالقرعة والثاني يق

بإخراجه كما تقدم

Page 312: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  312

وإن كان الموضع الذي عينه بعضهم خيرا من غيره مثل أن يكون أحد الموقفين مستقبال 

للشمس أو للريح ونحو ذلك والموقف اآلخر مستدبرهما قدم قول من عين هذا الموقف ألنه 

ذي ينصرف إليه العقد عند اإلطالقأقرب إلى تحصيل مقصود الرمي وهو الموضع ال

فإن كان شرطهما خالفه فالشرط عند أصحابنا أولى قالوا كما لو اتفقا على الرمي ليال 

ويحتمل أن يكون الموقف الموافق أولى ويجاب من طلبه ألنه اقرب إلى مصلحتها ومصلحة 

العقد

ن في الوجه الثاني فإن استوى الموقفان وقف األول حيث شاء منه وتبعه الثاني فإذا كا

وقف الثاني حث شاء وتبعه األول وليس ألحدهم أن يتقدم عن صاحبه إلى جهة الغرض بل 

يقفوا صفا

فإن رضوا بتقديم أحدهم فإن كان يسيرا جاز وإن أفرط لم يجز لما فيه من مزية التخصيص 

 ال يجوز المنافي للعدل فصار كما لو شرط ألحدهم السبق بتسع إصابات ولآلخر بعشر فإنه

اتفاقا

فلو اتفقوا كلهم على أن يتقدموا أو يتأخروا عن موقفهم جاز وقال أصحاب الشافعي يكون 

على الخالف في إلحاق الزيادة والنقصان فرع فإن تأخر أحدهم عن موقفه فهل له ذلك 

يحتمل الجواز ألنه مؤثر به ألصحابه ال مستأثر عليهم

Page 313: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  313

لوب من العقد وللشافعية وجهانويحتمل المنع لفوات العدل المط

وكذلك لو كان اثنين فتقدم أحدهما عن اآلخر لم يجز وإن تأخر عنه فعلى االحتمالين 

 فصل أحكام البدء والتأخروالوجهين واهللا أعلم

وإذا بدأ أحدهما في وجه بدأ اآلخر في الوجه الثاني تعديال بينهما

أصحابنا لم يصح ألن موضع المناضلة فإن شرطت البداءة ألحدهما في كل الوجوه فقال 

على المساواة وهذا يمنعها ويحتمل أن يجوز ذلك ألنهما لو اتفقا على ذلك برضاهما من 

غير شرط جاز ألن البداءة ال أثر لها في اإلصابة وال في جودة الرمي فإذا شرط ذلك فقد 

شرطا ما يجوز فعله فيصح

ن متواليين جاز لتساويهما وفي المسألة وجه وإن شرطا أن يبدأ كل واحد منهما من الوجهي

آخر

إن اشتراط البداءة لغو ال تأثير له ووجوده كعدمه إذ ال تأثير للبداءة في اإلصابة وال في جودة 

الرمي وكثير من الرماة يختار التأخر عن البداءة وهم الحذاق ومنهم من يختار البداءة ومنهم 

يستوي عنده األمران

Page 314: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  314

تأخر كما فعل موسى عليه الصالة والسالم مع السحرةالحكم في ال

والتأخر أحسن موقعا وأعظم قدرا ولهذا قال موسى للسحرة وقد خيروه بين أن يبتدئ هو 

أو أن يبتدئوا قبله فاختار بداءتهم أوال ثم ألقى هو بعدهم وفي ذلك وجوه كثيرة من الحكمة

بقى له شيء يقال إنه لو أتى به لغلبمنها أن المبطل يستفرغ وسعه ويستنفذ حيله وال ي

ومنها أن يكون هو الباغي فيكون أدعى إلى نصرة الحق والمحق عليه

ومنها أن نفوس الناس دائما تستشرف إلى المجيب أكثر من السائل وإلى المتأخر في 

المغالبات والمقارعات أكثر من استشرافها إلى األول فيكون ظفره وغلبه أعظم موقعا

 همة المحق تقوى وتتضاعف إذا شاهد خصمه وقد وضع له أسباب الغلبة ومنها أن

واستنفذ سهامه فتصير همته على مقدار ما شاهد من كيد خصمه ومنها أن اللغط يصفو 

وينقطع هيج البدوات وهرجها ومنها أن يجمع همه وعزمه ويستعد للمقابلة ومنها أنه يأمن 

ن مقارعته إذا رأى قوته واستظهاره فال رجوع خصمه واستقالته فإن خصمه قد يرجع ع

تظهر غلبته فإذا بدأ خصمه أمن من رجوعه واستقالته

Page 315: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  315

ولفوائد أخرى غير هذه وهما مخيران بين ثالثة أمور أحدها أن يرميا سهما وسهما الثاني 

 أن يرميا سهمين وسهمين أو ثالثة وثالثة الثالث أن يستنفذ أحدهما رميه ثم يتبعه اآلخر

 تعدد الغرضفصل

والسنة أن يكون لهما غرضان فيرميان كالهما إلى أحدهما ثم يذهبان كالهما إلى اآلخر 

فيأخذان السهام ويرميان األول وهكذا كانت عادة أصحاب رسول اهللا وفي أثر مرفوع

كل شيء ليس من ذكر اهللا عز وجل فهو لغو أو سهو إال أربع خصال مشي الرحل بين 

سه ومالعبته أهله وتعلم السباحةالغرضين وتأديب فر

Page 316: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  316

وقال أبو القاسم الطبراني في كتاب فضل الرمي باب فضل المشي بين الغرضين ثم ذكر 

بإسناده عن أبي ذر يرفعه من مشى بني الغرضين كان له بكل خطوة حسنة وقال إبراهيم 

يص وقال بالل التيمي عن أبيه رأيت حذيفة بن اليمان يعدو بين الهدفين بالمدائن في قم

بن سعد أدركت قوما يشتدون بين األغراض يضحك بعضهم إلى بعض فإذا كان الليل كانا 

رهبانا وكان عقبة بن عامر يشتد بين الغرضين وهو شيخ كبير وفي أثر مرفوع ما بين 

الغرضين روضة من رياض الجنة وإن جعلوا غرضا واحدا جاز لحصول المقصود به

Page 317: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  317

فصل

 اإلصابة نوعان مطلقة ومقيدةبة وأنواعهافي صفات اإلصا

فالمطلقة إصابة الغرض على أي صفة كانت إما في وسطه أو جانبه األيمن أو األيسر 

وكذلك يتناول ما وقع في الغرض ولم يخرقه أو خرقه ولم ينفذ منه أو خرقه ونفذ منه أو 

غيره

لعقد يصح ويتناولها على أي فإن أطلقا اإلصابة ولم يقيداها بقيد ففيه وجهان أحدهما أن ا

صفة كانت من هذه الصفات والثاني وهو الذي ذكره في المغني أن ذكر صفة اإلصابة 

شرطا في صحة المناضلة فإن قاال رمينا خواصل كان تأكيدا لمطلق اإلصابة ألنه اسم لها 

كيفما كانت وتسمى القرع والقرطسة يقال خصل وقرع وقرطس بمعنى واحد إذا أصاب 

النضال على اإلصابةفصل 

فإن قاال خواسق وهو ما خرق الغرض وثبت فيه أو خوازق وهو ما خرقه ووقع بين يديه أو 

موارق وهو ما نفذ الغرض ووقع من

Page 318: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  318

ورائه أو خوارم وهو ما خرم جانب الغرض أو حوابي وهو ما وقع بين يدي الغرض ثم وثب إليه 

 في إحدى جانبي الغرض ومنه قيل الخاصرة ومنه يقال حبا الصبي أو خواصر وهو ما كان

ألنها في جانب اإلنسان تقيدت المناضلة بذلك ألن المرجع في المسابقة إلى شرطهما 

فتتقيد بما شرطاه

وإن شرطا الخواسق والحوابي معا صح هكذا ذكره أصحابنا

ا فاشتراط ويحتمل أن ال يصح شرط اإلصابة النادرة كالحوابي فإن هذا إنما يقع اتفاقا نادر

االحتساب به دون ما عداه يندر جدا وذلك يفوت مقصود الرمي وكذلك كل شرط تندر معه 

اإلصابة ال ينبغي صحة اشتراطه وهذا بخالف ما إذا شرطا إصابة موضع من الغرض كدائرته 

ونحوها فإنه يصح ألنه ال يندر اإلصابة فيه وهو من حذف الرامي ومما ينال بالتعليم بخالف 

ط وقوع السهم دون الغرض ثمن يحبو بنفسه حتى يقع في الغرض فإن هذا ال ينال اشترا

بالتعلم وال هو مما يكثر وقوعه وال يتنافس فيه الرماة

وقد نص الشافعي في أحد قوليه أنه إذا شرط الخسق فخرق الغرض ونفذ منه لقوته أنه 

افقته اللفظ والمعنى قلت يحتسب له به قال أبو المعالي وغيره من أصحابه وهو األصح لمو

وهذا هو المختار والقول الثاني ال يحتسب له به وإليه ميل الرماة

Page 319: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  319

فرع

فإن شرطا خوارق فخسق وثبت في الغرض وإذا وراءه خشبة أو شيء يمنعه من الخرق 

بحيث لواله لنفذ احتمل أن يحتسب له به نظرا إلى المقصود وأنه لوال المانع لحصل 

ما لو أطارت الريح الغرض فوقع السهم مكانه واحتمل أن ال يحتسب له به المشروط وهو ك

 فصل للشك في حصول الخرق لو كان المانع زائال إذ من المحتمل أن يثبت مع عدم المانع

النضال على نوعين أحدهما على اإلصابة والثاني على القرب من في القرب واألقرب 

لغي ما دونهالغرض فأي السهام كان أقرب احتسب به وأ

فإن كان لقدر القرب عادة بينهم حمل إطالق العقد عليها وصارت كالمشروطة وإن لم يكن 

له عرف وال عادة فال بد من بيان قدر القرب المحتسب به هل هو ذراع أو شبر أو نحوه

فإن اطلقوا العقد ولم يبينوا قدر القرب بل قالوا أينا كان أقرب سهما إل الغرض احتسب به 

يصح ألنه ما من قرب إال وغيره أقربلم 

Page 320: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  320

منه فال يعرف قدر ما يحتسب به وفيه وجهان آخران للشافعية أحدهما يصح ويقدر القرب 

بسهم وهذا تحكم ال دليل له الثاني أن يحتسب باألقرب فاألقرب ويسقط كل سهم بما هو 

أقرب منه وقال أبو المعالي الجويني

ب وكان في سهام أحدهما قريب واقرب وأبعدهما أقرب من إذا وقعت سهامهما في حد القر

اقرب اآلخر فهل يحتسب جميع سهامه أو يسقط أبعدها بأقربها فيه وجهان أحدهما 

يحتسب بجميعها ألنها كلها اقرب من سهام اآلخر وهذا أظهر الثاني أنه يسقط أبعدها 

قائله لما احتسب باألقرب بأقربها ويجعل األبعد لغوا ويكون الحكم لألقرب ووجه هذا أن 

فاألقرب جعل األبعد ملغى واحتسب بما هو أقرب منه كمن لو كان األبعد من سهام صاحبه 

واألقرب من سهامه هو فيعمل في سهامه وحده ما يعمل في سهامهما

هذا كله تفريع على الوجه األول وأما على اشتراط مسافة القرب

Page 321: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  321

فال يجيء ذلك

 الهدف في حد القرب المشترط حسب وألصحاب الشافعي وجه ومهما وقع في جوانب

ضعيف جدا أنه ال يحتسب ما وقع في أعلى الهدف

وال وجه له بل أعاله وأسفله وجوانبه سواء فرع إذا قدرا قدر األقرب بذراع مثال وشرطا أن 

و يسقط قريب كل رام ما هو أبعد منه من رمي اآلخر ولو كان في حد القرب وجب اتباعه فل

لم يشرطاه وشرطا أن من كان أقرب بذراع فهو الناضل وكن أحدهما أقرب بدون الذراع 

احتمل أن يحتسب باألقرب فاألقرب بدون الذراع واحتمل أن يحتسب بكل ما يقع في حد 

القرب ما لم يقصر عنه وقريبه وأقربه سواء والوجهان ألصحاب الشافعي

 عادة في االحتساب أو عدمه نزل العقد عليها هذا إذا لم يكن للرماة عادة فإن كان لهم

 فصل فيما يطرأ من النكباتإجراء لها مجرى الشرط واهللا أعلم

إذا عرض عارض من كسر قوس أو قطع وتر أو ريح شديدة لم يحتسب عليه بالسهم إذا 

اخطأ لعارض من هذه العوارض أو غيرها كحيوان

Page 322: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  322

 لسوء رميه قال القاضياعترض بين يديه ألن هذا الخطأ لعارض ال

ولو أصاب لم يحتسب له به ألنه لم يحتسب عليه لم يحتسب له ألن الريح الشديدة كما 

يجوز أن تصرف الرمي السديد فيخطئ يجوز أن تصرف السهم المخطئ عن خطئه فيقع 

مصيبا وتكون إصابته بالريح ال بحذق الرامي فإن وقع السهم في حائل بينه وبين الغرض 

أصاب الغرض حسب هل ألن إصابته لسداد رميه ومروقه لقوته فهو أولى من غيره فمرقه و

وإن كانت الريح لينة ال ترد السهم عادة لم يمنع االحتساب عليه بالسهم وله ألن الجو ال 

حكم يخلو من ريح و ألن الريح الرخاء ال تؤثر إال في الرمي الرخو الذي ال ينتفع به فرع 

اإلصابة بطارئ

طارت الريح الغرض فوقع السهم موضعه فإن كان شرطهما خواصل احتسب له به وإذا أ

لعلمنا أنه لو كان الغرض في موضعه أصابه وإن كان شرطهما خواسق لم يحتسب له به 

وال عليه

هذا قول أبي الخطاب ألنه ال يدري هل يثبت في الغرض إذا كان موجودا أو ال وقال القاضي

Page 323: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  323

ة الهدف كصالبة الغرض فثبت في الهدف احتسب له به ألنه لو بقي ينظر فإن كانت صالب

مكانه لثبت فيه كثبوته في الهدف وإن لم يثبت فيه مع التساوي لم يحتسب وإن كان 

الهدف أصلب فلم يثبت فيه أو إن كان رخوا لم يحتسب السهم له وال عليه ألنا ال نعلم هل 

ا كله مذهب الشافعي فرعكان يثبت في الغرض لو بقي مكانه أم ال وهذ

فإن اطارت الريح الغرض فوقع السهم فيه ال في المكان الذي طار منه فقال أصحابنا 

يحتسب عليه السهم ال له إال أن يكونا اتفقا على رميه في الموضع الذي طار إليه

وعندي أنه إذا أطارته بعد خروج السهم من كبد القوس حسبت عليه ألنا نتيقن أنه لو كان 

كانه ألخطأه وإن أطارته قبل الرمي حسب له ألن الغرض هو المقصود وقد أصابهم

وإن أطارته قبل الرمي فوقع سهم أحدهما في موضعه األصلي ووقع سهم اآلخر فيه 

نفسه فالمصيب من وقع سهمه فيه ألنه هو المقصود فمن أصابه أصاب وعلى قول 

األصحاب المصيب هو الذي وقع سهمه في موضعه

Page 324: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  324

وإن كانت إطارته بعد رميهما فالمصيب من وقع سهمه في مكانه األصلي ألنه هو كان 

المقصود في الرمي والغرض عالمة عليه وقد أصاب المقصود بخالف ما إذا اطارته قبل 

الرمي فإنه هو المقصود بالرمي فمصيبه مصيب للمقصود وهذا واضح بحمد اهللا تعالى فرع

فصلى وجهه فحكمه حكم ما أطارته يمينا وشماال وخلفا وأماما وإذا ألقت الريح الغرض عل

وكل رمية فسدت لفساد القبض أو النظر أو العقد أو الجذب أو اإلطالق حسبت عليه من 

رشقه

وإن فسدت لعارض ال ينسب إلى تقصيره نحو كسر القوس وانقطاع الوتر وهبوب الريح 

صاب وإن أخطأ لم يحسب عليهعاصفة وعروض ظلمة شديدة ونحو ذلك حسب له إن أ

وأبعد من قال من األصحاب إنه يحتسب عليه وهو غلط وأبعد منه من قال من أصحاب 

الشافعي ال يحتسب له مع اإلصابة إذ معلوم أن اإلصابة مع التنكيد من وجودة الرمي 

وفضل الحذق

Page 325: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  325

وقال أبو المعالي الجويني

السهم لم يحتسب عليه وإن عرض بعد إن عرض كسرالقوس وانقطاع الوتر قبل نفوذ 

فرعالنفوذ حسب عليه 

وإن انكسر السهم فإن كان لضعف قدحه لم يحسب عليه

وإن كان انكساره لسوء الرمي بأن أخلى الفوق في النزع عن الوتر أو أغرق في النزع فعلق 

رأس النصل في كبد القوس فانكسر حسب عليه ألنه من سوء رميه

انكساره فال يخلو إما أن يصيبه طوال أو عرضا فإن أصابه عرضا لم وإن أصاب الغرض بعد 

يحسب له وال عليه وإن أصابه طوال فإن

Page 326: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  326

كانت اإلصابة بالنصل حسب له وإن أصاب بغير النصل لم يحسب

له قاله أصحابنا

وفيه نظر ظاهر إذ اإلصابة برأس القطعة التي فيها الفوق كاإلصابة بالنصل سواء وال فرق 

ينهماب

بل قد قال بعض أصحاب الشافعي إنه إن أصابه بقطعة النصل لم يحسب وإن أصابه بقطعة 

الفوق حسب في أحد الوجهين

والقوالن ضعيفان في النظر والقياس

والصواب أنه يحسب له بهما إذ ال عبرة بالنصل وإنما العبرة باإلصابة ولو كان النصل ضعيفا 

