الازمات الاقتصادي

54
ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻗﻌﻬﺎ ﻣﻌﺎﳉﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧﻈﺮ ﻭﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ/ ﺍﻟﺮﺷﺘﻪ ﺃﺑﻮ ﺧﻠﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ

description

الازمات الاقتصادية واقعها وطرق حلها للعالم الشيخ الجليل عطاء أبو الرشاه

Transcript of الازمات الاقتصادي

Page 1: الازمات الاقتصادي

االقتصادية األزمات

معاجلاا و اقعها و من وجهة نظر اإلسالم

عطاء بن خليل أبو الرشته/ العامل

Page 2: الازمات الاقتصادي

ص حماضرة ألقاها نهذه الكتيب هو

عطاء بن خليل أبو الرشته/العامل

األردن / عمان–املركز الثقايف يف هـ١٤١٠ من ذي احلجة 3

١٩٩٠ حزيران ٢٦املوافق

Page 3: الازمات الاقتصادي

١

بسم اهللا الرمحن الرحيم

يف اللغة تعين الشدة، وهي هنا الشدة »أزمة«كلمة وكلمة . ببذل جهد وإفراغ وسع اليت يستعصي حلها إال

الطريق، وتعين يف اللغة من القصد أي استقامة »اقتصاد«والكلمة يف األصل مشتقة من . كذلك التوفري وضد اإلفراط

لفظ إغريقي قدمي معناه تدبري أمور البيت حبيث يشترك أفراده القادرون يف إنتاج الغذاء والقيام باخلدمات، ويشترك

مث توسع الناس يف مدلول . مجيع أفراده بالتمتع مبا حيوزون .ليت حتكمها دولة واحدةالبيت فصار يقصد به اجلماعة ا

وعليه فاملقصود هنا من كلمة االقتصاد ليس املعىن اللغوي بل املعىن االصطالحي وهو تدبري شؤون املال إما بتكثريه وتأمني إجياده ويبحث فيه علم االقتصاد، وإما بكيفية

.توزيعه ويبحث فيه النظام االقتصادي

Page 4: الازمات الاقتصادي

٢

راب الشديد يف تدبري أمور وبذلك فإن األزمة االقتصادية تعين االضطالدولة املالية الذي حيتاج لبذل جهد وإفراغ وسع إلزالته وإعادة الوضع إىل االستقامة واالعتدال، وليس املقصود باألزمة االقتصادية اخللل البسيط يف

فمثل هذا اخللل يتوقع . األمور املالية الذي ميكن معاجلته بالوسائل العاديةشؤون احلياة وميكن معاجلته وقبوله يف احلدود حدوثه عادة يف مجيع

.املسموح ا

أن ميكن ال نظر سليمة ووجهة صحيح مبدأ على تسري اليت والدولةتسكت عن عالجه يف الوقت املناسب حىت مث بسيط خلل عندها حيدث

ويف .يتراكم ويصبح خلال مركبا ينقلب إىل أزمة، ولكن تعاجله يف بدايته .ميسورا سهال العالج نيكو احلالة هذه

وحيث قد علمنا أن األزمة االقتصادية تعين االضطراب الشديد يف تدبري أمور الدولة املالية، يصبح لزاما أن نتعرف يف البداية على كيفية تدبري

أمورها املالية، مث نبني احتماالت حدوث األزمات يف - أية دولة - الدولة وحىت ميكن فهم ذلك ال بد من دراسة . هاهذه األمور ومن مث بيان معاجلت

:عاملني مهمني يف تأثريمها على الوضع االقتصادي ألية دولة ومها

.وحدة التبادل املايل أي النقد )١ .ميزان املدفوعات )٢

Page 5: الازمات الاقتصادي

٣

النقد :أوالعلى أساس الزاوية املعدنية، كان التعامل النقدي يف العصور السابقة

من املعدن الثمني مسكوكة وخمتومة من قبلقطعة (حيث كان النقد يعين ).كافة التبادلية العمليات يف تستعمل السلطة

وكان املعدن الثمني الذي اشتهر كنقد يف تلك العصور هو الذهب والفضة، مث قل االعتماد على الفضة يف أواخر القرن التاسع عشر، حيث

النقدي املعمول به، زالت تقريبا الصفة النقدية عنه وبقي الذهب هو النظام نه ملا ظهرت بعض إواستمر التعامل النقدي على أساس القاعدة الذهبية حىت

األوراق النقدية يف أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كانت تلك األوراق أوراقا نائبة عن الذهب مبقدار قيمتها املكتوبة عليها كاملة، أي

. بالذهب يف أي وقتأن حاملها كان ميلك تبديلها

واستمر التعامل على أساس القاعدة الذهبية إىل ما قبيل احلرب العاملية األوىل حيث اضطرت الدول املتحاربة إىل تعليقه، وقامت بسبب ظروف احلرب إىل إصدار أوراق نقدية بدون إلزام املصارف املركزية بتبديلها ذهبا

.حسب نظام القاعدة الذهبية

م١٩٢٢احلرب تداعت الدول إىل عقد مؤمتر جنوة وبعد انتهاء وقررت العودة إىل نظام القاعدة الذهبية مع بعض التعديل اخلفيف، حيث ربطت النقد بالذهب لكنها مل جتعل تبديل األوراق النائبة بالذهب ميسورا لألفراد إال بقيمة معينة من الذهب حددت هلا وزنا كحد أدىن، فمن أراد

Page 6: الازمات الاقتصادي

٤

حلصول على الذهب من املصرف املركزي، عليه أن يبدل قيمة من األفراد ا حيث حيتفظ املصرف - وهو سبيكة ذهبية بوزن معني - احلد األدىن

بأرصدته الذهبية بشكل سبائك من وزن معني كحد أدىن، ولقد كان احلد ) ٢١٥( كان كيلو غراما وسعرها) ١٢(األدىن يف فرنسا مثال يساوي وزن

كمية كبرية لذلك مل يعد مبقدور األفراد احلصول على ألف فرنك، وهذه الذهب الذي حصر استعماله يف التجارة اخلارجية أو مبن ميلكون أوراقا

.نقدية بقدر عال مناسب

إال أن حماولة العودة إىل قاعدة الذهب مل تعش طويال بسبب اندالع م وطفق حيث اارت أسعار األسهم١٩٢٩األزمة العاملية الكربى سنة

املتعاملون يتخلصون منها فحدث إقبال شديد على األوراق النقدية، وسبب ذلك ضغطا على تبديل األوراق بالذهب، فعلقت دول العامل أمجع عملية تبديل الذهب بنقودها الورقية وأقرت التداول اإللزامي بدون تبديل

سنة أمريكا ،م١٩٣١ سنة بريطانيا بالذهب، وأول من نفذت ذلك

وتبعتها الدول األخرى واستمر التعامل م١٩٣٦فرنسا سنة ،م١٩٣٣ .النقدي مضطربا حىت اية احلرب العاملية الثانية

تداعى عدد من الدول إىل م١٩٤٤ متوز ٢٢بعد انتهاء احلرب ويف عقد مؤمتر بريتون وودز بالواليات املتحدة األمريكية وقرروا إعادة ربط

: خمتلف عن السابق وكان أبرز قراراتهنقدها بالذهب لكن على حنو

Page 7: الازمات الاقتصادي

٥

اشترط على الدول األعضاء إعادة ربط نقدها بالذهب، أي جيب -١أن حتدد كل دولة وزنا معينا من الذهب الصايف لوحدا النقدية ولكن بدون حرية تبديل الذهب لألفراد أو ألية هيئة كانت تطلب الذهب مقابل

زي، إال أن الدوالر وحده أعيد تبديله األوراق النقدية من املصرف املرك :بالذهب بالنسبة لألرصدة اخلارجية وكان ذلك لسببني

أن أمريكا خرجت بعد احلرب العاملية الثانية وهي حتتوي : األولمليار دوالر، ) ٣٨(معظم األرصدة الذهبية يف العامل اليت كانت تقدر آنذاك

.ايل ثلثي ذهب العاململيارا أي حو) ٢٥(كان يوجد منها يف أمريكا كان بسبب رغبة أمريكا باهليمنة السياسية واالقتصادية على : والثاين

العامل ألن الدول أصبحت غري ملزمة باالحتفاظ بكامل أرصدا النقدية تلتزم أمريكا - دوالرات - بأوراق نقدية صادرة من أمريكا وبالذهب، بل

ألخرى اليت حتتفظ بأرصدة ورقية بتبديلها ذهبا عند الطلب، ما جعل الدول اأمريكية يف مصارفها بدال من الذهب، مضطرة للمحافظة على عالقات سياسية واقتصادية معينة مع أمريكا لضمان ثبات سعر حتويل الورق

وقد حددت أمريكا سعر الدوالر الرمسي بالذهب . األمريكي إىل الذهب . لألونصةادوالر )٣٥(بواقع

يتون وودز بنظام الصرف بالذهب وذلك ألنه أقر وقد مسي نظام براحتفاظ الدول يف أرصدا بنقد ورقي قابل للتبديل بالذهب وهو الدوالر

وقد اعترب اإلسترليين -يصرف ذهبا بسعر حمدد من قبل أمريكا عند الطلب . - للتحويل لكنه مل يستمر طويالكذلك إىل حد ما قابال

Page 8: الازمات الاقتصادي

٦

ء أن تقوم بتثبيت سعر الصرف اشترط على الدول األعضا-٢لنقدها، بسياسات معينة تضعها الدول متناسبة مع غطاء من الذهب والدوالرات القابلة للتحويل إىل ذهب، ومسح املؤمتر بتقلبات هلذا السعر يف

. وإال تدخلت الدول إلعادته٪١حدود :قرر املؤمتر إنشاء منظمتني دوليتني -٣

الدويل، وأبرز أغراضه العمل على حتقيق منظمة صندوق النقد : األوىلاالستقرار النقدي الدويل وعلى حتقيق ثبات أسعار الصرف وجعل موارد الصندوق يف متناول األعضاء بنسبة حصصها فيه ملساعدا على تقصري أمد

.االختالل يف ميزان مدفوعااوقد كانت طريقة إنشائه مصاغة بشكل جيعل هيمنة أمريكية على

ته، فإم جعلوا األصوات اليت تتمتع ا الدول تتوقف على حصتها يف قرارافإن ) من رأس املال٪٢٧,٢(الصندوق، وألن حصة أمريكا فيه هي األكرب

.قراراته كانت قرارات أمريكية فهي منظمة البنك الدويل لإلنشاء والتعمري واحلق يف الثانيةأما

إعادة ما دمرته : أغراضهعضويتها مقصور على أعضاء الصندوق، وأبرزاحلرب ومساعدة الدول املتخلفة اقتصاديا وتقدمي القروض والضمانات، وجعلوا التصويت فيه كما فعلوا بالنسبة للصندوق، أي اهليمنة األمريكية

.كذلك متحققة فيههذه أبرز قرارات مؤمتر بريتون وودز الذي أقر نظام الصرف

به حىت مت إلغاؤه ائيا بقرار أمريكا الشهري بالذهب، وقد استمر التعامل مبوج . الذي ألغى قابلية الدوالر للتحويل إىل الذهبم١٩٧١ آب ١٥يف

Page 9: الازمات الاقتصادي

٧

بعد ذلك أصبح النقد يستعمل على أساس الزاوية االمسية وصار أية مادة كانت، بصرف النظر عن شكلها ونوعها، تصبح بفضل (تعريفه

وبالتايل أصبحت األوراق النقدية ).القانون وسيطة عامة للتبادل املايلاإللزامية هي املستعملة، وتأخذ قيمتها بقانون الدولة، وترتفع وتنخفض حبسب اقتصاديات الدولة وسياساا وإجراءاا املتبعة يف ذلك كإدارة ميزاا

