تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

Transcript of تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

Page 1: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)
Page 2: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)
Page 3: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)
Page 4: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

املعامل حول جاد حوار بلورة اإىل وتهدف للعلماء، املحمدية الرابطة ت�صدرها جملة الإحياء الفكرية الآتية:

�صبل ومناهج القيام بقراءة تاأ�صي�صية م�صتاأنفة للرتاث الإ�صالمي. �

فهم التحولت والأ�صيقة و�صرورته لفقه الن�صو�ص الثابتة وتنزيلها على الواقع املتغري. �

الك�صف عن جمالية الإ�صالم. �

اإبراز الدور الروحي واحل�صاري للمغرب. �

Page 5: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

ف�صلية حمكمة تعنى بال�صاأن ال�صرعي والفكري ت�صدر عن الرابطة املحمدية للعلماء30 درهما – ثمن الن�سخة: 2012م 1433ه/ماي الثانية 36، جمادى العدد

املعامل حول جاد حوار بلورة اإىل وتهدف للعلماء، املحمدية الرابطة ت�صدرها جملة الإحياء الفكرية الآتية:

�صبل ومناهج القيام بقراءة تاأ�صي�صية م�صتاأنفة للرتاث الإ�صالمي. �

فهم التحولت والأ�صيقة و�صرورته لفقه الن�صو�ص الثابتة وتنزيلها على الواقع املتغري. �

الك�صف عن جمالية الإ�صالم. �

اإبراز الدور الروحي واحل�صاري للمغرب. �

www.arrabita.ma

مجـلة اإلحـيـاء املدير امل�ص�ؤول: اأحمد عبادي، الأمني العام للرابطة املحمدية للعلماء / رئي�س التحرير: عبد ال�صالم طويل

العن�ان: اإقامة املوحدين، العمارة 107 ال�سقة 7، الطابق الرابع، �سارع فال ولد عمري، اأكدال ـ الرباط الهاتف: 05.37.67.40.47 )212+(/الفاك�س: 05.37.67.03.51 )212+(

www.alihyaa.ma:امل�قع الإلكرتوين للمجلة / [email protected] :الربيد الإلكرتوين Attijariwafa Bank n° 448A 000094 :رقم الإيداع القان�ين: 1981/41 / احل�صاب البنكي

املحرر املنفذ: خالد رابح / الإخراج: اإبراهيم كوزاwww.arrabita.ma :الطبع: دار اأبي رقراق / الت�زيع: �سابري�س / م�قع الرابطة

Page 6: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

قواعد الن�شر باملجلة

واملنهجية، وين�صجم مع الأ�صالة والعمق نتاج �صرعي وفكري تتحقق فيه املجلة بكل ترحب �

اهتماماتها.ي�صرتط يف امل�صاهمات األ تكون قد ن�صرت اأو مقدمة للن�صر يف مكان اآخر. �

ينبغي �صبط الآيات القراآنية برواية ور�ص عن نافع. �

يراعى يف البحوث اأن تكون موثقة بطريقة علمية خا�صة فيما يتعلق بالتوثيق وامل�صادر، مع �

اإحلاق ك�صف امل�صادر واملراجع والهوام�ص يف نهاية البحث.يحق للمجلة اإعادة ن�صر امل�صاهمات املن�صورة فيها، يف كتاب اأو درا�صة م�صتقلة. �

ل تلتزم املجلة باإعادة امل�صاهمات اإىل اأ�صحابها يف حال عدم ن�صرها. �

تعك�ص الآراء الواردة يف املجلة وجهة نظر اأ�صحابها ول تعرب بال�صرورة عن راأي املجلة. �

اأرج� ت�صجيل ا�صرتاكي مبجلة الإحياء ملدة �صنة ابتداء من العددال�صم

العن�انالبلد الرمز الربيدي املدينة

الربيد الإلكرتوين الهاتف

100 درهما على بنك التجاري وفابنك، اإي�صال )reçu( ح�الة بنكية بقيمة اأو 100 درهما. مرفق �صيك بقيمة 448A 000094 ح�صاب رقم

التايل: العن�ان اإىل ال�صرتاك ق�صيمة مع وتر�صل Minbar rabita با�صم البنكية واحل�الت ال�صيكات حترر اإقامة امل�حدين، العمارة 107 ال�صقة 7، الطابق الرابع، �صارع فال ولد عمري، اأكدال، الرباط

ق�شيمة اال�شرتاك

على الت�فر ب�صرط ، � %50 ن�صبته بتخفي�س الإحياء جملة يف ا�صرتاك على احل�ص�ل الباحثني للطلبة ميكن �صهادة متابعة الدرو�س الثان�ية اأو اجلامعية.

Page 7: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)
Page 8: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

ترح��ب جمل��ة الإحي��اء ب��كل نتاج �ص��رعي وفك��ري تتحق��ق في��ه الأ�ص��الة والعم��ق واملنهجية، وين�ص��جم مع اهتماماته��ا، كم��ا اأن للكتاب والباحثني حرية اختيار الزاوية التي تنا�ص��ب اهتماماته��م الفكرية والثقافية.

Page 9: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

ترح��ب جمل��ة الإحي��اء ب��كل نتاج �ص��رعي وفك��ري تتحق��ق في��ه الأ�ص��الة والعم��ق واملنهجية، وين�ص��جم مع اهتماماته��ا، كم��ا اأن للكتاب والباحثني حرية اختيار الزاوية التي تنا�ص��ب اهتماماته��م الفكرية والثقافية.

مدارات فكرية �

حوارات حية �

مباشر مع األمني العام �

منتديات تفاعلية �

أخبار ومستجدات �

خدمة القرآن الكريم �

البوابة اإللكرتونية للرابطة املحمدية للعلماءفضاء إعالمي وعلمي متجدد..

Page 10: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 1036

36

ـــــــــراءات 30 قوطــرق بــاملــقــا�ــســــــــد ــتــنــجــاد ال�ــســـ • ا�سـتثمـارهــا قراءة يف كتاب "م�ساهد بن اهلل عبد للدكتور املقا�سد" من

ال�سيخ املحفوظ بن بيه د. حممد املنتار

تعددية الفرعية: واجلماعات الأمــة • كتاب يف قـــراءة الــوحــدة، كنف يف Patrick لـــ الثقافية" "التعددية

SAVIDAN د. عبد ال�سالم طويل

ــنــقــاش 52 ــل رؤيــة لال و�ســـوؤ ــيــم ـــ ـــ والــقـــ ــوملــة ـــ ـــ ــعـــ ال •

ت يا لغــا ا ذ. عز الدين العزماين

ــــــــوار 62 حالإ�سـرتاتيجية ــعــاد ـــ واأب ــددات حمـــ •

الثقــافية للعــامل الإ�ســـالمــي مع د. عبد العزيز بن عثمان التويجري

حديث اإلحـــيـــاء 12النظر املقا�سدي و�سوؤال التجديد •

د. اأحمد عبادي

ــرابــطــة 16 فعاليات الالرابطة الــبـــــوابــة اإىل املـــــوقــع مـــــن • التحولت تواكب للعلماء املحمدية

الإعالمية الرقمية احلديثةفـن ال�سـماع ال�سـويف من خالل درا�سة • احلراق التهامي حممد د. وحتقيق ما بيان يف ـــوار الأن "فتح ملخطوط:

يعني على مدح النبي املختار"الـرتاث العـربي الإ�سـالمي ودوره فـي •

نه�سة الأمـــةالعــــــلوم الإ�ســــالمية ومـنـهجـيـات •

التاأويـــــل

ملف الــــعــــدد 72 ال�صريعة مق������ا�صد ع�������لم

وواج������ب التج����دي��د

اأ�س�س ومنطلقات الفكر املقا�سدي �

بالأنـدل�س املــالكية عـلماء عند -مرحلة ما قبل ال�ساطبي-

نــظـــــريــة حـــــفــظ الــكــــــــلــيــات من �

جانبي الوجود والعدم فـي الــواقع املـعا�ســـر: -درا�سة مقا�سدية-

بني املح�سة واملفا�سد امل�سالح �

الوجــود والعــــدم -درا�سة نقدية يف املفهوم والنتائج-

من جتليات التداخل بني الأ�سول �

ال�ســاطبــي: عنـد والت�ســوف نظرة يف املقـا�سـد اجلماليــة

الجتماعية بالرعاية النهو�س �

ال�سريعة ــد مــقــا�ــس �ـــســـوء يف الإ�سالمية

مقاربة ـــران: ـــم ـــع ال مــقــا�ــســد �

فل�سفية-تاريخية

هذا العددهذا العددهذا العدد

52 رؤية للنقاشالغــايات و�ســـوؤال والقـــيم العـــوملة

176 جمالياتال بـ اعـر عـبــد الكـرمي الط مـــع ال�ســمـن خـالل ديوانه "كـتـاب العـنـايـة"

Page 11: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

11 العدد 36 |

ترحب جملة الإحياء بكل نتاج �ص��رعي وفكري تتحقق فيه الأ�ص��الة والعمق واملنهجية، وين�ص��جم مع اهتماماتها، كما اأن للكتاب والباحثني حرية اختيار الزاوية التي تنا�صب اهتماماتهم الفكرية والثقافية.

مالكيات 152ـــل العـــــــرتاف ـــي ـــس ـــاأ� املـــالـــكـــيـــة وت • -مراعاة الــفـقهي: بالخـتـــالف

اخلالف اأمنوذجا- د. اأحمد غاو�س

ــات 164 ــي ــال ــم جال�سريف، النبوي باملولد الحتفال • ودوره يف ت�سكيل فن ال�سماع باملغرب

مقاربة اأولية د. حممد التهامي احلراق

ال بـ الط الكـرمي عـبــد اعـر ال�ســ مـــع • مـن خـالل ديوانه "كـتـاب العـنـايـة"

د. �سعيد �ساجد الكرواين

ــة لــــالأديــــب ــي ــرب ـــ ـــ ـــ ــغ يـــــــومـــــــيـــات م • الأ�ستاذ عمار حممد جحيدر د. عبد احلميد عبد اهلل الهرامة

دراسات شرعية 198 ومقــ�سد الــنــــــــــــــ�ــســـــل ــايــة ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ رعـــ •

ال�ستخــالف يف الجتهاد الأ�ســـويل د. اأحمد كروم

رؤى وتصورات 214مقـاربة املفاهيمي الدر�س اأهمية يف • املعـــرفـيـة املـــداخـــــــــــل يف اأولــــيــــة

واملنــهـجـيـة ذ. حممد الطويل

عليه اهلل �ــســلــى الــنــبــي، هـــدي مــن • و�سلم، يف التعاي�س مع الآخر: -ميثـاق

ن�سـارى جنـران منـوذجا- ذ. حممد النا�سري

رسائل جامعية 234ال�سـنة بــني واإ�سكاليته العقدي البعد •

وال�سيــعة: ائتـــــالفا واختــــالفـا د. امل�سطفى البوعزاوي

�صارك يف امللفد. عبد الكرمي بناين

د. ح�سان �سهيدد. ه�سام تهتاه

ذ. اإدري�س الرتكاويد.عبد الرحيم بنجلون

د. جمال باميدراسات شرعية

ومقــ�سد الــنــــــــــــــ�ــســـــل رعــــــــــــــــــــايــة ال�ستخــالف يف الجتهاد الأ�ســـويل

198 رؤى وتصوراتعليه اهلل �سلى النبي، هــدي مــن و�ــســلــم، يف الــتــعــايــ�ــس مــع الآخــــر: -ميثـاق ن�سـارى جنـران منـوذجا-

226

Page 12: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 1236

حديث الإحياء

النظر املقاصـدي وســؤال التجديد

د. اأحمد عباديالأمني العام للرابطة املحمدية للعلماء

الأمة، علماء عند به امل�سلم الإ�سالمية ال�سريعة اأحكام اأن مقا�سد؛ لــتــحــ�ــســيــل ــرعــت ــس � اإمنــــا غــايــتــهــا حتــقــيــق مــ�ــســالــح الــنــا�ــس يف املقا�سد هذه وبع�س والآجل، العاجل الكرمي الـــقـــراآن يف عــلــيــه مــنــ�ــســو�ــس الت�سريح، وجه على ال�سريفة وال�سنة الإمياء وجه على اإليه م�سار وبع�سها وال�سرب والإخالة، والدوران والتنبيه،

وظاهر من�سبط وبع�سها والتق�سيم، حتديده يف النظار يختلف ل بحيث

به. والعتداد اأحكام مــن حــكــم كــل يف روعـــي وقـــد �سرورة ومراعاة حفظ اإما ال�سريعة املعهودة: اخلــمــ�ــس الــ�ــســروريــات مــن والن�سل ــعــقــل وال والــنــفــ�ــس )الـــديـــن ال�سروريات مــن غريها اأو واملـــال(، ــاة ــطــور احلــي ــت ــبــعــا ل ــة، ت ــحــدث ــت ــس ــ� امل

من

Page 13: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

13 العدد 36 |

حديث الإحياء

يبرز الفكر المقاصدي اليوم

باعتباره مجاال علميا غنيا، يمكن إذا تم تسييقه، أن يفتح أمام الباحثين أبوابا

جديدة لالشتغال واإلبداع..

الجـــتـــمـــاعـــيـــة وتـــركـــيـــبـــهـــا، وتـــعـــدد التي ال�سروريات وهي م�ستلزماتها؛ عليه يــنــبــنــي الــــذي �ـــســـا�ـــس الأ ــل متــثكل يف الب�سري والــعــمــران الجــتــمــاع مــراعــاة وحفظ واإمـــا ومــكــان؛ زمـــان ورودها لول التي احلاجية، امل�سالح بالنا�س لــلــحــق الـــ�ـــســـروريـــات ــى عــلوالعنت ال�سيق مــن ي�سري غــري قــدر واحلرج؛ واإما مراعاة وحفظ امل�سالح مبكارم ربطها جرى التي التح�سينية، وهو الـــعـــادات. ــن الأخـــــالق وحمــا�ــسمعا�سرون باحثون و�سعه الذي الربط املبداأ م�ستوى اإىل بــالأخــالق ارتــقــوا

امل�سالح. لكل احلاكم املرجعي ملباحث التاريخي ال�سياق يف والناظر مباركا جهدا يلحظ ال�سريعة، مقا�سد عن والك�سف حلقاتها، ا�ستبانة يف م�سالكها، وذلك منذ مرحلة التاأ�صيل الكرمي ــراآن ــق ال نـــزول مــع املرجعي ال�سريفة، ال�سنة العملية وترجمته النظري التاأ�صي�س مبراحل: مرورا الإمام اأمــثــال من الأوائـــل ــرواد ال مع 320ه(، )تـــويف احلــكــيــم الــرتمــذي الكبري الــ�ــســا�ــســي ــال ــف ــق ال والإمــــــام ــهــري ب الأ والإمـــــام 365ه(، ـــويف )تالعامري ــــام والإم 375ه(، )تـــويف )تويف الباقالين والإمــام )381ه(، اجلويني احلــرمــني واإمـــام 403ه(، ــغــزايل ال والإمـــــام 478ه(، )تـــويف الــــرازي والإمــــــام 505ه(، )تــــويف الآمــــدي والإمــــــام 606ه(، )تــــويف اجلمع مرحلة ثــم 631ه(. )تــويف

والتفعيل النظري التاأ�صيل بني بن العز العلماء �سلطان مع العملي والإمام 660ه(، )تويف ال�سالم عبد تيمية وابــن 684ه(، )تــويف القرايف القيم ابــن وتلميذه 728ه(، )تــويف الن�صج مرحلة ثــم )تويف751ه(، مع املنهجي والإب����داع ال��ن��ظ��ري ال�ساطبي اإ�سحاق اأبي الإمام اللوذعي و�سول 790ه(... )تـــويف املــالــكــي وا�صتئناف الإح��ي��اء مــرحــلــة اإىل جيل مــــع امل��ق��ا���ص��دي الج���ت���ه���اد الرابع ــقــرن ال مــن ــاين ــث ال الــنــ�ــســف اليوم)الأ�ستاذ اإىل الــهــجــري ع�سر ابن الطاهر وال�سيخ الفا�سي، عالل دراز...( اهلل عبد وال�سيخ عا�سور، الكرمية، الــزمــرة هــذه حــاولــت ــد وقالعلم، هـــذا نــ�ــســو�ــس اأهــــم حتــقــيــق حمتويات وقـــــراءة نــقــده، وحمـــاولـــة على وتركيزا تدقيقا م�سنفاته، اأهم جتديد يف واجــتــهــادا ق�ساياه، بع�س ــداول ــت مــ�ــســامــيــنــه، وتــقــريــبــهــا مــن ال

العام..ويــــــربز الـــفـــكـــر املـــقـــا�ـــســـدي الـــيـــوم اإذا ميكن غنيا، علميا جمال باعتباره الباحثني اأمام يفتح اأن ت�صييقه، مت بـــداع، والإ لال�ستغال جــديــدة ــا ــواب ب اأولوجوها اإن يــ�ــســتــطــيــعــون، بـــوابـــا اأمتجددة بــقــراءة القيام مب�سوؤولية، اآليات ــالك ــت وام ــي، ــوح ال لــنــ�ــســو�ــس وتنزيل الــفــقــهــي، لــالجــتــهــاد جــديــدة كما الــوقــائــع، على لــالأحــكــام متجدد اإدراك تقريب ذلك من �سوف ميكنهم

Page 14: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 1436

حديث الإحياء

العاملني. من وال�سريعة ال�سرع فحوى للمقا�سد الــوظــيــفــي الــبــعــد ويــتــجــلــى ــم ــل ــع ـــطـــالقـــا مــــن كـــــون ال كـــــــر، ان اأال�سرعي، احلكم من املراد باملق�سد الفهم فهمه يف ق�سوى اأهمية يكت�سي تنزيله يف وكـــذا جــهــة، مــن الــ�ــســلــيــم جهة مــن والــنــاجــع الر�سيد التنزيل تفتقر م�ساألة كل اأن على بناء اأخرى؛ احلكم، دليل يف اأحدهما نظرين: اإىل و�سابط احلــكــم؛ مــنــاط يف والآخــــر بعد ال�سرعي احلكم تنزيل اأن ذلــك اأمور عدة على يتوقف مبدركه ثبوته التنزيل ب�سياق الوعي مقدمتها؛ يف درا�سة ثم املقام(، اأو احلال )�سياق النوع )حتقيق مناطه حتقيقا يف نطاق نطاق يف وت�سديقا الــعــام(، املــنــاط وهو اخلا�س( املناط )حتقيق العني

�سابقه. من واأدق اأخ�س عند ــع ــم اجل �ـــســـرورة يــقــتــ�ــســي ممـــا النقلية، املقدمات بني الأدلــة اإجــراء واملـــو�ـــســـوعـــات املـــنـــاطـــيـــة )�ــســيــاق والتنويط(، والــتــخــاطــب، اخلــطــاب، ــة ــام ــع ــات ال ــي ــ�ــس ــت ــق ــامل مـــع الـــوعـــي بواملكانية، الزمانية باأبعادها للتنزيل والعلمية، الجــتــمــاعــيــة ومــعــطــيــاتــهــا واملعارف اخلادمة العلوم وا�ستح�سار

الباب. هذا يف الالزمة ال�سريعة مقا�سد اأن بالذكر وحــري فاإنها ترتكز يف وتنوعها، تعددها رغم عنه التعبري جرى جامع كلي مق�سد املفا�سد"، ودرء امل�سالح "جلب بـ تارة وتكميلها، امل�سالح "حت�سيل بـ وتارة

جرى كما وتقليلها"، املفا�سد وتعطيل باملعروف "الأمر فري�سة اإىل النظر ــارهــا ــب ــاعــت ب املنكر" ـــن ع والـــنـــهـــي ودرء امل�سالح جللب �سلوكية ترجمة

املفا�سد.املعا�سرون مقا�سديونا وظــف ــد وقالقوية �سلتها يف املــقــا�ــســد نــظــريــة ل�سياغة �ــســعــيــا املــ�ــســلــحــة، مبـــبـــداأ املزاوجة حتـــاول مــتــجــددة ت�سريعية الأحكام وبني وال�صياق، الن�س بني م�سروع لــبــلــورة �ــســعــيــا ومــنــاطــاتــهــا، ميكنها لـــالأمـــة نــهــ�ــســوي اإ�ـــســـالحـــي ال�سهود يف ر�ــســالــتــهــا ا�ــســتــئــنــاف مــن حتققه يــتــ�ــســور ل الـــذي احلــ�ــســاري ال�ستخالف بواجب ال�سطالع بدون املقا�صد مـــن املــ�ــســتــمــد ــمــري ــع ــت والل�سائر املوجهة اخلامت للدين العليا ــي، ــب ــل ــق ــاين)ال ــس ــ� ن ــل الإ ــع ــف نــــــواع ال اأوالــعــقــلــي، والـــوجـــداين، والـــبـــدين(، ــــد اجلـــ�ـــســـور ـــى م ــــع احلــــر�ــــس عـــل موالقيم واملـــعـــطـــيـــات �ــــســــالم الإ بـــني خا�س، وبوجه ال�سلة، ذات الكونية الإن�سان..وق�سايا حــقــوق مبنظومة التي وامل�ستدامة.. ال�ساملة التنمية ومــقــا�ــســد عامة تــعــد مبــثــابــة غــايــات ن�سيجها مع تكييفها وجب لل�سريعة، ملختلف ر�سني اعتبار يف واأحكامها،

املحيطة. الأ�صيقة ولعل من اأبرز ميزات الفكر املقا�سدي، يف النــحــ�ــســار يــاأبــى كليا فــكــرا كــونــه و�سلها دون اجلزئية، الأدلــة ظواهر على حــر�ــس يف الــكــلــيــة؛ الأدلـــــة مــع

من أبرز ميزات الفكر المقاصدي، كونه فكرا كليا يأبى االنحسار في

ظواهر األدلة الجزئية..

Page 15: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

15 العدد 36 |

حديث الإحياء

الدليل بني ووظيفية، بات�ساق املواءمة اأو اجلزئي والدليل الأ�سلي، اأو الكلي الأدلة ت�سور ي�سح ل بحيث الفرعي، على انبنائها خالل من اإل ال�سرعية،

: متني مقدعن بالنقل تثبت نقلية، اإحــداهــمــا: والثانية: �ــســحــيــحــا. نــقــال ــارع ــس ــ� الوال�ستدلل. بالنظر تثبت نــظــريــة، ــم احلــك نــفــ�ــس اإىل ـــرجـــع ت الأوىل حتقيق اإىل ترجع والثانية ال�سرعي. وا�ـــســـح احلـــكـــم، يف جتـــــاوز مـــنـــاط "طلب ــى عــل ــرة ــ�ــس املــقــت ــة ــمــقــارب ــل لاأ�سيل و�سعي الألفاظ"، من املعاين علم ــون ك اإدراك مــن النــطــالق اإىل على مبنيا برهانيا، علما ال�سريعة القطع وهــو للظن. املناق�س القطع يف اليقني النقليات، يف يــوازي الــذي

. ت لعقليا اتوؤ�س�سها العقلية" "الكليات اأن وكما ــاإن ــا مــفــاهــيــم، ف ــه ن ــادئ الــعــقــل لأ مــب"ق�سد يوؤ�س�سها ال�سرعية" "الكليات اأن ال�سارع"؛ لأنها غايات؛ وبيان ذلك به كلفهم مبا النا�س يكلف مل ال�سارع واملعامالت، العبادات يف واجبات من ما نــه اأ كما معينة، مقا�سد دون من ال�سريعة، اأحكام من جزئي حكم من اأي الكلي؛ معنى معه يحمل وهــو اإل فكل ولـــذلـــك مــنــه. الـــ�ـــســـارع قــ�ــســد كليات تنتظمها الــ�ــســريــعــة جــزئــيــات

مقا�سدية..تراثنا مــن ال�ــســتــفــادة اأن يخفى ول

الفقهي، رغم ما ميثله من قيمة علمية اإل ح�سولها، ر يت�سو ل ا�ستثنائية، الــرتاث هــذا يكنه مــا وجــرد بتجلية تغريت، اأعــراف من بنيته يف املبارك وظروف ــاع واأو�ــس تبدلت، وم�سالح لــلــتــمــكــن من انـــدر�ـــســـت، ــات ــاق ــي ــس و�امل�ستجيب امل�ستاأنف الجتهادي النظر التفاعل خالل من التجديد، لواجب التحولت مــع ــرع، ــس ــ� ــت امل يــجــابــي الإاملعا�سر، عاملنا طبعت التي النوعية القت�سادية عــالقــاتــه مــ�ــســتــوى عــلــى والجتماعية، والتكنولوجية، واملالية، املوؤ�س�ساتية، واأنظمته وال�سيا�سية.. والثقافية، واملعلوماتية، والقانونية، املبحث اأن �ــســك ول واملـــعـــيـــاريـــة.. وتفعيله، تنقيحه مت اإذا املقا�سدي ــات جتديد ــي ل اآ واأجنـــع اأهـــم مــن يــعــد الفذة، والقانونية الفقهية منظومتنا تتعمق فــتــئــت مـــا ــي ــت ال لــلــهــوة ردمــــا �سديد وواقــع مطلق، ربــاين ن�س بني

والرتكيب.. التغري فقهية حلول اإيجاد ي�ستدعي ما وهو فقهنا يف بـــنـــاوؤه مت ــا م ــع م تــتــ�ــســاوق ومقا�سده، وق�ساياه م�سائله وخمتلف ال�سامل التفعيل ذلك كل تفعيل ق�سد الدين لــكــلــيــات بــر�ــســادة املــ�ــســتــوعــب

الناب�سة. احلياة وكليات الهادية، طيبا اإبحارا الأعــزاء لقرائنا اأمتنى ا�ست�سكال واإىل العدد، هذا عباب يف

�ساء اهلل.. اإن اآخر

كما أن "الكليات العقلية" تؤسسها

مبادئ العقل ألنها مفاهيم، فإن "الكليات

الشرعية" يؤسسها "قصد الشارع"؛ ألنها

غايات..

Page 16: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 1636

متابعات

فعاليات الرابطة

متابعات متابعاتمتابعات

مـن املـوقع إىل البـوابةتواكب للعلماء املحمدية الرابطة التحوالت اإلعالمية الرقمية الحديثة

اجلديدة الــهــجــريــة ال�سنة حــلــول مبنا�سبة 1433ه، وبعد مرور ثالث �سنوات على اإطالق

�سبكة على للعلماء املحمدية للرابطة ــرتوين ــك الإل املــوقــع املحمدية للرابطة الإلكرتونية البوابة اإطــالق مت الإنرتنت، للعلماء وذلك يوم: الأربعاء 04 حمرم 1433ه، املوافق لـ30 كالتايل: الإلكرتوين ورابطها بالرباط؛ 2011م، نونرب

w w w . a r r a b i t a . m a امل�سامني لإ�ساعة الفعالة الرابطة اأدوات من اأداة لتكون مبختلف الرابطة جتتهد التي الإ�سالمية والثقافية املعرفية ملختلف التابعة البحثية ووحــداتــهــا ومــنــابــرهــا مــراكــزهــا موؤ�س�ساتها يف توفريها واإعدادها على نطاق عاملي انطالقا من اخل�سو�سية احل�سارية واملذهبية والعقدية للمملكة املغربية، وفق منظور توا�سلي وتفاعلي ي�سعف يف تلم�س تطلعات جمهور

القراء من الباحثني واملهتمني عرب العامل.جاء ذلك يف لقاء اإعالمي وتوا�سلي مع اجلمهور الكرمي، متيز بح�سور ف�سيلة الدكتور اأحمد عبادي، )الأمني العام للرابطة املحمدية للعلماء(؛ الذي األقى باملنا�سبة كلمة افتتاحية اأكد من اأن اإطالق البوابة الإلكرتونية للرابطة املحمدية خاللها على

للعلماء جاء ا�ستجابة لثالثة اأ�سناف من املقت�سيات:هذه تن�ساأ اأن يقت�سي بات واقعي مقت�سى هو اأول: �سنف ـ البوابة؛ لأن الوقع �ساق بالك�سب العلمي واملعريف لهذه املوؤ�س�سة

وينق�سم هذا املقت�سى الواقعي بدوره اإىل:�سق اأول؛ اأبرز من خالله د. اأحمد عبادي اأن ن�ساط موؤ�س�سة ثالثة تنتظم املوؤ�س�سة اأ�سبحت هذه تو�سع حيث قد الرابطة العلوم جمالت خمتلف يف متخ�س�سة بحثيا، مركزا ع�سر الإ�سالمية، كما اأو�سح ف�سيلته، اأن ال�سبب الرئي�سي يف اإن�ساء

تيمنا

Page 17: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

17 العدد 36 |

متابعات

موقع �سيق يف يكمن الإلــكــرتونــيــة البوابة هــذه اإىل اأدى الــذي ال�سيء الك�سب، بهذا الرابطة تو�سعته اإىل اأزيد من ع�سرين موقعا ين�ساف اإليها الن�سء، لرعاية ومركز الن�ساء، لق�سايا مركز

ومركز ملكافحة ال�سلوكيات اخلطرة..اأ�سبح اليومي التوا�سل اأن يفيد الثاين؛ ال�سق عرب )50%( باملائة اخلم�سني تتجاوز ن�سبة يف تكن موجودا اإن مل اأنك يعني رقميا؛ مما العامل خم�سني من اأزيــد عند موجود غري فاأنت رقميا يتوا�سلون الذين واملهتمني املهتمات من باملائة عرب هذه الأداة، فوجب اإعادة العتبار لهذا البعد

التوا�سلي.اأحمد عبادي من خالل ال�سق الثالث اأكد د. كما تقدم اأن �سرورة اإىل الواقعي املقت�سى هذا من هذه البدائل ملن يتوقون اإىل تلقي هذه البدائل واأن تكون عرب الو�سائل التي ي�ستعملونها، عرب املناهج يف التوا�سل التي يعتمدونها كي نثبت وجودنا. كما مل اإذا �سيتهددنا الذي الغياب من ف�سيلته حذر

ن�ستعمل هذه الو�سائل ال�ستعمال الأمثل.. مقت�سى اإىل فيحيل الــثــاين، ال�سنف ـــا اأم ـ يعاين اأجمع العامل كون اإىل ي�ستند ا�ست�سرايف؛ فيه اإ�سالم واملعتدل؛ الو�سطي لالإ�سالم تعط�سا

وفيه العــتــدال، وفيه الو�سطية، وفيه الأ�سالة، ال�سخ�سية بها تزخر التي الأبعاد وهي اجلمال املغربية والنموذج املغربي للتدين و�سوف نحر�س حاملة للرابطة الإلكرتونية البوابة تكون اأن على التدينية ال�سخ�سية لهذه وحاملة الأرومــة، لهذه التي فيها هذا ال�سرب من الفهم، وهذا ال�سرب يف ال�ستنباط مــن املناهج وهــذه التنزيل، مــن

خمتلف العلوم.يقت�سي اإح�ساين؛ مقت�سى هو الثالث: املقت�سى ـ تقدمي يف وم�سمونيا فحويا حم�سنني نكون اأن املعلومة الوظيفية، املعلومة التي تكون يف مناطها، يحر�س اأن يقت�سي كما وبكيفيتها، ومبقاديرها كل العاملني يف موؤ�س�سة الرابطة املحمدية للعلماء على احلفاظ على هذه اجلذوة وعلى �سعلة النقد الذاتي من اأن تطفئها رياح ال�ستغناء؛ م�ست�سهدا رءاه اأن ليطغى. النــ�ــســان "اإن تــعــاىل: بقوله

ا�ستغنى" )العلق: 7-6(.)مدير املنتار حممد د. اأعطى اآخــر جانب ومن للعلماء( املحمدية للرابطة الإلكرتونية البوابة راكمها التي الأوىل البدايات عن �ساملة فكرة فرباير منذ للعلماء املحمدية الــرابــطــة مــوقــع 2008م اإىل حدود اإن�ساء هذه البوابة الإلكرتونية

على املن�صة من اليمنياملنتار حم��م��د د. عبادي اأح��م��د د. ذ. نور الدين بنمالكاملهند�س �صعد لوديي

Page 18: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 1836

متابعات

حتريري خط اعتماد خاللها من مــربزا 2011م،

واملحتوى الدقيق، العلمي التبويب على قائم وا�سح الفحوي العميق يف تكامل مع الإخراج التقني املراعي اأن على اأكــد كما املقدمة؛ اخلدمات ونوعية جــودة يف للعلماء املحمدية للرابطة اللكرتونية البوابة �سيغتها اجلديدة �ستقدم جمموعة مواقع متخ�س�سة يف خمتلف املجالت املعرفية معززة بو�سائل خدماتية املفتوحة، التفاعلية املنتديات يف تتمثل متطورة على اأو�سع اعتماد مع واملبا�سرة، احلية واحلــوارات ملختلف املت�سمنة والب�سرية ال�سوتية الو�سائط اأن�سطة الرابطة وموؤ�س�ساتها، مع تي�سري روابط نافعة األقيت يف يف مقدمتها، رابط الدرو�س احل�سنية التي ال�ساد�س، حممد امللك جاللة املومنني اأمري ح�سرة ـــده اهلل، وروابــــط ملــحــا�ــســرات و�ــســوتــيــات اأعــالم اأيالإخباري التنوير اإىل بالإ�سافة املغربي، الفكر من اأو عن الديني، اإنتاج اخلرب �سواء عن طريق اليومي طريق التقاط الأخبار الدينية املركزية و�سياغتها من

جديد، واختيار زاوية معينة وحمددة ملقاربتها.البوابة هــذه اإنــ�ــســاء اأن املنتار حممد د. اأكـــد كما على العلمي البحث حركة لت�سجيع جاء الإلكرتونية

الباحثني يــراعــي اهــتــمــامــات ــع، ــس نــطــاق عــاملــي وا�الهيئات، مــن املــعــرفــة طــالــبــي وكــافــة واملــهــتــمــني البحوث ومراكز واملعاهد، واجلامعات، واملوؤ�س�سات، والدرا�سات، وجمهور امل�ستفيدين يف كل اأنحاء العامل وتطوير دعــم خــالل مــن املعرفة، فــروع خمتلف يف داخل من الباحثني بني البحثية املعلومات وتــبــادل وخارج املغرب يف جمال الدرا�سات الإ�سالمية والعلوم ال�سرعية يف �سلتها ب�ستى فروع العلوم الجتماعية. مع

احلر�س على الإح�سان �سكال وم�سمونا.املنتار، د. حممد ي�سيف الرابطة، بوابة �ستوفر كما �سبكة من املواقع املتخ�س�سة عرب مراكز الدرا�سات والبحوث التابعة للرابطة املحمدية للعلماء )وعددها خا�سة مــواقــع وكـــذا مــركــزا(، ع�سر الثالثة يــفــوق املحمدية الرابطة داخــل املعتمدة البحث بوحدات هذه جمالت من جملة بكل خا�سة ومواقع للعلماء، التي املتخ�س�سة املــواقــع اإىل وبالإ�سافة املــراكــز، مواقع وكــذا للعلماء، املحمدية الــرابــطــة اأطلقتها التابعة الإلكرتونية اجلرائد ومواقع البحث، وحدات الرابطة املحمدية اأطلقت الرابطة ملختلف موؤ�س�سات مبثابة م�سروع وهو الرقمية"؛ "املكتبة موقع للعلماء

ج������ان������ب م���ن الكرمي احل�����ص��ور

Page 19: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

19 العدد 36 |

متابعات

بنك للمعلومات، يتغيى توفري الأعداد الكاملة من اإ�سداراتها العلمية يف �سيغة رقمية اإلكرتونية، بالإ�سافة اإىل اإنتاج اأر�سيف كامل ملحتوى ومتطورة �سريعة اإمكانية مع حــدة، على بحث كل اإنتاجاتها؛ كل للعر�س والتحميل، واإتاحة ذلك للباحثني والدار�سني، بالإ�سافة اإىل مواقع متطورة جلرائد اإلكرتونية ت�سدرها موؤ�س�سة الرابطة ب�سكل اأ�سبوعي، وعرب خدمات "مذكرة" توفر بوابة الرابطة ر�سدا يوميا ملختلف الأن�سطة العلمية، والفكرية، والجتماعية، والثقافية داخل

املغرب وخارجه..وف�سال عن ذلك ت�سعى الرابطة من خالل بوابتها الإلكرتونية اإىل امل�ساهمة يف حتقيق اأهداف الرابطة الرامية اإىل التعريف بالرتاث العنكبوتية ال�سبكة خريطة �سمن مكانته ورفع وتعزيزه، املغربي ملختلف والبحثي الفكري الإنــتــاج اإىل الو�سول واإتــاحــة العاملية، زوارها، كافة مع التوا�سلي اجلانب ولتفعيل الرابطة، موؤ�س�سات )Newslettre( "توفر بوابة الرابطة خدمة "الن�سرة الإلكرتونيةب�سكل اأ�سبوعي ودائم، عرب ال�سرتاك بالربيد الإلكرتوين اخلا�س خدمات البوابة توفر كما ي�سارا(، ال�سفحة اأ�سفل )يف بالزائر

.)facebook - twitter( توا�سل عرب ال�سبكات الجتماعيةالدرا�سات مراكز ملواقع الإلكرتونية الــروابــط لئحة يلي وفيما

والأبحاث مبوؤ�س�سة الرابطة املحمدية للعلماء:

ـــــــاث واإحـــــــيـــــــاء الـــــــرتاث ـــــــح ــــز الــــــدرا�ــــــســــــات والأب ــــرك • م •www.almarkaz.ma

• •www.alquran.ma الـــقـــراآنـــيـــة الــــدرا�ــــســــات مـــركـــز الإ�سالم يف الن�سائية الق�سايا يف والأبحاث الدرا�سات •مركز •

www.annisae.ma

وال�سلوك والعقيدة املذهب لتقريب اإ�سماعيل بن درا�س •مركز •www.derrass.ma

•مركز اأبي عمرو الداين للدرا�سات والبحوث القرائية املتخ�س�سة •www.addani.ma

والأدبية اللغوية للدرا�سات ال�سبتي الربيع ــي اأب ابــن • مركز •www.assebti.ma

• مركز عقبة بن نافع للدرا�سات والأبحاث حول ال�سحابة والتابعني •www.oqba.ma

•مـــركـــز ابــــن الــقــطــان لـــلـــدرا�ـــســـات والـــبـــحـــوث يف احلــديــث • www.alquatan.ma الــنــبــويــة والـــ�ـــســـرية ــريــف ــس ــ� ال• مركز الإمام اجلنيد للدرا�سات والبحوث ال�سوفية املتخ�س�سة •

www.aljounaid.ma

• •www.alqiam.ma مركز الأبحاث والدرا�سات يف القيمتاريخ والــبــحــوث يف لــلــدرا�ــســات املــراكــ�ــســي البنا ــن اب •مــركــز •www.albanna.ma الإ�ــســالمــيــة احلــ�ــســارة يف العلوم العقدية والبحوث للدرا�سات الأ�ــســعــري احل�سن ــي اأب • مركز •

www.achaari.ma

املـــالـــكـــي الـــفـــقـــه الــــبــــحــــوث والــــــدرا�ــــــســــــات يف •مــــركــــز •www.alfiqh.ma

كما يجد مت�سفح موقع البوابة الإلكرتونية اأي�سا لئحة من املواقع املتخ�س�سة يف ق�سايا الطفولة والعمران والإعالم وق�سايا الفكر:

• •www.arrabita.ma/coran موقع خدمة القراآن الكرمي• •www.alihyaa.ma موقع جملة الإحياء• •www.almithaq.ma موقع جريدة ميثاق الرابطة

• •www.minbar.ma موقع جريدة منرب الربطة• •www.chababe.ma موقع التثقيف بالنظري

ـــــم وعـــــــمـــــــران ـــــل • مـــــــوقـــــــع املـــــمـــــلـــــكـــــة املــــــغــــــربــــــيــــــة: ع •.www.oloum-omran.ma

• •www.alfetra.ma موقع الفطرة• •www.aymanouha.ma موقع اأمين ونهى

• مــوقــع مـــ�ـــســـارات لــلــدرا�ــســات ال�ــســتــ�ــســرافــيــة والإعـــالمـــيـــة •www .massarate.ma

ومرئيات، )�سمعيات، الو�سائط متعددة مواقع اإىل بالإ�سافة ومعر�س لل�سور( حتفل ببنك غني من الت�سجيالت العلمية جلميع التي التوا�سلية واللقاءات العلمية واملحا�سرات الفكرية الندوات نظمتها موؤ�س�سة الرابطة املحمدية للعلماء، تتميز بجودتها العالية، وكذا املعلوماتية. الربامج اأحدث وفق وت�سغيلها حتميلها و�سهولة حي، حــوار خدمة توفرها احلــي والتفاعل للمدار�سة ف�ساءات

وخدمة مبا�سر مع الأمني العام.

Page 20: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 2036

متابعات

فـن السـماع الصـويفــــــة وتــحــقــيــق ــــالل دراس ـــن خ مملخطوط: الحراق التهامي محمد د. "فتح األنوار يف بيان ما يعني على مدح النبي املختار"

بقاعة الإحــيــاء ملجلة الثاين امللتقى فعاليات للعلماء املحمدية الرابطة مبقر الجتماعات بالهتمام يحظ مل فني مو�سوع ملناق�سة يـــوم... بالرباط الهام التاريخي واحل�ساري ي�ستحقه رغم دوره الذي العلمي يف ت�سكيل وجدان املغاربة الديني واجلمايل، وتاأتيت ذاكرتهم اجلماعية؛ يتعلق الأمر بفن ال�سماع ال�سويف كما اأ�سل له ال�سيخ التاأ�سي�سي الرباطي من خالل خمطوطه الدلئي العربي بن النبي املختار". وهو بيان ما يعني على مدح الأنوار يف "فتح املخطوط الذي خ�سه الدكتور حممد التهامي احلراق بدرا�سة بها نال وا�ست�سرافا، وحتليال وتعليقا حتقيقا ر�سينة؛ علمية درجة الدكتوراه، وتف�سلت وزارة الأوقاف وال�سوؤون الإ�سالمية

بن�سره �سمن من�سوراتها لل�سنة املا�سية )2011(.وقد �سارك يف هذا امللتقى اإىل جانب موؤلف الكتاب/الأطروحة الدكتور حممد التهامي احلراق، الذي يعد من اأبرز امل�ستغلني

على فن ال�سماع ال�سويف علما واإن�سادا، كل من الدكتور عبد العزيز بن عبد اجلليل، والدكتور عبد الإله بنعرفة، والدكتور واأدار ن�سق الذي طويل ال�سالم عبد والدكتور بامي، جمال هذا امللتقى انطالقا من ثالث حماور كربى ان�سب اأولها على ال�سياق احل�ساري والثقايف والتاريخي الذي اأنتج فن ال�سماع اإبراز مع الفن، لهذا التاأ�سيل ثانيها حول ال�سويف، ومتحور بينما النبوي، املديح وفن بالت�سوف، تربطه التي العالقة ال�سماع لفن الوظيفي البعد اإبــراز على الأخــري املحور عمل

ال�سويف..يف البداية جرى الوقوف على ال�سياق احل�ساري والثقايف واأبرز امل�ساركون كيف اأن الف�سل يرجع لالأ�سرة العزفية مبدينة �سال لبتكار فن ال�سماع، وكيف اأن احلافز الديني كان حا�سما يف الإ�سالم، على الغرية من انطالقا وذلك الفن، هذا اإبــداع اإذ بينما كان اأبو "القا�سم العزيف" يتجول كعادته يف مدينة

التاأمت

Page 21: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

21 العدد 36 |

متابعات

قبل الأندل�س، جنوب تقع التي املــدن ويف �سبتة �سقوط الأندل�س، لحظ و�سجل، بكثري من املرارة واحل�سرة، كيف اأن جانبا من �سباب امل�سلمني بات يقبل على م�ساركة الن�سارى يف اأعيادهم الدينية، فعاد وهو عازم على حتويل اهتمام هوؤلء ال�سباب وهي بها، يحتفلوا اأن ميكن جديد منا�سبة اإىل األف الإطــار هذا ويف �سلى، النبوي املولد ذكرى النبي م�لد يف املنظم "الذر ال�سهري: كتابه ابنه، اأمته الذي الكتاب، لهذا املعظم" واأ�سبح املوحدية، الدولة ملوك اإىل و�سل كبريا، �سدى خا�سة "املرت�صى امل�حدي" الذي تبنى الفكرة اأكر لتتبلور املــغــرب، يف تر�سيخها على وعمل املنا�سبة هــذه من اتــخــذوا الذين املرينيني، مع عيدا ي�ستمر �سبعة اأيام، حيث اأقبل ال�سعراء على ورافق املجال، هذا يف املطولت الق�سائد نظم هنا ومن الق�سائد، بهذه التغني فن ن�سوء ذلك احتفال البداية جمرد كانت يف الفكرة، انطلقت اأدبي احتفال اإىل بعد حتولت فيما ولكنها اأدبي،

فني مو�سيقي..دور كبري يف لها كان العلوية الدولة اأن العلم مع

الدفع بهذا الفن اإىل الأمام، وقبل الدولة العلوية اأي�سا "املن�سور ال�سعدي" ب�سفة خا�سة الذي كان يقيم يف مدينة مراك�س احلفالت، خا�سة يف هذه املنا�سبة، وهذا مما اأفا�س يف و�سفه وذكره كثري من املوؤرخني وب�سفة خا�سة: الق�صتايل يف كتابه ال�صرفاء" مل�ك اأخبار يف ال�صفا "مناهل الهتمام مــن �ساعفوا العلويون جــاء وعندما اآثار هذا بهذا احلفل يف هذه املنا�سبة، وما تزال كل ذلك ن�سهد كما اليوم اإىل م�ستمرة الحتفال

�سنة ببلدنا.امل�ساركون اأبرز والثقايف احل�ساري ال�سياق وعن كيف اأنه ي�سعب عزل فن ال�سماع عن �سياق ن�سوء الت�سوف؛ لأن ال�سماع هو املقدمة الأوىل التي يربز فيها الت�سوف لرتباطه بالذكر اأ�سا�سا؛ مع العلم والذكر الفكر هو ال�سويف �سلوك يحدد ما اأن حتديدا، عرب الت�سليك؛ لأن الذكر قد يكون طريقة اأي الذكر للت�سليك، ولكنه قد يكون مرادا لذاته؛ ال�سماع ارتباط يرجع هنا ومن الذكر، اأجل من ابتداء الإ�سالمية احل�سارة ت�سكل فمع بالذكر. بداأت للهجرة والقرن اخلام�س الرابع القرن من

م������������ن ال������ي������م������نيطويل ال�صالم عبد د. د. عبد العزيز بن عبداجلليلبنعرفة الإل����ه ع��ب��د د. د. حممد التهامي احلراق

Page 22: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 2236

متابعات

بوادر ظهور الطرق ال�سوفية، وظهرت معها احلاجة اإىل الذكر طريقة من طرق لأن ال�سويف ال�سماع بروز فن

الت�سليك والرتبية الروحية.اأن اإىل التنويه مت فقد املغربي ل�سياقنا بالن�سبة اأمــا القرن الثامن ع�سر كان حمطة اأ�سا�سية لتبلور ون�سج فن ال�سماع، نظرا لبزوغ ثالثة طرق كربى يف تاريخ املغرب، والطريقة التيجانية والطريقة النا�سرية الطريقة هي

الدرقاوية..فخالل القرن ال�ساد�س وال�سابع �سوف يتخذ فن ال�سماع ملمحا مغربيا يف الغرب الإ�سالمي، هذا امللمح اخلا�س ا�ستمده اأ�سا�سا من التوهج ال�سعري وظهور اأ�سماء لمعة يف ال�سعر ال�سويف يف الغرب الإ�سالمي، مع "اأبي مدين الغوت" و"اأبي احل�سن ال�س�سرتي"، وانتقال اأ�سعار املادح اأو اأمري املادحني لر�سول اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم، الذي هو الإمام "البو�سري" من امل�سرق اإىل املغرب، اأو باعتبار "اأ�سله ال�سنهاجي"، واعتبار م�سربه ال�سويف ال�ساذيل املنبثق اأ�سا�سا من روحانية القطب مولي "عبد ال�سالم

بن م�سي�س" من الغرب، ففي هذه املرحلة �سوف يتخذ الأ�سماء خالل من �سواء املغربي، ملمحه ال�سماع فن الإن�سادية املدونة وت�سكيل اإثــراء يف ت�سهم �سوف التي

د. جمال بامي

لفن ال�سماع يف الغرب الإ�سالمي، اأو من خالل البعد الفني؛ اإذ �سوف يرتبط الإن�ساد باملرجعية املو�سيقية الأندل�سية املغربية، وهنالك متايز بني ال�سماع كما ظل ممار�سا يف خمتلف الطرق ال�سوفية يف امل�سرق وبني ال�سماع كما

اتخذ ملمحه املغربي يف الغرب الإ�سالمي.وقد مت اإبراز كيف اأن انفتاح ال�سماع على خمتلف الطبوع املو�سيقية، وعلى الطبوع ب ت�سر يتم كان حيث ت�سويفيا؛ انفتاحا كان الإيقاعات خمتلف والتاأهيل الرتبية بوظائف ت�سطلع كي ال�سويف الن�سق داخل والإيقاعات

والتطهري يف الن�سق ال�سويف..الوجدان عن امل�ساركون:تعبريه عليها وقف التي ال�سماع فن وظائف ومن "التلحيم بـ الكاتب: عنه عرب ما تعزيز يف واإ�سهامه املغربي، الديني الروحي" للمجتمع، وتغذية وتقوية الهوية الإ�سالمية للمغاربة.. واإ�سهامه يف تعزيز الأمن الروحي والتوازن الوجداين والنف�سي للفرد واجلماعة. وكذا تقدميه ل�سورة منوذجية منفتحة لل�سخ�سية احل�سارية املغربية..اإىل جانب التن�سئة والإدماج الجتماعي يف اآليات تقدميه لآلية ثقافية ورمزية تع�سد املجتمع املغربي امل�سلم )عقيقة، ختان، عقد قران..(، ف�سال عن م�ساركة يف ودوره احلــزن، اأو بال�سعادة �سواء العليا، اإح�سا�سهم حلظات النا�س حت�سني ال�سخ�سية امل�سلمة من التاأثريات العوملية ال�سلبية واإمدادها باأبعاد

كونية واإن�سانية منفتحة..

ك�نية الإ�صالم

"وقد رام هذا امللتقى اأن ل يكتفي بالتعريف بفن ال�سماع، واإبراز خ�سائ�سه، تقدمي اإىل بتجاوز كل ذلك والوقوف على وظائفه، وخمتلف مراحل تطوره، اإىل ت�سجيله على لئحة مقرتحات وظيفية، بالغة النفا�سة، من قبيل الدعوة بتدري�سه واملطالبة لالندثار. املعر�س الالمادي الإن�ساين الثقايف الــرتاث

واإيالئه ما ي�ستحقه من اهتمام �سمن منظومتنا الرتبوية الوطنية. الإن�ساين الت�سجيل لهذا الرتاث فف�سال عن الدعم الدويل الذي يتيحه هذا املحافظة يف بالدنا يف العمومية لل�سلطات عونا �سيكون ذلك فــاإن البديع، على هذا الفن الكوين، واإيجاد الأطر املنا�سبة لرعايته وتطويره، بالنظر اإىل اإىل قدرته على بالنظر بها يف جمتمعاتنا، وكذا يقوم التي الهامة الوظائف

ن�سر قيم احلوار والت�سامح واملعرفة واملحبة واجلمال.

برو�س بي لورن�س، " الإ�سالم يف اأفرو – اأورا�سيا ح�سارة ج�سرية"، �سمن كتاب، "احل�سارات

بيرتجي حترير: املعرفة، عامل كتاب وتعددية"، جمعية نظر وجهات العاملية: ال�سيا�سة يف

2012، �س263. كلتزن�ستاين، ترجمة، فا�سل جتكر، العدد 385،

Page 23: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

23 العدد 36 |

صدور العدد األول من سلسلة

ملتقى اإلحياء

Page 24: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 2436

متابعات

الـرتاث العـربي اإلسـالمياألمـــة نهضة فـي ودوره

ملتقى الإحياء الثالث اأهم ق�صايا الرتاث الأمة نه�صة يف ودوره الإ�صالمي العربي انطالقا احل�صارية، حياتها مظاهر خمتلف وجتدد من كتاب الدكت�ر في�صل احلفيان: "الرتاث العربي ..

اأ�صئلة للم�صتقبل"..الإحياء داأبت جملة الإحياء" التي "ملتقى فعاليات اإطار يف ال�سهري ملتقاها يف املجلة ارتـــاأت �سهر، كل تنظيمه على اأن ت�ستفيد من ح�سور املفكر ال�سوري الدكتور في�سل الثالث للمنظمة التابع العربية املخطوطات معهد من�سق احلفيان، من تعد التي )اإلي�سكو( والعلوم والثقافة للرتبية العربية بالقاهرة، العربية الدول جلامعة التابعة الفرعية املنظمات كتابه تناولها التي الق�سايا اأهــم ومناق�سة لتدار�س وذلــك

ال�سادر حديثا يف طبعته الأوىل عن دار الإمام البخاري للن�سر والتوزيع بالقاهرة )2010( بعنوان: "الرتاث العلمي العربي:

اأ�سئلة امل�ستقبل" مب�ساركة �ساحبه وثلة من الأ�ساتذة: ـ د.اأحمد ال�سنوين

ـ د.عبد احلميد ع�ساق ـ د. ادري�س نغ�س اجلابري

ـ د. جمال بامي ـ ذ. اإدري�س الكنبوري

ـ د. حممد املنتار ـ د. عبد ال�سالم طويل

انطلق هذا امللتقى من هذا الكتاب كاأر�سية ملقاربة ومناق�سة املجتمعات على بــاإحلــاح تــطــرح و�ــســوف طــرحــت اإ�سكالية

ناق�س

Page 25: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

25 العدد 36 |

متابعات

التي تلك خــا�ــس وبــوجــه الإ�ــســالمــيــة، العربية التاريخية، وخربتها جتربتها بثقل منها تتمتع واحل�ساري التاريخي التحول خ�سم يف وذلــك جرى التي الإ�سكالية وهي �سعوبها، تعرفه الذي باإ�سكالية املعا�سرة، الأدبيات يف عنها، التعبري اإذا علمنا والــرتاث، خا�سة العالقة بني احلداثة التاريخية، احل�ساري النهو�س جتــارب اأهــم اأن الذي الغربي، احلداثي النموذج خا�س وبوجه ليحقق كان ما كونية، �سبه مرجعية ي�سكل بات نه�سته احل�سارية اإل بقراءته النقدية وامل�ستوعبة امل�سيحية والرومانية اليونانية اأبعاده يف لرتاثه، والأنوارية.. وقد اقرتحت الأر�سية العلمية املوؤطرة لهذا امللتقى اأن يتم انطالق النقا�س من الق�سايا

التالية: ـ م�ساألة الرتاث العلمي العربي الإ�سالمي وعالقته

بالزمن والتاريخ..بني الت�سنيف وم�ساألة العربي العلمي الــرتاث ـ

علوم اإن�سانية وعلوم حقة..واملقاربة الإ�ــســالمــي الــعــربــي العلمي ـــرتاث ال ـ

الوظيفية.. وم�ساألة الإ�ــســالمــي الــعــربــي العلمي الــــرتاث ـ

ال�سالحية واجلدوى..منطق بــني الإ�ــســالمــي العربي العلمي الـــرتاث ـ

الرتاكم ومنطق القطيعة..ـ الرتاث وم�ساألة التقدير الكمي والكيفي..

ــــرتاث الــعــلــمــي الــعــربــي ومــ�ــســاألــة الــقــراءة ـ الوالتحقيق..

�سجل املتدخلون اأن املوؤلف ينت�سر اإىل قراءة تعزز عن�سر ال�ستمرارية والرتاكم �سمن هذا الرتاث، ل القطيعة فيه ول معه، وهي القراءة التي تنظر

م�����������ن ال�����ي�����م�����نيامل��ن��ت��ار حم���م���د د. ب���ام���ي ج����م����ال د. ع�صاق احلميد عبد د. ال�صنوين اأح��م��د د. احلفيان ف��ي�����ص��ل د. طويل ال�صالم عبد د. الكنبوري اإدري�س ذ. د.اإدري�س نغ�س اجلابري

Page 26: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 2636

متابعات

اإليه ككائن حي فهو على حد تعبري املوؤلف "خلية حية ل متوت، ت�سكن اأ�سحابها ول تغادرهم" غري اأنواع اأع�سى بكونه الفكري الــرتاث يخ�س اأنــه فيه جتتمع عندما خا�سة املـــوت، على الـــرتاث

اخل�سائ�س التايل: ـ المتداد التاريخي

ـ العمق الروحي ـ العطاء احل�ساري

نوعية من تنبع الكتاب اأهمية اأن اعــتــربوا كما ي�سدر التي الــروؤى ومــن يطرحها التي الأ�سئلة عنها، ومن اجلدة الأ�سلوبية وامل�سمونية التي متيز بها، ومن املنهج التحليلي الذي تبناه، ومن اإ�سهامه اجلاد يف حل م�سكلة عالقة الأمة بالعلم والبحث فالكتاب والأ�سا�سي، التطبيقي مبعناه العلمي كثفه ما وهو ال�سدد، بهذا متكاملة روؤيــة يقدم "من لالنتقال بدعوته احلفيان في�سل الأ�ستاذ

الكلي، العمل مرحلة اإىل اجلزئي العمل مرحلة ومن الن�ساطات الب�سيطة اإىل الن�ساطات املركبة، ومن احلركة الفردية اإىل اجلهد اجلماعي، ومن

جمرد النقد اإىل التوظيف.." ومن اأهم الق�سايا التي طرحت للنقا�س:

اأ�سا�س على الــعــلــوم بــني املفا�سلة اإ�سكالية • معياري؟

التحقيق العلمي: �سوابطه و�سروطه؟ • العربي العلمي املخطوط ماأ�س�سة عملية حتقيق • التكامل حتــقــق علمية ــراكــات ــس � خـــالل مــن العلمية التخ�س�سات خمتلف بني والوظيفية

املعنية.الرتاث العلمي العربي وم�ساألة املرجعية. •

واملعرفية والب�ستيمولوجية النف�سية ال�سروط • الإيجابي مع هذا التفاعل لالنخراط يف عملية

الرتاث العلمي.

Page 27: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

27 العدد 36 |

متابعات

من )الــثــالــث الأول ملتقاها ــاء الإحــي جملة البي�ساء الدار مبدينة للن�سر( الإعــداد حيث عاملنا والقيم يف الأخــالق "�سوؤال ندوة فعاليات هام�س على املعا�سر"، وذلك يوم 23 جمادى الثانية 1432هـ املوافق لـ27 الذي ال�سيد ر�سوان الدكتور من كل مب�ساركة ،2011 ماي قدم ورقة علمية حول املنهج التاأويلي يف العلوم الإ�سالمية من خالل احلارث بن اأ�سد املحا�سبي، وكذا الدكتور اأحمد عبادي، والدكتور عبد اهلل ال�سيد ولد اأباه، والدكتور عبد ال�سالم طويل

الذين قدوا تعقيبات على ورقة الأ�ستاذ ر�سوان ال�سيد. للعقل املحا�سبي حتديد من ال�سيد ر�سوان مداخلة انطلقت بكونه "نور اأو غريزة تنمو بالعلم واحللم وتدرك بها العلوم" ي�ستبطن بذلك وهو فردا، لي�س جوهرا املعنى، بهذا فالعقل فرد. جوهر العقل ــاأن ب قولهم يف وللكندي للمعتزلة نقدا الرد خالله من يبتغي للعقل املحا�سبي و�سعه الــذي فاحلد اأن ذلك الإ�سالمية، للبيئة فكرهم ناقلي وعلى اليونان على الفال�سفة يعتربون العقل جوهر فرد وبذلك يجعلون له �سلطة تيمية يف ابن اأكده ما وهذا الإلهية، ال�سلطة توازي خارجية ال�سيطان" حيث واأولياء الرحمن اأولياء بني "الفرقان كتابه

اعترب اأن كالم املحا�سبي يعد مبثابة رد على العقل اليوناين.من يعني، الغرائز �سائر مثل مثله غريزة العقل باأن والقول

وجهة نظر ر�سوان ال�سيد، اأنها �سائعة يف الإن�سان مثل �سيوع الغرائز الأخرى فيه، وما ينتج عن ذلك من امتالكه لل�سلطة ومن �سمنها ال�سلطة التقديرية، ومن خالل هذه ال�سلطة يقراأ

الن�س قراءة تاأويلية مبا�سرة.وقد نظر ال�سيد اإىل م�ساألة التاأويل من م�ستويني؛ م�ستوى املنهج النظرية بناء يف دوره وم�ستوى الإ�سالمية، للعلوم النقدي ال�سيا�سية الإ�سالمية. وتف�سري ذلك اأن العقل اإذا كانا جوهرا فردا؛ فال�سلطة اآتية من فوق اأي ل عالقة لها باملجتمع، واإذا اأهل عليه وما املجتمع، �سائعة يف فهي الفرد من كانت جزاأ ال�سنة واجلماعة، ي�ستخل�س ال�سيد، هو اأن ال�سلطة يف الإ�سالم �سائعة، وبالتايل يتعني النظر اإىل الكيان ال�سيا�سي واجلماعة لدى ما عك�س كاملة. �سيا�سية جماعة باعتبارها الإ�سالمية

فال�سفة اليونان وال�سيعة وكل من الفارابي وابن �سينا.ثم بعد ذلك ت�ساءل ال�سيد عن كيفية ا�ستخدام املنهج التاأويلي قراءة اإعــادة بغية الإ�سالمي الفقه النظر يف مناهج لإعــادة التجربة الفقهية واخلروج من املنهج القيا�سي املغلق. ليعترب املقاربة اأ�سر من باإخرجنا الكفيلة هي املقا�سد نظرية اأن القيا�سية ال�سيقة، على اأن يتم حترير هذه النظرية من مناخ حمكومة كانت التي احلديثة املرحلة �سهدته الــذي التوتر الفكرة اأن رغم ال�سائدة. الفكرية بالثنائيات بعيد حد اإىل

عقدت

اإلســــالمية العــــــلوم ومـنـهجـيـات التأويـــــل

Page 28: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 2836

متابعات

املقا�سدية ما ا�ستدعاها النه�سويني اإل لتحررهم من اأ�سر الطريقة القيا�سية.

ليختتم مداخلته بالت�ساوؤل: كيف ميكننا قراءة القراآن الكرمي قراءة تاأويلية؟ كيف ميكننا قراءة الن�سو�س يف الإ�سهام ميكننا كيف تاأويلية؟ قراءة عام ب�سكل

علم التاأويل املعا�سر على غرار بول ريكور وفاتيمو؟ومن جهته، اأبرز الدكتور عبد اهلل ال�سيد ولد اأباه كيف اأن هناك م�سلكان تاأويليان يف الفكر الغربي؛ تاأويليات بداأ تطبيق ملا اأنه الو�سل. وكيف وتاأويليات الف�سل، املناهج التاأويلية على الرتاث العربي الإ�سالمي هيمن قراءة من انطالقا الف�سلي، التاأويلي امل�سلك عليه اإب�ستيمولوجية للتاأويل انطلقت من تاريخية املفاهيم

وتاريخية الأفكار..وحتى الذين ا�ستخدموا الل�سانيات ومناهج ما ي�سمونه هذا الكبري، اللغوي" بـ"املنعرج الفل�سفة تاريخ يف املنعرج الذي بداأ مع ظاهراتية اإدموند هو�سرل ومن بعده مارتن هيدجر وغادامري.. اإمنا ا�ستخدموها يف رغم الو�سل، تاأويليات ولي�س الف�سل تاأويليات اإطار "املنعرج اأكر تنا�سب التي هي الو�سل تاأويليات اأن

اللغوي" نف�سه،

الو�سل، تاأويلية بلور مفكر اأهم اأن اعترب وباملقابل وقدم اإ�سهامات مهمة جدا، مل ي�ستفد منها يف ال�سياق العربي بال�سكل املطلوب، هو "ب�ل ريك�ر"، خ�سو�سا ريك�ر يوظف كل اجلهاز املفاهيمي الذي تبلور واأن الفر�سيات �سواء املعا�سرة، الغربية الفل�سفة يف فردينان مــع الفرن�سية الل�سانيات مــن امل�ستمدة الأنكلو�ساك�سونية، التحليلية اأوالفل�سفة دو�سو�سري، حيث اأبدع �سل�سلة كتابات تاأ�سي�سية كتبها جميها حول والتاريخ" "الزمن بـ الأمر تعلق �سواء "الزمن" وال�صرد"، اأو"الزمن والرواية" اأو"الزمن الرتاث قــراءة يف توظف لأن قابلة اجتهادات وهي ت�سدم اأن الإ�سالمي،دون الفكر وجتديد الإ�سالمي

امل�سلمات الإميانية للمجتمع امل�سلم..ن�س، كل بــاأن الوعي من ينطلق ريكور واأن خا�سة وامل�سافة النــتــمــاء ثنائية على تــقــوم تاأويلية وكــل املوؤول اأن اأي ،)appartenance et distance(وبالتايل يــوؤولــه، الــذي الن�س اإىل �ــســرورة ينتمي بحيث خارجية، عالقة لي�ست الن�س بهذا فعالقتنا بدعوى املقروء"، عن القارئ "ف�صل ي�سعب هذا اإىل ننتمي مادمنا ممكن غري الف�سل هذا اأن

د. ر�سو�ن �ل�سيد د. �أحمد عبادي

Page 29: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

29 العدد 36 |

متابعات

العلم مع نــقــراأه. مادمنا لنا معا�سر الن�س وهــذا الن�س، ننتج اأننا قوامها اأ�سا�سية عالقة على يقوم النتماء هذا اأن

"املعنى" من خالل قراءتنا للن�س.. "الهوية مفهوم ا�ستخدام مــن ريــكــور اإكــثــار يف�سر مــا وهــو ال�سردية" )identité narrative(؛ اأي اأننا نحن يف احلقيقة فمفهوم اأنف�سنا؛ عن نرويه ما خالل من هويتنا اإنتاج نعيد تاريخ عالقة لي�ست بالن�س عالقتنا اأن يفيد "ال�صردية" من اأو�سع ال�سرد اأن بدعوى �سرد، عالقة هي واإمنــا فقط، التاريخ؛ فالتاريخ ف�سل بينما ال�سرد و�سل.. وهو ما يف�سر اأن

كل فيل�سوف ي�ستعني برتاثه اخلا�س.تفكيكية املعا�سرة الفل�سفات اأكر اأن كيف اأبرز ذلك، وبعد مل جتد بدا من الت�سليم باأن "الدين هو منبع الثقافة الب�سرية ومنبع العقل نف�سه، ملاذا؟ لأن الدين يقوم على فكرة اأ�سا�سية من منط هي املعنى يف ثقة وكل وهي "الثقة يف املعنى"، الثقة املعنى، يف الثقة على تقوم اللغة مــادامــت و الــديــن، يف التخاطب، الثقة يف اأمنا يقوله الآخر قابل لأن نفهمه واأن

يفهمنا.."وبعد اأن ميز بني الدين وبني البنية امليتافيزيقية للدين، وبني اأن اإىل خل�س الت�سامن، وعقالنية املو�سوعية العقالنية الدين التوحيدي مثله مثل الفل�سفة ينطلق من مفهوم للعقلنة

مبقت�ساها يغدو اخلطاب قابال للتعميم الكوين..

بعد ذلك، تناول الكلمة الدكتور اأحمد عبادي الذي نوه بعمق املقاربة التي اأ�س�س لها ر�سوان ال�سيد وناق�سها عبد اهلل ال�سيد يف ت�سعفنا التي املفاتيح من جمموعة تقدم لأنها اأبــاه؛ ولد اإعادة قراءة تراثنا الفقهي مبختلف فروعه، ومن خالل ذلك التي ذاتها البنية يف النتقادات من بجملة نقوم اأن ميكننا ت�سكل ح�سبها ووفقها يف هذا ال�سرح ال�سيا�سي الذي عا�سته

الأمة. ومع اأن كالم الغزايل يف "تهافت الفال�سفة" قد يبدو اأنه نفثت غا�سب يحاول اأن يوؤنب غيابيا هوؤلء الفال�سفة، بيد، الأ�ستاذ نوه وقد العمق، غاية يف الق�سية اأن اإىل نبه عبادي اأحمد ال�سابقة يف اجلانب الق�سايا ال�سيد ملختلف لتوظيف ر�سوان النقدي لرتاثنا الفقهي والكالمي والفل�سفي، لكن باإزاء ذلك منظور من انطالقا ال�سيا�سي، لرتاثنا معه موازاة يف ورمبا اأهل اأن ا�ستخل�س مبوجبه واجلماعة ال�سلطة لق�سية تاأويلي العقل غريزة اأنهم انطلقوا من اعتبار ال�سنة واجلماعة، مبا ونورا، فهذا يعني اأن هذا العقل م�ساع يف النا�س، ومن ثم فاإن امل�ساألة تخ�سع للت�ساور، وقد اأبرز الأ�ستاذ عبادي كيف اأن عدم امليثاق بلورة هذا اأخر قد الكايف بال�سكل الإدراك بروز هذا

الجتماعي املرتقب قرونا عديدة. ويف ختام هذا امللتقى، ويف �سياق ت�ساوؤل الأ�ستاذ عبد الوظيفية التاأويلية النظرية اإ�سهام حدود عن طويل ال�سالم لبناء نظرية �سيا�سية اإ�سالمية؟ اأبرز اأننا ل�سنا ب�سدد تاأويلية مبداخل جــديــدة، تاأويلية ب�سدد واإمنــا فح�سب املحا�سبي ومنطلقات ومقا�سد جديدة، تاأويلية معاملها وا�سحة اإىل حد بعيد، تاأويلية وظيفية؛ عملت على بلورة مقاربة نقدية للقيا�س مبفهومه التقليدي، وعلى الإ�سهام يف بناء النظرية ال�سيا�سية

الإ�سالمية..�سيا�سية نظرية بناء يف املحا�سبي تاأويلية قدرة حدود وعن يف اعرت�سته مفارقة اإىل طويل ال�سالم عبد اأ�سار اإ�سالمية ال�سيا�سة مفهومي بني التمييز عــدم مردها ال�سياق، هــذا كتدبري ل�سوؤون اجلماعة وال�سلطة كعالقة قوى؛ بحيث اإذا ما اعتربنا اأن ال�سيا�سة م�ساع على غرار اأن العقل م�ساع وعريزة، ح�سرية بالتعريف، فال�سلطة، كذلك، لي�ست ال�سلطة فــاإن ومركزة ولي�ست �سائعة، وكونها كذلك ل يعني بال�سرورة اأنها ل �سيوعها اأن هنالك ما كل دميقراطية. ول �سورية لي�ست

ميكن اأن يقارن ب�سيوع ملكة وعريزة العقل.

د. عبد �هلل �ل�سيد ولد �أباه

Page 30: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 3036

متابعات

باملقاصــد االسـتنجاد وطــرق اسـتثمـارهــااملقاصد" من "مشاهد كتاب يف ــراءة قللدكتور عبد اهلل بن الشيخ املحفوظ بن بيه

د. حممد املنتاررئي�س مركز الدرا�صات القراآنية، اأكدال � الرباط

مدار وعلى دومــا، املقا�سد �سوؤال م�سرية التفاعل مع الن�س املوؤ�س�س، بفعل يــنــاأى الــذي ومركزها الــقــراءة فعل بـــوؤرة الق�سدية ويك�سبه والالمعنى، العبث عن املكلف

الالزمة يف فهمه وا�ستنباطه وتنزيله.. يف واأبــحــاث درا�ــســات من تراكم ما يف والناظر يلحظ جهدا مباركا ال�سريعة ومكارمها، مقا�سد يف ا�ستبانة حلقات هذا العلم املبارك، حيث �سهد تاأ�سيال مرجعيا، ون�سجا نظريا، واإبداعا منهجيا

مع ثلة من اجلهابذة اأمثال الرتمذي احلكيم )تويف )تويف اجلويني احلرمني واإمام 320ه(، حوايل 478ه(، والإمام الغزايل )تويف 505ه(، والإمام

ــدي )تويف 606ه(، والإمـــام الآم ــرازي )تــويف ال660ه(، )تويف ال�سالم عبد بن والعز 631ه(،

تيمية وابـــن 684ه(، )تـــويف ــقــرايف ال والإمــــام )751ه(، القيم ابــن وتلميذه 728ه(، )تــويف )تويف املالكي ال�ساطبي اإ�سحاق اأبــو واللوذعي وا�ستئناف الإحياء مرحلة اإىل و�سول 790ه(..

ج�صد

قــــــراءات

Page 31: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

31 العدد 36 |

متابعات

الجتهاد املقا�سدي مع جيل الن�سف الثاين من القرن الرابع ع�سر عالل والأ�ستاذ عا�سور، ابن الطاهر )ال�سيخ اليوم اإىل الهجري العلم، ن�سو�س هذا اأهم اأ�سحابه حتقيق الذي حاول الفا�سي..( وحماوله نقده، وقراءة يف حمتويات اأهم م�سنفاته، تدقيقا وتركيزا على بع�س ق�ساياه، والجتهاد يف جتديد م�سامينه، وتقريبها من

التداول العام..اليوم ــدي ــقــا�ــس امل الــفــكــر ــــربز ويجديدة اأبوابا الباحثني اأمام ليفتح من وميكنهم والإبـــداع، لال�ستغال الوحي، لن�سو�س متجددة قــراءة لالجتهاد جـــديـــدة اآلـــيـــات ومــــن لالأحكام متجدد وتنزيل الفقهي، عــلــى الـــوقـــائـــع، كــمــا ميــكــنــهــم من للعاملني والــ�ــســريــعــة الــ�ــســرع تبليغ على القائمة الع�سر وحاجات بلغة وحاجة الإنــ�ــســان، حــقــوق مركزية لتدبري ناظمة قــواعــد اإىل الــعــامل

الكون وت�سخريه.ووفق هذا املهيع تغدو املقا�سد اإطارا وم�سلكا للفهوم، �سابطا منهجيا

يف بل فح�سب، ال�سرعية العلوم يف لي�س للتنزيالت موؤطرا علميا باقي الفنون الأخرى؛ من علوم اجتماعية، واقت�سادية، و�سيا�سية، معرفية منهجية كونها حيث من فروعها؛ ب�ستى جتريبية، وعلوم ل�ستى فروع املعرفة، فهي؛ )اأي املقا�سد( تعد بكليتها منهجية علمية املاآيل وببعديها و�سموليتها، وثباتها، باطرادها، وت�سكل ومعرفية، جمال يف والأهـــداف الغايات لبلوغ ونهجا طريقا وال�ست�سرايف، لبناء قاعدة تكون اأن من املقا�سد يبوئ ب�سكل واملعرفة.. العلم العلوم واملعارف ومر�سدا لالجتهاد، وبهذا نعطيها انطالقة جديدة

لأداء دورها قاعدة لالجتهاد وتاأ�سي�س العلوم..لهذا م�ستاأنفا فتحا يتطلب والكوين الزمني ال�سياق اأن �سك ول معطيات من كثري وجتديد حتيني ي�ستدعي مما املعريف، الور�س هذا العلم، لي�ستند اإليها الجتهاد ويتو�سل بها من اأجل �سبط حركة هذا اأمــان و�سمام العليا.. وقيمه الإ�ــســالم، بحقائق املجتمعات الفعل هو اإبراز وتر�سيخ جمموعة من املرتكزات املنهجية يف م�سرية

العمل والتعامل مع املقا�سد وبها، ثم بعد ذلك تعميقها وتدعيمها الو�سائل بني والتفريق املقا�سد، اإثبات منها: عديدة جمالت يف اأ�سنافها ومعرفة ودرجاتها، املقا�سد اأولويات وحتديد واملقا�سد، واأق�سامها، والعالقة بني املقا�سد والقيم، واإبراز مقا�سد ال�سريعة يف حفظ موؤ�س�سات املجتمع )الأ�سرة، واجلماعة، والدولة(، واملقا�سد ومراعاة ال�سياق، واملقا�سد والعوملة، واملقا�سد والــتــنــمــيــة، واملــقــا�ــســد ومفهوم واملقا�سد الأقليات، وفقه واحلوار واملقا�سد املــدين، املجتمع بني احل�سارات، املقا�سد يف املجال املقا�سد الـــعـــام، ــاأن ــس ــ� ال الـــعـــام/

واحلكامة، املقا�سد والإرهاب.الذين الأفــا�ــســل الــبــاحــثــني ومـــن فاأبدعوا املجال هذا غمار خا�سوا ال�سيخ بن الدكتور عبد اهلل ال�سيخ كتبه من عــدد يف بيه بن املحفوظ مقا�سد "عالقة كتاب اأبرزها: من الــذي الفقه" ــول ــاأ�ــس ب الــ�ــســريــعــة للرتاث الفرقان موؤ�س�سة اأ�سدرته مقا�سد درا�سات مركز الإ�سالمي، "مقا�سد املعامالت ومرا�سد 2006م، وكتاب ال�سريعة الإ�سالمية الواقعات" ال�سادر عن مركز درا�سات مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية، ،2010 الأوىل الطبعة الإ�سالمي، للرتاث الفرقان ملوؤ�س�سة التابع الإ�سالم "موؤ�س�سة عن ال�سادر املقا�سد"، من "م�ساهد والثالث

اليوم" الطبعة الأوىل، 2010م.مكمال للمقا�سد، املوؤلف خ�س�سه الــذي الثالث، الكتاب ويعترب لكتابه: "اأمايل الدللت وجمايل الختالفات" الذي �سبق وخ�س�س جزاأه الأول ملباحث دللت الألفاظ، واجلزء الثاين لدللت املعاين1. وقد جاءت مباحث الكتاب منتظمة يف عقد فريد، مرتبة يف ت�سل�سل علمي ومنهجي من�سبط، ي�سد بع�سها يف حجز بع�س، على ال�سكل

الآتي:

اأول: املقا�صد و�ص�ابط اعتبارهاحتدث الكتاب يف ف�سله الأول عن تعريف املقا�سد لغة وا�سطالحا،

Page 32: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 3236

متابعات

ال�سارع، مق�سد يعرف به الــذي ال�سابط وعــن كما حتدث عن العلة وم�سالكها املعلومة يف اأ�سول وكيفية العلة معلومة غري الأحــكــام وعــن الفقه، عن الــ�ــســارع �سكوت ـــواع اأن وبــني معها، التعامل على للتعرف النظر زوايــا بني قارن كما احلكم، وختم عا�سور، ابن وعند ال�ساطبي عند املقا�سد جتنب للمقا�سد املــوؤلــف بتعريف الف�سل هــذا فيها التق�سيم يف احلد ليكون جن�سا واحدا ولي�س

اأجنا�سا خمتلفة.

ثانيا: م�صرية العمل والتعامل مع املقا�صدمل�سرية الثاين الف�سل يف بيه ابــن ال�سيخ ر�سد العمل والتعامل مع املقا�سد؛ حيث تطرق اإىل تطور بال�سحابة ابتداء وامل�سالح املقا�سد اإىل النظر وجهات وتباين الأربعة باملذاهب مــرورا الكرام اجتهاداتهم ات�ساعا و�سيقا، ل�سوقا بالن�س وبعدا القراآن دعــوة فهموا ال�سلف اأن قــرر حيث عنه. وا�ست�سفاف ال�سريعة مقا�سد ك�سف اإىل الكرمي الرا�سخني فقه يف الفهم ذلــك وجتلى حكمها، يف العلم من اأ�سحاب ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه اهلل ر�سي الرا�سدين اخللفاء وبخا�سة و�سلم،

عنهم واأر�ساهم.الباقالين القا�سي عن احلرمني اإمــام نقل وقد "كانوا، ر�سي اهلل عنهم، ل ال�سحابة: قوله عن يقيمون مرا�سم اجلمع والتحرير ويقت�سرون على

املرامز الدالة على املقا�سد2."ومع اأن ال�سحابة كانوا يكتفون باملعاين املق�سدية دون �سبط مقنن، فاإن الأ�سوليني بعد ذلك حولوا تلك املادة الأ�سلية من ق�سايا ال�سحابة وفتاويهم الكعبة كــرتبــيــع الـــزوايـــا مــربــع رائـــع بــنــاء اإىل جزئي اإحلـــاق الأوىل: زاويــتــه كانت ال�سريفة، بجزئي من�سو�س وهو القيا�س. والثانية: ا�ستثناء اجتاله ملعنى تخفيفا كلي عن به والعدول جزئي ل�سرورة حاقة اأو حاجة ما�سة، وهو ال�ستح�سان.

والثالثة: اإحلاق جزئي بكلي م�سلحي ا�ستقرائي، اأ�سل من ا�ستثناء والرابعة: ال�ست�سالح. وهــو اإباحة بناء على مثال متوقع وهو املعرب عنه ب�سد

الذرائع3.الإمــام موقف تــداعــيــات اأن املــوؤلــف اعترب وقــد الذرائع و�سد ال�ستح�سان دليلي من ال�سافعي كما هو معلوم ومعروف عند اأهل التخ�س�س، وما لكل رد من مالكي وهو الباقالين للقا�سي عزي تليق ل ب�سفات امل�ست�سلح وو�سف ا�ست�سالح، ذلك كل اعترب ال�سرع4، �سبط من كالنحالل واأينعت اأثمرت التي املقا�سد بداية رحلة �سياغة وا�ستد عودها على اأيدي رواد واأعالم حازا ق�سب ال�سبق يف فتق مباحث هذا املجال املعريف، وال�سري

به نحو العلمية، واملنهجية.

ثالثا: التجاذب بني الكلي واجلزئيلعر�س الثالث الف�سل بيه ابن العالمة خ�س�س اأ�سا�سية؛ مل م�سائل الأمــة يف ثالث اأقــوال علماء من كثريا عزا والتي املقا�سد، نظرية فيها تبث الختالفات العقدية والعملية اإليها، و�سنفها حتت

العناوين التالية:الق�صية الأوىل: من يعرف امل�صلحة؟ العقل عليها تبنى التي امل�صلحة هل النقل؟ اأم م�ساألة وهــي �صرعية؟ اأم عقلية الأح��ك��ام حتيل على م�ساألة التح�سني العقلي. وهي م�ساألة ل اأن خبت جذوتها يزال لها �سرب من البزوغ بعد ال�سنة من خالل اأهل عند �سبه حم�سومة وكانت �سبط املنا�سب واعتبار التح�سني العقلي غري مثمر حكما واإن اأ�سار اإىل حكمته، ي�ستوي يف ذلك منهم اأخــرى. وقد من قال به ومن مل يقل به من جهة ظهرت يف ثوب حداثي ل يريد الت�سريح مبراغمة الوحي لكنه يتوكاأ على امل�سلحة العقلية اأو ما �سماه بع�سهم بالق�سد اجلوهري الذي يلغي الن�سو�س

واملقا�سد الأخر5.

يبرز الفكر المقاصدي اليوم

ليفتح أمام الباحثين أبوابا

جديدة لالشتغال واإلبداع،

ويمكنهم من قراءة متجددة لنصوص الوحي..

Page 33: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

33 العدد 36 |

متابعات

بني ال�صريعة دوران الثانية: الق�صية مبعقولية واملــراد والتعبد؟ املعنى معق�لية للعقول علته، املعنى، ما عرفت حكمته وات�سحت ويرجع معناه، يعقل مل ــذي ال التعبدي ويقابله ر�سد ابـــن عــبــارة ح�سب الــنــفــو�ــس، تــزكــيــة اإىل يف احلكمة انعدام ذلــك معنى "ولي�س احلفيد، فيها العباد اأن م�سالح التعبديات، فنحن جنزم قد الب�سرية عني ولكن موهوبة؛ واملنائح مبثوثة تنبو يف دار الدنيا التي ي�سدل احلجاب على اأهلها حتى يك�سف الغطاء ويربح اخلفاء يف دار اخللود

والبقاء6."واجلزئي؟ الكلي بني التجاذب الثالثة: الق�سية اأم اجلزئي؟ وما اأيهما يقدم الكلي اآخر: ومبعنى هي �سوابط هذا التقدمي؟ وما اأوجه عالقته باأ�سل جزئي ا�ستثناء حقيقته يف هو الذي ال�ستح�سان اأ�سا�سه الذي هو يف الذرائع �سد واأ�سل من كلي، حكم على جزئي مراعاة ملثال اأ�سبح مبنزلة الكلي

فاجتالته عن كليه، وهو اأ�سل الإباحة مثال.الق�سايا يف يجزم مل املــوؤلــف اأن املالحظ لكن لأقــوال عر�س مــا بقدر بـــراأي ال�سابقة الــثــالث حتتاج م�سائل هي حني يف فيها. والعلماء الأئمة اأكر يجعلها ب�سكل نــزاعــهــا، حمــل حترير اإىل

و�سوحا للمبتدي واملنتهي.

رابعا: اأ�صناف املقا�صد.. ومعيار النتماءمن منتجة �سعب بــثــالث ــول الأ�ــس علماء اهــتــم

املقا�سد هي:اإليها ترجع التي الــكــربى العامة املقا�سد .1 ــعــة، وهــــي الـــ�ـــســـروريـــات واحلــاجــيــات ــري ــس ــ� ال

والتح�سينيات.اأبواب التي تعنى بباب من 2. املقا�سد اخلا�سة

الفقه. 3. املقا�سد اجلزئية وهي مق�سد ال�سارع يف كل

حكم على حدة.

وقد عر�س ال�سيخ بن بيه هذه ال�سعب املقا�سدية وخ�س�س لها الف�سل الرابع من م�ساهده، مع ذكر خمتلفة، باعتبارات للمقا�سد اأخــرى تق�سيمات يف مقا�سد له وعال، جل الباري، اأن اإىل م�سريا منها ت�ستق�سى، ول حت�سى ل والأمــــر اخلــلــق املقا�سد القدرية اأو الكونية وهي اأعلى من مقا�سد كما الرحمة اأو لالختالف اخللق كخلق الت�سريع يف قوله تعاىل: "ول يزالون خمتلفني. اإل من رحم واأ�ساف .)118 )هــود: خلقهم" ولذلك ربــك، العالمة بن بيه ق�سيتني لهما تاأثريهما يف ت�سنيف

املقا�سد الت�سريعية وهما:1. معيار النتماء اإىل املق�سد ال�سروري.

وبني بينه الق�سايا لبع�س النتماء تذبذب .2احلاجي.

املقا�سد منظومات بني العالقة اأن اإىل وخل�س اإليه و�سل كما تكاملية تكون اأن ينبغي ل الثالثة الدكتور مــع متفقا اندماجية واإمنـــا ال�ساطبي يف ال�سرعية املقا�سد )خبري الري�سوين اأحمد جممع الفقه الإ�سالمي( يف اأن اأ�سل هذا احل�سر وهذا لالإ�سافة، مفتوح فهو وبالتايل اجتهادي املقا�سد منظومات بني العالقة "اإن قوله: ن�س اإليه و�سل كما تكاملية تكون اأن ينبغي ل الثالثة ال�سياء يف حلولو ابــن ر�سمه وكما ال�ساطبي، اأن احلاجيات والتح�سينيات الالمع بقوله: واعلم كاملكملة والتح�سينيات لــلــ�ــســروريــات كالتتمة امل�سالح اأ�سول هي ال�سروريات فاإن للحاجيات وهي �سرط تكملة هي حيث من فلها تكملة وكل اأن يعود اعتبارها على الأ�سل بالإبطال فاإنه متى

عادت عليه بالعتبار �سقط العتبار7."اأن هو بيه( بن لل�سيخ )والكالم نقوله الــذي بل املقا�سد اأ�ــســتــاذ مــع ونتفق اندماجية العالقة ال�سريف اأحمد الري�سوين يف اأن اأ�سل هذا احل�سر اجــتــهــادي وبــالــتــايل فــهــو مــفــتــوح لــالإ�ــســافــة مع اأن اإ�سحاق يف قواعده اأبي الأ�ستاذ العرتاف مع

تعد المقاصد إطارا منهجيا

ضابطا للفهوم، ومسلكا علميا

مؤطرا للتنزيالت ليس في

العلوم الشرعية فحسب، وإنما

في سائر العلوم اإلجتماعية..

Page 34: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 3436

متابعات

الكليات اخلم�س هي اأ�سل امل�سالح، ولهذا ف�ستظل العناوين الرئي�سية؛ لأن كل املقا�سد الأخرى �سواء كانت من مقا�سد ال�سارع اأو مقا�سد املكلفني غري اأو بالتبع اإمــا اإليها راجعة �ستبقى لهذا منافية الأيلولة، فمجمل الكبائر وكبريات الف�سائل �سواء اجلماعة مو�سوعها اأو الفرد مرجعيتها كانت الإ�سكال ب�سكل من الكليات اأن تالحظ هذه لبد

"حفظ" كلمة واإن كانت ال�سروب، اأو �سرب من اإىل ت�سري للمق�سد عنوانا ــون الأول اأطلقها التي مثال: املق�سد ليكون اأزيلت فلو احل�سر من نوع الدين والنف�س واملال.. اإىل اآخره لزال العرتا�س

وح�سل املطلوب8.اإىل يتعرف اأن اأراد من كل اأن ذلــك بعد ليقرر املقا�سد يف كل جزئية فما عليه اإل اأن يرجع اإىل وحاجاتهم النا�س و�ــســرورات الن�سو�س ميزان

ليثبت املرتبة.

خام�صا: ا�صتنباط املقا�صد وا�صتخراجهامل جهة، من العامة، ال�سرعية املقا�سد كانت ملا تتعني بوا�سطة ن�سو�س معلومة ومل تتحدد بوا�سطة اأدلة خا�سة، وكان الت�سليم بها يقت�سي، من جهة اأركـــان مــن ركــنــا لتكون عليها الــتــعــرف ثــانــيــة، من يطلع واأفقا الفقهاء، اإىل بالن�سبة الجتهاد خالله املكلف العادي على اأ�سرار الت�سريع، خ�س م�سالك لبيان اخلام�س الف�سل بيه بن ال�سيخ واأو�سح ا�ستخراجها، وطرائق املقا�سد ا�ستنباط ال�سابط يف ال�ساطبي الإمــام له تعر�س ما فيه

الذي يعرف به مق�سد ال�سارع عرب عدة جهات9:1. جمرد الأمر والنهي البتدائي الت�سريحي.

2. اعتبار علل الأمر والنهي، املعلومة وغري املعلومة وم�سالكهما وكيفية النظر فيهما.

التابعة واملقا�سد الأ�سلية املقا�سد اعتبار .3لأحكام ال�سريعة العادية والعبادية.

4. ال�سكوت عن �سرعية العمل. عند املقا�سد على التعرف طــرق بعدها وذكــر

ال�سيخ حممد الطاهر بن عا�سور10، وهي:ـ الطريق الأول: وهو اأعظمها، ا�ستقراء ال�سريعة اأعظمهما: نــوعــني: عــلــى وهـــو ت�سرفاتها، يف اإىل ـــل الآئ عللها، املــعــروفــة ــام الأحــك ا�ــســتــقــراء العلة. م�سالك بطرق املثبتة العلل تلك ا�ستقراء ا�سرتكت اأحــكــام اأدلــة ا�ستقراء الــثــاين: والــنــوع

يف العالقة بني الكليات ال�صرعية الكليات العقلية

"كيف ميكن بناء املعقولية يف ال�سرعيات على "القطع"، وهو يوازن اليقني يف العقليات، 790هـ( ال�ساطبي )ت العقل؟ يجيب اإن�ساء ولي�ست من النقل تعتمد اأنها نعلم ونحن اإن ذلك ممكن جدا اإذا نحن اعتمدنا الطريقة الربهانية فبنينا اأ�سول الفقه على "كليات ال�سريعة" وعلى "مقا�سد ال�سرع"، كليات ال�سريعة تقوم مقام الكليات العقلية يف العلوم

النظرية اأما مقا�سد ال�سرع فهي ال�سبب الغائي الناظم للمعقولية.ليكن ذلك، ولكن كيف التو�سل اإىل "الكليات ال�سرعية" ونحن نعلم اأن ال�سرع اأوامر ونواه تخ�س ق�سايا جزئية؟ يجيب ال�ساطبي: طريقنا اإىل هذه الكليات هو نف�س طريقنا اإىل منها، الكليات وا�ستخال�س ال�سرع جزئيات ا�ستقراء ال�ستقراء، اإنه العلمية: الكليات و�ستكون هذه الكليات، بطبيعة احلال، "كليات عددية" لأنها ا�ستقرائية ولكنها، مع ذلك، تفيد القطع كما يف العلوم الأخرى مثل "الكليات العربية"، اأي قواعد النحو، والكليات يف

العلوم امل�سابهة التي ت�ستخل�س مقدماتها من ال�ستقراء.وكليات ال�سريعة تفيد القطع لأن ال�ستقراء فيها مبني على نف�س الأ�س�س التي يبنى عليها والطراد، -1العموم ثالثة: ال�ساطبي، ح�سب وهي، الربهانية، العلوم يف ال�ستقراء زمان دون زمانا تخ�س ول جميعا املكلفني تعم لأنها بهما تت�سف ال�سريعة واأحكام فالواجب ال�سريعة هي كذلك، واأحكام التغري، ول مكانا دون مكان.. -2الثبوت وعدم واجب واحلرام حرام... الخ، وما و�سع �سببا يبقى �سببا وما و�سع �سرطا يبقى �سرطا. �سيء ل ونواه اأوامر فال�سريعة عليه"؛ العلم حاكما ل حمكوما "كون اأي -3القانونية،

يعلو عليها. فهي عقلية ل و�سعية، اأنها ومع الربهاين، العلم �سروط فيها تتوافر فال�سريعة وهكذا "جتاري العقليات يف اإفادة العلم القطعي.. اإذ العلم بها م�ستفاد من ال�ستقراء الناظم لأ�ستات اأفرادها حتى ت�سري يف العقل جمموعة كليات مطردة عامة غري زائلة ول مبتذلة العقلية الكليات فاإن واإذن العقلية. الكليات وحاكمة غري حمكومة عليها، وهذه خوا�س له( معطى بل العقل ان�ساء من لي�س ( عقلي ل و�سعي، اأمر وهو الوجود من مقتب�سة

فا�ستوت مع الكليات ال�سرعية بهذا العتبار".

حممد عابد اجلابري، "الرتاث واحلداثة: درا�سات.. ومناق�سات"، مركز درا�سات الوحدة العربية، بريوت،

ط: 3، 2006، �س211-210.

Page 35: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

35 العدد 36 |

متابعات

العلة تلك باأن اليقني لنا يح�سل بحيث علة، يف مق�سد مراد لل�سارع.

