سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

115
سك م ت ف ة ن س ل ، وا اب ت لك ا ك ف ش ك عارض ا ذ ول: ا ق% ي ه ن ع له ال% ي ض ر% ي ل اذ س ل ا% دي% ت س1 كان، اب ت لك ا% ي ف مه ص ع ل ا% ي ل1 ن م ض د ي ق ل عا ي له ال1 ن ا سك ف ن ل ل ق ، و ف ش لك وذع ا ة ن س ل ، وا اب ت لك ا ب ه لا نG ي ا عل وا مع جG م ا ه نG ع ا م اهدة س م ل ام ولا ها ل لا ا ولا ف ش لك ا ب ن ا ج% ي ف% ي ل ها من ص% ي م ل ، و ة ن س ل وا ة ن س ل وا اب ت لك ي ا عل ه رض ع عد ي لا ا اهدة س م ل ام ولا ها ل لا ا ولا ف ش لك ا ل ب م ع ل ا% ي غ ن ن% ي. % ي مار ع ل ا ق% ي ال صد1 ن ب له د ال ت عk ظ ف ل حاذم ا ا ج و ب% ن ل حدذم ا ا ج ه ن ي ع عا ل ي له ال% ي ض ر% ي ل ذ ا س ال1 ن حس ل و ا يG ا خ% ي س ل ا

Transcript of سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

Page 1: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

كان سيدي الشاذلي رضي الله عنه يقول: إذا عارض كشفك الكتاب، والسنة فتمسك بالكتاب، والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك إن الله تعالى قد ضمن لي العصمة في الكتاب، والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف وال اإللهام وال المشاهدة مع أنهم أجمعوا على أنه ال ينبغي العمل بالكشف وال اإللهام وال المشاهدة إال بعد عرضه على الكتاب

.والسنة

ي

مارقالغ

صدينال

عبداللهبظ

حافمال

خادو

ثحدي

مالخاد

عنهى

ي الله تعالض

ي رشاذل

ن الس

حخ أبو ال

شي ال

Page 2: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

بسم الله الرحمن الرحيم،www.Allah.com

www.Muhammad.comركن اإلحسان )التصوف السني(

سلسلة مختارات من أولياءالله تعالى

( 1)

سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله تعالى

عنه ورحمه من كتاب سيدي عبد الوهاب الشعراني رحمه الله

تعالى لواقح األنوار في طبقات األخيار من الصحابة

والتابعين إلى بعض القرن العاشر

(قلت: - درويش - أنظر كتاب السيوطي الكشف بأن أم]]ة م ثم زادها1591ه] الموافق 1000اإلجابة ال تتعدى األلف

م2076 هج]]ري المواف]]ق 1500باألدلة أللف وخمس]]مائة سنة )71أي باقي نحو

2

Page 3: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

@ الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالىعنه

هو علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذليبالشين والذال المعجمتين.

وشاذلة قرية من أفريقية، الضرير الزاهد نزيل اإلسكندرية وشيخ الطائفة الشاذلية، وكان كبير المقدار عالي المنار له عبارات فيها رموز، فوق ابن تيمية سهمه إليه فرده عليه، وصحب الشيخ نجم الدين األصفهاني، وابن مشيش، وغيرهما،x الحج وحج مرات، ومات بصحراء عيذاب قاصدا فدفن هناك في ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة، وقد أفرده سيدي الشيخ تاج الدين بن

عطاء الله هو وتلميذه أبو العباس بالترجمة.

وها أن أذكر لك ملخص ما ذكره فيها فأقول وبالله التوفيق: قد ترجم رضي الله عنه في كتاب لطائف المنن سيدي الشيخ أبا الحسن

رضي الله عنه بأنه قطب الزمان، والحامل في وقته لواء أهل العيان حجة الصوفية علم

المهتدين زين العارفين أستاذ األكابر زمزم األسرار، ومعدن األنوار القطب الغوث الجامع

أبو الحسن علي الشاذلي رضي الله عنه لم3

Page 4: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

يدخل طريق القوم حتى كان يعد للمناظرة في العلوم الظاهرة، وشهد له الشيخ أبو عبد الله بن النعمان بالقطبانية جاء رضي الله عنه في

هذه الطريق بالعجب العجاب، وكان الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رضي الله عنه يقول ما

رأيت أعرف بالله من الشيخ أبي الحسنالشاذلي رضي الله عنه.

من كالمه رضي الله عنه: عليك باالستغفار وإن لم يكن هناك ذنب، واعتبر باستغفار النبي صلى الله عليه وسلم بعد البشارة واليقين بمغفرة ما

تقدم من ذنبه، وما تأخر هذا في معصوم لمx قط وتقدس عن ذلك فما ظنك بمن يقترف ذنبا

ال يخلو عن العيب، والذنب في وقت من األوقات، وكان رضي الله عنه يقول إذا عارض

كشفك الكتاب، والسنة فتمسك بالكتاب، والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك إن الله تعالى

قد ضمن لي العصمة في الكتاب، والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف وال اإللهام، وال المشاهدة مع أنهم أجمعوا على أنه ال ينبغي

العمل بالكشف، وال اإللهام، وال المشاهدة إال بعد عرضه على الكتاب والسنة، وكان رضي الله

عنه يقول: لقيت الخضر عليه السالم في4

Page 5: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

صحراء عيذاب فقال لي: يا أبا الحسن أصحبكx في المقام الله اللطف الجميل، وكان لك صاحبا والرحيل، وكان رضي الله عنه يقول إذا جاذبتك هواتف الحق فإياك أن تستشهد بالمحسوسات

على الحقائق الغيبيات وتردها فتكون من الجاهلين، واحذر أن تدخل في شيء من ذلك بالعقل، وكان رضي الله عنه يقول: إذا عرض

عارض يصدك عن الله فاثبت قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا

x لعلكم نفلحون " " األنفال: " وكان45الله كثيرا يقول: كل علم يسبق إليك فيه الخواطر، وتميل

إليه النفس، وتلذ به الطبيعة فارم به وإن كانx وخذ بعلم الله الذي أنزله على رسوله، حقا

واقتد به، وبالخلفاء، والصحابة، والتابعين من بعده وباألئمة الهداة المبرئين عن الهوى،

ومتابعته تسلم من الشكوك، والظنون، واألوهام، والدعاوي الكاذبة المضلة عن الهدى

وحقائقه، وماذا عليك أن تكون عبد الله، وال علم، وال عمل، وحسبك من العلم العلم

بالوحدانية، من العمل محبة الله، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومحبة الصحابة، واعتقاد

الحق للجماعة قال رجل: " متى الساعة يا رسول الله؟ قال: ما أعددت لها قال ال شيء إال

5

Page 6: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

أني أحب الله ورسوله فقال: المرء مع من أحب "، وكان يقول: إذا كثر عليك الخواطر،

والوساوس فقل سبحان الملك الخالق " إن يشأ يذهبكم، ويأتي بخلق جديد، وما ذلك على الله

بعزيز " وكان يقول ال تجد الروح، والمدد ويصح لك مقام الرجال حتى ال يبقى في قلبك تعلق

بعلمك، وال جدك، وال اجتهادك، وتيأس من الكل دون الله تعالى وكان رضي الله عنه يقول من أحصن الحصون من وقوع البالء على المعاصي

واالستغفار قال الله تعالى: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم

"، وكان يقول: إذا33يستغفرون " " األنفال: ثقل الذكر على لسانك، وكثر اللغو في مقالك،

وانبسطت الجوارح في شهواتك، وانسد باب الفكرة في مصالحك فاعلم أن ذلك من عظيم أوزارك أو لكون إرادة النفق في قلبك، وليس

لك طريق إال الطريق، واإلصالح، واالعتصام بالله واإلخالص في دين الله تعالى ألم تسمع

إلى قوله تعالى: " إال الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم الله فأولئك مع المؤمنين " ولم يقل من المؤمنين، فتأمل هذا

x، وكان رضي الله عنه يقول األمر إن كنت فقيهاx، واعمل ارجع عن منازعة ربك تكن موحدا

6

Page 7: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

x، واجمع بينهما تكن بأركان الشرع تكن سنياx، وكان يقول قيل لي يا علي ما علي وجه محققا

األرض مجلس في الفقه أبهى من مجلس الشيخ عز الدين بن عبد السالم، وما على وجه

األرض مجلس في علم الحديث أبهى من مجلس الشيخ عبد العظيم المنذري وما على

وجه األرض مجلس في علم الحديث أبهى من مجلس الشيخ عبد العظيم المنذري وما على

وجه األرض مجلس في علم الحقائق أبهى من مجلسك وكان يقول من أحب أن ال يعصي الله

تعالى في مملكته فقد أحب أن ال تظهر مغفرته، ورحمته وأن ال يكون لنبيه صلى الله عليه وسلم شفاعة، وكان يقول ال تشم رائحة الوالية، وأنت غير زاهد في الدنيا وأهلها وكان رضي الله عنه

يقول أسباب القبض ثالثة ذنب أحدثته أو دنيا ذهبت عنك أو شخص يؤذيك في نفسك أو

عرضك فإن كنت أذنبت فاستغفر، وإن كنت ذهبت عنك الدنيا فارجع إلى ربك، وإن كنت ظلمت فاصبر، واحتمل هذا دواؤك، وإن لم

يطلعك الله تعالى على سبب القبض فاسكن تحت جريان األقدار فأنها سحابة سائرة، وكان رضي الله عنه يقول: رأيت رسول الله صلى

الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ما حقيقة7

Page 8: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

المتابعة؟ فقال رؤية المتبوع عند كل شيء، ومع كل شيء وفي كل شيء، وكان يقول الشيخ من

ذلك على الراحة ال من ذلك على التعب، وكان يقول: من دعا إلى الله تعالى بغير ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بدعي،

وكان يقول: من آداب المجالس لألكابر التخلي عن األضداد، والميل، والمحبة، والتخصيص لهم،

وترك التجسس على عقائدهم.

وكان يقول: إذا جالست العلماء فال تحدثهم إال بالعلوم المنقولة، والروايات الصحيحة إما أن

تفيدهم، وإما أن تستفيد منهم، وذلك غاية الربحمنهم.

ذلك على التعب، وكان يقول: من دعا إلى الله تعالى بغير ما دعا به رسول الله صلى الله عليه

وسلم فهو بدعي، وكان يقول: من آداب المجالس لألكابر التخلي عن األضداد، والميل،

والمحبة، والتخصيص لهم، وترك التجسس علىعقائدهم.

وكان يقول: إذا جالست العلماء فال تحدثهم إال بالعلوم المنقولة، والروايات الصحيحة إما أن

8

Page 9: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

تفيدهم، وإما أن تستفيد منهم، وذلك غاية الربحمنهم.