.التجاري وميزان مدفوعاا وغري ذلك مما له عالقة فوعات ميزان املد :ثانيا

شامل جلملة املدفوعات اليت متت خالل فترة معينة بني هو احلساب ال .دولة ما ودول العامل األخرى بغض النظر عن طبيعة األعمال

:ويتكون امليزان من جانبنيحسب النظم ( ويتكون - اإليرادات -) الدائن(اجلانب األول

:من) االقتصادية احلالية ). اخلارجيمجيع السلع املصدرة للعامل( الصادرات املنظورة -١السلع املباعة واخلدمات املقدمة إىل ( الصادرات غري املنظورة -٢

األجانب املقيمني أو للسائحني، ما تشتريه اهليئات الدبلوماسية األجنبية يف البلد، نفقات سفر الركاب أو نقل البضائع لصاحل األجانب املستحقة

...كافآت إداريةلشركات مركزها يف الدولة، عوائد أفالم، برق، هاتف، مفنية، أقساط تأمني لرعايا أجانب لشركات حملية، وتعويضات للرعايا من

).شركات أجنبية، ونفقات الطالب األجانب يف بالدنا وأمثاهلا

Page 10: الازمات الاقتصادي

٨

. القروض األجنبية أي ما تقدمه البالد األخرى للدولة من قروض-٣ فوائد الفوائد واألرباح األجنبية أي ما تدفعه البالد األخرى من-٤

.وأرباح للدولة املنح واهلبات اليت حتصل عليها الدولة أو رعاياها من الدول -٥

.األخرى ورعاياها : وأبرز مكوناته- املدفوعات - )املدين(اجلانب الثاين

).مجيع السلع املستوردة من املصادر اخلارجية( الواردات املنظورة -١واخلدمات املقدمة إىل السلع املباعة ( الواردات غري املنظورة -٢

رعايا الدولة الذين يقيمون مؤقتا يف اخلارج أو للسائحني من رعاياها، نفقات سفر الركاب ونقل البضائع لصاحل رعايا الدولة من قبل شركات النقل األجنبية، نفقات طالب يدرسون يف اخلارج، شراء سلع أو خدمات

ة، عوائد أفالم سينما، برق، من األجانب بواسطة اهليئات الدبلوماسية للدولبريد، هاتف، مكافآت أقساط تأمني الشركات األجنبية، تعويضات

).األجانب من الشركات الوطنية وأمثاهلا . القروض للخارج-٣ . الفوائد واألرباح للخارج-٤ . اهليئات واملنح واملساعدات للخارج-٥

ولة إىل الدول ويظهر ميزان املدفوعات احلركة احلقيقية للنقود من الداألخرى وال يظهر بأي حال من األحوال القيمة الكلية ملا للدولة وما عليها

.قبل العامل اخلارجي

Page 11: الازمات الاقتصادي

٩

ويسمى ميزان الصادرات املنظورة والواردات املنظورة لسنة ما بامليزان التجاري، وتسمى الصادرات املنظورة وغري املنظورة والواردات

.يات اجلارية يف ميزان املدفوعاتاملنظورة وغري املنظورة بالعمل

هو -بند الصادرات والواردات- وعلى الرغم من أن امليزان التجاري اموع إال أن منأهم تلك البنود وميثل يف كثري من احلاالت حوايل الثلثني

ميزان املدفوعات ال يعكس امليزان التجاري ألنه حيتوي عناصر غريه، فمثال متعادال والسبب كان حصول م١٩٢٥انيا سنة كان ميزان مدفوعات أمل

مليون مارك وليس ألن صادراا ) ٩٠٠(أملانيا على قرض دوزوينج البالغ أكثر من وارداا أو مساوية هلا، وكذلك ميزان مدفوعات أمريكا سنة

والسبب أن الواليات املتحدة كانت تستثمر يف اخلارج ) عجز( م١٩٢٩من العمالت األجنبية وليس ألن هناك عجزا يف قدرا كبريا من إيراداا

ولذلك فإن العجز يف ميزان املدفوعات أو التعادل حيتاج . ميزاا التجاريإىل دراسة مستفيضة جلميع العناصر ذات العالقة، قبل احلكم على التوسع يف

.التصدير أو االقتراض أو االستثمار إلعادة التعادل إليه

اقع النقد وميزان املدفوعات يتبني لنا أن واآلن وبعد أن عرفنا واحتمال وقوع أزمة اقتصادية وارد كنتيجة لواقع النقد وميزان املدفوعات

:على النحو التايل

Page 12: الازمات الاقتصادي

١٠

:النقد نتيجة واقع االقتصادية األزمات - ١عندما كان العامل يسري على نظام القاعدة الذهبية يف تعامله النقدي

-االقتصادي واالستقرار النقدي-ار كان يعيش يف مرحلة من االزدهوعندما زال وحل حمله نظام الصرف بالذهب أخذت تظهر االضطرابات النقدية، حىت أن فترات االستقرار أصبحت هي االستثناء، مث ألغي نظام الصرف بالذهب وأصبح التعامل باألوراق اإللزامية اردة زادت احلالة

.حدة تلو األخرىسوءا، وأصبحت األزمات تتسارع الوا

لقد كان نظام القاعدة الذهبية يضمن سعر صرف ثابت، فإن الوحدة النقدية لكل دولة كانت ذهبا أو أوراقا نائبة عن قيمتها الكاملة بالذهب وقابلة لالستبدال يف أي وقت، ولذلك فسعر الصرف بني نقد الدول كان

مثال الدينار يف اإلسالم ف. ثابتا ألنه منسوب إىل وحدة ذهبية متعارف عليهاغم ذهبا، واجلنيه الربيطاين كان حمددا حسب القانون بغرامني ) ٤,٢٥(حمدد

لذلك . من الذهب الصايف، والفرنك الفرنسي يساوي غراما واحدا وهكذا .كان سعر الصرف ثابتا

ولقد حقق هذا النظام االستقرار وتثبيت قيمته الوحدة النقدية على خلي واخلارجي على السواء والدليل على ذلك أن األرقام الصعيد الدا

كانت تقريبا يف املستوى نفسه اليت م١٩١٠القياسية لألسعار بالذهب عام .١٨٩٠كانت عليه يف

:وأما بعد إلغاء هذا النظام فقد أصبح حدوث األزمات الفتا للنظر

Page 13: الازمات الاقتصادي

١١

.األزمات يف نظام الصرف بالذهب :أوال :النظام فقد أصبح حدوث األزمات الفتا للنظروأما بعد إلغاء هذا

يف هذا النظام كان الدوالر يستعمل رصيدا يف املصارف املركزية -دوالرا لألونصة) ٣٥ (- مضافا إىل الذهب ومقوما بسعر مضمون

.مبوجب مؤمتر بريتون وودز

ومبوجب هذا النظام تصبح الدول األخرى حتت رمحة أمريكا، فإن ) دوالرات(عاجل اخللل يف ميزان مدفوعاا بطبع أوراق نقدية أمريكا قد ت

إضافية بدون غطاء ذهيب كاف، وكلما زاد ذلك قلت إمكانية تبديل دوالراا ذهبا وهذا ما حدث فعال بعد احلرب العاملية الثانية وبعد مشروع مارشال، فأبطلت أمريكا تبديل الدوالرات املتداولة مجيعها ذهبا والتزمت

فقط بتبديل الدوالرات املتداولة يف اخلارج دون املتداول داخل أمريكا فعاجلت األزمة، ألن موجوداا من الذهب كانت تكفي غطاء للدوالرات املتداولة يف اخلارج، مث بدأت هذه تتناقص حىت ظهرت أزمة أخرى سنة

عندما أصبحت موجودات أمريكا ذهبا ال م١٩٦٥ وتفاقمت سنة م١٩٦١ي الستبدال الدوالرات يف اخلارج حسب السعر الرمسي يف مؤمتر بريتون تكف

وودز فصارت أرصدة الدول من الدوالرات تقل كثريا عن قيمتها االمسية .فحصل اضطراب اقتصادي

كانون أول - م١٩٥٨رت أمريكا ما بني كانون ثاين سلقد خدة كمية أربعة مليارات دوالر من أرصدا الذهبية نتيجة زيام١٩٦٠

Page 14: الازمات الاقتصادي

١٢

دوالراا يف اخلارج فاخنفضت الثقة بالدوالرات وازداد الطلب على الذهب واكتنازه، وازداد طلب املصارف لتبديل دوالراا ذهبا، وأصبحت تسدد

واجلدول التايل يبني تدهور الغطاء . ميزان املدفوعات بالدوالر دون الذهبام مبليارات األرق(، م١٩٦٥ -م١٩٤٦الذهيب للدوالر ما بني عام

):الدوالرات

١٩٤٩١٩٥٧١٩٦٠١٩٦٥ ١٩٤٦ السنةاألرصدة الذهبية ٢٤,٥٢٢,٨١٨,٨١٤ ٢٠,٦ يف أمريكا

أرصدة الدوالراترمسية (يف اخلارج )وخاصة

١٤,٦١٨,٧٢٥,٢ ٦,٤ ١,٦

نتيجة تدهور غطاء الدوالر الذهيب طلبت أمريكا معونة من البلدان أجل مساعدا، فتم االتفاق على إنشاء جممع الذهب الرئيسية يف العامل من

وكان عمله أنه إذا ارتفع سعر الذهب لسبب من األسباب يف السوق تسارع املصارف إىل التدخل فورا بطرح كمية إضافية من الذهب للبيع إلعادة السعر إىل مستوى التوازن، ويف املقابل إذا اخنفض السعر فإا تسارع

استمر . كمية الذهب الفائضة فريتفع السعر إىل مستواه األولأيضا إىل شراء

Page 15: الازمات الاقتصادي

١٣

امع بضع سنوات لكنه بالتدريج أصبح يتدخل يف السوق عارضا وخاصة ، األمر الذي هدد م١٩٦٨ آذار ١٧ وحىت وفاته يف م١٩٦٥ما بني

األرصدة الذهبية للبلدان األعضاء إىل الذوبان فانسحبت فرنسا يف شهر ، مث ١٩٦٧اإلسترليين يف خريف ( تسارعت األزمات مثم١٩٦٧حزيران

فتسببت األزمتان يف خسارة بلدان امع الذهيب ) م١٩٦٨أزمة الذهب مليار من الدوالرات الذهبية، فعقد اجتماع يف ٢,٥ خالل ستة شهور مبلغ

قرر فيه إلغاء جممع الذهب وترك سعر الذهب م١٩٦٨ آذار ١٧واشنطن .ض والطلبحرا يتحدد بقوى العر

وقد تسببت أزمة الذهب املذكورة يف إنقاص األرصدة الذهبية يف م١٩٦٨ مليار يف شهر آذار ١٠,٤٨ إىل م١٩٦٥ مليار سنة ١٤أمريكا من

وكان هذا الرصيد الذهيب ألمريكا يف حينه هو . عندما ألغي جممع الذهباء الذهيب احلد األدىن للكمية الالزمة اليت نص عليها القانون من أجل الغط

حتويل الدوالرات اململوكة أمريكا ألغت ومن مث )٪٢٥(الداخلي للدوالر للقطاع اخلاص يف اخلارج إىل ذهب وأبقت فقط االستبدال بالذهب لألرصدة اخلارجية الرمسية اخلارجية فقط، أي أن غطاء الدوالر الذهيب يف

األرصدة الباستبد الوفاء تستطع مل قد حذف، لكن أمريكا) ٪٢٥(الداخل الرمسية اخلارجية نتيجة االسترياد والتصدير من القطاع اخلاص، وكذلك