ـ الطريق الثاين: اأدلة القراآن الوا�سحة الدللة التي ي�سعف احتمال اأن يكون املراد منها غري ما العربي، بحيث ل هو ظاهرها بح�سب ال�ستعمال على يدخل اأن �ساء من اإل منها املــراد يف ي�سك

نف�سه �سكا ل يعتد به.ـ الطريق الثالث: ال�سنة املتواترة، وهذا الطريق ل يوجد له مثال اإل يف حالني: الأول: التواتر املعنوي احلا�سل من م�ساهدة عموم ال�سحابة عمال من علم لهم فيح�سل و�سلم، عليه اهلل �سلى النبي، امل�ساهدين. جميع فيه ي�ستوي ذلك يف بت�سريع والثاين: تواتر عملي، يح�سل لآحاد ال�سحابة من عليه اهلل �سلى اهلل ر�سول اأعمال م�ساهدة تكرر مق�سدا جمموعها من ي�ستخل�س بحيث و�سلم

�سرعيا.عنه امل�سكوت اأنــواع يف بيه بن ال�سيخ ف�سل وقد وو�سفها "بدعة الرتك11" اإىل ما ي�سمى وتطرق اللتبا�س فــيــهــا ـــع وق ــي ــت ال الــدقــيــقــة ـــور ـــالأم بالق�سايا ببع�س م�ستدل النا�س فيها واخت�سم التي اختلف فيها العلماء تبعا لختالفهم يف النظر اأ�سل اخلالف واأرجع امل�سكوت عنه. اإىل مو�سوع

اإىل عدة عوامل:1. هل البدعة �سنف واحد اأم اأنها اأ�سناف بح�سب

الدليل الذي ي�سملها؟له التعبديات يف الداعي قيام مع الرتك هل .2

دللة على النهي اأو ل دللة له على ذلك؟3. الفرق بني املوجب واملقت�سى.

4. الفرق بني اإ�سافة املرتوك اإىل عبادة حمدودة عدم اأو ي�سرع فــال لها مكمال جـــزءا واعــتــقــاده

اإ�سافته فريد اإىل اأ�سل الإباحة اأو ال�ستحباب.الإمام اإليه ذهب ما �سحة بيه بن ال�سيخ وراأى عبادة اإىل اأ�سيف ما بني تف�سيله يف عرفة ابن بحيث ي�سبح وكاأنه جزء منها فهذا غري م�سروع.

واأ�ساف العالمة بن بيه ثالثة �سوابط12:اأو الندب اأن ل يعطى حكما �سرعيا كالوجوب .1اإذا مل يكن م�سمول بدليل كالأدلة املتعلقة بالذكر الأحــوال، فال يجوز ا�ستحبابه يف كل الدالة على

ملن اختار تلك الأذكار اأن يقول اإنها واجبة مثال.يحدد من لأن معني، بثواب لها يحكم ل اأن .2

الثواب ومقاديره هو ال�سارع.اأو بالتحرمي نهي دليل املــرتوك ي�سمل ل اأن .3

الكراهة.وقال: "تلك هي ال�سوابط التي �سبق عن ابن عرفة �سيخ املالكية بع�سها فمن ترك �سيئا احتياطا فال لوم عليه، ومن فعل القربات ب�سوابطها ا�ستكثارا من اخلري فهو على خري ول ينبغي اأن ينكر البع�س الت�سنيع بله الجتهاد مــواطــن يف البع�س على

والتبديع واإمنا الأعمال بالنيات13."ف�سيح جمالها بيه بن ال�سيخ قــرر كما وامل�ساألة على البع�س ينكر اأن ينبغي ول وا�سع، وميدانها

البع�س يف مواطن الجتهاد اإن فعال اأو تركا.

�صاد�صا: ال�صتنجاد باملقا�صد وا�صتثمارهااملقا�سد، اأية مقا�سد، �سواء كانت عامة اأو خا�سة، و�سواء كانت �سرورية، اأو حاجية، اأو حت�سينية، اأو تبعية، اأو اأ�سلية كانت اأو جزئية، اأو كلية كانت اإىل غريها من تق�سيمات املقا�سد، فمبا�سرة بعد ا�ستنباطها من مظانها، وا�ستخراجها من مكامنها م�سمى: وحتت ا�ستثمارها. اأ�سئلة الأفــق يف تلوح "ال�ستنجاد باملقا�سد وا�ستثمارها"، الذي اختاره والأخري ال�ساد�س للف�سل عنوانا بيه بن ال�سيخ من الكتاب، ت�ساءل ال�سيخ: كيف ميكننا اأن جنني من وا�ستخراجها ا�ستنباطها بعد املقا�سد ثمرة مكامنها؟ وكيف لها اأن تنجدنا وترفدنا وت�سعفنا

وتتحفنا بفوائد ت�سريعية؟طبيعة اإدراك باملقا�سد؛ بال�ستنجاد واملق�سود واأنها لي�ست ترفا التعامل مع املقا�سد وباملقا�سد

المقصود بمعقولية المعنى، ما عرفت حكمته واتضحت للعقول

علته، ويقابله التعبدي الذي لم

يعقل معناه، ويرجع إلى تزكية

النفوس.

Page 36: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 3636

متابعات

خلص الشيخ بن بيه إلى أن العالقة

بين منظومات المقاصد الثالثة

ال ينبغي أن تكون تكاملية كما وصل إليه الشاطبي وإنما

اندماجية..

ذهنيا ول ثقافة يتعاطاها ال�سحفي والجتماعي، اأداة اأو نظريا. واأنها ول مو�سوعا فل�سفيا جمردا وبالتايل اخلم�سة ال�سرعية الأحــكــام ل�ستنباط لتكون كذلك ل بد اأن تنزل من �سماء التنظري اإىل ميدان اإىل الذهني الت�سور ومن العمليات اأر�س

التطبيقات14. ال�سيخ؛ نظر يف للمقا�سد ا�ستثمار اأول ويبقى امل�ستثمر تر�سيح هو ال�ساطبي، بــالإمــام تاأ�سيا مو�سوفا جمتهدا ليكون املجتهد؛ هو الذي الأول اأبــجــديــاتــه ات�سافه بــهــذا الــو�ــســف، والـــذي مــن ال�ساطبي بناها وكما واملعرفة، املقا�سد. مبعرفة هي بيه15، بــن ال�سيخ وتبناها املــجــال هــذا يف معرفتني: الأوىل: معرفة اللغة العربية فيما يتعلق بدللت الألفاظ ومقت�سيات الن�سو�س. والثانية: معرفة مقا�سد ال�سريعة جملة وتف�سيال اإذا تعلق

الجتهاد باملعاين من امل�سالح واملفا�سد.بني العالقة يف عا�سور ابــن راأي عر�سه وبــعــد بن ال�سيخ قــال ال�سريعة، ومقا�سد افقه اأ�سول اأبو املقا�سد اأبــو حوله دنــدن مــا "ولبيان بيه: ابن الطاهر حممد والعالمة ال�ساطبي، اإ�سحاق عا�سور، رحمهما اهلل تعاىل، نقول: "اإنه ي�ستنجد اأكر من ع�سرين منحى من م�سائل باملقا�سد يف الأ�سول، ا�ستعار لها ا�سم كلمة املحائر والأكن�سة؛ لأنها مكامن لوؤلوؤ احلكم، ومكان�س ظباء املقا�سد،

وجذور اأرومتها، واأقنا�س اأجنا�سها16."هي وجها، ثالثني اإىل اأو�سلها قد اأنه واحلقيقة ولغوية اأ�سولية، قواعد عن عبارة تقريبا كلها بها، العمل وت�سديد تطعيمها مت وا�ستدللية، املقا�سدي والنظر املقا�سدية الفكرة با�ستح�سار منوذجيا عمال اعتبارها وميــكــن اإعــمــالــهــا. يف ميكن الفقه، اأ�ــســول لعلم مقا�سدية ل�سياغة للفقيه واملجتهد، وللتلميذ والأ�ستاذ اأن ي�ستثمرها الختالف تــدبــري ويف ال�سرع ن�سو�س فهم يف

الفقهي وتر�سيده بني فقهائها17.

�صابعا: جمالت ال�صتنجاد باملقا�صدجمالت بيه بن ال�سيخ حــدد تقدم ما على بناء وال�ستنجاد فيها املقا�سد ا�ستثمار وجب ثالثة

بها، وهي18:اإعمال املقا�سد اأ�سول الفقه على �سوء 1. تفعيل يف بنيتها لتو�سيع دوائر ال�ستح�سان وال�ست�سالح

وا�ستنباط الأقي�سة ومراعاة املاآلت والذرائع...املقا�سد حتقق التي املنا�سبة الأقــوال اختيار .2ال�سرعية حتى ولو كانت مهجورة ما دامت ن�سبتها

�سحيحة و�سادرة عن ثقة ودعت اإليها احلاجة.فل�سفة و�سع يف املقا�سدية النظرية تفعيل .3اإ�سالمية �ساملة جتيب على الأ�سئلة التي يطرحها ت�سغل التي الكربى الق�سايا خمتلف يف الع�سر والنظم الكون يف القدم منذ و�سغلته الإن�سان لتف�سري والجتماعية والقت�سادية ال�سيا�سية عامة قوانني وتقدمي الإن�سانية الظواهر خمتلف

تنطلق من ثنائية الوحي والعقل.وقد حاول ال�سيخ بن بيه تطبيق الروؤية املقا�سدية املعامالت "مقا�سد كــتــابــه يف بــهــا بــ�ــســر الــتــي اجتاهني: يف اأمثلثة الواقعات" ف�سرب ومرا�سد مو�سوعات يف الفقهية املــجــامــع جــمــود اجتـــاه مقا�سدية ــهــادات اجــت ـــاه اجت ويف �ــســعــة. فيها املجال يف الفتوى جلــان لبع�س من�سبطة غــري الق�سايا مــن جمــمــوعــة وتــنــاول القــتــ�ــســادي. الت�سخم، للدرا�سة، وهي: امللحة جعلها مو�سوعا وم�ساألة بيع دين ال�سلم لغري من هو عليه، وم�ساألة تاأجيل العو�سني، وم�ساألة عقود اخليارات، وعقود امل�ستقبليات، والتاأمني، والإيجار املنتهي بالتمليك، التدليل عليها و�سعه، حفظه اهلل، يف اجتهد وقد

وبيان مقا�سدها ومرا�سدها.

ثامنا: املقا�صد وفقه الأقلياتح�سب وجيزا كتابه يكون اأن بيه بن ال�سيخ اأراد كان لأنه بيان؛ من وراءه ما اإىل وملمعا الإمكان

Page 37: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

37 العدد 36 |

متابعات

مقا�سد درا�سات مركز نظمها املكرمة مبكة حما�سرة الوجيز الكتاب هذا واأ�سل .1ال�سريعة الإ�سالمية، اأراد �ساحبه اأن يقدم من خالله ورقة تعريفية للمقا�سد تعرف وتاريخ املقا�سد، ت�سكل م�سرية وتر�سم والر�سم، والف�سل باجلن�س ال�سم هــذا الكت�ساف وال�ست�سفاف، الذي كان منطلقه دعوة ربانية قراآنية لإعمال العقل املركب ودللت اخللق اآيــات يف النظر طرق على وتنبيهه والتدبر التفكري يف الإن�سان يف

الأمر. وقد جاء يف 194 �سفحة موزعة على مدخل و�ستة ف�سول، ثم خال�سة.2. اإمام احلرمني اجلويني، الربهان، 1064/2.

3. م�ساهد من املقا�سد �س35-34.4. املرجع نف�سه، �س41.

5. م�ساهد املقا�سد، م، �س، �س58- 59.6. املرجع نف�سه، 61�س.

7. ابن حلولو، حا�سية على ن�سر البنود 35/3، الطبعة احلجرية.8. م�ساهد من املقا�سد �س92-91.

9. ال�ساطبي، املوافقات، 269-266/210. حممد الطاهر بن عا�سور، مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية، �س17-20.

11. م�ساهد من املقا�سد، م، �س، �س125-99.12. املرجع نف�سه، �س124-123.

13. املرجع نف�سه، �س124.

14. املرجع نف�سه، �س140.

15. املرجع نف�سه، �س137.له كذلك، الفقه، باأ�سول ال�سريعة مقا�سد وانظر عالقة نف�سه، �س140، املرجع .16

�س99، ط1، لندن: مركز الدرا�سات املقا�سدية.باملقا�سد، قال الثالثني لال�ستنجاد املناحي ال�سيخ اجلليل هذه ا�ستعر�س اأن بعد .17لكانت جزءا ن�سرها اأردنــا لو لأول مرة، ت�سجل التي املناحي "وهذه حفظه اهلل: كبريا، لكن مق�سودنا من هذا هو الإ�سارة اإىل اأن املقا�سد هي اأ�سول الفقه بعينها، وهي املناحي واملدارك اأمثلة للو�سائج احلميمة والتداخل والتوا�سل، ولو اأمعنا النظر واأعملنا الفكر لأ�سفنا اإليها غريها". وانظر عالقة مقا�سد ال�سريعة باأ�سول الفقه

�س158-131.18. م�ساهد من املقا�سد، م، �س، �س184-169.

�شامهو ال

من�سبا على مو�سوع العالقة بني اأ�سول الفقه ومقا�سد ال�سريعة من اأ�سول اأبواب طريق عن املقا�سد تفعيل خالل من تطبيقية زاوية تعريف من املنهجية اقت�سته ما مع ال�ستنجاد مناحي يف الفقه

وتعرف وت�سنيف.�سوؤال ق�سايا اإحــدى تعد مب�ساألة كتابه بيه بن ال�سيخ ختم وقــد يف الإ�سالمية الأقليات م�ساألة وهي احلــايل، الع�سر يف املقا�سد الغرب ومثل لها بق�سية املراأة التي ت�سلم وزوجها ن�سراين التي قال فيها اجلمهور بف�سخ العقد لكن املجل�س الأوروبي كانت له تف�سيالت داعيا الع�سر؛ ومتغريات املقا�سد فقه على بناء امل�ساألة يف عدة بذلك اإىل مراجعة الفتاوى و�سبطها مبعيار ثالثي الأ�سالع: يقوم على فح�س الواقع لوزن امل�سقة واحلاجة، ثم البحث عن حكم من خالل الن�س اجلزئي الذي ينطبق عليه اإذا وجد مع فح�س درجته،

ثم اإبراز املق�سد ال�سرعي كليا اأو عاما اأو خا�سا.املقا�سد اأ�سئلة من وغريه ال�سوؤال هذا عن الإجابة اأن يخفى ول ت�سور بناء تعني مــا بقدر وو�سائل اأدوات عــن البحث تعني ل ب�سكل وجتلياتها، القراءة هذه منهج ثم والتاأويل للقراءة كامل العلوم واملعارف ومر�سدا لبناء اأن تكون قاعدة يبوئ املقا�سد من قاعدة ــا دوره لأداء جديدة انطالقة نعطيها وبهذا لالجتهاد، الذي الي�سري بالأمر لي�س طبعا وهو العلوم.. وتاأ�سي�س لالجتهاد اإىل التنبيه الق�سد ولكن واحدة، اإجنازه يف حماولة بحثية ميكن الفعل، ومن اإىل الدعوة للخروج من اأر�سية ممهدة اإيجاد حتمية

التنظري اإىل التفعيل والتوظيف يف هذا املجال.

ل ل�سيء اإل لأن مقا�سد ال�سريعة لي�ست جمرد ح�سيلة معرفية ت�سبع نهمنا يف فهم ال�سريعة واأهدافها وت�سحن ر�سيدنا املعريف بروة من احلكم واملقا�سد العامة العامة واخلا�سة الكلية واجلزئية لل�سريعة، بل هي اإىل هذا كله تن�سئ منطا يف الفهم والت�سور لالأمور، وتعطي منهجا يف النظر والتفكري، نتفح�س من خالله على ما ميكن ت�سميته "الإدراك املقا�سدي" وهو م�ستوى من الفكر ي�ستلزم مبادئ واأ�س�س بيه من خالل مباحث بن ال�سيخ وفق وقواعد مقا�سدية منهجية. كتابه "م�ساهد من املقا�سد"، ومن خالل كتابيه �سابقي الذكر، يف بيان بع�سها، لكن جزءا كبريا منها ل يزال حمتاجا اإىل حفر معريف

من اأويل الفكر والنظر يف جمال علمي املقا�سد والأ�سول.وهذا ي�ستوجب من �سمن ما ي�ستوجب بلورة روؤى اإبداعية ونظرات وعي تعميم يف الإ�سهام �ساأنها من وم�ستاأنفة، مبتكرة اجتهادية الفعل، اإىل الدعوة من املقا�سد مبفهوم يرتقي اأ�سيل، مقا�سدي يج�سد ب�سكل التوظيف، جمال اإىل التنظري جمال من ويخرجها به يحفل وما ت�ساوؤلتهم عن ويجيب وم�سكالتهم، النا�س هموم النتقال كذلك الإجـــراء هــذا �ساأن ومــن حتــديــات.. من واقعهم باخلطاب املقا�سدي من بوؤرة التاأ�سيل والتنزيل على ق�سايا حمددة ومعينة، اإىل �سعاع املنهجية املعرفية الناظمة لبناء تفكري اإ�سالمي اآليات واآلية من الــذات، داخل الكون وقــراءة الوحي قــراءة يجمع والت�سورات الــروؤى خمتلف على والهيمنة والت�سديق ال�ستيعاب مبنطق واملختلف، املوؤتلف مع والت�سريعية، والقيمية، العتقادية،

�سنني حكمي يراعي م�سلحة الإن�سان وكرامة هذا الإن�سان.

Page 38: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 3836

متابعات

األمة والجماعات الفرعية: تعددية يف كنف الوحدةقراءة يف كتاب "التعددية الثقافية"

"Le multiculturalisme"لباتريك سافيدون

د. عبد ال�صالم ط�يل رئي�س حترير جملة الإحياء

اعتمد ال�سيا�سية التعددية مبداأ املغرب اململكة اعتمدته د�ستور اأول منذ الد�ساتري �سائر عليه ون�ست ال�ستقالل، بعد املغربي الد�ستوري امل�سرع يكتف ومل الالحقة. باإقرار هذا املبداأ ب�سيغة الإيجاب والتاأكيد، واإمنا �سدد على اعتماده ب�سيغة النفي حينما اأكد على اأن

نظام احلزب الواحد ممنوع مبقت�سى القانون. مار�س من للتا�سع التاريخي امللكي اخلطاب ويف من �سنة 2011، قرر جاللة امللك حممد ال�ساد�س اإجراء تعديل د�ستوري تاريخي �سامل، يرتكز على "التكري�س اأ�سا�سية يف مقدمتها؛ �سبعة مرتكزات املغربية للهوية الــتــعــددي للطابع الــد�ــســتــوري

�سلبها ويف روافـــدهـــا، بتنوع الغنية املــوحــدة، و"تعزيز املغاربة"، جلميع كر�سيد الأمازيغية، دور بتقوية املواطنني، لتاأطري الد�ستورية الآليات حقيقية، تعددية نطاق يف ال�سيا�سية، الالأحزاب واملجتمع الربملانية، املعار�سة مكانة وتكري�س اجليدة، احلكامة هياآت "د�سرتة وكذا املدين"،

وحقوق الإن�سان، وحماية احلريات".. ،2011 وهو ما وجد ترجمته القانونية يف د�ستور اأبعاد تعددية على د�ستوريا عمقا اأ�سفى الــذي الأمة، وحــدة كنف يف املغربية الثقافية الهوية "اململكة اأن على الديباجة يف بتن�سي�سه وذلك املغربية دولة اإ�سالمية ذات �سيادة كاملة، مت�سبثة

�أتقاكم" )احلجرات: 13(. �هلل عند �أكرمكم �إن لتعارفو�، وقبائل �شعوبا وجعلناكم و�أنثى ذكر من خلقناكم �إنا �لنا�س "ياأيها

Page 39: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

39 العدد 36 |

متابعات

بوحدتها الوطنية والرتابية، وب�سيانة تالحم مقومات هويتها الوطنية، املوحدة وال�سحراوية والأمازيغية، الإ�سالمية، - العربية مكوناتها، كل بان�سهار كما واملتو�سطية. والعربية والأندل�سية الإفريقية بروافدها والغنية احل�سانية، اأن الهوية املغربية تتميز بتبوئ الدين الإ�سالمي مكانة ال�سدارة فيها، وذلك يف ظل ت�سبث ال�سعب املغربي بقيم النفتاح والعتدال والت�سامح واحلوار، والتفاهم

املتبادل بني الثقافات واحل�سارات الإن�سانية جمعا..".بـ"حماية يلتزم الأول اثنني؛ مبحددين حمكومة جــاءت التي التعددية وهي منظومتي حقوق الإن�سان والقانون الدويل الإن�ساين والنهو�س بهما، والإ�سهام يف تطويرهما؛ مع مراعاة الطابع الكوين لتلك احلقوق، وعدم قابليتها للتجزيء. والثاين يوؤكد على "حظر ومكافحة كل اأ�سكال التمييز، ب�سبب اجلن�س اأو اللون اأو املعتقد اأو الثقافة اأو النتماء الجتماعي، اأو اجلهوي، اأو اللغة اأو الإعاقة، اأو اأي

و�سع �سخ�سي، مهما كان".الد�ستوري؛ املبداأ م�ستوى اإىل الثقافية التعددية ترتقي اخلام�س الف�سل ويف فبعد تذكريه اأن اللغة العربية تظل هي اللغة الر�سمية للدولة، واأن هذه الأخرية اأي�سا تعد الأمازيغية اأن يوؤكد ا�ستعمالها، وتنمية وتطويرها، بحمايتها تلتزم "لغة ر�سمية للدولة، باعتبارها ر�سيدا م�سرتكا جلميع املغاربة، بدون ا�ستثناء.وكيفيات لالأمازيغية، الر�سمي الطابع تفعيل مراحل تنظيمي قانون يحدد اإدماجها يف جمال التعليم، ويف جمالت احلياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي

تتمكن من القيام م�ستقبال بوظيفتها، ب�سفتها لغة ر�سمية."يتجزاأ ل جزءا باعتبارها احل�سانية، �سيانة على تعمل "الدولة اأن يوؤكد كما من الهوية الثقافية املغربية املوحدة، وعلى حماية اللهجات والتعبريات الثقافية امل�ستعملة يف املغرب، وت�سهر على ان�سجام ال�سيا�سة اللغوية والثقافية الوطنية، و�سائل باعتبارها العامل؛ تداول يف الأكر الأجنبية اللغات واإتقان تعلم وعلى خمتلف على والنفتاح املعرفة، جمتمع مع والتفاعل والنــخــراط للتوا�سل،

الثقافات، وعلى ح�سارة الع�سر."والثقافة للغات وطني "جمل�س اإحــداث تقرر التنفيد مو�سع ذلك كل ولو�سع املغربية، مهمته، على وجه اخل�سو�س، حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية، وخمتلف التعبريات الثقافية املغربية، تراثا اأ�سيال واإبداعا معا�سرا. وي�سم كل وتركيبته �سالحياته تنظيمي قانون ويحدد املجالت. بهذه املعنية املوؤ�س�سات

وكيفيات �سريه."وقد اأثري نقا�س وا�سع حول مو�سوع د�سرتة التعددية الثقافية يف الد�ستور املغربي اجلديد، و�سعيا منا لو�سع هذا النقا�س يف �سياق اأحدث الأدبيات العاملية حول

املو�سوع نقدم هذه القراءة.ي�ستهل باتريك �سافيدون Patrick savidan موؤلفه بالتاأكيد على اأن التعددية الإن�سانية، املجتمعات ملختلف اأ�سا�سيا بنيويا مكونا تاريخيا تعد الثقافية فالتعددية الإثنو-ثقافية حتيل اإىل معطى ميتد بعيدا يف التاريخ الإن�ساين، وهو

باتريك �سافيدون Patrick SAVIDAN

وجامعة بواتييه، بجامعة الفل�سفة •اأ�ستاذ ال�سربون..

واملثالية هيغل الدرا�سات حول مركز •مدير الأملانية.

) • Raison publique( رئي�س حترير جملةالعدالة ب�����س��وؤال البحثية اأع��م��ال��ه •تهتم �سلتها يف ال��زم��ن، ومتثالت الجتماعية،

بالتاريخ والذاكرة..•من اأحدث كتبه:

- Repenser l’égalité des chances )Hachette littérature، 2010(

التي ال�سغوطات وخمتلف العوملة عملت الذي املعطى متار�سها الديناميات املت�سلة بتنامي الهجرة والنفجار

الدميغرايف على تكثيفه وت�سريع وثريته1. فهي لي�ست خا�سة باملجتمعات احلديثة، غري اأن اجلديد يف الأمر اأن الدولة املعا�سرة اأم�ست مطالبة، اأكر من اأي الثقافية التعددية العتبار بعني تاأخذ اأن م�سى، وقت

لالعرتاف �سيا�سة اإطار يف جمتمعها متيز التي واجلديد .une politique de reconnaissance

اإر�ساء على تراهن باتت الثقافية التعددية اأن اأي�سا عن يختلف والجتماعي ال�سيا�سي لــالنــدمــاج �سكل

Page 40: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 4036

متابعات

النموذج الذي اأر�سيت على اأ�سا�سه الدول الوطنية .Les Etats Nations2

فاإذا كانت الدولة واحدة، والواقع املجتمعي متنوعا ثقافيا؛ فهل من الواجب جعل هذا الواقع انعكا�سا للتنوع انعكا�سا الــدولــة جعل اأم الــدولــة لــوحــدة الثقافية التعددية اإخ�ساع يتعني هل الثقايف؟ ال�سارم، الــدولــة اأحــاديــة منطق اإىل للمجتمع متا�سك ا�ستمرارية على احلــفــاظ بغية وذلـــك الدولة واحلوؤول دون انق�سامها وت�سدعها؟ اأم اأن هذه ال�ستمرارية وهذا التما�سك يتعني اأن يتحقق من خالل العرتاف بواقع التعددية �سمن الوحدة �سرورة بني املــواءمــة ميكن كيف يعززها؟ ومبــا الوحدة ال�سيا�سية والت�سامن املجتمعي من جهة،

واأهمية التنوع الثقايف من جهة اأخرى؟�ــســوف نـــرى مــن خـــالل هـــذه الـــقـــراءة كــيــف اأن اخليار الأمثل يتمثل يف ال�سعي اإىل �سياغة نظرية كال بــني للتوفيق و�سطا نهجا تنتهج معا�سرة الجتاهني، من منطلق اأن وحدة الدولة ل تقت�سي ل الثقايف التنوع واأن املجتمع، ثقافة ــة اأحــاديالدولة وانق�سامها. اإىل ت�سظية يف�سي بال�سرورة وتعرف هذه النظرية بت�سمية "التعددية الثقافية" قبيل من عموما وهي .Multiculturalisme

برتكيزها تتميز التي احلداثة بعد ما نظريات على اأهمية الوعي بالذات اجلماعية..

خالل من اإل يتحقق ل التعددية مبداأ اأن ذلــك الإميان بوجود العديد من طرق احلياة العقالنية التي ت�سمح لنا باأن نعي�س حياة كرمية. كما يتحقق من خالل القدرة على الختيار احلر لنمط احلياة الإن�سانية الذي ينا�سبنا. علما اأن التعددية والتنوع والروابط اجلامعة الوحدة اإطــار يف يكونا اإمنــا امل�سرتكة؛ "فال�سرائع املتعددة، على �سبيل املثال، الواحد، الــديــن اإطـــار يف اإل تعدديتها تتاأتى ل واحل�سارات املتعددة ل تتاأتى تعدديتها اإل يف اإطار امل�سرتك الإن�ساين العام. وبذلك، فاإن التعددية هي تنوع قائم على متيز وخ�سو�سية، فهي ل ميكن اأن فال اإطارها، و�سمن بالوحدة باملقارنة اإل توجد

والقطيعة الت�سرذم على التعددية اإطــالق ميكن التي ل الأحادية ول على لآحادها، التي ل جامع

اأجزاء لها3.

اأول: يف ماهية التعددية الثقافية"التعددية م�سطلح املعا�سرة الأدبيات ت�ستخدم الثقافية" كم�سطلح �سامل يغطي م�ساحة وا�سعة م�ستوى تــوفــري ت�ستهدف الــتــي ال�سيا�سات مــن خمتلف وم�ساندة الــعــام، العـــرتاف مــن معني بلورة ي�ستوجب الــذي ــر الأم الفرعية الثقافات من لأنــواع خمتلفة ال�سيا�سات من اأنــواع خمتلفة يت�سل وهــكــذا الفرعية.. الثقافية اجلــمــاعــات مبفهوم وثيقا ات�سال الثقافية التعددية مفهوم "�سيا�سة الختالف"، وهو املفهوم الذي مبقت�ساه يتعني "معاملة الأ�سخا�س املختلفني ب�سكل خمتلف

ن�سبيا وفقا لثقافتهم املميزة"4.باعتباره مفهوما املفهوم ال�سياق يوظف ويف هذا ال�سيا�سات من كبرية جمموعة ي�ستبطن جامعا املعنية بتوفري م�ستوى معني من العرتاف الر�سمي �سواء املهيمنة، غري الفرعية للجماعات والدعم اأكانت تلك اجلماعات من املهاجرين اأو الأقليات

القومية اأو ال�سكان الأ�سليني5.على ترتكز الليربالية الثقافية التعددية اأن كما التنوع وم�ساندة العرتاف �سيا�سات اأن افرتا�س احلرية جمــال "تو�سع اأن �ساأنها مــن الــثــقــايف وتخفف الإن�سانية"، احلقوق و"تقوي الب�سرية" وتعمق والعن�سرية الــعــرقــيــة الــهــرياركــيــة مــن

الدميقراطية. منظور مــن الثقافية التعددية ــاإن ف ــك، ذل ومــع يعتقد ممــا تعقيدا اأكـــر ظــاهــرة تعد لــيــربايل �سيا�سة اأو واحـــدا مــبــداأ لي�ست وهــي الــكــثــريون، واحدة، واإمنا هي مظلة ت�ستوعب اأ�ساليب تختلف ب�سكل كبري من جتربة اإىل اأخرى، كما اأن كل واحد

من هذه الأ�ساليب يتميز بتعدد وتعقد اأبعاده6.نظر وجهة من تعد، الثقافية التعددية اأن فمع من "ن�سقا اأي اأيــديــولــوجــيــا؛ مبــثــابــة الــبــعــ�ــس،

تعد التعددية الثقافية، من

الوجهة التاريخية، مكونا بنيويا

أساسيا لمختلف المجتمعات اإلنسانية..

Page 41: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

41 العدد 36 |

متابعات

تظل اأنــهــا اإل واملنظمة"، املرتابطة املعتقدات تركز فهي والدح�س. للت�سكيك ذلك، مع قابلة، التنوع مع التعامل كيفية على حتديدا اهتمامها الدولة عــالقــة وطبيعة ــة، ــدول ال داخـــل الــثــقــايف الفكرية املرجعية وماهية الثقافية، مبكوناتها املعاملة �سرط ل�سمان اإليها الركون ينبغي التي العادلة مع �سائر مكوناتها. فهي باإيجاز من قبيل

النظريات ال�سيا�سية ل الأيديولوجيات.يف تعد الثقافية التعددية فــاإن اأخــرى جهة ومن عمقها جتربة حياة، وجتربة عي�س يف كنف جمتمع اأقل انعزالية و�سيقا يف الأفق، واأكر حيوية وتنوعا

ولو كان اأقل جتان�سا. فالتعددية الثقافية، بهذا املعنى، تن�ساأ من جتربة له فكريا، ومت�سامح تــعــددي جمتمع يف العي�س تكوين متنوع من الوجهة الثقافية والجتماعي، وهو الت�سكيالت التكوين الذي يجعل املوقف من �ستى يقوم واإيجابيا، متفتحا موقفا الفرعية الثقافية واحرتام حقهم يف وتقديرهم النا�س تكرمي على عن وتعرب تنا�سبهم التي احلياة طريقة اختيار هويتهم مبا ل يخل بوحدة اجلماعة وان�سجامها..

حتيل الت�سور، هذا �سمن الثقافية، فالتعددية للتعامل حمــددة اآليات واإىل فكري، منظور اإىل بامل�ساركة ي�سمح املتنوع، مبا املجتمعي الواقع مع خمتلف ل�سالح القرار و�سناعة العام ال�ساأن يف اجلماعة، داخـــل الــفــرعــيــة الثقافية املــكــونــات

والعرتاف باإ�سهاماتها املميزة يف املجتمع.ال�سيا�سية الأدبيات يف الثقافية التعددية ترتقي املفهوم م�ستوى اإىل املعا�سرة وال�سو�سيولوجية العقالين الــتــدبــري اإىل ي�سعى الـــذي الإجــرائــي الثقايف يف كنف والتمايز التعدد لواقع والوظيفي املجتمع الواحد. كما ي�سعى اإىل قبول ور�سا كافة تلك املكونات بواقعها املجتمعي املتعدد والعرتاف به ر�سميا، من خالل النظر اإليه كمح�سلة ناجمة كبري بقدر تتميز وثقافية تاريخية تراكمات عن

من الر�سوخ. اآليات اإقــــرار يتم العــــرتاف، هــذا على وبــنــاء

حمددة يف كيفية التعامل مع هذا التنوع الثقايف. ويف حالة توفر مثل هذا العرتاف وتلك الآليات، يجري و�سف املجتمع بكونه جمتمعا تعدديا يتبنى التعددية نهجا للت�سامح والتعاي�س ما بني مكوناته اإىل ي�سري الثقايف التنوع مفهوم بينما الثقافية، تنوع الواقع املجتمعي وتعدد مكوناته الثقافية لي�س

اإل. ويف م�ستوى ثالث تتحدد التعددية الثقافية بكونها اجلماعات احتياجات بتلبية معنية عامة �سيا�سة واخلدمات وال�سحة التعليم �سعد على الثقافية

الجتماعية.من خالل ما �سلف نخل�س اإىل اأن التعددية الثقافية تتحدد بكونها اأول نظرية تف�سريية ت�سعي اإىل عقل �سيا�سة بكونها وثانيا املتعدد، الجتماعي الواقع اإىل ت�ستند بحيث الثقايف، التنوع مع التعامل يف فكرة امل�ساركة اجلماعية الدميقراطية من طرف امل�ساواة اأ�سا�س على الثقافية خمتلف اجلماعات بكون ر�سميا والعـــرتاف الثقافيتني، والــعــدالــة تطبيق ثم ومن ثقافيا، متمايزة اجلماعات تلك ذلك عمليا من خالل �سيا�سات حمدد ت�سعى اإىل م�ساعدة تلك اجلماعات وتعزيز متايزها الثقايف

يف كنف الأمة اجلامعة7.الكيفية عن تعرب الثقافية التعددية فــاإن وهكذا الت�سامن بنيان اإر�ــســاء مبقت�ساها يتعني التي ثقافيا، متنوع جمتمع يف والجتماعي ال�سيا�سي والتكيف التنوع هــذا مكونات احــرتام يكفل مبا لبد جامعة، �سيا�سية هوية لبلورة و�سعيا معها. باجتاه الفرعية اجلماعات خمتلف جــذب مــن يعمل الذي الندماج وهو املوؤ�س�ساتي، الندماج تدريجيا على توليد ال�سعور بالن�سجام اأو التطابق الثقافية املــكــونــات هـــذه خمتلف بــني النف�سي

الفرعية والثقافية اجلامعة..اإىل املنتمني جتمع العامة املوؤ�س�سات اأن ذلــك املوؤ�س�سات فتكون هذه الفرعية، �ستى اجلماعات ذات امتدادات مت�سعبة �ساملة املجالني ال�سخ�سي ال�سخ�سي، ال�سعيد فعلى لأع�سائها؛ وال�سيا�سي

تراهن التعددية الثقافية على إرساء شكل

لالندماج السياسي واالجتماعي يختلف عن

النموذج الذي أرسيت على

أساسه الدول الوطنية..

Page 42: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 4236

متابعات

النتماءات، خمتلف مــن النا�س بتالقي املوؤ�س�سات هــذه تعنى وثيق نحو على ترتبط التي املتبادلة عالقاتهم بذلك، فيوطدون،

يف اجلماعات هــذه بحياة ال�سلة على اأما تواجدها. واأماكن بيئاتها تلك فتعنى ال�سيا�سي، ال�سعيد كيفية الــنــا�ــس بتعليم املوؤ�س�سات بع�سهم مــع والــتــفــاو�ــس الــتــعــامــل

البع�س، رغم اختالفاتهم.. ــفــ�ــســي النــــدمــــاج ــي ــــذا، �ــس وهــــكاملوؤ�س�ساتي، بفعل عامل الزمن، اإىل اجلماعات يوحد عام مــزاج بلورة رقعة عــلــى تعي�س الــتــي الثقافية اإىل يتحول بحيث معينة، جغرافية مبوجبها تتعاي�س م�سرتكة ثقافة لدى فيتكون الثقافية. اجلماعات وطن اإىل النتماء ح�س اأع�سائها �سيا�سية ــات ــس ــ� ــس ومــوؤ� مــ�ــســرتك هذه نطاق ازديـــاد ومــع م�سرتكة. الهوية امل�سرتكة ور�سوخها، �ستختفي – الأكــريــة و�سعية الزمن مبــرور

الأقلية، لنكون اأمام واقع قائم على اأ�سا�س الهوية امل�سرتكة التي تعرب عن جميع مكوناتها دون فقدان الأخرية خل�سو�سياتها الثقافية8.

ثانيا: التعددية الثقافية: حماذيرها ومفارقاتهاعن احلديث ب�سدد تطرح التي املحاذير من العديد املوؤلف يثري املجحف التقييم مغبة من التحوط قبيل من الثقافية التعددية نعته عما متييزها ي�سعب بدائية منو كمرحلة الثقافية للتعددية communautarisme le plus رجعية" الأكــر بـ"اجلماعاتية اإليها الثقافية والنظر التعددية rétrograde، والتخويف من تبني

كمنزلق خطري يف�سي اإىل تفكيك املجتمع، ويغذي النزاعات الإثنية الفو�سى من حالة وي�سيع الوطني الت�سامن ويهدد فيه، والدينية

العامة املربرة لتقييد احلريات املدنية وال�سيا�سية..9.التعددية �ساأن من الإعـــالء اأن املــوؤلــف ــرز اأب ال�سياق نف�س ويف الليربالية للفردانية العتبار اإىل عدم يف�سي وت�سجيعها الثقافية L’individualisme libéral، لدرجة اأنه يف �سنوات ال�سبعينيات

التعددية تــطــور مــن الأوىل املرحلة مثلت الــتــي والثمانينيات،

الثقافية، كانت هذه الأخرية حتتمي بكونها حمافظة و"جمعاتية". الدولية التجارب خمتلف خالل من الثقافية التعددية اأن والواقع تكون اأن ميكن مثلما اأنــهــا اأثبتت تكون اأن ميكن وحمافظة رجعية

تقدمية10. على الثقافية التعددية ظهور اإن �سنة الأربــعــني اأو الثالثني امــتــداد ظاهرة مــع زمنيا تــوافــق املا�سية وما املكثفة، القت�سادية العوملة ات�سل بها من تخفي�س للنفقات يف دولة الرفاه، وخ�سخ�سة لل�سركات وتبعا لــالأ�ــســواق. وحترير العامة، ـــو اأن ــا ل ــم ــح ك ــ�ــس ــد ات ــق لـــذلـــك فلهذه املثايل الأيديولوجي ال�سكل التعددية هو العاملية الراأ�سمالية

الثقافية11. تف�سري فــــاإن اأخـــــرى، ـــن جــهــة وماحلق اأنها على الثقافية التعددية الثقايف الــرتاث على املحافظة يف كامنة: اأخــطــار عــدة يثري الأ�سيل فهو قد يرفع من �ساأن النقاء الثقايف على ح�ساب التالقح الثقايف، وقد يعمل على احلد من حرية الأفراد داخل اجلماعات باأن يعلي من �ساأن املنحى املحافظ على ح�ساب املنحى الإ�سالحي، كما ميكن ا�ستدعاوؤها لإنكار وجود حقوق الإن�سان العاملية، وقد يهدد م�ساحة

النقا�س املدين والتفاو�س الدميقراطي حول التدافع الثقايف. والواقع اأن امل�سار الفعلي الذي مت من خالله ا�ستلهام وتبني التعددية تبني يف امل�ساركني كــل اأن حيث خمتلفة؛ �ــســورة اأخــذ الثقافية اإ�سالحات التعددية الثقافية يف الغرب، من النا�سطني ال�سيا�سيني ومنظمات املجتمع املدين التي حركت هذه الإ�سالحات، اإىل القطاع العام الذي يدعمها، اإىل امل�سرعني الذين تبنوا هذه الإ�سالحات، الذين الق�ساة اإىل م�سودتها وطبقوها، كتبوا الذين املوظفني اإىل ف�سروها، قد ا�ستلهموا املثل العليا حلقوق الإن�سان وليربالية احلقوق الثقافية التعددية اإ�سالحات املمثلون هــوؤلء راأى ولقد املدنية، كجزء من م�سار اأو�سع للتحرر ال�سيا�سي والجتماعي، وغر�ست هذه للحقوق عمل اإطــار داخل وموؤ�س�ساتي قانوين ب�سكل الإ�سالحات

الليربالية12.

Page 43: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

43 العدد 36 |

متابعات

بلورته ــذي ال الت�سور اأن كيمليكا ويــل يعتقد يعد املتعددة الثقافات حول الدولية املنظمات ملعايري الأخالقية الناحية من تقدميا امتدادا املعايري اأن ذلــك وتف�سري الإن�سانية. احلقوق طورها الــتــي الثقافية، للتعددية املــ�ــســروعــة من تعد، الدولية، واملنظمات الــدويل القانون ومنطقي طبيعي تــطــور مبثابة نــظــره، وجــهــة ملعايري حقوق الإن�سان العاملية، وهي تعمل �سمن �سوابط تلك املعايري وتعمل على تر�سيخ وتدعيم

ملحمة حقوق الإن�سان يف الزمن املعا�سر. ذلك، على يوافق ل من نعدم فال ذلــك، ومــع لن�سر الــعــامــة احلــركــة اإىل النظر يف وميــعــن الفرعية اجلماعات وحقوق الثقافية التعددية

للمجتمع الأ�سا�سية العليا للمثل خيانة اأنها على الدويل. ويف هذا ال�سياق ترى "اإيلني فينكلكروت"، على �سبيل املثال، اأن احت�سان الأمم املتحدة فكرة الفكرة عــن التخلي ت�سمن الثقافية التعددية الن�سبية مل�سلحة التنوير لع�سر العامة الكلية لإ�ساعة املتحدة الأمم تاأ�س�ست "لقد الثقافية: املثل العليا الكلية لع�سر التنوير الأوروبي، ولكنها الآن تدافع عن الأحكام العرقية املبت�سرة، معتقدة حقوق يجاوز حقا والثقافات والأمم لل�سعوب اأن الثقافية الــتــعــدديــة جــمــاعــة تــرفــ�ــس ــان، ــس ــ� الإنحني يف عن�سرية، باعتبارها الليربالية القيم ال�سيقة Chaivinism ال�سوفينية تنا�سر اأنها

املتزمتة لكل ثقافة لالأقلية. والواقع اأن وثائق الأمم املتحدة �سريحة فيما يت�سل مبعايري التعددية الثقافية، بحيث يتم ا�ستخدامها بطريقة ل جتاوز حقوق الإن�سان. ويف هذا الإطار التنوع ب�ساأن لليون�سكو، العاملي الإعــالن يذهب الثقايف، اإىل اأنه "ل يجوز لأحد اأن يلجاأ اإىل التنوع ي�سمنها التي الإن�سان حقوق لنتهاك الثقايف جمالها" املادة من يحد لكي اأو الــدويل القانون املتحدة حول حقوق الأمم اإعــالن يذهب كما .4الأقليات اإىل اأن اأي حقوق اأو واجبات معرتف بها يف هذا الإعالن "لن حتجب متتع جميع الأ�سخا�س

بحقوق الإن�سان واحلريات الإن�سانية املعرتف بها عامليا "املادة 8"2".

حقوق حول الدولية العمل منظمة اتفاق ويذهب حق احــرتام من لبــد اأنــه اإىل الأ�سلية ال�سعوب الثقافية ممار�ساته تدعيم يف الأ�سلي ال�سعب "ما دامت ل تتعار�س مع احلقوق الأ�سا�سية التي حددها النظام القانوين الوطني وحقوق الإن�سان يذهب 8"2".كما املـــادة عامليا" بها املــعــرتف اتفاقية حقوق اإطار الذي و�سع الأوروبي املجل�س اأن من لبــد التفاقية اأن اإىل القومية الأقليات تف�سر بطريقة تتنا�سب مع التفاقية الأوروبية حول حقوق الإن�سان املادة 22، والواقع اأن اأي اتفاق اأو اإعالن دويل له �سلة باملو�سوع ي�سري اإىل املالحظة هي الأ�سلية وال�سعوب الأقليات فحقوق نف�سها، جزء ل يتجزاأ من الإطار العام للحقوق الإن�سانية وتخ�سع حــدودهــا �سمن تعمل وهـــي الأو�ـــســـع،

ملعايريها13. لكن باملقابل يك�سف ويل كيمليكا اأن الدول الغربية ذاتها منق�سمة بعمق ب�ساأن جدارة املعايري الدولية اأنها كما الثقافية، بالتعددية املت�سلة للحقوق تتطور التي الطريقة على با�ستمرار ت�سيطر ل عندما جاء املثال، �سبيل فعلى املعايري، بها هذه ال�سكان اإعالن حقوق الت�سويت على م�سودة دور التابع لالأمم الإن�سان الأ�سليني يف جمل�س حقوق

التعددية والتنوع ال يمكن

تصورهما إال في إطار الوحدة الجامعة والروابط

المشتركة..

Will KYMLICKA ويل كيمليكا

Page 44: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 4436

متابعات

مقابل يف النامية الــدول ودعمته تبنته ،2006 يوليو يف املتحدة املتحدة، الوليات فيها مبا الغربية، البلدان من كثري اعرتا�س اقرتحت عندما 1919 عام ويف وا�سرتاليا. ونيوزيلندا، وكندا، اليابان اإ�سافة بند حول امل�ساواة العرقية اإىل ميثاق ع�سبة الأمم، �سرعان ما رف�ست القرتاح الوليات املتحدة، وكندا، وقوى غربية

اأخرى.ومع اأنه يف مرحلة ما قبل احلرب العاملية الثانية، كانت "العن�سرية ومدعومة وا�ــســع، نطاق على اجتماعيا مقبولة العامل اأنــحــاء يف عنها ومتغا�سى ثقافيا، ومــربرة اقت�ساديا، وم�سنودة �سيا�سيا، اإلغاء اأجل األهم الن�سال من اأن التحرر من ال�ستعمار اإل قانونيا، التفرقة العن�سرية، مثلما اأن اإلغاء التفرقة العن�سرية األهم الن�سال

من اأجل حقوق اجلماعات الفرعية والتعددية الثقافية14.بعد ما لنظام خططهم والأمريكيون الربيطانيون و�سع وعندما احلرب يف ميثاق الأطلنطي يف العام 1941، مل تكن هناك اإ�سارة اأن يعاد "باأنه ينبغي "ت�سر�سل العن�سرية، و�سعر خا�سة بامل�ساواة حق تقرير امل�سري لل�سعوب الأوروبية التي غزاها وا�ستعمرها النازي، اأنه مربر ملنح حق تقرير امل�سري اأن يف�سر ذلك على ي�ساأ لكنه مل لل�سعوب غري الأوروبية التي غزاها وا�ستعمرها الربيطانيون. ومن ال�سيادة "تعاد حقوق النحو: الأطلنطي على هذا ميثاق �سيغ هنا لذلك وتبعا عنوة"، منها حرموا الذين لأولئك الذاتي واحلكم الت�سيك التي متتلك دول ذات �سيادة، مثل الأوروبية ال�سعوب فاإن يف امل�سري، لتقرير ال�سيادة حقوق ي�سرتدوا اأن من لبد وبولندا، مل الذين امل�ستعمرات �سكان من الأوروبية غري ال�سعوب اأن حني �سيادة ف�سيظلون حتت يد الدويل كدول ذات القانون بهم يعرتف

الإمرباطورية الربيطانية.ونظرا اإىل اأن القبول ال�سعبي للتعددية الثقافية يف الغرب قد اعتمد والأمن للدولة اجليو�سيا�سي الأمــن من كل مع يت�سق اإدراك على الثقافية التعددية ال�سخ�سي للمواطنني الأفراد، فاإن دعم منظور الليربالية لحتواء املهاجرين امل�سلمني يواجه ممانعة �سعبة يف اأوروبا واإمنا زعم كما لي�س جزئيا تراجعا �ساهدنا اأننا والواقع الغربية. تراجعا وا�سحا �سد التعددية الثقافية الليربالية، ل�سيما يف البالد املهاجرين، ال�سكان وا�سحة من اأغلبية امل�سلمون فيها ي�سكل التي ويف الثقافية. التعددية حــول املناق�سات حمــور بالتايل وميثلون معظم اأوروبا الغربية جند اأن اأغلب املهاجرين غري الأوروبيني من 80 يف املائة من املهاجرين يف دول مثل: امل�سلمني؛ فما يقرب من فرن�سا، واإ�سبانيا، واإيطاليا، واأملانيا، وهولندا..الخ، باملقارنة بـ 10

يف املائة اأو اأقل يف كندا والوليات املتحدة، ولهذا فاإنه كثريا ما تتم املماهاة يف اأوروبا بني املهاجر والعربي اأو امل�سلم.

بدا عندما تراجعت قد الثقافية للتعددية ال�سعبية امل�ساندة اإن كما لو اأن امل�سلمني هم امل�ستفيدون الأ�سا�سيون من هذه ال�سيا�سة؛ بعنوان مقالة تن�سر Spectator "امل�ساهد" جريدة جعل ما وهو

متحيز"كيف قتل الإ�سالم التعددية الثقافية؟"15. هي لي�ست الإ�ــســالم من الفوبيا اأو املر�سي اخلــوف اأن والــواقــع امل�سدر الوحيد لرتاجع احلديث عن التعددية الثقافية للمهاجرين اأم�ست مبثابة امل�سلمني من املخاوف اأن هنالك ما كل اأوروبــا، يف

التربير الأكر حداثة للقلق العميق الدائم من "الآخر".عن الرتاجع يف متعن بينما هولندا اأن هنا، ها املفارقة، ووجــه اأقلياتها حقوق تدعم املهاجرين، اإىل بالن�سبة الثقافية التعددية التاريخية الفريزية Frisian، ويف حني ترتاجع اأملانيا عن التعددية لأقلياتها اخلم�سني بالذكرى حتتفل جندها للمهاجرين، الثقافية التعددية الذي تراجعت فيه بريطانيا عن الوقت الدمناركية، ويف الثقافية للمهاجرين، جندها ل ترتدد يف منح القوميات التاريخية على ينطلق الأمــر ونف�س الذاتي، احلكم حق وويلز ا�سكتلندا يف للمهاجرين، الثقافية التعددية عن تراجعها فمقابل ا�سرتاليا؛ اأما الأ�سليني، ال�سكان وحقوق املوؤ�س�سات نظام تدعم األفيناها للمهاجرين، الثقافية التعددية عن بدورها تراجعت فقد فرن�سا

وعملت على تعزيز العرتاف بلغات الأقليات التاريخية16.ويف كل الأحــوال، فاإن التجربة الغربية يف هذا الإطــار تفيد، حلد الآن، اأن القبول العام بالتعددية الثقافية يعتمد على م�ساعر كل من اأمن الفرد واأمن اجلماعة، وعندما ت�سعف هذه امل�ساعر فال �سك

اأن التعددية الثقافية �سوف تواجه هجوما وتراجعا �سديدين17.م�سري عن ف�سلها ميكن ل الثقافية التعددية م�ساألة فاإن ولذلك الدولة التي اأم�ست تخ�سع، رغم قوتها الظاهرة، ل�سغوط مزدوجة حتى تهددها عميقة لتحولت تعر�سها اأ�سفل ومــن اأعــلــى مــن زال ول اأثار الذي الو�سع وهو .à son dépassement بالتجاوز خمتلف اإدارة على الدولة قدرة مدى حول حقيقية خماوف يثري النزاعات املادية والرمزية التي تتفاعل يف كنفها بني خمتلف القوى

الجتماعية..ذلك اأنها تتعر�س بكثافة لتاأثريات متناق�سة؛ فهي معر�سة من جهة اأ�س�سها من القاعدة، اأنربولوجية ما قبل حديثة جترف لتكوينات كما تتعر�س من جهة اأخرى لتحديات ومع�سالت ذات طبيعة عوملية من الأعلى ت�ستع�سي ال�سيطرة عليها �سيا�سيا.وملواجهة هذا التحدي

Page 45: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

45 العدد 36 |

متابعات

بني ربطها النظر يف طريقة تعيد اأن الدولة على يتعني املــزدوج الكوين/ العام واملحلي/ اخلا�س.. بني الهوية والختالف..18.

ثالثا: اله�ية والغريية والرغبة يف نيل العرتافهل من �ساأن التعددية الثقافية اأن ت�سهم، من الوجهتني النظرية على تعمل اأنها اأم للدولة الداخلي الندماج زيــادة يف والعملية، بلقنتها وتفتيتها؟ اإذا كانت تعمل على تعزيز هذا الندماج، فهل الأمر اأن اأم الــدولــة-الأمــة، منــوذج تطبيق يف ال�ستمرار ي�سح ي�ستوجب اإعادة بناء الدولة، واإيجاد منوذج دولة بديل ين�سجم مع

التنوع املتنامي ملجتمعات الدول الغربية؟هذا على لالإجابة الرئي�سية املالمح ر�سم على العمل �سياق يف الإ�سكال، تبلورت فر�سية للبحث مفادها اأن التعددية الثقافية تعد

مبثابة نظرية يف التعامل مع التنوع الثقايف ومعاجلة ظاهرة انبعاث الهويات الثقافية يف الدول الغربية، واأن عامل التباينات الثقافية هو

العامل اجلوهري يف اإثارة هذه الهويات.من جماعة اأفـــراد �سعور اإىل الثقافية" "الهوية مفهوم يحيل اجلماعة اإىل يحيل فهو م�سرتكة. ثقافة اإىل بالنتماء اجلماعات وما توؤمن به من معتقدات واأفكار وت�سورات، ومتثالت عن اأ�سولها وما عي�سها، وطريقة التاريخي وموروثها وموطنها الجتماعية ببع�سهم اأع�ساء اجلماعة يرتتب عن ذلك من دور فعال يف ربط حياتهم منــط يف متماثلني يجعلهم الــذي النحو على البع�س، ومعتقداتهم، وكذلك يجعلهم متباينني عن ذوي الثقافات الأخرى

واأمناط حياتها.ومن هذا املنظور، فاإن الهوية الثقافية تنه�س بوظيفتني جوهريتني؛ فمن جهة اأوىل تعمل على اإك�ساب اأع�سائها ح�س النتماء امل�سرتك، واملعتقدات الأ�سول يف بتماثلهم العتقاد توليد خالل من وذلك الثقافية الهوية تنه�س ثانية جهة ومن عموما، الثقايف واملــوروث بدور امل�سفاة، وذلك بفرز كل من ل ينتمي اإليها ومتييزه عنها، فهي

بهذا املعنى مبثابة اأداة للتمييز بني املنتمني وغري املنتمني اإليها.هاتان الوظيفتان يطلق عليهما ت�سمية "التباينات الثقافية"، انطالقا من اأن الهوية الثقافية ل تتولد من تلقاء ذاتها، واإمنا تتمخ�س عن تباين الذات ومتايزها عن "الآخر" بحيث تربز التباينات يف �ستى

مكونات الثقافة.كلما الفكري، بنائها مع متطابقا املعي�س واقع اجلماعة كان كلما تعزز متا�سك الهوية وا�ستقرارها مبا يوؤهلها لأن تكون م�ستودع اإرادة

م�ستقلة وهادفة.

اأن اإىل ينبهنا املــوؤلــف اأن اإل الهوية حــول الــواثــق حديثنا ورغــم املحددات اخلا�سة للهوية الوطنية تكون من القدم والعراقة بحيث

ي�سعب مالحظتها يف خ�سو�سيتها19.دومينيك مــن كــل بتحليالت املــوؤلــف ي�ستعني ال�سياق هــذا ويف هابرما�س ويـــورغـــن Dominique Schnapper �ــســنــابــر Jürgen Habermas؛ الأول من خالل خلو�سه اإىل اأن التحديات

الـــدولـــة-الأمـــة الــدميــقــراطــيــة جتعلها عــاجــزة عن تــواجــه الــتــي مع نف�سها كيفت اإذا اإل الجتماعية اللحمة �سمان يف ال�ستمرار اأن ل تاأكيده التحولت الكونية ب�سكل جوهري.. والثاين من خالل �سبيل لتجاوز الدولة املعا�سرة لعجزها عن اإيجاد احللول املالئمة اإل تواجهها التي واليكولوجية القت�سادية املع�سالت ملختلف باعتمادها لت�سور ما بعد وطني postnationale ي�سمح لل�سيا�سة اإىل م�ستوى القت�ساد العاملي، ول تظل حبي�سة احلدود باأن ترتفع

ال�سيقة لالأمم..ــف، عــن فهم ــوؤل امل مــن وجــهــة نظر ــعــربان، ي املــنــظــوريــن فهذين مقلوب اأو معكو�س لنف�س الو�سعية؛ اإما اأن تكون نهاية الدولة الأمة تكون اأن واإما اخل�سو�سيات، وت�ساعد ال�سيا�سة برتاجع مرتبطة مرتبطة بتو�سع لل�سيا�سي يرتتب عليه انفكاك اأو انف�سال للمجتمع واحلياة..ويف املعنى يعطيه الــذي الوطني املكون عن ال�سيا�سي اإ�سكالية تغدو ال�سيا�سية ال�سلطة م�سروعية م�ساألة فاإن احلالتني Problématique، ويف احلالتني تنطرح م�سكلة مواءمة التعددية

يف كنف اجلماعة ال�سيا�سية..20.دميقراطي �سياق يف الثقافية التعددية حول ال�ست�سكال اأن ذلك يقت�سي الت�ساوؤل عن نوعية العالقة امل�سروعة التي ميكن اإقامتها بني اأن ال�سيا�سية والثقافة؟ وعن احليز الذي من �ساأن املكون الوطني

Jürgen HABERMAS يورغن هابرما�س

Page 46: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 4636

متابعات

يحتله �سمنها؟ وعن الو�سع الذي يتعني اأن نخ�س الناحية من ميكن، وكيف الثقافية؟ التعددية به الختالفات ودعم ت�سجيع والفكرية، ال�سيا�سية عدم من حالة اإىل ذلك يــوؤدي اأن دون الثقافية وهل الجتماعي؟ وال�ستقرار والعدالة امل�ساواة نحن ب�سدد م�سار يعمق الديناميكية الدميقراطية

اأم ب�سدد م�سار يعيقها؟اأن عن املوؤلف به يناأى املركب ال�ست�سكال هذا ياأخذ اأية دللة خطابية �سكلية، وي�سر على اإعطائه الإن�سانية الكرامة لتعزيز الوظيفية دللته كامل اأن ميثل �ساأنه ما من وهو النا�س، بني واإ�ساعتها ال�سيا�سية من القوة لإر�ساء احلداثة حمركا بالغ الوجهة الفكرية والثقافية. واخلطر يكمن، هاهنا،

يف كبح اأو قلب هذه الدينامية..21. اأ�سحت الثقافية التعددية اأن على املوؤلف يدلل تاأخذ تدريجيا بعدا معياريا؛ ومن ثم فاإن حماية هذه التعددية من �ساأنه اأن يعزز امل�سل�سل ال�سو�سيو ما وهــو لالأمة22. الثقافية للوحدة اقت�سادي النماذج يف نــوعــي حتـــول عــلــيــه يــرتتــب �ــســوف �سرورة وي�ستدعي الوطني؛ لالندماج التقليدية التعددية بــواقــع الدميقراطية الـــدول اعـــرتاف الثقافية، والعمل على اإيجاد اأجنع ال�سبل القانونية والإجرائية لتدبري هذه التعددية وتوجيهها الوجهة التي تكر�س وحدة اجلماعة وان�سجامها23. وهو ما ثابتة من خالل د�سرتة بلدنا بخطى فيه انخرط اجلهوية نظام واعتماد اأول، الثقافية التعددية

املو�سعة من جهة اأخرى.التاآكل اأن كيف املــوؤلــف يــربز ال�سياق هــذا ويف اخلا�سة الــرتاتــبــيــة اأو لــلــهــرياركــيــة الــتــدريــجــي حركة مع يرتافق الأر�ستقراطي للعامل واملميزة ت�سوية لل�سروط، وحركة ا�ستقاللية يتمثل الأفراد من خاللها اأنف�سهم ب�سفتهم متماثلني ومت�سابهني لي�س فقط بالن�سبة لأع�ساء اجلماعة التي ينتمون للب�سرية بالن�سبة ذلــك، من اأكــر واإمنــا، اإليها،

جمعاء..احلديثة الدميقراطية تغدو املنظور هــذا ومــن

ــاواة بني املــ�ــس لتمثل اكــتــ�ــســاف جــمــاعــي مبــثــابــة النا�س؛ مبقت�ساها يغدو املجتمع الدميقراطي هو ذلكم املجتمع الذي تتبلور يف كنفه جتربة جديدة اإعادة على تقوم التي التجربة وهي "الآخر"، لـ من م�ستوعبة الإن�سانية للفكرة عميق تاأ�سي�س

par abstraction خالل جتريد الختالفات.des différences

خالفا للمنظور الأر�ستقراطي؛ الذي مبقت�ساه تبدو كل املظاهر املهيكلة للنظام الجتماعي ولعالقات ال�سلطة كما لو اأنها م�ستخل�سة من جوهر طبيعي تتحدد فرد كل لالأر�ستقراطي فبالن�سبة ثابت؛ تبعا ويتعني عليه، الطبيعية، تبعا ملاهيته كينونته لذلك، اتباع امل�سار الذي حتدده له ولدته واأ�سله

والرتهان اإليه وعدم التجروؤ على جتاوزه..24.مبداأ على الرتاتبية ترتكز املنظور، هذا �سمن متعال مفاده اأن تقاطع الأنظمة الطبيعية واملعيارية طبيعي فوق ما اأو الثيولوجي التاأ�سي�س يفرت�س واملنظومة القانون فاإن وعليه الطبيعي، للنظام قوى يف م�سروعيتها ومبداأ اأ�سلها جتد املعيارية ب�سدة املوؤلف ينتقده ما وهو طبيعية25. فوق ما

م�سددا على الطبيعة التعاقدية للقانون. وهو ما يتعار�س كليا مع الت�سور الإ�سالمي حلقيقة الإ�سالمي العمران وحقيقة الإنــ�ــســاين الــوجــود وامل�ساواة احلــريــة قــيــم منظومة عــلــى الــقــائــم التاريخية والفاعلية والت�سامح والغريية والعدالة التي املنظومة وهــي وال�ستخالف.. والجتهاد الدارين يف الإنــ�ــســان قيمة مبقت�ساها تتحدد اإل ما لالن�سان لي�س "واأن م�سداقا لقوله تعاىل: �سعى. واأن �سعيه �سوف يرى.." )النجم:39-38(، وقوله عز من قائل: "اإنا خلقناكم من ذكر واأنثى وجعلناكم �سعوبا وقبائل لتعارفوا، اإن اأكرمكم عند

اهلل اأتقاكم" )احلجرات: 13(.الوقوف Patrick savidanاإىل انتقل بعد ذلك مربزا للهوية؛ الدميقراطية التحولت اأهم على الذات اإىل الآخــر نظرة اأن كيف اأ�سا�سي ب�سكل حتديد يف حا�سم ب�سكل ي�سهم بها واعــرتافــه

تتحدد التعددية الثقافية بكونها؛ نظرية تفسيرية تسعي إلى عقل الواقع االجتماعي المتعدد، وسياسة

في التعامل مع التنوع الثقافي..

Page 47: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

47 العدد 36 |

متابعات

هويتها، ومربزا، كذلك، كيف اأن العرتاف ي�سهم يف حتقيق الهوية؛ وهي الفكرة التي �سبق لهيغل اأن بلورها، وثم تطويرها وتعميقها بطرق و�سياغات املعا�سرة.. الجتماعية العلوم حقل يف خمتلفة الآخـــر يف مــع العالقة اأهمية يــوؤكــد ــذي ال الأمـــر L’identité الــفــرديــة الــهــويــة وت�سكيل بــنــاء

.individuelle26

الأطروحة املــوؤلــف ي�ستح�سر مقاربته ولتعزيز Sylvie Mesure et مــن كــل بــلــورهــا ــتــي المبفارقات عــنــهــا وعـــــربا Alain Renaut؛

Les املـــعـــا�ـــســـرة ـــة ـــي ـــراط ـــق ـــدمي ال الـــهـــويـــة paradoxes de l’identité démocratique

الغريية جتربة اأن مربزين ،contemporaine

expérience de l’altérité ل تاأخذ دوما نف�س

ل فمقاربتها وبالتايل امل�سمون، نف�س ول ال�سكل يتعني اأن تنح�سر يف اإطار و�سفي واإمنا يتوجب اأن une perspective تندرج �سمن منظور معياريالذي الأفـــق خالله مــن يرت�سم normative

يحدد وجهتنا. الآخر فاإن القدمي الأر�ستقراطي الت�سور �سمن اختالفات عنا يختلف لأنــه لنا؛ �سبيها ميثل ل منه، نتوج�س جتعلنا عميقة طبيعية جوهرية نخاف، نتحفظ ونحتاط. اأما يف املنظور احلديث �سيء، كل قبل يعد، الآخــر فــاإن الدميقراطي اأو يحوز فهو ولذلك طينتنا، نف�س ومن لنا، �سبيها ويتمتع بنف�س احلقوق التي نتمتع بها ونحوز عليها.. ما على الرتكيز يتم احلديث الإطــار هذا �سمن هو الإن�ساين امل�سرتك بهذا والوعي م�سرتك؛ هو احلقوق �سمنه تنتظم الذي الأ�سا�س ميثل الذي

الن�سانية بالنظر اإىل كونها حقوقا ذاتية27. اأو التقلي�س مــن نــوع يقع املنظور هــذا و�سمن الختزال للغريية مقابل الإعالء من �ساأن الت�سابه والتماثل، الذي مبقت�ساه يجري النظر اإىل الآخر مبداأ اإىل يف�سي ما وهــو لنا.. �سبيه اأو كمثيل principe الوطنية للدولة الإثنو-ثقايف احلياد de la neutralité ethnoculturelle de

نقا�سا اأثــار الــذي املبداأ وهــو .l’Etat-nation

اأن�سار الإرث الهيغيلي من دعاة ال�سراع من مع اأجل العرتاف28. ويف هذا ال�سياق جرى التعبري عن خماوف حقيقية من اأن يوؤدي هذا احلياد اإىل عالقاته اإ�سعاف واإىل وبلقنته، املجتمع انق�سام املادية ال�سو�سيولوجية وحلــمــتــه الت�سامنية

والرمزية، بل وتهديد منظومة حقوقه الفردية..ا�ست�سكال اإىل ترجمته متت الــذي التخوف وهو حموري على امتداد �سفحات هذا الكتاب، وجرى مبداأ �ساأن من التالية:هل بال�سيغة عنه التعبري احلياد اأن يعفينا من اللتزام ب�سيا�سة العرتاف ،Une politique de la reconnaissance

عنها تعرب التي النتظارات على جنيب وبذلك الطائفية؟ خطر بذلك فنتالفى الأخـــرية، هــذه ميثل اأن للدولة الإثنو-ثقايف للحياد ميكن هل اجلماعات واحتياجات لتطلعات مقنعا جــوابــا

الفرعية؟29.الثقافية للتعددية واملمار�سني املنظرين اأغلب يجيبون بالنفي على هذا ال�ست�سكال. ومع اأن هذا ما ي�سري اإىل عودة النقد املوجه اأول اإىل التعددية بالدفاع بالتم�سك يتعلق الأمر ل اأن اإل الثقافية، تهمة مواجهة يف اأو �سد الثقافية التعددية عن بب�ساطة يتعلق واإمنـــا الطائفية، اأو اجلمعاتية الدميقراطية املــجــتــمــعــات اأن عــلــى بــالــتــدلــيــل املوؤ�س�سية، الــوجــهــة مــن حتـــرتم، ل الليربالية مــبــادئ الــفــرديــة الأخــالقــيــة الــتــي جتــاهــر بها.

.L’individualisme moral30

لأخـــالق الفل�سفي لــالإطــار ــده حتــدي �ــســيــاق يف الفيل�سوف اأطروحة اإىل املوؤلف يركن العــرتاف وبوجه Charles Taylor تايلور �سارل الكندي خا�س من خالل درا�سته "�سيا�سة العرتاف31"، فهوية كل �سخ�س ترتبط ب�سكل حتمي، من وجهة وهو بها. العــرتاف �سكل مع تايلور، �سارل نظر ح�سن جمــرد لي�س الــهــويــة اأي منها؛ يجعل مــا اأكر هــي، واإمنـــا الآخـــر، حــق يف ومعاملة اآداب Un besoin حيوية اإن�سانية حاجة ذلــك، من

السياسات العامة الخاطئة من

شأنها أن تجعل من الثقافة

مشكلة، مثلما أن السياسات العامة

الرشيدة من شأنها أن تجعل من الثقافة حال..

Page 48: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 4836

متابعات

.humain vital

ويربز تايلور العالقة بني العرتاف والهوية من اأن ميكن التي الأمرا�س اأن اإىل خلو�سه خالل ت�سيب الهوية نوعني: النوع الأول ينتج عن غياب العرتاف اأو عدم العرتاف الذي ينتج عنه نوع تعاين ملــن الجتماعي والــغــيــاب التجاهل مــن ل الثاين والــنــوع والرف�س. الإنــكــار من هويته ي�سري اإىل غياب العرتاف، واإمنا �سورة حتقريية العرتاف اأو العــرتاف عــدم اأن ذلــك للذات؛ من �سكال يحدث اأن �ساأنه مــن املنا�سب غــري منط �سمن البع�س ب�سجن وذلــك ال�سطهاد، en وخمتزلة مفككة خاطئة، للعي�س طريقة اأو emprisonnant certains dans une

manière d’être fausse، déformée et

.réduite

اأنه اإىل ينبه املوؤلف اأن هاهنا، املفارقة، ووجــه ــد جـــرى الــنــظــر تــاريــخــيــا مــن طـــرف خمتلف قوالليرباليني، اجلــمــهــوريــني، الأيــديــولــوجــيــني؛ ال�سغرية الأمم مــطــالــب اإىل وال�ــســرتاكــيــني، هويتها على احلفاظ اأو ال�ستقالل اإىل ونزوعها Combat رجــعــيــة مـــعـــارك مبــثــابــة الــثــقــافــيــة املنظور هــــذا اإطـــــار يف .réactionnaire

الهوياتية املطالب اإىل النظر جــرى ما �سرعان من كمظهر revendication identitaires

مظاهر الرجعية ال�سيا�سية والثقافية والجتماعية Le symptôme d’une forme والأخالقية d’arriération politique، culturelle،

.sociale، voir morale

اأخذ عــدم اأن كيف ك�سف فقد ــك، ذل مــن اأكــر جذوره متتد العتبار بعني الفرعية الثقافات ويف الغربية32. ال�سيا�سية التقاليد يف عميقا املوقف بــني مربكا ت�سابها ي�سجل الإطـــار هــذا الأقليات العن�سرية من ي�سل حد الذي ال�سلبي والثقافات الفرعية لدى كل من جون �ستيوارت ميل الليربايل، وفريدريك اإجنلز ال�سيوعي؟33، فمع اأن اجتاه احل�سا�سية �سديد كان ميل �ستيوارت جون

م�سكل التهمي�س الجتماعي وال�سيا�سي للجماعات الفرعية، اإل اأنه ل يعتقد اأن الهوية الإثنو-ثقافية كما م�سروعا. تطلعا اأو مطلبا متثل اأن باإمكانها النزعة اجلمهورية احلديثة وبوجه خا�س من اأن اإىل النظر يف متعن الفرن�سي الــنــمــوذج خــالل اأح�سن �سيا�سي.. ويف كتهديد الثقافية الهويات

احلالت تختزل اإىل جمرد اختيارات فردية34. ولذلك ففي القوميات العقائدية والأدبيات املعربة عنها ل تتحقق احلرية ول يتحقق التحرر يف اأبعاده ال�ستيعاب خــالل مــن اإل واجلماعية الــفــرديــة ن�ستغرب فــال ولــذلــك .35 العـــــرتاف.. ولــيــ�ــس وجود حماولت �سرعنة تربير احلد من التعددية الثقافية انطالقا من اعتبارات وظيفية ت�سدد على اأن الوحدة الثقافية تعزز اأعلى درجات الن�سجام

الجتماعي والقت�سادي36.للعديد مو�سوعا ت�سكل باتت التعددية اأن فمع اأن اإل الغربية، املجتمعات يف الــدرا�ــســات مــن املوؤلف ي�سجل اأن الفل�سفة ال�سيا�سية الغربية طاملا الوحدة بني العالقة �سوؤال وجتاهلت بل تغا�ست ال�سيا�سية؛ مدينة كانت اأو دولة، اأو اإمرباطورية.. ما وهــو ت�سملها. التي الثقافية التعددية وبــني الإ�سالمية العربية التاريخية التجربة يختلف مع

يحيل مفهوم "الهوية الثقافية"

إلى شعور أفراد جماعة من الجماعات

باالنتماء إلى ثقافة مشتركة..

Charles TAYLOR شارل تايلور�

Page 49: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

49 العدد 36 |

متابعات

حيث جند تراثا مهما من الأدبيات املحتفية بالتعددية احل�سارية مبللها ونحلها، ب�سعوبها وقبائلها، بع�سائرها وطوائفها..37.

G.H. Mead فاإن حمتوى الفيل�سوف الرباغماتي مياد يلح وكما العقل ما هو اإل ح�سيلة التفاعالت الجتماعية ومنوه؛ اأي العقل ما الذات، اإل تبني موقف الآخر، وتبعا لذلك تتحدد هو، يف الأ�سل، من وجهة نظر مياد، من خالل تاأثرها بتنظيم اجلماعة التي تنتمي باأع�ساء عالقاته خال�سة فهو اجلماعة؛ لهذه وبانتمائها اإليها،

اجلماعة..38. حينما يكون لدينا موقفا اإيجابيا من التعددية الثقافية، فاإننا نذهب، الدميقراطية املبادئ احرتام اأن على التاأكيد اإىل عامة، كقاعدة اإىل املف�سية التحولت جمتمعاتنا يف جنــري اأن ويحثنا يدعونا ــرتاف الع ــذا وه الثقافية. التعددية بهذه موؤ�س�ساتي اعـــرتاف املوؤ�س�ساتي La reconnaissance institutionnelle من �ساأنه اأن ي�سكل اأداة حا�سمة لإجادة الأداء الدميقراطي ملوؤ�س�ساتنا، مثلما اأن اإيالءنا للبعد املوؤ�س�ساتي للهوية الثقافية اأهمية خا�سة من �ساأنه

اأن ي�سهم يف تعزيز الطابع الدميقراطي ملجتمعاتنا.�سيا�سة عن للدفاع الليربايل بعدها يف الثقافية التعددية ت�سعى وال�ستقاللية، الختيار حرية يعزز التزام على قائمة لالعرتاف بالنتماء العرتاف بوجه خا�س، ويقت�سي، يفر�س اللتزام وهذا

الثقايف39. حت�سر اأطروحة ويل كيمليكا Will Kymlicka بقوة يف البناء املعريف لهذا الكتاب، وهي الأطروحة التي متوقع التعددية الثقافية كامتداد لثورة حقوق الإن�سان40. وتاأكيدا لهذا املعنى يذهب باتريك �سافيدون اإىل اأن ويل كيميليكا يعد، بكل تاأكيد، املنظر الذي اأجنز اأكر الأعمال اكتمال ون�سقية حول م�ساألة التعددية الثقافية معربا عن وعي وحذر �سديدين بخ�سو�س تعددية ال�سياقات الفعلية لهذه امل�ساألة. ففي �سعيه لإيجاد حل لهذه امل�سكلة تبنى منظورا تف�سرييا للعدالة41 يرتكز على مبداأين رئي�سيني: احلرية قائما على ت�سور

الثقافية، وامل�ساواة الثقافية.واأحدث اأكــر ا�ستح�سرنا اإذا اإل يكتمل لن الــذي التقييم وهــو ولدى عام، بوجه الثقافية التعددية لنظرية النقدية الأطروحات Brian Barry ويل كيمليكا بوجه خا�س؛ حيث خ�س�س بريان باريكتابا كامال لنقد نظرية التعددية الثقافية كما بلورها ويل كيمليكا، "الثقافة عــنــوانــه: مــن انطالقا للكتاب النقدي املنحى ويـــربز النقد هذا وبوؤرة الثقافية42". للتعددية م�ساواتي نقد وامل�ساواة: جدول حتقيق اإىل ال�سعي اأن بــاري بريان ا�ستخال�س يف تتمثل

ذات م�ساواتية �سيا�سات حتقيق يجعل الثقافية التعددية اأعمال حرف جهة من وجهتني؛ من وذلــك �سعبا، اأمــرا عري�سة قاعدة اجلهود ال�سيا�سية بعيدا عن مقا�سدها واأهدافها العامة، ومن جهة تكافوؤ حتقيق اإىل يهدف ائتالف ت�سكيل �سروط بتدمري تهديدها

الفر�س واملوارد يف كل املجالت43. كيمليكا ت�سور الثقافة، �سمن اأن اإىل فقد خل�س اأكر من ذلك، اأنها لي�ست هي احلل؛ للتعددية الثقافية، لي�ست هي امل�سكلة مثلما اأن جتعل �ساأنها من اخلاطئة العامة ال�سيا�سات اأن هنالك ما كل من الثقافة م�سكلة، مثلما اأن ال�سيا�سات العامة الر�سيدة من �ساأنها اأن جتعل من الثقافة عن�سرا رئي�سيا من احلل44. وب�سيغة اأخرى جرعتها، ونوعية حجم عن النظر بغ�س الثقافية، التعددية فاإن ل ولذلك حلول. من تقدم اأن ميكن ما قدر امل�سكالت من تطرح ميكنها اأن تعالج خمتلف التفاوتات التي ت�سوه العديد من املجتمعات على م�ستوى الفر�س واملوارد مبا يف ذلك املجتمعات الأكر تقدما

كالوليات املتحدة الأمريكية وبريطانيا..45.

رابعا: العدالة والتعددية الثقافيةاأن ذلــك وتف�سري الثقافية؛ للتعددية اأمــان �سمام العدل ميثل املجتمع اجليد عليها يف الأفــراد واإجماع العدالة مبادئ �ساأن من التنظيم اأن يوؤديا اإىل ا�ستمرارية متا�سك هذا املجتمع وا�ستقراره،

بالرغم من تنوع معتقدات الأفراد وانتماءاتهم.العدالة بناء على فكرة الليربايل عن يوؤ�س�س ويل كيمليكا منظوره الأخرية اأن منطلق من والثقافة؛ الذاتي ال�ستقالل بني اجلمع للفرد. الذاتي ال�ستقالل عليها يرتكز التي القاعدة مبثابة تعد اأ�سا�سا ل�ستقاللية الفرد لكن كيف يكون يف الإمكان جعل الثقافة

وحرياته �سمن اإطار نظرية ليربالية يف العدالة؟ ل يرتدد كيمليكا يف الإجابة عن ذلك بالتاأكيد على اأن الأمر يقت�سي اأولهما: اأن النتماء الثقايف يحظى مبكانة بالغة اأمرين: "تو�سيح اجلماعات اأع�ساء اأن وثانيهما: الليربايل. الفكر يف الأهمية بفائدة �سلة ذي احلرمان من معينة اأ�سكال يواجهون الثقافية احلرمان اأ�سكال معاجلة تتطلب بحيث ــه، ذات الثقايف النتماء الثقافية اجلماعات ملختلف حقوق وجود واحد اآن يف وتربر تلك،

الفرعية46.حريته لتعزيز اإن�سان كل �سعي من الفردية احلقوق تن�ساأ فمثلما ال�سخ�سية، فاإن احلقوق اجلماعية تنبع بدورها ا�ستجابة مل�سلحة اأن يعني الذي الأمــر ا�ستمراريتها. على املحافظة يف جماعة كل

Page 50: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 5036

متابعات

ال تستطيع الدولة المعاصرة

االستمرار في ضمان اللحمة

االجتماعية إال إذا كيفت نفسها مع التحوالت الكونية بشكل جوهري..

للعدالة منظوره خــالل مــن ي�ستهدف كيمليكا حتقيق التوازن بني اأهمية الفرد واأهمية اجلماعة، اأي التوازن بني احلرية الفردية والنتماء الثقايف، من اأ�سال مكون املجتمع اأن حقيقة من انطالقا اأفراد وجماعات ثقافية ل من اأفراد وح�سب. وهو بني للعالقة الإ�سالمي الت�سور مع ين�سجم ما

الفردي واجلماعي، بني اخلا�س والعام..47.احلالية املمار�سات اأن اإىل كيمليكا ويــل يذهب للحقوق اجلماعية قد ن�ساأت يف فراغ نظري دومنا مبادئها اأو املــدى البعيدة لأهدافها وا�سح فهم اجلماعات حقوق اعتماد مت حيث الأ�سا�سية، خا�سة ت�سويات كونها زاويــة من عمليا الفرعية ذلك يكون ما وغالبا معينة، مل�ساكل موؤقتة اأو كبري اإيــالء ودون العدالة، ل ال�ستقرار لدواعي اأ�س�س مــع ات�ساقها عــدم اأو لت�ساقها اهتمام الليربالية، وبالتايل اأ�سبح انتهاج تلك احلقوق من اإليها النظر من بدل التقديرية ال�سيا�سات قبيل

باعتبارها التزامات وحقوق اأ�سا�سية48.خالل مـــن لــلــعــدالــة كيمليكا مــفــهــوم يــتــحــدد ال�سطهاد لــعــالقــات غــيــاب مبــثــابــة تــ�ــســورهــا خمتلف بـــني مـــا Humiliation والإذلل اإن�ساف خــالل من وذلــك الفرعية، اجلماعات العرتاف طريق عن الثقافية اجلماعات �ستى احلقوق حماية على والعمل جهة، من بحقوقها الفردية �سمن املجتمع ال�سيا�سي لكل من الأكرية واجلماعات الفرعية من جهة اأخرى. وما يقت�سيه ذلك من �سرورة التعامل مع الأفراد واجلماعات الثقافية على اأ�سا�س احلرية وامل�ساواة، فيحظى كل فرد باحلقوق واحلريات التي يحوزها اأقرانه، ويف الوقت نف�سه تنال اجلماعة حقوقها اجلماعية يف اإطار منوذج للمواطنة متعددة الثقافات الفرعية.

"املجتمع بناء اإىل راولــز جون ي�سعى جهته ومن اجليد التنظيم"، الذي ما هو اإل املجتمع العادل؛ العدالة مبادئ الفرد فيه يتقبل الــذي املجتمع الآخرين يرت�سونها اأن العميق انطالقا من وعيه �سواء ب�سواء.. بحيث يكون لدى كل �سخ�س يف هذا

املجتمع رغبة اأكيدة للعمل ب�سكل طبيعي مبقت�سى مبادئ العدالة.

عن التنظيم اجلــيــد املــجــتــمــع يختلف ــك ــذل وبيتمتع الذي Private Society املجتمع اخلا�س فيه كل فرد ويخت�س بغاياته وم�ساحله اخلا�سة، ورهاناته الذاتية التي تكون اإما متناف�سة اأو م�ستقلة ول متكاملة غايات ولي�ست البع�س، بع�سها عن ــاأي حــال مــن الأحــــوال؛ فــال اأحــد من من�سجمة بياأخذ يف ح�سبانه م�سالح اأفراد املجتمع اخلا�س كل ي�سعى بل واختياراتهم، ورغباتهم الآخرين منهم اإىل اأن يحظى بالن�سيب الأوفر من املوارد

القت�سادية..بينما يف املجتمع اجليد التنظيم، الذي طاملا دعا العدالة مبادئ على اجلميع يتوا�سع راولــز، اإليه وهم البع�س بع�سهم مع النا�س ويتعامل عينها، املجتمع؛ يف �ــســركــاء بكونهم تــام اإدراك على لزما و�سرطا �سروريا اأمــرا يعد بع�سهم جناح لنجاح غريهم49. وهو ما ين�سجم، اإىل حد بعيد، بني للعالقة احلاكمة الإ�سالمية الأخالقية مع

امل�سلحتني اخلا�سة والعامة.لقد جنح املوؤلف، اإىل حد كبري، يف اعتماد مقاربة حتليلية مقارنة حول التعددية الثقافية من خالل معتربة اجتهادات بني معريف غني اإقامته حلوار خمتلفة معرفية خلفيات عن �سادرين لباحثني رولز جون جند كيميليكا جانب فاإىل ومتكاملة؛ وكوكاتا تــايــلــور، ــارل ــس و� هــابــرمــا�ــس، ــورغــن وي

Ch.Kukathas واآخرين..

والتي املوؤلف، يعقدها التي املقارنة الأمثلة ومن ال�سياق، هـــذا يف ن�ستح�سرها اأن ي�ستح�سن اأن يعترب رولز جلون خالفا كيميليكا اأن اعتباره الفرعية اجلماعات حلقوق الليربالية النظرية الفردية ال�ستقاللية على قائمة نظرية تعد ،fondée sur l’autonomie individuelle

معينة مبجموعة اخلا�سة القانونية الأ�سكال وكل لأع�سائها املدنية احلقوق من احلد على وتعمل تدخل يف تناق�س مع املبادئ الليربالية يف احلرية

Page 51: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

51 العدد 36 |

متابعات�شامهو ال

1 .Patrick svidan، Le multiculturalisme، Paris، puf، .2009، p.9

. 2 .bid، p.3اإ�سكالية التعددية الثقافية يف الفكر ال�سيا�سي املعا�سر: د. ح�سام الدين علي جميد، ". 385 مركز درا�سات الوحدة جدلية الندماج والتنوع"، �سل�سلة اأطروحات الدكتوراه

العربية، بريوت، ط1، 2010، �س41-39.، ترجمة كمال بران باري، الثقافة وامل�ساواة: نقد م�ساواتي للتعددية الثقافية". 4امل�سري، عامل املعرفة، الكويت، اجلزء2، العدد:383، 2011 ط1، �س231.

واأ�سل عنوان الكتاب باللغة الإجنليزية هو: Brian Barry،Culture and Equality: An Egalitarian-

Critique of Multiculturalism، Cambridge: Polity.Press، 2008

اإ�سكالية التعددية الثقافية يف الفكر ال�سيا�سي املعا�سر: د. ح�سام الدين علي جميد، ". 5جدلية الندماج والتنوع"، م، �س، �س25.

يف اجلديدة الدولية ال�سيا�سات �سرب الثقافية: التعددية اأودي�سا 6 ." كيمليكا، ويل التنوع"، ترجمة: د. اإمام عبد الفتاح اإمام، الكويت: عامل املعرفة، ج.1، عدد 377،

2011، �س109.اإ�سكالية التعددية الثقافية يف الفكر ال�سيا�سي املعا�سر: د. ح�سام الدين علي جميد، ". 7

جدلية الندماج والتنوع"، م، �س، �س46-45.. املرجع نف�سه، �س26. 8

. 9 .Ibid، p.74. 10 .Ibid، p.76

يف اجلديدة الدولية ال�سيا�سات �سرب الثقافية: التعددية اأودي�سا 11 ." كيمليكا، ويل التنوع"، م، �س، �س160.

. املرجع نف�سه، �س131-130. 12. املرجع نف�سه، �س22-21. 13

. املرجع نف�سه، �س116. 14

. املرجع نف�سه، �س142. 15

. املرجع نف�سه، �س154. 16. املرجع نف�سه، �س159-157. 17

. 18 .Ibid، p.8 19 .Ibid، p.82. Les déterminants particuliers de l’identité nationale sont parfois si anciens qu’ils ne sont en général plus vraiment perçus dans leur

.particularité. 20 .Ibid، p.7-8 . 21 .Ibid، p.44 . 22 .Ibid، p.16 . 23 .Ibid، p.25

. 24 .Ibid، p.9

. 25 .Ibid، p.2. 26 .Ibid، p.30

27 .Ibid، p.32.Dans cette perspective، s’opère une sorte de réduction de l’altérité et une promotion de la

.ressemblanceيف هذا الإطار ي�ستح�سر املوؤلف بوجه خا�س Axel Honneth. 28 من خالل

كتاب له بنف�س العنوان اأنظر: A. Honneth، LA lute pour la reconnaissance،-

.trad. Par P. Rusch، Le Cerf، 2002 1992 . 29 .Patrick svidan، Le multiculturalisme، op.cit، p.80

. 30 .Ibid، p.81. 31 وهي الدرا�سة التي اأعاد ن�سرها يف كتابه:

Charles Taylor، Multiculturalisme: Différence et -.démocratie، Paris، Flammarion، 1994

. 32 .Patrick svidan، Le multiculturalisme، op.cit، p.45 . 33 .Ibid، p.46-47 . 34 .Ibid، p.46-51

. 35 .Ibid، p.56 36 .Ibid، p.59

املعرفة، دار ، بريوت: والنحل". 37 "امللل ال�سهر�ستاين، الكرمي بن عبد انظر: حممد ط3،( 1414ه/1993م).

. 38 .Ibid، p.37 . 39 .Ibid، p.90 . 40 .Ibid، p.43

. 41 .Ibid، p.105-111. 42 اأ�سل عنوان الكتاب باللغة الإجنليزية هو:

Brian Barry،Culture and Equality: An Egalitarian- Critique of Multiculturalism، Cambridge: Polity

.Press، 2008 . بران باري، الثقافة وامل�ساواة: نقد م�ساواتي للتعددية الثقافية"، م، �س، �س280. 43

. نف�سه، �س268. 44. املرجع نف�سه، �س286. 45

اإ�سكالية التعددية الثقافية يف الفكر ال�سيا�سي املعا�سر: د. ح�سام الدين علي جميد، ". 46جدلية الندماج والتنوع"، م، �س، �س23.

. املرجع نف�سه، �س: 21. 47. املرجع نف�سه، �س25-23. 48

. املرجع نف�سه، �س225-224. 49. 50 .Ibid، p.108-109

وامل�ساواة..50. ويف هذا الإطار متت الدعوة يف الفكر العربي والإ�سالمي املعا�سر اإىل �سرعية الختالف "كاأ�سا�س لتعددية ل تعني ال�ستات والت�ستت، ول دعوة اإىل طائفية اأو قبلية، واإمنا هي نظام ملجتمع مدين متعدد عام وفــاق على بناء موؤ�س�سات حول تتعاقد وامل�سالح، العنا�سر اأن الدميقراطية "… من منطلق متجدد بالو�سائل الدميقراطية

تعد مبثابة "نظام موؤ�س�سي لإدارة تعددية املجتمع املدين."تاريخيا الإ�ــســالمــي العربي املجتمع اأقــر كما الإ�ــســالم اأقــر لقد

ب�سرعية يعرتف مل اأنه ومع التوحيدية. لالأديان الوجود ب�سرعية املعيارية ال�سرعية الوجهة من ال�سماوية غري والعقائد الأديـــان اإل الأمة، لوجود املوؤ�س�س املرجعي الن�س مقت�سيات مع ان�سجاما اأن الكثري من هذه العقائد ازدهرت داخل "دار الإ�سالم" ذاتها، بل كان لأتباعها، يف بع�س الفرتات، ن�ساط ونفوذ داخل جهاز الدولة نف�سه. وقد قام بني مفكريها وبني مفكري الإ�سالم جدل تولدت عنه

مناظرات عقائدية بالغة الأهمية.

