محطات في تاريخ الفكر المقصدي

28
1 ات محط ديَ صْ قَ ر المْ كِ ريخ الف في تا د. ة عبد عود مقدمةذا الهد ه ن ية، ذلكية ا غا مي أمراسلفكر اقصدية لحية النا عملية إبراز ا عد ت ي جريئة لتخط خطوةمي، وس الفكر ا والتقصلب انللة جوانعا اولةق ا سيا زمة الفك اوم الشم ي والفهم كل النظر ال مال نوعية ن، وقفزةسلمو اعيشهاة الث يعقلي رية وال. ذا الفهم رحاب ه ننطلقزئي، ل العقل الة ضيقة فرضها علينا زاوي فسنا بذلك حشر أن متجاوزينل ثكيمهج الفكر، من خح منامضاري، وإصء البنادة اتطلبه عملية إعاق الذي ت العمي هذاله الوارفة ظ ن، والعيش الدي. ريخ هذا النظر من بدء، ف ة أكثر جقصدي بصورية الفكر اتضح لنا أ ت وحت والديه الفكريثنا افكر، ومدى صلته ب ال. ط الضوء سل ا البحث، ذلك أنه يية هذ أ هنا ومن اا زة الث مرلبارية ا لتارت ا ا ط على ا الن زمن ولده ا بعه قصدي، بدءا لفكر ا ورا ومرلعصر امديث نتهاء ج، واة النضوفقه، ومرحل، وأئمة اللتابعبة والصحا بعهد ا. ناولة وذلكء الفكردعوة إل إحيالة اله بيان أصا يتطلبمر الذي اث، ال مق صلته ام أصالته، وعستله هذ ، وبيان أنقصدي ا كة د حر ا ليست مرت من فراغ، وأ ل، و من القو لدعوة ليست بدعا ه التشريع تصال وثيقة اا، وهيه ر ا و ا أصو ا هي دعوةضية طارئة ومستحدثة، وإ استعراصيلمة اريخ ا ول، وضاربة جذورها ه امي منذ تباشس ا ا ث ه ل ص أ ة ب ي ط رة ج ش ك اء م الس ا ه ع ر ف و [ إبراهيم: 52 ]

Transcript of محطات في تاريخ الفكر المقصدي

Page 1: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

1

محطات

في تاريخ الفكر المقصدي

عودة عبد هللا. د

مقدمة

تعد عملية إبراز الناحية املقصدية للفكر اإلسالمي أمرا يف غاية األمهية، ذلك ألن هذا اجلهد أييت يف سياق احملاولة ملعاجلة جوانب اخللل والتقصري يف الفكر اإلسالمي، وخطوة جريئة لتخط ي

. رية والعقلية اليت يعيشها املسلمون، وقفزة نوعية يف جمال النظر الكل ي والفهم الشمويلاألزمة الفكمتجاوزين بذلك حشر أنفسنا يف زاوية ضيقة فرضها علينا العقل اجلزئي، لننطلق يف رحاب هذا الفهم

هذا العميق الذي تتطلبه عملية إعادة البناء احلضاري، وإصالح مناهج الفكر، من خالل حتكيم .الدين، والعيش يف ظالله الوارفة

وحىت تتضح لنا أمهية الفكر املقصدي بصورة أكثر جالء، فال بد من النظر يف اتريخ هذا ومن هنا أتيت أمهية هذا البحث، ذلك أنه يسل ط الضوء . الفكر، ومدى صلته برتاثنا الفكري والديينومرورا لفكر املقصدي، بدءا بعهده األول يف زمن النيب على احملطات التارخيية البارزة اليت مر هبا ا

وذلك يف حماولة . بعهد الصحابة والتابعني، وأئمة الفقه، ومرحلة النضوج، وانتهاء ابلعصر احلديثالستلهام أصالته، وعمق صلته ابلرتاث، األمر الذي يتطلبه بيان أصالة الدعوة إىل إحياء الفكر

ه الدعوة ليست بدعا من القول، ومل أتت من فراغ، وأهنا ليست جمرد حركة املقصدي، وبيان أن هذاستعراضية طارئة ومستحدثة، وإمنا هي دعوة هلا أصوهلا واترخيها، وهي وثيقة االتصال ابلتشريع

ب كشجرة طي بة أصلها ث اإلسالمي منذ تباشريه األوىل، وضاربة جذورها يف اتريخ األمة األصيل [52: إبراهيم] وف رعها ف السماء

Page 2: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

5

المبحث األول

مفهوم المقاصد الشرعية

بتعبريات " مقاصد الشريعة"إذا دققنا النظر يف كتاابت السابقني وجدان أهنم كانوا يعربون عن

مل يربز "ك خمتلفة وكلمات كثرية، تتفاوت من حيث داللتها على مفهوم املقاصد الشرعية ومعناها، لذلعلى مستوى البحوث والدراسات الشرعية واألصولية تعريف حمدد، ومفهوم دقيق للمقاصد، حيظى

فمن العبارات اليت استخدمها السابقون يف الداللة 1".ابلقبول واالتفاق من قبل كافة العلماء أو أغلبهم، مطلق املصلحة، نفي احلكمة املقصودة ابلشريعة من الشارع: على مقاصد الشارع ومصاحل اخللق

الضرر ورفع املشقة، العلل اجلزئية لألحكام الفقهية، معقولية الشريعة وتعليلها وأسرارها، وحنو ذلك من .2املصطلحات

وال جند من القدماء من عرف لنا املقاصد، حىت صاحب نظرية املقاصد اإلمام الشاطيب نفسه، إىل أن األمر على درجة من الوضوح حبيث -3لريسوينكما يشري ا-مل يقف على تعريفها، ولعل ذلك

وال يسمح : "ال حيتاج إىل تعريف، خاصة وأن الشاطيب وج ه كتابه للراسخني يف العلم، حيث يقولان من علم الشريعة، أصوهلا للناظر يف هذا الكتاب أن ينظر فيه مفيد أو مستفيد، حىت يكون ري

4".ا، غري خملد إىل التقليد والتعص ب للمذهبوفروعها، منقوهلا ومعقوهليتوجب على مهة : "ولكن إذا كان للشاطيب ذلك العذر، فإنه كما يقول إمساعيل احلسين

الباحث أن تتجه إىل ضبط تعريف حمدد ملفهوم املقاصد ما دامت قراءة الكتاب منتشرة بني الناس 5".اليوم

، 1، ط11، سنة 52سلسلة كتاب األمة، عدد : قطر) ،جيته، ضوابطه، جماالتهح: االجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين 1 .15، ص(م1111/هـ1111

(.21ـ11)املرجع السابق، ص : انظر. ملزيد من التفاصيل 2اإلسالمي، الدار العاملية للكتاب اإلسالمي، منشورات املعهد العاملي للفكر : الريض)، نظرية املقاصد عند الشاطيب: الريسوين، أمحد 3

.2، ص(م1115

.19، ص1، ج(م1192/هـ1912، 5دار الفكر، ط: بريوت) ،املوافقات ف أصول الشريعة: الشاطيب، أبو إسحاق 4

، 1منشورات املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، ط) ،نظرية املقاصد عند اإلمام دمحم الطاهر بن عاشور: احلسين، إمساعيل 5 .119، ص(1112/هـ1115

Page 3: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

9

فذكروا تعريفات تتقارب يف " مقاصد الشريعة"ن لتعريف ومن هنا فقد اجتهت أنظار املعاصرياها، ومن حيث بيان بعض متعلقاهتا على حنو مجلتها من حيث الداللة على معىن املقاصد ومسم

:ونورد فيما يلي أهم هذه التعريفات. أمثلتها وأنواعها، وغري ذلكهي املعاين واحلكم امللحوظة : لعاممقاصد التشريع ا: "عرفها الشيخ دمحم الطاهر بن عاشور بقوله .1

للشارع يف مجيع أحوال التشريع أو معظمها، حبيث ال ختتص مالحظتها ابلكون يف نوع خاص من أحكام الشريعة، فيدخل يف هذا أوصاف الشريعة وغايهتا العامة، واملعاين اليت ال خيلو التشريع عن

ملحوظة يف سائر أنواع األحكام ولكنها ويدخل يف هذا أيضا معان من احلكم ليست. مالحظتها 6".ملحوظة يف أنواع كثرية منها

الغاية منها، واألسرار اليت وضعها الشارع : املراد مبقاصد الشريعة: "وعرفها عالل الفاسي بقوله .5 7".عند كل حكم من أحكامها

الشريعة ألجل هي الغايت اليت وضعت: إن مقاصد الشريعة: "وعر فها أمحد الريسوين بقوله .9 8".حتقيقها ملصلحة العباد

هي املعاين امللحوظة يف األحكام الشرعية، سواء : "وعرفها الدكتور نور الدين اخلادمي بقوله .1كما جزئية أم مصاحل كلية أم مسات إمجالية، وهي تتجمع ضمن هدف أكانت تلك املعاين ح

9".ينواحد هو تقرير عبودية هللا ومصلحة اإلنسان يف الدراتتقارب يف الداللة على معىن املقاصد، ولكنها -كما قلنا-ويلحظ يف هذه التعريفات أهنا

الغاية أو احلكمة : وميكننا أن جنمع بينها فنقول أبن املقاصد هي. جتمل أحياان وتفص ل أحياان أخرى .من التشريع، واملعاين أو املصاحل اليت جاءت األحكام الشرعية لتحقيقها

تلك اإلمكاانت العلمية املتصلة مبقاصد الشريعة : "الذي نتحدث عنه فهو الفكر املقصديا أم 10".اليت يتوس ل هبا يف فقهها، تفسريا لنصوصها، وتعليال ألحكامها واستدالال عليها