وإذا جالست العباد، والزهاد فاجلس معهم على بساط الزهد، والعبادة، وحل لهم ما استمرءوه،

وسهل عليهم ما استوعروه، وذوقهم من المعرفة ما لم يذوقوه، وإذا جالست الصديقين

ففارق ما تعلم تظفر بالعلم المسكون، وكان يقول إذا انتصر الفقير لنفسه، وأجاب عنها فهو، والتراب سواء، وكان يقول إذا لم يواظب الفقير

على حضور الصلوات الخمس في الجماعة فال تعبأن به، وكان يقول من غلب عليه شهود

اإلرادة تفسخت عزائمه لسرعة المراد، وكثرته، واختالف أنواعه، وأي وقفة تسعه حتى يحل أوx من أموره مع تعداد يعقد أو يعزم أو ينوي شيئا إرادته، واضمحالل صفاته أين أنت من نور من

نظر، واتسع نظره بنور ربه، ولم يشغله المنظور إليه عمن نظر به فقال: ما من شيء

كان، ويكون، وإال وقد رأيته الحديث، وكان رضيx من أحوالك الله عنه يقول: إذا استحسنت شيئا الباطنة أو الظاهرة، وخفت زواله فقل ما شاء

الله ال قوة إال بالله، وكان يقول، ورد المحققين

9

Page 10: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

إسقاط الهوى ومحبة المولى أبت المحبة أنx لغير محبوبه. تستعمل محبا

وفي رواية أخرى، ورد المحققين رد النفس بالحق عن الباطن في عموم األوقات، وكان

يقول ال يتم للعالم سلوك طريق القوم إال بصحبة أخ صالح أو شيخ ناصح، وكان يقول ال

تؤخر طاعات وقت لوقت آخر فتعاقب بفواتها أو بفوات غيرها أو مثلها جزاء لما ضيع عن ذلكx فحق العبودية الوقت فإن لكل، وقت سهما

يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية، وأما تأخير عمر رضي الله عنه الوتر إلى آخر الليل فتلك عادة جارية، وسنة ثابتة ألزمه الله تعالى إياها

مع المحافظة عليها، وأني لك بها مع الميل إلى الراحات، والركون مع الشهوات، والغفلة عن

المشاهدات هيهات هيهات هيهات، وكان رضي الله عنه يقول من أراد عز الدارين فليدخل في

مذهبنا يومين ققال: له القائل كيف لي بذلك قال: فرق األصنام عن قلبك، وأرح من الدنيا

بدنك ثم كن كيف شئت فإن الله تعالى ال يعذب العبد على مد رجليه مع استصحاب التواضع لالستراحة من التعب، وإنما يعذبه على تعب يصحبه التكبر، وكان يقول ليس هذا الطريق

10

Page 11: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

بالرهبانية، وال بأكل الشعير، والنخالة، وإنما هو بالصبر على األوامر واليقين في الهداية قال

تعالى: " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا، وكانوا بآياتنا يوقنون " وكان يقول من

x x لربه، وتواضعا لم يزدد بعلمه عمله افتقارا لخلقه فهو هالك، وكان يقول سبحان من قطعx من أهل الصالح عن مصلحتهم كما قطع كثيرا

المفسدين عن موجدهم، وكان يقول الزم جماعة المؤمنين، وإن كانوا عصاة فاسقين،

وأقم عليهم الحدود، واهجرهم لهم رحمة بهم الx لهم، وكان يقول كل من تعززا عليهم، وتقريعا

طعام فسقة المسلمين، وال تأكل من طعام رهبان المشركين، وانظر إلى الحجر األسود فإنه

ما اسود إال من مس أيدي المشركين دون المسلمين وكان رضي الله عنه يقول سمعت

x يقول كم تدندن مع من يدندن، وأنا السميع هاتفا القريب، وتعريفي يغنيك عن علم األولين،

واآلخرين ما عدا علم الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلم النبيين عليهم الصالة، والسالم،

وقيل له مرة من شيخك فقال كنت أنتسب إلى الشيخ عبد السالم بن مشيش، وأنا اآلن ال

أنتسب إلى أحد بل أعوم في عشرة أبحر محمد

11

Page 12: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وجبريل،وميكائيل، وعزرائيل، وإسرافيل، والروح األكبر.

قال الشيخ أبو العباس المرسي، ومات الشيخ عبد السالم بن مشيش رضي الله عنه مقتوال،

قتله ابن أبي الطواجن ببالد المغرب.

وكان يقول: من علم اليقين بالله تعالى، وبما لك عند الله تعالى أن تتعاطى من الخلق ما ال تصغر به عند الحق تعالى مما تكرهه النفوس

الغوية كحمل متاعك من السوق، وجمع الحطب للطعام، وجعله على رأسك، والمشي مع زوجتك

إلى السوق في حاجة من حوائجها، وركوبك خلفها على الحمار، وغيره، وأما ما تصغر به في

أعين الخلق مما للشرع عليه اعتراض فليس من علم اليقين فال ينبغي لك ارتكابه، وكان

x كما x فاتخذ الكل عدوا x موقنا يقول إن كنت مؤمنا قال إبراهيم عليه الصالة، والسالم: " فإنهم عدو

لي إال رب العالمين ".

وكان يقول الصادق الموقن لو كذبه أهل األرضx، وكان يقول ال تعطي لم يزدد بذلك إال تمكينا

الكرامات من طلبها، وحدث بها نفسه، وال من12

Page 13: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

استعمل نفسه في طلبها، وإنما يعطاها من ال يرى نفسه، وال عمله، وهو مشغول بمحاب الله تعالى ناظر لفضل الله آيس من نفسه، وعمله،

وقد تظهر الكرامة على من استقام في ظاهره، وإن كانت هنات افض في باطنه كما وقع للعابد الذي عبد الله في الجزيرة خمسمائة عام فقيل له أدخل الجنة برحمتي فقال بل بعملي، وكان

يقول: مأثم كرامة أعظم من كرامة اإليمان، ومتابعة السنة فمن أعطيهما، وجعل يشتاق إلى

غيرهما فهو عبد مفتر كذاب أو ذو خطأ في العلم بالصواب كمن أكرم بشهود الملك فاشتاق

إلى سياسة الدواب، وكان يقول كل كرامة ال يصحبها الرضا من الله، وعن الله، والمحبة لله،

ومن الله فصاحبها مستدرج مغرور أو ناقصهالك مثبور.

وكان رضي الله عنه يقول: للقطب خمسx منها فليبرز عشرة كرامة فمن ادعاها أو شيئا

أن يمد بمدد الرحمة والعصمة، والخالفة، والنيابة، ومدد حملة العرش العظيم ويكشف له

عن حقيقة الذات، وإحاطة الصفات، ويكرم بكرامة الحكم، والفصل بين الوجودين، وانفصال األول عن األول، وما اتصل عنه إلى منتهاه، وما

13

Page 14: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

ثبت فيه، وحكم ما قبل، وحكم ما يعدو حكم من ال قبل له، وال بعد، وعلم البدء، وهو العلم

المحيط بكل علم، وبكل معلوم بدا من السر األول إلى منتهاه ثم يعود إليه، وان يقول

x يقول إن أردت كرامتي فعليك سمعت هاتفا بطاعتي، وباإلعراض عن معصيتي وكان يقول

كأني، واقف بين يدي الله عز وجل فقال ال تأمن مكري في شيء، وإن أمنتك فإن علمي ال يحيط

به محيط، وهكذا درجوا.

وكان يقول ال تركن إلى علم، وال مدد، وكن بالله، واحذر أن تنشر علمك ليصدقك الناس،

وانشر علمك ليصدقك الله تعالى، وكان يقول: العلوم على القلوب كالدراهم والدنانير في

األيدي إن شاء الله تعالى نفعك بها: وإن شاء ضرك: وكان يقول قرأت ليلة قوله تعالى: " وال

تتبع أهواء الذين ال يعلمون إنهم لن يغنوا عنكx " فنمت فرأيت رسول الله صلى من الله شيئا الله عليه وسلم وهو يقول: أنا ممن يعلم، والx، وكان رضي الله عنه أغنى عنك من الله شيئا يقول من أقبل على الخلق اإلقبال الكلي قبل

بلوغ درجات الكمال سقط من عين الله تعالى فاحذروا هذا الداء العظيم فقد تعلق به خلق

14

Page 15: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

كثير، وقنعوا بالشهرة، وتقبيل اليد فاعتصموا بالله يهدكم الله إلى الطريق المستقيم، وكان يقول من الشهوة الخفية للولي إرادته النصرة

على من ظلمه، وقال تعالى للمعصوم األكبر: " فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل " "

" أي فإن الله تعالى قد ال يشاء35األحقاف: إهالكهم، وكان يقول إذا أردت الوصول إلى الطريق التي ال لون فيها فليكن الفرق في

،x x، والجمع في سرك مشهودا لسانك موجودا وكان يقول كل اسم تستدعى به نعمة أو

تستكفي به نقمة فهو حجاب عن الذات، وعن التوحيد بالصفات، وهذا ألهل المراتب،

والمقامات، وأما عوام المؤمنين فهم عن ذلك معزولون، وإلى حدودهم يرجعون ومن أجورهم من الله ال يبخسون وكان رضي الله عنه يقول

لو علم نوح عليه الصالة والسالم أن في أصالب قومه من يأتي يوحد الله عز وجل ما دعا عليهم،

ولكان قال اللهم اغفر لقومي فإنهم ال يعلمون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل

منهما على علم وبينة من الله تعالى، وكان يقول ال أجر لمن أخذ األجر، والرشا على

الصالة، والصيام وتنعم بمطامح تلك األبصار عند إطراق الرءوس، واالشتغال باألذكار، وجناية

15

Page 16: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

هؤالء باإلضافات، ورؤية الطاعات أكثر من جناياتهم بالمعاصي، وكثرة المخالفات وحسبهم

ما يظهر من الطاعات، وإجابة الدعوات، والمسارعة إلى الخيرات، ومن أبغض الخلق

إلى الله تعالى من تملق إليه في األسحار بالطاعات ليطلب مسرته بذلك قال تعالى: "

x له الدين أال لله الدين الخالص فاعبد الله مخلصا " وكان يقول: العارف بالله تعالى ال تنغصه

حظوظ النفس ألنه بالله تعالى فيما يأخذ وفيما يترك إال إن كانت الحظوظ معاصي، وكان

x كشف له حظوظ نفسه يقول: إذا أهان الله عبدا وستر عنه عيوب دينه فهو يتقلب في شهواته

حتى يهلك، وال يشعر، وكان يقول: إذا تركx أو نفسين العارف الذكر على وجه الغفلة نفساx فهو له قرين، وأما قيض الله تعالى له شيطانا

غير العارف فيسامح بمثل ذلك، وال يؤاخذ إال في مثل درجة أو درجتين أو زمان أو زمنين أو ساعة أو ساعتين على حسب المراتب، وكان يقول من

األولياء من يسكر من شهود الكأس، ولم يذقx فما ظنك بعد ذوق الشراب وبعد بعد شيئا

الري؟ واعلم أن الري قل من يفهم المراد به فإنه مزج األوصاف باألوصاف واألخالق باألخالق

واألنوار باألنوار واألسماء باألسماء، والنعوت16

Page 17: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

بالنعوت، واألفعال باألفعال، وأما الشرب فهو سقيا القلب واألوصال، والعروق من هذا

x الشراب حتى يسكر، وأما الكأس فهو معرفا الحق التي يعرف بها من ذلك الشراب الطهور

المخلص الصافي لمن شاء من عباده المخصوصين فتارة يشهد الشارب تلك الكأس

صورة، وتارة يشهدها معنوية، وتارة يشهدها علمية فالصورة حظ األبدان، واألنفس،

والمعنوية حظ القلوب، والعقول والعلمية حظ األرواح، واألسرار فيا له من شراب ما أعذبه

فطوبى لمن شرب منه ودام وأطال في معنى ذلك، وكان يقول: إياك والوقوع في المعصية

المرة بعد المرة فإن من تعدى حدود الله فهمx، ومن ترك الظالم، والظالم ال يكون إماما

المعاصي، وصبر على ما ابتاله الله وأيقن بوعد الله، ووعيده فهو اإلمام، وإن قلت أتباعه، وكان رضي الله عنه يقول: مريد واحد يصلح أن يكون

محال لوضع أسرارك خير من ألف مريد اليكونون محال لوضع أسرارك.