Page 52: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 5236

ر�ؤية للنقا�ش

العـــوملة والقـــيموســـؤال الغــاياتذ. عز الدين العزماين باحث مغربي مقيم يف الوليات املتحدة الأمريكية

�إ�ضالمي �أ�ضيل يف �ملناظرة و�ملقاب�ضة، من خالل �ل�ضعي �إىل طرح ق�ضايا �إحياء وتعزيز تر�ث علمي ح�ضاري ترنو ز�وية "روؤية للنقا�ش" �إىل باآد�ب ال يخل ��ضت�ضكاله ومنظور�ت مقاربته مبا زو�يا بتعدد يغتني نب�ضا معرفيا تثري �أن �آملني �أهمية علمية خا�ضة، تكت�ضي و�إ�ضكاليات و�لتعليق. و�ملناق�ضة بالنقد �لز�وية وغريها يتفاعلو� مع هذه �أن و�لباحثني �لكتاب "�الإحياء" بال�ضادة تهيب جملة لذلك �حلو�ر.. و�أ�ضول

ر�ؤية للنقا�شرية للنقا�شر�ؤية للنقا�ش

يف والظواهر املفاهيم بني العالقات الق�سايا اأكـــر مــن الإنــ�ــســاين الــفــكــر تعقيدا، حيث يكون حتديد العالقة وحتديد ت�سور معني لها تاأ�سي�سا على بداهات العنا�سر التي تكون ولذلك اللب�س، من الكثري يف �سببا العالقة تلك يكون التفكري الإب�ستمولوجي مدخال لزما لإعادة من عليه تنبني ومــا املفهومات تلك يف النظر عالقات ونتائج. �سمن هذا ال�سياق، ميكن ت�سغيل حماولة �سمن للعوملة روؤية تقدمي حتاول مقاربة يف �سواء عليها، تنبني التي القيمية الروؤية فهم حيث املعياري. اأو التاريخي، اأو الوظيفي بعدها العوملة من املوقف اأن مقاربته يف الباحث يعترب ينبغي اأن يتاأ�س�س على حلول فل�سفية �سمن مقاربة القرتابات هذه �سمن القيم. لإ�سكالية عميقة

العالقة �سوؤال يف النظر اإعــادة �سنحاول الثالث القيم مــن خالل الــعــوملــة وظــاهــرة بــني ظــاهــرة

�سوؤالني اأ�سا�سيني: هل حتمل العوملة يف تكوينها وبنيتها قيما اأخالقية اأو للتعومل �سعيها القيم طبيعة من وهل ودينية؟ ظاهرة كل تكتفي وهل وتنميطه؟ العامل لتاأحيد وت�ستقل بذاتها اأم اأن كل واحدة حتتاج لالأخرى؟ األ حتتاج العوملة للقيم وحتتاج القيم اإىل التعومل؟ العالقة �ــســوؤال كــون يف التفكري ميكن األ اإذن، بل اإ�سرتاتيجيات، �سوؤال لي�س والقيم العوملة بني األي�س العمق �سوؤال غايات ومثل ومقا�سد؟ هو يف ينبني املــطــاف، نهاية يف العالقة، تلك جوهر التاريخ عقال من وتخلي�سه الإن�سان تكرمي على املادي الق�سري وا�سرتاطاته الفيزيائية، نحو اآفاق

تعد

Page 53: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

53 العدد 36 |

ر�ؤية للنقا�ش

اأرحب من ال�سمو احل�ساري والتعايل الروحي؟ هل تاريخية �سريورة باعتبارها العوملة اإ�سالح ميكن دون اإ�سالح الغايات التي تتق�سدها؟ اأو اإ�سنادها مبرجعية معيارية وقيمية وح�سارية جديدة تقدر التعبري اإىل م�ستوى ال�سريورة بتلك على الرتقاء

عن اإرادة الإن�سان يف العدل والكرامة؟

مقدمة عامةــدار�ــســني يف النظر ثــمــة اخــتــالفــا كــبــريا بــني اللإ�سكالية العوملة من جهة، واإ�سكالية القيم من جهة ثانية، بالنظر اإىل اختالف ت�سوراتهم ومواقفهم وال�سيا�سية واملنهجية والأخــالقــيــة العقائدية كثرية درا�ــســات ال�سدد هــذا يف و�سنجد اأي�سا. بع�س. عن بع�سها املنف�سلتني الإ�سكاليتني حول فاإن التباينات تلك جممل عــن النظر وبغ�س ظاهرة على احلكم اختالف اأن يزعم الباحث حول الــروؤيــة اختالف يف جوهريا يكمن العوملة ق�سية القيم. ومن ثم فاإن حتديد طبيعة العالقة بني العوملة والقيم تنطوي على ت�سور حمدد للقيم اأن طبيعة العوملة ذاتها. كما اأكر منه موقفا من يف ق�سوى اأهمية لها وفل�سفتها العالقة تلك على اآثــار من عليه تنطوي ملا احلا�سر، ع�سرنا م�سري الإن�سان يف الآجل والعاجل. مما يجعل من ذا تفكريا والقيم العوملة بني العالقة يف التفكري اأهمية حيوية حتف باملخاطر واملنزلقات من حيث

ماآلتها امل�ستقبلية.اإن العالقة بني العوملة والقيم تاأخذ منطقيا ثالث النف�سال، م�سار الروؤية، م�ستوى على م�سارات م�سار الت�سال، اأو م�سار التو�سط. تتحدد الروؤية القيم العوملة نظاما منف�سال عن باعتبار الأوىل اأي نظاما بدون قيم وهنا ميكن اأن ن�ستدعي جممل املعايري، انــعــدام القيم، اأزمـــة الأزمــــة: خطاب انحدار الغرب، اأزمة املعنى، موت الإن�سان، نهاية التي العبارات من وغريها القيم حــرب العقل، تنم عن "اخلواء القيمي" لنظام العوملة، ويف هذه احلالة نكون اأمام حالة تاريخية ولي�س اأمام نظام

معريف وح�ساري جديد؛ اإذ ل ح�سارة بدون قيم، ونظام العوملة نظام فاقد للقيم، مما يجعله نظاما الثانية الروؤية م�سادا لفل�سفة احل�سارة. وتنجلي يف اعتبار العوملة نظاما متماهيا مع منظومة قيمية متكاملة اأو نظاما حامال لقيم مميزة، �سواء متثلت الليربالية، الغرب )العلمانية، القيم يف قيم تلك وجه على الأمريكية القيم اأو يف ،)... الفردانية التي الكونية القيم يف اأو )الأمــركــة(، التحديد خمتلفة تاريخية م�سارات عرب الب�سرية اأنتجتها الروؤيتني فتتو�سط الثالثة الروؤية اأما )الكوكبة(. من نظاما للعوملة بــاأن تعرتف بحث ال�سالفتني، على �سرورة توؤكد الوقت نف�س ولكنها يف القيم، الروؤية وهـــذه وتخليقه. الــنــظــام ــك ذل اإ�ــســالح الأخرية جندها �سمن خطاب "اأخالقيات العوملة" يف الفال�سفة وبع�س الدينية النخبة تقوده الذي تقوم روؤية روؤى: ثالث اأمام فنحن اإذن، الغرب. على النقد والعرتا�س، وروؤية تقوم على الت�سويق

والتبني، وروؤية تقوم على الإ�سالح والتخليق.اإن تلكم الروؤى الثالث تعك�س احلاجة اإىل تعريف اإن اإذ الــعــوملــة؛ مــن املــوقــف حتــديــد قبل القيم ينبني الذي املفهوم حتديد دون املوقف حتديد الإيديولوجي ل املوقف �سي�سقط �ساحبه يف عليه حتديد نريد ال�سياق هذا يف نحن اإذن، حمالة. طريق عن وذلك بالقيم. عالقتها �سمن العوملة وماآزقها حــدودهــا وبــيــان الــثــالث ـــروؤى ال حتليل

النظرية والعملية.الباحث يتحدد يف فاإن غر�س الأفــق، �سمن هذا اإعادة بناء جممل تلك الروؤى �سمن روؤية جديدة، من تنبع التي احل�سارية الــروؤيــة عليها لنطلق مركزية الإن�سان يف الوجود، ومن تكاملية املعنوي واملادي يف احلياة الإن�سانية، ومن جدلية الطبيعة والغيب والإن�سان، حيث منيز بني العوملة باعتبارها معطى مو�سوعيا ممتدا يف التاريخ وهو ما ن�سميه بالرحمانية العاملية، وبني العوملة باعتبارها معطى يف املادية القوى موازين بـــاإرادات يت�سل ذاتيا مفهوم على يتاأ�س�س الأول املنظور اإن التاريخ.

مثلما تحتاج العولة إلى األخالق

والقيم، تحتاج القيم حتى يعم

تأثيرها إلى التعولم..

Page 54: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 5436

ر�ؤية للنقا�ش

ال�سلطة مفهوم على الــثــاين املنظور يتاأ�س�س حــني يف الفطرة، القهرية.

اأول: الع�ملة نظام بال قيمة

ت�سل بع�س اخلطابات الت�ساوؤمية اإىل اإعالن "اخلواء القيمي" لنظام العوملة. ويتفق يف هذا املوقف دار�سون من الغرب واآخرون يف العامل العربي والإ�سالمي؛ فالعوملة يف هذا اخلطاب ل قيم لها ول اأخالق فيها. وكما يقول اأحد الباحثني: "العوملة ل قيمة لها اإل حتقيق اأكرب قدر من الأرباح حتى لو اأدى ذلك اإىل جتريب اأي �سيء، مثل جتريب ويقدم عقار الفياغرا يف الأدوية وما تبني له من اأ�سرار خطرية1"، من للعوملة. القيمي العقم تبني لها ح�سر ل اأمثلة اخلطاب هذا تلك الأمثلة ما يتعلق باإهدار كرامة الإن�سان )انت�سار الفقر، وعدم يتعلق ما ومنها العامل..(، ثروات تق�سيم يف ال�سعوب بني التكافوؤ بالإ�سرار يتعلق ما ومنها البيئة..(، )تلوث بالطبيعة بالإ�سرار التجريبية فــاإن وهكذا الأخــالقــي...(. )التفكك نف�سه بالإن�سان تعترب وم�سلحته وكرامته الإن�سان ب�سعادة تهتم ل التي املادية خروجا عن فل�سفة القيم واأخالقيات احل�سارة مهما �ساهمت تلك

التجريبية املادية يف حتقيق الربح املادي والتقدم التقني.هذا "اخلواء القيمي" لنظام العوملة يتجلى اأي�سا يف غياب املرجعية

الكلية. فالعوملة "تتعامل مع الإن�سان كفرد مقطوع اجلذور وال�سلة بينه وبني اأي انتماء اإىل اأي دين اأو قومية، وهي تريد اأن تتعامل مع "اآلة تطور عن تعرب النهاية يف اإنها ال�سما�سرة2". وكالئها من ل العوملة اأن املطاف على نهاية يدل يف وهذا الراأ�سمالية". ال�سر ت�ستند اإىل مرجعية �سلبة تقوم عليها، ومن ثم فهي ظاهرة ناطقة اإن القول اأمكن يف متظهراتها، �سامتة يف ماهيتها وكمونها، حتى العوملة نظام يعرب يف متظهراته عن كل �سيء لكي ل يعرب يف نهاية

املطاف عن اأي �سيء. بل اعتقادي ما، العوملة ل تعرب عن م�سمون اأن تعترب الروؤية هذه تتجلى ك�سريورة مادية غري م�ستندة اإىل نظام اعتقادي اأو قيمي اأو منهجي اأو بتعبري جون طوملين�سون3 فهي تعرب عن "حالة جتريبية للعامل احلديث". الأ�سا�سي اإذن، اإن هذه الروؤية جتعل ما هو "مادي" �سرف، م�سادا ملا هو قيمي. اأي اأن نظام القيم يتعاىل على ما هو

مادي وي�ستوعبه. فالعوملة ل تنتج القيم بل تقوم باإهدارها.املوقف مــع للعوملة الـــرباين النقد يف اأي�سا تلتقي ــة ــروؤي ال هــذه للقيمة فاقدا نظاما العوملة يعترب الــذي املارك�سي الإيديولوجي الروؤية وهــذه الجتماعية. العدالة بقيمة عنايتها عدم جهة من الأيديولوجية التي متثلها النخبة املارك�سية توؤ�س�س ملوقف ينطلق من فكرة التطابق بني العوملة وبني القيم الراأ�سمالية؛ اإذ العوملة �سمن

نور القيم يزيح عتمة العوملة

Page 55: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

55 العدد 36 |

ر�ؤية للنقا�ش

هذا اخلطاب ل تعدو كونها متثل "حقبة التحول الراأ�سمايل العميق وحتت وبقيادتها املركز دول هيمنة ظل يف جمعاء، لالإن�سانية املتكافئ4"؛ غري للتبادل عاملي نظام �سيادة ظل ويف �سيطرتها مو�سوعية، وح�سارية تاريخية ظاهرة لي�ست العوملة اأن مبعنى النظام ل�ستدامة و�سيا�سية اقت�سادية و�ــســريورة اآلــيــة هــي بــل تنتج ل املارك�سي املنظور يف فالعوملة احلاكمة. وقيمه الراأ�سمايل و�سور باأ�سكال اإنتاجها وتعيد الراأ�سمالية القيم ت�ستهلك بل قيما التكنولوجية الثورة يف تعبرياتها اأق�سى ت�سل جديدة وتعبريات

الهائلة.القائلة الــروؤيــة عليها تتاأ�س�س التي التاريخية احلجج بــني مــن ال�سورة5" "منطق ب�سيادة يت�سل ما للعوملة القيمي" بـ"اخلواء العوملة. حتمله الــذي املــادي الإدراكـــي للنموذج تكثيفا باعتباره ريجي�س الفرن�سي الفيل�سوف ا�ستدعاء ميكن ال�سياق هذا �سمن "اإن عامل ال�سور الذي ت�سنعه العوملة التقنية دوبريه الذي يقول: لي�س ال�سورة توؤ�س�سه الذي الواقع وهذا الواقع، يوؤ�س�س الذي هو منطق على وموؤ�س�سة ذاتها ال�سورة حمددة يف اأن ذلك زمن، له اللذة؛ بحيث اإذا كانت ال�سورة هي الواقع فاإن الواقع هو اللذة، واإذا ما حتكم منطق ال�سورة فيعني ذلك تلقائيا حتكم منطق اللذة". القيمية للمرجعية فاقد منطق هو املعنى بهذا ال�سورة منطق اإن التي توؤ�س�س للو�سل بني منظومة املثل ومنظومة الواقع. ولذلك فان املادية للقيم تكري�سا باعتبارها الروؤية هذه �سمن تتحدد العوملة القاهرة �سلطتها طريق عن وذلك اجلمالية، القيم ح�ساب على املادي مداها يف ت�سكيلها وتعيد الفردية احلميمية تقتحم التي من موقفه اإعــالن اإىل بدوبريه حدى مما ال�سرف. ال�ستهالكي العوملة ظاهرة مزدوجة، فهي من "اأن العوملة ب�سكل وا�سح بقوله: ناحية عوملة اقت�سادية وتقنية لالأر�س، لكنها ترتجم يف نف�س الوقت ت�سريفا اأ�سبحت ال�سورة فاإن هنا ومن وثقافية، �سيا�سية بلقنة

للمطالبة بالتفرد6."جتد هذه الروؤية النقدية، ب�سكل عام، بع�س تعبرياتها �سمن ت�سورات املوقف العرتا�سي الذي يتبناه التيار العاملي املناه�س للعوملة، الذي "حركة طارئة" و"موجة عفوية" ل تعرب عن نظام هو الآخر يظل قيم ي�ساعد على النفكاك مما يت�سوره هوؤلء م�سكلة اإن�سانية. كما يبقى التحليل القت�سادي املادي حمور الرحى يف هذا اخلطاب مبا ل ي�ساعد اأي�سا على التجاوز؛ اإذ اإنهم كما لحظ طارق رم�سان7 ل

يقدمون خطابا منفتحا على التنوع الثقايف والديني يف العامل.اإن هذه الروؤية باختالف منطلقاتها الإيديولوجية )املوقف املارك�سي(

والفل�سفية )منطق ال�سورة( والحتجاجية )التيار العاملي املناه�س للعوملة( تنطلق من فر�سية اأ�سلية تقوم على اأن نظام العوملة ل ينتج الوقت، نف�س يف الــروؤى هذه ولكن ويعدمها، يهدرها هو بل قيما روؤية بال�سرورة من تنطلق روؤية م�سادة تتاأ�س�س على اأنها، ل�سك النقدية الــروؤيــة يف احلــال هو كما معلنة تكون قد للقيم، معينة املارك�سية التي تنطلق من قيمة العدالة الجتماعية باعتبارها قيمة تاأ�سي�سية، وقد تكون كامنة كما هو احلال يف الت�سورات الفل�سفية على ينبني للقيم ت�سورا ت�ستبطن التي ال�سورة" "منطق حول الواقع والوجدان. ولذلك فان تنزيل نف�س املنطق على العوملة يدل على امتالكها لنظام قيمها الداخلي، ذلك اأن اأي ظاهرة اأو �سلوك ب�سري ينطلق بال�سرورة من منطلقات قيمية. حيث ي�سري امل�سكل لي�س يف وجود اأو غياب القيم، بل يف طبيعة تلك القيم ومدى قدرتها

على �سناعة ح�سارة اإن�سانية ت�سعد الإن�سان وحتفظ كرامته.

ثانيا: الع�ملة نظام متكامل من القيمالعوملة اعتبار اإىل والت�سويق التبني على تقوم التي الروؤية تنطلق نظاما قيميا متكامال، �سنجد ذلك وا�سحا يف التعريفات املعجمية الكربى. الدولية املوؤ�س�سات تتبناها التي التعريفات يف واأي�سا "Mondialisation" فالعوملة يف التعريف املعجمي ترجمة لكلمةنقله اأي عاملي"؛ م�ستوى على ال�سيء "جعل تعني التي الفرن�سية مراقبة. كل عن يناأى الذي الالحمدود اإىل املراقب املحدود من العامل؛ فهو )الالحمدود( اأما القومية الدولة هو هنا )املحدود( اأي الكرة الأر�سية. والكلمة الفرن�سية هي ترجمة للكلمة الجنليزية العاملية طابع ال�سيء "اإك�ساب تعني التي "Globalization"تعميم اأخــرى بعبارة اأو عامليا تطبيقه اأو ال�سيء نطاق وبخا�سة ال�سيء وتو�سيع دائرته لي�سمل الكل8". ومن هنا فاإن الدللة املعجمية القيم. قيمة "التعومل" اعتبار على حتيل الغربي القامو�س يف ونف�س املعنى جنده يف تعريف املفكر الفرن�سي برتراند بادي الذي يعترب "اأن العوملة عملية توؤدي اإىل قيام نظام دويل يتجه نحو التوحد الإن�سانية اإدماج جمموع ، مع توقع القيم والأهداف و القواعد يف اأ�سا�سيتني للعوملة. اإن التوحد والإدماجية قيمتني �سمنه9"، بحيث حد يف قيما لي�ست و"الإدماجية" و"التوحد" "التعومل" اأن غري ذاتها، بل هي تعك�س وظائف العوملة وفعالياتها ذات الطبيعة العاملية. وي�سيف البع�س التاأكيد على الطابع القيمي للعوملة، حيث يرى فليب مورو ديفارج Philippe Moreau Defarges10 اأن العوملة "تزيل �سوقا وتقيم املناف�سة، املعتقدات مو�سع وت�سع جميع العامل غرور

Page 56: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 5636

ر�ؤية للنقا�ش

كوكبية للقيم واملعتقدات والإيديولوجيات وتق�سى اأن �سخ�س لكل وتتيح التع�سب م�سادر كل على اأمام تعبري جديد يف ي�سلح معتقده". وهنا نحن القيم اأن اأي القيم"؛ "�سوق هو العوملة اأدبيات بحيث واملناف�سة، والطلب للعر�س جمال ت�سبح روح واإك�سابها للقيم الكلي الطابع جتــاوز يتم

الن�سبية التاريخية.ويقدم تعريف املوؤ�س�سات القت�سادية الدولية وعلى راأ�سها �سندوق النقد الدويل والبنك الدويل البعد القت�سادي باعتباره جوهر نظام العوملة، معتربا املتنامي القت�سادي التعاون اإىل "ترمي اإياها حجم ازديـــاد يحتمه ــذي وال العامل دول ملجموع التعامل بال�سلع واخلدمات وتنوعها عرب احلدود، اإ�سافة اإىل تدفق روؤو�س الأموال الدولية والنت�سار ال�سريع للتكنولوجيا يف جميع اأنحاء املعمورة11". الدويل النقد �سندوق اأ�ــســدر 2000 العام يف موجز ق�سايا حمل العنوان املثري للتاأمل: "العوملة: النقد �سندوق خرباء فر�سة؟" و�سف اأم تهديد ناجتة تاريخية، "عملية اأنها على العوملة الدويل التكنولوجي. والتقدم الإن�سانية البتكارات عن القت�سادات بــني املتزايد التكامل اإىل وت�سري العاملية، وبالأخ�س من خالل التجارة والتدفقات الكثريون يعتربه الذي التعريف وهذا املالية12"، العوملة يح�سر يكاد للعوملة التاأ�سي�سي التعريف يف اأي ال�سوق"؛ و"قيم ال�سلعة" "قيم يف النظام عليها يتاأ�س�س التي الراأ�سمالية القيم فاإن ــة ــروؤي ال هــذه الــغــربــي. �سمن القــتــ�ــســادي �سيحقق العوملة حتمله الذي الغربية القيم نظام فوائد ثقافية واقت�سادية جمة لالإن�سانية. يف هذا عرب التي ال�سورة هذه ا�ستح�سار ميكن ال�سياق عنها العامل القت�سادي الربيطاين فيليب لوغران "يكمن جمال العوملة يف قدرتها الذي كتب يقول: ا�ستبداد اجلغرافيا. فهي النا�س من على حترير تعني اأنه من غري املفرو�س على املولود يف فرن�سا اإل ياأكل ول بالفرن�سية، للتكلم اإل يطمح ل اأن اأطعمة فرن�سية، ول يقراأ اإل كتبا فرن�سية، ول يزور

اإل متاحف فرن�سية، وهلم جرا. فالفرن�سي، بنف�س اإ�سبانيا الأمريكي، ميكنه ق�ساء عطالته يف قدر ال�سباغيتي اأو ال�سو�سي يلتهم اأن و فلوريدا، اأو عر�سا ي�ساهد اأن و الكول يحت�سي اأن و للع�ساء، "املدور فرقة توؤديها حفلة اأو مدويا هوليووديا اأو البانغرا اإىل مو�سيقى ي�ستمع اأن و الالتينية"، بوك�سينيغ، الكيك اأو اليوغا ميار�س واأن الــراب، "اإلكونومي�ست" اأو Ell "اإل" جملة يطالع واأن The Economist، واأن يكون لديه اأ�سدقاء من

املعلق اأي�سا ين�سم املعمورة13". اأنحاء جميع توما�س تاميز، نيويورك �سحيفة يف ال�سحفي فريدمان، اإىل مع�سكر املتفائلني بالن�سبة لتاأثريات العوملة. فا�ستنادا اإىل كتابه الأخري الذي راج كثريا، The world is flat "فاإنه م�سطح" "العامل نقل بــالإمــكــان �سار الإنــرتنــت تكنولوجيات مــع بحثا عن اخلربة العامل من مكان اأي اإىل العمل والأجور املنخف�سة لالأيدي العاملة. وبذلك �سوف يتعزز التعاون اخلالق. يقوم الأطباء يف بنغالور، بالهند، بتفح�س �سور اأ�سعة مر�سى اأمريكيني يف وهو النوم، ليال يف هوؤلء فيه يرقد الذي احلني تطور يفيد كال البلدين، يف راأي فريدمان. فطبقا لال�ستعارة التي يف�سلها فريدمان، لقد متت ت�سوية اأر�س ملعب املناف�سة القت�سادية14". وت�سل هذه الغربية، القيم بنظام العوملة ت�ساوي التي الروؤية عن تعبريا الــعــوملــة فيه جتعل الـــذي احلــد اإىل اأن باعتبار التحديد، وجه على الأمريكية القيم منوذج على لالنت�سار الغرب قــادت قد اأمريكا املتاأمرك بالباحث حدى مما ال�سرتاكية، القيم فران�صي�س ف�ك�ياما اإىل اإعالن "نهاية التاريخ"

واعتبار الإن�سان الغربي "الإن�سان الأخري". الطرق مفرتق يف العوملة جتعل الــروؤيــة هــذه اإن الذي يحمل كل التيارات الفكرية ويعرب عن جممل ال�سريورات التاريخية يف الغرب. اإذ �سمنها تلتقي والمربيالية واحلــداثــة والعلمانية الراأ�سمالية الغربية. للروؤية تنتمي التي وغريها من املفاهيم للقيم تعارفية روؤيــة تقدم ل الروؤية هذه اأن كما

هل يمكن إصالح العولمة

باعتبارها سيرورة تاريخية دون إصالح الغايات التي تتقصدها

وتتغياها؟

Page 57: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

57 العدد 36 |

ر�ؤية للنقا�ش

بعينها. وثقافات جمتمعات على تق�سرها بــل مما يجعلها روؤية غري منفتحة على التنوع الثقايف

واحل�ساري والديني يف العامل.

اإىل يحتاج قيمي ن��ظ��ام الع�ملة ثالثا: الإ�صالح

اأن منطلق من للعوملة الإ�سالحية الروؤية تنطلق لكنها الــداخــلــي، القيمي نظامها متلك العوملة تنطلق الروؤية هذه اأن اإ�سالح. وجند اإىل حتتاج املنظور اأ�سا�سيني: اإ�سالحيني منظورين مــن

الفل�سفي واملنظور الديني. 1. املنظ�ر الفل�صفي15؛ يعد يف العمق ا�ستمرارا

جلهود نقد احلداثة الغربية؛ اإذ اإنه مع بروز منطق الليربالية ال�ساملة )اأو ما يعرف بالنيوليبريالية( والتي حتاول توظيف منظومة العامل وتعميم هذا يرتكز الإن�ساين الهتمام �سار كونيا، النموذج املمكننة، والعالقات والتقنية ال�سوق منطق على مما �سينعك�س ل حمالة على م�ستوى املفاهيم التي يفهم بها الإن�سان العامل ويفهم من خاللها اأي�سا موقعه يف هذا العامل، بحيث اإن اإرادة الهيمنة عرب تنميط العامل بتعبري �سريج لتو�س وتو�سيع دائرة الراأ�سمايل النموذج ل�ستعادة املادي ال�ستهالك بقوته �سينعك�س على طريقة التعاطي مع مكونات

احل�سارة املعا�سرة.هذه اإىل الــغــربــي الفل�سفي الــفــكــر تنبه لــقــد املنادية الأ�ــســوات وتــعــالــت اأخــــريا، الإ�سكالية للعوملة الأخــالقــي ال�سمري ل�ستعادة باحلاجة حتى ت�سري اأكر اإن�سانية، وهي نداءات انت�سرت الإن�ساين التفكري حترتم التي التاأملية للمعرفة ومتجده، على ح�ساب املعرفة التقنية التي حتب�س جواهر، بال اأرقـــام يف وخياله الإن�سان اأنفا�س انت�سرت اأنها كما روح، بال ح�سابية ومعادلت العقلنة عقال مــن املتحررة الإن�سانية للنزعة اجل�سد املنتفخة وال�ستهالكية القاتلة الأداتــيــة

والفاقدة للروح واملعنى. خطاب يف يتلخ�س الذي الديني؛ املنظ�ر .2

والذي Global Ethics العوملة16 اأخــالقــيــات والذي الغرب، يف الدينية القيادات بع�س يقوده اليوم، من خالل خطاب �سخم ميكن مكا�سفته، "الإعالن كمثل وم�سارها، العوملة اإ�سالح يــروم العوملي"، و"جوارنا عوملية"، اأخـــالق اأجــل مــن و"تنوعنا الأخالقي"، و"الإعالن العاملي مل�سوؤولية الإن�سان"، و"م�سروع الأخالق العاملية لليون�سكو"، ما الإن�سان" )اأو وواجبات و"الإعالن عن حقوق من وغريها �سمي بـ "م�سروع فالن�سيا( 1999"،

املبادرات. وهذا اخلطاب يعرتف اأن للعوملة قيما ذاتية وينادي بتخليقها، من خالل التذكري بقيم قدمية كحقوق اإىل قيم الدعوة اأو من خالل وامل�ساواة، الإن�سان والتنمية والــ�ــســراكــة كاحلكامة حديثا ظــهــرت الب�سرية والت�سامن القت�سادي واملواطنة العاملية تنتمي التي املفاهيم من البيئة وغريها واحرتام

نظام العولمة القائم نظام فاقد للقيم، مما يجعله

نظاما مضادا لفلسفة الحضارة..

ك�نية الإ�صالم

مغربيا قا�سيا املعامل وا�سحة الإ�سالمية احل�سارة على ال�سهود م�ساهري اأحد "كان بطوطة ــن واب .)1368 عــام )املتوفى بطوطة ابــن يدعى خــلــدون لبــن ومعا�سرا ومن رو�سيا، الفولغا يف اأوا�سط اإىل مايل النتقال من متبكتو يف على قادرا كان هذا الهند ال�سمالية اإىل اإ�سبانيا الإ�سالمية، ويف كل مكان زاره كان ي�ستطيع، وقد فعل اأكر الأحيان، اأن يتحدث عن �سل�سلة من املو�سوعات باللغة العربية مع متعلمي هذه الأقاليم. وجراء بل فقط، اأ�سفاره ب�سبب لي�س نعرفه ما بطوطة ابــن عن نعرف اليوم ونحن اأبو عنان كان �سديد الهتمام امللكي الذي حظيت به تلك الأ�سفار، فال�سلطان املغربي النبهار بالقا�سي الرحال فكلف اأديبا يدعى ابن جزي بت�سجيل وزخرفة �سنوات مواطنه الت�سع والع�سرين على الطرق الربية والبحرية من عام 1325 اإىل عام 1354 (. مل تكن الرعاية �سهلة املنال يف جميع املحطات. غري اأن تناف�سا بالغ ال�سراوة ظل متوا�سال على امللكية الق�سور بني وعر�سه الإ�سالمي العامل طول يف عديدة قرون امتداد على اجتذاب الأغنى مواهب من ال�سعراء، املعماريني، واملو�سيقيني، وقد كان كل عاهل �سديد احلر�س على تقدمي حزمة مناف�سة من املكا�سب واملنافع للفنانني واملثقفني يف بالطه اأو

مبتناول يده."

برو�س بي لورن�س، " الإ�سالم يف اأفرو – اأورا�سيا ح�سارة ج�سرية"، �سمن كتاب، "احل�سارات بيرتجي حترير: املعرفة، عامل كتاب وتعددية"، جمعية نظر وجهات العاملية: ال�سيا�سة يف

كلتزن�ستاين، ترجمة، فا�سل جتكر، العدد385، 2012، �س263.

Page 58: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 5836

ر�ؤية للنقا�ش

خلطاب جديد تبلور يف العديد من املوؤمترات الدولية. غري اأن هذه املبادرات تعاين من ثالث حدود اأ�سا�سية: فهي اأول؛ ل تنم عن جهد لإ�سالح جذري لنظام العوملة، بل عن تهذيبه وجتميله، ويف بع�س الأحيان ل تتعدى تلك املبادرات حدود و�سع امل�ساحيق على الوجه الب�سع للعوملة كما تتجلى يف حالت كثرية، وثانيا؛ فاإن هيمنة القت�سادي على ال�سيا�سي والثقايف تظل وا�سحة للعيان، مما يجعل من اقرتاحات "النخبة الدينية" التي تتق�سد القيام بدور �سيا�سي حمل احتواء وا�ستيعاب من قبل املنطق الت�سليعي للعوملة الذي تريد تلك النخبة اإ�سالحه وتقوميه، ومن ذلك بروز خطاب جديد يحتوي كلفة الأخالق، فعالية العوملة، "اأخالق قبيل من الأخالقيات تلك الأخالق، ال�سوق املفتوحة، التنمية الإن�سانية..."، وثالثا؛ اإن تلك املبادرات تعيد اإنتاج نف�س القيم الت�سليعية "العلمانية التوجه واملادية التحقق الكامنة17" يف نظام العوملة دومنا العودة اإىل اأنظمة القيم وتقوميه. النظام ذلك بناء لإعادة والفل�سفية والدينية الأخالقية ومن ثم ن�ستخل�س اأن ذلك اخلطاب يظل "توافقيا" و"ت�ساحليا" ول يقدر على جمابهة اإرادة القت�سادي والتاأثري يف اختياراته، ومن ما تربير اإىل بدونه، اأو بوعي ينتهي، قد فاإن هذا اخلطاب ذلك "اجلماهري" يف مطالب على اللتواء يف وامل�ساهمة انتقاده يريد فقط ولي�س واجتاهاتها اأهدافها18 وتخليق العوملة باأن�سنة العامل

التعامل الق�سري مع نتائجها واآثارها.

رابعا: القيمة املركزية وحتمية املرجعية النهائيةوتوجهاتها، مالحمها اأهــم ا�ستعرا�سنا التي الثالث الـــروؤى اإن ال�ستخال�سات اإىل تدفعنا والعملية، النظرية اأهم حدودها وبينا

التالية:ت�ستند قيم نظام من بال�سرورة للعوملة النقدية النظرة تنطلق ـ يعلن اأن ذلك اخلطاب ل النقد والعرتا�س، حيث جند عليها يف

حتيزاته القيمية كاقرتاحات للتجاوز والت�سحيح.الغربية، حيث املركزية نزعة مع للعوملة الت�سويقية الروؤية تلتقي ـ الغربي القيمي النموذج الروؤية على هيمنة تلك العوملة يف تنطوي العامل، يف واحل�ساري الثقايف التنوع لفل�سفة وجتاوزه وا�ستعالئه

مما يناق�س منطق العاملية الذي تدعيه تلك الروؤية.ـ يرتكن خطاب اإ�سالح العوملة على نف�س القيم املادية العلمانية التي يحملها نظام العوملة، ول يتجاوزها اإىل اقرتاح منظومة قيمية قادرة

على تقومي م�سار العوملة واإ�سالحها ب�سكل جذري مبا يخدم كرامة الإن�سان ويحقق �سعادته.

العميقة اإ�سكاليتها اأن جند الثالث ــروؤى ال تلك حتليل �سياق يف املادي الو�سعي بالتفكري وربطه القيم مفهوم تب�سيط يف تتجلى اأو الت�سويقية اأو العرتا�سية اأو النقدية الــروؤيــة جهة من �سواء العوملة التفكري يف نظام الإ�سالحية، مما يجعلها غري قادرة على وحتليله مبنظور جديد قادر على جماوزة مع�سالته واآثاره. ومن ثم يعتقد الباحث اأن الإ�سكال اجلوهري يف نظام العوملة وباقي الأنظمة املت�سلة به يكمن يف الن�سق الفل�سفي للحداثة الغربية، ولذلك فاإن اجلهد املعريف لإ�سالح العوملة ينبغي اأن ينطلق من اأ�س�سها الفل�سفية

الكامنة. يف القيم مفهوم �سياغة اإعــادة فــاإن ال�ستخال�سات هــذه �سمن العالقة ق�سية يف التفكري لتجاوز حيوية م�سالة ي�سري ذاتــه حد املقا�سد رحابة اإىل ال�سرتاتيجيات ن�سق من والقيم العوملة بني

والغايات. تتداخل متكاملة اأن�ساق "هي نقرتحه الذي املنظور يف القيم اإن عنا�سر كثرية يف تركيبها، ولذلك فهي ت�ستع�سي يف حالت عديدة مثالية اأو �سرفة، مادية تكون ل بحيث والتفكيك". التجزئة عن التي املعيارية الأحكام من "الن�سق ذلك على تدل اإنها �سرفة19. للوجود �سابطة �سامية واأخالقا ومبادئ واأهــدافــا مثال تت�سمن واللتزام ال�سرورة �سفة ولها وممار�سة، ونظما فكرا الجتماعي الرحمن، عبد طه تعريف يف جنــده املعنى ونف�س والعمومية20، لالإن�سان الهادية الفطرية املعاين "تلك هــي: يوؤكد كما فالقيم الت�سور هذا �سمن القيم مفهوم لتطوير نقرتح وال�سامية21"، �سلوك كــل اأن نعترب حيث النهائية" "املرجعية مبفهوم ربطه ب�سري مرتبط مبرجعية نهائية نظرية اأو معيارية، مبعنى منظومة نقرتح كما وللعالقات، ولل�سلوكيات للت�سورات موجهة اعتقادية مفهوم القيمة املركزية؛ اأي تلك القيم الكلية التي تعرب عنها فل�سفة

ح�سارة ما، كقيمة العدل اأو قيمة احلرية اأو ما اإىل ذلك.

خام�صا: من اأزمة احلداثة اإىل ع�ملة العلمنةانحالل يف جوهريا تكمن الغربي احلــداثــي النموذج اأزمـــة اإن وتفكك مرجعية املعنى، وتدفقاتها التي تنع�س احلياة فيها بعد كل اإطارا فاقدا للمرجعية املتعالية، بحيث دورة تاريخية، مما جعلها

Page 59: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

59 العدد 36 |

ر�ؤية للنقا�ش

ت�سخ�س نظام القيم يف املوؤ�س�سة القانونية ثم يف املقاولة لي�سري اإىل التعبري عن فعاليته من خالل نظام ال�سورة، مبنطقها التجريدي الذي ل يعري

اهتماما للواقع اأو للمعاناة الإن�سانية احلقيقية.بتعبري اأو للتعومل، دائــمــا حمتاجة القيم اإن "لإرادة حمتاجة الرحمن22 عبد طه الأ�ستاذ القيم اأنظمة كانت فقد الأر�س". يف النت�سار املو�سوعية ال�سريورة عن تعبريا التاريخ عرب لإرادة الإن�سان يف اكت�ساف ذاته �سمن اأفق عاملي. ولو العام. الإن�ساين امل�سرتك ولتاأ�سي�س ح�سارة لحظنا تطور حقل الأنربولوجيا التاأويلية لظهر والثقافية العلمية النزعة تلك جلي ب�سكل لنا الإن�ساين امل�سرتك لإدراك الإن�سان يف الكامنة والفني الثقايف التعبري اأ�سكال ومتثله من خالل وخمتلف الروؤى الفل�سفية والوجودية التي حتملها عوامل �سمن القيم تتجلى الكربى. احل�سارات امل�سمون عن كتعبري الإن�ساين الثقايف التفاعل املختلفة، الب�سرية للجماعات العميق الثقايف ول�سك جمعاء. لالإن�سانية غنى من متثله مبا نوعيا جهدا بذلوا قد الأنربولوجيا علماء اأن ملكا وجعلها القيم تلك حقيقة عن الك�سف يف لالإن�سانية. يف الجتاه املقابل، كانت هناك دائما التي ذاتها" حــول "املتمركزة الت�سورات تلك تلتقط �سورا "انتقائية" خا�سعة لإرادة ال�سيا�سي املجتمعات لبع�س معينة ــورة �ــس تــ�ــســويــق يف

الب�سرية. انف�سل حقل الغرب العلمنة يف بداية حركة مع يعد مل املعرفة. وحقل الوجود حقل عن القيم والقيم الــوجــوديــة القيم عــن احلــديــث ممكنا الن�سبي عن تعرب القيم �سارت بحيث املعرفية، ما على يتاأ�س�س القيم فهم واأ�سبح واملتغري، حتققه من منفعة وم�سلحة. مل تعد القيم نابعة عن ت�سدر �سارت بل الإن�سانية، الفطرة من نافع ول قيمة "فالقيم هو ما هو املنفعة. جمال

ملا ل نفع له". كف�ساء العوملة ف�ساء ت�سكل ال�سياق هذا �سمن لعلمنة القيم على �سعيد عاملي؛ اأي ف�سل حركة التاريخ ومنط احلياة عن اإرادة الرتقاء نحو قيم ال�سماء والرتكا�س اإىل قيم الأر�س. وقيم الأر�س

وقد ال�سلع". وحركة ال�سوق "نظام يف تتجلى خل�س طه عبد الرحمن هذه الروؤية عندما عرف يو�سل العامل يف ت�سليعي "انت�سار باأنها: العوملة العامل، عن طريق احلرية اإىل هذا اإىل الإخالد

نور ينبعث من رحم الوجود

Page 60: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 6036

ر�ؤية للنقا�ش

املتوح�س، والربح املفرت�س، والتناف�س املت�سيبة، واملادية املت�سلطة، والــقــوة املــفــرطــة، والأنــانــيــة

املن�سقة، مت�سببة يف ف�ساد كبري يف العامل23."التاريخ اأنه مل ي�ستطع نظام يف القول بنا وحقيق ال�سوق نظام يفعل كما العلمنة عاملية يحقق اأن حتييد ال�سوق نظام ا�ستطاع اإذ ال�سلع؛ وحركة جميع الإرادات الإن�سانية للتعبري عن قيم الفطرة الإن�سانية. بحيث تتحدد العوملة باعتبارها "حركة �سعيد على والأ�سخا�س والأ�سياء ال�سلع انتقال عاملي" من دون اأن تك�سف تلك احلركة عن فل�سفتها ونظام قيمها ومنهجها. اإن هذا ال�ستخال�س نتاج على القت�سادي هيمنة اإىل اأدى تاريخي لتطور خمتلف الن�ساطات الإن�سانية الأخرى مما انعك�س بال�سرورة على تغييب الأخالقي وحتييد الروحي. الراأ�سمالية العوملة نظام �سمن تت�سابك حيث ال�ساملة العلمانية مــع املتوح�سة القت�سادية ومتظهراتها احلــداثــة �ــســور اأب�سع اإىل لتنتهي املعا�سرين الفال�سفة اأهم باأحد حدى ما اليوم. بـ"اأن القول اإىل يورغن هابرما�س ونق�سد اليوم توقف لقد يكتمل". مل م�سروع احلداثة م�سروع م�سروع التنوير يف منظور النزعة الإن�سانية ليرتك احلياة اأق�سدة م�سروع هو اآخــر: مل�سروع املجال تطرح مل ولذلك ،economization of life

عندما اإل العاملية حتقيق اإرادة مقابل يف القيم وعن الإن�سان اأزمة عن تعرب الإرادة تلك �سارت

قلق احل�سارة.

�صاد�صا: املقاربة احل�صارية للع�ملة: روؤية مفتاحية

تنبنى الروؤية احل�سارية على مفهوم احل�سارة24. فكاك ل اأ�سئلة كربى تنبني على حيث احل�سارة من طرحها: وتلك الأ�سئلة تنبع من �سعي الإن�سان للن�ساط املختلفة الأوجــه �سمن بذاته لالرتقاء �سوؤال يطرح القت�سادي املجال ففي الإن�ساين.

املجال النا�س، ويف الأرزاق بني توزيع العدالة يف ال�سيا�سي يطرح �سوؤال العدل يف ممار�سة ال�سلطة، واخلري ال�سعادة اأ�سئلة تطرح القيمي املجال ويف واجلمال، ويف املجال العقدي تطرح اأ�سئلة الوجود اإل كذلك احل�سارة ت�سري ول والغيب. والكون البعد جتمع التي الأ�سئلة تلك عن اأجــابــت اإذا املادي واملعنوي الروحي �سمن اأفق اإن�ساين عاملي. ياأفل القدرة تلك متعينة ح�سارة تفقد وحينما جمدها وتدخل مرحلة "ما بعد احل�سارة" بتعبري

مالك بن نبي.ل مراء اأن منظومة الإ�سالم يف مرجعيتها القيمية اأو للم�ستقبل، نظرة تقدم الراقية والــوجــوديــة املرابط25 م�سطفى الأ�ستاذ ذلك عن عرب كما القيم اأن ذلــك امل�ستقبل"، ي�سكن "فالإ�سالم ول العقل فت�سمل الــعــقــل، معايري عــن تتعاىل دقائق يــعــرف خــالــق مــن لأنــهــا الــعــقــل؛ ي�سملها الذي املنظور هذا من والكون. والوجود احلياة يف امل�ستقبل واإ�ــســالم الإ�ــســالم مب�ستقبل يــوؤمــن اإطار جدلية ن�سقية متكاملة فل�سفيا ومنهجيا، فاإن يزداد ودورهــم عظما تــزداد امل�سلمني م�سوؤولية للح�سارة حاملة كاأمة موقعهم خالل من عمقا، لنبعاثات مدر�سة �سكلت اإن�سانية ح�سارة ولفقه ل واملوقع متجددة، واجتماعية فكرية وانبثاقات

�سك يحدد لكل طرف ح�ساري الدور والوظيفة.اإن ا�ستدعاء اخلربة احل�سارية للم�سلمني، واأي�سا الإ�سالم يف اأحدثها التي النقالت تلكم ا�ستدعاء نقالت ثالث بالأ�سا�س وهي الإن�سانية، م�سرية الأوىل النقلة فــاأمــا والــنــتــائــج، اجلـــذور عميقة فكرة على تتاأ�س�س ووجودية، عقدية نقلة فكانت الغيب بني جدلية وت�ستبطن البنائية، التوحيدية والإن�سان والطبيعة، وتلك نقلة لها م�سبوقها على زاوية من ولكن العام، املرجعي الإطــار م�ستوى وتلك حمددين بقوم ارتبطت جزئية اإ�سالحية الثانية فكانت النقلة اأما النقلة الإبراهيمية، هي

يتفرع الخطاب حول العولمة إلى ثالث رؤى:

أولها؛ يقوم على النقد واالعتراض، وثانيها؛ يقوم على التسويق

والتبني، وثالثها؛ يقوم على اإلصالح

والتخليق..

Page 61: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

61 العدد 36 |

ر�ؤية للنقا�ش

1. حممد اإبراهيم مربوك )موؤلف جماعي(: "الإ�سالم والعوملة"، الدار القومية للن�سر، 1999، �س64.

2. املرجع نف�سه.3. جون، توميلن�سون، "العوملة والثقافة: جتربتنا الجتماعية عرب الزمان واملكان"، جملة

عامل املعرفة، العدد 354، �س11."حتديات العوملة واآثارها على العامل العربي"، جملة اقت�ساديات 4. جون توملين�سون،

�سمال اإفريقيا، عدد6، �س24.الإحياء، جملة القيم"، و�سوؤال والدين وال�سيا�سة "احلداثة العزماين: عزالدين .5مزدوج عدد املغربية، اململكة الرباط، رقراق: اأبي دار للعلماء، املحمدية الرابطة

33/32، )رم�سان 1431ه/غ�ست 2010م(، �س120.6. املرجع نف�سه، �س.

Tariq Ramadan: "Globalisation Critics Are Naïve"، 2004، .7 This article was originally published in the German daily"Frankfurter Rundschau". http://www.qantara.de 8. حممد عابد، اجلابري: "ق�سايا يف الفكر العربي املعا�سر"، مركز درا�سات الوحدة

العربية، 1997، �س135.اقت�ساديات جملة العربي"، العامل على واآثارها العوملة "حتديات حممد: غربي، .9

�سمال افريقيا، عدد6، �س22.10. املرجع نف�سه، �س23.11. املرجع نف�سه، �س24.

وزارة ،2006 فرباير العوملة"، " حتديات عاملية": "ق�سايا اللكرتونية املجلة .12اخلارجية الأمريكية، مكتب برامج الإعالم اخلارجي )�س6(.

13. املرجع نف�سه، )�س7(.

14. املرجع نف�سه.15. احلداثة وال�سيا�سة والدين و�سوؤال القيم، م، �س.

Taha، Abderrahman: "A global Ethic: Its scope and limits"، .16.Tabah papers series، Number 1، June 200817. طه، عبد الرحمن: "�سوؤال القيم و حتديات العوملة"، الندوة ال�سهرية ملركز اجلزيرة

للدرا�سات، 2007/10/29.18. يوؤكد طارق رم�سان على �سرورة اإ�سالح العوملة، فقد كتب يقول: "اإن العوملة تعاين

من الفقدان الرهيب لالأخالق": Tariq Ramadan: "Globalisation Critics Are Naïve"، 2004 Oxford Dictionary: third edition 2003. Oxford university .19pressاإ�سالمية جملة ال�سيا�سي"، الفكر يف املعريف والنظام "القيم م�سطفى: منجود، .20

املعرفة، العدد 19، 1999، �س36-35. 21. طه، عبد الرحمن: " �سوؤال القيم وحتديات العوملة " الندوة ال�سهرية ملركز اجلزيرة

للدرا�سات والأبحاث، م، �س.22. املرجع نف�سه.23. املرجع نف�سه.

Ali A.Mazrui، Patrick. M.Dikirr، Shalahudin.Kafrawi: .24 “Globalization and Civilization: are they Forces in Conflect?”،.Global scholarly Publication، New York، 2008، page: 22

25. املرابط، م�سطفى: "الإن�سان، الثقافة والعلم"، موقع اجلزيرة. نت.عدد7، الإ�سالمية الدعوة كلية جملة الفيتوري بكر اأبو ترجمة: غارودي روجيه .26

1990، �س637.

�شامهو ال

نقلة منهجية واأخالقية تنطلق من الأوىل لتوؤ�س�س وتاأثرا، تاأثريا الطبيعي التاريخ لتفاعل مع حركة وهو ما ميثله قانون ال�سببية وقانون الزوجية، مبا لالإ�سالم الواقعية للطبيعة حاكمان قانونان هما الوقت نف�س ويف اإن�سانيا، معي�سا باعتباره اأي منوذجا متعاليا من املبادئ واملثل، ثم ثالثا النقلة امل�سدد العقل فكرة على تتاأ�س�س التي املعرفية بتعبري الدكتور طه عبد الرحمن؛ اأي العقل املت�سل

بالأخالق والوحي في�ستحيل فوؤادا واإميانا. عليه اهلل �سلى حممد الكرمي النبي اأ�س�س لقد عميق اإن�ساين مــدى على النقالت لتلك و�سلم وموؤثر، يقول رجاء غارودي26 يف هذا الباب: "مل ينت�سر الإ�سالم يف مراحله الأوىل يف العامل بالقوة الع�سكرية، بل حقق انت�ساراته الباهرة من خالل ثورة ثقافية اأعطت هدفا جديدا للحياة، واأعطت ت�سكن كانت التي الب�سرية للكتل جديدة حياة الوقت..وكان ذلــك يف املنحلة الإمــرباطــوريــات احلوار والإقناع وتقدمي اأمنوذج ال�سلوك هو اأف�سل

اأدواته وو�سائله."اأبعاد من حتمله ومــا الثالث النقالت تلكم اإن الكايف، بال�سكل بعد وت�ستنبط تكت�سف مل واآفــاق ت�سري حتى عميق معريف جلهد لتحتاج واإنــهــا حقيقة اإن�سانية ي�ستوعبها اأهل احل�سارات جميعا، للم�سلمني احل�سارية الفعالية ــاإن ف ذلــك ومــن الغرب عــلــى بــالنــفــتــاح فــقــط فــعــال تتحقق لــن اإن بل نتائج، اإليه فقط من انتهى ما وا�ستهالك تلك الفعالية �ستتحقق بالقدر الذي ي�ستوعب فيه اآخر، وعاملي؛ مبعنى اإن�ساين هو ما كل امل�سلمون الإ�سالم بها جاء التي الثالث النقالت تلك اأن تعر�ست للجمود بفعل انح�سارها يف دائرة الفهم الهوية من باأ�سكال وارتباطها "اجلزئي" للدين، فاإن ذلــك ومــن ال�ساذجة، وال�ستعالئية امليتة جتاوز الإ�سالم لأ�ساطري املكان والزمان والذاكرة يف حمالة ل �سي�سهم اجلامدة والأنانية ال�سيقة

تاأ�سي�س ح�سارة الرحمة.

تكمن أزمة النموذج الحداثي الغربي جوهريا

في انحالل وتفكك مرجعية

المعنى..

Page 62: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

62

حوار العددحوار العدد

اإلسـرتاتيجية وأبـعاد محـددات الثقــافية للعــالم اإلســـالمــي

حوار مع الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري املدير العام لإليسيسكو

حوار العددحوار العددحوار العدد

حاوره:عبد ال�صالم طويل

| العدد 36

�إطفاء �ملنظمة ل�شمعة يف هذ� �حلو�ر �لفكري �ل�شامل مع �لدكتور عبد �لعزيز بن عثمان �لتويجي �ملدير �لعام للإي�شي�شكو، ومبنا�شبة عقدها �لثالث، ت�شاءلنا مع ف�شيلته حول جملة من �لق�شايا �لتي تهم و�قع وم�شري عاملنا �الإ�شلمي يف ظل �ملتغري�ت و�لتحوالت �لكونية

وما �الإ�شلمي، للعامل �لثقافية �ال�شرت�تيجية �أبعاد وحمدد�ت قبيل: �لر�هنة؛ من و�البتكار" و"�إ�شرت�تيجية و�لتكنولوجيا للعلوم "�إ�شرت�تيجية من بها يت�شل لتطوير �لتقانة �الإحيائية يف �لعامل �الإ�شلمي"، و"�إ�شرت�تيجية لتدبري �ملو�رد �ملائية"، "و�إ�شرت�تيجية لتطوير �لطاقة �ملتجددة". كما ت�شاءلنا معه عن مدى �حلاجة �إىل بلورة و�عتماد "�شو�شيولوجيا �إ�شلمية" ت�شعفنا يف تف�شري وتغيري �أو�شاعنا �الجتماعية، وعن �ملوقف من �لدميقر�طية، ومن �حلر�ك �الجتماعي �لذي �شهدته �لعديد من �أقطار عاملنا �الإ�شلمي، كما ��شتف�شرنا معه عن حقيقة

م�شروع �لتقريب بني �ملذ�هب �الإ�شلمية �لذي ترعاه �ملنظمة..بني �لقائمة �لعلقة طبيعة عن �ل��وق��وف �حل��و�ر ه��ذ� يف حر�شنا وق��د

�الإي�شي�شكو و�الإلك�شو، وعن �حلقوق �لثقافية بني �لكونية و�خل�شو�شية، و�الأبعاد �حلقوقية و�لرتبوية مل�شروع �الإ�شلح؛ حيث �أكد

�الأ�شتاذ �لتويجري �أن تنفيذ م�شاريع �الإ�شلح �ل�شاملة منطلق من �الإ�شلمي، �لعامل دول يف و�لهيكلية �الأ�شا�س و�حل��ري��ات �الإن�شان حقوق �ح��رت�م دينية فري�شة ميثل بات و�جلماعات، للأفر�د وم�شوؤولية ح�شارية ور�شالة حياتية و�شرورة

جماعية م�شرتكة.

Page 63: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

63

حوار العدد

العدد 36 |

حوار العدد

الإ�صالمية امل��ن��ظ��م��ة ت��اأ���ص�����ص��ت اإن م��ا �وا�صتقرت وال��ث��ق��اف��ة، وال��ع��ل���م للرتبية ر�صمت حتى وجهتها، وات�صحت بنيتها، على العمل يف يتمثل كليا هدفا لنف�صها اإ�صالمي ح�صاري "م�صروع اأ�ص�س اإر���ص��اء واإ�صعاعها ريادتها الإ�صالمية لالأمة يعيد العديد لذلك ر�صدت وقد احل�صاري.."، من الإمكانات، وحددت العديد من الآليات، مقدمتها يف امل�صاريع، من العديد وبل�رت للعامل الثقافية لالإ�صرتاتيجية اعتمادها هذه ح�صيلة و�صلت اأين اإىل الإ�صالمي.. املع�قات اأه��م ه��ي وم��ا الإ�صرتاتيجية؟ الذاتية وامل��ص�عية التي اعرت�صتها؟ وما ال�صبيل اإىل تفعيلها التفعيل الأمثل يف ظل التح�لت التي تعرفها جمتمعاتنا العربية

والإ�صالمية ويعرفها العامل من ح�لنا؟والعلوم للرتبية الإ�سالمية املنظمة تاأ�سي�س جاء مايو �سهر من الثالث يف "اإي�سي�سكو"، والثقافة الذي عقد يف التاأ�سي�سي املوؤمتر 1982، يف �سنة مدينة فا�س، تعبريا عن الإرادة اجلماعية والآمال تعزيز يف �سة، املوؤ�س الأع�ساء للدول امل�سرتكة الرتبية جمــالت يف امل�سرتك الإ�ــســالمــي العمل التعاون تقوية ويف والت�سال، والثقافة والعلوم هذه يف الأع�ساء الــدول بني وتعميقه وت�سجيعه امليادين جميعا والنهو�س بها وتطويرها، يف اإطار �سوء ويف الإ�سالمي، للعامل احل�سارية املرجعية

القيم واملثل الإن�سانية ال�سامية.ولقد جاء يف ديباجة ميثاق الإي�سي�سكو اأن حكومات الدول الأع�ساء و�سعت هذا امليثاق، اإميانا منها مبا ميثله الإ�سالم، دين ال�سالم والت�سامح والنفتاح، من منهج للحياة وقوة روحية واإن�سانية واأخالقية وثقافية وح�سارية، كان لها ول يزال، اإ�سهام بناء ويف الإ�سالمي، العامل تكوين يف الأهمية، بالغ لتطلعات وا�ستجابة الإن�سانية، احل�سارة تقدم

الدول الأع�ساء واآمال الأمة الإ�سالمية يف حتقيق اإطار يف والزدهــار والتقدم والت�سامن التعاون العمل الإ�سالمي امل�سرتك، وا�ست�سرافا للتحديات املجالت يف ــاء الأعــ�ــس ــــدول ال تــواجــهــهــا الــتــي واإدراكا والت�سالية، والثقافية والعلمية الرتبوية والتقدم التنمية حتقيق يف املجالت هذه لأهمية املجيد، الأمــة تــراث تفريط يف والزدهـــار، دون العامل �سعوب جتمع التي الــوثــاق بالعرى ووعيا والقيم احل�سارة وحــدة يف املتمثلة الإ�ــســالمــي و�سعيا والثقافية، والأخالقية والروحية العقدية اإىل ت�سجيع التفاعل احل�ساري وتعزيز هذه العرى احل�سارية والثقافية والفكرية امل�سرتكة، وتفعيال ملبادئ الت�سامن والتكافل وامل�ساواة لتقوية التعاون والعلوم بالرتبية للنهو�س الأع�ساء ــدول ال بني

والثقافة والت�سال، بالو�سائل املالئمة كافة.ميثاق يف عــلــيــهــا املــنــ�ــســو�ــس الأهــــــداف ومـــن الإي�سي�سكو، والتي تعمل املنظمة من اأجل حتقيقها، وم�سروعاتها الثالثية العمل خطط خــالل مــن التي والإ�ــســرتاتــيــجــيــات واأن�سطتها وبــراجمــهــا يف الإ�سالمي القمة موؤمتر واعتمدها و�سعتها ال�سحيحة بال�سورة التعريف املتعاقبة، دوراتــه احلوار وت�سجيع الإ�سالمية، والثقافة لالإ�سالم بني احل�سارات والثقافات واأتباع الأديان، والعمل ومبادئ والــ�ــســالم الــعــدل ثقافة قيم ن�سر على احلرية وحقوق الإن�سان، وفقا للمنظور احل�ساري الإ�سالمي، وت�سجيع التفاعل الثقايف ودعم مظاهر تنوعه يف الدول الأع�ساء، مع احلفاظ على الهوية وتدعيم الفكري، ال�ستقالل وحماية الثقافية املتخ�س�سة املوؤ�س�سات مــع والتن�سيق التكافل جمالت يف الإ�سالمي، التعاون ملنظمة التابعة الدول وبني والت�سال، والثقافة والعلوم الرتبية الأع�ساء يف الإي�سي�سكو، وتعزيز التعاون وال�سراكة الهتمام وذات املماثلة احلكومية املوؤ�س�سات مع وخارجها، الأعــ�ــســاء الــــدول داخـــل املــ�ــســرتك، والهتمام بالثقافة الإ�سالمية واإبراز خ�سائ�سها

وضعت اإلستراتيجية

الثقافية للعالم اإلسالمي

األسس العامة لرسالة الثقافة في المجتمعات

اإلسالمية، وبسطت وظائفها ومهامها..

Page 64: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 6436

حوار العدد

والتعريف مبعاملها يف الدرا�سات الفكرية والبحوث العلمية واملناهج الرتبوية، ودعم جهود املوؤ�س�سات الدول يف للم�سلمني والثقافية والعلمية الرتبوية

غري الأع�ساء يف الإي�سي�سكو.ــو ــك ــس ــ� ــي ــس ــ� الإي اأعــــــــدت الإطـــــــــــار، هــــــذا ويف للعامل ال��ث��ق��اف��ي��ة )الإ���ص��رتات��ي��ج��ي��ة القمة مـــوؤمتـــر اعــتــمــدهــا ــي ــت ال الإ���ص��الم��ي( الإ�سالمي ال�ساد�س املنعقد يف داكار �سنة 1991، الثقافة لوزراء الرابع الإ�سالمي املوؤمتر و�سادق 2004، على جتديدها. �سنة املنعقد يف اجلزائر وهي اإحدى ال�سرتاتيجيات من جملة ثالث ع�سرة اآليات تنفيذها، و�سعتها املنظمة اإ�سرتاتيجية مع

وتعمل يف اإطارها.ــس ــ� ــس ــت هــــذه الإ�ــســرتاتــيــجــيــة الأ� ــع ــد و�ــس ــق لالإ�سالمي، الــعــامل يف الثقافة لر�سالة العامة املفاهيم و�سرحت ومهامها، وظائفها وب�سطت ـــددت املــ�ــســادر والأهــــداف، واخلــ�ــســائــ�ــس، وحجمالت ور�سمت واملو�سوعات، الق�سايا واأبرزت دور على ال�سوء واألقت التنفيذ، وو�سائل العمل و�سرورته اأهميته مــوؤكــدة التنمية، يف الثقافة هذه من الثقايف العمل قواعد واأر�ست وحيويته، لدور الــعــام ـــار الإط بــذلــك فاكتمل املنطلقات، الثقافة يف تنمية العامل الإ�سالمي �سكال وم�سمونا، ي�ستجيب الـــذي النحو على وتطبيقا، نظرية وهي طموحها، ويلبي الإ�سالمية الأمــة لتطلعات ما اأوفــر جديدة ح�سارية دورة ل�ستئناف تتهياأ عدة واأقــوى والرتابط، التما�سك من حظا تكون الثالثة، الألــفــيــة حتــديــات ملواجهة وا�ــســتــعــدادــا احل�ساري الــتــحــول مبقت�سيات وعــيــــا واأعــمــق املف�سي البناء التغيري �سرط هو الــذي الثقايف اإطار الهوية اآفاق التطور ورحاب التقدم، يف اإىل الثقافية الإ�سالمية، ويف دائرة الذاتية احل�سارية

الإميانية.التي تنفيذها واآلـــيـــات الإ�ــســرتاتــيــجــيــة ــهــذه وبالتزمت بها الدول الأع�ساء، انتقل العمل الثقايف

الإ�سالمي امل�سرتك، اإىل مرحلة التخطيط العلمي وامل�ستند امل�ستقبل، اآفاق ا�ست�سراف على القائم اإىل درا�سة معطيات الواقع الإ�سالمي، وا�ستغالل القدرات والإمكانات، وتوظيف الطاقات واملوارد، التطورات ودرا�سة وال�سعوبات، املعوقات وحتليل واملفاجاآت، الحتمالت ومواجهة وامل�ستجدات، وبذلك م�سدرها. كان اأيا للتحديات والت�سدي على امل�سرتك، الإ�سالمي الثقايف العمل ان�سجم الع�سر، اإيقاع الإ�سالمي، مع العامل م�ستوى دول وانفتح على م�ستجداته وتكيف مع واقعه، واندمج يف اإطار العمل الدويل يف جمال الثقافة، حمتفظـا متميزا مبــقــومــاتــه، حم�سنا بخ�سو�سياته،

ب�سماته.ون�ستطيع اأن نقول، ومن خالل اخلربات املرتاكمة "الإ�صرتاتيجية اإن لدينا، املكت�سبة والتجارب الأمــة ت�سع الإ�صالمي" للعامل الثقافية تاأكيد اجتـــاه يف الــطــريــق اأول على الإ�ــســالمــيــة واإثبات الإ�سالمية، الثقافية احل�سارية الذاتية الإن�سانية الثقافات مــع التعامل على الــقــدرة والتفاعل مع ق�سايا تياراتها وم�ساربها، مبختلف والتعاي�س ومو�سوعاتها، اجتاهاتها بكل الع�سر مع الإبداعات الفكرية والأدبية والفنية والإن�سانية دخل وبذلك والتميز. والتفوق القوة موقع من التخطيط الإ�سالمي ع�سرا جديدا قوامه العامل احلا�سر حتــديــات ودرا�ــســة للم�ستقبل، العلمي تعوق التي الثقافية امل�سكالت وحتليل وق�ساياه،

النمو الثقايف يف البلدان الإ�سالمية.

العلمي "املجتمع اأن وعيكم من انطالقا �الذي ي�ص�د فيه العلم ويعل� مقام العلماء، التنمية ويحقق احل�صارة ي�صنع الذي ه� العامل دع���مت ال�صاملة.."، مبدل�لتها الإ���ص��الم��ي، يف اأك���ر م��ن م��ن��ا���ص��ب��ة، ويف عام كمدير م�قعكم من �صياق، من اأك��ر والعل�م للرتبية الإ���ص��الم��ي��ة للمنظمة

تضع اإلستراتيجية الثقافية للعالم اإلسالمي األمة اإلسالمية على أول الطريق

في اتجاه تأكيد الذاتية الحضارية

والثقافية للمجتمعات اإلسالمية..

Page 65: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

65 العدد 36 |

حوار العدد

البحث اأمام الأب���اب "افتح�ا والثقافة: العلمي، اأف�صح�ا املجال للتط�ير والتجديد العلم اأ���ص��ال��ي��ب با�صتخدام وال��ت��ح��دي��ث اأكر العلم على اأنفق�ا نتائجه، وت�ظيف مما تنفق�ن على الرتفيه، وكرم�ا العلماء والتخ�ص�صات، واحل��ق���ل ال��ف��روع ك��ل يف واجعل�ا منهم جن�ما يف املجتمع حتى يك�ن التف�ق يف العل�م جمال للمناف�صة.." كيف اإ�صاعة اإىل ال�صبيل وما دع�تكم تلقي مت هذا ال�عي لدى النخب املعنية واإىل عم�م

ال�صع�ب العربية والإ�صالمية؟تويل املنظمة الإ�سالمية للرتبية والعلوم والثقافة اهتماما بالغا بن�سر الوعي العلمي والثقافة العلمية يف املجتمعات الإ�سالمية، وبت�سجيع الدول الأع�ساء على تعزيز قدراتها يف حقول العلوم والتكنولوجيا العلمي، البحث قواعد ترت�سخ بحيث والبتكار، لي�سبح ثقافة جمتمعية، وقوة دفع للتنمية ال�ساملة الإي�سي�سكو اأعــدت النطاق هذا ويف امل�ستدامة. والتكن�ل�جيا ال��ع��ل���م )اإ���ص��رتات��ي��ج��ي��ة والبتكار( التي اعتمدها موؤمتر القمة الإ�سالمي و�سادق ،1997 �سنة طهران يف املنعقد الثامن العايل التعليم لــوزراء الرابع الإ�سالمي املوؤمتر 2008 على �سنة باكو املنعقد يف العلمي والبحث جتديدها. وتتكامل هذه الإ�سرتاتيجية اإ�سرتاتيجيتني مـــع

الإ�سالمي الــقــمــة مــوؤمتــر اعتمدهما اأخــريــني هما: ،2003 �سنة ماليزيا يف املنعقد العا�سر الإحيائية التقانة تط�ير )اإ�صرتاتيجية و)اإ�صرتاتيجية الإ���ص��الم��ي(، ال��ع��امل يف تدبري امل�ارد املائية يف العامل الإ�صالمي(، تط�ير )اإ�صرتاتيجية ذلـــك اإىل يــ�ــســاف الإ�صالمي( العامل يف املتجددة الطاقة لوزراء الثالث الإ�سالمي املوؤمتر اعتمدها التي وهذه .2008 �سنة الــربــاط يف املنعقد البيئة الإ�سرتاتيجيات العلمية الأربع، ت�سكل اإطارا وا�سعا للتعاون يف جمالت العلوم والتكنولوجيا والبتكار، على خمتلف امل�ستويات. وهي جميعها تفتح الآفاق قدراتها لتعزيز الأع�ساء، الــدول اأمــام الوا�سعة العلمية الــقــاعــدة ــة ــام ولإق والتقانية، العلمية الرا�سخة للتقدم يف م�سمار البحث العلمي املنتج

للتنمية ال�ساملة املتكاملة امل�ستدامة.الوعي بن�سر تكتفي ل الإي�سي�سكو فــاإن وهكذا، من الرغم على والبتكار، والتكنولوجيا بالعلوم وتر�سيخه، الوعي هذا لإ�ساعة البالغة الأهمية ولكنها تنفذ املئات من الربامج والأن�سطة العلمية الأع�ساء الدول منها ت�ستفيد التي الأر�ــس، على املنظمات من وا�سعة �سبكة مع وتتعاون كافة، تنفيذ يف اليون�سكو، منها املقدمة ويف الدولية، العلمية الخت�سا�سات نطاق يف تدخل اأن�سطة اإىل اإ�سافة واليون�سكو، الإي�سي�سكو للمنظمتني

الدائمة اللجنة مــع القائم التعاون

المغفور له الملك الحسن الثاني، رحمه اهلل، هو الذي أطلق على

اإليسيسكو عبارة "الضمير الثقافي للعالم

اإلسالمي"..

للمنظمة امل��رك��زي امل��ق��ر مبنى للرتبية والثقافة والعلوم الإ�صالمية

الرباط املغربية بالعا�صمة

Page 66: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 6636

حوار العدد

للتعاون العلمي والتكنولوجي "كوم�ستيك" التابعة ملنظمة التعاون الإ�سالمي.

� جند لديكم وعيا مبكرا باأهمية املدخلني؛ القيمي بعديهما يف واحلق�قي الرتب�ي من م�صروع اأي لنجاح ك�صرط وال�ظيفي منظمتكم ت�صخي�س ما الإ�صالح. م�صاريع التي التاريخية التح�لت ه��ذه جلملة تعرفها منطقتنا العربية؟ وكيف �صتتحدد الثقافية والعلمية والرتب�ية ا�صتجابتكم

لها؟الإ�سالح هو امل�سروع احل�ساري للعامل الإ�سالمي، امل�ستقبل، وهو منظومة متكاملة يف احلا�سر ويف والعلمية واحلقوقية الــرتبــويــة العنا�سر جتمع والتقانية والثقافية، فاإن فقد عن�سر واحد منها، �سروط من لزم �سرط هو الــذي الــتــوازن اختل كان واإن املجالت. خمتلف يف والتقدم النه�سة الأوىل املرحلة يف الرتبوي العن�سر على التاأكيد احلقوقي، العن�سر تفعيل اإطــار يف لالإ�سالح، التي املــلــحــة الــ�ــســرورات مــ�ــســتــوى اإىل يــرتــقــي خمــارج عــن الــبــحــث �ــســيــاق يف نف�سها تــفــر�ــس لالأزمة احل�سارية التي تعي�سها الأمة الإ�سالمية. احلقائق هذه ا�ستوعبت التي الــدول فاإن ولذلك وا�ستجابت للمتطلبات الإ�سالحية امل�سروعة، هي القائمة امل�ساكل على تتغلب اأن ا�ستطاعت التي اإىل وت�سل الأزمـــة، من خمرجا لنف�سها وجتــد �سمان الفر�س املواتية ل�ستكمال عملية الإ�سالح

يف ماأمن من املخاطر.الإ�سالح م�ساريع تنفيذ فـــاإن حـــال، كــل وعــلــى من الإ�سالمي، العامل دول يف والهيكلي ال�سامل منطلق احرتام حقوق الإن�سان واحلريات الأ�سا�س و�سرورة دينية فري�سة واجلــمــاعــات، لــالأفــراد جماعية وم�سوؤولية ح�سارية ور�ــســالــة حياتية

م�سرتكة.

التاريخية املرحلة طبيعة اأن ترون األ �تقت�صي، باتت جمتمعاتنا جتتازها التي اأكر من اأي وقت م�صى، بل�رة "�ص��صي�ل�جيا وتف�صري ا�صتيعاب على ق��ادرة اإ�صالمية" واقعنا، ي�صهدها التي التح�لت جممل وتر�صيد حت��دي��د يف ل��الإ���ص��ه��ام كمقدمة ونه�صتها الأم��ة م�صرية يعزز مبا وجهتها

احل�صارية ال�صاملة؟يف ال�سوؤال، يف ــواردة ال الأ�سا�س الفكرة اأخل�س احل�صاري(. البناء )جتديد واحــدة: عبارة ويل كتاب يحمل عنوان: )يف البناء احل�صاري اإثنا الآن حتى منه �سدر الإ�صالمي( للعامل اللغة اإىل ترجم منها الأول اجلزء جزءا، ع�سر التجديد مفهوم اأبعاد فيه تناولت الإجنليزية، احل�ساري، بالدرا�سة والتحليل من جوانب خمتلفة ومن خالل ممار�سات واقعية، ت�ستند اإىل جتربتي يف العمل الإ�سالمي امل�سرتك، على مدى اأكر من ربع قرن، اأو جتديد البناء احل�ساري بالأ�سح. وقد بتاأ�سيل اهتموا الذين الأوائل املفكرين من كنت وتقعيده. احلــ�ــســاري( البناء )جتــديــد مفهوم ون�سرت يل درا�ــســات وبــحــوث عــديــدة حــول هذا والذي اإليه امل�سار ال�سخم الكتاب عدا املفهوم نعمل الإي�سي�سكو يف ونحن تباعا. اأجزاوؤه ت�سدر وهو األ املــدى، بعيد اإ�سرتاتيجي هدف اأجل من جتديد احل�سارة الإ�سالمية، من خالل التحديث والتجديد والتعليمية، الرتبوية والنظم للمناهج للطرق وللو�سائل واآليات التنفيذ، والتطوير للروؤى للتوجهات والرت�سيد والت�سورات، وللمفاهيم ولالختيارات من منطلق القيم الإ�سالمية احلاكمة

للفكر البناء املبدع للح�سارة وللتقدم.

ت�ص�ر وت��ب��ن��ي ب��ل���رة يف ج��ه��دمت � ل��ق��د مقا�صدي؛ وظيفي واإجرائي للدميقراطية واملعيارية، القيمية لأبعادها وعيكم رغم

اإلصالح هو المشروع الحضاري للعالم اإلسالمي،

وهو منظومة متكاملة تجمع العناصر التربوية

والحقوقية والعلمية والتقانية

والثقافية..

Page 67: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

67 العدد 36 |

حوار العدد

وخل�صتم التاريخية، ون�صبيتها ولتناق�صاتها �صيا�صيا "نظاما باعتبارها اإليها النظر اإىل بلدان يف ال�اقع مع للتكيف قابال اإجرائيا حيث م��ن يتعار�س ل الإ���ص��الم��ي، ال��ع��امل اجل�هر والق�صد.. مع مبادئ ال�ص�رى والعدل وامل�صاواة والكرامة الإن�صانية.." غري اأن هذا الت�ص�ر ل زال ي�صك� من وج�د ممانعة �صديدة على م�صت�ى الثقافة ال�صيا�صية ال�صائدة لدى من ال�صرعية بال�صيا�صة املهتمني من العديد اأن ملنظمتكم ميكن كيف "�صلفي". منظ�ر الت�ص�ر بهذا ال�عي اإ�صاعة يف دوره��ا تعزز املقا�صدي وال�ظيفي للدميقراطية يف �صلتها

بال�ص�رى؟الدميقراطية نظام من الأنظمة التي توافقت عليها دول العامل املعا�سر لإدارة ال�سوؤون العامة للمجتمعات ومن والغايات، املقا�سد حيث من وهي الب�سرية. حيث العمق، ل تتعار�س مع مقا�سد ال�سورى. ولذلك �سيا�سي نــظــام هــي مــن حيث الــدميــقــراطــيــة فـــاإن يف الأو�ــســاع مع للتكيف قابل وحقوقي واجتماعي العامل الإ�سالمي، فاإنها اإطار متكامل للتقدم وللبناء ازدهار احلياة. لالإبداع يف ووعاء منا�سب والنماء، روعــي يف اإذا الأمـــان، �سمام كله، ذلــك اإىل وهــي تطبيقها اللتزام بال�سوابط والأحكام ال�سرعية غري القابلة للت�سرف اأو التعديل طبقـا للن�سو�س قطعية

الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجرياملدير العام للمنظمة الإ�سالمية للرتبية والعلوم والثقافة

- ISESCO اإي�سي�سكو -م. ��ولد�يف�الريا�ض�باململكة�العربية�ال�سعودية�يف���1950/4/3

م�من�جامعة�اأوريجون� ��ح�سل�على�درجة�الدكتوراه�يف�املناهج�عام���1982بالوليات�املتحدة�الأمر�يكية.

�����سغل�العديد�من�املنا�سب�العلمية�والإدارية�منها:�مدير�عام�م�ساعد�يف�الثقافة�باملنظمة�الإ�سالمية�للرتبية�والعلوم�والثقافة� ��

)1991-1985م(.انتخب�بالإجماع�مديرا�عاما�للمنظمة�الإ�سالمية�للرتبية�والعلوم�والثقافة� ��نوفمرب� يف� املنعقدة� الرابعة� دورت��ه� يف� للمنظمة� العام� املوؤمتر� قبل� من�

1991م�مبدينة�الرباط.ع�سو�الهيئة�ال�ست�سارية�ملو�سوعة�احل�سارة�العربية�الإ�سالمية. ��

ع�سو�اللجنة�الإ�سالمية�العاملية�للحوار. ��

الأوروبي�يف�باري�ض. ع�سو�جمل�ض�الأمناء�ملركز�الدرا�سات�العربية�– ��املدير�امل�سوؤول�ملجلة�الإ�سالم�اليوم�الإ�سالمية�الأكادميية. ��

حا�سل�على�العديد�من�اجلوائز�التقديرية�والأو�سمة. ��

من اأعماله الفكرية والثقافية: ��

كتب: ��

• احلوار�من�اأجل�التعاي�ض�)باللغة�العربية(.• يف�البناء�احل�ساري�للعامل�الإ�سالمي�– يف��ستة�اأجزاء�بالعربية�– )ترجم�اجلزء�

الأول�اإىل�الإجنليزية(.• تاأمالت�يف�ق�سايا�معا�سرة�)باللغة�العربية(.

درا�سات: ��

والإجنليزية� )بالعربية� امل�ستقبل� وا�سرتاتيجية� الإ���س��الم��ي� ال��ع��امل� اأو���س��اع� •والفرن�سية(.

)بالعربية� الإ�سالمي� العامل� يف� تنميتها� يف� الإي�سي�سكو� ودور� الجتماعية� العلوم� •والإجنليزية�والفرن�سية(.

والثقافية� والعلمية� الرتبوية� اآفاقه� يف� الإ�سالمي� العامل� وم�ستقبل� الإي�سي�سكو� •)بالعربية�والإجنليزية�والفرن�سية(.

والإجنليزية� )بالعربية� احل�����س��اري� ال��ت��ح��دي� م��واج��ه��ة� يف� الإ���س��الم��ي��ة� الأم���ة� •والفرن�سية(.

• الرتبية�ال�سيا�سية�يف�الإ�سالم�)بالعربية�والإجنليزية�والفرن�سية(.• مفهوم�التنوير�يف�الت�سور�الإ�سالمي�)بالعربية�والإجنليزية�والفرن�سية(.

• العوملة�واحلياة�الثقافية�يف�العامل�الإ�سالمي�)بالعربية�والإجنليزية�والفرن�سية(.والإجنليزية� )بالعربية� امل�ستقبل� واآف����اق� الإ���س��الم��ي��ة� احل�����س��ارة� خ�سائ�ض� •

والفرن�سية(.• �سراع�احل�سارات�يف�املفهوم�الإ�سالمي�)بالعربية�والإجنليزية�والفرن�سية(.

Page 68: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 6836

حوار العدد

نعمل في اإليسيسكو

من أجل هدف إستراتيجي بعيد المدى يتمثل في تجديد الحضارة

اإلسالمية..

الدللة.

� �صبق اأن دع�مت اإىل �صرورة "اإدماج مفه�مي اخل�ص��صيات واح��رتام الثقافية احلق�ق لفل�صفة امل�ؤ�ص�صة العنا�صر �صمن الثقافية لديكم تتحدد كيف الإن�صان"، ح��ق���ق العالقة اجلدلية بني الك�ين واخل�ص��صي؟ من باخل�ص��صية الناأي اإىل ال�صبيل وما ينايف وحتجر نك��س عامل اإىل الأيل�لة الك�نية م�صت�ى اإىل الرت��ق��اء ويعيق واحل�صارة الإن�صانية احل�صارة متيز التي

الإ�صالمية ب�جه خا�س؟من تنبع الب�سرية للمجتمعات الثقافية احلقوق والروحية. واحل�سارية الثقافية خ�سو�سياتها والقانون الدويل يعرتف لالأمم وال�سعوب باحلقوق الثقافية. التعددية احــرتام منطلق من الثقافية يتجزاأ ل الثقافية، هي جزء فاإن احلقوق ولذلك واحلماية الحــرتام الواجبة الإن�سان حقوق من الثقافية باحلقوق يعرتف والإ�ــســالم واملــراعــاة.

لالأمم وال�سعوب ويح�س على حمايتها، باحرتامه للتعددية الثقافية واحل�سارية.

ال�صعف "من�صاأ اأن اإىل خل�صتم اأن �صبق �ال���ع���ام ال����ذي ي��ع��رتي ال��ك��ي��ان ال��ع��رب��ي ازده���ار ي��ح���ل دون وال����ذي الإ���ص��الم��ي دورتها، وا�صتئناف الإ�صالمية احل�صارة احل�صارية الأزم����ة اإىل اأف�����ص��ى وال���ذي وج�هه، اأب��رز يف يع�د، ال�صامل، باملعنى اإىل اأننا يف جمتمعاتنا العربية الإ�صالمية حياة ونحيا متغايرين، جمتمعني نعي�س الفكر يف متغايرة اأمن���اط ب��ني منف�صلة وال�صل�ك والن�صاط الجتماعي والعالقات التنظيمية والأب���ن���ي���ة الج��ت��م��اع��ي��ة يف راأ�صيا �صرخا يقيم وه��ذا وامل�ؤ�ص�صات، كل وي�صع وق���اه، اأبنيته يف�صم املجتمع، اأولئك يف ت�صاد وتعار�س بع�صهم مع بع�س"، اإىل يذهب ال��ذي ال���راأي م��ن م�قفكم م��ا ت�صهده باتت الذي التاريخي احلراك اأن

د. عبد العزيز التويجري يف مكتبه مبقر الإي�صي�صكو

Page 69: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

69 العدد 36 |

حوار العدد

معظم جمتمعاتنا العربية الإ�صالمية ميثل واإرادة حركية وان�صجام لت�حد ع���دة الأمة بفعل حركية �ص�ادها الأعظم، وه� وح�صاريا تاريخيا جتاوزا ي�صكل �ص�ف ما حلالة التمزق والن�صطار الذي طاملا عانت

منه اأمتنا؟ ال�سعوب تعي�سه الــــذي الجــتــمــاعــي احلــــراك �سحية ظاهرة هو املرحلة، هــذه يف الإ�سالمية بقدر معها التجاوب ت�ستدعي الأحـــوال، جل يف كبري من اليقظة النابعة من الإح�سا�س بامل�سوؤولية الجتماعي احلــراك هــذا �سار فــاإذا اجلماعية. العقل ينحرف عن جادة ال�سليم، ومل الجتاه يف ينح ومل املــعــتــربة، العامة وامل�سلحة واحلكمة التغيري اإحــداث اإىل انتهى والتطرف، الغلو اإىل احل�ساري الذي ينقل الأمة الإ�سالمية من مرحلة مرحلة اإىل والــتــمــزق، والــوهــن بال�سعف تت�سم احلرة، للحياة املو�سوعية ال�سروط فيها تتوافر الدول م�ساف اإىل والرتــقــاء الــكــرمي، والعي�س

املتقدمة.

من الإ���ص��الم��ي عاملنا يعرفه م��ا ظ��ل يف �وا�صتجابة واأزمات.. ومفارقات تناق�صات احل�صارة "ع�دة اأن على تاأكيدكم م��ع اإغناء يف دورها ا�صتئناف اإىل الإ�صالمية �صرورة ميثل( )بات املعا�صرة، احل�صارة ور�صالة دي��ن��ي��ة، وف��ري�����ص��ة اإن�����ص��ان��ي��ة، عن نتحدث اأن لنا يحق هل ح�صارية.." معا�صرة" متتلك اإ�صالمية "ح�صارة وج�د يف زلنا ل اأننا اأم التاريخي؟ التاأثري ق�ة

مرحلة البناء التمهيدي لهذه احل�صارة؟تبا�سري ميالد فجر احل�سارة الإ�سالمية اجلديدة، تبدو يف الأفق البعيد، يراها حكماء الأمة وعقالوؤها ممن ي�ست�سرفون امل�ستقبل. ولكن لبد من الإقرار باأن دون ا�ستئناف دورة ح�سارية اإ�سالمية جديدة،

�سعاب وعراقيل وم�سقات، ل ميكن التغلب عليها الأمل، العزمية، وقوة الإرادة، و�سدة اإل ب�سالبة اجلهود وت�سافر وتوحيدها ال�سفوف جتميع مع جتتمع التي ال�سامية الأهـــداف لبلوغ وتكاملها، حولها اإرادة الأمة الإ�سالمية. والأمر يتوقف على

�سدق النوايا و�سالمة الطوايا يف املقام الأول.

� اإىل اأي حد ا�صتطاعت منظمتكم اأن متثل بالفعل ما عرب عنه العاهل املغربي الراحل للعامل الثقايف ب�"ال�صمري الثاين احل�صن نظركم، وجهة من هي، وما الإ�صالمي"؟ با�صتمرار الكفيلة امل�صتجدة امل�صتلزمات للعمل وفاعال جامعا اإط��ارا الإي�صي�صك� الرتب�ية املجالت يف امل�صرتك الإ�صالمي والعلمية والثقافية والت�صالية والبيئية واملتغريات التحديات خمتلف م�اجهة يف

الدولية؟الــثــاين، رحــمــه اهلل، كــان جــاللــة املــلــك احل�سن )ال�سمري عبارة الإي�سي�سكو على اأطلق الذي هو ا�ستقبال مبنا�سبة الإ�ــســالمــي(، للعامل الثقايف الثاين الإ�سالمي املوؤمتر وفــود لروؤ�ساء جاللته لوزراء الثقافة، يف الق�سر امللكي مبدينة مراك�س التي اجلامعة الدالة العبارة وهي .1998 �سنة اأهدافها تعرب بحق، عن فل�سفة الإي�سي�سكو، وعن التي تعمل لتحقيقها، وعن مكانتها يف �سمري الأمة ونتمثلها العبارة، بهذه نعتز ونحن الإ�سالمية. الإي�سي�سكو يف عملنا يكون لأن ون�سعى دائما،

من�سجما متاما معها.

اإ�صرتاتيجية منظمتكم ت��ب��ن��ت ل��ق��د �الإ�صالمية املذاهب بني للتقريب ج�ص�رة حتقيقا ملبداأ ال�حدة لإ�صالمية اجلامعة. م��ا ه��ي اأه����م م��ن��ط��ل��ق��ات وم��ق��ا���ص��د ه��ذه مع�قاتها؟ اأب��رز هي وما الإ�صرتاتيجية؟

يعترف اإلسالم بالحقوق الثقافية لألمم والشعوب

ويحض على حمايتها، من

منطلق احترامه للتعددية الثقافية

والحضارية

Page 70: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 7036

حوار العدد

واإىل اأين و�صلت؟لإ�سرتاتيجية الإعـــداد يف الإي�سي�سكو انطلقت اقتناعها من الإ�سالمية، املذاهب بني التقريب ونبذ ال�سمل للم امل�ساعي بذل ب�سرورة العميق ملواجهة الطاقات وتعبئة امل�سلمني بني الفرقة الإ�سالمية الأمــة �سبيل تعرت�س التي التحديات املبنية وال�سعورية والعقدية الثقافية الوحدة نحو يف و�ــســارك الإ�ــســالمــي. الت�سامن قــاعــدة على اإعداد هذه الإ�سرتاتيجية علماء ومفكرون ومفتون وعقدت الثمانية. الإ�سالمية املــذاهــب ميثلون التقريب بني ــدوة ن مــن دورتـــان الــربــاط هنا يف اأخريان ـــان دورت وعــقــدت الإ�سالمية، املــذاهــب العنا�سر فتجمعت ودم�سق، القاهرة من كل يف الإ�سرتاتيجية لإعداد العلمية وال�سروط املنهجية العا�سر الإ�سالمي القمة موؤمتر اإىل قدمت التي عنه �سدر الذي ،2003 �سنة ماليزيا يف املنعقد قرار باعتمادها. وقد ت�سكل يف اإطار اآليات تنفيذ الأعلى ال�ست�ساري املجل�س الإ�سرتاتيجية، هذه هذا وعــقــد الإ�ــســالمــيــة. املــذاهــب بــني للتقريب املجل�س ثالثة اجتماعات له يف الرباط يف ال�سنوات 2007 و2008 و2011. وي�سم هذا املجل�س �سفوة

من العلماء واملفتني واملفكرين واأ�ساتذة اجلامعات تنفيذ اآلــيــات مــن اآلــيــة فاعلة وهــو الإ�ــســالمــيــة.

ا�سرتاتيجية التقريب بني املذاهب الإ�سالمية.م�سروع اأن جيدا، نــدرك الإي�سي�سكو يف ولكننا تنفيذه دون الإ�سالمية، املــذاهــب بني التقريب بع�س به تقوم ما منها كثرية، عراقيل بالكامل ون�سر الفتنة لــزرع تخريبي ن�ساط من اجلهات اهلل، ر�ــســول �سحابة على والــتــطــاول ال�سبهات املوؤمنني، اأمهات وزوجاته و�سلم، عليه اهلل �سلى �ستى، بو�سائل اأجمعني، وعنهن عنهم اهلل ر�سي تتخ�س�س التي الف�سائيات خالل من خ�سو�سا وعــن طريق املــغــر�ــســة، هــذه احلــمــالت �سن يف املن�سورات لبع�س ــجــاين امل ــع ــوزي ــت وال الــنــ�ــســر

القارئ، على واملدل�سة للحقائق املزيفة املغر�سة الأو�ساط يف ال�سيعي املذهب ن�سر على والعمل اأهداف باأ�ساليب وطرق تتعار�س كلية مع ال�سنية الإ�سالمية. املذاهب بني التقريب اإ�سرتاتيجية ومع ذلك فنحن م�سممون، بعون من اهلل تعاىل، الإ�سرتاتيجية هذه تفعيل يف العمل موا�سلة على وتنفيذها يف واقع العامل الإ�سالمي، لتقوية الكيان الإ�سالمي الكبري، ولإبعاد الأمة عن مزالق التفرقة

والطائفية ومهاوي اخلالفات املدمرة.

اأن هناك تقاطعا وظيفيا كبريا � املالحظ طبيعة م��ا والأل��ك�����ص���. الإي�صي�صك� ب��ني العالقة التي تربط بني املنظمتني؟ وكيف والتكامل والتعاون التفاعل تعزيز ميكن اجله�د تتكرر ل حتى بينهما والتن�صيق

وت�صيع؟والعلوم للرتبية الإ�سالمية املنظمة بــني تربط للرتبية العربية واملنظمة "اإي�سي�سكو"، والثقافة يتم للتعاون اتفاقية "األك�سو"، والعلوم والثقافة تتجدد للتعاون ــة دوري برامج تنفيذ اإطــارهــا يف اإطار يف تدخل اأن�سطة على ت�ستمل با�ستمرار، املنظمتني واأهـــداف امل�سرتكة. اخت�سا�ساتهما الإ�سالمية والعربية، تتكامل، وجهودهما تت�سافر. دولة وع�سرين اثنتني متثل الألك�سو كانت ولئن اأع�ساء يف جامعة الدول العربية، فاإن الإي�سي�سكو متثل خم�سني دولة من الدول الأع�ساء يف منظمة التعاون الإ�سالمي. وعالقات التعاون بني املنظمتني الإ�سالمي العربي العمل اإطــار يف للتعاون مثال امل�سرتك خلدمة اأهداف التنمية الرتبوية والعلمية تتمكن اأن واأمتنى الإ�سالمي. للعامل والثقافية وتقوية جهودها تعزيز مــن الألك�سو ال�سقيقة العامل يف الكبرية التحديات ملواجهة ن�ساطها

العربي.

الديمقراطية المتمثلة لروح

اإلسالم تشكل إطارا متكامال للتقدم وللبناء والنماء، ووعاء

مناسبا لإلبداع في ازدهار الحياة، وصمام أمان..

Page 71: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

71 العدد 36 |

حوار العدد

فج�سم مت��ام��ا، ك��الإن�����س��ان وروح، ج�سم ح�����س��ارة "لكل العمارات م��ن امل���ادي���ة م��ن��ج��زات��ه��ا يف يتمثل احل�����س��ارة ومتاع العي�ش رفاهية عن ينبئ ما وكل والآلت، وامل�سانع جمموعة فهو احل�سارة روح اأم��ا وزينتها، الدنيا احلياة التي تتج�سد يف �سلوك العقائد واملفاهيم والآداب والتقاليد ونظرتهم ببع�ش، بع�سهم وعالقاتهم واجلماعات، الأفراد اإىل الدين واحلياة، والكون والإن�سان، والفرد واملجتمع. ومن

تلك العنا�سر تت�سكل خ�سائ�ش احل�سارة الإ�سالمية.تك�سبها خ�سائ�ش بخم�ش الإ�سالمية احل�سارة وتتفرد يف املتعاقبة الإن�سانية احل�سارات بني لها املميز الطابع

املا�سي ويف احلا�سر على ال�سواء. وهي:اخلا�صية الأوىل: اأنها ح�سارة اإميانية، انبثقت من العقيدة مبادئها وت�سربت م�سامينها فا�ستوعبت الإ���س��الم��ي��ة، من انطلقت توحيدية ح�سارة فهي ب�سبغتها، وا�سطبغت الإميان باهلل الواحد الأحد، البارئ امل�سور، مبدع ال�سماوات الإن�سان خالق والظاهر، الباطن والآخ��ر، الأول والأر���ش، واملخلوقات جميعا. هي ح�سارة من �سنع الب�سر فعال، ولكنها ذات منطلقات اإميانية ومرجعية دينية، كان الدين احلنيف

من اأقوى الدوافع اإىل قيامها واإبداعها وازدهارها.يف عاملية املنزع اإن�سانية ح�سارة اأنها الثانية: اخلا�صية بجن�ش ول جغرايف، باإقليم ترتبط ل وامتداداتها، اآفاقها ال�سعوب جميع حتتوي ولكنها تاريخية، مبرحلة ول ب�سري، فهي والأ�سقاع، البقاع خمتلف اإىل اآثارها وت�سل والأمم، كل ثمارها ويجني جميعا، الب�سر بظاللها ي�ستظل ح�سارة على قامت الإ�سالمية فاحل�سارة عطاوؤها. اإليه ي�سل من اأ�سا�ش العتقاد باأن الإن�سان اأهم خملوقات اهلل، واأن جميع الأن�سطة الب�سرية لبد واأن توؤدي اإىل �سعادته ورفاهيته، واأن كل عمل يق�سد به حتقيق هذه الغاية، هو عمل يف �سبيل اهلل،

اأي عمل اإن�ساين يف املقام الأول.واقتب�ست اأخ��ذت معطاء؛ ح�سارة اأنها الثالثة: اخلا�صية �سعوب عرفتها التي الإن�سانية والثقافات احل�سارات من

والفن واملعرفة بالعلم زاخرا واأعطت عطاء القدمي، العامل والف�سيلة وامل�ساواة والعدل اخلري وبقيم الراقي الإن�ساين واجلمال. وكان عطاوؤها لفائدة الإن�سانية جمعاء، ل فرق بني عربي وعجمي، اأو اأبي�ش واأ�سود، بل ل فرق بني م�سلم وغري والو�سعية، ال�سماوية الديانات اأتباع اأكان من �سواء م�سلم، ظل يف يعي�سون كانوا �ستى اأق��وام من لهم دين ل ممن اأم

احل�سارة الإ�سالمية.اخلا�صية الرابعة: اأنها ح�سارة متوازنة؛ وازنت بني اجلانب الروحي وبني اجلانب املادي، يف اعتدال هو طابع من طوابع الإ�سالمية يف وميزة من مزايا احل�سارة الإ�سالمي، الفكر كل الع�سور، فال تفريط ول اإفراط، ول غلو بغري وجه حق، ول اندفاع يف تهور، واإمنا هو العتدال الذي هو من �سميم

العدالة التي تقام يف ظله موازين الق�سط.على احلياة بقاء باقية ح�سارة اأنها اخلام�صة: اخلا�صية على قامت الذي الإ�سالم بقاءها من ت�ستمد الأر���ش، وجه اأ�سا�ش مبادئه، وقد تكفل اهلل تعاىل بحفظ الدين احلنيف. فاحل�سارة متفردة، خ�سو�سيات ذات ح�سارة بذلك وهي الإ�سالمية ل ت�سيخ لتنقر�ش، لأنها لي�ست ح�سارة قومية، ول والإ�سالم ل الإن�سانية، الفطرة بعن�سرية، ول هي �سد هي يتمثل يف امل�سلمني يف كل الأحوال، لأن امل�سلمني قد ي�سعفون ي�سعف ل الإ�سالم ولكن تاأثريهم، ويرتاجع نفوذهم ويقل ول يقل نفوذه ول يرتاجع تاأثريه، وهي بذلك ح�سارة دائمة

الإ�سعاع تتعاقب اأطوارها وتتجدد دوراتها.وهذه اخل�سائ�ش اخلم�ش تكت�سب طابع الدميومة وال�ستمرار، بها، ول�سيقة نابعة منها، لأنها الدين احلنيف، من مبادئ وهي بذلك مبثابة اجلوهر النفي�ش الذي ل يتبدل ول يتغري، نوازع الإ�سالمية املجتمعات وجتاذبت الأحوال، تبدلت واإن

القوة وال�سعف، وال�سطوع والأفول، والتما�سك والنهيار.واآفاق الإ�سالمية احل�سارة "خ�سائ�ش التويجري، عثمان بن العزيز عبد د.