.21دمحم الطاهر امليساوي، ص: ، حتقيقمقاصد الشريعة اإلسالمية: عاشور، دمحم الطاهرابن 6

.9، ص(1119، 2دار الغرب اإلسالمي، ط)مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها، : الفاسي، عالل 7

.11، صنظرية املقاصد عند الشاطيب: الريسوين، أمحد 8

.25، صملقصدي، حجيته، ضوابطه، جماالتهاالجتهاد ا: اخلادمي، نور الدين خمتار 9

.99، صنظرية املقاصد عند اإلمام دمحم الطاهر بن عاشور: احلسين، إمساعيل 10

Page 4: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

1

نستنتج من هذا التعريف أن الفكر املقصدي يعد ثورة جتديدية حنو فهم أوسع ألحكام الشريعة وصها، وقفزة نوعية تتجاوز اجلزئيات إىل الكليات، ومشولية النظرة وعموميتها بدال من جزئيتها ونص

.وخصوصيتها

المبحث الثاني

الفكر المقصدي في العهد النبوي

مبل غا نشأت املقاصد مع نشوء األحكام اليت نـزلت يف القرآن الكرمي، واليت جاء الرسول

املقصدية اليت أقرها القرآن الكرمي، هي نفسها اليت عملت السنة النبوية على ومبي نا هلا، فالنواحي .إبرازها وأتكيدها وتفصيلها وتفريعها

القرآن الكرمي أتى ابلتعريف مبصاحل الدارين جلبا هلا، والتعريف مبفاسدها دفعا : "قال الشاطيبه األمور، فالكتاب أتى هبا أصوال يرجع إليها، وإذا نظران إىل السنة وجدانها ال تزيد على تقرير هذ… هلا

11".والسنة أتت هبا تفريعا على الكتاب وبياان ملا فيه منهاحفظ الدين والنفس والعقل )فمن السنة مثال استخلصت وفص لت الكلي ات اخلمس الشهرية

12".تفص لت يف السنةفالضروريت اخلمس كما أتصلت يف الكتاب : "قال الشاطيب(. والنسل واملالوما أرسلناك إال رمحة : قال سبحانه وتعاىل ويف احلديث عن الغاية األوىل من إرسال الرسول

فقد بني سبحانه وتعاىل أن الغرض األمسى من إرسال رسوله وبيان . [109اآلية : سورة األنبياء] للعاملنير مظاهرها، وخمتلف جماالهتا، يف االعتقاد والتعب د شريعته إمنا هو حتقيق الرمحة يف شىت أنواعها وسائ

: يف اآلية القرآنية السالفة ـ كما يقول الدكتور نور الدين اخلادمي ـ إال " رمحة"والتعامل والتعايش، وما كلمة تصريح مبقصد عال حيوي ما ال حيصى من املقاصد الفرعية واملصاحل املتنوعة املبثوثة يف أحكام تلك "

13".وتعاليمهاالرسالة

.592، ص1، جاملوافقات: الشاطيب 11

.املرجع السابق، نفس اجلزء والصفحة 12

.15ـ11، صاالجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين 13

Page 5: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

2

وإذا نظران يف نصوص السنة النبوية، وجدان أهنا تنطوي على الكثري من اجلوانب املقصدية املهمة، واليت إن دلت على شيء فإمنا تدل على االحتفاء ابملقاصد العامة والتعويل عليها، واألمثلة

:فيهاعلى ذلك كثرية، نعرض فيما يلي بعضها، مث نشري إىل املقصد الشرعي العام للناس يف حجة الوداع مبىن وقف رسول هللا : عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما، قال. 1

اذبح : "مل أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال رسول هللا ! ي رسول هللا: يسألونه، فجاء رجل فقالارم وال : "مي؟ فقالمل أشعر فنحرت قبل أن أر ! ي رسول هللا: فجاء رجل آخر فقال". وال حرج

ر إال قال فما سئل رسول هللا : قال". حرج 14".افعل وال حرج: "عن شيء قد م وال أخ حيتمل أن يريد ال إمث عليك، ألن احلرج اإلمث، ومعظم سؤال السائل إمنا كان عن : "قال الباجي

صد املخالفة، وإمنا أتى ذلك عن إذ مل يق. أن ال حرج ذلك خوفا من أن يكون قد أمث فأعلمه النيب فة األمر 15".غري علم وال قصد مع خ

أصحابه على حرفية ومقصد احلديث هو نفي احلرج عن األمة يف احلج، فلم حياسب الرسول االلتزام، ألنه وجد أن يف ذلك حرجا عليهم، ومن مقاصد الشريعة رفع احلرج عن األمة، سواء أكان

.ريه، كما يدل عليه عموم كالم الرسول يف احلديث السابقذلك يف احلج أم يف غ أحد العصر إال يف بين : "يوم األحزاب قال النيب : عن ابن عمر رضي هللا عنهما قال. 2 ال يصل ني

بل نصلي، مل : ال نصل ي حىت أنتيها، وقال بعضهم: فقال بعضهم. فأدرك بعضهم العصر يف الطريق". قريظة .16، فلم يعن ف واحدا منهمفذكر ذلك للنيب . منا ذلكيـرد

األوىل التزمت حبرفية النص، فصل ت العصر يف بين : ويلحظ من احلديث السابق وجود طائفتنيقريظة، والثانية جتاوزت حرفية النص إىل مقصده والغاية منه، ومل تكتف بظاهر القول، وإمنا جلأت إىل

إىل املقصد واملعىن والغرض من األمر أبداء صالة العصر يف بين قريظة، والذي أتويله بطريق االلتفات على هؤالء نظرهتم ومل ينكر النيب . يتمثل يف احلث على اإلسراع وترك التثاقل والتباطؤ يف السري

.املقصدية، بل أقرها

، 1، ج19، حديث رقم (م1119، 9دار ابن كثري، ط: بريوت)، حتقيق مصطفى البغا، اجلامع الصحيح: البخاري، دمحم بن إمساعيل 14 . 19ص

، 1دار الكتب العلمية، ط: بريوت)أمين شعبان، : ، حتقيقأوجز املسالك إىل موطأ مالك: الكاندهلوي، دمحم زكري 15 .501ص، 1ج ،1911، كتاب احلج، ابب جامع احلج، حديث رقم (م1111/هـ1150

.951، ص1، ج101، حديث رقم اجلامع الصحيح: البخاري 16

Page 6: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

5

بعد ثالثة أيم، هنى عن أكل حلوم الضحاي عن جابر بن عبد هللا السلمي أن رسول هللا . 9ي رسول هللا : ويف رواية عن عبد هللا بن واقد، قالوا. 17"كلوا وتزودوا وادخروا: "مث قال بعد ذلك

اليت دفت 18إمنا هنيتكم من أجل الدافة: "هنيت عن حلوم األضاحي بعد ثالت، فقال رسول هللاقوا وادخروا 19".عليكم حضرة األضحى، فكلوا وتصد

هنى عن اد خار حلوم األضاحي فوق ثالثة أيم، وبني املقصد من ذلك ونرى هنا أن النيب مث أابح هلم االد خار . والذي هو سد حاجة مجاعة من األعراب الفقراء الذين جاءوا إىل موسم احلج

وم من التعف ن فيما بعد ملا انتفت تلك احلاجة، وكان مقصد االدخار متمثال يف ضمان سالمة اللح .20واالستفادة منها وقت احلاجة

المبحث الثالث

الفكر المقصدي في عهد الصحابة والتابعين

ال ميكننا يف أي مرحلة زمنية أن نستغين عن فهم الصحابة للقرآن والسنة، أو أن نتجاوز

القرآن خيفى وللصحابة فـهم يف: "قال ابن تيمية. منهجهم يف أخذ النصوص وكيفية إدراك معانيهاال يعرفها أكثر املتأخرين، على أكثر املتأخرين، كما أن هلم معرفة أبمور من السنة وأحوال الرسول

فإهنم شهدوا الرسول والتنـزيل وعاينوا الرسول، وعرفوا من أقواله وأفعاله مما يستدلون به على مرادهم، 21".بوا احلكم مما اعتقدوه من إمجاع أو قياسما مل يعرفه أكثر املتأخرين، الذين مل يعرفوا ذلك، فطل

أما االلتفات إىل املقاصد يف عصر الصحابة، فقد لوحظ بصورة أوضح مما كان عليه األمر يف العصر النبوي، وذلك لطبيعة عصرهم وظروفهم، وبسبب طروء الكثري من النوازل نتيجة التساع رقعة

ب سنة التطور اليت تفرضها طبيعة احلياة، فعصر الدولة اإلسالمية، وتفر ق العلماء، وكذلك بسب

، 9، ج1191، حديث رقم (دار إحياء الرتاث العريب: بريوت)دمحم فؤاد عبد الباقي، : ، حتقيقالصحيح: مسلم بن احلجاج النيسابوري 17 .1255ص

.مجاعة من املساكني قدموا املدينة: الدافة 18

.1251، ص9، ج1191، حدث رقم الصحيح: مسلم 19

.11، صاالجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين: انظر 20

.500، ص11، ج(مكتبة املعارف: الرابط) ،الفتاوى: ابن تيمية 21

Page 7: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

9

الصحابة غري عصر النبوة، لذلك اجتهد الصحابة يف تلك الوقائع وكان اجتهادهم يقوم على أسس 22 .متنوعة جتمع بني العقل والنقل، بني داللة النص الظاهرية واللغوية ومقصده وحكمته