وعليه فقد قررت . معامالت القطاع العام يف عالقته الدولية مع اآلخرين .م١٩٧١أمريكا إلغاء نظام الصرف بالذهب بالكامل عام

Page 16: الازمات الاقتصادي

١٤

مما سبق يتبني كم هي عنيفة تلك األزمات الناجتة عن نظام الصرف هب يضاف إىل ذلك أن هذا النظام يعين أن الدولة ذات نقد األرصدة بالذ

دوالرات زائدة لتغطية ةتستطيع أن حتدث اضطرابا يف اقتصاد العامل بطباعمصاحلها اخلاصة على حساب الدول األخرى مما ترتب عليهم أعباء من خزينتهم إلعادة التوازن، أي أن الدول األخرى تكون ملزمة يف حتمل أي عجز يف ميزان املدفوعات لتلك الدولة، باإلضافة إىل تعرضها لقرار من تلك الدولة بإلغاء حتويل نقدها ذهبا جزئيا أو كليا وبالتايل تصبح احتياطات الدول األخرى من الدوالرات قد اخنفضت إىل نسبة متدنية مما يؤثر على

خطابه الشهري وقد تنبه إىل ذلك ديغول فذكر يف. خطط الدول االقتصادية أن الدوالر كان يف السابق مغطى بالذهب، وأما اآلنم١٩٦٥ شباط ١٤، ولو أرادت الدول تبديل رصيدها الدوالري ٪٢٠ ضعيفة بنسبة مغطى فهو

بالذهب بالسعر الرمسي ملا استطاعت أمريكا ذلك، فيجب استبداله بنظام . القاعدة الذهبية

ام الصرف بالذهب أمر متوقع وعليه فإن حدوث أزمات نقدية يف نظاحلدوث ألن الدول مضطرة للمحافظة على سعر الدوالر بالنسبة للذهب بتدخل مصرفها املركزي عن طريق احتياطه من الذهب، واألزمة اخلطرية هي عندما تقرر الدولة صاحبة نقد الرصيد إىل فك ارتباطه بالذهب فتصبح

قي فاقدة لقيمتها الذهبية احتياطات الدول األخرى من هذا النقد الور .فتنخفض قيمة نقدها هي مبقدار اخنفاض نقد الرصيد إن مل يكن أكثر

Page 17: الازمات الاقتصادي

١٥

.اإللزامية األوراق نظام يف األزمات :ثانياإن األزمات يف ظل هذا النظام تتسارع أكثر فأكثر ألن تنافس الدول

ترياد سياسيا واقتصاديا واملضاربات يف األسواق اخلاصة وحاجة الدول السأو تصدير سلع لدول أخرى وحاجتها للقروض وغريها تؤثر تأثريا حادا على قيم النقود ارتفاعا واخنفاضا ويصبح ثبات األسعار واستقرار التعامل االقتصادي صعب املنال إن مل يكن معدوما كما هو حاصل حاليا يف التعامل

.االقتصادي احمللي والدويلدول مهتمة بالتركيز يف احتياطاا على نقد يف هذا النظام تصبح ال

الدول املؤثرة اقتصاديا وسياسيا حلاجتها إليه، وأي تغري سياسي أو اقتصادي يف تلك الدول ينعكس على شكل أزمة يف نقد الدول األخرى وبالتايل

فالدول اليت تربط نقدها بالدوالر مثال تصبح مهتمة باحملافظة على اقتصادها،الدوالر للمحافظة على احتياطاا، فإذا اشتد طلب الناس على استقرار

العملة احمللية أدى هذا إىل ارتفاع سعر عملتها بالنسبة للدوالر فتقوم هذه الدولة بإنزال كميات من عملتها إىل السوق وتسحب بدال منها دوالرات ما أي تبيع عملتها بالدوالر، وإذا حصل العكس وختلى الناس عن عملتها ك

تقوم بسحب هذه الزيادة فتشتري - أي زاد العرض- حيصل يف املضاربات عملتها من السوق بالدوالر، أي ترتل للسوق دوالرات من خزينتها وتعيد

ولذلك فكل دولة تربط نقدها بالدوالر تكون . خلزينتها عوضا عنها عملتها هذا مكلفة بالدفاع عن عملتها هي وكذلك عن الدوالر، وتتحمل الدولة .العبء وحدها بدرجة أكرب وأشد من الدولة صاحبة النقد األجنيب املعتمد

Page 18: الازمات الاقتصادي

١٦

وتقوم الدولة ذا اجلهد وحتمل هذا العبء حفاظا على خمزوا من :وكمثال على ذلك. العملة األجنبية، ألن اخنفاضها يضر بقيمة موجوداا

وايل قدرت اخلسارة اليت تعرض هلا البنك املركزي الكوييت حب- ١ جراء ختفيض ٧٢/٧٣، ٧١/٧٢مليون دينار كوييت للعامني ) ٧٩,٦(

. ٪١٨الدوالر املرة األوىل والثانية واليت كانت يف حدود

اخنفضت قيمة االستثمارات املالية السائلة فقط لدول األوبك - ٢ بليون ٧٨ من قيمتها االمسية اليت كانت يف أوائل السبعينات حوايل ٪٦١

.م١٩٧٨ - م١٩٧٤ بليون دوالر للفترة الواقعة ٤٧دوالر فأصبحت

كانت ٨٠-٧٩ العائدات البترولية للدول العربية خالل العامني - ٣مليار دوالر سنويا وهذا يرينا كم هي اخلسارة نتيجة أي ) ١٧٦(تساوي

.والردتقلبات يف سعر ال

بليون دوالر منتصف عام ٣٥,٤٤ قدر االحتياطي النقدي - ٤ من االحتياطي النقدي العريب موظف يف عمالت ٪٨٧,٨يل وحوام١٩٧٦

.أجنبية وهو يتعرض للتقلب مع تقلبات قيمة هذه العمالت األجنبية

باإلضافة لتأثري النقد األجنيب مباشرة على نقد الدولة اليت حتتفظ بذاك النقد يف خمزوا االحتياطي فإن نقد الورق اإللزامي سريع التأثري بالوضع

دي احمللي والدويل، وبذلك فهو عرضة للتضخم أكثر من غريه من االقتصا .األنظمة السابقة

Page 19: الازمات الاقتصادي

١٧

فإن نظام القاعدة الذهبية حيقق ثبات قيمة النقد العتماده الكلي على .الذهب

وأما نظام الصرف بالذهب والذي فيه يتوقف نقد أية دولة على الذهب باتا جزئيا لقيمة النقد إال وعلى نقد ورقي آخر قابل للتحويل إىل ذهب فإن فيه ث

إذا ضعف االحتياطي الذهيب لنقد األرصدة، أي أصبح غري قابل للتحويل إىل .ذهب كليا أو جزئيا، فحينها تنخفض قيمته وكذلك قيمة النقد اآلخر

أما نظام الورق اإللزامي فإنه معرض للتضخم بني احلني واآلخر ألن ارجيا هي اليت تعطيه القيمة، وحيث أن سياسة الدولة االقتصادية حمليا وخ

هذه السياسة تؤثر فيها عدة عوامل جتعل من الصعب ضبطها لثبات أسعار الصرف، وهلذا فاخنفاض قيمة النقد أي ضعف قوته الشرائية حمتمل احلدوث

.بدرجة أكرب من النظامني السابقنيوال أدل على ذلك من أن نقد مجيع الدول بدون استثناء تعرضت قيمته للتقلبات ومل تسلم منه حىت الدول املتقدمة اقتصاديا، فقد خفض

.وهكذا واإلسترليين والفرنك والني واملارك الدوالرومعلوم أن التضخم يؤدي إىل غالء األسعار لضعف القوة الشرائية وتأثري ذلك على احلياة االقتصادية شديد اخلطورة خاصة إذا استمر على

.فترات متقاربةن النقد ال ينسب إىل وحدة ثابتة متعارف عليها فيصبح نظام النقد وأل

اإللزامي طريقا إىل املؤمترات واملضاربات بني الدول فهذه ختفض عملتها لزيادة صادراا فتقوم تلك برفع الفائدة على نقدها بالنسبة لودائع الناس ذا

.ال من اخلارجالنقد، الكتناز االدخار من املواطنني وجذب رؤوس األمو

Page 20: الازمات الاقتصادي

١٨

وقد تداخلت تقلبات النقد مع األعمال التجارية، فإذا رفعت نسبة انصرف الناس ماالفائدة على نقد معني أو حتسن الوضع االقتصادي لدولة

عن االستثمار التجاري إىل االستثمار االدخاري للنقد صاحب الفائدة القوية وول ستريت يوم االثنني يف البنوك كما حدث عندما اارت أسواق املال يف

، ٪٢٠ حيث اارت أسعار األسهم بأكثر من م١٩٨٧ تشرين األول ١٩وقد اختلفت التحليالت االقتصادية حول ذلك، إال أن الراجح هو ما أشيع عن نية أمريكا برفع الفائدة على الدوالر بشكل قوي، فقد سربت الصحافة

ريكي ونظريه األملاين عندما هدد األمريكية أنباء خالف بني وزير اخلزانة األماألمريكي برفع الفائدة على الدوالر، ألن الوزير األملاين رفع الفائدة على املارك مما جعل محلة األسهم يتسارعون للتخلص من األسهم حتقيقا لربح أيسر وأفضل نتيجة االستثمار االدخاري اقتناصا للفرصة الساحنة قبل تغري

.به وزير املالية الفرنسي عن سبب األزمةالظروف وهذا ما صرح وبعد تلك األزمة نشأ اقتراح لبعض وزراء مالية الدول الغربية بأن يربط سعر صرف العمالت الرئيسية بأسعار سلة من السلع بينها الذهب أي

. إىل نظام بريتون وودز"مقسطة"ما ميكن اعتباره عودة بالورق اإللزامي وسبب ومع كل هذه األزمات ال زال العامل يتعامل

ذلك هو وقوف بعض الدول املنتفعة من هذا النظام على حساب معظم الدول املتضررة، ليبقى نفوذها السياسي واالقتصادي متحكما يف اآلخرين نظرا ألن نقدها موجود يف املصارف املركزية لباقي الدول مما جعل أوضاعها

. الدولالسياسية واالقتصادية متأثرا بنفوذ تلك

Page 21: الازمات الاقتصادي

١٩

ذهبيا ري هذا النظام ألا ال متلك غطاءيوهذه الدول تقف يف وجه تغمناسبا، فلو أعيد نظام القاعدة الذهبية ألصبحت الدول احلالية ذات النقد

ونتيجة . املسمى عملة صعبة مثل أية دولة أخرى بدون مزية على غريها من هذه األزمات عاين النظام الورقي اإللزامي هذا سيبقى العامل ياستمرار

.املتكررة ما مل تعاجل العالج السليم

:املدفوعات نتيجة ميزان االقتصادية األزمات – ٢والوضع ) دائن ومدين(ن ميزان املدفوعات يتكون من جانبني إقلنا

املستقر أن يتساوى جانبا امليزان، إال أنه يف كثري من احلاالت ال يتم ذلك، .لب على األوضاع االقتصادية جلميع الدولويكاد يكون هذا هو الغا

وحيصل قيمة املدفوعات، لسد اإليرادات تكفي ال عندما العجز ويبدأ :منها كثرية ألسباب العجز هذا

استرياد اآلالت والسلع ( نتيجة التوسع يف الواردات الرأمسالية - ١ .وبدون أن تستغل هذه يف مشاريع منتجة استغالال جيدا) اإلنشائية

االسترياد املكثف لسلع استهالكية أساسية نتيجة ضعف اجلهاز - ٢اإلنتاجي وقصوره عن إنتاج هذه السلع فتضطر الدول الستريادها مث تضيف

