في أقبية فرع فلسطين

15
أقبية فرع فلسطين فيدد الجمعةدن، في عة القدس العربي التي تصدر في لن نشرت صحيف13 07 2001 اق عبد الرزل اقي ىضي العرلرياة مع اقابم، م م عمي( 44 عاما) اقد معسيوية، تعت العربية وا لعديد من البطوة محترف، شارك باعب كرة سم لبريطانية، وىو الجنسية ا يحمل ، والذيلجماىيردي ا نا سورية بتاريخسمة، اعتقل فيدي لكرة اللنا عمى فريق ا افشراضي في حماة ل الري23 / 7 / 2000 يل ىاتف د اسمو في دل ، لوجو أفرج عنو بتاريخن، وبقي في السجن إلى أنمي احد المتي20 / 6 / 2001 وجوب السكوت، وقرر أنديد بستجابة لمتي اق رفض ا عبد الرزل ، ىمو أينة التي حمماؤدي ا يىا د ابمة التي أجرلمقا نعيد نشر اا أن بدورنا يسرنحنلعالم، ونتيم إلى ايوصل معانا ىناك، لعتقمونه الم ا. بشير زينلعابدين ا. في أشهر سجون دمشقروي قصة معاناته ي اق علي عبد الرز ل اقي هضي العرلريا ا يجرؤ أحد أ جماعي، ولكننية وبشكليرة ترتكب ع سورية جريمة كب فيمة أخري،لنظام ـ جري ـ بعرف ايان الخوض في ،تحدث عنيا ن ي السجونين داخلف المواطنلزمان؛ يقبع آة عقود من ابر أربع ات علمخابردتو أجيزة ا شي الذيلجماعيب والخوف ارىاجز اخمف حا فون من التر ويعانم والقي ارة الظم يتجرعون مرلخارجيلم العامة عن اة في عزلة كام السوريلحرماند واضطياذل وامون ال ويساومي عذيب الي... من وجوده ـ في عداد وأصبح ـ بالرغمل بمقاء أىمومد فقد انيم ق م اصيرىم، بل إن كثيرمون م يعم تيم وعرفون تيم ي ء أغمب ىؤ المفقودين. سوريةمن في أجيزة ا ترتكبياة التيت القمعيلممارسان عمي ا ىذه قصة شاىد عيا الفترةلثيا خين، وقد وقعت أحدا ضد المواطن2001 / 6 / 22 ـ2000 / 7 / 23 حب ىذه القصة عنعتقال صاة من ا قميم كان يتحدث قبل أيامسد الذير الجديد بشاد الرئيس ا ، من عي امة المواطن السوريافية و كرمة و الشفلعات الحريا ا. ، ولكنيعتقمينف المص آ عن قص ا تختمف كثير إنياتمك قد امز بأن صاحبيا ا تتميمرتتو التي است معانا ويتحدث عن أة ليخرج من الصمت الجر11 أقبية فرع فمسطين في ا شير. تعريفوك عام مواليد مدينة كركصل من اقي ا اق عمي عر عبد الرزل السيد ى1957 ديو أربعة أطفال سورية ول متزوج من سيدة. يعرفو الكثير منن؛ فيلرياضيي اسيويةت العربية وا العديد من البطو شارك فية محترفعب كرة سم و... التيداتلشيا وا اىبو از عن مو يتحدث باعتز يطاليا واة من أمريكادرب لكرة السميا كم حصل عمي. يا، حيث كان يعمل مدير مبيعات بريطانة مع أسرتو فينذ فترة طويمي مل عم يعيش ىلعقاريةت الشركا في إحدى اجازة معء ا حماة لقضا مدينة أطفالو إلي و جتولصيف كان يصطحب زو فترة اما حانتدن، وكم مدينة لن في أقاربيم ىناك. لدولية، وعندمات ا م في البطوو أثناء مشاركتيرفوا عميضيين الذين تعلريا عدد من ال معقة ىوثقت عثناء ت في ىذه ا مدينة حمر في النواعيرة ناديمت إدا عم اة( لجماىيردي اسمو فيما بعد نا أصبح ا) افشر ا معو للتدريب تعاقدول اة في مجا الطويم بخبرتوول مرة منذ ولي إلي الدرجة النادي صعد ا، وسرعان مايم السمة لدي فريق كرة عمي13 اضة فيت الرينتباه محرري صفحا شد ا مما عاما

description

 

Transcript of في أقبية فرع فلسطين

Page 1: في أقبية فرع فلسطين

في أقبية فرع فلسطين

م، مقابمة مع الرياضي العراقي ىالل عبد الرزاق 2001 – 07 – 13نشرت صحيفة القدس العربي التي تصدر في لندن، في عدد الجمعة ، والذي يحمل الجنسية البريطانية، وىو العب كرة سمة محترف، شارك بالعديد من البطوالت العربية واآلسيوية، تعاقد مع (عاما 44)عمي

، لوجود اسمو في دليل ىاتف 23/7/2000الرياضي في حماة لإلشراف عمى فريق النادي لكرة السمة، اعتقل في سورية بتاريخ نادي الجماىير ، ىالل عبد الرزاق رفض االستجابة لمتيديد بوجوب السكوت، وقرر أن 20/6/2001احد المتيمين، وبقي في السجن إلى أن أفرج عنو بتاريخ

بشير زين . اه المعتقمون ىناك، ليوصل معاناتيم إلى العالم، ونحن بدورنا يسرنا أن نعيد نشر المقابمة التي أجراىا ديؤدي األمانة التي حممو أي .العابدين

الرياضي العراقي هالل عبد الرزاق علي يروي قصة معاناته في أشهر سجون دمشق

ن يتحدث عنيا، ألن الخوض فييا ـ بعرف النظام ـ جريمة أخري، في سورية جريمة كبيرة ترتكب عالنية وبشكل جماعي، ولكن ال يجرؤ أحد أفخمف حاجز اإلرىاب والخوف الجماعي الذي شيدتو أجيزة المخابرات عبر أربعة عقود من الزمان؛ يقبع آالف المواطنين داخل السجون

... عذيب اليومي ويسامون الذل واالضطياد والحرمانالسورية في عزلة كاممة عن العالم الخارجي يتجرعون مرارة الظمم والقير ويعانون من التأغمب ىؤالء ال يعرفون تيمتيم وال يعممون مصيرىم، بل إن كثيرًا منيم قد فقد األمل بمقاء أىمو وأصبح ـ بالرغم من وجوده ـ في عداد

. المفقودين

ضد المواطنين، وقد وقعت أحداثيا خالل الفترة ىذه قصة شاىد عيان عمي الممارسات القمعية التي ترتكبيا أجيزة األمن في سورية ، من عيد الرئيس الجديد بشار األسد الذي كان يتحدث قبل أيام قميمة من اعتقال صاحب ىذه القصة عن 2000/7/23ــ 2001/6/22

ا تتميز بأن صاحبيا قد امتمك إنيا ال تختمف كثيرًا عن قصص آالف المعتقمين، ولكني.الحريات العامة و الشفافية و كرامة المواطن السوري . شيرًا في أقبية فرع فمسطين 11الجرأة ليخرج من الصمت ويتحدث عن معاناتو التي استمرت

تعريف

يعرفو الكثير من . متزوج من سيدة سورية ولديو أربعة أطفال 1957السيد ىالل عبد الرزاق عمي عراقي األصل من مواليد مدينة كركوك عام يتحدث باعتزاز عن مواىبو والشيادات التي ... و العب كرة سمة محترف شارك في العديد من البطوالت العربية واآلسيويةالرياضيين؛ في

يطاليا يعيش ىالل عمي منذ فترة طويمة مع أسرتو في بريطانيا، حيث كان يعمل مدير مبيعات . حصل عمييا كمدرب لكرة السمة من أمريكا وا في مدينة لندن، وكمما حانت فترة الصيف كان يصطحب زوجتو وأطفالو إلي مدينة حماة لقضاء اإلجازة مع في إحدى الشركات العقارية

في ىذه األثناء توثقت عالقة ىالل مع عدد من الرياضيين الذين تعرفوا عميو أثناء مشاركتيم في البطوالت الدولية، وعندما . أقاربيم ىناكبخبرتو الطويمة في مجال التدريب تعاقدوا معو لإلشراف ( أصبح اسمو فيما بعد نادي الجماىير)اة عممت إدارة نادي النواعير في مدينة حم

عامًا مما شد انتباه محرري صفحات الرياضة في 13عمي فريق كرة السمة لدييم، وسرعان ما صعد النادي إلي الدرجة األولي ألول مرة منذ

Page 2: في أقبية فرع فلسطين

كذلك في جريدة الرياضة األسبوعية، وفي جريدة 2000عام ( مارس)مي خالل شير آذار جريدة الفداء بحماة، وظيرت صور المدرب ىالل ع . الثورة التي أجرت معو مقابمة مطولة حول تاريخو الرياضي