العمل ابملقاصد يتجلى يف كثري منها، ووجدان وإذا نظران يف أفعال الصحابة وأقواهلم، وجدان أن أن الفكر املقصدي أصل لديهم، فكثريا ما كانوا يتجاوزون حرفية النص ليقفون على مقصده والغاية

.منهويظهر ذلك بشكل ابرز عند اخلليفة عمر بن اخلطاب هنع هللا يضر صاحب النظرة الفقهية املقصدية،

كان معلال بعلة أو مرتبطا بنوع "النص، ألنه كان يعتقد أن هذا النص اليت جعلته يقفز على حرفية من أنواع املصلحة أو النظر اخلاص، وأن ما لديه من احلال الواقعة ليس على نفس الصفة وال مرتبطا

23".بتلك املصلحةا يلي واألمثلة على القضاي اليت ظهر فيها الفكر املقصدي عند عمر بن اخلطاب كثرية، نورد فيم

:بعضا منها عدم إعطاء املؤلفة قلوهبم سهمهم من الزكاة. 1

أحد مصارف الزكاة الثمانية وكان هذا السهم " املؤلفة قلوهبم"فقد نص القرآن الكرمي على اعتبار يعطى هلذا الصنف من الناس بغرض تقوية اإلسالم عن طريق استعطاف هؤالء ابملال وحتييدهم عن

إلسالم ملا اشتد ساعده وتوطد سلطانه، رأى عمر هنع هللا يضر حرمان املؤلفة قلوهبم غري أن ا. صف العدووليس معىن ذلك أن عمر قد أبطل أو عطل نصا قرآنيا، . من هذا العطاء املفروض هلم بنص القرآن

م معلال ولكنه نظر إىل النص نظرة مقصدية، فنظر إىل علته ال إىل ظاهره، واعترب إعطاء املؤلفة قلوهببظروف زمنية مؤقتة، فلما قويت شوكة اإلسالم، وتغريت الظروف الداعية للعطاء، كان من موجبات

24.النص، ومن العمل بعلته، أن مينعوا من هذا العطاء عدم إقامة حد السرقة عام اجملاعة. 2

اعثة على التطبيق، وذلك ملا رآه عمر بن اخلطاب هنع هللا يضر من عدم استيفاء الشروط الضرورية البوعمر هبذا الفهم املقصدي . واليت منها شبهة اجملاعة امللجئة إىل أخذ حق الغري بدون إذن منه للضرورة

.11، صاالجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين: انظر 22

، (1110/هـ1110، 1ئس ودار الفتح، طدار النفا: بريوت)نظرات ف اجتهادات الفاروق عمر بن اخلطاب، : املدين، دمحم دمحم 23 .55ص

.55املرجع السابق، ص 24

Page 8: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

1

تـنـزل منـزلة الضرورة الفعلية، ومن مث -وهي عموم األمر ظنا يف عام اجملاعة-يقرر أبن مظنة الضرورة "ق بعينه، ليعلم أكان يف فاقة وضرورة؟ أم مل ال جيب الفحص يف عام اجملاعة عن حالة كل سار

25"يكن؟واملقصد من ذلك إمنا هو التخفيف على من اضطر إىل السرقة دون اختيار منه، ومراعاة ظروف

26.تطبيق احلكم كي حيقق أغراضه وفوائده وإذا ما انتقلنا إىل عهد التابعني وجدان أنه امتداد لعصر الصحابة وتواصل له، من حيث العمل

ابملقاصد الشرعية األصيلة واالعتداد هبا، وال غرابة يف ذلك ألهنم استلهموا اهلدي النبوي الذي تناقلوه غري أن احلياة تطورت أكثر، . بواسطة الصحابة وعقلوا ما فيه من جوانب مقصدية ومصلحية معتربة

ور مل تعد ظواهر حيث اتسعت احلضارة اإلسالمية واختلطت مع احلضارات األخرى، وطرأت أم. النصوص قادرة على معاجلتها، مما حتم عليهم العمل ابلرأي، وااللتفات إىل املقاصد العامة للشريعة

.ألهنم عرفوا أن األحكام مل تشرع عبثا وأهنا إمنا شرعت لعلل ومقاصد يطلب حتقيقها عرفها التابعون استندت فكال من مدرسيت العراق واحلجاز، وغريمها من املدارس التشريعية اليت

ة أمور، منها العمل ابملقاصد، واعتبار املصاحل، ونفي املفاسد وكال منهما . يف عملية االستنباط إىل عد والعمل ابلرأي لدى . اعتمدت من حيث املبدأ والعمل على الرأي، وإن اختلفتا يف املقدار والكم

العمل بضروبه وجماالته، واليت منها األخذ : "ادمياملدرستني معناه كما يقول الدكتور نور الدين اخل 27".ابملقصد والتعويل عليه

ومما هو معلوم أن مدرسة العراق أو مدرسة الرأي، قد انبنت على الرأي بصورة أكرب مما كان ، ومستقر كون املدينة مهبط الوحي، ومقام الرسول : عليه الوضع يف املدينة لعدة أسباب، منها

ة، وبساطة العيش، وسالمة اللسان العريب، خبالف العراق اليت شهدت ظهور الفرق، أغلب الصحابوحدوث الفتنة، وشدة االحتياط يف رواية احلديث، واختالط اللسان العريب، وطروء املشكالت

.واحلوادث املستجدة، اليت حتت م إعمال الرأي واعتبار روح الشرع ومقاصده املعتربة

.15املرجع السابق، ص 25

.11، صاالجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين 26

.109، صاالجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين 27

Page 9: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

1

د التابعني ابملقاصد، إنكارهم للحيل، ألهنا منافية للمقاصد، ومعارضة هلا فمما يدل على اعتدايف حقيقة األمر، وذلك على حنو متكني املطلقة يف مرض املوت من اإلرث معاملة للزوج بنقيض

28 .مقصوده، والنهي عن بيع العينة، وحنوهاتضمني الصن اع، وإجازة : ومن األمثلة على الفكر املقصدي عند التابعني ما نلحظه يف قضاي

التسعري، وإمضاء الطالق الثالث، وعدم قبول توبة من اتب بعد تكرار التلصص وقطع الطريق، 29 .وإبطال نكاح احمللل، وغري ذلك مما هو مبسوط يف مصادره ومظانه

ويربز من التابعني على سبيل املثال يف جمال الفكر املقصدي إبراهيم النخعي، الباعث األول إن أحكام هللا تعاىل هلا غايت هي حكم ومصاحل راجعة : "سة الرأي يف العراق، والذي كان يقولملدر أنه منهج يقوم على عدم الوقوف على ظواهر النصوص، ووجوب إدراك : ومما قيل يف منهجه". إلينا

من النص مبدأ معانيها وبواطنها وعللها، ألن األلفاظ مل توضع إال للتعبري عن هذه املعاين، فهو أيخذ فقهيا يطبق على ما ال حيصى من احلوادث، ال حكما فقهيا يطبق على حادثة معينة، وقد مسي صرييف احلديث، بسبب نفوذه إىل حقيقة املعدن، وعدم االغرتار ابلظاهر، ولذلك أيضا كان حيدث

30.ابملعاين، ألن العربة عنده للمعاين ال لأللفاظ واملباين

المبحث الرابع

الفكر المقصدي في عهد أئمة المذاهب

إذا ما قفزان قفزة زمنية أخرى، وجدان أن الفكر املقصدي بدأ يتسع وأيخذ معاين أكثر مشولية، وأصبح

حيث ظهرت املذاهب الفقهية املتعددة، وبزغ العديد من الفقهاء . ينظر إليه من خالل أبعاد جديدةوصار هؤالء األعالم يلتفتون إىل املقاصد، ويعملون هبا إذا مل . اهبواجملتهدين الذين صاروا أئمة هلذه املذ

.101املرجع السابق، ص: انظر 28

.وما بعدها 95، ص(م1111/هـ1101دار النهضة العربية، : بريوت) ،األحكام تعليل: شليب، دمحم مصطفى: انظر ملزيد من األمثلة 29

.109ـ105، صاالجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين : انظر 30

Page 10: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

10

تسعفهم النصوص والنقول، أو إذا كانت تلك النصوص والنقول قد تزامحت عليها معان كثرية حتتاج إىل .حتديد وترجيح أقرهبا ملراد الشارع وألصقها به

األخذ ابملقاصد والتعويل عليها يف فإذا تتبعنا آاثر هؤالء األئمة أدركنا مدى اهتمامهم بضرورةفصار النظر املقصدي األصيل مقوما من مقو مات . التصدي ملشكالت عصرهم وحوادثه املختلفة

ملا رأوه من أن الشريعة معقولة املعىن وأن هلا أصوال عامة نطق هبا القرآن الكرمي، "استدالهلم، وذلك 31".وأيدهتا السنة الشريفة

ي عند مالك، توفيق بني النصوص واملصلحة، وأن تكوينه قد تلقاه من أعالم فقد ذكر أن الرأوذكر أن الشافعي مجع بني فقه احلجاز والعراق، فأخذ 32 .متفاوتني من حيث االعتداد ابلرأي واألثر

33 .من املوطأ وأخذ من دمحم بن احلسن الروايت العراقية اليت مل تشتهر عند احلجازينيأن املنهج األصويل كان متفاوات بني هؤالء األئمة، كما هو احلال يف وغين عن البيان

االستحسان الذي رفضه الشافعي وأخذ به احلنفية واملالكية وغريهم، وكذلك القياس الذي رفضه ومن حيث املقدار والكم من جهة اثنية كما هو احلال يف شواهد وأمثلة املصلحة . الظاهرية والشيعة