.استرياد سلع كذلك غري ضرورية

نتيجة التوسع يف تصدير رؤوس األموال أي االستثمار يف - ٣ .اخلارج أو اإلقراض خارجيا

Page 22: الازمات الاقتصادي

٢٠

تعويضات احلرب (مليات من طرف واحد العجز نتيجة الع- ٤ ).والغرامات تبين سياسات استثمار وتصنيع ختدم قطاعات االستهالك التريف - ٥

.وشبه التريف . هروب رؤوس األموال لعدم االستقرار السياسي واالقتصادي- ٦ الفساد اإلداري سواء يف جهاز الدولة أو املؤسسات العامة وما - ٧

ام يف اتمع من قلق وعدم ثقة جيعل بعض املواطنني خيلقه جو الفساد الع .احملليني يودعون أمواهلم يف حسابات يف اخلارج تأمينا ملدخرام

تذبذب سعر الدوالر والعمالت األجنبية األخرى واخنفاض قيمة - ٨نقد االحتياط، وبذلك تقل القيمة احلقيقية الحتياطات الدولة وبالتايل تصبح

.ن ميكن استريادها مببلغ معني، حمتاجة إىل مبالغ إضافيةالسلع اليت كاعليه إذا اختطت الدولة التغلب والعجز يف البداية إن مل يتفاقم ميكن

لنفسها سياسة اقتصادية سليمة، ولكن العجز يصبح أزمة إذا مل تكف له حىت تستعيد الدولة تنشيط صادراا السيولة النقدية للدولة للمعاجلة املؤقتة

.وتقليل وارداا ورسم سياسات وإجراءات لتحسني ميزان املدفوعاتواملقصود بالسيولة النقدية موجودات الدولة اجلاهزة لسد العجز منها، وهي احتياطي الدولة من الذهب والقطع األجنيب وكذلك حصتها

يف صندوق النقد الدويل، حيث يتوجب ) الشرحية الذهبية(املدفوعة ذهبا مما ٪١٠لة عضو يف الصندوق أن تدفع ربع حصتها ذهبا أو على كل دو

.متتلك رمسيا من ذهب ودوالرات، وهذه اليت تسمى بالشرحية الذهبية

Page 23: الازمات الاقتصادي

٢١

وبذلك نكون قد عرفنا كيف حتدث األزمات يف النقد وميزان وهناك أزمة ثالثة تنتج عن سوء توزيع الثروة بني الناس، فقد ال . املدفوعات

قدية وال حىت أزمة نتيجة ميزان املدفوعات، مبعىن أن تكون هناك أزمة ناإليرادات تغطي املدفوعات ولكن اإليرادات تذهب لتغطية واردات ونفقات لسد حاجة فئة من الناس دون اآلخرين، فمثال لو قلنا أن بلدا ما يصدر بتروال مببلغ مليون دينار مث يستورد به قمحا يكفي حاجة السكان فيكون

ولكن لو ذهب هذا . ان التجاري سليما، وبالتايل ميزان املدفوعاتامليزالقمح فاشتراه عدد من الناس بقدرم املالية ومل يقدر على شرائه آخرون فإن أزمة جديدة تنشأ وتكون ناجتة عن عدم توزيع الثروة على الناس أمجعني

.ةلتمكينهم من سد حاجام األساسية فتتسبب يف حدوث فقر يف األم

وبذلك تكون األزمات االقتصادية املتوقع حدوثها واليت تتطلب :مهمة أزمات ثالثة عالجا حمصورة يف

أزمة ناجتة عن النظام النقدي وأزمة ناجتة عن ميزان املدفوعات وأزمة ثالثة ناجتة عن عدم توزيع الثروة بشكل سليم على الناس، أي ناجتة عن سوء

.توزيع الثروة

Page 24: الازمات الاقتصادي

٢٢

:ات االقتصاديةمعاجلة األزمبعد أن بينا واقع األزمات االقتصادية نبدأ بيان العالج الناجع هلذه

.األزمات

.معاجلة األزمة الناجتة عن النظام النقدي احلايل: أوالذكرنا فيما سبق أن األزمة النقدية ميكن أن حتدث يف نظام الصرف

مات اليت وللقضاء على األز. بالذهب وكذلك يف نظام الورق اإللزاميذكرناها فإنه ال بد من الرجوع إىل نظام القاعدة الذهبية سواء بالتعامل املباشر بالذهب أو بأوراق نائبة عن الذهب قابلة للتحويل بدون قيد وال شرط، وقد تنبه لذلك كثري من االقتصاديني، ولوال وقوف الدول ذات

خوفا على خسارا العالقة وخاصة أمريكا يف وجه الرجوع للقاعدة الذهبية هليمنتها السياسية واالقتصادية لعاد العامل إليه، ألن هذا النظام هو الذي حيفظ االستقرار ويؤدي إىل االزدهار يف النشاط االقتصادي دون هيمنة لدولة على أخرى، وفيه ينسب النقد لوحدة متعارف على احترامها

الكتلة النقدية ألن وتقييمها، وفيه كذلك ال تستطيع الدول زيادة حجمالدول ال تستطيع إصدار أية كمية تشاء من النقد ألا ملزمة بالرصيد

ن الدول تستطيع وقت احلاجة إالذهيب وهذا نقيض األوراق اإللزامية، إذ إصدار الكمية اليت تريد من أجل خدمة مصاحلها اخلاصة، األمر الذي يؤدي

.الثقة بالوحدة النقديةمباشرة إىل إحداث التضخم النقدي وإضعاف

: غري أنه ال بد من مراعاة الشروط التالية يف هذا النظام

Page 25: الازمات الاقتصادي

٢٣

حرية تصدير واسترياد الذهب للجميع دون أي قيد أو شرط، - ١ .ألن حرية خروج ودخول الذهب تؤمن ثبات سعر الصرف

حرية التبديل املطلقة لألوراق النائبة بالذهب يف أي وقت - ٢ .توبة عليهابكامل قيمتها املك

حرية سك وصهر املعدن األصفر، فكل من ميلك نقودا ذهبية - ٣يستطيع صهرها وعملها سبيكة ذهبية بدون قيود، وكذلك من كانت لديه

بعد دفع (سبيكة يستطيع أن يذهب إىل دار سك النقود فيسكها نقودا ذهبية أي نفقات السك وذلك للحيلولة دون حدوث أي اختالل بني) األجرة

.سعر الذهب الرمسي وسعره التجاري

هذا من حيث البحث االقتصادي ارد ولكن من وجهة نظر اإلسالم : إال الذهب والفضة لألدلة الشرعية الواردة يف ذلك نقدال يصح أن يكون

الستعمال الذهب والفضة نقدا للدولة إقرار الرسول - ١ تزن ا هذه الدنانري اإلسالمية، كما أقر األوزان اليت كانت قريش

الوزن «: قال رسول اهللا : والدراهم، عن طاووس عن ابن عمر قال وكان وزن العشرة دراهم سبعة مثاقيل وحبساب أوزاننا »وزن أهل مكة

. غرام٢,٩٧٥ غرام والدرهم فضة يساوي ٤,٢٥اليوم الدينار ذهبا يساوي

Page 26: الازمات الاقتصادي

٢٤

:ربط اإلسالم أحكاما شرعية بالذهب والفضة - ٢

% š⎥⎪Ïحرم كرتمها - ١ ©!$# uρ šχρã” É∴õ3tƒ |= yδ ©%! $# sπÒÏ ø9 $#uρ Ÿωuρ

$pκ tΞθà) ÏΖム’ Îû È≅‹ Î6y™ «! $# Νèδ ö Åe³t7 sù A># x‹yèÎ/ 5ΟŠ Ï9 r& ∩⊂⊆∪ .

فرض منهما الزكاة باعتبارمها نقدين وأمثانا للمبيعات وأجرة - ٢ة درهم مخس ٢٠٠ويف كل ) (دينارا نصف دينار ٢٠يف كل (للجهود ).دراهم

جعل «، »وعلى أهل الذهب ألف دينار«فرض الدية ما كنقد - ٣ .» ديته اثين عشر ألفا أي من الدراهم النيب

ال تقطع يد السارق «نصاب القطع يف السرقة عند حتقق شروطه - ٤قطع سارقا يف جمن قيمته إن رسول اهللا«، » إال يف ربع دينار فصاعدا

.» ثالثة دراهم

حني قرر أحكام الصرف يف املعامالت جعلها يف الذهب - ٥عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إال سواء ى رسول اهللا«والفضة

بسواء وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا ونشتري الذهب بالفضة .» يدا بيد«، ويف حديث آخر » كيف شئنا

.هب والفضةلكل هذا فإن نقد الدولة اإلسالمية هو الذ

Page 27: الازمات الاقتصادي

٢٥

ولذلك فإنه ملعاجلة األزمات النقدية ال بد من الرجوع إىل القاعدة غري أن هذا الرجوع ال خيلو .الذهبية سواء الذهب وحده أو الذهب والفضة

من مشاكل نتيجة لالحتكارات العاملية ولوجود احلواجز اجلمركية ولتركز الدول خزائن رية والكمية العظمى من الذهب والفضة يف خزائن الدول الكب

اليت زادت طاقتها على اإلنتاج وقدرا على املنافسة يف التجارة الدولية أو والختاذ نظام النقد الورق اإللزامي بدال ،نبوغها بالعلماء والفنيني واملهندسني

.من نظام الذهب والفضةولتخطي ذلك ال بد للدولة اليت تريد العودة للقاعدة الذهبية أن تسري

سياسة االكتفاء الذايت فتقلل من استريادها وتعمل على أن تبادل السلع علىاليت تستوردها بسلع موجودة عندها، كما عليها أن تعمل على بيع السلع املوجودة عندها بسلع حتتاج إليها أو بالذهب والفضة أو بالعملة اليت هي يف

.حاجة إليها السترياد ما حتتاج إليه من سلع وخدماتبالنسبة ألية دولة، أما بالنسبة لدولة اخلالفة اليت يتوقع قيامها هذا

قريبا بإذن اهللا فإن األمر أسهل ألن الذهب املوجود يف البلدان اإلسالمية واملكدس يف البنوك واخلزائن فيها، فيه كفاية تامة لتمكني دولة اخلالفة من

املوجودة يف العودة إىل قاعدة الذهب، هذا فضال عن أن كميات الفضةواليت ستكون وحدة أساسية يف نقد دولة اخلالفة مع وحدة (البالد اإلسالمية

الذهب، ألن دولة اخلالفة تقوم على قاعدة الذهب والفضة وعلى نظام موجودة بكميات كبرية مما يسهل على دولة ) املعدنني من الناحية النقدية

.اخلالفة العودة إىل قاعدة الذهب والفضة

Page 28: الازمات الاقتصادي

٢٦

ة على ذلك فإن البالد اإلسالمية متوفر لديها مجيع املواد اخلام وزيادأو ) أساسيا(اليت تلزم األمة مما جيعلها يف غري حاجة إىل سلع غريها احتياجا

احتياج ضرورة ، وبذلك تستغين دولة اخلالفة بسلعها احمللية عن استرياد . داخل البالدالسلع اخلارجية مما سيوفر خروج الذهب إىل اخلارج وبقاؤه

كما أن البالد اإلسالمية متلك سلعا مهمة كالنفط حتتاجها مجيع دول العامل وتستطيع دولة اخلالفة أن تبيعها بالذهب أو بسلع هي يف حاجة إليها أو بنقود حتتاجها السترياد ما يلزمها من سلع وخدمات كما تستطيع أن متنع