كان ىذا النجاح سببًا في تفكير ىالل باإلقامة في سورية لتطوير فريقو الذي أصبح ينافس عمي المركز األول في الدرجة األولي عمي مستوي . القطر، ولذلك فقد تقدم بطمب اإلقامة لمدة سنة وأرسل أوراقو إلي مديرية األمن العام

ىنا يتوقف السيد ىالل عن الحديث، وقد اغرورقت عيناه بالدموع فقد كان من الصعب أن يقتنع الناس بأن ذلك الشبح الذي غارت عيناه في تعارض كبير بين وضعو الصحي وتاريخو الرياضي؛ فقد اصفر وجيو وظيرت كان ىناك. وجو شاحب قد كان رياضيًا في يوم من األيام

كيمو غرامًا من وزنو وأصبح ظيره محنيًا ألنو لم يكن قادرًا عمي التمدد 45عميو التجاعيد، مع أنو ال يزال في ريعان الشباب، وفقد أكثر من . طوال ستة شيور

آلالم النفسية فإنيا تالزمو بشكل دائم وال يعمم إن كان سيستطيع التخمص منيا في يوم من إنو يحتاج لسنوات طويمة حتى يسترجع صحتو، أما ا . ياأليام، فيو يعاني من فقدان التركيز، ويعاني كذلك من النسيان المزمن الذي كان رحمة لو كمما تذكر أبناءه وأقاربو في السجن االنفراد

ماذا حصل بعد تقدمك بطمب اإلقامة؟ : ـ سألتو

: ذكر بأنو كان يروي قصة اعتقالو، وعاد ليقولت

المخابرات العسكرية بحماة ·

اتصل بي شخص من إدارة المخابرات العامة وطمب مقابمتي بخصوص أوراق اإلقامة التي تقدمت بـيا، فقابمتو 2000/7/23في يوم األحد ل ستة عناصر مسمحين من األمن العسكري وطمبوا مني مرافقتيم في النادي حيث طمب مني جواز سفري وىوية زوجتي، وفي ىذه األثناء وص

:فامتثمت ألمرىم، وعندما ىممت بصعود السيارة صرخ ابني عبد اهلل

وين رايح بابا؟

: لم أكن أممك إجابة واضحة ولكن أحد المسمحين تطوع باإلجابة عني

. ـ بابا بده يغيب شي ساعتين زمان وراجع

ز المخابرات العسكرية بحماة والذي يترأسو العميد أحمد حموم وىو عبارة عن ثالثة طوابق دونـيا بوابة كبيرة ال صاحبت العناصر إلي مركتجاورىا أي عمارات أخري في الطريق إلي دمشق، وعندما توقفت السيارة ترجمنا منيا وأدخمني المسمحون إلي غرفة مقفرة ال توجد فييا غير

ترة طويمة وأفكر في سبب وجودي ىنا، فقبل أيام قميمة داىمت المخابرات منزل أحد أقارب زوجتي لعالقة كانت طاولة واحدة، وبقيت أنتظر لفولم أكن أعمم أي ( ج)اعتقل بسبب نشاطو في صفوف الشباب في مدينة حماة، ولكنني لم أكن أعرف المدعو ( ج)تربطو برجل كردي اسمو

لتدريب في نادي النواعير وكثير من تالميذي أعضاء في حزب البعث وأجيزة األمن، ولم يكن شيء عن نشاطو، بل كان اىتمامي محصورًا باثم أخذت أفكر لبرىة بأن احتجازي في ىذه الغرفة قد يكون بسبب تشابو في األسماء أو خطأ وقع فيو . لدي كثير من المعارف في مدينة حماة

في ىذه (. أ)نون، وترجح الظن لدي بأنيم يريدون أن يسألوني عن قريب زوجتي المدعو أحد المخبرين فمم أرتكب ـ في عممي ـ أي مخالفة لمقا

Page 3: في أقبية فرع فلسطين

ثم انقطع الصمت الطويل بدخول رجل متوسط . األثناء كان الحراس يستفزونني بحمل أسمحتيم وينظرون إلي بأعين ممؤىا التحدي واالستخفاف . نو العميد محمد الشعارالطول لو شارب كبير، يمبس زيًا مدنيًا وقد عممت فيما بعد أ

: نظر إلي العميد بازدراء ثم سأل الحراس

ىادا ىو ىالل؟ ·

نعم سيدي : فقالوا·

؟ (ج)بتعرف : عند ذلك سألني بفظاظة·

( . ج)ال ما بعرف : فأجبتو·

كنو انتيرني بعنف وأمرني بالجموس بعيدًا عنو ثم خرج دون تعميق وبقيت أنتظر حتى طمبني العميد إلي مكتبو الواسع، فجمست قريبًا منو، ولثم أومأ إلي الحراس فأدخموا قريب زوجتي وىو يرتجف من شدة الخوف، وقد قيدت يداه وغطيت . في آخر الغرفة فامتثمت، وجمست حيث أراد

: ، ودار بينيما الحوار التالي(يسمونيا طماشة)عيناه بقماشة

ـ بتعرف ىالل؟ ·

ـ نعم سيدي ·

( ج)ـ شو عالقتو بـ ·

ـ مالو عالقة سيدي ·

ـ طمعوه لبره ·

فما ىو الداعي الحتجازي ىنا؟ ( ج)وىنا التفت إلي الضابط وقد نفد صبري، وقمت لو ليس لي أي عالقة بالمدعو

فقال لي بأنني لست الشخص المطموب، ولكنني سأبقي عندىم الميمة الستكمال التحقيق، فذكرتو بأن لدي أطفااًل وأقارب وىم قمقون عمي وال اتفضل وبكرة منشوف شو بيصير : يعرفون مكان وجودي اآلن، فمم يزد أن قال

ي سجن الفرع حيث استقبمني سجان مرعب اسمو عمران، وكان صوتو وفي حركة سريعة اقتادني الحراس خارج الغرفة وقيدوا يدي وأخذوني إل . ، وأقفل من خمفي الباب(4)وقف منيح وال ، ثم جرني إلي الزنزانة المنفردة رقم ... حقير: غاية في الخشونة فصرخ في وجيي بقصد التخويف

ح كريية، فجمست عمي األرض وقد أسقط في يدي وعدت تمفت حولي فإذا ىي زنزانة ضيقة في غاية القذارة وفييا مرحاض تنبعث منو روائ . أسترجع الساعات األخيرة التي مرت عمي كأنـيا كابوس مزعج وكمي أمل أن تنتيي في الصباح

كانت ىذه ىي المرة األولي التي أسجن فييا، فقد أمضيت اغمب حياتي في المالعب وفي طريق االحتراف، بل إنني لم أذىب مرة واحدة إلي شرطة ولم يكن لدي أي سبب لمخالفة القانون أو ارتكاب الجرائم، فقد كنت ميسور الحال وعندي أربعة أطفال أرغب في تربيتيم أحسن مركز

في صباح يوم االثنين . تربية، وأخذت اليواجس تنتابني حتى غمبني النوم فافترشت األرض والتحفت بطانية قذرة ونـمت حتي الصباح

Page 4: في أقبية فرع فلسطين

شيرًا فقد استيقظت عمي أصوات مختمطة من الضرب والشتائم واألنين 11سل الرعب الذي استمر دون توقف لمدة ، ابتدأ مسم2000/7/24كان السجانون يأتون في الصباح الباكر . واالستغاثة، وعممت بأنيا أول نوبات التعذيب الوحشي الذي كان يتعرض لو المعتقمون داخل الفرع

ون ضحاياىم مقيدين ومغمضي العيون ثم يسوقونيم كالخراف وأنا أنظر إلييم، وقد ارتعدت مفاصمي من ويفتحون أبواب الزنازين بعنف ويخرجعمي ظيورىم وسائر أنحاء الجسد دون تمييز، ويرتفع صوت الجالدين وىم يكررون ( الكيبالت)شدة الرعب، ثم يبدأ الجمد باألسالك الكيربائية

وأخذت أفكر كيف كان اعتقالي مثل اعتقال الكثير من ىؤالء؛ بناء عمي . ن؟ ، إيـمتي شفتو؟ مين بتعرف؟ ، شو عالقتك بفال: نفس األسئمةن دليل الياتف الذي عثروا عميو عند قريب زوجتي فاتصموا بي وأحضروني إلي الفرع، ىذه الطريقة الجائرة نفسيا ىي التي أودت بحياة كثير م

. ن ال لجرم إال أنـيم وجدت أسماؤىم وأرقام ىواتفيم مكتوبة في دليل أحد المشبوىيناألبرياء وغيبتيم لسنوات طويمة في غياىب السجو