34.وغريها املرسلة والذرائعوسنتحدث فيما يلي إبجياز عن أهم أصول هؤالء األئمة ـ إضافة إىل القرآن والسنة ـ وعالقة

:هذه األصول ابلفكر املقصدي :اإلمجاع. 1

واإلمجاع دليل ملعرفة األحكام وعللها 35 .وهو اتفاق مجيع العلماء أو أغلبهم يف عصر معنيت ما هو قطعي يقيين من تلك العلل واملقاصد، إذ خيرجها من ومقاصدها املنوطة هبا، وهو أحياان يثب

دائرة الظنون واالحتمال إىل دائرة القطع واليقني، وأوضح شاهد على ذلك مجع القرآن الكرمي وكتابته .ملقصد حفظه من الضياع وصيانته من التحريف

.111املرجع السابق، ص 31

.912، صاتريخ املذاهب اإلسالمية: أبو زهرة، دمحم 32

.111املرجع السابق، ص 33

.وما بعدها 995املرجع السابق، ص 34

.155، ص5، ج(م1119/هـ1111، 1دار الرائد العريب، ط: بريوت) ،التشريع اإلسالمي مناهجه ومقاصده: املدرسي، آية هللا 35

Page 11: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

11

أحكامها، ويضاف إىل فالعمل ابإلمجاع عمل ابملقاصد والعلل واحلكم، اليت انعقد اإلمجاع علىذلك طابع القطع واليقني لتلك املقاصد والعلل واحلكم، ابعتبارها قد صارت وثبتت ابإلمجاع عليها،

36 .واالعتبار على أهنا حجة معتربة وحق مقطوع به :القياس. 2

ادث وتتمثل الناحية املقصدية للقياس ابعتباره أصال معقوال يقابل النصوص واآلاثر، ويعاجل احلو والقضاي غري املتناهية، حبملها على أمثاهلا وأشباهها، مبوجب االشرتاك يف العلة أو احلكمة أو املقصد،

كمها ومصاحلها ويرى بعض . 37فهو بذلك يفيد أمهية فهم مقاصد النصوص وضرورة النظر إىل عللها وحللقياس الذي يراه الفقهاء األوائل، احملدثني أمثال الدكتور حسن الرتايب، ضرورة اخلروج من النمط الضيق

واالنطالق حنو القياس الفطري الواسع، حبيث ننظر إىل الطائفة من النصوص ونستنبط من مجلتها مقصدا معينا من مقاصد الدين أو مصلحة معينة من مصاحله، مث نتوخى ذلك املقصد حيثما كان يف الظروف

38.واحلوادث اجلديدة :االستحسان. 3

ناحية املقصدية لالستحسان يف أنه التفات إىل املصلحة والرخصة والتيسري والعدل، تتمثل الوإبعاد للحرج واملشقة غري املعتادة، وتقرير لألعراف والعادات احلسنة يف حدود ضوابط الشريعة

.39ومبادئها :املصلحة املرسلة. 4

املقاصد يف عملية االستنباط وتشكل املصلحة املرسلة ميداان رحبا لدى أئمة الفقه يف اعتبار ودراسة القضاي والنوازل، وما األمثلة الكثرية اليت عمل فيها األئمة مببدأ االستصالح املرسل إال دليل

وال غرابة يف ذلك فإن املصلحة املرسلة، شديدة االلتصاق وعميقة االتصال ابملقاصد . على ذلكصاحل واعتبارها فيما مل يرد فيه نص أو مل جيمع عليه، الشرعية، وهي تدور مجلة وتفصيال حول تقدير امل

.40على مستوى أعيان األحكام وأفرادها

.111، صاالجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين 36

.15املرجع السابق، ص 37

، (م1110/هـ1111، 1سات واالجتماعية، طمعهد البحوث والدرا: اخلرطوم)حنو منهج أصويل : قضااي التجديد: الرتايب، حسن 38 .505ص

.119، صاالجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين 39

.111ـ119املرجع السابق، ص 40

Page 12: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

15

:العرف. 5 :41وتتمثل الناحية املقصدية للعرف يف األمور التالية

.أنه يقرر قواعد التيسري ورفع احلرج .1 .أنه أتكيد حملاسن الفضائل ومكارم األخالق اليت اندى هبا اإلسالم منذ نزوله .5 .نه حتقيق للمصلحة ودرء للمفسدة، وهو غاية العمل ابلعرف ومرماهأ .9 .أنه طريق للعمل على حتقيق االمتثال األكمل لتعاليم الشرع ونصوصه .1

:الذرائع. 6حيث وضعت جللب املصاحل ودرء املفاسد، سدا وفتحا، وكذلك وضعت لتحقيق سالمة

ي التحايل واملغالطة والتالعب ابأللفاظ والقرائن املقصود والنيات وسالمة األعمال واألقوال، بنف 42.واألعمال

وخالصة القول أن اعتداد األئمة هبذه األصول، يعد مسلكا موسعا، وجماال خصبا للنظر

مربر للقول ابستقاللية : "املقصدي املصلحي البناء، وليس هذا كما يقول الدكتور نور الدين اخلادمين األدلة والنصوص الشرعية، كما يدعي ذلك من كان نظره قاصرا عن معرفة املقاصد واملصاحل ع

حقيقة ذلك واكتفى بظاهر األمر، وإمنا هذا دليل على ارتباط املقاصد أبدلتها وضوابطها، وتعلق 43".األحكام مبناطاهتا وعللها

المبحث الخامس

الفكر المقصدي في مرحلة النضوج

دي تتخذ انحية خاصة، وبعدا متميزا، وأصبحت املقاصد علما بدأت النظرة إىل الفكر املقص

خاصا وإن كان يتداخل يف كثري من جوانبه مع علم األصول، وصار هلذا الفكر نظرية مستقلة عرفت واليت آتت أكلها على يد اإلمام الشاطيب، غري أن الشاطيب مل يكن بدعا يف هذا " نظرية املقاصد"بـ

.111ـ111املرجع السابق، ص 41

.150ـ111املرجع السابق، ص 42

.150املرجع السابق، ص 43

Page 13: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

19

كان نتاجه امتدادا لسلسلة من إسهامات العلماء، ولذلك فإنه جيدر بنا الوقوف على امليدان، وإمنا ونعرض فيما يلي بشكل خمتصر ألبرز أعالم . التاريخ الذي مر به الفكر املقصدي قبل اإلمام الشاطيب

:الفكر املقصدي (:هـ474ت)الجوينـي

ألساسية للفكر املقصدي، وذلك من خالل يعد اجلوينـي من العلماء الذين انربوا لوضع البذور احديثه عن املصاحل وضبطها وجلبها، وعن املفاسد ودرئها وارتكاب أخفها، ومن حيث النظر إىل

.النصوص الدينية ابعتبارها أصوال اثبتة يف مقابل الفروع القابلة للتبديل والتغيريمق العالقة بني الوعي مبفهوم املقاصد وإذا دققنا النظر يف فكر اجلوينـي، وجدان أنه كان يدرك ع

وبني وظيفتها يف اجلانب السياسي واإلنقاذ احلضاري، فها هو بعد أن أدرك استحالة عودة اخلالفة كما كانت يف عهدها األول يقوم إبعادة ترتيب شروط اإلمام ونعوته، فيشري يف هذا اجملال إىل أن

شرط النسب القرشي، خالفا ملا فعله املاوردي شرط الصالح والتقوى جيب أن يكون مقدما على م العامل التقي : "يقول. وأضرابه ومن ال كفاية . إذا وجد قرشي ليس بذي دراية، وعاصره عامل تقي، يـقد

.44"فيه؛ فال احتفال به، وال اعتداد مبكانه أصال وأسس جديدة ومقاصد يف ظل هذه الرؤية أو األزمة مل جيد اجلوينـي خمرجا سوى أتسيس قواعد

شرعية قطعية، وفق املصلحة العامة لألمة على اعتبار أن املقاصد ذات ارتباط قوي ابملشكل .االجتماعي والسياسي

فباملقارنة بني املاوردي واجلوينـي تظهر لنا صورة احنطاط القيم يف انتقال فقهاء السلطان من قيم ملطلق، وهذه مقارنة بني هذين األصوليني الشافعيني، فإن الوالء للعدل املطلق، إىل الوالء لالستبداد ا

غياث األمم "للماوردي عبارة عن أتسيس للمعىن الثاين، فإن كتاب " األحكام السلطانية"كان كتاب .45للجوينـي هو يف ابب أتسيس املعىن األول، كما يقول الدكتور إبراهيم زين" يف التياث الظلم

جلوينـي متيز حبضور املفاهيم األساسية لعلم املقاصد، وقدم وصفا خنلص من ذلك إىل القول أبن انقدي الحنالل السلطتني العلمية والسياسية، مث أعقبه بتقدمي األسس والكليات اليت أانط هبا أمل

مكتبة إمام : قطر)عبد العظيم الديب، : ، حتقيقاألمم ف التياث الظلمغياث : اجلويين، إمام احلرمني عبد امللك اجلويين النيسابوري 44 .15، ص(هـ1100، 1احلرمني، ط

، العدد جملة إسالمية املعرفة، لعبد اجمليد الصغري، "الفكر األصويل وإشكالية السلطة العلمية: "زين، إبراهيم، مراجعة لكتاب: انظر 45 .121م، ص1112األول، سنة