�ش: ،2002 الرباط، اجلديدة، املعرف مطبعة الإي�سي�سكو، من�سورات امل�ستقبل"،

.18-16

خ�صائ�س احل�صارة الإ�صالمية

Page 72: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 7236

علم مقـــاصد الشريعةوواجـــــب التجـديـد

درا�سات امللف

املقا�صدي ال��ف��ك��ر وم��ن��ط��ل��ق��ات اأ���ص�����س �

ع��ن��د ع�����ل��م��اء امل��������ال��ك��ي��ة ب��الأن�����دل�����س-مرحلة ما قبل ال�صاطبي-

جانبي م���ن ال��ك��������ل��ي��ات ح�����ف��ظ ن��ظ�����ري��ة �

ال�������ج�������د وال������ع������دم ف���������ي ال������������اق���ع امل�������ع���ا����ص���������������ر: درا������ص�����ة م��ق��ا���ص��دي��ة

ال�ج���د بني املح�صة واملفا�صد امل�صالح �

املفه�م يف ن��ق��دي��ة -درا����ص���ة والع����دم والنتائج-

م���ن جت��ل��ي��ات ال���ت���داخ���ل ب���ني الأ����ص����ل �

يف نظرة ال�ص��اطب��ي: عن�د والت�ص���ف املق�ا�ص�د اجلمالي��ة

�ص�ء يف الجتماعية بالرعاية النه��س �

مقا�صد ال�صريعة الإ�صالميةفل�صفية- م��ق��ارب��ة ال��ع��م��ران: م��ق��ا���ص��د �

تاريخية

ددلع الفم

Page 73: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

73 العدد 36 |

التي يحتلها بالأهمية اخلا�سة للعلماء املحمدية الرابطة وعيا من للعلوم العامة اخلريطة �سمن الإ�سالمية ال�سريعة مقا�سد علم الإ�سالمية، وهي الأهمية التي تنبع من كونه اأكر العلوم الإ�سالمية واملعرفة خا�س بوجه الإ�سالمية للمعرفة املنهاجي بالبناء �سلة اأهلية الإ�سالمية العلوم اأكر كونه من وكذا عام، بوجه الإن�سانية ل�ستنباط وبناء كليات هذا الدين اخلامت الذي يتجدد بتجدد العلوم

واملناهج والواقعات..وعيا منها بكل ذلك، فقد اعتزمت جتديد النظر يف علم املقا�سد دولية ندوة "الإحياء" تتو�سطهما مبجلة علميني ملفني خالل من الكوين وال�سياق ال�سريعة "مقا�سد بعنوان: املو�سوع نف�س حول من املتخ�س�سني الباحثني من متميزة نخبة مب�ساركة املعا�سر"

خمتلف اأنحاء العامل الإ�سالمي..املقا�سدية املاأدبة هذه عليكم نقرتح اأن لنا يطيب امللف هذا ويف التي اأ�سهم فيها كل من الأ�ستاذ عبد الكرمي بناين بدرا�سة بعنوان: بالأندل�س: املالكية املقا�سدي عند علماء الفكر "اأ�س�س ومنطلقات

بدرا�سته �سهيد احل�سان والأ�ــســتــاذ ال�ساطبي"، قبل ما مرحلة

يف والعدم الوجود جانبي من الكليات حفظ "نظرية املو�سومة:

الواقع املعا�سر: درا�سة مقا�سدية.."، والأ�ستاذ ه�سام تهتاه بدرا�سة

حول "امل�سالح واملفا�سد املح�سة بني الوجود والعدم: درا�سة نقدية

يف املفهوم والنتائج.."، والأ�ستاذ اإدري�س الرتكاوي بدرا�سة بعنوان:

"من جتليات التداخل بني الأ�سول والت�سوف عند ال�ساطبي:نظرة بدرا�سة بنجلون الرحيم عبد والأ�ستاذ اجلمالية"، املقا�سد يف

مقا�سد �سوء يف الجتماعية بالرعاية "النهو�س مو�سوع تناولت

تقدم الذي بامي جمال الأ�ستاذ عن ف�سال الإ�سالمية"، ال�سريعة

– فل�سفية والعمران: مقاربة البيئة "مقا�سد بدرا�سة يف مو�سوع:

تاريخية"..

اهلل، بحول املقبل، العدد مللف اأخــرى درا�ــســات لكم ادخرنا كما

والدكتور ال�سنون، منعم والدكتور زمرد، فريدة الدكتورة لكل من

احل�سان �سهيد، والأ�ستاذ حمادي املوقت...

علم مقـــاصد الشريعةوواجـــــب التجـديـد

Page 74: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 7436

ملف العدد

أسس ومنطلقات الفكر املقاصديعند عـلماء املــالكية باألنـدلس

-مرحلة ما قبل الشاطبي-د. عبد الكرمي بناين باحث يف الفكر الإ�صالميحا�صل على الدكتوراه من كلية الآداب مبكنا�س

املقرر املعلوم اأن الإ�سالم دين متكامل لهداية جاء الرباين، الوحي م�سدره يف والنظر الفهم ح�سن اإىل واإر�ــســادهــم اخللق الغايات مع تن�سجم بكيفية ال�سرعية الن�سو�س فيه ملا والبعث الت�سريع من العامة والأهـــداف

م�سلحة الإن�سان يف الدنيا والآخرة. هذه تو�سيح على الإ�سالم �سريعة ارتكزت وقد حول والريبة لل�سك جمــال يــدع ل مبــا الغايات فقهاء تـــوىل وقـــد واأ�ـــســـرارهـــا، معانيها مــغــزى ال�سريعة البحث يف هذه الأ�سرار والتدقيق يف هذه املعاين ليتو�سلوا اإىل ما ي�سمى مبقا�سد ال�سريعة هذه مــعــاين حـــددوا حيث ال�سريعة، غــايــات اأو املقا�سد واأ�سرارها واأبرزوا ما يرتبط بهذا املعنى العقل وبــني واملفا�سد، امل�سالح بني عالقة من

والنقل وبني العلة واحلكمة...الخ.

علماء عــنــد تــاأ�ــســ�ــس الــــذي الجــتــهــاد ــل ــع ولال�ساطبي قبل ما الأندل�س، خالل مرحلة مالكية التي املقا�سدية الفكرية والــروة )تويف790ه(، برزت بو�سوح يف موؤلفاتهم اأ�سهمت يف ن�ساأة فكر اجتهادهم يف الوا�سح الأثــر له كــان مقا�سدي الفقهي، و�ساعدت ب�سكل كبري يف جمع خيوطه بعد ذلك على يد الإمام ال�ساطبي، رحمه اهلل، املنظر �سابقيه اجتهادات على بني ــذي وال العلم لهذا بـ"مبرحلة العلم مراحل يف ي�سمى مما انطالقا ت�سبق عملية تتبلور اأ�سا�سها على التي الرتاكم"

الفهم والتاأ�سي�س والتاأ�سيل1. و�ساأحاول من خالل هذه الدرا�سة حتديد بع�س يف بالأندل�س املالكية علماء �سلكها التي الأ�س�س اإعمال وتنزيل الفكر املقا�سدي، وذلك من خالل

العنا�سر التالية:

من

Page 75: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

75 العدد 36 |

ملف العدد

� تالزم الفكرين الأ�ص�يل واملقا�صدي� ا�صتيعاب ق�صايا التعليل

� اعتماد ملكة النظر� م���راع���اة ال��ع��رف ع��ن��د ت��غ��ري ال��ظ��روف

والأح�الالفكر لذلك باحلديث عن مفهوم اأمهد اأن واأرى

املقا�سدي، فاأقول وباهلل التوفيق.

مفه�م الفكر املقا�صدي ياأتي م�سطلح الفكر يف اللغة مبعنى اإعمال النظر يف ال�سيء، قال �سيبويه: ول يجمع الفكر ول العلم اأفكارا. ول النظر، وقد حكى ابن دريد يف جمعه وقال اجلوهري: التفكر التاأمل )...( قال يعقوب: يقال لي�س يل يف هذا الأمر فكر؛ اأي لي�س يل فيه اأما الك�سر2. اأف�سح من فيه والفتح حاجة، قال: "مالحظة فهو الخت�سا�س ــل اأه ا�سطالح يف

املعقول لتح�سيل املجهول وهو النظر3."ال�سامل: يف 478ه( )تــويف احلرمني اإمــام قــال انتقال املعاين من النف�س انتقال هو "الفكر ظن، اأو علم بطلب يكون قــد وذلــك بالق�سد، في�سمى نظرا، وقد ل يكون كاأكر حديث النف�س،

فال ي�سمى نظرا، بل تخيال وفكرا4."جمال اأن لنا يظهر التعريف هــذا خــالل ومــن الفكر وا�سع ل ي�سعه جمال يف الآفاق ول الأعماق، النظرية، وتعدد �سروح املعارف يوؤكد ذلك توايل الن�سو�س تفا�سري وتباين الكونية، الــظــواهــر عرب وتــطــورهــا وجتــددهــا تزاحمها يف النقلية قيل كما اأحــد، ولي�س والإن�سان، واملكان الزمان حدود عند يقف اأو يح�سي اأن على بقادر بحق، معينة يف اإعمال الفكر، ول اأن يعيقه عن ال�سري يف اأي اأمر توجه اإليه العقل بالتدبر والتاأمل ي�سفي به اإىل فهم املعاين واحلكم وامللحوظات ال�سرعية من جانب يف اإليها يــوؤول وما بروحها، املرتبطة �سوابط ـــق وف حتيز، اأو اإغـــراق دون اجلــوانــب، فيه، املفكر ويف املفكر يف ظها حل يجب و�سروط العقل، واإعــمــال للنظر اأهــال الأول يكون حيث الن�سو�س، من الق�سدي املعنى لإدراك موؤهال

ول غمو�س غري من املعنى وا�سح الثاين ويكون اإبهام.

اأن هذا الفكر اإىل املقا�صد يفهم منه واإ�سافة ال�سريعة ت�سبع مبعرفة معاين مقا�سد قد الفكر ذلك يف مبــا وم�سامينها واأ�س�سها الإ�سالمية والفهم الطــالع حيث من وجزئياتها، كلياتها

وال�ستيعاب.ا�ستح�سار على "موؤ�س�س املــقــا�ــســدي فالفكر يف�سره، اأو يقدره ما كل يف واعتبارها املقا�سد لي�س يف جمال ال�سريعة وحدها، بل يف كل املجالت العلمية والعملية، وبعبارة اأخرى فالفكر املقا�سدي هو الفكر املتب�سر باملقا�سد املعتمد على قواعدها

امل�ستثمر لفوائدها5."الن�سو�س بفهم اأ�سيل ارتــبــاط لــه بذلك وهــو والوقائع، بو�ساطة الأدوات التي متكن من درا�سة على تقوم ت�سريعية روؤى وفق والظواهر البواطن

اأ�س�س معرفية و�سوابط عقلية حمكمة.

اأ�ص�س الفكر املقا�صدي عند علماء املالكية بالأندل�س

تكونت بالأندل�س مدر�سة للمالكية جعلت من اأ�سول فقه مالك واأ�سحابه، املتج�سدة يف مراعاة مقا�سد ال�سرع ومقا�سد املكلف من الفعل ورعاية الأ�سول تعتمد �سندا املقا�سدية، وال�سوابط الجتهادية وملا العملية، ال�سرعية الأحكام ا�ستنباط عليه يف بف�سل الأندل�س اإىل �سباقا املالكي املذهب كان الرحال الإبل و�سدوا اأكباد الذين �سربوا العلماء اإىل امل�سرق وا�ستقوا من علم مالك وفقهه واجتهاده املوطاأ6، كتاب هو الــذي فكره نخبة عنه ونقلوا تكونت بذلك مدر�سة العلماء املالكيني، يف مقدمة هوؤلء فقهاء مربزون اأمثال زياد بن عبد الرحمان 212ه(، دينار)تويف بن وعي�سى )تويف204ه(، وعبد 234ه(، )تــويف الليثي يحيى بن ويحيى اأولئك 238ه(، وعلى يد املالك بن حبيب )تويف الفقهاء والرواد ذاع مذهب مالك بالأندل�س منذ

ع�سر ه�سام بن عبد الرحمان )تويف 180ه(.وما العلماء هـــوؤلء كتب متون تتبع خــالل ومــن

الفكر المقاصدي هو الفكر المتبصر بالمقاصد المعتمد

على قواعدها المستثمر لفوائده.

Page 76: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 7636

ملف العدد

يظهر النوازل وق�سايا الفقه م�سائل من به تعج مدى عنايتهم بهذا الفكر، وحر�سهم على اإبرازه امل�سالك خالل من جليا ذلك ويت�سح وتطويره، التي والأبـــعـــاد تعليالتهم، يف انتهجوها الــتــي ا�ستح�سروها عند جوابهم ال�سائلني وحكمهم بني

املتنازعني...

الأ����ص����يل ال���ف���ك���ري���ن: ت�����الزم اأول: واملقا�صدي

الفقه اأ�ــســول اأن مدقق ناظر كل على يخفى ل حيث من ال�سرعي باخلطاب يعتني علم هو مبا ا�ستنباط احلكم امل�ساعدة يف بالقواعد الهتمام ال�سرعي، يف حني يهتم علم املقا�سد بهذا الأخري كان وبذلك وحكمه، مقا�سده درا�سة حيث من علم مقا�سد ال�سريعة يبداأ حني ينتهي علم اأ�سول الفقه؛ مبعنى اأنه متمم له عند تنزيله على الوقائع، يوؤكد وهو )تويف911ه( ال�سيوطي الإمــام يقول هذه احلقيقة: "فال حاجة اإىل اأ�سول الفقه اإل ملن الأ�سويل اأن اآخر مبعنى به7"؛ جمتهدا ي�سري ي�ستنبط الأحكام من اآحاد الأدلة، اأما املقا�سدي الأدلة من مبادئ في�ستلهمها مما تكتنزه جمموع كلية واأبعاد م�سلحية، لذلك كان علم املقا�سد ل وعقل ال�سريعة، باأحكام اأحــاط من اإل ي�ستوعبه معانيها ومراميها، وفهم قواعد الأ�سول وا�ستوعب الروح بني يفرق كمن بينهما واملفرق مباحثها،

واجل�سد ليوؤول اإىل املوت.نفهم هذه الغاية من كالم الإمام ال�سافعي رحمه املخرب املــفــتــي، �ــســروط يف 204ه( )تـــويف اهلل للمفتي ينبغي "ول فيقول: ال�سرعي، احلكم عن علم عاملا يكون اأن يجمع متى اإل اأحــدا يفتي اأن الكتاب، وعاملا نا�سخه ومن�سوخه، وخا�سه وعامه عليه اهلل �سلى اهلل، ر�سول ب�سنن وعاملا واأدبــه، وعاملا وحديثا، قدميا العلم اأهل واأقاويل و�سلم، ويعقل امل�ستبه، بني مييز عاقال العرب، بل�سان اخل�سال، هــذه مــن واحـــدا عــدم ــاإن ف القيا�س، عاملا كان لو وكذلك قيا�سا، يقول اأن له يحل مل الفرع، هو الــذي للقيا�س عاقل غري بــالأ�ــســول،

قيا�سا، يعقل ل وهو ق�س لرجل يقال اأن يجز مل الأ�سول لعلم وهو م�سيع للقيا�س كان عاقال واإن ما على ق�س له يقال اأن يجز فلم منه، �سيء اأو

تعلم8."املقا�سدي، الفكر �ساحب على ينطبق والأمـــر فكيف يقال له ق�س وهو ل يعقل اأدواته ومفاهيمه، التنزيل كان لهذا التطبيق، عن يغني ل فالنظر املتمكن الفقيه يعتمدها مرحلة اأهم الواقع على اأجلها من التي العلة فمثال النظر، اأدوات من فكان الإ�سكار، هي اخلمر حترمي الأ�سويل بنى عند التحرمي من احلكمة اأما حــرام، م�سكر كل بناء العقل، فهي حفظ املقا�سدي الفكر �ساحب �ساحبه، ويـــذل العقل يذهب الإ�ــســكــار اأن على و�ــســريــعــة احلـــق جــــاءت بــحــفــظ الــعــقــل �سمن

ال�سروريات وجودا وعدما.املقا�سدي الفكر �سمولية اإىل بليغة اإ�سارة وهذه "التف�سري لأن الأ�ـــســـويل؛ الفكر ــع م وتــالزمــه الن�س نطاق يف اجتهاد للن�سو�س املقا�سدي معانيه، على دللتــه كافة يف طاقاته ل�ستهالك لوازم مــن هــي التي العقلية دللــتــه يف ول�سيما اأو فحوى عباراته كدللة الإ�سارة، ودللة الن�س، اخلطاب، ودللة القت�ساء، ودللة مفهوم املخالفة على ما هو معلوم يف اأ�سول الفقه الإ�سالمي، التي على خطاه ت�سدد بــالــراأي لالجتهاد عماد هــي تف�سري يف واملنطقي العلمي املنهج ــه اأن اأ�سا�س

الن�س الت�سريعي والنفاذ لروحه ومق�سده9." واملناهج الأ�سولية الأدوات يف الفكر فبتوافق يتحقق النظري، الفكر وباإعمال ال�ستنباطية، الـــروؤى بــه وتكتمل املــقــا�ــســد، خــطــاب م�سمون الأ�سول جــانــب اإبــعــاد فــال ميكن والــتــ�ــســورات، النظرية والتطبيقية من خميلة الفقيه املقا�سدي، واإل �ستاأتي ت�سوراته خالية من مناهج من�سبطة.

املفاهيم هذه على ركز قد ال�ساطبي اأن واأعتقد وفق الجتهاد مباحث اإدراجـــه خــالل من كثريا �سرورة على التاأكيد تخول اأ�سولية، ت�سورات الأ�سول علم بــني والتكامل ــالزم ــت وال الــتــوافــق واملقا�سد لتح�سيل الفكر املقا�سدي الر�سني، وهو

يعد اإلمام الشاطبي، المنظر

األبرز لهذا العلم، وقد

أسس نظريته المقاصدية بناء على اجتهادات

سابقيه من علماء المالكية

باألندلس.

Page 77: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

77 العدد 36 |

ملف العدد

النهج الذي �سبقه اإليه فقهاء الأندل�س بدءا بالرواد الأوائل من يحيى بن يحيى الليثي )تويف 234ه( فابن 238ه( )تــويف حبيب ابــن امللك عبد اإىل ابن احلافظ ثم 361ه( )تــويف اخل�سني حــارث عبد الرب )تويف 463ه( و اأبو الوليد الباجي)تويف اللبنات و�سعت مدر�سة وهي وغريهم، 474ه( النظرية والتطبيقية الأ�سا�س للفكر املقا�سدي يف

معامله الكربى باملذهب املالكي.بني اأن الفكرين، بني اأكــر العالقة يو�سح ومــا العلمني )اأ�سول الفقه ومقا�سد ال�سريعة( ترابط عن اأحدهما ي�ستغني ل بحيث وتكامل وتداخل املقا�سد عــن بــالأ�ــســول ي�ستغني فــالــذي الآخـــر، ي�ستنبط اأحكاما �سرعية ظاهرية قد تكون واحدة ثابتة تبق لكنها ال�سرعي الن�س مفاهيم مــن يف ال�سارق يد قطع ذلك مثال تتغري، ل وموؤبدة اخلطاب10، بــن عمر خــالفــة يف املجاعة عهد يد قطع يتغري ل الــذي الثابت الأ�ــســويل احلكم روح لكن الظروف، كانت ومهما مطلقا ال�سارق املال كلية على املحافظة تــوجــب الــتــي الن�س اقت�ست عند �سيدنا عمر بن اخلطاب، ر�سي اهلل انت�سار ب�سبب تطبيق احلكم، توقيف تعاىل عنه، املجاعة فقدم كلية املحافظة على النف�س يف هذه

احلالة على حفظ املال.متجاهال املقا�سد اإعــمــال يــريــد الـــذي كــذلــك القواعد الأ�سولية يف البحث عن احلكم ال�سرعي ياأتي باأحكام غريبة و�ساذة ل يعا�سدها اأي م�ستند ت�سوية اأن يزعمون الــذيــن اأولــئــك مثاله علمي ال�سريعة الإرث هو من مقا�سد باملراأة يف الرجل

ومراميها...لتكوين وحــده يكفي ل الأ�ــســول بقواعد فــالإملــام فكر مقا�سدي، بل لبد معه من الإملام باملقا�سد ال�سرعية من جلب امل�سالح ودفع املفا�سد لتاأ�سي�س

فكر مقا�سدي ر�سني. و�سلم، عليه اهلل �سلى اهلل، ر�سول اأن ذلك يبني نف�سه مــن علم ملــا الــ�ــســوم مــن مينع ومل �ــســام احلر اأو العط�س �سدة به بلغ وقد واجللد، القوة اأن �سب املاء على راأ�سه ليتقوى بذلك على �سومه،

العط�س11 اأو احلر اأمل بع�س نف�سه عن وليخفف "وهذا احلديث: توجيه يف الباجي الإمــام يقول اأ�سل يف ا�ستعمال ما يتقوى به ال�سائم على �سومه مما ل يقع به الفطر من التربد باملاء وامل�سم�سة؛ لأن ذلك يعينه على ال�سوم ول يقع به الفطر؛ لأنه ميلك ما يف فمه من املاء وي�سرفه على اختياره، مع املــاء يغلبه لئال املــاء يف النغما�س له ويكره فال ف�سلم فعل فــاإن �سومه، فيف�سد نف�سه �سيق توجيهية ملعاين يوؤ�س�س فاحلديث �سيء عليه12"، ا�ستطاع �سليمان بن خلف الباجي )تويف 474ه( اأن يعريها اأهمية كبرية، وي�سرت�سد بها يف تنظريه ر�سي عائ�سة، حلديث �سرحه ففي العلم، لهذا اأبي الرحمن بن اهلل عنها، مع عبد اهلل بن عبد بكر ال�سديق تظهر براعته يف فهم معنى التالزم والتكامل بني العلمني، حيث جاء يف منت احلديث اأن �سيدتنا عائ�سة، ر�سي اهلل تعاىل عنها، قالت لعبد اهلل وهو �سائم: "ما منعك اأن تدنو من اأهلك �سائم؟ واأنـــا اأقبلها فــقــال: وتالعبها؟ فتقبلها قالت: نعم13." قال الباجي: "قولها ما مينعك اأن تدنو من اأهلك فتقبلها وتالعبها؟ ق�سدا لتعليمه واأن ال�سوم ل واإعالمه بجوازه، مثل هذا احلكم يف�سد بذلك، ومل تق�سد بذلك اأمره به؛ لأن اأحدا اختيار واإمنا هو موقوف على يوؤمر مبثل هذا، ل فاعله، ولي�س يف ذلك اإباحة لتقبيله اإياها بح�سرة عائ�سة وغريها؛ لأن هذا مما يجب اأن ي�سترت به، اأحد، واإمنا �ساألته عن املانع له ول يفعل بح�سرة من ذلك اإن كان ال�سوم اأو غريه، ولعله قد بلغها مانع14"، غري باأنه تعلمه اأن ــاأرادت ف عنه ذلك حتديده احلديث، ل�سرح الباجي تدخل يك�سف اإىل اإ�سارته خــالل من املقا�سدي، الفكر ملعنى تراعي ق�سد التي ال�سريعة الرتابط بني مقا�سد تعليم يف هنا واملتمثل الفعل تــرتــب يف املكلف اأن الرحمن عبد بــن اهلل لعبد عائ�سة �سيدتنا القبلة بغري نية الت�سهي والتلذذ ل تف�سد ال�سوم؛ لأن "املقا�سد معتربة يف الت�سرفات من العبادات والعادات15"، وقواعد الأ�سول التي حتدد ال�سيغ التي تفيد الأمر بالفعل، ولي�س هنا ما يفيد منها

تكونت باألندلس مدرسة للمالكية

جعلت من أصول فقه مالك وأصحابه، سندا تعتمد عليه في

استنباط األحكام الشرعية العملية.

Page 78: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 7836

ملف العدد

التنزيل على الواقع أهم

مرحلة يعتمدها الفقيه المتمكن من أدوات النظر.

�سيء. بالطالق تظهر مدى عناية ويف م�ساألة احللف فقهاء الأندل�س بهذا املعطى يف التاأ�سيل، قال ابن اأنه 238ه(" وقد روى ابن القا�سم حبيب )تويف �سمع مالكا وقد قيل له: اإن الليث بن �سعد يحدث عماله: بع�س اإىل كتب امللك عبد بن ه�سام اأن ع�سرة فا�سربه بالعتاق اأو بالطالق حلف مــن اأمر ه�سام حني اأح�سن قد مالك: فقال اأ�سواط، بال�سرب، قال عبد امللك بن حبيب: فواجب على ال�سلطان اأن ي�سرب من حلف به16"؛ فانظر كيف ما اإىل يتنبه اأن حبيب ابــن امللك عبد ا�ستطاع قد عظيمة، مف�سدة من بالطالق احللف يحققه عموما؛ النا�س بني العالقات اإف�ساد اإىل ــوؤدي تلأنه يرتبط باأمرين جللني: الطالق واحللف، ومع يدل بلفظ ظاهر تاأكيد بالطالق احللف يف اأن املف�سدة اإىل يوؤدي لكنه به، تعلقه اأو وقوعه على ا�ستيعاب من انطالقا الأمة عن فرفعه وبالتايل

قواعد الأ�سول واملقا�سد واجب.449ه(، )تويف بطال ابن الدين، جند باب ويف املنوال نف�س على ي�سري البخاري، �سحيح �سارح فيقول: "معنى هذا الباب اأي�سا اأن الدين ا�سم واقع ين على الأعمال لقوله �سلى اهلل عليه و�سلم: "الدي�سر17." ثم بني الطريقة التي يجب امتثالها من اآخر اإىل وقاربوا18"، دوا "ف�سد بقوله: الدين احلديث. وهذه كلها اأعمال �سماها، عليه ال�سالم، دينا، والدين والإ�سالم والإميان �سيء واحد. قال بهذا احلــديــث احل�س على واملـــراد الــزنــاد: ــو اأبالرفق يف العمل، وهو كقوله عليه ال�سالم: "عليكم بالأجر يعني وقوله، تطيقون19"، ما العمل من وحة والثواب على العمل: "وا�ستعينوا بالغدوة والرة20." كاأنه خاطب م�سافرا يقطع جل و�سيء من الدطريقه اإىل مق�سده فنبه على اأوقات ن�ساطه التي يزكو فيها عمله؛ لأن الغدو والرواح والدلج اأف�سل ر�سول اهلل، �سلى اهلل وقد ح�س امل�سافر، اأوقات عليه و�سلم، امل�سافر على امل�سي بالليل، وقال: "اإن بطال ابن فاعتناء بالليل21."22 تطوى الأر�ـــس املتمثلة الدين من ال�سرورية ال�سرعية بالقواعد

وي�سهد وبــني، جلي املكلفني عن احلــرج رفــع يف الأ�سول بقواعد احلديث تف�سري يف ارتباطه له التي الأعمال باقي على الدين اأ�سول قيا�س يف ليال امل�سي قبيل املكلف من التي�سري على تفر�س رفقا بامل�سافر، دون اإهمال للجانب املقا�سدي يف

امل�ساألة.ــمــاذج مــن ال�ـــســـتـــدللت هــي مبثابة ــن فــهــذه العلماء فكر عليها قام التي املنهجية الت�سورات الفكر ملفهوم تاأ�سيلهم يف بــالأنــدلــ�ــس املالكية ولي�س والتنزيل، املمار�سة حيث من املقا�سدي،

من حيث التنظري والتفكري فقط.

ثانيا: ا�صتيعاب ق�صايا التعليلعلى يقوم املقا�سدي الفكر يف التعليل مفهوم "احلكمة وامل�سلحة التي تعلقت اأ�سا�س النظر يف بها تعلقت التي واملفا�سد الإباحة، اأو الأوامر بها القيا�س العلة يف واإذا كانت مدارك النواهي23"، اأعو�س م�سالكها اإن بل جــدا، "خفية الأ�ــســويل يف العقل وا�ستعمال الفقه، اأ�سول علم يف بــاب التعرف على مناطات الأحكام، ومواقع العلل اأهم خ�سائ�س املجتهد24"، فاإنها يف الفكر املقا�سدي بها اعتنى لذلك والتاأمل، النظر بجانبي ترتبط كل يبني املقا�سدي "فاملنهج لأهميتها العلماء منهج وعلى التعليل ونظرية فل�سفة على �سيء املقا�سديني... منهج يف خطوة فـــاأول التعليل، ال�سريعة، ومع الكون، هذا مع يتعاملون اأنهم هو تعليلي مبنهج الفقه، ومــع وال�سنة، الــقــراآن ومــع ابن يقول يبحث لكل �سيء عن علته وحكمته25"؛ حبيب )تويف 238ه( عن مطرف )تويف 220ه( 213ه( يف م�ساألة )ق�ساء وابن املاج�سون )تويف وبه القا�سي يق�سي "ل غ�سبان(: وهو القا�سي هم، اأو جــوع اأو نف�س �سيق اأو �سجر اأو غ�سب عن والتق�سري الإبــطــاء فهمه على يــخــاف ملــا للق�سية حبيب ابن تاأ�سيل يك�سف الفهم26"، الذي املقا�سدي التعليل لق�سايا مراعاته مدى يربط بني اجلانبني يف قوله: "ملا يخاف على فهمه الإبطاء والتق�سري عن الفهم"، وذلك لأنه يتحكم

Page 79: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

79 العدد 36 |

ملف العدد

يوجد بين عـلمـي أصول الفقه

ومقاصد الشريعة ترابط وتداخل

وتكامل بحيث ال يستغني أحدهما

عن اآلخر.

ومن الــنــا�ــس، وت�سرفات ومــعــامــالت ـــوال اأم يف فت�سيع به عن احلق يحيد اأن والهم �ساأن اجلوع بــذلــك مــا جـــاءت به الــنــا�ــس، ول تتحقق حــقــوق �سريعتهم من �سالح ودفع امل�سار، وما ذكره ابن 319ه(، القرطبي )تويف ابن زرب يوؤكده حبيب �ساحب كتاب اخل�سال، يف باب �ست خ�سال يكره "اإذا دخله منها: واحــدة، مع يق�سي اأن للقا�سي هم ول نعا�س ول �سجر، ول يق�سي وهو جائع ول الق�ساء يف يق�سى ول جــدا، �سبعان وهو يق�سي كثريا جدا27." وهو يف الأ�سل ا�ستمداد من قوله، اأحمد يف م�سند اأورد �سلى اهلل عليه و�سلم، فيما عن بكرة، اأبــي بن الرحمن عبد عن الب�سريني اأبيه قال: قال ر�سول اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم: "ل

بان28." ي بني اثنني وهو غ�س ي القا�س يق�سق�سية على حبيب ابــن وتركيز اعتناء ويظهر التعليل وا�سحا وجليا يف م�ساألة الت�سعري يف البيع، اأن يجمع وجوه لالإمام "ينبغي وا�سحته: جاء يف اأهل �سوق ذلك ال�سيء ويح�سر غريهم ا�ستظهارا على �سدقهم في�ساألهم كيف ي�سرتون وكيف يبيعون فينازلهم اإىل ما فيه لهم وللعامة �سدا حتى ير�سوا به، قال: ول يجربون على الت�سعري ولكن عن ر�سا، اأن بهذا اأجازه، ووجه ذلك اأجازه من وعلى هذا يتو�سل اإىل معرفة م�سالح الباعة وامل�سرتين29"، من احلكمة ينايف الت�سعري على الباعة فاإجبار العملية برمتها، بل لبد للت�سعري اأن يحقق م�سلحة الباعة وامل�سرتين، وامل�سلحة تقت�سي اأن يقع ذلك عن ترا�س منهم، ورغم اأن النبي، �سلى اهلل عليه و�سلم، مل ي�سعر لأ�سحابه خوفا من مظلمة يف دم اأو مال30، فاإن ابن حبيب ترجحت عنده امل�سلحة ر�سى معها يغفل الت�سعري،فلم اإىل تدفع التي البائع وامل�سرتي لتتحقق احلكمة من ت�سريع حكم

الت�سعري. 361ه( ــــويف ـــن حــــارث اخلــ�ــســنــي )ت اب وبـــعـــده القتل اأحكام باب يف فمثال امل�سلك، نف�س ي�سلك واأ�سهب القا�سم ابن "واختلف يقول: واجلــراح، القا�سم ابن املو�سحة31، فقال الق�سا�س من يف 191ه(: على مقدار طول املو�سحة، وقال )تويف

من اأخذت ما مقدار على 204ه( )تويف اأ�سهب اأجزاء الراأ�س يوؤخذ ذلك من اأجزاء راأ�س اجلاين؛

لأن الروؤو�س خمتلفة.32"الذي القا�سم ابن وي�سري يف عر�س اخلالف بني يرى اأن الق�سا�س من املو�سحة يوؤخذ على مقدار اجلرح، وبني اأ�سهب الذي يرى اأن العدالة تقت�سي اأخذ فما عليه، املجني ــس راأ� التقدير يعترب اأن اجلرح منه اأخذ من راأ�س اجلاين ق�سا�سا، ويعلل ذلك باأمر عقلي �سرف، وهو اأن الروؤو�س خمتلفة، املو�سحة وكانت فقط اجلــرح قــدر راعينا فــاإذا اأخذت من راأ�س املجني عليه الثلث مثال، واأخذت انعدمت فــوقــه، اأو ــاين راأ�ـــس اجل مــن دون ذلــك تراعى اأن العدالة فكانت الق�سا�س، يف املماثلة ما قدر ناأخذ من اجلاين الروؤو�س، حتى مقادير روح اأخذ من املجني عليه، كما قال تعاىل: "واجلا�س" )املائدة: 47(، فات�سح بذلك هنا دقة ق�سفهم يف العقل وا�ستخدام النظر وجــودة التعليل

الن�سو�س وتطبيقها.يف اأي�سا را�سخا �سداه جند املوقف هــذا ومثل ذهن ابن بطال )تويف 449ه( يف �سرحه النفي�س حديث: عند قــال حيث الــبــخــاري، �سحيح على ر33." قال: الب�س اأجل من ال�ستئذان جعل ا "اإمن"وهذا حديث مما يرد قول اأهل الظاهر، ويك�سف اإن وقولهم واملعاين، العلل اإنكارهم يف غلطهم ال�سالم عليه لأنـــه اخلــا�ــســة؛ لالأ�سماء احلــكــم الب�سر، قبل من جعل اإمنا باأنه ال�ستئذان علل و�سلم، عليه اهلل �سلى النبي، اأن على ذلك فدل علق معان اأجــل من اأ�سياء وحظر اأ�سياء اأوجــب ال�سنن. اأبى هذا فقد رد ن�س التحرمي بها. ومن وقد نطق القراآن مبثل هذا كثريا، من ذلك قوله بهم" يد مت اأن روا�سي الر�س "وجعلنا يف تعاىل: ر�سوله على اأفاء اهلل "ما 31(. وقال: )النبياء: من اهل القرى" اإىل قوله تعاىل: "كي ل يكون دولة تعاىل: وقال .)7 منكم" )احل�سر: الغنياء بني يف .)147 )النعام: ببغيهم" جزيناهم "ذلك من اإىل يلتفت فال عددها، يكر كثرية موا�سع

خالف ذلك"34.

Page 80: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 8036

ملف العدد

اإللمام بقواعد األصول ال يكفي وحده لتكوين فكر مقاصدي.

ثالثا: اعتماد ملكة النظر النظر هو "الفكر الذي يطلب به من قام به علما ــا، راأي يكون قــد املعنى بهذا وهــو ظنا35"، اأو اأو قيا�سا، اأو حتــريــا، اأو تــدبــرا، اأو تــاأمــال، اأو ا�ستنباطا، اأو اجتهادا، وقد اأ�سار الإمام ال�ساطبي اإىل عدد من الق�سايا التي توؤكد اأهمية النظر يف الفهم املقا�سدي، منها قوله: "ووا�سطة دائرة بني اأعلم36"، واهلل واجتهاد نظر الطرفني هي حمل وراأيا واجبا امل�سحف جمع "�سار اأي�سا: وقوله يكن فلم عهد، بها يتقدم مل واقــعــة يف ر�سيدا كل يف النظر يكون اأن لــزم واإل خمالفة، فيها واقعة حتدث يف الزمان املتقدم بدعة، وهو باطل الجتهاد باب يف النظر هذا �سكل لكن باتفاق، اأ�سل له ي�سهد مل واإن ال�سريعة، لقواعد املالئم املر�سلة37" بامل�سالح ي�سمى الــذي وهــو معني، بالعزمية الأخــذ بني بالتخيري قيل "حيث وقــال:

والأخذ بالرخ�سة، فللرتجيح بينهما جمال رحب وهو حمل نظر38."

ومن الفقهاء الأندل�سيني الذين وظفوا هذا املعنى، النمري الــرب عبد ابــن والأندل�س املغرب حافظ اإىل الدنانري يقول يف �سم 463ه(، حيث )تويف هاهنا مالك عند "والدينار الزكاة: الدراهم يف والنكاح الديات ويف دراهــم، بع�سرة اجلزية ويف اثني ع�سر درهما، ومن اأهل العلم جماعة باملدينة وغريها، ل يرون �سم الدنانري اإىل الدراهم، ول الدراهم اإىل الدنانري، ويعتربون الن�ساب يف كل لأنهما النظر؛ �سحيح يف قول وهو منهما، واحد فيهما ويجوز الربا، اإل فيهما يجزي ل جن�سان مرجحا كانت النظر فملكة التفا�سل39." )...( اأخرى م�ساألة يف يوؤكدها امل�ساألة، يف للف�سل اإل يكون ل الجتهاد اأن لك يو�سح "هذا بقوله: على اأ�سول، ي�ساف اإليه، يعني الجتهاد، التحرمي اهلل على يحيل اأن للجاهل يجوز فال والتحليل، يف اأي�سا وي�سرتط له40" نظري ل دينه يف قول "فال يجوز لغري املجتهد العامل القيا�س الجتهاد العامل عن ينفي حيث يقي�س41"، اأن بالأ�سول اأن دون القيا�س ي�ستعمل اأن بالأ�سول علمه مع التدبر على القائم الجتهاد من �سعة له يكون

والتاأمل والنظر. يوؤ�سل وهــو امللكة هــذه عــن ي�ستغني ل اإنـــه بــل للق�سايا، ويرد على املخالفني، ويظهر ذلك حني حتدث عن املاء امل�ستعمل يف الو�سوء، الذي منعه بع�س العلماء بحجة اأن اخلطايا خرجت معه فوجب التنزه عنه فجاء، رحمه اهلل تعاىل، مبا يبني دقة النظر و�سعة الأفق، يقول: "وهذا عندي ل وجه له؛ لها اأ�سخا�س ل لأنها املاء؛ تنج�س الذنوب ل لأن ول اأج�سام متازج املاء فتف�سده، واإمنا معنى قوله خرجت اخلطايا مع املاء منه باأن الو�سوء لل�سالة عمل يكفر اهلل به ال�سيئات عن عباده املوؤمنني42"، فــهــذا تــاأمــل يف حقيقة مــا ا�ــســتــدل بــه غـــريه يف جواز اإىل املقا�سدي فــكــره بــه لي�سل امل�ساألة الأمر بتدبر وتاأمل ينبي عن اأن الرجل كان يتمتع بروؤية مقا�سدية وا�سحة ت�ساعده على فهم الن�س

يف طبيعة العالقة بني الأ�ص�ل واملقا�صد

بيد الغر�س، هذا ملتطلب غنية الفقه اأ�سول علم م�سائل يف اأن ظان يظن "..وقد بني فيها خمتلف م�سائله معظم اأن اليقني راأي راأى الأ�سول، علم من متكن اإذا اأنــه �سئت واإن الأ�سول، تلك لالإختالف يف تبعا الفروع بينهم اخلالف يف م�ستمر النظار، �سفات من انتزعوها الأ�سول قواعد لأن الفروع؛ يف اخلالف بينهم ا�ستمر قد فقل: على قرنني، بزهاء الفقه تدوين بعد اإل يدون مل الأ�سول علم كان اإذا الفروع، تلك اأن جمعا من املتفقهني كان هزيال يف الأ�سول ي�سري فيها وهو راجل، وقل من ركب منت الفقه فدعيت نزال فكان اأول نازل؛ لذلك مل يكن علم الأ�سول منتهى ينتهي اإىل حكمه

املختلفون يف الفقه، وع�سر اأو تعذر الرجوع بهم اإىل وحدة راأي اأو تقريب حال.على اأن معظم م�سائل اأ�سول الفقه ل ترجع اإىل خدمة حكمة ال�سريعة ومق�سدها، ولكنها تدور حول حمور ا�ستنباط الأحكام من األفاظ ال�سارع بوا�سطة قواعد متكن العارف بها من انتزاع الفروع منها، اأو من انتزاع اأو�ساف توؤذن بها تلك الألفاظ، ميكن اأن جتعل تلك الأو�ساف باعثا على الت�سريع فتقا�س فروع كثرية على مورد لفظ منها باعتقاد ا�ستمال الو�سف وهو ال�سارع، لفظ من مراد اأنه اعتقدوا الذي الو�سف على كلها الفروع تلك

امل�سمى بالعلة."

العالمة الإمام حممد الطاهر ابن عا�سور ، "مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية"، دار ال�سالم للطباعة والن�سر والتوزيع، الإ�سكندرية، الطبعة الرابعة، 2009 ، �س4-3.

Page 81: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

81 العدد 36 |

ملف العدد

بــالأدوات ت�سبعه مع من�سجمة بكيفية ال�سرعي الأ�سولية واملناهج ال�ستنباطية الالزمة.

حبيب بن امللك عبد وفقيهها الأندل�س عامل اأما هذه وجــود ال�سروري من فــريى 238ه( )تــويف امللكة، وين�س عليها �سراحة، بل يرد على الإمام مالك، رحمه اهلل، الذي جمع خ�سال الق�ساء يف اثنتني: العلم والورع لتويل املن�سب، مادام يتعذر يف املن�سب بهذا املرتبطة اخل�سال جميع جمع وقته43، لكن ابن حبيب له توجيه رائع يف امل�ساألة، الأمر من العقل مع ما يعنيه هذا وحا�سله وجود فكر، واإعــمــال واجتهاد راأي واإبـــداء نظر ح�سن عقل معه وكـــان علم معه يكن مل "فاإن يــقــول: ت�سلح خ�سال وبه ي�ساأل به بالعقل، يكتفى وورع اخلري كلها، وبالورع يقف فاإن طلب العلم وجده، يجده44"، مل فيه يكن مل اإذا العقل طلب واإن ما يتح�سل وبه ونتيجته، الفكر ثمرة هو فالعقل هو جمهول ويالحظ ما هو معقول ب�سرعة بديهة

وح�سن تدبر وتاأمل.

الظروف تغري عند العرف مراعاة رابعا: والأح�ال

احلياة واقع يف وتنزيله الدين يف الفقه كان اإذا يحقق مبا وتغريها، تبدلها اأحـــوال مــراعــاة مع م�سالح النا�س يف العاجلة والآجلة، يعترب منتهى مقا�سدها، وخال�سة الإ�سالمية ال�سريعة غاية فاإن حتقيق هذا الأمر ل يكون اإل با�ستفراغ اجلهد مع مقا�سده، واإدراك ال�سرعي اخلطاب فهم يف من ميكن مبا ومتطلباته، الواقع باأبعاد ــام الإملالجتهاد وا�ستخراج الأحكام املن�سجمة مع مقا�سد ال�سارع واملنا�سبة للوقائع املتبدلة وامل�ستجدة "ومن اأ�سا�س و�سيلة املقا�سدي النظر اأن نــدرك ثمة من كثري تقرير اإىل خاللها من املجتهد يتو�سل

الأحكام45." ومراعاة تغري ظروف النا�س واأحوالهم، وما قام عليها من اأعراف وعادات من ال�سمات التي ميزت الإ�سالم، بــالد باقي عــن اأ�ــســال الأنــدلــ�ــس بــالد يف خمتلفا جمتمعا وجــــدوا ــ�ــس ــدل الأن فعلماء

الأعراف والعادات والأفكار عن جمتمع اجلزيرة مدر�سة تاأ�سي�س على باعثا ذلــك فكان العربية اإنهم بل والتاأ�سيل، الجتهاد يف فريدة علمية التغري هذا مراعاة ملفهوم فريدا منطقا اأ�س�سوا الواقع تقدير باأهمية لعلمهم وتطبيقيا، نظريا يدل الع�سر، ونفي وامل�سلحة واحلاجة لل�سرورة ا�ستنباط يف �سندا للعرف اعتبارهم ذلك على ما جاء ذلــك الأ�ــســول، من على الأحــكــام جريا عند حبيب ــن اب توجيه مــن الباجي منتقى يف الكالم عن الو�سية: "ويف الوا�سحة عن اأ�سبغ لو �سعريا، ول قمحا يقل ومل ما طعاما اأعطوه قال ووجه النا�س، يف الغالب لأنه القمح؛ من فليعط ذلك العتبار العرف، وذلك يتقرر بال�سرع وعرف التقرير هذا فيوؤكد بطال ابن املخاطب46." اأما اأجرة "واأما فيقول: احلــجــام، اأجــرة م�ساألة يف كان اإذا هذا يجيزونها، العلماء فاأكر احلجام اأعطي ما ل ير�سى فاإن به، يتعاطاه مما ير�سى به فال يلزم، ورد اإىل عرف النا�س. ومما يدل على اأن العرف �سنة جارية قوله، �سلى اهلل عليه و�سلم، باملعروف47." وولـــدك يكفيك ما "خذي لهند: اأن تعلم ما زوجها متاع من تاأخذ اأن لها فاأطلق لويل اهلل اأطلق وكذلك مبثله، لها تطيب نف�سه

اليتيم اأن ياأكل من ماله باملعروف48." كما يبني اأن العرف اأ�سل معمول به عند العلماء، به، وهو اأمر معمول الفقهاء "العرف عند يقول: كال�سرط لزم يف البيوع وغريها، ولو اأن رجال وكل رجال على بيع �سلعة فباعها بغري النقد الذي هو عرف النا�س مل يجز ذلك، ولزمه النقد اجلاري، وكذلك لو باع طعاما موزونا اأو مكيال بغري الوزن املعهود الكيل ولزمه يجز، مل املعهود، الكيل اأو

املتعارف من ذلك49." واأكتفي بهذين ال�ستدللني هنا؛ لأن املق�سود هو اإبراز عناية علماء الأندل�س باأ�سل مراعاة العرف الذي يقوم على اأ�سا�س فكر نظري ي�ستقرئ الواقع

ويبحث يف تغريات الأنظمة لدى النا�س.تغري عند العرف مراعاة يف العملي اجلانب اأما احلكم اإىل حتــتــاج الــتــي وال�سياقات الــظــروف

ما يميزمنهج المقاصديين هو

تعاملهم مع الحقائق الكونية والقرآنية بمنهج

تعليلي يبحث لكل شيء عن علته

وحكمته.

Page 82: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 8236

ملف العدد

ال�سرعي، فاأهمها حني يقع الختالف بني النا�س، اأو كتاب مــن ن�س فيه لي�س فيما الــرجــوع فــاإن ابن يقول بينهم، تعارفوا ما اإىل اإجماع اأو �سنة الأجري فيه ت�ساح ما "كل )تويف361ه( حــارث وما الــنــا�ــس �سنة على فيه حملوا واملــ�ــســتــاأجــر، ما كل اأن املبني الأمر وهو تعارفوا يف ذلك50"، ملا العرف، اإىل فيه فاملرجع اخلــالف، فيه وقــع حني ولذلك النا�س، اأحــوال معرفة من يت�سمنه اختلف النا�س حول كن�س مراحي�س الدور املكراة 191ه( )تويف القا�سم ابن ن�س على من جتب، اأنها على اأرباب الدور، ثم روى عنه اأبو زيد بن اأبي من الدار تكون اأن اإل ال�ساكن، على اأنها الغمر، التي يخرج قوم ويدخل قوم، فيكون الفنادق دور الكن�س على رب الدار51، بعد ذلك ياأتي عبد امللك ثم ببلده، النا�س �سنة على فيحملها حبيب، بن ح هذه ال�سنة التي تعارف عليها اأهل بلده باأن يو�س

تكون على رب الدار52.وبنف�س املنهج الذي �سلكه قبال، جنده، ابن حبيب، نهارا، املا�سية تتلفه ما �سمان ق�سية مع يتعامل اأهلها؛ "�سمنه ليال ت�سيبه ما اأن اعتبار على بالليل53" موا�سيهم حرز املوا�سي اأهل على لأن اإىل حبيب ابــن فــريده بالنهار ت�سيبه مــا واأمـــا اأهـــل احلـــوائـــط؛ "لأن عــلــى اأهـــل احلـــوائـــط يف اأن ومع وكرومهم54." حوائطهم اإحــراز النهار امل�ساألة ق�سية من ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه يف و�سلم، كما يف حديث الرباء بن عازب: "اأن ناقة له لى ، �س ى ر�سول اهلل دخلت حائطا فاأف�سدت، فق�سحفظها وائط احل اأهــل على اأن و�سلم، عليه اهللامن �س بالليل املوا�سي اأف�سدت ما واأن هار، بالنالأمر مرد يكون اأن مانع ل فاإنه على اأهلها55"، الأحــوال، وقرائن الأعـــراف مراعاة اعتبار اإىل اأن اأ�سحاب احلوائط "اأن من عرف النا�س ذلك املوا�سي واأ�سحاب بالنهار، يحفظونها والب�ساتني املراح، اإىل بالليل ويردونها بالنهار ي�سرحونها ر�سوم عن خارجا كــان الــعــادة هــذه خالف فمن

احلفظ اإىل حد الت�سييع56."على تنبني التي النا�س م�سالح على وحفاظا

باب حــارث يف ابن اأعرافهم، جند به تتغري ما الأق�سية ين�س على اأن "كل من حاز �سيئا بح�سرة بح�سرته، عليه املحوز ذلك بعد ادعى ثم رجل، و�سفة بينة. فيه تقبل ول له يف دعوى ينظر فال احليازة القاطعة للدعوى الهدم والبنيان والغر�س ال�سكنى واأمـــا الأمــــالك، تنقل الــتــي والأحــكــام فلي�ست من تلك احليازة، قد ي�سكن الرجل بالكراء

والعمرى وما اأ�سبه ذلك57."من كل اعتبار ابن حارث يعلل امل�ساألة ففي هذه الهدم والبنيان والغر�س والأحكام قاطعا للدعوى، باأن القرائن ت�سهد اأنه ل يقوم بها اإل املالك، واأما جمرد ال�سكن فال يعد حيازة قاطعة للدعوى؛ لأنه املــذكــورة. فمرجع الأوجــه باأحد املــرء ي�سكن قد الأمر اإذا اإىل تغري الأعراف والعوائد التي يحكم الت�سرف بهذا يقوم من اأن خاللها من النا�س يف امللك دون اأن يدعى عليه فيه اأو يعرت�س، يعد

مالكا.يعد العرف اأن كيف لنا يت�سح الأمثلة هذه ومن بالحتكام للخروج من اخلالف �سبيال مقا�سديا اإىل ما يحقق امل�سلحة للنا�س، وينظم عالقاتهم.

اأ�سول هي ال�سرع مقا�سد معاين فــاإن وختاما، فيه ما لكل جامعة مانعة، جامعة كلية وقواعد لكل مانعة والآجـــل، العاجل يف العباد م�سالح املفا�سد الغالبة واملحققة، وهو تعبري عما ميكن اأن يعمل به املقا�سدي، بو�سفه معنى عاما، يف جمال علمي مبنهج وتدبريها وتدبرها الن�سو�س فهم الن�س على فهما يتع�سف ل ومن�سجم متكامل

ال�سرعي ول يغفل مدركا اأو ماآل فيه.وهي اأ�سول �سليقية لدى علماء املالكية بالأندل�س؛ بال�ستنباط العلم منطلق من ا�ستطاعوا لأنهم وخمالطة والــواقــعــيــة، والإدارك الفهم وح�سن النا�س يف املجتمع الأندل�سي املتنوع واملعقد ثقافيا واملركب ح�ساريا، كما هو واقع اليوم يف كل مكان، الجتهاد يف متكاملة علمية مدر�سة يوؤ�س�سوا اأن النظري �سيجلي مبناها وتنزيال املقا�سدي فكرا والعلمي والعملي فيما بعد الإمام ال�ساطبي رحمه

اهلل تعاىل.

النظر في مقاصد المكلفين جزء

معتبر من مراعاة المقاصد في

االجتهاد الفقهي عموما والمالكي

على وجه الخصوص..

Page 83: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

83 العدد 36 |

ملف العدد

يتحدث ال�ساطبي" وهو الإمام عند املقا�سد "نظرية يف الري�سوين الدكتور يقول .1عن جتديد ال�ساطبي يف علم اأ�سول الفقه واملقا�سد: "... فاإن الذي ل ينبغي ال�سك فيه اأي�سا، هو اأن ال�ساطبي ل ميكن اأن يكون قد ابتداأ نظريته ابتداء، واأبدعها اإبداعا تاما، فلي�س هذا من طبيعة الأمور، بل لبد اأن يكون قد ا�ستفاد ممن �سبق<وه وبنى على ما قرروه". ط. املعهد العاملي للفكر الإ�سالمي خمتارات من الر�سائل اجلامعية.

)1( ط )1411ه/1991م( �س292. 2. ابن منظور الإفريقي امل�سري210/11-211، ل�سان العرب، ط1، بريوت: دار �سادر

للطباعة والن�سر،. لبنان، مادة )فكر(.3. املرجع نف�سه، 211/11.

ط1، الكتبي، دار الفقه، اأ�سول يف املحيط البحر الزرك�سي، الدين بدر .4)1414ه/1994م(، �س61.

5. اأحمد الري�سوين، الفكراملقا�سدي: قواعده وفوائده، من�سورات الزمن، كتاب اجليب، الكتاب9، مطبعة النجاح اجلديدة، البي�ساء 1999م، �س36-34.

6. دخل موطاأ الإمام مالك اإىل الأندل�س اأيام عبد الرحمن بن معاوية )138-172ه( على يد الغازي بن قي�س )تويف 199ه( الذي لقي مالكا واأخذ عنه املوطاأ يف �سورته الأوىل وعاد به اإىل الأندل�س، ثم على يد زياد بن عبد الرحمن املعروف ب�سبطون )تويف 204ه( الذي لقي مالكا واأخذ عنه املوطاأ على �سورته املنقحة، ورجع به اإىل الأندل�س اأيام ه�سام بن عبد الرحمن بن معاوية )172-180ه(.انظر ترتيب املدارك وتقريب امل�سالك ملعرفة اأعالم مذهب مالك. القا�سي عيا�س ال�سبتي املغربي، 15/1، تعليق: حممد بن تاويت الطنجي، ط. وزارة الأوقاف وال�سوؤون الإ�سالمية، الرباط، مطبعة

ف�سالة املحمدية. د. ت. اأن الجتهاد يف كل ع�سر فر�س، الأر�س وجهل اإىل اأخلد الرد على من ال�سيوطي، .7

حتقيق خليل املي�س، موؤ�س�سة �سباب اجلامعة، الإ�سكندرية، ط1984م، �س153. ت، د. �ساكر، حممد تـ.اأحمد الفكر، دار الر�سالة، ال�سافعي، اإدري�س بن حممد .8

�س36.ع الجتهاد، الإ�سالمي، جملة الفكر والتجديد يف الجتهاد الدريني، مناهج 9. فتحي

19، �س200.10. جاء يف اإعالم املوقعني عن رب العاملني، لبن القيم اجلوزية، قول �سيدنا عمر عام املجاعة: "ل تقطع اليد يف عذق ول عام �سنة" العذق: نخلة، 10/3-11، دار اجليل

للن�سر والتوزيع، راجعه وقدم له: طه عبد الرءوف، ط1978م.تـ الباجي، املنتقى �سرح موطاأ الإمام مالك، اأيوب 11. �سليمان بن خلف بن �سعد بن حممد عبد القادر اأحمد عطا، ط1، بريوت: دار الكتب العلمية )1420ه/1999م(،

.30/212. املرجع نف�سه.

13. املوطاأ، كتاب ال�سيام، ح4.14. املنتقى �سرح موطاأ الإمام مالك، م، �س،24/2 .

15. اأبو اإ�سحاق ال�ساطبي، املوافقات يف اأ�سول ال�سريعة، حتقيق ال�سيخ عبد اهلل دراز، ط1، لبنان: دار الكتب العلمية، )1422ه/2001م(، 246/2.

16. عبد امللك بن حبيب، الوا�سحة يف الفقه، حتقيق: عزيزة الإدري�سي، ر�سالة مرقونة بدار احلديث احل�سنية، 317/1.

17. رواه البخاري يف كتاب الإميان رقم3.18. رواه البخاري يف كتاب الرقائق، برقم6463 . وم�سلم يف �سحيحه، برقم2169..

19. البخاري كتاب الإميان، باب اأحب الدين اإىل اهلل، عز وجل، اأدومه، ح1970.ح.2816..�سنن م�سلم ح39. ي�سر، الدين باب الإميان، كتاب البخاري، رواه .20

الن�سائي، كتاب الإميان، ح5034.21. املوطاأ، كتاب اجلامع، باب ال�سفر ومعاملة الأرقاء، ح1801. اأبو داوود، كتاب الأدب،

ح2571.امللك بن بطال، �سبط اأبو احل�سن علي بن خلف بن عبد البخاري، 22. �سرح �سحيح الر�سد، مكتبة الريا�س: ط1. اإبراهيم، بن يا�سر متيم اأبو عليه وعلق ن�سه

)1420ه/2000م(، 97-86/1.23. املوافقات، م، �س، 196/1.

24. ال�سرع بني العقل والنقل، ذ. حممد اأبو �سلمان، ر�سالة املعاهد، ع.8. جمادى الآخرة

)1420ه/�ستنرب1999م(، �س9.25. اأحمد الري�سوين، الفكر املقا�سدي وبناء منهج التفكري، جريدة التجديد عدد: 04-

.2010-0126. الوا�سحة يف الفقه، م، �س، 318/1.

27. اأبو بكر حممد بن يبقى بن زرب القا�سي القرطبي املالكي، اخل�سال، قدمه واعتنى وال�سوؤون الأوقاف وزارة من�سورات العلمي، احلميد عبد د. حوا�سيه وعلق بن�سه

الإ�سالمية. الرباط، )1426ه/2005م(، �س233.28. حديث رقم 19495. ورواه م�سلم يف كتاب الأق�سية، رقم 32134.

29. الوا�سحة يف الفقه، م، �س، 313-312/1. اأن�س، ر�سي اهلل عنه، قال: غال ال�سعر يف املدينة على عهد ر�سول اهلل، �سلى 30. عن اهلل عليه و�سلم، فقال النا�س: يا ر�سول اهلل غال ال�سعر، ف�سعر لنا، فقال ر�سول اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم: "اإن اهلل هو امل�سعر القاب�س، البا�سط، الرازق، واإين لأرجو اأن األقى اهلل ولي�س اأحد منكم يطلبني مبظلمة يف دم ول مال"، البيهقي، ال�سنن الكربى،

كتاب البيوع، جماع اأبواب ال�سلم، ح10312.القوانني جزي ابن انظر: وتظهره، العظم تو�سح التي هي اجلراح من املو�سحة .31

الفقهية، ط3، مطبعة الأمنية، الرباط، )1382ه/1962م(، �س300.32. حممد بن حارث اخل�سني، اأ�سول الفتيا يف الفقه على مذهب الإمام مالك، حتقيق العربية الدار بطيخ، عثمان د. الأجفان، اأبو حممد د. املجذوب، حممد ال�سيخ

للكتاب، املوؤ�س�سة الوطنية للكتاب، ط1985، �س342.33. رواه البخاري. باب ال�ستئذان من اأجل الب�سر، ح5887.

34. ابن بطال، �سرح �سحيح البخاري، م، �س. وانظر: اأحمد الري�سوين، البحث يف مقا�سد ال�سريعة. ن�ساأته وتطوه وم�ستقبله )بت�سرف(. بحث مقدم لندوة مقا�سد ال�سريعة

التي نظمتها موؤ�س�سة الفرقان للرتاث الإ�سالمي بلندن. �س.1-2-2005م. 35. بدر الدين الزرك�سي، البحر املحيط يف اأ�سول الفقه، م، �س، �س62.

36. املوافقات، م، �س، 124/2. 37. املرجع نف�سه، 259/2. 38. املرجع نف�سه، 241/1.

39. الكايف يف فقه اأهل املدينة املالكي، حتقيق: حممد اأحيد ولد ماديك ط1، الريا�س: مكتبة الريا�س احلديثة، )1328ه/1978م(، 288/1.

40. ابن عبد الرب، جامع بيان العلم وف�سله، بريوت: دار الفكر، د. ت، 92/2.41. املرجع نف�سه، 71/2.

42. الكايف يف فقه اأهل املدينة املالكي، م، �س، 163/1.43. الوا�سحة، م، �س، 319/1.

44. املرجع نف�سه.جملة املالكي، الفقهي الرتاث يف املقا�سدي النظر الع�سري، من�سيف حممد .45املحمدية الرابطة ت�سدرها 2009م( 1430ه/يناير )حمرم ع29، الإحياء،

للعلماء، �س128.46. املنتقى، م، �س، 75/8.

كتاب يف وم�سلم .2211-2209 حديث البيوع، كتاب �سحيحه يف البخاري رواه .47الأق�سية حديث رقم 7. )1714(.

48. �سرح �سحيح البخاري، م، �س، 334/6. 49. املرجع نف�سه، 117/1. وانظر اأبو احل�سن بن بطال ومنهجه يف فقه احلديث، ر�سالة

مرقونة بدار احلديث احل�سنية 2003، �س165-164. 50. اأ�سول الفتيا، م، �س، �س147.

51. املرجع نف�سه، �س149. 52. املرجع نف�سه.

53. املرجع نف�سه، �س388.54. املرجع نف�سه.

املواقيت، باب احلج، كتاب الدارقطني، �سنن ح.1435. الأق�سية، كتاب املوطاأ. .55ح2909.

56. البغوي، �سرح ال�سنة. ط2، املكتب الإ�سالمي، 1983، 236/8.57. اأ�سول الفتيا، م، �س، �س329.

�شامهو ال

Page 84: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 8436

ملف العدد

نظـرية حـفظ الكــلياتمن جانبي الوجود والعدمفـي الــواقع املـعاصـــر:

-دراسة مقاصدية-د. احل�صان �صهيدخريج دار احلديث احل�صنيةباحث يف الدرا�صات الإ�صالمية

على ال�سريعة كليات حفظ نظرية احلفظ دعــامــة الأوىل: دعامتني: من احلفظ دعامة والثانية: الوجود، جانب من واأ�سوليو فقهاء ا�ستقراأه ما وذلك العدم، جانب من ال�ساطبي، اإ�سحاق اأبــو راأ�سهم وعلى الأمــة مظان اخلطاب ال�سرعي، غري اأنه ما بني مطالب املتعينة التمثل وخ�سو�سيات املخت�سة اخلطاب والتطبيق التنزيل �سرورات على تعود م�ساحات املقا�سد تتحقق حــتــى والــتــكــيــيــف بــاملــراجــعــة

وتت�سخ�س امل�سالح يف مواقع الوجود الب�سري.اأن تقرا جهد الو�سع مالمح حتاول هذه الدرا�سة

بيان اإىل و�ساعية و�سماتها، املــ�ــســاحــات تلك اإمكانات ذلك التمثل للخطاب ال�سرعي من حيث الوجود جانب بدعامتي ال�سرعية الكليات حفظ مبحاولة اإل يت�سنى لن ما وهــو الــعــدم. وجانب

الإجابة على الت�ساوؤلت التالية:حفظ يف والعدم الوجود جانبي عالقات هي ما كليات ال�سريعة يف مواقع احل�سور الب�سري؟ وكيف املعا�سر؟ الواقع على احلفظ جوانب تنزيل يتم ذلك يف واأبــعــادهــا املعتربة ال�سياقات هــي ومــا

التنزيل؟

تتاأ�ص�س

Page 85: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

85 العدد 36 |

ملف العدد

من ال�صريعة كليات حفظ معنى يف اأول: جانبي ال�ج�د والعدم

جانب م��ن الكليات حفظ معنى يف .1ال�ج�د

املق�سود بحفظ كليات ال�سريعة من جانب الوجود مراعاتها يف ت�سريع الأحكام مبا يقيم اأركان تلك الكليات، ويثبت قواعدها؛ اأي اأن ال�سريعة و�سعت اأحكاما �سرعية، واأر�ست تقريرات فقهية تدور يف اأ�سول حفظ على الإجمال �سبيل على جوهرها بكليات الأ�سوليني ا�ستهرت لدى كربى �سرورية، والنف�س الــديــن بكلية املعروفة وهــي ال�سريعة.

والن�سل والعقل واملال.احلياة عليها تــقــوم الــ�ــســروريــة الكليات وهـــذه عادت منها واحــدة اختلت اإذا بحيث الإن�سانية، الف�ساد على احلياة وا�ستمرت بالإخالل، عليها يف الدنيا واخل�سران يف الآخرة، يقول اأبو اإ�سحاق اأنها فمعناها الــ�ــســروريــة: "فاأما ال�ساطبي: اإذا بحيث الــداريــن، م�سالح قيام يف منها لبد بل ا�ستقامة، على الدنيا م�سالح جتر مل فقدت على ف�ساد وتهارج وفوت حياة، ويف الأخرى فوت املبني1"، باخل�سران والرجوع والنعيم، النجاة الكليات تلك ال�سرعي يف حفظ وي�سلك اخلطاب من حفظها مراعاة الأول: م�سلكني: ال�سرورية تثبيتها يف والعمل على اإقامتها اإىل الدعوة حيث اإ�سحاق اأبو نعته ما وهو الب�سري، الوجود مواقع يدفع ما والثاين: الوجود، جانب من مبراعاتها عنها الختالل والف�ساد وهو مراعاتها من جانب العدم ح�سب ال�ساطبي يقول رحمه اهلل: "واحلفظ لها يكون باأمرين: اأحدهما ما يقيم اأركانها ويثبت جانب من مراعاتها عن عبارة وذلــك قواعدها

الوجود2."واعتبارها الكليات تلك اإقــامــة يف ــاإن ف لــذلــك، ا�ستقامة للدنيا، وجريان م�ستمر لوجودها، وتلك

هي فكرة حفظ الكليات من جانب الوجود.

جانب م��ن الكليات حفظ معنى يف .2العدم

واملق�سود بحفظ مقا�سد ال�سريعة من جانب العدم مراعاة حفظ تلك الكليات الكربى واملق�سودة يف يدراأ مبا وتنزيال، وتطبيقا فهما الفقهي النظر قد الـــذي اخلـــرم عنها ويــرفــع ــالل الخــت عنها يلحقها يف الواقع الوجودي لالإن�سان، وهو اجلانب اأمـــري احلفظ ال�ساطبي يف ذكــره ــذي ال الــثــاين حيث قال: "والثاين ما يدراأ عنها الختالل الواقع من مراعاتها عن عبارة وذلــك فيها، املتوقع اأو

جانب العدم3." وعليه، فاإن �سيانة تلك الكليات وحفظها كما يكون من جانب الوجود يكون من جانب العدم، ليكتمل احلفظ وتنتهي املراعاة، وت�سلك ال�سريعة يف ذلك م�سلكني هامني: الأول احرتازي احتياطي، وذلك بح�سب متوقع اختالل من بها يلحق قد ما بدرء بح�سب واقع اختالل يلحقها من ما وبدرء املاآل،

احلال، خ�سية اإحلاق �سنوف العدم بوجودها.

يف والعدم ال�ج�د جانب نطاقات ثانيا: حفظ الكليات

الأحكام ت�سريع الفقهي يف النظر نطاقات تتوزع يف اجتماعيا ناظما ت�سكل كــربى اأبــــواب على تعرف ـــواب الأب وهاته الب�سري، الــوجــود مواقع عند الفقهاء بباب العبادات والعادات واملعامالت املتعينة يف النطاقات فما هي واأخريا اجلنايات، اإثباتها جانب من ال�سرعية املقا�سد تلك حفظ املتمثلة تلك وما هي الإن�سان؟ واقع ووجودها يف يف حفظ تلك املقا�سد من جانب خرمها واختالل

الوجود فيها؟

حفظ يف ال���ج���د ج��ان��ب ن��ط��اق��ات .1الكليات

اأ. نطاق العبادات يف حفظ كلية الديناأما نطاق العبادات الذي تتمثل فيه جتليات العالقة والتوجيه العبادة حيث من وخالقه الإن�سان بني

المقصود بحفظ كليات الشريعة من جانب الوجود

مراعاتها في تشريع األحكام بما يقيم أركان تلك الكليات،

ويثبت قواعدها..

Page 86: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 8636

ملف العدد

من "واملق�سود الدين، كلية حفظ مراعاة تروم ومهابته وتعظيمه الإلـــه اإجـــالل كلها الــعــبــادات �سعرية كل اإذ اإليه4"؛ والتفوي�س عليه والتوكل وغري ــوم، و�ــس وزكــــاة �ــســالة مــن ال�سعائر مــن له، والتمكني الدين اإقامة به يق�سد مما ذلــك اإىل راجعة العبادات "فاأ�سول اإ�سحاق: اأبو يقول حفظ الدين من جانب الوجود، كالإميان والنطق واحلج وال�سيام والزكاة وال�سالة بال�سهادتني

وما اأ�سبه ذلك5." الن�صل كليتي حفظ يف العادات نطاق ب.

واملالالعادات بكل �سورها يف احلياة تتوجه نطاق كما الإنــ�ــســانــيــة ومـــا يــجــري جمــراهــا مــن مــاأكــولت حفظ اإىل وم�سكونات وملبو�سات ومــ�ــســروبــات "والعادات ال�ساطبي: يقول واملــال، الن�سل كليتي راجعة اإىل حفظ النف�س والعقل من جانب الوجود وامللبو�سات وامل�سروبات املاأكولت كتناول اأي�سا واأمثلة فروع وامل�سكونات وما اأ�سبه ذلك6" وتلك تدخل اأخــرى جزئيات من غريها عليها تقا�س

حتت حكمها العام.الن�صل كليتي املعامالت يف حفظ ج. نطاق

واملالالتجمع داخــل املتفاعل الإن�ساين العمل يندرج اإىل الرامية الإن�سانية العالقات �سمن الب�سري وكذا وتنا�سال، تزاوجا الب�سري، اجلن�س حفظ ق�ساء بق�سد املـــادي القيمي ــتــداول ال حتريك ا�ستمرار ت�سمن الــتــي الجتماعية احلــاجــات �سرع فقد لــذلــك وتقوميها، الإن�سانية احلــيــاة التزاوج باأركانه وحبب اإليه ب�سروطه ال�سرعية مبا البيوع بكل تعرتيه الأحكام املختلفة، كما �سرعت وتداول وا�ستثمارها، الأموال وانتقالت اأ�سكالها مقابل، غــري اأو مبقابل املتقومة املالية املنافع وكذا العقود ب�ستى �سنوفها لأجل ا�ستقرار احلياة املالية بني النا�س، يقول اأبو اإ�سحاق يف موافقاته: الإن�سان اإىل م�سلحة "واملعامالت ما كان راجعا مع غريه، كانتقال الأمالك بعو�س اأو غري عو�س،

بالعقد على الرقاب اأو املنافع اأو الأب�ساع7."

حفظ يف ال���ع���دم ج��ان��ب ن��ط��اق��ات .2الكليات

يلزم ال�سريعة كليات حفظ وجــوه تكتمل حتى منه تاأتي الــذي املقابل، اجلانب من ت�سييجها ذلك وجممل اخلــرم، واأ�سباب الختالل عوامل يندرج يف باب ما �سماه الفقهاء بباب اجلنايات، حيث يتم اإبطال كل املفا�سد الناجمة عن امل�سا�س "واجلنايات ما اإ�سحاق: اأبو بتلك املقا�سد، يقول فيها ف�سرع بالإبطال، تقدم ما على عائدا كان امل�سالح، تلك ويتالفى الإبــطــال ذلــك يــدراأ ما للعقل، واحلـــد للنف�س، والــديــات كالق�سا�س للمال والت�سمني والقطع الأمــوال قيم وت�سمني ال�سريعة بت�سريع اأ�سبه ذلك8." وقد ق�سدت وما احلدود تعميم امل�سلحة يف احلياة الب�سرية اأفرادا و�سعها زواجــر "احلدود فــاإن لذلك وجماعات، ارتكاب ما حظر، وترك ما للردع عن اهلل تعاىل اأمر به ملا يف الطبع من مغالبة ال�سهوات امللهية عن تعاىل من اللذة، فجعل اهلل بعاجل الآخرة وعيد زواجر احلدود ما يردع به ذا اجلهالة حذرا من اأمل العقوبة، وخيفة من نكال الف�سيحة ليكون ما حظر من حمارمه ممنوعا، وما اأمر به من فرو�سه

متبوعا فتكون امل�سلحة اأعم والتكليف اأمت9."كما تنق�سم �سور الزواجر عن ارتكات املحظورات ال�سريعة كليات على بالإبطال العائدة ال�سرعية يف املــاوردي يقول وتعزيرات، حدود �سربني اإىل فالزواجر كذلك كان "واإذا ال�سلطانية: اأحكامه ف�سربان: احلـــدود فــاأمــا وتعزيز؛ حــد �سربان: اأحدهما ما كان من حقوق اهلل تعاىل، والثاين ما بحقوق املخت�سة فاأما الآدميني، حقوق من كان ترك يف وجب ما اأحدهما ف�سربان: تعاىل اهلل ارتــكــاب حمظور وجــب يف ما والــثــاين مفرو�س. فيها ت�سرع ذنوب مل على تاأديب والتعزير )...(وحال حاله باختالف حكمه ويختلف احلـــدود، تاأديب اأنــه وهو وجه من احلــدود فيوافق فاعله،

يدخل النظر الفقهي في حفظ المقاصد الشرعية من جانبي الوجود والعدم في صلب القاعدة القرآنية األمر بالمعروف

والنهي عن المنكر..

Page 87: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

87 العدد 36 |

ملف العدد

يف اأن ق�صد الإ�صالح العام يعظم به الأجر

مع�سيتها كانت خولفت واإذا اأعظم، الطاعة ي�سري الأ�سلية املقا�سد على العمل "اإن اأعظم.

اأما الأول: فالأن العامل على وفقها عامل على الإ�سالح العام جلميع اخللق والدفع عنهم على الإطالق؛ لأنه اإما قا�سد جلميع ذلك بالفعل، واإما قا�سر نف�سه على امتثال الأمر الذي يدخل حتت ق�سده كل ما ق�سده ال�سارع بذلك الأمر. واإذا فعل ذلك؛ جوزي على كل نف�س اأحياها، وعلى كل م�سلحة عامة ق�سدها، ول �سك يف عظم هذا العمل، ولذلك كان من اأحيا النف�س فكاأمنا اأحيا النا�س جميعا، وكان العامل ي�ستغفر له كل �سيء حتى احلوت يف املاء، بخالف ما اإذا مل يعمل على وفقه، فاإمنا يبلغ ثوابه مبلغ ق�سده؛ لأن الأعمال بالنيات، فمتى كان ق�سده

اأعم؛ كان اأجره اأعظم..واأما الثاين: فاإن العامل على خمالفتها عامل على الإف�ساد العام، وهو م�ساد للعامل على الإ�سالح العام. وقد مر اأن ق�سد الإ�سالح العام يعظم به الأجر؛ فالعامل على �سده يعظم به وزره، ولذلك كان على ابن اآدم الأول كفل من وزر كل من قتل النف�س املحرتمة؛ لأنه اأول من �سن القتل، وكان من قتل النف�س فكاأمنا قتل النا�س جميعا، "ومن �سنة �سنة �سيئة؛ كان

عليه وزرها ووزر من عمل بها".

اأبو اإ�سحاق ال�ساطبي، املوافقات اأو عنوان التعريف باأ�سرار التكليف، حتقيق، حممد مرابي، تعليق، عبد اهلل دراز، بريوت: موؤ�س�سة الر�سالة نا�سرون، ط1، )1432ه/2011م(، ج2، �س501.

اختالف بح�سب يختلف وزجــر ا�ست�سالح، الذنب10."

ثالثا: نظائر جانبي ال�ج�د والعدم يف حفظ الكليات

ودللتي وال��ع��دم ال���ج���د جانبي .1الأمر والنهي

الأ�سوليني عند والنهي الأمــر دللتي ملبحثي واملقا�سدي الفقهي النظر يف دقيقة وثــاقــة لالأحكام الوجوديني والتثبيت الإقامة مل�سلكي وكذا الإن�سانية، امل�سالح وجلب ال�سرعية، لتلك الــعــدمــيــة واحلــمــايــة احلــيــاطــة مل�سلكي الطلب "اأن ذلك ومعنى وامل�سالح، الأحكام الإلهي مبقت�سى كونه طلبا لفعل اأو طلبا لرتك حكم اأي به يثبت معترب طلب اأنه ثبت ما اإدا املق�سد ــات ــب لإث م�سلكا يــكــون فــاإنــه �سرعي ال�سرعي11"، لذلك تفرعا ذينك املبحثني اإىل قلما دقائق يف تنظر خمت�سة عديدة مطالب

يثار النتباه اإليها. الأمر دللة يف تو�سعوا قد الأ�سول اأهل فنجد الأ�سويل اخلطاب مفهوم دللت يف حمققني �سده؟12، عن نهي بال�سيء الأمر هل فقالوا: يقول املازري يف هذا ال�ساأن: "وهذا هو املطلوب اإىل يحرم وما يحل ما معرفة وهو الفقه، يف غري ذلك من الأحكام، فاإذا ثبت حترمي ال�سد، فاملحرم منهي عنه بال خالف، فقد ثبت النهي عن �سد املاأمور به، وهذا هو املطلوب املق�سود يف الفقه13." ويقول اأبو يعلى البغدادي: "الأمر بال�سيء نهي عن �سده من طريق املعنى، �سواء كان له �سد واحد، اأو اأ�سداد كثرية، و�سواء كان مطلقا اأو معلقا، بوقت م�سيق؛ لأن من اأ�سلنا: هل مبعنى اأن اإطالق الأمر يقت�سي الفور14"؛ ــة م�سلحته املــفــهــوم مــن دللـــة الأمـــر ورعــاياأ�سداد النهي عن وت�ستلزم متثل فهم تقت�سي هذا ويف عنه؟ الناجمة املفا�سد ودرء الأمــر املعنى يقول ابن تيمية: "فاإن الأمر والنهي واإن

مف�سدة ودفع م�سلحة لتح�سيل مت�سمنا كان فينظر يف املعار�س له، فاإن كان الذي يفوت من يكن مل اأكر املفا�سد من يح�سل اأو امل�سالح ماأمورا به، بل يكون حمرما اإذا كانت مف�سدته

اأكر من م�سلحته15."وقـــالـــوا اأيــ�ــســا هــل الــنــهــي عــن الــ�ــســيء اأمــر �سيء فعل عن الكف طلب هل اأي ب�سده16؟ يفهم منه على وجه القت�ساء احلث على فعل من املرجوة امل�سلحة على واحلر�س مقابله؟ الكف من جهة ومن احلث من جهة ثانية؟ واإىل "ولو قائال: قواعده يف العز ي�سري املعنى هذا لعلمنا وال�سنة، الكتاب يف ما مقا�سد تتبعنا اأن اهلل اأمر بكل خري دقه وجله، وزجر عن كل به عن جلب يعرب فــاإن اخلــري دقــه وجله، �سر امل�سالح ودرء املفا�سد، وال�سر يعرب به عن جلب املفا�سد ودرء امل�سالح، وقد قال تعاىل: "فمن مثقال يعمل ومن يره. خريا ذرة مثقال يعمل

للدولة والسلطة السياسية وظيفة حيوية كبرى في حفظ حياة األفراد والمجتمعات ضمن الكليات الشرعية

العليا..

Page 88: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 8836

ملف العدد

اخلال�س اخلري يف ظاهر وهذا )9-8 يره" )الزلزلة: �سرا ذرة وال�سر املح�س17."

باملعروف الأم��ر وق��اع��دة وال��ع��دم ال���ج���د جانبي .2

والنهي املنكرجانبي مــن ال�سرعية املقا�سد حفظ يف الفقهي النظر يــدخــل الأمر باملعروف والنهي القراآنية القاعدة الوجود والعدم يف �سلب يجب ما واملنكر يح�سن، اأو فعله يجب ما "واملعروف املنكر، عن احلياة اإقامة اإىل الداعية ال�سرعية الأحكام كل اأن اإذ تركه18"؛ وتفعيلها اأركانها وتثبيت املقا�سد، مراعاة حيث من الإن�سانية ال�سرعية الأحــكــام اأن كما مــعــروف، هو ما اإىل الــدعــوة جتمعها الناهية عن ما يخد�س تلك الإقامة والإخالل باحلياة الب�سرية من حيث تعطيل تلك املقا�سد الكربى وحتويلها اإىل مفا�سد، تدخل يف "واملعروف تعبري باب النهي عن املنكر الذي يعطل تلك امل�سالح. عن �سمري املجتمع الإ�سالمي ال�سالح، واملنكر تعبري عما يرف�سه �سمري املجتمع الإ�سالمي ال�سالح، والتذكري بهما هو واجب الأمر احلديث يف العلماء اأ�سهب وقد املنكر19" عن والنهي باملعروف اإليه ال�سريعة دعــت مــا املــعــروف معتربين احل�سبة قــاعــدة عــن ب�سيغ الأمر املختلفة واملنكر ما حذرت منه ب�سيغ النهي املتعددة، قال املاوردي: "اأكد اهلل زواجره باإنكار املنكرين لها، فاأوجب الأمر باملعروف والنهي عن املنكر، ليكون الأمر باملعروف تاأكيدا لأوامره األهتها الأ�ــســرة النفو�س لأن لــزواجــره؛ تاأييدا املنكر عن والنهي الزواجر، تذكار ال�سهوة عن واأذهلتها الأوامر، اتباع ال�سبوة عن

فكان اإنكار املجال�سني اأزجر لها وتوبيخ املخاطبني اأبلغ فيها20."الأعظم الق�سم جتمع املنكر عن والنهي باملعروف الأمــر وقاعدة الن�سجام متام تن�سجم كما الكليات، تلك حفظ يف ال�سريعة من وبــذلــك ميكن ــدم، ــع وال الــوجــود مــن جانبي مــع دللت احلــفــظ الكليات حلفظ الــوجــودي والتمثل العملي التطبيق اإنــهــا الــقــول يف ذكره يجدر "ومما الري�سوين: اأحمد يقول اجلانبني، كال من الأنبياء، وحملوها بها التي جاء الكربى الفري�سة اأن ال�سياق هذا عن والنهي باملعروف الأمــر فري�سة وهي بعدهم، من لأتباعهم املنكر ما هي اإل تعبري اآخر عن جلب امل�سالح ودرء املفا�سد، فال يعد املعروف معروفا اإل ملا فيه من �سالح وم�سالح، ول يعد املنكر ابن النظر هذا ويوؤكد منكرا اإل ملا فيه من الف�ساد واملفا�سد21"، تيمية يف �سيا�سته ال�سرعية بقوله: "وهذا الق�سم الذي ذكرناه من احلكم يف حدود اهلل وحقوقه، ومق�سوده الأكرب هو الأمر باملعروف

والنهي عن املنكر، فالأمر باملعروف، مثل ال�سالة والزكاة وال�سيام وح�سن الأرحـــام و�سلة الوالدين وبــر والأمــانــة وال�سدقة واحلــج الأمر ويل على فالواجب ذلك ونحو واجلــريان الأهــل مع الع�سرة ويعاقب اأمــره، على يقدر من املكتوبات جميع بال�سلوات ياأمر اأن التاركون طائفة ممتنعة قوتلوا باإجماع امل�سلمني، فاإن كان التارك الزكاة ترك على يقاتلون وكذلك امل�سلمني، باإجماع تركها على وال�سيام وغريهما، وعلى ا�ستحالل ما كان من املحرمات الظاهرة ونحو الأر�ـــس يف والف�ساد املــحــارم ذوات كنكاح عليها املجمع الإ�سالم �سرائع من �سريعة التزام فكل طائفة ممتنعة عن ذلك، باتفاق كله هلل الدين يكون املتواترة يجب جهادها حتى الظاهرة

العلماء22."

3. جانبي ال�ج�د والعدم وقاعدة درء املفا�صد اأوىل من جلب امل�صالح

يعمل التحقيق املقا�سدي يف تاأ�سي�س الكليات وحفظها ثباتا وقياما يف النظرية والأحكام ال�سرعية الن�سو�س على الوجود حيث من حمايتها على ي�ستغل كما وقواعدها، اأ�سولها حيث من ال�سريعة حيث من وحياطة، �سيانة التوازن بتحقيق والتكفل الختالل من الفقهية والأ�سول ال�سرعية املناطات على ودواعيه العدم موؤثرات وفق و�سروراته مبادئه اإمنــا كله وهــذا والـــورود، املبداأ حيث من

اأمرين اثنني:الأول: من حيث املبداأ والنظر، ويعني ذلك اأن القواعد التي قررها اأهل الأ�سول بداية لها متعلقات �سرعية يف انف�سال تام عن الواقع

وحتقيقات مناطاتها الوجودية يف التمثل الب�سري.الثاين: من حيث الرتاخي، ويعني ذلك اأن الأ�سل يف الورود ال�سرعي الوجود مــواقــع يف �ساريا يبقى واحلديثية القراآنية للن�سو�س الإن�ساين، اإما يف تالزم تام بني جانبي الوجود والعدم، اأو يف تراخ

خا�س بينهما اأو تقدمي لأحدهما على الآخر يف حالت اأخرى.لكن عالقة جانبي الوجود والعدم يف حفظ الكليات املقا�سدية مع اإ�سكالت تثري قد واملف�سدة امل�سلحة مببداأي املرتبطة القاعدة من اأوىل املفا�سد "درء قاعدة اإىل انتبهنا اإذا خا�سة متعددة، الغزايل يف هذا اأبو حامد يقول امل�سالح" على اخل�سو�س، جلب ال�سياق: "ومق�سود ال�سرع من اخللق خم�سة: وهو اأن يحفظ عليهم حفظ يت�سمن ما فكل ومالهم، ون�سلهم وعقلهم ونف�سهم دينهم الأ�سول هذه يفوت ما وكل م�سلحة، فهو اخلم�سة الأ�سول هذه يف اجلوهرية الفروق هي فما فهو مف�سدة ودفعها م�سلحة23"،

Page 89: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

89 العدد 36 |

ملف العدد

تنزيل القاعدة وجانبي الوجود والعدم يف حفظ امل�سالح ال�سرعية وكلياتها؟

اأول: اإن قاعدة درء امل�سالح اأوىل من جلب امل�سالح ت�سبط النظر باملبداأ العام والت�سور ال�سامل ملراعاة مقا�سد ال�سريعة من جانب "ومن ال�سالم: عبد ابــن يقول ذلــك ويف العدم، وجانب الوجود تتبع مقا�سد ال�سرع يف جلب امل�سالح ودرء املفا�سد، ح�سل له من جمموع ذلك اعتقاد اأو عرفان باأن هذه امل�سلحة ل يجوز اإهمالها

واأن هذه املف�سدة ل يجوز قربانها24."على تتنزل امل�سالح جلب من اأوىل املفا�سد درء قاعدة اأن ثانيا: �سبيل الفور يف الرتجيح بني اأحداهما ح�سب الأولوية على الأخرى، ت�سور فهو والعدم الوجود للمقا�سد من جانب العام الت�سور اأما

من حيث املبداأ يف حفظ الكليات.ثالثا: اأن قاعدة درء الفا�سد اأوىل من جلب امل�سالح ا�ستمر جريانها مع جمرى حفظ الكليات من جانبي الوجود والعدم، ول يوجد وا�سع الكليات يف فالأ�سل واملــاآلت، احلــالت حيث من اإل بينهما فرق من جانب الختالل عنها يدراأ ثم اأول الوجود من جانب احلفظ العدم، فدرء املفا�سد يجري اأول قبل جلب امل�سالح بح�سب مواقع الكليات وتقوم ودرء خوارمها عنها وخمتالتها الوجود حيث تثبت

اأوىل حينها.

يف والعدم ال�ج�د جانب من املقا�صدي النظر رابعا: ال�اقع املعا�صر

تتابع اأو تالزم والعدم، ال�ج�د جانبي .1مواقع يف ومتثلها املقا�سد حفظ لت�سريع النظري التاأ�سي�س اإن

الوجود الب�سري ي�ستلزم ال�ستغال على م�سلكني متوازيني:وتر�سيخ والأهداف املقا�سد تثبيت نحو وتتجه الإقامة وهو الأول: يتطلب والأركـــان القواعد تلك تثبيت لكن وقــواعــدهــا، الأركـــان ما اإىل فيها احلياة وا�ستقامة م�ساحلها ودوام قيامها ا�ستمرار يحافظ على تلك ال�ستقامة وذلك الثبات، حتى ل تعرتيهما عوادي الحتياط م�سلك اآخر هو م�سلك وذلك ودواعــي اخلرم، الإخــالل

واحلماية.هل هو: املقام هذا يف حترير اإىل يحتاج الــذي الإ�سكال اأن غري ال�ستغال على هذين امل�سلكني يكون ب�سورة تالزمية ا�ست�سحابية؟ الوجود اأي جانب الإقامة؟ القت�سار على م�سلك بالإمكان اأنه اأم به احلفاظ ما اإىل النظر توجيه بعد ذلك ثم املقا�سد، يف حفظ وا�ستمرار قيامها مي�س ما كل من حمايتها املطلوب م�سالح على

وجودها؟الوجود مواقع الجتهاد يف لأن امل�ساألة؛ بالنظر يف القطع ي�سعب الب�سري بتحقيق مناطاته يتطلب اإرجاع ذلك النظر بح�سب احلالت ال�سرعية بدرء املقا�سد املرتبط بحفظ ال�سياق واملاآلت، ويف هذا وهو الغزايل يتوقف املعتربة، امل�سالح وجلب املدفوعة املفا�سد املنكر عن والنهي باملعروف الأمــر باب يف احل�سبة م�ساألة يحرر معلنا توفري ف�سحة تاأمل واجتهاد قبل النظر يف هذا الإ�سكال فقال: "فهذه دقائق واقعة يف حمل الجتهاد وعلى املحت�سب اإتباع اجتهاده يف ذلك كله ولهذه الدقائق نقول: العامي ينبغي له اأن ل يحت�سب اإل يف اجلليالت املعلومة ك�سرب اخلمر والزنا وترك ال�سالة، فاأما ما الأفعال ويفتقر اإىل ما يطيف به من بالإ�سافة يعلم كونه مع�سية اأكر مما يف�سده ما كان فيه اإن خا�س فالعامي اجتهاد، اإىل فيه ي�سلحه، وعن هذا يتاأكد ظن من ل يثبت ولية احل�سبة اإل بتعيني اأو لق�سور معرفته لها، اأهال لي�س لها من ينتدب اإذ رمبا الوايل؛

ق�سور ديانته فيوؤدي ذلك اإىل وجوه من اخللل25."واأحوال التاريخي للزمن املختلفة ال�سياقات عن النظر ب�سرف املخاطبني بالت�سريع اإبان مرحلة الغزايل، وما ت�سمنه من اإجابات مرتبطة بتلك ال�سياقات، فاإن الن�س يوفر لدينا اأحقية ال�سوؤال يف لذلك وم�سائله. ق�ساياه ت�سعبت الــذي املعا�سر التاريخي زمننا جانب من املقا�سدي البعد ا�ستثمار يف النظر راأينا، يف يتطلب، الفروق الإن�ساين �سرورة حترير الوجود والعدم يف مواقع الوجود من املقا�سد مراعاة تطبيقات فيها تختلف عــدة م�ستويات بني

اجلانبني من م�ستوى لآخر.

والعدم ال�ج�د جانبي من املقا�صدي النظر متثل .2اأ. على م�صت�ى الفرد

كبريا ال�سرعي جزءا للفرد �سمن اخلطاب املوجه ميثل اخلطاب يحمل يف معانيه ودللته تق�سيدا �سرعيا يف حفظ الكليات العظمى التي تعمل ال�سريعة على �سيانتها، وذلك بح�سب ما تتيحه له قدراته ال�سرعية التوجيهات تلك واأغلب ال�سخ�سية، وطاقاته النف�سية ح�سورها ي�سمن وجــه على الكليات وتثبيت اإقــامــة جانب تــروم ا�ستهدافها نطاق احلر�س على طلب اأكر من الوجود، من جانب حمايتها و�سيانتها من التعر�س لالختالل من جانب العدم. وذلك وقيامي تاأ�سي�سي له طابع النفراد �سبيل على الأفراد لأن خطاب اأكر منه تغيريي تقوميي اإل ما كان من تذكري مبا يعطل فيه جانب فر�س على قــادرة �سلطة �سرط توفر لنعدام والقيام، التاأ�سي�س

Page 90: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 9036

ملف العدد

ا�ستقامة احلياة يف حفظ تلك الكليات من جانب تغيب التي املعا�سر الوقت يف خ�سو�سا الوجود، فيه ال�سلط العليا التي تتكفل ب�سمان �سلطة الفرد يف قيامه بواجب حماية الكليات من جانب العدم.وبناء عليه، فاإن غياب مكنة الفرد امل�سلم يتوجب عليه النظر يف اجتاه ما ي�سمن قيام تلك الكليات جانب من ال�سريعة عليها تقوم التي ال�سرعية وتربية وتاأهيال بناء وثباتها، وقيامها وجودها عليها، حتى تتحقق ا�ستقامة احلياة العملية اأكر من توجيه نظره �سوب جانب اختاللها ودرو�سها؛ باب وذلــك والتغيري. الإ�سالح ي�سبق البناء لأن يف املـــاوردي عنه حتــدث التي النف�س مع العدل بحملها فيكون نف�سه يف عدله "فاأما قائال: اأدبه على امل�سالح، وكفها عن القبائح، ثم الوقوف يف اأحوالها على اأعدل الأمرين من جتاوز اأو تق�سري. فاإن التجاوز فيها جور والتق�سري فيها ظلم، ومن ظلم نف�سه فهو لغريه اأظلم ومن جار عليه فهو على

غريه اأجور26."فذلك النف�سية الفرد �سلطة حتت يدخل ما اأما متاح من باب ال�سرورة مقاومة كل ما مي�س تلك الكليات يف نف�سه واختالل وجودها، ويف اخلطاب

ال�سرعي ن�سو�س كثرية تدل على ذلك منها:من وقد خاب زكاها. من افلح "قد تعاىل: قوله �سبحانه: وقوله ،)10-9 )ال�سم�س: د�ساها"، فليعمل عمال �ساحلا ربه لقاء يرجوا كان "فمن ول ي�سرك بعبادة ربه اأحدا" )الكهف: 105( اإىل

غري ذلك من الن�سو�س القراآنية.ب. على م�صت�ى الأ�صرة

ي�سكل بناء موؤ�س�سة الأ�سرة الإطار احلا�سن للفرد ومقوماته يف حفظ الذي حتدثنا عن خ�سائ�سه كليات ال�سريعة على م�ستواه الذاتي، فتكون بذلك الأ�سرة قد ن�سج وعيها الفكري وال�سرعي ملا ينبغي لها القيام به من جانب الوجود، ومن جانب العدم حفظ جتــاه واجباتها لكن الــفــرد، م�ستوى على املقا�سد ال�سرعية باعتبارها موؤ�س�سة من الأفراد تتغري عن �سابقها، وذلك من حيث امتالكها �سلطة

والتنبيه التوجيه يف معينة �سنني عند تقديرية وكذا التقومي والعقاب.