وكان يقول: إننا لننظر إلى الله تعالى ببصائر اإليمان، واإليقان فأغنانا بذلك عن الدليل،

والبرهان، وصرنا نستدل به تعالى على الخلق17

Page 18: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

هل في الوجود شيء سوى الملك المعبود الحق فال نراه، وإن كان، وال بد من رؤيتهم فتراهم،x كالهباء في الهواء إن مسستهم لم تجد شيئا

وكان يقول إذ امتأل القلب بأنوار الله تعالى عميت بصيرته عن المناقص والمذام المقيدة في عباده المؤمنين، وكان يقول ذهب العمى،

وجاء البصر بمعنى فانظر إلى لله تعالى فهو لك مأوى فإن تنظر فيه أو تسمع فمنه، وإن تنطق

فعنه وإن تكن فعنده، وإن لم تكن فال شيء غيره وكان يقول البصيرة كالبصر أدنى شيء يقع فيها يعطل النظر، وإن لم ينته األمر إلى

العمى فالخطرة من صفات الشرتشوش نظر البصيرة، وتكدر الفكر، واإلرادة، وتذهب بالخيرx، والعمل به يذهب بصاحبه عن سهم من رأسا

اإلسالم فإن استمر على الشر تفلت منهx فإذا انتهى لي الوثيقة في x سهما اإلسالم سهما

x للجاه، العلماء والصالحين، ومواالة الظالمين حبا والمنزلة عندهم فقد تفلت منه اإلسالم كله، وال

x فإنه ال روح له فإن يغرنك ما توسم به ظاهرا روح اإلسالم حب الله ورسوله، وحب اآلخرة،

والصالحين من عباده، وكان يقول نظر الله عز وجل ال يمتد منه شيء إال خلقه، وال يقف في نظره، وال ينعطف عن منظوره جل نظر ربنا

18

Page 19: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

عن القصور، والنفوذ والتجاوز والحدود، وكان رضي الله عنه يقول: أركز األشياء في الصفات ركزها قبل وجودها ثم انظر هل ترى للعين أينا

أو ترى للكون كانا أو ترى لألمر شأنا، وكذلكبعد وجودها.

وكان يقول: من ادعى فتح عين قلبه وهو يتصنع بطاعة الله تعالى أو يطمع فيما في أيدي خلق

الله تعالى فهو كاذب، وكان يقول التصوف تدريب النفس على العبودية، وردها ألحكام الربوبية، وكان يقول الصوفي يرى وجوده

كالهباء في الهواء غير موجود وال معدوم حسب ما هو عليه في علم الله وسئل رضي الله عنه

الحقائق فقال الحقائق هي المعاني القائمة في القلوب، وما اتضح لها، وانكشف من الغيوب

وهي منح من الله تعالى، وكرامات، وبها وصلوا إلى البر، والطاعات ودليلها قوله لحارثة كيف

x الحديث، وكان x حقا أصبحت؟ قال أصبحت مؤمنا رضي الله عنه يقول من تحقق الوجود فني عن

كل موجود، ومن كان بالوجود ثبت له كل موجود، وكان يقول: أثبت أفعال العباد بإثبات

الله تعالى، وال يضرك ذلك، وإنما يضرك اإلثباتبهم، ومنهم

19

Page 20: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

، وكان يقول أبي المحققون أن يشهدوا غير الله تعالى لما حققهم به من شهود القيومية،

وإحاطة الديمومية، وكان يقول حقيقة زوال الهوى من القلب حب لقاء الله تعالى في كل

نفس من غير اختبار حالة يكون المرء عليها وكان يقول حقيقة القرب الغيبة بالقرب عن

القرب لعظم القربة، وكان يقول لن يصل العبد إلى الله وبقي معه شهوة من شهواته، وال

مشيئة من مشيئاته، وكان يقول: األولياء يغنون عن كل شيء بالله تعالى وليس لهم معه تدبير،

وال اختيار: والعلماء يدبرون، ويختارون، وينظرون، ويقتبسون، وهم مع عقولهم،

وأوصالهم دائمون، والصالحون، وإن كانت أجسادهم معرسة ففي أسرارهم الكزازة،

والمنازعة وال يصلح شرح أحوالهم إال لولي في نهايته فحسبك ما ظهر من صالحهم، واكتف به

عن شرح ما بطن من أحوالهم، وكان رضي اللهx، واختر أن ال عنه يقول ال تختر من األمر شيئا

تختار، وفر من ذلك المختار فرارك من كل شيء إلى الله تعالى: " وربك يخلق ما يشاء

ويختار ما كان لهم الخيرة " وكل مختارات الشرع وترتيباته فهي مختار الله ليس لك منه

شيء، وبد لك منه، واسمع، وأطع، وهذا موضع20

Page 21: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

الفقه الرباني والعلم اإللهي وهي أرض لعلم الحقيقة المأخوذة عن الله تعالى لمن استوى فافهم، وكان يقول كل ورع ال يثمر لك العلم،

x وكل سيئة يعقبها الخوف، والنور فال تعد له أجراx، وكان والهرب إلى الله تعالى فال تعد لها وزرا يقول ال ترقي قبل أن يرقي بك فتزل قدمك،

وكان يقول: أشقي الناس من يعترض على مواله وأكرس في تدبير دنياه، ونسي المبدأ، والمنتهى والعمل ألخراه، وكان يقول: مراكز النفس أربعة مركز للشهوة في المخالفات،

مركز للشهوة في الطاعات، ومركز في الميل إلى الراحات، ومركز في العجز عن أداء

المفروضات " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل

" اآلية، وكان يقول إن من5مرصد " " التوبة: أعظم القربات عند الله تعالى مفارقة النفس

بقطع إرادتها، وطلب الخالص منها بترك ما يهوي لما يرجي من حياتها، وكان رضي الله عنه يقول إن من أشقي الناس من يحب أن يعامله الناس بكل ما يريد، وهو ال يجد من نفسه بعض

ما يريد، وطالب نفسك بإكرامك لهم، وال تطالبهم بإكرامهم لك ال تكلف إال نفسك، وكان

يقول: قد يئست من منفعة نفسي لنفسي21

Page 22: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

فكيف ال أيأس من منفعة غيري لنفسي، ورجوت الله لغيري فكيف ال أرجوه لنفسي،

وكان يقول: إن أردت أن ال يصدأ لك قلب، وال يلحقك هم، وال كرب، وال يبقي عليك ذنب فأكثر

من قول سبحان الله، وبحمده سبحان الله العظيم ال إله إال هو اللهم ثبت علمها في قلبي

واغفر لي ذنبي، وكان يقول: ال كبيرة عندنا أكبر من اثنتين حب الدنيا باإليثار، والمقام على

الجهل بالرضا ألن حب الدنيا رأس كل خطيئة، والمقام على الجهل أصل كل معصية، وكان يقول: إن أردت أن تصح على يديك الكيمياء فأسقط الخلق من قلبك، واقطع الطمع من

ربك أن يعطيك غير ما سبق لك ثم أمسك ما شئت يكون كما تريد، وكان يقول إن أردت أنx بالحق فتبرأ من نفسك، واخرج تكون مرتبطا

عن حولك وقوتك: وكان يقول إن أردت الصدق في القول فأكثر من قراءة " إنا أنزلناه في ليلة

القدر " وإن أردت اإلخالص في جميع أحوالك فكثر من قراءة " قل هو الله أحد " وإن أردت تيسير الرزق فأكثر من قراءة " قل أعوذ برب

الفلق " وإن أردت السالمة من الشر فأكثر منقراءة " قل أعوذ برب الناس ".

22

Page 23: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

قلت: قال بعضهم وأقل اإلكثار سبعون مرة كل يوم إلى سبعمائة، وكان يقول أربع ال ينفع معهم

علم حب الدنيا، ونسيان اآلخرة، وخوف الفقر وخوف الناس، وكان يقول أصدق األقوال عند

الله تعالى قول ال إله إال الله على النظافة، وأدل األعمال على محبته تعالى لك بغض الدنيا،

واليأس من أهلها على الموافقة وكان يقول ال تسرف بترك الدنيا فيغشاك ظلمتها، وتنحل

أعضاؤك لها فترجع لمعانقتها بعد الخروج منها بالهمة أو بالفكرة أو باإلرادة أو بالحركة، وكان رضي الله عنه يقول: ال تقوى لمحب الدنيا إنما

التقوى لمن أعرض عنها.

وكان يقول إذا توجهت لشيء من عمل الدنيا، واآلخرة فقل: يا قوي يا عزيز يا عليم يا قدير يا سميع يا بصير، وكان يقول إذا ورد عليك مزيد

من الدنيا واآلخرة فقل " حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله، ورسوله إنا إلى الله راغبون "، وكان

يقول خصلة واحدة إذا فعلها العبد صار إمام الناس من أهل عصره، وهي اإلعراض عن

الدنيا، واحتمال األذى من أهلها، وكان يقول: إذا تداين أحدكم فليتوجه بقلبه إلى الله تعالى،

ويتداين على الله تعالى فإن كل ما تداينه العبد23

Page 24: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

على الله تعالى فعلى الله أداؤه، وكان يقول إن عارضك عارض من معلوم هو لك فاهرب إلى

الله منه هروبك من النار، وهذه من غرائب علوم المعرفة في علوم المعاملة، وكان رضي

الله عنه يقول: إذا تداين اللهم عليك تداينت وعليك توكلت، وإليك أمري فوضت، وكان يقول:

خصلة واحدة تحبط األعمال، وال يتنبه لها كثير من الناس وهي سخط العبد على قضاء الله

تعالى قال تعالى: " ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل "، وكان يقول9الله فأحبط أعمالهم " " محمد:

ال يترك منازعة الناس في الدنيا إال المؤمنx بالقسمة، وكان يقول رأيت في النوم صائحا

يصيح في جو السماء إنما تساق لرزقك أو ألجلك أو لما يقضي الله به عليك أو بك أو لك،

وهي خمسة ال سادس لها، وكان يقول: كلx في الوقت فال تعد لها x أو علما حسنة ال تثمر نورا

x من الله تعالى، x، وكل سيئة أثمرت خوفا أجراx، وكان يقول x إليه فال تعد لها وزرا ورجوعا

حسنتان ال يضر معهما كثرة السيئات الرضا بقضاء الله، والصفح عن عباد الله، وكان يقول:

إياك أن تقف مع الخلق بل أنف المضار، والمنافع عنهم ألنها ليست منهم، واشهدها من

الله فيهم، وفر إلى الله منهم بشهود القدر24

Page 25: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

الجازي عليك، وعليهم أو لك، ولهم وال تخفx تغفل به عن الله تعالى، وترد القدر إليهم خوفا

تهلك، وكان يقول رضي الله عنه من فارق المعاصي في ظاهره، ونبذ حب الدنيا من باطنه، ولزم حفظ جوارحه، ومراعاة سره أتته الزوائدx يحرسه من عنده، وأخذ من ربه، وكل به حارسا

x في جميع أموره، x، ورفعا الله بيده خفضا والزوائد هي زوائد العلم واليقين، والمعرفة،

وكان رضي الله عنه يقول: ال يوصف العبد بأنه قد هجر المعاصي إال إن كانت لم تخطر له على

بال فإن حقيقة الهجر نسيان المهجور هذا في حق الكاملين فإن لم يكن كذلك فليهجر على المكابدة، والمجاهدة، وكان يقول: ال يتزحزح

العبد عن النار إال إن كف جوارحه عن معصية الله، وتزين بحفظ أمانة الله، وفتح قلبه

لمشاهدة الله، ولسانه، وسره لمناجاة الله، ورفع الحجاب بينه، وبين صفات الله وأشهده الله تعالى أرواح كلماته، وكان يقول الغل هو ربط القلب على الخيانة، والمكر، والخديعة،

والحقد هو شدة ربط القلب على الخيانة المذكورة، وكان يقول: اتق الله في الفاحشة

جملة وتفصيال وفي الميل إلى الدنيا صورة وتمثيال وكان يقول عقوبة ارتكاب المحرمات

25

Page 26: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

بالعذاب، وعقوبة أهل الطاعات بالحجاب لما يقع لهم فيها من سوء األدب، وعقوبة المراكنات

ترك المزيد وعقوبة القلق، واالستعجال هالك السر وكان يقول: من اعترض على أحوال

الرجال فال بد أن يموت قبل أجله ثالث موتات أخر موت بالذل، وموت بالفقر، وموت بالحاجة

إلى الناس ثم ال يجد من يرحمه منهم، وكان الشيخ مكين الدين األسمر رضي الله عنه يقول:

الناس يدعون إلى باب الله تعالى وأبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه يدخلهم على الله، وكان

الشاذلي رضي الله عنه يقول: من النفاق التظاهر يفعل السنة، والله يعلم منه غير ذلك،

ومن الشرك بالله اتخاذ األولياء، والشفعاء دون الله قال الله تعالى: " مالكم من دونه من ولي

وال شفيع أفال تتذكرون ".