Page 14: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

11

وكان جممل ما قدمه اجلوينـي يف ابب . اإلنقاذ، مث حماوالت اإلصالح وإعادة النظر يف التاريخ والفقه :46د، ميكن حصره يف أمريناملقاص

.املقاصد الشرعية املستقرأة غري املنصوصة، واليت تشكل أصول املصاحل يف الشرع .1 .املقاصد الشرعية املستفادة من القرائن اليت حتتف ابلنصوص الشرعية .5

(:هـ505ت)الغزالي أثبت فيه : "عنهوالذي قال هو " املستصفى يف علم األصول"من أوضح كتاابت الغزايل يف هذا اجملال

.47"برتتيب لطيف عجيب يطلع الناظر يف أول وهلة على مجيع مقاصد هذا العلم :ويذكر إمساعيل احلسين أن كالم الغزايل يف موضوع املقاصد يندرج حتت نوعني

فقد عر ف الغزايل املصلحة يف إطار حديثه عن : مقاصد الشريعة كأصول مصلحية. 1ين ابملصلحة احملافظة على مقصود الشارع، ومقصود الشارع مخسة، نع: "الضروريت اخلمس، فقال

فكل ما يتضمن حفظ هذه األصول . وهو أن حيفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم وماهلم 48".اخلمسة فهو مصلحة، وكل ما يفو ت هذه األصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة

وع من املقاصد يف نظر الغزايل فيما وينحصر هذا الن: مقاصد الشريعة كدالالت مقصودة. 5يستفاد من دالالت النصوص الشرعية، فهي إما نصوص ال تقبل االحتمال يف دالالهتا، فيتحدد القصد الشرعي منها مبعرفة وضعها اللغوي، وإما نصوص تتطرق إليها االحتماالت، وال تكفي معرفة

إىل القرائن احملتفة هبا من أجل ضبط معناها الوضع اللغوي يف حتديد قصد الشارع منها، وهنا يلتفت 49.املقصود

(:هـ606ت)فخر الدين الرازي ويتمثل دور الرازي يف . موسوعة يف هذا امليدان" احملصول يف علم أصول الفقه"يعد كتاب الرازي

:50موضوع املقاصد الشرعية يف أمرين أساسيني مها

، السنة الرابعة، العدد الثامن، جملة التجديد، "أمنوذج مقرتح لقراءة نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب"ي، عبد هللا، اجليوس: انظر 46 .519ص

.1، ص1، ج(م1119/هـ1109، 5دار الكتب العلمية، ط: بريوت)املستصفى ف علم األصول، : الغزايل، أبو حامد 47

.515، ص1املرجع السابق، ج 48

.19ـ15، صنظرية املقاصد عند اإلمام دمحم الطاهر بن عاشور: إمساعيلاحلسين، 49

.11املرجع السابق، ص 50

Page 15: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

12

.دفاعه الرزين عن تعليل أحكام الشريعة .1قال . ته إىل أمهية القرائن يف نقل االستدالل ابخلطاب الشرعي من الظن إىل القطعإشار .5

ولئن كان هذا األمر مسل ما قبل الرازي وبعده، فإن فائدته هنا تتمثل يف جمرد : "احلسين 51".اإلحلاح عليه لصلته مبقاصد الشارع من خطابه

:(هـ645ت)وتلميذه القرافي ( هـ660ت)العز بن عبد السالم هو املؤلف الذي صاغ فيه العز بن عبد السالم " قواعد األحكام يف مصاحل األانم"يعد كتاب

بيان مصاحل الطاعات واملعامالت وسائر التصرفات : "فكرته احملورية حول املقاصد، واليت تدور حولم الشرعية ليسعى العباد يف حتصيلها، وبيان مقاصد املخالفات ليسعى العباد يف درئها، وبيان ما يقد

من بعض املصاحل على بعض، وما يؤخر من بعض املفاسد على بعض، وبيان ما يدخل حتت 52".اكتساب العبيد دون ما ال قدرة هلم إليه، والشريعة كلها مصاحل، إما تدرأ مفاسد أو جتلب مصاحل

:53وميكن تلخيص أبرز حمددات التفكري التشريعي عند العز بن عبد السالم فيما يلي .عزة وجود كل من املصاحل احملضة واملفاسد احملضة يف الدنيا .1 .ازدواج النظر الدنيوي واألخروي للمصاحل واملفاسد .5

.تراتب املصاحل واملفاسد .9

.القطع والظن يف حتصيل املصاحل ودرأ املفاسد .1

ان أصول إىل بي" الفروق"أما القرايف وهو أحد تالمذة العز بن عبد السالم، فقد تعرض يف كتابه كمه"الشريعة يف ضوء ما مس اه بـ ومما متيز به القرايف، أنه فرق بني املقامات املختلفة ". أسرار الشرع وح

"للتصرفات النبوية، وهو تفريق يف غاية األمهية ألن االستدالل بنصوص الشريعة يستلزم استيعااب اتماومنشأ هذا التمييز هو مراعاة مقاصد نصوصها . للمقام الذي ورد فيه هذا النص أو ذاك من نصوصها

54".اليت ختتلف ابختالف مقاماهتا، فمقامات التبليغ والفتوى تباين مقامات القضاء واإلمامة

.املرجع السابق، نفسه الصفحة 51

.10، ص1ج( م1110، 5دار اجليل، ط: بريوت)قواعد األحكام ف مصاحل األانم، : ابن عبد السالم، العز 52

.21، صم دمحم الطاهر بن عاشورنظرية املقاصد عند اإلما: احلسين، إمساعيل 53

.25املرجع السابق، ص 54

Page 16: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

15

كما أن القرايف دقق يف قاعدة الوسائل واملقاصد، حيث املقاصد مقدمة على الوسائل، ويف ضوء ة أتخذ حكمها الشرعي من حرمة أو كراهة أو وبناء على ذلك فإن الوسيل. األوىل تقاس الثانية

.55وجوب أو ندب، بناء على ما حتققه من مقصدها الشرعي (:هـ751ت)وتلميذه ابن القيم ( هـ724ت)ابن تيمية

جاءت بتحصيل املصاحل وتكميلها، وتعطيل املفاسد وتقليلها، وأهنا "يرى ابن تيمية أن الشريعة ص ل أعظم املصلحتني بتفويت أدانمها، وتدفع أعظم املفسدتني، ترج ح خري اخلريين وشر الشرين، وحت

56".ابحتمال أدانمهاوانطالقا من ذلك فقد انتقد ابن تيمية حصر األصوليني املصاحل الكلية يف الضرورات اخلمس،

57 .دون انتباه إىل أنواع أخرى من املصاحلقصدية اجلديدة، فهو يرى أن الشريعة أما ابن القيم فقد عزز وجهة نظر شيخه وأغناها بنظراته امل

حتصيل املصاحل حبسب اإلمكان، ال يفوت منها شيء، فإن أمكن حتصيلها كلها "مبنية على حص لت، وإن تزامحت ومل يكن حتصيل بعضها إال بتفويت البعض، قد م أكملها وأمهها وأشدها طلبا

58".للشارع

هؤالء هم أبرز أعالم الفكر املقصدي الذين سبقوا اإلمام الشاطيب، وهناك غريهم ولكنه يضيق :ومنهم إضافة ملن سبقوااجملال هنا للحديث عنهم، .وغريمها( هـ915ت)، وجنم الدين الطويف (هـ591ت)سيف الدين اآلمدي

(:هـ790ت)الشاطبي أبو إسحاق

قاصد، ومؤسس عمارته الكربى، ومرجع كل مشتغل هبذا الفن يعد الشاطيب حبق مبتكر علم املفإذا كان لإلمام . فتحا جديدا يف هذا امليدان" املوافقات يف أصول الشريعة"كما يعد كتابه . اجلليل

الشافعي الفضل يف إرساء القواعد األوىل لعلم األصول، فلإلمام الشاطيب الفضل العظيم يف إبراز نظرية فعلى يدي اإلمام الشاطيب اكتملت نظرية . خالل التفاته إىل ما يسمى بروح الشريعةاملقاصد من

.املرجع السابق، نفسه الصفحة 55

.11، ص50، جالفتاوى: ابن تيمية 56

.50، صنظرية املقاصد عند اإلمام دمحم الطاهر بن عاشور: احلسين 57

.11، ص5، ج(دار الفكر: بريوت)د دمحم حمي الدين عبد احلمي: ، حتقيقإعالم املوقعني عن رب العاملني: ابن القيم 58

Page 17: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

19

املقاصد، وعلى يديه وصلت إىل مرحلة النضوج، وكان ذلك يف القرن الثامن اهلجري، وهو القرن .59"عصر املقاصد الشرعية وقرن الكتاابت السياسية"الذي مساه عبد اجمليد الصغري بـ

الشاطيب عرف الفكر املقصدي نوعا من الرتاكم متيز بغزراة املادة ولكن مع عندما جاء اإلمام .االفتقار إىل املنهج واخللو من النتائج العلمية والواضحة

والذي قام به الشاطيب هو نقد علم األصول من أجل إعادة أتسيسه، وطلب اليقني والقطع يف عند الشافعي، وانتقل " البيان"قد ثن مشروع مسائله وقضايه، وعلى حد قول الصغري فإن الشاطيب

وذلك من خالل تقدميه علم املقاصد بوصفه حال ملشكلة البدع وأزمة 60".الربهان"به إىل مشروع االحنطاط ورسم وسيلة انجحة للتكيف مع الظروف عن طريق هذا العلم اجلديد الذي ينصب على

، ويتجاوز النظرة الفرعية اجلزئية إىل النظرة الكلية الكليات دون اجلزئيات والقطعيات بدل الظنيات .املقصدية العامة