مما جيعل احتياطي الدولة من الذهب بيعها ألية دولة إال إذا دفعت مثنها ذهبا .يف ازدياد

وبالرجوع إىل نظام الذهب يعود االستقرار وتزول األزمات واهليمنة .وهذا هو العالج الناجع الكايف والشايف. النقدية لدولة على أخرى

.معاجلة األزمة الناجتة عن ميزان املدفوعات: ثانيادث عجز يف ميزان املدفوعات، ن األزمة تبدأ بالظهور عندما حيإقلنا

أي تكون اإليرادات ال تكفي لسد املدفوعات، ويف هذه احلالة تتخذ الدول عالجا مؤقتا لسد العجز من السيولة النقدية لديها، وتبدأ بسياسات

.وإجراءات لتنشيط أوضاعها االقتصادية وحتسني ميزان املدفوعات :من هذه اإلجراءات اليت تقوم ا الدول حاليا

رفع سعر الفائدة السوقية كوسيلة جلذب رؤوس األموال من - ١ .اخلارج

Page 29: الازمات الاقتصادي

٢٧

فرض ضرائب على الواردات، أي رفع رسوم اجلمارك وكل ما - ٢ .له عالقة بتخفيض الواردات

ختفيض قيمة عملة البلد فتشجع األجانب السترياد السلع املنتجة - ٣. الدولة ألن سعرها يصبح منخفضا بالنسبة هلم أي أن الصادرات تزيديف

ولكن هذا مشروط بأن تكون السلع املنتجة يف الدولة جاهزة للتصدير بكميات كبرية حىت تزيد كمية اإليرادات نتيجة السلع املصدرة، ولكن إن كانت الدولة غري منتجة لسلع قابلة للتصدير بشكل كاف فسيكون ختفيض

عملة مبعث خسارة، باإلضافة ملا يسببه ختفيض العملة من غالء يف الفالتخفيض يؤدي إىل زيادة الصادرات بإيرادات متزايدة إذا كانت . األسعار

الدولة ذات طاقة إنتاجية تصديرية كافية وبشرط أن ال ختفض الدول األخرى اليت تصدر نفس السلع عملتها، ألن الوضع حينها سيكون كما لو

.يكن ختفيضمل

البحث اجلاد يف استغالل الثروات الطبيعية بشكل حيسن - ٤اإليرادات الناجتة عن تنشيط االقتصاد وزيادة التصدير هلذه الثروات، يف

الذي تم فيه الدولة بإنتاج السلع األساسية داخل البالد حىت نفسهالوقت .رداتال تضطر الستريادها من اخلارج، وبذلك تكون قد قللت الوا

وجتدر اإلشارة هنا إىل أن بعض الدول الكربى أو مجيعها، لكي - ٥ال تلجأ إىل االقتراض أو إىل إجراءات تقشف توجد ردة فعل شعبية وحىت ال تلجأ إىل ختفيض عملتها مما جيرح كرامتها فإا تلجأ إىل متويل بعض

Page 30: الازمات الاقتصادي

٢٨

ه أساس نفقاا أي العجز يف ميزان املدفوعات بإصدار نقد جديد ليس ليدعمه، وتوسع الدولة يف إصدار النقد ذه الطريقة يوجد تضخما أي

وطرق معاجلة . ارتفاعا يف األسعار نتيجة خللل التوازن بني النقد والسلعالتضخم تتم عادة بإعادة التوازن بني النقد وجمموع السلع واخلدمات إما

انب اإلنتاجي منه بزيادة السلع واخلدمات أي بتنشيط االقتصاد وخاصة اجلأو بسحب الزائد من النقد من التداول، وتتم عملية سحب النقد برفع الفائدة مما يشجع الناس على ادخار أمواهلم يف البنوك، أو بالطلب من البنوك التجارية رفع نسبة أرصدا املودعة يف البنك املركزي، فتجمد يف البنك

إلجراءات تنتج أعراضا جانبية غري أن هذه ا. املركزي وترفع من التداول .سيئة من حيث أا تقلل من االستثمار وتدفع للركود االقتصادي

ومن هذه اإلجراءات كذلك االقتراض إلعادة التوازن مليزان - ٦املدفوعات، وهنا تبدأ مرحلة جديدة من األزمة وهي دخول مصيدة املديونية

القروض لتشغيلها يف خاصة بالنسبة للدول اليت ال حتسن التصرف يف مشروعات إنتاجية تدر دخال على البالد، وهذا ما حدث ملعظم الدول النامية أو دول العامل الثالث، فإن هذه الدول قد وجدت أن االقتراض هو أيسر السبل ملعاجلة ميزان املدفوعات ألن الكثري منها ال ينتج ما يسد حاجته

ة جدا إن مل تكن معدومة، وبذلك األساسية، وسلعه القابلة للتصدير قليلجيدون أن سد العجز بالقروض هو املمكن بالنسبة هلم، حيث أن الضغط على الواردات لتقليلها سيؤدي إىل ندرة السلع وبالتايل ارتفاع األسعار وهذا بدوره يؤدي إىل تعطيل الطاقة اإلنتاجية فتزيد البطالة وتقف عجلة النمو،

Page 31: الازمات الاقتصادي

٢٩

احتياطياا النقدية غري ممكن لضآلة حجم وكذلك فإن سد العجز من احتياطات هذه الدول من الذهب والعمالت األجنبية كما أن استرتاف االحتياطات واستخدامها يف سد العجز يعرض مستوى هذه االحتياطات للخطر ويدفع سعر العملة احمللية إىل التردي، فإذا ما أضيف إىل ذلك عدم

استغالل ثرواا الطبيعية بشكل جدي تكون اهتمام كثري من هذه الدول إىلالنتيجة التوجه إىل االقتراض ومما يضاعف األزمة أن يصاحب االقتراض ثالثة

:عوامل خطرية

١ - توجيه هذه القروض إىل مشاريع غري إنتاجية بل ته أو شبه رفيتربدون جدوى اقتصادية، وبذلك ) للدعاية(ه وإىل مشاريع شبه ومهية في

.ن هذه املشاريع عبئا جديدا يضيف عجزا إىل العجز السابقتكو

النهب املباشر لنسبة كبرية من القروض واملساعدات األجنبية - ٢بواسطة مسؤولني كبار من خالل العموالت والرشاوى وهؤالء حريصون على تأمني ما بوه وحيتاطون ملخاطر االنقالب وتداول السلطة فيهربون

ملنهوبة إىل اخلارج، وبذلك حيرمون بالدهم مرتني، مرة هذه األموال اباالستحواذ على جزء كبري من املال العام الذي كان ينبغي أن خيصص جلهود التنمية وتنشيط االقتصاد احمللي، ومرة أخرى بتهريبه إىل اخلارج

وحول هذا املوضوع نشر بنك مورغان . وحرمان بالدهم من استثماره حمليا- ٪٤٠الواليات املتحدة دراسة حديثة له يقدر فيها أن ما بني تراسيت يف

من جمموع القروض اليت حصلت عليها بلدان العامل الثالث قد وجدت ٪٦٠

Page 32: الازمات الاقتصادي

٣٠

طريقها مرة أخرى إىل بلدان العامل األول على شكل حسابات سرية خاصة مليار دوالر هي ) ١٥٠٠(لكبار املسؤولني أو بأمساء ذويهم فمن جمموع

عامل الثالث يف منتصف الثمانينات قدرت الدراسة أنه يوجد يف ديون المقابلها ما يقرب من ألف مليار دوالر يف بنوك العامل األول يف حسابات

.خاصة بأمساء مسؤولني حاليني أو سابقني يف بلدان العامل الثالث

استعمال الدول الكربى أو صاحبة النفوذ هذه القروض طريقا - ٣على الدول املدينة فهي تعمل على الدوام لرسم سياسات لبسط اهليمنة

تشجع هذه الدول على االقتراض لغايات ختدم مصاحلها هي سواء :االقتصادية أو السياسية ويظهر ذلك يف األدلة التالية

جاء يف تقرير جلنة اجلنرال كالي يف األسبوع األخري من شهر - أاهلدف من إعطاء هذه حول املساعدات األمريكية أن م١٩٦٣آذار

أمن الواليات املتحدة (املساعدات واملقياس الذي تعطى على أساسه هو وبالتايل فليست القروض ملساعدة البلدان املتخلفة ) وأمن وسالمة العامل احلر

بل لبسط نفوذها، ولذلك ضغطت على إندونيسيا وأوجدت هلا القالقل يف فاملنح والقروض كانت وما . روضأوائل الستينات حىت أجربا على أخذ الق

زالت من أسلحة هذه الدول للهيمنة السياسية، فإن أمريكا بالرغم من أن اميزان مدفوعاا يشكو من عجز شبه دائم إال أا ختصص مساعدات ومنح

.كل عام

Page 33: الازمات الاقتصادي

٣١

حققت الدول األعضاء يف أوبك فوائض كبرية يف ميزان - بقت فوائضها إىل أسواق النقد فتدفم١٩٧٩، م١٩٧٤مدفوعاا يف عامي

الدولية فتبنت البنوك التجارية الدولية بتشجيع من حكوماا ما يعرف بإعادة تدوير الفوائض النفطية إي إقراض هذه األرصدة إىل الدول النامية اليت تعاين من عجز يف ميزان مدفوعاا وبفائدة منخفضة نسبيا وبشروط

الدول النامية على زيادة اقتراضها لتمويل سهلة مما أغرى عددا كبريا من ولكن البنوك التجارية حىت حتمي نفسها من خماطر . ميزان مدفوعاا

اإلقراض للدول النامية جلأت إىل ما يعرف باسم الفائدة املعومة أو املتغرية اليت تتغري على فترات تبعا لالجتاه العام ألسعار الفائدة يف سوقي لندن

وميكن إدراك خطر . ا إليها نسبة أخرى ملواجهة املخاطرونيويورك مضافهذه الفائدة املعومة إذا علمنا أن أسعار الفائدة على القروض الدوالرية قد

خالل الفترة ٪١٧,٥ إىل م١٩٧٨ - ٧٤ خالل الفترة ٪٧,٨ارتفعت من أي أن هذه البنوك شجعت الدول النامية على االقتراض مث . م١٩٨١ - ٧٩

.ا داخل املصيدة ضغطت عليها بزيادة الفائدة املعومةملا وضعته

هلذه العوامل مجيعها فإن الدول مبجرد خطوا األوىل على طريق ومما . االقتراض تدخل مصيدة املديونية اليت جتعل إنفكاكها صعب املنال

يعقد املوضوع أن الطريق الذي رمسته الدول االستعمارية ملساعدة الدول ملديونية هو طريق صندوق النقد الدويل والبنك الدويل، على اخلروج من ا

.فإذا جلأت الدولة املدينة هلما أدخلوها يف دائرة مليئة باملشاكل

Page 34: الازمات الاقتصادي

٣٢

إن تفاقم أزمة املديونية جيعل الدول املدينة غري قادرة على خدمة فيصبح جل مهها حماولة جدولة ديوا وأخذ ) األقساط والفوائد(الدين

ط اقتصادها، وحىت يتم هلا ذلك يطلب منها جتمع قروض جديدة لتنشيالدول الدائنة املسمى بنادي باريس، وكذلك جتمع البنوك التجارية الدائنة املسمى بنادي لندن، أن حتضر تزكية من صندوق النقد الدويل مبا يشبه

اقتصاديا أن الدولة املدينة هذه تنتهج سلوكا مفادهاشهادة حسن السلوككنها للحصول على ذلك يشترط الصندوق عليها تنفيذ برنامج ، ولسليما

