يوم مع عاهرة

86

description

إنّه يوم واحد فقط لا غير، مع عاهرة تحاول أن تنهي حياة العهر التي تعيشها، وأن تكون فقط كالآخرين، لكنها تكتشف أن الآخرين أشد عهراً منها من رأس الهرم وحتى قاعدته. يوم مع عاهرة هي حياة كاملة مع مجتمع منحل ساقط انحلّت أخلاقه في قاذورات الواقع

Transcript of يوم مع عاهرة

Page 1: يوم مع عاهرة
Page 2: يوم مع عاهرة

1

كنان القرحايل

يوم مع عاهرة

قصيرة رواية

Page 3: يوم مع عاهرة

2

اإلهداء

مجد، سامر القرحالي شقيقي الراحلين إلى

Page 4: يوم مع عاهرة

3

عندما وقفت وأعلنت على الناس عهرك

بعت الناس واشتريت نفسك؟

، كيف

تأملت

(1002-2891مجد القرحالي )

Page 5: يوم مع عاهرة

4

مقدمة

قررت عاهرة تدعى سيلينا أن تلقن أشرف القوم، ممن ال شرف لهم،

في األخالق والكرامة، ولو أن

!ني أكتب بلسانها ألضافت: والشرفدرسا

ي ف وضعت سيلينا خطتها تلك على عجلة وهي تلف سندويشة زعتر

الليلة التي سبقت اليوم الذي ستدور أحداث الرواية فيه، وفكرت

أن اختراع جدتها الذي وجدته بين حماالت صدرها قد يساعدها في

مهمتها الصعبة تلك!

كانت التناقضات تعتمل في رأسها الصغير، وهي تكاد تبكي على هذا

عن أصلها سوى أن دتها ج املسار الذي وضعت به، فهي ال تعلم شيئا

كانت أشهر عاهرة في البالد وهي من ربتها وأنشأتها في نفس املهنة، لكنها

توفيت قبل أن تخبر سيلينا من هي أمها أو من يكون أبوها، حتى أنها

ما بأن من يملك جدة وفي ظل كنف جدتها العظيمة لم تسمع يوما

يجب أن يمتلك جد!

باح االستكشافية التي ستقوم بها صكانت سيلينا تعول على جولتها

من دالتأك ، ربمااليوم التالي دون أن تعرف ما الذي تريده بالضبط

ومقارنة عهرهم بما تمارسه هي وزميالتها من ،عهر أغلب البشر

عاهرات امللهى الذي تعمل فيه.

***

Page 6: يوم مع عاهرة

5

، ومع بداية ساعات العمل، ن إلى أحد املسؤولي سيليناذهبت صباحا

‘ مربع’عي الشرف وحب الوطن. كان الكبار ممن يد املهمين جالسا

كرشه العظيم على املكتب أمامه، وقد بدأ بنخر أنفه بواسطة نافخا

أنفه ابتلع كرشه ونفخ ب أصبعه الحلزوني، فلما شاهد سيلينا قادمة

فعاد أصبعه إلى قوقعته بسرعة مخيفة.

ف بالرغم منقفز برشاقة فوق املكتب فبدا لها كحلزون لزج زاح

اجتيازه له بثواني معدودات، بحثت بعينها أرجاء املكتب عن ملح

ه ذو قيمة مادية من ناحية جيبه إذ أن

لتلقيه على هذا التافه )معنويا

ه باردها وهو يكاد يضاجعها ه يذوب، إال أن

ومحتويات كرشه( عل

بنظره:

نورتي املكتب، أضاءت الشاشات، استيقظت الفراشات، -

العظاءات، طقت اللمبات. أمريني فأنا عبدك. نامت

حنقها: قالت في سرها خافية

يا حيوان معاملة انسانة عاملني تأن داعي ال !عضوي عبد -

.عضووأنا بنظرك مجرد

Page 7: يوم مع عاهرة

6

أما مربع فقد تربع على كنبة فخمة قريبة من سيلينا، وفكر بينه وبين

نفسه: لو أن عضوي بحجم كرش ي لسمع أنفاسها اآلن!

قالت سيلينا، وهي تبتسم ابتسامات العاهرات:

لقد ةجئتك هذه املرة ال لتلبي -رغباتك الغبية مثلك! أصال

مللت من أمثالك، أنتم لستم قضبان فللقضبان معنى جليل

آخر، أنتم مجرد متسلقون ال تعرفون ماذا تريدون سوى

ادعاء الشرف للتغطية على أقذر شخصيات يمكن أن

.يعرفها التاريخ

ي ف طار عقل مربع عند سماعه هذه االهانات املتالحقة، لكنه قال

كم ألف وقال عم تعملكرمال تاكليه تلحس ي ما تيسر، جاي :نفسه

!محاضرات

وكأنها قرأت ما يجول في باله، قالت:

جئت إليك ومعي اختراع عجيب وجدته في خزانة جدتي أقدم -

صاحباتها وبنات عاهرة في البالد، وقد جمعت قدرات عهر

عصرها في هذا االختراع وبه تستطيع تحقيق جميع أمنياتك

ك لم تتلفظ بها بصوت عال. بمجرد أن تتمناها ولو أن

Page 8: يوم مع عاهرة

7

أخذ املربع يضحك بل يقهقه بصوت نشاز مطابق ملضمونه، لكنه

توقف عندما بدأ كرشه بالضمور وعضوه بالتضخم حتى صار قريبا

من سيلين ويسمع أنفاسها!

نظرت إليه سيلينا بتعجب، وقالت:

بحقك فأنت قضيب - يا سيد مربع لقد كنت مخطئة

عفوا

بمعناه الجليل كما أرى.

ثم أسرعت بمغادرة املكتب ولم يوقفها توسل مربع ورجاءه أن يعيده

اختراعها إلى سابق عهده، فقد كان برنامجها الحافل لهذا اليوم ال

رى يكون موضعها؟يسمح لها بإضاعة دقيقة إال في موضعها، وأين ت

***

Page 9: يوم مع عاهرة

8

اتجهت إلى مقر زعيم حزبي استرخى على جثث أتباعه املتحللة، في

حين وضع الجثث التي توشك على التحلل في حوض زجاجي ليستمتع

بهذه اللوحة الفنية.

وفور مشاهدته لسيلينا، أخذ يسبح ويجدف! فما رآه كان وجها

مثيرا

وعنقا

ال يلوي عليه ش يء سحريا

وخصرا

مغناطيسيا

وصدرا

اللتوائه الشديد، وتنورتها القصيرة التي تضم بين ثناياها أغلى

في ها، جلد طراوةاألحباب، وسيقانها التي أبحر كولومبس سابقا

وقدميها املنتصبتين في حذائها ذي الكعب الصامد بالرغم من ضراوة

و يقول في نفسه: رفرف يا ما يحمل، أخذ يرقص كعتاة السكارى وه

عبود وبال أحزاب وبال بطيخ، قضيتك يا عبود والبوصلة هي الحب

والنسوان، قال حزب قال، روحوا ولوووه.. يرحوا يسقطوا حرف

الحاء منو ويصير زب وخلصونا من هاللعي يلي ماسكينو من طيزه.

:ابتسمت سيلينا ابتسامة جامدة، وقالت

يا زعيم، لقد جئت باختراع يحقق أمنياتك ولو لم تقلها -

بصوت عال.

وأحب اختراعكن هذا أشد أنواع الحب -ايه.. أنا أحبكن كثيرا

وأشرسها، أحبه )ويقصد به عضوها( أنا بدونه مثل سمكة

بال بحر ومثل بحر ال صيادين.

Page 10: يوم مع عاهرة

9

وقبل أن تسأله عن أهمية الصيادين بالنسبة للبحر الحظت سقوط

ميع حروف الحاء )ح( من كلمة حزب فقرأت اسمه على اللوحة ج

زعيم زب املواطنة. وكما اختفى – عبود نضالالخشبية على مكتبه:

حرف الحاء من كل لوحة تضم كلمة حزب فصارت تضحك بصوت

عال.

ظن أنها سعيدة بتشبيهه الرائع، وملحها تقرأ اسمه على اللوحة

: على لفظ حرف الحاء وقد فقد القدرة الخشبية فقال

العالم! إن زبي من أفضل أزاب -

توقف لوهلة، وكرر غير مصدق للدغه بحرف مثل الحاء فكرر: زبي..

. حزبي.. لكنه لم ينجح في لفظها أبدا

زبي.. قاصدا

ضحكت سيلينا حتى غرغرت الدموع في عيونها وقالت:

، لعلك اآلن صادق عبودأدام هللا لك زبك هذا يا -تماما

مع حرف الحاء! بعكس ما كنت تدعيه سابقا

، وسط تأوهات عبودثم نظرت إلى ساعتها وانطلقت مستعجلة

الحزبية وتوسالته أن يعيد اختراعها حرف الحاء إلى حزبه.

***

Page 11: يوم مع عاهرة

10

بعدها تحركت سيلينا وفق خطتها التي وضعتها على عجل مساء اليوم

.السابق

واآلن، فتحت سيلينا ورقتها فوجدت أن الدور على مدعي الشرف

ا، كبير مثقفي اململكة وشعرائهواألخالق من املثقفين فاتجهت إلى

الشاعر الشهير )مثقب الغرازة(. كان مثقب يشوي أصبعه الصغير

، وعندما فاحت رائحة حزينا

لكي يتألم ويستطيع أن يكتب شعرا

لحمه امليت، كتب بسرعة:

جاءت تحرق أصبعي في عز الليل

وأنا راكب فرس ي وما الي حيل

شو جسم شو شعر يا ويل يا ويل

إذا بتكون أكبر عاقل

ويطلعلك ذيل أذنيكرح يطولوا

فقال ،وفاحت فور انتهاءه من سطوره املذهلة رائحة الياسمين

من سطوره: وهو يغمض عينيه نشوة

فخورا

Page 12: يوم مع عاهرة

11

أبياتي الها رائحة عطرة وكأنها أنثى تستيقظ من يا سالم.. -

عتمات الفجر، فتفتح بابي وتدخل مكللة بالياسمين

والرياحين.

قاطعته سيلينا التي وقفت تتفرج على الشاعر املعتوه وهو يخرفش

ما ذكرناه:

الء يا حبيبي، هي رائحة عطري وليس رائحة أبياتك الزنخة! -

ألرض بمجرد أن ملح هذا الحسن قفز الشاعر مثقب نصف متر عن ا

، وقال في نفسه: أمامه، وأخذ يرتعش سعادة

واقفا

ال شك أنها ميتمة بي بسبب قوة كلماتي وشعري الرهيب، آه -

لو يصير هيك بكل الصبايا يا إلهي ما أروعها، يا سالم املكتب

مليان نسوان حلوة يا سالم!

من سيلينا، أنهى حلمه هذا وهو يجوب بعينيه كل ميليمتر

فقالت له:

لو لم حتىجئتك ألخبرك باختراع جدتي الذي يحقق أمنياتك -

لها بصوت عال!تق

Page 13: يوم مع عاهرة

12

يا إلهي! ليست فقط جميلة وحسناء إنما لديها نهدين -

ساحرين وتقول شعر!

أخش ى أنني لن أسمح لك التغزل بنهدي بهذا الشكل الغبي، -

وأين الشعر في اختراعي يا صاحب الكلمات الرخيصة؟

أنا كلماتي رخيصة يا عاهرة؟ -

وفجأة بدأت الصبايا بالتوافد إلى غرفة الشاعر حتى امتألت عن بكرة

وصار ال يستطيع مع هذا االزدحام خفض بصره ليشاهد ،أبيها

ضيفاته ولم يستطع الحركة وهن يمألن املكان بضجيجهن وطلباتهن

في قراءة صنوف الغزل والوله.

بسيلينا التي لم تسمعه، فقد خرجت بصعوبة من فصاح مستغيثا

بين الصبايا محبات شعر الغزل األبله.

***

Page 14: يوم مع عاهرة

13

إلى املعبد، بعد خروجها من غرفة الشاعر اتجهت سيلينا بسرعة

ن ، فجاء رجل الدي"عبد الزعقة" وطلبت من حارسه لقاء كبير الكهنة

ه آلة متعبدة وليس بشري ي.عاد بخشوع لإلله وشكله يوحي بأن

،تبقى من شعره وقف عندما وقعت عيناه على هذه الفتنة لكن ما

فرجف كله وهو يدعي إلهه بصوت عال أن يخلصه من الشيطان! وأن

يبعده عنه وأن يجعله في مأمن منه ومن أتباعه من ذكور وإناث، ثم

ردد في نفسه ربع كتابه املقدس في محاولة تطهير روحه من هذا الفجر

نا، بدون أن يرفع عينيه عن صدرها أو والفسوق الذي تمثله سيلي

وسطها وعندما استدارت لتتفرج على املكان بينما انتهى رجل الدين

وهو يسبح ربه الذي خلق من عبادته، توقف الرجل وهو يبكي إيمانا

هذه املؤخرة الساحرة، وقال في أعماقه فيما لم يتوقف لسانه عن

زوجتي مثل هذه ترديد كل ما حفظه خالل حياته: آخ لو كانت

املخلوقة شو كان بدي بالدين وهالحكي املصفوف صف متل قرميد

هاملعبد!