نصل في الغرض حسب له قطعا وهذا مثله فرعفسقط دون الغرض ووقع السهم بال 

فإذا أغرق الرامي في النزع فخرج السهم من الجانب اآلخر حسب له وعليه فإن اعترضه 

حيوان في طريقه فأصابه ونفذ منه إلى الغرض فأصاب حسب له

وأبعد من قال من أصحاب الشافعي إنه ال يحسب له وال وجه لقوله

Page 327: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  327

ض له في بدنه كالتواء يده أو عارض عرض له في بصره أو داء وإن كان الخطأ لفساد عر

عرض له أفسد رميه لم يحتسب عليه به إال أن ينسب العارض إلى تقصيره في الرمي كأن 

تلتوي يده لعدم حذقه في القبض فإنه يحسب عليه

فصل

 وكذلك كل إصابة تضاف إلى غير الرمي لم يحتسب له بها فإذا أصاب السهم شجرة مائلة

عن سمت الغرض أو شجرة أو جدار كذلك فارتد بصدمته فأصاب الغرض فإن هذه اإلصابة ال 

تضاف إلى رميه ويحتمل أن يحتسب له به ألنها متولده عن رميه وللشافعية وجهان في 

ذلك

فإن كانت الشجرة أو الجدار مسامتين للغرض حسب له قطعا إذ اإلصابة من حسن الرمي 

اد فصدم األرض ثم قفز فأصاب الغرض فهل يحتسب له به ينظر فإن مر السهم على السد

فإن كان لهم شرط ابتع وإن لم يكن لهم شرط اتبعت عادتهم إذ هي منزلة منزلة الشرط 

وإن لم يكن لهم عادة وال شرط احتمل وجهين وألصحاب الشافعي في ذلك ثالثة أوجه 

أحدها يحتسب به والثاني ال يحتسب

Page 328: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  328

عت العادة لم يحتسب به وإال احتسب بهوالثالث إن اتب

قالوا ألن عادة الرماة عدم االحتساب والصواب االحتساب به ألنا نوجب القصاص بمثل هذه 

اإلصابة إذا تعمد قتل من يكافئه وينزلها منزلة السهم الذي مر كما هو حتى أصاب المقتول 

حتساب به في اإلصابة بل االحتساب به في النضال أولى إذ لو كان ذلك شبهة يمنع اال

لكانت أولى بالمنع في القصاص وهذا ظاهر وهللا الحمد فصل

وقد تقدم الخالف في المسابقة هل هي عقد الزم أو جائز

وإن المشهور من المذهب أنها عقد جائز فلكل واحد منهما فسخه قبل الشروع فيه ولهما 

خ وتنفسخ بموت أحدهما وال الزيادة والنقصان وإنه إن ظهر فضل احدهما فله وحده الفس

يؤخذ بها رهن وال ضمين وال يثبت فيها خيار مجلس والوجه الثاني أنها عقد الزم كاإلجارة 

فتنعكس هذه األحكام فإن أراد أحدهما تأخير الرمي فإن كان لعارض يعمهما أو يختص 

ي وال ينفسخ بأحدهما كوجع أو التواء عرق ونحو ذلك أو ريح أو ظلمة أو سيل جاز تأخير الرم

العقد بذلك ولصاحب العذر الفسخ به

وإن أراد أحدهما تأخيره بال عذر فإن قيل إن العقد جائز فله

Page 329: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  329

ذلك وإن قيل بلزومه فال

ولو تشاغل عن الرمي في الغاية وطول ال حاجة إليه من مسح القوس والوتر ونحو ذلك 

 عه منع من ذلك وطولب بتعجيل ليبرد همة صاحبه أو ينسيه الوجه الذي أصاب به ويشغله

الرمي وال يدهش باالستعجال بحيث يمتنع من تحري اإلصابة ويمتنع كل واحد من 

المناضلين من الكالم الذي يغيظ به صاحبه مثل أنة يفتخر ويتبجح باإلصابة ويعنف صاحبه 

 ارةعلى الخطأ أو يظهر له أنه يعلمه ويمنع من ذلك من حضرهم من األمين والشهود والنظ

فصل في الجلب والجنب

روى أبو داود في سننه من حديث عمران بن حصين عن النبي أنه قال ال جلب وال جنب 

يوم الرهان

وفي المسند من حديث ابن عمر أن النبي قال ال جلب وال جنب وال شغار في اإلسالم 

وفي سنن الدارقطني عن علي بن أبي طالب

Page 330: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  330

لت إليك هذه السبقة بين الناس فخرج علي فدعا سراقة أن النبي قاله له يا علي قد جع

بن مالك فقال يا سراقتة إني قد جعلت إليك ما جعل النبي في عنقي من هذه السبقة 

في عنقك فإذا أتيت الميطان قال أبو عبد الرحمن والميطان مرسلها من الغاية فصف الخيل 

إذا لم يجبك أحد فكبر ثالثا ثم ثم ناد هل من مصلح للجام أو حامل لغالم أو طارح لجل ف

خلها عند الثالثة يسعد اهللا بسبقه من شاء من خلقه

فكان علي رضي اهللا عنه يقعد عند منتهى الغاية ويخط خطا ويقيم رجلين متقابلين عند 

طرفي الخط طرفه بين إبهامي أرجلهما وتمر الخيل بين الرجلين ويقول

نيه أو أذن أوإذا خرج أحد الفرسين على صاحبه بطرف أذ

Page 331: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  331

عذرا فاجعلوا السبقة له فإن شككتما فاجعال سبقهما نصفين فإن قرنتم ثنتين فاجعلوا 

الغاية من غاية أصغر الثنتين وال جلب وال جنب وال شغار في اإلسالم

وقد تقدم الكالم في معنى الجلب والجنب واختالف شراح الحديث فيه ونحن نذكر كالم 

فقهاء في الجلب والجنبكالم الالفقهاء فيه 

فقال الخرقي في مختصره

وال يجوز إذا أرسل الفرسان أن يجنب أحدهما إلى فرسه فرسا يحرضه على العدو وال 

يصيح به في وقت سباقه وذكر الحديث

Page 332: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  332

واكثر الفقهاء على هذا الذي قاله

 وإعياء قال ابن وقال القاضي معناه أن يجنب فرسا يتحول عليه عند الغاية لكونه أقل كالال

المنذر كذا قيل

قال الشيخ

وال أحسب هذا يصح ألن الفرس التي يسابق عليها ال بد من تعينها فإن كانت التي تحول 

عنها فما حصل السبق بها وإن كانت التي يتحول إليها فما حصلت المسابقة بها في جميع 

واالشتغال به فربما سبق الحلبة ومن شرط السباق ذلك وألن هذا متى احتاج إلى التحول 

باشتغاله ال بسرعة غيره وألن المقصود معرفة عدو الفرس في الحلبة كلها فمتى كان إنما 

تركه في آخر الحلبة فما حصل المقصود

وأما الجلب فو أن يتبع الرجل فرسه من يركض خلفه ويجلب عليه ويصيح وراءه يستحثه 

بذلك على العدو

صوابوهكذا فسره مالك وهذا هو ال

وفسره بعض الفقهاء بأنه هو أن يصيح بفرسه وقت السباق ويجلب عليه

وفيه نظر ألنه ال يمنع من ضربه وال نخسه بالمهماز وغيره ما

Page 333: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  333

يحرضه على العدو هكذا ال يمنع من صياحه عليه وليس هذا ظلما ألن اآلخر يفعل بفرسه 

هكذا

مل األمرينواهللا أعلم بمراد رسول اهللا في الحديث وهو محت

وعن أبي عبيد في تفسير الحديث روايتان احدهما كقول مالك والثانية أن معنى الجلب أن 

يحشر الساعي أي أهل الماشية ليصدقهم قال

قال فال يفعل بل يأتيهم على مياههم فيصدقهم والتفسير األول تفسير األكثرين ويدل عليه 

صدقة وأيضا فالجنب ال يعقل في الصدقة قوله في الرهان وهذا يبطل تفسيره بالجلب في ال

وأيضا ففي حديث علي المتقدم في السباق ال جلب وال جنب وأيضا فحديث ابن عباس 

يرفعه

Page 334: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  334

 فصل من أجلب على الخيل يوم الرهان فليس منا ذكره صاحب المغني وال أعرف من خرجه

صور بذل العوض في المسابقات

ن أصبته فلك درهم أو أجب في هذه المسألة فإن إذا قال رجل آلخر ارم هذا السهم فإ

أصبت فلك كذا أو احفظ هذا الكتاب ولك كذا وكذا صح وكان جعالة محضة ليس من عقد 

السباق في شيء وقد بذال ماال في فعل له فيه غرض صحيح ألن السباق إنما يكون بين 

اثنين فصاعدا ويكون الجعل للسباق لصاحبه

م وإن اخطأت فعليك درهم لمفإن قال إن أصبت فلك دره

Page 335: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  335

يصح ألنه قمار

وكذا إن قال إن حفظته فلك مئة وإن عجزت عنه فعليك مئة لم يصح

فإن قال ارم عشرة أسهم أو أجب في هذه المسائل العشر فإن كان صوابك أكثر من 

خطئك فلك درهم صح ألنه بذل الجعل في مقابلة اإلصابة المعلومة وهي اكثر العشر 

لك بمجهولوليس ذ

وكذا لو قال إن كان صوابك أكثر فلك بكل إصابة درهم صح ذلك

ولو قال لك بكل إصابة درهم صح ولم يشترط أن تكون إصاباته اكثر وال مساوية

ولو قال إن أصبتها فلك بكل إصابة درهم صح فلو أصاب تسعة منها لم يستحق شيئا ولو 

م فلك درهم أو إن أخطأت في الجواب عن قال الرامي ألجنبي إن أخطأت أنا في هذا السه

هذه المسألة فلك درهم لم يصح ألن الجعل يكون في مقابلة عمل ولم يجد من األجنبي 

الحنث في نذر اللجاج وأحكامه عند األئمةعمل 

فلو قال إن أخطأت فعلي نذر درهم أو فما في يدي صدقة

Page 336: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  336

 نذر اللجاج والغضب إذا كان قصده أو فعلي صوم شهر أو عتق رقبة فهو نذر يمين ويسمى

أن ال يكون الشرط وال الجزاء

وقد اختلف في موجبه عند الحنث على ثالثة أقوال وهي للشافعي أحدها لزوم الوفاء بما 

التزمه كائنا ما كان وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة في أشهر الروايتين عنه الثاني تعتبر 

ة في مذهب أحمد الثالث يخير بين التزام ما التزمه كفارة اليمين ال يجزيه غيرها وهو رواي

وبين كفارة اليمين وهو المشهور في مذهب أحمد والشافعي فإن أوجبنا الكفارة فوفى 

بنذره فهل تسقط الكفارة فيه وجهان ألصحاب الشافعي وغلط أبو المعالي وغيره من قال 

بسقوطها وليس

Page 337: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  337

نما تجب بالحنث فإن وفى بنذره لم يحنث فال يبقى بغلط بل هو الصواب قطعا فإن الكفارة إ

لوجب الكفارة وجه

فإن قيل موجب هذا العقد الكفارة قلنا نعم غايته أنه يمين وموجبها الكفارة عند الحنث وال 

يحنث مع البر يوضحه أنه لو حلف على ذلك باهللا سبحانه وتعالى وبر لم تلزمه الكفارة فلو 

 فصل تعيين القسي ا تصدقت ثم فعله وتصدق لم تلزمه الكفارةقال واهللا إن فعلت كذا وكذ

في النضال

إذا عينا نوعا من القسي تعين وال يجوز العدول عنه إلى غيره إال باتفاقهما وإن عينا قوسا 

بعيها لم تتعين ويجوز إبدالها بغيرها من نوعها

اآلخر فال يقوم النوع والفرق بينهما أن أحدهما قد يكون أحذق بالرمي بأحد النوعين دون 

اآلخر مقام النوع المعين بخالف تعيين القوس من النوع اآلخر الواحد

وأيضا فإن القوس المعينة قد تنكسر أو يحتاج إلى إبدالها

وأيضا فالحذق ال يختلف باختالف عين القوس بخالف

Page 338: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  338

فصل تعيين القوس في النضال

ربية واآلخر بالفارسية أو أحدهما بقوس  تناضال على أن يرمي أحدهما بالقوس العفإن

الزيتون واآلخر بقوس الجرخ وكالهما قوس رجل صح عند القاضي والشافعي كما تقدم وإن 

كان أحدهما قوس يد واآلخر قوس رجل لم يصح

والفرق بينهما أن في الصورة األولى هما نوعان من جنس واحد و صحت المسابقة مع 

ل واإلبل وفي الثانية هما جنسان مختلفان فال يصح النضال اختالفها كاختالف أنواع الخي

بينهما كما ال تصح المسابقة بين فرس وجمل

فصل

إطالق العقد

وإذا اطلق عقد النضال ولهم عادة بنوع من القسي صح

Page 339: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  339

وانصرف العقد بإطالقه إليه وإن اختلفت عادتهم فإن كان فيها غالب حمل العقد على النوع 

استوت فال بد من تعيين النوع ليرتفع النزاع بينهمالغالب وإن 

فإن قاال على أن نرمي بالنشاب انصرف ذلك إلى القوس الفارسية وهي قسي العسكر 

اليوم ألن النشاب اسم لسهامها الخاصة

وإن قاال نرمي بالنبل انصرف إلى القوس العربية ألن سهامها هي المسماة بالنبل

 فصل جواز المسابقة بالقسي الفارسيةدة مطردة أو غالبةهذا إذا لم يكن شرط وال عا

وقد نص اإلمام أحمد على جواز المسابقة بالقسي الفارسية وأباح الرمي بها

وقال أبو بكر من أصحابنا يكره الرمي بها واحتج بأن النبي رأى مع رجل قوسا فارسية فقال

القنا فبها يؤيد اهللا الدين ويمكن اهللا ألقها فإنها ملعونة ولكن عليكم بالقسي العربية وبرماح 

لكم في األرض

والصواب المقطوع به أنه ال يكره الرمي بها وال النضال عليها وقد

Page 340: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  340

انعقد إجماع األمة على إباحة الرمي بها وحملها وهي التي يقع بها الجهاد في هذه 

األعصار وبها يكسر العدو وبها يعز اإلسالم ويرعب المشركون

ود نصرة الدين وكسر اعدائه ال عين القوس وجنسها وقد قال اهللا تعالى وأعدوا لهم والمقص

 والرمي بهذه القسي من القوة المعدة60: ما استطعتم من قوة األنفال 

وقد قال النبي ارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا

 لهم فافهم ولألمة إلى ولم يخص نوعا من نوع وليس هذا الخطاب مختصا بالصحابة بل هو

يوم القيامة فهو أمر لكل طائفة بما اعتادوه من الرمي والقسي

واألحاديث التي تقدمت في فضل الرمي وتبليغ العدو بالسهام عامة في كل نوع فال يدعى 

فيها التخصيص بغير موجب

وأما النهي عنها ف إن صح نقله فذاك في وقت مخصوص وهو حين كانت العرب هم عسكر 

اإلسالم وقسيهم العربية فكالمهم بالعربيةودواتهم عربية وفروسيتهم عربية وكان الرمي 

بغير قسيهم والكالم بغير لسانهم حينئذ تشبها بالكفار من العجم وغيرهم

ف أما في هذه األزمان فقسي عساكر اإلسالم الفارسية أو

Page 341: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  341

كره لهم ذلك ومنعوا منه فسدت التركية وكالمهم وأدواتهم وفروسيتهم بغير العربية فلو 

الدنيا والدين وتعطل سوق الجهاد واستولى الكفار على المسلمين هذا من أبطل الباطل

فإن صح الخبر فالنبي لعنها وأمر بإلقائها حين لم يمكن العجم والترك قد أسلموا فيه كانت 

ه الرمي بها شعارا للكفار والمشركين أو منع الرجل من حملها لعدم معرفته بها وتكلف

والخروج عن عادته وعادة أهل اإلسالم حينئذ ولهذا قال و عليكم برماح القنا فلو قاتلنا أمة 

ال تنفع معهم الرماح بل السهام والسيوف لم تستعمل الرماح حينئذ واستعمل معهم ما 

يخافون شوكته من السالح

ن الرمي بقوس الجرخ ومن هذا لو حاصرنا حصنا فقوس الجرخ فيه أنفع من قوس اليد لكا

أولى من الرمي بقوس اليد بل كان يتعين فإن كان الرمي بالمنجنيق أدعى إلى فتحه كان 

أولى من النشاب وحده والكافر عدو والمقصود قتله كيفما أمكن كقتل الحية والكلب العقور

فلك طائفة من المسلمين األفضل في حقها أن تقاتل بما اعتادته من القسي واآلالت 

أنواع الحرب والقتالو

ولو كانت عساكر اإلسالم اليوم تقاتل بين يدي رسول اهللا بهذه القسي الفارسية وينصر 

اهللا ورسوله بها لمدحها وأثنى عليها ولم ينهاهم عنها وباهللا التوفيق

Page 342: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  342

فيما يعرف به السبق في الخيل واإلبل فصل

 كتف فيتعين تساوي أقدام المركوبيناالعتبار في ابتداء الميدان باألقدام ال برأس وال

وأما في انتهائه فاختلف الفقهاء في ذلك وللشافعي ثالثة أقوال أحدها أنه باألعناق والثاني 

أنه باألقدام الثالث أنه باألعناق في الخيل وباالخفاف باإلبل هذه طريقة الخراسانين من 