الأ�سرة من يتطلب املعا�سر الزمن اأن ريــب ول فهم من ميكنها ح�ساري فقه امتالك امل�سلمة حتى العاملية، والــتــطــورات الأحــــداث جمــريــات على وتبني وامل�ستجدات، املــتــغــريات ت�ستوعب ملقا�سد والقيامي التثبيتي م�سروعها اأ�سا�سها الإن�ساين، الوجود مواقع يف وكلياتها، ال�سريعة املداخل مــعــرفــة اإىل ــافــة اإ�ــس ــنــزيــال، وت فــقــهــا من الكليات تلك على احلــفــاظ يف التوجيهية اإىل عدمها، الأثر جانب اختاللها، حتى ل ي�سل ولعل م�ساألة الرتبية لها اأهميتها الق�سوى يف تلك وحتذيرهم الأطــفــال توجيه حيث مــن املــداخــل خمافة املنا�سب بالقدر عقابهم وحتى وتنبيههم يف الآباء عمل وي�سمل ال�سريعة. بكليات الإخالل بتلقينهم فالدين: الكليات: كافة الأبناء تاأهيل اإقامة على وتربيتهم وتعليما، تفهيما ال�سهادتني ال�سالة وتدريبهم على ال�سوم حتى يتمم تاأهيلهم ل�سيام رم�سان، وغري ذلك من ال�سعائر احلافظة قال وحياتهم، نفو�سهم يف والتعبد التدين لقيم املحرمات عن ال�سبيان "وينهى الزخم�سري: ليمرنوا بال�سالة يوؤخذون كما يتعودوها ل حتى النف�س على حرمة برتبيتهم عليها27." والنف�س: الب�سرية وتوجيههم اإىل عدم العتداء على نفو�س للخطر، تعر�سهم وجتنيب حمايتهم وكذا الغري والن�سل: وذلك برتبيتهم ال�سوية على الفهم ال�سليم للق�سايا اجلن�سية، وجتنيبهم لكل ما يقربهم من عند للزواج وتاأهيلهم الأخالقي، الف�ساد اأ�سكال توفر ال�سروط الالزمة، وتثقيفهم مبعرفة الأخطار الناجمة عن ذلك مبا يف ذلك الأمرا�س اجلن�سية. والعقل: بتعليمهم وتثقيفهم مبا ينفعهم يف احلياة املعا�سرة، واإر�سادهم للوجهة العلمية ال�سحيحة، ال�سليمة، فطرتهم �سفاء يخد�س ما وجتنيبهم والأيديولوجيات الــهــدامــة الأفــكــار اأخــطــار مــن واإبعادهم عما يكدر �سفو عقولهم من املنحرفة، اخلمور... ـــواع واأن مهلو�سة واأقــرا�ــس م�سكرات

تواجه األمة تحديات كبرى في

حالها ومآلها، مما يرفع من شأن مهامها

وواجباتها على صعيد

حفظ الكليات الشرعية..

Page 91: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

91 العدد 36 |

ملف العدد

واملال: برت�سيدهم والإنفاق عليهم وتعليمهم �سبل الإنفاق احل�سن وما يعودهم عليهم بالنفع بح�سب عبد بن العز ذهب وقد وال�سرورات. الأولويات �ــســرورة تقدمي مــن مــن ذلــك اأبــعــد اإىل ال�سالم عمل الآباء على الأمهات يف النظر يف م�سالح من حتت ت�سرفهم مبا يف ذلك الأبناء فقال: "ويقدم اأموال م�سالح يف النظر يف الأمهات على الآبــاء احلرف وارتياد التاأديب ويف والأطفال املجانني من به واأعــرف بذلك اأقــوم لأنهم وال�سناعات؛ القارب النكاح وليــة يف يقدم وكذلك الأمهات،

على املوايل واحلكام...28."يــتــوجــب عليها ــرة ــس ــالأ� ــك مــهــمــة عــظــمــى ل ــل وتوالأ�سرة ــــراد الأف يــتــاأهــل حتى بها ال�ــســطــالع املجتمع، م�ستوى على وحفظها الكليات ل�سيانة كما اأنه على الأب اأن "ياأخذ ولده مببادئ الآداب عند قبولها عليه في�سهل عليها وين�سا بها لياأن�س ن�سوء لأن ال�سغر يف مببادئها ل�ستئنا�سه الكرب ال�سغري على ال�سيء يجعله متطبعا ومن اأغفل يف

ال�سغر كان تاأديبه يف الكرب ع�سريا29."ج. على م�صت�ى املجتمع

يعترب التجمع الب�سري الكبري داخل القطر الواحد ر�سيدا اإن�سانيا كبريا يجمع �سمن جزئياته عددا هائال من املوؤ�س�سات الأ�سرية والعنا�سر الفردية، املقا�سد حفظ واجــبــات جانبه مــن تعظم كما الق�سايا تطور اإىل بالنظر جتلياتها، بكل الكلية وتزايد لآخر، حني من امل�سائل وتوايل امل�ستجدة البعد "اإن بل املجتمع. تواجه التي امل�ستجدات درجة على اأ�سبح الراهن الواقع يف الجتماعي باملعنى الفرد �ساأن كاد حتى التو�سع، من كبرية اخلال�س مل يبق له وجود يف احلياة احلديثة30."

ال�سرعية الن�سو�س وميثل اخلطاب اجلماعي يف م�ساحة وا�سعة بالنظر اإىل قيومية الدين يف ال�ساأن يف الكربى اجلماعة ولأهمية اجلماعي، العام، قيامة احلياة الدينية وتثبيتها يف املجتمع، كما لها بالأمن يودي اختالل اإحــداث العميق يف تاأثريها

الديني يف املجتمع.

يف ــقــدمي ال املجتمع مــكــونــات انــحــ�ــســرت واإذا وبع�س والقبيلة كــالأ�ــســرة معينة، مــوؤ�ــســ�ــســات فاإن الب�سيطة، والجتماعية احلرفية املجموعات وتنوعت املكونات هــذه تعددت املعا�سر الوقت التاأثري من لها اأ�سبح بحيث واأ�سكالها، �سورها املجتمع م�ستوى على وا�سعا تغيريا يحدث مــا هيئات فهناك ووجــيــزة، ـــدودة حم اأوقــــات ويف وال�سيا�سية واملهنية احلرفية اأنواعها بكل نقابية املدين املجتمع جمعيات وهناك والإعــالمــيــة... الثقافية واجلمعيات احلكومية غري واجلمعيات املختلفة، والت�سالت الفاي�سبوك وجمموعات باإمكانها تغيري الراأي العام واإعادة ت�سكيل وعيه، وتون�س م�سر بــالد يف اأخـــريا حــدث مــا يف ولنا

وغريها �ساهدا ودليال. كل هذه املكونات اجلديدة وامل�ستحدثة خلقت لدى املجتمع اآليات وو�سائل منا�سبة وجديدة يف �سرورة ا�ستثمارها للقيام مبهام حفظ املقا�سد ال�سرعية، واإقامة اأركانها وتثبيتها من جانب الوجود، وبنف�س املقا�سد تلك ا�ستثمارها يف حماية القدر ميكنها

و�سيانتها من الإخالل بها من جانب العدم.اأما يف عالقة املجتمع مع موؤ�س�سة ال�سلطة، فريى الغزايل اأن لها التعريف والن�سح معه بعدما حدد مراتب عدة يف نظام احل�سبة فقال: "واأما الرعية مع ال�سلطان فالأمر فيها اأ�سد من الولد فلي�س لها معه اإل التعريف والن�سح" اأما الرتبة الثالثة وهي الدرجات اأ�سد من وراءهــا وما والتعنيف ال�سب ورد كما النهي عنه ورد "ذلك حمظور اأن فريى فيه تعار�س فقد املنكر على ال�سكوت عن النهي اجتهاد اإىل موكول فيه والأمــر حمــذوران اأي�سا من�سوؤه النظر يف تفاح�س املنكر ومقدار ما ي�سقط ل ممــا وذلــك عليه الهجوم ب�سبب ح�سمته مــن

ميكن �سبطه31."د. على م�صت�ى الدولة

ال�سيا�سية بال�سلطة ي�سمى ما اأو الدولة ملوؤ�س�سة اأهمية كربى يف حفظ املجتمع واأفراده يف كلياتهم ال�سرعية العليا التي جاءت ال�سريعة ملراعاتها يف

التقصيد التكليفي الدائر حول

الغايات اإلنسانية الوجودية الكبرى

ال يمر إال عبر تمثالت واقعية

وتشخيصية للقيم اإلنسانية العليا..

Page 92: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 9236

ملف العدد

مكنها �سلطة لمتالكها وذلك الب�سرية، احلياة منها اأفراد املجتمع للقيام بواجب الردع وال�سرب على اأيدي املفرطني يف تلك الكليات؛ "لأن فري�سة الأمــــر بــاملــعــروف والــنــهــي عــن املــنــكــر جـــزء من �سيا�سة الدولة الإ�سالمية احلاكمة مبا اأنزل اهلل، املتطوعني من �سخ�سي جهد جمرد لي�ست فهي

اأ�سحاب النوايا الطيبة32."والأ�سرة واملجتمع نطاقات متعينة للفرد اأن وكما جانبي من ال�سرعية املقا�سد بحفظ التكفل يف الوجود والعدم، فاإن ملوؤ�س�سة الدولة اأي�سا نطاقات يف ولي�ست متناولهم يف لي�ست وا�سعة وجمــالت ال�سيا�سية وهي يف ال�سلطة بها تتكفل مقدورهم، املخت�سة املطالب فيها تتوازى ما حالتها اأغلب بحفظ الكليات من جانب الوجود واملثالب املتعينة

يف �سمان حماية تلك الكليات من جانب العدم.وقد اأجمل املاوردي مهام ال�سلطة33 يف هذا ال�ساأن اأمورها من الأمة �سلطان يلزم "الذي قال: حني تبديل من الدين حفظ اأحدهما: اأ�سياء: �سبعة له. اإهــمــال غري من به العمل على واحلــث فيه، من الأمــة والــذب عن البي�سة والثاين: حرا�سة والثالث: مال، اأم نف�س باغي اأو الدين يف عدو وتهذيب م�ساحلها، باعتماد الــبــلــدان عــمــارة �سبلها وم�سالكها، والرابع: تقدير ما يتوله من اأخذها الدين من غري حتريف يف ب�سنن الأمــوال والأحكام املظامل معاناة واخلام�س: واإعطائها، الن�سفة يف ف�سلها، اأهلها واعتماد بالت�سوية بني وال�صاد�س: اإقامة احلدود على م�ستحقها من غري وال�صابع: اختيار جتاوز فيها، ول تق�سري عنها. خلفائه يف الأمور اأن يكونوا من اأهل الكفاية فيها

والأمانة عليها34."ال�سياق هــذا يف الــدولــة بــه تتميز مــا اأهــم لكن على الواردة املفا�سد درء يف العظمى م�سوؤوليتها الأفراد اأو الأ�سرة اأو املجتمع، م�ستعينة مبا توافر اجلانب ا�ستثمار يف وقــدرة ا�ستطاعة من لديها ما وهو ذلــك، الأمــر اقت�سى اإذا للقوة الزجري ا�سطلح عليه الفقهاء بباب اجلنايات التي حددتها

املعنى هذا ويف املقرتفة. املفا�سد لدفع ال�سريعة يقول اأبو حامد: "فاعلم اأن الزجر اإمنا يكون عن امل�ستقبل، والعقوبة تكون على املا�سي، والدفع على احلا�سر الراهن. ولي�س اإىل اآحاد الرعية اإل الدفع وهو اإعدام املنكر، فما زاد على قدر الإعدام فهو اإما عقوبة على جرمية �سابقة اأو زجر عن لحق. وذلك اإىل الولة ل اإىل الرعية. نعم الوايل له اأن

يفعل ذلك اإذا راأى امل�سلحة فيه35."واإن من الق�سايا الكربى داخل جمتمع ما ل ميكن بتدخل اإل فيه واخلو�س حلولها نا�سية امتالك ال�سلطة العليا، �سواء تعلق الأمر باملعروف اأو النهي عن املنكر، كفتح باب اجلهاد بق�سد حماية الدين �سيانة بهدف وتنفيذها احلدود واإجراء وحفظه

الأموال والنفو�س والأب�ساع.ويف هذا الن�س لبن تيمية اإ�سارات تنبه اإىل هذا اإ�سالح بالوليات: الواجب "فاملق�سود املعنى؛ دين اخللق الذي متى فاتهم خ�سروا خ�سرانا مبينا ل ما واإ�سالح الدنيا به يف نعموا ما ينفعهم ومل نوعان: وهو دنياهم اأمــر من به اإل الدين يقوم ق�سم املال بني م�ستحقيه، وعقوبات املعتدين، فمن مل يعتد اأ�سلح له دينه ودنياه، ولهذا كان عمر بن اخلطاب يقول: اإمنا بعثت عمايل اإليكم ليعلموكم دينكم، بينكم ويقيموا نبيكم و�سنة ربكم كتاب وجه من والــرعــاة وجــه من الرعية تغريت فلما اإ�سالح يف الراعي اجتهد فاإذا الأمور، تناق�ست اأف�سل من كان الإمكان بح�سب ودنياهم دينهم �سبيل يف املجاهدين اأف�سل من وكان زمانه اأهل

اهلل36."ه. على م�صت�ى الأمة

كربى حتديات املعا�سر الوقت يف الأمــة تواجه يرفع مما وواقعها، حالها ت�سخي�س اإىل بالنظر حفظ �سعيد على وواجباتها مهامها �ساأن من الوجود يف وا�ستمرارا �سمانا ال�سرعية الكليات ال�سهود مــ�ــســوؤولــيــة العظمى للمهمة وتــاأهــيــال يف لالنخراط مدعوون علمائها فكل احل�ساري. ال�سدع وراأب والعقدية، الفقهية الوحدة دعوات

حينما تذهل األمة عن الفعل الحضاري المستند

إلى التمكين الثقافي، يتعذر عليها العمل

على حفظ الكليات الشرعية ومقاصدها العامة من جانب العدم..

Page 93: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

93 العدد 36 |

ملف العدد

بالتحديات وعيهم ت�سكيل واإعــادة اأبنائها، بني احل�سارية الكربى وخا�سة الدينية واإقامة احلياة

الإ�سالمية يف عالقاتهم الجتماعية.الإلهي التكليف نهاية الثقايف ال�سهود ويبقى بالأمانة الــوفــاء ا�ستحقاقات وغــايــة لالإن�سان م�ستاأمنة هي مبا الأمــة اإن ثم عليه، املعرو�سة الو�سطية مقت�سيات بحكم والــكــون الــوجــود يف اأمة جعلناكم "وكذلك اخلــرييــة وم�ستلزمات و�سطا، لتكونوا �سهداء على النا�س ويكون الر�سول اأي�سا فهي .)142 )الــبــقــرة: �سهيدا" عليكم الأخـــرى لـــالأمم والــبــيــان الــبــالغ على م�ستاأمنة عمال بامليثاق الإلهي املاأخوذ ومقت�سيات ال�سهادة الإن�سانية املتعينة. �سريا على الهدي القراآين لقوله تعاىل: "واإذ اخذ اهلل ميثاق النبيئني ملا ءاتيناكم ملا م�سدق ر�سول جاءكم ثم وحكمة كتاب من معكم لتومنن به ولتن�سرنه. قال ءاآقررمت واأخذمت على ذلكم اإ�سري، قالوا اأقررنا، قال فا�سهدوا واأنا

معكم من ال�ساهدين" )ءال عمران: 80(. حول الدائر التكليفي الإن�ساين التق�سيد اأن كما هذه الغايات الكربى من الوجود الب�سري ل متر اإل الإن�سانية للقيم وت�سخي�سية واقعية عرب متثالت ل لأنها بقدرها؛ والهتمام بها العناية املطلوب حمالة تخدم بدورها حفظ الكليات ال�سرورية يف

ا�ستمرار احلياة وقيامها37.وت�سل ق�سايا الأمة املركزية يف �سلب ذلك التفاعل كق�سية فل�سطني التي ل ينبغي اأن تغيب من اأذهان يف بالإ�سهام امل�ستطاع قدر والعمل الأمــة اأفــراد بدعم وانتهاء املقاطعة باأ�سكال بــدءا حتريرها

احلركات التحررية.

يف ال�ج�د جانب اأول�ية دواعي خام�صا: النظر املقا�صدي

التمكني غياب .1يف الزمن الذي تغيب فيه الأمة عن الفعل احل�ساري امل�ستند اإىل التمكني الثقايف بكل اأ�سكاله و�سوره، ال�سرعية الكليات حفظ على العمل عليها يتعذر

ومقا�سدها العامة من جانب العدم؛ لأن التمكني وموؤ�س�ساتها، لأفرادها تربوي ن�سج من فيه مبا ح�سول ي�سمن الذي هو ملوؤ�س�ساتها ثقايف وبناء ال�ستمرار يف ذلك من جانب الوجود كما ي�ستمر ذلك احلفظ على م�ستوى العدم. ويف هذا ال�سياق و�سلم، عليه اهلل �سلى النبي، حديث ن�ستح�سر بذنوب اخلا�سة يــعــذب ل اهلل "اإن فــيــه: يــقــول العامة حتى يرى املنكر بني اأظهرهم وهم قادرون

على اأن ينكروه فال ينكرونه38."وفيما ي�سبه هذا الو�سع لالأمة يف الوقت املعا�سر ن�ستدعي هنا ن�سا للماوردي يتحدث فيه عن حفظ والتمكني املكنة العدم يف حال الكيات من جانب يقول رحمه اهلل: "فال يخلو حال فاعلي املنكر من قني، اأحد الأمرين: اأحدهما: اأن يكونوا اآحادا متفرافروا بوا فيه، ومل يت�س دين، مل يتحز واأفرادا متبدعفون، م�ست�س واأفذاذ مقهورون، ة رعي وهم عليه، ا�س اأن اأمرهم باملعروف ونهيهم فال خالف بني النعن املنكر، مع املكنة وظهور القدرة واجب على من �ساهد ذلك من فاعليه، اأو �سمعه من قائليه )...( انية: اأن يكون فعل املنكر من جماعة قد ال الث واحلاإليه. ودعت بت ز حت قد بة وع�س عليه، افروا ت�سمذاهب على اإنكاره وجوب ا�س يف الن اختلف وقد هل واأ ديث احل حاب اأ�س من طائفة فقالت �ستى يكون اأن بالإن�سان والأوىل اإنكاره يجب ل الآثار: �سكا، ومالزما لبيته، وادعا غري منكر ول ا، مم كاف

".39 م�ستفزت�سريع يف اأهــمــيــة مــن للتمكني مــا تـــرى فــاأنــت الأحكام وحفظ كلياتها يف املجتمع، فحيث توفرت الكف العمل على ذلك، وحيث غابت وجب وجب العظمى، املف�سدة يف الــوقــوع خمافة ذلــك عــن على القائم الجتهادي النظر تقديرات بح�سب

فقه م�سالح الأمة. تتجه املعا�سر الزمن الأمة يف اأولوية فاإن لذلك، جتلياته بكل الثقايف التمكني فكر بناء �سوب حتى يت�سنى لها اجلواز اإىل ما ل ميكن اإدراكه يف

إن الدعوة إلى حفظ مقاصد

الشريعة ومراعاة كلياتها تقتضي النظر في ذلك

من جانبي الحفظ والحماية..

Page 94: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 9436

ملف العدد

احلال، وذلك ما يعترب عكوفا على ا�ستنفار كل اأفرادها وموؤ�س�ساتها من للمقا�سد احلافظة ال�سرعية الأحكام متثل �سبيل يف وعلمائها ن اإ ذين "ال الكرمية: الآيــة تقرره ما وذلــك اأ�سا�سا. الوجود جانب باملعروف واأمــروا كاة الز وءاتــوا الة ال�س اأقاموا الر�س يف اهم ن مك عاقبة المور" )احلج: 39(، واإىل هذا املعنى ونهوا عن املنكر، وهللاأ�سار القرطبي يف تف�سريه اآية احل�سبة يف قوله تعاىل: "ولتكن منكم ري ويامرون باملعروف وينهون عن املنكر، واأولئك ـة يدعون اإىل اخل امقوله يف و"من" قــال: حيث )104 عــمــران: )ءال املفلحون" هــم ولي�س علماء يكونوا اأن يجب الآمرين اأن ومعناه بعي�س، "منكم" للتلتكونوا كلكم كذلك. ن�س، واملعنى لبيان اجل ا�س علماء. وقيل: كل النهي عن مر باملعروف والن ه يدل على اأن الأ ن ح؛ فاإ ل اأ�س قلت: القول الأو

نهم اهلل تعاىل بقوله: املنكر فر�س على الكفاية، وقد عيالة" الآية. ال�س اأقاموا الر�س يف اهم مكن اإن ذين "ال

نوا40." ا�س مك ولي�س كل الن

امل�صالح بني الرتجيح .2النظر من املرجوة امل�سالح بني الرتجيح منتهى اإن وامل�سالح الوجود جانب من الكلية املقا�سد حفظ يف امل�ستهدفة من ال�ستغال على جانب العدم، يتوقف عند اللتزام بتقدمي اأولوية النظر من جانب التثبيت والإقامة ملا يجلب امل�سالح، قبل جانب الدفع والإبطال ملا يوؤدي اإىل املفا�سد، ويف ظل واقع الأمة الراهن يقت�سي امليل اإىل اعتبار جانب الوجود اأكر من مقابله، ويدعو اإىل �سرورة اإرجاء النظر من جانب العدم اإىل حني توفري والجتماعية والنف�سية الفكرية ال�سروط جمموعة من وح�سورها التجليات، كثري يف وغــريهــا وال�سيا�سية الفعلي حتى يتم الوفاء باحلاجات وال�سرورات امل�سوغة الأخذ الأحــوال اأح�سن اأو يف العدم، للنظر من جانب وظهور املكنة ح�سور بح�سب الكلي التكامل مبــبــداأ

القدرة الالزمة لذلك التكامل.فالدولة امل�سلمة، مثال، ل ت�سمح لها ال�سروط الآنية يف ال�ستغال على كلية حفظ الدين من جانب العدم على امل�ستوى اخلارجي؛ لأن اإعالن الفتح يف الوقت الراهن املكت�سبات كــل على تــاأتــي الــتــي املغامرة مــن �سرب الوجود، جانب من الدين حفظ اإعمال من املتحققة هذا على م�ستوى الدولة، )مع الت�سديد على اأن التو�سل حيثيات فر�سته اأمــر الإ�ــســالم ون�سر للدعوة كــاأداة الفتح باإعالن و�سروط تاريخية مل تعد قائمة، ول تن�سجم، بال�سرورة، مع املعيارية الإ�سالمية يف حرية العقيدة وعدم الإكراه يف الدين. بحيث اأن متام حتقق الدعوة اإىل اهلل اإمنا يتاأتى من خالل منظومة القيم الإ�سالمية يف احلرية، والت�سامح واملجادلة بالتي هي اأح�سن، والعدل..( ونف�س �سروطه ت�سعفه ل املهجر بديار املقيم امل�سلم للفرد بالن�سبة الأمــر النف�سية والجتماعية وحتى ال�سيا�سية يف العمل على حفظ الدين مع الإ�سالمية الدعوة ينتقل من جانب كاأن العدم، الآخرين من جانب اإىل اإنزال عقوبات حتى لو كان با�ستطاعته على الغري، ملا يحدثه ذلك فكر يف ولنا اأي�سا، الأمــة وعلى غريه وعلى عليه كربى مفا�سد من

ل يتحقق روح الدين اإل باملقا�صد الأ�صلية

البناء على املقا�سد الأ�سلية ي�سري ت�سرفات املكلف كلها عبادة، كانت من قبيل "اإن واأخذ الدنيا، اأحوال قيام من ال�سارع مراد فهم اإذا املكلف لأن العادات؛ اأو العبادات اإذا ويرتك العمل، منه يعمل من حيث طلب اإمنا فهو فهم، ما مقت�سى على العمل يف طلب منه الرتك؛ فهو اإعانة اخللق على ما هم عليه من اإقامة امل�سالح باليد، والل�سان،

والقلب.اأما باليد؛ فظاهر يف وجوه الإعانات. واأما بالل�سان؛ فالبوعظ والتذكري باهلل اأن يكونوا فيما هم عليه مطيعني ل عا�سني، وتعليم ما يحتاجون اإليه يف ذلك من اإ�سالح املقا�سد والأعمال، وبالأمر باملعروف والنهي عن املنكر، وبالدعاء والإح�سان ملح�سنهم والتجاوز

عن م�سيئهم.التي الأو�ساف باأح�سن ويعرفهم اخلــري، لهم يعتقد بل �سرا، لهم ي�سمر ل وبالقلب ات�سفوا بها ولو مبجرد الإ�سالم، ويعظمهم ويحتقر نف�سه بالن�سبة اإليهم اإىل غري ذلك

من الأمور القلبية املتعلقة بالعباد.بل ل يقت�سر يف هذا على جن�س الإن�سان، ولكن تدخل عليه ال�سفقة على احليوانات كلها، حتى ل يعاملها اإل بالتي هي اأح�سن، كما دل عليه قوله عليه ال�سالة وال�سالم: "يف كل ذي كبد رطبة اأجر". وحديث تعذيب املراأة يف هرة ربطتها، وحديث: "اإن اهلل كتب الإح�سان

على كل م�سلم، فاإذا قلتم فاأح�سنوا القتلة" احلديث، اإىل اأ�سباه دلك.فالعامل باملقا�سد الأ�سلية عامل يف هذه الأمور يف نف�سه امتثال لأمر ربه، واقتداء بنبيه

عليه ال�سالة وال�سالم؛ فكيف ل تكون ت�ساريف من هذه �سبيله عبادة كلها؟".

مرابي، حممد حتقيق، التكليف، باأ�سرار التعريف عنوان اأو املوافقات ال�ساطبي، اإ�سحاق اأبو ج2، )1432ه/2011م(، ط1، نا�سرون، الر�سالة موؤ�س�سة بريوت: دراز، اهلل عبد تعليق،

�س499-498.

Page 95: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

95 العدد 36 |

ملف العدد

الفقهاء مت�سع فائدة يف هذا ال�سدد يف ما قرروه من �سروط النهي باملعروف الأمر "والرفق �سبيل تيمية: ابن ال�سيخ املنكر يقول عن والنهي عن املنكر ولهذا قيل ليكن اأمرك باملعروف باملعروف ونهيك عن املنكر غري منكر، واإذا كان الأمر باملعروف والنهي عن املنكر فيها امل�سلحة تكون اأن لبد امل�ستحبات اأو الواجبات اأعظم من الكتب واهلل ل الر�سل ونزلت بعثت اإذ بهذا املف�سدة؛ راجحة على

يحب الف�ساد41."

ومنطقية �صرعية اأ�ص�س .3ي�ستند واملنطق بالعقل ترتبط ودعائم �سرعية اأ�س�سا هناك لأن عليها النظر يف تقدمي اأولوية ال�ستغال على جانب الوجود يف حفظ وهذه ذلــك، على العتماد ال�سروري من فكان الكلية، املقا�سد الأ�س�س منها ما هو معياري يعود لن�سو�س قراآنية وحديثية، ومنها ما هو م�ستند اإىل املنطق ومنها ما هو عائد اإىل امل�سلحة، وهو ما

�سيتم بيانه يف املبحث املوايل.�صاد�صا: اأ�ص�س تقدمي جانب ال�ج�د عن العدم

تقت�سي كلياتها ومراعاة ال�سريعة مقا�سد حفظ اإىل الدعوة اإن اإحاطة لزاما فكان واحلماية، احلفظ جانبي من ذلك يف النظر ذلك يتم حتى متواز ب�سكل النهي ودللت الأمــر باأحكام ذلــك

احلفظ.ال�سروري املبداأ واردة وم�ستمرة من حيث تبقى الدعوة لكن هذه املوؤ�س�س على كلية التمكني وظهور القدرة ،كما يقول الفقهاء، لكن وجود فراغ ملحوظ يف جانب املكنة وال�سلطان يف كيان الأمة لتمثل مبادئها ال�سرعية يف واقعها يثري ذلك �سوؤال اأولوية اجلانب احلري بالعتبار اأكر من الآخر؟ خ�سو�سا واأن واقع الأمة املعا�سر يتطلب حتقيقا دقيقا من �ساأنه توجيه النظر اإىل اجلانب الأجدى والأوىل

يف متثل املقا�سد.يرى �ساحب هذه الورقة اأن واقع الأمة املعا�سر يتطلب منح الأولوية جانب على الكلية املقا�سد حفظ يف الوجود جانب اإىل الق�سوى العدم، دون اإغفال هذا اجلانب كلما ظهرت القدرة وا�ستتبت املكنة لدى الأمة اأفرادا وجماعات؛ لأنها حتتاج اإىل تربية وبناء م�ستوعب لقانون الظهور واحل�سور الفعلي، ويتاأ�س�س هذا النظر على جملة

من الأ�س�س ميكن اإيجازها يف الآتي:

ال�صرعي الأ�صا�س .1ت�سهد لتقدمي النظر يف حفظ املقا�سد ال�سرعية من جانب الوجود

على )غريه( جانب العدم ن�سو�س قراآنية وحديثية كثرية، من ذلك قوله تعاىل:

عن وتنهون باملعروف تامرون ا�س للن اأخرجت ة ام خري "كنتم اأ. لهم، منهم لكان خريا اأهل الكتاب ـامن ولو ، وتومنون باهلل املنكر

هم الفا�سقون" )ءال عمران: 110(. املوؤمنون، واأكرعن وينهون باملعروف ويامرون الخــر واليوم باهلل "يومنون ب. )ءال ني" احل ال�س مــن ــك ــئ واأول ات، ـــري اخل يف وي�سارعون املنكر

عمران: 114(.ري ويامرون باملعروف وينهون ة يدعون اإىل اخل ج. "ولتكن منكم ام

عن املنكر، واأولئك هم املفلحون" )ءال عمران: 104(.تبداأ ال�سرعي التكليف اأن مطالب القراآنية الآيات يظهر من هذه من جانب اإقامة قواعد ال�سريعة وبناء كلياتها حتى ت�ستقيم احلياة يليها احلر�س على الب�سري، ثم وتتمثل الأحكام يف مواقع الوجود والإخالل، بالإبطال عليها تعود ما جانب من الكليات تلك حفظ ولعل الآية الأخرية فيها ما يحث الأمة على الدعوة اإىل اخلري اأول ثم الأمر باملعروف ثم النهي عن املنكر؛ لأنه قبل القيام بواجب النهي باملعروف والأمر اإىل اخلري الدعوة �سوابق لبد من املنكرات عن ويف ذلك ما ي�سري اإىل تقدمي حفظ الكليات من جانب الوجود قبل لوازم ا�ست�سحاب من لبد كاب واإن العدم، جانب من حمايتها

بع�سهما البع�س.الة اهم يف الر�س اأقاموا ال�س ن ذين اإن مك وكذلك قوله عز وجل: "ال عاقبة المور" كاة واأمروا باملعروف ونهوا عن املنكر، وهلل وءاتوا الز)احلج: 39( يف الآية دللة قوية اإىل �سرورة ت�سخري املكنة والتمكني الزكاة واإيتاء الأمة يف التدين متثل اإىل واإ�سارة ال�سالة، باإقامة التكاليف التتابع يف فذلك املنكر، عن والنهي باملعروف الأمر ثم حفظ يف الزمني الرتتيب �ــســرورات معه ي�ست�سحب ال�سرعية

الكليات من حيث تقدمي البناء والأ�سا�س قبل الإ�سالح واحلماية.

ال�صتقرائي 2.الأ�صا�س على واحلديثية القراآنية فيها كثرية مبا �سرعية ن�سو�س تت�سافر حفظ يف الوجود جانب من النظر اأولــويــة اإعطاء معنى ح�سول القطع ا�ستك�ساف تعذر فــاإذا العدم، جانب على الكلية املقا�سد يقينا وروده فــاإن النــفــراد �سبيل على ن�سو�س من املعنى بذلك باجتماع اجلزئيات احلكمية على �سبيل الإجمال؛ لأن لالجتماع من

القوة ما لي�س لالفرتاق يف الن�سو�س والآيات.عن والنهي باملعروف الأمــر على يحث �سبحانه اهلل وجدنا فــاإذا

Page 96: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 9636

ملف العدد

املنكر يف قوله �سبحانه:تامرون ا�س للن اأخـــرجـــت ـــة ام خـــري "كنتم اأ. ولو ، باهلل وتومنون املنكر عن وتنهون باملعروف ـامن اأهل الكتاب لكان خريا لهم، منهم املوؤمنون،

هم الفا�سقون" )ءال عمران: 110(. واأكر واليوم الخر ويامرون باملعروف ب. "يومنون باهللات، واأولئك ري وينهون عن املنكر وي�سارعون يف اخل

ني" )ءال عمران: 114(. احل من ال�سويامرون ري اإىل اخل يدعون ة ام "ولتكن منكم ج. باملعروف وينهون عن املنكر، واأولئك هم املفلحون"

)ءال عمران: 104(.ى من املومنني اأنف�سهم واأموالهم د. "ان اهلل ا�سرتفيقتلون اهلل �سبيل يف يقاتلون ة، ن اجل لهم باأن يل والجن ــوراة ــت ال يف حقا عليه وعــدا ويقتلون فا�ستب�سروا اهلل من بعهده اوفى ومن والقرءان، ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم. اكعون ائحون الر امدون ال�س اآئبون العابدون احل التاهون عن املنكر اجدون المرون باملعروف والن ال�سر املومنني" )التوبة: ، وب�س دود اهلل افظون حل واحل

.)113-112

الة اهم يف الر�س اأقاموا ال�س ن ذين اإن مك ه. "الاملنكر، عن ونهوا باملعروف واأمروا كاة الز وءاتوا

عاقبة المور" )احلج: 39(. وهللبع�س، اأولياآء هم بع�س واملومنات "واملومنون و. ويقيمون املنكر عن وينهون باملعروف يــامــرون ور�سوله، اهلل ويطيعون كاة الز ويوتون الة ال�سحكيم" عزيز اهلل اإن ، اهلل حمهم �سري ــئــك اول

)التوبة: 72(.الة، وامر باملعروف، وانه عن ز. "يا بني اأقم ال�سابك، اإن ذلك من عزم رب على ما اأ�س املنكر، وا�س

المور" )لقمان: 16(.العمل اأولوية قوة با�ستك�ساف نقطع حينها فاإننا الوجود جانب من ال�سرعية الكليات حفظ على يف املــذكــور الرتتيب ح�سب الــعــدم. جانب على

الآيات القراآنية.عليه اهلل �سلى اهلل، ر�سول تذكري األفينا واإذا مثل بالعمل على ذلك اأحاديث عديدة و�سلم، يف ر�سي حذيفة، عن وال�سالم: ال�سالة عليه قوله لتاأمرن بيده نف�سي "والذي مرفوعا: عنه، اهلل اأن اهلل ليو�سكن اأو املنكر عن ولتنهون باملعروف ي�ستجاب تدعونه فال ثم منه عليكم عقابا يبعث "مروا و�سلم: عليه اهلل �سلى وقــولــه لكم42." فال تدعوا اأن قبل املنكر، عن وانهوا باملعروف، الوجود جانب باأن نقطع لكم43." فلن ي�ستجاب جانب على العتبار يف مقدم الكليات حفظ يف

العدم.اإ�سافة اإىل كل ما �سبق، فاإنه با�ستقرائنا للن�سو�س اخلطاب يف التاأكيد يظهر واحلديثية القراآنية حفظ يف والــوجــود البناء جوانب على ال�سرعي املقا�سد الكلية واجلزئية، قبل الدعوة اإىل حفظها مع يتنا�سق لأن ذلك والإبطال؛ العدم من جانب و�سول اخلطاب وتلقيه من املكلف قبل حما�سبته وزجره. كما يجدر التنبيه اإىل بع�س اخل�سائ�س اخلطاب و�ــســمــت الــتــي واملــو�ــســوعــيــة املنهجية والتعقيب بالوعد كالفتتاح واحلديثي الــقــراآين بالتحذير، والتثنية بالتحبيب والبدء بالوعيد، وتقدمي بالنواهي، والنتهاء بالأوامر وال�ستهالل ثواب اجلنة ونعيمها وتاأخري جزاء جهنم و�سقائها، وكذا القراآين للخطاب مميزة خ�سائ�س وتلك �سعيد على واملــتــاأمــل الــقــارئ يلم�سها احلديثي املو�سوع واملنهج، ويف ذلك من التناغم مع مراعاة مبا املذكورين بجانبيه ال�سرعية الكليات حفظ

يوؤكد ذلك النظر وتلك الروؤية.

العقلي الأ�صا�س .3اإن فكر بديهة العقل تن�سجم مع �سرورة ال�ستغال ال�سرعية الكليات اإقامة يف الوجود جانب على اإىل التحذير والحتياط من خرمها قبل النتقال

التتابع في التكاليف الشرعية

يستصحب معه ضرورات الترتيب الزمني في حفظ الكليات من حيث

تقديم البناء واألساس قبل

اإلصالح والحماية..

Page 97: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

97 العدد 36 |

ملف العدد

به والتعريف ما اأمــر اإقــامــة لأن بها؛ والإخـــالل ي�سبق الب�سري الــوجــود مــواقــع يف قيمته وبــيــان اخلوف على انهياره و�سياعه، وهو ما ي�سبه حال اإجنازه �سروط كل توفري على والعمل بيت بناء وامل�سا�س جــدرانــه اإ�سقاط مــن التحذير ي�سبق بثباته. ثم اإن خ�سو�سية الأمر القراآين باأن ياأمر اإتيان "يقت�سي املرء باملعروف وينهى عن املنكر؛ بفعل ياأمر الــذي لأن نف�سه؛ يف وانتهاءه ــر الأمالأعمال يف ما يعلم ال�سر فعل عن وينهى اخلري اأن جرم فال ومفا�سد، وم�سالح و�سر، خري من يتوقاها يف نف�سه بالأولوية من اأمره النا�س ونهيه

اإياهم44."بالرحمة املت�سف وتعاىل، �سبحانه اهلل، اأن كما للعباد رحمة جاءت اإمنا �سريعته واأن واحلكمة، وتخفيفا عليهم ولأجل م�سلحتهم، وتقدمي حفظ جانب على العدم جانب من الكلية مقا�سدها الوجود فيه م�سقة واقعة وع�سر زائد لن ي�ستطيع العقلي اجلــواز من فكان حتمال، الإن�سان معها اأن يعترب الأخذ بحفظ الكليات من جانب الوجود

اأوىل.يحذر اأن قبل وتعاىل، �سبحانه اهلل، فاإن لذلك، عنها ال�ساهي وتوعد ال�سالة تــرك عقوبة من عليها وعرف باإقامتها وحث اأمر بها، وامل�ستخف ال�سعائر بــاقــي وكــذلــك ومــقــا�ــســدهــا، عبادتها ال�سرورة ت�سدقه منطق ذلــك فكان الأخـــرى،

العقلية.امل�صلحة .4

الت�سريع منهجية يف ال�سرعية امل�سلحة تتحقق الأولويات فقه واعتبار التدرج عملية مراعاة يف مواقع يف منها واملطلوب املعنى اإجنــاز ل�سمان خلوده، دار مقامات يف وكــذا الإن�ساين، الوجود لذلك فاإن جن�س تلك امل�سالح تتبدى اأ�سا�سا فيما ال�سرعية املقا�سد مــراعــاة خــالل من فيه نحن والكلية من جانب الوجود، من حيث الدعوة اإليها

والتح�سي�س بها، والتنبيه اإىل حمققاتها حتى تثبت اأمورها وتقوم �سوؤونها يف نفو�س النا�س وعقولهم، ذلك وبعد ومواقفهم، ت�سرفاتهم يف ويتمثلونها من والتحدي اإغفالها عن النهي اإىل اللجوء يتم احلياة اختالل من ذلك عن ينتج وما اختاللها الإن�سانية من عبث وت�سرفات غري �سليمة تف�سي املرجو عن الإ�سالمية باحلياة تناأى مفا�سد اإىل

واملق�سود.

�صابعا: يف فقه ال�صياق بني جانبي ال�ج�د والعدم

ينتظم اخلطاب ال�سرعي املوجه لالإن�سان يف �سياق خا�س، ي�ست�سحب معه يف توجيهاته جمموعة اأبعاد فقهية جتعل منه خطابا نوعيا يراعي خ�سو�سيات املخاطبني وفق الظرف املتعني، الأمر الذي يي�سر تنزيل يف البداية خطوط معرفة الإن�سان على خ�سو�سيات اخلطاب يف مواقع الوجود الإن�ساين، كما يفتح له �سبل النظر يف حفظ املقا�سد �سواء من جانب الوجود اأو من جانب العدم. ولعل حتقيق النظر يف اأبعاد �سياق اخلطاب ال�سرعي ميكن من الو�سع وفق املقا�سد حفظ يف النظر اأولوية فقه

الإن�ساين وظروفه.

املخاطب �صياق .1اأو من جانب الوجود النظر من جانب فقه يلزم �سياق يراعي اأن ال�سريعة كليات حفظ يف العدم ف�سياق واأ�ــســولــه، مــ�ــســدره مــن حيث اخلــطــاب ال�سياقات �سمن اأ�سيل ثابت الإلــهــي اخلطاب املعتربة يف تنزيل املقا�سد، ومتثلها على �سوء فهم الن�سو�س واإدراك اأ�سرارها، لذلك فاإن اخلطاب الإلهي موجه اإىل العباد يف اأ�سوله، ومن متعلقات يف للرحمة امل�ست�سحب ال�ستعباد ح�سول ذلك التكليف ذلــك يف مبــا ال�سرعية، الأحــكــام متثل ال�سرعي من حيث القدرة والو�سع، وهو ما ج�سده

يلزم فقه النظر من جانب الوجود

أو من جانب العدم في حفظ كليات الشريعة أن يراعي سياق الخطاب من حيث مصدره وأصوله..

Page 98: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 9836

ملف العدد

ال و�سعها" "ل يكلف اهلل نف�سا اخلطاب الإلهي: يف الــرازي يقول هذا مثل ويف ،)285 )البقرة: حمتاج والعبد غني كرمي تعاىل "اإنه حم�سوله: فقري، واإذا وقع التعار�س بني هذين اجلانبني كان اأوىل منه على الغني الكرمي التحامل على جانب متعلقات من اأنه كما الفقري45." املحتاج جانب ذلك اأي�سا، تف�سل من املخاطب بالتدرج والنتقال من الأ�سهل فالأ�سهل والأي�سر فالأي�سر وتلك �سنة تنزل الأحكام، ومتثل روحها من �سميم ذلك، وما نحن فيه جن�س من املذكور يقت�سي اأولوية النظر الكليات تقوم حتى الوجود جانب من املقا�سدي ال�سرعية على جانب العدم. طلبا للتي�سري املوؤ�سل والتدرج املبني والو�سع املعترب يف خطاب الرحمة، )النبياء: للعاملني" رحمة اإل اأر�سلناك "وما

.)106

الظرف �صياق .2املنهج طبيعة حتكم الإن�سانية احلياة ظروف اإن العام الذي ينبغي �سلوكه يف متثل الأحكام ال�سرعية واإقامة كلياتها العامة، واحلفاظ عليها من كل ما يخد�س قوامها، والأمة فيما تعي�سه اليوم من بعد منها ت�ستوجب الدين اأحكام متثل عن كلي �سبه جانب من ال�سرعية الأحكام ت�سريف يف البدء ال�ستغال قبل التغليب �سبيل على اأول الــوجــود

بت�سريفها من جانب العدم.الرا�سدة للخالفة التاريخي الظرف كــان ــاإذا فمثال انتهت اإليها ريا�سة الدين يف احلياة الب�سرية فهما ومتثال وتنزيال يف الواقع، كما اكتملت عنده جتليات النظر يف مقا�سد ال�سريعة وحفظ ثباتها من اإليها النظر جتليات فاإن الوجود، جانب من م�ستوى على وظاهرة وا�سحة بدت العدم جانب الأفراد واملوؤ�س�سات والدولة كما تف�سح عن ذلك

ال�سواهد التاريخية.لذلك، فاإنه ل�سياق الظرف �سواء كان زمنيا اأو كان

مكانيا له تاأثريه اخلا�س، وا�سرتاطه �سمن تكوين اإن الكلية، املقا�سد اإدراك يف املنا�سبة الــروؤيــة على م�ستوى جانب الوجود، اأو على م�ستوى جانب ي�سركم "ل وجل: عز اهلل قول بيان ويف العدم. من �سل اإذا اهتديتم" )املائدة: 107(. �سئل ابن الآية هــذه تف�سري عن عنه، اهلل ر�سي م�سعود، مقبولة، اليوم اإنها زمانها لي�س هذا "اإن فقال: ولكن قد اأو�سك اأن ياأتي زمانها تاأمرون باملعروف منكم، يقبل فال وتقولون وكذا كذا بكم في�سنع اإذا �سل من ي�سركم ل اأنف�سكم عليكم فحينئذ

اهتديتم46."

املخاطب �صياق .3من حيث املبداأ الأ�سلي اأتى احلطاب الإلهي مراعيا الطبيعة الإن�سانية التي لي�س يف ا�ستطاعتها حتمل اللتزام يف عليه يجعل فلم بــه، لها طاقة ل ما عن تخرجه م�سقة اأو حــرج، من الدين بتعاليم

قيمة الوفاء بالعهود املوكولة اإليه. معه يتفاعل ــذي ال املتغري الــواقــع حيث مــن اأمــا الإن�سان، فاإن اخلطاب الإلهي يتوجه بخطاب اأكر خ�سو�سية ي�سع يف العتبار الإكراهات والتحديات لذلك ال�سرعية، الأحكام متثل يف تواجهه التي فاإن خ�سو�سية النظر يف حفظ الكليات ال�سرعية تلك ظل يف املخاطب مع اخلا�سة �سياقاتها لها اعتبار حيث من والواقعية، املو�سوعية ال�سروط جوانب الوجود وجوانب العدم، وعليه فاإن القدرة املنكر تغيري يف بني هو كما والو�سع وال�ستطاعة ال�سرعي. وذلك ما التكليف �سياقية يف موؤ�سرات "ربنا ول حتملنا ما ل حتمله دللت قوله تعاىل: طاقة لنا به" )البقرة: 285( من معاين الرحمة يف احلــرج ورفــع امل�سلحة مقا�سد ومــن والي�سر من الدين يف عليكم جعل "وما وجــل: عز قوله

حرج" )احلج: 76(.

يمثل الخطاب الموجه للفرد ضمن الخطاب الشرعي جزءا كبيرا يحمل في معانيه

ودالالته تقصيدا شرعيا في حفظ الكليات العظمى

للشريعة..

Page 99: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

99 العدد 36 |

ملف العدد

خامتةملراعاته ال�سرعي اخلطاب متثل يف النظر تقريب اإذن، ي�ستلزم، الكليات العامة، فقه الهوة املرتاوحة ما بني الت�ساع والت�سييق بني خ�سو�سيات املخاطب و�سياقاته الظرفية حتى تكتمل �سروط نظرية

احلفظ الكامل للكليات املتعينة.جانب من اأو الوجود جانب من �سواء احلفظ وجوه اأن تبني وقد الفرد للمخاطب، فلخطاب ال�سياقية امل�سويات وتنوع بتعدد العدم

والأ�سرة وجوه وكذا خلطاب الدولة والأمة اأي�سا وجوه مغايرة.تلك فقه يف مهما جانبا لم�ست قد الورقة فاإن ذلك اإىل اإ�سافة اأو وال�سلطة القوة ملطلب العتبار واأولوية �سرورة وهو ال�سياقات، ال�سرعي، اخلطاب متثل يف الفقهاء ي�سميها كما القدرة ظهور وتنزيل مقت�سياته، مما ي�ستدعي ت�سغيل املقا�سد بح�سب احلالت واملاآلت، وبح�سب امل�سالح واملفا�سد املرتتبة عن ت�سرفات واأفعال

املكلفني �سواء من جانب الوجود اأو من جانب العدم.

�شامهو ال

1. ال�ساطبي، اأبو اإ�سحاق اإبراهيم بن مو�سى، املوافقات يف اأ�سول ال�سريعة، حتقيق عبد اهلل دراز، بريوت: دار الكتب العلمية، لبنان، 1994/1414، 7/2.

2 . املوافقات، م، �س، 7/2.3 . امل�سدر نف�سه.

اجليل، دار بــريوت: الأنــام، م�سالح يف الأحكام قواعد العز، ال�سالم، عبد ابن . 4ط2،) 1400ه/1980م(، �س240.

5 . املوافقات، م، �س، 7/2.6 . امل�سدر نف�سه، 8/2.

7. امل�سدر نف�سه.8. املوافقات.

9. املاوردي، اأبو احل�سن علي بن حممد، الأحكام ال�سلطانية والوليات الدينية، بريوت: دار الكتب العلمية، لبنان، د. ط، �س275.

10. امل�سدر نف�سه، �س293-276.11. النجار، عبد املجيد، مقا�سد ال�سريعة باأبعاد جديدة،، بريوت: دار الغرب الإ�سالمي،

لبنان، ط1، 2006، �س29-28.12. الغزايل، اأبو حامد، امل�ست�سفى يف علم الأ�سول، حتقيق عبد ال�سالم عبد ال�سايف. 154/1وكذا )1413ه/1993م(، ط1، لبنان، العلمية، الكتب دار بــريوت: عفيفي. الــرزاق عبد تعليق الأحكام، اأ�سول يف الإحكام الدين، �سيف الآمــدي، بريوت: املكتب الإ�سالمي، لبنان، ط2، 210/1406.1 وانظر اأي�سا الرازي، فخر الدين، املعامل يف اأ�سول الفقه، حتقيق عادل اأحمد عبد املوجود، ال�سيخ علي حممد

عو�س. م�سر: دار املعرفة، 1994/1414، �س71.13. املازري، اأبو عبد اهلل التميمي، اإي�ساح املح�سول من برهان الأ�سول، درا�سة وحتقيق

عمار الطالبي، دار الغرب الإ�سالمي، ط1، 2001، �س225.الفقه، اأ�سول العدة يف البغدادي، الفراء بن احل�سني يعلى حممد لأبي 14. احلنبلي، )1410ه/1990م(، ط2، �س، ع م الريا�س: املباركي. علي بن اأحمد حتقيق

.244 ،243/115. ابن تيمية، الأمر باملعروف والنهي عن املنكر، حتقيق اأبو عبد اهلل بن �سعيد ر�سالن،

اأ�سواء ال�سلف، م�سر )1990ه/1419م(، �س29.16. انظر الإحكام لالآمدي، م، �س، 230/1.

17. امل�سدر نف�سه، �س227.18. العوا حممد �سليم، الفقه الإ�سالمي يف طريق التجديد، �سل�سلة �سرفات، من�سورات

الزمن، �سفري الدولية للن�سر، ط2008، �س405.19. امل�سدر نف�سه، �س405.

ال�سركة اجلزائرية الدنيا والدين، اأدب اأبو احل�سن بن علي بن حممد، املارودي، .20اللبنانية، ط1، )1427ه/2006م(، �س93.

21. الري�سوين اأحمد، الكليات الأ�سا�سية لل�سريعة الإ�سالمية، من�سورات حركة التوحيد والإ�سالح، طوب بر�س الرباط، ط1، �س65-64.

22. ابن تيمية، تقي الدين اأبو العبا�س، ال�سيا�سة ال�سرعية يف اإ�سالح الراعي والرعية، ال�سركة اجلزائرية اللبنانية، ط1، )1427ه/2006م(، �س66 .

23. امل�ست�سفى، م، �س، 417/1.24. قواعد الأحكام، م، �س، �س227.

لبنان، ط1، العلمية، الكتب دار بريوت: الدين، علوم اإحياء اأبو حامد، الغزايل، .25.394/2 ،2008

26. اأدب الدنيا والدين، م، �س، �س140-139.27. الزخم�سري، اأبو القا�سم جار اهلل حممود بن حممد، الك�ساف عن حقائق التنزيل

وعيون الأقاويل يف وجوه التاأويل، الدار العلمية للطباعة والن�سر، 453/1.28. قواعد الأحكام يف م�سالح الأنام، م، �س، �س60.

29. اأدب الدنيا والدين، م، �س، �س230.الواقع على تنزيال الإ�سالمية لل�سريعة التطبيقي املنهج يف املجيد. عبد النجار، .30

الراهن. الريا�س: دار الن�سر الدويل، ط1، )1415ه/1994م(.31. اإحياء علوم الدين، م، �س، 392/2.

املعرفة، دار بــريوت: الكرمي، القراآن يف والتمكني، الن�سر فقه علي، ال�سالبي، .32لبنان، ط4، )1427ه/2004م( �س481.

33. ملزيد من التف�سيل ينظر الدولة الإ�سالمية، بني الرتاث واملعا�سرة، توفيق الواعي، بريوت: دار ابن حزم، لبنان، ط1، )1416ه/1996م(، �س252.

34. اأدب الدنيا والدين، م، �س، �س136.35. اإحياء علوم الدين، م، �س، 407/2.

36. ابن تيمية، ال�سيا�سة ال�سرعية، م، �س، �س26.املعا�سر، احل�ساري التدافع �سوء يف الإن�سانية القيم ينظر التف�سيل من ملزيد .37

احل�سان �سهيد، جملة الت�سامح، ع28، �س223-222.38. رواه الإمام اأحمد يف م�سنده.

39. اأدب الدنيا والدين، م، �س، �س95-93. 40. القرطبي، اأبو عبد اهلل حممد بن احمد، اجلامع لأحكام القراآن، بريوت: دار الفكر،

لبنان، )1415ه/1995م(، 157/2.41. الأمر باملعروف والنهي عن املنكر، م، �س، �س44.

42. متفق عليه.

43. رواه اأحمد.ج22، ط1984، للن�سر، التون�سية الدار والتنوير. التحرير الطاهر. عا�سور، ابن .44

�س165.45. الرازي، فخر الدين. املح�سول يف علم الأ�سول. حتقيق طه جابر العلواين. بريوت:

موؤ�س�سة الر�سالة، لبنان، ط2، )1412ه/1992م( ، 576/2.46. انظر اإحياء علوم الدين، م، �س، 379/2.

Page 100: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 10036

ملف العدد

املصالح واملفاسد املحضةبني الوجــود والعــــدم-دراسة نقدية يف املفهوم والنتائج-

د. ه�صام تهتاهخريج دار احلديث احل�صنيةباحث بجامعة حممد اخلام�س،كلية الآداب والعلوم الإن�صانية بالرباط

الأ�سول اأهــل اأثارها التي املو�سوعات واملقا�سد منذ القدمي: فكرة "امل�سالح والعدم" وما الوجود املح�سة من حيث واملفا�سد فقهية وفروع اأ�سولية ق�سايا من بالتبع يخدمها اأنهم حني يتحدثون عديدة، و�سياق ذلك عندهم عن اأفعال املكلفني وما يعر�س لها من �سالح وف�ساد امل�سالح لمتزاج حمل اأنها على ابتداء يتفقون باملفا�سد، واأن الواجب على اأهل العلم حيال ذلك اأي القبيلني اأ�سلوب التقريب والتغليب لدرك نهج

يعترب، واأيهما املغمور ليهدر. هو الغالب لاأو وجــود فر�س يف ذلــك، بعد يختلفون، ولكنهم ال�سوؤال فكان املح�سة، واملفا�سد امل�سالح انعدام

املثار عندهم: هل ثمة اأفعال للمكلفني هي م�سالح كلها، اأو مفا�سد كلها؟ فال يخالط الأوىل نزر من ف�ساد، ول الثانية ذرة من �سالح. ويف هذا ال�ساأن اآراوؤهـــم وتختلف تــتــفــرع، خطاباتهم ت�سرت�سل وتتنوع. ومن ينظر يف عمق هذا الختالف ويتاأمل مداه يجده بالغا حد التعار�س بل التناق�س؛ وبيان النوع هذا جتاه مواقفهم يف انق�سموا اأنهم ذلك ومثبت لوجوده منكر بني واملفا�سد امل�سالح من الوجود، بكرة املقر فمنهم اأنــواع؛ واملثبتون له، والقائل به على وجه الندرة، وال�ساكت عن و�سفه لإجراء الدرا�سة ت�سعى هذه لذلك قلة، اأو بوفرة

من

Page 101: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

101 العدد 36 |

ملف العدد

عر�س مركز لالجتاهات الفقهية الكربى من هذه امل�سائل:

عر�س مذاهب العلماء يف امل��ص�ع)ت�يف املقد�صي ق��دام��ة اب��ن مذهب .1

620ه(

يقول ابن قدامة املقد�سي يف كتابه املغني: "ال�سرع بل فيها، م�سرة ل التي امل�سالح بتحرمي يــرد ل ومثله، الكالم، هذا من فيفهم مب�سروعيتها1"، مل ولكنه املح�سة، امل�سالح بوجود الرجل اإقــرار ل القول يف ن�سبة هذا الوجود اأكثري اأم قليل؟ يف�س

)ت�يف ال�صالم عبد بن العز مذهب .2660ه(

�ساأن يف ال�سالم عبد بــن العز كــالم تتبع عند طرائق الرتجيح بني امل�سالح واملفا�سد املتعار�سة فهو منها، �س متمح هو ما بوجود ي�سرح جنده ويف "اخللية"، واملفا�سد بامل�سالح عنها يــعــربذلك يقول: "وال�سابط اأنه مهما ظهرت امل�سلحة "اخللية" عن املفا�سد ي�سعى يف حت�سيلها، ومهما يف ي�سعى امل�سالح عن اخللية املفا�سد ظهرت درئها، واإن التب�س احلال احتطنا للم�سالح بتقدير وجودها بتقدير وللمفا�سد وفعلناها، وجــودهــا

وتركناها2."يتحدث، حينما ال�سالم عبد بــن العز اأن غــري بالأ�سالة، عن طبيعة هذا الوجود جنده يوؤكد على وهذا الوجود3"؛ عزيزة اخلال�سة "امل�سالح اأن واملفا�سد امل�سالح �سيء من بوجود ت�سليمه يعني اأفعال اأكر نادر جدا؛ لأن اأنه وجود اإل املح�سة، واملفا�سد امل�سالح فيها متتزج الغالب يف العباد يف اآن واحد، فكان اخلال�س منها يف حكم النادر

وجوده، والقاعدة اأن النادر ل حكم له.ذلك على ال�سالم عبد بن العز به ي�ستدل ومما

اأمران:الأول: كون املاآكل، وامل�سارب، واملناكح، واملراكب، ب، ل �سيء منه اإل بكد ون�س وامل�ساكن... ل يتح�س

مقرتن بها، اأو �سابق عنها، اأو لحق بها.و�سلم: عليه اهلل �سلى اهلل ر�سول قول والثاين: بال�سهوات4." النار وحفت باملكاره اجلنة "حفت

)ت�يف القرايف الدين �صهاب مذهب .3684ه(

اجلزم متام فيجزم القرايف الدين �سهاب واأمــا بانعدام امل�سالح اخلال�سة واملفا�سد املتمح�سة يف الدنيا، وي�ستدل على ذلك بدليل من اأقطع الأدلة يقول: حيث ال�ستقراء، دليل وهو األ ال�سرعية، اإل اأن ما من م�سلحة "ا�ستقراء ال�سريعة يق�سي وفيها مف�سدة ولو قلت على البعد، ول مف�سدة اإل

وفيها م�سلحة واإن قلت على البعد...5."اأفعال يف بحثت مهما اأنــك املذهب هــذا ومعنى ل حت�س لن فاإنك املفرت�سة، اأو الواقعة املكلفني،

م�سلحة خال�سة ول مف�سدة حم�سة اأبدا.

728ه(: )ت�يف تيمية ابن مذهب .4املح�سة، امل�سالح بوجود فيقر تيمية ابن واأمــا ولكن من غري اأن يقيد هذا الوجود بقلة ول كرة، على يحظر ل "وال�سارع قــولــه: مــن ذلــك يفهم الإن�سان اإل ما فيه ف�ساد راجح اأو حم�س، فاإذا مل يكن فيه ف�ساد، اأو كان ف�ساده مغمورا بامل�سلحة،

مل يحظره اأبدا6."

)ت�يف ال�صاطبي اإ�صحاق اأبي مذهب .5790ه(

اإ�سحاق لأبـــي املــوفــقــات كــتــاب ت�سفحنا واإذا بتف�سيل املو�سوع هذا يدر�س وجدناه ال�ساطبي بنظرين اإليه ينظر فهو نعلم، فيما غري م�سبوق، الدار املبثوثة يف هذه "امل�سالح اأن اثنني، فيقرر الوجود مواقع جهة من جهتني: من اإليها ينظر

ومن جهة تعلق اخلطاب ال�سرعي بها. من الدنيوية، امل�سالح فاإن الأول: املنظور فاأما حيث هي موجودة هنا، ل يتلخ�س كونها م�سالح بتكاليف م�سوبة امل�سالح تلك لأن حمــ�ــســة...

أكثر أفعال العباد في الغالب تمتزج

فيها المصالح والمفاسد في

آن واحد، فكان الخالص منها في

حكم النادر..

Page 102: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 10236

ملف العدد

ال يجوز لقائل في اإلسالم أن يقول في شيء حل وال حرم وال صلح وال فسد إال بدليل شرعي معتبر..

اأو ت�سبقها اأو بها تقرتن كرت، اأو قلت وم�ساق، وال�سكنى، واللب�س، وال�سرب، كالأكل، تلحقها؛ والركوب، والنكاح، وغري ذلك، فاإن هذه الأمور ل

تنال اإل بكد وتعب.حم�سة مبفا�سد لي�ست الدنيوية املفا�سد اأن كما من حيث مواقع الوجود؛ اإذ ما من مف�سدة تفر�س اأو ي�سبقها اأو بها ويقرتن اإل اجلارية احلياة يف كثري... اللذات ونيل واللطف الرفق من يتبعها على و�سعت احلــيــاة هــذه اأن ذلــك على ويــدلــك القبيلني، المتزاج بني الطرفني، والختالط بني فمن رام ا�ستخال�س جهة فيها مل يقدر على ذلك، وبرهان التجربة التامة من جميع اخلالئق، واأ�سل والختبار البــتــالء على بو�سعها الإخــبــار ذلــك

والتمحي�س...تعلق اخلطاب الثاين فيها: من حيث النظر واأما الغالبة عند كانت هي اإذا فامل�سلحة �سرعا، بها فهي العــتــيــاد حكم يف املف�سدة مــع مناظرتها على الطلب وقع ولتح�سيلها �سرعا، املق�سودة الغالبة هي كانت اإذا املف�سدة وكذلك العباد،

بالنظر اإىل امل�سلحة يف حكم العتياد فرفعها هو املق�سود �سرعا، ولأجلها وقع النهي7."

فتكون خال�سة مذهب ال�ساطبي النفي التام لوجود قوله ليكون املح�سة، الدنيوية واملفا�سد امل�سالح وقول القرايف يف امل�ساألة �سيان. مع متيز ال�ساطبي

بالنظر الثاين للمو�سوع وا�ستقالله به.

)ت�يف عا�ص�ر اب��ن الطاهر مذهب .61394ه(

امل�سالح بــوجــود فيقر عا�سور بــن الطاهر ــا اأمتتبع "ومن يقول: ذلــك ويف املح�سة، واملفا�سد املفا�سد ودرء امل�سالح جلب يف ال�سرع مقا�سد اأو عرفان اعــتــقــاد ــك ذل مــن جمــمــوع لــه ح�سل هذه واأن اإهمالها، يجوز ل امل�سلحة هــذه ــاأن باملف�سدة ل يجوز قربانها... وهذا ظاهر يف اخلري ذلك بعد ينبه ثم اخلال�س8." وال�سر اخلال�س اإىل اأن "النفع اخلال�س وال�سر اخلال�س واإن كانا موجودين اإل اأنهما بالن�سبة للنفع وال�سر امل�سوبني

يعتربان عزيزين9." عبد بن العز مذهب عا�سور ابــن يوافق وبذلك واملفا�سد امل�سالح وجود بندرة القا�سي ال�سالم ابن عند الــبــاب هــذا يف الأ�ــســل وهــو املح�سة، عا�سور، غري اأنه اأ�سل تعر�س له، عنده، اعتبارات عا�سر ابـــن ــالت ــاأم ت قبيل مــن نعتربها عــــدة،

الأ�سولية النقدية، ومنها:رر والنفع غري ـ العتبار الأول: كون ماهية ال�سمن�سبطة يف الغالب، فهي �سيء ن�سبي يختلف حده اإىل �سخ�س، ومن وحقيقته وم�ستواه من �سخ�س يعده نفعا قد ل البع�س يعده اإىل حال، فما حال اآخرون كذلك، وما يعد اأملا م�ستفحال عند قوم قد

ل يخرج عن نطاق الأمل املعتاد عند قوم اآخرين.العتبار الثاين: كون احلكم بوجود ال�سالح ـ الفرد والف�ساد اخلال�س يختلف من فعل املح�س اإليه ابن عا�سور اأ�سار اإىل فعل اجلماعة، وهو ما بعد اأن اأورد كالم العز وال�ساطبي يف امل�ساألة، حيث وجود من الياأ�س كالمهما من تتوهم اأن واإيــاك

حقيقة امل�صلحة

"الذي ل �سك فيه اأن ال�سريعة الإ�سالمية مبنية على مراعاة قواعد امل�سلحة حتقيق هي غايتها لأن الإن�سانية؛ للمعامالت يرجع ما جميع يف العامة لو�سائل هدايتهم طريق عن الب�سيطة ل�سكان والأخروية الدنيوية ال�سعادة املعا�س وطرق الهناءة. ولكن مفهوم امل�سلحة يف الإ�سالم ل يعنى جمرد النفع الدين لأ�س�س مناق�سا كان ولو ما؛ عمل من اجلماعة اأو الفرد يناله الذي وقواعد الأخالق فهنالك م�سالح ل �سك فيها يلقيها النظر الإ�سالمي وي�سحى بها يف �سبيل م�سلحة اأ�سمى واأهم لبد منها لقيام املجتمع على الأنظمة التي

يريدها الدين.املقايي�س تخرج عن ل ولكن امل�سلحة على حتقيق تعمل ال�سرعية فاملقا�سد اأو املتوهمة امل�سلحة من احلقيقية امل�سلحة ملعرفة الإ�سالم و�سعها التي

املرجوحة."

الفا�سي، عالل موؤ�س�سة ومكارمها"، الإ�سالمية ال�سريعة "مقا�سد الفا�سي، عالل مطبعة النجاح اجلديدة، الدار البي�ساء، ط4، 1411هـ، 1991م، �س193.

Page 103: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

103 العدد 36 |

ملف العدد

التعاون فــاإن اخلال�س، وال�سر اخلال�س النفع ولي�س فيه الواقع بني �سخ�سني هو م�سلحة لهما

اأدنى �سر، واإن اإحراق مال اأحد اإ�سرار خال�س.على اأننا ل نلزم فر�س الأمرين يف خ�سو�س تعامل �سخ�سني اأو اأكر، بل اإذا �سورناه يف فعل ال�سخ�س الواحد ن�ستطيع اأن نكر من اأمثلته، على اأن بع�س امل�سرة قد يكون ل�سعفه مغفول عنه ممن يلحقه، امل�سرة بع�س مثل الــعــدم، منزلة منزل فذلك متاعا يناول الــذي احلمل على القادر الالحقة ذلك فعله فــاإن متاعه، منها �سقط دابــة لراكب للمناول يعر�س ما واإن للراكب، م�سلحة حم�سة من العمل ل اأثر له يف جلب �سر اإليه، وكاأن العز ت�سور ذلك عزيزا؛ لأنه نظر اإليه من جهة املعاملة

بني �سخ�سني10."

من اآثار الختالف يف امل��ص�عاملو�سوع، يف ـــــواردة ال ـــــوال الأق مــراجــعــة عــنــد والتحقيق يف الأ�سباب املن�سئة لختالف اأ�سحابها، نتائجها وا�ستب�سار الفقهية، اآثارها اإىل والتطلع

العملية... ميكن حت�سيل النتيجتني الآتيتني:

هذه اإىل احلاجة عدم الأوىل: النتيجة املقدمة النظرية اأ�صال

ب�سط واملقا�سد الأ�سول اأهل من كثري داأب فقد واخلو�س م�سنفاتهم، يف النظرية املقدمة هذه يف تفا�سيلها11، والرد على املخالفني فيها... دون وكاأنهم النتائج، تغيري يف التناول12، ول جدة يف اأ�سالفهم لنهج ــوفــاء ال ــاب ب مــن ــك ذل يفعلون

الأ�سوليني يف تناول املباحث الأ�سولية.فائدة وراءهـــا لي�س نظرية م�ساألة اأنها واحلــق الذي الأ�سل اجلامع عملية، وي�سدق عليها ذلك ينبني ل م�ساألة "كل قــال: حني ال�ساطبي قــرره عليها عمل فاخلو�س فيها خو�س فيما مل يدل على

ا�ستح�سانه دليل �سرعي13." ل وال�ساهد على �سحة ما نقول اأن غاية ما يتح�سالأ�سول واملقا�سد يف هذا اأهل من مطالعة كالم

املو�سوع اأمران:ـ الأول: اأن اجلميع متفق على اأن اأفعال املكلفني اآن يف واملفا�سد امل�سالح لبا�س تك�سى لأن قابلة القبيالن، فيه ميتزج وعاء بذلك فت�سري واحد، ويتداخل فيه الوجهان. لتكون القاعدة املعول عليها يف هذا الباب "اأن اختالط امل�سالح واملفا�سد اأمر واقع ما له من دافع." وعندئذ ما ينبغي اأن تكون هذه نهاية البحث، بل الواجب عندئذ تعيني اجلهة الراجحة من اجلهة املرجوحة، ول يكون ذلك اإل رحاب يف اأ�سولها املبثوثة الرتجيح قواعد وفق هذه ال�سريعة الغراء، ولي�س بح�سب حكم العتياد

الك�سبي كما يفهم من ظاهر كالم ال�ساطبي.من كبري قدر عليه يغلب اختالف اأنه الثاين: ـ ل من ورائه طابع ال�سورية والتجريد، فال يتح�سيركن م�سلحي بعد ول بــه، يعمل فقهي اأ�سا�س تاأثر وجوه من وجها نعده بل اإليه، النوائب عند الفكر الأ�سويل بخلفية التح�سني والتقبيح العقلي، النظرية، اجلــزئــيــة الق�سية هــذه بـــاأن وجنـــزم الدور فيها يقع ما غالبا مثيالتها، �ساكلة على العود فيها البحث نهاية تكون بحيث والت�سل�سل،

اإىل اأولها، وبيان ذلك من ثالثة اأوجه، هي:ــا اجلــواب بــالإيــجــاب، ولــو على وجه رن ــد ــو ق ل اأ. ال�سالم عبد بــن العز مذهب هــو كما ــنــدرة، الالنوع هذا بوجود واأقــررنــا عا�سور، بن والطاهر له و�سقنا واملــفــا�ــســد، امل�سالح مــن املتمح�س ال�سواهد، و�سربنا له الأمثلة، واأخر�سنا املخالف، واأر�سينا املوؤالف... ففيم ينفع ذلك علم العاملني، ما و�سف حــد نتجاوز مل لأننا العاملني؟ وعمل ف�ساد وهــذا )هــذا �سالح حم�س واقــع كائن هو

حم�س(. اأن احلكم على ل�سابقه، وحا�سله نتيجة ب. وهو ل اخلال�س الف�ساد اأو املح�س الح بال�س الأفعال ينتج عنه، ول يت�سور اأن ينتج؛ اأي اختالف فقهي على م�ستوى الأحكام ال�سرعية؛ لأن هذا النوع من يحمل حم�س" حم�س/ف�ساد "�سالح الأو�ساف يكون قد عليها، متفقا �سرعية اأحكاما ثناياه يف

عند تمازج المصالح بالمفاسد يتعيـن

شرعا معرفة الجهة الراجحة من الجهة المرجوحة..

Page 104: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 10436

ملف العدد

الوجوب اأو الندب اأو الإباحة اأو احلرمة، كل بح�سب ظروف املكلف انطالقا ذلك على ولنربهن وماآلته... التكليف وطبيعة واأحواله،

من املثالني الذين ذكرهما ابن عا�سور:لهما م�سلحة هو �سخ�سني بني الواقع "التعاون الأول: املثال

ولي�س فيه اأدنى �سر 14."املثال الثاين: "واإن اإحراق مال اأحد اإ�سرار خال�س15."

لهما لي�س اأمــران ف�ساد حم�س والثاين الأول �سالح حم�س فكون معنى اإل م�سروعية الإقدام على الأول، ووجوب الإحجام عن الثاين، م�سكة من له من كل اإذن، ق�سيتان ل تقبالن اخلالف بني فهما، اأن ل واأرباب الجتهاد! فكان احلا�سل الفقه بعلماء عقل، فكيف

مدخل لالجتهاد يف هذا الباب.وجود ونفينا بال�سلب، اجلـــواب قــدرنــا لــو اأنــنــا الثالث: املثال لبد املكلفني اأفعال كل باأن وجزمنا املح�سة، واملفا�سد امل�سالح لنا، اأن متتزج فيها امل�سالح باملفا�سد... فاأية فائدة نكون قد ح�سولأي مق�سد قد مهدنا اإل اأن نعود اإىل الق�سمة الأوىل التي هي حمل اتفاق ووفاق، وهي القا�سية باأن امتزاج ال�سالح بالف�ساد يف اأفعال

املكلفني اأمر واقع ما له من دافع.وعليه: يكون الأوىل بالبحث والأجدر بالتتبع يف هذا الباب هو تعيني امل�سالك املو�سلة اإىل معرفة ما هو �سالح وما هو ف�ساد، واأثر العقل املباحث من وحــدوده...وغــريهــا املعرفة، هذه يف امل�سلم ال�سليم

الأ�سولية املتفرقة يف بطون م�سنفات الأ�سول واملقا�سد.

مبا املذاهب هذه بع�س معاين تاأويل الثانية: النتيجة يف�صد معناها ويب�صع جمالها

فيه الق�سيد وبيت ال�ساطبي، مذهب بالذات عندي واملق�سود م�سطلح "مواقع الوجود"؛ فاإن مراد ال�ساطبي منه، كما يتبني من �سياق كالمه ال�سالف ذكره، طبيعة امل�سالح واملفا�سد من حيث هي وان�سياق لها، النا�س عقول تلقي وكيفية الوجود، هذا يف مبثوثة

طبائعهم معها.وهنا مكمن الغرابة الظاهرة، غري املق�سودة، للقانون الذي جاء به ال�ساطبي يف هذا الباب، وهو قانون الرتجيح بني امل�سالح واملفا�سد، اأن الواحد الفعل باملفا�سد يف حيث يفر�س عند اختالط امل�سالح اأول لدرك الراجح الغالبة منهما بحكم العتياد اإىل اجلهة ينظر منهما، وما تخرج من ذلك النظر هو الذي يعرف به قول ال�سارع يف

امل�ساألة من حيث كونها م�سلحة اأو مف�سدة �سرعا.هو وما �سالح هو ما تقدير يف تختلف النا�س اأنظار اأن ومعلوم

التمازج، عند منهما، الراجح معرفة يف اختالفها فيكون ف�ساد، اأبني واأظهر!

وكيف تعد الت�سورات العرفية ميزانا للت�سرفات ال�سرعية، مع اأن واإ�سالح ال�سهوات، وقهر النفو�س، لتطويع اإل جاءت ما ال�سرائع

فا�سد العادات!؟وهل يعقل اأن تفوت ال�ساطبي ذاته مثل هذه املعاين، وهو رائد علم املقا�سد، وعلم علمائها، و�ساحب املوؤلفات ال�سهرية فيها، وبخا�سة بالأ�سالة مو�سوعان فاإنهما و"العت�سام"، "املوافقات" كتابيه لدفع مثل هذه الأوهام والبدع، ومن تطلل على ما فيهما من املعاين

يجدهما طافحني بالتنبيه على ما نقول!16.فما مراد اأبي اإ�سحاق ال�ساطبي من ذلك؟ وما هي الأبعاد املقا�سدية

التي كان يروم حتقيقها منه؟

ت��صيح املقال ورفع الإ�صكالبنى اأنــه ال�ساطبي الإمــام عند الأ�ــســويل التجديد قبيل من لعل املبثوثة يف امل�سالح اإذ التناول؛ ثنائية املو�سوع على لهذا نظريته هذه الدار ينظر اإليها، عنده، بنظرين اثنني، من جهة مواقعها يف

الوجود اأول، ثم من جهة تعلق خطاب ال�سرع بها ثانيا.

الأول النظر بيان .1اأن امل�سالح واملفا�سد ومما ي�ستفاد من هذا النظر عند ال�ساطبي ل يف باأو�سافها التي هي عليها يف ظاهر هذه احلياة الدنيا ل يتح�سنظر العقالء اأن تكون حم�سة اأبدا، بل لبد يف كل م�سلحة جارية اأو متوقعة، توقعا راجحا اأو مظنونا، اأن ت�سبق اأو تقرن اأو تتبع بنوع من الآلم والأتعاب وامل�سقات، كما اأن كل مف�سدة لبد اأن ت�سبق اأو تقرن اأو تتبع بنوع من امللذات والأفراح وامل�سرات. وملا كان الأمر كذلك يف مواقعها بح�سب املغلوبة اجلهة من الغالبة اجلهة تعيني وجب هذا الوجود، لنميز بعد ذلك املرغوب فيه من املهروب عنه. فيكون "ما يجري يف العتياد الك�سبي من املراد بعبارة )مواقع الوجود( تعبري ح�سب ال�سارع17" التفات تقت�سي زيــادة اإىل اخلــروج غري امل�سالح اأحـــوال يف النظر ذلــك: من وق�سده نف�سه؛ ال�ساطبي عليه هي وما الــدار، هذه يف الأ�سلي وجودها حيث من واملفا�سد

ذاتيا، دون ا�ست�سحاب نظر ال�سرع فيها.

والأول الثاين النظر بني ال�صلة بيان .2واأما النظر الثاين يف اأمر امل�سالح واملفا�سد عند ال�ساطبي فهو من

Page 105: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

105 العدد 36 |

ملف العدد

وقوامه مبناه عنده، النظر، وهذا بها، ال�سرع خطاب تعلق جهة على النظر الأول؛ اإذ ملا كانت اأفعال املكلفني يف هذه الدار ممتزجة الح بالف�ساد، واأنه ل يت�سور عقال انفكاك اإحدى اجلهتني عن ال�سيغلب من اجلهتني ما وفق اأحكامه رتب قد ال�سارع فاإن الأخــرى، بحكم العتياد، وذلك باعتبار اجلهة الغالبة واإهدار اجلهة املغلوبة،

كاأن اجلهة املغلوبة يف نظر ال�سرع حكمها العدم.وحماولة ال�ساطبي هذه تهدف بالأ�سا�س اإىل اإعادة النظر يف حقيقة امل�سالح واملفا�سد وما تعرف به، وتعميق الروؤيا يف املفاهيم القريبة وا�سع من املوا�سيع بقدر لهذه الق�سايا اخلادمة واإثارة من ذلك، التحقيق والتنقيح، كما هو داأب ال�ساطبي دوما، وهو بهذا النظام اإطالقها على امل�سلحة تاأ�سي�س اإىل ي�سعى اإمنا البديع املقا�سدي يفهم من الأول، كما قد اإطالقها ال�سرع ل املتعلق بخطاب الثاين ظاهر كالمه؛ لأن امل�سالح اإذا وكلت اإىل عقول النا�س مل تن�سبط يف الإن�سان لكان العقل مبجرد ان�سباطها فر�س ولو اأبــدا، بحال

غنية عن ال�سرع، وذلك عني املحال.ال�ساطبي ت�سور ميثل اأنه فليعلم وتقرر، املعنى هذا ات�سح واإذا مبفا�سدها، الدنيا م�سالح تربط التي اجلدلية للعالقة العام ويقرب متثله لطبيعة التجاذب والتاأثري احلا�سلة بني ما هو �سالح

يف حكم العتياد وما هو م�سلحة يف موازين ال�سرع. غري اأن من النا�س من نظر اإىل ظاهر كالم ال�ساطبي، واأ�سباهه، يف املو�سوع فا�ست�سكله، واآخرون مل يح�سنوا فهمه، وفريق ثالث تعمد تاأويله... فت�سارك جميعهم يف اإف�ساد حقيقته وتب�سيع جماله. ولقد

كان من جتليات خطورة هذه القراءات القا�سرة املتعجلة، ما يلي:

� ا�صت�صهال حد امل�صالحتعريفهما يليق ل واملف�سدة امل�سلحة اأن يــرى مــن يوجد حيث ا�سطالحا، بل ويتعذر؛ لأنهما من الو�سوح والبداهة بحيث يدركهما كل اإن�سان بال�سرورة، لذلك جتد معناهما قائما بالنف�س على درجة كبرية من الظهور ي�سعب معها الك�سف والبيان، وهذا الجتاه هو الذي عرب عنه الفخر الرازي18 )تويف 606ه( يف املح�سول بقوله: ما اأظهر من لأنهما حتديدهما؛ يجوز ل اأنه عندي: "وال�سواب واحد كل بني التفرقة بال�سرورة ويــدرك نف�سه، من احلــي يجده منهما، وبينهما وبني غريهما، وما كان كذلك يتعذر تعريفه مبا هو

اأظهر منه19." وجند من املعا�سرين، املهتمني مبو�سوع امل�سلحة، من ي�سلك م�سلك الرازي يف املو�سوع، فال يرى �سرورة ول حاجة للتعريف بامل�سلحة

اإن مل اإهدارا للوقت، ا�سطالحا، بل ويح�سب بذل اجلهد يف ذلك يكن �سببا يف �سياع حقيقة مفهوم امل�سالح ال�سرعية! ولي�س لقائل ر على اأن امل�سلحة هي امل�سلحة من هذا الكالم من حجة اإل اأن ي�س

حيث كونها م�سلحة!؟ كاأنها، عنده، اأمر يعرف ول يو�سف!ففي حماولة من م�سطفى زيد لر�سد اأول فهم وتعريف للم�سلحة جمع م�ساألة يف البخاري، �سحيح يف ثابت20، بن زيد خرب اأورد بها والتعريف للم�سلحة الفهم "اإن هذا بقوله: اأتبعه ثم القراآن، اأول فهم للم�سلحة وتعريف بها بعد عهد الر�سول، �سلى اهلل هما عليه و�سلم، ولي�س من �سك يف اأن اأبا بكر وعمر خا�سة، وال�سحابة همهم كل كان اإذ امل�سلحة؛ يعرفوا اأن همهم من يكن مل عامة، من�سرفا اإىل حتقيقها... فامل�سلحة عندهم اإذا من الو�سوح بحيث ل يحتاجون اإىل التعريف بها... على اأن اللغويني يرون يف امل�سلحة

نف�س الو�سوح فال يتكلفون يف تف�سريها وتو�سيحها21.""فقد تكون حماولة ثم يخل�س م�سطفى زيد اإىل النتيجة التالية:

التعريف و�سيلة اإىل الغمو�س اإذا كان املعرف �سديد الو�سوح22."حب ال�س هــوؤلء نفو�س يف قائما معنى امل�سلحة كانت اإذا قلت: الف�سالء، يفهمونه �سليقة، ويعملونه �سجية، دومنا تكلف منهم ول

التثبت يف جتريد املقا�صد

اأن يطيل التاأمل ويجيد التثبت يف على الباحث يف مقا�سد ال�سريعة تعيني لأن والت�سرع يف ذلك؛ والت�ساهل واإياه �سرعي، اإثبات مق�سد اأدلة واأحكام كثرية يف اأمر تتفرع عنه اأو جزئي مق�سد �سرعي كلي

ال�ستنباط؛ ففي اخلطاأ فيه خطر عظيم.فعليه اأن ل يعني مق�سدا �سرعيا اإل بعد ا�ستقراء ت�سرفات ال�سريعة اآثار اقتفاء وبعد ال�سرعي منه. املق�سد انتزاع يريد الذي النوع يف اأئمة الفقه لي�ست�سيء باأفهامهم وما ح�سل لهم من ممار�سة قواعد مق�سود بها يفهم ا�ستنباط قوة اكت�سب ذلك فعل هو فاإن ال�سرع؛

ال�سارع.ثم هو بعد الإ�سطالع بهذا العمل العظيم ل يجد احلا�سل يف نف�سه �سواء يف اليقني بتعيني مق�سد ال�سريعة؛ لأن قوة اجلزم بكون ال�سيء مق�سدا �سرعيا تتفاوت مبقدار في�س ينابيع الأدلة ون�سوبها، ومبقدار

وفرة العثور عليها واختفائها."

العالمة الإمام حممد الطاهر ابن عا�سور ، "مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية"، الرابعة، الطبعة الإ�سكندرية، والتوزيع، والن�سر للطباعة ال�سالم دار

2009 ، �س42.

Page 106: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 10636

ملف العدد

دعوة اإلسالم إلى إعمال العقل تتم على مستويين اثنين؛ دعوة

لالجتهاد، ودعوة لالهتداء..

وكفى به، النا�س واأجدر لذلك اأهل فهم تع�سف، باأقوالهم املاأثورة واأق�سيتهم امل�سهورة23 على هذا وهم ال�سحابة، "كان فقد مقنعا، دليال الأمــر اأفقه النا�س لهذه ال�سريعة، اأكر النا�س ا�ستعمال

للم�سلحة وا�ستنادا اإليها24."اجلميع اإذ الزمان؛ ذاك غري الزمان هذا ولكن با�سمها، ويــجــادل امل�سالح، وراء يجري اليوم العلمانيني مــن فيهم مبــن بلبو�سها، ويتلب�س وامل�ست�سرقني وامل�ستغربني وامللحدين واملرتدين... مبا حدها الواجب فكان الدين!؟ اأعــداء و�سائر

ي�سونها وي�سبطها. والأخطر الأهول من ذلك كله اأن يقول هوؤلء: قد عقولنا على امل�ساألة وتلك الق�سية هذه عر�سنا اهلل ل�سرع اأنــهــا فعرفنا ي�ستح�سنها، فوجدناه من اإذا فهي مالئمة، معانيه وملحا�سن منا�سبة، جملة امل�سالح املاأذون فيها �سرعا... يقولون ذلك

جدال منهم وعنادا!!ونتيجة ملا �سبق نوؤكد على �سرورة تعريف امل�سلحة مانعا خلــوا�ــســهــا، جامعا ا�ــســطــالحــيــا تعريفا لختالط غريها بها، فقد يكون ال�سكوت عن ذلك، الأل�سنة تطاول يف �سببا خا�سة، الع�سر هذا يف ذلك بل والفــرتاء، بالتقول ال�سرع حرمات على ما ح�سل مع وجود هذا الكم من التعريفات التي

اأعطيت للم�سلحة25، فكيف مع ت�سور غيابها!؟

وف��رط العتياد اأح��ك��ام على التع�يل �التجارب يف درك امل�صالح

ومن مزالق هذه القراءات القا�سرة اأن قوما ادعوا بحكم والنوازل الوقائع يف ال�سارع مقا�سد درك لن�سرة ويحتجون بل التجارب، وفــرط العتياد راأيهم هذا بظواهر من كالم اأئمة املقا�سد كاأبي واأبي الآمدي27، الدين و�سيف الدبو�سي26، زيد منهم وحتايال وغــريهــم، ال�ساطبي28، اإ�سحاق ال�سياق، منزوعة الأقـــوال تلك اإيـــراد يتعمدون

حمذوفة املثال، عارية البيان. ال�سارع التجارب كم�سدر ملعرفة مقا�سد ولي�ست

واأهله، الإ�ــســالمــي الفقه عــن الغريب بال�سيء يعولون يف العلم اأهــل يــزال، ول كــان، ما فكثريا يعر�س اأو اأو ف�ساد ما يعر�س لهم، معرفة �سالح على النازل غرائب الوقائع اأحــوال من عليهم، يتحريون ما بني الرتجيح عند حتى اأو التجربة، فيه بني الإقدام عليه ملا فيه من �سالح اأو الإحجام تلك كــانــت و�ــســواء فــ�ــســاده، مــن يكتنفه ملــا عنه اأو ال�سخ�سية جتاربهم عليها املــعــول التجارب جتارب غريهم من اأهل العلم والف�سل، فالتجربة من جعل حينما ال�ساطبي اعتمدها التي "هي اإىل النظر ال�سريعة الك�سف عن مقا�سد م�سالك

النتائج؛ اأو ما ي�سميه هو بامل�سببات29."املو�سع، هــذا يف عليه ونــوؤكــد اإلــيــه ننبه والـــذي اأن بغية )التجارب( مفهوم حتديد �سرورة هو الباطلة، والــدعــوات املخيلة بــالأوهــام تختلط ل نتائج ت�سمل العلم اأهل بها عند املعتد فالتجارب مع بها، املوثوق املعا�سرة العلوم �سنوف جميع �سرورة ال�ستعانة باأهلها الأكفاء املخل�سني، يقول الدرا�سات كذلك ..." الري�سوين: اأحمد الدكتور ــل ما القــتــ�ــســاديــة والجــتــمــاعــيــة والــعــلــمــيــة، كفيجب واإح�سائية علمية بو�سائل وتثبته تك�سفه فمقا�سد ال�سريعة... مقا�سد ملعرفة نعتمده اأن بالو�سائل م�سالكها تو�سيع اإىل حتتاج ال�سريعة لكل املجال نفتح اأن دون للك�سف عنها، املنهجية اأن يقول يف مقا�سد ال�سريعة ويق�سدها اأراد من

مبا ي�ساء30." ومما يدخل يف م�سمى التجارب على �سبيل التمثيل

ل احل�سر:املوثوق املعا�سرة الإثــبــات و�سائل على التعويل اجلرائم، واإثبات الأن�ساب، اإحلاق يف علميا بها

وتخلية �سبيل الأبرياء...ومثال ذلك اأي�سا اعتماد جتربة اأهل الطب املعا�سر الأقل واأدنــى مدة احلمل، على اأق�سى يف حتديد للخروج من اختالف الفقهاء القدمي القا�سي باأن واأربع احلنفية، عند �سنتني احلمل مدة اأق�سى عند وخم�س واحلنابلة، ال�سافعية عند �سنوات

Page 107: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

107 العدد 36 |

ملف العدد

اعتمادا �سنوات! �سبع عندهم: روي بل املالكية، على اأقوال مروية عن بع�س الن�ساء31.

الولد اأن الفقهاء من جماعة قاله ما ذلك ومن وبع�سهم رجــلــني، اأبــويــن اإىل ين�سب اأن ميكن اأو اأحلقه اإذا ادعوا ن�سبه، اإىل ثالثة قال: ين�سب بال�سبه( يحكمون الذين )اخلــرباء القافة بهم مرفو�س كله وهــذا ال�سافعي... ملذهب خالفا التي دلت عليها العلم احلديث وم�سلماته مبنطق املالحظة، والتجربة، واآلت الختبار، والت�سوير،

وغريها32.

العمل يف العقل خال�س اإىل الحتكام �امل�صلحي

الت�سريع يف امل�سلمني، معا�سر عندنا للعقل، اإن ومما �سامية، ومنزلة عالية مكانة الإ�ــســالمــي ي�سهد لأ�سالة هذا املبداأ )ال�ستقراء التام(، فمن يجدها و�سنة، قراآنا ال�سريعة، ن�سو�س ي�ستقري

كثرية التنبيه على اأمرين هما:العقل ت�سخري ــرورة �ــس على الــتــاأكــيــد الأول:

واإعماله فيما يجلب معاين ال�سالح.تعطيله مــ�ــســوؤولــيــة عــلــى الــتــ�ــســديــد وال��ث��اين:

واإهماله.ونظر تعاىل، اهلل كتاب يف الباحثون بحث وقد عليه اهلل �سلى اهلل، ر�سول �سنة يف الناظرون ت�سوغ العقل اإىل موجهة اإدانـــة اأيـــة عــن و�سلم، التبخي�س اأو اإعماله، يف الرتدد اأو منه، التوج�س من �ساأنه ومقامه... فلم يجدوا فيهما غري مقام والتزكية والــرفــعــة والتبجيل، والتمجيد ــدح امل

والتجميل.ا�سرت�ساله الإن�ساين العقل طبائع من كان واإذا النظر، متاهات يف و�سرحه املعرفة، موا�سيع يف درك يف حــدوده بعقله يتعدى األ امل�سلم فواجب امل�سالح واملفا�سد، وذلك الذي ا�ست�سعره جمهور منزلته للعقل فحفظوا والــفــقــهــاء، الأ�ــســولــيــني غري وم�سرحه. حــده به جتـــاوزوا ومــا ومكانته، العقل بقدرات اغــرتوا املتفيهقة من اأقــوامــا اأن

فا�سد، هو وما �سالح هو ما معرفة يف الإن�ساين فن�سبوه اإماما وحظه يف الق�سمة اأن يكون ماأموما، اإل اأن يكون تابعا، فال يزن وجعلوه متبوعا وحقه

مبوازين ال�سرع، ول ينظر اإل من خلف اأ�ستاره. ولي�س فيما ذكرناه تعار�س ول تناق�س؛ لأن دعوة م�ستويني على هي العقول اإعــمــال اإىل الإ�ــســالم

اثنني هما:امل�صت�ى الأول: دع�ة لالهتداء

الهتداء اأجــل من العقول لكل عامة دعــوة وهي اإىل حقيقة الوجود وامل�سري، ومعرفة عظيم قدرة خالق الإن�سان مدبر الأكوان، كما يف قوله تعاىل: "قل �سريوا يف الر�س فانظروا كيف بداأ اخللق"

)العنكبوت: 20(.امل�صت�ى الثاين: دع�ة لالجتهاد

وهذه دعوة خا�سة اإىل اأهل الجتهاد دون غريهم، امل�سلم ال�سليم العقل واإمنــا عقل، كل ت�سمل فال املجتهد، وهو العقل اخلايل من كل اأعرا�س املر�س بالأوهام الأخــذ عن املــرتفــع والعقلي، النف�سي لدين امل�سلم الــهــوى، على املت�سيد والأبــاطــيــل، الناظر اليقظ �سرعته، حدود عند الوقاف ربه، اإذا لأحكامه قيمة ل "الراأي فــاإن واإل املجتهد، مل يكن راأيا م�سلما؛ اأي اإن�سانيا باملعنى ال�سحيح للكلمة؛ اأي جمردا عن الأهواء وال�سهوات التي تن�ساأ عن الف�ساد يف الأر�س، والتي تتنافى مع املق�سد

ال�سرعي العام يف ال�سالح والإ�سالح33."وتقييد العقول بال�سليمة اإمنا هو لإخراج مدركات العقول املعلولة وال�ساذة التي تغري منطها عن اأ�سله اأنوارها، الأول، فتكدر �سفوها ونقاوؤها، وانطفت و�ساعت جودتها. وتقييد العقول بامل�سلمة لإخراج ال�سمحة، احلنيفية دين بغري تدين التي العقول فاإن من يزن امل�سالح واملفا�سد بغري ميزان �سريعة لأن الرحمان؛ اأراد ما بغري حكم فقد الإ�سالم الدين عند اهلل الإ�سالم: "ومن يبتغ غري ال�سالم دينا فلن يقبل منه، وهو يف الخرة من اخلا�سرين" )ءال عمران: 84( وتقييد هذه العقول باملجتهدة واملقلدة واجلــامــدة اجلــاهــلــة الــعــقــول لإخــــراج

ليست التجارب كمصدر لمعرفة مقاصد الشارع بالشيء الغريب

عن الفقه اإلسالمي وأهله..