كنت أنتظر أن يأتي الجالدون ويأخذونني إلي التعذيب في أي لحظة، وبالفعل جاء أحدىم فأخرجني من الزنزانة و طمش عيني وقيدني وجرني وعندما كتبت لو قصة حياتي ! ني وأعطاني ورقة وقممًا ألكتب قصة حياتي كاممةإلي غرفة التحقيق حيث دخل أحد المحققين وأمر بفك القيد ع

: تناول األوراق وأخذ يصحح ويشطب عمي بعض السطور، ويضيف من عنده فاعترضت عمي ىذا األسموب، وعند ذلك قال لي

بدك تعممني شغمي؟

م االعتراف، فأخبرتو بأنو ليس لدي ما أعترف بو، وىذا ما عندي، وخرج من الغرفة ثم عاد ليخبرني بأن العميد قد انزعج إلصراري عمي عدفأجابو بأنو ليس ىناك أي عالقة، وعندما ( ج)مرة أخري عن عالقتي بالمدعو ( أ)فأمرني أن أبصم عمي ما كتبت، ثم عاود السؤال عمي

كان التعذيب يبدأ يوميًا من الساعة الثامنة . كممني فييا أحدتأكدوا من ذلك أعادوني إلي الزنزانة المنفردة وجمست ىناك لمدة ثمانية أيام لم يصباحًا ويتوقف عند الثانية، ثم يبدأ مرة أخري في الثامنة مساء حتي الحادية عشرة، ومع أنني لم أتعرض لمتعذيب فإن صرخات المعتقمين

المساجين وىم يئنون من شدتيا، ومع أنني كنت وأنينيم كانت أشد من لسع السياط التي تصدر صفيرًا مرعبًا قبل أن تحط عمي ظيورمتماسكًا فقد الزمتني حالة عجيبة من اليمع، خاصة عندما أصيبت إحدي السجينات في زنزانتيا االنفرادية بانـييار عصبي وأخذت تصرخ

. بأعمي صوتيا قبل أن ينقموىا إلي المستشفي

الرائد غسان الجواد وأخذ يمر عمي الزنازين وينظر إلي المساجين بداخميا حتى جاء رئيس المحققين في الفرع 2000/7/29وفي يوم السبت : وصل إلي زنزانتي ففتح الباب وقال لي

.ابني نحنا عارفين أنك بريء ومنتظرين خبـر من الشام حتى نفرج عنك اليوم أو بكرة

وعرض عمي االنتقال إلي السجن الجماعي ففرحت لذلك وشكرتو، ثم نقموني إلي حيث أشار فوجدت نفسي مع خمسة من المساجين وأخذنا ليكم الجرائم التي ارتكبوىا : نتبادل أطراف الحديث فسألت كل واحد منيم عن تـيمتو، وا

! ئاسة فجروه إلي السجن وأخذوا يضربونو ضربًا مبرحًا لتمردهـ كان األول قد امتنع عن التصويت لبشار األسد في انتخابات الر

أىل حمب وحماة قبضايات، ألنيم قاوموا ، كان شابًا صغيرًا ولم يكن سنو قد تـجاوز : ـ أما الثاني فقد ورد في إحدى تقارير المخابرات أنو قال !يربائية حتى يعترف بالذي عممو ىذا الكالمأربع سنوات عندما اندلعت أحداث حماة، ومع ذلك فكان يتعرض لمصعقات الك

Page 5: في أقبية فرع فلسطين

لراحل، ـ وتـحدث الثالث بـحزن عن مكالمة ىاتفية دارت بينو وبين أقاربو قال فييا بأنو سيذىب إلي القرداحة في وفد رسمي لزيارة قبر الرئيس اوكان الجالدون . لمـتو الـياتفية فاعتقل في ذلك اليومكمسون أحمر ، ولم يكن يعمم بـمراقبة المخابرات لمكا: ولما سألو قريبو ماذا سيمبس، أجاب

! ينفذون تعيدىم لو بتحويل لون كمسونو إلي األزرق من شدة التعذيب حتي يتوب

. ـ وكان الرابع مسجونًا بسبب العثور عمي جياز لمتنقيب عن اآلثار في أرض يممكيا

. ـ واتيم الخامس ببيع السجائر الميربة

يعًا لشتي أصناف التعذيب من الجمد والصعق الكيربائي، أما أنا فقد نـجوت من التعذيب ربـما بسبب توسط إدارة النادي كانوا قد تعرضوا جم . لصالحي

بعد ثالثة أيام في السجن الجماعي أخبرت بوصول البرقية من دمشق، وكنت أترقبيا عمي أحر من الجمر حتى أعود ألطفالي الذين افتقدوني ذىبت، وسرعان ما تالشت آمالي عندما أخبرني المحقق بأنني قد طمبت في الشام وأن عمي الذىاب إلي ىناك الستكمال ولم يعمموا أين

. التحقيق

د عند ذلك أخرجت مقيدًا مع ثالثة آخرين وأركبونا داخل سيارتين في كل واحدة منيا أربعة عناصر مسمحين ببنادق كالشنكوف، ولما وقع الرائنا بعد طول انتظار تحركت السيارتان باتجاه دمشق، وكان عمينا أن نخفض رؤوسنا طول الرحمة، وكمما رفع الواحد منا رأسو عمي أوراق تسميم

. نّزل راسك ولك كمب ، وبقينا عمي ىذه الحالة حتي وصمنا إلي فرع فمسطين: كان الحارس ييوي عمي رقبتو بكل ما أوتي من قوة ويقول

فرع فلسطين ·

مترًا عندما استطعت أن ألـمح عمارتين كبيرتين، ثم اعترضتنا بوابة 70سيارتان عند بوابة كبيرة وسط سور عال، وانطمقت لمسافة توقفت الأخري استوقفنا عندىا الحرس وجردوا رجال األمن من أسمحتيم، ثم أنزلونا نحن األربعة من السيارتين وأدخمونا إلي مكتب مدير السجن وىو

تفرس فينا المدير بنظرات ممؤىا . ان ممتمئ الجسم حنطي المون برتبة مساعد أول، اسمو أحمد، ويـمتاز بصوت شديد الخشونةرجل بذيء المسثم أمر بنقمنا إلي غرفة مجاورة، حيث جمسنا ننتظر ونحن نعاني من حرارة الشمس وكثرة ... وقف منيح وال حمار : الحقد وصرخ فجأة

! استني شوي راح نحولك عالـميريديان : أن أذىب إلي الخالء فأجابني أحد الحراس ىازئاً الصراصير، فطرقت الباب وطمبت

بقينا ننتظر أربع ساعات بطوليا ثم دخل عمينا رجل ال يقل خشونة عن مدير السجن ليكتب بياناتنا الكاممة، ويأخذ أغراضنا إلي صندوق : األمانات، وعندما وصل إلي دار بيننا الحوار التالي

ـ شو اسمك وال؟ ·

ـ ىالل عبد الرزاق عمي ·

ـ شو جنسيتك؟ ·

ـ جنسيتي وال أصمي؟ ·

ـ جنسيتك ولك كمب ·

Page 6: في أقبية فرع فلسطين

ـ بريطاني ·

: فسكت لبـرىة ثم ذىب إلي مكتب المدير الذي استدعاني إلي مكتبو مرة أخري وسألني

ـ شو جنسيتك وال؟ ·

ـ بريطاني ·

( ! 11) نزلوا ىالكمب عمي المنفردة: أنت عراقي ، ثم خاطب الحراسك، ..م ... ·

أي منفردة؟ وما ىي تيمتي، ولماذا تعاممونني بيذا األسموب؟ : عند ذلك فقدت صبري وقمت لو·

الحراس ، ولم يكد ينتيي من عبارتو حتي ىجم عمي عدد من ( 11)ولك خدو ىالحمار عمي المنفردة : ففوجئت بو يصرخ بأعمى صوتونزل راسك وال ، خميك ماشي عالحيط ، وأنزلوني بالساللم إلي القبو حيث رأيت عددًا من : وجروني بعنف خارج المكتب وىم يصرخون بي

(. 11)األبواب الحديدية عمي جانبي الممر، وكانوا يركضون أمامي وخمفي حتى انتيينا إلي آخره ففتحوا أحد ىذه األبواب ورموني في المنفردة

( 11)المنفردة ·

أطرق السيد ىالل عمي لفترة وحاول أن يفيمني بجمل مبعثرة بأن كل الذي حكاه لي كان مقدمة قصيرة لفصول المعاناة الطويمة التي أمضاىا ا سوي كمية سم تنبعث منيا رائحة كريية وال تصل إليي 80سم وعرضيا 180كان طول الزنزانة . في الزنزانة المنفردة لستة أشير متوالية