ف الناس، وكان يقول أصدق األقوال عند الله تعالى قول ال إله إال الله على النظافة، وأدل

األعمال على محبته تعالى لك بغض الدنيا، واليأس من أهلها على الموافقة وكان يقول ال

تسرف بترك الدنيا فيغشاك ظلمتها، وتنحل أعضاؤك لها فترجع لمعانقتها بعد الخروج منها بالهمة أو بالفكرة أو باإلرادة أو بالحركة، وكان

26

Page 27: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

رضي الله عنه يقول: ال تقوى لمحب الدنيا إنماالتقوى لمن أعرض عنها.

وكان يقول إذا توجهت لشيء من عمل الدنيا، واآلخرة فقل: يا قوي يا عزيز يا عليم يا قدير يا سميع يا بصير، وكان يقول إذا ورد عليك مزيد

من الدنيا واآلخرة فقل " حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله، ورسوله إنا إلى الله راغبون "، وكان

يقول خصلة واحدة إذا فعلها العبد صار إمام الناس من أهل عصره، وهي اإلعراض عن

الدنيا، واحتمال األذى من أهلها، وكان يقول: إذا تداين أحدكم فليتوجه بقلبه إلى الله تعالى،

ويتداين على الله تعالى فإن كل ما تداينه العبد على الله تعالى فعلى الله أداؤه، وكان يقول إن

عارضك عارض من معلوم هو لك فاهرب إلى الله منه هروبك من النار، وهذه من غرائب

علوم المعرفة في علوم المعاملة، وكان رضي الله عنه يقول: إذا تداين اللهم عليك تداينت

وعليك توكلت، وإليك أمري فوضت، وكان يقول: خصلة واحدة تحبط األعمال، وال يتنبه لها كثير من الناس وهي سخط العبد على قضاء الله

تعالى قال تعالى: " ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل "، وكان يقول9الله فأحبط أعمالهم " " محمد:

27

Page 28: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

ال يترك منازعة الناس في الدنيا إال المؤمنx بالقسمة، وكان يقول رأيت في النوم صائحا

يصيح في جو السماء إنما تساق لرزقك أو ألجلك أو لما يقضي الله به عليك أو بك أو لك،

وهي خمسة ال سادس لها، وكان يقول: كلx في الوقت فال تعد لها x أو علما حسنة ال تثمر نورا

x من الله تعالى، x، وكل سيئة أثمرت خوفا أجراx، وكان يقول x إليه فال تعد لها وزرا ورجوعا

حسنتان ال يضر معهما كثرة السيئات الرضا بقضاء الله، والصفح عن عباد الله، وكان يقول:

إياك أن تقف مع الخلق بل أنف المضار، والمنافع عنهم ألنها ليست منهم، واشهدها من

الله فيهم، وفر إلى الله منهم بشهود القدر الجازي عليك، وعليهم أو لك، ولهم وال تخف

x تغفل به عن الله تعالى، وترد القدر إليهم خوفا تهلك، وكان يقول رضي الله عنه من فارق

المعاصي في ظاهره، ونبذ حب الدنيا من باطنه، ولزم حفظ جوارحه، ومراعاة سره أتته الزوائدx يحرسه من عنده، وأخذ من ربه، وكل به حارسا

x في جميع أموره، x، ورفعا الله بيده خفضا والزوائد هي زوائد العلم واليقين، والمعرفة،

وكان رضي الله عنه يقول: ال يوصف العبد بأنه قد هجر المعاصي إال إن كانت لم تخطر له على

28

Page 29: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

بال فإن حقيقة الهجر نسيان المهجور هذا في حق الكاملين فإن لم يكن كذلك فليهجر على المكابدة، والمجاهدة، وكان يقول: ال يتزحزح

العبد عن النار إال إن كف جوارحه عن معصية الله، وتزين بحفظ أمانة الله، وفتح قلبه

لمشاهدة الله، ولسانه، وسره لمناجاة الله، ورفع الحجاب بينه، وبين صفات الله وأشهده الله تعالى أرواح كلماته، وكان يقول الغل هو ربط القلب على الخيانة، والمكر، والخديعة،

والحقد هو شدة ربط القلب على الخيانة المذكورة، وكان يقول: اتق الله في الفاحشة

جملة وتفصيال وفي الميل إلى الدنيا صورة وتمثيال وكان يقول عقوبة ارتكاب المحرمات بالعذاب، وعقوبة أهل الطاعات بالحجاب لما

يقع لهم فيها من سوء األدب، وعقوبة المراكنات ترك المزيد وعقوبة القلق، واالستعجال هالك

السر وكان يقول: من اعترض على أحوال الرجال فال بد أن يموت قبل أجله ثالث موتات أخر موت بالذل، وموت بالفقر، وموت بالحاجة

إلى الناس ثم ال يجد من يرحمه منهم، وكان الشيخ مكين الدين األسمر رضي الله عنه يقول:

الناس يدعون إلى باب الله تعالى وأبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه يدخلهم على الله، وكان

29

Page 30: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

الشاذلي رضي الله عنه يقول: من النفاق التظاهر يفعل السنة، والله يعلم منه غير ذلك،

ومن الشرك بالله اتخاذ األولياء، والشفعاء دون الله قال الله تعالى: " مالكم من دونه من ولي

وال شفيع أفال تتذكرون ".

x للجاه والمنزلة أو وكان يقول من شفع طلبا لعرض الدنيا عذبه الله على ذلك، ويتوب الله على من يشاء، وكان يقول: من سوء الظن

بالله أن يستنصر بغير الله من الخلق قال تعالى: " من كان يظن أن لن ينصره الله في

الدنيا، واآلخرة " اآلية، وكان يقول أوصاني أستاذي رحمه الله تعالى فقال: جدد بصر

اإليمان تجد الله في كل شيء، وعند كل شيءx من كل ومع كل شيء وفوق كل شيء، وقريبا

x بكل شيء بقرب هو، وصفه، شيء، ومحيطا وبإحاطة هي نعته، وعد عن الظرفية، والحدود، وعن األماكن، والجهات، وعن الصحبة، والقرب

بالمسافات، وعن الدور بالمخلوقات وامحق الكل بوصفه األول، واآلخر، والظاهر والباطن كان الله وال شيء معه، وكان رضي الله عنه

x، ومن يقول: من غفل قلبه اتخذ دينه هزواx، وكان يقول: إذا اشتغل بالخلق اتخذ دينه لعبا

30

Page 31: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

كان من يعمل على الوفاق ال يسلم من النفاق فكيف بغيره، وكان رضي الله عنه يقول:

الكاملون حاملون ألوصاف الحق وحاملون ألوصاف الخلق فإن رأيتهم من حيث الخلق

رأيت أوصاف البشر، وإن رأيتهم من حيث الحق رأيت أوصاف الحق التي زينهم بها فظاهرهم

x وبأخالق رسول الله الفقر وباطنهم الغنم تخلقا صلى الله عليه وسلم، قال: " ووجدك عائال

فأغنى " أفتراه أغناه بالمال كال، وقد شد الحجر على بطنه من شدة الجوع وأطعم الجيش كله

من صاع، وخرج من مكة على قدميه ليس معه شيء يأكله ذو كبد إال شيء يواريه إبط بالل،

وكان يقول ضيق اليد شرف لكل الناس أو لقطب أو خليفة أو أمين ال يخون الله تعالى: برؤية نفسه على من ينفق عليه من العيال،

والفقراء طرفة عين.

وكان يقول: العلوم التي وقع الثناء على أهلها وإن جلت فهي ظلمة في علوم ذوي التحقيق، وهم الذين غرقوا في تيار بحر الذات، وغموض الصفات فكانوا هناك بال هم وهم الخاصة العليا

الدين شاركوا األنبياء، والرسل عليهم الصالة والسالم في أحوالهم فلهم فيها نصيب على قدر

31

Page 32: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

إرثهم من مورثهم قال: النبي صلى الله عليه وسلم: " العلماء ورثة األنبياء عليهم الصالة،

والسالم " أي يقومون مقامهم على سبيل العلم، والحكمة ال على سبيل التحقيق بالمقام،

والحال فإن مقامات األنبياء عليهم الصالة، والسالم قد جلت أن يلمح حقائقها غيرهم، وكأن

يقول: كل وارث في المنزلة الموروثة ال يكون إال بقدر مورثه فقط قال تعالى: " ولقد فضلنا

بعض النبيين على بعض " كما فضل بعضهم على بعض كذلك فضل، ورثتهم على بعض إذ

األنبياء عليهم الصالة، والسالم أعين للحق، وكل عين يشهد منها على قدرها، وكل ولي له مادة

مخصوصة وكان يقول األولياء على ضربين صالحون، وصديقون فالصالحون أبدال األنبياء،

والصديقون أبدال الرسل.

فبين الصالحين، والصديقين في التفضيل كما بين األنبياء، والمرسلين منهم طائفة انفردوا

بالمادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشهدونها عين يقين، وهم قليلون وفي التحقيق كثيرون، ومادة كل نبي، وكل ولي باألصالة من

رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن مناألولياء من يشهد عينه، ومنهم

32

Page 33: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

من تخفى عليه عينه، ومادته فيفنى فيما يرد عليه، وال يشتغل بطلب مادته بل هو مستغرق

بحاله ال يرى غير وقته ومنهم x مدوا بالنور اإللهي فنظروا به حتى طائفة أيضا

عرفوا من هم على التحقيق.