لوحات وكتابات تتفرج علىوهي في تفكيرها، سيلينا سرحت

دين الكاهن، وأعجبت برجال الدين الذين تمجدوزخرفات

يستطيعون ضبط أنفسهم عكس بقية أصناف البشر لكن ظنها قد

Page 15: يوم مع عاهرة

14

فصفعته ،من أوهامها إذ أن ملسة من الرجل قد أيقظتها ،خاب

:ملحاولته ملسه مؤخرتها، قال حانقا

لكنك مجرد عاهرة، فلم تمنعين عنك الرجال؟ -

لقد ظننتك رجل دين حقيقي؟ -

حقيقي أو ووهمي، يا حبيبتي أنا رجل في النهاية، وتستطيعين -

في اخله دسؤال زوجتي عن رجولتي، ثم نفش نفسه متحسرا

من بشاعة زوجته.

معي طيب، ماش ي يا رجولي أنت، كنت أريد أن أخبرك أن -

اختراع يحقق أمنياتك من دون أن تقولها بصوت عال.

أخذ الرجل يتعبد كاملجنون وهو يدعي ربه أن يحيل اختراعها الكافر

إلى حطام وكتلة تراب تدوسه األقدام وتحفره النمل والديدان، ثم

ه لم يلحظ رحيل سيلينا فلعن نفسه أخذ يسرح فيماحفظ حتى أن

إلى املنزل، وهو يكاد يبكي حظه وأنفاسه وكتم غضبه بأن اتجه فورا

التعس وقال في نفسه: لوال تفرغي للدين املعبد لقتلتني بشاعة

زوجتي.

Page 16: يوم مع عاهرة

15

، فرقص لكنه وما أن فتح الباب حتى شاهد زوجته مثل سيلينا تماما

، وأخذ يتصل بجميع رة البلد ومالهيها ليصل إلى الزائ تكازينوهافرحا

ويشكرها، لكنه توقف فجأة وقال:

اللعنة! لقد أمضيت اليوم كله وأنا أدعي على الفتنة واإلغواء -

وعلي أن أدعي دعوات معاكسة قبل أن تصل إلى ،والشيطان

اإلله ويستجيب لها.

نزل امل وتقلب معها في جميع أرجاء ،ه على زوجتهئثم قفز أثناء دعا

وزواياه ما عدا زاوية كان قد خصصها للتعبد واملناجاة.

***

Page 17: يوم مع عاهرة

16

في الشرف، فقررت يئست سيلينا من نيتها تلقين املجتمع دروسا

العودة إلى الحياة الوضيعة التي تعيشها، فاتجهت نحو مكان عملها

حضر نفسها لتوبيخ قاس ي من مالكة امللهى.سيدتها وهي ت

، وهن "نمنوم"وصلت سيلينا إلى امللهى فوجدت سيدتها ا غاضبة

أتوقف ألصف لكم نمنوم التي تشبه كل ش يء إال اسمها، ويمكن أنها

كانت تحمل اسمها ذات يوم في املاض ي، أما أنها وبعد معاشرة نصف

قلها، لن "تريال"رجال الكرة األرضية فقد أصبحت فرس نهر وتحتاج

ال ال أراعي عدة تفاصيل في جسد صاحبتنا إذ أن ولعلني إذ أقول تري

بالنسبة لعرض مؤخرتها، بين خصرها، النحيل نسبيا

هناك فاصال

وهو ما جعل الجميع يعشقونها وهي جالسة لكنها ،ومؤخرتها ذاتها

نها من عرفها أ ويقول وبمجرد وقوفها ينقلب األمر إلى خيبة عظيمة،

طرة لنقل الجزء العلوي ومقطورة بحاجة قاطرة ومقطورة لنقلها، قا

وكان هللا في عون السائق املسكين الذي ،لنقل الجزء السفلي

ل هذا اللسان السليط في قمرة القيادة.سيتحم

لنعد إلى امللهى حيث كانت نمنوم ذات الشعر األشقر الفج بعينيها

الوقحتين القادرتين على التعبير عما يعتمل نفسها بشكل حقيقي،

ج سيلينا الكثير لتقرأ تلك التعابير لكنها كمحترفة اتجهت إلىولم تحت

Page 18: يوم مع عاهرة

17

طاولتها من دون إلقاء السالم على سيدتها فلحقتها هذه وهي تكاد

على أسنانها وهي تحاول أال تصل كلماتها إلى تجن، وقالت ضاغطة

ة:وأال تزعج رغباتهم املتأجج ،الزبائن اآلخرين على الطاوالت املجاورة

الك يعني آه؟ ولك مين مفكرة حالك حتى شو مفكرة ح -

تتأخري عن الشغل هيك؟

سيدة نمنوم، هل تصدقين إن قلت لك ماذا وجدت في خزانة -

جدتي؟

لم تستطع نمنوم الغاضبة ذات النفسية الحقيرة إال أن تتوقف

لذكرى تينا مينا )جدة سيلينا( التي كانت أشهر عاهرة عرفتها إكراما

تطيع أن تنال "الشرف" الذي نالته تلك العظيمة البالد، ومن التي تس

الراحلة عندما نامت مع أكبر عظماء البلد من زعماء سياسيين

وعلماء وضباط ومخترعين ومهندسين وأطباء وصناعيين وتجار

وفنانين وكتاب وشعراء!

عدة مرات وقد هاجمها طموحها القديم والذي أصبح تنهدت نمنوم

مستحيل التحقيق بعد أن تدهور جمالها وتناسق جسدها بهذا

الشكل، فقالت في نفسها متحسرة واأللم يعتصر دواخلها: آه.. كيف

أضعت عمري مع الوضيعين والسكارى واملجرمين واملهربين وقطاعين

Page 19: يوم مع عاهرة

18

من أن أحتح ذي بقدوتي تينا مينا وأصبالطرق والشباب الطائش بدال

مثلها.

أعادتها ضحكة إحدى العاهرات في امللهى إلى الواقع املرير، فقالت

بصوت ناعم، وودي: عاطفي جدا

سيلينا، أنت تعلمين مدى االحترام الذي أكنه للمرحومة تينا -

مينا، وعيب يا سيلينا أن تستغلي سيرتها الحسنة وذكرها

مقصرة في عملك.الطيب عندما تكونين

القصة مش هيك يا نمنوم، عن جد كنت أبحث بين -

صدرياتي القديمة التي وضعتها في خزانة جدتي، فوجدت

، علبةيبدو أنني ظننتها صغيرة غريبة لم ألحظها سابقا

، لكن هذه املرة تأملت فيها وقرأت ما في املاض يعصارة جزر

ا وإذ فيه ،كتبته جدتي على ورقة ملصوقة على الكرتونة

اختراع يحقق ما يتمناه املرء حتى إن لم يقل أمنياته بصوت

عال.

أنا أثق باملرحومة تينا مينا ثقة عمياء، وأعلم عالقاتها -

املضيئة بالعلماء واملخترعين، لكن يا صغيرتي عليك أال

تضعي آمالك في اختراع أو سواه، ال تدعي أحالم الصبا تقتل

أيامك.

Page 20: يوم مع عاهرة

19

نفس ي مستمرة على هذا املنوال، أتمنى في ال أستطيع تخيل -

أعماقي أن أعيش حياة طبيعية شريفة متل اآلخرين.. هذه

ليست حياة.

آه لو تسمع جدتك بهذا الحكي الفاض ي لصفعتك وأعادتك -

إلى الواقع، ثم ماذا تظنين أن الحياة الطبيعية تعني؟ أنت

اس نلديك النظرة التقليدية أن عملنا مهين نتيجة نظرة ال

إليه ألن عملنا متعلق بشهوة محضة، لكنهم عاهرات أكثر

منا بمئات املرات.

ال أفهم! إنهم يحييون حياة طبيعية يعملون أعمال عادية -

وهم سعداء بها!

سعداء؟ لوال املرحومة تينا مينا لكنت من املطرودات من -

زمن بعيد، ولكنت جربت األعمال التي تذكرينها! الجميع

كل في موقعه، الجميع مرتبط برغبات ونزوات عاهرات

زبائنه وواقع تحت سيطرة وأمرة القوادين الذين يسمونهم

مدراء، الجميع يبيع نفسه لقاء املال والشهرة فما الفرق بين

عملنا وعملهم إال إذا كنت تتبنين نظرة النساء إلينا، ألننا

نضارب عليهن من حيث لجوء أزواجهن إلينا.

المك صحيح لكننا نحن نقوم بهذا بأرخص شكل قد يكون ك -

ممكن! هذا ما يزعجني، لديهم غطاء رائع للعهر الذي

يقومون به.

Page 21: يوم مع عاهرة

20

هاه! ها أنت قد اقتربت من الحقيقة، نحن نقوم بهذا -

منهم. على األقل نحن ال نحن أقل عهرا

بأرخص شكل إذا

نسرق زبائننا بأن ندعي العفة واألخالق والدماثة، نحن نقوم

بما نقوم به بكل شفافية!

، ثم خجلت من نفسها إذ تضيع وقت نمنوم فكرت سيلينا قليال

بهذه النقاشات السخيفة وتحلم بتحقيق أمنياتها عن طريق

اختراع وجدته في خزانة جدها، لذلك فقد قالت بجدية:

أعدك يا نمنوم بأن أعوض عن كسلي وتقاعس ي في األيام -

القادمة.

عن الصبيةربتت نمنوم راضي الت لها:قبعاطفة ال تليق بموقعها، و ،ة

ك مصممة على نسيان اختراع االمنيات -يسعدني أن أسمع أن

ت بل أن ،لقد نسيت .لى العموأحالم الصبا الوردية واآلن إل

أن أخبرك أن عندك موعد خاص خارج امللهى ،من أنسيتني

ليس من غريبا

مع أحدهم، وال أدري! فقد بدا لي رجال

، فقد جاء قاصدا

األوساط التي تتردد على املالهي عادة

مسمكة فدخل إلى هنا بالخطأ! وسألني عن حال العمل

واألعمال فأخبرته عن ركود الشغل ووضعنا املادي الصعب

بيرة التي علينا دفعها وعن تقاعس الكثيرين وعن الديون الك

النحطاط مستوى من يأتينا، فعبر عن أسفه عن الدفع نظرا

ه ال يستطيع أن يسمع أن رزق أحدهم في الشديد وأخبرني أن

Page 22: يوم مع عاهرة

21

أرسل مني أناملساعدة، فطلب إلى در خطر من دون أن يبا

له صبية إلى هذا العنوان ولذلك اذهبي في الحال إليه!

تمعنت سيلينا في العنوان، ثم نظرت إلى نمنوم وقالت:

أنا؟ ال أحب املواعيد الخاصة قد يكون الرجل سادي وقد لم -

ويريد أن يتسلى أرسلي أمونة إلى هناك. .يكون مفلسا

ال ال أنت تأخرت حتى وصلت إلى الشغل بينما أمونة تعمل -

كثيرة بع الصباح الباكر،منذ ك، لذا كسوهي تجلب لنا نقودا

فقد غامرت بوقتك الذي تهدرينه بأوهام مثل اختراع

ك ستعملين املرحومة جدتك، ثم منذ ثواني قلت أن

وتعوضين عن كسلك فهيا هيا بسرعة يال.. يال سأعد إلى

العشرة ويجب أن تكوني هناك!

***

Page 23: يوم مع عاهرة

22

إذ أن آخر جرجرت سيلينا نفسها إلى العنوان وهي تكاد تنفجر حنقا

خاص كان مع رجل مجنون أمض ى الليلة في مصها بعد أن موعد

أغمض عينيها بعصابة سوداء، قالت في نفسها: متى؟ متى سأعمل

عمل مثل بقية البشر؟ آه كم أتمنى أن أنتهي من هذا العمل القذر.

بعد أن خرجت سيلينا بقليل، جاءت إحدى عاهرات امللهى إلى نمنوم

ان قد توجه إليها حال ذهاب التي جلست مع رجل واسع الثراء وك

سيلينا، فغضبت نمنوم من العاهرة الغبية، وأخذتها إلى مكان منفرد

ثم صاحت بها:

وهو صاحب "بغلمان"أنني أجلس مع نأال تعلمي حمقاءيا -

شركة سيارات طويلة عريضة؟ بصباي لم أجالس شخص

بأهميته فكيف تتجرئين على مقاطعة جلستنا هذه؟

يا سيدة نمنوم لقد أرسل شخص أهم من يا سيدة نمنوم، -

.، وهو يريدك فورا

الذي تجالسينه شابا

تمتمت نمنوم بكلمات قليلة والذهول يتملكها، واتجهت إلى الشاب

وعندما أصبحا لوحدهما قال الشاب:

Page 24: يوم مع عاهرة

23

ألمر يخص املصلحة سيدي رئيس ديوان الدولة يريدك -

ي عي ف! أرجو منك تلبية رغبته بالقدوم مالعليا للمملكة

السيارة.