سم فمم يكن قادرًا عمي التمدد لمدة ستة أشير 190وألن طول ىالل . ضئيمة من التيوية والنور، ولذلك فقد أصبحت مرتعًا لمقمل والصراصير . فانحني ظيره وأصبح يمشي مشية عجوز تجاوز الثمانين من العمر

ء من حياتو، ولكن أنين المعذبين ومعاناة المعتقمين كانت تدفعو ألن كان يتذكر األحداث بصعوبة ألنو يريد أن ينسي ىذه الحقبة السودايستحضر كل شاردة وواردة ألنو عاىدىم أن يخبر العالم بـما رآه ويستصرخ أصحاب الضمائر الحية لممساعدة في رفع المعاناة عن مئات

. اشتباه المساجين الذين تم اعتقاليم ـ مثمو ـ عن طريق دليل الياتف دون سابق تيمة أو

ارتـمي ىالل عمي أرض الزنزانة وجمس عمي بطانية رطبة نتنة، وأخذت اليواجس تتالعب بو، فتذكر رحمتو البائسة من حماة إلي دمشق، والويل لو إذا ذكر ( 11)منفردة : لقد أصبح اسمو من اآلن فصاعداً . وطول االنتظار في فرع فمسطين وخشونة التعامل التي لقييا من الحراس

سمو الحقيقي، وصار بين عشية وضحاىا سجينًا مسموب اإلرادة ال يممك من أمره شيئًا، بل إنو فقد اسمو وأصبح رقمًا آخر في عداد القد الزمو الشك بأن ىنالك خطأ ما وسيفرج عنو حال تبين ىذا الخطأ، ولكن لم يكن لديو أي قرينة تدعوه إلي . المفقودين داخل فرع فمسطين

. وبقي عمي ىذه الحالة من التفكير العميق حتي غمبو اإلعياء فتكوم في أرض الزنزانة ونام... التفاؤل

: أول يوم في االنفرادية·

استيقظت وقد قرصتني حشرة في وجيي فتورمت عيني اليسرى ولم أكن أعرف نظام السجن بعد، فطرقت الباب طرقًا متتاليًا حتى جاءني شوف عيني ، فنظر نظرة لم تكن تبعث عمي االطمئنان، وقال : شو بدك وال؟ ، فقمت لو: فتح الباب وقالسجان ضخم اسمو المعمم حسن، ف

قرب وال، وعندما اقتربت منو سدد لكمة قاسية عمي عيني اليمني فسقطت عمي أرض الزنزانة من شدة األلم، وأقفل الباب ورائي وىو يتمتم : لي

Page 7: في أقبية فرع فلسطين

تي عرفت نظام السجن كاماًل، فمم يكن لنا أي حق في طرق األبواب، وكانت الفرصة الرئيسة ولم ينقض اليوم األول ح. بأقذع الشتائممزدوجة وكان 4زنزانة منفردة و 19كان ىناك ... لمسجانين كي يشفوا نزعتيم السادية ىي خروج المساجين من الزنازين االنفرادية إلي الخالء

فيخرجنا الحراس واحدًا واحدًا بالركل والجمد ولم يكن يسمح لمواحد منا أن يبقي أكثر من سجينًا عمي حمامين ثالث مرات في اليوم 42يتناوب وال بد من االعتراف بأنني عندما خرجت لممرة األولي أكمت نصيبًا وافرًا من الركل والمكم من قبل المعمم حسن، . نصف دقيقة في بيت الخالء

: ع وذكرتو بأنني إنسان مثمو، فصرخ في وجيي صرخة منكرة قائالً ولم أكن أجد أي مبررًا لذلك فاعترضت بصوت مرتف

! ـ خراس ولك كمب، ىمق بخميك تاكل الخ ــ تبعك

ذا تأخر الواحد منا في الخالء كان وبسبب ىذا التضييق وانعدام الماء والصابون فقد أصيب أكثرنا بالبواسير وكانت الدماء تغطي المرحاض، وا لألكل والشرب، وبسبب األذي الذي كان ( طاسة)كانت كل زنزانة انفرادية قد زودت بوعاء . زنزانتو بالركل والضربيخرج بالقوة ويجر إلي

يصيبنا من السجانين في دخول الخالء فقد اضطر الكثير منا لقضاء الحاجة في طاستو كمما اشتد المرض عميو، ثم يغسميا ويعاود استخداميا .لطعامو من جديد

ن متيمًا بالدرجة األولي فمم أكن أتعرض لوجبات التعذيب التي كانت من نصيب السجناء اآلخرين، ولكن سماع أصوات المعذبين وألنني لم أككانت نوبات التعذيب تبدأ في الساعات المبكرة من الصباح وتستمر حتي . كان أشد إيالمًا عمي النفس من وقع السياط في كثير من األحيان

كنا نسمع شتائم الجالدين . ك نوبة ليمية تبدأ من السابعة مساء حتي العاشرة، وقد تستمر حتي الثالثة بعد منتصف الميلالواحدة والنصف وىناي واستغاثة المعذبين وتوسالتيم، وكنا نـميز طريقة التعذيب من تتابع أنين المعتقمين الذين يخضعون لمتعذيب بواسطة الكرسي األلماني الذ

. والتعميق من أيدييم وضربـيم عمي سائر أنحاء الجسد وىم عراة، وكذلك الجمد باألسالك الكيربائية السميكة ييشم العمود الفقري،

الزمتني حالة رعب شديد وكنت أخاف أن يأتي الجالدون في أي لحظة ويجرونني إلي غرفة التعذيب، وكمما سمعت وقع أقدام بالقرب من كنت أنام . يومًا عمي ىذه الحالة، ولم يفتح باب زنزانتي خالل ىذه الفترة إال لدخول الخالء 11زنزانتي كانت ترتعد فرائصي، حتي أمضيت

ين وأجمس عمي البطانية المتعفنة بفعل الرطوبة وانعدام التيوية حتي اسودت مالبسي وأصابتني االلتيابات الجمدية واألورام، حتي إن السجانبعد انقضاء اليوم الحادي عشر في . ب من زنزانتي، ولم تجد توسالتي ليم بتغيير تمك البطانية القذرةكانوا يتأففون من رائحتي كمما مروا بالقر

المنفردة جاء الجالدون وأصعدوني إلي غرفة التحقيق مطمشًا ، ثم دخل أحد المحققين فأمر بفك الطماشة، وأعطاني ورقة وقممًا ألكتب قصة ة ابتسم المحقق وبشرني بأنني لن أبقي في الفرع عندىم أكثر من أسبوعين، فرجوتو أن يأمر بنقمي وعندما انتييت من الكتاب! حياتي من جديد

ثم أرجعت عمي نفس الييئة . المنفردة أحسن لك: إلي المياجع الجماعية ألنني لم أعد أحتمل السجن االنفرادي، فطمب مني الصبر، وقال لي . يا الشيور الستة التالية دون أن يكممني أحد أو يحقق معي من جديدالتي أتيت بيا إلي زنزانتي المنفردة، ومكثت ب

كنت مريضًا بالقولون وأعاني من مرض الربو المزمن، وانتشرت الحساسية في جسدي كمو، ومع ذلك فقد كان العالج ممنوعًا عنا طوال فترة حتي غطي فمي، ولم يسمح لي بحمق شعري طوال ىذه كيمو، وطال شاربي 45ونتيجة لممرض وفقدان الشيية فقد انخفض وزني . السجن

الفترة سوي مرة واحدة، أما المحية فكانت تحمق أسبوعيًا ولكن قص الشارب كان ممنوعًا، وكانت الحالقة من أبرز المناسبات عند الجالدينوباإلضافة إلي ىذه . تح عينيو أثناء الحالقةلممارسة ىواية التعذيب، فكانوا يضربون المساجين عمي رؤوسيم ورقابيم والويل لمن يجرؤ عمي ف

س فمم الحالة المزرية فمم يكن يسمح لنا باالغتسال أكثر من مرة كل شيرين وكانت المياه حارة في الصيف شديدة البرودة في الشتاء، أما المالب . ق وكثرة الضربيسمح لنا غسميا سوي مرتين طوال فترة السجن االنفرادي، ولذلك فقد تشققت بفعل تراكم العر

Page 8: في أقبية فرع فلسطين

بقراءة ( 17)كان الكالم ممنوعًا طوال الوقت، وأي محاولة لقراءة القرآن كانت تقمع بأسموب وحشي، وذات مرة تشجع السجين في منفردة مك ، وكذلك واهلل ما تعيدىا مرة ثانية لشخ بت: بعض السور، ولما سمعو السجان حسن اقتحم عميو زنزانتو وتناولو بالضرب المبرح وىو يقول لو

إذا سمعتك : كان نصيب السجين الذي أخذتو العبرة وىو يمح في الدعاء فسمعو أحد السجانين وأخذ يضربو عمي سائر أنحاء جسده ويقول لو . عم تدعي مرة ثانية لح أكسر راسك يا عرص