Page 108: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 10836

ملف العدد�شامهو ال

1. ابن قدامة، املغني، 436/6. 2. قواعد الأحكام يف م�سالح الأنام: 43/1.

3. املرجع نف�سه، 14/1.4. انظر: قواعد الأحكام يف م�سالح الأنام، م، �س، 14/1. واحلديث رواه م�سلم يف كتاب حديث اجلنة، �سفة كتاب والرتمذي، .2823 رقم: حديث نعيمها، و�سفة اجلنة

رقم: 2422. واأحمد يف م�سند املكرين، حديث رقم: 7216. 5. �سرح تنقيح الف�سول، �س78.

6. تعليل الأحكام، �س377. ولعله يف فتاوى ابن تيمية: 349-338/3.7. ال�ساطبي، املوافقات، 341-339/2.8. مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية، �س69.

9. املرجع نف�سه، �س64.10. املرجع نف�سه، �س64 وما بعدها.

11. على اختالف يف م�ستويات ذلك عندهم، فهم بني موجز ومقت�سد وم�سهب.12. ي�ستثنى من هذا الأ�سل نظر الإمام ال�ساطبي للمو�سوع، فقد جاء على قدر كبري من

املخالفة ملا اعتاد الأ�سوليون ب�سطه يف هذا الباب. 13. املوافقات، م، �س، 42/1.

14. مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية، م، �س، �س: 64 وما بعدها.15. املرجع نف�سه.

هي ما بامل�سلحة املــراد "لي�س 790ه(: ــويف )ت ال�ساطبي قــول مثال ذلــك من .16عليها ويرتب ال�سارع، بها يعتد ما بل منافرة، اأو العاقل، يق�سد لطبعه، مالئمة

مقت�سياتها." املوافقات:216/1.17. املوافقات، م، �س، 341/2.

18. هو حممد بن عمر بن احل�سني بن علي التميمي البكري الكرب�ستاين الرازي فخر الدين، املعروف بابن اخلطيب، من ن�سل اأبي بكر ال�سديق، ولد بالري �سنة 544ه واإليها ن�سبته، واأ�سله من طرب�ستان، فقيه واأ�سويل �سافعي، متكلم، نظار، مف�سر، الأعيان وفيات )انظر 606ه. �سنة وتويف العلوم... من اأنواع وم�سارك يف اأديب،

381/3. وطبقات ال�سافعية الكربى 33/5(. 19. الفخر الرازي، املح�سول، 158/5.

20. هو اأبو �سعيد زيد بن ثابت بن ال�سحاك بن النجار الأن�ساري اخلزرجي، ا�ست�سغره النبي، �سلى اهلل عليه و�سلم، يوم بدر فرده، و�سهد اخلندق، اأحد كتاب الوحي، ولد باملدينة ون�ساأ مبكة، وهاجر مع النبي، �سلى اهلل عليه و�سلم، وكان عاملا بالفرائ�س ،221/2 الغابة واأ�سد ،537/2 ال�ستيعاب )انظر والــقــراءة. والفتيا والق�ساء

والإ�سابة 561/1(.21. جنم الدين الطويف، امل�سلحة يف الت�سريع الإ�سالمي، �س19.

22. املرجع نف�سه، �س22-21.23. انظر: ويل اهلل الدهلوي، الإن�ساف يف بيان اأ�سباب الختالف، �س15 وما بعدها.

24. يو�سف القر�ساوي، عوامل ال�سعة واملرونة يف ال�سريعة الإ�سالمية، �س20. وقد ذكر هناك العديد من الأمثلة وال�سواهد.

25. هذه جملة من تعريفات اأهل العلم للم�سلحة يف ال�سطالح الفني: بامل�سلحة "نعني بقوله: عرفها حيث 505ه(، )تــويف الــغــزايل حامد اأبــي تعريف ـ املحافظة على مق�سود ال�سرع، ومق�سود ال�سرع من اخللق خم�سة، وهو اأن يحفظ عليهم دينهم ونف�سهم وعقلهم ون�سلهم ومالهم، فكل ما يت�سمن حفظ هذه الأ�سول اخلم�سة فهو م�سلحة، وكل ما يفوت هذه الأ�سول فهو مف�سدة، ودفعها م�سلحة... وحترمي تفويت هذه الأ�سول اخلم�سة والزجر عنها ي�ستحيل اأن ل ت�ستمل عليه ملة من امللل و�سريعة من ال�سرائع التي اأريد بها اإ�سالح اخللق." امل�ست�سفى:216/1-

217. وهو تعريف جامع حلقيقة امل�سالح ال�سرعية، مانع من دخول غريها فيها.ـ تعريف اخلوارزمي )تويف387ه( واملراد بامل�سلحة املحافظة على مق�سود ال�سرع بدفع

املفا�سد على اخللق." اإر�ساد الفحول، �س403.ـ تعريف جنم الدين الطويف )تويف 716ه( حيث عرف امل�سلحة باأنها "ال�سبب املوؤدي

اإىل مق�سود ال�سارع." نقال عن تعليل الأحكام ملحمد م�سطفى �سلبي، �س278."واأعني بامل�سالح: ما يرجع اإىل قيام حياة الإن�سان، ومتام عي�سه، ـ تعريف ال�ساطبي: ونيله ما تقت�سيه اأو�سافه ال�سهوانية والعقلية على الإطالق، حتى يكون منعما على

الإطالق." املوافقات 239/2.26. كما يف تعريف اأبي زيد الدبو�سي )تويف 430ه( للمنا�سب بقوله: "املنا�سب عبارة اأ�سول يف الإحكام اىلمــدي، انظر: بالقبول." تلقته العقول على عر�س لو عما

الأحكام، 237/4. الت�سرفات تنزيل "الأ�سل مثال: )تويف631ه( الآمدي الدين �سيف قول يف كما .27

ال�سرعية على وزان الت�سرفات العرفية." الإحكام يف اأ�سول الأحكام، 233/3.28. كما يف قوله مثال: "فامل�سلحة اإذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع املف�سدة يف العباد، وكذلك الطلب على وقع ولتح�سيلها �سرعا، املق�سودة العتياد فهي حكم هو فرفعها العتياد حكم يف امل�سلحة اإىل بالنظر الغالبة هي كانت اإذا املف�سدة

املق�سود �سرعا، ولأجلها وقع النهي." املوافقات: 341-339/2.29. عبد اجلبار الرفاعي، مقا�سد ال�سريعة، �س201.

30. املرجع نف�سه، �س202-201.31. انظر: يو�سف القر�ساوي، الجتهاد يف ال�سريعة الإ�سالمية، �س124.

32. املرجع نف�سه، �س125.33. مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية ومكارمها، �س47.

والبليدة، لأنها دوما عن اإدراك امل�سالح بعيدة.

من نتائج البحث وخال�صاتهلقد كان من نتائج هذا البحث املتوا�سع ما يلي:

ـ امل�سلحة يف الفقه الإ�سالمي اإما اأن تكون خال�سة من كل ف�ساد اأو خملوطة ب�سيء منه، ولي�س هذا حمال للبحث جمديا وما ينبغي اأن

يتخذ كذلك.الغالبة يتعني �سرعا معرفة اجلهة باملفا�سد امل�سالح ـ عند متازج وفق يكون والتغليب التقريب وجــوه واإدراك املغلوبة، اجلهة من قواعد و�سوابط خا�سة يلزم اأهل الجتهاد مراعاتها، والفزع اإليهم

دون �سواهم يف �ساأنها.

ي�سدق يجعله ما وال�سال�سة ال�سعة من "امل�سلحة" ملفهوم اإن ـ ما على اأخــرى واأحيانا ال�سريعة، مقا�سد يوافق ما على اأحيانا يطابق جذبات الأهواء ور�سوم ال�ستحالء، فوجب التثبت يف اإطالق لفظ "امل�سلحة" ومراعاة �سياقات وروده، فاإنه حمال ملعاين متقابلة

متناق�سة.الغريب بال�سيء ال�سارع ملعرفة مقا�سد التجارب كم�سدر لي�ست ـ الواجب تعيني حدود ما هو من واإمنا واأهله، الإ�سالمي الفقه عن

التجارب املوثوق بها من �سواه.ـ ل يجوز لقائل يف الإ�سالم اأن يقول يف �سيء حل ول حرم ول �سلح ول ف�سد اإل بدليل �سرعي معترب، ولو جاز للعقل تخطي ماأخذ النقل

مل يكن للحد الذي حده النقل فائدة، وذلك عني املحال.

Page 109: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

109 العدد 36 |

ملف العدد

تعالى، اهلل بحول قريبا، سيصدر العدد األول من

كتاب اإلحياء

Page 110: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 11036

ملف العدد

من تجليات التداخل بني األصول والتصــوف عنـد الشــاطبــي:

الجماليــة املقـاصـد يف نظرة ذ. اإدري�س الرتكاويباحث يف اأ�صول الفقه ومقا�صد ال�رشيعة

اإ�سحاق اأبــو النظار الإمـــام ا�ستطاع منظومة مــن ي�سبك اأن الــ�ــســاطــبــي الأ�سول كليات اعتربت عنده مبثابة قوانني؛ لي�س كونها فقهية ا�ستنباطية باأوىل من كونها اأخالقية و�سع، اإمنــا عنده فقهي اأ�سل كل فكان جمالية، املجتهدين بني اخلــالف لتوجيه مقا�سده، ومن وح�سم مادته وتوحيد قبلتهم يف التقعيد للقواعد الرتبوية املقا�سد ب�سبغة امل�سبوغة الأ�سولية والكلي العام املــوؤطــر منها جعل التي اجلمالية و�سعوره الــوجــداين املجتهد نظام على احلاكم الأكدار والأغيار وتوحيدا له من الإمياين، تخلية الباطن يف للمفرتق وجتميعا واملق�سد للوجهة واإقبال بذل العبودية والنك�سار على مقلب القلوب

والأب�سار. الأ�سول بني ذلــك، على بناء التداخل، ف�سار ال�سوابط اأن اأي داخليا؛ بنيويا عنده والت�سوف الأخالقية كامنة يف بنية القواعد الأ�سولية تقعيدا

وتوظيفا مالزمة لها غري خارجة عنها. ومن مت مل تقت�سر نظرياته على خ�سو�سية الفقه ال�سناعي قادرة لت�سري جتاوزته بل اجلــوارحــي، �سقه يف لدى والوجدانية ال�سعورية املنظومة احتواء على

املكلف. ومن هنا جاء حديثه عن اجلمال. يقدم الباحث يف هذه الدرا�سة اإ�سهاما طيبا ي�سعى ال�ساطبي الإمــام نظرية معامل بع�س ل�ستجالء والتداخل املــعــريف التكامل مــبــداأ على القائمة املنهجي بني العلوم، ممثلة يف الأ�سول والت�سوف؛ وو�سيلة من للثاين الأول منهما خادم اأن باعتبار وال�سابطة الوجدان اإليه يف املو�سلة و�سائله اأهم يحاول ال�سياق هذا ويف ال�سلوك؛ يف ملقت�سياته جاهدا الإجابة على الت�ساوؤلت التالية: ما حقيقة هذا التداخل بني الفنني عند اأبي اإ�سحاق؟ وكيف على جتلياتها وما اجلمال؟ مقا�سد عنه تولدت

املباحث الأ�سولية؟

لقد

Page 111: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

111 العدد 36 |

ملف العدد

بني العلمي ال��ت��داخ��ل حقيقة يف اأول: العلمني

الأ�سول بني العلمي التداخل اأطــروحــة تتاأ�س�س منظومة يف منهجيتني م�سلمتني على والت�سوف

النظر العلمي عند ال�ساطبي:اأن قوامها املعريف: احل�سو نقد م�سلمة اأولهما: باإ�سافته يخت�س مل الأ�سول( )اأي العلم؛ "هذا لالجتهاد وحمققا له مفيدا لكونه اإل الفقه اإىل يلزم له، ول باأ�سل فلي�س يفد ذلك فاإذا مل فيه، فقهي فرع عليه انبنى ما كل يكون اأن هذا على اأن اإىل ذلــك اأدى واإل الفقه، اأ�ــســول جملة من النحو كعلم الفقه اأ�سول من العلوم �سائر يكون والعدد والبيان واملعاين والت�سريف وال�ستقاق التي العلوم من ذلــك وغــري واحلديث وامل�ساحة من عليها وينبني الفقه حتقيق عليها يتوقف اإليه يفتقر ما كل فلي�س كذلك؛ م�سائله،ولي�س اأ�سل كل اأن الالزم واإمنا اأ�سوله، من يعد الفقه ي�ساف اإىل الفقه ل ينبني عليه فقه فلي�س باأ�سل �ساأن هو كما بالفعل، منهجي نقد له1." والن�س �ساأن هــو كما وبــالــقــوة، بــهــا، مثل الـــذي العلوم اأدخلت يف العلم الت�سوف، للزوائد املعرفية التي وهجرت اإليه دون اأداء وظيفتها املتنا�سقة املف�سية جمعا جوارحية اأخالق اأو فقهية فروع اإنتاج اإىل بني العلم والعمل ومراعاة ل�سعور املكلف و�سلوكه.

امل�صلمة الثانية: هي امتداد لالأوىل، قال م�سريا اإىل حقيقتها: "كل م�ساألة يف اأ�سول الفقه ل ينبني تكون ل اأو �سرعية، اآداب اأو فقهية فــروع عليها الفقه عارية2"؛ اأ�سول عونا يف ذلك فو�سعها يف ت�ساهي للت�سوف، املحت�سنة ال�سرعية، فالآداب ومن الأ�ــســول، اإىل الن�سبة يف الفقهية الــفــروع حقائقه. عليها تــتــنــزل الــتــي الأ�ــســلــيــة حمــالــه "كل قال: اإذ اآخر مو�سع ذلك يف اإىل اأ�سار وقد م�ساألة ل ينبني عليها عمل؛ فاخلو�س فيها خو�س فيما مل يدل على ا�ستح�سانه دليل �سرعي؛ واأعني القلب وعمل اجل�ارح من حيث عمل بالعمل حمط وهو القلب، فعمل �سرعا3"؛ مطلوب هو

نــظــر الــتــ�ــســوف مــن املــكــلــف، مــطــلــوب يف علم الفقه نظر وهــو حمط اجلـــوارح، الأ�ــســول كعمل والفروع منه، فمو�سوعهما معا وجمالهما الرئي�س فعل املكلف ظاهرا وباطنا، وهما فيه "�سقيقان يف زروق. ال�سيخ قال الدللة على اأحكام اهلل4" كما رهينا الأطروحة ب�سحة الت�سليم كان هنا ومن مبجموعة مبادئ ميكن جتميعها يف قانونني هما:

1. درء التداخل الهام�سي املفارق، الذي ل ينتج، اأو املنتج لفرع فقهي وحيد تتوقف عليه �سحته ك�ساأن

بع�س قواعد اللغة والنحو واحل�ساب واحلديث...2. اعتبار التداخل الن�سقي، املوجب للت�سليم مببداأ الكليات املحت�سنة للعلوم ال�سرعية، واملنتجة لفروع اآداب اأو اجلــوارح، تعلقها مناط متوالية فقهية ومن هنا القلوب. تعلقها مناط �سعورية اأخالقية كانت كل م�ساألة اأ�سولية عند �سيخ املقا�سد جامعة بني دقة املورد العلمي ولطافة املذاق ال�سويف. مما اأ�سفى على املنظومة الأ�سولية م�سحة من �سراج اجلمال التعبدي. فما حقيقة هذا اجلمال اإجمال؟

وما هي معامله عند اأبي اإ�سحاق؟

ثانيا: حقيقة اجلمال يف الت�ص�ر الإ�صالمي عم�ما

احل�سن البتدائية: الأ�سلية دللته يف اجلمال بالإن�سان ا�سرتط فيه تعلق واإذا والزينة، والبهاء �سيغة يف الأحـــوال جميع يف والكمال التنا�سق قال جزئياتها. من جزئي على تقت�سر ل كلية ل ما احلقيقية "الزينة ناظم: ن�س يف الراغب الدنيا يف ل اأحواله من �سيء يف الإن�سان ي�سني ول يف الآخــرة، فاأما ما يزينه يف حالة دون حالة فهو من وجه �سني. والزينة بالقول املجمل ثالث: وزينة احل�سنة، والعتقادات كالعلم نف�سية زينة بدنية كالقوة وطول القامة، وزينة خارجية كاملال يف وزيــنــه الميـــان اإليكم "حبب فقوله واجلـــاه. قلوبكم" )احلجرات: 7( فهو من الزينة النف�سية. م زينة اهلل" )العراف: 30( فقد وقوله "من حرحمل على الزينة اخلارجية؛ وذلك اأنه قد روي اأن

تسعى الدراسة إلى تجلية حقيقة

مبدأ التكامل المعرفي والتداخل

المنهجي بين العلوم، من خالل

علمي األصول والتصوف..

Page 112: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 11236

ملف العدد

فنهوا عن ذلك بالبيت عراة كانوا يطوفون قوما املذكورة يف الزينة بل بع�سهم: وقال الآية، بهذه هذه الآية هي الكرم املذكور يف قوله: "اإن اأكرمكم يف وهو ،"5)13 اأتقاكم" )احلجرات: اهلل عند خدمة وظيفته اأ�سيل مق�سد الإ�سالمي الت�سور �سرنى كما الكربى، املقا�سدية الكليات من كلي بع�سا من ذلك مع ال�ساطبي، وقد تعرب عنه اللغة الت�سويرية، اللغة عنه تعرب قد كما التجريدية بالن�سبة احلــال هو كما ال�سريعة6 غالب وذلــك اآي يف املنظومة اللغوية الفنية ال�سور ملجموع القراآن وجوامع كلم النبي، �سلى اهلل عليه و�سلم7، وكذا ال�سور التج�سيمية اإذا اأمنت الوقوع يف خرم ال�سور فتحرمي التوحيد. وقواعد العقيدة اأ�سول املنحوتة يف قوانني الت�سريع الإ�سالمي اإمنا يرجع قاعدته امل�سخ�س يف املاآل الوظيفي يف بعده اإىل اجلمال من �سيئا لأن الذريعة"؛ "�سد اجلزئية قد به امل�ستاأثر تعاىل اهلل بجالل املحكوم فيها حتدث حماكاته زيغا عقائديا �سعوريا! فلي�س �سيء من التحرمي راجعا اإىل ذات ال�سيء وماهيته، كما

املاآل عرو�س عار�س هو واإمنــا بع�سهم، ادعــى لأ�سل احلال8.

واجلمال يف الت�سور الإ�سالمي �سواء تعلق ب�سورة اهلل بنعم اأم النف�سي ونظامه بفعله اأم الإن�سان الوجودية يف اخلارج، كل ذلك ل يخلو من تاأطري نوعني من الإرادة مرتبطني مب�سيئة اهلل يف خلقه من كان فما التكليف. اإرادة التكوين اإرادة هما: الكونية �سبحانه ـــه اإرادت اإىل راجــع فهو الأوىل من كــان ومــا وخلقه. بربوبيته املتعلقة القدرية الت�سريعية الأمرية اإرادتــه اإىل راجع فهو الثانية القدرية ــــالإرادة ف و�ــســرعــه. باألوهيته املتعلقة اهلل اأراد فما مــراد؛ بكل "املتعلقة هي اخللقية اإىل �سبيل فال يكون ل اأن اأراد ومــا كــان، كونه كونه... والإرادة الأمرية هي املتعلقة بطلب اإيقاع هذه ومعنى عنه. املنهي اإيقاع وعــدم به املاأمور الإرادة اأنه يحب فعل ما اأمر به وير�ساه... وكذلك النهي يحب ترك املنهي عنه وير�ساه9، مما اأعطى للحقيقة اجلمالية بعدين ت�سكال يف �سكل نوعني، للو�سول بها منهد حلقيقتهما بيانية فذلكة هذه

اإىل املق�سود:

)البتالئي( التك�يني اجلمال يف .1التكوينية الــزيــنــة اأ�ــســبــاب هــو التكوين جــمــال البتالئية املو�سوعة �سببا لال�ستمتاع على الإطالق، بناء على اأن "الأ�سباب وامل�سببات مو�سوعة يف هذه طريق فاإنها لهم، وامتحانا للعباد ابتالء الــدار امل�سالح من فهو ال�سقاوة10"، اأو ال�سعادة اإىل املطلقة الراجعة اإىل ق�سد ال�سارع البتدائي قبل ت�سرف املكلف، قال ال�ساطبي: "فالرب تعاىل قد يف النظر قبل بها وامنت بنعمه عبده اإىل تعرف م�سيج لكنه الإطالق11"، على فيها املكلف فعل ابتالئهم بق�سد خلقه يف اهلل م�سيئة بغطاء من النوع هــذه وعلى وقــدرا. ق�ساء واختبارهم اجلمال و�سعت اأ�سول النعم يف الكون ابتداء؛ قال تعاىل: "انا جعلنا ما على الر�س زينة لها لنبلوهم اأيهم اأح�سن عمال" )الكهف: 7(. وقال �سبحانه:

الجمال التعبدي شرارة من باطن العبد متصلة به

غير منفصلة..

املقا�صد وتزكية النف�س

اأن املق�سد الأعظم من ال�سريعة هو جلب ال�سالح ودرء الف�ساد؛ "فقد انتظم لنا الآن هذا على املهيمن هو كان ملا فاإنه ف�ساده، ودفع الإن�سان حال باإ�سالح يح�سل وذلك العامل كان يف �سالحه �سالح العامل واأحواله؛ ولذلك نرى الإ�سالم عالج �سالح الإن�سان ب�سالح اأفراده الذين هم اأجزاء نوعه، وب�سالح جمموعه وهو النوع كله؛ فابتداأ الدعوة التفكري اإىل ي�سوقه الذي الإن�ساين التفكري مبداأ اإ�سالح هو الذي الإعتقاد باإ�سالح احلق يف اأحوال هذا العامل. ثم عالج الإن�سان بتزكية نف�سه وت�سفية باطنه؛ لأن الباطن حمرك الإن�سان اإىل الأعمال ال�ساحلة، كما ورد يف احلديث : "األ واإن يف اجل�سد م�سغة اإذا �سلحت �سلح اجل�سد كله، واإذا ف�سدت ف�سد اجل�سد كله؛ األ وهي القلب". وقد قال

احلكماء: الإن�سان عقل تخدمه الأع�ساء.ثم عالج بعد ذلك اإ�سالح العمل وذلك بتفنن الت�سريعات كلها؛ فا�ستعداد الإن�سان للكمال

و�سعيه اإليه يح�سل بالتدريج يف مدارج تزكية النف�س."

العالمة الإمام حممد الطاهر ابن عا�سور ، "مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية"، دار ال�سالم للطباعة والن�سر والتوزيع، الإ�سكندرية، الطبعة الرابعة، 2009 ، �س70.

Page 113: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

113 العدد 36 |

ملف العدد

والبنني الن�ساء من ال�سهوات حب للنا�س ن "زيوالقناطري املقنطرة من الذهب والف�سة..." )ءال عمران: 14(. وقال جل وعال: "املال والبنون زينة احلياة الدنيا" )الكهف: 45(. وقال اأي�سا: "ولقد رجوما وجعلناها مب�سابيح الدنيا ال�سماء زينا لل�سياطني" )امللك: 5(. وقال اأي�سا: "قل من حرم زينة اهلل التي اأخرج لعباده والطيبات من الرزق" �ساكلها... اإىل غري ذلك مما ،)30 )العــراف: "فاأخرب الآيـــات على تعليقه يف القيم ابــن قــال �سبحانه عن خلق العامل واملوت واحلياة وتزيني الأر�س مبا عليها اأنه لالبتالء12". وقال �سيد ال�سماء اإىل "ونظرة احلقيقة: هذه مقررا قطب يف مق�سود عن�سر اجلــمــال اأن لإدراك كافية بناء الكون واأن �سنعة ال�سانع فيه بديعة التكوين جميلة التن�سيق، واأن اجلمال فيه فطرة عميقة ل عر�س �سطحي واأن ت�صميمه قائم على جمال بدقة وظيفة يــوؤدي فيه �سيء فكل التك�ين... اأ�ستاذنا اأ�سار وقد جميل13". جمموعه يف وهو باإ�سارة النكتة هذه اإىل اهلل، رحمه الأن�ساري، وجداين مبعث الكونية "فالزينة فقال: لطيفة كما هنا، والكون الإميانية14". بالزينة للتحلي ولكن فقط ال�سيق الفيزيائي مبعناه لي�س ترى، الق�ساء اإىل الــراجــع الــرمــزي البتالئي مبعناه "الزينة الإميانية". ثم والقدر بدليل مقابله وهو التي اأ�سياوؤه تكون واأن التكويني لبد لأن اجلمال عا�سور: ابن ال�سيخ قال كما النا�س، بها يــزدان ازدان قولنا: ومثله عنهم منف�سلة لهم "مغايرة توحيد الدكتور قال القمر15". باأ�سواء البحر ال�سالفة الزينة اآيــة على تعليقه يف الــزهــريي يف �سورة الكهف:"بن�س هذه الآية نعلم اأن اجلمال توجد مو�سوعية حقيقة هو الأ�سياء تبديه الذي خارج النف�س الإن�سانية وت�ستند اإىل عمل الهي هو "التزيني". والغاية منه هو البتالء16". واجلمال غري به مت�سلة العبد باطن من �سرارة التعبدي

منف�سلة كما �سياأتي.

2. يف اجلمال التكليفي )التعبدي(املوؤمن عــبــادة لـــوازم مــن التكليف جمال يعترب ال�سطرار، عبودية مــن واخلـــروج الخــتــيــاريــة له املج�سدة الإميان حقيقته اأ�سل بزينة والتحلي الميان اإليكم حبب اهلل "ولكن تعاىل: قال كما والباعث .)7 )احلــجــرات: قلوبكم" يف وزيــنــه املو�سوعة النعم على وال�سكر احلمد ذلك؛ على قالوا هنا ومن لذلك. تكوينية اأ�سبابا الكون يف "الو�سف ــه: اإن لــه، ملنا�سبته احلمد، تعريف يف بل باجلميل على اجلميل الختياري للتعظيم17"، احلــمــد هــو مــركــز بـــوؤرة هــذا الــنــوع مــن اجلمال وقطب رحاه واإليه ترجع جميع جتلياته، فال يزال العبد من خالله يرتقى "من معرفة ال�سفات اإىل معرفة الذات، فاإذا �ساهد �سيئا من جمال الأفعال ا�ستدل به على جمال ال�سفات ثم ا�ستدل بجمال ال�سفات على جمال الذات. ومن هاهنا يتبني اأنه يف اأخوه19 وال�سكر كله18". احلمد له �سبحانه هذا امليدان. قال ابن القيم: "فهو �سبحانه يحب اجلمال مــن فــاإنــه عــبــده على نعمته اأثـــر ظــهــور وهو نعمه عــلــى �ــســكــره مــن ـــك وذل يحبه ـــذي ال

جمال باطن20."منازل بوجود رهينة التعبدي اجلمال حقيقة اإن وهي ال�ساطبي، بتعبري العلم، اأو عزائم الإ�سالم قلب فيها يتقلب التي والأحــوال املقامات جمموع منزلة اإىل منزلة من فريحل اهلل اإىل ال�سالك �سريعتها من وي�سرب مراقيها حالوة من ويذوق خ�س واإمنا اأبدا. بعدها يظماأ ل كاأ�سا ال�سافية ال�سكر واحلمد ببيان احلقيقة اجلمالية، واإن كان اجلميع ين�سوي حتت حقيقة "منازل الإميان" اأو الباقي، دون لهما، لأن العلم"؛ عزائم "كليات نف�س اخل�سو�س تظهر يف خ�سو�سية جمالية يف كونهما النافذة الأوىل التي يطل منها العبد بقلبه فيها يقع التي التكليفي اجلــمــال منظومة على احلراك اجلمايل اخلا�س. ولهذا ال�سر كان حدها عند العلماء قد روعي فيه التداخل ال�سطالحي كما عموما اجلمالية احلقيقة مــع واملــفــهــومــي

المقاصد األصلية قبلة المكلف في سيره إلى اهلل، وسفينة النجاة حينما تتكاثر

النيات وتتشعب طرقا ملتوية في

بحر اإلرادات..

Page 114: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 11436

ملف العدد

اتخذ وقــد وغــريه. القيم ابــن تعريف من يظهر اإ�سحاق من هذه املنازل م�سيمة لتغذية �سعور اأبو املجتهد ال�سالك اإىل اهلل، وم�ساطر لنحت منظومة الإ�سالحي م�سروعه �سر وهو اجلمالية املقا�سد

الأ�سويل ولب خ�سائ�سه اجلوهرية.

وتاأ�صيل الإميان منازل جمالية يف ثالثا: الأ�ص�ل عند ال�صاطبي

يف البحث وجــهــت الــتــي احلــاكــمــة الكلية تعترب املعايري اأهـــم ومــن اإ�ــســحــاق اأبـــي الأ�ــســول عند موازين بها خلخل التي واملو�سوعية املنهجية

املنظومة الجتهادية.تعاىل: اهلل قول عنده، اجلملة، هذه يف والأ�سل "ولكن اهلل حبب اإليكم الميان وزينه يف قلوبكم" اأ�سل زيــنــة عــن اأخـــرب فــقــد 7(؛ )احلـــجـــرات: زينة ذلك في�سمل املوؤمن عبده قلب يف الإميــان اإذ منازله التي يتجلى فيها ويتقلب يف مدارجها؛ املنزلة الكليات من قطعي كلي الإميــان اأ�سل اإن بها جاء التي املكمالت فمن تزيينه واأمــا مبكة، �سعور يف الإميـــان نظام ليكتمل املــدين الــقــراآن ك�سائر اأق�ساه اإىل �سلوكه يف ويتحقق امل�سلم الدين واأما .." قال: واملتممات. املكمالت جميع فراجع اإىل الت�سديق بالقلب والنقياد باجلوارح، والت�سديق بالقلب اآت باملق�سود يف الإميان باهلل ــك كــل ما ور�ــســولــه والــيــوم الآخـــر ليفرع عــن ذلاملكي يف وارد فالأ�سل املــدين، يف مف�سال جــاء ويكون واحــد، بوجه حا�سل باجلوارح والنقياد البتدائية والقناة تكميال21". ذلك على زاد ما اأن �سبق كما عنده، الــوجــدان يف اإليها املو�سلة ال�سكر هي عموما، الإ�سالمي الت�سور يف بينا باقي على اجلمال ملعاين املــوزع فهما احلمد، اأو واملحبة... والإيثار وال�سدق كالإخال�س املنازل ومنهما تتنا�سل حقائق اجلمال التي تثريها حركة

النعم اخلارجية يف وجدان املوؤمن. قال م�سريا اإىل ذلك يف ن�س جممل: "هذه النعم بالعبد عدم قبول يليق للعبد وهل هدايا من اهلل

هدية ال�سيد؟! هذا غري لئق يف حما�سن العادات تقبل اأن املهدي ق�سد بل ال�سرع؛ جماري يف ول عليه، به اأنعم ما العبد اإىل اهلل وهدية هديته. النعم فــهــذه عليها22". لــه لي�سكر ثــم فليقبل كذلك املــو�ــســوعــة التكوينية الــزيــنــة جملة مــن على و�سعت اأي املنعم؛ على للدللة الــكــون يف بــني ذلــك يف وقــد اإلــيــه، يقود ــذي ال ال�سكر نهج ي�سح ل املباح "تناول فقال: ال�سابق يف�سر ن�س واإمنا بــاإطــالق عليه حما�سبا �ساحبه يكون اأن يحا�سب على التق�سري يف ال�سكر عليه اإما يف جهة على به ال�ستعانة جهة يف واإمــا واكت�سابه تناوله التكليفات. فمن حا�سب نف�سه يف ذلك وعمل على ما اأمر به فقد �سكر نعم اهلل. ويف ذلك قال تعاىل: ."23)30 )العراف: اهلل" زينة حرم من "قل �سلك مــعــا يف الــنــ�ــســان نــظــم اإذا ـــرى، ت فــاأنــت واحد، منا�سبة ال�سكر، باعتباره القناة الأ�سا�سية يف الوجدان للجمال التعبدي، لال�ستمتاع بالزينة القدري، البتالئي اجلمال اإىل الراجعة الكونية �سعور يف وخ�سوعهما اإلــيــه، ـــة الآي ت�سري حيث ذاك خلدمة هذا جعل واإمنا واحد. لن�سق العبد الدنيا يف به تعلق التي التبعات من وتخلي�سه بعد النوعني املقابلة بني �سياق قال يف والآخــرة. تعاىل "فامنت واجلــمــال: الــزيــنــة ـــات لآي �ــســرده وعرف بنعم من جملتها اجلمال والزينة وهو الذي ذم به الدنيا يف قوله: "اعلموا اأمنا احلياة الدنيا لعب ولهو وزينة" )احلديد: 19(... بل حني عرف بنعم الآخرة امنت باأمثاله يف الدنيا... وهو كثري. فاأنزل الأحكام و�سرع احلالل واحلرام تخلي�سا الكدرات �سوائب من لنا خلقها التي النعم لهذه بدون النعم فهذه والأخرويات24"؛ الدنيويات خ�سوع لقوانني المتثال التكليفي التعبدي ت�سري يرتجم عــنــوان بــال ور�سوما اأرواح بــال اأ�سباحا حقيقتها ووظيفتها وي�سفي عليها جمالها ورونقها. اأو بعبارة العالمة النور�سي: "تنتك�س منقلبة على عقبها من نفا�سة الأملا�س الثمني اإىل خ�سا�سة قطع

الزجاج املنك�سر!25."

إن توجيه المقاصد التبعية لخدمة المقاصد األصلية معناه

ترقي المكلف عبر مراقي اإلسالم

ومدارج اإلحسان..

Page 115: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

115 العدد 36 |

ملف العدد

ارتبطت اإذا اإ�سحاق اأبي عند اجلمال نظرية اإن حمطتني لها �سار الأ�سولية الكليات بحقيقة

مركزيتني يف ذوق الناظر:اأولها: �سورة النعم اخلارجية املاثلة يف الكون وهي ابتالء اهلل و�سعه الذي التكويني حقيقة اجلمال قبل ذم اأو مدح بها يتعلق فال �سبق، كما للعباد التكليف مبقت�سياتها الراجعة اإىل قانون النت�ساب املبثوثة النعم تــرى ولذلك ..." قــال: الإميـــاين، هي، حيث مــن بها، يتعلق ل للعباد الأر�ـــس يف يتعلق بها من واإمنــا اأمر ول نهي مدح ول ذم ول حيث ت�سرفات املكلفني فيها، وت�سرفات املكلفني بالن�سبة اإليها �سواء؛ فاإذا عدت نعما وم�سالح من ونقما فتنا معدودة فهي املكلفني ت�سرفات حيث

بالن�سبة اإىل ت�سرفاتهم اأي�سا26." الناجتة الوجدانية النفعال حركة والثانية: الراجع ال�سكر ومناطها بال�سورة، التاأثر عن باطن يف تزيينه وح�سن الإميــان اأ�سل زينة اإىل اأملح وقد منازله. تتفرع ومنه الرباين، املجتهد بلمحة اإىل ذلك يف �سياق اآخر فقال: "األ ترى اأن النف�س نهمة ق�ساء فيه مما اأ�سياء اأباح ال�سارع تعاىل اهلل فاإن واأي�سا وا�ستلذاذها؟... ومتتعها و�سع يف الأمور املتناولة اإيجابا اأو ندبا اأ�سياء من امل�ستلذات احلاملة على تناول تلك الأمور، لتكون تلك اللذات كاحلادي اإىل القيام بتلك الأمور حتى املبايعة على الثائرين المتثال لأهــل و�سع اإنــه العاجلة اللذات من اأنــواعــا التكاليف اأنف�س يف ال�سارحة لل�سدور ما ل يعدله من لذات والأنــوار الطاعة ل�ستلذاذ �سببا يكون حتى �سيء الدنيا اإليها وتف�سيلها على غريها، فيخف على والفرار قادرا يكن مل ما منه يتحمل حتى العمل العامل قبل حتمله اإل بامل�سقة املنهي عنها. فاإذا �سقطت عنده املحطة هــذه واعتربت النهي27". �سقط هي مظهر اجلمال التعبدي وحقيقته لكن �سيقت ال�سريعة مقا�سد هي من�سبطة علمية مب�ساطر ترتب وقــد الكربى. وكلياته الفقه اأ�سول وعلم كانت الجتهادية املرتبات من جمموعة عليها

املفتي املجتهد بحقيقة لحت التي تلك اأبرزها هو الفتوى،كما يف باملكلفني الرفق درب ال�سالك "فقد العت�سام: يف قــال عموما، الدين اأ�سل وزينه الإميــان اإلينا حبب اأنــه ال�سرع من فهمنا وجه على ت�سريعه التزيني جملة ومن قلوبنا، يف �سرعية مع هذا يكون ول فيه الدخول ي�ستح�سن امل�سقات. واإذا كان الإيغال يف الأعمال من �ساأنه يف العادة اأن يورث الكلل والكراهية والنقطاع، الذي القلوب، يف وتزيينه الإميــان لتحبيب كال�سد هو كان مكروها؛ لأنه على خالف و�سع ال�سريعة فلم فكان الوجه28". ذلــك على فيه يدخل اأن ينبغ اإ�سحاق ــي اأب عند ال�سمة هــذه فيه حتققت مــن النا�س29". به يهتدي "منارا يكون بــاأن جديرا احلميدة واملنزلة الرفيعة املرتبة هــذه اأن بيد يف الرتقي اإىل راجعة الرباين باملفتي اخلا�سة مقامات العبودية اإىل اأق�ساها واأن جتلي الأحوال "لأن مــوردهــا؛ ل�سعوبة لتح�سيلها كافيا لي�س بالق�سد تطلب ل اأحــوال الأحــوال من حيث هي ول تعد من املقامات ول هي معدودة يف النهايات الرتبية مبلغ بالغ �ساحبها اأن على دليل هي ول من لبد فكان والهداية والنت�ساب لالإفادة30"؛ فيها؛ والرتقي املقامات تلك جمالية يف التقلب لأن ذلك اأدعى لتح�سيل الربانية يف العلم، حيث انطباعها يف النف�س من غري خمالفة، اآنئذ ت�سيل القلوب اإىل املفتي، مبا هو عبد هلل، طلبا لالقتداء طبعا! النت�ساب حقيقة جمالية فتبزغ طوعا، يعظم يف اإىل من بالن�سبة بالأفعال "التاأ�سي لأن النا�س �سر مبثوث يف طباع الب�سر ل يقدرون على النفكاك عنه بوجه ول بحال، ل�سيما عند العتياد املتاأ�سي اإىل وميال حمبة �سادف واإذا والتكرار هي �سارت اإذا اخل�سائ�س تلك ولأن به31". حاله �سار" وعظه اأبلغ وقوله اأنفع وفتواه اأوقع يف القلوب ممن لي�س كذلك؛ لأنه الذي ظهرت ينابيع العلم عليه وا�ستنارت كليته به و�سار كالمه خارجا من �سميم القلب والكالم اإذا خرج من القلب وقع الذين فهو من ال�سفة بهذه كان القلب. ومن يف

إن جمالية فاعلية القصد الشرعي عند الشاطبي

رهينة بالتشوف إلى غايات

األعمال، بما هي مسالك معبدة إلى منازل القلب وأدلة

عليها..

Page 116: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 11636

ملف العدد

قال اهلل فيهم: "اإمنا يخ�سى اهلل من عباده العلماء" )فاطر: 28( بخالف من مل يكن كذلك، فاإنه واإن كان عدل و�سادقا وفا�سال ل يبلغ كالمه من القلوب هذه املبالغ، ح�سبما حققته التجربة العادية

".32"بتلك عالقته يف الجــتــهــادي النظر اأ�ــســبــاب تراتبية جتلي اإن املقامات والأحوال ال�سنية املر�سية عند اأبي اإ�سحاق؛ اإمنا هو رهني ومن حلية ب�سبه منزلة كل زينة اآخذ من باألوانها، متلون بتنوعها كل مرتبة بقب�س، بح�سب درجة قوة النور الرباين املقذوف يف كل واحدة منها احلاكم عليها يف �سلم الرتقاء الإمياين املو�سوع �سببا �سنا يكاد اأحــوال تارة الرباين للمجتهد تعر�س فرتاها للو�سول. برقها يذهب بالأب�سار! وتارة ت�سري له مقامات تت�سف بها نف�سه وتنطبع يف نظام وجدانه مرايا للنعم الوجودية التكوينية، فيتو�سم ويداوي النفو�س، وزان الأحكام على بقوانني ويقذف ويتفر�س بها كل نف�س بح�سب ما يليق بها يف مراتب العتناء الرتبوي والأخالقي وبح�سب ما يعر�س لها من اأدواء وو�ساو�س. فال يزال، لهذا الدافع، املجتهد يف ترق دائم عرب مراتب الكمال؛ لأن "النفو�س قد ت�ستنق�س الإقامة ببع�س املراتب مع اإمكان الرقي، وتتح�سر اإذا راأت �سفوف ما فوقها عليها كما يتح�سر اأ�سحاب النق�س حقيقة اإذا راأوا مراتب ذلك من "وح�سبك حالوتها: ذاق مبن منوها قال الكمال33". امل�سقات من اأعباء ال�سدائد وحملوا الذين �سابروا اأخبار املحبني اأنف�سهم من اإتالف مهجهم اإىل ما دون ذلك وطالت عليهم تلقاء الآماد حر�سا عليها واغتناما لها طمعا يف ر�سا املحبوبني واعرتفوا وذلك ونعيم لهم لذة بل عليهم �سهلة وامل�ساق ال�سدائد تلك باأن �سياق يف وقال األيم34". واأمل �سديد عذاب غريهم اإىل بالن�سبة اإثبات هــذا قيل: "فاإن املــراتــب: هــذه تفاوت اإثــبــات حــول جــديل نق�س ل الكمال مراتب اأن تقدم وقد الكمال، مراتب يف للنق�س هو واإمنــا الإطــالق، على نق�س باإثبات لي�س اأنــه فاجلواب فيها. راجح واأرجح وهذا موجود. وقد ثبت اأن اجلنة مائة درجة، ول�سك

يف تفاوتها يف الأكملية والأرجحية35."واإذ قد ظهرت معامل نظرية اجلمال التعبدي عند اأبي اإ�سحاق؛ فما العلم مباحث على حلقيقتها املوزعة الإجرائية الأمثلة بع�س هي

عنده؟

رابعا: مناذج تطبيقية لتنزيل النظرية )جمالية فاعلية الق�صد ال�صرعي امن�ذجا(

عن جترد اإذا والفعل الأعمال، واأرواح الأحكام جواهر املقا�سد

وتلك روح. بال و�سبحا عنوان بال ر�سما �سار ال�سرعي الق�سد ق�سية جتري على ر�سم البديهيات يف اأ�سول الفقه وكلياته، بيد اأن املق�سود هنا هو ذلك القدر الزائد على جمرد المتثال لالأحكام وال�ستجابة معها الوقوف ومعناه واملقا�سد؛ لتلك احلكم احلاملة اإميانية وعالمات تعريفية اأ�سرار ربانية ومعاين لها من حيث هي اآلئه على و�سكره اأجله من النهو�س اإىل وتدعو به تعرف بــاهلل ل �سبحانه باحلاكم مربوطة نظر يف حكمة احلكم فذلك ونعمه. اهلل، رحمه القيم، ابن العالمة اأ�سار وقد لها. احلامل باحلكم �ساحب لكالم �سرحه �سياق يف املعنى هذا تقرر لطيفة باإ�سارة املنازل، فقال: "فاإن للحكم يف كل م�ساألة من م�سائل العلم مناديا ينادي لالإميان بها علما وعمال، فيق�سد اإجابة داعيها. ولكن مراده بداعي احلكم؛ الأ�سرار واحلكم الداعية اإىل �سرع احلكم، فاإجابتها والإجالل املحبة اإىل تدعوا فاإنها المتثال؛ جمرد على زائد قدر واملعرفة واحلمد. فالأمر يدعو اإىل المتثال وما ت�سمنه من احلكم،

والغايات تدعو اإىل املعرفة واملحبة36." علل مراعاة من اأعــم القيم، ابــن با�سطالح الغايات، فمراعاة العلة مرتبطة باحلكم واإن كانت هذه جزءا من تلك؛ لأن احلكم، عند اجللب اأو الدفع يف العملية القيا�سية، فذلك نظر فقهي حم�س مبني على �سحة اأو ف�ساد القيا�س مبعناه املعياري اجلزئي، كما هو متداول يف الأدبيات الأ�سولية، بينما الغايات، وهي مقا�سد ال�سريعة واملعاين التعبدية الأ�سرار العبد على توقف اإذ العامة، غري ذلك؛ الأخالقية الكلية املنت�سبة م�سبارات تربوية لت�سريح اأفعال الإن�سان القلبية زمن الدخول يف املنظومة التكليفية من اأجل المتثال للحكم واأهم. اأعم فهي علته. وهي به املتعلقة اجلزئية وحكمته اخلا�س ينادي مناد " يوجد هناك وم�ستودعه الإميــان م�ستقر وجمالها لالإميان بها علما وعمال " كما قال، وعلى قدر اإجابتها يكون ترقي

املوؤمن يف مدارج ال�سالكني، ومن هنا جماليتها. واأما اأبو اإ�سحاق فقد اأوماأ اإىل هذا املعنى الغريب يف �سياق حديثه مما التبعية، واملقا�سد الأ�سلية املقا�سد بني الفعل جتــاذب عن "فاإذا وقع؛ )اأي العمل( على القول فيه بعد، حيث قال: �سنف�سل يف اإ�سكال فال العمل يف راعاها بحيث الأ�سلية املقا�سد مقت�سى

�سحته و�سالمته مطلقا... وينبني عليه قواعد وفقه كثري:من ذلك اأن املقا�سد الأ�سلية اإذا روعيت اأقرب اإىل اإخال�س العمل و�سريورته عبادة37". فاأنت ترى اأن املقا�سد الأ�سلية، وهي غايات احلكم املرادة من ت�سريعه، اإذا �سارت هي قبلة املكلف يف عباداته ومعامالته ترتب عليه اإخال�سه هلل ونفي ال�سركة عنه وهو فعل قلبي

Page 117: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

117 العدد 36 |

ملف العدد

تعبدي ومنزلة اإميانية من منازل القلب يف عروجه اإىل اهلل. ومن ثم كانت قطعة من منظومة اجلمال التعبدي يف باطن الإن�سان املوؤمن ووجدانه. و�سارت هي املعيار الأ�سا�سي لت�سحيح الفعل الإن�ساين اأو اإبطاله؛ لأن حقيقتها مراعاة الدار الآخرة، واإن �سحت يف ميزان القوانني الفقهية املادية الدنيوية. قال وهو يح�س بنوع من التفرد يف "حيث قلنا بال�سحة يف الت�سرفات العادية واإن التاأ�سيل الفقهي: خالف الق�سد ق�سد ال�سارع فاإن ما م�سى الكالم فيه مع ا�سطالح الفقهاء، واأما اإذا اعتربنا ما هو مذكور يف هذا الكتاب... فكل ما خالف ق�سد ال�سارع فهو باطل باإطالق لكن بالتف�سري املتقدم واهلل اأثر وهو الثواب جانب ي�ستح�سر الذي بالتف�سري اأي اأعلم38"؛ وح�سن الإميــان اأ�سل زينة من برفق ين�ساب �سعور وهو اأخــروي.

تزيينه يف باطن العبد املكلف. على اإ�سحاق اأبي عند الق�سد فاعلية جمالية حقيقة كانت تلك الكلية واملــعــاين العامة الإميــانــيــة املقا�سد ت�سري اإذ الإجــمــال؛ الربانية هي املوجهة للفعل الب�سري علما وعمال. مما ي�سفي على الإن�ساين بالفعل وتخرج الإمياين، الرباين طابعه التكليفي العمل مقامات مراعاة اإىل فقط البحتة الدنيوية القوانني متابعة من الإميان ومراقي الإح�سان وتخلي�سه من �سوائب الكدرات املهلكات

اإىل جمالية احلقائق املنجيات. هذا عموما واإليك التف�سيل:

الأ�صلية املقا�صد فاعلية يف .1ال�سرورات وهي للمكلف فيها حظ "ل التي املقا�سد اأ�سول وهي واملال. والعقل والن�سل والنف�س الدين املعتربة يف كل ملة39"،وهي خلدمة اأي وكــفــائــيــة؛ عينية كونها جهة مــن حا�سل وحفظها ومن م�سالح الفرد واجلماعة "حتى حت�سل امل�سلحة للجميع40"، فيها للمكلف مــاديــة منفعة ل اأي احلــظ عــن جمــردة كانت هنا بالق�سد الأ�سلي من حيث هي اأ�سول تعبدية خال�سة، وذلك ظاهر البدنية الأعيان كالعبادات "فرو�س للفرد من مثل جميع بالن�سبة واملالية: من الطهارة وال�سالة وال�سيام والزكاة واحلج وما اأ�سبه ذلك41". واأما بالن�سبة للجماعة، خدمة ملقا�سد الواجب الكفائي، ــه يف ظــاهــر الأمــــر ممــنــوعــون من الــقــائــمــني ب "اأن فــمــن جــهــة مثل ا�ستجالب احلظوظ لأنف�سهم مبا قاموا به من ذلك42" وذلك والعرافة والنقابة والــوزارة اخلالفة من العامة: "الوليات �سائر ذلك...43"، وغري والتعليم واجلهاد ال�سلوات واإمامة والق�ساء ممتثال والنهي الأمـــر اإىل العبد نظر اإذا الأمـــور ظاهر هكذا اأدنى دون فيهما ال�سارع ق�سد حــدود عند وقافا ملقت�سياتهما

اأن رحمة الرحمن الرحيم اقت�ست اأو وطر! بيد التفات اإىل �سهوة اإذا �سار على النهج ال�سابق غري ا�ستجالب حظ املكلف ا�ستتباعا؛ مبال بغريه بناء على اأن "ما لي�س فيه للمكلف حظ بالق�سد الأول علينا و�سواء يح�سل له فيه حظه بالق�سد الثاين من ال�سارع44". الإميانية باحلظوظ اأم النفعية املــاديــة باحلظوظ الأمــر اأتعلق يانعة واأزهـــارا رقراقة جــداول املتفجرة الــروح معني من النابعة يف باطن العبد الرباين مثل "ما جعل لهم من حب اهلل وحب اأهل النا�س يحبهم حتى الأر�ــس يف لهم القبول وو�سع لهم ال�سماوات ويكرمونهم ويقدمونهم على اأنف�سهم، وما يخ�سون به من ان�سراح ال�سدور وتنوير القلوب واإجابة الدعوات والإحتاف باأنواع الكرامات واأعظم من ذلك ما يف احلديث م�سندا اإىل رب العزة " من اآذى يل للعبد اهلل من هبة كله وذلك وليا فقد بارزين باملحاربة45"46"، ال�سابق الن�س ال�سارع" يف "من قوله يفيده كما اإليه منه وهدية

قبل هذا.املكلف قبلة الأ�سلية املقا�سد جعل عن ناجت ترى، كما كله، هذا النيات تتكاثر النجاة حينما اإىل اهلل، فتكون هي �سفينة يف �سريه اإذا ارتقى على منت وتت�سعب طرقا ملتوية يف بحر الإرادات، حتى �سهواتها العبد احلائر يف الفلك ال�سائر؛كان قد ح�سل على اأمانه، جال، ثم املرعبة! والرغبات النزوات اأمــواج اختطاف من اأول، ي�سادف هنالك اأ�ــســرارهــا، ف�ساء يف املطمئنة بجوانحه ثانيا، معارج الإميان فيتن�سم من �سفو عليلها قطعا تن�سل رئتيه من حريق

التيه القامت ! وقد جاء ال�سياق ببع�س اأمثلتها من مثل:اأ. منزلة الإيثار؛ ومعناه "تقدمي حظ الغري على حظ النف�س وذلك نوع اإىل ل يكون مع طلب العو�س العاجل47"؛ وهو راجع يف ماهيته التفرقة على "وكيال على فيها العبد يكون التي الكفائية املقا�سد خلق اهلل بح�سب ما قدر ول يذخر لنف�سه من ذلك �سيئا... اإما لعدم تذكره لنف�سه لطراح حظها حتى ي�سري عنده من قبيل ما ين�سى، ال�سماوات والأر�س واإما قوة يقني باهلل لأنه عامل به وبيده ملكوت وهو ح�سبه فال يخيبه، اأو عدم التفات اإىل حظه يقينا باأن رزقه على اهلل. فهو الناظر له باأح�سن مما ينظر لنف�سه اأو اأنفة من اللتفات اإىل حظه مع حق اهلل تعاىل اأو لغري ذلك من املقا�سد الواردة على ولو اأنف�سهم "ويوثرون على الأحــوال. ويف مثل هذا جاء: اأ�سحاب الوقوف اإىل راجع فهذا ."48)9 خ�سا�سة" )احل�سر: بهم كان والنواهي الأوامــر حــدود �ساحبه يتجاوز فال اخلدمة، باب على ومقا�سدها ال�سرعية املو�سوعة علة �سرعية اأو غاية ربانية لها جلبا ودفعا. بغ�س النظر عن حظه؛ لأنه رخ�سة عنده ول عربة بها قبالة

Page 118: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 11836

ملف العدد

له اهلل تدبري "يرى لأنه العظيمة؛ العزائم هذه انحط لنف�سه دبر فاإذا لنف�سه. تدبريه خريا من ــاب عــن رتبته اإىل مــا هــو دونــهــا وهـــوؤلء هــم اأرب

الأحوال49.""املقا�سد لأن الإخال�س؛ منزلة اأي�سا ومنها ب. العمل اإخال�س اإىل اأقــرب روعيت اإذا الأ�سلية احلظوظ م�ساركة عن واأبعد عبادة و�سريورته التي تغرب يف وجه حم�س العبودية50". العالية املراتب من مرتبة هو مبا الإخال�س، اإن اإبان دخوله ال�سالك العبد الإ�سالم، لهو غاية يف يف المتثال لالأمر اأو لعلته. فهاهنا عندنا اأمران: ثم الأ�سلية. املقا�سد حتتويها التي الأمــر علة اإذ غايته الإميانية التي قد ي�سادفها العبد تبعا؛ قبلته تكون وقد احلظ51"، من تخلي�سه "يتاأتى عمله، فيكون اأجلها. من اإل يتحرك فال اأ�سالة ق�سد ق�سده فيه موافقا كونه اإىل بالإ�سافة ال�سارع، مرادا به التعبد املح�س لي�سري �سحيحا يف قوانني النظر الفقهي ال�سناعي؛ اأي يف الدنيا، خا�سيته وهــذه ــة. الأخــروي املطالب مــيــزان ويف وقد الــعــادي. العباد �سائر �سري عن له املميزة ن�س اأبو اإ�سحاق على ذلك؛ اإذ قال: "فاإذا اكت�سب اأو اعتبارا بعلة الأمر، وهو الإن�سان امتثال لالأمر واإماطة اجلملة على النفو�س اإحياء اإىل الق�سد ال�سرور عنها كان هو املقدم �سرعا "ابداأ بنف�سك قياما به قام قيامه مبا اأو كان ثم مبن تعول52"، واجبا مثال. ثم نظره يف ذلك الواجب قد يقت�سر على بع�س النفو�س دون بع�س؛ كمن يق�سد القيام بحياة نف�سه من حيث هو مكلف اأو بحياة من حتت نظره. وقد يت�سع نظره فيكت�سب ليحيي به من �ساء اهلل. وهذا اأعم الوجوه واأحمدها واأعودها بالأجر؛ لأن الأول قد يفوته فيه اأمور كثرية وتقع نفقته حيث مل يق�سد ويق�سد غري ما ك�سب، واإن كان ل ي�سره اأنه مل يكل التدبري اإىل ربه. واأما الثاين فقد جعل ق�سده وت�سرفه يف يد من هو على كل �سيء قدير، على يقدر ل كبري عامل بي�سريه ينتفع اأن وق�سد ح�سره. وهذا غاية يف التحقق باإخال�س العبودية

ول يفوته من حظه �سيء. بخالف مراعاة املقا�سد التابعة فقد يفوته معها جل هذا اأو جميعه53."

عبادته نــوع يف انطلق العباد من النوعني فكال الأ�سلي الق�سد اإىل الراجعة الأمر لعلة مراعيا وترية على تكن مل ال�سري نهاية اأن بيد عموما، واحدة كما ترى يف الن�س؛ لأن اأحدهما قد جعل حمل م�سقة فتج�سم �سريه، وجهة هي الغايات تلك حمل عــن املــنــة "�سعيف الآخـــر و ــاء الأعــبالأعباء، اأو مري�س العزم يف قطع م�سافات النف�س را�سي اأو العلية املــراتــب لتلك الطلب خامد اأو للمقا�سد املراعي لأن الغايات54"؛ عن بالأوائل تلك من والنهي الأمــر مقت�سى اأخذ قد الأ�سلية الذي قطعا ال�سارع ق�سد ق�سده فوافق اجلهة حظ55". ول غر�س ي�سوبه ل �سرف "نور هــو عما حت�سيله يف الآخــــذ العــتــبــار بــهــذا فــكــان له "اآخذا النور ذلك من قب�سا له يقتطع قريب زكيا وافيا كامال غري م�سوب ول قا�سر عن مراد للمكلف الثواب فيه يرتتب اأن حر فهو ال�سارع، الق�سد بخالف كله وهذا على تلك الن�سبة56". التبعي؛ لأن العامل فيه و اإن �سادف ق�سده ق�سد ال�سارع، حيث يظهر مع الأول على قدم واحدة، اإل اأنه قا�سر عن اإدراك الغايات؛ اإذ الطريق واحدة والنية فيها مت�سعبة الجتاهات، وكيف ل؟! والأول قد وحد النية وجمع �ستاتها وقافا بها عند حدود احلظ نيات عليه ا�ستولت والآخــر التعبد، ق�سد اإل ما �سادفه تبعا التعبد فال يدرك من مقا�سد ولي�س خمتلطا م�سوبا عمله فيكون الطريق؟ يف خال�سا مطلقا، فكيف ي�سل اإىل الغايات؟! وكيف

يرتقى يف الدرجات؟!

التبعية املقا�صد ت�جيه يف .2حظ فيها روعـــي "التي هــي التبعية املــقــا�ــســد جبل ما مقت�سى له يح�سل جهتها فمن املكلف. عليه من نيل ال�سهوات وال�ستمتاع باملباحات و�سد مراعاة اإىل راجعة حقيقتها اأن اأي اخلالت57"؛ التعبد، ق�سد مقابل يف بالأ�سالة احلظ ق�سد

الضوابط األخالقية كامنة في بنية القواعد األصولية تقعيدا وتوظيفا مالزمة لها غير خارجة

عنها..

Page 119: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

119 العدد 36 |

ملف العدد

حيث يتحقق ذلك يف نيل منافع الإن�سان يف الدنيا و منافعه الروحية يف الآخــرة، وكالهما داخل يف م�سمى احلظ. فخلق اهلل له بواعث لتحقيق ذلك م�سه اإذا وال�سراب الطعام "�سهوة مثل من كله اجلوع والعط�س ليحركه ذلك الباعث اإىل الت�سبب يف �سد هذه اخللة مبا اأمكنه. وكذلك خلق ال�سهوة اإىل الن�ساء لتحركه اإىل اكت�ساب الأ�سباب املو�سلة الر�سل واأر�ــســل والــنــار اجلنة خلق ثــم اإلــيــهــا... هذه واإمنا هاهنا لي�س ال�ستقرار اأن على مبينة الأبدية ال�سعادة واأن اأخــرى لــدار مزرعة الــدار اأ�سبابها تكت�سب لكنها هنالك الأبدية وال�سقاوة ه ال�سارع اأو باخلروج عنه، هنا بالرجوع اإىل ما حدفاأخذ املكلف يف ا�ستعمال الأمور املو�سلة اإىل تلك الأغرا�س... ف�سار ي�سعى يف نفع نف�سه وا�ستقامة اإمنا وال�سهوات املــلــذات هــذه اأن بيد حاله"58. جعلت فلذلك الأ�سلية املقا�سد خدمة وظيفتها الأخرى وجعلت الإ�سالم مملكة يف تبعية حقائق عباداته يف املكلف و�سري ال�سريعة. اأ�ــســول هي اإليها ق�سده بح�سب جزائه ومراتب ومعامالته التكليف يف الخــتــيــار قــانــون يقت�سيه مــا على بامل�سالح الذي جاءت ال�سريعة لر�سمه طريقا لها يف احلكم ابتداء. قال: "فمن هذه اجلهة �سارت املقا�سد التابعة خادمة للمقا�سد الأ�سلية ومكملة عن الإعــرا�ــس مــع بها لكلف اهلل �ساء ولــو لها. الدواعي املجبول اأو لكلف بها مع �سلب احلظوظ و�سيلة جعله مبــا عــبــاده على امــنت لكنه عليها، وجعل لــالآخــرة، الدنيا عمارة من اأراده ما اإىل لكن لهذه احلظوظ مباحا ل ممنوعا، الكت�ساب واأجرى اأبلغ يف امل�سلحة على قوانني �سرعية هي على الدوام مما يعده العبد م�سلحة "واهلل يعلم، اهلل �ساء ولو )214 )البقرة: تعلمون" ل واأنتم ملنعنا يف الكت�ساب الأخروي الق�سد اإىل احلظوظ يف رغبنا ولكنه البالغة احلجة ولــه املالك فاإنه لنا حظي بوعد علينا الواجبة بحقوقه القيام وعجل من ذلك حظوظا كثرية نتمتع بها يف طريق املقا�سد هذه اإن قيل اللحظ فبهذا به. كلفنا ما

توابع واإن تلك هي الأ�سول. فالق�سم الأول يقت�سيه املالك لطف يقت�سيه والثاين: العبودية. حم�س

بالعبيد59."لقد �سارت املقا�سد التبعية، بهذا اللحظ، لي�ست منافع �سهوانية ول متتعات غرائزية فح�سب؛ ولكن �سجيته يف ا�ستقرت الإن�سان يف فطرية قنوات والتعريف ال�سانع معرفة على كالدليل لتكون قال: كما التمتعات، تلك وجــوه لأن �سبحانه؛ به فح�سلت واخرتاعا خلقا اأ�سبابا للعباد "هيئت املكلف يجد فال اجلهة60". تلك من بها املنة ــاب اخلــدمــة واخل�سوع ب الــوقــوف على مــن ــدا باملــطــلــق ملــالــك الــتــ�ــســرف املــطــلــق؛ حــيــث يرتقى ق�ساء حم�س من طاقاته وحتويل جوارحه بفعل اإىل بالعبيد61" املالك "لطف عن الناجت الوطر يف ي�ستنري مــوله يــد يف طيعا خــادمــا �سريورته اإىل الراجعة الأ�سلية املقا�سد بنور �سريه درب وهو الإخال�س؛ العبودية62" و)اإك�سري( "حم�س املحرك الأول ملوازين الوجدان واأفعال القلوب كما

تبني يف غري ما �سياق. لهذا ترجمة خري هي الأ�سل يف املباحة والنعم ال�سوائب، من ال�سليمة النية بتفعيل التوجيه؛ ورفع العفو اإىل الراجع العر�سي املباح بخالف منازل بيان �سياق يف قال حقيقته. وتلك احلرج لكن معا، النوعني تفعيل عن الناجتة الطاعات مع اعتبار الفرق بينهما مفهوما ووظيفة: "الفرق ل ومــا طاعة املباحات من بالنية ينقلب ما بني ت�سور به ملاأمور كان خادما ما اأن وذلك ينقلب؛ والوقاع وال�سرب الأكــل فاإن اإليه؛ ينقلب اأن فيه فرق ل �سروري، هو ما اإقامة ت�سبب يف وغريها يف ذلك بني كون املتناول يف الرتبة العليا من اللذة والطيب، وبني ما لي�س كذلك؛ ولي�س بينهما تفاوت اأو من جهة يعتد به اإل يف اأخذه من جهة احلظ، اخلطاب ال�سرعي؛ فاإذا اأخذ من جهة احلظ؛ فهو ال�سرعي؛ الإذن اأخذ من جهة واإذا بعينه، املباح فهو املطلوب بالكل؛ لأنه يف الق�سد ال�سرعي خادم التق�سيم وهذا الأول، بالق�سد وطلبه للمطلوب،

إن توجيه المقاصد التبعية )أو قصد الحظ( لخدمة المقاصد

األصلية )أو قصد التعبد(؛ معناه

ترقي المكلف عبر مراقي اإلسالم

ومدارج اإلحسان..

Page 120: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 12036

ملف العدد

قد مر بيانه يف كتاب الأحكام. فاإذا ثبت هذا؛ �سح يف املباح الذي هو خادم املطلوب الفعل انقالبه طاعة؛ اإذ لي�س بينهما اإل ق�سد الأخذ من جهة احلظ اأو من جهة الإذن، واأما ما كان خادما ملطلوب الرتك، فلما كان مطلوب الرتك اإمنا ــه لأن الفعل؛ املطلوب جهة اإىل ان�سرافه ي�سح مل بالكل؛ اإليه من جهة الإذن وقد فر�س عدم الإذن فيه بالق�سد ين�سرف الأول، واإذا اأخذ من جهة احلظ؛ فلي�س بطاعة، فلم ي�سح فيه اأن ينقلب طاعة؛ فاللعب مثلا لي�س يف خدمة املطلوبات كاأكل الطيبات و�سربها؛ فاإن هذا داخل باملعنى يف جن�س ال�سروريات وما دار بها، بخالف اللعب، فاإنه داخل باملعنى يف جن�س ما هو �سد لها، وحا�سل كاملباح فيه اأنــه خمري ل فيه خا�سة، اأنــه مما ل حرج املباح هذا حقيقة، وقد مر بيان ذلك. وعلى هذا الأ�سل تخرج م�ساألة ال�سماع واإذا بالق�سد طاعة، ينقلب اإنه يقول: النا�س من فاإن من املباح؛

عر�س على هذا الأ�سل تبني احلق فيه اإن �ساء اهلل63." املقا�سد خلدمة احلــظ( ق�سد )اأو التبعية املقا�سد توجيه اإن الأ�سلية )اأو ق�سد التعبد(؛ معناه ترقي املكلف عرب مراقي الإ�سالم ومدارج الإح�سان املنبثقة من زينة اأ�سل الإميان يف قلبه والدخول ل�سفاء اجلالب المتثال قانون يف اجلــوارح، اأفعال عرب املبا�سر، العمل من الأكدار املغربة يف وجه حم�س العبودية، متاما كما ترى يف الن�س؛ اإذ النوع الأول من املباح ارتقى اإىل اأن ي�سري منازل من الطاعات بح�سب قوة النية احلاملة للمكلف على النتقال، القادرة على تفعيل العمل وت�سديده؛ مع اعتبار اخلدمة للمقا�سد الأ�سلية، خرم لأنه فيه؛ الزهد يجوز ل العتبار، بذلك له، تعاطيه فكان مليزان الأولويات يف منازل التعبد. واأما الثاين؛ اأي املباح العر�سي، هدم اإىل ــرب اأق بها لأنــه عليه؛ املــداومــة بعدم حريا كــان فاإمنا مق�سود ال�سارع، فكان تفعيل الق�سد فيه من جهة عدم الفعل وهو الأوىل فيه؛ حيث يوؤطر حتت منزلة الزهد والورع ك�سائر املت�سابهات املوقعة يف املحظور وهو قب�س منها. قال يوؤكد ما و�سل اإليه: "لذلك �سار ما فيه حظ العبد حم�سا، من املاأذون فيه، يتاأتى تخلي�سه من احلظ، فيكون العمل فيه هلل تعاىل خال�سا، فاإنه من قبيل ما اأذن فيه اأو اأمر به. فاإذا تلقى الإذن بالقبول من حيث كان املاأذون فيه هدية من اهلل للعبد، �سار جمردا من احلظ. كما اأنه اإذا لبى الطلب بالمتثال من غري مراعاة ملا �سواه جترد عن احلظ. واإذا جترد من احلظ �ساوى ما ل عو�س عليه �سرعا من الق�سم الأول الذي ل حظ

فيه للمكلف64."

فهذا كله اإذا جعل للحظ معنى ماديا �سرفا راجعا اإىل ذات املكلف يف دار التكليف، واأما باملعنى الأخروي فال ي�سمى، يف حقيقة الأمر، ال�سرع اأثبته "حظ لأنه ظاهرا؛ امل�سرتك اللفظ احتواه واإن حظا اإذ اأثبته �سحيح؛ �سرعا فطلبه من حيث ثبت واإذا تقدم. ح�سبما غريه العمل ذلك يف اهلل مع اأ�سرك ول ال�سارع، حده ما يتعد مل التعبد حقيقة يف اأطلق اإذا احلظ واإمنا ول ق�سد خمالفته65". فاملق�سود به "التنعم يف الآخرة بالنظر اإىل حمبوبه والتقرب منه والتلذذ مبناجاته، وذلك حظ عظيم، بل هو اأعظم ما يف الدارين، العاملني... عن غني اهلل فاإن ذلك من العبد حظ اإىل راجع وهو

والرباءة من احلظوظ �سفة اإلهية66". من عبادة تخلو ول التعبد، عمق �سرب يف اأن جوهره هنا فظهر فيها املعنى، بهذا وللحظ، اإل الطاعات من طاعة ول العبادات ، واإما الدنيا وماآل احلال فيها ن�سيب، ومتعلقه اإما الآخرة وقد مرنتائج هي التي "املواهب اأمثلتهما ومن اأي�سا. الآخــرة اإىل راجع ذلك واأول بها، يحليه وحلى املطيع للعبد تعاىل اهلل من موهوبة الثواب يف الآخرة من الفوز باجلنة والدرجات العال. وملا كان هذا املعنى، اإذا ق�سد، باعثا على العمل الذي اأ�سل الق�سد به اخل�سوع دخل ل �سحيحا جهته من هلل التعبد كان لعظمته؛ والتوا�سع هلل والإخال�س ذلك بيده من اإىل الرجوع الق�سد لأن �سوب؛ ول فيه

له67."لتنتهي الق�سية يف فكر اأبي اإ�سحاق عند �سبك قانون توجيهي ناظم ما كان من اأن اعترب؛ "فاحلا�سل ملن فيه: قال امل�ساألة، لأطــراف التوابع مقويا ومعينا على اأ�سل العبادة وغري قادح يف الإخال�س فهو

املق�سود التبعي وما ل فال68."اإن جمالية فاعلية الق�سد ال�سرعي عند ال�ساطبي رهينة بالت�سوف اإىل غايات الأعمال، مبا هي م�سالك معبدة اإىل منازل القلب واأدلة حيث له، الرقبة واإخ�ساع المتثال قانون يف الدخول اإبان عليها، ميزانها، حمك على و�سكناته، حركاته العبد، ت�سرفات جتعل فال يزال العبد يتقلب يف مدارجها ويتن�سم �سدى عندليبها املغرد والفوز مر�ساته لنيل الــرب على الإقبال وجمال الإميــان باأحلان وقد ال�ساطبي، عند املقا�سد قواعد خا�سية هي وهــذه بجناته. �سرت يف جميع املفاهيم الأ�سولية والقواعد الفقهية �سريان الدم يف العروق ! وهذا قب�س منها اقت�سته خ�سو�سية املحل دون ا�ستيعاب.

واهلل امل�ستعان.

Page 121: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

121 العدد 36 |

ملف العدد�شامهو ال

دار دراز، ال�سيخ عبد اهلل ال�سريعة، حتقيق: اأ�سول املوافقات يف ال�ساطبي، الإمام .1الكتب العلمية، ط1، 2001م، 29/1.

2. امل�سدر نف�سه، 29/1.

3. امل�سدر نف�سه، 31/1.4. قواعد الت�سوف. ت: عبد املجيد خيايل. دار الكتب العلمية. ط2، 2005 م، �س29.

اإبراهيم �سم�س الدين، األفاظ القراآن، حتقيق 5. الراغب الأ�سفهاين، معجم مفردات بريوت: دار الكتب العلمية، لبنان. ط3، 2008م. مادة )زين(. �س219.

6. ذهب �سيد قطب اإىل اأن "الت�سوير هو الأداة املف�سلة يف اأ�سلوب القراآن". الت�سوير الفني يف القراآن، م�سر: دار ال�سروق، ط 17، 2004م، �س36.

7. مما طرقه غري واحد من علماء ال�سلف واخللف قدميا وحديثا من مثل عبد القاهر اجلرجاين والزخم�سري والطاهر ابن عا�سور و�سيد قطب وغريهم كثري.

الروحية اأن هي كذلك، بها التنويه من لبد التي "واحلقيقة �سوريو: اإتيان قال .8�سمانات لها وجتد التج�سيمي الفن خماطر من الأخ�س على حترت�س الإ�سالمية الإ�سالمي للفن اجلمايل الو�سع تف�سري يجب هنا من التجريدي. الفن يف كربى عا�سي. مي�سال الدكتور ترجمة الع�سور. عرب اجلمالية التجريدية". الناحية من من�سورات عويدات بريوت باري�س. 1982م، �س179. قلت: وهو حكم غري دقيق. ولأن النهي عار�س للتج�سيم ولي�س ذاتيا له. ول ينبئك مثل خبري ف�سيد قطب ممن قتل ذلك خربة، وتاأمل كتابه الكبري "الت�سوير الفني يف القراآن "يلح لك وجه ال�سواب يف امل�ساألة! وكذلك كتاب "الزخارف الإ�سالمية" للباحثة داليا اأحمد فوؤاد ال�سرقاوي. وقد اأ�سار املفكر حممد عمارة اإىل هذه احلقيقة يف القراآن الكرمي فقال:"... هكذا وتر�سم الأفكار التي جت�سد ال�سور تلك الكرمي القراآن تتناثر يف النحو هذا وعلى وتر�سم بالب�سرية وتــرى بالل�سان تقراأ فنية لوحات اإىل املعاين وحتــول املعقولت مع اجلمالية والرتبية اجلمايل التعبري من ال�سبل هذه تتحالف وهكذا باملخيلة... �سريح موقف القراآن من التماثيل كن�ساط جمايل على بيان املوقف احلقيقي للقراآن الكرمي من فنون الت�سكيل اجلمايل –نحتا ور�سما وت�سويرا. وهو املوقف الذي يرى والتعظيم لغري اهلل". ال�سرك النا�س اأمن اإذا اآياته واآية من فيه نعمة من نعم اهلل

الإ�سالم والفنون اجلميلة. دار ال�سروق، م�سر. الطبعة الأوىل: 1999م. �س117. 9. املوافقات يف اأ�سول ال�سريعة، م، �س، 91-90/3.

10. امل�سدر نف�سه، 148/1.

11. امل�سدر نف�سه، 163/3.12. امل�سدر نف�سه، �س47.

13. �سيد قطب، يف ظالل القراآن، دار ال�سروق. ط1، 1972م، ج2984/5.14. فريد الأن�ساري. جمالية الدين: معارج القلب اإىل حياة الروح، دار ال�سالم. ط1،

2009م، �س43.د. والن�سر، للطباعة �سحنون دار تون�س: والتنوير، التحرير عا�سور، ابن الطاهر .15

ت، ج89/23.للن�سر القلم دار الكويت: والفن، للجمال اإ�سالمية فل�سفة نحو الزهريي، توحيد .16

والتوزيع، ط1، 1998م. �س48.تعليق الأخبار... منتقى �سرح الأوطــار نيل ال�سوكاين، حممد بن علي بن حممد .17

حممد منري الدم�سقي، ن�سر اإدارة الطباعة املنريية. د. ت، ج 01/1.د. ت، لبنان. والتوزيع، والن�سر للطباعة الفكر دار بريوت: الفوائد، القيم، ابن .18

�س182.حقيقتهما ماآل مادام فيهما، واخلالف ومواردهما متعلقاتهما عن النظر بغ�س .19

الكلية واحدا. 20. الفوائد، م، �س، 184.

21. املوافقات، م، �س، 11-10/2.22. امل�سدر نف�سه، 89/1.23. امل�سدر نف�سه، 32/1.

24. امل�سدر نف�سه، 226/4.للن�سر �سوزلر �سركة طبع النور�سي، �سعيد النور. ر�سائل كليات �سمن ال�سعاعات .25

القاهرة. ط4، 2005م. �س11.26. املوافقات، م، �س، 165/3.

اإ�سحاق ال�ساطبي، العت�سام، حتقيق: اأحمد عبد ال�سايف. دار الكتب العلمية. اأبو .27ط2، 2005م، 253-252/1.

28. امل�سدر نف�سه، 232/1.29. املوافقات، م، �س، 236/4.

30. امل�سدر نف�سه، 268/1.

31. امل�سدر نف�سه، 181/4.

32. امل�سدر نف�سه، 199/4.

33. امل�سدر نف�سه، 184/3.34. امل�سدر نف�سه،235/1.35. امل�سدر نف�سه، 183/3.

اإياك نعبد واإياك ن�ستعني، حتقيق: 36. ابن قيم اجلوزية، مدارج ال�سالكني بني منازل ر�سوان جامع ر�سوان، موؤ�س�سة املختار، القاهرة. ط1، 2001م، ج 124/1.

37. املوافقات، م، �س، 149/2.38. امل�سدر نف�سه، 173/2.39. امل�سدر نف�سه، 134/2.40. امل�سدر نف�سه، 138/2.41. امل�سدر نف�سه، 137/2.42. امل�سدر نف�سه، 135/2.

43. امل�سدر نف�سه، 138-137/2.44. امل�سدر نف�سه، 140/2.

45. اأخرجه البخاري يف �سحيحه ج5، �س،2385 حديث رقم: 6137. ينظر مو�سوعة التخريج اأي�سا:19236/1.

46. املوافقات، 140/2.47. امل�سدر نف�سه، 145/2.48. امل�سدر نف�سه، 147/4.49. امل�سدر نف�سه، 147/2.50. امل�سدر نف�سه، 149/2.51. امل�سدر نف�سه، 142/2.

52. رواه م�سلم يف ال�سحيح. رقم: 21312. البيهقي يف �سننه الكربى ج 10، �س309 حديث رقم: 21327. الن�سائي يف �سننه الكربى ج 3، �س193 حديث رقم: 5007.

باألفاظ متقاربة.53. املوافقات، م، �س، 150/2.

54. امل�سدر نف�سه، 210/4.

55. امل�سدر نف�سه، 156/2.

56. امل�سدر نف�سه، 156/2.

57. امل�سدر نف�سه، 136/2.58. امل�سدر نف�سه، 137-136/2.

59. امل�سدر نف�سه.60. امل�سدر نف�سه، 169/3.61. امل�سدر نف�سه، 137/2.62. امل�سدر نف�سه، 137/2.

63. امل�سدر نف�سه، 177-176/3.64. امل�سدر نف�سه، 142/2.65. امل�سدر نف�سه، 164/2.

66. امل�سدر نف�سه، 165-164/2.67. امل�سدر نف�سه، 304/2. 68. امل�سدر نف�سه، 309/2.

Page 122: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 12236

ملف العدد

النهوض بالرعاية االجتماعيةيف ضوء مقاصد الشريعة اإلسالمية

د.عبد الرحيم بنجل�ناأ�صتاذ مقا�صد ال�رشيعة الإ�صالمية

العربية ـــدول ال يف الجتماعية عامة، الإ�سالمية والدول خا�سة اأن معظم العلم اأخــرى، مع اإىل تتفاوت من دولة �سعوب هذه الدول تقريبا، ل تدرك مفهوم الرعاية منه، ت�ستفيد ول الــوا�ــســع باملعنى الجتماعية

لأ�سباب ثقافية و�سيا�سية واقت�سادية...اأو تعطى �سدقة لي�ست الجتماعية فالرعاية والتوجيه الدعم ت�سمل بل اإعانات متنح فح�سب، احلياة جمــالت يف والتاأهيل والتكوين والرتبية تقوم التي الأدوار فــاإن اآخــر، ومبعنى املختلفة، وجمعيات املتقدم، العامل يف احلديثة الدولة بها القت�سادية ـــجـــالت امل يف ـــــدين، امل املــجــتــمــع والريا�سية والثقافية وال�سيا�سية والجتماعية

اأغلب هذه وغريها جتاه مواطنيها، ميكن اعتبار الأدوار داخل مفهوم الرعاية الجتماعية. كما اأن كبري جزء يف تنبني والتطور، التنمية متطلبات لالأفراد الجتماعية الرعاية حتقيق على منها

واجلماعات.اإيجاد هــو البحث، هــذا مــن الرئي�سي والــهــدف روؤية �ساملة وا�سحة للرعاية الجتماعية يف �سوء املقا�سد ال�سرعية، تتواءم فيها الرعاية الجتماعية املعا�سرة مع اأحكام ال�سريعة الإ�سالمية، دون اأن اأفراد اإىل متتيع يوؤدي الكلية، مما باملبادئ تخل فيها، حقوقهم وحــمــايــة بــهــا، امل�سلم املجتمع و�سلت التي املرتاكمة املكت�سبات على واملحافظة اإليها يف الع�سر احلديث، ومن هذا الهدف العام

الرعاية

Page 123: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

123 العدد 36 |

ملف العدد

نتوخى حتقيق الأهداف الثانوية التالية:كما الوا�سع مبعناها الرعاية مفهوم حتديد .1

ن�ست عليه ال�سريعة الإ�سالمية. 2. حتديد املجالت التي ميكن اأن ت�سملها الرعاية الجتماعية دون اأن تتعار�س مع مقا�سد ال�سريعة بعيدا عن اإكراهات ومتطلبات الظروف الزمانية

واملكانية.اإىل ــوؤدي ت التي والأ�ساليب الو�سائل حتديد .3 اآليات وتفعيل الجــتــمــاعــيــة، الــرعــايــة حتقيق

النهو�س بها.الرعاية لتحقيق الالزمة ال�سمانات حتديد .4 تطويرها عــلــى تــ�ــســاعــد والـــتـــي الجــتــمــاعــيــة،

واملحافظة على املكت�سبات املحققة.ولبلوغ هذه الأهداف وجتليتها، �ساأتناول بالدرا�سة

مبحثني:يف ال�سرعية املقا�سد اأهــمــيــة الأول: املبحث

املحافظة على امل�سالح الجتماعية.الجتماعية بالرعاية النهو�س الــثــاين: املبحث

و�سبل تطويرها.

ال�صرعية املقا�صد اأهمية الأول: املبحث يف املحافظة على امل�صالح الجتماعية

يف بداية هذا املبحث لبد من حتديد امل�سطلحات املرتبطة باملو�سوع، واأول ما ينبغي جتليته:

اأول: مفه�م املقا�صدوفتح املــيــم بفتح مق�سد جــمــع لــغــة: املــقــا�ــســد وق�سد لــه، وق�سد ال�سيء، ق�سد من ال�ساد، واأتى طلبه، مبعنى �سرب؛ باب من ق�سدا، اإليه اإليه، واكتنزه، واأثبته.. والق�سد: هو طلب ال�سيء، اأو العدل اأو الكتناز يف ال�سيء، اأو اإثبات ال�سيء، فيه1" اإذن فمادة )ق، �س، د(، تطلق يف العربية

ويراد بها معان متعددة، منها:تعاىل: قــولــه ومــنــه والعـــتـــدال؛ ال�ستقامة .118(، قال �ساحب "واق�سد يف م�سيك" )لقمان: الطريق: ا�ستقامة الق�سد: ق�سد؛ العرب ل�سان

ق�سد، يق�سد، ق�سدا فهو قا�سد؛ قال �سبحانه: اأي 9(؛ )النحل: ال�سبيل" ق�سد اهلل "وعلى اإليه والدعاء امل�ستقيم، الطريق تبيني اهلل على

بالرباهني واحلجج الوا�سحة2."2. التوجه نحو ال�سيء؛ يقال: ق�سدت ق�سده؛ اأي نحوت نحوه، واأق�سد ال�سهم، اأ�ساب وقتل مكانه.

والق�سد العتماد والأم.ك�سرته، اأي ق�سدا الــعــدو ق�سدت الك�سر: .3اإذا تك�سر، انك�سر، وتق�سد اأي ال�سيف؛ وانق�سد وق�سد الرمح؛ اأي ك�سره، والق�سد: الك�سر يف اأي

وجه كان.4. الكتناز والمتالء: تقول العرب: الق�سدة من الن�ساء؛ اأي العظيمة الهامة التي ل يراها اأحد اإل من ممتلئة مكتنزة اأي ق�سيد؛ وناقة اأعجبته، ولي�س اأبياته، مت ما ال�سعر من والق�سيد اللحم،

اإل ثالثة اأبيات ف�ساعدا3.""ق�سد" اأ�سل اأن العرب ل�سان �ساحب نقل وقد على ال�سيء نحو والنهو�س والتوجه العــتــدال واإن احلقيقة اأ�سله يف هذا اأو جور، كان اعتدال ال�ستقامة بق�سد املوا�سع بع�س يف يخ�س كان

دون امليل4."املاء ينحدر الــتــي "املوا�سع لغة: ال�صريعة

منها5." باأنها: التهانوي اأما يف ال�صطالح: فقد عرفها "ما �سرع اهلل تعاىل لعباده من الأحكام التي جاء و�سلم، نبينا وعلى الأنبياء، �سلى اهلل عليهم بها فرعية وت�سمى عمل، بكيفية متعلقة كانت �سواء عملية، ودون لها الفقه، اأو بكيفية العتقاد وت�سمى

اأ�سلية واعتقادية ودون لها علم الكالم6." علماء ا���ص��ط��الح يف ال�صريعة ومقا�صد والنتائج والأهــــداف الــغــايــات هــي: ال�صريعة يف واأثبتتها ال�سريعة، بها اأتـــت الــتــي واملــعــاين الأحكام، و�سعت اإىل حتقيقها واإيجادها والو�سول

اإليها يف كل زمان ومكان7."فالأ�سوليون يربطون املقا�سد ال�سرعية باملحافظة

لمعرفة مقاصد الشريعة

اإلسالمية أهمية كبيرة، وفوائد

كثيرة في استنباط األحكام،

وتطوير الفقه، وتجديد الدين..

Page 124: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 12436

ملف العدد

المصلحة في نظر الشارع هي المحافظة على

مقاصد الشارع ولو خالفت مقاصد

الناس..

يف �سعادتهم ي�سمن مبــا العباد، م�سالح على الدنيا والآخرة، وهو ما عرب عنه الإمام ال�ساطبي �سرعت اأنــهــا ال�سريعة مــن املعلوم "اإن بقوله: مف�سدة، لدرء اإما كله فالتكليف العباد، مل�سالح وال�ساطبي، معا8"، هما اأو واإما جللب م�سلحة، رحمه اهلل، مل يقرر هذه احلقيقة اإل بعد اأن قام �سموليا ا�ستقراء الإ�سالمية ال�سريعة با�ستقراء واحلجة، بالربهان ومراميها مقا�سدها اأو�سح ا�ستقرينا اأنا هو اإمنا "واملعتمد اهلل: رحمه قال من ال�سريعة اأنها و�سعت مل�سالح العباد ا�ستقراء ل ينازع فيه الرازي ول غريه... واإذا دل ال�ستقراء على هذا، وكان يف مثل هذه الق�سية مفيد للعلم، باأن الأمر م�ستمر يف جميع تفا�سيل فنحن نقطع

ال�سريعة..9."ارتباط على ال�سالم عبد بن العز ــام الإم واأكــد امل�سالح باملقا�سد ال�سرعية العامة بقوله: "ومعظم مقا�سد القراآن الأمر باكت�ساب امل�سالح واأ�سبابها،

والزجر عن اكت�ساب املفا�سد واأ�سبابها10." ويعرف ال�سيخ الطاهر بن عا�سور املقا�سد العامة امللحوظة واحلكم املعاين "هي بقوله: لل�سريعة معظمها، اأو الت�سريع اأحـــوال جميع يف لل�سارع بحيث ل تخت�س مالحظتها بالكون يف نوع خا�س اأو�ساف هــذا يف فيدخل ال�سريعة، اأحــكــام مــن يخلو ل التي واملعاين العامة، وغاياتها ال�سريعة الت�سريع عن مالحظتها. ويدخل يف هذا معان من الأحكام، اأنــواع �سائر يف ملحوظة لي�ست احلكم

ولكنها ملحوظة يف اأنواع كثرية منها11." من ال�سريعة جــاءت التي العامة املقا�سد ومــن اأجلها ما اأ�سار اإليه الإمام ال�ساطبي، رحمه اهلل، ال�سريعة و�سع مــن ال�سرعي "املق�سد تــعــاىل: اإخراج املكلف من داعية هواه حتى يكون عبدا هلل

اختيارا كما هو عبد هلل ا�سطرارا12."كلها ال�سماوية وال�سرائع املنزلة فالر�سالت من وما تعاىل، اهلل لعبادة الإن�سان تدعو جاءت نبي بعثه اهلل اإل قال لقومه: "يا قوم اعبدوا اهلل"

)العراف: 58(13.

ثانيا: حتديد مقا�صد ال�صريعة خلق اهلل �سبحانه الإن�سان لعبادته، و�سخر له ما يف الأر�س جميعا، قال اهلل �سبحانه: "و�سخر لكم ما يف ال�سموات وما يف الر�س جميعا منه، اإن يف ذلك وف�سله ،)12 يتفكرون" )اجلاثية: لقوم ءليات على كثري من خلقه، ليقوم مبهمة ال�ستخالف يف الأر�س، كما قال �سبحانه: "ولقد كرمنا بني ءادم وحملناهم يف الرب والبحر ورزقناهم من الطيبات تف�سيال" خلقنا ممــن كــثــري عــلــى وف�سلناهم ربك قال "واإذ �سبحانه: وقوله ،)70 )ال�سراء: الر�س خليفة" )البقرة: اإين جاعل يف للمالئكة

.)29

اهلل من وتكليف ت�سريف هو ال�ستخالف وهــذا الإن�سان يخلق مل �سبحانه اهلل اأن كما لالإن�سان، الر�سل، اإليه اأر�سل بل �سدى، يرتكه ومل عبثا، الر�سالت وختم وال�سرائع، الكتب عليه واأنــزل اأكملت "اليوم تعاىل: قال كما الإ�سالم، ب�سريعة لكم ور�سيت نعمتي عليكم واأمتمت دينكم لكم

ال�سالم دينا" )املائدة: 4(. له يتبني وال�سنة الــقــراآن لن�سو�س وامل�ستقرئ الإن�سان �سعادة لتحقيق جاءت ال�سريعة هذه اأن جلب هو اأحكامها فامتثال والآخـــرة، الدنيا يف لذلك الإنــ�ــســان، عــن للم�سار ــع ودف للم�سالح، حتقيق هي ال�سريعة مقا�سد اأن العلماء اعترب ذلك ي�ستفاد والآخــرة، الدنيا النا�س يف م�سالح الكثرية وتعليقاتهم املختلفة، تعبرياتهم مــن بع�سهم والتي عرب عنها ال�سرعية، الأحكام على عن جــاء فقد بال�سريعة، املق�سودة باحلكمة اأن تعلم اأن "وينبغي قــولــه: احلفيد ر�ــســد ابــن مق�سود ال�سارع اإمنا هو تعليم العلم احلق والعمل هذه اأمــثــال "فلنفو�س وقــولــه: احلق..14"،

امل�سالح اإىل العلماء بحكمة ال�سرائع15." وما جاء عن القا�سي عيا�س يف قوله: "العتبار ال�سريعة قــواعــد اإىل اللــتــفــات وهــو الــثــالــث... من بها املــقــ�ــســودة احلكمة وفــهــم وجمــامــعــهــا،

�سارعها16."