ثم أشار إلى سيارة فخمة تحلم بها أشهر عاهرة في العالم، فكادت

نمنوم تغمى عليها من فرط السعادة وفيما هي متجهة إليها، نادتها

العاهرة:

- ! سيدتي يريدك على الهاتف شخص هام جدا

إلى الهاتف ولم تنطق بلكمتين حتى فغرت فاهها ركضت نمنوم

، وهي تنظر إلى نفسها في املرآة غير مصدقة كيف وصل إليها تعجبا

هؤالء السادة بهذه السرعة، وأيقظها من أحالمها تلك قول صبية

أخرى:

سيدتي يريدك سيد أجنبي وهو ينتظرك على الطاولة رقم -

سبعة بفارغ الصبر!

من هو؟ -

!ال أدري لقد ق -ه رسام شهير جدا

ال لي أن

***

Page 25: يوم مع عاهرة

24

ركبت سيلينا تكس ي وانطلق بها الرجل الذي لم ينظر أمامه طيلة

ف بالصدر املكشو عبر املرآة الطريق، وتعلقت عيناه البائستين

وكان يضغط الفرامل بشكل متواصل لكي يتنس ى له رؤية ،لسيلينا

املزيد، فصاحت به سيلينا غاضبة:

حيوان ما؟زوجتك ما عم تشبعك يا -

خاف السائق من اشتباك مع عاهرة قد تفضحه، فلم يرد لكنه

ولكن هذا لم يمنع ،توقف عن ضغط الفرامل إال عند الضرورة

عينيه عن أكل سيلينا، وهو يقول في نفسه بألم بالغ: عيني هللا ما

أجمل هالبزاز! فيه هيك ش ي بالحياة ولو؟ آخ بس لو تخليني املسهم

شوفه حقيقة أو حلم! وأعرف إذا يلي عم

، فخطر عميقا

وفجأة التقت عيناه بعينا سيلينا التي ملحت فيهما أملا

أن تسأله: لها فجأة

لقد تهجمت على زوجتك وأنا ال أعرف إن كانت على -عفوا

قيد الحياة أو ال؟

لقد توفيت أثناء انجابنا ابننا األول. -

وهل عاش الصبي؟ -

وات.نعم، لقد مض ى على األمر خمس سن -

Page 26: يوم مع عاهرة

25

ولم تتزوج؟ -

ال.. أنا ال أخون زوجتي ولو كانت في القبر! -

والصبي، هل تربيه لوحدك؟ -

رني فيها! -ه ابني وهو يذك

نعم، إن

دمعت عينا سيلينا من التأثر وصاحت في أعماقها: هذه هي الحياة

التي أريدها، حياة طبيعية خالية من عهر وشهوات سفلة منحطين،

طلع إلى بزازي يا لي من ساقطة! ثم قالت له وأنا التي تلومه ألنه يت

بتصميم:

أنت مثال املروءة واإلخالص ولذلك تستطيع ملس بزازي إن -

بالعادة! أحببت مع أنني أقطع اليد التي تمتد إليهما مجانا

أوقف السائق السيارة وهو ال يصدق، ونظر إليها لكي تؤكد ما قالته،

فاقتربت من مقعده وأصبح صدرها في متناول يده فمدها مرتجفا

والمس نهديها وقد أوشك قلبه على التوقف.

، ثم انطلق وبعد هذه التجربة تناول يدها وقبلها خمسين مرة شاكرا

بسرعة شديدة إلى العنوان الذي طلبته.

Page 27: يوم مع عاهرة

26

نزلت سيلين وهي سعيدة للخدمة التي قدمتها للرجل الوفي، وفكرت

له ك هدية له إلخالصه لكنها كانتإن كان عليها تقديم جسدها مجانا

قد وصلت إلى العنوان املطلوب، ففتحت محفظتها وبحثت عن

الورقة التي تحوي العنوان وقرأتها مرة أخرى ولكنها لم تعرف البناء

املطلوب فاتجهت إلى بقالية مجاورة لعلها تستهدي من البائع إلى

البناء املطلوب.

لت سيلينا، فسبب كان الرجل يشرب شاي مع زوجته عندما دخ

دخولها عاصفة هوجاء في املتجر، إذ أن الرجل تفاجأ بهذا التناسق

والجسد ذي االنحناءات املخيفة بينا انفجرت الزوجة من الغيرة

والحقد على سيلينا، فصاحت وقد تحولت من زوجة هادئة تشرب

الشاي إلى معتوهة حاقدة على الحسناوات:

ن محل تاني.روحي اشتري م !ال نبيع شراميط -

صفع الرجل زوجته بشدة وهو يوبخها بشراسة، ويشتمها بأفظع

الشتائم وصاح بجنون ال مثيل له:

سدي بوزك يا عاهرة! كيف لك أن تصفي سيدة محترمة -

مثل ضيفتنا بهذه األوصاف التي تدل على جوهرك!

Page 28: يوم مع عاهرة

27

أخذت الزوجة تنتحب بشدة، بينما وقفت سيلينا تتأمل املشهد

وأقنعت نفسها بأن هذا ال يمت للحياة الطبيعية التي تتمناها بصلة

ال من قريب وال من بعيد، أما الرجل فقد صار يهز رأسه وكأنه يسمع

، وقال في نفسه: آخ لو بيجوا هدول الصبايا الحلوين راقصا

لحنا

هالبقرة معي باملحل، كنت طبقت كم وحدة منن بوقت ما بتكون

وروح يا معلم على أحلى الجلسات!

أيقظته سيلينا باستدارتها وسيرها باتجاه باب املحل، فركض خلفها

وهو يعتذر عن تصرفات زوجته ويعدها بأن يلقنها أقس ى الدروس في

املنزل.

غضبت سيلينا من هذا النذل فصاحت فيه:

أنت حشرة! - أنت حيوان تافه، أصال

أنا؟ ليه يا آنسة؟ -

ال تعرف آه؟ ثم أشارت إلى زوجته الباكية. -

نظر الرجل إلى زوجته بكراهية غريبة، بينما كانت املسكينة تبكي

بمرارة، وصارت تنتحب بصوت غير مفهوم: ليه ما بياخدوا

أنهم وهالشراميط إلى السجن؟ ليه بيتركوهم يخربوا بيوتنا، آه ل

آخدينها ما كان صار متل هاملوقف باملجتمع كله!

Page 29: يوم مع عاهرة

28

عاد زوجها إليها كالثور الهائج وطردها بطريقة مذلة من املحل!

ابتعدت سيلينا عن املحل بسرعة وهي تلعن نفسها ومهنتها القذرة

زوجية

التي تسبب األلم للزوجات الطيبات اللواتي ينشدن حياة

عن اللواتي بعيدا

من أمثالها، وفجأة توقفت سيارة بوليس، مستقرة

خام الجثة وأدخلوها السيارة بعنف، ثم أغلقوا نزل منها رجلين ض

باب السيارة.

أما التاجر فلم يكد يطرد زوجته من محله حتى دخلت صبية طويلة

ذات جسد جميل، صحيح أنها ليست بجمال سيلينا وإثارتها لكنها

نى فابتسم لها بكل أدب، ودعاها حسناء بكل ما تحمله الكلمة من مع

، ولم تمر هاما

بينما دون موضوعا

ى دقائق قليلة حت للجلوس قليال

بسعادة، فاتجه نحو باب كانا يتبادالن األحاديث ويضحكان سوية

املحل وأقفله بعد أن وضع لوحة تقول: مغلق!

***

Page 30: يوم مع عاهرة

29

لرجال البوليس إال أنهم بابها قفا أماما و أرادات سيلينا أن تقول شيئا

قال بسماع نقاشهما الغبي حيث تيتجادالن بعنف فلم تتكلم واكتف

األول للثاني:

هيه أنا من أدخلها ولذلك أنا علي أن أجلس بجانبها وأنت -

تقود السيارة.

أنا أقود؟ طول عمرك تقاتلني لكي تقود أنت وصرعتني وأنت -

بيدك!تقول أن قيادة السيارات في دمك وأن األمر ليس

يا أخي.. يا أخي.. هذا الكالم بأوقات السلم أما اآلن فالوضع -

حرج! معنا مجرمة خطيرة، لذلك قد أنت فأنا سائق متهور

بينما أنت سائق متزن!

ك تضحك علي بهذه الترهات -، هل تظن أن

كالم فاض ي تماما

لكي أقود بينما أنت تجلس بجانب عاهرة! لم أكن أظنك

إلى هذه ال درجة!منحطا

قبل أن نتكلم حول موضوع العاهرة ماذا تقصد -! أوال

عفوا

بعبارة "إلى هذه الدرجة" هل هذا يعني أنني منحط بنظرك

لكنني اآلن منحط لدرجة كبيرة؟

لم أقصد كل هذا التفصيل يا نذل! هل ترى مدى نذالتك -

وسقاطتك ووضاعتك وصفاقتك و..

Page 31: يوم مع عاهرة

30

يا ابن... -

ا منهما يقول في نفسه: لو تنقلب الدني وأخذا يتعاركان باأليادي، وكل

كلها فوق بعضها لن أسمح لهذا العكروت بالجلوس بجانب هذه

العاهرة الحسناء!

أرادت سيلينا أن تقول لهما عن اختراع جدتها لكنها فضلت أن تفتح

الباب بهدوء وتنسل خلفهما وهما يشتبكان باأليدي كاملراهقين، ثم

ها مع ذراع شاب يمش ي على الرصيف، شبكت ذراعدخلت بين املارة و

هل الشاب ونظر إليها وهو ال يفهم ما الذي يحصل، قالت له فذ

سيلينا وقلبها يدق بقوة:

ألنني مستعجلة! -سرع قليال

أرجو أن ت

: بقلق بالغ تسارعت خطوات الشاب لكنه قال لها

ماذا إن رأتك خطيبتي معي؟ أو أخوها أو أحد أفراد عائلتها؟ -

سيلينا بدون أن تكترث بهواجسه، وهي تسرع أكثر وأكثر: قالت

أنت رجل شرقي يا مان! املجتمع يبرر أي تصرف تفعلونه أنتم -

الرجال فلم القلق؟

Page 32: يوم مع عاهرة

31

في مبررات !قال الشاب في سره: ولك إي وهللا هالحكي صحدائما

منطقية وعقلية لنزواتنا، ايه ما أحالها كاسة ويسكي مع هالجمال

الخارق الحارق.

وألن سيلينا خائفة من مالحقة البوليس لها، فقد مشت معه ولم تجد

اد عنفسها إال في صالون الشاب على الصوفا، غاب الشاب دقيقة و

ومعه كأسين وزجاجة ويسكي، فقالت سيلينا:

هيه! ما تكون صدقت حالك؟ أنا أجرة ليلتي تخرب بيوت يلي -

أمثالك!

ما فيني اتخيل نفس ي عم خون حب ..يبتيعاشق ولهان لخط أنا -

بس هيك الوضع!بنظرك ممكن يكون كالمي سخيفحياتي،

أن : أريدفنادت في أعماقهاهذا الكالم الرقيق قلب سيلينا، المس

مثله. ..يكون لي حبيب مثله أريد حبيبا

ها أخذت تنظروطلبت منه أن يحكي لها مودة واحترام،إليه نظرة جل

عن غرامه املتقد وعن حبه املخلص الوفي، فأخذ يروي لها القصص

وهي تسأله عن كل شاردة وواردة. الرومانسية الحاملة، واملواقف

Page 33: يوم مع عاهرة

32

ومع أن مواقفة وقصصه العشقية من أسخف األنواع وأكثرها غباء

وغريزية ومضيعة للوقت، وكأنها خارجة من دراما مكسيكية، فقد

: هذه هي الحياة تكررت الصرخة في نفس سيلينا مرة تلو مرة

هذه هي! ..الطبيعية الشريفة

***

Page 34: يوم مع عاهرة

33

" مع العاشق الولهان، "ثمينا

وقد بدأ الليل أضاعت سيلينا وقتا

عنوان الذي بين يديها، ذلك ودعته بعد أن سألته عن الل بالحلول،

جميع خدماته بما فيهاإليه فأشار !أن تعود للنوم عنده عارضا

فشكرته واتجهت بسرعة إلى البناء الهدف.

من نمنوم املتوحشة التي لن تتسامح أخذت تسرع في مشيتها خشية

هذه ا ملرة، وستطردها شر طردة إن كان املوعد قد فات.معها أبدا

رجل البقالية فحياها ببشاشة وكان بصحبة صبية مرت بالقرب من

لكنها تجاهلته وتابعت طريقها ذات شعر أشقر المع، جديدة، طويلة

القديم، ودقت أول باب شاهدته درجإلى البناء املقصود، صعدت ال

إذ أن الظلمة في ردهة املبنى أخفاتها.

سأل كهل من خلف الباب:

من بالباب؟ -

أجابت سيلينا:

ل ضوء املدخل لكي أستطيع -أنا يا عم، الرجاء أن تشغ

الصعود.