وذلك كرامة لهم ال ينكرها إال من ينكر كرامات األولياء فنعوذ بالله من النكران بعد العرفان، وكان يقول: أول منزل يطؤه المحب للترقي منه إلى العال النفس فإذا اشتغل بسياستها،

ورياضتها إلى أن انتهى إلى معرفتها وتحققها أشرق عليه أنوار المنزل الثاني، وهو القلب فإذا اشتغل بسياسته حتى عرفه، ولم يبق منه عليه

شيء أشرق عليه أنوار المنزل الثالث، وهو الروح فإذا اشتغل بسياسته، وتمت له المعرفة

x إلى تمام x فشيئا هبت عليه أنوار اليقين شيئا نهاياته، وهذه طريق العامة، وأما طريق الخاصة

فهي طريق ملوك تضمحل العقول في أقل القليل من شرحها، وكان يقول: ومن أمده الله

x ال حد له، تعالى بنور العقل األصلي شهد موجودا وال غاية باإلضافة إلى هذا العبد واضمحلت جميع الكائنات فيه فتارة يشهدها فيه كما يشهد البناء

x في الهواء بواسطة نور الشمس، وتارة ال بيتا33

Page 34: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

يشهدها النحراف نور الشمس عن الكوة، فالشمس التي يبصر بها هو العقل الضروري بعد المادة بنور اليقين، وإذا اضمحل هذا النور ذهبت

الكائنات كلها، وبقي هذا الموجود فتارة يفنى، وتارة يبقى حتى إذا أريد به الكمال نودي فيهاx ال صوت له فيمد بالفهم عنه إال أن نداء خفيا

الذي يشهده غير الله تعالى: ليس من الله في شيء فهناك ينتبه من سكراته فيقول: يا رب

x أن هذا البحر ال أثبتني، وإال أنا هالك فيعلم يقينا ينجيه منه إال الله عز وجل فحينئذ يقال له: إن

هذا الموجود هو العقل الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول ما خلق الله العقل

" فأعطى هذا العبد الذل، واالنقياد لنور هذا الموجود إذ ال يقدر على حده، وغايته فإذا أمد

الله هذا العبد بنور أسمائه قطع ذلك كلمح البصر أو كما شاء الله تعالى: " برفع درجات

من نشاء " ثم أمده الله تعالى: بنور الروح الرباني فعرف هذا الموجود فرقي إلى ميدان

الروح الرباني فذهب بجميع ما تحلى به هذا العبد، وما تخلى عنه بالضرورة، وبقي كال موجود

ثم أحياه الله بنور صفاته فأدرجه بهذه الحياة في معرفة هذا الموجود الرباني فلما استنشق

من مبادئ صفاته كان يقول: هو الله فإذا لحقته34

Page 35: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

العناية األزلية نادته إال أن هذا الموجود هو الذي ال يجوز ألحد أن يصفه بصفة، وال أن يعبر عنه

بشيء من صفاته لغير أهله لكن بنور غيره يعرفه فإذا أمده الله بنور سر الروح وجد نفسهx على باب ميدان السر فرفع همته ليعرف جالسا

هذا الموجود الذي هو السر فعمى عن إدراكه فتالشت جميع أوصافه كأنه ليس بشيء فإذا أمده الله تعالى بنور ذاته أحياه حياة باقية ال

غاية لها فينظر جميع المعلومات بنور هذهx في كل شيء ال الحياة، ووجد نور الحق شائعا يشهد غيره فنودي من قريب ال تغتر بالله فإن

المحجوب من حجب عن الله بالله إذ محال أن يحجبه غيره، وهناك يحيا حياة استودعها الله

تعالى فيه ثم قال يا رب أعوذ بك منك حتى ال أرى غيرك، وهذا هو سبيل الترقي إلى حضرة العلي األعلى، وهو طريق المحبين الذين هم

أبدال األنبياء عليهم الصالة، والسالم، وما يعطيه الله تعالى ألحدهم من بعد هذا المنزل ال يقدر

أحد أن يصف منه ذرة، والحمد لله على نعمائه، وأما طريق المحبوبين الخاصة بهم فإنه ترق منه إليه به إذ محال أن يتوصل إليه بغيره فأول قدم لهم بال قدم إذ ألقى عليهم من نور ذاته فغيبهم

بين عباده، وحبب إليهم الخلوات، وصغرت35

Page 36: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

لديهم األعمال الصالحات وعظم عندهم رب األرضين، والسموات فبينما هم كذلك إذ ألبسهم

ثوب العدم فنظروا فإذا هم ال هم ثم أردف عليهم ظلمة غيبتهم عن نظرهم فصار نظرهمx ال علة له فانطمست جميع العلل، وزال عدما

كل حادث فال حادث، وال وجود بل ليس إال العدم الذي ال علة له فال معرفة تتعلق به اضمحلت

المعلومات وزالت المرسومات زواال ال علة فيه، وبقي من أشير إليه ال، وصف له وال صفة، وال ذات، واضمحلت النعوت، واألسماء، والصفات

كذلك فال اسم له وال صفة، وال ذات فهنالك ظهرx ال علة فيه بل ظهر يسره من لم يزل ظهوراx ال أولية له بل نظر من لذاته في ذاته ظهورا ذاته لذاته في ذاته وهناك يحيا العبد بظهوره

x حياة ال علة لها وصار أوال في ظهوره ال ظاهرا قبله فوجدت األشياء بأوصافه، وظهرت بنوره في نوره سبحانه، وتعالى ثم يغطس بعد ذلك في بحر بعد بحر إلى أن يصل إلى بحر السر

x ال خروج له منه فإذا دخل بحر السر غرق غرقاx عن النبي أبد اآلباد فإن شاء الله تعالى بعثه نائبا صلى الله عليه وسلم، يحيى به عباده، وإن شاء

ستره يفعل في ملكه ما يشاء فهذا عنبرة منطريقي الخصوص، والعموم فتنبه.

36

Page 37: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

انتهى.

x عن النبي صلى الله عليه وسلم، يحيى به ا عباده، وإن شاء ستره يفعل في ملكه ما يشاء

فهذا عنبرة من طريقي الخصوص، والعمومفتنبه.

انتهى.

قلت: وإنما سطرنا لك يا أخي هذه األمورx الخاصة بالمكملين من أهل الله تعالى تشويقا

x لباب التصديق لهم إذا لك إلى مقاماتهم، وفتحا سمعتهم يذكرون مثل ذلك كما أشرنا إليه في خطبة هذا الكتاب وهذا الكالم لم أجده لغيره

من األولياء إلى وقتي هذا، فسبحان المنعم علىمن يشاء بما يشاء.

والله أعلم.

ومنهم @ الشيخ سيدي اإلمام أحمد أبو العباس

المرسي رضي الله عنه37

Page 38: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

كان من أكابر العارفين، وكان يقال إنه لم يرث علم الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه غيره، وهو أجل من أخذ عنه الطريق رضي اللهx من الكتب. عنه، ولم يضع رضي الله عنه شيئا

وكان رضي الله عنه يقول علوم هذه الطائفة علوم تحقيق، وعلوم التحقيق ال تحملها عقول

عموم الخلق، وكذلك شيخه أبو الحسن الشاذليx، وكان يقول كتبي رضي الله عنه لم يضع شيئا

أصحابي.

مات رضي الله عنه سنة ست وثمانين وستمائة.

ومن كالمه رضي الله عنه جميع األنبياء عليهم الصالة والسالم خلقوا من الرحمة، ونبينا صلى الله عليه وسلم، هو عين الرحمة، وكان رضى

الله عنه يقول الفقيه هو من انفقأ الحجاب عن عيني قلبه، وكان رضي الله عنه يقول رجال

الليل هم الرجال، وكلما أظلم الوقت قوى نور الولي ضرورة، وكان رضي الله عنه يقول: ولى

الله مع الله كولد اللبوة في حجرها أتراها تاركة، ولدها لمن أراد اغتياله ال والله، وكان رضي الله

x محق أفعالهم عنه يقول إن الله تعالى عبادا38

Page 39: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

بأفعاله، وأوصافهم بأوصافه، وذاتهم بذاته، وحملهم من أسراره ما يعجز عامة األولياء عن

سماعه، وكان يقول في معنى حديث من عرف نفسه عرف ربه معناه من عرف نفسه بذلها،

وعجزها عرف الله بعزه، وقدرته.

قلت: وهذا أسلم األجوبة، والله أعلم، وكان يقول سمعت الشيخ أبا الحسن رضي الله عنه يقول لو كشف عن نور المؤمن العاصي لطبق ما بين السماء واألرض فما ظنك بنور المؤمن المطيع وكان يقول لو كشف عن حقيقه، ولي

لعبد ألن أوصافه من أوصافه، ونعوته من نعوته.

قلت: ومعنى لعبد: أي ألطيع قال تعالى: " ال تعبدوا الشيطان " أي ال تطيعوه فيما يأمركم به،

والله أعلم.

قال بعضهم صليت خلف الشيخ أبي العباس فشهدت األنوار مألت بدنه، وانبثت من وجوده

حتى إني لم أستطع النظر إليه وكان رضي الله عنه يقول قال ملك من الملوك لبعض العارفين

تمن علي فقال له ذلك العارف تقول ذلك لي ولي عبدان قل ملكتهما، وملكاك، وقهرتهما،

39

Page 40: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

وقهراك، وهما الشهوة، والحرص فأنت عبدعدي فكيف أتمنى عليك، وأنت عبد عبدي.

وكان يقول سمعت الشيخ أبا الحسن الشاذلي رضي الله عنه يقول من ثبتت، واليته من الله

تعالى ال يكره الموت، وهذا ميزان للمريدين ليزنوا به على نفوسهم إذا ادعوا، والية الله فإن

من شأن النفوس، وجود الدعوى للمراتب العالية من غير أن يسلك السبيل الموصل إليها قال تعالى: " فتمنوا الموت إن كنتم صادقين "

" وكان رضي الله عنه يقول قد94" البقرة: x بالعلوم، والمعارف، يكون الولي مشحونا

والحقائق لديه مشهورة حتى إذا أعطى العبارة كان كاإلذن من الله تعالى في الكالم، ويجب أن

تفهم أن من أذن له في التعبير جلت في مسامع الخلق إشاراته، وكان يقول كالم

المأذون له يخرج، وعليه كسوة، وطالوة، وكالم الذي لم يأذن له يخرج مكسوف األنوار، وكان

يقول: من أحب الظهور فهو عبد الظهور، ومن أحب الخفاء فهو عبد الخفاء، ومن كان عبد الله

فسواء عليه أظهره أو أخفاه، وكان رضي الله عنه يقول: الطيء طيان على أصغر، وطي أكبر

فالطي األصغر لعامة هذه الطائفة أن تطوي40

Page 41: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

لهم األرض من مشرقها إلى مغربها في نفس واحد والطي األكبر طي أوصاف النفوس، وكان

يقول دخل رجل على عثمان رضي الله عنه، وقد كان نظر إلى محاسن امرأة في الطريق

فقال يدخل أحدكم، وآثار الزنا بادية في وجهه، وكان يقول قد يطلع الله الولي على غيبه إذا

ارتضاه بحكم التبع للرسل عليهم الصالة، والسالم، ومن هنا نطقوا بالمغيبات، وأصابوا الحق فيها وكان يقول طريقنا هذه ال تنسب

للمشارقة، وال للمغاربة بل واحد عن واحد إلى الحسن بن علي أبي طالب رضي الله عنه، وهو

أول األقطاب، وكان يقول: إنما يلزم اإلنسان تعيين المشايخ الذين استند إليهم إذا كان طريقه

لبس الخرقة ألنها رواية والرواية يتعين رجال سندها، وطريقنا هذه هداية، وقد يجذب الله

تعالى العبد إليه فال يجعل عليه منة ألستاذ وقد يجمع شمله برسول الله صلى الله عليه وسلم

x عنه وكفي بهذا منة، وكان يقول فيكون آخذاx x، قال الشيخ قال الشيخ، كلما ينقل كالما كثيرا

x فقال له إنسان ال نراك قط تسند لنفسك كالما فقال رضي الله عنه لو أردت عدد األنفاس أن أقول قال الله قال الله لقلت، ولو أردت عدد األنفاس أن أقول قال رسول الله صلى الله

41

Page 42: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

عليه وسلم لقلت، ولو شئت أن أقول على عدد األنفاس قلت أنا لقلت، ولكن أقول قال الشيخ،

x، وكان يقول: لم يزل وأترك ذكر نفسي أدبا الولي في كل عصر ال يلقي أكثر الناس إليه بإال حتى إذا مات قالوا: كان فالن، وكان يقول الله ما سار األولياء واألبدال من ق إلى ق إال حتى يلتقوا مع واحد مثلنا، وكان شيخه أبو الحسن

رضي الله عنه يقول: للناس عليكم بالشيخ أبي العباس فوالله إنه ليأتيه البدوي يبول على ساقيه فال يمشي وإال وقد أوصله إلى الله

تعالى، ووالله ما من ولي لله كان أو هو كائن إال وقد أظهره الله عليه، وعلى اسمه ونسبه،

وحسبه، وحظه من الله تعالى عز وجل، وكان رضي الله عنه يقول: سمعت الشيخ أبا الحسن

رضي الله عنه يقول: لن تهلك طائفة فيهاأربعة: إمام، وولي، وصديق، وشيخ.