إصالحي مكون عادة من ختفيض قيمة العملة، وإلغاء الدعم للسلع األساسية والضرورية، جتميد األجور والرواتب، ختفيض التوظيف احلكومي، زيادة أسعار الطاقة واخلدمات العامة والسلع بشكل عام وزيادة أسعار الفائدة

االدخارات وجلب رؤوس األموال وحترير التجارة اخلارجية من لتكثري .القيود أو ختفيفها

إن معاجلة املديونية بطريقة صندوق النقد الدويل يضاعف املشكلة، ألن برنامج الصندوق يتضمن احلل على أساس حسايب جمرد فإنه يعترب

أن يزيد املوضوع معادلة حسابية يعمل على إجياد توازن بني طرفيها فيحاولالطرف الناقص أو ينقص الطرف الزائد دون النظر إىل عالقة هذا احلل

فمثال لزيادة . وربطه باإلنسان نفسه الذي سيعاين من احلل املطروح اقتصاديااإليرادات يطلب فرض ضرائب وهو يعلم أن الدول املدينة عادة ما تكون

. مل تزد على ذلكالضرائب فيها قد وصلت إىل أقصى حد ممكن حتمله إن وهو يعلم أن األسعار يف الدول املدينة مرتفعة وقد تكون فوق طاقة غالبية

Page 35: الازمات الاقتصادي

٣٣

الناس، ومع ذلك يطلب رفع الدعم عن السلع الضرورية كاخلبز واحلليب وهو يعلم أن طاقة الدول املدينة . واألرز والقمح والسكر واحملروقات وأمثاهلا ومع ذلك يطلب ختفيض العملة حىت إلنتاج السلع اجلاهزة للتصدير ضعيفة،

ترتفع األسعار أكثر وتنتشر البطالة ويطلب جتميد الرواتب واألجور يف الوقت الذي تزيد فيه األسعار للسلع واخلدمات، بل هو أحيانا يطلب ختفيض وليس فقط جتميد األجور والرواتب لتقليل النفقات كما طلب من

من أجل إمدادها ٪٢٠ يف حدود احلكومة الربازيلية أن ختفض الرواتبوقد سبق أن طلب الصندوق يف أواسط شهر كانون . بالقروض اليت حتتاجها

ورفع الدعم عن املنتجات ٪٦٠ من نيجرييا ختفيض عملتها م١٩٨٥أول طلب من السودان إلغاء الدعم وختفيض العملة م١٩٨٦البترولية، ويف أوائل

سط السبعينات، املغرب وتونس مصر يف أوا(وإطالق األسعار، وطلب من ، م١٩٨٥، وشباط م١٩٨٤يكان يف نيسان ن، والدومم١٩٨٤يف أوائل

ختفيض الدعم وزيادة األسعار فأدى ذلك إىل ) م١٩٨٩واألردن نيسان انتفاضة مجاهري هذه الدول احتجاجا على إثقال كاهلها بعالجات صندوق

.النقد الدويل

قاسية من قبل صندوق النقد أما كل هذه اإلجراءات العنيفة والالدويل فهي ليست إللغاء املديونية أو ختفيضها بل إلعادة جدولتها فقط أي إمهال دفعها فترة فتتراكم أكثر، ومن أجل إعطاء قروض جديدة، فتتفاقم

.املديونية بدرجة أشد

Page 36: الازمات الاقتصادي

٣٤

والبنك الدويل عادة ما يكون دوره مكمال لدور الصندوق يف إعطاء صندوق ال يستطيع إعطاء قروض جديدة للدول اليت قروض، حيث أن ال

وعادة ما تكون هذه . بلغت حدها من السحب حسب أنظمة الصندوقالقروض ملشاريع مصممة بشكل يعيق منو تلك الدول املدينة وجيعل

.اقتصادياا تعتمد أساسا على املساعدات اخلارجيةطلوب، فلم وعلى كل فلم حتقق سياسة الصندوق والبنك النجاح امل

يتحقق االنتعاش االقتصادي يف الدول املدينة بل أن مديونيتها زادت .وأصبحت أكرب من أن حتلها هذه الدول حسب توصيات الصندوق

وإلدراك حجم املصيبة االقتصادية يف هذه الدول نتيجة فساد احللول دويل اليت يطرحها النظام االقتصادي العاملي احلايل عن طريق صندوق النقد ال

والبنك الدويل واألنظمة االقتصادية املخالفة للفطرة والعقل، فإين أذكر هنا :بعض أحجام هذه املديونية املتسببة عن العالجات االقتصادية اخلاطئة

.ديون الدول النامية: أوال إىل أكثر من ألف بليون م١٩٧٢بليون دوالر سنة ٩١ارتفعت من

، ٪٢٢,٤الد اإلسالمية من هذه الديون ، حصة البم١٩٨٦دوالر يف اية بليون دوالر، ٢٠٠) تقريبا (=ديون البالد العربية حىت أواخر الثمانينات

. ٪١٥) تقريبا= (ونسبتها من ديون العامل الثالث حىت أواخر الثمانينات الفائدة على + القسط السنوي (خدمة ديون الدول النامية : ثانيابليون ٩٥,٨ إىل م١٩٧٢بليون دوالر سنة ٧,٣ارتفعت من ) القروض

١، ٥٦خدمة ديون البالد اإلسالمية ارتفعت من . م١٩٨٦دوالر يف اية سنة .م١٩٨٦بليون دوالر يف اية عام ٢٣,٥م إىل ١٩٧٢بليون دوالر سنة

Page 37: الازمات الاقتصادي

٣٥

م١٩٨٦فإن ديوا حىت . يف مقدمة البالد العربية املدينة مصر: ثالثار وهذا املبلغ ميثل قروضا مت إبرامها يف الفترة بليون دوال) ٤٠(بلغت وقيمة األقساط والفوائد واملتأخرات اليت كان من م١٩٨٥ - م١٩٧٠

ولغاية م١٩٨٧املفروض سدادها خالل الفترة املمتدة من كانون ثاين .اتدوالرال من جاوزت عشرة ملياراتم١٩٨٨حزيران

.األردن: رابعا

قد عليها قفزات كبرية وذلك خالل لقد حقق حجم القروض املتعاالنصف الثاين من السبعينات وبداية الثمانينات، فقد تضاعفت هذه القروض

حىت أصبح إمجايل م١٩٨٨ - م١٩٧٢أكثر من مائة مرة ما بني عام . بليون دوالر )١٢ (ـ يقارب ألم١٩٨٨القروض املتعاقد عليها يف اية

بليون دوالر، ويف اية ٥،٨ارب الرصيد القائم منها ما عدا املسدد يق والفوائد املترتبة باليني من الدوالرات٨ كان الرصيد القائم حوايل م١٩٨٩ ١٥، ونتيجة لذلك اضطرت احلكومة يف باليني من الدوالرات)٣(تقارب

إىل تعومي سعر صرف الدينار والتوقف عن تزويد م١٩٨٨تشرين أول ت أجنبية نظرا السترتاف احتياطي ا يلزمها من عمالمبالبنوك التجارية

من النقد ٪١٤اململكة واخنفاض مستواها، وأصبح االحتياطي ال يتجاوز نه مل يعد يكفي لتغطية املستوردات إال ملدة إ حىت م١٩٨٨املصدر عام

إىل التوقف عن تسديد م١٩٨٨أسبوعني فقط فاضطرت احلكومة يف اية .ما يستحق من ديوا اخلارجية

Page 38: الازمات الاقتصادي

٣٦

٪٢٨ من تنسبة ديون الدول النامية إىل ناجتها احمللي ارتفع: اخامس كما وصلت نسبة ديون البالد م١٩٨٦ عام ٪٤٨ إىل حوايل م١٩٨٠عام

ويف مقدمتها كانت م١٩٨٦ عام ٪٥٨اإلسالمية جمتمعة إىل الناتج احمللي ، م١٩٨٦ عام ٪٧٤، م١٩٨٢ عام ٪٨٩مصر حيث تراوحت النسبة بني

ضعف الناتج احمللي فإن النسبة فاقت مجيع الدول املدينة وأما األردن فل .م١٩٨٨ يف اية ٪٣٠٠وأصبحت تقارب

هذه بعض البيانات اليت تبني وتؤكد أن أزمة املديونية يف ازدياد عندما توقفت املكسيك عن خدمة م١٩٨٢متسارع منذ أن انفجرت سنة

صادي العاملي احلايل ديوا وحىت اآلن، نظرا لسوء معاجلات النظام االقت .ولسوء معاجلة الصندوق والبنك الدوليني

Page 39: الازمات الاقتصادي

٣٧

يف الدول القائمة يف املديونية ألزمة الصحيحة املعاجلة أما :يلي كما فهي اليوم املسلمني بالد

( βÎ عدم دفع الفوائد املترتبة على الديون ألا ربا -١ uρ óΟ çFö6è?

öΝ à6n= sù â¨ρâ™ â‘ öΝà6Ï9 uθøΒ r& Ÿω šχθßϑ Ï= øà s? Ÿωuρ šχθßϑ n= øà è? ∩⊄∠®∪ .

:تسديد املديونية دون الفوائد الربوية - ٢

إن الطريقة الصحيحة للتخلص من املديونية هي أن يتحمل مسؤوليتها مجيع من شارك يف احلكم وكل من كانت له صالحية احلكم طوال فترة

أمواهلم عن املديونية ألم أثروا خالل تلك الفترة فتسدد املديونية من فائض حاجام االعتيادية بنسبة فائض أمواهلم لبعضهم البعض، فلو كان فائض

وهكذا فمعىن …أموال هذا مليونا واآلخر نصف مليون والثالث ربع مليون . …١:٢:٤ذلك يتحملون تسديد املديونية بنسبة

:أما ملاذا يتحمل احلكام مسؤولية املديونية فلألسباب التالية

احلاكم يف اإلسالم هي رعاية شؤون الرعية يف مجيع مسؤولية - أ .»اإلمام راع وهو مسؤول عن رعيته«نواحي احلياة ومنها االقتصادية

ال جيوز ملن يتوىل احلكم أن ميارس أي عمل مايل جتاري وليس - بله سوى تعويضه أي خمصصاته الشهرية، فإذا أثرى خالل واليته فيحاسب

وقد كان . قع مجيع احلكام خالل فترة املديونيةعلى ذلك، واإلثراء هو وا إذا اشتبه يف وال أو عامل صادر منه أمواله اليت تزيد عن رزقه عمر

Page 40: الازمات الاقتصادي

٣٨

املقدر له أو قامسه عليها، وقد كان حيصي أموال الوالة والعمال قبل أن يوليهم وبعد توليتهم فإن وجد عندهم ماال زائدا أو حصلت عنده شبهة يف

وال . واهلم أو قامسهم ويضع ما يأخذه منهم يف بيت املالذلك صادر أميعترب هذا تعديا على ملكيتهم اخلاصة ألم مل يكسبوها بطريق مشروع، فإن الرجل إذا كان حاكما وأثرى خالل واليته ثراء الفتا للنظر فإن هذا بينة

من كافية ملصادرة بعض ماله ألنه يكون قد اكتسبه بطريق غري مشروع أي غري راتبه، أما غري احلكام من املوظفني فال يصادر شيء من ماهلم إال إذا

ويكون ما . ثبت ببينة قضائية أم قاموا باالختالس أو ما هو يف حكمهيؤخذ من احلكام واملوظفني على النحو املبني أعاله ملكا لبيت املال تسدد

.املديونية منهاملديونية يلحق ضررا باألمة، إن أخذ القروض وإغراق الناس يف - ج والضرر يزال ويتحمل مسؤولية »ال ضرر وال ضرار«: يقولوالرسول