Page 125: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

125 العدد 36 |

ملف العدد

�سواء امل�سلحة، مطلق باأنها اآخرون علماء وعرب كانت م�سلحة جامعة ملنافع �ستى، اأم كانت تخ�س منفعة معينة اأو بع�س املنافع القليلة واملح�سورة، جاء عن ابن القيم17 قوله: "فاإن ال�سريعة مبناها املعا�س العباد يف واأ�سا�سها على احلكم وم�سالح وم�سالح كلها، ورحمة كلها، عدل وهي واملعاد، كلها، وحكمة كلها فكل م�ساألة خرجت عن العدل وعن �ــســدهــا، اإىل الــرحــمــة وعـــن اجلــــور، اإىل العبث، اإىل وعن احلكمة املف�سدة، اإىل امل�سلحة بالتاأويل، فيها اأدخلت واإن ال�سريعة من فلي�ست فال�سريعة عدل اهلل بني عباده، ورحمته بني خلقه، اأر�سه، فهي بها احلياة والغذاء والدواء وظله يف الوجود يف خري وكل والع�سمة. وال�سفاء والنور فاإمنا هو م�ستفاد منها، وحا�سل بها، وكل نق�س يف الوجود ف�سببه من اإ�ساعتها... فال�سريعة التي بعث اهلل بها ر�سوله هي عمود العامل وقطب الفالح

وال�سعادة يف الدنيا والآخرة18." وجاء عن ابن العربي19 قوله: "واعتبار املقا�سد م�سائل يف ذلـــك عــلــى نبهنا وقـــد واملــ�ــســالــح، كل وحترمي "منع الفروع: تلك ومن الفروع20" قال ما ي�سغل عن اجلمعة من اأجل امل�سلحة21"، "اعلم تعاىل: اهلل رحمه ال�سالم عبد بن العز اإل اأحكامه من حكما ي�سرع مل �سبحانه اهلل اأن مل�سلحة عاجلة اأو اآجلة، اأو عاجلة واآجلة، تف�سال منه على عباده"، ثم قال: "ولي�س من اآثار اللطف والرحمة والي�سر واحلكمة اأن يكلف عباده امل�ساق بغري فائدة عاجلة ول اآجلة، لكنه دعاهم اإىل كل

ما يقربهم اإليه22."النا�س اإ�سعاد منها الغاية ال�سرعية فالأحكام واإبعاد والآخـــرة، الدنيا يف م�ساحلهم وحتقيق القرايف23 قال والآخــرة، الدنيا ال�سرر عنهم يف على مــبــنــيــة "ال�سرائع ـــاىل: ـــع ت اهلل رحـــمـــه

امل�سالح24."وقال ابن تيمية25 رحمه اهلل تعاىل: "جاءت هذه وتقليل وتكميلها، امل�سالح لتح�سيل ال�سريعة عيا�س القا�سي وجنــد وتعطيلها26"، املفا�سد

ال�سرر بنفي جـــاءت ال�سريعة اأن على ين�س ال�سرر بقطع "احلكم يقول: حيث ودرئــه ورفعه

واجب27." ونف�س هذا املعنى يقرره علماء ال�سريعة املعا�سرون الــفــا�ــســي املقا�سد الــعــالمــة عـــالل حــيــث عـــرف منها، الغاية ال�سريعة: مبقا�سد "املراد بقوله: من حكم كل عند ال�سارع و�سعها التي والأ�سرار بقوله: الري�سوين الدكتور وعرفها اأحكامها28." و�سعت التي الغايات هي ال�سريعة: مقا�سد "اإن العباد29." مل�سلحة حتقيقها لأجـــل ال�سريعة البوطي رم�سان �سعيد حممد الدكتور ويتحدث دنياهم يف النا�س مب�سالح املقا�سد ارتباط عن الدنيا يف م�سلحة من ما .." فيقول: واآخرتهم والآخرة اإل وقد رعاها امل�سرع واأوجد لها الأحكام ال�سرع واإن عليها، واحلفاظ اإيجادها تكفل التي والآخــرة، يف الدنيا احلكيم مل يرتك مف�سدة يف العاجل والآجل، اإل بينها للنا�س، وحذرهم منها، اإيجاد مع عنها، والبعد اجتنابها اإىل واأر�سدهم

البديل لها30." فمن املقا�سد ال�سرعية العامة على �سبيل املثال، العدل، وحتقيق الــنــا�ــس، بــني املــ�ــســاواة ــامــة اإقوحفظ الأر�ـــس، وعــمــارة الــعــام، النظام وحفظ وا�ستمرار �سالحها ب�سالح التعاي�س فيها، نظام

امل�ستخلفني فيها، وتدبري املنافع جلميع اخللق31.باب يف اخلا�سة املقا�سد تتبع من العلماء ومن ال�سيخ يــعــرف ال�سرعية، الأحــكــام اأبــــواب مــن الطاهر بن عا�سور املقا�سد اخلا�سة بقوله: "هي مقا�سد لتحقيق لل�سارع املق�سودة الكيفيات يف العامة م�ساحلهم حلفظ اأو العامة، النا�س

ت�سرفاتهم اخلا�سة32."الذي الرهن عقد اخلا�سة، املقا�سد اأمثلة فمن لأموالهم، حفظا النا�س، بني التوثق منه يــراد والعر�س، الن�سل حفظ منه يــراد الــذي والنكاح امل�ستدام ال�سرر رفع منه يق�سد الذي والطالق املقا�سد الزوجية، ورفع احلرج. فهذه يف احلياة اخلا�سة هي التي تهدف ال�سريعة اإىل حتقيقها يف

يمكن أن نجزم أن الشرائع التي

جاءت بها األديان السماوية كان لها األثر الكبير

في تطور الرعاية االجتماعية..

Page 126: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 12636

ملف العدد

جمال معني من اأبواب الت�سريع الكثرية، اعتنى ال�سيخ الطاهر بن عا�سور بطائفة منها، فتناول منها بالدر�س:

ـ مقا�سد ال�سارع يف اأحكام العائلة، مقا�سد ال�سارع يف الت�سرفات املالية، مقا�سد ال�سارع يف املعامالت املنعقدة على الأبدان، مقا�سد

الق�ساء وال�سهادة، ومقا�سد العقوبات... وميكن اأن يلحق بهذا الق�سم ما ي�سمى باملقا�سد اجلزئية، وهي ما يق�سده ال�سارع يف كل حكم �سرعي، من اإيجاب اأو حترمي اأو ندب اأو كراهة اأو اإباحة... ويظهر هذا عند تناول اأي دليل جزئي من كتاب اأو �سنة، اأو دليل خا�س يف م�ساألة معينة، وقد اعتنى الفقهاء كثريا بهذه املقا�سد اجلزئية يف ا�ستنباطهم واجتهادهم، ويعربون عنها

يف الغالب باحلكمة اأو العلة اأو املعنى من احلكم ال�سرعي.واخلال�سة اأن مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية تتميز بال�سمولية والتنوع، والإحاطة مبا فيه خري الإن�سان يف الدنيا والآخرة، وهو ما عرب عنه اأو اأنها مقا�سد روحية نعلم اأن "وينبغي بقوله: القر�ساوي ال�سيخ دينية، فاإن اأول املقا�سد اأو امل�سالح التي ت�سعى اإليها ال�سريعة هو: املحافظة على الدين، وهو ي�سمل العقائد والعبادات. والدين جوهر الوجود، وروح احلياة، وهي مقا�سد اأخالقية، فالأخالق ل تنف�سل املحافظة على تعمل على لأنها اإن�سانية؛ الدين. وهي مقا�سد عن كل حرمات الإن�سان: دمه وماله وعر�سه وعقله، كما حتافظ على من املــال جعلت لأنها اقت�سادية؛ مقا�سد وهي وحريته. كرامته امل�سالح ال�سرورية التي جتب املحافظة عليها بكل الو�سائل املمكنة. الإن�سان احلا�سر، لأنها مل تكتف برعاية وهي مقا�سد م�ستقبلية؛ من جعلت حني امل�ستقبل، اإن�سان اإىل اأي�سا اهتمامها وجهت بل

امل�سالح ال�سرورية التي ترعاها املحافظة على الن�سل33."

ثالثا: اأهمية معرفة املقا�صد ال�صرعية ملعرفة مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية اأهمية كبرية، وفوائد كثرية يف ا�ستنباط الأحكام، وتطوير الفقه، وجتديد الدين، ومعرفة الإطار العام لل�سريعة، و�سبط الت�سور الكامل لالإ�سالم، فلقد كان للجهود التي قام بها طائفة من علماء ال�سريعة ممن و�سعوا قواعد ال�ستنباط انطالقا من الن�سو�س ال�سرعية، واهتموا باملقا�سد وا�ستخراجها، م�ساهمة كبرية يف تر�سيد الجتهاد الفقهي، والتقريب بني وجهات نظر املجتهدين، وتر�سيد اأكر العاملني لالإ�سالم والدعاة اإىل اهلل، وتوجيههم الوجهة ال�سحيحة لنتهاج اأ�سلوب الو�سطية، بعيدا عن

الغلو اأو التفريط.مبقت�ساها التكليف يف جارية "ال�سريعة ال�ساطبي: الإمــام قال

على طريق الو�سط الأعدل، الآخذ من الطرفني بق�سط ل ميل فيه، الداخل حتت ك�سب العبد من غري م�سقة عليه ول انحالل، بل هو تكليف جاء على موازنة تقت�سي يف جميع املكلفني غاية العتدال. انحرافه وجود مظنة اأو املكلف، انحراف لأجل الت�سريع كان فاإن الو�سط اإىل رادا الت�سريع كــان الطرفني، اأحــد اإىل الو�سط عن

الأعدل34." واأ�ساف: "فاإذا نظرت يف كلية �سرعية، فتاأملها جتدها حاملة على

التو�سيط35." بل لقد كان من اأبرز و�سائل العلماء واأهمها يف احلفاظ على ال�سريعة اهتمامهم ومعانيها هديها اإىل النا�س واإر�ــســاد عنها، والــدفــاع مبقا�سد ال�سريعة، يقول عمر عبيد ح�سنة: "اإن الفقه املقا�سدي اأو الجتهاد املقا�سدي، مبطن باأبعاد على غاية من الأهمية يف ت�سكيل العقل امل�سلم ب�سكل عام، واإعادة بنائه، وتفعيل حراكه الجتماعي، قبل والفكر بالتخطيط يهتم الذي الإ�سرتاتيجي التفكري وتاأ�سيل والتداعيات النتائج ويدر�س بدقة، املقدمات ويفح�س الفعل، الرحلة يف املتابعة على واملرونة القدرة وميتلك عليها، املرتتبة الفكرية واملراجعة للنواجت والكت�ساف ملواطن اخللل، ويحدد اأ�سباب

الق�سور عن اإدراك النتائج ومواطن التق�سري36."ودافعوا املقا�سد نظرية تبنوا قد العلماء من طائفة جند لــذا عنها، حني اأدركوا اأهمية املقا�سد يف الجتهاد الفقهي، وملا علموا اأن ال�سريعة �سورة واحدة يخدم بع�سها بع�سا يقول الدكتور اأحمد الري�سوين: "فالنظرة ال�سمولية املنهجية لل�سريعة واأحكامها ل تتاأتى اإل ملن خربوا املقا�سد واأحكموا الكليات، ثم نظروا يف الأحكام من النظر، النوع من اأهمل هذا امل�ستوى، فاته هذا خالل ذلك، ومن املجافية ال�ساذة بــالأقــوال واأتــى وال�ــســطــراب، التخبط يف وقــع لي�س ما تاركا والنكما�س، العجز اإىل انتهى اأو ال�سارع، ملقا�سد

لقي�سر لقي�سر..37."وزادا معينا ي�سكل بها والت�سبع ال�سرعية املقا�سد فمعرفة لذلك ال�سيقة، اجلزئية النظرة من وع�سمته امل�سلم، للعقل ونربا�سا على القدرة "هو املقا�سدي: فالجتهاد اأهـــداف؛ بــدون والعمل القدرة والإ�سرتاتيجية..وهو املرحلية واملقا�سد الأهــداف حتديد للحركة يف املنا�سب ال�سرعي واحلكم ال�ستطاعة بني الربط على هذه املرحلة، والهدف املمكن حتقيقه يف �سوء هذه ال�ستطاعة حتى ولو كان الهدف جزئيا، �سريطة اأن يكون هذا الهدف اجلزئي بع�سا من كل؛ اأي جزء من الهدف الكلي، والروؤية ال�ساملة ملجال احلركة، اإل تــورث مل التي واحلما�سات ــاين والأم الفراغ، ر�سم عن بعيدا

Page 127: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

127 العدد 36 |

ملف العدد

ال�سرعية الأحكام لتنزيل املطلوب الفقه يتحقق وبذلك الإحباط، املجازفات من كثري من الإ�سالمي العمل ويحمي الــواقــع، على

والع�سوائية38."من ال�سريعة مقا�سد فقه القر�ساوي يو�سف الدكتور اعترب وقد الفقه كــان "اإذا ــه: اأن على واأكــد لالأمة، احل�ساري الفقه ركائز الفقه فاإن و�سكلياتها، الفرعية الأحكام بجزئيات يعنى التقليدي احلكم به ونعني واأ�سرارها، وكلياتها مبقا�سدها يعني احل�ساري وفر�س الأحــكــام، اهلل �سرع اأجلها من التي الكلية، والأهـــداف

الفرائ�س، واأحل احلالل، وحرم احلرام، وحد احلدود39."وهذا مما دفع الباحثني واملجتهدين اإىل العمل مبقا�سد ال�سريعة، الفقهي، الجــتــهــاد عملية يف بها والعــتــداد اإلــيــهــا، واللــتــفــات ال�سريعة "مقا�سد اخلادمي: خمتار بن الدين نور الدكتور يقول الإ�سالمية تعد فنا �سرعيا معتربا، له اأهميته على �سعيد الدرا�سات املعرفية والأكادميية، وله فوائده واآثاره على م�ستوى الواقع الإن�ساين

وم�سكالته واأحواله وم�ستجداته40."التلقني عقلية من التحول يحقق ال�سرعية باملقا�سد العمل اإن والتلقي اإىل عقلية ال�ستقراء والتفكري والتحليل والنقد وال�ستدلل مع امل�ستقبل، وا�ست�سراف ــاآلت امل واعتبار واملــوازنــة وال�ستنتاج الهتمام والعناية بالأدلة والرباهني يف قبول الجتهاد اأو رده، لذلك ميكن القول اإن بناء العقل املقا�سدي كما ذهب اإىل ذلك عمر عبيد ح�سنة ميكن اأن "يحدث تغيريا ا�سرتاتيجيا يف الثقافة، ونقلة فكرية نوعية يف احلياة العقلية والذهنية، ويعيد للوحي عطاءه املتجدد على يد الب�سر، واإعادة النظر فيما و�سعوا من اآليات جمردة للتعامل معه

وتنزيله على الواقع، بعيدا عن م�سالح النا�س41."

رابعا: تق�صيم املقا�صد بح�صب امل�صالح فلنعرف امل�سالح، بح�سب املقا�سد تق�سيم عن نتحدث اأن قبل

حقيقة امل�سلحة يف اللغة وال�سطالح.على ويبعث الفعل، على يرتتب ما هي: امل�سلحة اللغوي: املعنى يحمل مما هو اأي ذلك؛ يف امل�سلحة الإمــام راأى يقال ال�سالح، على ال�سالح، ومنه �سمي ما يتعاطاه الإن�سان من الأعمال الباعثة على نفعه م�سلحة، واجلمع م�سالح، وال�سالح �سد الف�ساد، ويقال كذلك اأ�سلحه، �سد اأف�سده، وال�ست�سالح نقي�س ال�ستف�ساد42."

ويقال كذلك يف الأمر م�سلحة اأي خري، وهو ال�سالح والنفع، و�سلح �سلوحا زال عنه الف�ساد، وكان نافعا اأو منا�سبا، واأ�سلح يف عمله اأو اأمره اأتى مبا هو �سالح نافع، واأ�سلح ال�سيء اأزال ف�ساده، وا�ست�سلح

ال�سيء تهياأ لل�سالح43."505ه( ــويف )ت اهلل رحمه الــغــزايل عــرف ال�سطالحي: املعنى دفع م�سرة اأو منفعة الأ�سل عن جلب "عبارة يف باأنها: امل�سلحة ول�سنا نعني به ذلك، فاإن جلب املنفعة ودفع امل�سرة، مقا�سد احلق، بل وح�سب، هــذا لي�س مقا�سدهم"، حت�سيل يف اخللق و�سالح "نعني بامل�سلحة املحافظة على مق�سود ال�سرع من اخللق خم�سة: وهو اأن يحفظ عليهم دينهم، ونف�سهم، وعقلهم، ون�سلهم، ومالهم، فكل ما يت�سمن حفظ هذه الأ�سول اخلم�سة فهو م�سلحة، وكل ما

يفوت هذه الأ�سول فهو مف�سدة، ودفعه م�سلحة44."لل�سارع، مق�سود �سرر دفــع اأو نفع جلب هي اإذن، فامل�سلحة، ال�سارع مف�سدة، الأمر منفعة، وهو يف نظر النا�س يعد لذلك فقد مقا�سد على املحافظة ال�سارع هي: نظر فامل�سلحة يف وبالعك�س، الأحيان بع�س يف تكون التي النا�س، مقا�سد خالفت ولو ال�سارع جمرد اأهواء و�سهوات، زينتها النفو�س، واألب�ستها التقاليد والعادات

ثوب امل�سالح، وهي يف الواقع لي�ست كذلك. واإذا كانت مقا�سد ال�سريعة هي حتقيق م�سالح النا�س يف املعا�س الأهمية من واحــدة درجة على لي�ست امل�سالح هذه فاإن واملعاد، مكمل وبع�سها الإنــ�ــســان، حلياة �ــســروري فبع�سها واخلــطــورة، العادات، وحما�سن الأخــالق مكارم تتطلبه ما ومنها لل�سروري،

لذلك ق�سمها العلماء اإىل ثالثة اأق�سام وهي:امل�سالح ال�سرورية: وهي التي تتعلق بوجود الإن�سان ومقومات حياته الكليات اخلم�س: حفظ اأو هما معا، وهي الآخــرة اأو يف الدنيا يف ال�سرورية امل�سالح وهذه واملــال، والن�سل والعقل والنف�س الدين

ثبتت با�ستقراء الن�سو�س ال�سرعية.ورفع للتو�سعة اإليها النا�س يحتاج التي وهي احلاجية: املقا�سد احلرج وامل�سقة ومن اأمثلتها: الرتخي�س يف تناول الطيبات، وجواز

ال�سلم وامل�ساقاة وغريها من املعامالت التي يحتاج النا�س اإليها.ومكارم العادات، مبحا�سن تليق التي وهي التح�سينية: املقا�سد واحلرج، امل�سقة اإىل الغالب يف تركها ــوؤدي ي ل والتي الأخـــالق، الأكل اآداب والتزام والتطيب، اللبا�س، باأح�سن التزين ومثالها

و�سننه وغري ذلك.وتتنوع املقا�سد باعتبار تعلقها بعموم الأمة وخ�سو�سها، اإىل ثالثة

اأق�سام:اأبواب اأغلب اأو جميع يف تالحظ التي وهــي العامة: املقا�سد اأ. ال�سريعة وجمالتها، بحيث ل يخت�س مالحظتها يف نوع خا�س من اأحكام ال�سريعة، فيدخل يف هذا اأو�ساف ال�سريعة وغايتها الكربى.

Page 128: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 12836

ملف العدد

الهدف الكلي للرعاية االجتماعية في اإلسالم، هو

جلب المصالح ودرء المفاسد فيما يتعلق

بشؤون الناس في عالقاتهم

االجتماعية..

ب. املقا�سد اخلا�سة: تتعلق بباب معني اأو اأبواب معينة من اأبواب املعامالت، مثل املقا�سد اخلا�سة املالية، بالت�سرفات اخلا�سة واملقا�سد بالعائلة،

اأو التربعات، اأو العقوبات... احلكمة اأو العلة وهــي اجلــزئــيــة: املقا�سد ج. املقا�سد تتنوع كما �سرعي حكم كل يف املوجودة

اإىل نوعني باعتبار حظ املكلف وعدمه:حظ فيها لي�س التي وهي الأ�سلية: املقا�سد .1يف والمتثال التعبد اأمــور مثالها: للمكلف ظاهر

الغالب.ظاهر حظ فيها التي وهي التبعية: املقا�سد .2

للمكلف، مثالها: الزواج والبيع..واخلا�سة الــعــامــة املقا�سد عــن الك�سف ويــتــم

واإثباتها وا�ستخراجها من طريقني:الأول: من ال�ستنباط املبا�سر من القراآن وال�سنة، الت�سريحية، والنواهي الأوامــر خالل من �سواء اأو والنواهي، الأوامـــر علل اعتبار خــالل من اأو خالل مــن اأو التقريرية، الن�سو�س خــالل مــن ذلك: اأمثلة ومــن واحــدة، علة حــول الأدلــة تتبع النهي عن الحتكار، وبيع الطعام بالطعام ن�سيئة، والنهي عن بيع الطعام قبل قب�سه، ومق�سد ذلك

تي�سري ح�سول الطعام. الأ�سلية املــقــا�ــســد مـــن ــخــراج ــت ــس ال� الـــثـــاين: واجلزئية، فمن مق�سد التنا�سل الذي هو مق�سد ال�سكن هي التي تبعية مقا�سد ن�ستخرج اأ�سلي،

والأن�س بالذرية وال�ستمتاع بالزوجة. وال�ستخراج من املقا�سد اجلزئية يتم بتتبع العلل الــواردة يف حتديد حكمة م�سرتكة، تكون الكثرية مبثابة مق�سد كلي اأ�سلي، ومن اأمثلة ذلك: ميكن اأن ن�ستخرج من علل النهي عن خطبة امل�سلم على خطبة اأخيه، والنهي عن الغيبة والنميمة، والوقوع بيع على البيع عن والنهي ــال، امل اأو العر�س يف احلفاظ هو كله لذلك الكلي املق�سد اأن امل�سلم

على الأخوة بني املوؤمنني، ودوام الع�سرة واملحبة.

بالرعاية ال��ن��ه������س ال���ث���اين: امل��ب��ح��ث الجتماعية و�صبل تط�يرها

يف بداية هذا املبحث لبد من حتديد امل�سطلحات املرتبطة باملو�سوع، واأول ما ينبغي جتليته:

اأول: الرعاية لغةحتمل اأو ما، ب�سيء الهتمام تعني لغة؛ الرعاية كلمة وردت وقــد وم�ساعدته، ودعمه م�سوؤوليته ويحفظ يــحــوط مبعنى الــعــرب ل�سان يف رعــايــة

وي�سو�س.تعاىل: قال حفظه، ورعاية: رعيا، ال�سيء رعى "فما رعوها حق رعايتها" )احلديد: 26(. ورعاه: ا�ستحفظه ال�سيء: وا�سرتعاه اأمره. وتوىل راقبه اإياه، اأو طلب منه اأن يرعاه ويف املثل من ا�سرتعى "راعيته" لفظة وجتــيء ظلم45"؛ فقد الذئب ـــيـــه، وا�ــســرتعــاه، ــه، حمــ�ــســنــا اإل مبــعــنــى لحــظــتوترحمته46." "اأبقيته عليه: واأرعيته ا�ستحفظه، على املحافظة مبعنى اللغة يف رعاية كلمة اإذن،

ال�سيء ومراقبته ومالحظته. كما وردت مادة رعى يف القراآن الكرمي بعدة معان مبعنى جاءت "راعنا" التي كلمة منها متقاربة، "ياأيها �سبحانه: قــال النا�س م�سالح يف النظر انظرنا وقــولــوا راعــنــا، تقولوا ل ءامــنــوا الــذيــن )البقرة: اليم" عـــذاب وللكافرين وا�ــســمــعــوا،

.)103

فكلمة راعنا من املراعاة، وهي الإنظار والتمهل، م�سالح يف النظر وهــي الــرعــايــة مــن واأ�سلها م�سبة كلمة فجعلوها اليهود حرفها وقد النا�س، نهي ولــذلــك احلــمــق، وهــي الرعونة مــن م�ستقة

عنها املوؤمنون47.قوله من الن�ساء �سورة يف جاء املعنى هذا ومثل عن الكلم يحرفون هـــادوا الــذيــن "من تــعــاىل: غري وا�سمع وع�سينا �سمعنا ويقولون موا�سعه باأل�سنتهم وطعنا يف الدين، ولو م�سمع وراعنا ليا لكان وانظرنا وا�سمع واأطعنا �سمعنا قالوا انهم فال بكفرهم اهلل لعنهم ولكن واأقــوم، لهم خريا

Page 129: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

129 العدد 36 |

ملف العدد

يومنون اإل قليال" )الن�ساء: 45(.خطابهم اأثناء يف يقولون اأي "وراعنا"؛ فكلمة راعنا، وهي كلمة �سب من الرعونة، وهي احلمق، فكانوا �سخرية وهزوؤوا بر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه ال�ستيمة به ينوون حمتمل بكالم يكلمونه و�سلم،

والإهانة، ويظهرون به التوقري والإكرام48." هو الــذي اأ�سلها من راعنا كلمة معنى فحرفوا وال�سب، ال�ستم معنى اإىل وامل�ساعدة الرعاية يف وطعنا باأل�سنتهم "ليا تــعــاىل: ــال ق ولــذلــك الباطل اإىل فتال وحتريفا عن احلق اأي الدين"؛ ـــالم، قـــال ابـــن عــطــيــة، وهــذا ـــس وقــدحــا يف الإ��ساهدناهم "وقد اليهود: يف الآن حتى موجود ويحفظونهم ذلك على ال�سغار اأولدهــم يربون التوقري، ظاهره مما امل�سلمني به يخاطبون ما

ويريدون به التحقري49."الكرمي مبعنى القراآن "راعون" يف وجاءت لفظة احلفظ والإ�سالح، وذلك يف قوله تعاىل: "والذين ،)8 راعون" )املومنون: وعهدهم لأماناتهم هم 32( يف �سورة )املــعــارج: ــة يف الآي نف�س وجــاءت �سياق ذكر اأو�ساف املومنني امل�سلني الناجني من عذاب اهلل؛ اأي قائمون عليها بحفظها واإ�سالحها، اإذا عهدهم ينق�سون ول ائتمنوا، اإذا يخونون ل عاهدوا، قال اأبو حيان: "والظاهر عموم الأمانات، العبد من تعاىل عليه ائتمن اهلل ما فيها فيدخل قول وفعل واعتقاد، وما ائتمنه الإن�سان من الودائع

والأمانات50."�سورة من تعاىل قوله "رعاية" يف كلمة وجــاءت وقفينا بر�سلنا ءاثارهم على قفينا "ثم احلديد: وجعلنا الجنــيــل، وءاتــيــنــاه مــرمي ابــن بعي�سى ورهبانية ورحــمــة راأفـــة اتبعوه الــذيــن قلوب يف ر�سوان ابتغاء اإل عليهم كتبناها ما ابتدعوها اهلل، فما رعوها حق رعايتها، فئاتينا الذين اآمنوا فا�سقون" )احلديد: منهم وكثري اأجرهم، منهم 26(؛ فقوله تعاىل: "فما رعوها حق رعايتها"؛ اأي

وما قاموا بها حق القيام، ول حافظوا عليها كما "وهذا ذم الآية: ينبغي، قال ابن كثري يف تف�سري

لهم من وجهني: اأحدهما البتداع يف الدين ما مل ياأمر به اهلل تعاىل، والثاين: يف عدم قيامهم مبا التزموه مما زعموا اأنه قربة تقربهم اإىل اهلل عز

وجل51." املجتمع، اإىل ن�سبة " فهى " اجتماعية كلمة اأما من اجلماعة اأي�سا وهو الإجتماع، مو�سوع وهو

النا�س"52.

ث���ان���ي���ا: حت���دي���د م���ف���ه����م ال���رع���اي���ة الجتماعية

مل يح�سل اتفاق بني علماء الجتماع على حتديد دقيقا، حتديدا الجتماعية" "الرعاية مفهوم وذلك وم�سمونا، �سكال التعريفات اختلفت بل التي ينطلق واملنطلقات الإيديولوجيات باختالف وكذا تربوي، باحث اأو اجتماعي عامل كل منها لذاك به، يحيط الذي الجتماعي البناء بح�سب يواجه الباحث �سعوبة يف حتديد مفاهيم �سيا�سات الرعاية الجتماعية وم�سطلحاتها، نظرا لختالف الدار�سني لهذا املو�سوع، واختالف جتارب الدول واملجالت53، املفاهيم هذه حتديد يف والبلدان موحدا منوذجا املعا�سر العامل يف جند ل لذلك كانت واإن امل�سمون، وبنف�س الجتماعية للرعاية جميع املجتمعات قد اأقرت ب�سرورة رعاية الفقراء واملحرومني، لكنها اختلفت يف مدى التو�سع الذي وم�سامينها الجتماعية الرعاية برامج ت�سمله

وجمالتها. بقوله: يون�س زكي الفاروق الدكتور عرفها فقد مع ن�ساأت التي الجتماعية النظم اإحدى "هي توؤدي وهي بتطوره، وتطورت الإن�ساين، املجتمع املجتمع، يف النا�س حلياة عنها غنى ل وظائف الأخرى، الجتماعية النظم �ساأن �ساأنها يف ذلك النظم �سائر مــع ترتبط الــوقــت نف�س يف وهــي البناء معامل ت�سكل التي العالقات من ب�سبكة

الجتماعي54."وانطالقا من هذا التعريف ميكن اعتبار الرعاية التي تقوم بها الن�ساطات الجتماعية مبثابة تلك

ال يمكن الفصل بين الرعاية االجتماعية والتنمية

االجتماعية كمفهومين في المنظور

اإلسالمي؛ ألنهما يتداخالن..

Page 130: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 13036

ملف العدد

الرعاية االجتماعية في اإلسالم

تقوم على تأكيد العالقة بين

الفرد والمجتمع، وااللتزامات

المتبادلة بينهما..

اخلدمات لتاأدية احلكومية، املنظمات اأو الدولة التنظيم اإليها املواطنون، فهي ت�سمل التي يحتاج للحياة الــالزمــة الإنــ�ــســانــيــة لالأن�سطة ال�سائد وال�ستهالك، والــتــوزيــع ــاج ــت الإن مثل اليومية، الجتماعي، والتكامل الجتماعية، والتن�سئة

وامل�ساعدة وال�سبط الجتماعي.بالذات احلكومية الجتماعية الرعاية وتتميز عامة وخطة قومية �سيا�سة ظل يف ــوؤدى ت باأنها كافة، للمواطنني اأ�سا�سية خدمات توفري بغر�س

كالتزام من جانب الدول اإزاء مواطنيها55." للتنظيم وظيفة باأنها علي خريي حممد وعرفها ثم الأمــة، اأو للمجتمع والقت�سادي الجتماعي قال: "ونعني بالوظيفة حتقيق خدمات مبا�سرة من طرف احلكومة اأو غريها من الهيئات واملوؤ�س�سات والأفراد يف �سورة فعلية للجماهري، مبا�سرة مثل اأو العمرانية اأو الطبية اأو التعليمية اخلــدمــات

الجتماعية اأو غريها56."يو�سع اأنــه اإل �سابقه، من قريب التعريف وهــذا الجتماعية، الرعاية من امل�ستفيدين دائــرة من حيث جعلها وظيفة دائمة واإمنائية، ذلك اأن جميع املواطنني يحتاجون اإىل خدمات اجتماعية خمتلفة الإنتاجية، اأدوارهـــم اأداء على قدراتهم لتنمية وكذا الو�سول اإىل م�ستوى من العي�س اأف�سل مما

هم عليه.العمليات تلك اأي�سا تعني الجتماعية والرعاية واجلهود التي تهدف اإىل اإ�سعاد الإن�سان وحت�سني عبد الأ�ــســتــاذ يقول هــذا ويف املعي�سية، اأحــوالــه الجتماعية الــرعــايــة كــتــاب يف عثمان الــفــتــاح للمعوقني: "اإن كلمة رعاية ترتبط بهذه اخلدمات يد ملد يتطلع لكل حمتاج تقدم التي وامل�ساعدات اأو كان يتيما اأو حمروما، كان اإليه، جائعا العون بيده الأخذ اأو معاونته اأو رعايته بهدف عاجزا،

حتى يتم له النمو والن�سج57."الجتماعية، الرعاية معنى يف يدخل فاإنه لذا التي اأي للفرد؛ اجلماعة توفرها التي الرعاية

يكفلها املجتمع لأفراده.

لهيئة التابعة الجتماعية ال�سوؤون اإدارة وتعرف "حالة باأنها: الجتماعية الرعاية املتحدة الأمم من الرفاهية اجل�سمية والعقلية الجتماعية، ولي�س جمرد التخل�س من �سرور اجتماعية معينة"، كما اعتربت اأن التمتع باأعلى م�ستوى ممكن يف احلياة، متييز دون اإن�سان لكل اجلوهرية احلقوق اأحــد اأو ال�سيا�سية، املعتقدات اأو العقيدة، اأو للجن�س، رفاهية لأن الجتماعية؛ اأو القت�سادية احلالة ال�سالم لتوفري اأ�سا�سية م�ساألة الأ�سخا�س جميع

والأمن.الرعاية مفهوم يف يدخل الأخــري التعريف وهذا كل ميار�سها التي الأن�سطة جميع الجتماعية والعمال والفنيني، واحلرفيني واملهنيني، العلماء، النمو فر�س توفري بق�سد الفئات من وغريهم

والرفاهية والتقدم، وبالتايل اإ�سعاد الإن�سان.ويقدم خمتار عبد العزيز تعريفا متكامال للرعاية

الجتماعية من خالل العنا�سر الآتية:التدخل اأ�سكال كل يت�سمن منظم ن�سق اأنها .1متعددة اجتماعية خدمات �سورة يف الجتماعي

وموؤ�س�سات خمتلفة.يف وم�ستمرة اأ�سا�سية بوظيفة تــقــوم اأنــهــا .2ومعاونة الدولة م�سوؤولية اأ�سا�سا وتعترب املجتمع،

اجلهود الأهلية لها.لتحقيق واملجتمعات الأفـــراد مل�ساعدة تن�ساأ .3

م�ستوى اأف�سل للحياة.4. توؤدي دورها عن طريق:

اأ. اإ�سباع حاجات النا�س )هدف وقائي(.ب. مــواجــهــة وحـــل مــ�ــســكــالت املــجــتــمــع )هــدف

عالجي(.الجتماعية للنا�س املعي�سية الظروف حت�سني ج. واقع مــن املجتمع نقل بق�سد والقــتــ�ــســاديــة، اأف�سل اآخر واقع اإىل معني واقت�سادي اجتماعي

منه )هدف تنموي واإن�ساين(.الرعاية يعترب الأخــري التعريف هــذا اأن �سك ل جمالت يغطي �ــســامــال، مفهوما الجــتــمــاعــيــة التعليم وال�سحة وال�سمان الجتماعي والتاأمينات

Page 131: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

131 العدد 36 |

ملف العدد

الجتماعية والإ�سكان والرتويح..منها بالتعليم املت�سلة الجتماعية فاخلدمات لذوي اخلا�سة املعاهد اإن�ساء املثال، �سبيل على الغذائية، الوجبات وتقدمي واملعوقني، العاهات،

وف�سول تعليم الكبار، ودور احل�سانة..العامة، بال�سحة املت�سلة واخلدمات الجتماعية وبرامج والأمــومــة، الطفولة رعاية برامج منها تنظيم الأ�سرة، وبرامج ال�سحة النف�سية، ورعاية

املر�سى والتخفيف عنهم، وتاأهيلهم..واخلدمات الجتماعية املت�سلة بالعمل منها برامج الإجــازات وا�ستثمار والتدريب، املهني التوجيه ال�سنوية مل�سلحة العمال والرتفيه عنهم، اإجازات تت�سل التي اخلدمات وكــل والر�ساعة، الو�سع

برفاهية العمال..بال�سمان املــتــ�ــســلــة الجــتــمــاعــيــة واخلـــدمـــات الجتماعي، منها كفالة الدخل يف حالة انقطاعه والتاأمني الجــتــمــاعــيــة، الــتــاأمــيــنــات طــريــق عــن

ال�سحي، وامل�ساعدات العامة..واخلدمات الجتماعية املت�سلة بالإ�سكان منها ما يهدف اإىل توفري ال�سكن املالئم للفئات الفقرية، وتقدمي واملتو�سط، املــحــدود الــدخــل واأ�ــســحــاب

القرو�س املي�سرة للبناء...ت�سمل بالقانون، املت�سلة الجتماعية واخلدمات امل�سورة القانونية، وتاأهيل اجلانحني من ال�سغار

والكبار.. وميكن من خالل ما �سبق اأن اأ�سوغ تعريفا �سامال عمليات "جمموع اأنها: على الجتماعية للرعاية منظمة من طرف الدولة واجلمعيات، توؤدي وظيفة اأ�سا�سية يف املجتمع، ت�ستمل على برامج وخدمات اجتماعية لفئات متنوعة من املجتمع، تهدف اإىل حل امل�سكالت التي تعرت�س الأفراد واجلماعات".

الجتماعية الرعاية اأن املفاهيم هذه وخال�سة تهدف اإىل ح�سن ا�ستثمار املوارد املالية والب�سرية ما باأف�سل والأخـــذ املجتمع، عليها يتوفر التي تو�سلت اإليه الإن�سانية من جتارب يف هذا املجال، والرفاهية الجــتــمــاعــي، ال�ــســتــقــرار يحقق مبــا

وال�سعادة لكل اأفراد املجتمع. بني منيز الجتماعية الرعاية عن نتحدث وحني

نوعني من الرعاية:ـ الــرعــايــة الجــتــمــاعــيــة غــري املــوؤ�ــســ�ــســيــة: تقدم غري من املحلي جمتمعهم يف وهم للم�ستفيدين اإىل وتهدف موؤ�س�سات، يف اإيوائهم اإىل احلاجة من الرفع اأو م�سكالتهم حلل الأفـــراد م�ساعدة

م�ستواهم.من منط هي املوؤ�س�سية: الجتماعية الرعاية ـ تديرها وموؤ�س�سات دور خالل من تقدم الرعاية جمعيات، تديرها اأو عليها ت�سرف اأو الــدولــة اأ�سر لهم لي�س ــراد اأف الرعاية هــذه من ي�ستفيد وتت�سف رعايتهم، على ــادرة ق غري اأ�سرهم اأو ت�سمل ما وعادة اإيوائية، باأنها املوؤ�س�سية الرعاية ــدة مــن اخلـــدمـــات، مــثــل اخلدمات اأنـــــواع عــديحماولة يف والرتفيهية وال�سحية الجتماعية بعدهم نتيجة يفتقدونه قد ما الأفــراد لتعوي�س

عن اأ�سرهم الطبيعية.

عرب الجتماعية الرعاية تط�ر ثالثا: التاريخ

خطوطه يف الــبــ�ــســري لــلــتــاريــخ وبــا�ــســتــقــرائــنــا كثري يف الإنــ�ــســان اأن نلحظ فــاإنــنــا العري�سة، الإن�سان، اأخيه مل�ساعدة رغبة فيه الأحيان من ظهرت الأر�ـــس، وجــه على احل�سارة بداية ومــع اأ�سكال من الرعاية الجتماعية ارتبطت بنوع من احل�سارة ال�سائدة، واأ�سلوب احلياة فيها، وازداد التي ــان، الأدي بظهور الجتماعية الرعاية تطور جاءت لتنمية جانب اخلري يف الإن�سان، وحثه على التكامل والتاآلف والتكافل والت�سامن، يقول ال�سيخ واأعمال اعتقادات "الدين عا�سور: بن الطاهر وجاء مبالزمتها، اتباعها يف يرغب من يو�سى الدنيوية، الأوىل حياته يف منها اخلــري ح�سول ويف حياته الأبدية... والدين كذلك جمموع تعاليم من لطائفة وخلقا عادة ت�سري اأن �سارعها يريد النا�س، لتبعث فيهم الف�سائل والإح�سان لأنف�سهم

إذا كانت مقاصد الشريعة هي تحقيق مصالح

الناس في المعاش والمعاد، فإن هذه المصالح

ليست على درجة واحدة من

األهمية..

Page 132: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 13236

ملف العدد

وللنا�س58."اإىل بعثهم اهلل دعاة الأنبياء اأن اإىل يلفت نظرنا الكرمي فالقراآن والت�سامن والتعاون اخلري اإىل النا�س دعــوة يهملوا مل توحيده، والعدل والتكافل وعمارة الأر�س وغريها من املعاين الفا�سلة التي الف�ساد ومقاومة اإ�سالحه على وتعمل الإن�ساين، اجلانب تنمي

والق�سوة والأثرة يف حياة النا�س. ال�سرك، قومه على ينكر كان كما فاإنه ال�سالم، عليه هود، فهذا قال والنــحــراف، ــربوت واجل والبط�س العبث عليهم ينكر جنــده لعلكم م�سانع وتتخذون تعبثون. ـاية ريع بكل "اأتبنون �سبحانه:

تخلدون. واإذا بط�ستم بط�ستم جبارين" )ال�سعراء: 130-128(.اإله من لكم ما اهلل اعــبــدوا قــوم "يا لقومه: يقول �سعيب وهــذا اأخاف واإين بخري اأراكــم اإين وامليزان، املكيال تنق�سوا ول غريه، عليكم عذاب يوم حميط. ويا قوم اأوفوا املكيال وامليزان بالق�سط، ول تبخ�سوا النا�س اأ�سياءهم ول تعثوا يف الر�س مف�سدين" )هود:

.)84-83

فاإن كل ر�سول من ر�سل اهلل الكرام، دعا قومه اإىل اإ�سالح اأحوالهم الجتماعية، ومل تنف�سل دعوته عن م�سكالتهم اليومية، ومل تغفل يف ولغــرو وعــالج، اإ�سالح من تتطلبه ومــا املجتمعية، اأحوالهم خوطبوا الذين القوم اإ�سالح هو ال�سحيح، الدين "فاأثر ذلــك: اإن خا�سا اأوج ال�سمو اإىل به، وانت�سالهم من ح�سي�س النحطاط، فخا�س، واإن عاما فعام، على نحو مراد اهلل من الدين، ومن الأمة الأديان لأهــل كــان وكــم تعاىل، حكمته ح�سب على بــه، املخاطبة ال�سماوية الإلهية من اأيد يف اإ�سالح الب�سر، ويف تكوين اجلماعات املجموع الأفراد واجلماعات �سالح ليح�سل من �سالح ال�ساحلة

كله عند الأمد املعلوم59."لذلك ميكن اأن جنزم اأن ال�سرائع التي جاءت بها الأديان ال�سماوية

كان لها الأثر الكبري يف تطور الرعاية الجتماعية.وميكن اأن نتتبع هذا التطور فيما يلي:

1. الأ�سرة: هي اأول موؤ�س�سات الرعاية الجتماعية التي تقدم خمتلف يف الرئي�سي بالدور الأ�سرة قامت فقد لأفرادها، الرعاية اأ�سكال

رعاية اأفراد املجتمع يف الع�سور الأوىل.ال�سماوية، ال�سرائع والإح�سان: وهذا ما �سجعت عليه ال�سدقة .2وم�ساعدة وامل�ساكني الفقراء اإىل الإح�سان اإىل النا�س حيث دعت على وال�سعي وامل�سن، باليتيم والرفق اجلائع، واإطعام املر�سى، الرعاية تطورت ثم الو�سطى، الع�سور �ساد يف ما وهذا الأرملة.. الجتماعية العدالة وحتقيق احل�سنة، املعاملة تعني فاأ�سبحت

اإرهــاق اخلــادم، وم�ساعدة املعامالت، خا�سة عدم اأنــواع يف كافة ورعايتهم، الأيــتــام واإيـــواء ال�سغار، الأطــفــال وحماية امل�سنني،

وتطبيب املر�سى..3. الطوائف احلرفية: حيت تطورت الرعاية الجتماعية لتاأخذ �سكل بني �ساد حيث واحلرف، ال�سنائع اأ�سحاب بني املتبادلة الرعاية اأ�سحاب احلرفة الواحدة نوع من التعا�سد والتكافل حلل امل�ساكل، منهم، واملنكوبني املت�سررين ومــــوؤازرة ال�سعوبات، ومــواجــهــة

وانخرطت اجلماعات احلرفية يف م�سروعات �سغرية للتاأمني.4. اجلمعيات الأهلية: بداأت يف الظهور منذ منت�سف القرن التا�سع اأغرا�س تاأثري حتت اجلمعيات هذه اأغلب تكونت وقد امليالدي،

دينية واإ�سالحية.ال�سرائع وتــدريــب الأمــيــة، وحمــو الــفــقــراء، بتعليم تهتم فكانت الجتماعية ال�سعيفة على اأ�ساليب احلياة ال�سليمة، كما عملت على تقدمي امل�ساعدات للمحتاجني، ون�سر الوعي بامل�سكالت الجتماعية الكربى، املدن اجلمعيات يف يتكاثر عدد هذه اأخذ وقد ال�سائدة، تهتم من منها فكان واأهدافها، اجلمعيات هذه اهتمام تنوع كما بالأ�سرة يهتم مــن ومنها باملعوقني، يهتم مــن ومنها بــالأيــتــام،

والطفولة، ومنها من يهتم بامل�سنني...الجتماعية الرعاية تاأثرت الدولة: م�سوؤولية الجتماعية الرعاية التي ظهرت يف املجتمعات املعا�سرة، بدرجة كبرية بالتجربة الغربية، يف الجتماعية اخلدمات بها مرت التي الهائلة التطورات نتيجة بع�س الدول الأوربية، خا�سة اجنلرتا والوليات الأمريكية املتحدة، هذه الأخرية التي تطورت بها الرعاية الجتماعية ب�سكل كبري عقب بعد التي جاءت الك�ساد و�سنوات ،1929 �سنة القت�سادية الأزمة قدروا العمل العاطلني عن كبرية من اأعــداد وظهور التاريخ، هذا اأ�ساليب املتعاقبة الأمريكية احلكومات ابتكرت حيث باملاليني، جديدة يف جمال الرعاية الجتماعية، وعملت على تطوير اخلدمات

الجتماعية املقدمة ملختلف ال�سرائح والفئات من مواطنيها.

يف الجتماعية الرعاية تنظم التي الق�اعد رابعا: الإ�صالم

التي الهامة القواعد من جمموعة جند الإ�سالمية ال�سريعة ويف تنظم مبداأ الرعاية الجتماعية تتمثل يف ما يلي60:

1. تقدمي امل�ساعدة وت�سمل: اأ. املدين الذي عجز عن �سداد الدين لأ�سباب خارجة عن اإرادته،

فيقوم بيت املال يف هذه احلالة ب�سدادها.

Page 133: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

133 العدد 36 |

ملف العدد

ب. القاتل من غري عمد، فاإن دية القتيل ل يتحملها القاتل وحده، بل يتعاون معه اأهله واأ�سدقاوؤه يف دفعها.

ج. ابن ال�سبيل وهو الغريب عن اأهل البلدة، فيعان على اأمور حياته حتى يرجع اإىل موطنه.

2. ت�سريع امل�ساركة: وذلك يف مو�سم احل�ساد، حيث يقع على عاتق امل�سلم �سرورة اإعطاء جزء من حم�سوله واإنتاجه، قال اهلل تعاىل: "كلوا من ثمره اإذا اأثمر وءاتوا حقه يوم ح�ساده" )النعام: 142(، الزكاة املفرو�سة ابن عبا�س يعني الزكاة املفرو�سة، قال قيل هي يوم يكال ويعلم كيله، وعنه قال: اإن الرجل كان اإذا زرع فكان يوم ح�ساده مل يخرج مما ح�سد �سيئا، فقال اهلل تعاىل: "وءاتوا حقه يوم ح�ساده"، وذلك اأن يعلم ما كيله، وحقه من كل ع�سرة واحد، اأن اهلل عبد بن جابر عن روي وقد �سنبله، من النا�س يلقط وما اأو�سق من "اأمر من كل جاذ ع�سرة و�سلم: النبي، �سلى اهلل عليه

التمر بقنو يعلق يف امل�سجد للم�ساكني61."وقال والثمار، احلب من ال�سدقة "هي الب�سري: احل�سن وقال

اآخرون: هو حق اآخر �سوى الزكاة62."3. ت�سريع املعونة: وهي اإعطاء كل ما ينفع ملن يحتاج اإليه، كاإعطاء املاعون وعدم منعه، قال اهلل تعاىل: "فويل للم�سلني. الذين هم عن املاعون" )املاعون: يراءون ومينعون الذين هم �ساهون. �سالتهم اأو ما يتعاون النا�س بينهم كالإبرة "الزكاة 4-6(، قال الألو�سي:

اأو الق�سعة63."النبي �سلى امل�سافر، فقد قال ال�سيافة: خا�سة �سيافة ت�سريع .4"من كان يوؤمن باهلل واليوم الآخر فليكرم �سيفه اهلل عليه و�سلم: جائزته، قالوا: ما جائزته يا ر�سول اهلل؟ قال: يومه وليلته وال�سيافة

ثالثة اأيام فما كان وراء ذلك فهو �سدقة64."5. الإعفاف: يهدف اإىل �سيانة العفة لدى الذكور والإناث، وعدم تعاىل: اهلل قــال املع�سية، يف والــوقــوع ال�سهوة، وراء الن�سياق "واأنكحوا اليامى منكم وال�ساحلني من عبادكم واإمائكم اإن يكونوا فقراء يغنهم اهلل من ف�سله، واهلل وا�سع عليم" )النور: 32(؛ فالآية له �سواء الذي ل زوجة لها وللرجل التي ل زوج املراأة اأمر بتزويج الزواج اأن الفقهاء قرر وقد ي�سبق، مل اأم زواج منهما لكل �سبق يف الوقوع نف�سه على ويخاف اإليه، حاجة يف كان من على واجب الإ�سالم فاإن الــزواج، نفقات يجد ل كان فقريا اإذا اأما احلــرام،

رغب قريبه املو�سر يف تزويجه.6. ت�سريع الإ�سعاف: حيث اأوجب الإ�سالم على من يعلم بحال اإن�سان يف حالة مر�س �سديد اأو جوع يخ�سى معه هالك ذلك ال�سخ�س اأن

"اأي رجل مات و�سلم: قال �سلى اهلل عليه اإنقاذه، فقد اإىل يبادر �سياعا بني اأغنياء فقد برئت منهم ذمة اهلل ور�سوله65."

7. ت�سريع الإغاثة والطوارئ؛ اأي تكاثف املجتمع جميعه اإزاء الأخطار اإىل امل�سلمني بالد تعر�س حالة يف كما به، حتدق التي اجل�سيمة الغزو من طرف الأعداء قال تعاىل: "انفروا خفافا وثقال وجاهدوا

باأموالكم واأنف�سكم يف �سبيل اهلل" )التوبة: 41(.8. التعوي�س العائلي: ويت�سمن هذا املبداأ �سرورة اإعطاء امل�ساعدات ملن هم يف حاجة اإليها، مع مراعاة اإعطاء الأولوية ملن هم يف احتياج اأكر، فال ياأخذ الأعزب الذي ل يعول اأبناء، كالذي ي�ستحقه املتزوج

الذي يعول اأولدا.

خام�صا: اأق�صام الرعاية الجتماعيةالجتماعية الرعاية بها مرت التي الكربى التطورات خالل من

ميكن اأن منيز بني مفهومني اأ�سا�سيني: بع�س على تقت�سر موؤقت وظيفي كمفهوم الجتماعية الرعاية الأفراد الذين ل ي�ستطيعون ك�سب العي�س والعتماد على النف�س يف

توفري ما يلزمهم.املجتمع تنمية تهدف دائمة وظيفة اأو كمهنة الجتماعية الرعاية يتجاوز املفهوم وهــذا ورفاهيته، وتنميته ا�ستقراره على والعمل وبح�سب خا�سة، فــرتات يف واملحتاجني الفقراء م�ساعدة حــدود متنوعة، اجتماعية خدمات تقدمي اإىل ذلــك، يف الذاتية الرغبة اأدوارهم الإنتاجية، اأداء تهدف تنمية ورفع قدرات املواطنني على العي�س من م�ستوى اإىل بهم والو�سول لهم، الأف�سل الغد وتاأمني

الرغيد.ثالث اإىل الثاين مبفهومها الجتماعية الرعاية تق�سيم وميكن

جمالت وظيفية هي:الأمن الجتماعي، الهدف منها حتقيق الإمدادات الجتماعية: اأ. كامل�ساعدات وذلـــك املجتمع، يف للنا�س الجتماعية والــعــدالــة بع�س الطبي، والعالج والإ�سكان الجتماعية، والتاأمينات العامة، مثل اإمنائي وبع�سها العامة، امل�ساعدات مثل موؤقت، الأنــواع هذه

التاأمينات الجتماعية.والأعمال الن�ساطات من جمموعة هي الجتماعية: اخلدمات ب. التي تكمل اأو ت�ساند الأنظمة املعنية بالتن�سئة وال�سبط الجتماعي، اأو حتل حملها، خا�سة تلك التي ت�ستهدف الأ�سرة واملجال الرتبوي.

داخل واملوؤ�س�سات النظم تغيري وي�ستهدف الجتماعي: العمل ج. م�ساركة خــالل من ذلــك ويتم ــه، ذات املجتمع تغيري اأو املجتمع،

Page 134: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 13436

ملف العدد

هذا اإىل للو�سول املنظمة اجلهود يف املوظفني الهدف.

الجتماعية الرعاية تت�سمنها التي املجالت اأما �سبيل على بع�سها نذكر اأن ميكن كثرية، فهي

املثال ل احل�سر:ـ تقومي النحرافات ال�سلوكية؛

ـ التاأمينات الجتماعية؛ـ اليد العاملة واإعادة تكوينها؛

ـ حماية البيئة وحماية ال�سكان؛املادية، امل�ساعدات وت�سمل العامة امل�ساعدات ـ

خا�سة تلك التي ت�ستهدف الفئات الفقرية؛وال�سحة الــطــبــي، والــعــالج الــعــامــة ال�سحة ـ النف�سية، والتكوين املهني والتاأهيل املهني ورعاية

الطفل والأ�سرة، وتقومي ال�سلوكات املنحرفة؛ـ اخلدمات الرتويحية، و�سغل اأوقات الفراغ؛

ـ تنظيم املجتمع والتخطيط؛ـ اخلدمات التعليمية.

الرعاية حتقيق �صبيل ال��دي��ن �صاد�صا: الجتماعية

النا�س، حياة يف الدين �سرورة القيم ابن يبني بني وامل�ساواة العدالة حتقيق اإىل ال�سبيل ــه واأناإىل النا�س "حاجة اهلل: رحــمــه يــقــول الــنــا�ــس، �سيء، كل اإىل حاجتهم فــوق �سرورية ال�سريعة ول ن�سبة حلاجتهم اإىل علم الطب اإليها؛ لأن اأكر

النا�س يعي�سون بغري الطب66."اهلل عبادة بني يربط الذي هو ال�سحيح والدين ع�سيانه وبني للنا�س، اخلري حب وبني وطاعته يعي�سوا اأن ينبغي به فاملت�سبثون النا�س، واإ�سرار والرحمة، والعدل الإخــاء بينهم وي�سود باحلب،

ويبتعدون عن الظلم والطغيان والكرب..فالدين كما بينه الدكتور �سوقي اأبو خليل: "برنامج اإلهي لتحقيق اأو�سع معاين ال�سعادة يف الإن�سان يف دنياه قبل اآخرته، يف نف�سه وج�سده، يف �سناعته تقاليد الدين لي�س وعامله، وطنه يف زراعــتــه، و وحركات ومتتمات، فمثل هذا الدين دين ميت كما

ج�سد حركات تدينهم اليوم، امل�سلمني حال هي لي�س معها ح�س روحي، وحركات ل�سان لي�س معها ح�س عقلي وفكري... حركات ج�سد ول�سان ت�سدر

من جمود وموت67."وبهذا الفهم ال�سحيح للدين ت�سلح الدنيا وتنتظم اإل مبا �سلح الأمة اآخر هذه ي�سلح ولن اأمورها، نقيا، �سافيا الدين بهذا التم�سك وهو اأولها، به معترب الدنيا "�سالح اأن: املــــاوردي ن�س فقد جملتها، اأمــور به ينتظم ما اأولهما: وجهني: من اأهلها، من واحــد كل حال به ي�سلح ما والثاين: ب�ساحبه؛ اإل لأحدهما �سالح ل �سيئان فهما واختالل الدنيا ف�ساد مع حاله �سلحت من لأن اأمورها، لن يعدم اأن يتعدى اإليه ف�سادها، ويقدح فيه اختاللها؛ لأنه منها ي�ستمد، ولها ي�ستعد، ومن اأمورها، وانتظام الدنيا مع �سالح ف�سدت حاله، اأثرا؛ لأن مل يجد ب�سالحها لذة، ول ل�ستقامتها

الإن�سان دنيا نف�سه68."ومما ميكن اأن يعرف به الدين اأنه: "نظرة معينة على يقوم حمــددا نظاما يعني وهو احلياة، اإىل

اأ�سا�س تلك النظرة املعينة اإىل احلياة69." الأفراد �سلوك وتهذيب .." �سابق: ال�سيد يقول اأعظم من اأ�سلوب هو العقيدة غر�س طريق عن �سلطانا للدين اإن حيث الــرتبــويــة، الأ�ــســالــيــب امل�ساعر على ــاأثــريا وت والــنــفــو�ــس، القلوب على وتاأثريه �سلطانه يف يدانيه يكاد ول والأحا�سي�س، العلماء، ابتكرها التي الو�سائل من اآخــر �سيء يف العقيدة فغر�س الرتبية. ورجــال واحلكماء، النفو�س، هو اأمثل طريقة لإيجاد عنا�سر �ساحلة ت�ستطيع اأن تقوم بدورها كامال يف احلياة، وت�سهم واأر�سد، اأنفع هو مبا تزويدها يف كبري بن�سيب احلياة على ي�سفي الرتبية مــن الــلــون هــذا اإن املحبة بــظــالل ويظلها والــكــمــال، اجلــمــال ــوب ث

وال�سالم70."اأتباعه اإقامة الدين يف مثل فالإ�سالم يطلب من به و�سى ما الدين من لكم "�سرع تعاىل: قوله اإبراهيم به و�سينا وما اإليك اأوحينا والذي نوحا

الرعاية االجتماعية تحيل إلى تلك

العمليات والجهود التي تهدف إلى إسعاد اإلنسان وتحسين أحواله

المعيشية..

Page 135: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

135 العدد 36 |

ملف العدد

ومو�سي وعي�سى اأن اقيموا الدين ول تتفرقوا فيه" )ال�سورى: 11(71.

قال علي بن اأبي طالب ر�سي اهلل عنه: "ل تتفرقوا فاإقامة عذاب72"؛ والفرقة رحمة فاجلماعة الدين دون التفرق فيه هدف جامع ودائم، التقت الدعوات عليه وتلتقي الأنــبــيــاء، ر�ــســالت عليه واإقامة ر�سالتهم. يف تخلفهم التي الإ�سالحية يعني ال�سابقة، الآيــة به يف اهلل اأمر الذي الدين وقوانينه، ونظمه وعبادته واأخالقه اأركانه اإقامة داخل اإليه، اأر�سد اأو عليه دل اأو به جاء ما فكل فيما جتب اإقامته من الدين، وذلك على امل�ستويات

الفردية واجلماعية وجوانب احلياة كلها. ويف ختام هذا البحث لبد من الرتكيز على بع�س

النتائج واخلال�سات، اأوجزها فيما يلي:ال�سامل: مفهومها يف الجتماعية الرعاية اأن .1الدولة طــرف مــن منظمة عمليات "جمموع املجتمع، يف اأ�سا�سية وظيفة تــوؤدي واجلمعيات، لفئات اجتماعية وخــدمــات برامج على ت�ستمل امل�سكالت حل اإىل تهدف املجتمع، من متنوعة

التي تعرت�س الأفراد واجلماعات".2. اأن هناك نوعني من الرعاية الجتماعية:

تقدم املوؤ�س�سية: غــري الجتماعية الــرعــايــة اأ. غري من املحلي جمتمعهم يف وهم للم�ستفيدين اإىل وتهدف موؤ�س�سات، يف اإيوائهم اإىل احلاجة من الرفع اأو م�سكالتهم حلل الأفـــراد م�ساعدة

م�ستواهم.املوؤ�س�سية: هي منط من الجتماعية الرعاية ب. تديرها وموؤ�س�سات دور خالل من تقدم الرعاية جمعيات، تديرها اأو عليها، ت�سرف اأو الــدولــة، اأ�سر، لهم لي�س اأفــراد الرعاية هذه من ي�ستفيد وتت�سف رعايتهم، على ــادرة ق غري اأ�سرهم اأو ت�سمل ما وعادة اإيوائية، باأنها املوؤ�س�سية الرعاية اخلدمات مثل اخلــدمــات، مــن عــديــدة اأنـــواعـــا حماولة يف والرتفيهية، وال�سحية الجتماعية بعدهم عن نتيجة افتقدوه عما الأفــراد لتعوي�س

اأ�سرهم الطبيعية. 3. ميكن اأن منيز بني مفهومني اأ�سا�سيني للرعاية

الجتماعية:موؤقت، وظيفي كمفهوم الجتماعية الرعاية اأ. ي�ستطيعون ل الذين الأفــراد بع�س على تقت�سر ما توفري يف النف�س على والعتماد العي�س ك�سب

يلزمهم.اأو وظيفة دائمة، ب. الرعاية الجتماعية كمهنة ا�ستقراره والعمل على تنمية املجتمع، اإىل تهدف م�ساعدة حدود يتجاوز املفهوم وهذا ورفاهيته، وبح�سب خا�سة، فــرتات يف واملحتاجني الفقراء تــقــدمي خدمات اإىل ذلـــك، الــذاتــيــة يف الــرغــبــة اجتماعية متنوعة، تهدف اإىل تنمية ورفع قدرات وتاأمني الإنتاجية، اأدوارهــم اأداء على املواطنني الغد الأف�سل لهم، والو�سول بهم اإىل م�ستوى من

العي�س الكرمي.الجتماعية الرعاية يوؤدي باأن امل�سلم مطالب اأن الأخوة وواجــب الإميــان، مقت�سيات من انطالقا

الدينية..مقوماتها الإ�سالم الجتماعية يف للرعاية اأن .4الفكرية املنظومات يف الرعاية عن متيزها التي وركائز متينة، اأ�س�س على تقوم فهي الأخـــرى، قوية، م�ستمدة من القراآن الكرمي، وال�سنة النبوية ال�سريفة، وتتميز بخ�سائ�س معينة، هي جزء من خ�سائ�س ومــن لالإ�سالم، العامة اخل�سائ�س لالإ�سالم الكلية الفكرة لأن الإ�سالمي؛ الت�سور عما تختلف والإن�سان واحلياة والكون اهلل عن اأن كما ـــرى، الأخ والفل�سفات ـــان الأدي يف عــداه لكل حق هي الدين هذا يف الجتماعية الرعاية

فرد يف املجتمع ب�سوابط �سرعية حمددة.على الإ�ــســالم يف الجتماعية الرعاية تقوم .5اأن ميكن التي والــركــائــز الأ�س�س مــن جمموعة وال�سنة الكرمي الــقــراآن ن�سو�س من ن�ستنبطها النبوية ال�سريفة، بل اإن من هذه الأ�س�س ما هو من املرء اإ�سالم وح�سن وكماله، الإميــان مقت�سيات

كل رسول من رسل اهلل الكرام،

دعا قومه إلى إصالح أحوالهم االجتماعية، ولم تنفصل دعوته

عن مشكالتهم اليومية..

Page 136: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 13636

ملف العدد

و�سدقه مع اهلل تعاىل.تتميز الإ�ــســالم يف الجتماعية الرعاية اأن .6هذه باأ�سا�س يتعلق ما منها عديدة، بخ�سائ�س القراآن من م�سروعيتها ت�ستمد حيث الرعاية، من تتميز كما ال�سريفة، النبوية وال�سنة الكرمي، حيث نطاقها اإذ اأنها رعاية �ساملة، ت�سمل الإن�سان واحليوان بل والنبات اأي�سا، ومن اأهم ما مييزها وعلى الــدولــة تقدمه ما على تقوم اأنها كذلك،

اجلهود التطوعية لالأفراد واجلماعات.7. من اأهم ال�سفات التي متيز الرعاية الجتماعية خا�سة الأحــيــاء، لكل �ساملة كونها الإ�ــســالم، يف وكذا مراحله، جميع ويف حالته كل يف الإن�سان اأنها رعاية احليوانات والنبات، ومن خ�سائ�سها

اجتماعية اإلزامية وتطوعية.يف الجتماعية الــرعــايــة مــرتــكــزات مــن اأن .8الكتاب بها جاء التي ال�سرعية الأوامر الإ�سالم،

الكرمي وال�سنة النبوية ال�سريفة.يف الجتماعية للرعاية الــعــام الــهــدف اأن .9فيما املفا�سد ودرء امل�سالح جلب هو الإ�ــســالم،

يتعلق ب�سوؤون النا�س يف عالقاتهم الجتماعية.هدفها حتقق لكي الجتماعية الرعاية اأن .10

النظم تقوم مع غريها من اأن اإليه، يجب امل�سار واأن ال�سروريات اخلم�س، بوظائف احلفاظ على تعمل على الرتقاء من رتبة ال�سروريات اإىل رتبة بعمليات تقوم وبذلك فالتح�سينيات، احلاجيات

التنمية الجتماعية يف ذات الوقت.11. اأنه ل ميكن الف�سل بني الرعاية الجتماعية

املنظور يف كمفهومني الجــتــمــاعــيــة والــتــنــمــيــة ــل الذي الإ�ــســالمــي؛ لأنــهــمــا يــتــداخــالن، والأ�ــسالإ�سالمية ال�سريعة يجمعهما هو حتقيق مقا�سد الدين، هي التي اخلم�س ال�سروريات حفظ يف برامج اأن ذلك واملال، والن�سل والعقل، والنف�س، هذه اأركان اإقامة على تعمل الجتماعية الرعاية بالدور وتــقــوم قــواعــدهــا، وتثبيت الــ�ــســروريــات تقوم بينما الواقع فيها، العالجي بدرء الختالل

برامج التنمية الجتماعية بالدور التنموي الوقائي يف حفظ هذه ال�سروريات.

للرعاية املــوجــهــة الــعــامــة ــادئ املــب مــن اأن .12

الهتمام ين�سب اأن ــالم ــس الإ� يف الجتماعية الجتماعية الرعاية برامج تخطيط يف الرئي�سي وح�سن الب�سرية، للموارد اجليد ال�ستثمار على ــادرة املــب ت�سجيع عــلــى الــرتكــيــز مــع توظيفها،

والعتماد على النف�س لدى الأفراد.13. اأن احلاجة الكبرية اإىل تقوية دور املنظمات

والهيئات احلكومية وغــري احلكومية التطوعية اخلا�سة، وت�سجيع جهود النا�س اأنف�سهم للم�ساهمة

يف تدعيم اخلدمات الجتماعية والتنمية.والوطنية، املحلية اجلهود تقوية ميكن اأنــه .14

الرعاية وحت�سني الجتماعي، التقدم لت�سجيع الجتماعية عن طريق التعاون الإقليمي، وت�سجيع التعاون بني املنظمات احلكومية وغري احلكومية،

واجلماعات ذات الهتمامات الجتماعية.الإ�ـــســـالم يف الجــتــمــاعــيــة الـــرعـــايـــة اأن .15

واملجتمع، الــفــرد بــني العالقة تاأكيد على تقوم العتبار يف وتاأخذ بينهما، املتبادلة واللتزامات اأن اأ�سا�س على لالإن�سان الجتماعية الطبيعة من �سبكة خالل من تتم باملجتمع الفرد عالقة فالقرابة بالأ�سرة تبداأ الجتماعية، العالقات الرعاية التزامات فاإن لذلك فاملجتمع، فاجلوار التزامات مع تتجاوب الإ�ــســالم يف الجتماعية

العالقات الجتماعية التي تربط بني النا�س.16. اأن من الق�سايا املهمة يف الرعاية الجتماعية

اإيجاد التوازن بني العتمادية يف وقتنا احلا�سر، للمواطن، امل�ساعدة تقدمي اأي بني وال�ستقاللية؛ امل�ساعدة، تلك على لديه العتمادية خلق وعدم وقد نبه الإ�سالم اإىل ذلك وحث على العتماد على

النف�س، وعدم امل�ساألة، وال�سعي يف طلب الرزق.

ازداد تطور الرعاية االجتماعية بظهور األديان، التي جاءت لتنمية

جانب الخير في اإلنسان، وحثه على

التكامل والتآلف والتكافل..

Page 137: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

137 العدد 36 |

ملف العدد

ق�سد، مادة ،327/1 الفكر، دار بريوت: ج1، املحيط، القامو�س اأبــادي، الفريوز .1معجم مقايي�س اللغة، 95/5، امل�سباح املنري 691/2.

2. ابن منظور، ل�سان العرب مادة ق�سد، ج3 بريوت: دار �سادر، 1956، �س353،3. القامو�س املحيط، م، �س، �س320.

4. ل�سان العرب، م، �س، �س354.

5. ل�سان العرب، م، �س، 175/8.�سادر، دار بــريوت: والعلوم الفنون م�سطلحات ك�ساف التهانوي، علي بن حممد .6

.759/27. وهبة الزحيلي، كتاب الأمة، �س70.

8. ال�ساطبي، املوافقات، ج2، لبنان: دار املعرفة للطباعة والن�سر، �س6.9. املوافقات، م، �س، 2ج �س4.

10. العز بن عبد ال�سالم، قواعد الأحكام:ج1 بريوت: دار الكتب العلمية، لبنان، �س8. 11. الطاهر بن عا�سور، مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية ن�سر مكتبة ال�ستقامة تون�س ط1،

املطبعة الفنية-تون�س، 1366ه، �س50.12. املوافقات، م، �س، 168/2.

13. تكرر هذا املعنى كثريا يف القراآن الكرمي على ل�سان الأنبياء خطابا لأقوامهم، من ،61 ،50 85، والآيــات من �سورة هود ،73 ،65 ذلك الآيــات من �سورة الأعــراف

.8414. ف�سل املقال يف تقرير ما بني ال�سريعة واحلكمة من الت�سال، �س115.

15. ابن ر�سد احلفيد، بداية املجتهد ج 2 �س35.16. القا�سي عيا�س، ترتيب املدارك 93/1.

،"447/2" احلنابلة طبقات ذيل 17. انظر يف ترجمته: �سذرات الذهب "168/6"، 143/2" الطالع بغية الوعاة "62/1"،البلد

18. اإعالم املوقعني حتقيق حميي الدين عبد احلميد، ط 2، 15-14/3. ،"252/2" املذهب والديباجي�س ،"141/4" الذهب انظر ترجمته يف: �سذرات .19

وفيات الأعيان" 422/3" 20. اإعالم املوقعني، م، �س.

21. اأحكام القراآن: 1806/4.22. العز بن عبد ال�سالم، �سجرة املعارف والأحوال، �س401.

23. ا نظر ترجمته يف: الديباج املذهب 236/1، املنهل ال�سايف415/1.24. القرايف، �سرح تنقيح الأ�سول، �س427.

ذيل ،45/1 للداودي املف�سرين طبقات ،63/1 ال�ساطع البدر يف ترجمه انظر .25طبقات احلنابلة، 387/2.

26. الفتاوي الكربى، 48/20، ال�سيا�سة ال�سرعية، �س47.27. مذاهب احلكام، �س90، وبداية املجتهد، 335/2.

28. عالل الفا�سي، مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية ومكارمها، �س3.29. اأحمد الري�سوين، نظرية املقا�سد عند الإمام ال�ساطبي، �س7.

30. �سوابط امل�سلحة، �س45.31. للطاهر بن عا�سور، مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية، م، �س، �س154

32. املرجع نف�سه.33. ال�سنة م�سدر للمعرفة واحل�سارة، �س232

34. املوافقات، م، �س، �س46335. املرجع نف�سه، �س467.

املقا�سدي الجتهاد ،65 عدد الأمــة، كتاب مقدمة من ح�سنة عبيد عمر انظر: .36حجيته.. �سوابطه.. جمالته، ج1، �س39.

37. نظرية املقا�سد عند الإمام ال�ساطبي، م، �س، �س324.38. مقدمة كتاب "الجتهاد املقا�سدي، م، �س، �س23-22

دار القاهرة: واحل�سارة، للمعرفة م�سدرا ال�سنة القر�ساوي، يو�سف انظر، .39ال�سروق، ط2، )1418ه/1998م(، �س230.

40. الجتهاد املقا�سدي حجيته.. �سوابطه.. جمالته، م، �س، �س39.41. املرجع نف�سه.

42. انظر: ابن منظور، ل�سان العرب بريوت: دار �سادر، 1968، 517/2 ط6، 1997م،

القامو�س املحيط، ف�سل ال�ساد باب اجليم، ج1 دار اجليل، �س243.الو�سيط املعجم ،243/1 املحيط، القامو�س ،277/1 املنري امل�سباح انظر: .43

.522/144. انظر: اأبو حامد الغزايل، امل�ست�سفى من علم الأ�سول، ط1، 1322ه، طبع يف بولق

وبهام�سه: فواحت الرحموت �سرح م�سلم الثبوت، 286/1.45. ل�سان العرب، م، �س، مادة رعى، ال�سحاح، باب الياء ف�سل الراء، املعجم الو�سيط،

مادة رعى.دار بــريوت: رعي، ج4، مادة الياء، باب الــراء، ف�سل �س، م، املحيط، القامو�س .46

املعرفة، لبنان، �س335.47. انظر: ال�سابوين، �سفوة التفا�سري، ج1، ط دار الفكر، 1976، �س85.

48. املرجع نف�سه، ج 1، �س28049. البحر املحيط، م، �س، ج3 �س 264.

50. املرجع نف�سه، ج6 �س397.ط1، ــريوت، ب العلمية، النور مكتبة العظيم، الــقــراآن تف�سري كثري، ابــن انظر: .51

)1412ه/1992م(، ج4، �س316.52 املعجم الو�سيط، مادة جمع.

على مبا�سر تاأثري له كان و�سيا�ساتها، الجتماعية الرعاية مفاهيم الختالف يف .53كيفية اإدارة براجمها يف خمتلف الدول، فاأحيانا يطلق عليها الرعاية الجتماعية، اأو التاأمينات الجتماعية، اأو اأو ال�سمان الجتماعي، ال�سوؤون الجتماعية، واأحيانا

الإنعا�س الجتماعي، اأو الرفاهية الجتماعية، اأو ال�سوؤون الأ�سرية.54. اخلدمة الجتماعية والتغيري الجتماعي، ط2، عامل الكتب،1978، �س7.

،1990 طبعة املعا�سرة، الجتماعية اخلــدمــة الــعــال، عبد ر�سا احلليم عبد .55�س165.

56. توطني ال�سناعة والرفاهية القت�سادية والجتماعية، طبعة 1965.57. الرعاية الجتماعية للمعوقني، القاهرة: مكتبة الأجنلو امل�سرية، 1969، �س5.

58.النظام الجتماعي يف الإ�سالم، م، �س، �س8.59. الطاهر بن عا�سور، اأ�سول النظام الجتماعي يف الإ�سالم، م، �س، �س 9.

الإ�سالمي، ج1 املجتمع الجتماعية يف مناهج اخلدمة اأحمد، كمال اأحمد انظر: .60�س35.

61. رواه اأحمد واأبو داود باإ�سناد جيد. 62. انظر تف�سري القراآن العظيم لبن كثري، ج2، �س173.

63. الألو�سي، روح املعاين، ج30 �س242.64. �سحيح البخاري، لالإمام احلافظ اأبي عبد اهلل حممد بن اإ�سماعيل البخاري، )تويف الع�سرية، املكتبة الآخر، واليوم باهلل يوؤمن كان من باب الأدب، كتاب 256ه(، قطب، علي حممد ال�سيخ وفهر�سة و�سبط مراجعة 1997م، �سنة ط1، بــريوت،

وال�سيخ ه�سام البخاري، حديث رقم 6135.65. �سحيح البخاري، كتاب الفرائ�س، باب اإثم من ترباأ من مواليه، ج4 �س 2110.

66. انظر: ابن القيم، مفتاح دار ال�سعادة، طبعة حممد علي �سبيح، 2/2. ،1971 ط1، والتوزيع، والن�سر للطباعة الر�سيد دار التهام، قف�س يف الإ�سالم .67

�س324.68. املاوردي، اأدب الدنيا والدين �س110-109.

69. وحيد الدين خان، الدين يف مواجهة العلم،، دار العت�سام، �س62.)1402ه ط2، لبنان، الفكر، دار بــريوت: الإ�سالمية، العقائد �سابق، ال�سيد .70

/1982م(.71. �سرع لكم.. بني و�سن لكم طريقا، ما و�سى به: ما اأمر به واألزم، واأقيموا الدين: دين التوحيد وهو الإ�سالم )انظر كلمات القراآن ملخلوف(، ول تتفرقوا فيه: ول تختلفوا

يف الدين.72. انظر: تف�سري الن�سفي، طبعة دار الفكر، ج4، د. ت، �س102.

�شامهو ال

Page 138: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 13836

ملف العدد

مقاصد العمران: مقاربة فلسفية-تاريخية

د. جمال باميباحث يف التاريخ والأنرثبولوجيا

بع�س على الإجــابــة الــدرا�ــســة هــذه الب�سري بالعمران املتعلقة الأ�سئلة والجتماع الإن�ساين يف عالقتهما بالثقافة والدين؛ وال�سوؤال املركزي هو كيف ميكن املرور من الدين الدينية الأفــكــار تتحول كيف اأو التمدين، اإىل الكلمات ربط يتم كيف اأو عمرانية، اإىل خربات

بالأ�سياء يف العملية العمرانية؟ اإن حماولة الإجابة ت�ستدعي يف بادئ الأمر حتديدا مع ين�سجم مبا الب�سري العمران ملفهوم فل�سفيا العالئق لكافة وا�ستبطانه املفهوم، هذا �سمولية التي ين�سجها الإن�سان مع املحيط احليوي من اأجل اإنتاج الثقافة وحتقيق الجتماع الب�سري، ذلك اأن كثريا من الأمثلة التطبيقية تربز الرتابط اجلديل بني الفكر والعمران مبنطق عملي. هذا ي�ستدعي

منظور من العمرانية امل�ساألة يف النظري التعمق العمرانية املفا�سل وتتبع مقا�سدي، فل�سفي فل�سفة مبنطق الإ�سالمية احل�سارة يف الكربى التاريخ، و�سول اإىل ربط الأفكار بالنتاج العمراين اأجل البحث عن طبائع العمران وفهم جدليا من م�سكالته ومنطقه، وا�ست�سراف الآفاق امل�ستقبلية

يف العملية العمرانية وفق فل�سفة ال�ستخالف.

فل�صفي م��ن��ظ���ر م���ن ال���ع���م���ران اأول: ومقا�صدي

اإن العمران الب�سري باملعني الفل�سفي املقا�سدي ينبني على مرتكزين: "فهو، من جهة، عبارة عن طريق اإىل الو�سول تق�سد عامة ومبادئ قوانني ال�سدق وال�سواب يف نقل الوقائع والوثائق واأخبار

تروم

Page 139: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

139 العدد 36 |

ملف العدد

دافعة منها مقا�سد ا�ستخال�س ثــم املــا�ــســي، والإن�ساين؛ الجتماعي البناء يف التجديد اإىل والعمران من جهة اأخرى هو الجتماع ال�سروري بقولهم: الفال�سفة عنه يعرب الـــذي لــالإنــ�ــســان "الإن�سان مدين بالطبع"؛ اأي لبد له من الجتماع الذي هو املدنية يف ا�صطالحهم، وهو ما ركب املعا�س على التعاون من وجبلتهم طباعهم يف وال�سري يف الأر�س، وت�سييد املرافق الدينية واملدنية عبد ذلك بني وقد ال�ستخالف. مبهمة يليق مبا "اهلل "املقدمة" بقوله: ابن خلدون يف الرحمن الإن�سان وركبه على �سورة ل ي�سح �سبحانه خلق التما�سه اإىل وهداه بالغذاء، اإل وبقاوؤها حياتها بفطرته، ومبا ركب فيه من القدرة على حت�سيله. اإل اأن قدرة الواحد من الب�سر قا�سرة عن حت�سيل حاجته من ذلك الغذاء، غري موفية له مبادة حياته منه. ولو فر�سنا منه اأقل ما ميكن فر�سه وهو قوت يوم من احلنطة، مثال، فال يح�سل اإل بعالج كثري من الطحن والعجن والطبخ. وكل واحد من هذه تتم ل واآلت مواعني اإىل يحتاج الثالثة الأعمال اإل ب�سناعات متعددة من حداد وجنار وفاخوري. هب اأنه ياأكله حبا من غري عالج، فهو اأي�سا يحتاج يف حت�سيله حبا اإىل اأعمال اأخرى اأكر من هذه، يخرج ــذي ال ــدرا�ــس وال واحل�ساد الــزراعــة مــن من واحد كل ويحتاج ال�سنبل. غالف من احلب من اأكــر كثرية و�سنائع متعددة اآلت اإىل هــذه اأو كله بذلك تــويف اأن وي�ستحيل بكثري. الأوىل القدر اجتماع من فالبد الواحد، قــدرة ببع�سه ولهم، له القوت ليح�سل اأبناء جن�سه الكثري من فيح�سل بالتعاون قدر الكفاية من احلاجة لأكر منهم واحــد كل يحتاج وكذلك باأ�سعاف، منهم باأبناء ال�ستعانة اإىل نف�سه عن الدفاع يف اأي�سا

جن�سه"..الدنيا "اأدب كــتــابــه يف املـــــــاوردي ويــحــدثــنــا العمرانية، العملية يف النظر منهج والدين" عن و�سالحها الأر�ــس عمارة على القيام وعنا�سر الدنيا اأمور يف النظر مقت�سى "لأن واإ�سالحها؛

�سرت فالواجب وعمرانها ، تنميتها اأحوال مراعاة اأحوالها ، والك�سف عن جهة انتظامها واختاللها ، عمرانها ومواد وف�سادها �سالحها اأ�سباب لنعلم وخرابها ، لتنتفي عن اأهلها �سبه احلرية ، وتتجلي لهم اأ�سباب اخلرية ، فيق�سدوا الأمور من اأبوابها، اإننا واأ�سبابها ".. قواعدها �سالح على ويعتمدوا �سوب تتحرك للعمران �ساملة روؤيـــة اإزاء هنا الدوائر املتعددة بدءا بعمران الإن�سان الفرد، حتى "اأدب يف املــاوردي يقول الكونية . العمارة ت�سمل الدنيا ت�سلح به ما اأن "فاعلم والدين": الدنيا ملتئمة، واأمورها منتظمة ، اأحوالها ت�سري حتى اأ�سياء هي قواعدها واإن تفرعت ، وهي : دين �ستة عام، واأمــن �سامل، وعدل قاهر، و�سلطان متبع، وخ�سب دائم، واأمل ف�سيح، واأما ما ي�سلح به حال اأمره قواعد هي اأ�سياء ، فثالثة ويرقى: الإن�سان ونظام حاله ، وهي نف�س مطيعة اإىل ر�سدها منتهية عن غيها ، واألفة جامعة ، ومادة كافية ت�سكن نف�س

الإن�سان اإليها وي�ستقيم اأوده بها .. ".والتعمري ب�سكل عام "بناء يعمر به مكان ويح�سن ون�سج الأهـــايل وعمل الفالحة بوا�سطة حاله العمران اإىل النظر ينبغي ول والتمدن، الأعمال الب�سري باعتباره مقت�سرا على فن البناء باأمناطه يعني بل واملحدثة، املوروثة وهند�سته واأ�سكاله ال�ستخالف باأعباء القيام الإ�سالمي باملفهوم يتمثل وبــذلــك الــكــونــيــة، الإ�ــســالم فل�سفة وفــق الن�ساط الب�سري يف كل املجالت املادية والفكرية يرادف التعمري ومدلول ال�سواء؛ على والثقافية

مدلول احل�سارة ب�سفة عامة1"...مبنطق بالعمران، الجتهادية العملية وترتبط اأ�سل يف الجــتــهــاديــة العملية اأن ــك ذل جـــديل؛ مق�سودها تتجه �سوب "امل�سلحة"، و" الإ�سالح" ، عنا�سر اإىل حتريكها ميكن ل فــاإنــه ثــم ومــن لتقوي�س مف�س "خلل" اأو "ف�ساد " اأو "طغيان" الكفيل العمراين الجتهاد وهو العمران. اأ�سل املدر�سة العمرانية : املدر�سة تاأ�سي�س يوا�سل باأن تعاملها يف العمراين املعريف النظام تتبنى التي

ترتبط العملية االجتهادية

بالعمران، بمنطق جدلي؛ ألن أصل مقصودها يتجه صوب "المصلحة"،

و" اإلصالح" ..

Page 140: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 14036

ملف العدد

والثقافة بالجتماع املتعلقة الق�سايا جممل مع واحل�سارة ، و�ستفرز هذه املدر�سة ل حمالة اأجندة يجري الأهمية ، بالغة علمية واهتمامات بحثية اإغفالها اأو تهمي�سها على اأجندة البحث املعا�سر.. اإن الجتهاد العمراين والتجديد العمراين عمليتان ح�ساريتان تنزلن مفاهيم املدر�سة العمرانية يف �سكل خربات عمرانية كونية . واجلدير بالذكر اأن الجتهاد هنا يكت�سي طابع المتداد، وهو ي�سري يف الإن�سان، اأفق اإىل الكون اأفق من املتعدد ، الأفــق الجتهاد و التاريخ . اأفــق اإىل املجتمع ، اأفــق اإىل للعملية املكونة العنا�سر كل جامع هو املقا�سدي احليوية عنا�سر لها تــوفــر بحيث العمرانية ؛ والفاعلية ، ويف�سي املق�سود يف نهاية املطاف اإىل الرعاية واحلفاظ واحلماية وال�ست�سراف ...2."

بعد املاوردي، �سيحاول عبد الرحمن ابن خلدون الرتقاء بالتاريخ اإىل م�ستوى العلم والنظر العقلي، النظري، التاريخ اإىل العملي التاريخ متجاوزا ذلك اأن حقيقة التاريخ عند ابن خلدون اأنه خرب العامل، عمران هو الذي الإن�ساين الجتماع عن �سريف الــفــوائــد جــم بكونه اخلــرب هــذا ويتميز يف الأمم من املا�سني "اأحوال على يوقف الغاية دولهم يف وامللوك �سريهم يف والأنبياء اأخالقهم ملن ذلك يف القتداء فائدة تتم حتى و�سيا�ستهم اإىل فهو حمتاج والدنيا، الدين اأحــوال يرومه يف ماآخذ متعددة ومعارف متنوعة وح�سن نظر وتثبت عن به وينكبان احلــق اإىل ب�ساحبهما يف�سيان فيها اعتمد اإذا الأخــبــار لأن واملغالط؛ املــزلت م اأ�سول العادة وقواعد ك على جمرد النقل ومل حتال�سيا�سة وطبيعة العمران والأحوال من الجتماع الإن�ساين ول قي�س الغائب منها بال�ساهد واحلا�سر ومزلة العثور من فيها يوؤمن مل فرمبا بالذاهب

القدم واحليد عن جادة ال�سدق.. احلياة يف الــتــاريــخ باأهمية العملي الــوعــي اإن املعرفة مـــن مــهــمــا ـــا جـــزء الجــتــمــاعــيــة ميــثــل اأما اجلانب التاريخية، لكنه جزء ظاهري فقط، وحتقيق "نظر التاريخ اأن يف فيتمثل "اخلفي"

بكيفيات وعلم دقيق ومبادئها للكائنات وتعليل يف اأ�سيل لذلك فهو عميق، واأ�سبابها الوقائع احلكمة عريق وجدير باأن يعد يف علومها خليق".

وعلم والتعليل والتحقيق النظر مفاهيم وتوؤ�س�س يخرج ت�سوريا جهازا واأ�سبابها، الوقائع كيفيات كونه اإىل املا�سي يف خرب هو حيث من التاريخ ظاهرة للبحث والتحليل وال�ستنباط، وبهذا يكون التاريخ جتاوزا للتاريخ؛ جتاوزا يوؤكد انتماء التاريخ لعلوم احلكمة وما تقت�سيه من اإعمال عميق لعقل ر جتريبي ينتج عنه بال�سرورة عقل م�سلحي يقدالعمران دورة يف وامل�سار املنافع قــوانــني بعلم الب�سري الدائمة من ن�سوء ومنو وانحطاط واندثار. بتحولت وعــي هــو خــلــدون ابــن ــخ عند ــاري ــت والالعمران الب�سري �سمن جدل عقل م�سلحي مييز واحلاجي ال�سروري بني العمرانية العملية يف التاريخي البحث يرتبط لذلك، والتح�سيني،تبعا يتجاوز الذي املقا�سدي باملنهج ابن خلدون عند النظر يف ظاهر ال�سريعة لينفذ اإىل باطنها..3"؛ مــقــا�ــســديــا يف ابـــن خــلــدون منهجا وقـــد طــبــق املقا�سد اإعــمــال على وحر�س للتاريخ، تف�سريه املقدمة، يف اأوردهــا التي التطبيقية النماذج يف املقا�سد لأهمية العميق اإدراكـــه على يــدل مما ال�سرعية يف رفد العمل الجتهادي املتعلق بالبحث اأن والظاهر الب�سري؛ العمران وفل�سفة التاريخي الفقه من جوانبه، بع�س يف م�ستمد، املنهج هذا من اأ�سال ال�سرعية املقا�سد يعترب الذي املالكي اأ�سوله العقلية، وقد عمل ابن خلدون على توظيفها يف منهجه الفاح�س لالجتماع الإن�ساين، فخل�س اإىل اأن من الأ�سباب املوقعة للموؤرخني يف الكذب: الذهول عن املقا�سد، فكثري من الناقلني ل يعرف الق�سد مبا عاين اأو �سمع وينقل اخلرب على ما يف

ظنه وتخمينه فيقع يف الكذب..4." ا�ستنباطي فكري ن�سق النظرية اأن اعتربنا واإذا الظاهرات من جمموعة اأو ظاهرة حول مت�سق ومفهومات ت�سوريا اإطـــارا ي�سمل املتجان�سة، الوقائع بــني الــعــالقــات تو�سح نظرية وق�سايا

المدرسة العمرانية تتبنى النظام

المعرفي العمراني في تعاملها مع مجمل

القضايا المتعلقة باالجتماع والثقافة

والحضارة ..

Page 141: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

141 العدد 36 |

ملف العدد

وتنظمها بطريقة دالة وذات معنى، كما اأنها ذات بعد جتريبي لعتمادها عل الواقع ومعطياته، وذات توجيه تنبئي ي�ساعد على تفهم م�ستقبل الظاهرة ابن فنظرية احتمالية، تعميمات خالل من ولو خلدون، وفق هذه الروؤية، "ن�سق فكري مت�سق حول ومفاهيم ق�سايا من يتكون والإن�سان العمران تفاعلهما يف واملتحكمة املنظمة العالقات تو�سح العمل اأن القول وميكن وتغريهما5".. وثباتهما طلب عندما النظرية، بعد مبــا ــداأ ب اخلــلــدوين اأن اإىل احلكمة، مبا ميكن التاريخ ن�سبة تاأ�سي�س فن التاريخ من جن�س فن "نقل نطلق عليه ا�سم:

الأدب اإىل جن�س فن الفل�سفة6." لــقــد انــتــقــد عــبــد الــرحــمــن ابـــن خــلــدون مناهج املوؤرخني ال�سابقني يف درا�سة التاريخ ليتو�سل اإىل وهو مو�سوع "ذو باأنه يتميز بنف�سه م�ستقل علم العمران الب�سري والجتماع الإن�ساين، وذو م�سائل وهي بيان ما يلحقه من العوار�س والأحوال لذاته واحدة بعد الأخرى، وهذا �ساأن كل علم من العلوم التاريخ درا�سة فلي�ست عقليا"، اأو كــان و�سعيا هي و�سف وقائعه فقط، بل هي بحث عن قوانني وبنيتها الداخلية وحركتها الجتماعية الظواهر بها متعلقة و�سنن مقا�سد وا�ستخال�س العميقة، اجلغرايف باملجال الإن�سانية اخلــربات عالقة يف الفرق اأن ذلك والإن�سانية.. الطبيعية واملعطيات واملنهج الجتماعي الو�سفي التاريخي املنهج بني التحليلي يكمن، ح�سب ابن خلدون، يف اأن "القانون بالإمكان الأخبار يف الباطل من احلق متييز يف الذي الب�سري الجتماع يف ننظر اأن وال�ستحالة لذاته الأحــوال يلحقه من العمران، ومنيز ما هو ومبقت�سى طبعه وما يكون عار�سا ل يعتد به وما ل ميكن اأن يعر�س له، واإذا فعلنا ذلك كان ذلك الأخبار الباطل يف قانونا يف متييز احلق من لنا وال�سدق من الكذب بوجه برهاين ل مدخل لل�سك الأحوال من �سيء عن �سمعنا فاإذا وحينئذ فيه، مما بقبوله نحكم ما علمنا العمران يف الواقعة نحكم بتزييفه، وكان ذلك معيارا �سحيحا يتحرى

بــه املـــوؤرخـــون طــريــق الــ�ــســدق والــ�ــســواب فيما ينقلونه"...

للعمران ، ــن خــلــدون اب ـــة روؤي بــه امــتــازت مــا اإن الظاهرة اإىل خاللها مــن نفذ الــتــي واملفاتيح بها الت�سلح يجب التي واخل�سائ�س العمرانية ابن جعلت التي هي العمران طبائع مقاربة عند يوؤكد على �سرورة العتبار بالتاريخ ، وقد خلدون وال�سيا�سية الجتماعية للظاهرة اأن لفكرة اأ�س�س التاريخية وللظواهر تاريخيا ، عمقا والعمرانية �سرورة على اأكد عمرانيا ... وقد ح�ساريا عمقا امتدادها ، �سمن العمرانية الظاهرة اإىل النظر وعنا�سر �سمولها، وما يعر�س له فيه من العوار�س واملعا�س والك�سب وال�سلطان، امللك من الذاتية التي والعامل احلياة وعمارة والعلوم، وال�سنائع ابن وي�سري اخللدوين. العمران علم مق�سد هي خلدون، عرب انتقادات عميقة، اإىل مع�سلة تفتيت الظاهرة العمرانية بدعوى التخ�س�سات الدقيقة ، وما ي�سري اإليه من �سرورة اإعادة النظر يف ت�سنيف العلوم معرفيا لغر�س عمارة العلم بلوغا اإىل جوهر من خلدون ابن �سرح فقد الدافع . النافع العلم يعر�س وما واحل�سارة، والتمدن العمران اأحوال ما الذاتية العوار�س من الإن�ساين الجتماع يف ف يو�سل اإىل التمتع بعلل الكوائن واأ�سبابها ، ويعراأبوابها حتى تنزع من كيف دخل اأهل الدول من الأيام من قبلك ما اأحــوال على وتقف التقليد ،

والأجيال وما بعدك 7"... يف الب�سري للعمران تنظريه خلدون ابن ويكمل اجلغرايف، واملــجــال الطبيعي بالو�سط عالقته فيطرح ق�سية العمران الب�سري واملقدمات املتعلقة والب�سرية ، الطبيعية باجلغرافيا ات�سال يف به واأحوالهم الب�سر ــدان اأب على البيئة اأثــر وكذلك وما ين�ساأ من العمران ، وهو ي�سنف اأنواع العمران بها، يتميز التي و�سماته نوع كل مفا�سل وي�سف ومذاهبه ، واأ�سنافه ووجــوهــه وجــوبــه واملــعــا�ــس والــعــلــوم الــتــي هــي مــن اأهـــم مــقــدمــات العمران وجوهه ، و�سائر وطرائقه والتعليم ، واأ�سنافها

االجتهاد العمراني والتجديد العمراني عمليتان حضاريتان تـنزالن مفاهيم المدرسة

العمرانية في شكل خبرات

عمرانية كونية..