لعجوز الباب ولم يستطع تمييز سيلينا في الظالم، لكنه قال: فتح ا

Page 35: يوم مع عاهرة

34

الضوء معطوب، ما عندك موبايل يا عمي؟ -

احتاج إلى ضوء أكبر ألنني ألبس كعب عال ودرجات السلم -

. قديمة جدا

اهلل بال ..مية مرة قلتلكم ال تلبسوا كعب عالي يا عمي.. مية -

!ألف يمكن

، ئحمض ي وقتي مع هالختيار بالنصاأقالت سيلينا في نفسها: شو بدي

العجوز تمتمشكرته بصوت عال وتابعت صعود الدرج بحذر، لذا

وهو يغلق الباب: هللا يلعن يلي اخترع الكعب العالي! ولك شو بدن

لع تط لشو بدها تبين زرافة وهي عنزة! هيكمنو؟ وحدة هللا خلقها

حفيانة أسهل عليها.

سيليناخلعت هذا الدرج املتداعي، بعد معاناة في التوازن على و

حذائيها وأمسكتهما بيدها وصارت تصعد حافية وقد وجدت أن هذا

أسهلبال كعب أسهل بألف مرة، وقالت في نفسها: عن جد الحياة

ولو!

***

Page 36: يوم مع عاهرة

35

قصور كان يا ما فارهة في أحد قاعةوصلت نمنوم ذلك املساء إلى

وقد قيل لها أن تلبس أفضل ما عندها وتضع أغلى العطور ،كان

وتتزين بالذهب والآللئ واألملاس وتضع أطواق ،وأجمل التحف

من الرياحينك ، مل، فهي في حضرة سيد األسيادالياسمين وتاجا

د في الوحي سلطانال ،وفطحل الفطاحل سالطينال سلطانامللوك و

ليتامى اوأبو املقابروأمير ابراملنوامللقب جيولوجي !العالم ململكة

أحكم الحاكمين وأعرف العارفين وأضرب ،رجال الدين وشيخ

سيد املواطنة وعاشق الديمقراطية، ،الضاربين وأشرس الشرسين

املبتسم، الضحوك، الصبور، الرفيع، املرفوع، املنصوب، املضروب،

الجار للمجرور، وحاذف الحروف، الهامس في النسمات والنائم في

من أتقن اللفات والخفايا، من قال عن قبو ،الظلمات، أبو العطايا

ه طابق عاشر فيكون.مظلم أن

وهي تتأمل السلطان الذي يشبه أحد ن الرعبكانت نمنوم تهتز م

قول سمعته من أحد ت، وتذكر األعيان الذين نامت معهم في صباها

: )أكون أو ال أكون(، لكن كيف املثقفين الذين نامت معهم ذات ليل

)ستكون( في حضرة هذا السلطان املهيب املحاط بالزنوج والغلمان

!وأشراف القوم والخصيان

Page 37: يوم مع عاهرة

36

طويلة مليئة بالحكمة والعفة واإليمان، وقال لها نظر إليها نظرة

باطمئنان:

قوامك ساحر وطلتك أبهى من إطاللة مخازني الذهبية! -

إخفاء اضطرابها البالغ، فتابع نظرتهال لتي ا انحنت له نمنوم محاولة

إذ أنها ولدت بال بداية، وقال )نجد هذا القول في تعرف نهاية

: موسوعات أقوال العظماء(

الشعارات ،عريضالثالوث املقدس ال تكمن األهمية في -

، وتابعالعريضة والجماهير العريضة واملؤخرات العريضة

)وهو مفكر العصر(: الشعارات كائنات فراغية تطير ساهما

ها وليدة الهواء أما الجماهير واملؤخرات فتلك ،في الهواء ألن

فإن زاد عرض ،أمور واقعية حقيقية البد من مداراتها

على الجماهير املؤخرات عن الحد املعقول أصبحت وباال

الكادحة!

فصحى اأرادت نمنوم أن تتكلم فقطعها مساعدوه مستخدمين لغة

: ممنوع النبس ببنت شفة في حضرة عاميةمزعجة ألذن نمنوم ال

موالنا.

Page 38: يوم مع عاهرة

37

ه يستحيل أن تكون هناك بنت شفة فكرت نمنومفي قرارة نفسها بأن

، ألن مرآه لوحده كفيل بإفقاد أي بنت عذريتها الشريفة في حضرته

كيف إذا كانت شفة مثل شفتها تحوي نصف فمرأة شفة، التصبح

؟كون يكيلو غرام سيل

األتباع، فقال لها: نحنىموالنا رأسه فاهز

لليل التي توصل ااملكافحة يا نموم، أنت مثال املرأة الصبورة برافو

بالنهار لتنشئة جيل صالح، يعرف املرأة حق معرفة ويعي دورها في

ل نسبة معينة من املجتمع، املجتمع، وال أغالي إذ أقول أن املرأة تشك

هم فامل ،نسبة ال أتذكر مقدارها ربما نصف أو ربع أو خمس ال علينا

نذ اعتليت العرش وأنا أشدد على أهمية النساء في كل أنني وم

مناسبة، فكيف إذا كانت امرأة تقدم كل ما لديها لخدمة املجتمع!

أمام حشد من كبار "اململكة مؤخرة"لذلك سأقلدك وسام

املسؤولين واألعيان، وذلك بعد ربع ساعة!

***

Page 39: يوم مع عاهرة

38

ه سماتدقت سيلينا على الباب املطلوب ففتح رجل يبدو على

اللصوصية البالغة، فدعاها للدخول بلهجة خسيسة، انكمش قلب

ولوال معرفتها بأن ليس لديها ما تخاف عليه ،سيلينا وهي تدخل

، إال أنها لم تكن عذراء لتخاف المتنعت عن الدخول ولهربت صارخة

ذكري على عذريتها وال مرأة مصون لتخاف على سمعتها وال تحمل ماال

.في حقيبتها

وهي ترقب مضيفها اللص الذي ابتسم لها كثعلب دخلت مطمئنة

قديم، دعاها إلى الدخول إلى غرفة داخلية، ففعلت من دون أن تتكلم

ولم تكن قد ردت عليه التحية حتى!

دخلت هناك فوجدت خمسة رجال آخرين تبدو على محياهم

، رب لطيفا

ا ماإلجرام، وبدا مضيفها الذي فتح لها الباب شخصا

القابع أمام هذه الوجوه التي تعكس الشر واإلجرام ،حمامة سالم

خلفها.

أخذ قلب سيلينا يدق بشدة، وقد علمت أن هناك ما يخاف عليه

. نظرت وأبدا

وأن هنالك ما هو أسوأ من الس يء دئما

املرء دائما

بطرف عينها إلى الباب فوجدت مضيفها يسده بابتسامة نكراء، أما

Page 40: يوم مع عاهرة

39

ر من أعينهم، الرجام ابتسمت لهل الخمسة فقد كانت الشهوة تقط

وقالت:ابتسامة جوفاء

عديمون، كان هللا بعونكم! هل تودون أن أتصل أيها ال -

بصديقة أو صديقتين أو ثالثة أو أربعة ليوافوا شبقكم

الرهيب هذا؟

كالمها صاح أحدهم بصوت أقرب إلى منشرة خشب : متجاهال

انظروا إلى هذه االنحناءات! يا ويلتاه.. -

عم ضجيجهم املكان فصارت تسمع عبارات من هنا وهناك، ومنها:

كان هللا بعونك وحدك، صديقتين تالتة!، أنت تكفي وتوفي..

وتداخلت العبارات واأليدي املمتدة إليها، فتخلصت منها بحركة

نبطحوهي تخلع ثيابها فا ،خاطفة وأخذت ترقص رقصة خالعية

في عيونهم، فقالت بصوت عال الرغبةاملعتوهون وقد تأجتت نيران

راقص مثل جسمها امللتوي:

يال.. معي جهاز يحقق األمنيات حتى اذا لم يقلها صاحبها -

بصوت عال.. كل واحد يقول أمنيته بقلبه أو بشكل مباشر

لنشوف.

Page 41: يوم مع عاهرة

40

من سخافة هذه العاهرة وقد ظنوا أنها تعني باالختراع ضحكوا جميعا

: عضوها ، فقال أحدهم ساخرا

أمنيتي أن أنكح كل الثقوب في العالم، وهذه ليست أمنية -

بقدر ما هي نظرية اسمها ملء الثقوب!

وقد عادت أيديهم لدعك جسد سيلينا بخشونة بالغة، وقال قهقوا،

ثاني بسخرية أشد:

أمنيتك مستجابة يا صديقي، أما أنا فأمنيتي قطع الطرق -

أمام األثرياء وسرقة الثياب الداخلية لنسائهم! وال أعرف

إذ أنني سرقت الكثير من ،طريقة أهينهم فيها غير تلك

أموالهم وذهبهم دون أن يهتز لهم جفن!

عضوه من ، وهو رجل قوي ضخم،ضحكوا فيما انتزع أحدهم

ضو عسرواله وألصقه ب سيلينا التي أصبحت ضحية

ين ب طرية

أجساد هذه الوحوش، وقال هذا الرجل ضحكة

ضاحكا

: خبيثة

طاملا أن عضوي يالمس اختراع إن -أمنيتي ستتحقق حتما

أو ما ضاجع وزراء اململكة أن أأمنيتي صديقتنا العظيم،

!تيسر منهم فردا

فردا

Page 42: يوم مع عاهرة

41

، فقال الرابع: ضحكوا بصوت عال جدا

ل، حيث والبط املرسيدسحبيباتي أمنياتكم تذكرني بفيلم -

مرسيدس عابرة في الطريق سيارته،تمنى البطل أن تصبح

دما عن سيدة مجتمعفصارت كما تمنى على الفور وعشقته

ووقعت في غرامه حتى املوت!، يقودهارأته

سألوه:

وما هي أمنيتك أيها الواقعي؟ -

كون أنا البطل!اللعنة وماذا ستكون؟ أتمنى أن أ -

فتصاعدت أصوات القهقهة، فيما قال الخامس:

حلمي وأمنيتي أن أضاجع مونيكا لونسكي، يا إلهي ما أجمل -

لحمها األبيض وما أطرى سيقانها أنا أحسد بيل كلينتون إلى

حد املوت على هذه الضربة املوفقة!

: وهم يلكزوه ويدفعونه ممازحين صاحوا

هيه يا زملة! القصة من التسعينات وأنت لسا تحلم بها، على -

األغلب أنها قد تقاعدت من السكس!

: مضيف سيليناجلب زجاجات فودكا ووزعها عليهم وقال منتشيا

Page 43: يوم مع عاهرة

42

من الفودكا، وأن يكون معي سعر الزجاجة أمنيتي أن أموت -

! األخيرة طبعا

لينا العبث بسيصاروا يضحكون بهستيريا واضحة، وقد توقفوا عن

وهي ،املرهقة من األيدي املتوحشة وقد جرت الدموع على عينيها

تتمنى بدورها أن تنتهي من حياة الذل والقذارة هذه وأن تحيا حياة

ما قد حدث فتوقف الجمع عن فسقهم! طبيعية، لكن شيئا

ثم حشرج وسقط على واحدة

ابتلع مضيفها زجاجة الفودكا دفعة

هامد، تلمسه الجميع وتفحص أكبرهم عيونه وقال األرض جثة

ة

برعب: لقد مات.. لقد مات..

لبسوا الثياب التي كانوا قد خلعوها بسرعة شديدة وسط فوض ى

هربوا بأسرع ما يمكن من الشقة تناول كل منهم سالحه و و ،عارمة

املنكوبة.

ولفرة تها ورقة مالية صغيتتفحصت سيلينا الرجل فوجدته ميتا

!لعهاابتمنبثقة من جيبه فنظرت إليها وإذ بها سعر الزجاجة التي

***

Page 44: يوم مع عاهرة

43

ركض الرجال الخمسة مثل املخابيل وصاروا يقفزون على الدرج

يلينا ولحقتهم س متسابقين للخروج من املبنى املشؤوم، املتهالك

، وقال في الخائفة، فسهنفانكمش العجوز في الطابق األرض ي رعبا

ه هو املستهدف: يا ربي.. أنا ختيار عايف التنكة يروحوا وقد ظن أن

يشوفوا ش ي قافلة سيارات فخمة يسرقوها!

وحال خروج أولهم من املبنى ركض في الشارع، ففوجئ بقافلة مكونة

، فضغط سائق أول من أفخم طراز من ثالث سيارات مرسيدس

نون الذي يقطع الشارعسيارة بشدة على الفرامل لكي ال يدهس املج

لكن صادم السيارة اصطدم بشكل ،املظلم بهذا الشكل الهستيري

ماعنيف واصطدم رأسه ،بالرجل الذي سقط على األرض نوعا

بشدة.بأسفلت الطريق

غضب املجرمون بشدة من هذا االعتداء األحمق على صاحبهم،

عن الغضب مضيفصديقهم الذي يغلي في أنفسهم على فضال

بينما بدا أن سيلينا، فهجموا بسالحهم على السيارات الثالث

فاختلط األمر في جراء الصدمة، صاحبهم املصدوم قد فقد عقله

دماغه الذي لم تفارقه الرغبة الجنسية الناتجة عن حركات سيلينا،

Page 45: يوم مع عاهرة

44

وهو يصيح بهبل: ملء الثقوب.. ملء ،فقفز ينكح كل ثقب في املكان

الثقوب!