.إزالته من تسبب فيهعدم أخذ أية قروض جديدة ألن طريق القروض اخلارجية - ٣

للتمويل أخطر طريق على البالد وكانت يف السابق طريقا لالستعمار املباشر ق أساسي لبسط النفوذ والتآمر على البالد، وعادة على البالد وهي اليوم طري

ال تعطى القروض إال بعد إرسال خرباء لإلحاطة بأسرار البالد االقتصادية مث حتديد املشاريع اليت تنفق عليها القروض، والدول الدائنة حتدد الطريقة اليت حيصل ا ارتباك وفقر للدول املدينة بفرض مشاريع معينة وشروط معينة

تؤدي القروض إىل الفقر وبسط النفوذ وال تنتج غىن، والدليل على حىت .يني وحالتها االقتصادية يف تأخرذلك أن مصر مثال أخذت آالفا من املال

Page 41: الازمات الاقتصادي

٣٩

ومن هذا يتبني أن أخذ القروض ال يؤدي إىل تنمية الثروة وإمنا .إخضاعها للدول املقرضة

ملشاريع إنتاجية، إن القروض خطرة يف مجيع احلاالت حىت لو صرفتألن القرض إما أن يكون قصري األجل وهو يف هذه احلالة يؤدي إىل ضرب العملة احمللية إلجياد اضطراب فيها ألن السداد ال يقبل بعملة البالد بل بالقطع األجنيب، وقد تعجز البالد عن التسديد ذه العمالت لندرا لديها

بط قيمة عملتها يف السوق فتلجأ فتضطر للحصول عليها بأسعار عالية فتهإىل صندوق النقد الدويل فيتحكم حينئذ يف اقتصادياا حسب السياسة اليت

وأحيانا تضطر الدولة ألن تعرض سلعا يف . تراها أمريكا هليمنتها على السوق .اخلارج بأسعار رخيصة لتقدر على السداد فتخسر اقتصاديا

إنه يكون مقصودا منها أما إن كانت القروض طويلة األجل فتراكمها لتصبح مبالغ ضخمة يضطرب بسببها امليزان التجاري وتعجز البالد عن تسديدها نقدا أو ذهبا أو أمواال منقولة فتضطر لتسديدها أمواال غري

.منقولة من عقارات وأراض ورمبا مصانع

ولذلك فإن األخطار املترتبة على القروض متحققة فعال يضاف إىل وهنا قد يرد . ذلك أا بالربا ولذلك فهي ال تصح شرعا حبال من األحوال

سؤال، هب أننا ختلصنا من املديونية فكيف سننشط اقتصاديا من جديد بدون مال موجود وبدون قروض جديدة؟

Page 42: الازمات الاقتصادي

٤٠

:إن اإلسالم قد حل هذه املشكلة بأمرينلصناعة رسم سياسات اقتصادية سليمة يف الزراعة والتجارة وا: األول .وملحقااأوجب إجياد املشاريع الضرورية على بيت املال حال الوجود : الثاين

.والعدم :أما األول فنجمله مع قليل من التفصيل على النحو التايل

:راعةزال -أ

.زيادة اإلنتاج يف املواد الغذائية - ١زيادة اإلنتاج يف املواد الالزمة للكساء كالقطن والصوف - ٢ .واحلريروالقنب كانت أزيادة اإلنتاج يف املواد اليت هلا أسواق خارج البالد سواء - ٣

من املواد الغذائية كاحلبوب أم من مواد الكساء كالقطن واحلرير أم غريها .كاحلمضيات والتمور والفواكه

:التجارة - بعدم أخذ ضريبة مجارك من املسلمني والذميني بل يتاجرون بدون

متنع التجارة مع الدول احملاربة فعال : و تصدير إال يف حالتنيرخصة استرياد أ بيننا اليت الدول وأما. نع استرياد أو تصدير أية سلعة فيها ضرر على األمةمتو

شروط املعاهدة، وأما الدول احملاربة حكما فحسب معاهدات وبينها .كالسويد مثال فهؤالء حيتاجون إىل رخصة استرياد لدخول ماهلم

Page 43: الازمات الاقتصادي

٤١

:الصناعة - ج وتصنيعها البالديف الطبيعية الثروات الستغالل اجلاد العمل - ١ .خارجيا والتصدير داخليا ا واالنتفاع

التركيز على إجياد صناعة اآلالت حىت ميكننا بواسطة اآلالت - ٢املصنعة عندنا أن نبين مصانعنا الفرعية ألن عدم إجياد هذه الصناعة جيعل

ة الدول الصناعية، فإذا تعطلت آلة أو قطعة غيار يتوقف مصانعنا حتت رمح .املصنع حىت نستوردها ويف ذلك ما فيه من إهدار للجهد والوقت والسلعة

وأما الثاين وهو إجياد املشاريع الضرورية، فإن اإلسالم قد أوجد احلل :على النحو التايل

ناس أن كل ما كان واجبا على بيت املال من رعاية شؤون لل - ١وفيه مصلحة هلم فهذا مرهون تنفيذه على املوجود يف بيت املال، فإن وجد أنفق وإن مل يوجد ال ينفق مثل فتح طريق يوجد غريها أو بناء مدرسة أو

.مستشفى يوجد غريها يفي باحلاجة

وما كان واجبا على املسلمني مثل فتح طريق ال يوجد غريها - ٢حدة صحية ال يوجد غريها أو مدرسة يغين عنها أو بناء مستشفى أو و

ضرورية وما شاكلها، فإن هذه املشاريع وأمثاهلا اليت يصيب األمة ضرر من عدم وجودها، تكون واجبة على بيت املال وعلى املسلمني، فإن وجد يف

أنفق عليها وإن مل يوجد تفرض بقدرها ضرائب على أغنياء مالبيت املال

Page 44: الازمات الاقتصادي

٤٢

م عن حاجام األساسية والكمالية، أي ما املسلمني وتؤخذ من فضل أمواهلزاد عن عيشهم املعتاد تؤخذ منه وبنسبته بالقدر الالزم للمشروع الواجب، وتكون هذه األموال قد حصلت مبوجب نصوص الكتاب والسنة ألن اإلسالم ال جييز للدولة جباية الضرائب كيف تشاء فإن أخذ أموال الناس بال

التجار املسلمني وأهل الذمة على اجلمارك ضريبة لمث كبري وإمثه حرام دليلال حيل « أي الذي جييب ضريبة اجلمارك، »مكس صاحب اجلنة ال يدخل«

. كما يقول رسول اهللا »مال امرئ مسلم إال بطيب نفسه

غري أنه بالنسبة للمشروع الواجب على بيت املال واملسلمني كما د يف بيت املال يكون حالال إن مل يوجهذكرنا فإن فرض الضريبة بقدر

وليس حراما ألن الشرع يقره فهو فرض على املسلمني، ومجع املال منهم ألداء هذا الفرض بالنيابة عنهم واجب ألن ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب، وهذا ينطبق على املشاريع العمرانية كما ذكرنا سابقا وكذلك

ة على األمة مثل مصانع اآلالت فهي املشاريع اإلنتاجية املماثلة الواجبضرورية لألمة ويترتب على عدم وجودها ضرر ألنه جيعل املسلمني

ال ضرر «يعتمدون على الدول الكافرة يف الصناعة والتسليح وهذا ضرر فيصبح إجياد صناعة اآلالت فرض على ،زال والضرر ي»وال ضرار

سواء وجد يف بيت املال املسلمني، فيجب على الدولة أن توجد هذه املصانع .مال أو ال

Page 45: الازمات الاقتصادي

٤٣

ومن اجلدير ذكره أن الضرائب اليت تفرض على أغنياء املسلمني إلنشاء املشاريع الواجبة على بيت املال واألمة، جيب أن ال تزيد عن تكاليف املشروع الفعلية وجتمع بقدره متاما، فإن كان شراء بثمن عاجل مجعت

من آجل مجعت بقدر األقساط املستحقة كامل الثمن، أما إن كان شراء بثيف أوقاا كما يتم بالنسبة للتسهيالت االئتمانية أي استرياد اآلالت واألدوات الالزمة للمشاريع بثمن مؤجل، فاإلسالم يقر جواز أن يكون للسلعة سعران مثن معجل إذا دفع حاال ومثن مؤجل إذا دفع آجال، أي أخذ

باب املساومة، واملساومة على مثن البيع جائزة دينا ألجل ألن هذا يدخل يف ساوم كما روى أنس فيساوم املشتري على أي السعرين، فإن الرسول

وقد قال علي :» من ساوم بثمنني أحدمها عاجل واآلخر نظرة ولكن حىت يصح ذلك جيب أن حيدد أي »فليسم أحدمها قبل الصفقة

اآلالت بثمنها ىشترلكن ال يصح أن تالسعرين ابتداء ويتم البيع مبوجبه وحاال ويكتب الدين على املشتري بالثمن وفائدته كما هو جار اآلن، فإن

.هذا ربا وليس بيعا آجال بالتقسيطوهنا ال بد من وقفة لنوضح موضوع فرض الضرائب بشيء من

:التفصيل جعل من إن أموال الناس يف اإلسالم مصانة حىت أن رسول اهللا

ل دون ماله أي دفاعا عن ماله جعله شهيدا للداللة على عظم أجره يف قتالدفاع عن ماله، وأنه ال حيل مال امرئ مسلم إال عن طيب نفس منه، ولذلك ال يصح ألحد سواء كان حاكما أو حمكوما أن يعتدي على مال

.أحد ما دام متلكه بسبب من أسباب التملك الشرعي

Page 46: الازمات الاقتصادي

٤٤

أن تفرض ضرائب على أموال الناس كما تشاء، وهلذا ال جيوز للدولة ففرض ضريبة على الدخل حرام، وفرض ضريبة مجارك على التجار املسلمني وأهل الذمة الذين يعيشون مع املسلمني كذلك حرام، وفرض رسوم على رعاية شؤون الناس حرام مثل فرض رسوم حراسة على احملالت التجارية أو

يصح حبال ألن أسباب التملك الشرعي ما شاكلها، كل ذلك حرام ال عطي املالك مبوجبها حق االنتفاع مباله وحق صيانته من عبث العابثني ت

والفاسدين املعتدين، وال ميلك سلب إذن الشارع يف امللكية إال الشارع إال بنص شرعي وهذا ) كضريبة(نفسه، ولذلك فال تؤخذ األموال من الناس

وقوعه ضمن القاعدة الشرعية املشهورة النص موجود يف حالة واحدة هيفإذا ثبت أن مشروعا ما واجب على . ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب

املسلمني وأن ما يف بيت املال ال يكفي إلمتام هذا الواجب، ففي هذه احلالة تقوم الدولة نيابة عن األمة بتنفيذ هذا الواجب من أمواهلم فتفرض ضريبة

لذلك املشروع فقط، وتكون الضريبة مفروضة على أغنياء مقدرة مبا يكفي بني بالنصوص الصحيحة أن النفقة الواجبة تؤخذ ألن اإلسالم قد املسلمني

عن ظهر غىن، فتكون الضرائب كذلك فتؤخذ عن ظهر غىن والغين يف .اإلسالم هو ما كان ماله يزيد عن عيشه املعتاد

اج إىل حتقق شرطني حىت ولذلك فإن فرض الضريبة يف اإلسالم حيت :جيوز فرضها لتنفيذ املشاريع وبالقدر الالزم فقط

Page 47: الازمات الاقتصادي

٤٥

أن يكون املشروع واجبا على بيت املال أي الدولة وعلى - ١املسلمني كذلك، ويكون وجوبه ثابتا بنص شرعي، كطريق ضروري ال يوجد غريه أو مستشفى ال يوجد غريه يف منطقة ما أو مصانع اآلالت الثقيلة