أصحابه

وإن تساوت فهي محل األقوال الثالثةوقال العراقيون إن تفاوتت األعناق فال عبرة بها 

وقال أبو المعالي إن تفاوتت الخيل في مد أعناقها حال الجري وجب النظر إلى الطول 

والقصر وإن كان أحد الفرسين يمد عنقه واآلخر يرفعه ففيه األقوال الثالثة وإن استويا في 

نق اتجه اشتراط تساوي مد العنق فإن اعتبرنا القدم لم ينظر إلى العناق وإن اعتبرنا الع

األعناق

وال يخفى ما في هذه الطريقة من الضعف وعدم شهادة نصوص الشافعي لها باالعتبار

Page 343: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  343

وأما أصحاب أحمد فلهم ثالث طرق أحدها أن السبق فيها بالكتف وهذه طريقة أبي البركات 

وت أعناقها ابن تيمية وغيره والثانية أن السبق في اإلبل بالكتف وأما الخيل فإن تسا

فبالرأس وإن تفاوتت فبالكتف وهذه طريقة الشيخ أبي محمد وغيره

والثالثة أن السبق في الجميع باألقدام وهذه اختيار شيخنا أبي العباس بن تيمية وهي 

التي اختارها أبو عبد اهللا بن حمدان في رعايته وهي الصحيحة المقطوع بها اعتبارا بأول 

بني آدم على األقدام وألن أحد الفرسين قد يكون أمد جسما من الميدان واعتبارا بمسابقة 

األخرى فما اللسبق والكتف والرأس وإنما جريها وعملها على أقدامها فكيف يحكم لمن 

سبقت يداها وتقدمت بالتأخر إذا تقدمت عليها كتف األخرى أو رأسها وهل هذا إال جعل 

المسبوق سابقا والسابق مسبوقا

أحد الفرسين أو البعيرين إذا تقدم قدمه على اآلخر كان سابقا له بنفس ومن المعلوم أن 

آلة السباق فال مدخل في ذلك لرأس وال كتف

ولعل قول الثوري إن السبق في ذلك كله باألذن أمثل من اعتبار الرأس والكتف وهو الذي 

س جاء مصرحا به فلي حديث علي بن أبي طالب رضي اهللا عنه وقد تقدم بخالف الرأ

والكتف فإنه لم

Page 344: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  344

يحفظ فيه أثر عن رسول اهللا وال عن أصحابه والظاهر أن عادتهم كانت اعتبار السبق 

باألقدام فاعلم كمسابقة بني آدم وال يعقل اسم السبق إال بذلك فال يحتاج فيه إلى نقل 

لتفضيل  فصل ذكر أنواع السالح ومنافعه واصريح لعدم التباسه واطراد العادة به واهللا أعلم

بين أنواعه فصل في أنواع القسي

وهي في األصل نوعان قوس يد وقوس رجل

وقوس اليد ثالثة أصناف عربية وفارسية وتركية

والعربية نوعان

فمنها الحجازية يصنعنها من عود النبع أو الشوحط وهي قضيب أو قضيبان ويسمونها 

شريحية والتي من عود واحد عندهم أجود قال شاعرهم

Page 345: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  345

 وهي ثالث أذرع وأصبع...ارم عليها وهي فرع أجمع 

وهذا قسي أهل البدو منهم

وأما أهل الحضر فيعقبون ظهورها ويكسون بطونها قرون المعز وال تكاد هذه القسي ترى إال 

بأرض الحجاز وال ينتفع بها في غيرها من األماكن وليست لها سيات وال مقابض

مصنوعة من أربعة أشياء الخشب والعقب والقرن والغرا والنوع الثاني منها الواسطية وهي 

ولها سيتان ومقبض وسميت واسطية وسميت واسطية لتوسطها بين القسي الحجازية 

والفارسية وليست نسبة إلى واسط فإنها كانت موجودة قبل بناء واسط وتسميها العرب 

لمنفصلة النفصال أجزائها قبل التركيب وهي أحمد القسي عندهم

 هذين النوعين أصناف كثيرة تجاوز العشرةوتحت

فصل

وأما القوس الفارسية فهي قسي العساكر اإلسالمية في هذا الزمان في الشام ومصر وما 

يضاف إليهما

وأما القسي التركية فهي مثل قسي الفرس غير أنها أغلظ منها وكثير منها بل أكثرها لها 

قفل ومفتاح وتسمى األنثى والذكر ويجعلون

Page 346: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  346

لها ركابا في طرف مجراها فإذا أراد أحدهم أن يوترها أدخل رجله في ركابها فأوترها

فصل

وأما القوس المنعوتة بقوس الرجل فنوعان

أحدهما هذه التركية

والثاني قوس الجرخ وهي قوس لها جوزة ومفتاح وأهل المغرب يعتنون بها كثيرا ويفضلونها

المفاضلة بين قوس اليد وقوس الرجل

أصحاب قوس اليد يذمونها فيقولون ال ينبغي لعاقل أن يرمي بها وال أن يعتمد عليها و

ويذكرون ما فيها من الغرر والعيوب والتكلف واإلبطاء وشدة المؤنة بالحمل وأنها تخون وقت 

الكفاح وال يتمكن المحارب بها من أكثر من سهم واحد ثم يخالطه عدوه

ملك إال سهما واحدا ثم هو أسير مملوك وصاحبها ال يمكنه قالوا فصاحبها ضعيف النكاية ال ي

حمل الترس مع القوس وال الدرقة وإنما يرمي من خلف جدار السور وخلف حجر يكون 

مستورا به فإن رمى في براح من األرض فال بد له من رجلين مترسين يمسكان عليه حتى 

البراح والفضاء يرمييرمي وأين من يرمي من شق في جدار السور إلى من يبرز في 

Page 347: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  347

نظره وذلك ال يرمي إال قطعة يسيرة أمامه

وأربابها يفضلونها ويذكرون فوائدها ونكايتها في الحصون والمعاقل وتأثيرها ما ال يؤثره قوس 

اليد

فصل النزاع بين الطائفتين

و في وفصل النزاع بين الطائفتين أن قوس اليد أنفع في وقت مصافة الجيوش ومالقاة العد

الصحراء وأما قوس الرجل فأنفع وقت حصار القالع والحصول وأنكى من قوس اليد وقد يكون 

الرمي بها من داخل الحصون وأيضا إلى العدو الجامع أنفع له وأنكى فيه فلهذه موضع ولهذه 

موضع

وقوس اليد أعم نفعا وعلى الرمي بها أكثر األمم وأهلها هم الرماة على الحقيقة

فصل

فع القسي وأوالها باالستعمالفي أن

أوالها وأنفعها ما كثرت نكايته وقلت آفته وخف حمله وقوي فعله فتلك القوس المحمودة 

لصاحبها الدافعة األذى عن حاملها

وهذا عام في جميع السالح فأنفعه وأفضله ما خف حمله على األعضاء ودفع عنها األذى

 عن السالح فقال يسأل أمير المؤمنين عما وسأل عمر بن الخطاب عمرو بن معد يكرب يوما

بدا له قال ما تقول في الرمح فقال أخوك

Page 348: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  348

وربما خانك ف انكسر أو انقصف قال فما تقول في الترس فقال هو المحز وعليه تدور الدوائر 

قال فالنبل فقال منايا تخطئ وتصيب قال فالدرع قال متعبة للراجل مشغلة للراكب وإنها 

ال فالسيف قال هنالك ثكلتك أمك فضربه عمر رضي اهللا عنه بالدرة قال بل لحصن حصين ق

أمك ال أم لك

فصل

أنفع قسي اليد

وخير قسي اليد وأنفعها ما تركبت من الخشبة والعقب والقرن والغراء وفي ذلك حكمة 

بليغة وصنعة شريفة رفيعة وذلك أنها منشأة على نشأة اإلنسان فإن قوامه وبناءه على 

 على العظم واللحم والعروق والدم فكذا أنشئت القوس على هذه األربعأربع

فالخشب لها بمنزلة العظم من اإلنسان

والقرن بمنزلة اللحم المشبك على جميع أعضائها

والعقب بمنزلة العروق المشتبكة على جميع أعضاء الحيوان

والغراء فيها بمنزلة الدم الذي به يلتئم جميعها

ان ظهر وبطن جعلوا لها ظهرا وبطنا وكذلك تراها تنطوي من نحو بطنها كما ولما كان لإلنس

ينطوي اإلنسان وإن كسر ظهرها

Page 349: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  349

انكسرت من ساعتها وكذلك اإلنسان

أن جبريل نزل بالقوس على آدم " تاريخه " وقد ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في 

فهو أول من رمى بها

عيل بن إبراهيم خليل الرحمن كان رامياأن إسما" الصحيح " وثبت في 

ورمى النبي يوم أحد حتى اندقت سية قوسه

وقد ذكر عنه أنه كانت عنده ثالث قسي قوس معقبة تدعى الروحاء وقوس شوحط تدعى 

البيضاء وقوس نبع تدعى الصفراء

Page 350: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  350

فضل وال ريب أن القسي العربية أنفع للعرب والفارسية أنفع للعسكر اليوم وكالهما ي

القسي التركية لما فيها من القوة والشدة والسرعة والرطوبة وخفة الحمل وقوة الفعل ولم 

تكن الترك تعتاد هذه القسي الفارسية ولكن لما خالطت الفرس وعاشرتهم تعلموا منهم 

كثيرا من زيهم ولباسهم وحربهم ولسانهم وآالتهم

فصل

في المفاخرة بين قوس اليد وقوس الرجل

الرجل لقوس اليد أنا اشد منك باسا واعظم أركانا واقوى وترا وأغلظ سهما ونصال قال قوس 

وأبعد مرمى واشد نفوذا أنا أنفذ في الصخر األصم وأخرق ما ينكسر فيه لك من نصل 

وسهم تفر الجيوش من وقع سهم واحد من سهامي وأهزمها يمينا وشماال وأنا محجوب 

منظري الكريه كمنظر األسود ال يخاف ظهري وراء الرامي زمجرتي كزمجرة الرعود و

االنكسار وال على وتري االنقطاع وال ترد سهامي عواصف الرياح وال يحجبها درع وال مغفرة 

وال سابغة وال يقوم لها شيء من السالح فسل عني الحصون والقالع هل يقوم غيري 

وف وعمن مقامي في المكافحة عنها والدفاع ثم سل جيوشها عن مقدمي تلك الصف

يشيرون إليه في تلك الرجوف فهل لراميك قوة تحملي أم لك قدرة على دفع سهمي 

ونصلي من الذي خالطه سهمي فلم يغادره صريعا أم من الذي حل بساحته فما سلبه 

ثوبه والحياة سلبا سريعا فمن الذي يقوم مقامي لباسي الشديد أم أي قوس سواي 

ن سهامي ليوزن بالقوس من سواي وإذا أحاط ترمي بسهام الحديد هذا وإن السهم م

العدو بالحصول خانهم

Page 351: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  351

جميع أنواع السالح إال إياي فأنا والمنجنيق رضيعا لبنا وإن التقيت بالواحد من الناس وهو 

يحتاج إلى كثرة األعوان ومن حاربني فما له بحربي يدان ومن نازع قوتي فقد جاهر 

بمخالفة العيان

قال قوس الليل

ا لك أيها البغيض الثقيل ومزاحمة اللطاف الرشاق والجري معها ولست هناك في عجب

ميدان السباق وقل لي متى استصحبك في الحروب العساكر متى استصحبك في الصيد 

صائد أو في طريق سفره المسافر أما تستحي من ثقل حملك على األعضاء ومن تخلفك 

ن في العين كنت عن اللقاء بمعزل وإذا نزلت عن جيوش اإلسالم يوم اللقاء فإذا وقعت العي

أمراء جيوش السالح منازلها فمنزلتك منها أبعد منزل ال تقاتل إال من وراء جدار أو سور 

ومتى برزت إلى العدو في براح من األرض فأنت ال شك مغلوب ومأسور هذا و إن قدر اهللا 

وقد ال تصيب وأنا أرمي عليك وأعان وبرزت إلى العدو مع األعوان فلك سهم واحد تبطر به 

عدة من السهام وإن كان منها المخطئ والمصيب أنا أعين صاحبي على رميه قائما وقاعدا 

والبثا وسائرا وراكبا ونازال ولو أراد صاحبك منك ذلك لكنت بينه وبين قصده حائال ويكفيك 

ذلك كطائفة قبحا أن شكلك كالصليب ولهذا حمل من حمل من العلماء لعن النبي لك على 

منهم عبد الملك بن حبيب

ويكفيك ذما أن المستخرج لك عدو إبراهيم الخليل بل عدو

Page 352: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  352

الرحمن وهو نمرود بن كنعان كما ذكر ذلك مؤرخ اإلسالم محمد بن جرير الطبري في تاريخه 

الكبير عن ابن عباس أن أول من رمى بقوس الرجل النمرود بن كنعان استخرجها حين رجم 

سماء ألنه لما صح عند أن اهللا في السماء صنع تابوتا وربى نسرين عظيمين في بها ال

الخلقة وجعل التابوت على ظهرهما وكان التابوت له ثالث طبقات فلما غابت الدنيا عن 

بصره أمر بالقوس وكانت قوسا عظيما يجذبها بحركة كاللولب لقوتها فجعل السهم فيها 

 عن بصره ساعة ثم رجع إليه مدمى لما أراد اهللا من ورمى بها نحو السماء فغاب السهم

خذالنه وتماديه على الكفر وعذابه بما سبق في علمه فقال قد قتلت إله السماء فحول 

النسرين وجعل التابوت نحو األرض حتى هبط إلى األرض فازاداد استكبارا وعلوا في األرض 

م يكن لك مثلبة غيرها لكفى حتى أهلكه اهللا عز وجل بأضعف خلقه وهي البعوضة فلو ل

بها وكم بين قوس رمت بها األنبياء وقوس رميت بها السماء

وأنت ال يتمكن صاحبك من حملك مع ترس وال درقة وال تركاش وال شيء من أنواع السالح 

وال يمكن الجمع بينك وبين سمر العوالي وبيض الصفاح هذا وقوة الدفع فيك بحركة وصناعة 

ا أعين به صاحبي من القوة والشجاعة فصاحبك ضعيف النكاية قليل وقوة الدفع مني بم

الحماية تابع لغيره مأمور محكوم عليه فافهم وصاحبي عظيم الهيبة كثير المنفعة متبوع 

أمير يتحاكم إليه غايتك أن تكون من بعض خدمته ومنخرطا في سلك أتباعه وحشمه وبي 

فتحت البالد ودانت بالطاعة لرب

Page 353: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  353

 وأصحابي هم الملوك واألمراء واألجناد وأصحابك حراس القالع وأصحابي أرباب األخبار العباد

العظيمة واألقطاع

فيا عجبا لك كيف يستوي راكب أتان وراكب حصان وكيف يستوي القوس الشريفة المؤيدة 

المنصورة التي شهد رسول اهللا لجنسها بالنصر والتأييد والقوس التي نهاية أمرها أن تكون 

ي مثل الخدم والعبيدف

سهامي تخرج متتابعات متواصالت متماطرات سهم في أثر سهم وإصابة في أثر إصابة 

فترى سهامي كوابل انهل من صوب الغمام وهي ترد متتابعة يتلو بعضها بعضا تسوق 

النفوس إلى الحمام

فصاحبي مثل األسد في بسالته مهيب حيثما توجهت ركائبه مخوف معظم حيثما 

لت مضاربه ألن قوتي معه وشدتي في يده فحيث أراد كيد عدوه تمكن منه وال يتقيه استقب

بشيء من السالح لقوته وشدته وسرعته ألنه ال يعرف من أين يتقيه وال من أين يأتيه

وأي فضيلة أشرف وأي مكانة أعلى وأي حرمة أشد من رجل من المسلمين قد أحكم 

 وأقام إلى الصفوف عيانا فأثخنهم بالجراح صناعة الرمى بي فركب جواده سدد سهامه

والحتوف من قاتله قتله ومن اتبعه صرعه ال ينجي الفار منه فراره وال ينفع الشجاع البطل 

منه إقباله وإدباره

وإنما مال من مال عني من أرباب قوس الرجل ألنهم وجدوها أقرب تناوال إليهم وأسهل 

لوا بعجزهم عني عليها وسهل ذلك عليهم أنهم مؤنة وأخف عليهم فعدلوا لذلك إليها وعو

لم يكن لهم دربة على

Page 354: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  354

الخيل فتدعوهم إلى قسي اليد داعية االضطرار وإنما كانت حروبهم في قرى محصنة أو 

من وراء جدار

فاسمع اآلن جملة من عيوبك المتكاثرة ثم اقصد إلى المساجلة والمفاخرة

نصف حجر الطحان وبين السهمين من سهامك فمنها أن شكلك كواحد الصلبان وثقلك ك

برهة من الزمان ال تبرز لعدوك في الفضاء وال تلقاه بالعراء

ومنها أن الماء إذا أصابك بمطر أو غيره وابتل به وترك لم يمكن صاحبك من الرمي بك ألبتة 

بل تصير كالقطعة من الخشبة اليابسة

 األول الثاني والثالث عن الثاني والرابع وأيضا فقوس الرجل قوته في أول أمره ثم يضعف عن

عن الثالث وهلم جرى حتى تفنى قوته وصالبته ويتحلل ثبوته إلى أن يصير الوتر عماال 

على المجرى فإن رمي به لم يوصل إلى شيء وربما قتل الرامي به وإن حله وفتل الوتر 

لقوس في ضعف وخور فإن كما يفعل بعضهم اعتراه في الثاني ما اعتراه في األول فال تزال ا