كما يبدو من ،مي ركاب السياراتير الثانيأخذ امليسورين جدا

بعنف على األرض ويسرع إلى نسائهم ويمزق ثيابهن ،بذالتهم الثمينة

بعد تبهمجية ثم يحتفظ بثيابهن الداخلية في جيوبه التي امتألت ماما

عندما شاهد تتعريته نساء آخر سيارة، وكادعيونه تنطق فرحة

األثرياء! اإلهانة تشع من عيون أزواجهن

بتفتيش جيوبهم، نظر إلى أحدهم ثم فقد انشغل القوي الضخمأما

أضاء موبايله ووجهه إلى وجوه السادة املرمين على األرض الواحد تلو

: إنهم وزراء اململكة.. الحمد للرب إنهم وزراء اآلخر ثم صاح مبتهجا

ثم مزق سراويلهم وشرع بمضاجعتهم بجنون فأغمي على اململكة..

الوزراء، الوزراء من هول األمر، فصاح بجنون بينما يحاول مخاطبا

رفاقه املرعوبين إيقافه عن فعلته الشنيعة تلك:

، فقد ضاجعتم الناس عقود - ال تذهبوا بغيبوبة سريعا

مهال

ا

ولم يغمى عليهم! طويلة

ده عنهم إال بعد أن انتهى من آخرهم، والذي ولم يستطع رفاقه إبعا

ة رسالة، فمد أحديده وانتزعه من جيب املجرمين رن موبايله رن

Page 46: يوم مع عاهرة

45

بها: تقول من أنثى تدعى اللونسكية! بنطاله املمزق وإذ بها رسالة

–في فندق هاي سكاي العاشرةحبيبي أنا بانتظارك في الساعة

حبيبتك مونيكا لونسكي!

رات وهو يعيد الرسالة م أشعت عينا املجرم املونيكي باإلثارة والبهجة

قفز إلى مرسيدس ولكي ال يضيع دقيقة ومرات وهو غير مصدق،

ه اله تذكر أن

لينطلق بها نحو الفندق الواقع في بلدة قريبة، إال أن

: دخيل ربكم.. حدا يجي ياخدني يعرف قيادة السيارات،فصاح يائسا

وياخد املرسيدس إلى األبد.. راخمادة لبلد

على صهوة املرسيدس وانطلق بصديقه "البطلصديقه " قفز

، فأوصله بغضون ربع ساعة إلى أمام الفندق املذكور، مسرعا

، خروج شقراء ساحرة من الفندق فالتقت وصادف نزول املونيكي

عيناها بعيني البطل ونظرت بإعجاب إلى سيارته الالمعة التي ال يملك

منها سوى وزراء اململكة، فصعدت معه من دون كالم وحاملا نظرت

إلى عينيه الشريرتين شعرت بعاصفة وله تجتاحها فأسلمت نفسها

هيب: انطلق يا ألحضانه، ثم جلست على ساقيه، وصاحت بغنج ر

حبيبي.. انطلق!

Page 47: يوم مع عاهرة

46

فانطلق البطل بسرعة شديدة، من دون أن ينظر في املرآة أو إلى

يساره، فاصطدم بانطالقه الهمجي بشاحنة كبيرة، ووسط دمائه

حاول تحريك العاشقة فوجدها جثة هامدة وقد قد شق املعدن

يغمى عليه.رأسها، فصاح صيحة يأس قبل أن

***

Page 48: يوم مع عاهرة

47

سيلينا بسبب توغلها في غابة قريبة، وكان الرعب قد ارتسم ضاعت

دقت صغيرا

على وجهها ذي التقاطيع الجميلة، وعندما وجدت منزال

بابه بعنف وهي تطلب النجدة.

فتحت الباب سيدة في الخمسينات، وأدخلتها وأجلستها على كرس ي

لتتنفس وتحكي لها ماذا حصل لها.

: فكذبت سيلينا قائلة

كنت ذاهبة إلى منزلي حين خطفني شباب سكارى، لقد -

وحاولوا اغتصابي لكنني هربت منهم بأعجوبة.

بة بخطعرفت سيلينا أن السيدة من النوع املتدين، إذ أنها بدأت

طويلة تناولت فيها مآل الزوجة التي ت

كيف للشهوات، و ام نفسهسل

ه تحفظو بما خصته لكي تحافظ عليه الزوجةأن اآللهة قد خصت

م مما ال داعي لترديده هنا، ث النصح الدينية كالملزوجها والكثير من

لتسأل سيلينا: بعد ربع ساعة من الوعظ الزوجي توقفت السيدة

هل أنت متزوجة؟ وأين كان زوجك؟ ولم تخرجين في الليل؟ -

وكيف يسمح لك؟

: تابعت سيلينا كاذبة

Page 49: يوم مع عاهرة

48

أنا أرملة وقد توفي زوجي بحادث دراجة نارية منذ سنوات، -

ي لم سأخبرك أننتتعبي نفسك باملزيد من األسئلة ولكي ال

ه كان قاس ي القلب، شره أنجب منه و لم أحزن عليه إذ أن

ار، مخادع، يحب الشقراوات وأنا للنساء، غشاش، مك

!سمراء كما ترين، سكير، بخيل، سمج، فضولي، وغيور كثيرا

تنهدت السيدة تنهيدة طويلة وغريبة وقالت:

آه من الرجال.. هذه هي صفاتهم جميعهم، كلهم هكذا وحين -

إال أبي وأخوتيني ال أستثني أحدا

هم ففي ،أقول كلهم فإن

وحب الزوجة ،الشهامةاألخالق و تجدين الكرم والكرامة و

والكبرياء والعشق األبدي ،واإلخالص والصدق والوفاء

رم والك ،ن واالطمئنان واللطافة والدماثة والبشاشةوالحنا

الشهامة وحب الزو...األخالق و والكرامة و

قاطعتها سيلينا:

تعيدين الصفات! هيه.. يا سيدتي فهمت املوضوع وأنت -

: قالت السيدة محتجة

وهللا إذا كررت صفاتهم طيلة حياتي لن أوفيها حقها! -

Page 50: يوم مع عاهرة

49

سيجن جنونه لرؤية هذه الصبية ثم تذكرت أن زوجها الذي يستحم

ك ،السمراء الجميلةوهو الذي لطاملا كرر في مسامعها: بس لو أن

سمراء يا نينا!

وقد تمنت في داخلها أن تسارع هذه الزائرة بمغادرة البيت ،فارتبكت

.من الحمام قبل خروج زوجها

في بيته فقد أنهى حمامه مثيرا

أنثويا

أما الزوج الذي سمع صوتا

سه ، وهو يتمنى في نفبسرعة، وصار يسابق الزمن في ارتداء مالبسه

مثل صوتها. أن تكون صاحبة هذا الصوت األخاذ رائعة

، وقد أرادت الهرب من لسان وقفت سيلينا بعد أن ارتاحت قليال

إذ ،السيدة السليط والتي ال يضاهيها ش يء في قلة ذوقها بل انعدامه

تتوقف عن طرح األسئلة مهي لو ،حتىأنها لم تجلب لها كأس ماء

البغيضة وتكرار األحاديث املنقولة عن رجال الدين فيما يخص

الزوجة، لذلك استأذنت بأدب، ففتحت السيدة الباب واجبات

وقالت لها وسط ذهول سيلينا:

بالسالمة، هللا معك، احذري الظالم، فجارتنا قد انزلقت -

األسبوع املاض ي وانكسر حوضها!

Page 51: يوم مع عاهرة

50

ا سمعت سيلينا صوت زوجها يسأل زوجته عن الضيفة، وعندم

، فتابعت سيلينا بوجه سيلينا سارعت السيدة إلى إغالق الباب

ه ضوء الشارع لكنها لم تمش طريقها باتجاه ضوء بعيد وقد قدرت أن

يلهث خلفها، فتوقف وقد تسلل الخوف إلى حتى شاهدت رجال

كثيرا

: قلبها، لكنه طمأنها قائال

زوج السيدة املعتوهة، آسف لتعامل زوجتي الناشف أنا -

علي لذلك اسمحي لي أن أدلك على معك وهي تغار كثيرا

الطريق الرئيس ي.

: وقد أرادت التنصل منه قالت سيلينا

يا عم، الطريق الرئيس ي واضح من الضوء األصفر -شكرا

لك. الذي يميز انارته، شكرا

وقال في نفسه: آه لو أننلتكمل طريقها، فتأوه الر استدارت ي جل حزنا

بغل تركبني هذه السمراء الفاتنة!

ولم تمض ثواني على هذه األمنية حتى صاحت سيلينا صيحة ألم،

يتألم أكثر منها: فركض إليها وهو

ما الذي أصابك يا سمراء يا فاتنة؟ -

Page 52: يوم مع عاهرة

51

لقد التوى كاحلي! -

رأسه بين ساقيها!حملها على كتفيهترات ثم مش ى بها كيلوم ، واضعا

ه بالرغم من وجود قصدمنزل أشهر طبيب في املنطقة، وقد نحو

عندما إبعاد املسافة، و الكثيرين قبله على الطريق لكن كانت غايته

وجد سيارة رئيس مجلس البلدات املوحد هناك، ، وصل إلى املنزل

ه لم يدفع ضريبفوضعها ع إذ أن

ةلى الباب وهرب من املسؤول خائفا

منذ سنوات.للبلدية

***

Page 53: يوم مع عاهرة

52

دقت سيلينا الباب، ففتحت الباب خادمة آسيوية، وعندما رأت

بلوغ الصالون.على مشيتها املتعثرة ساعدتها

جلس في الصالون ثالث سيدات رفيعات املستوى، وهن زوجة

،الطبيب وزوجة رئيس مجلس البلديات وزوجة كبير أثرياء املنطقة

وقد ذهلت السيدات املبجالت عند رؤية سيلينا املرهقة التي يبدو

عليها أثار معاناة وصراع ما فسألنها بقلق، وهن يتفرسن بجسدها

يب:وكعبها العالي امله وتنورتها الرائعة القصيرة املتناسقاملثير

خير؟ ما الذي حصل؟ هل هو حادث؟ -

في فنزلتاي.. حادث سيارة ولكنني كنت في املقعد الخل -

بسرعة فالتوى كاحلي؟

سألنها ليعرفن مستوى سيلينا املادي:

ما نوع السيارة؟ -

ال أعرف النوع بالضبط كل ما أعرفه أنها سيارة مرسيدس -

من النوع الذي يركبه الوزراء!

من تناسق جسد سيلينا وجمالها ،اغتاظت السيدات من كل ش يء

لسياراتها املنكوبة وال تريد الفائق وغناها الواضح، إذ أنها ال تلق باال

Page 54: يوم مع عاهرة

53

أن تعرف نوعها حتى وهذا دليل غنى فاحش، وصاحت زوجة الطبيب

شوف يفي أعماقها: زوجي الدب الحق السيارات اليابانية متل األهبل..

ع ا صارت اليابان بتعرف تصن العالم وين صارت؟ ولك بدي أفهم ايمت

)يبدو أن ثقافة الزوجة !سيارات لسا مبارحة كانوا عم يبيعوا موز

( 1الواسعة قد جعلتها تخطئ بين اليابان والفلبين

ن ما تفكر به مبأما زوجة رئيس مجلس البلديات، فقد كادت تنطق

سخطها على زوجها الذي يصر على الظهور بمظهر بعيد عن الثراء

في مدنالفاحش لكي يبعد عنه الشبهات بالرغم من أن الرضيع

ه يوبلدات املنطقة متلك ثروات وأراض ي وعقارات تكفي يعرف أن

ها، وقالت في نفسها: الفيال تبعنا والسيارات ال تعبر سكان القارة كل

ثيل وحاجة تم وفق حقيقة ثروتنا . عليه أن يتصرف.. أن يتصرفعنا.

بالنزاهة واالستقامة!

زوجة كبير األثرياء النظر أكثر من زميالتها إلى جسد سيلينا وأمعنت

ر منها، هاملتناسق والجميل، ثم أخذت تقارنمع نفسها والغيط يقط

: زوجي الحيوان.. بدل ما يلحق النسوان بالس وقالت في نفسها حانقة

فيغاس وبانكوك يروح يعملي عمليات تجميل بأفخم مشافي جامعات

الفلبين الترتيب الخامس عالميا بإنتاج الموز تحتل 1

Page 55: يوم مع عاهرة

54

م عاختصر على زوجي سفراته، و العالم وبأحدث التقنيات ووقتا رحل

شايفة حالها معنى الجسد هاملغرورة النسوان الكوكب ومنهن

!املتناسق

***

Page 56: يوم مع عاهرة

55

على مستوى القمة لتكريم استنفرت السلطنة لكي تعقد اجتماعا

السيدة الجليلة نمنوم، فتم طلب الوزراء ليكونوا حاضرين خالل

عشر دقائق وكبار املسؤولين واألعيان، فحضر من ذكرناهم في بداية

باإلضافة إلى الوزراء الذين لم يكونوا في الحادثة املذكورة الحكاية

ه قد حزم املسؤول الكبير "مربع"، حيث وقف آنفا

الذي يبدو أن

واملسؤول الحزبي عضوه حول كرشه إلخفاء حجمه الضخم،

الذي لم يعد يلفظ أي كلمة فيها حرف حاء، "عبود نضالالخطير "

جة الذي أصابه الحول نتي وكبير املثقفين والشعراء "مثقب الغرازة"

وكبير الكهنة "عبد الزعقة" ،مكتبهكثرة الحسناوات وازدحامهن في

إلنهاء التكريم للعودة إلى حضن زوجته الرائعة الذي بدا مستعجال

بجانب ومعهم الوزراء واألعيان ،وزالت عنه عالمات الورع والتقوى

، وبدا للمشاهد أنهم جزء من جاللتهوتماثيل كبيرة لمهيبة صور

نها مة وسلطاديكور الصالة بوجوههم املتطلعة بتوق إلى عظيم األ

لكل حركة يأتي بها ومباركة

القائد، وكانوا يهزون رؤوسهم موافقة

وهم على ثقة تامة بأن كل حركة يقوم بها حتى عندما يحك مؤخرته،

فيها خير عميم لألمة، وإن قام بحركة سخيفة لهي تكتيك عبقري

إللهاء العدو وإفشال جهود خبرائه في دراسة حركات عظيم األمم.