وقال أبو الحسن في ذلك المجلس فاإلمام هوأبو العباس.

وكان رضي الله عنه يقول الولي إذا أراد عين، وكان يقول: قال لي الشيخ أبو الحسن يا أبا

العباس ما صحبتك إال لتكون أنت أنا وأنا أنت،42

Page 43: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

وكان رضي الله عنه يقول لي أربعون سنة ما حجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو حجبت طرفة عين ما عددت نفسي من

جملة المسلمين.

وكذلك كان يقول في حق الجنة وفي حق الوقوف بعرفة كل سنة وكان يقول لو كان

الحق سبحانه، وتعالى يرضيه خالف السنة لكان التوجه في الصالة إلى القطب الغوث أولي من التوجه إلى الكعبة، وكان رضي الله عنه يقول، والله ما كان اثنان من أصحاب هذا العلم في

x بعد واحد إلى الحسن زمن واحد قط إال واحدا بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان

x اليوم يتكلم في هذا العلم يقول: ال أعلم أحدا غيري على وجه األرض، وقدم إليه بعضهم

x فيه شبهة يمتحنه فامتنع الشيخ من أكله، طعاما وقال إنه كان للشيخ المحاسبي عرق في إصبعه يضرب إذا مد يده إلى شبهة فأنا في يدي ستونx تضرب فاستغرب الرجل، وتاب على يديه، عرقا

وكان يقول من منذ دخلت على الشيخ أبي الحسن في القاهرة وهو يقرأ عليه كتاب

المواقف للمنقري، وقال لي تكلم يا بني باركx من ذلك الوقت، الله تعالى فيك أعطيت لسانا

43

Page 44: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

وكان رضي الله عنه يقول: والله لو علمت علماء العراق، والشام ما تحت هذه الشعرات،

وأمسك على لحيته ألتوها، ولحبوا على وجوههم، وكان يقول: والله ما نطالع كالم أهل الطريق إال

لنرى فضل الله تعالى علينا.

وكان رضي الله عنه يقول إذا كمل الرجل نطقx من بجميع اللغات، وعرف جميع األلسن إلهاما الله عز وجل، وكان يقول من صحب المشايخ

على الصدق وهو عالم بالظاهر ازداد علمهx، وكان رضي الله عنه يقول: ال تطالبوا ظهورا

الشيخ بأن تكونوا في خاطره بل طالبوا أنفسكم أن يكون الشيخ في خاطركم فعلى مقدار ما

يكون عندكم تكونون عنده.

x في خط المقسم بالقاهرة فكان كل وكان ساكنا ليلة يأتي اإلسكندرية فيسمع ميعاد الشيخ أبي الحسن ثم يرجع إلى القاهرة، وكان يقرأ عليه كتاب ختم األولياء للحكيم الترمذي، وكان هو

وشيخه أبو الحسن يجالنه ويعظمانه رضي الله عنه، وكان رجل ينكر عليه، ويقول: ليس إال أهل

x العلم الظاهر، وهؤالء القوم يدعون أموراx عظمى ظاهر الشرع يأباها فحضروا يوما

44

Page 45: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

مجلس الشيخ فانبهر عقله ورجع عن إنكاره، وقال هذا الرجل إنما يغرف من فيض بحر إلهي،

ومدد رباني ثم صار من أخص أصحابه، وكان يقول شاركنا الفقهاء فيما هم فيه، ولم

يشاركونا فيما نحن فيه، وعمل رضي الله عنه عصيدة في يوم حار فقالوا له: العصيدة ال تعمل

إال في أيام الشتاء فقال: هذه عصيدة ولدنا ياقوت ولد اليوم ببالد الحبشة فلم يزل ياقوت

يباع من سيد إلى سيد حتى جاء إلى سيدي أبي العباس وحسبوا عمره فوجدوا عمره كما قال: وكان رضي الله عنه أكثر ما يتكلم في مجالسه

في العقل األكبر، واالسم األعظم، وشعبه األربع، واألسماء والحروف، ودوائر األولياء، ومقامات

الموقنين، واألمالك المقربين عند العرش، وعلوم األسرار، وأمداد األذكار، ويوم المقادير،

وشأن التدبير، وعلم البدء، وعلم المشيئة وشأن القبضة، ورجال القبضة، وعلم األفراد، وما

سيكون يوم القيامة من أفعال الله تعالى مع عباده من حلمه، وإنعامه، وجوده، وانتقامه،

وكان رضي الله عنه يقول: لوال ضعف العقول ألخبرت بما يكون من رحمة الله تعالى قال ابن

عطاء الله رضي الله عنه: وكان الشيخ أبو العباس رضي الله تعالى عنه ال يتنزل إلى علوم

45

Page 46: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

المعاملة إال في قليل من األيام لحاجة بعض الناس إلى ذلك قال، ولذلك يقل اتباع من تكون علومه العلوم السابقة فإن المشترين للمرجان قد يكثرون، وقل أن يجتمع على شراء الياقوت

اثنان ولم يزل اتباع أهل الحق قليلين.

كما قال الله تعالى في أهل الكهف: " ما يعلمهم إال قليل " وأهل الله كهف ألمور الناس،

ولكن قليل من يعرفهم، وكان سيدي أبو العباس رضي الله عنه يقول معرفة الولي أصعب من معرفة الله عز وجل فإن الله تعالى معروف

x مثلك بكماله، وجماله وحتى متى تعرف مخلوقا يأكل كما تأكل، ويشرب كما تشرب، وطلب

نائب اإلسكندرية أن يجتمع به ويأخذ بيده فيكون شيخه فقال، للقاصد لست ممن يلعب به، ولم

يجتمع به حتى مات وكان إذا نام في بلد في السفر، وعرف أن كبيرها يريد االجتماع به

يسافر منها ليال قبل الفجر.

وكان يقول: عالمة حب الدنيا خوف المذمة، وحب الثناء فلو زهد لما خاف، وأحب، وكان

رضي الله عنه يقول الورع من ورعه الله، وكان يقول من لم يصلح للدنيا، ولآلخرة يصلح لله،

46

Page 47: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

وكان يقول: ودع المنقطعين نشأ من سوء الظن، وغلبة الوهم وورع األبدال، والصديقين على البينة الواضحة، والبصيرة الفائقة، وكان

يقول والله ما رأيت العز إال في رفع الهمة عنx ومعي شيء من x كلبا الخلق، ولقد رأيت يوما الخبز فوضعته بين يديه فلم يلتفت له فقربته

من فيه فلم يلتفت إليه فإذا علي يقال أف لمن يكون الكلب أزهد منه، وكان رضي الله عنه

يقول للناس أسباب، وسببنا نحن اإليمان والتقوى قال الله تعالى: " أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء واألرض

".96" " األعراف:

وكان يقول: ما سمعتموه مني ففهمتموه فاستودعوه الله يرده عليكم وقت الحاجة، وما

لم تفهموه فكلوه إلى الله يتولى الله ببابه، واسعوا في جالء مرآة قلوبكم يتضح لكم كل شيء وكان يقول: إذا ضاف الولي هلك من

يؤذيه في الوقت، وإذا اتسعت معرفته احتمل أذى الثقلين، ولم يحصل ألحد منهم ضرر بسببه،

وكان يقول: لحوم األولياء مسمومة، ولو يؤاخذوك فإياك ثم إياك، وكان رضي الله عنه بهx، وكان به الحصى وبرد الكلي، اثنا عشر باسورا

47

Page 48: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

ومع ذلك فكان يجلس للناس، وال يتأوه في جلوسه، وال يعلم جليسه بما هو فيه، وكان

يقول: ال تنظروا إلى حمرة وجهي فإنها من حمرة قلبي، وكان رضي الله عنه يقول: والله

ما جلست بالناس حتى هددت بالسلب وقيل لي لئن لم تجلس لسلبتك ما وهبناك، وكان ال

يكاتب الوالة في شيء بل كان يقول: للسائل أنا أطلب لك ذلك من الله تعالى، وكان يكره لألشياخ إذا جاءهم مريد أن يقولوا له قف

ساعة، ويقول إن المريد يأتي إلى الشيخ بهمته المتوقدة فإذا قيل له قف ساعة طفيء ما جاء به وكان يقول عن شيخه اصحبوني، وال أمنعكم

أن تصحبوا غيري فإن وجدتم منهال أعذب منx دخل في هذا المنهل فردوا وكان إذا رأى مريدا أوراد بنفسه، وهواه أخرجه منها، وكان إذا مدح

بقصيدة يجيز المادح بإقباله عليه، ويعطيه العطايا، وكان يقول ألصحابه إذا جاءنا رئيس

قوم فأخبروني به أخرج إليه فإذا فارقه مشى معه خطوات ثم رجع، ويقول إن هؤالء كلفوا

نفوسهم إلى زيارتنا، ونحن لم نزرهم، وكان ال يأكل من طعام عني له، وال من طعام أعلم به

قبل أن يأتيه، وكان ال يدعو للمحسن حتى يخرج من مجلسه فيدعو له بظهر الغيب، وكان إذا

48

Page 49: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

أهدي إليه شيء يسير تلقاه ببشاشة، وقبول وإذا أهدى له شيء كثير يتلقاه بعز النفس،

وإظهار الغني عنه، وكان ال يثني على مريد بين إخوانه خشية الحسد، وكانت صالته موجزة في تمام، ويقول هي صالة األبدال وكان رضي الله عنه يقول إذا قرأت القرآن فكأنما أقرؤه علىx ينطق باسم الله عز وجل، وكان إذا سمع أحدا

الله تعالى أو اسم النبي صلى الله عليه وسلم، يقرب فمه منه حتى يلتقط ذلك االسم إجالال أنx يقول: هذه يبرز في الهواء وكان إذا سمع أحدا

ليلة القدر يقول نحن بحمد الله أوقاتنا كلها ليلة قدر، وكان يكرم الناس على نحو رتبهم عند الله حتى إنه ربما يدخل عليه المطيع فال يلتفت إليه لكونه يرى عبادته، ويدخل عليه العاصي فيقوم له ألنه دخل بذل نفس، وانكسار، ومدحوا عنده

x بالعلم، وكان كثير الوسوسة في شخصا الوضوء، والصالة فقال الشيخ أين علمكم الذي

تمدحون به هذا الرجل العلم هو الذي ينطبع في القلب كالبياض في األبيض، والسواد في

األسود، وقال: لرجل من الحجاج كيف كان حجكم فقال كان كثير الرخاء كثير الماء سعر

كذا، وكذا فأعرض عنه الشيخ فقال أسألهم عن حجهم، وما وجدوا فيه من الله تعالى من العلم،

49

Page 50: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

والفوز، والفتح فيجيبون برخاء األسعار وكثرة المياه، وكان يقول: ينبغي للمشايخ تفقد حال

المريدين، ويجوز للمريدين إخبار األستاذ بما في بواطنهم إذ االستاذ كالطبيب، وحال المريد كالعورة، والعورة قد تبدو للطبيب لضرورة

التداوي، وفي الحقيقة كل مريد رأى له عورة مع شيخه فهو أجنبي عنه لم يتحد به، وكان

x يقول للشيخ أن يطالب المريد ما دام قاصرا عن حقيقة دعواه فإذا بلغ مبلغ الرجال لم

يطالبه على دعواه ببرهان لخروجه عن مقام التلبيس، وكان يقول لمن رأى أنه زهد في الدنيا

x لقد عظمت يا أخي الدنيا حين رأيت لها وجوداحتى زهدت فيها فقدرها أصغر من ذلك.