صابة بالربو في ميجع النساء فطرقت باب زنزانتي أما أنا فقد دفعت ثـمن نزعتي اإلنسانية غاليًا، عندما سمعت استغاثة مخنوقة من امرأة مشو بدك وال كمب ، فأعطيتو بخاخ الربو الذي أحضرتو معي من حماة وقمت لو أعطو لممرأة : حتي سمعت وقع أقدام السجان حسن وىو يصرخ

بعدىا الركالت والشتائم المقذعة، المسكينة، ولم أكد أنتيي من قولي ىذا حتي لكمني عمي رأسي ثالث لكمات أسقطتني عمي األرض وتتابعتولك عامل حالك شريف يا عرص، نحنا ما عنا إنسانية : ولم أعد أعي شيئًا حولي إال أنني سمعت المعمم حسن يقفل باب الزنزانة وىو يقول

! ىون

( ويمد الواو)األكل اليوم ... كالب يا : كان السجان رفيق يصرخ في أول الممر... أما صيغة اإلعالن عن وصول الطعام فمم تكن تتغير أبداً كان الطعام غاية في القذارة وسوء ( . فعل قوم لوط)والمي بشوفو مو داير وجيو لح ... كل واحد يدير وجيو عمي الحيط ... شوربة ورز

صل إلينا، وكثيرًا ما كنت الطبخ، وكنا نأكل مرق الدجاج دون أن نري الدجاج ألن السجانين ومساعدي مدير السجن كانوا يأخذونو قبل أن ي( في المناسبات)أرفع الصراصير والحشرات األخري عن الشوربة والمرق وأشربـيا، أما إذا كانت الوجبة بطاطس مسموقة، أو إذا قدم لنا التفاح

اكو والخبز الطري فوق وكان السجانون يخبئون الفو . فكانوا يرمونو عمي رؤوسنا الموجية نحو الجدار، وكنا نحظي ببيضتين طوال األسبوع . إلخفائيا عن المدير ويأخذونيا معيم بعد انتياء الدوام( 1)سقف المنفردة

طوال كنا نعاني من البرد الشديد في الشتاء ومن الحرارة الخانقة في فصل الصيف ولم تتغير البطانيات القذرة التي ورثناىا عن السجناء قبمناوباإلضافة إلي انتشار القمل والصراصير، فقد كنا نعاني كثيرًا من الجرذان التي كانت تقتحم عزلتنا ىربًا من . فترة اإلقامة في السجن االنفرادي

ذ حين القطط الجائعة التي كانوا يرسمونيا لمقضاء عمي ىذه الجرذان، وكثيرًا ما كانت القطط تظفر بصيدىا في فتحات التيوية ونعمم بوفاة الجر . نحن نيام يتقاطر دمو عمي رؤوسنا و

الشير في الزنزانة مثل : يومًا متواصمة، وقال لي بأن 180ـ ابتسم ىالل عندما سألتو كيف كان يقضي وقتو في السجن االنفرادي لمدة ص كنت أقاوم وأبحث في خمجات نفسي عن بصي. تمر الساعات الطويمة ويتعاقب الميل والنيار ونحن عمي حالنا... الشيرين والثالثة واألربعة

أمل وأعد األيام عن طريق الحفر عمي حائط الزنزانة، وال أنسي عندما دخمت عمي فراشة فأنست ليا كثيرًا وأخذت أكمميا وىي ال تجيب، وقدلماذا تفعمون بي ىكذا؟ ما ىي تـيمتي بالتحديد؟ أنا ضيف عندكم في ىذه البمد : أصبت عدة مرات بيياج عصبي وكنت أصرخ بأعمي صوتي

لطريقة التي تعاممون بيا الضيوف؟ أىذه ىي ا

اجين وكنا نختمس الساعات التي ينام فييا السجانون في آخر الميل فنتكمم فيما بيننا ىمسًا، وبـيذه الطريقة استطعت التعرف عمي عدد من المس . في االنفرادية، وكنت آنس لمحديث إلييم كثيراً

من قصص الزنازين المنفردة ·

Page 9: في أقبية فرع فلسطين

طمبت من ىالل أن يحدثني عن بعض السجناء االنفراديين الذين جاورىم لمدة ستة أشير، فكان يتذكر بحزن شديد معاناة السجين في الزنزانة الذي كان يستمتع بضربو كمما جاء دوره لمخروج إلي الخالء، فقد كان يأمره أن ( محمد)، ومن سوء المعاممة التي لقييا من السجان (19)رقم

( رفيق)ثم تتردد أصداء صفعة قوية تنخمع ليا قموبنا، ولكن السجان اآلخر في نوبتو ... يديو خمف ظيره ويغمض عينيو ويرفع رأسو يضع يمعن أبوك يا ابن الكمب، ولك شمون ىيك بتخجمني : ، فيتميز محمد غضبًا ويشتم السجين قائالً !ما سمعت ... محمد : كان يضحك ويقول لو

فيأتي ىو ويقوم بنفس الطقوس السابقة، فيأمر السجين بوضع يديو خمف ( رفيق)يصفعو صفعة أخري ال تعجب صاحبو قدام صحابي؟ ، و غماض عينيو ورفع رأسو فيمتثل وىو يئن من شدة األلم، ثم يصفعو صفعة أشد من سابقتييا، ويضحك رفيق ضحكة المنتصر ويقول : ظيره، وا

. عممية تتكرر مع عدد من المساجين كمما جاء دورىم لدخول الخالءوكانت ىذه ال. روح شخ ... ىيك بدي ياك

فكان مصابًا بـمرض السكري ولم يكن يستطيع النوم دون أن يأخذ إبرة في المساء، وكان المسكين يتوسل إلييم ( 13)ـ أما السجين في المنفردة أخر عن ذلك، ثم يأتي أحدىم آخر المطاف مصرًا عمي أن يعطيو اإلبرة يوميًا لعدة ساعات أن يأتوه باإلبرة ولكن السجانين كانوا يتعمدون الت

يمعن أبوك عرص ، وقد استمرت ىذه المأساة ... خود: بنفسو فنسمع صرخات شديدة من جراء الطعنة التي يمقاىا من السجان وىو يقول لو . بصفة يومية طول إقامتي في السجن االنفرادي

انة تتميز عن غيرىا برائحة نتنة تزكم األنوف، ولم يكن يسمح لنزيميا أن ينظف زنزانتو أو حتي أن يغتسل أو كانت ىذه الزنز ( 16)ـ المنفردة . يغسل مالبسو، وكان كمما خرج لمخالء يعيره السجانون برائحتو الكريية ويبصقون عمي وجيو وىو صامت ال يتكمم

خرجونو لمتحقيق يوميًا ويتعرض لـمختمف أنواع التعذيب الذي لم ينقطع عنو يومًا نفسو، كان الجالدون ي( ج)نزيميا المدعو ( 17)ـ المنفردة . واحدًا طوال األشير الستة التي قضيتيا في االنفرادية

ألـم ينتو التحقيق بعد؟ ، فأجابني ببرود : ، ساقني الجالدون إلي غرفة التحقيق مرة أخري، ولما دخل المحقق سألتو2001عام ( يناير)في نني لست متيمًا ولذلك فقد ابتدأوا باألشخاص الميمين، وقد احتاجوا لوقت طويل حتي يأخذوا جميع أقواليم، ولكنو طمأنني بأنني سأخرج عنبأ

كانت ىذه ىي المرة األولي التي أخرج فييا من قبو فرع فمسطين، وكان شكمي مرعبًا لمغاية، فقد طال شاربي حتي غطي فمي بأكممو، . قريبزني وتغيرت مالمح وجيي، وماتت كثير من خاليا جسمي فمم أعد قادرًا عمي المشي أو حتي الوقوف، فاستأذنت المحقق أن أجمس ونقص و

، ولما لم يجد (ج)اسمي وعممي وعالقتي بـ : عمي األرض، وجمس ىو عمي الكرسي فسألني نفس األسئمة التي وجيت لي قبل ستة أشيرروح ، فتوسمت إليو أن ينقمني عمي المياجع الجماعية ألنني لـم أعد أحتمل السجن االنفرادي، فأخذ رقم زنزانتي ياهلل : عندي جديدًا قال بيدوء

فخرجت مع السجانين إلي الميجع المذكور، ولما فتح ( 4)وأمر بإعادتي إلي المنفردة، وبعد تسعة أيام صدرت األوامر بنقمي إلي الميجع رقم رت داخل الزنزانة فإذا ىي ممموءة عن آخرىا، وتضايق المساجين الستة واألربعون من رؤيتي ألنني كنت الباب خرجت رائحة كريية ونظرجعوني عمي المنفردة ، فدفعني السجانون ... رجعوني عمي المنفردة: ولم أتمالك نفسي من الصراخ(. م5ـ 4)سأشاركيم ىذا المكان الضيق