فتل الوتر ثانية ضعفت جدا وربما بطلت قوتها ربما انكسرت فتدعوه الضرورة إلى قوس 

غيرها أو يجلس خاسرا فكم بين من يرمي نهاره كله بقوس اليد ال يتغير لها سهم وال 

ينحل لها قوة ويكون آخر سهم كأول سهم وبين من يرمي بقوس إنما سلطانها في أول 

هي أمير في الثاني ثم تفتت في الثالث ثم تتردى في الرابع ثم هي في سهم ثم 

الخامس بمنزلة الرجل الضعيف

ويكفي من عيوبك أن الوتر منك ربما كان على وجه المجرى

Page 355: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  355

فرجع السهم إلى وجه الرامي فيقتله وربما كان فوق السهم فيه ضيق عن الوتر فينبذ به 

مى فيقتل من كان قريبا منه وربما كانت الجوزة عالية جدا القوس إلى ناحية أخرى غير المر

فينبذ الوتر السهم إلى ناحية أخرى أو إلى وجه الرامي فيقتله ولقد شوهد بعض رماة هذا 

القوس وقد مال قوسه وألقى فيها سهمه وهو يريد أن يضرب سبعا ضاريا كان يؤذي الناس 

 ضربة في عينه فاحتبس فيها وكان فلما فوق نحو السبع رجع السهم إلى وجهه فضربه

إخراجه من عينه بعد الجهد الشديد والمشقة العظيمة قد سالت على وجنته فآلى الرجل 

على نفسه أن ال يرمي بهذه القوس أبدا

وأما ما يسمع لك من القعقة والجعجعة فهي التي غرت جهال الناس بمنافع قوس الرجل 

عاقع وشاهدوا هول تلك الجعاجع ظنوها لقوتك ومصالحها فإنهم إذا سمعوا صوت تلك الق

وشدة بأسك أو لقوة الرامي بك ولسان الحال يقول أسمع جعجعة وال أرى طحنا وأشاهد 

قعقعة وال أرى فعال

هذا وجميع قوتك وشدتها إنما تذهب في المجرى بمحل الوتر

Page 356: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  356

والقضيب في نصفها له إذ الوتر ليس مواريا لموضع القضيب إنما الوتر على وجه المجرى 

فزالت قوة القوس من السهم وحصلت جميع القوة في المجرى وقد حدد حذاق هذا الرمي 

ما يصل من القوة إلى السهم فوجدوا ربع القوة فما ظنك بربع القوة مع الخطر والغرر

ويكفي في التفضيل أن أول من رمى بك نمرود بن كنعان كما تقدم وأول من رمى بي آدم 

 كما حكاه محمد بن جرير الطبري في تاريخه إن اهللا سبحانه لما أمر آم بالزارعة أبو البشر

حين أهبط إلى األرض من الجنة فزرع أرسل اهللا إليه طائرين يأكالن ما زرع ويخرجان ما بذر 

فشكا ذلك إلى اهللا عز وجل فأهبط عليه جبريل وبيده قوس ووتر وسهمان فقال يا جبريل ما 

 قال هذه قوة من اهللا وأعطاه الوتر وقال هذه شدة من اهللا ثم اعطاه هذا واعطاه القوس

السهمين فقال يا جبريل ما هذه فقال هذه نكاية اهللا وعلمه الرمي بها فرمى بهما 

الطائرين فقتلهما وسر بذلك

ثم صار علم الرمي إلى إبراهيم الخليل ثم إلى ولده إسماعيل وقد ثبت في الصحيح عن 

لنفر من أسلم ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا وقد تقدم أن النبي النبي أنه قال 

رمى يوم أحد

Page 357: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  357

عن قوسه حتى اندقت سيتها ورمى بي خيار الخلق بعد الرسل وهم أصحاب

وأنت قد عرفت أصلك وفصلك ومن رمى بك وعدة أي قوم أنت فإن معول طائفة اإلفرنج 

ية وإنما غالب حربهم بالصناعات واآلالت كما أن عليك وهم قوم ال قدم لهم في الفروس

غالب حرب كثير من الترك بالكيد والخديعة المكر وبذلك استولوا على كثير من البالد ودوخوا 

والفروسية أربعة أنواع أحدها ركوب الخيل والكر والفر  فصل أنواع الفروسية األربع به العباد

 بالرماح الرابع المداورة بالسيوف فمن استكملها بها الثاني الرمي بالقوس الثالث المطاعنة

استكمل الفروسية

ولم تجتمع هذه األربعة على الكمال إال لغزاة اإلسالم وفوارس الدين وهم الصحابة رضي 

اهللا عنهم وانضاف إلى فروسيتهم الخيلية فروسية اإليمان واليقين والتنافس في الشهادة 

وبذل نفوسهم في محبة

Page 358: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  358

ضاته فلم يقم لهم أمة من األمم ألبته وال حاربوا أمة قط إال وقهروها وأذلوها وأخذوا اهللا ومر

بنواصيها فلما ضعفت هذه األسباب فيمن بعدهم لتفرقها فيهم وعدم اجتماعها دخل 

 فصل في عليهم من الوهن والضعف بحسب ما عدموه من هذه األسباب واهللا المستعان

اج إلى تعلمهعدد أصول الرمي وفروعه وما يحت

فالذي اجتمعت عليه الرماة من األمم أن أصول الرمي خمسة جمعها بعضهم في قوله

وأشجع الناس من بالرمي يفتخر... الرمي أفضل ما أوصى الرسول به 

والعقد والمد واإلطالق والنظر وجعلها بعضهم في أربعة ... أركانه خمسة القبض أولها 

وجمعها في قوله

العقد والقبض واإلطالق والنظر ولم يعد منها المد ... ل الرمي أربعة يا سائلي عن أصو

فاستدرك عليه فإنه من األركان

وقال آخرون أصوله أربعة وفروعه تسعة وكماله خصلتان

Page 359: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  359

فالمجموع خمسة عشر خصلة من استكمل علمها وعملها استكمل علم الرمي ونحن 

اني العقد والثالث النظر والرابع اإلطالق وأما نبينها فاألصل األول القبض على القوس والث

الفروع في األول المد على استواء وترفق والثاني معرفة قدر قوسه ليكون على بصيرة من 

الرمي به والثالث معرفة مقدار الوتر فيه والرابع معرفة مقدار فوق السهم وهو الغرض الذي 

س معرفة قدر قوته هو في نفسه يجعل فيه الوتر والخامس معرفة مقدار السهم والساد

والسابع هيئات الجلوس والوقوف

Page 360: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  360

والثامن قصد اإلصابة ال البعد والتاسع النكاية أما الخصلتان اللتان بهما تمامه وهم مالك 

أمره فالصبر والتقى وهذا كالم حسن جدا وقالت طائفة أركان الرمي أربعة السرعة وشدة 

مي على الحقيقة من كملت فيه هذه األربعة وكل واحدة الرمي واإلصابة واالحتراز فالرا

منها محتاجة إلى أخواتها كما يحتاج الرمي إلى أربعة القوس والوتر والسهم والرامي فلو 

كان سهم الرجل مصيبا ولم يكن منكيا لم يؤثر ولو كان سهمه منكيا ولم يكن مصيبا لم 

 فإنه يوشك أن يقتله عدوه قبل رميه ينفع ولو كان مصيبا منكيا لم يحسن التحرز من عدوه

إياه لعدم معرفته بالتحرز منه ولو اجتمعت فيه الثالثة اإلصابة والنكاية والتحرز ولم يكن 

سريع الرمي نقص ذلك من بسالته وشجاعته وقل انتفاعه برميه وربما فاته مطلبه وهرب 

همخصمه منه لبطء رميه له فمن لم يستكمل هذه الخصال فليس برام عند

Page 361: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  361

فصل

ما يحتاج إليه المتعلم

والذي يحتاج المتعلم إليه فاثنا عشر شيئا ثالثة شداد وثالثة لينة وثالثة ساكنة وثالثة 

مستوية فأما الثالثة الشداد فالقبض بالشمال والعقد باليمين والمد بالذراع والساعد وأما 

 اليسرى ولين السهم في حال الثالثة اللينة فالسبابة من اليد اليمنى والسبابة من اليد

الجذب الجيد وأما الثالثة الساكنة فالرأس والعنق والقلب وأما الثالثة المستوية فالمرفق 

والنصل والفوق ومالك ذلك كله بأمرين معرفة مقدار القوس من القوة ومعرفة مقدار السهم 

وعجزه ويؤذي من الخفة والثقل وينبغي أن ال يأخذ قوسا فوق مقداره فإنه يظهر عيبه 

نفسه ويفسد رميه ويطمع فيه عدوه فيجلب إلى نفسه من األذى ما ال يناله منه

فصل

في آداب الرمي وما ينبغي للرامي أن يعتمده

قد تقدم أن المالئكة ال تحضر من اللهو شيئا إال الرمي فينبغي للرماة أن يعلموا مقدار من 

ف والكريم يكرم ضيفه واللئيم يقابله بخالف بحضرتهم وهم المالئكة فينزلونهم منزلة األضيا

ما يليق به من اإلكرام وقد قال رسول اهللا

Page 362: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  362

من كان يؤمن باهللا واليوم اآلخر فليكرم ضيفه فينبغي للعاقل بأن يعد رواحه إلى المرمى 

كرواحه إلى المسجد واجتماعه بمن هناك كاجتماعه برؤساء الناس وأكابرهم ومن ينبغي 

م وال يعد رواحه لهوا باطال ولعبا ضائعا بل هو كالرواح إلى تعلم العلم فيذهب احترامه منه

على وضوء ذاكرا اهللا عز وجل عامدا إلى روضة من رياض الجنة وعليه السكينة والوقار فإذا 

وصل إلى الموضع دخل بأدب وسلم ووضع سالحه وحسن أن يصلي ركعتين وليس بتحية 

اإلصابة فاألمور إذا افتتحت بالصالة كانت جديرة بالنجح ثم البقعة ولكنها مفتاح للنجاح و

يدعو ويسأل اهللا التوفيق والسداد وقد ثبت عن النبي أنه قال يا علي سل اهللا الهدى 

والسداد واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد سداد السهم ثم يخرج قوسه ويتفقده ثم 

ي الرمي به فإذا وقع اختياره على رشق يتفقد سهامه فيمرها على إبهامه وينظر ما ينبغ

منه وهو الندب

Page 363: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  363

مسحه وتركه ثم يوتر قوسه ويتفقد وتره وينظر في سية القوس ومغامزها فإن كانت على 

االستواء رمى عليها وإن كانت على اختالف تجنبها فإذا رمى رسيله لم يبكته على خطأ 

أفلح من اتصف به ومن بكت بكت به ولم يضحك عليه منه فإن هذا من فعل السفل وقل أن 

ومن ضحك من الناس ضحك منه ومن عير أخاه بعمل ابتلي به وال بد وال يحسده على 

إصابته وال يصغرها في قلبه ويقول رمية من غير رام ونحو هذا من الكالم وال يحسن أن يحد 

 للرماة النظر إلى رسيله حال رميه فإن ذلك يشغله ويشوش عليه قلبه وجمعيته وينبغي

أن يخرجوا هذا من بينهم فإن ضرره يعود عليهم فإذا وصلت النوبة إليه قام فشمر كمه 

وذيله وسمى اهللا وأخذ سهامه بيمينه وقوسه بيساره ووقف على موقفه بأدب وسكينة 

ووقار وإطراق ولباقة وخفة واستمداد ممن الحول والقوة بيده أن يمده بالقوة واإلصابة 

رجليه رسية قوسه السفلى على األرض والعليا عند صدره ثم يأخذ ويجعل سهامه بين 

السهم فيديره على إبهامه ويمسك القوس بلباقة ويفوق عليه السهم كما ينبغي ويعتمد 

على وسطها ويمد فإذا بلغ نهايته سكن قليال ثم أطلق فإذا خرج السهم تأمل موضع 

 كلما رمى وإن خرج إلى يمين الغرض وقوعه فإن مر سادا حفظ ذلك الوضع والهيئة ورعاهما

أو يساره أو أعاله أو أسفله نظر في علة ذلك ومن أي شئ حدث هل هو من قبل القوس 

أو الوتر أو السهم أو الريح أو من قبل الرامي نفسه إما من

Page 364: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  364

قبضه أو عقده أو إطالقه أو نظره فإذا وقع على علة الخطأ تجنبها وسمى اهللا عند كل رمية 

أصاب حمد اهللا وأثنى عليه وقال هذا من فضل ربي وإن أخطأ فال يتضجر وال يتبرم وال فإن 

ييأس من روح اهللا فخطأ هذا الباب أحب إلى اهللا من اإلصابة في أنواع اللعب سواه وال 

يشتم قوسه وال سهمه وال نفسه وال أستاذه فإن هذا كله من الظلم والعدوان وليصابر 

فيوشك أن يتقلب الخطأ صوابا وليعلم أن الخطأ مقدمة الصواب الرمي و إن كثر خطاؤه 

واإلساءة مقدمة اإلحسان ولقد حكي عن بعض أكابر العلماء أنه تكلم يوما في مسألة 

فأصاب فاستحسنه الحاضرون وقالوا أحسنت واهللا فقال واهللا ما قيل لي أحسنت حتى 

 يفت في عضده ما يرى من إصابة احمر وجهي من خطئي فيها كذا وكذا مرة أو كما قال وال

غيره وحذقه وعدم وصوله هو إلى تلك المرتبة فإن هذا ليس بنقص بل النقص كل النقص 

أن تتقاصر همته عن البلوغ إلى درجة ذلك وال يحدث نفسه بأن يصل إلى ما وصل إليه فهذا 

هو الذي ال يفلح فإن المعول على الهمم وقد قيل

 يكن منك ما يعجبك... إذا أعجبتك خصال امرئ فكنه

 إذا جئتها حاجب يحجبك...فليس على الجود والمكرمات 

Page 365: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  365

وقال آخر

 فإن للمجد تدريجا وترتيبا...ال يؤسينك من مجد تباعده 

 تنمو وتصعد أنبوبا فأنبوبا...إن القناة التي شاهدت رفعتها 

فصل

في الخصال التي بها كمال الرمي

 الرحمن بن أحمد الطبري في ذلك كالما حسنا أمليه بلفظه رأيت لألستاذ أبي محمد عبد

قال

Page 366: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  366

ينبغي أن يجعل الرامي عينه اليمنى من خارج القوس مع النصل على الغرض ويكون نظره 

بعينه اليمنى من فوق عقد السبابة اليسرى من قبضته ويفتل خنصره على جانبه األيمن 

وتمام النظر من العين اليمنى من خارج القوس قليال قليال فتال خفيفا فيه يصح االعتماد 

وينبغي أن يسبل كنفه اليسرى ليطول شماله ويقصر سهمه ويحسن جره ويستوي بطنه 

عند آخر وفائه وتكون العقدة األخيرة من أصل إبهامه اليسرى موازية لرأس منكبه األيسر 

 السهم ونقصانه بالزند ويمد وهو كذلك و ال يخفض شماله وال يصعدها وتكون المدارة لزيادة

وأما مقدار السهم فقد اختلفت أقوال الرماة فيه والصواب أن مقدار ما يحسن بالرامي 

استيفاؤه حتى يبلغ نصله إلى العقدة األولى من اإلبهام ويكون مرفقه األيمن موازيا لمنكبه 

من وقبضته في خط االستواء ومتى طول مقداره عن ذلك أو قصره اضطرب له اعتماده و

سبيل الرمي أن يغمز على المقبض بألية كفه اليسرى والضرة بين العقدتين من اإلبهامين 

غمزا واحدا إلى أن يستوفي سهمه وبهذا تتم صحة القبضة والسرعة فإذا أراد أن يفلت 

السهم زاد في غمزه بالضرة من حيث ال تنقص قوة ألية الكف على ما كان في يده وبهذا 

سرعة والنكاية وسبيل الفتلة أن تعقد على ثالثة وستين وأن تعتمد تتم صحة القبضة وال

على إبهامك أكثر من سبابتك وال ترفع طرف إبهامك عن العقدة حتى تواري عقدة

Page 367: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  367

الوسطى من سبابتك اليمنى ويكون موقع الوتر النصف من سبابتك اليمنى فإذا أردت 

نصل بين عقدتي اإلبهام مع القبضة بمقدار اإلطالق فسبيله أن تطلق بعد الوفاء واستقرار ال

يعدو النصل وتفرك السهم عن الوتر باإلبهام من أسفل الفوق وبالسبابة من فوقه بحيث ال 

يصيب شئ من إبهامه وسبابته للفوق ويزن السهم ويفتح وسطه مع سبابته وإبهامه في 

أنكى من فتح وقت واحد عن اإلطالق فإن ذلك أسس اإلطالق وأسلس للسهم أو أسرع و

سبابته وإبهامه فقط ومن فتح أصابعه الخمس في وقت اإلفالت

فصل

في النكاية

قال الطبري قال لي عبد الرحمن الفزاري أصل الرمي إنما وضع للنكاية فمن ال نكاية له ال 

رمي له عند علماء هذه الصناعة وحذاقها من المتقدمين وكان الذي يقع به الفضل بعد 

لرمي والحذق شيئان أحدهما طنين الوتر وصفاء صوته بعد إفالته والثاني بلوغهم نهاية ا

شدة نكايته فمن صح صوت وتره منهم وأنكى كان له فضل عندهم فإن تكافؤوا في طنين 

الوتر وصفاء صوته والنكاية والسرعة

Page 368: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  368

ر واإلصابة لم يبق ألحدهم فضل على أصحابه إال شئ واحد وهو صحة الكشتبان وعدم تأثي

الوتر فيه فمن كان عقده صحيحا وسلم كشتبانة من حز وتره كان أحذق الرماة وأفضلهم 

قال وكان طاهر البلخي وأبو هاشم وإسحاق وغيرهم من األكابر يخفون كشاتبينهم وال 

يظهرونها ألحد خوفا أن يوجد غير سالم من جهة الوتر فيسقط من حد األستاذية عند 

 في طلب رام ليس في وجه كشتبانه أثر وال عيب فلم أجده نظرائه و قال وقد بذلت جهدي

قال الطبري فسألت أستاذي أن يريني كشتبانه فامتنع فلم أزل ألح عليه حتى أجابني ثم 

أخذه وأنا أرى فرمى عليه ثم دفعه إلي لمعرفته فوجدته مستوي الجر ال انحراف فيه وال 

ديما صلبا ال حشو فيه متوسط الغلظ ميل سليم الوجه من شعث الوتر وكان طاقا واحدا أ

وقال العباس القرشي وهو من أكابر تالمذة طاهر إنه اجتهد أن يرى عقد طاهر فلم يقدر 

إلى أن دخل معه الحمام فاستخرج كشتبانه من ثيابه فنظر فيه فإذا هو ال أثر فيه فعلم أن 