x وكان رضي الله عنه يفسر مشكالت القوم كثيرا فقال: في كالم سهل بن عبد الله ال تكونوا من

أبناء الدهر، وكونوا من أبناء األزل معناه الحظوا ما سبق في علم الله وال تتكلوا على علمكم، وال

على عملكم مدة عمركم، وقال في قول بشر الحافي رضي الله عنه إني ألشتهي الشواء منذ

أربعين سنة ما صفا لي ثمنه أي لم يأذن لي الحق في أكله فلو أذن لي صفا لي ثمنه وإال

فمن أين يأكل في األربعين سنة، وقال في قول50

Page 51: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

الجنيد رضي الله تعالى عنه أدركت سبعينx كلهم كانوا يعبدون الله تعالى على ظن، عارفا

x من ووهم حتى أخي أبا يزيد لو أدرك صبيا صبياننا ألسم على يديه معناه أنهم يقولون ما

بعد المقام الذي، وصلناه مقام فهذا، وهم، وظن فإن كل مقام فوقه مقام إلى ما ال يتناهى

وليس معناه الظن، والوهم في معرفتهم بالله تعانى ومعنى ألسلم على يديه أي النقاد له ألن

اإلسالم هو االنقياد، وقال في قول: أبي يزيدx، وقف األنبياء رضي الله تعالى عنه خضت بحرا بساحله )أي اآلخر( معناه أن أبا يزيد رضي الله

تعالى عنه يشكو ضعفه وعجزه عن اللحوق باألنبياء عليهم الصالة، والسالم وذلك ألن األنبياء

عليهم الصالة، والسالم خاضوا بحر التوحيد، ووقفوا على الجانب اآلخر على ساحل الفرق يدعون الخلق إلى الخوض أي فلو كنت كامال لوقفت حيث وقفوا قال ابن عطاء الله رضي الله عنه وهذا الذي فسر به الشيخ كالم أبي

يزيد رضي الله عنه هو الالئق بمقام أبي يزيد.

وقد كان يقول جميع ما أخذ األولياء بالنسبة لما أخذ األنبياء عليهم الصالة والسالم كزق مليء

عس ثم رشحت منه رشاحة فما في باطن الزق51

Page 52: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

لألنبياء عليهم الصالة والسالم، وتلك الرشاحةلألولياء رضي الله عنه.

والمشهور عن أبي يزيد رضي الله عنه التعظيم لمراسم الشريعة، والقيام بكمال األدب فالحق

تأويل أحوال األكابر من أهل االستقامة دون المبادرة إلى اإلنكار، وقال في حكاية الحارث بن أسد من أنه كان إذا مد يده إلى طعام فيه شبهة

تحرك عليه إصبعه كيف هذا.

وقد قدم ألبي بكر الصديق رضي الله عنه لبن فأكل منه ثم، وجد كدورته في قلبه فقال: من

أين لكم هذا اللبن.

فقال غالم له كنت تكهنت لقوم في الجاهلية فأعطوني ثمن كهانتي فتقايأه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فلم يكن للصديق عرق يتحركx فيه شبهة مع كونه أفضل عليه إذا أكل طعاما

من الحارث باإلجماع.

الجواب أن أبا بكر رضي الله عنه كان خليفةx فيه x للعباد حتى يقتدى به من أكل طعاما مشرعا شبهة، ولم يعلم فيتكلف طرحه بعد أكله فيثيبه

52

Page 53: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

الله تعالى على ذلك، والحارث رضي الله عنهx وال قدوة إنما يعمل لم يكن إذ ذاك مشرعا

بقصد نفع نفسه فقط، ومعلوم أن القدوة منشأنه التنزل في المقام للتعليم.

وكان رضي الله عنه يقول: إنما بدأ القشيري في رسالته بالفضيل بن عياض، وإبراهيم بن

أدهم ألنهما كانا قد تقدم لهما زمن قطيعة فلماx لرجاء أقبال أقبل الله عليهما فبدأ بذكرهما بسطا

المريدين الذين كانت تقدمت منهم الزالت، والمخالفات، وليعلم أن فضل الله ليس بمعلل بعمل، ولو أنه بدأ بالجنيد، وسهل بن عبد الله

وعتبة الغالم، وأمثالهم ممن نشأ في طريق الله لربما قال: قائل من يدرك هؤالء لم يسبق لهم

زالت، وال مخالفات، وقال في قول سمنون المحب: وليس لي في سواك حظ :: فكيفما شئت فاختبرني فابتلى بحصر البول فصاح،

وصار يقول: ادعوا لعمكم الكذاب لو كان سمنون قال عوض ما قال فكيفما شئت

فاختبرني فاعف عني لكان أول من طلباالختبار.

53

Page 54: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

قلت: وإنما وقع االمتحان لسمنون لغفلته عن التبري من الدعوى فلو قال: مدني بالقوة ثم

اختبرني بما شئت لم يمتحن، وكان شيخنا رضي الله عنه يقول: إذا قيل لك أتخاف الله تعالى فقل نعم لكن بقدر ما خلقه في من الخوف،

وكذلك القول في أتحب الله تعالى فمن سلك ذلك ال يقع له امتحان لتعويله على الله تعالى ال على قوة نفسه هو وقد قالوا: كل مدع ممتحن،

وهذا ميزانه، والله أعلم.

وقال في قول السري رضي الله عنه في حدالتوبة التوبة أن ال تنسى ذنبك.

هو أولى عن قول الجنيد رضي الله عنه، وغيره التوبة أن تنسى ذنبك ألن كالم السري رضي

الله عنه يدل على مبادي المقامات، وكانx الكالم على مقامات العباد لكماله، السري مكلفا

والجنيد، وغيره لم يكن إذ ذاك قدوة للناس فافهم، وقال في قول بعضهم ال يكون الصوفيx x حتى ال يكتب عليه صاحب الشمال ذنبا صوفيا

عشرين سنة ليس معنى ذلك أن ال يقع منه ذنب عشرين سنة وإنما معناه عدم اإلصرار، وكلما

أذنب تاب، واستغفر على الفور، وكان يقول: إذا54

Page 55: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

رفعك إلى محل المحاضرة، والشهود المسلوب عن العلل فذاك مقام التعريف، واإليمان

الحقيقي، وميدان تنزل أسرار األزل، وإذا أنزلك إلى محل المجاهدة، والمكابدة فذاك مقام التكليف المقيد بالعلل، وهو اإلسالم الحق

وميدان تجلى حقائق األبدية، والمحقق ال يبالي بأي صفة يكون، وقال في قوله تعالى: " قل

هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن " أي على معاينة تعاين108اتبعني " " يوسف:

لكل صنف طريقهم فيحملهم عليها، وعلى النيابة، وكان رضي الله عنه يقول: العارف ال

دنيا له ألن دنياه آلخرته، وآخرته لربه وكان يقول الزاهد غريب في الدنيا ألن اآلخر، وطنه،

والعارف غريب في اآلخرة فإنه عند الله تعالى، ومعنى غربته في الدنيا قلة من يعينه على

القيام بالحق، وقلة من يشاكله في القيام، وأما غربة العارف في اآلخرة فإن سيره مع الله تعالى بال أين، والمدار على محل يكون فيه

القلب ال على محل يكون فيه الجسم كما أن الزاهد كذلك موطن قلبه في الدنيا إنما هو

اآلخرة فهي معشش روحه، ولوال ذلك لما صح له الزهد في الدنيا، وكان رضي الله عنه يقول

العامة: إذا خوفوا خافوا، وإذا روحوا راحوا،55

Page 56: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

والخاصة متى خوفوا راحوا ومتى روحوا خافوا، وكان رضي الله عنه يقول: كان اإلنسان بعد أن لم يكن، وسيفني بعد أن كان، ومن كال طرفيه

عدم فهو عدم.

قال ابن عطاء رضي الله عنه: أي أن الكائنات ال تثبت لها رتبة الوجود المطلق ألن الوجود الحق إنما هو لله، وله األحذية، وأما العالم فالوجود له

من عدمه، ومن كان كذلك فالعدم وصفه في نفسه، وكان من طريقته، وطريقة شيخه أبي الحسن اإلعراض عن لبس الزي، والمرقعات ألن هذا اللباس ينادى على صاحبه أنا الفقير

x، وينادي على سر الفقير فأعطوني شيئاباإلفشاء فمن لبس الزي فقد ادعى.

قلت: وليس مراد الشيخ أن يعيب على الفقراء لبس الزي، وإنما مراده أنه ال يلزم كل من كان

له نصيب مما للقوم أن يلبس مالبس الفقراء فال حرج على الالبس للخشن، وال على الالبس

للناعم إذا كان من المحسنين، واألعمال بالنيات، وكان يقول اختلف الناس في اشتقاق الصوفي،

وأحسن ما قيل فيه إنه منسوب لفعل الله تعالى به أي صافاه الله تعالى فصوفي فسموه

56

Page 57: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

x، وكان يقول في قول عيسى عليه صوفيا السالم: يا بني إسرائيل بحق أقول لكم ال يلج ملكوت السموات، واألرض من لم يولد مرتين

أنا والله ممن ولد مرتين اإليالد األول إيالد الطبيعة، واإليالد الثاني إيالد الروح في سماء

المعارف، وكان يقول: لن يصل الولي إلى الله تعالى حتى ينقطع عنه شهوة الوصول إلى الله

تعالى أي انقطاع أدب ال انقطاع ملل لغلبةالتفويض على قلبه.

وكان رضي الله عنه يقول: إن الله تعالى جعل اآلدمي ثالثة أجزاء فلسانه جزء، وجوارحه جزء،

وقلبه جزء، وطلب من كل جزء وفاء، فوفاء القلب أن ال يشتغل بهم رزق، وال مكر، وال

خديعة، وال حسد، ووفاء اللسان أن ال يغتاب، وال يكذب وال يتكلم فيما ال يعنيه ووفاء الجوارح أنx ال يسارع بها قط إلى معصية، وال يؤذي بها أحدا

من المسلمين فمن وقع من قلبه فهو منافق، ومن وقع من لسانه فهو كافر، ومن وقع من

جوارحه فهو غاص، وكان يقول: من اشترى منx فدينه أرق من ذلك x فزاده البياع خيطا زيات زيتا

x فلما فرغ الخيط، ومن اشترى من فحام فحما قال: زدني فحمة فقلبه أسود من تلك الفحمة،

57

Page 58: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

وكان رضي الله عنه يقول ال يدخل على الله تعالى إال من بابين من باب الغني األكبر، وهو الموت الطبيعي، ومن باب الغني الذي تعنيه

هذه الطائفة، وكان يقول: الكائنات على أربعة أقسام جسم كثيف، وهو بمجرده جماد، وجسم

لطيف، وهو بمجرده جان وروح شفاف، وهو بمجرده ملك، وسره غريب، وهو المعنى

المسجود له فاآلدمي صوره بظاهرها جماد وبوجود نفسه، وتحنيها وتشكلها جيان، وبوجود روحه ملك، وبإعطائه السر الغريب استحق أن

يكون خليفة، وكان يقول: ليس العجب ممن تاه في نصف ميل أربعين سنة إنما العجب ممن تاه

في مقدار شبر الستين والسبعين والثمانين سنة، وهي البطن، وكان يقول: لألولياء اإلشراف على مقامات األنبياء عليهم الصالة والسالم، وما

لهم اإلحاطة بمقاماتهم، واألنبياء عليهم الصالة والسالم يحيطون بمقامات األولياء، وكان يقول جميع أسماء الله تعالى جاءت للتخلق إال االسم

الله فإنه للتعلق فقط إذ مضمونه اإللهية واإللهية ال يتخلق بها أصال، وكان رضي الله عنه يقول

السماء عندنا كالسقف، واألرض كالبيت، وليسالرجل عندنا من يحصره هذا البيت.