الداخل كئيبًا لمغاية، فمم يكن المكان يتسع لجموس الجميع فاضطر بعضيم لموقوف، ولكنني فرحت كان المنظر في. إلي الداخل وأغمقوا البابكثيرًا عندما عممت بوجود حمام داخل الزنزانة، فاغتسمت ثم حشرت نفسي داخل ىذه الـمجموعة، وكان أول سؤال يوجو إلي ىو سبب سجني،

سبوعين عمي أبعد تقدير، ولم أكن أعمم بأنني سأقضي األشير الخمسة القادمة في ىذا فأجبتيم بأنني لـم توجو إلي تـيمة، وسأخرج خالل أ .الميجع الكئيب

Page 10: في أقبية فرع فلسطين

تغير حالي كثيرًا في الميجع فصرت آكل وأشرب وآنس إلي المساجين وأقضي الساعات الطويمة في التحدث واالستماع إلي المآسي التي يروونيا

من قصص المهجع ·

ل أن يحدثني عن التيم الموجية إلي المساجين في فرع فمسطين، فأطرق لبرىة وأخذ يذكر قصصيم بالتفصيل، وقال ـ طمبت من السيد ىال. في ميجع النساء( عمرىا سبعون عاماً )ـ أتذكر سميمان الذي قضي أحد عشر شيرًا في الميجع، ولم يكن وحده فقد كانت معو والدتو :لي

مكيفين ، وكانت ىذه : ارج اتصل بيم ىاتفيًا وسأليم عن حاليم بعد موت حافظ األسد، أجابوا بدييةكانت تـيمتيم أن أحد أقاربيم في الخ . الكممة كفيمة بجرىم إلي السجن

عاما، كانت تـيمتو أنو قابل أحد الـمنتسبين إلي جماعة اإلخوان المسممين أثناء رحمتو 67ـ أبو أيـمن من الالذقية، رجل كبير في السن عمره لاير إلحدى األسر المحتاجة في سورية، وبعد مرور سنوات طويمة قرر ذلك 500الحج في أوائل الثمانينيات وأعطاه ذلك الرجل مبمغ إلي

ب الشخص أن يعود إلي سورية فذىب إلي السفارة في الدولة التي يقيم فييا وسجل جميع اعترافاتو وذكر اسم أبو أيـمن في الالذقية، وأنو طموعندما أبرقت السفارة إلي دمشق كان المسكين أبو أيـمن يعالج في المستشفي جراء جمطة أصابتو، ولم يكن . لمبمغ المذكورمنو توصيل ا

! المرض ليشفع لو، فقد تم جره من المستشفي إلي فرع فمسطين الستكمال التحقيق

عندما رأيتو كان قد . لي الكتاب والسنة في صفوف الشبابـ محمد شاىر شاب من مدينة حماة متزوج ولديو سبع بنات، وكانت تيمتو الدعوة إقضي سنة ونصفًا، وكان أحد الجالدين قد دأب عمي وضع رأسو في المرحاض وتـمريغ وجيو بحذائو العسكري ومسح شعره بالنجاسة، ونتيجة

.لتكرر ىذا األسموب الوحشي فقد جرحت وجنتو ولم يعد ينبت الشعر في أجزاء من لحيتو وشاربو

من الشباب السوريين والفمسطينيين الذين تجاوبوا مع االنتفاضة الفمسطينية فقاموا بمحاولة فاشمة لتيريب ( 28حوالي )ـ وكانت ىنالك مجموعة بعض األسمحة إلي األرض المحتمة عبر الحدود األردنية، حيث ألقي القبض عمييم، وكنا نستغرب أن يتميز ىؤالء عن غيرىم بأشد أنواع

! ذيب في قمعة الصمود والتصدي، وتـحديدًا في فرع فمسطين التع

الء ـ وكانت ىنالك أيضًا مـجموعة من العراقيين الذين حاولوا التسمل عبر الحدود السورية ليذىبوا إلي لبنان، ومنو إلي أوروبا، وقد فر ىؤ . الشقيق المساكين من الحصار والضيق االقتصادي في بمدىم ليعانوا من الويالت في بمدىم

ـ وأذكر من المساجين أيضًا رجاًل تم القبض عميو بتيمة بيع أشرطة إسالمية أمام أحد المساجد، وبالرغم من أن األشرطة مصرح بيا فقد تم . اعتقالو، وكان يتعرض كذلك لمتعذيب

في محاولة تيريب األسمحة عبر الحدود السورية ـ وال أستطيع أن أنسي رجاًل كان معنا اسمو نعيم، وكانت رجمو مقطوعة، وتيمتو أنو قد ساعد لقد كان الجالدون يضربونو عمي رجمو المتبقية، ولقد رأيت بأم عيني المحم يتساقط منيا عندما يعود من حفمة . إلي األردن، ومنيا إلي فمسطين

ة تمو األخرى لسحب المزيد من االعترافات منو، ولم التعذيب، وكنا نحممو إلي الخالء، وبالرغم من تورم رجمو وانتفاخيا فقد كان يستدعي الـمر يكن ىناك شيء أشق عمي نفوسنا من حممو كل يوم وتسميمو إلي الجالدين الذين كانوا يسحمونو إلي غرفة التعذيب، ثم نسمع صياحو

. وتوسالتو واستغاثتو

Page 11: في أقبية فرع فلسطين

ي القمب، وقد منع السجانون عنو الدواء فكان يتوسل إلييم وكان معنا عقيد سابق في الجيش السوري، وكان كبيرًا في السن ومصابًا بضعف فبأن يحضروا لو نوعًا من الحبوب التي يضعيا تحت لسانو ولم يكونوا يستجيبون لو، وذات مرة سقط عمي أرض الزنزانة وخرج الزبد من فمو

لو عممت شو ما عممت ما في دوا ، ولما ... يا عرص قوم : فطرقنا الباب وأخرجناه محمواًل إلي الممر، فكان السجانون يركمونو ويقولون لوطال بو الحال أحضروا الممرض الذي فحص ضغطو فوجده في حالة خطيرة فرفعوه، وجاءوا بعد فترة فطمبوا مالبسو وأغراضو، وقيل لنا بعد

ند ىؤالء الجالدين الذين كانوا يقولون لنا بعد ذلك أنو قد انتقل إلي رحمة اهلل، وبالرغم من حزننا عميو فمم نجد أي شعور بالشفقة أو الذنب ع . ذلك واهلل غير تموتوا كمكم ىون متل ىالكمب

ىذه ىي الحالة التي كنا عمييا طوال األشير الخمسة التي قضيتيا في الميجع؛ كنا نزدحم مثل قطيع من األغنام في زنزانة ال تتسع لنصفنااآلخرون، وفي فصل الصيف كان يتطوع بعضنا لمقيام بعممية التيوية بمالبسيم القذرة، وكان نتبادل األدوار في النوم فيقف بعضنا وينام

لتعذيب، الجالدون يأتون بين الفينة واألخري وينادون باسم الضحية فيتقدم من بيننا خائفًا مرتعشًا، وال نمبث أن نسمع صياحو وأنينو من غرفة ا . تطل عمي غرفة التعذيب فكنا من خالليا نتمكن من معرفة ما يقع عمي إخواننا من البالءومن سوء حظنا أن فتحة تـيوية الميجع كانت

صور من التعذيب ·

ثم ينتقل ىالل لمحديث عن التعذيب في فرع فمسطين، وما يسببو ذلك لو من كوابيس مفزعة، فقد كان الجمد بأسالك الكيرباء الرباعية ج منو أحد قط، ولكن أصحاب التيم الخطيرة كانوا يتعرضون لنوع آخر من التعذيب أبرزىا الكرسي األلماني أمرًا اعتياديًا، ولم ين( الكيبالت)

الذي يثبت عميو السجين ثم يرجع بو إلي الخمف حتي يصبح رأسو قريبًا من رجميو فيفقد وعيو من شدة األلم، وكثيرًا ما أصيب المساجين مندما يعود إلينا زمالؤنا في الميجع بعد جموسيم عمي ىذا الكرسي كنا نمددىم عمي األرض وندلك جراء ذلك بآالم مزمنة في الظير، وعن

. ظيورىم، ويبقون متمددين عمي حاليم أيامًا طويمة بسبب عجزىم عن الوقوف أو المشي

مؤخرتو ويضرب بعد ذلك بالعصي وكان الجالدون يستخدمون الدوالب فيخرجون رأس السجين مع يديو ورجميو ويبقي في الطرف اآلخر ظيره و . حتي يعترف عمي نفسو بكل ما يممي عميو