النكاية عشرة أشياء مداراة الرمي وصحته في الكشتبان قال الطبري وقال لي عبد الرحمن 

تسعة منها في الوفاء التام الصحيح وواحد في الرامي

Page 369: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  369

والوفاء وفاءان أحدهما أن يبلغ نصل السهم إلى العقدة األولى من اإلبهام فمن قال بهذا 

الوفاء أنكر على من يجوز بالنصل هذه العقدة األولى من اإلبهام واحتج هؤالء بأن قالوا 

سان أن يدخل العدو على نفسهالنصل عدو وليس لإلن

والفاء الثاني بلوغ النصل ما بين العقدتين من اإلبهام

وقال عبد الرحمن سمعنا من شيوخنا أن مد وفضل النصل في السهم انفذ شبرا في 

الدرقة وأنهم شبهوا الوفاء األول بالدخان الذي يلحق العدو من النار الموقدة التي يرمون بها 

ابة النار نفسا لهموالوفاء الثاني بإص

قال وقد قال قوم إن الوفاء إلى طرف الظفر وضعف غيرهم هذا الرأي

قال الطبري وفي الرمي ثالث خصال واحدة في اإلنسان وأخرى في القوس والثالثة في 

السهم

فأما التي في اإلنسان فخمسة عشر شيئا أربعة في القفلة وثالثة في القبضة وخمسة 

 الفم وقت اإلطالق واثنتان في الصدرفي اإلطالق وواحدة في

فأما األربعة التي في القفلة فهي شدتها في نفسها وقت الجر أشد ما يكون باألصابع كلها 

غير السبابة فإنها تكون دونهن والثالثة األخر في صحة القفلة وصحتها أن يعقد ثالثا وستين 

صر والوسطى حتى ال يرىويكتم ما استطاع األظافر من األصابع الثالث الخنصر والبن

Page 370: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  370

منها شيء وأن يجعل الوتر من إبهامه دون الجر مما يلي أصلها مستويا ال انحراف فيه وال 

تعويج ويجعل طرف اإلبهام فوق عقدته الوسطى من إصبعه الوسطى ال تتحرك عنها إلى 

ظهر وقت اإلفالت ويجعل سبابته على لحم إبهامه بعد أن يرمي باطن لحم سبابته إلى 

إبهامه على الجزء األول من السبابة على جنب إبهامه مما يلي الوتر ويعطف طرف سبابته 

ويجعل الجزء الثاني من سبابته على جنب ظاهر إبهامه مما يلي الفوق ويجعل جانبي 

الفوق بين اإلبهام والسبابة محاذيا لما بين العقدة األخيرة من أصل سبابته وبين الجزء 

سبابة عن بدن السهم قليال من أول جره إلى مخرج السهم عن يدهالثاني ويحمل ال

وليحذر الرامي كل الحذر أن يغمز سبابته على شيء من فوق سهمه في مده وإفالته 

فيتعوج سهمه وتكثر آفاته بعد اإلطالق

وأما الثالثة األخر التي في القبضة فواحد منها شدتها في نفسها وقت الجر أبلغ ما يكون 

ألصابع واثنان منها في صحتها وهي أن تجعل متن مقبض القوس ما بين جر أصول بجميع ا

أصابعك األربعة ورأسه األعلى ما بين عقدتي إبهامك واألسفل على مقدار عرض اصبع 

واحدة مما يلي الكف

وأما الخمسة التي في اإلطالق فثالثة منها في اإلبهام والسبابة والوسطى وقد تقدمت 

اإلطالق بأن يغمز على الوتر بإبهامه من أسفله وبالسبابة على الوتر من واثنان في صحة 

فوق القوس بحيث ال يصيب اإلبهام وال السبابة بشيء من فوق السهم وال بدنه وقت 

اإلفالت

وليحذر الرامي أن يفتح وقت إفالته خنصره وبنصره فإن شدة الكف

Page 371: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  371

في فتحها منافع كثيرة منها سالسة بهما وليفتح الوسطى مع السبابة واإلبهام فإن 

اإلطالق ومنها سالمة وجه الكشتبان ومنها أنه يأمن بفتح الوسطى من مس الوتر لطرف 

سبابته وإبهامه بعد اإلطالق

وأما الذي في الفم فهو أن يستنشق الهواء من أول مدة إلى وقت وفائه قليال قليال فإذا 

 يشعر به من هو إلى جانبهأطلق تنفس مع إفالته تنفسا خفيا من حيث ال

وأما الشيئان اللذان في الصدر

فأحدهما أن يجمع صدره من وقت مدة إلى آخر استيفائه حتى يكون صدره في آخر الوفاء 

أضيق ما يكون

والثاني أن يفتح صدره في نفس إطالقه ليحصل لكل كتف وطرف من يديه جزء من القوة 

فكأنه يعين كتفيه ويديه بصدره

بري فإذا أحكم الرامي جميع هذا ولم ينقص منه شيئا كان راميا كامال ولم يرم قال الط

جوشنا وال خوذة وال باب حديد إال أنفذه

فصل في جمل من أسرار الرمي ذكرها الطبري في كتابه

وهي عشرون سرا

فمنها ثالثة مستوية وثالثة معوجة وثالثة لينة وثالثة شديدة وثمانية تفترق في سائر البدن

Page 372: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  372

فأما الثالثة المستوية فرأس القوس والزج وهو النصل والمرفق

وأما الثالثة المعوجة فرجل الدشتان عند اإليتار ومقدم الرجلين عند القيام للرمي

وأما الثالثة اللينة فعقد ثالث وستين ومقبض اليسار ومرفق اليسار

وأما الثمانية المفرقة

ول المد ويشدها في آخرهفأولها أن ال يشد على القبضة في أ

والثاني أن ال يرخي عقد الستين على الثالثة وال يتكيء عليها بل يجعل بينها فرجة في 

المد عند اإلطالق فهو أصلح له

والثالث أن يجعل بعد الوتر عن وجهه قدر ثالث أصابع وأقله إصبع واحدة وعند اإلطالق يخرج 

سية قوسه قليال

رفق إلى وقت اإلطالقالرابع أن يكون أول المد ب

والخامس شد الشمال على المقبوض جدا كلما أمكن قالوا حتى يكاد الدم يخرج من الظفر 

وعليه إجماع الرماة ألن في استرخائها عند اإلطالق آفات كثيرة

والسادس إذا رمى إلى بعد اتكأ على رجله اليمنى وإذا رمى على قرب اتكأ على رجله 

اليسرى

ين أصابع زنده اليسرى وبين المقبض فرجة حتىالسابع أن يكون ب

Page 373: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  373

ال يلحق الكرسوع فهو أشد لها

والثامن أن يترك الحرص على طلب الصائب ويجعل حرصه على صحة العمل وتوفيته حقه 

فإذا فعل ذلك جمع الحذق واإلصابة

فصل في القيام والجلوس

القيام على ثالثة أوجه

م بحذاء الرقعة متوجها مستوى الرجلين بينهما قدر عظم أما مذهب باألستاذ طاهر فإنه يقو

الذراع ويعلم ذلك تالمذته

وأما األستاذ أبو هاشم فإنه كان يقوم منحرفا يسيرا بين المتوجه

Page 374: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  374

والمنحرف وزعم أن هذا أعدل القيام للرمي وعليه أكثر من يرمي في اإلشارات

 ويجعلون المنكب األيسر حذاء الرقعة وأما مذهب الفرس والروم فيقولون باالنحراف جدا

ويلصق الرامي أحد رجليه باألخرى

فصل أوجه الجلوس في الرمي

وأما الجلوس فعشرة أوجه

فأما مذهب أبي هشام فإنه كان يقعد على رجله اليمنى ويقيم اليسرى ويشد يده إليها

سرى ويشدها إلى وكان البلخي إذا أراد الرمي في القرب قعد على يمنيه ويقيم ركبته الي

يساره وإذا أراد البعد قعد على يساره وأقام ركبته اليمنى وشد يده إليها وزعموا أنه كان 

يرمي بهذا المذهب خمس مئة ذراع

وأما عبداهللا بن زيد فإنه كان يقعد على قدميه ويقيم رأس ركبتيه ويضع أليته على األرض 

إذا استوى وهو صعب

اليمنى وتقيم اليسرى وهذاوطائفة أخرى تقعد على الرجل 

Page 375: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  375

يصلح للرمي مع السالح قال الطبري

ورأيت منهم من يبرك على الركبتين جميعا ويرمي وكان بعض األستاذين يقعد على الركبة 

اليسرى واليمنى بائنة عنها ويرمي من وراء ركبتيه وهذا مذهب ينسب إلى الكاغدي

 بحذاء الرقعة ورجاله مستويتان ملتصقتان ثم وأما األستاذ أبو موسى فإنه كان يقوم قائما

يجر اليسرى إلى خلف ويقعد على عقبه ويكون مشط الرجل اليمنى ملتصقا بالركبة 

الشمال وعلى ركبته اليمنى إلى خلف وفي شد الركبة على األرض معنى لطيف

ى وأما مذهب الزراد فإنه كان يجعل قدمه اليسرى خلف أليته ويجعل رأس الركبة اليسر

بحذاء المنكب والقدم اليمنى بائنا عن الركبة اليسرى ويرمي

وأما مذهب طاهر فإنه كان يجلس متربعا متصدرا ويأمر تالمذته بالجلوس على اليسرى 

واالتكاء على اليسار

ومن الرماة من كان يقعد على رجله اليسرى ويجعل ركبته اليمنى على ركبته اليسرى 

رب فإذا أراد البعد جلس على رجله اليمنى وبسط اليسرى مبسوطة إذا أراد يرمي في الق

عليها كما فعل في االبتداء

Page 376: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  376

ويرمي

ولكل مذهب من هذه المذاهب وجه حسن وخاصية

فصل مشتمل على فصول من طب الرمي وعالج علله وآفاته

فصل منها

فمن العلل أن يسمى الوتر بذراع الرامي وذلك يكون من أسباب عديدة

ة المقبضأحدها دق

الثاني سعة الكف

الثالث دخول زنده في القوس

الرابع استرخاء قبضة يده اليسرى

الخامس طول الوتر

السادس قيام أسف القوس

السابع من جهة كمه إذا لم يشمره

الثامن من شدة الجذ

التاسع صالبة القوس

العاشر سعة حلقتي الوتر

الحادي عشر كثرة لحم الراحة

اء مفاصلهالثاني عشر استرخ

Page 377: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  377

الثالث عشر لين الوتر على القوس الصلبة

الرابع عشر عوج القبضة أو السية

ويمس الوتر ذراع الرامي في أربعة مواضع

أحدها في الساعد

الثاني في الكرسوع وهو طرف الكف

الثالث بقرب الكرسوع

والرابع من القبضة

فأما مس الساعد فمن ثالثة أشياء

وضعف الرامي عليهأحدها صالبة القوس 

والثاني من سوء الجبذ مع طول ذراعه

والثالث من طول الكم

وأما مس الكرسوع فمن ثالثة أسباب أيضا

أحدها إدخال زنده في القوس

الثاني طول الوتر

الثالث قيام أسفل القوس إذا لم يرفعه بزنده األسفل

وأما مسه لما تجاوز الكرسوع فمن سبعة أسباب

ي الوترأحدها سعة حلقت

الثاني كثرة لحم الراحة

Page 378: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  378

الثالث استرخاء المفاصل

الرابع دقة المقبض

الخامس سعة الكف

السادس استرخاء القبضة في القوس

السابع عوج القبضة والسيتين

وأما ما يمسه في القبضة فمن طول الوتر ولينه وال سيما إن كانت القوس معجرة صلبة

ذكر ما يصلح به هذه اآلفات

ا ما كان منها من جهة الكف فإن سبيل القبضة أن تقبض عليها بجميع الكف فإن بقي أم

بين األصابع والكف مقدار عرض نصف إصبع فحسن وإن زاد أو نقص فال خير فيه

فما كان من هذه اآلفات من سعة الكف ودقة المقبض فعالجه بأن يلف على المقبض 

قة فإن أعوزه فحاشية ثوب رقيق صفيق شركة طويلة من أدم مبلولة رقيقة بقدر الحل

ويشده شدا قويا لئال يفلت من المقبض

وما كان منها من الوتر فتله أو عقده

وما كان من القوس أصلحه بتفقده وإزالة عيبه أو االستبدال به فإن ألح عليه من الوتر ولم 

ف إصبع من يقدر على إزالته فليدفع بمقدار عرض أصبع ونصف أصبع من الوتر األعلى ونص

األسفل فال يعتريه المس بعدها أبدا

Page 379: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  379

فصل في استرخاء قبضة الشمال وما يلزمه

واسترخاؤها يكون من ثالثة أوجه

أحدها اجتماع لحم أصول األصابع فيغطي بعضها بعضا فتسترخي لذلك

والثاني من دقة المقبض وسعة الكف فلم يمكنه شدها

بهام والسبابة والوسطى فيسترخي من أجلها األصبعان والثالث إن يشد أصابعه الثالثة اإل

الخنصر والبنصر

وما كان من جهة اجتماع لحم أصول األصابع فعالجه بإنزالها إلى بطن راحته وتحريفها

وما كان من جهة سعة الكف ودقة المقبض فعالجه بما تقدم

وما كن من جهة شد أصابعه الثالث فعالجه بإرخائها قليال

 عقر السبابة من اليد اليمنى وعالجهفصل في آفة

تنعقر السباب وقت اإليتار من وجهين

أحدهما أن يعتمد وقت تكبيد القوس على أصابعه وال يعتمد على كفه فيأكل طرف السية 

أعلى سبابته

الثاني أن يكون من شدة القوس عليه وإخراجها إلى االستعانة بجمع كفه فتقع سبابته 

ا فإن كان من أصابعه أوتر القوس بجمع كفه فيلف عليها خرقة على قائم السية فيعقره

ويعتمد عليها بكفه

Page 380: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  380

فصل في آفة مس الوتر إلذن الرامي ولحيته وعالجه

أما هذه اآلفة فلها أسباب

أحدها لين اإلطالق

الثاني ميالن سية القوس على جهة السهم

الثالث خروج أسفل القوس فوق المقدار

ه إذا صارت يده عند منكبه فإذا تجنب هذا لم يمسه الوتر فإن ألح عليه الرابع عبثه برأس

الوتر أخرج وجهه قليال عن الوتر

وعلة مس الوتر لحيته إما من خفض رأسه عالجه برفعه وإما من ميالن سية القوس 

وعالجه بتعديلها

فصل في آفة كسر ظفر اإلبهام في العقد وعالجه

هذه اآلفة لها أسباب

ذه على اللحم دون المفصل ال سيما إن كان إبهامه قصيراأحدها أخ

الثاني من تطريفه السبابة على اإلبهام

الثالث من كزازة اإلرسال بأن يفتح إبهامه قبل سبابته فيضغطها الوتر فتسود وتندمل 

وعالجه فتح السبابة قبل اإلبهام أو معها

الرابع من حز الكشتبان في الوتر

 الكشتبان وعالج ما كان من التطريف بأن يجعل ثلثي السبابة الخامس من طول ملفاف

على اللحم وثلثها على الظفر وعالج طول الكشتبان بتقصيره

Page 381: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  381

فصل في آفة لحوق السبابة عند اإلطالق وعالجه

هذه األفة في ثالثة أشياء

أحدها شدة التمطي

والثاني شدة القوس وضعف الرامي فيكون إطالقه غير ممكن

لث من عقد ثالث وعشرين فتطول السبابة على الوتر فيلحقه وعالجه بتجنب ذلك الثا

والتحرز منه

فصل في آفة رد السهم وقت اإلطالق

وعالج هذه اآلفة تكون من ذراعه إذا لم يفلته وقت الجبذ فإذا جبذ دخلته رخاوة فإن أصابه 

 العلةذلك فليبسط شماله ويفتح ذراعه ويضغط يمينه عند اإلرسال فتزول

فصل في آفة الكزازة وما يزيلها

الكزازة تكون في اليد اليمنى وفي اليد اليسرى من شيئين

أحدهما يسفل يده اليسرى في القبضة فإذا سفلها علت اليد

Page 382: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  382

اليمنى عليها فوجد السهم فراغا في القبضة فطاش السهم

 في األرض قريبا منهالثاني أن يرفع يده اليمنى نحو أذنه ويسفل الشمال فيقع سهمه

وعالج هذه العلة إن كان من يده اليسرى فليرفع يده في المقبض قليال حتى يترك من 

القبضة مقدار عرض أصبع وإن كان من يده اليمنى فعالجها أن يقم على أربعين ذراعا أو 

أكثر واقفا ويجعل العالمة في األرض ويرميها ويرمي عليها حتى تزول

 القوس األرض عند اإلطالقفصل في آفة ضرب سية

هذه العلة تعتري الجالس للرمي من أربعة أسباب

أحدها خروجه عن قوسه واتكاؤه بأكثر جسمه

الثاني من سوء جلسته بأن يعتمد على رجله اليسرى ويترك االعتماد على اليمين

الثالث من قوة قوسه عليه فيستعين بجسمه على جبذها فيسوقه أكثر ما يسوقها

 أن تغلب يده اليسرى ليده اليمنى وقت الجبذالرابع

فإن كان من اتكائه بجسمه عليها فعالجه أن يأخذ قوسه ويقف واقفا ويرمي على غرض 

مرتفع عال وإن كان من سوء جلوسه فليصلحه وليعتمد في جلسته على رجله اليمنى 

ن كان من ويطوي ساقه اليمنى ويوقف الشمال وإن كان من قوة قوسه أبدلها بغيرها وإ

غلب

Page 383: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  383

يده اليسرى فلينازع في القبضة إلى أن تعتدل

فصل في علة كسر فوق السهم وعالجه

يكون في موضعين/ كسره  :