Page 57: يوم مع عاهرة

56

السلطان املبجل إلى ساعته فوجد أن ربع ساعة قد انقض ى دون نظر

واتجه إلى من الغضب، أن يحضر جميع وزراء اململكة، فطار عقله

صفعه صفعة رن صوتها على بعد أميال، أقرب مسؤول قريب منه و

بحياته فحياهم ببشاشة إلى أن أتى أحد وافصفق الحضور وهتف

، ووجم معه حراسه األشداء وهمس في أذنه بكلمات سريعة فوجم

الصخر والحجر وخسف القمر ويبس الشجر، كيف ال؟ وهو

وكهرباء املعامل ونفط السيارات يخضور النباتات ودم الحيوانات

ومني الخص ى وبيض املهابل!

سافر على الوزراء املتجهين إلى كان ذلك الخبر هو خبر االعتداء ال

التكريم، لكنه، ولحكمته الشديدة فقد أمر بمتابعة التكريم ألن من

قام باالعتداء الكافر يهدف إلى التشويش على هذا التكريم الهام،

دوتشويه صورة السلطان املجتمعية، فأتم مراسم التكريم وقل

بة دخلت فيلقى كلمة مقتضنمنوم وسام مؤخرة اململكة بعد أن أ

الطبعة الجديدة لكتب التربية العائلية، ومن أهم ما جاء فيها:

على العدالة في التربية اآلن وفي كل آن، وأشدد ،شددت لطاملا "

العائلية لعدة أسباب، منها أسباب كثيرة وأخرى قليلة، لكن تلك

هللا ة، فاألخالق تنبع من معرفةليقليلة التي يهملها الناس هي األصال

Page 58: يوم مع عاهرة

57

له ومحبة الوطن، كما ينبع الدم من جرح ال يترك

صاحبه فرصة

.لالندمال!"

ه ظل للمرأة ما هو إال املرأة نفسها، لها، ونحن نستظل بظ"ما بدا لنا أن

ز بين املرأة وظلها، ف نا إذا كانت املرأة ظل فإننا لسلكن علينا أن نمي

وظلها حينئذ إلى الجحيم!" ولتذهب هيبحاجة إليها من األساس،

من التأثر خالل التكريم، وألقت كلمة بسيطة بكت نمنوم كثيرا

اختلطت فيها الكلمات بالدموع، شكرت فيها سلطان السالطين

كلمتها: جاء فيودولته املصون، ومما

م ، أنا لألي امرأة إننا نعيش في عصر السلطان العظيم، وهذا كاف "

اء نسلوال حكمته ومكرمته في السماح لي وللأكن ألكون ما كنت

ستذكر حكاية الدراقة أ أقف اآلن أمامكم وأنا .األخريات بأن نكون

مثل عظيمنا، والتي مات دودها ونضجت األجزاء التي قطفها عظيم

، كله بسبب لذيذا

غير الناضجة منها، وزالت بذرتها واستحالت شحما

رة املختارة".يده القاطفة املعطاءة وقبضته الخي

***

Page 59: يوم مع عاهرة

58

طلبت زوجة الطبيب من الخادمة اآلسيوية أن تخبر الطبيب بوضع

سيلينا ملعالجتها أو إرسالها إلى طبيب آخر.

ا، حيث استندت عليها وقد بدأت صعدت الخادمة ومعها سيلين

وتمنت أن تكون اإلصابة طفيفة. ،باأللم تشعر

ه ضيفيه، دخلت الخادمة إلى القاعة حيث يجلس الطبيب ومع

فدخلت ،فسمعت سيلينا وسط ذهولها صفعات وبكاء الخادمة

وجدت الطبيب يصفع الخادمة بسبب مقاطعة ،القاعة مهتاجة

اجتماع األعمال الذي يقوم به، فقد كان الثالثة يتفقون على

مال جمشاريع في القطاع الصحي، لكنه وفور رؤيته استثمارات و

ها وقال ل ،بحنان وعاطفة بالغةصاحبتنا، توقف واحتضن الخادمة

إياها بـ "خدومتي": بمحبة غامرة مدلعا

، ف آسف يا خدومتي! -حالة صحية حرجة هذه معك حق تماما

! يجب عالجها فورا

أن البارعاندهشت الخادمة إذ أنها لم تعرف كيف عرف الطبيب

ولهذا ،حتى! لعله ال هي وال ساقها سيلينا مصابة من دون أن تتحرك

.عةوسمعته الطبية الناص قد نال شهرته الفائقة بالضبط، السبب

***

Page 60: يوم مع عاهرة

59

شهير، نزلية للطبيب الاملعيادة النقلها الرجال الثالثة على الفور إلى

بينما أخذت زوجاتهن تتحدثن عنها ولم تجدن عزاء ألنفسهن إال

وأن مشيتها تشبه مشية بطة عرجاء، وصفها بأن جمالها عادي جدا

قد تجاهلن اصابتها، وقالت زوجة الطبيب: و

الرجال جميعهم يحبون الصدر الكبير وصدرها صغير! -

وعقبت زوجة رئيس مجلس البلديات:

لشكل الالزم وأغلب الظن مؤخرتها ليست نصف كروية با -

إلعطائه مؤخرتها هذا محارم في جيب بنطالها أنها تضع

! )تناسين أنها تلبس تنورة(.الشكل املغري

: أما زوجة كبير األثرياء، فقالت ساخرة

سمها ج نقعمساحيق التجميل التي تولوال ،يكفي أنها سمراء -

ن أنها م شعرت بها لظهر لونها الطبيعي األسود! ال أدري لم

أصل زنجي!

وفي تلك األثناء دق باب املنزل الفخم بعنف، فهرعت الخادمة لفتح

الباب وعادت وهي تستغيث:

Page 61: يوم مع عاهرة

60

سيدتي.. إنهم يحملون جريح مصاب بعيارات نارية سيدتي.. -

وال وفي حال، وهم يقولون أنهم فقراء جدا

خطرة جدا

يملكون أجرة نقله إلى مستشفى املدينة.

سألتها زوجة الطبيب:

هل ينزف؟ -

ه ينزف بشد - ة..إن

أغلقياعتذري منهم و !ال تدعيه يدخل، سيلوث دمه املنزل -

أنفسهم حتى يلطخوا أرض منزلي الباب بوجههم، من يظنون

الفقراء؟ اءبدم

وافقتها صديقتها، وقد استنكرت زوجة رئيس البلديات هذا التصرف

الشائن منهم:

يظنون يا إلهي الفظاعة! قال فقراء على من يضحكون آه؟ -

أننا سنصدق أن هناك من ال يملك اجرة استئجار سيارة أو

سائق ملسافة عشرات الكيلومترات ليصل إلى املدينة؟

نات في الحا يقتنون السالح أو يتصنعون الفقر وتجدينهم

يرمون كومات األموال لقاء الحصول على الكحول

.والعاهرات

Page 62: يوم مع عاهرة

61

زوجة كبير األثرياء هذه الفكرة بقولها:وأكدت

نحن الفقراء الحقيقيون - عندماأصال

نظن أن هناك ، خاصة

ين ورن فقراء ال يشبعون الخبز بينما تفوح روائح الشواء

من أحيائهم! ليرات الذهب

الحالة اهدت بعينهالم تستطع الخادمة احتمال املزيد وقد ش

املفجعة للشاب ومسعفيه، فصعدت الدرج بهيستيريا لتخبر الطبيب

البارع وهو العارف بالحاالت الحرجة من بعيد، ولحقت بها زوجة

الطبيب وهي تشتمها بأفظع الشتائم.

***

Page 63: يوم مع عاهرة

62

"الشريفة"، طلب فور جاللتهانتهى تكريم نمنوم من قبل بعد أن ا

بهرولة عسكرية صحيحة مائة وزير التسليح والتشليح، الذي قدم

:السلطان باملائة فأثنى على انضباطه، لكنه قال عابسا

لدحر املتآمرين على املرسيدس -ية، الوطن اتسنتحرك فورا

سحق علينا، لذا عليك فورا

فهم يعتدون على وزرائنا وغدا

ومحق جميع من أعد وخطط وشارك ونفذ وشاهد هذه

الجريمة البشعة، بعد أن يتم التحقيق معهم وعندما أقول

جميع فإنني أقصد بها الجميع، من بشر وحجر وشجر

ليلة لا توحيوانات برية وغير برية وكائنات مجهرية، وإذا كان

قمراء أريد أن يكتب إعالمنا أنها ظلماء، فوسائل إعالم

لتنقل الحقيقة املزيفة على شاشاتها. العدو لن تدخر جهدا

أدى الوزير التحية على أصولها، فأثنى السلطان عليه، وطلب منه

:فتح ورقة كانت في يده وقرأهاف بيان العملية الغادرة

مشؤوم وساعة نحس، كانفي مسلطان الزمان واملكان، سيدي

قامت مجموعة صعاليك غادرة بمهاجمة مجموعة من وزراء اململكة،

وهي ملجموعة مشهود لها بأنها مخلصة ساهرة، فتم إهانة زوجاتهن

العفيفات الطاهرات العذراوات! واغتصاب الوزراء املغدورين فردا

، وسرقة مرسيدساتهم الستخدامها في أغراض معادية فردا

Page 64: يوم مع عاهرة

63

هات سيادتكم بأن القيادة فن وذوق وأخالق، والقيادة منهم براء لتوجي

س ي وتعدكم بالرد القا فخامتكميا سيدي، وتنتظر وزارتي تعليمات

على من تجرأ وامتدت يده إلى هيبة اململكة.

قالم ثأثنى السلطان على حسن قراءة البيان وبالغة لسان وزيره، و

ه انبهار بنفسه وكل

: الذاتي بذكائهمتفاخرا

قبض على الجناة وسحقهم إلى هل تعرف لم أجلت قراري بال -

بعد التكريم بالرغم من خطورة املوقف الشديدة؟

بذكاء السلطان قبل هز الوزير رأسه بالنفي وقد أعده للهز إعجابا

أن يسمع إجابته حتى، فقال السلطان وبريق الفخر يلمع في عينيه:

لكي أفاجئهم! فهم يتوقعون رد فعل سريع بأن أسحقهم -

وأمحقهم بينما قمت بمباغتتهم، فقمت بإتمام التكريم وهذه

هزيمة لهم ولغاياتهم ومن ثم أمرت بسحقهم بعد أن يكونوا

قد ظنوا أنني تركتهم لضعف أو المباالة!

، وأدى التل التي أعد اإلعجاب العظيم ةهز الوزير بقام ية حها مسبقا

على حركته العسكرية السلطان للسلطان العبقري، فأثنى

حسب تعليمات هومن ثم انطلق الوزير لتوجيه عناصر ،الصحيحة

.جاللته

***

Page 65: يوم مع عاهرة

64

تمددت سيلينا على كرس ي الفحص، وبدأ الطبيب بعالجها على الفور

وهي تنزلها: فرفع تنورتها، فقالت مستاءة

مشكلتي تحت أيها الطبيب البارع، لكن مشكلتك أنت في -

عنوان كرتي وفيه الوسط، إذا أردت أن تحلها سأعطيك

تمض ي به أجمل األوقات، أما اآلن فأود أن تحل مشكلتي

ألستطيع التفرغ ملشكلتك على رواق!

على عالجها أشرق الطبيب وهو يسمع هذا الكالم فزاده اصرارا

،اقها مكان اإلصابة لكنها أحست بأمر غريب فأخذ يتلمس س ،بسرعة

يملك يدين أي كفين فكيف يتلمس ساقها إذ أن الطبيب منطقيا

بأكثر من ثالث أيادي! رفعت رأسها فشاهدت املعتوهين الثالثة

وقالت: يفركون ساقها، فعدلت من وضعيتها غاضبة

كم زبالة، أو دعوني أصحح أنتم أول حرفين منها! -أعرف أن

هناك أماكن مخصصة لشبقكم األثرياء ن أيها الداعرونلك

هذا فلم تنتظرون مصابة لكي تظهرون بهذا املظهر الغبي

أمامها؟

: قال الطبيب متلعثما

Page 66: يوم مع عاهرة

65

ك قد أسأت فهمنا فأنا أسمح لهؤالء -عفوك سيدتي يبدو أن

السادة املهتمين بالطب بمعاينة وجس أي مصاب في مكان

وهذه مبادرة مني لنشر علوم الطب ،إصابته مهما كان نوعها

وتستطيعي التأكد منهم بنفسك من صحة نوتنفيذها مجانا

ما قلت.