:61وجدان أن ذلك يتجسد يف أمرين اثنني" املوافقات"وإذا نظران يف غرض الشاطيب من أتليف .التعريف أبسرار التكليف الشرعي .1 .اجلمع األصويل بني طريقيت ابن القاسم وأيب حنيفة .5

:62اليت ينظر فيها إىل قسمنيوقسم الشاطيب املقاصد ما يرجع إىل قصد الشارع، أي ما يقصد إليه الشارع أوال، ويكون ما عداه من املقاصد : األول .تفصيال له

ف، وهو أن يكون عمله بنية، وأن يكون مطابقا ملا قصده : والثاين يرجع إىل قصد املكل .ن اآلخرالشرع، مع عموم الشريعة وعدم اختصاص البعض هبا دو

وال يتسع اجملال هنا للحديث عن الفكر املقصدي عند اإلمام الشاطيب ألن هذا الفكر ـ كما قلنا ـ شكل نظرية متكاملة من مجيع جوانبها، ولكن نشري إىل أهم اخلطوط العريضة هلذا الفكر،

:63وهي

.155، ص(م1111دار املنتخب، : بريوت) ،الفكر األصويل وإشكالية السلطة العلمية: الصغري، عبد اجمليد 59

.190، صالفكر األصويل وإشكالية السلطة العلمية: الصغري، عبد اجمليد 60

.55، صنظرية املقاصد عند اإلمام دمحم الطاهر بن عاشور: احلسين 61

.19، صمقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها: الفاسي، عالل 62

63 Masud, Muhammad Khalid, Shatibi’s Philosophy of Islamic Law (Islamabad: Islamic Research

Isnstitute, 1995), P.43.

Page 18: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

11

.غزايل وابن حزممل يوافق على أن يكون املنطق مقدمة الزمة لعلم الفقه، كما هو احلال عند ال .1 .يرى أن العمل مقدم على العلم، وأن العلم املطلوب هو الذي يؤدي إىل العمل .5 .أصل العلم أنه قائم على القصد .9 للمعرفة .1 .التماس القياس بوصفه أساسا أوليا

.مفهوم املصلحة يشكل القاعدة األساسية لنظرية املقاصد عند الشاطيب .2

.عبد واحلظوظ والبدعاالهتمام بقضاي العبادات والت .5

.دراسة املصلحة خارج املصادر األربعة .9

.أصول الفقه قطعية ال ظنية .1ومن هنا فقد عمل الشاطيب على وضع املنهج األصويل يف صورة متكاملة، وجاء إبراز املقاصد

على أن قدر كتاب. على يديه هبذا الشكل، يف حماولة أشبه ما تكون مبحاولة ابن خلدون يف التاريخفكالمها قد لف ه اإلمهال . البن خلدون" املقدمة"للشاطيب، مل يكن أحسن حظا من قدر " املوافقات"

وعدم التقدير ومل جيد من الفهم والدراسة ما ميك ن أن حيول أفكاره ومقوالته إىل منهج منتج يف وإذا كان مصري (. املقدمة)أو النظر التارخيي واالجتماعي ( املوافقات)االجتهاد التشريعي والفقهي

فكذلك األمر 64على حد قول مالك بن نيب،" ظلت حروفا ميتة يف الثقافة اإلسالمية"املقدمة أهنا .كان مصري املوافقات

إىل الشيخ دمحم عبده أستاذ مدرسة املنار، " املوافقات"وإمنا يعود الفضل يف التنبيه إىل قيمة كتاب .قق كتاب املوافقات وأثراه بتعليقاته وشروحه النفيسةمث من بعده الشيخ عبد هللا دراز الذي ح

المبحث السادس

الفكر المقصدي في العصر الحديث

عندما نتحدث عن املقاصد يف العصر احلديث، فإنه يقفز إىل احلضور علم من أعالم هذا الفن،

اإلصالح شيخ جامع الزيتونة، وداعية حركة (م1191ت )الشيخ دمحم الطاهر بن عاشور أال وهو وإذا كان من املمكن عد الشاطيب علم الفكر املقصدي األول على صعيد النظر . العلمي يف تونس

.15ص( م1111دار الفكر، : دمشق)املسلم ف عامل االقتصاد : ابن نيب، مالك 64

Page 19: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

11

املنهجي والتأسيس العلمي، فإنه ميكن وبكل ثقة ـ كما يقول دمحم امليساوي ـ أن نعد ابن عاشور العلم 65.أو املعلم الثاين

د، وأعطاه وجهة جديدة تتجاوز حدود السعي يلحظ أن ابن عاشور وسع دائرة البحث يف املقاصلتأسيس جمرد أصول تشريعية عقلية كلية قطعية، حيث فتح أفقا أرحب للتنظري االجتماعي مبعناه الواسع، من حيث هو سعي للتشريع والتخطيط للمستقبل، انطالقا من استيعاب معطيات احلاضر

ها طبقا لقيمه وأحكامه، توخيا لتحقيق وحتليلها ومتحيص عناصرها وفق بصائر الوحي، وتوجيه 66 .مقاصده، وفق أولويت مرتاتبة متكاملة

هو العمل على تقدمي : "وقد يكون من أهم ما امتاز به جهد ابن عاشور ـ كما يقول طه جابر العلواين ـ مقصد املساواة، ومقصد احلرية،: منهج للكشف عن املقاصد، جعله يضيف مقصدين هامني جدا، ومها

67".وتلك خطوة اجتهادية هامة البد من متابعتها والبناء عليهاكما أنه حاول القيام بتطبيقات انجحة موفقة للمقاصد يف دوائر املعامالت والسلوكيات، ومهد بذلك كله جلعل املقاصد علما قائما بذاته، ميك ن املشتغلني ابلعلوم النقلية من اقتحام العقبة اليت ال

:فقال رمحه هللا. بينهم وبني التجديد واالجتهاد وبلورة وتيسري فقه التدينتزال حتول ن أصوال قطعية للتفقه يف الدين حق علينا أن نعمد إىل مسائل أصول الفقه ندو إذا أردان أن "

ريبة املتعارضة، وأن نعيد ذوهبا يف بوتقة التدوين، ونعريها مبعيار النظر والنقد، فننفي عنها األجزاء الغاليت عاشت هبا، ونضع فيها أشرف معادن مدارك الفقه والنظر، مث نعيد صوغ ذلك العلم ونسميه علم

68".مقاصد الشريعة، ونرتك علم أصول الفقه على حالة تستمد منه طرق تركيب األدلة الفقهيةصاحب كتاب (م1191ت )الشيخ عالل الفاسي ومن احملدثني الذين كتبوا يف املقاصد

إال أن الرتكيز على املقاصد يف كتاب عالل الفاسي ـ كما ". صد الشريعة اإلسالمية ومكارمهامقا"يذكر املسياوي ـ مل يكن عميقا ومنهجيا، فقد استطرد يف كتابه يف عد ة قضاي وموضوعات اثنوية

.90، صمقدمة مقاصد الشريعة اإلسالمية البن عاشور: وي، دمحم الطاهرامليسا 65

.املرجع السابق، نفس الصفحة 66

.11، صمقدمة نظرية املقاصد عند اإلمام دمحم بن عاشور للحسين: العلواين، طه جابر 67

.املرجع السابق، نفس الصفحة 68

Page 20: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

50

العلمي صلتها مبوضوع املقاصد واهية، جر ه إليها اهلم السجايل على حساب التأصيل أو التنظري 69 .ملسألة املقاصد

ومما يسجل لألستاذ الفاسي أنه ربط إسهامات الشاطيب وغريه ممن حتدثوا يف املقاصد هبموم 70 .احلاضر ومشكالته، وذلك واضح يف حديثه عن منهاج احلكم وحقوق اإلنسان

يشري إليه ويرى امليساوي أن األستاذ الفاسي تعمد أن يتجاهل الشيخ ابن عاشور ومل يذكره أو فقد كان . يف كتابه من قريب أو بعيد، مع أن مثل الفاسي ال ميكن أن جيهل من هو مثل ابن عاشور

غائب من حيث . هو احلاضر الغائب عند الفاسي وهو يؤلف كتابه: "ابن عاشور ـ كما يقول امليساوي ـدو هنا بشأن املقاصد قد أنه جرى جتاهله وعدم ذكره، وحاضر من حيث إن كثريا من األفكار اليت

ساعدت الفاسي يف أتليفه، بل إننا جند العبارات نفسها تتوارد عند الفاسي كما تواردت عند ابن عاشور، واستطاع امليساوي ابلفعل أن يثبت أبمثلة واضحة أن الفاسي 71".وبتصرف خمل يف بعض األحيان

72.نظر يف كتاب ابن عاشور ونقل منهنا عن الفكر املقصدي يف العصر احلديث أن نشري إىل إسهامات قي مة وال ننسى يف إطار حديث

وهذه الدراسات وعلى الرغم 73.يف هذا امليدان، كانت على شكل رسائل قدمت لنيل درجات علميةكانوا حني إجنازهم إيها يف بداية نضجهم العلمي ومسريهتم الفكرية، مما ال يساعد "من أن أصحاهبا

سد ت فراغا "على الرغم من ذلك، إىل أهنا 74"راهتم التحليلية والرتكيبية يف التأليفغالبا على بروز قدفكري كبريا يف جمال ما يزال البحث العلمي فيه بكرا، واالجتهاد فيه يف أوائله، فقد نبهت العقول إىل

من لدن أصحاهبا أمهيته، ووفرت مادة غنية تصلح قاعدة للمزيد من التوسع والتعمق والتطوير، سواء 75".أنفسهم أو من لدن غريهم من الباحثني واملفكرين