وكثيرًا ما كان يشتكي زمالؤنا في الميجع من تعميقيم مثل الخراف وتعريتيم وضربيم عمي جميع أنـحاء الجسد، ولم يكن الضرب أشد إيالماً . قادر عمي تحريك يديو وقد يستمر عمي ىذه الحالة لبضعة أياممن تحمل الرسغ لسائر ثقل الجسم، فيعود السجين إلي زنزانتو وىو غير

بقونو كنا نعرف طريقة التعذيب من تتابع صياح الضحية، ثم ينزل المسكين ويحكي لنا ما فعل بو الجالدون، وكثيرًا ما كانوا يأخذون المعتقل ويانزل ولك كمب، بكرة منشوف شغمنا معك فينـزل : المحقق ويقول لو واقفًا طول النيار وىو مقيد ومغمض العينين خارج غرفة التحقيق، ثم يخرج

. مرة أخري تحت ضرب الجالدين وركميم حتي يدخل الزنزانة

مهجع النساء ·

امرأة، وكان بعض النساء يصطحبن أطفالـين فكان في الميجع طفل عمره 14يقدر ىالل بأن عدد السجينات في ميجع النساء كان حوالي سنة كانوا يرون أمياتيم يشتمن بأقذع األلفاظ الفاحشة التي يندي ليا الجبين 11ت وبنت عمرىا أربع سنوات وأخري عمرىا خمس سنوا

طاع ويسمعون أصوات التعذيب، وكنا نرق لبكاء األطفال الذين يذكروننا بأبنائنا فمم يكن أحد منا يعرف حال أىمو بعده النعدام الصمة واالنق . يعن العالم الخارج

Page 12: في أقبية فرع فلسطين

سنة جيء بـيما مع والدىما، وكانت ىناك امرأة متزوجة منذ خمسين 17سنة حافظة لمقرآن الكريم وأخري عمرىا 16كانت ىناك طفمة عمرىا شو دخمني : يومًا جيء بيا وىي حامل، وأذكر أنني سمعت صوت ثالث نساء يسقطن، وكانت النساء تصرخ بطمب الطبيب، فيجيبين السجان

. اتصرفوا ، ولم تكن تجدي فيو االستغاثة والولولة والعويل الذي يستمر لفترة طويمة ثم ينقطع بالتدريج... غمتكن أنتو النسوانىاي ش... أنا

لقد ماتت الشفقة والرحمة في قموب ىؤالء السجانين الذين لم يكونوا يميزون بين رجل وامرأة وطفل، فقد وضعت البنت ذات الستة عشر ربيعاً زنازين المنفردة، وكان أحد السجانين يفتح عمييا الباب دون إذن فتصرخ لكرامتيا، ولما تكررت ىذه الحادثة ىب المساجين من في إحدي ال

باط الزنازين المنفردة والمياجع وأخذوا يطرقون بأيدييم العارية عمي األبواب الحديدية غضبًا ليذا االستيتار حتي نزل العميد وعدد من الضوعندما استطعنا التواصل مع ميجع النساء عن طريق أنابيب التمديدات الصحية كانت ىذه البنت المسكينة . إلي مكان آخرونقموا البنت

الذي كان يصفعيا عمي وجييا ويفحش في السب والشتم، وال يزال ( شادي)تطمب والدىا وتبكي بكاء حارًا يقطع قموبنا وتشتكي لو من السجان عمبيضربني وكل المساجين يشاركون والدىا البكاء ( شادي)ىدا الحارس ... بابا... بابا: ل بصوت طفولي بريءصوتيا يرن بأذني وىي تقو

. من قمة الحيمة واليوان

. وقد حدثني بعض المساجين بأنـيم رأوا إحدي النساء في غرفة التحقيق وقد عراىا الجالدون وىي تستر ما تستطيع بيدييا وتولول وتستغيثالنساء يستقبل بين الفينة واألخري بعض النساء المتيمات بالدعارة وتمقي النساء األخريات من سوء خمقين الكثير، وكان وكان ميجع

ذا اشتكت أي امرأة محتشمة من ذلك السجانون يفتحون باب الميجع النسائي ليتمذذوا بمشاىدة رقص ىؤالء النساء ونحن نسمع كل شيء، وا بل كانوا يتعمدون اإلساءة إلي المرأة التي تحافظ عمي سترىا وينعتونـيا . سوا يا كمبات، ىي أشرف منكن كمكن اخر : كان الحارس يصرخ بـين

. بأقذع الشتائم، وكنا نسمع وال نستطيع أن نحرك ساكناً

الفساد ·

زنازين مزدوجة بحجم 4، و(180ـ 80)زنزانة انفرادية 19، و(م5ـ 4)مياجع جماعية 10يتكون قبو سجن الفرع من ممر طويل فيو سجناء، وال ندري كيف كانوا يجمسون أو ينامون فييا، بل إن أحد المساجين قد قضي في المزدوجة 8المنفردة مرتين، وكان توضع في بعضيا

. وكان ىناك عدد من المياجع في الطابق األرضي. سنة ونصف يشاركو سبعة آخرون في كثير من األحيان

شادي وحاتم وأبو عصام، وكانوا غاية في السوء والفظاظة ولم تكن األلفاظ : كان مدير السجن برتبة مساعد أول واسمو أحمد، ولو ثالثة نواب البذيئة والفاحشة تغادر ألسنتيم عمي اإلطالق، أما الحراس فكانوا ثالث مجموعات من خمسة سجانين، تسمي نوبات، مرتبة

: عمي النحو التالي

. ، وسامر(أبو غضب)رامز، وعمي، وخصيم : ـ نوبة المعمم أبو سومر ومعو

. إبراىيم، ورفيق، ومحمد، وأحمد: ـ نوبة المعمم حسن ومعو

. سامر، وعمي، وحسام، وجمال: ـ نوبة المعمم محسن ومعو

ين بدقة متناىية فكانوا جميعًا من أبناء الطائفة وقد تم اختيار ىؤالء السجان. وقد كانت ىذه المجموعات الثالث تتناوب عمي حراسة الزنازينالحاكمة ومن أصحاب السوابق الذين يمتينون األعمال الدنيئة، وكانوا عمي درجة عالية من الغالظة وسوء الخمق فيشتمون بعضيم البعض

Page 13: في أقبية فرع فلسطين

لوحيد، ونشأت عن ىذه الحاجة سوق رائجة لقد كان السجن ىو مصدر رزقيم ا. بألفاظ نابية ويتمذذون بتعذيب المساجين ويتسابقون في أذيتيم : ال يعرفيا إال من دخل فييا والعياذ باهلل

ففي المرحمة األولي يتعاون المدير مع عصابات أمنية في الخارج لمساومة أىالي السجين عمي أغمي ثـمن لقاء زيارتو، وكانوا يقتسمون ىذهليرة سورية عن كل زيارة من خالل عصابة 5000عممنا بأن المدير كان يحّصل وقد . المبالغ فيما بينيم كل حسب النسبة المتفق عمييا

. تتعاون معو خارج السجن

ال ثم يسمم األىالي مدير السجن األموال واأللبسة والمأكوالت التي أحضروىا ألبنائيم فيقتسم الغنيمة مع الحراس وال يصل لمسجين من ذلك إتركولك أىمك ألفين ليرة ، وال يستطيع : ليرة يقتطع المدير منيا ثالثة آالف ويقول لمسجين بابتسامة خبيثةالقميل؛ فإذا ترك األىالي خمسة آالف

وطالما كنا ننظر إلي السجانين وىم يتخاطفون الكباب والحمويات ويأكمونيا بشره وىم يتضاحكون بينما ال يصل . السجين أن ينبس ببنت شفة .إلي السجناء منيا شيء

: لنا بشراء بعض المواد الغذائية مرة في الشير فنشتري الجبن والشاي والسكر والسجائر والصابون، وكانوا يسمون ىذه المناسبةوكان يسمح وكانت ىذه فرصة كبيرة لمنيب والسرقة ! األمانات : ندوة ، ثم نوقع تـخوياًل لممدير بصرف المبمغ المطموب من أموالنا في عيدتو، وتسمي

. سجين في فرع فمسطين، فيعمد مدير السجن الي تسجيل البضائع بأسعار مضاعفة ويأخذ الفرق عمي حساب المعتقمين 500فيناك نـحو

خاطفون ما أما السجانون فكانوا يرغموننا عمي شراء ما يحــــتاجونو ىم، وعند تسميم البضائع كان السجانون يتجــــمعون عمي باب الزنزانة ويتـــيعترض عمييم من المساجين، وأذكر أنني اشتريت عمبتين من جبنة البقرة الضاحكة ولم يصمني منيا عند التسميم سوي يريدونو والويل لـمن

إزا جعتوا أنتو : بل إن السجانين كانوا يشربون الشاي ويستخدمون السكر والصابون الذي نشتريو ويقولون لنا! ثالث مثمثات من العمبة الثانية . نحنا منجوع