وقبل أن تتحرك سيلينا املشمئزة من عهر املجتمع وأعيانه لتغادر

املكان املقرف، فتحت الخادمة الباب وصاحت:

ل على باب املنز يا حكيم يا حكيم.. هناك مصاب ينزف بشدة -

!قبل أن يصفي دمه ويموت أرجوك أسرع

إليها الطبيب ركض وقال: وصفعها بشدة مغتاظا

يا قحبة، عندما تحين ساعته لن يرده ش يء عنها! -

ي ه ووصلت إليها زوجته وأخذت تكيل لها باللكمات والصفعات

إيمان زوجها بقولها: األخرى مؤكدة

فيكف إذا كانت ساعته أصلية؟ -

األلم وهي تكرر أنها لم تلمح ساعة في يد بكت الخادمة اآلسيوية من

الشاب!

Page 67: يوم مع عاهرة

66

: انفجرت سيلينا غاضبة

وأنتم أيها السادة املنحطون الداعرون اتركوها يا حيوانات! -

تفضلوا واجلبوا املصاب بسرعة إلى هنا لجس مكان النزف!

أم أن اختصاصكم سيقان النسوان فقط؟

ما قالته سيلينا، فتركت الخادمة عند سماعها وجمت زوجة الطبيب

وسألتها:

ماذا فعلوا معك؟ -

لالنتقام منهملتها ، وقد مدت يدها إلى حقيبتها وناو قالت سيلينا كاذبة

: كرتها

عفوك سيدتي، أنا مجرد عاهرة وقد اتفقت مع هؤالء -

مقابل السادة على دخول منزلكم ليتم مضاجعتي جماعيا

يركبها الوزراء، لقد كذبت سيارة مرسيدس مثل تلك التي

عليكن لكي أقوم بعملي، فأنا مثلي مثل أي عامل أو عاملة

إلثارةيأمره املدير بأوامره فيأتمر ويعمل.. آسفة مجددا

! سعيدة

الفوض ى في منزلكم الداعر هذا وأتمنى لكم أوقاتا

وجاهدت إلخفاء أملها وهي تمش ي بشكل صحيح ،ثم ابتسمت سيلينا

لتثبت للزوجة املأنها سليمة وأن إصابتها كانت مجرد صعوقةتماما

سامة عاهرة ابت األخريينتمثيلية، ثم نزلت الدرج وابتسمت للزوجتين

منهما كرتها محترفةظر هالها منفتحت الباب ف. بعد أن ناولت كال

Page 68: يوم مع عاهرة

67

بعد أن انتبهت فقالت للمسعفين بشدة، الشاب والدماء النازفة

: لفقر حالهم من لباسهم ووجوههم الغائرة الجائعة

- ا هذ ..اللعنة! ماذا تنتظرون خذوه إلى مشفى املدينة فورا

الطبيب ساقط وليس لديه ذرة شرف.

وسبقتهم دموع ،على وجوههم رارة الشديدةظهرت الخيبة وامل

بأجرة عليهم الشرفاء فيمنينبثق أحد وقد تمنى بعضهم لو العجز،

سائق أن يتبرع ونآخر وتمنى نقل مصابهم النازف إلى مشفى املدينة

. شهم بنقله مجانا

! معطرا

كبيرا

ووسط ذهولهم، فتحت سيلينا حقيبتها وناولتهم مبلغا

إلى الدماء املتدفقة وصاحبها الغائب وقالت لهم وهي تنظر مهتاجة

عن وعيه:

.بسرعة. .. باليال -

ثم تحركت سيلينا بسرعة إلى الطريق وأشرت ألول سيارة، وكان

الشاب سائقها كثيرا

فقفز كله على الفرامل إليقاف سيارته ،مسرعا

ي متر، فرجع بسرعة لك من سيلينا لكنه توقف بعدها بمائة قريبا

Page 69: يوم مع عاهرة

68

ذا وهو يمني نفسه بالتمتع به يتأكد من جمال الصبية التي أوقفته

!ولو عبر املرآةالجسد املتناسق

ثم التقطت ترجته سيلينا: أرجوك يا صديقي بل أتوسل إليك،

ع اسم :وهي على وشك اإلغماء بسبب منظر الدماءوقالت ،أنفاسها

هذا كرتي وأنا مستعدة لتقديم ليلة بسعر مخفض لك إن أسعفت

هيا أرجوك! هذا الشاب بأقص ى سرعة ملشفى املدينة!

، بل تناول الكرت ووضعه في جيبه ةبحركلم يفكر الشاب أبدا

وطار ،حمل الشاب ووضعه في املقعد الخلفي خالل ثواني،و سريعة؛

!رافقهييركب معه ل أقاربه بأن من به دون أن يلحق أحد

وقالت: معقولة هذا الشاب ،وقفت سيلينا والدهشة تكاد تصرعها

مة لهذا الحد؟ أم أن العرض مثير للشها ؟شهم جدا

ه شهم، وإال كان قرأ الكرت وتأكد منه أوال

أخذت تقنع نفسها بأن

،كانت بأشد الحاجة لالقتناع بأن هناك ثمة شرف وتكلم معها ثانيا

!املنحلوشرفاء في هذا العالم

وفي تلك األثناء، تناهى إلى سمعها صياح الزوجات وأصوات تحطيم

معت وسالسادة الداعرين، فاقتربت من الباب املفتوح واستغاثات

Page 70: يوم مع عاهرة

69

ن في حال توفقن ع يعدون نساءهم بتنفيذ كل ما يرغبن به السادة

ومن ثم سمعت أصوات أحاديث ،الصياح والتحطيم، فساد صمت

مساملة وعندما اقتربت األصوات من الباب تحركت سيلينا واختبأت

ركبان سيارتهما خلف شجيرات قريبة، فرأت الطبيب وزوجته ي

( يدس لشراء سيارة مرسنحو وكالة املرسيدس اليابانية ويتجهان غربا

فخمة( ورئيس مجلس البلديات وزوجته يركبان سيارتهما ويتجهان

)نحو فيال سرية يمتلكها لسحب أموال من خزائنها وإشهار جنوبا

)نحو املطار للسفر نو حثروته( وكبير األثرياء وزوجته يتجهان شرقا

إلجراء عمليات تجميل نميشيغا إحدى الجامعات الشهيرة في والية

وإعادة تشكيل للزوجة(.

***

Page 71: يوم مع عاهرة

70

انتشرت القوات في املنطقة فاعتقلت كل ش يء حسب التعليمات من

بشر وحجر وشجر وحيوانات، فجاءت الجرافات وجرفت الغابة

قلت ،ووضع البشر في زنزانات والحيوانات في أقفاصيات محتو ون

م تاملنازل واملحال التجارية واملستودعات للتحقيق معها وبيعها! و

قصور القادة، دافئإلى حطب للتحقيق معه في مالشجر قطيع ت

وصارت املنطقة صحراء.

وبينما كانت سيلينا تسأل عن فندق لتبيت فيه ليلتها الرهيبة تلك،

هي!وقفت سيارة هامر جانبها، فقال أحد ركابها: إنها

نظرت إليه وإذ به أحد املجرمين املعتوهين السابق ذكرهم، نزل على

الفور ثالثة رجال ضخام وحملوها بخفة ووضعوها في املقعد الخلفي

بجانب املجرم، وانطلقت السيارة مسرعة.

وهم يركبون: لقد تحققت بجدية بالغة استطاع املجرم أن يهمس

أمنياتنا يا عاهرة!

، وهي تريد أن تسأله كيف تم ذلك؟ فتحت سيلينا عيناها دهشة

املسلحين لكنها لم تجرؤ أن تنبس بحرف أمام الرجال الشرسين

تب عليها: املوت لألعداء! الذين ارتدوا بزة موحدة ك

Page 72: يوم مع عاهرة

71

فكرت طيلة الطريق في اختراع جدتها، وكيف له أن يحقق أمنيات

ا فكرة بباله، وخطر اآلخرين من دون أن يحقق أمنيتها في حياة شريفة

كان ال وجود لحياة شريفة في ماذا إن: سيطرت على تفكيرها أرعبتها

هذا الكوكب؟ وهل يعقل أن تكون مشاهداتها واضحة وذات نتائج

مباشرة كونها عاهرة، هل الحقيقة تظهر لها ناصعة كونها كذلك؟ هل

يحيا اآلخرون ممن يظهرون الشرف أو تظهر حياتهم شريفة لآلخرين

ةر خارجي فقط، هل مظهر الحياة الشريفة هو مجرد قشر كمظه

لعهر أشد من عهر مهنتها؟ هل يعقل أن يحيا املرء طيلة سنوات بل

خلف مظاهر الحياة إذا لم يكن العمر كله متسترا

عقود أحيانا

الشريفة بينما تسرح ديدان العهر في أوصاله وأفكاره وتصرفاته غير

املرئية!

سلحين املخيفين نظرة شماتة لسيلينا وقال لها نظر أحد الحراس امل

: ساخرا

فكري قدر استطاعتك اآلن، أرجو لك االستمتاع بضيافة -

مركزنا!

ضحك الحراس اآلخرين فقال أحدهم:

بخدماتنا. - أنا واثق من أنها ستستمع كثيرا

Page 73: يوم مع عاهرة

72

وقال اآلخر:

لدينا طرق في اإلمتاع ستعجبك وستتغير نظرتك إلى املتعة -

تام بعد التعرض إلى هذه الطرق.بشكل

شكل ب نظرت إليهم سيلينا نظرة تحدي وكراهية غريبة وقالت ساخرة

استفزازي:

بجانبي مجرم حقيقي لكن هرموناتكم الغبية مثلكم ال يمكنها -

بل تقودها الغريزة كما ،أن ترى مكمن اإلجرام الحقيقي

تقود جزرة بغل جائع! وجهوا خطابكم ملن يستحقه مع علمي

كم مجرد مرتزقة تافهة ال تبلغون حافة عيإصباملسبق أن

التي ينقصها آذان طويلة شأنهاالصغير مهما رفعتم رؤوسكم

شأن جنسكم من الحمير والبغال!

صاح الثالثة بصوت واحد عنيف وشرس:

رة!اخرس ي يا عاه -

: ساخر تحديقالت بنبرة

لم تأتوا بجديد! -

Page 74: يوم مع عاهرة

73

وهم يعلمون أنهم يجب أن يصلوا ،كظموا غيظهم وغضبهم البركاني

لن يرحمهم أو يبرر لهم تأخرهم عن ،في الوقت املحدد وإال فإن أحدا

في القبض عليها. متنفيذ مهمته

رعة ها بسالفخم التابع لقصر السلطان، ونقلو وصلوا إلى املركز

وأعادوا لها أمنياتهم بمتعة ولذة قصوى شامتين منها بكل ما

استطاعوا بلهجة أو نظرات.

***

Page 75: يوم مع عاهرة

74

ر حض بعد أن أملى تعليماته طلب السلطان نمنوم، فأمرها بأن ت

نفسها لليلة حمراء في قصره، فانحت طائعة وقد أبرقت عيناها

السلطان التاريخيبشعاع النشوة، فإن لم تخلق املرأة إلمتاع هذا

لقت؟ فلم تكون قد خ

يالي الحمراء ومعهن الكريمات جاءت الخادمات وخبيرات الل

واملستحضرات الخاصة، وقادوها إلى حمام فخم واسع وبدأ عملهم

هناك مع إشارة من سيدة مختصة بمتع السلطان ونسائه.

تي لبعد أن انتهت تلك التحضيرات اقتيدت نمنوم إلى غرفة السلطان ا

كانت تصلح كساحة وليس كغرفة، وكان هناك فراش ذهبي وثير في

. وسط الغرفة، حيث تمدد السلطان ساهما

دخلت نمنوم وقد بدت كالشمس في إشراقها فأشرقت أسارير

وهو الذي تعود لغة الخطابات: لها السلطان، وقال

، وكان التكريم - وفعال

لطاملا شددت على أهمية املرأة قوال

واآلن سيبدأ الجزء العملي من الذيحصل قبل قليل قوال

ه امتداد لتاريخنا التكريم بالفعل، وهذا أمر أصر عليه ألن

ونستطيع تمييز ذلك من كون ،الحضاري وإرثنا الساطع

الفعل في لغتنا يأتي قبل الفاعل، وفي هذا إشارة واضحة إلى

Page 76: يوم مع عاهرة

75

أن الفعل يجب أن يسبق الفاعل، وسترين أن هذا ما

سيتحقق على فراش ي املتواضع!