58

Page 59: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

وكان يقول نحن في الدنيا بأبداننا مع وجودأرواحنا، وسنكون في اآلخرة مع وجو أبداننا.

قلت: وفي هذا رد لمن قال يكون الناس في الجنة بأرواحهم ال بأجسامهم وعليه جماعة من أهل الكشف الناقص، وسبب غلطهم شهودهم أهل الجنة يتحولون في أي صورة شاءوا، وهذا

شأن األرواح ال األجسام، وغاب عنهم أن األجسام هناك منطوية في األرواح ال معدومة

كما أن األرواح ني هذه الدار منطوية في األجسام، والله أعلم، وكان رضي الله عنه يقول الفرق بين معصية المؤمن، ومعصية الفاجر من ثالثة أوجه المؤمن ال يعزم عليها قبل فعلها، وال يفرح بها وقت الفعل، وال يصر عليها، والفاجر

ليس كذلك، وكان يحث أصحابه على ذكر اسم الله، وهو يقول: هذا االسم سلطان األسماء،

وله بساط وثمرة فبساطه العلم، وثمرته النور، وإن حصل النور، وقع الكشف والعيان، وكان

يقول ليست الفتوة بالماء، والملح، وإنما الفتوة اإليمان، والهداية، وكان يقول: ما سمي: إبراهيم الخليل فتى إال لكونه كسر األصنام الحسية التي وجدها، وأنت يا ولدي لك أصنام خمسة معنوية

59

Page 60: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

فإن كسرتها فأنت فتى: النفس، والهوى،والشيطان، والشهوة، والدنيا.

وأفهم هاهنا ال سيف إال ذو الفقار وال فتى إال علي، وكان يقول: الكامل من يملك حاله، وله

سوحة في العلم كما قيل لبعضهم مالك ال تتحرك في السماع أمس فقال: إنه كان في الجمع كبير فاحتشمت منه، ولو أني خلوت

وحدي ألرسلت وجدي وتواجدت فانظر كيف كان زمام حاله معه يمسكه إذا شاء، ويطلقه إذا شاء، وإذا اتسع القلب بمعرفة الله تعالى غرقت في الواردات، ولهذا جهلت أحوال األكابر أرباب

المقامات، واشتهر أهل األحوال لظهور آثار المواهب عليهم لضعفهم عن كتمها، ولضيقهم

عن وسعها، وربما كان صاحب الحال أحظى عند الله، وعند الخلق بإقبالهم عليه من صاحب

المقام مع أن بينه وبينه كما بين السماء، واألرض، ولذلك قال ابن عطاء الله: كلما تمكن

الرجل في العلوم اإللهية، والمعارف الربانية استغرب في هذا العالم فيقل من يعرفه، ويفقد من يحيط به فيصفه، وكان يقول: كل سوء أدب

x فهو أدب. يثمر لك أدبا

60

Page 61: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

وكان رضي الله عنه يقول: كان الجنيد رضيx في العلم. الله عنه قطبا

x في وكان سهل التستري رضي الله عنه قطباx في المقام، وكان أبو يزيد رضي الله عنه قطبا

الحال، وكان رضي الله عنه يقول: اللطف حجاب من اللطيف إذا وقف معه العبد، والحق

ال يحب أن يأنس عبده إلى غيره.

وقد أوحي الله تعالى إلى موسى عليه السالم نعم العبد بلخ لوال أن يسكن إلى نسيم األسحار، ولو أنه عرفني ما سكن إلى غيري، وكان يقول في قول: أبي عبد الرحمن السلمى انتهى عقل

العقالء إلى الحيرة، معناه أنه ال حيرة إال عند المؤمنين وأما المحققون فال حيرة عندهم فيما

فيه الحيرة عند المؤمنين، وكان يقول: قليل العمل مع شهود المنة من الله تعالى خير من

كثير العمل مع شهود التقصير من النفس، وكان يقول: عن شيخه خرج الزهاد والعباد من هذه الدار، وقلوبهم مغلقة عن الله عز وجل، وكان

يقول هو عن شيخه من لم يتغلغل في هذهx على الكبائر، وهو ال يعلم، العلوم مات مصرا

وكان يقول عن شيخه: كل شيء نهانا الله عنه61

Page 62: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

فهو في معنى شجرة آدم عليه السالم لكنا افترقنا فإن آدم عليه السالم لما أكل من

الشجرة نزل إلى أرض الخالفة، وأنت إذا أكلت من شجرة النهي نزلت إلى أرض القطيعة فإياك

ثم إياك، وكان يقول شخص من األولياء يتكلم على الناس بأرض المغرب، وهو بادن فدخل

عليه شخص مكشوف الرأس كبيرها فقال هذا يزهد في الدنيا، وهو كاذب فكوشف به الشيخ

فقال من فوق المنبر يا أبا رويس ما سمعني إال حبه، وكان رضي الله عنه يقول: ألصحابه إذا أكلتم طعام إنسان فاشربوا عنده ينال كمال األجر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم

x شرب ماء مع وجود يقول: " من سقي مؤمنا الماء كان كمن أعتق سبعين من ولد إسماعيل

عليه السالم ".

وكان يقول: ال ينبغي للفقير أن يأخذ من أحدx يقصد نفع نفسه إنما يأخذ ليثيب من يعطيه شيئا

ويعوضه عليه فمن تطهرت نفسه، وتقدست فليقبل، وإال فال، وقال رضي الله عنه لبعض

أصحابه لم انقطعت عن مجلسنا فقال: يا سيدي قد استغنيت بك فقال الشيخ ما استغنى أحد بأحد ما استغنى أبو بكر رضي الله عنه، ومع

62

Page 63: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

ذلك لم ينقطع عن رسول الله صلى الله عليهx واحد، وكان يقول لما خلق الله وسلم يوما

تعالى األرض اضطربت فأرساها بالجبال.

وكذلك النفس لما خلقها الله تعالى اضطربت فأرساها بجبال العقل، وكان يقول األكوان كلها

عبيد مسخرة، وأنت عبد حضرته وكان يقول ألصحابه إذا وصلتم إلى مكة فليكن همكم رب البيت ال البيت، وال تكونوا ممن يعبد األصنام،

واألوثان، وكان يقول من عرف الله لم يسكنx من األمن " إليه ألن في السكون إلى الله ضربا

وال يأمن مكر الله إال القوم الخاسرون " وكان يقول الولي في حال فنائه ال بد أن تبقى معه لطيفة علمية عليها يترتب التكليف، وذلك كما

يكون اإلنسان في البيت المظلم فهو عالم بوجوده، وإن كان غير مشاهد له، وكان رضي

الله عنه يقول: والله ما جلست حتى جعلت جميع الكرامات تحت سجادتي قال ابن عطاء

الله رضي الله عنه قرأت على الشيخ أبي العباس كتاب الرعاية للمحاسبي فقال: جميع ما

في هذا الكتاب يغني عنه كلمتان أعبد اللهx ثم لم بشرط العلم، وال ترض عن نفسك أبدا

يأذن لي في قراءته بعد، وكان يقول من اشتاق63

Page 64: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

إلى لقاء ظالم فهو ظالم، وكان يقول: القبض الذي ال يعرف سببه ال يكون إال ألهل التخصيص،

x وكان يقول: لو علم الشيطان أن ثم طريقا توصل إلى الله تعالى أفضل من الشكر لوقف

عليها أال تراه كيف قال: " ثم آلتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وال تجد أكثرهم شاكرين " ولم يقل صابرين، وال خائفين، وال راجعين، وكان يقول أبو بكر، وعمر

خلفاء الرسالة، وعثمان، وعلي خلفاء النبوة،x ينسب إلى وكان يقول العامة إن رأوا إنسانا الوالية جاء من البراري والقفار أقبلوا عليه بالتعظيم، والتكريم وكم من بدل وولي بين أظهرهم فال يلقون إليه بإال مع أنه هو الذي

يحمل أثقالهم، ويدافع األغيار عنهم فمثلهم في ذلك كمثل حمار الوحش يدخل به البلد فيطوف

به الناس متعجبين لتخاطيط جلده، وحسن صورته، والحمر التي بين أظهرهم تحمل آثقالهم إلى موضع أغراضهم وتنقل ترابهم وآالت بنائهم،

وال يلتفتون إليها، وكان رضي الله عنه يقول الهالك بهذه الطائفة أكثر من الناجي بها رضي

الله عنه.

ومنهم 64

Page 65: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

@ سيدي ياقوت العرشي رضي الله تعالى عنهx وهو من x زاهدا x في المعارف عابدا كان إماما

أجل من أخذ عن الشيخ أبي العباس المرسي رضي الله عنه، وأخبر به سيدي أبو العباس

رضي الله عنه يوم ولد ببالد الحبشة، وصنع له عصيدة أيام الصيف باإلسكندرية فقيل له إن

العصيدة ال تكون إال في أيام الشتاء فقال هذه عصيدة أخيكم ياقوت ولد ببالد الحبشة وسوف يأتيكم فكان األمر كما قال وهو الذي شفع في

الشيخ شمس الدين بن اللبان لما أنكر على سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه وسلب

علمه، وحاله بعد أن توسل بجميع األولياء، ولم يقبل يدي أحمد شفاعتهم فيه فسار من

اإلسكندرية إلى سيدي أحمد وسأله أن يطيب خاطره عليه، وأن يرد عليه حاله فأجابه ثم إن سيدي ياقوت زوج ابن اللبان ابنته، ولما ماتx لوالدها أوصى أن يدفن تحت رجليها إعظاما

الشيخ ياقوت وإنما سمي العرشي ألن قلبه كان لم يزل تحت العرش، وما في األرض إال جسمه،

وقيل ألنه كان يسمع أذان حملة العرش، وكان رضي الله عنه يشفع حتى في الحيوانات،

وجاءته مرة يمامة فجلست على كتفه، وهوx في جالس في حلقة الفقراء، وأسرت إليه شيئا

65

Page 66: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

x من أذنه فقال باسم الله، ونرسل معك أحدا الفقراء فقالت ما يكفيني إال أنت فركب بغلته من اإلسكندرية، وسافر إلى مصر العتيقة حتى

دخل إلى جامع عمرو فقال اجمعوني على فالن المؤذن فأرسلوا، وراءه فجاء فقال له هذه

اليمامة أخبرتني باإلسكندرية أنك تذبح فراخها كلما تفرخ في المنارة فقال: صدقت قد ذبحتهم

x فقال ال تعد فقال: تبت إلى الله تعالى مرارا ورجع الشيخ إلى اإلسكندرية رضي الله تعالى

عنه.

ومناقبه رضي الله تعالى عنه كثيرة مشهورةبين الطائفة الشاذلية بمصر، وغيرها.

توفي رضي الله عنه باإلسكندرية سنة سبعوسبعمائة رضي الله عنه.

ومنهم @ الشيخ تاج الدين بن عطاء الله السكندري

رضي الله تعالى عنه الزاهد المذكر الكبير القدر تلميذ الشيخ ياقوت رضي الله عنه، وقبله تلميذ الشيخ أبي العباس

66

Page 67: سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ورحمه

المرسي كان ينفع الناس بإشاراته، ولكالمهحالوة في النفوس، وجاللة.

مات هكذا سنة سبع وسبعمائة وقبره بالقرافةيزار.

وله من المؤلفات كتاب التنوير في إسقاط التدبير، وكتاب الحكم، وكتاب لطائف المنن،

وغير ذلك رضي الله تعالى عنه.

انتهت الترجمة بحمد الله تعالى والصالةوالسالم على خاتم المرسلين وآله وصحبه.

67