حنة التي مرت بيا أسرتي فيي خير مثال لما يتعرض لو أىالي آالف المعتقمين في سورية، فقد استطاع أحد السجانين أن يتعرف عمي أما المعنوان أىمي في حماة، فكان يذىب إلييم بنفسو ويدعي بأنني طمبت منو أن يحضر إلي بعض األموال، واستطاع بيذه الطريقة أن يسرق منيم

ليرة سورية حتي اضطرت زوجتي لبيع حمييا، وأخذ منيم كميات كبيرة من األجبان والزيتون والمرتديال واألدوية والمالبس، أكثر من مائة ألف وكان كمما تأخر عميو أقاربي في الدفع يمفق األكاذيب عن حالتي في السجن ليستدر عطفيم ويحثيم عمي بذل المزيد، ولم يكن يخجل من

التي أرسموىا لي في زيارتو السابقة ليم، ولما عمموا بفساد نيتو وسرقتو انقطعوا عنو، فجاء إلي واعترف لي ببعض زيارتيم وىو يرتدي المالبسفقد ما فعل فغضبت لذلك وصرخت، ولكن لم يكن لي حيمة وأنا خمف القضبان، أما ســـــبب اعترافو فيو رغبتو في تـــــاوني معو ألخذ المزيد،

مب إلي أن أكتب رسالة لزوجتي حتي تتأكد أنو مرسل من قبمي، ولما امتنعت أخذ يخبرني أخبارًا سيئة عن زوجتي أعطاني ورقة وقممًا وطوعندما فقد األمل من االستمرار في لعبتو انتقم لكرامتو الميدورة عن طريق إخبار زوجتي بأنني قد قتمت تحت التعذيب فخرت مغشيًا . وأوالدي

. أيام عمييا وقضت في المستشفي عدة

ولكن التجارة الحقيقية كان يمارسيا رجال أكبر من السجان، فقد عرض بعضيم عمي والد زوجتي اإلفراج عني لقاء مبمغ مميوني ليرة سورية، فاجتيد في جمع المبمغ، ولكنو انتقل إلي رحمة اهلل بعد أن أصابتو سكتة قمبية من شدة الحزن، وكان ضعيف الجسم ال يقوي عمي مواجية

ولمقارئ الكريم أن يتصور حالة أسرة واحدة من آالف األسر نكبتيا أجيزة األمن السورية؛ فالزوجة في . لضغوط التي كانت تـمارس عميوا المستشفي ووالدىا في القبر وزوجيا في السجن وأوالدىا يبكون في الميل والنيار ال يعرفون سبب ما حل بـيم من بالء، ومع ذلك فالعصابات

Page 14: في أقبية فرع فلسطين

أما في . تبتزىم إلي آخر لحظة، وكل واحد منيم يطمب نصيبو من الغنيمة دون أن تعرف الشفقة والرحمة سبياًل إلي قموب ىؤالءاألمنية الميجع فقد كان عمينا تحمل نفقات سفر المساجين الذين أفرج عنيم فكان المساعد أول أحمد يطمب منا أن نتبرع بثمن توصيل زميمنا إلي

ولما اشتد عمي مرض الربو جاء المعمم محسن وىو يوبخ . لمدير عشرة أضعاف ثمن التوصيل ويحتفظ بالباقي لنفسومـــــنزلو، فيجمع االمساجين عمي قسوة قموبيم وعدم تبرعيم لي بالدواء، وىب المساجين كل يدفع ما يستطيعو من صندوق األمانات، ومع ذلك فمم يصمني أي

! كان يأخذ ىذه األدوية ويتاجر بـيا في الخارج دواء وعممت فيما بعد بأن المعمم محسن

ويمكن سرد مجمدات من قصص المآسي المروعة التي كانت تحدث في وقت الزيارة، فبعد انقطاع أشير طويمة بل وسنوات يسمح مدير أبنائيم أكثر من دقائق معدودة، السجن لألىالي برؤية ذوييم شريطة أن يدفعوا المبالغ الالزمة، وعندما يصل األىالي ال يسمحون ليم برؤية

وكانت النساء يتعرضن لإلساءة والميانة من قبل الحراس الذين ال يمكن اتقاء شرىم إال بدفع المبالغ المجزية ليم، وقد أصيب أحد نزالء وا لو بتقبيل ابنو لممرة األخيرة الميجع واسمو خميل محسن بانييار نفسي بعد زيارة أىمو لو، فقد كان والده المقعد يتوسل إلي الحراس أن يسمح

. قبل أن يموت، ولم يسمحوا لو بذلك بل جروا ولده الماثل أمامو من خمف الشبك إلي ميجعو

اإلفراج ·

الماضي استدعيت إلي إدارة السجن ( يونيو)مرت خمسة أشير في الميجع دون أن أقابل أحدًا من المحققين، وفي أواسط شير حزيران وأخبرني المحقق بأن السفارة البريطانية قد تدخمت بقوة لإلفراج عني وبأن السفير قد اتصل بيم عدة مرات وتحدث إلي مجمس األمن القومي

غمرتني سعادة عارمة وىرعت إلي زمالئي في الميجع وأخبرتيم الخبر . جوا عني ما دمت لم أرتكب أي مخالفة لمقانونوضغط عمييم ليفر استدعيت إلي اإلدارة من جديد ولقيني 2001/6/20وفي يوم األربعاء . ففرحوا لي فرحًا شديدًا وأخذ بعضيم في البكاء لقرب مغادرتي لـيم

: بمطافة لم أعيدىا، ودار بيننا الحوار التالي محقق كبير في السن فتحدث معي

ـ ال تكون زعالن عمينا ؟ ·

ـ ىمكتوني واهلل ·

! ـ وأنت ال تقول أنك مو غمطان ·

ـ وشو غمطي؟ ·

!!! ـ ليش بتتعرف عمي ىيك أشكال؟ ·

ـ واهلل ما بعرفو ·

. تخاف اليوم منطمعك، ال... خمص ... خمص : ـ فقال بضجر·

ضب غراضك ، وبعد ساعتين نادوا باسمي وأصعدوني مرة أخري، حيث بصمت عمي مجموعة : ثم نزلت إلي الميجع، وقال لي الحرس· ليرة، وصرخ بالحراس بغيظ وكأنو قد انقطع رزقو 150أوراق ال أدري ما ىي، ورمي إلي مدير السجن جواز سفري وىوية زوجتي وحوالي

لتشميسة ، ثم وصمت السيارة التي ستقمني إلي الجوازات، وجاء السجان أحمد بوجو يختمف عن الذي عرفتو بو خالل األشير ارموه با: بخروجي :الماضية قائاًل بمطف

Page 15: في أقبية فرع فلسطين

! ما بدك تعطينا شي؟... شو ىالل

فأجبتو ما بقي عندي شيء ·

فتمنعت عنو، ولم يغادرني حتى جاء ! عة من إيدك لشوف طيب ىات ىالسا: فتفحصني إلي أخمص قدمي وقال بوقاحة منقطعة النظير· : أحد المحققين ليبمغني الرسالة األخيرة، فأعمن لي بصوت مرتفع وبكل ثقة

!!! إزا فتحت تـمك منعرف شمون نجيبك مرة تانية ·

البريطاني وبعض أعضاء السفارة حاضرين، ثم غادرت السيارة إلي قسم اليجرة والجوازات، حيث أدخمت مقيدًا إلي غرفة العميد وكان القنصلكنا نبحث عنك ونسأل السمطات السورية، ولكنيم كانوا ينفون وجودك عندىم : لماذا تأخرتم طوال ىذا الوقت؟ فقال لي القنصل: فسألتيم بحرقة

.تي وأوالدي قد غادروا إلي لندنوأخرج لي ممفًا كبيرًا فيو مراسالت تـثبت بأنيم كانوا مجتيدين في البحث عني، ثم طمأنني بأن زوج

ام لم أكن أعرف أن منظري كان مرعبًا، ولم أدرك مقدار التغير الذي حل بي إال عندما رأتني والدة زوجتي فسقطت مغشيًا عمييا في الشارع أم .الناس

وفرح؛ أما الفرح فكان لمقاء أطفالي وال بد أن أعترف بأنني لم أشعر باألمان إال عندما غادرت الطائرة مطار دمشق، وكان يتجاذبني حزنسجن، الذين لم أرىم منذ حوالي سنة، وأما الحزن فكان لمذين ذرفوا الدموع المحرقة عندما ودعوني في الميجع، فقد أمضينا أشيرًا طويمة في ال

أن أبمغ العالم بـمعاناتـيم وأستصرخ : وكان آخر ما أوصوني بو وأنا خارج من الزنزانة. ولم يكن أحد منا يعرف ما ىي تـيمتو وما ىو مصيره .أصحاب الضمائر الحية ليعمموا عمي رفع البالء عن ىؤالء المظمومين

أال ىل بمغت؟