وقبل أن يبدأ بفعله الذي يسبق الفاعل، أضاء ضوء أحمر في سقف

الغرفة الساحة، فصاح:

ماذا هناك؟ تقرير الحالة بسرعة. -

دخل أحد خصيانه وقرأ تقرير الحالة:

من تبقى من شركاء وشهود اعتداء الخونة ملقد تم القاء القبض على

.الوزراء االجرامي

، فقال لنمنوم: كاد السلطان أن يرقص جزال

قدرك أن تحضري إحدى انتصاراتي على األعداء وما أكثرها، -

تعالي فلعلك تودين أن تشهدي فصول هذا النصر العظيم!

آخر ثم خرجا إلى قاعة ملحقة بغرفة النوم، وفيها قرأ أحدهم بيانا

ن، وفي آخر اآل فاتهم حتى ذكر فيه كيفية القبض على املجرمين واعترا

م ذكر ما يلي:البيان ت

Page 77: يوم مع عاهرة

76

اعترف جمع املجرمين بمحاولتهم االغتصاب الجماعي لعاهرة طلبها

وهي تدعى سيلينا. ،مجرم لقى حتفه قبل الحادثة

صاحت نمنوم صيحة رعب وهرت باكية وقد غصت بدموعها!

فسألها السلطان والدهشة تغمره:

ما بك يا عزيزتي؟ -

جاللة السلطان العظيم!هذه الصبية تخصني يا -

إن من يخصك يخصني وسأخبرك ملاذا بعد قليل. اللعنة! -

املجرمون الخبثاء! إنهم يعرفون أنني أقوم بتكريمك لذا

قاموا بجريمة مزدوجة بأن يهينوا ما يمثلني وما يمثل من

لم يسبق أن أكرمه.. السفلة األنذال سيلقون مصيرا

ه خط

التاريخ لبشاعته!

سيدي أن تأمر رجالك بالتلطف وحسن املعاملة أرجوك يا -

فهي من أتباعك املخلصين وهي تحلف بحياتك في ،لسيلينا

ن لطف حضرتك تفاصيل حياتها اليومية! أنا واثقة م

وتقديرهم ملواطنة صالحة مثل سيلينا وشهامة حراسك

هم ويعرف والءهم لكن تعرف قلق املرء على من يحب

وإخالصهم للوطن وسلطانه.

Page 78: يوم مع عاهرة

77

ق وهمست في أذنه املباركة، فاحمر وجهه ثم سألها هثم اقتربت من :لقا

- ؟أيكون هذا صحيحا

لقد دونت كل املواعيد والتواريخ في دفتر موجود في منزلي! -

أمر السلطان بإكرام سيلينا بأفضل األشكال، وأن يتم التعامل معها

م إحضارها تيتم تلبية طلباتها حتى لو لم تقلها، على أن يكأميرة، وأن

من ظروف اعتقالها! إلى القاعة بعد أن ترتاح قليال

***

Page 79: يوم مع عاهرة

78

تم سوق سيلينا بعنف إلى داخل قاعات سوداء يتم فيها التحقيق،

وقد تناهت إلى مسامعها أصوات مرعبة قادمة من األقبية ناتجة عن

التعذيب الوحش ي. وكانت أيدي جميع من مر في الردهة قد امتدت

من هذا املصير األسود الذي ،إليهافتناثرت دمعاتها وهي ترتجف رعبا

ال عالقة لها به، وأشد ما كانت تتمناه هو لقاء جدتها ستناله لسبب

.لتسألها لم يحقق االختراع الذي وصلها منها جميع األمنيات إال أمنيتها

أدخلوها ذمتلطخت جدرانها بدماء جف معظ قاعة

اها وبدا أسودا

كادت تغمى عليها من هول الرائحة واملنظر والرعب هة، كري نتنة رائحة

وهي تتمنى في بصوت عال، ، فقالتخيفاملحيط بهذا الجو امل

أعماقها أن يكون هذا كله كابوس أو مزحة من القدر:

أنا مجرد عاهرة تعيش من عرق جبينها، لعلكم ستسخرون -

ألنها تخضع من كالمي ألن مهنتي مصنفة على أنها قذرة

لرغبات ونزوات وهرمونات الزبائن، لكن مهنتكم أسوأ

ولست أقصد في هذا اإلساءة إليكم أيها العاملون هنا، إنما

مثلي مثل أي شخص ذو قدرات ،عاملةمجرد أقصد أنني

مهنية ضعيفة فتعلم مهنة بسيطة ليعتاش منها، فمن الناس

بضعة حبات بندورة من يجر عربة طيلة اليوم وينادي على

ومنهم من يفترش الرصيف ببعض األدوات التافهة، وآخرون

Page 80: يوم مع عاهرة

79

يحفرون بزنودهم التي ال يملكون سواها حفرة هنا أو هناك

لد اآلخرين في هذه الزنزانات ليعيشوا.. وأنتم تعيشون من ج

أي تعيشون من عضالت أيديكم املفتولة وأنا بدوري لم أقم

حقرته ن في عضو مبش ي خاطئ سوى أن عضالتي تك

م.. أ إليه مللذاتها! أرجوكالبشرية مع أنها كلها ولدت منه وتلج

ني بدون تعذيب أو إهانات.طفوا فتقتلو لأن تت

أرجاء الزنزانات، فصاحت وهي على وشك السجانين ضحكاتلت ع

اإلغماء:

هل تظنون أن العاهرة ال تعرف اإلهانات؟ لطاملا تمنيت أن -

شريفة

لكن ما ذنبي وما ذنبكم إذا كانت الحياة قد أحيا حياة

صنعت منا ما نحن عليه اآلن.

عال صراخ املساجين من ألم الكلمات ووقعها على قلوبهم املعذبة،

وتمنوا في نفسهم لو يقتنع السجانون بما قالته، كان هذا أشبه بتعلق

فيل غريق ببيت عنكبوت!

صاح أحد املحققين : فجأة

عاهرة، إنها فيلسوف! ما قالته صحيح مائة باملائة.. بهذه ليست وهللا

أشعر بأنني أنا العاهرة في حضورك يا سيدتي.

Page 81: يوم مع عاهرة

80

لم تسمعه سيلينا التي أغمي عليها لهول املوقف واملنظر واألصوات،

أخرى من سجانين وحراس: صيحات اعترافوجاءت

نحن العاهرات.. نحن من يرسم هالة الشرف حول عهره.

ير من الخط الخاص لينقل تعليمات صارمة حول وجاء اتصال خط

ضرورة احترام سيلينا والتعامل معها كأميرة، فانحنى السجانون

لها، واملحققون والحراس واملساجين واملعذبين جميعهم احتراما

وقفز أحد قادة السجن بنفسه إلى مستودع السجن وعاد ومعه دلو

جدران السجن امللطخة طالء أبيض وفرشاة كبيرة، وبدأ بطالء

بالرعب األسود، واحتذى الحراس واملحققون حذوه بعد أن فتحوا

وقام بعضهم باستبدال مصابيح الضوء املعطلة التي لمالزنازين،

يستبدلها أحد طيلة عشرات السنين.

وعندما استيقظت سيلينا كانت رائحة الطالء تفوح في أرجاء املكان

وإضاءته الباهرة! فظنت أنها في وغش ى بصرها من نصاعة املكان

اآلخرة، فابتسمت ومعها سمعت صيحة فرحة من عاملي املكان

أعادتها إلى الواقع، فحملها الجمع كأميرة واقتادوها إلى قاعة فخمة

ما لذ وطاب من الطعام وأصناف بسرعة ر ض مخصصة للقادة، وح

كف إلى الشراب، فأكل الجميع وشرب وتم نقل سيلينا كبطلة على األ

Page 82: يوم مع عاهرة

81

الذي أحضرها إلى خارج املبنى، حيث كان بانتظارها الهامر نفسه

وهي تشعر بنشوة بالغة وال تصدق أن املكان، فانحنى لها الحراس،

ما يحدث حقيقة وواقع، فطلبت من الحراس الذين سخروا منها

عندما أحضروها أن يخبروها بحقيقة األمر، فقالوا بصوت خفيض:

نمتنى أال نكون قد أزعجناك في حترمة، عفوك سيدتنا امل -

مشوار القدوم إلى هذا املكان.

بأوقاتي -بالعكس لقد تحققت أمنيتكم فقد استمتعت كثيرا

هنا!

ن نفوسهم القلقة، طمئ تنفس الحراس الصعداء، وقد سمعوا ما ي

حملوها و التعليمات للتعامل مع هذه السجينة كأميرة، وصلتهمحيث

بدورهم على األكف ووضعوها على املقعد األمامي بقرب السائق وقد

ملشوار نقلها إلى املكان وضعوا أغاني رومانسية تم شراؤها خصيصا

الهدف. وكانت تلك املرة األولى التي يسمعون فيها أغاني رومانسية في

يالتهمبموبا تكلموافتدفقت دموعهم والتهبت عواطفهم، و حياتهم،

ع زوجاتهم وحبيباتهم بعبارات ملؤها العاطفة واملحبة الغامرة، م

وطلبوا منهن السماح عن تصرفاتهم وقسوتهم في املاض ي!

***

Page 83: يوم مع عاهرة

82

قصر إلىنصف ساعة حوالي الالليل ب انتصافقبل وصلت سيلينا

شاهق مثل قصور ألف ليلة وليلة، وكان في استقبالها جمع من كبار

ورجال الدين وفرقة غنائية أنشدت األعيان واملسؤولين والوزراء

أشد األغاني الحماسية، فرقص الجميع وعرفت من بين الحضور:

"، وشاعر الشعراء "مثقب عبود نضالاملسؤول "مربع"، والزعيم "

الغرازة"، وكبير الكهنة "عبد الزعقة" ووزراء املرسيدس الذين

د حوالطبيب الشهير ورئيس مجلس البلديات املو تعرضوا لالغتصاب

وزراء وأعيان وأثرياء.وغيرهم من مسؤولين و وكبير األثرياء،

مشت على سجاد أحمر إلى قاعة اجتمعت فيها خمسون من خبيرات

مصففات الشعر ومختصات الجمال والتجميل، فانتقلت من واحدة

إلى أخرى حتى خرجت أميرة حقيقة قبل حلول منتصف الليل

جاد أحمر، حتى وصلت إلى ، ومن هناك أكملت طريقها على سبدقائق

منصة عالية جلس عليها السلطان ومعه أفراد الحاشية وحراسه،

تلكن انقبض جسد سيلينا الجميل عندما ملحنمنوم جالسة

بجانب السلطان العظيم.

صاحت صيحة دهشة، فأمر السلطان بإطالق األلعاب النارية في

ووسط تلك املباهج والوقائع التي ال تحصل في األحالم، .سماء القصر

Page 84: يوم مع عاهرة

83

ساعدت سيدات املجتمع الراقي سيلينا على الصعود إلى أعلى املنصة

حيث وقفت في مواجهة السلطان العظيم وسيدتها نمنوم.

انحنت بشدة لسلطان السالطين، ومن ثم انقضت على سيدتها

إياها، والحظت سيلينا دموع ننمنوم مقب املنهمرة بشدة منوم لة

، وفي لحظة ما استجمعت نمنوم قواها وقالت فشعرت بالضياع أكثر

: بالغ بحنان مبتسمة

! وهذا - طبيعية

لقد حان الوقت يا سيلينا لكي تعيش ي حياة

دتك ومن هو والدك!كما تعلمين يبدأ من معرفة من هي وال

مما يحصل، فلمطع أن تست نظرت إليها سيلينا وهي ال تفهم شيئا

تجيب ال بحركة وال بكالم.

فقالت نمنوم:

أنا والدتك يا حبيبتي، والسلطان والدك! -

فغرت سيلينا فاهها كسمكة شبوط من فرط الدهشة، وخرت قواها

فلتت حقيبتها من يدها وسقطت بشدة على أوارتخت أعصابها ف

رقة ب األرض، وتحطم ش يء ما في الحقيبة، فسألها والدها السلطان

وحب:

Page 85: يوم مع عاهرة

84

!ما هذا الذي تحطم في حقيبتك يا ابنتي العزيزة؟ -

أجابت سيلينا وهي تحتضن والدها ألول مرة:

ه اختراع قديم كان لجدتي، وهو - يا بابا! إن

ال ش يء مهم إطالقا

يحقق األمنيات حتى إن لم يقلها املرء بصوت عال.

،ه االختراعجن جنون السلطان عندما سمع بالضرر الذي تعرض ل

ومن أكثر منه حاجة ملثل هذا االختراع لضمان بقائه في الكرس ي!

تح فرض وسط دهشة الجمهرة املحتشدة، على األ كاملعتوه انبطح

الحقيبة بلهفة، وبجنون بالغ، أخذ يحاول جمع أجزاء الجهاز

وبعد ساعة من املحاوالت اليائسة أطلق صرخة خيبة ، املتحطم

رهيبة.

***

Page 86: يوم مع عاهرة

85

خاتمة

هو وال ال ،نجحلم ي الكثير من املؤرخين املوثوقين أن السلطان ذكر

إعادة جمع أجزاء الجهاز وتشغيله، لكنهم ذكروا جميعهم في ،علماؤه

أن سيلينا نجحت في تلقين املجتمع درس في الشرف، حيث تبين أنها

أشرف من جميع من ادعوا الشرف في ذلك الزمن.