ان ينكسر فينشق الفوق بنصفين: أحدهما 

ان ينكسر أحد جانبي الفوق: الثاني 

انية أن فأمام شقه بنصفين فيكون من علتين إحداهما خشونة الوتر وضيق شق الفوق الث

يدخل الفوق في الوتر فال يصل الوتر إلى آخر الشق ويبقى بينهما فرجة فإذا افلت السهم 

ضرب الوتر إلى اصل الفوق فشقه

وأما كسر أحد جانبيه فمن غمز الرامي على الفوق بالسبابة فينكسر جانبه وهو عيب 

لى الفوق بالسبابة فاحش وأكثر ما يعتري المبتدئ لصناعة الرمي وعالجه باجتناب الغمز ع

وترك السبابة على السهم لينة

فصل

في علة حركة القوس بالسهم عند خروجه من كبد القوس وعالج ذلك

حركته تكون من خمسة عشر شيئا أربعة منها في الوتر وستة في السهم وواحدة في 

القوس وأربعة في الرامي

فاألربعة التي في الوتر طوله وغلظه ورقته وأن تكون إحدى

Page 384: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  384

عروتيه واسعة واألخرى ضيقة

والتي في القوس أن تكون السيتان من جنسين مختلفين تكون إحداهما خشبا لينا 

والثانية من خشب صلب

والستة التي في السهم أن يكون ريشه مخالفة فتكون ريشة خفيفة واثنتان ثقيلتين أو 

ريضة واثنتان دقيقتين أو بالعكس أو ريشة نائمة واثنتان قائمتين أو بالعكس أو ريشة ع

بالعكس أو يكون النصل خفيفا والسهم ثقيال أو بالعكس

وعالجه بإصالح ذلك كله

واألربعة التي في الرامي أن يغمز بالسبابة على السهم أو تكون قبضته رخوة أو تكون 

القوس ال توافقه أو السهم ال يوافقه

فصل أنواع تحريك السهم

واعوتحريك السهم على ثالثة أن

أحدها أن يتحرك من أول خروجه إلى حين وقوعه

والثاني أن يتحرك من أول خروجه فإذا توسط المدى استد

الثالث أن ال يتحرك في أول خروجه فإذا توسط المدى تحرك حتى يقع

Page 385: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  385

فصل اسباب تحرك السهم من أول خروجه إلى حين وقوعه

كون من ستة أسبابفأما الذي يتحرك من أول خروجه إلى حين وقوعه في

أحدها من عوج في السهم

الثاني أن يكون ريشه غير معتدل

والثالث أن يكون النصل خفيفا والريش كثيرا

والرابع أن يكون النصل ثقيال والريش قليال

والخامس أن يكون إحدى الريشات قائمة واألخرى راقدة

والسادس أن يكون الفرق ضيقا والوتر خشنا فيخرج مضغوطا

اسباب تحرك السهم عند توسط المدىفصل 

وأما الذي يخرج من أول وهلة مستقيما ثم يتحرك إذا توسط المدى فمن ثمانية أسباب

أحدها خفة السهم وقوة القوس

الثاني سعة الفوق ودقة الوتر

الثالث من نقب يكون في السهم أو شق يكون فيه فإذا دخله كالهواء تحرك وكان المانع له 

أول وهلة قوة السهم وغلبة الريح وكلما أبعد وهت قوته وإال كان يمر إلى من حركته في 

غير غاية فصادفت الريح قوته قد نقصت فحركته

الرابع استرخاء الكف في القبضة عند اإلفالت

Page 386: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  386

الخامس عوج السهم بقرب النصل أو الفوق

السادس سعة عروة الوتر

أحد بيتيها معوجالسابع أن تكون القبضة في القوس معوجة أو 

الثامن دخول بيت اإلسقاط على بيت الرمي

فصل اسباب تحرك السهم آخرا إن لم يتحرك أوال

وأما الذي يتحرك آخرا ولم يتحرك أوال فسببه أن العلة لم تعمل فيه إال عند فتوره فإنه كان 

لته عند خروجه في غاية القوة والشدة وكانت قوته تغلب عليه فلما وهنت قوته ظهرت ع

فإن قوة السهم كقوة البدن فإذا غلبت على العلة لم يظهر أثرها فإذا وهنت القوى وضعفت 

عند آخر العمر ظهرت العلل وكان الحكم لسلطانها

فصل اسباب تحرك السهم أوال فإذا توسط استد

وأما الذي يخرج متحركا فإذا توسط استد فيكون ذلك من ثالثة اشياء

جهماأحدها رقة الستين واعوجا

الثاني غمز السبابة على السهم مع الوتر غمزا قويا

الثالث قوة القوس وضعف الرامي

وإنما تحرك أوالمن جهة أن السيتين باعوجاجهما دفعتا دفعتين مختلفتين فيعوج السهم 

من أجلهما فإذا توسط مداه خفت تلك العلة

Page 387: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  387

فاستد

ج السهم وهو في القوس ال سيما وكذلك إذا غمز السبابة على السهم غمزا فاحشا يعو

إن كان شق الفوق واسعا فإذا خرج السهم من القوس رجع مستويا في سيره فخفت 

العلة فاستد السهم

وكذلك من ضعف الرامي وشدة القوس تعتريه عيوب كثيرة فليحذر الرامي كل الحذر أن 

 عيوب كثيرة ومن يرمي بقوس فوق مقداره فإنه تكثر عيوبه وتقل نكايته وتعتريه في نفسه

كمال حذق الرامي عند اهل الصناعة أن يأخذ قوسا دون مقداره

فصل في عقر اإلبهام بالسهم وقت الجر وعالجه

عقرها يكون في ثالثة مواضع

أحدها في عقدة اإلبهام

الثاني في العقدة التي في أصل اإلبهام

صل القبضةالثالث في اللحم الناتئ بين األصبعين السبابة واإلبهام في أ

فأما عقرها في عقدة اإلبهام فيكون من ثالثة أوجه

أحدها أن يشد اصبعه على القبضة باإلبهام والسبابة

الثاني من رفع عقدة إبهامه وقت الجر

الثالث أن يجعل إبهامه على سبابته في الجر فإن تمكن من شد

Page 388: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  388

 متوسطة كأنه عاقد على أصبعيه لينهما وإن تمكن من تصعيد إبهامه على سبابته جعلها

ثالثين

وأما عقرها في العقدة الثانية التي في أصل اإلبهام فإنه يكون من ثالثة اسباب

أحدها دقة المقبض وسعة الكف

الثاني سوء القبض

الثالث قيام بيت اإلسقاط في قوسه و علوه على بيت الرمي

س أدناه على نار لينة وإن فإن كان من دقة المقبض اصلحه بما تقدم وإن كان من بيت القو

كان من سوء المقبض فعالجه بإصالح ذلك

وأما عقرها عند أصل اإلبهام بينه وبين السبابة فمن وجهين

أحدهما فساد قبضته وإشباعها

الثاني من تسفل فوق السهم جدا

فإن كان من إشباع يده في مقبضه أصلحه بما تقدم وإن كان من السهم جعله في كبد 

صف الوتر وعلم في موضع عالمة ال يخطئها كل رميةالقوس في ن

فصل في ذكر أركان الرمي الخمسة وصفة كل واحد منها واالختالف

قد تقدم أن أركانه القبض والعقد والمد واإلطالق والنظر

Page 389: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  389

ونحن نذكرها مفصلة مبينة

دفع فأما القبض فاختلف الرماة فيه فمنهم من يقبض على مقبض القوس بجميع كفه وي

بزنده جميعا وهذا مذهب طاهر

ومنهم من يحرف المقبض في كفه تحريفا شديدا ويشد أصبعه ويدفع بزنده األسفل ويترك 

بين زنده األسفل والقبضة في الكف مقدار عرض أصبعين وعلى هذا جماعة الفرس 

كسابور ذي األكتاف وبهرام جور وغيرهما وهو مذهب أبي هاشم

هو مذهب إسحاق الرفاء ويجعل بين القبضة وزنده األسفل ومنهم من يتوسط بينهما و

عرض أصبع وهو أجود المذاهب وأحسنها عند حذاق الرماة وقد ذكر عن طاهر أنه يجعل 

مقبض القوس على أصول أصابعه والقبضة مستوية وقد ذكر عنه أنه كان يجعل القوس 

دهم وعليه العمدةعلى أصول اصابعه وهي محرفة وزنده مستو وهذا أحسن المذاهب عن

قال بعض الحذاق من قال باستواء القبضة شد جميع اصابعه شدا واحدا ودفع بزنديه جميعا 

وهذا الرمي حسن لألغراض القريبة ورمي الشيء الدقيق من قرب غير أن صاحبه ال يسلم 

من مس الوتر ذراعه وهو ضعيف الرمي

رميومن قال بالتحريف كان أنكى له وأطرد للسهم وأحسن لل

Page 390: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  390

وأقوى له وهو جيد للفارس والراجل ولرمي الحصون واألسوار والرمي العالي كله وهو أقل 

إصابة

ومن قال بالتوسط بينهما لم يشبع كفه في المقبض وال يحرف كفه أيضا تحريفا شديدا

قال واألحسن في هذا كله أن تأخذ القوس بكفك فتضع مقبضها عند أصول أصابعك وتدخل 

 كله في المقبض وتشد الخنصر والبنصر والوسطى شدا عنيفا على ترتيبها لحم راحتك

الخنصر أشد ثم البنصر ثم الوسطى وتترك أصبعيك اإلبهام والسبابة لينتين فتكون كأنك 

عاقد مئتين بهما وتدخل زندك األعلى وتسوي األسفل وتترك بين زندك األسفل وبين 

ذلكالقبضة عرض أصبع فتزول عنك جميع العلل ب

وبالجملة فاالستواء للعرب والتحريف للعجم

وأجمع أرباب المذاهب أنه ال ينبغي للقبضة أن يكون منها موضع خال وأجمعوا على أن 

شدة سير السهم من شدة القبضة إال شرذمة جهلت فقالت إن استرخاء القبضة أحد 

للسهم

وقال األستاذ محمد بن يوسف

شدها آخراواألجود أن ال يشد القبضة أوال وي

وهؤالء الذين اختلفوا في ذلك هل اختلفوا في جنس واحد من القسي أم في أجناس وفي 

كف واحدة أم في أكف شتى

Page 391: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  391

وال ريب أنك تجد قوسا قبضتها مربعة وتجد قوسا قبضتها مدورة وقوسا بين المدورة 

تواء يبطل الرمي والمربعة وأما القبضة المربعة فهي قبضات العجم والتحريف لهم جيد واالس

بها وأما القبضة المدورة فهي قبضات العرب والتحريف يبطل الرمي بها وأما المتوسطة 

فيتوسط لها

ولكل قوس قبضة ولكل كف قبضة فمن كانت كفة كبيرة فاألصلح له من القبضات الدقيقة 

والمتوسطة للكف المتوسط واختيار المقبض في الكف أن يقبض بجميع كفه ويدخل لحم 

احته في كفه فإن لحقت أطراف اصابعه لكفه فالمقبض صغير على الكف فال يصلح له به ر

رمي ويدخله العيب إن رمى به وكذلك إن كانت القوس غليظة المقبض على الكف

وحكم القبضة أن تقبض عليها بجميع كفك فإن بقي بين أصابعك مقدار عرض نصف اصبع 

فهو حسن فإن زاد أو نقص فال خير فيه

ر العقد ووجوههذك

أقوال الناس في العقد على الوتر على تسعة أقسام

أحدها وهو الصحيح الجيد القوي أن يعقد ثالثا وستين

الثاني تسعة وستين وعلى هذين العقدين جميع األساورة واألكاسرة واألول عندهم أصح 

وأثبت

الثالث أن يعقد ثالثة وسبعين

الرابع أن يعقد ثالثة وثمانين

Page 392: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  392

لخامس أن يعقد أربعة وعشرينا

السادس أن يعقد إحدى وعشرين وعلى هذا أكثر الترك والروم ألنهم يرمون بقوس لينة 

وبغير اصل فيعقدون كيفما تيسر عليهم

و السابع عقد يسمى الرديف وهو أن يعقد اثنين وستين ممكنة ويلقي الوسطى مع 

لصلبة لكنها بطيئة اإلطالقالسبابة على اإلبهام وهذا العقد جيد لجبذ القوس ا

الثامن أن يجعل أصابعه الثالثة الخنصر والبنصر والوسطى في الوتر ويجعل السبابة ممدودة 

مع طول السهم والحظ لالبهام هنا وهذا عقد جميع الصقالبة واليهم ينسب ويصنعون 

 واقفة لألصابع الثالث كشتبانات الذهب والفضة والنحاس والحديد والقوس على هذه الصفة

ال راقدة

التاسع أن يجبذ باألربعة أصابع بالسبابة والوسطى والخنصر والبنصر وهو مذهب العرب 

القدماء في الجاهلية ومنهم من كان يجبذ بهذه األصابع والقوس راقدة ويجعل السهم بين 

الوسطى والبنصر ويجبذون إلى صدورهم وعليها أكثر باديتهم

لها خطأ إال عقدة ثالثة وستين وربما دعت الحاجة والضرورة وقال بعض األئمة وهذه العقد ك

إلى استعمال بعضها لحادث حدث في اإلبهام وغيرها فينبغي تعلمها أو بعضها ومن أراد 

القوة والشدة والسرعة فعليه بعقد ثالث وستين

ثم من الرماة من قال أكتم أظفاري كتمانا بالغا وأجعل الوتر من

Page 393: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  393

ها مستويا غير محرف ومنهم من قال اكتم أظفاري كتمانا شديدا وأجعل اإلبهام في مفصل

الوتر في مفصل اإلبهام وأحرفه قليال وكالهما جيد حسن فاالستواء أقوى للمد والتحريف 

أسرع لخروج السهم

ومنهم من يجعل الوتر قدام الجر في مفصل اإلبهام قليال وهو أحسن المذاهب وأسرع 

ني وأطرد للسهمافالتا من األول والثا

فصل منشأ السرعة والبعد عند الرماة

وعند الرماة أن القوة السرعة والبعد إنما هو في اإلبهام من العقد باليمين وفي القبض 

بالشمال فعليهما مدار الشدة ولكل أصبع عقد كما أن لكل كف قبضة فإذا كان المتعلم 

اهب أوالها باصابعه وأوفقها لرميه للرمي طويل األصابع أو قصيرها فاختر له من هذه المذ

وأبعدها آفة عن جسمه

فصل أنواع تركيب السبابة على اإلبهام

تركيب السبابة على االبهام ثالثة أنواع

أحدها أن تركب السبابة فيصير طرفها على الوتر

الثاني أن تركبها فتصير خارج الوتر

الثالث أن تركبها فتكون داخل الوتر

Page 394: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  394

وبهرام جور وغيرهما أن تكون السبابة خارج الوتر و اختاره أبو هاشم وهو فمذهب سابور 

الرمي القديم وهو جيد لألقواس الصلبة

ومذهب طاهر وحذاق أهل هذه الصناعة أن تكون على الوتر وهذا أحد للسهم واسرع 

لالفالت

ومذهب إسحاق أن تكون السبابة داخل الوتر

قد طالت سبابته وقصرت ابهامه فصارت السبابة من وقال بعض الرماة من قال بتحريف الع

داخل الوتر ومن قال باستواء العقد قصرت سبابته وطالت ابهامه فصارت السبابة خارج الوتر 

ومن توسط بين المذهبين صارت السبابة على الوتر وحكم السبابة أن تجعل على ثلثي 

الثاني خارج عنه ويكون فوق اللحم والثلث على الظفرة ويكون نصفها على الوتر والصنف 

السهم مما يلي السبابة وال يطولها تطويال وال يقصرها كثيرا ألن السبابة إن كانت من 

داخل الوتر طويلة ضربت الوتر في عرض أصبعه وقت اإلطالق وإن كانت مستوية طويلة 

لت على الوتر ضربت الوتر وقت االطالق ايضا فعقرته وان كانت مطرفة جدا ضعف مده واف

السهم عن أصبعه قبل الوفاء وكذلك ال يجعل السبابة على ظفره اإلبهام فإن الظفر يسود 

ومن كشف ظفره كله كان أقوى على القوس الصلبة ولكنه أبطأ أيضا اطالقا

Page 395: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  395

فصل ال ينبغي للرامي أن يقلم أظافر يده اليمنى

 ألنه إذا استأصل قطعها وال ينبغي للرامي أن يقلم أظافر يده اليمنى بل يتركها موفرة

ضغطها الوتر وقت الجبذ فخرج الدم بني الظفر واللحم

والتحقيق أن لكل يد عقد ولكل وجه عمل ولكل حال عتاد ولكل مقام مقال وكل ميسر لما 

هيئ له وأعين عليه

فصل في القفلة باألصابع الثالث من اليد اليمنى

 ويجعل داخلها مجوفا ومنهم من يجعلها غير من الرماة من يستر أظافره الثالثة حتى ال ترى