.91، صرمقاصد الشريعة اإلسالمية البن عاشو مقدمة : امليساوي 69

.95املرجع السابق، ص 70

.91املرجع السابق، ص 71

.95ـ91املرجع السابق ، ص: انظر تفصيل ذلك يف 72

للدكتور محادي الشاطيب ومقاصد الشريعة للدكتور أمحد الريسوين، نظرية املقاصد عن اإلمام الشاطيب : ومن أهم هذه الدراسات 73لألستاذ نظرية املقاصد عند اإلمام دمحم الطاهر بن عاشور للدكتور يوسف حامد العامل، ة املقاصد العامة للشريعة اإلسالميالعبيدي،

.للدكتور دمحم سعد بن أمحد بن مسعود اليويبمقاصد الشريعة اإلسالمية وعالقتها ابألدلة الشرعية إمساعيل احلسين،

.91، صمقدمة مقاصد الشريعة اإلسالمية البن عاشور: امليساوي 74

.جع السابق، نفس الصفحةاملر 75

Page 21: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

51

والبد من اإلشادة هنا بدور املعهد العاملي للفكر اإلسالمي الذي التفت إىل هذه الدراسات فتبناها واعتىن هبا، وسل ط عليها الضوء ابعتبارها تؤص ل للفكر املقصدي الذي أصبح من حاجات

.ة، للخروج من مأزقها املنهجي وأزمتها الفكريةاألمة املعاصرة امللح

Page 22: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

55

المبحث السابع

حاجتنا المرحلية إلى الفكر المقصدي

بعد أن حتدثنا عن الفكر املقصدي يف أبرز احملطات التارخيية اليت مر هبا، أرى أنه من الواجب

الذي ميكن أن يقوم علينا أن خنتم ابحلديث عن حاجتنا للفكر املقصدي يف هذا الوقت، لبيان الدور .به يف عملية التغيري املرجوة

يعد الفكر املقصدي من أهم املوضوعات اليت يساعد إبرازها على إعادة ثقة األمة بنفسها وبفقه علمائها، وغايت ومقاصد شرائعها، كما يوضح عظمة الشريعة اإلسالمية وامتيازها على بقية الشرائع

فاسد عنهم، وبيان العلل واألسباب والغايت الكافية وراء أحكامها يف حتقيق مصاحل اخللق، ودرء املفالشريعة اإلسالمية إمنا جاءت لرفع احلرج . الشرعية، وخباصة املتعلقة مبعامالت الناس وقضاي سلوكهم

ومعرفة مقاصد الشريعة متكن املسلمني من العيش . عن الناس، ودفع الضرر عنهم، وحتقيق مصاحلهمظالل اإلسالم، وتنظيم شؤون حياهتم وفقا لتوجيهات الشارع احلكيم، فيحققوا غاية هللا ابستمرار يف

من اخللق، بتحقيق املفهوم الشامل للعبادة الكاملة اليت يتناغم فيها اإلنسان مع الوجود املسبح حبمد .76 [11: اإلسراء] وإن من شيء إال يسب ح حبمدهربه

قصدي يف أيمنا هذه خطوة ضرورية يف إطار إصالح مناهج الفكر لدى و يعد الفهم املذلك أن أهم مظاهر . املسلمني، ومن أجل إعادة تشكيل العقل املسلم وإعادة ترتيب موازينه وأولويته

فإن من أبرز معامل العقل الذي صنعه اإلسالم، أنه . أزمة العقل املسلم اختالل املوازين واألولويتتعليلي مقصدي ، يدرك أنه ما من شيء يف هذا الوجود إال وله حكمة وعل ة وسبب، فال عقل غائي

وقد كانت هذه القضية يف العقل املسلم يف . مكان للمصادفة وال جمال النتفاء األسباب والغايتيء، غاية الوضوح، فالعلة واملعلول، والسبب واملسبب، واملقدمة والنتيجة، صنع هللا الذي أتقن كل ش

77.وله وحده جل شأنه خرق تلك النواميس أو إيقاف تلك العلل عن التأثريولكن هذه املعامل اليت يفرتض أن تكون جلية واضحة، أصبحت غائبة عن عقولنا، وأصبحنا نعيش يف أزمة فكرية خانقة، نعتين ابلرسوم واأللفاظ، ونضيع املعاين واألحكام، ونعي املظاهر واألشكال وهنمل

املعهد العاملي للفكر : الواليت املتحدة األمريكية)ليوسف العامل " املقاصد العامة للشريعة اإلسالمية"مقدمة : العلواين، طه جابر 76 .5، ص(م1111/هـ1115، 1اإلسالمي، ط

.املرجع السابق، نفس الصفحة 77

Page 23: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

59

يتسرب إىل العقل املسلم تصور أبن األحكام قد ختلو عن املقصد، إما ألهنا "فحني . صد واجلواهراملقاتعبدية، أو ألن البحث عن املقصد ال طائل حتته فاملهم تنفيذ املطلوب، أو ألنه ال داعي للبحث عن تالزم

ضع إيقاع احلكم ـ وسوف بني احلكم ومقصده، فإن ضررا ابلغا يصيب تصور اإلنسان لفعله ـ الذي هو مو يضطرب وتضطرب معه نظرة اإلنسان إلرادته ولقيمة فعله ومصدر تقومي ذلك الفعل، إىل غري ذلك من

78".السلبياتنقل العقل : "إىلولذلك فإننا يف هذه األيم أحوج ما نكون ـ كما يقول الدكتور طه جابر العلواين ـ

ت، ومن التوقف عند الرسوم واملباين إىل التوجه حنو املسلم من االنشغال يف اجلزئيات إىل الكليااحلقائق واملعاين، ومن التقليد والتبعية إىل اإلبداع واألصالة، ومن االستغراق التام ابلوسائل إىل العمل

وهذه األهداف الكربى لن حيدث الوعي اهلادف املتحرك عليها . معها على حتقيق املقاصد والغايت 79".متصلة توضح سائر جوانبها وتنري خمتلف أبعادها إال بعد جهود علمية

وغين عن البيان أننا يف هذه األيم يف حاجة ماسة إىل الفكر املقصدي يف جمال الفقه فقد ساد االجتاه الفردي يف الفقه حقبة من الزمن، لظروف معينة عاشها سلفنا من . واالجتهاد

: باد والكليات والقواعد، إال أنه كما يقول الرتايبالفقهاء األوائل، فبعد أن كان الفقه يهتدي ابملوأخذ يتطور عن فتاوى شخصية من … جنح أخريا إىل الولع ابلتشعيب واإلحصاءات التلقينية"

80".شؤون األفراد، وتضاءل هم والة األمر العام بفقه مصاحل املسلمني العامة وشؤوهنم الكفائيةب إىل اجلمود والعجز منه إىل احلياة والفعالية، ألنه افتقد وكان من نتيجة ذلك أن صار الفقه أقر

كان إمجال املقاصد سببا يف مجود كبري للفقهاء، : "روح الفكر املقصدي، ويف ذلك يقول ابن عاشور 81".ومعوال لنقض أحكام انفعة

فقه فإذا كان األمر على هذه احلال فنحن أحوج ما نكون اآلن إىل إحياء البعد املقصدي يف المن جديد، متلمسني يف ذلك خطا الفاروق عمر بن اخلطاب صاحب االجتهادات املقصدية والنظر

الفقه احلي الذي : "فنحن حباجة إىل هذا الفقه املقصدي الذي وصفه ابن القيم أبنه. املقصدي العام

.1املرجع السابق، ص 78

.5، صللريسوين" نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب"مقدمة : العلواين، طه جابر 79

.550، صحنو منهج أصويل: قضااي التجديد: الرتايب، حسن 80

.500، ص(م1191دار العربية للكتاب، : طرابلس) أليس الصبح بقريب،: ابن عاشور، دمحم الطاهر 81

Page 24: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

51

ملا وجد وضرب ابن القيم لنا على ذلك مثال الرجل الذي قال 82".يدخل على القلوب بغري استئذانأخطأ من شدة الفرح، مل يكفر بذلك وإن أتى بصريح : "فقال. اللهم أنت عبدي وأان ربك: راحلته

ويف كالم ابن القيم هذا تنبيه على أمهية املقصد والغاية، وإشارة إىل عدم 83".الكفر، لكونه مل يرده .الوقوف على حرفية النص

ضروري لتجديد الفقه وتقوية دوره ومكانته يف وعلى ذلك فإن إحياء فقه املقاصد يعد عمال وإن يف ثلة الفقهاء اجملد دين على قلتهم، : "حياة املسلمني، ويف ذلك يقول األستاذ عالل الفاسي

ضماان للسري ابلفقه اإلسالمي إىل شاطئ النجاة، حىت يصبح مرتبطا مبقاصد الشريعة وأدلتها، 84".مني وبلداهنمومتمتعا ابلتطبيق يف حماكم املسل

ومن هنا فإن الفكر املقصدي يف زمننا احلاضر، يعد األساس املتني لبناء عقلية مسلمة قادرة على مواجهة التحديت، واجتياز العقبات، والنهوض ابألمة، فحري بنا أن حنفل به، ونوليه العناية

.اليت يستحقها

.22، ص9، ج(طباعة املنرييةإدارة ال: مصر)إعالم املوقعني عن رب العاملني، ابن القيم، 82

.املرجع السابق، نفس اجلزء والصفحة 83

.151، صمقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها: الفاسي، عالل 84