ال « ما شاها مما يلحق باألمة ضرر يف عدم وجوده حلديث الرسول أو

.»ضرر وال ضرار

ال يكون يف بيت املال أي خزينة الدولة ما يكفي لذلك، فإذا مل - ٢يتحقق الشرطان ال جيوز أن تفرض الضريبة، فإن كان املشروع واجبا على

ها كافيا، أو غري الدولة فقط من باب رعاية الشؤون كإنشاء طريق يوجدإنشاء مستشفى ثان يوجد غريه كافيا ففي هذه احلالة ينفق عليه من بيت املال

إن كان املشروع واجبا على املسلمني ولكن يوجد يف بيت كذلك . وجد إن .املال ما يكفي فينفق عليه منه وال تفرض ضريبة

ا هلا وبالكيفية املذكورة سابقا تكون املديونية قد وجدت حال شافيوكذلك تنشيط االقتصاد وتنفيذ املشاريع العمرانية واإلنتاجية الواجبة على

.األمة بدون قروض أو مديونية

Page 48: الازمات الاقتصادي

٤٦

.املشكلة االقتصادية نتيجة توزيع الثروة :ثالثا

ن معاجلة األزمات االقتصادية النقدية وميزان املدفوعات ال إكما قلنا عالج ليس موازنة حسابية جمردة، فقد تكفي حلل املشكلة االقتصادية ألن ال

مبعىن أن اإلنتاج . تتساوى اإليرادات واملدفوعات لكن يساء توزيع الثروةيكون واسعا مزدهرا ولكن تذهب معظم السلع واخلدمات لشرحية قادرة من األمة دون أخرى، كما أن األزمات عادة ختلف بطالة وفقرا باإلضافة إىل

ملديونية ال حيل بالضرورة مشكلة البطالة والفقر، وقد املديونية فحل مشكلة ا :أوجد اإلسالم حال شافيا هلذه املشكلة على النحو التايل

إجياد فرص عمل نتيجة السياسة االقتصادية اليت ذكرناها يف - ١الزراعة والتجارة والصناعة، وكذلك نتيجة إنشاء املشاريع الواجبة على

بيت املال وإن مل يكف فمن الضرائب على أغنياء األمة باإلنفاق عليها من .املسلمني وهذا حيتم وجود املشاريع يف مجيع احلاالت

ضمن اإلسالم إشباع احلاجات األساسية لكل فرد يف الدولة، - ٢وهذه احلاجات هي املأكل وامللبس واملسكن املعروف ملثله يف مثل بلده طبقا

إلسالم هذه احلاجات بالكيفية وقد ضمن ا. للنصوص الشرعية الواردة :التالية

ينقصه شيء كان إذا الذكورجعل العمل فرضا على القادرين من - أ .من احلاجات األساسية

Page 49: الازمات الاقتصادي

٤٧

فرض النفقة لألنثى مطلقا، قادرة على الكسب أم عاجزة عنه، - بوللعاجز من الرجال إذا كان فقريا سواء كان عاجزا عن الكسب فعال كأن

العمل على قادرا كانادر على العمل أم كان عاجزا حكما كأن كان غري ق :ذلك وتفصيل جيده ال ولكن

النفقة فرضت على الزوج لزوجته، ولألوالد الصغار على أبيهم، لقريبه وكل ذلك بنصوص الوارثوللوالدين على أوالدهم وعلى القريب

شرعية صرحية

فرضت عليه وتعترب مقدمة والنفقة املذكورة حتصلها الدولة جربا ممن على سائر الديون، فحكم النفقة أوال حيصل وال تقبل فيه دعوى اإلعسار

وبذلك يكون مجيع رعايا الدولة يف . وحكم الدين تقبل فيه دعوى اإلعساراإلسالم قد ضمنت حاجام األساسية املذكورة عن طريق النفقة إال يف

:حالتني

.قريب وارثإن كان ليس له - ١

.النفقة عن النفقة عليهم جتب من عجز إذا - ٢

من ترك (ويف هذه احلالة تكون النفقة على بيت املال أي على الدولة .والكل الضعيف الذي ال ولد له وال والد )كال فإلينا ومن ترك ماال فلورثته

وهذه النفقة مستحقة على بيت املال يف حال الوجود والعدم ألا أميا (ال واملسلمني، أما بيت املال فظاهر، وأما املسلمون واجبة على بيت امل

Page 50: الازمات الاقتصادي

٤٨

). أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة اهللا تبارك وتعاىلفتفرض ضرائب إن مل يوجد يف بيت املال وإذا خيف يقترض مث يسدد، ولذلك تسدد حاجة الفقراء يف مجيع احلاالت من النفقة مث الزكاة مث بيت

.من الواردات األخرى مث من الضرائب على أغنياء املسلمنياملال

والنفقة أو الضرائب تؤخذ عن ظهر غىن أي مما يفضل من احلاجات األساسية للمكلف وكذلك عن حاجاته الكمالية أي عيشه املعتاد، مث يؤخذ

وذه الكيفية تضمن احلاجات األساسية للرعايا وبالتايل . مما زاد عن ذلك .لة البطالة والفقرتعاجل مشك

كذلك فإن الدولة يف اإلسالم تضمن احلاجات األساسية للرعية كلها األمن، والتطبيب، والتعليم، حسب النصوص الشرعية الواردة يف : وهي

.ذلك وبالكيفية السابقة

ومن اجلدير ذكره أن واردات بيت املال يف اإلسالم غالبا ما تكفي ضرائب على أغنياء املسلمني ألجلها، لسد احلاجات املذكورة بدون فرض

إمنا وضع الشرع هذه األحكام معاجلة لكل مشكلة حتدث يف أي مكان وأي زمان، فإذا حدث ومل تكف واردات بيت املال الدائمية فرضت ضرائب

.على األغنياء بقدرها

ولتكون الصورة واضحة فإين أمجل أدناه واردات بيت املال الدائمية .ة يف اإلسالميف دولة اخلالف

:واردات بيت املال الدائمية

Page 51: الازمات الاقتصادي

٤٩

الفيء كله، واجلزية، واخلراج، ومخس الركاز، والزكاة، واألموال اخلاصة بالدولة، وكذلك ما يأخذه العاشر من املعاهدين واحلربيني، واألموال الناجتة عن امللكية العامة، واألموال املوروثة عمن ال وارث له، مال الغلول

موظفي الدولة ومال الكسب غري املشروع ومال الغرامات من احلكام و .ومال املرتدين والضرائب

مما سبق يتبني كيف يعاجل اإلسالم األزمات االقتصادية معاجلة تضمن .للناس السعادة والعيش الكرمي يف حيام الدنيا فضال عن حيام األخرى

Page 52: الازمات الاقتصادي

٥٠

»اخلالصة«يد يف تدبري أمور الدولة األزمة االقتصادية تعين االضطراب الشد -

.املالية الذي حيتاج لبذل جهد وإفراغ وسع إلزالته

األزمة الناجتة عن النقد حتدث يف التعامل بنظام الصرف بالذهب - السياسية واالقتصادية على الدول ، صاحبة نقد الرصيد،هليمنة الدولة

اإللزامي ألنه طريق لتقلبات وحتدث كذلك يف نظام الورق. األخرىاألسعار واملضاربات بني الدول واملؤامرات املالية اليت تؤدي إىل القلق

.السياسي واالقتصادي وااليار يف أسواق املال

أما العالج فهو الرجوع إىل نظام القاعدة الذهبية فهو الذي حيفظ - .استقرار أسعار الصرف واالزدهار االقتصادي

لل فيه تؤدي إىل املديونية واألزمة الناجتة عن ميزان املدفوعات خل - إذا مل حيسن تنشيط االقتصاد ذاتيا وأسيء استعمال القروض، خاصة وأن القروض طريق خطر لبسط النفوذ وطريق خطر كذلك بسبب الربا وهو

.حرام

اللجوء إىل صندوق النقد الدويل يفاقم املشكلة ألنه حيلها كمعادلة - فيض العملة وجتميد األجور حسابية جمردة يطلب زيادة الضرائب وخت

والرواتب أو تقليلها ورفع الدعم وغالء األسعار وتصميم مساعداته إىل مشاريع ال تنمي ثروة الدولة بقدر ما جتعله ال ينفك عن املساعدات والقروض فيدخل البلد يف مصيدة املديونية بال فكاك وأقصى ما يفعله للدولة

Page 53: الازمات الاقتصادي

٥١

لة ديوا وليس إلغاءها، كذلك يسهل اليت تسري على برناجمه هو إعادة جدوهلا أخذ قروض جديدة فتتراكم بذلك ديوا وال جتد خمرجا منها كما هو

.حادث مع مجيع الدول املتعاملة معهحل أزمة املديونية يتم بعدم دفع الفوائد ألا ربا وأن يتحمل -

خذ تسديدها من شاركوا يف احلكم خالهلا من فائض أمواهلم، كذلك عدم أيضاف إىل ذلك رسم سياسة سليمة يف الزراعة والصناعة . قروض البتة

وكذلك إنشاء املشاريع الواجبة . والتجارة واستغالل ثروات البلد الطبيعيةعلى األمة وبيت املال باإلنفاق عليها أوال من بيت املال فإن مل يكف

.فرضت ضرائب على أغنياء املسلمني بقدرها من فائض أمواهلمحل أزمة البطالة والفقر نتيجة إساءة توزيع الثروة أو عدم كفايتها -

يتم بإجياد فرص العمل للقادرين عن طريق املشاريع اليت تنشئها الدولة وكذلك فرض النفقة للذكور غري القادرين ولإلناث على رمحهم احملرم فإن مل يوجد فالدولة هي مسؤولة عنهم بإعطائهم ما يكفيهم لسد حاجام

األساسية من بيت املال فإن مل يكف فمن الضرائب على أغنياء املسلمني من .فائض أمواهلم

تضمن الدولة احلاجات األساسية لألمة مبجموعها كما ضمنتها - املأكل وامللبس واملسكن : هلم أفرادا، واحلاجات األساسية لألفراد هي

ليم والتطبيب التع: باملعروف واحلاجات األساسية لألمة مبجموعها هيواألمن وتشبع هذه احلاجات يف احلالتني سواء كان يف بيت املال مال أو مل

.يوجد فمن الضرائب

Page 54: الازمات الاقتصادي

٥٢

األنفال والغنائم والفيء : واردات بيت املال الدائمية وملحقاا هيواخلمس واخلراج واجلزية وامللكيات العامة بأنواعها وأمالك الدولة من أرض

والعشور ومال الغلول من احلكام وموظفي الدولة وبناء ومرافق وواردااومال الكسب غري املشروع ومال الغرامات ومخس الركاز واملعادن ومال

. مث الضرائب- الزكاة - من ال وارث له، ومال املرتدين وأموال الصدقات .وهذه عادة تكفي الحتياجات الدولة خاصة بإحسان األعمال االقتصادية

هي اليت بيدها احلل - إن شاء اهللا- لقائمة قريبا ودولة اخلالفة ا - الناجع جلميع املشاكل اقتصادية كانت أو غريها ألا دولة السيادة فيها للشرع والسلطان لألمة وهلا خليفة واحد يتبىن األحكام الشرعية ويبايع على كتاب اهللا وسنة رسوله فرياقب اهللا يف مجيع أعماله هو واألمة فتنتظم احلياة

.كما أرادها اهللا سبحانه وتزدهر يف مجيع شؤوا

χ uÝÇΖ uŠs9 uρ ª!$# ⎯tΒ ÿ…çν ã ÝÇΨ tƒ 3 χ Î) ©! $# :”Èθs) s9 ͓ tã ∩⊆⊃∪ ]٤٠/احلج[

الرشتهالعامل عطاء بن خليل أبو