مجوفة

واحمد المذهبين مذهب من يكتمها حتى تكاد اصابعه تقطر دما من شدتها وتجوفها

وقد كانت حذاق الرماة تامر تالميذها أن يجعلوا في أكفهم صنجة صغيرة ويقفلوا عليها فإن 

يأمرونهم أن ال يخلوا القفلة سقطت من كف أحدهم أدبة عليها وكانوا يفتخرون بذلك وكانوا 

باألصابع الثالث من اليد اليمنى وال القبضة من اليد اليسرى حتى يكمل رميهم فإذا كمل 

حطوا القوس وفتحوا أكفهم وكذلك ال ينبغي أن يغير جلوسه إال عند

Page 396: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  396

عيب يظهر له

لرمي وشده أصابع الكف اليمنى في القفلة واليسرى في القبضة اسرع للسهم وأنكى ل

واقوى وأنفذ

وأكثر عيوب الرامي من اليد اليمنى وسداد الرمي في اليسرى ومالحته في اليمنى 

وحسن الرمي في القعود والوقوف واإلصابة في النظر ومالك ذلك كله المداومة واإلدمان 

فإن الترك خوان

ذكر المد

د إلى حاجبه اختلفوا في مد النشابة فمنهم من يمدها إلى مشاش منكبه ومنهم من يم

األيمن ومنهم من يمد إلى شحمه أذنه ومنهم من يمد إلى آخر عظام لحييه فيجري 

السهم بين شفتيه ومنهم من يمد إلى ذقنه ومنهم من يمد إلى نهده اليمنى هذا مجموع 

اختالفهم

فأما من يمد إلى مشاش منكبه فهو المذهب القديم وذلك أنهم يجلسون منحرفين فيطول 

 هذا الجبذ ومن هنا قالوا إن طول النشابة اثنتا عشرة قبضة وهو كثير النكاية نشابهم على

وقل من يرمي به أو يحسنه وهو يحدث للرامي عيوبا كثيرة

فصل

وأما المد إلى الحاجب األيمن فهو مذهب إدريس وهو جيد وبه يطول النشابة وفيه قوة 

من يرمي الحصون والسواء والواضع كثيرة للمد إال أن نشابته تمر محطوطة أبدا وهو جيد ل

المرتفعة وليس بجيد للقرطاس وهو من الرمي القديم ايضا

Page 397: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  397

فصل

وأما المد إلى شحمه االذن فهو مذهب بسطام وهو جيد جدا وليس في المذاهب القديمة 

أحمد من هوال أحسن عاقبة أال ان نشابته أقصر من أن يمد إلى مشاش المنكب والحاجب 

ثر إصابة من األولينوغير أنه أك

وأما من يمد إلى آخر عظام لحييه ويجري السهم على شفتيه فهو مذهب أهل االستواء 

وعليه جماعة من رماة خراسان وهو أيضا مذهب اسحاق وطاهر وغيرهما من حذاق 

الصناعة ومعنى االستواء أن يكون أصل السهم مع مفرقة في حال استواء ال ينحط منهما 

ع وليس في جميع المذاهب أحسن منه وهو رمي قليل اآلفات كثير االصابة واحدا وال يرتف

وعليه حذاق الرماة بالغرب وغيره

وأما المد إلى الذقن أو الصدر فخطأ فاحش ال خير فيه وبه تقل اإلصابة وتكثر العيوب

ذكر النظر وأحكامه

وعليه عمدة الرمي اختلف حذاق الرمي في النظر إلى المرمى اختالفا كثيرا لعلوه وشرفه 

وهم عليه على ثالثة أقسام ثم تتفرع إلى ستة

األول من الثالثة النظر من خارج القوس

والثاني من داخل القوس

والثالث من داخلها وخارجها

Page 398: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  398

واختلفوا في النظر هل األولى أن يكون بالعينين جميعا أو بأحدهما

 أتم وأكمل وأقوىفجمهور الرماة رجحوا النظر بالعينين جميعا ألنه

ومنهم من رجح النظر بعين واحدة واحتج هؤالء بأنه إذا كان بعين واحدة كان أجمع للنور 

الباصر وأقوى له وإذا كان بالعينين جميعا تفرق في وصوله إلى الغرض فضعف

قالوا فإن الناظر إذا نظر بعين واحدة اجتمع فيها نور العينين معا فإن النور الباصر ينزل من 

لدماغ على تقاطع صليبي في الجبهة فيفترق هناك في منفذين إلى كل عين منفذ فإذا ا

أغمض الناظر أحد عينيه رجع قسطها من ذلك النور الباصر إلى العين األخرى فيقوي نظره 

بها ضرورة ولهذا تجد األعور قوي النظر حديده وأرباب الصناعات إذا أراد أحدهم امتحان أمر 

 عينيه وصوب األخرى إلى المنظور اليه ولهذا كانت عين األعور في بالنظر أغمض احدى

الشرع قائمة مقام عينين في الديه فإذا فقئت عين العور فعلى الجاني الدية كاملة نص 

عليه اإلمام أحمد فإن قلع من له عينان عين األعور عمدا فله أن يقلع من عينيه نظيره 

ا وإن قلع األعور عين الصحيح المماثلة لعينه عينه ويأخذ منه نصف الدية نص عليه ايض

الصحيحة عمدا فال قود عليه ألن القود يعميه وعليه الدية كاملة وقيل يقلع عينه ويعطيه 

نصف الدية وإن قلع األعور عيني صحيح خيرناه بين قلع عينه وبين أخذ دية عينه

Page 399: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  399

فصل النظر من الداخل

هرام جور وإن صورته الممثلة على الجدار تعطي كأنه والنظر من الداخل يقولون إنه نظر ب

ينظر من داخل القوس بالعينين جميعا وعينه في مجيء السهم مع العالمة ال يفارق نظره 

ذلك فإذا رأى النصل على أصبعه أطلق سهمه

وهو رمي حسن عندهم إال أنه صعب قليل النكاية وال يمكن صاحبه أن يرمي الرمي القوي 

يه أن يجلس منحرفا بل متربعا فتكون نشابته قصيرة ورميه غير منكي وهو وال يمكن رام

جيد لرمي األغراض القريبة والدقيقة

فصل أوجه النظر من الخارج

وأما النظر من خارج فعلى ثالثة أوجه

الوجه األول أن يجعل السهم من خارج القوس وينظر بالعينين جميعا في العالمة ويعتمد 

يختلس السهم بسرعة في القوسبالعين اليسرى ثم 

الوجه الثاني أن يجعل النصل من خارج القوس في العالمة وينظر بعينه اليسرى ويعتمد 

عليها ويجعل عينه اليمنى في دستان القوس وال

Page 400: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  400

ينظر بها شيئا من العالمة مع تصحيحه بالعين اليسرى وعقدة أصابع يده اليسرى في 

وسط العالمة

يقلب نور عينيه جميعا إلى عين واحدة فتكون حدقة عينه اليسرى في الوجه الثالث أن 

مؤخر عينه اليسرى وحدقة عينه اليمنى في مقدمة عينه اليمنى فيصير نور حدقة عينه 

اليمنى إلى حدقة عينه اليسرى

وهذا النظر يسمى األحول فتصير العينان كأنهما عين واحدة وهو محمود جدا في هذا 

ظر كله جيد للفارس ولمن يرمي بالسالح وهو شديد النكاية ألن صاحبه المذاهب وهذا الن

يجلس للعالمة منحرفا وبه يطول سهمه وتكثر نكايته وال يصح له أن يجلس متربعا وهو 

النظر القديم وعليه األكاسرة واألساورة

وأما النظر إلى العالمة فقسمه النظرين جميعا

يسرى من خارج القوس ويصحح نظره بالعين اليمنى بأن يجعل النصل في العالمة بالعين ال

إلى العالمة من داخل القوس بحيث ال يفارق النصل باليمنى وباليسرى إلى العالمة حيث 

يفلت

والوجه الثاني أن يجعل النصل في العالمة من خارج القوس بالعينين فإذا بقي له من المد 

رى في موضعها من العالمة وينظر قدر ثلث السهم وغاب عن بصره النصل ترك عينه اليس

بعينه اليمنى مجيء النصل على يده من داخل القوس فإذا رأى النصل على أصبعه أطلق 

وهذا حسن جدا وهو أكثر إصابة وأقل آفة وصاحبه يجلس بين التحريف والتربيع فتذهب 

بذلك عنه عيوب أهل التربيع وأهل التحريف

Page 401: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  401

رمع ما فيه من اإلصابة ودقة النظ

فصل في ميزان النظر

قال بعض أئمة الرماة من أراد أن يتعلم حقيقة الوزن فليأخذ سراجا يجعله على بعد كما 

يجعل العالمة ويأخذ قوسا لينة جدا فهي أمكن له ويجلس بين التحريف والتربيع كما 

يجلس للعالمة ويجعل النصل في السراج وال يزال ينزع في القوس ويفتح عينا ويطبق 

 ويقتحهما جميعا ويمد إلى آخر السهم وينظر للسراج أبدا حتى يصح له فإن صح علم أخرى

أنه قد حصل على فائدة جليلة وذخيرة عظيمة في هذه الصناعة

فصل المفاضلة بين أهل التربيع وأهل التحريف

واعلم ان خارج القوس مما يلي اليسار إذا رميت بها والداخل مما يلي اليمين فأهل التربيع 

يبطلون عمل أهل التحريف ويقولون إنه يفسد النظر وإن جميع السالح إذا دخله التحريف 

أبطله وأهل التحريف يبطلون عمل أهل التربيع ويقولون إن التحريف أكثر نكاية

Page 402: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  402

وإنه يبطل النشاب فمنهم من حرف القوس إحدى عشرة قبضة واثنتي عشرة قبضة وأكثر

فصل في ميزان آخر

الوزن على نوعين فمنهم من يزن أوال ويستمر على وزنه إلى حين اطالقه ومنهم واعلم ان 

من يزن آخرا

فأما من يزن أوال فعلى وجهين ايضا

أحدهما أن يجعل النصل في العالمة ويحققه ويجبذ عليه من نظره إلى ذراعه الشمال 

ومرفقه اليمنى في اعتدالهما واستوائهما وهذا مذهب طاهر

 أن ينظر أوال إلى العامة فإذا جبذ من السهم نصفه أو اقل حققه وأطلق وهذا الوجه الثاني

أحمد النوعين وأعظمهما سدادا

وأما الذي يزن آخرا فعلى نوعين أيضا

أحدهما أن ال يخل بتحقيق الوزن أوال فإذا بقي لهم من السهم قبضة سكن تسكينه لطيفة 

 للحرب جداجدا واختلس السهم بسرعة وأطلق وهذا النوع حسن

الثاني أن يحقق وزنه أوال فإذا بقي لهم من السهم مقدار قبضة أو أكثر قليال حققه أيضا 

ثانية واختلس سهمه وأطلقه بسرعة وهذا النوع جيد لألغراض وغيرها

Page 403: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  403

فصل في ذكر االطالق ووجوهه

اإلطالق على ثالثة أنواع المختلس والمفروك والمتمطي

م ثم يسكن ثم يختلسه اختالسا شديدا ويفلت أصابعه فيفتح فالمختلس أن يجبذ السه

االثنين السبابة مع االبهام وهذا المذهب فيه سرعة وليس سكونه عند االفالت وإنما 

يسكن إذا بقيت له قبضة ويفتح ذراعيه جميعا ويميل وتر القوس إلى األرض

 بمقدار عدتين ثم فرك وأما المفروك أن يمد السهم فإذا صار النصل على أصبعه سكن قليال

يده اليمنى فركة من حرف الوتر فيحول يده قليال فيجعل الشق الذي من بين إبهامه 

والسبابة مع خده حاكا له

وأما المتمطي فهو أن يمد السهم فإذا علم بالسهم على أصبعه سكن بمقدار عدتين 

وأطلق ينفضه من الوتر ويكون جبذة أوال وآخرا سواء

ن ينظر من داخل القوس جيد والفركة من فوق الوتر لمن ينظر بالنظرين وهذا المذهب لم

واالختالس لمن ينظر من خارج الوتر

وال خالف بين الرماة أن القبضة للوتر تكون بشدة وسرعة دون تأن وال لبث ألن فيها القوة 

والشدة والنفوذ

فصل في مر السهم على اليد

وهو على أربعة أنواع

Page 404: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  404

يه على عقدة إبهامهمنهم من يجر

ومنهم من يجريه على سبابته ويميل إبهامه عن السهم

ومنهم من يرفع إبهامه ويجعل سبابته تحتها فيصير كأنه عاقد ثالثة عشر فيجري السهم 

على ظفر إبهامه

ومنهم من يجريها على طرفي أصبعيه السبابة واإلبهام فيكون كأنه عاقد ثالثين

مه فهو عيب عند الحذاق ألنه ال يخلو ان يضربه فيه الريش فمن أجراها على عقدة إبها

فيجرحه وربما ضربه السهم فعقر أصبعه

وأما من يجريها على سبايته وهو أحسن قليال من األول وكالهما مذهب أهل األستواء في 

قبضته وليسا بجيدين

مذهب التوسط وأما من يجريها على أصل ظفري أصبعيه اإلبهام والسبابة كعاقد ثالثين فهو 

وهو أحمد المذاهب

واما من وقف إبهامه فيجريها على طرف ظفره كعاقد ثالث عشرة فهو مذهب أهل التحريف 

وهو رديء جدا ألن صاحبه يحرف قبضته تحريفا شديدا ويوقف إبهامه فإن هو أمال قوسه 

 قليال سقط السهم من على ظفره وهو رديء في الحرب ال يكاد يستقيم له رمي لسرعة

سقوطه سهمه

ذكر سبب ارتفاع السهم في الجو ونزوله وسداده

اختلف أهل العلم من الرماة في ذلك اختالفا متباينا ونحن نذكر أقوالهم وما فيها ونبين 

الصحيح منها

Page 405: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  405

فقالت طائفة سبيل السهم إذا خرج من كبد القوس أن يقطع ما بينه وبين الغرض في خط 

وط بل محاذيا للموضع الذي خرج منه فلما رأيناه على خالف ذلك االستواء بغير صعود وال هب

في ارتفاعه ونزوله طلبنا علة ذلك فرأيناه من واحد من ثالث إما من القوس وآفته فيه وإما 

من السهم وإما من الرامي فال بد من آفة خفية في واحد من هذه الثالث

 نقل إلينا إبدا أنه رمي بسهم فقطع وردت طائفة أخرى هذا القول وقالت ما رأينا راميا وال

المدى في خط األستواء محاذيا لموضع مخرجه ال صاعدا وال نازال ولم تخل األرض من رام ال 

آفة في رميه وال قوسه وال سهمه بحيث تجمع الرماة على اعتدال الثالثة المذكورة 

وسالمتها من كل عيب

ة اختالف بناء القوس فإنها إذا غلبت بيتها وقال آخرون العلة في االرتفاع واالنخفاض من جه

األعلى ارتفع السهم في أول مداه وإذا غلب األسفل ارتفع في آخر مداه

ورد عليهم آخرون منهم وقالوا هذا ال يصح ألنا نجد القوس المعتدلة البيتين الصحيحة 

 من ارتفاع التركيب بيد الرجل الحاذق في الرمي يرتفع عنها السهم جدا وربما ارتفع أكثر

من هو دونه

وقالت طائفة أخرى ليس ارتفاع السهم من قبل القوس وال الرامي وال من قبل السهم في 

نفسه بل من أمر خارج وهو الهواء الحامل له وذلك أن السهم إذا كان شديدا ثقيال والقوس 

صلبة قطع الهواء و مر سادا وإن كان خفيفا حمله الهواء فارتفع

ذلك أن المركب إذا كان ثقيال غاص في الماء وإن كان خفيفا ارتفع والهواء قال والحجة على 

للسهم مثل الماء للمركب

Page 406: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  406

ورد آخرون هذا القول وقالوا نجد السهم الساد عن القوس الصلبة في اليوم الساكن الهواء 

 ال بد له من ارتفاع عن محاذاة مخرجه والدليل على ذلك أن ينصب حبال معترضا في نصف

من األرض مساويا لمخرج السهم ثم يرمي بسهم ساد عن قوس صلبة فال بد من أن يرفع 

السهم عنه

وقال آخرون منهم الذي صح عندنا وكشفناه من علة ارتفاع السهم ونزوله أن سير السهم 

ال يتم إال بثالثة أشياء أحدها بدن الرامي وقوته والثاني قوسه والثالث سهمه وكل واحد 

والدليل على هذا أنك تأخذ قوسا صلبة موترة ال يمكنك الرمي عنها فتفوق عليها ثلث العلة 

سهما ثم تمدها فتحنى الوتر معك يسيرا من غير أن تنحني القوس ثم تطلق فيمر السهم 

أذرعا كثيرة وقد علمت أن القوس لم يعمل في السهم شيئا ألنها لم تطاوعك وإنما خرج 

وقوته ال بالقوسالسهم من الوتر بنفضه الرامي 

وأما الثلث الذي من قبل القوس فالدليل على اعتباره أنك تجد السهم في آخر الثلث األول 

 ­في ارتفاع إلى اول الثلث الثالث فيأخذ في الهبوط وذلك من قبل السهم نفسه ألن طبعه 

 بالحجر  الهبوط وكان ارتفاعه أوال بالقوة التي أفاده إياها الرامي واعتبر هذا­كما علمت 

ترمي به إلى فوق فال يزال صاعدا ما دامت قوة الرامي تمده فاذا انتهك القوة التي أمدته 