Page 25: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

52

الخاتمةقة، مع الفكر املقصدي عرب حمطاته التارخيية البارزة، فإنه بعد هذه الرحلة املمتعة واجلولة الشي

:جيدر بنا أن نلخص أهم النتائج اليت مت التوصل إليهاالفكر املقصدي فكر أصيل، يضرب جبذوره يف اتريخ هذه األمة، منذ تباشري اإلسالم األوىل يف .1

.عهد نزول الوحي، وميتد حىت يومنا هذاويظهر واضحا جليا من خالل الكثري يف سنة املصطفى الفكر املقصدي له أصول وجذور .5

.من أقوال الرسول وأفعاله وتقريراته

لتطور احلياة، وطروء .9 بدأ الفكر املقصدي يتسع ويتشعب يف عهد الصحابة والتابعني، تبعا .الكثري من املستجدات اليت تتطلب فهما كليا مشوليا لنصوص القرآن والسنة

طاب ـ هنع هللا يضر ـ النموذج األكثر وضوحا يف استيعابه ملقاصد هذا الدين يف عصر يعد عمر بن اخل .1 .الصحابة، فقد كان غائيا مقصدي أكثر منه نصيا حرفيا

بدأ الفكر املقصدي يتخذ أبعادا جديدة يف عهد أئمة الفقهاء، حيث أخذت صورته تتضح يف .2القرآن والسنة، فبدأت الناحية املقصدية أتخذ موقعها األصول اليت يرجع إليها الفقهاء فضال عن

.يف اإلمجاع والقياس واالستحسان والعرف واملصاحل املرسلة

على الرغم من أن الفكر املقصدي مل يغب عن أذهان أئمة الفقهاء وتالميذهم، إال أن الفقه يف .5ة املقصدية، حيث جنح إىل صورته العامة كان أقرب ما يكون إىل الناحية الفردية منه إىل الناحي

معاجلة القضاي املتعلقة ابلفرد، أكثر من تلك املتعلقة ابجلماعة أو السياسة العامة، وليس ذلك .لنقص أو قصور يف هؤالء الفقهاء، وإمنا لظروف معينة عاشوها

ازي بدأت فكرة املقاصد تسري حنو النضوج عند الفقهاء األصوليني، بدءا ابجلوينـي ومرورا ابلر .9 .والغزايل والعز بن عبد السالم والقرايف وابن تيمية وابن القيم، وانتهاء أبيب إسحاق الشاطيب

يعد اإلمام الشاطيب هو العلم الذي صاغ لنا نظرية املقاصد وشي د بناءها، حيث طرح هذه .1لة من مجيع لتصبح نظرية كاملة متكام" املوافقات يف أصول الشريعة"القضية بكل أبعادها يف كتابه

.جوانبها

على الرغم من أمهية املوضوع الذي عاجله الشاطيب، وأمهية القضية اليت تناوهلا، إال أن كتابه بقي .1طي النسيان ردحا من الزمن، حىت التفت إليه أستاذ مدرسة املنار الشيخ دمحم عبده، فنبه إىل أمهيته

Page 26: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

55

" املوافقات"تاذه فأكب على دراسة كتاب وعظيم فائدته، فتلقف الشيخ عبد هللا دراز توجيه أس .فحققه وأثراه بتعليقاته النفيسة

انربى للمقاصد يف العصر احلديث عامل جليل هو الشيخ دمحم الطاهر بن عاشور ليكون علما .10ابرزا من أعالم الفكر املقصدي، فلئن كان اإلمام الشاطيب هو العلم األول، فإن ابن عاشور حبق

. ، حيث طرح قضية املقاصد بروح جديدة، وإضافات نفيسة مل يلتفت إليها غريههو العلم الثاينوإن دل ذلك على شيء فإمنا يدل على عمق فهمه وسعة إدراكه، وعظيم تقديره لعلم مقاصد

.الشريعة

تعد حاجتنا إىل الفكر املقصدي يف هذا العصر ضرورة ملحة، تفرضها علينا طبيعة احلياة .11أحوج ما نكون إىل النظرة املقصدية اليت نتجاوز فيها اجلزئيات إىل الكليات، وتشعباهتا، فنحن

والفرعيات إىل املقاصد والغايت، ألن ذلك هو الطريق إلصالح مناهج التفكري لدينا، واخلروج من .أزمتنا الفكرية والعقلية اليت فرضها علينا العقل اجلزئي

وآخر دعواان أن احلمد هلل رب العاملني

Page 27: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

59

قائم ة املراج ع الكت ب: أوال (.مكتبة املعارف: الرابط)، الفتاوى: ابن تيمية، عبد احلليم .1 .م1191، (الدار العربية للكتاب: طرابلس)، أليس الصبح بقريب: ابن عاشور، دمحم الطاهر .5

(.نشر دون معلومات)دمحم الطاهر امليساوي، : ، حتقيقمقاصد الشريعة اإلسالمية: ـــــــ .9 (.م1110، 5دار اجليل، ط: بريوت)، قواعد األحكام ف مصاحل األانم: ابن عبد السالم، العز .1 (.دار الفكر: بريوت)دمحم حمي الدين، : ، حتقيقإعالم املوقعني عن رب العاملني: ابن القيم .2 (.م1111دار الفكر، : دمشق)، املسلم ف عامل االقتصاد: ابن نيب، مالك .5

(.م1111بريوت، دار الفكر، )، اتريخ املذاهب اإلسالمية: أبو زهرة، دمحم .9، 1معهد البحوث والدارسات االجتماعية، ط: اخلرطوم)، حنو منهج أصويل: قضااي التجديد: الرتايب، حسن .1

(.م1110/ هـ1111 (.م1119، 9دار ابن كثري، ط: بريوت)، حتقيق مصطفى البغا، اجلامع الصحيح: البخاري، دمحم بن إمساعيل .1

عبد العظيم : ، حتقيقغياث األمم ف التياث الظلم: اجلويين، إمام احلرمني عبد امللك اجلويين النيسابوري .10 (.هـ1100، 1مكتبة إمام احلرمني، ط: قطر)الديب،

منشورات املعهد العاملي للفكر )، نظرية املقاصد عند اإلمام دمحم الطاهر بن عاشور: احلسين، إمساعيل .11 (.م1112/ هـ 1115األوىل، اإلسالمي، الطبعة

سلسلة كتاب األمة، العدد : قطر) ،حجيته، ضوابطه، جماالته: االجتهاد املقصدي: اخلادمي، نور الدين .15 (.11، سنة 52الدار العاملية للكتاب اإلسالمي، منشورات املعهد : الريض)، نظرية املقاصد عند الشاطيب: الريسوين، أمحد .19

(.م1115العايل للفكر اإلسالمي، (.م1192/ هـ1912، 5دار الفكر، ط: بريوت)، املوافقات ف أصول الشريعة: الشاطيب، أبو إسحاق .11 (. م1111/هـ1101دار النهضة العربية، : بريوت)، تعليل األحكام: شليب، دمحم مصطفى .12 (.م1111دار املنتخب، : بريوت)، الفكر األصويل وإشكالية السلطة العلمية: الصغري، عبد اجمليد .15 (.م1119، 5دار الكتب العلمية، ط: بريوت)، املستصفى ف علم األصول: الغزايل، أبو حامد .19 (.م1119، 2دار الغرب اإلسالمي، ط)، مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها: الفاسي، عالل .11

مية، دار الكتب العل: بريوت)أمين شعبان، : ، حتقيقأوجز املسالك إىل موطأ مالك: الكاندهلوي، دمحم زكري .11 (. م1111/ هـ 1150، 1ط/ هـ 1111، 1دار الرائد العريب، ط: بريوت)، التشريع اإلسالمي مناهجه ومقاصده: املدرسي، آية هللا .50

(. م1119

Page 28: محطات في تاريخ الفكر المقصدي

51

، 1دار النفائس ودار الفتح، ط: بريوت)، نظرات ف اجتهادات الفاروق عمر بن اخلطاب: املدين، دمحم .51 (. م1110/ هـ 1110

(.دار إحياء الرتاث العريب: بريوت)دمحم فؤاد عبد الباقي، : ، حتقيقالصحيح: سابوريمسلم بن احلجاج الني .5523. Masud, Muhammad Khalid, Shatibi’s Philosophy of Islamic Law, Islamabad: Islamic Research

Institute, 1995.

تقدميات الكتب: ثنيا للحسين، منشورات "عند اإلمام دمحم الطاهر بن عاشورنظرية املقاصد "مقدمة كتاب : العلواين، طه جابر .51

.م1112/ هـ1115املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، الطبعة األوىل، للريسوين، منشورات املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، ، "نظرية املقاصد عند الشاطيب"مقدمة كتاب ــــــــــ، .52

1115. ليوسف العامل، منشورات املعهد العاملي للفكر " للشريعة اإلسالميةاملقاصد العامة "مقدمة كتاب ــــــــــ، .55

.م1111/ هـ1115اإلسالمي، الواليت املتحدة األمريكية، الطبعة األوىل، . البن عاشور "مقاصد الشريعة اإلسالمية"مقدمة كتاب امليساوي، دمحم الطاهر، .59

الدورايت: ثلثا ، السنة الرابعة، جملة التجديد" اءة نظرية املقاصد عن اإلمام الشاطيبأمنوذج مقرتح لقر : "اجليوسي، عبد هللا .51

.العدد الثامنجملة إسالمية لعبد اجمليد الصغري، " الفكر األصويل وإشكالية السلطة العلمية"مراجعة لكتاب : زين، إبراهيم .51

. م1112، العدد األول، سنة املعرفة