في الصعود صارت حركته حينئذ النزول وهي الحركة الطبيعية له

وقالت طائفة أخرى بل العلة الصحيحة في ذلك أن الرامي إذا فوق السهم في قسمة 

قد تحتمستوية ال مرتفعة وال منخفضة كان الع

Page 407: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  407

الفوق أسفل من ذيل القوس فإذا مد واستوفى وقعت شدة الغمز في اإلطالق تحت الفوق 

فال بد لصدر السهم من أن يرتفع يسيرا بالضرورة فارتفع صدره يسيرا هو الذي أكسبه ذلك 

االرتفاع الكثير في طريق سيره

وهذا واضح واهللا أعلم

الجبنفصل في مدح القوة والشجاعة وذم العجز و

60قال اهللا تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل األنفال 

29وقال تعالى في حق المؤمنين اشداء على الكفار رحماء بينهم الفتح 

54وقال فيهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين المائدة 

ا أي ال تضعفو104وقال تعالى وال تهنوا في ابتغاء القوم النساء 

139وقال و ال تهنوا وال تحزنوا وأنتم األعلون إن كنتم مؤمنين آل عمران 

وفي الصحيحين عن النبي أنه قال

المؤمن القوي خير وأحب إلى اهللا من المؤمن الضعيف وفي كل خير أحرص على ما ينفعك 

واستعن باهللا وال تعجز

Page 408: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  408

وكان النبي يتعوذ باهللا من الجبن

د جميع الخلق وأهل الجبن هم أهل سوء الظن باهللا وأهل والجبن خلق مذموم عن

الشجاعة والجود هو أهل حسن الظن باهللا كما قال بعض الحكماء في وصيته

عليكم بأهل السخاء والشجاعة فإنهم أهل حسن الظن باهللا والشجاعة جنة للرجل من 

ليحاربه بهالمكاره والجبن إعانة منه لعدوه على نفسه فهو جند وسالح يعطيه عدوه 

و قد قالت العرب الشجاعة وقاية والجبن مقتلة وقد أكذب اهللا سبحانه أطماع الجبناء في 

قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم : ظنهم أن جبنهم ينجيهم من القتل والموت فقال اهللا تعالى 

16من الموت أو القتل األحزاب 

ولقد أحسن القائل هو قطري بن الفجاءة الساري

 من األبطال ويحك لن تراعي... وقد طارت شعاعا أقول لها

Page 409: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  409

 على األجل الذي لك لن تطاعي...فإنك لو سألت بقاء يوم 

 فما نيل الخلود بمستطاع...فصبرا في مجال الموت صبرا 

 فيطوي عن أخي الخنع اليراع...وما ثوب الحياة بثوب عز 

 وداعيه ألهل األرض داعي...سبيل الموت غاية كل حي 

 وتسلمه المنون إلى انقطاع...ومن لم يعتبط يسام ويهرم 

 إذا ما عد من سقط المتاع...وما للمرء خير في حياة 

واعتبر ذلك في معارك الحروب بأن من يقتل مدبرا أكثر ممن يقتل مقبال

Page 410: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  410

وفي وصية أبي بكر الصديق بن الوليد

احرص على الموت توهب لك الحياة

دوقال خالد بن الولي

حضرت كذا وكذا زحفا في الجاهلية واإلسالم وما في جسدي موضع إال وفيه طعنة برمح أو 

ضربة بسيف وها أنا ذا أموت على فراشي فال نامت أعين الجبناء

وال ريب عند كل عاقل أن استقبال الموت إذا جاءك خير من استدباره واهللا أعلم وقد بين 

هذا حسان بن ثابت قائال

 ولكن على أقدامنا تقطر الدما...عقاب تدمى كلومنا ولسنا على األ

: وقال آخر محققا هذا المعنى

Page 411: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  411

 ودامية لباتها ونحورها...محرمة أكفال خيلي على القنا 

 وتندق منها في الصدور صدورها...حرام على أرماحنا طعن مدبر 

قتل أخيه مصعب قالوكانوا يفتخرون بالموت على غير فراش ولما بلغ عبد اهللا بن الزبير 

إن يقتل فقد قتل أخوه وأبوه وعمه إنا واهللا ال نموت حتف أنفنا و لكن حتفنا بالرماح وتحت 

ظالل السيوف ثم تمثل بقول القائل

 وتترك أخرى مرة ما تذوقها...وإنا لتستحلي المنايا نفوسنا 

Page 412: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  412

وفي مثل هذا يقول السموأل من كادياء وهو في الحماسة

 وال طل منا حيث كان قتيل...نا سيد في فراشه وما مات م

 وليست على غير الظبات تسيل...تسيل على حد الظبات نفوسنا 

 إذا ما رأته عامر وسلول...وإنا لقوم ال نرى القتل سبه 

 خطانا إلى اعدائنا فتطول...إذا قصرت أسيافنا كان وصلها 

وقال محمد بن عبد اهللا بن طاهر بن الحسين الخزاعي

 وال على الجار بتياح...لست لريحان وال راح 

Page 413: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  413

 فبين أسياف وأرماح...فإن أردت اآلن لي موقعا 

 يقبض أرواحا بأرواح...ترى فتى تحت ظالل القنا 

ولو لم يكن في الشجاعة إال أن الشجاع يرد صيته واسمه عنه أذى الخلق ويمنعهم من 

 عمرو ابن براقه وكان فاتكا مشهورا باالقدام اإلقدام عليه لكفى بها شرفا وفضال كما قال

والثبات

 مراغمة ما دام للسيف قائم...كذبتم وبيت اهللا ال تأخذونها 

 وأنفا حميا تجتنبك المظالم...متى تجمع القلب الذكي وصارما 

Page 414: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  414

وقال تأبط شرا الفاتك العداء واسمه ثابت

وى والمسالك كثير الهوى شتى الن...قليل التشكي للمهم يصيبه 

 جحيشا ويعروري ظهور المهالك...يبيت بموماة ويضحي بمثلها 

 بمنخرق من شدة المتدارك...ويسبق وفد الريح من حيث تنتحي 

 له كالىء من قلب شيحان فاتك...إذا حاص عينيه كرى النوم لم يزل 

 نواجذ أفواه المنايا الضواحك...إذا هزه في عظم قرن تهللت 

 المخزومي وكان شجاعا موصوفا بذلكوقال أبو سعيد

 بالجمر مكتحل بالليل مشتمل...وما يريد بنو األغيار من رجل 

 وال يبيت له جار على وجل...ال يشرب الماء إال من قليب دم 

Page 415: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  415

فصل

قال عمرو بن معد يكرب

ي الفزعات ثالثة فمن كانت فزعته في رجليه فذاك الذي ال تقله رجاله ومن كانت فزعته ف

رأسه فذاك الذي يفر عن أبويه ومن كانت فزعته في قلبه فذاك الذي ال يقاتل

والجبن والشجاعة غرائز وأخالق فالجبان يفر عن عرسه والشجاع يقاتل عن من ال يعرفه 

كما قال الشاعر

ويحمي شجاع القوم من ال يناسبه... يفر جبان القوم من أم نفسه 

ن بماله والشجاع يجود بنفسه كما قال القائلوالشجاع ضد البخيل ألن البخيل يض

مال وقوم ينفقون نفوسا... كم بين قوم إنما نفقاتهم 

Page 416: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  416

وقال اآلخر

 والجود بالنفس أقصى غاية الجود و هذا غير مطرد في ...تجود بالنفس إن ضن الجواد بها 

بني آدم فإنهم على اربع طبقات

فمنهم الجواد الشجاع يجود بماله ونفسه

منهم البخيل الجبانو

ومنهم الجواد الجبان يجود بماله ويضن بنفسه

ومنهم الشجاع البخيل فإنه منح خلق الشجاعة وحرم خلق الجود فإن األخالق مواهب 

يهب اهللا منها ما يشاء لمن يشاء ويجبل خلقه على ما يريد منها كما قال النبي ألشجع 

عبد القيس

األناة قال خلقين تخلقت بهما أم جبلت عليهما قال بل إن فيك خلقين يحبهما اهللا الحلم و

جبلت عليهما فقال الحمد

Page 417: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  417

هللا الذي جلبني على ما يحب

ومن هنا يظهر أنه ال تالزم بين الشجاعة والجود كما ظنه بعض الناس وإن كانت األخالق 

الفاضلة تتالزم وتتصاحب غالبا وكذلك األخالق الدنيئة

 والقوةفصل الفرق بين الشجاعة

وكثير من الناس تشتبه عليه الشجاعة بالقوة وهما متغايران فإن الشجاعة هي ثبات 

القلب عند النوازل وإن كان ضعيف البطش

وكان الصديق رضي اهللا عنه أشجع األمة بعد رسول اهللا وكان عمر وغيره أقوى منه ولكن 

ي تزلزل الجبال وهو في برز على الصحابة كلهم بثبات قلبه في كل موطن من المواطن الت

ذلك ثابت القلب ربيط الجاش يلوذ به شجعان الصحابة وابطالهم فيثبتهم ويشجعهم ولو لم 

يكن له اال ثبات قلبه يوم الغار وليلته وثبات قلبه يوم بدر وهو يقول للنبي يا رسول اهللا كفاك 

بعض مناشدتك ربك فإنه منجر لك

Page 418: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  418

 صرخ الشيطان في الناس بأن محمدا قد قتل ولم يبق ما وعدك وثبات قلبه يوم أحد وقد

أحد مع رسول اهللا اال دون عشرين في أحد وهو مع ذلك ثابت القلب ساكن الجأش وثبات 

قلبه يوم الخندق وقد زاغت األبصار وبلغت القلوب الحناجر وثبات قلبه يوم الحديبية وقد قلق 

ه ويسكنه ويطمئنه وثبات قلبه يوم فارس االسالم عمر بن الخطاب حتى إن الصديق ليثبت

حنين حيث فر الناس وهو لم يفر وثبات قلبه حين النازلة التي اهتزت لها الدنيا أجمع وكادت 

تزول لها الجبال وعقرت لها أقدام األبطال وماجت لها قلوب أهل اإلسالم كموج البحر عند 

صياح وخرج الناس بها من هبوب قواصف الرياح وصاح لها الشيطان في أقطار األرض أبلغ ال

دين اهللا أفواجا وأثار عدو اهللا بها أقطار األرض عجاجا وانقطع لها الوحي من السماء وكاد 

لوال دفاع اهللا لطمس نجوم االهتداء وأنكرت الصحابة بها قلوبهم وكيف ال وقد فقدوا رسولهم 

الم وشرأب من بين أظهرهم وحبيبهم وطاشت األحالم وغشي اآلفاق ما غشيها من الظ

النفاق ومد أهله االعناق ورفع الباطل رأسا كان تحت قدم الرسول موضوعا وسمع 

المسلمون من أعداء اهللا ما لم يكن في حياته بينهم مسموعا وطمع عدو اهللا أن يعيد 

الناس إلى عبادة األصنام وأن يصرف وجوههم عن البيت الحرام وأن يصد قلوبهم عن 

 إلى ما كانوا عليه من التهود والتمجس والشرك وعبادة الصلبانااليمان والقرآن ويدعوهم

Page 419: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  419

فشمر الصديق رضي اهللا عنه من جده عن ساق غير خوار وانتضى سيف عزمه الذي هو 

ثاني ذي الفقار وامتطى من ظهور عزائمه جوادا لم يكن يكبو يوم السباق وتقدم جنود 

هللا ألجاهدن أعداء اإلسالم جهدي االسالم فكان أفرسهم إنما همه اللحاق وقال وا

وألصدقنهم الحرب حتى تنفرد سالفتي أو افرد وحدي وألدخلنهم في الباب الذي خرجوا 

منه وألردنهم إلى الحق الذي رغبوا عنه فثبت اهللا بذلك القلب الذي لو وزن بقلوب األمة 

األصنام حتى لرجحها جيوش اإلسالم وأذل بها المنافقين والمرتدين وأهل الكتاب وعبدة 

استقامت قناة الدين من بعد اعوجاجها وجرت الملة الحنيفية على سننها ومنهاجها وتولى 

حزب الشيطان وهم الخاسرون وأذن مؤذن االيمان على رؤوس الخالئق فإن حزب اهللا هم 

56الغالبون المائدة 

ؤيدة هذا وما ضعفت جيوش عزماته وال استكانت وال وهنت بل لم تزل الجيوش بها م

ومنصورة وما فرحت عزائم اعدائه بالظفر في موطن من المواطن بل لم تزل مغلوبة 

مكسورة

تلك لعمر اهللا الشجاعة التي تضاءلت لها فرسان األمم والهمة التي تصاغرت عندها عليات 

الهمم ويحق لصديق األمة أن يضرب من هذا المغنم بأوفر نصيب وكيف ال وقد فاز من ميراث 

مال التعصبالنبوة بك

وقد كان الموروث صلوات اهللا وسالمه عليه أشجع الناس فكذلك وارثه وخليفته من بعده 

أشجع األمة بالقياس ويكفي أن عمر بن الخطاب سهم من كنانته وخالد بن الوليد سالح 

من أسلحته والمهاجرون واألنصار أهل بيعته وشوكته وما منهم اال من اعترف أنه يستمد 

جاعتهمن ثباته وش

Page 420: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  420

Page 421: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  421

فصل في مراتب الشجاعة والشجعان

أول مراتبهم الهمام وسمي بذلك لهمته وعزمه وجاء على بناء فعال كشجاع

الثاني المقدام وسمي بذلك من اإلقدام وهو ضد اإلحجام وجاء على أوزان المبالغة كمعطاء 

رأة معطار كثيرة ومنحار لكثير العطاء والنحر وهذا البناء يستوي فيه المذكر والمؤنث كام

التعطر ومذكار تلد الذكور

الثالث الباسل وهو اسم فاعل من بسل يبسل كشرف يشرف والبسالة الشجاعة والشدة 

وضدها فشل يفشل فشالة وهي على وزنها فعال ومصدرا وهي الرذالة

الرابع البطل وجمعه أبطال وفي تسميته قوالن

اعة الشجعان فيكون بطل بمعنى مفعول أحدهما ألنه يبطل فعل األقران فتبطل عند شج

في المعنى ألن هذا الفعل غير متعد

والثاني أنه بمعنى فاعل لفظا ومعنى ألنه الذي يبطل شجاعة غيره فيجعلها بمنزلة العدم 

فهو بطل بمعنى مبطل

ويجوز أن يكون بطل بمعنى مبطل بوزن مكرم وهو الذي قد بطله غيره فلشجاعته تحاماه 

 فعله باستسالمهم له وترك محاربتهم إياهالناس فبطلوا

الخامس الصنديد بكسر الصاد والعامة تلحن فيقولون

Page 422: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  422

صنديد بفتحها وليس في كالمهم فعليل بفتح الفاء وإنما هو بالكسر في األسماء كقنديل 

وحلتيت وفي الصفات كشمليل والصنديد الذي ال يقوم له شيء

فصل األمور المترتبة على الشجاعة

ولما كانت الشجاعة خلقا كريما من أخالق النفس ترتب عليها أربعة أمور وهي مظهرها 

وثمرتها اإلقدام في موضع اإلقدام واإلحجام في موضع اإلحجام والثبات في موضع الثبات 

والزوال في موضع الزوال

وضد ذلك مخل بالشجاعة وهو إما جبن وإما تهور وإما خفة وطيش

 الرأي والشجاعة فهو الذي يصلح لتدبير الجيوش وسياسة أمر الحربوإذا اجتمع في الرجل

والناس ثالثة رجل ونصف رجل وال شيء

فالرجل من اجتمع له إصالة الرأي والشجاعة فهذا الرجل الكامل كما قال أحمد بن الحسين 

المتنبي

هو أول وهي المحل الثاني... الرأي قبل شجاعة الشجعان 

Page 423: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  423

 بلغت من العلياء كل مكان... لنفس مرة فإذا هما اجتمعا

ونصف الرجل وهو من انفرد بأحد الوصفين دون اآلخر

والذي هو ال شيء من عري من الوصفين جميعا

خاتمة

ونختم هذا الكتاب بآية من كتاب اهللا تعالى جمع فيها تدبير الحروف بأحسن تدبير وهي 

اثبتوا واذكرو اهللا كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة ف

45اهللا ورسوله وال تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن اهللا مع الصابرين األنفال 

فأمر المجاهدين فيها بخمسة أشياء ما اجتمعت في فئة قط إال نصرت وإن قلت وكثر 

عدوها

أحدها الثبات

الثاني كثرة ذكره سبحانه وتعالى

الث طاعته وطاعة رسولهالث

Page 424: الفروسية لابن القيم

قيم الجوزيةال ابن ­الفروسية  424

الرابع اتفاق الكلمة وعدم التنازع الذي يوجب الفشل والوهن وهو جند يقوي به المتنازعون 

عدوهم عليهم فإنهم في اجتماعهم كالحزمة من السهام ال يستطيع أحد كسرها فإذا 

فرقها وصار كل منهم وحده كسرها فإذا فرقها وصار كل منهم وحده كسرها كلها

امس مالك ذلك كله وقوامه وأساسه وهو الصبرالخ

فهذه خمسة أشياء تبتنى عليها قبة النصر ومتى زالت أو بعضها زال من النصر بحسب ما 

نقص منها وإذا اجتمعت قوى بعضها بعضا وصار لها أثر عظيم في النصر ولما اجتمعت في 

باد و البالد ولما تفرقت فيمن الصحابة لم تقم لهم أمة من األمم وفتحوا الدنيا ودانت لهم الع

بعدهم وضعفت آل األمر إلى ما آل

وال حول وال قوة إال باهللا العلي العظيم واهللا المستعان وعليه التكالن وهو حسبنا ونعم 

الوكيل

وهذا آخر ما اشتمل عليه الكتاب والحمد اهللا رب العالمين

www.alwww.al-mostafa.com