Page 142: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 14236

ملف العدد

وعالقة كل ذلك بن�سوء املجتمع وبناء اأ�س�سه وعالقات اأفراده..وعكف ابن خلدون يف درا�سته النظرية لعلم العمران الب�سري على ا�ستخال�س �سبكة العالقات املعقدة بني املقدمات العمرانية حمققا اأ�سول حتليله وت�سنيفه وتف�سريه يف �سوء عنا�سر الرتتيب املقرتن وحت�سيني ، وحاجي �سروري من العامة الكلية املقا�سد بنظرية واأ�سلي ومكمل؛ يقول ابن خلدون يف املقدمة: "وقد قدمت العمران تقدمي وكذا بعد ، لك نبني كما جميعها ، على �سابق لأنه البدوي؛ املعا�س فالأن املعا�س ، تقدمي واأمــا والأم�سار، البلدان على امللك �سروري طبيعي، وتعلم العلم كمايل اأو حاجي، والطبيعي اأقدم من الوجوه ، ببع�س منه لأنها الك�سب؛ مع ال�سنائع وجعلت الكمايل ،

ومن العمران كما نبني لك بعد "... ينتقل ابن خلدون، بعد ذلك، اإىل فكرة الأطوار م�ستندا اإىل منهج �سنني ، فالأطوار احل�سارية حمكومة بقوانني و�سنن، تتعلق باملظاهر العمرانية واإمكانات حتويلها اإىل عامل اأفكار، الأفكار التي تتج�سد الأطوار لهذه خلدون ابن فهم اإن العمران .. طبائع وفق قيم يف يلغي اأي انبهار بعامل الأ�سياء اأو املادة العمرانية ، لكنه يتحدث عما ينتجه وما اأخالقية ، وفل�سفة واأفكار قيم من ومكنونها عمقها يف من تفاعل بني عامل الأ�سياء والأ�سخا�س والأفكار من عامل اأحوال قوانينه وا�ستنباط مفا�سله يف والبحث باملالحظة جدير اإن�سانية و�سننه ؛ اإن هذه الروؤية اخللدونية املتعمقة تدعونا اإىل اأن نتخذ من عدتها الفل�سفية واملنهجية منهجا للنظر يف الظاهرة العمرانية وما

يرتبط بها من عوامل 8."يعالج ابن خلدون كذلك اأ�سباب النهيار التي عدد بع�سها، اإل اأنه يوؤكد على �سنة عمرانية بالغة الأهمية هي : " اأن الرتف موؤذن بخراب العمران"، ذلك اأن الرتف من اأ�سباب انهيار احل�سارة ... وهو يوؤكد من خالل مقالته تلك اأن اأكر املرتفني يرتفع عن مبا�سرة حاجاته ، اأو اأن يكون عاجزا عنها ملا ربي عليه من خلق التنعم والرتف ، فرتك العمل ومبا�سرة احلاجات موؤذن بدوره بانهيار احل�سارة والعمران لر�سالة والتنكر والدعة ، والــركــون التمني مرحلة اإىل والتحول

ال�ستخالف.التاريخ فاإن اخلرب، لت�سحيح اأداة العمران علم كان اإذا اإنه ثم اأداة )علم العمران( اأداة. واإذن، فنحن نبحث يف علم نف�سه علم لعلم اأداة )علم التاريخ( ل ميكن لأي علم من العلوم غري الطبيعية اإليه؛ اأن يكون يف غنى عنه، بل حتى العلوم الطبيعية فاإنها حتتاج لأن ما ن�ستمده من التجربة خرب عن الطبيعة، لبد اأن ينقد يف �سوء العلوم كون عن ف�سال الوظيفة، هذه يف العمران علم مياثل ما

الطبيعية من اأهم الظاهرات العمرانية9."ذات اأنها القراآين هي املنهج وفق الطبيعية للظواهر لكن فهمنا العالقة واأن الطبيعية، مقوماتها اإطــار يف كوين اإن�ساين حمتوى الكلية التي تربط ما بني جمموعة الظواهر يف �سياق احلركة العامة هي عالقة كونية ولي�ست ب�سرية فقط، واإنها ل تقبل منطق امل�سادفة ولكن التقدير الإلهي الذي ينفذ اإىل كل التفا�سيل يف حياة ال�سعوب

من خ�سو�سية موقعها اإىل تركيبها واجتاه حركتها10.اأربعة علوم: علم اأبي يعرب املرزوقي، ب�سدد وهكذا نكون، ح�سب اأداة �سرط اأول، هو: علم العمران، وعلم اأداة �سرط ثان، هو: علم الطبيعية. الظاهرات وعلم الإن�سانية، الظاهرات وعلم التاريخ، العلوم موا�سع علم كونه عن ف�سال لذاته، العمران فعلم واإذن، كون ملجرد الطبيعية، العلوم موا�سع علم كذلك فاإنه الإن�سانية، العلم هــذا ي�سملها التي العمرانية الــظــاهــرات مــن العلوم هــذه ل خلدون ابــن اأن ل�سيما التاريخ، بعد مبا الت�سمية يقبل الــذي باأفق عمال كله العامل ي�سمل هو بل بعينها، ح�سارة على يق�سره يحدده فاأفقه الإ�سالمية، احل�سارة يف الإن�ساين العلمي اخلطاب اخلطاب القراآين، من حيث هو خطاب لكل الب�سر؛ فالعلم اجلديد يعر�س ومــا الــعــامل، وعــمــران الإنــ�ــســاين، "الجتماع على يتكلم والتاأن�س، التوح�س، مثل: الأحــــوال، مــن العمران ذلــك لطبيعة وما بع�س، على بع�سهم للب�سر التغلبات واأ�سناف والع�سبيات، الب�سر ينتحله وما ومراتبها، ــدول، وال امللك، من ذلك عن ين�ساأ وال�سنائع، والعلوم، واملعا�س، الك�سب، من: وم�ساعيهم باأعمالهم و�سائر ما يحدث يف ذلك العمران بطبيعته من الأحوال.

وانطالقا من فاعليات املقا�سد يف احلفظ والوزن والو�سف والبناء العمرانية املقا�سد منظومية تتحقق بع�س؛ من بع�سها والتقومي ، لدافعية ونظامها، فتحدد بذلك مناط فاعليتها وتفعيلها ؛ احلفظ العقيدة والوا�سل لعنا�سرها وال�سام ملكوناتها؛ اأي عقيدة يلتئم عرب متثلها عامل الأفكار بعامل الأ�سخا�س والأ�سياء ب�سكل جديل يف�سي العروة ملعنى اإهدار تدفع، هي ل اإن عقيدة العمران؛ ازدهار اإىل ال�سرعة لرافعية واحلفظ و�سعيا؛ وعيا للعقيدة واإهــدار الوثقى ، والوا�سل بني خ�سائ�سها التكوينية والقيام بتفعيل قواعده الكلية . تاأتي ال�سريعة حينما مقا�سد ملعنى اإهدار هو ترفع، ل �سريعة اإن واأمانة وا�ستخالفا تكرميا فرتفعه هواه داعية عن املكلف لتخرج ورحمة كلها وعــدل كلها حكمة الرافعة: فال�سريعة وم�سوؤولية ، التاأ�سي�سية الإ�سالم قيم حلاكمية واحلفظ كلها ؛ وم�سلحة كلها ) التوحيد والتزكية والعمران ( والأ�سا�سية ) الأمر باملعروف والنهي

Page 143: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

143 العدد 36 |

ملف العدد

عن املنكر، وال�سورى ، والختيار ( والقيم العليا ) املمثلة يف العدل ( اإن وتفاعلها ؛ وتكافلها وت�ساعدها القيم منظومة لأ�سول الناظم لعموم اإهدار لأنها القيم؛ ملعنى مقا�سد اإهدار قيما ل حتكم هي الدين ) الدين القيم (؛ واحلفظ ملعاين جامعية الأمة والوا�سل بني وو�سطيتها خرييتها ملعاين وال�سام اهلل، بحبل اعت�سامها معاين معانيها لأ�سول فاقدة هي جتمع ل اأمة اإن احل�ساري؛ و�سهودها اإن اإهدار ملقا�سد الأمة يف الوجهة والقبلة؛ يف الأم و الق�سد ، وهو اأمة ل جتمع لي�ست من جامعية الأمة يف �سيء ، واإن حتول جامعيتها اإىل نقي�س مق�سودها يف التنازع مقابل العت�سام ، والف�سل مقابل الفاعلية ، وذهاب الريح يف مقابل الأثر والتاأثري والتمكني ، اإمنا يعرب

عن اإهدار مفهوم الأمة يف الوعي وال�سعي 11.. منوذجا بــاعــتــبــاره الــعــمــران يف الــنــظــر اإىل يحيلنا، ذلـــك كــل روؤية تاأ�سيل من ذلك اإليه ي�سري ما على Paradigme اإر�سادياو نظري ، فل�سفي بناء اإىل والإ�سارة والعامل، والكون للوجود كلية منظومة مفاهيمية متكاملة، كما اأنه ي�سري اإىل اأجندة بحثية �ساملة وق�سدية .. اإننا بال �سك اأمام روؤية كلية �ساملة للظاهرة العمرانية الب�سرية ، والتنمية ال�ساملة التنمية عنا�سر يف تبحث والإمنائية

فتوؤ�سل القاعدة وحتدد املجالت، وت�ست�سرف امل�ستقبل.. Architectonic science، وميكن العمران، علم رئي�س اإن علم حتديد وحدته بالقيا�س اإىل وحدة كتاب اأر�سطو يف ما بعد الطبيعة؛ ب�سبب متاثل الدور بني العلمني، ودللة ما اأ�سار اإليه ابن �سينا من فيكون الطبيعة. قبل ما بعلم الطبيعة بعد ما ت�سمية علم �سرورة العلم اخللدوين اجلديد علم ما قبل التاريخ، ولي�س علم ما بعده، وهو اإذن يف منزلة الفل�سفة الأوىل التي اأ�سبحت من وظائف فل�سفة املوقف على العملي للموقف تقدميا الطبيعة؛ فل�سفة ل التاريخ، الذي الفل�سفي، باملنظور الديني للمنظور وا�ستبدال النظري، يقدم النظري على العملي؛ وملا كان ما قبل الطبيعة هو علم مبادئ التاريخ: قبل ما علم يكون فكذلك علمها، مبادئ وعلم الطبيعة،

علم مبادئ التاريخ، وعلم مبادئ علمه12...الوجود، ركن وهي: ال�ستخالفية13 العقيدة اأركــان من وانطالقا وركن املعرفة، وركن عدم التاأثيم، واحل�سم النظري للحرب الأهلية بني امل�سلمني، واإنهاء احلرب الأهلية بني الب�سر لرعاية الكون مبا يليق بال�ستخالف، نقول اأن مقا�سد العمران يف املنظومة املرجعية الن�سجام حتقيق تروم بطبيعتها، اإن�سانية هي والتي الإ�سالمية، اأن�سئ الإن�سان اأن اعتبار على جديل مبنطق والكون الإن�سان بني من الأر�س وا�ستعمر فيها، فال غرابة اأن يكون منطق هذا العمران

ذلك اهلل، من بف�سل والطبيعة والإن�سان الغيب جلدلية حتقيقا اإليها يعود اأن ووجب باخللق، الطبيعة الإن�سان خرج من رحم اأن مق�سد وهنا عربي، بن الدين حمي الأكرب ال�سيخ ح�سب بالوعي

كبري من مقا�سد العمران.. لقد حدد العالمة ابن خلدون يف مقدمة تاريخه العوامل احلاكمة يف التطور الإن�ساين عرب الع�سور وهي املكان والزمن والب�سر، املكان؛ اأي اجلغرافيا؛ اأي الأر�س واملوقع واملناخ واملوارد؛ والزمان مبعنى والأفكار وال�سراعات واحل�سارات ال�سعوب تواريخ اأي التاريخ؛

والعلوم، والب�سر؛ اأي الأمم وال�سعوب، واملجتمعات..مبفهومه العمران مقومات بع�س املرزوقي14 يعرب ــو اأب ويــربز الإن�ساين ال�سلوك يف عنا�سر عدة بني يربط عندما ال�ستخاليف فالرتبية، القراآين، باملفهوم ال�ستعمار حتقيق اإىل يف�سي ب�سكل الرمزي من �سورة البعد اأو الرمزي الدائم الإ�سالح هي حمرك وقد الإن�سان؟ تكوين يف الرموز تفعل كيف هو وامل�سكل العمران: التي اأعني والأجنبية؛ الذاتية الرتبية نوعي اإىل ابن خلدون اأ�سار تنبع من ال�سمري احلر ويق�سد الرتبية الدينية، والتي تفر�س من والثقافة اأجنبية؛ يعتربها التي ال�سلطانية الرتبية ويق�سد خارج من الرمزي البعد اأو للعمران الدائم الإ�سالح حمرك هي التي واأعرافا عــادات ت�سبح كيف القيم جملة وهــي العمران: مــادة ومناذج؛ وامل�سكل هو كيف حتيي الثقافة الفنون اأو تقتلها؟ ثم هناك عالقة الرتبية بالثقافة: اأو كيف يورث الرتاث بعملية الرتبية والنقد والإبداع؟ وهل الثقافة توؤ�س�س لرتبية حتررية ت�ساعد على الإبداع اأم لرتبية حمافظة ت�سجع على التقليد؟ وعالقة الثقافة بالرتبية التي هي لي�ست جمرد م�سمون يبلغ بل اأفق فهم؛ وامل�سكل هو كيف يتم التحرر من الأفق احلا�سل لإبداع الأفق املمكن؟ كيف قتل الإبداع

العلمي والتقني؟

ثانيا: عالقة العلم بالعمران من منظ�ر تاريخي �سوؤال العمرانية للفل�سفة حتليله يف املرزوقي يعرب اأبو طرح لقد حا�سما يف التقدم الب�سري وهو كيف قتل الإبداع العلمي والتقني؟ ب�سيغة اأخرى، ميكننا طرح �سوؤال يتعلق بعالقة النموذج املعريف/اخللدوين: مبفهومها العمرانية بالعملية paradigme الإر�سادي ما الذي جعل العلم العربي الإ�سالمي ينح�سر، خ�سو�سا يف جوانبه

التطبيقية، ب�سكل اأثر على منو وازدهار املدينة الإ�سالمية... اإن عاملا مثل ابن البنا املراك�سي العددي كان قد األف كتابا بعد كتابه "رفع احلجاب عن وجوه اأعمال احل�ساب" وهو "تلخي�س ال�سهري

Page 144: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 14436

ملف العدد

اأعمال احل�ساب"، وهو كتاب �سارح لي�س باملفهوم املادة تب�سيط مبفهوم لي�س اأي للكلمة؛ التقليدي الريا�سية املوجودة يف التلخي�س، بل هو كتاب يف تلخي�س ففي الكتاب؛ لهذا تاأليفه اأ�سباب �سرح

كيفية و�سع باب اجلمع اأعمال احل�ساب جند يف العددية املتتاليات قواعد ثم الب�سيطة العمليات ثم ومكعبا، ومــربــعــا ال�سحيحة الأعــــداد على الأول، الطرف يكون عندما الهند�سية املتتاليات "رفع كتابه يف لكنه واملــكــعــبــات، املــربــعــات ثــم طبيعة بــني املنطقي التمييز اأو�ــســح احلجاب" املتتاليات الهند�سية والعددية، من حيث اأن الأوىل للتنا�سب والثانية تخ�سع الكيفي للتنا�سب تخ�سع للتنا�سب؛ خ�سوعهما هو معا يجمعها ما الكمي؛ من النظرية الــفــائــدة اأي الــتــمــديــد؛ هــنــاك ثــم متكننا هنا وهي والهند�سية، العددية املتتاليات والزائدة؛ والناق�سة التامة الأعــداد اإيجاد من البنا ــن اب ي�سع وهــنــا العملي، التطبيق ثالثا: م�ساألة الأوزان كنموذج للتطبيق العملي للمتتاليات

الهند�سية...باب هنا: الو�سوح متام وا�سحا كان البنا وابن ال�سرب وبــاب الأعـــداد، نظرية اأ�سل هو اجلمع يو�سح وهو كما والتنا�سب، الن�سبة باب اأ�سل هو ذلك يف�سل باب ال�سرب نظرا لكونه ين�صجم مع م�صكالت حلل ك��صيلة للريا�صيات ت�ص�ره ابن يرى كيف فلنالحظ الإ�صالمية، املدينة م�سكالت حلل كمدخل الريا�سيات اإتقان البنا العمران- وكذلك اأي�سا يف باب الن�سبة من كتاب الأربعة على ركــز احل�ساب" اأعمال "تلخي�س ومن �سب، الن جميع اأ�سل لأنها املتنا�سبة؛ اأعداد اأو احل�ساب علم زبدة ملك قد يكون منها متكن فقد بها علما اأحــاط "ومن نف�سه: هو يقول كما كيف و�سنبني واأ�سله، احل�ساب علم مالك علم ترجع كل ن�سبة منها اإليها، فهي القاعدة العظيمة

املنفعة يف احل�ساب ويف غريه." تبدو م�ساألة العالقة اجلدلية بني العلم والعمران اأجل من الأهمية �سديدة النظري امل�ستوى على والتاريخية الفكرية املفا�سل على الــيــد و�ــســع عن التطبيقية العلوم غيبت التي وال�سيا�سية اإىل بذلك واأف�ست الإ�سالمي، العربي الجتماع �سعودا الــعــلــم، فــظــاهــرة " الــعــمــران. انح�سار

ابن خلدون داعية احل�صارة الأول

ملفهوم التاأ�سي�سية اللحظة اإىل العودة من لبد احل�ساري، باخلطاب الإ�سالم "لربط خطاب اأ�س�س الــذي هو كبري، م�سلم مفكر بــالأحــرى، اأو، الإ�ــســالم، كــان احل�سارة. احل�سارة، كتب عبد الرحمن بن حممد بن خلدون )متوفى يف 1406م( مقدمة لتاريخه عدها اآرنولد توينبي "العمل الأعظم من نوعه الذي �سبق له اأن اأبدع من جانب اأي عقل يف اأي زمان اأو مكان". ل تكتفي املقدمة بر�سم خارطة "ن�سوء النظام العاملي الإ�سالمي تناول مو�سوع احل�سارة الذي الأول الرئي�سي العمل اأي�سا بل وكان ،"1500 - 1000] العمران [ بو�سفها مقولة حتليلية. فاإ�سافة اإىل تقومي خ�سو�سيات التاريخ الإ�سالمي يطلق مدر�سة كليا، مدر�سة جديدة بتد�سني ابن خلدون يقوم لمعة، عبقرية بلم�سات عليها ا�سم علم احل�سارة اأو )علم العمران(، وطبيعة خطابه بالذات تدح�س املحاولة الإ�سالم مع الختزال، متعذري نقي�سني بو�سفهما وال�سرق الغرب روؤية اإىل الرامية بو�سفه عدوا مطردا اأو غريبا م�ساغبا بالن�سبة اإىل املزاج ال�سائد للح�سارة الغربية. يف مقالة جديدة بعنوان "املوؤرخ الإغريقي الأخري وكاتب احلوليات الأول: ابن خلدون"، بني املوؤرخ اأورا�سيا �ستفن ديل اأن ابن خلدون مل يكن قا�سيا، �ساحب قلم، و�ساعرا بني حني واآخر، فقط، بل كان عقالنيا، ومنظرا اجتماعيا، ولغويا �سارما، قبل كل �سيء، دائبا

على البحث عن مبادئ �ساملة. اإذا كنا مدعوين اإىل التفكري بال�سيا�سة احل�سارية يف القرن الواحد والع�سرين، فاإننا ل ن�ستطيع، اإذن، اأن ن�ستح�سر �سجرة ن�سب قابلة للتعقب اإىل �سمال البحر الأبي�س املتو�سط ع�سر ال�ساد�س القرن منذ الأوروبية الإمرباطوريات بناء عملية اإىل اأو التنوير اإىل اأو اأر�سطو فهم اأفريقي �سمال عربي قا�س اإىل نعود اأن ذلك، من بدل علينا، و�ساعدا، العاملية، احل�سارة علم جديد، علم �سرح لبناء طالي�سي الأر�سطي املنطق وا�ستخدم حكر اأو بالغرب حم�سور اجتماعي تركيب هو ول اخرتاعا احل�ساري اخلطاب لي�س يونانية فل�سفة ظل يف حقوقي (�سرعي، )كوزموبوليتي اأممي اإ�سالم نتاج اإنه عليه، كال�سيكية، ومنطلقة الأ�سا�س هو احلدث )Event(. ولأن ابن خلدون كان قا�سيا قبل يبقى �سرعيا، حقوقيا، وازن مبعنى يحتفظ احلدث اأن نرى عامليا، موؤرخا ي�سبح اأن احلدث عن�سرا ع�سويا مكمال من عنا�سر علم احلديث ـ اأي ال�سعي لإدراك ما اإذا كانت

الأحاديث املن�سوبة اإىل النبي حممد �سحيحة فعال اأم هي زائفة.."

برو�س بي لورن�س، " الإ�سالم يف اأفرو – اأورا�سيا ح�سارة ج�سرية"، �سمن كتاب، "احل�سارات بيرتجي حترير: املعرفة، عامل كتاب وتعددية"، جمعية نظر وجهات العاملية: ال�سيا�سة يف

كلتزن�ستاين، ترجمة، فا�سل جتكر، العدد385، 2012، �س259-257.

Page 145: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

145 العدد 36 |

ملف العدد

الظروف م�ستويات: باأربعة مرتبطة وانح�سارا، والدينية والجتماعية والقت�سادية ال�سيا�سية )الأركيولوجيا(، واملعتقدات واملقولت التي ت�سكل واملعايري )امليثافيزيقا(، العلمي للفكر خلفية ومن متا�سكها، النظريات متنح التي وال�سوابط )الإبي�ستيمولوجيا( رف�سها اأو قبولها حتكم ثم للممار�سة والفل�سفية الجتماعية ــاق ــس ــ� والأن

العلمية15." عديدة مــواطــن يف الــكــرمي ــقــراآن ال دعــا و"لقد كل ويف الكون يف والعتبار والتفكر النظر اإىل وجاء نف�سه، الإن�سان يف بل بالإن�سان، يحيط ما ذلك يف �سياقات عديدة، طابعها احلث وا�ستنفار اأن �سك ول اآخــر، حينا والتاأنيب حينا، الهمم يوؤدي اأو "العلم" يعني ومرادفاته؛ النظر هــذا اإن اإذ قطعا؛ الدنيوي" "العلم هنا والعلم اإليه، وظواهره الــكــون يف نــظــرا كــان اإن النظر هــذا الطبيعية �سيوؤدي اإىل الفلك والريا�سة واإن كان يف �سي�سل واحل�سرات، البهائم الأخــرى: الكائنات بنا اإىل العلوم املت�سلة بها، واإن كان يف الإن�سان: ج�سده ونف�سه وعقله، �سينتهي اإىل الطب باأنواعه

املختلفة...16."وقد يقال اإن دعوة القراآن اإىل النظر غايتها دينية؛ مبعنى اأنها ترمي اإىل الإميان وتقوية اليقني بعظمة اخلالق. وهذا �سحيح، لكن هذه الغاية �ستمر قطعا بـ"العلم" الذي يك�سف اأ�سرار خلق اهلل واآياته يف الكون، حال باإ�سالح وتتحقق والأنف�س، الآفــاق وعمارة الإن�سان له، ف"النظر" ل ميكن اأن يكون لن الإعجاب اإن هذا اإذ اإعجاب ظاهري؛ جمرد اأننا هنا ل�صنا يف اأي املرجوة؛ الغاية اإىل يوؤدي اإزاء نحن بل طبيعية، رومان�صية �صياق عل�م من تنطلق ك�نية طبيعية فل�صفة الإن�صاين �صمن احلياة وعالقتها بالإبداع جدلية الغيب والإن�صان والطبيعة... واإذا كان الأمر كذلك فاإن لنا اأن نتخيل مدى انحراف وفهمها الروؤية بني ال�سرخ عمق ونــدرك الفهم، تيمية )تويف ابن اأن عاملا جليال مثل نرى عندما

عن املـــوروث العلم هــو العلم اأن يقرر 728ه(

اأن اإمــا غريه واأن و�سلم، عليه اهلل �سلى النبي، واإن اأ�سال، علما يكون األ واإمــا نافع، غري يكون

اأطلق عليه ا�سم العلم17. "اإن وهج الروؤية يف بكارتها وعنفوانها قد �سعف خم�سة، اأو قرون اأربعة نحو فبعد الزمن، مبرور تتطلبها، التي املقت�سيات عــن انــحــراف حــدث من تعنيه مبا اجلــدة، لتلك املــوازي هو والوهج من به ات�سل وما الختالف واإن فكري. حما�س �سمول وتكامل وحرية حتول تدريجيا اإىل �سكل من اأ�سكال النمطية اأدى اإىل انكفاء النظرة ال�سمولية احلقيقة جــوهــر اإىل تــتــوجــه الــتــي )الــعــاملــيــة( الإن�سانية، وت�ستنفر قدراتها، واإىل اختزال الجتاه التكاملي متعدد امل�سارات وما ي�ستلزمه من حرية، مما اأدى اإىل تركيز اجلهود على در�س العالقة بني حركة تكبيل واإىل الدين( )علوم والإن�سان اهلل الإن�سان عامة، وحركته العقلية خا�سة، فاأ�سبحت يحرم العقلية( )العلوم معرفية مناطق هناك

القرتاب منها اأو يكاد18".. اإن "امل�سكلة احلقيقية حدثت، تبعا لذلك، عندما متكن تيار علوم الدين اأو علوم النقل من اأن يك�سب الأر�س كلها، وبذلك ح�سم ال�سراع ل�ساحله، ومت امل�ستويات، خمتلف على الآخـــر، الطرف اإلــغــاء وحدث من ثم ت�سويه جوهري للروؤية الإ�سالمية يف �سمولها وتكاملها وحريتها ومبادئها جميعا.. ونحن اإل اأو نتائجها مل تكن اأن املعركة ونتيجتها "نعلم جتليا من جتليات املناخ العام )�سيا�سة واجتماعا ومقولت( )مــعــتــقــدات والــفــكــري واقــتــ�ــســادا( والعلمي للمنهج( وال�سوابط )املعايري والأ�سويل

)النموذج املعريف(19". العلم �سطر "نفي يف الإ�سكالية، ــذور ج تكمن املبكرة امل�سادر يف �سواهد وهــنــاك واإلغاوؤه"، ذكر فقد وتــوؤكــدهــا، الإ�سكالية تلك ت�سدق ما التي الأ�سياء �سياق يف 255ه( )تــويف اجلاحظ املتهم" "الكتاب النا�س: عيون عن بعناية تخفى )البخالء: طبعة فان فلوتن، �س28(، وذكر ابن

انطالقا من فاعليات المقاصد

في الحفظ والوزن والوصف والبناء والتقويم تتحقق منظومية المقاصد العمرانية

ونظامها..

Page 146: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 14636

ملف العدد

الأثري يف حوادث �سنة 277ه اأنه كان على الن�ساخ ي�ستغلوا لن باأنهم يق�سموا اأن ببغداد املحرتفني بانت�ساخ اأي كتاب يف الفل�سفة )الكامل يف التاريخ:

القاهرة، بولق ج12/7(. باجتاه كانت الريبة اأن اإليه اللفت يجدر وممــا الفل�سفة حتديدا، ثم امتدت تدريجيا اإىل بقية علوم والريا�سة، والهند�سة، الطب، ف�سملت احلكمة، ثمة كان البداية واملنطق. يف والتنجيم، والفلك، واأ�سبح الأمــر، ثم ح�سم العلوم، هذه تردد جتاه الغزايل الإمـــام عك�سه ما وهــذا عاما، املوقف )تويف 505ه( يف اآرائه الأخرية عندما مد موقفه والريا�سية الطبيعية العلوم لي�سمل الفل�سفة من )تهافت الفال�سفة: حتقيق �سليمان دنيا.القاهرة، فتوى �سدرت تالية مرحلة ويف املــعــارف(، دار ابن ال�سالح لتحرم املنطق. وبذلك جمعت علوم

احلكمة يف عيبة واحدة، وانتهى الأمر..20."يف �سياق مت�سل يرى الدكتور ح�سن �سعب21 اأننا "جند اأنف�سنا متفقني مع الإمام الغزايل وخمتلفني معه؛ نتفق معه يف اأن روؤيا احلق هي من نور اهلل. اأدت ملا بالغفران، له وندعو معه نختلف ولكننا احل�سية الإن�سان مللكات تعطيل من تعاليمه اإليه واإ�سراق النور، هذا باإ�سراق املتحركة والعقلية هذا النور �سرورة للعامل الطبيعي يف خمتربه كما يف ولل�ساعر حمرابه يف للمت�سوف �سرورة هو متاأمله. واإذا كان الوحي طريقنا والإلهام منهجنا وما بينه ما فــاإن هلل، اأي الطبيعة؛ بعد ما لعامل ن�ستوعب واأن نعي اأن يقت�سينا الطبيعة بني عامل األزم وهذا متكاملة، معرفة مناهج ن�سطنع واأن لالإ�سالم، حيث يقوم الدين على نظرة �ساملة لكل األزم لنا ما هو موجود، منه لأي دين اآخر. وهذا يف تقديرنا للنظرة الكلية للوجود التي يزودنا بها دونها وتق�سر الفل�سفة، بها تنوء والتي الدين، هذه ولكن العلم، عنها ويعجز الإيــديــولــوجــيــة، مل اإذا مغزاها، من وتخلو معناها تفقد النظرة الفل�سفة تتفاعل وتتحاور دائما بحرية خالقة مع

والإيديولوجيا والعلم".

الفكر لعالقة تطبيقية من���اذج ث��ال��ث��ا: بالعمران

ال�سيا�سي ــمــاع الجــت بــني جــدلــيــة عــالقــة ثــمــة ومنطق العمران، ذلك اأن روؤية العامل من منظور اإيديولوجي معني ينتج عنها، وفق طبائع الأ�سياء، ـــروؤى ال بــاخــتــالف الــتــمــدن تختلف حـــالت مــن

واملفاهيم واملوؤ�س�سات..يف هذا ال�سياق، تربز بع�س اأ�سكال "التمدنية" يف اأنربولوجي متييز عرب الإ�سالمية العربية املدن "التمدنية" الأندل�سية، التمدنية: من اأنــواع بني تبلورها تــــوؤدي عــنــد انــدمــاجــيــة، وهـــي متــدنــيــة املجتمع يف واإدمــاجــه الفرد انــدراج ت�سهيل اإىل اإدمــاج يف بفعاليتها متيزت وقــد احلــ�ــســري... الثاين هو النوع الن�سيج املجتمعي؛ الأ�سخا�س يف "التمدنية العثمانية" وهي متدنية ائتالفية مبنية على العالقات الإن�سانية والتعاي�س الطائفي، وهي خالفا للتمدنية الأندل�سية التي تتبلور فيها احلومة الثقايف اإىل اندماج الأ�سخا�س يف املحيط وتوؤدي الهيكلة اإىل العثمانية التمدنية تنحو للمدينة، الثالث النوع ال�سيا�سية؛ اأو الدينية الطائفة حول من التمدنية، هي التمدنية اخلليجية، وهي متدنية املظهر بني ال�سارخ بالتناق�س وتت�سم تبديدية، العمراين وال�سلوكي، وتتمايز هذه املدن بالتناق�س بني املعلن واخلفي، وتختلف يف مظاهرها احلديثة عن الطبيعة املحافظة والتقليدية ملختلف ال�سرائح

الجتماعية22. ثمة عالقة جدلية بني ت�سور العالقة مع الطبيعة وبني معني، ديني/فل�سفي منظور مــن واملــجــال العمران باملفهوم ال�سامل للكلمة؛ اأي عالقة عامل ب�سكل الأفكار وعــامل الأ�سخا�س وعــامل الأ�سياء الفكرة لتحول تطبيقيا مثال لن�سرب ــديل. جوخربات عمرانية حقائق اإىل الدينية-ال�سوفية عملية �سمن النظرية ال�ستخالفية يف ربط الفكر بالعمل، مبعنى اأن العلم مهما عال �ساأنه ل ي�ستقيم

اإل اإذا �سدد بالعمل. حقيقة اإىل الدينية الفكرة حتول م�ستوى فعلى

البد من التحول من تغييب الكون

االجتماعي أو الطبيعي إلى

مالحظته وتجربته وقياسه رياضيا ال

قياسا كالميا..

Page 147: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

147 العدد 36 |

ملف العدد

�سو�سيو-اأنربولوجية، روؤيـــة و�سمن متدينية، "الزاوية اأتباع به ا�سطلع الــذي امل�سروع يندرج العزيز عبد من بــدءا مراك�س بحوز اجلزولية" التباع اأ�ستاذ ال�سيخ عبد اهلل الغزواين الذي بلور روؤية ت�ستلهم من الت�سوف مبفهومه الكوين لإنتاج

خربات عمرانية تنفع النا�س23. 935ه( ــويف )ت الــغــزواين اهلل عبد ا�ستقر لقد زاويته واأ�س�س مراك�س، مبدينة نهائية ب�سفة بحي الق�سور، لتنطلق رحلة جديدة يف حياة هذا ال�سيخ ال�سويف، اأ�سا�سها تلك املمار�سة التي حرر بها من ثقاف الإرادة، وذلك الأمر الذي نال من باملجال املتعلق وهــو التباع، �سيخه اإجــازة اأجله الزراعي الذي برع فيه كمريد، وتوفق يف متريره مريديه اإىل �سيخ، وهو وتقنياته، مبادئه وتلقني وتالمذته، الذين جند من بينهم وليا توفق ب�سكل من للعديد با�ست�سالحه وا�ستهر ذلك، يف كبري اإىل حقول بقع جرداء التي حولها من الأرا�سي، غناء، واأ�س�س بها زاوية هي اليوم من اأ�سهر الزوايا يف املغرب ا�سمها زاوية تام�سلوحت، وا�سمه عبد بن اهلل بعبد الأمــر يتعلق ح�سني24".. بن اهلل برباط اأمغار اآل اأ�سرة �سليل الأمــغــاري، ح�سني املعروف اإبراهيم ال�سهري مولي الويل تيط وجد الهاج�س نفهم ومنه اجلبال؛ بطري العامة عند الغزواين، اهلل عبد ي�سكن كان "التنموي" الذي با�سكون بول اأي�سا امل�ساألة هذه اإىل اأ�سار ولقد ،le Haouz de Marrakech القيم كتابه يف وا�ستفا�س يف احلديث عن دور زاوية تام�سلوحت نتاج طبيعي ل�ساحبها عبد اهلل بن ح�سني؛ وهي القفر حمــاربــة يف ــزواين ــغ ال اهلل عبد ملــدر�ــســة يف ع�سكر ابن قال وقد النماء.. وجلب واخلــالء اهلل عبد اأبو ال�سيخ "وحدثني النا�سر": "دوحة ال�سيخ كان يل: قال به، خمت�سا وكــان الدقاق، احلراثة اأ�سباب داأبــه احلركة يف عنه اهلل ر�سي

وا�ستخراج املياه..".. اإن دور الغزواين القت�سادي بناحية مراك�س كان للحراثة ول�ستخراج الأهم؛ لقد كان رجال حمبا

جمهوده �سكل وقد بفا�س، �سهرته وتاأكدت املاء. �سيا�سيا عمال الكثري نظر يف باحلوز الفالحي على ــه داأب لأن جمــردا؛ تقنيا جمهودا منه اأكــر احلرث وال�سقي مل تكن تف�سره الدواعي ال�سوفية فح�سب، بل تربزه اأي�سا اأزمة البادية املغربية وما الو�سع على �سلبية نتائج من الأزمــة هذه خلفته ك�سرط الأعمال بهذه و�سيلزم مريديه الب�سري.. لهم يختار ولن ال�سوفية تربيتهم يف اأ�سا�سي لتاأ�صي�س كم�ا�صع املت�صررة امل�اقع غري

زواياهم.. وقد جتلت الأدوار الجتماعية ل�سيدي الغزواين يف خ�سو�سا النا�س وعامة واملريدين الطلبة اإطعام حفره اإىل بالإ�سافة والأوبــئــة، املجاعات خــالل "من لأتباعه: يقول كــان وقــد والآبـــار؛ ال�سواقي

حفر �ساقية �سنع للنا�س طعاما".اإن الويل بهذا املفهوم كانت له �سلطة يف الهيمنة على "اخلالء"، واإن فعل تدجني املتوح�س وتطويع عمل يف الأوىل املــرحــلــة ي�سكل الــقــفــر املــجــال العمل اإن هذا الويل. به ي�سطلع "التهيئة" الذي ال�سيخ به يقوم الــذي والتدبريي "الإحيائي" اأبعد اإىل املتوح�س اإىل دفع حدود يوؤدي واأتباعه مدى، وحتويل "املوت" اإىل "حياة"25. وقد لحظ ح�سن البورداري نف�س الأمر مع العامل الويل مولي اأن الذي لحظ وزان- –دفني الــوزاين اهلل عبد �سة ل�ستقراره يف منطقة وزان "الن�سو�س" املوؤ�ستبني عن "العدم، والكاوو�س الأ�سليني اللذين �سكل

قدوم الويل نهاية لهما26."اإنني اأرى هنا، دون اإغراق يف التاأويل، ح�سا كبريا بــ�ــســرورة توفري الأمـــن الــغــذائــي، والــرتفــيــه عن ال�سواقي و�سق الأرا�سي ا�ست�سالح عرب النا�س، "الكالم" "علم الفالحة" واملرور من والتفنن يف واإحداث امليدانية التجارب عرب "الأ�سياء" اإىل الب�ساتني وامل�ساتل، واإدماج كل هذا �سمن الرتبية مع ين�سجم وهــذا املبدئي؛ واللــتــزام ال�سوفية الف�سيح" بتعبري والأمل الدائم "اخل�سب مطلب املاوردي؛ واحلق يقال اإننا يف اأم�س احلاجة اليوم

لقد جدد الوحي القرآني السياق

االعتقادي والقيمي

والمعرفي وأعاد بناء الباراديغمات،

وبذلك حرر الطاقات اإلبداعية

في عمارة األرض..

Page 148: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 14836

ملف العدد

الأخ�سر"، "املغرب �سعار اليوم نرفع ونحن الروح، هذه مثل اإىل ذلك اأن هذا املق�سد النبيل يحتاج اإىل علم وهمة عالية مثل التي اأن اأي�سا ن�ستفيد ومنه ح�سني... وبن والغزواين التباع يف توفرت "وبئر معطلة الكرمية الآية ا�ستبطنوا خطورة الذين الأئمة هوؤلء وحماربة والت�سييد للبناء فانربوا ،)43 )احلــج: م�سيد" وق�سر ال�سرورات اأن واأدركـــوا والنماء، ــاء وامل اخل�سرة وجلب اخلــالء اأ�سا�س هي الكوين الطيني باأ�سله الإن�سان تربط التي الوجودية الوقت العمران، يف كماليات الإغراق يف بدل واحل�سارة، التنمية لو وتتقل�س احل�سارة حتى البداوة وتنت�سر الآبار فيه الذي جتف طغت مظاهر "التمدين"، ول اأعتقد اأن موقفي هذا من "املدر�سة" اجلزولية مبراك�س واأحوازها مغرق يف التاأويل، ل�سيما واأين اأحتدث من موقف الدار�س لدور النبات واخل�سرة وتدبري املجال يف حتقيق

النماء...ويف منوذج تطبيقي للروؤية العمرانية ال�ستخالفية يخل�س الباحث درا�سة عرب مراك�س، حا�سرة عمارة ب�سدد ال�سو�سي لكدمي ميدانية، اإىل اأن: "التمدين مبراك�س ع�سارة علم واإميان: مبراك�س بجمال تاأثر ما كل وعلى الدين على الإ�سالمي التمدين يرتكز وف�ساحة القراآن من �سعر ونر، وي�ستلهم ترتيب وتنظيم العنا�سر املكونة للن�سيج املعماري مبادئه من الأدب والفن الذي يوثر اإ�سباع ال�سعرية مع البيوت تتوافق اإ�سباع اجل�سد عامة، فكما الروح على اأوزانها وقافيتها تتوافق البنايات والبيوت خا�سة مع مفهوم املدينة ال�سواء على واجل�سد الــروح راحــة توفري تراعي التي الإ�سالمية بتقريب امل�سجد واملن�ساآت القت�سادية من ال�سكان وحماربة جميع جزئيات �سعيد على وحتى واجل�سدي، النف�سي الإرهــاق اأ�سباب الر�سم يف الزخرف الذي ل تنغلق اأ�سكاله اأبدا، وتخفي يف هند�سته الالمنتهى يف ر�سوم �سرمدية تعرب وترمز اإىل دوام اهلل، ول يعترب اخلط حدا مل�سمون جمال مر�سوم ولكن حركة ترتك اأثرا مثل اأثر ال�سفينة على املاء، كل ذلك يف اإطار توزيع معماري منظم متطابق ترتيب ومــع والثقافية املــاديــة ال�سكان حاجيات ومــع املجال مع باملدينة املعماري الفن واإن املدينة، ف�ساء داخل حمكم تدريجي جتان�س جتمع الهند�سية الإجنــازات من رائعة جمموعة القدمية على بها املحتفظ التاريخية املاآثر وتدل والف�سيف�ساء، احلجارة مدى معرفة وعلم البنائني بقواعد املهنة وعلى �سالمة ذوق املزينني

وعلى ذكاء ودقة حركة ال�سانع التقليدي يف الإجناز27".. روجيه جارودي، الفيل�سوف قال كما الإ�سالم مراآة امل�سجد ويظل الإله منطق والإميــان، الوحدة منطق اإي�سال الأ�سا�سية وظيفته

النفعال اإي�سال النا�س، اإىل الطرق باأح�سن واملطلق، الــواحــد ثانيا-ب�سكل جديل- مما العلم ثم اأول والإميــان بالدين وال�سغف جعل كل املعمار والتمدين املراك�سي ينبني على اإميان وعلم ومنطق يف جممله ويف جزئياته؛ لأن امل�سجد اجلامع الذي يحوم حوله كل املوؤمن يف حياته ي�سيء طريق والأحياء املدينة �سيء على �سعيد واملئذنات، املنارات ال�سعلة يف وتتجلى �سورة اإجنازاته )...( ويف الظهر �سالتي بتوقيت املكلف يو�سف بــن جامع منار وخا�سة والع�سر، ومنار الكتبية املكلف بالإعالن عن دخول �سالتي املغرب والع�ساء ومنار ال�سريح العبا�سي الذي اخت�س باإعالن ذهاب الليل بظالمه وعن اإقبال النهار بنوره و�سيائه بدخول وقت ال�سبح. هذه املئذنات هي التي تتوجه اإليها اأنظار املوؤذنني كل واحدة يف الوقت

املخ�س�س لها لأخذ الإذن بنداء امل�سلمني اإىل بيوت اهلل... املذكورة الثالث املــنــارات اتخذت اهلل نــور اإىل الرمز نطاق ويف مظهرا �سعيف الزخرفة والتزيني، جمالها يف بيا�سها ويف ر�ساقتها بنمط توحي التي اخلفية وزينتها املعمارية فبنيتها )..( وهيبتها جميع تخلق كما هلل، الت�سبيح اإىل ترمز احلجارة يجعل هند�سي الأ�سباب لعك�س النور وتو�سيح الروؤيا بالليل بو�سع جامور على اأعلى مادية فائدة ال�سومعة تزيني يف العن�سر ولهذا البناء، يف نقطة حتمي ال�سومعة من �سحنات الرعد الكهربائية ب�سكله املتكون من ت�ساعديا حجمها ينق�س بامللح مملوءة نحا�سية كويرات ثالث ويعلوها ق�سيب حاد الراأ�س، مما يدل على اأن خمطط اأو مهند�س

هذا البناء املعماري كان �سوفيا قبل اأن يكون مهنيا28.اإن لكل ما ينجز اأو يخطط املدينة الإ�سالمية احلرفية مربر ديني، وتبقى اأهم هواج�س التمدين الإ�سالمي توفري مناخ اجتماعي يخفت فيه التوتر بني النا�س وحتقيق توازن بيئي داخل الن�سيج احل�سري واملجال ال�ساحوي"؛ وقد جمع الباحث لكدمي ال�سو�سي يف جدول والو�سائل الإ�سالمية املدينة يف املعمارية الأهداف )�س92-91( املتخذة لتحقيق املقا�سد الكونية ال�ستخالفية للتمدين الإ�سالمي؛ بهند�سة لــه يرمز اهلل وحــدانــيــة عــن التعبري اأن مثال ذلــك مــن عوامل وحمــاربــة ال�سكينة اأ�سباب وتوفري وامل�ساجد، ال�سوامع باإن�ساء اأ�سكاله التلوث بجميع باإن�ساء حماربة اإليه يتو�سل الإزعاج حزام اأخ�سر حول املباين والأحياء ال�سناعية لمت�سا�س الغازات امل�سرة والروائح الكريهة الناجتة عن ممار�سة احلرف، وتخفي�س كلفة احلياة باملدينة يتحقق عرب توفري املاء جمانا بال�سقايات وجعل ثمن ال�ستحمام رمزيا، وتكلف نظام الأوقاف بامل�ساريف احل�سرية ذات ال�سبغة الجتماعية، وتلطيف املناخ يتحقق بالتكثري من نقط

Page 149: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

149 العدد 36 |

ملف العدد

املاء ومن الأغرا�س ومن اخل�سرة النباتية داخل الن�سيج احل�سري لرفع رطوبة الهواء، ولتخفي�س املدى احلراري اليومي بغية ت�سهيل اأمكن امل�ساحات املعر�سة التنف�س يف الف�سول احلارة وتقلي�س ما للت�سمي�س وبت�سييق عر�س الدروب وبتغطية بع�س اأجزائها بال�سابات اأما مق�سد القت�ساد حتى يحدث تيار هوائي منع�س يف ال�سيف، التعا�سديات "ترتيب يف جوانبه اأحــد يف فيتحقق �سيء كــل يف ب�سكل متعامدين طرقيني حمورين طول على املجال يف احلرفية يخت�سر امل�سافات الفا�سلة بني الفاعلني يف الإنتاج احلريف ويخلق اأولية لطهي الفخار(، تكامال بني احلنطات )اأزبال الدباغة مادة النموذج يف فيتجلى القت�سادي املحيط يف اجلامعة اإدمــاج اأمــا التطبيقي املراك�سي يف وجود جامعة بن يو�سف ب�سكل ميكن الطلبة من الحتكاك بالواقع القت�سادي وباملنتجني كما ي�سمح للحرفيني ويج�سد وال�ستفادة منها، العلمية الكرا�سي لدرو�س الإن�سات من منوذج العمران املراك�سي اأق�سى م�ستويات "فل�سفة العمارة" حينما ندرك اأن رفع معنويات املوؤمن اأمام املوت يتحقق يف بعده املعماري يف "اتخاذ الأ�سرحة مكانا للتاأمل وال�سرتاحة النف�سية لالأحياء مع روح الأموات والتعود على عدم خ�سية املوت، كما اأن توطني املقابر بعيدا عن وعدم عزلها ال�سكنية لالأحياء العمراين الن�سيج �سمن احلياة، من جزءا املوت يجعل الذي املق�سد هذا يحقق النا�س، تاريخيا يف وقد جت�سد الوجودي، الن�سجام م�ستويات اأرقى وهذا

الن�سيج احل�ساري والعمراين ملدينة مراك�س..

خامتة وا�صت�صرافي�ستدعي العمران ومقا�سد ال�ستخالف فل�سفة فتحقيق وبعد، للتقدم والطبيعية والريا�سية الجتماعية القاعدة اكت�ساف اإعادة اإذا اكت�سافها اإعــادة من لنا ولبد الإن�ساين، للتقدم اأي العلمي؛ من التحول من لبد الكونية. احلقائق اأردنــا واإذا احلرية، اأردنــا تغييب الكون الجتماعي اأو الطبيعي اإىل مالحظته وجتربته وقيا�سه يف يعي�س اأ�سغر كونا الإن�سان كان واإذا كالميا؛ قيا�سا ل ريا�سيا كون اأكرب، واأنه بتطلعه اإىل ما وراء الأر�س، وما وراء الطبيعة، وما الكونية، املنظومة يف اجلديل النخراط اإىل ي�سعى العامل، وراء و�سنن العلم نا�سية امتالك الأبــدي هو النخراط �سالح هذا فاإن

الطبيعة. اأنف�سنا متفرجني ل م�ساركني يف عملية اكت�ساف اليوم لكننا جند الكونني الأكرب والأ�سغر، وجند اأن الذين اقتب�سوا منا روؤانا ومعارفنا هم اأ�سبحوا الإن�ساين، والتوا�سل التدافع منطق وفق وعلومنا، الذين ي�سعون هذه الروؤى واملعارف والعلوم مو�سع تطبيق، واأ�سبح

لهم يف كل حلظة اكت�ساف جديد. اإنه قد تكون لهذا الكت�ساف الغربي �سجرة ن�سب تعود به اإىل جذوره الو�سطوية، العربية مواطننا ويف القدمي الأدنى �سرقنا يف الأوىل باطن يف لل�سجرة العريقة اجلــذور هــذه مع نحن نــزال ما لكننا الف�ساء كواكب �سوانا مع املخ�سرة فروعها بلغت بينما الأر�ــس،

ال�سيارة29..اإن الذي يكت�سب اأ�سول ال�سجرة يف تاريخه وح�سارته وكيانه قادر القراءة ومعانقة العلم جتديد عرب فقط لكن جديد، اإبــداع على واإ�سالح مناهج التعليم واإعادة العتبار لعلمي التاريخ واجلغرافيا املفقر الف�سام، واإلغاء الفل�سفي، الدر�س وتعميم بينهما، والربط

واملقفر، بني العلوم الطبيعية والإن�سانية30... لقد جدد الوحي القراآين ال�سياق العتقادي والقيمي واملعريف واأعاد امل�سلمني لعلماء اأتاح الذي هو التجديد وهذا الباراديغمات، بناء اإبداعات يف منهم كل مي�سي اأن لالأمة، التاريخية التجربة عرب بذلك فاأ�سبحوا القراآنية، املعرفة منهج معتمدا وفل�سفية، علمية اأعالما تهتدي بهم الب�سرية، واأ�سبحوا متخلقني باأخالق الر�سول، �سلى اهلل عليه و�سلم، بقدر الطاقة الإن�سانية املجددة للعلم والقيم، واأ�سبح الك�سف عن الإبداع الكامن يف الكون �سالة كل عامل ومفكر

من مفكري الإ�سالم...اإن هذا املوقف املنهجي املتمثل يف جتديد القيم عرب جدلية الغيب والإن�سان والطبيعة هو الذي اأتاح لفل�سفة الإ�سالم اأن تن�سئ ثقافة

املق�صد العام من الت�صريع

على الــدالــة الإ�سالمية ال�سريعة مـــوارد ا�ستقرينا نحن "اإذا جزئياتها ومن دلئلها كليات من ا�ستبان الت�سريع من مقا�سدها نظام حفظ هــو فيها الت�سريع مــن الــعــام املق�سد اأن امل�ستقراة الإن�سان. نوع وهو عليه املهيمن ب�سالح �سالحه وا�ستدامة الأمــة وي�سمل �سرحه �سالح عقله، و�سالح عمله، و�سالح ما بني يديه من

موجودات العامل الذي يعي�س فيه."

العالمة الإمام حممد الطاهر ابن عا�سور ، "مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية"، الرابعة، الطبعة الإ�سكندرية، والتوزيع، والن�سر للطباعة ال�سالم دار

2009 ، �س68.

Page 150: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 15036

ملف العدد

1. لكدمي ال�سو�سي مولي اإبراهيم: "الدين والتمدين" �سمن املدينة املغربية العتيقة، اإ�سكاليات احلا�سر وحتديات امل�ستقبل، جامعة القا�سي عيا�س مراك�س، 2003:

�س86. 2. �سيف الدين عبد الفتاح، "التنمية، روؤية من منظور الفكر الإ�سالمي" جريدة "فجر

احلرية" امل�سرية )18 فرباير 2011(..3. عبد الرحمن الع�سراوي، "التطبيق املقا�سدي يف املنهج اخللدوين" جملة اإ�سالمية

املعرفة، عدد 50، يونيو 2008، املعهد العاملي للفكر الإ�سالمي، �س186.4. املرجع نف�سه، �س188.5. املرجع نف�سه، �س189.

6. اأبو يعرب املرزوقي، "وحدة املقدمة وبنيتها العميقة"، جملة اإ�سالمية املعرفة، عدد 50، يونيو 2008، املعهد العاملي للفكر الإ�سالمي، �س20.

7. �سيف الدين عبد الفتاح: "التنمية، روؤية من منظور الفكر الإ�سالمي"، جريدة عدد18 فرباير 2011. احلرية" امل�سرية "فجر

8. املرجع نف�سه.9. اأبو يعرب املرزوقي "وحدة املقدمة وبنيتها العميقة"، م، �س، �س36.

10. حممد اأبو القا�سم حاج حمد. جدلية الغيب والإن�سان والطبيعة. درا الهادي. 2004، �س451.

11. �سيف الدين عبد الفتاح: "التنمية، روؤية من منظور الفكر الإ�سالمي"، م، �س. 12. اأبو يعرب املرزوقي "وحدة املقدمة وبنيتها العميقة"، م، �س.

13. اأبو يعرب املرزوقي "العوملة والكونية" جملة التجديد، العدد 4، ال�سنة الثانية، غ�ست 1998، �س13.

14. اأبو يعرب املرزوقي. اجللي يف التف�سري. الكتاب الأول 2، الدار املتو�سطية للن�سر. 2010، �س116-115.

15. في�سل احلفيان، مقالة: "من ابن البيطار اإىل الأنطاكي م�ساءلت لزمن غروب الفكر العلمي العربي"، ذكرها يف كتاب الرتاث العلمي العربي: اأ�سئلة للم�ستقبل

�س64.16. املرجع نف�سه، �س65-64.

17. اأنظر جمموعة الر�سائل الكربى. القاهرة، املطبعة ال�سرقية، 1324ه، ج238/1...

18. في�سل احلفيان، مقالة: "من ابن البيطار اإىل الأنطاكي م�ساءلت لزمن غروب الفكر العلمي العربي"، ذكرها يف كتاب الرتاث العلمي العربي: اأ�سئلة للم�ستقبل

م، �س، �س66.19. انظر جالل حممد عبد الوهاب: عوامل انهيار العلم. ذكره في�سل احلفيان يف

كتاب الرتاث العلمي العربي: اأ�سئلة للم�ستقبل ، �س68.20. املرجع نف�سه، �س69.

21. ح�سن �سعب، حتديث العقل العربي دار العلم للماليني، ط2، 1982،.�س97-78.22. حممد النا�سري، املدينة العربية الإ�سالمية بني الأ�سالة وامل�ساءلة، در�س افتتاحي، من�سورات جامعة ابن زهر. اأكادير: كلية الآداب والعلوم الإن�سانية، �سل�سلة الدرو�س

الفتتاحية، 1996. الرباط: مطبعة املعارف اجلديدة، 1998، �س13-10. Zakaria Rhani، Jamal Bammi et Mohammed Mouhiddine. .23

Sainteté et écologie au Maroc: approche anthropologique. Revue de Géographie du Maroc.. N°1-2، volume 25، janvier

.2009. p.20724. حممد جنبوبي. الأولياء يف املغرب. 2004.مطبعة دار القرويني، �س 156

Zakaria rhani، Jamal Bammi et Mohammed Mouhiddine. .25 Saintété et écologie au Maroc: essai anthropologique. Revue

de Géographie du Maroc. N°1-2، volume 25، janvier 2009. .P207

El Boudrari Hassan. 1985. Quand les saints font les villes. .26 Lecture anthropologique de la pratique sociale d’un saint

.marocain du XVIIème siècle. Annales ESC، 3، 489-50827. لكدمي ال�سو�سي مولي اإبراهيم، "الدين والتمدين، م، �س، �س87-86.

28. املرجع نف�سه، �س87-86.29. ح�سن �سعب، حتديث العقل العربي دار العلم للماليني، ط2، 1982، �س8.

30. جمال بامي، جتديد العلم، جريدة امل�ساء )املغربية(، عدد: 2011-10-8.31. جمال بامي، جتديد القيم، جريدة امل�ساء )املغربية(، عدد: 2011-12-17.

32. اأبو يعرب املرزوقي. اجللي يف التف�سري، م، �س، �س121.

�شامهو ال

جتديد من �سيمكنه الــذي وهــذا الــروح، واإلهية الأبــعــاد اإن�سانية التجربة على وجه اأكمل واأروع؛ فاملثل الأعلى الإلهي، هو مثل اأعلى الإبداع م�سرية يف اإن�سانية واأطــوار ومراحل جتــارب منه تقرتب الإن�ساين، ويظل هذا املثل حافزا اأزليا خللق جديد نقتدي فيه باإبداع اهلل يف الكون، ونتو�سل يف هذا اخللق الكوين مبناهج احل�س والعقل

والإلهام، مهتدين يف كل ذلك بنور الوحي بتوفيق من اهلل...اإن جتديد القيم التي حكمت العمران ال�ستخاليف هو اأول؛ جتديد ميكن ول اهلل؛ من هــدى على الإن�سانية امل�سرية لتقومي للمنهج وجتديد القيم جتديد بني الإ�ــســالم فل�سفة منظور من الف�سل ربك با�سم "اقراأ العلق: �سورة تعاىل يف اهلل اأثبته ما وفق العلوم الذي علم الأكــرم. اقراأ وربك الإن�سان من علق. الذي خلق. خلق باهلل قــراءة ..)5-1 )العلق: يعلم" مل ما الإن�سان علم بالقلم. وقراءة مع اهلل با�ستعمال القلم الذي يخط مالمح الإبداع الكوين،

يف ربط جديل بني الكون امل�سطور والكون املنثور وفق جدلية الغيب املكنون، املجيد، الكرمي، القراآن اعتبار على والكون، الإن�سان و ال�ستخالف؛ فل�سفة وفق والوجود الكون معادل مو�سوعيا حلركة واإذا ما عاد هذا املبحث النبيل اإىل جامعاتنا ومدار�سنا ولقاءاتنا يف التاأثري اإىل العودة يف الأمل ا�ستعادة يعني هذا فاإن الثقافية،

العامل والإ�سهام، مرة اأخرى، يف م�سرية احل�سارة31.منطق وفــق الــعــمــران ملقا�سد �سامل ا�ستيعاب اأجـــل مــن لــكــن، هو القراآين "ال�ستعمار" باملفهوم اأن الإدراك وجب ال�ستخالف عني هما والروحي املادي كيانه اأن حيث من ذاته الإن�سان "حد فعله انت�سار ولي�ست جمرد واإجنازا والعامل ت�سورا الأر�س عمارة فيهما كيفما اتفق، فحياته ذاتها تبادل طاقي مع الأر�ــس... منها

يخرج... واإليها يعود... وبها يتقوم32"..

Page 151: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

151 العدد 36 |

ملف العدد

من ملفات اإلحياء القادمة:نظرية املقاصد يف الفكر اإلسالمي املعاصر: مقاربات تجديدية.

العلوم اإلسالمية ومنهجيات التأويل.

نظرية املعرفة ومسألة املنهج يف الفكر اإلسالمي.

العوملة وإشكالية الهوية.

اإلصالح والنهضة يف العالم اإلسالمي: التحديات والشروط.

Page 152: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 15236

مالكياتمالكيات مالكياتمالكيات

املالكية وتأصيل االعرتاف باالخـتـــالف الــفـقهي:

ــالف أنــمــوذجــا- ــخ ــاة ال ــراع -مد. اأحمد غاو�س اأ�صتاذ باحث يف الفقه واأ�صوله

الـــرتاجـــم ق�سة واأهـــــل املــــوؤرخــــون �سهرية وقعت بني الإمام مالك واأحد اخلليفة هذا اأن حا�سلها العبا�س1؛ بني خلفاء طلب من الإمام الإذن له بكتابة ن�سخ من املوطاأ، ثم توزيعها على اأهل الأم�سار مع توجيه الأوامر اإىل اأهل الآفاق بوجوب العمل مبا يف هذه الن�سخ، والقت�سار على ما ت�سمنته من الفقه والأثر، واأن الآراء مــن اأحــدثــوه ممــا غريها اإىل يتعدوها ل اأبا يا العلم، قائال:" اجعل الجتهادية، الفقهية "اأ�سل باأن عبد اهلل، علما واحدا2"، ومعلال ذلك

العلم رواية اأهل املدينة وعملهم3".

وبحثه ال�سيا�سي، انطالقا من ح�سه اإن اخلليفة، كان وا�ستقرارها، مملكته م�سالح عن ــدوؤوب الواإلزامها واحــد، قــول على الأمــة جمع اإىل مييل وقطعا للفنت، درءــا عنه؛ تخرج ل معني مبذهب ل�سبل اخلالف، وح�سما ملادة النزاع التي قد تنتقل

من م�سائل الفقه اإىل �سوؤون احلياة...غري اأن الإمام مل ين�سق وراء هذا اخلطاب الذي قد يبدو �سوابا يف بع�س اأبعاده، بل كان رده احلا�سم يــراه من الأمــة مبا اإلــزام مل�سروع رف�سا �سريحا تعليل واأثــر عنه يف ــراأي، ال النقل ويف اجتهاد يف اأنه بينها من النا�س تناقلها اأقــوال ذاك موقفه

يرى

Page 153: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

153 العدد 36 |

مالكيات

اهلل، ر�سول اأ�سحاب اإن املوؤمنني، اأمري "يا قال: �سلى اهلل عليه و�سلم، تفرقوا يف البالد، فاأفتى كل يف م�سره مبا راآه، )...( اإن لأهل هذه البالد قول،

ولأهل املدينة قول، ولأهل العراق قول4".اأهل العراق عدم ويف رواية اأخرى عنه يتوقع من الر�سى مبا عنده، في�سلم لهم مبا راأوه ويقول: "اإن ينقل رواية ويف اأهل العراق ل ير�سون علمنا5". فاإن تفعل؛ ل املوؤمنني، اأمــري "يا قــال: اأنــه عنه اأحاديث و�سمعوا اأقاويل، لهم �سبقت قد النا�س وعملوا اإليهم، �سبق قوم مبا كل واأخذ وروايــات، اهلل، ر�سول اأ�سحاب اختالف من به ودانــوا به، عما ردهم واإن وغريهم، و�سلم، عليه اهلل �سلى وما عليه، هم ومــا النا�س فــدع �سديد، اعتقدوا

اختار اأهل كل بلد لأنف�سهم6."غري اأن ما نود الرتكيز عليه من بني تلك الأقوال املــرويــة يف هــذه احلــادثــة، روايـــة جــاء فيها: "ل تفعل؛ فاإن يف كتابي حديث ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه و�سلم، وقول ال�سحابة، وقول التابعني، وراأيا هو اإجماع اأهل املدينة مل اأخرج عنهم، غري اأين ل

اأرى اأن يعلق يف الكعبة7."ال�سوء ي�سلط اأنه القول هذا يف الأهمية ومكمن تاأمله فــاإن مالك؛ لالإمام الفقهية العقلية على يوقفك على معامل رئي�سة يف تلك العقلية الفريدة، يف املقدمة منها هذا النظر املتوا�سع ملا عنده من العلم، فلي�س كله وحيا من عند اهلل، اأو من�سو�سا الأوحد التجلي هو ولي�س ر�سوله، �سنة يف عليه اأنه كما والأق�سية، النوازل يف ال�سرعي للحكم يف واحــدة درجــة على ية احلج حيث من يعد ل

القبول، ول�سيما عند املخالفني اخل�سوم...واأن فقهيا، املختلف بــالآخــر العـــرتاف ومنها مقا�سد من ولي�س وال�ستمرار، الوجود حقه من الآراء حمو ول الختالف، على الق�ساء الإمــام من النقي�س على بــل �سيا�سي، بــقــرار املخالفة ذلك يرى اأن قول اخل�سم وراأيه يجب اأن يحفظ ويرعى متهيدا لعتباره واإعماله، فعلى الرغم من الفقه راجح اإليه من اأن ما ذهب الإمام يرى اأن

اأهل اإجماع املعتربة، ومن �سمنها الأدلة ملوافقته املدينة، فلم ي�سوغ لنف�سه اخلروج عنه اأبدا، اإل اأنه مل يلزم غريه من الفقهاء مبا اختاره وترجح لديه

من اآراء يف بابي الأ�سول والفروع...العلمية، مالك �سخ�سية املنزع يف لهذا كان لقد الجتهاد واآليات ال�ستنباط قواعد يف عميق اأثر يف فظهرت اإليه؛ املنت�سب الفقه بها عرف التي حللناها نحن اإذا وقواعد اأ�سول املالكي املذهب اإىل الــنــزوع هـــذا فيها ــا وجــدن مــفــرداتــهــا اإىل م�سالك عن والناأي الأمــة، باختالف العــرتاف التع�سب للمذهب، وو�سع الراأي املخالف يف حمل املوافق، الـــراأي دليل رجحان مع حتى العتبار

وظهور م�ستنده.املنهج على هذا تتخرج التي املالكية اأ�سول ومن اأ�سولهم يف �سموه مبا اأخــذ من عنهم عــرف ما

الفقهية بـ: "مراعاة اخلالف".

مفه�م مراعاة اخلالف1. مراعاة اخلالف لغة

اإىل عن�سرين هما: ينحل هذا الرتكيب الإ�سايف الرتكيب حال يف ومعاجلتها واخلــالف، املراعاة لي�س من وظائف اأهل اللغة؛ لأنه �ساأن ا�سطالحي اللغة؛ فاإن املراعاة تعني املناظرة واأما يف بحت، واملراقبة، يقال: راعيت فالنا مراعاة ورعاء، اإذا

لت فعله8. راقبته وتاأمنظرت اإذا مراعاة، اأراعيه الأمر راعيت ويقال:

اإلم ي�سري، واإىل اأي �سيء يوؤول9.واأ�سل املراعاة مادة رعى وهي تدور يف ال�ستعمال واحلفظ املراقبة اأولــهــمــا: معنيني على اللغوي

لل�سيء، وثانيهما: الرجوع10.ل امل�سطلح لهذا الفقهاء ا�ستعمال اأن ويظهر ا�ستيعاب اإن بل اللغوي، املعنى عن كثريا يبتعد اأن اكت�ساف اإىل يو�سلنا ال�سطالحي املعنى اللغوي، فانطوى اأخذ بجماع املعنى امل�سطلح قد اأن ــرى ت األ الــلــغــويــان، املعنيان جــوانــحــه حتــت مراقبة اخلــالف مبراعاة يق�سدون الأ�سوليني

ليس من مقاصد اإلمام القضاء على االختالف، وال محو

اآلراء المخالفة قسرا وإنما تدبيره

وترشيده..

Page 154: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 15436

مالكيات

الرجوع ذلك ثم ومن وحفظه، املخالف، مذهب اإليه يف حال الوقوع، اإعمال لالزم دليله مع اأنه مل متفرق البيان بهذا فاجتمع الأمــر؟ اأول به يعمل بني عليه امل�سطلح املفهوم حتت اللغوي املعنى

الأ�سوليني.واأما اجلزء الثاين لهذا الرتكيب هو اخلالف، وهو اإىل الفعل الثالثي اللغوي يرجع من حيث الأ�سل اللغوي ال�ستعمال يف يتفرع الأ�سل وهذا خلف، اأن اأحــدهــا؛ املــعــاين: من ثالثة اإىل العرب عند يجيء �سيء بعد �سيء ويقوم مقامه، والثاين؛ كونه خالف قدام، والثالث؛ مبعنى التغري والتحول11.

وابن فار�س يرى اأن اخلالف والختالف يف الراأي الثالثة هــوؤلء من الأول املعنى ــرة دائ يف داخــل املذكورين، ثم يف�سر وجه دخوله فيه بقول: "واأما

اأي النا�س يف كذا، والنا�س خلفة؛ قولهم: اختلف الأول؛ لأن كل واحد منهم الباب خمتلفون، فمن الذي مــقــام نف�سه ويقيم �ساحبه، قــول ينحي

نحاه12."

2. مراعاة اخلالف يف ال�صطالح

اأبا املالكي ال�سيخ ال�ساطبي اإ�سحاق اأبو ا�ستف�سر مراعاة عــن )779ه(13 القباب ابــن العبا�س اخلالف يف مكاتبة بينهما ذائعة ال�سيت14، وقد "هو بقوله: الت�سريعي الأ�سل هذا القباب عرف

اإعطاء كل واحد من الدليلني حكمه15."ــي حقيقة جــل بــ�ــســكــل ــح ــو�ــس ي ل ــعــريــف ت وهــــو امل�سطلح، كما اأن فيه عموما يجعله قابال لإدخال م�سطلحات مغايرة له حتت ر�سمه؛ فاإن جممل ما اإعطاء الفقيه من اجتهاد هو عبارة عن يقوم به حمله، يف احلظر دليل فيجري حكمه؛ دليل كل من هذا فاأين الإبــاحــة... دليل مع يفعل وكذلك مراعاة اخلالف الذي يتحدث عنه الفقهاء؟ واإن كان مفهومه ما ذكر، فما الداعي اإىل الختالف

فيه اأ�سال؟ولقد اأو�سح اأبو العبا�س مق�سوده فيما ذكر، لكن ل بالتعريف، متعلق لأنه قائما؛ يظل العرتا�س

ب�سرحه وتف�سريه.واأما ال�سرح الذي عقب به التعريف فخال�سته اأنه

يفرق بني �سربني من املراعاة:ما م�ساألة يف اخل�سم خــالف مــراعــاة اأولهما: والو�سوح القوة من فيها ال�سرعية الأدلــة اأن مع بحيث يجزم الناظر فيها ب�سحة ما ذهب اإليه من القول، و�سعف قول املخالف �سعفا بينا ل امرتاء معنى ول اخلــالف، ملراعاة وجه ل فهاهنا فيه؛

له...وترتجح الدليلني، اأحــد فيه يقوى ما وثانيهما: فيه اإحدى الإمارتني، غري اأن هذا الرجحان وتلك القوة ل ينقطع معهما تردد النف�س، وت�سوفها اإىل مراعاة حت�سن فهاهنا الآخــر، الدليل مقت�سى

اخلالف...16.

العلم ونبذ التع�صب

ي�سري لأنه الجتهاد؛ درجة يبلغ اأن للناظر يرت�سح املعنى هذا يف النظر "باإحكام ولأجل له، تعر�س نازلة كل يف احلق له يتبني باأن جديرا الختالف، مبوا�سع ب�سريا ذلك جاء يف حديث ابن م�سعود اأنه، �سلى اهلل عليه و�سلم، قال: "يا عبد اهلل بن م�سعود" قلت: لبيك يا ر�سول اهلل؛ قال: "اأتدري اأي النا�س اأعلم؟" قلت: اهلل ور�سوله اأعلم، قال: كان واإن العمل، كان مق�سرا يف واإن النا�س اختلف اإذا باحلق اأب�سرهم النا�س "اأعلم

يزحف على اأ�سته"، فهذا تنبيه على املعرفة مبواقع اخلالف.ولذلك جعل النا�س العلم معرفة الختالف، فعن قتادة: "من مل يعرف الختالف مل ي�سم

اأنفه الفقه". وعن عطاء: "ل ينبغي لأحد اأن يفتي النا�س حتى يكون عاملا باختالف النا�س؛ فاإنه اإن مل يكن كذلك رد من العلم ما هو اأوثق من الذي يف يديه". وقال مالك: "ل جتوز الفتيا اإل ملن علم ما اختلف النا�س فيه. قيل له: اختالف اأهل الراأي؟ قال: ل، اختالف اأ�سحاب الر�سول ومن حديث القراآن من واملن�سوخ النا�سخ وعلم و�سلم، عليه اهلل �سلى حممد، �سلى اهلل عليه و�سلم". وقال يحيى بن �سالم: "ل ينبغي ملن ل يعرف الختالف اأن يفتي، ول يجوز ملن ل يعلم الأقاويل اأن يقول: هذا اأحب اإيل". وعن �سعيد بن اأبي عروبة: "من مل ي�سمع الختالف فال تعده عاملا". وكالم النا�س هنا كثري، وحا�سله معرفة مواقع اخلالف،

ل حفظ جمرد اخلالف".

مرابي، حممد حتقيق، التكليف، باأ�سرار التعريف عنوان اأو املوافقات ال�ساطبي: اإ�سحاق اأبو ج4، )1432ه/2011م(، ط1، نا�سرون، الر�سالة موؤ�س�سة بــريوت: دراز، اهلل عبد تعليق،

�س491-490.

مراعاة الخالف يتحدد بإعطاء كل واحد من الدليلين

حكمه..

Page 155: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

155 العدد 36 |

مالكيات

املراعاة مفهوم اإىل ي�سل التق�سيم هــذا وعــد ابتداء "يعمل بــاأن وذلــك يراهما، كما ونتيجته غلبة يف الرجحان ملقت�سى الراجح؛ الدليل على ظنه، فاإذا وقع عقد اأو عبادة على مقت�سى الدليل الآخر، مل يف�سد العقد، ومل تبطل العبادة؛ لوقوع ذلك على موافقة دليل له يف النف�س اعتبار، ولي�س

اإ�سقاطه بالذي ت�سرح له النف�س17."تعريفا )803ه(18 الورغمي عرفة ابــن ويقدم للمراعاة ي�سمنه بعدا حجاجيا وا�سحا بتن�سي�سه على اخل�سم فيه، يقول: هو "اإعمال دليل اخل�سم يف لزم مدلوله الذي اأعمل يف نقي�سه دليل اآخر19." وهو اإىل ذلك اأدق من تعريف اأبي العبا�س القباب لحتوائه على جملة من الف�سول التي يحرتز بها

من دخول املماثالت فيه، ومن ذلك:ـ قوله: "دليل" ف�سل اأخرج به ال�سيخ غري الدليل، فالقول اإن كان بغري دليل خارج عن ماهية املو�سوع

اأ�سال؛ اإذ كيف يكون اعتبار املعدوم وجودا؟ـ وقوله "يف لزم مدلوله" اأخرج به اإعمال الدليل عمال واإمنــا مراعاة، ي�سمى ل فهذا مدلوله، يف اإىل به التو�سل ميكن ما هو والدليل بالدليل،

مطلوب20.هو الــدلــيــل، اأ�ــســل ل الدليل لزم اإعــمــال وقــيــد معناها يف اخلــالف مراعاة به تتميز ما اأخ�س عنه والــذهــول املالكية، عند به املعمول ال�سيق من م�ساكالته وبــني بينه اخللط م�سببات اأحــد له الراف�سني اعرتا�سات ــر واأك امل�سطلحات، فركبوا املاأتى، هذا من اأتــوا الت�سريع، يف اأ�سال له غام�س ت�سور من انطالقا عليه اإيــراداتــهــم فقالوا ونقي�سه، بال�سيء القول اإىل اأقرب يجعله اأن يكونا متعار�سني "دليلي القولني لبد اإن مثال الآخر، يقت�سيه ما �سد منهما واحد كل يقت�سي ــــالف، وهـــو جــمــع بني وهـــو مــعــنــى مـــراعـــاة اخللزال القيد، هذا اإىل التفتوا ولو متنافيني21"، لأن ونــحــوه؛ ال�ست�سكال هــذا مــن عظيم طــرف �سبق ي�ستدعي اخلــالف مراعاة على "احلكم

ت�سوره22."

اأمثلة من عمل املالكية بهذا الأ�صلاأمثلة جملة )1258ه(23 الت�سويل اأورد وقــد مفهومه، وتو�سح التعريف، هذا ت�سرح تطبيقية

منها:حياة يف ال�سغار نكاح ف�سخ مالكا الإمــام اأن .1الزوجني بدليل رجح له هذا احلكم، وكان القيا�س في�سقط بعد مماتهما، ما اإىل فيه ي�ستمر اأن هو الزوجية، وهــو �سببه لنتفاء بينهما، الــتــوارث اإىل الــذاهــب حنيفة اأبــي دليل لزم اأعمل لكنه بعد ولو بتوارثهما فقال ال�سغار، يف الف�سخ عدم

الف�سخ24.يقول مــالــك مبــذهــب املتمذهب الفقيه اأن .2الأدلة بكون م�ستدل نف�سها املــراأة اإنكاح بف�ساد من الكتاب وال�سنة تدل على اأن النكاح بيد وليها، واأنها اإن اأنكحت نف�سها بغري اإذن اأوليائها فنكاحها باطل... لكن اإن وقع هذا النكاح بهذا الو�سف ثم مات اأحدهما، اأعمل لزم مذهب اأبي حنيفة؛ لأنه

يجوز اإنكاحها نف�سها، قيا�سا على البيع.فقد اأعمل املالكي دليله يف احلياة، ودليل خ�سمه توارثهما، فاأوجب املمات، بعد مدلوله لزم يف وهذا هو مراعاة اخلالف، واإل فمقت�سى القيا�س

اأن ل توارث بينهما للبطالن25.

مراعاة اخلالف واخلروج منها�ستدل بع�س الفقهاء بقول ابن احلاجب يف جامع ــره وك طــهــور، ـــدث احل يف "وامل�ستعمل الأمــهــات للخالف26"، قائلني اإن ظاهر لفظه يدل على اأن مراعاة اخلالف يجوز اأن تكون ابتداء، ولي�س من �سرطها اأن يعمل بها بعد الوقوع ح�سرا وحتديدا.

وامل�ساألة خالفية بني اأهل الأ�سول، وال�سوؤال املعرب عنها هو: هل تعم مراعاة اخلالف ابتداء ووقوعا؟ اأو اأنها خا�سة بالوقوع، ول ت�سح مراعاة اخلالف

ابتداء؟27.اخلالف مــراعــاة اأن ال�سوؤال هــذا من وي�ستنتج

باملعنى الأعم ت�سمل نوعني هما: الوقوع، قبل اأي ــداء؛ ــت اب اخلـــالف مــراعــاة .1

الحكم على مراعاة الخالف يستدعي سبق

تصوره..

في المذهب المالكي أصول وقواعد تعزز

االعتراف باختالف األمة وتنأى بها

عن مسالك التعصب األعمى

للمذهب..

Page 156: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 15636

مالكيات

على بناء ما م�ساألة يف املفتي يحكم كــاأن وذلــك عنه ينتقل ثم مثال، مباحة باأنها الراجح دليله من ــالف خ مــن خــروجــا بكراهتها احلــكــم اإىل الذي ي�سدق عليه النوع هو باحلرمة، وهذا قال لقب اخلروج من اخلالف، والفقهاء من خمتلف اأعم وهو النوع، لهذا ال�ستعمال كثريو املذاهب

واأ�سمل من ق�سيمه.الوقوع، بعد اأي انــتــهــاء؛ اخلـــالف مــراعــاة .2معينة م�ساألة على املجتهد يحكم اأن و�سورته لزمه اإعــمــال القيا�س فيكون مثال بالتحرمي لكن نحوهما، اأو الف�سخ اأو الإبطال من وتوابعه املجتهد بعد الوقوع وتورط النا�س فيه، يقطع دليله عن العمل، ويعمل لزم دليل اخل�سم من ال�سحة ي�ستعمله اأكر من ال�سرب الآثــار... وهذا وثبوت

املالكية، وقلما جتده عند غريهم.ول يفهم من هذا اأن املالكية ل ي�ستعملون اخلروج من اخلالف، بل ال�سواب اأنهم هم اأي�سا قائلون بــه، وقــد مــر بــك قــول ابــن احلــاجــب اآنــفــا، وهذا الباجي يخرج فروعا من اأقوال الإمام مالك على الوتر اأن اختياره منها اخلــالف من خــروج اأنها ثالث ركعات؛ "لأن جماعة من اأهل العلم يقولون: مالك فــاأراد فيها، �سالم ل ركعات ثــالث الوتر

اإبقاء ال�سورة، اإذ مل يجز عنده ات�سالها28."اخلر�سي ال�سيخ اأن عليه التطبيقية الأمثلة ومن مالك مذهب م�سهور قرر للمخت�سر �سرحه يف ال�سالة يف الب�سملة قــراءة كراهة من وحا�سله بقوله: التقرير هذا تعقب اأنه اإل جهرا، اأو �سرا بالب�سملة اخلالف من اخلروج الورع من "لكن اأول الفاحتة، وي�سرها، ويكره اجلهر بها، ول يقال قولهم يكره الإتيان بها يف الفري�سة ينايف قولهم للخروج من اخلالف...29." بها الإتيان ي�ستحب الأول الق�سم املثال داخل كما هو ظاهر يف فهذا على بالب�سملة يــاأتــي الـــذي لأن املـــراعـــاة؛ مــن الوقوع، بعد ل ابتداء بها ياأتي املذكورة، ال�سفة القائلني املالكية مذهبي بني احلكم يف ويتو�سط بالوجوب، القائلني ال�سافعية ومذهب بالكراهة،

وتــلــك ممــيــزات فــارقــة يــعــرف بها اخلـــروج من اخلالف30.

مراعاة اأن يتبني التق�سيم هــذا على وتاأ�سي�سا اخلالف واخلروج منه م�سطلحان متقاربان من خمتلفان لكنهما العام، واملجال النتماء حيث اختالفا جوهريا من وجوه عدة ميكن اإجمالها يف

الآتي:يختاره ابــتــدائــي فعل اخلـــالف مــن اخلـــروج اأ. حكما فيختار النازلة، يف نظره اأول من املجتهد للدليل اعتبارا و�سطا، يكون حكما ما، وغالبا ما تكون ل نهائي فعل فهي املــراعــاة اأمــا املخالف، غافال املجتهد يكون وقد الواقعة، نــزول بعد اإل عن دليل املخالف يف وقت النظر، ثم ي�ستح�سره

بعدئذ.ومما يو�سح هذا الفرق اأن ابن ر�سد خرج مذهب الأقوال يف الق�ساء ومقت�ساه: امل�سبوق يف مالك اأنه قاله مراعاة للخالف والبناء يف الأفعال على مع غريه من الفقهاء31، واأنكر هذا التخريج منه اأ�سل ماهية اخلروج عن منه يلزم اأنه على بناء هذه يف امل�سبوق لكون ال�سطالحية؛ املــراعــاة واإمنا الــوقــوع، قبل اخلــالف �سرياعي ال�سورة

حقيقته اأن يكون بعده32.اإعمال لالزم دليل اخل�سم ب. مراعاة اخلالف فكاأنها جديد، حكم اإن�ساء غري من الوقوع بعد واأما اخلروج من اخلالف انتقال وحتول ل غري، اأفاده ما بني و�سط هو جديد حكم اإن�ساء فهو دليل اأفـــاده ومــا املجتهد، عند الــراجــح الدليل الدليل بني تو�سطا بالكراهة كاحلكم اخل�سم

املفيد لالإباحة، ومعار�سه املفيد للتحرمي. الغالب، النوعني خمتلف يف كال من املق�سد ج. واتقاء الورع، على مبتناه اخلالف من فاخلروج ال�سبهات، واأما املراعاة فغالبها يكون لرفع احلرج، عليهم �ساق ما وتو�سيع املكلفني، عن والتخفيف

من الأمور؛ رفقا بهم، واإ�سالحا لأحوالهم. القائل الفريق اأن علمنا وات�سح هذا حترر اإذا يق�سد على اإمنـــا ابــتــداء املـــراعـــاة مــن بــاملــنــع

مراعاة الخالف والخروج منه مصطلحان

متقاربان من حيث االنتماء والمجال العام، إال أنهما مختلفان اختالفا

جوهريا..

Page 157: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

157 العدد 36 |

مالكيات

بجوازه قال ومن اخلــالف، من اخلــروج التعيني ابــتــداء وانــتــهــاء كـــان ممــن يــجــوز اخلــــروج من ممن لعله اأو �سواء، حد على ومراعاته اخلالف الكثريين م�سلك وهو بينهما، كبريا فرقا يرى ل جمع بع�سهم اإن حتى والفقه الأ�ــســول اأهــل من بينهما يف لفظ واحد فقال: "مراعاة اخلروج من

اخلالف33".ومما ينبغي جتليته يف هذا املوطن اأن املالكية لهم نوع اخت�سا�س مبراعاة اخلالف على املعنى املبني قريبا، ومل ميل هذه الدعوى التع�سب ول النت�سار واإمنا دليل، اأو بينة غري من للمذهب بالباطل اإىل بال�ستناد اأ�سحابها، اإىل لالأمور ن�سبة هي

الإثباتات ال�ساهدة من اأ�سول القوم وفروعهم.من لــلــخــروج باأمثلة علينا حمتج يحتجن ول اخلالف، �سياأتي طرف منها، فيزعم على �سوئها اأن الفقهاء املتبوعني بال ا�ستثناء قائلون مبراعاة اخلالف ياإطالق، من غري اأن يقيد ذلك بابتداء اأو

انتهاء، قد علمت البون ال�سا�سع بني ال�سربني.

القائل�ن مبراعاة الختالفمراعاة اأن على املالكية كبار من جماعة ن�س عليها بنى التي الت�سريعية الأ�سول من اخلالف بن اأ�سبغ عــن نقل فقد مذهبه، مالك الإمـــام املذهب �سيوخ كبار من وهــو )225ه(، الفرج مراعاة ال�ستح�سان "ومن قوله: ومتقدميهم، ابن وقــال املذهب34"، يف اأ�سل وهــو اخلــالف، اأ�سل مذهب مالك مراعاة اخلالف، "من ر�سد: اآراء من كثريا خــرج وقــد ا�ستح�سان35". وهــو مراعاة يف اأ�سله "على وم�سائله وفتاويه مالك

اخلالف36".واأبو اإ�سحاق ال�ساطبي جزم باأنه من جملة اأ�سول املذهب املالكي، واأنه معمول به جدا يف فروع فقهية كثرية ل يفهم �سنيع الإمام فيها، اإل بحملها على

هذا الأ�سل37.واأكد ذلك ابن عرفة فقال اإن اأهل املذهب ي�ستندون اإىل مراعاة اخلالف يف اأحكامهم واأق�سيتهم حتى

اإنهم جعلوها قاعدة من القواعد التي يعملونها يف خمتلف الأبواب الفقهية38.

به من حما�سن هذا املالكية اأخذ القباب واعترب "هو )914ه(40: الون�سري�سي وقال املذهب39، مذهبه41"، مالك عليها بنى التي الأ�ــســول من اأ�سوله من ع�سر ال�سابع الأ�سل بع�سهم واعتربه

الت�سريعية املعتربة42.واإذا كان مالك واأ�سحابه قد عرفوا باأ�سل مراعاة التحقيق ــاإن ف بهم، ل�سيقا غــدا حتى اخلــالف يو�سل اإىل اأن بقية املذاهب الفقهية مل تنكر الأخذ بهذا الأ�سل باإطالق، بل جندهم كثريا ما يطبقون اخلالف، من اخلــروج اأعني منها؛ الأول الق�سم "ي�ستحب فقال: )1014ه( القاري �سرح فقد يف مذهبنا اخلروج من اخلالف؛ فاإنه احتياط يف )1252ه( عابدين ابن فعل وكذلك الدين43". اأن مذهب الأحناف: اخلروج من اخلالف، فاأكد بل هو مندوب اإليه بح�سب قوة دليل املخالف44... يف اخلــالف مراعاة ا�ستحباب جنيم ابــن ونقل كثري من امل�سائل منها: م�س الذكر، وم�س املراأة، واأكل حلم جزور؛ فيعاد بها الو�سوء ا�ستحبابا، مع اأن املذهب عندهم عدم الإعادة، ومنها: ا�ستحباب قراءة الفاحتة مراعاة للخالف املقت�سي لبطالن

ال�سالة بدون قراءتها45. اأخذ على ال�سافعية مــن جماعة ن�س وكــذلــك ال�سالم، عــبــد ــن ب الــعــز مــنــهــم: بـــه، فقهائهم الزرك�سي: وقــال ال�سبكي... وابــن وال�سيوطي، "قد راعى ال�سافعي واأ�سحابه خالف اخل�سم يف

م�سائل كثرية46".اإنهم اعتربوا �سهرة الأخذ به من قبل جمهور بل التاج قــال عليه، باإجماعهم توحي قــد الأئــمــة، الأئمة، من كثري كــالم يف "...ا�ستهر ال�سبكي: ويكاد يح�سبه الفقيه جممعا عليه، من اأن اخلروج

من اخلالف اأوىل واأف�سل...47."وقد قال اأي�سا، يف غري ما مو�سع، اأن اخلروج من الحتياط، من فيه ملا �سرعا؛ مطلوب اخلــالف

وال�سترباء للدين48.

الخروج من الخالف مبتناه على الورع، واتقاء الشبهات، أما المراعاة فغالبا

ما تكون لرفع الحرج، والتخفيف عن المكلفين..

Page 158: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 15836

مالكيات

ال�سافعية اأكابر ال�سالم عن بع�س ابن عبد ونقل وقع حيث اخلــالف مــن اخلـــروج "اأن اإطالقهم اإطالق يف تعقبهم ثم اأف�سل من التورط فيه49"،

القول دون تقييد، واأما اأ�سل القول فلم ينكره.يف طريقة من ال�سافعية به يتميز ما اأهــم ولعل التعامل مع هذا الأ�سل، هو حماولتهم و�سع جملة التي املنهجية وال�سوابط العلمية، ال�سروط من

حتول دون النحراف يف تطبيقه والعمل به.فقد ا�سرطوا لإعمال مراعاة اخلالف، اأو اخلروج

منه على ال�سطالح الآخر اأمورا منها:مطلوب تــرك اإىل منه اخلـــروج يـــوؤدي ل اأن .1ارتكاب اأو مــثــال، ثابتة �سنة تــرك مــن �سرعي حمذور باقتحام اأمر مكروه اأو نحو ذلك...50 قال النووي: "العلماء متفقون على احلث على اخلروج من اخلالف اإذا مل يلزم منه اإخالل ب�سنة، اأو وقوع

يف خالف اآخر51."ي�سن اأنه راأوا ال�سافعية اأن هذا على املثال ومن غ�سل املني من الثوب حال كونه رطبا، والقت�سار باأن غ�سله ياب�سا، مع احلكم اإذا كان على فركه الغ�سل اأن اإىل منهم بع�س ذهــب لكن اأف�سل، بال ياب�سا اأم رطبا اأكــان �سواء مطلقا، م�سنون

تفريق مراعاة للخالف، وخروجا منه52.اأ�سحابه على ال�سافعية فقهاء اأحد اعرت�س وقد الذاهبني اإىل هذا، م�ستدل بالقاعدة اأعاله؛ ففي اإىل املو�سع املراعاة يف هذا يف�سي تطبيق نظره اإ�سقاط �سنة ثابتة عنه عليه ال�سالم، وهي الكتفاء بفركه دون غ�سله حال يب�سه53، قال معلقا عليهم بقوله: "... يعار�سه اأن حمل مراعاة اخلالف ما فركه ثبت وقد بخالفه، �سحيحة �سنة تثبت مل

ياب�سا هنا، فال يلتفت خلالفه54." 2. اأن يكون ماأخذ املخالف قويا55، قال ال�سيوطي: اأي دليله، بحيث ل يعد هفوة. "اأن يقوى مدركه، قوي ملن اأف�سل ال�سفر يف ال�سوم كــان ثم ومــن

عليه، ومل يبال بقول داود: اإنه ل ي�سح56."لي�س املراعاة يف ملخالف دليل قوة اعتبار وقيد

خا�سا بال�سافعية، فاملالكية اأي�سا يجعلونه �سابطا يتحدث عن وهو ميارة قال الأ�سل، لإجــراء هذا دليل عندهم يرتجح "حيث تطبيقه: �سابط

الغري اأعملوه، وحيث ل اأهملوه57."وقد ت�ساءل الر�ساع )894ه(58 يف �سياق �سرحه خالف كل الفقيه يراعي هل املــراعــاة: لتعريف ثم قوة؟ نوع فيه ي�سرتط اأن لبد اأم عليه، اطلع بعد اأن حكى ترددات اأ�سوليي املالكية يف اجلواب عن هذا ال�سوؤال وما يتفرع عنه، ا�ستنتج اأن الإمام

مالكا اإمنا يراعي من اخلالف ما قوي دليله59.يف غاية م�ساألة على التنبيه مــن لبــد وهاهنا الأهمية ل ي�سح التغافل عنها، واإل �سار احلديث التناق�س مــن وقــوعــا املعار�س الدليل قــوة عــن مدرك يف القوة اأن هي وامل�ساألة رفعه، ميكن ل اخل�سم اإمنا هي بالنظر اإىل الأدنى ل الأعلى، األ من اأقوى دليل اخل�سم وجد لو املجتهد اأن ترى دليله لكان الواجب يف حقه الأخذ به وتركه دليله اإن�ساء اأو اإعمال لزمه، يكفه جمرد ل�سعفه، ومل حكم جديد، وكذا لو كان م�ساويا لكان خمريا يف اأو دليل خ�سمه، ويف كال احلالني ل اإعمال دليله

ي�سوغ اللجوء اإىل تطبيق اأ�سل مراعاة اخلالف.ثم ومن اآخــر؛ توقع مراعاته يف خالف ل اأن .3اأكر عند و�سله مــن اأفــ�ــســل الــوتــر ف�سل ــان كال�سافعية60، ومل يراعوا خالف اأبي حنيفة القائل من اأن وهــو اأكـــرب، مــن خــالف هــروبــا بالو�سل

العلماء من ل يجيز الو�سل61.الفقهاء من خمتلف اأن اجلماهري من واحلا�سل بــاأ�ــســل مراعاة يـــاأخـــذون واملـــدار�ـــس املـــذاهـــب واأن مو�سع الأقل اخلروج منه، اأو على اخلالف، الختالف فيما بينهم حوله هو مقدار ذلك الأخذ وحدوده؛ فمنهم من يعمل به ابتداء وانتهاء، ومنه فيه يتو�سع ومنهم الثاين، دون بــالأول ياأخذ من دون كثري بحث يف ال�سروط اإل قليال، ومنهم من

ي�سع ال�سروط وال�سوابط املتعددة قبل تطبيقه.

مراعاة الخالف أصل وثيق الصلة باحتمالية النتائج

الفقهية..

Page 159: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

159 العدد 36 |

مالكيات

م�صروعية الأخذ باأ�صل مراعاة اخلالفبالأدلة اخل��الف م��راع��اة حجية اأول:

النقليةـــراأة ام ا "اأمي وال�سالم: ال�سالة عليه قوله .1نكحت بغري اإذن مواليها، فنكاحها باطل"، ثالث

ات »فاإن دخل بها فاملهر62." مر وا�سح اأن النبي لي�س عليه اأن يراعي خالف غريه؛ لنبوته وع�سمته وتاأييده بالوحي الن�سي من ربه، مراعاة �سورة على تنبيها احلديث هذا يف لكن اأن ذلــك وتبيان الفقهاء، يطبقها كما اخلــالف لركن الفاقد الــزواج �سدر احلديث ن�س بطالن تثبت مبثل هذا ل اأن البطالن فكان لزم الويل، نهاية اأن غــري غــريه، ول مهر ل حقوق ـــزواج الاحلديث اأو�سحت اأن هذا الزواج بهذه ال�سفة لو وقع، فاإن الزوجة ت�ستحق املهر، ويعني هذا مراعاة ال�ساطبي: قــال الــوقــوع، بعد عنها منهي حالة "وهذا ت�سحيح للمنهي عنه من وجه، ولذلك يقع

فيه املرياث، ويثبت الن�سب للولد63." وللعاهر للفرا�س "الولد ال�سالم: عليه قوله .2

احلجر، واحتجبي منه يا �سودة بنت زمعة64."نكاح اإلغاء حكم �سرعيا هو فاحلديث قرر حكما بل الن�سب، اعتباره يف وعــدم الإحلــاق، الزنا يف اأ�ساف حكما فيه نوع اعتبار املعترب الفرا�س، ثم له، وهو اأمر �سودة بالحتجاب من عتبة، وذلك اأن ال�سبة راأى ملا و�سلم، عليه ر�سول اهلل، �سلى اهلل التحرمي يف فــاأجــراه مــائــه، مــن اأنـــه علم بعتبة

جمرى الن�سب، فاأمرها بالحتجاب منه65. واأمر النبي، �سلى اهلل عليه و�سلم، لها بالحتجاب الدليل لـــالزم املالكية بــاإعــمــال �سبه فيه منه اإذ الحتجاب لزم للحكم املقابل، وهو املعار�س؛ قال ولهذا زمعة، بنت ل�سودة الغالم اأخــوة عدم زمعة يف ابن الولد كان لو ..." العيد: دقيق ابن علم اهلل، عز وجل، ملا اأمر �سودة بالحتجاب منه، كما مل ياأمرها بالحتجاب من �سائر اإخوانها عبد

وغريه66." اإعمال قــاعــدة الــنــبــوي على الأمـــر هــذا وحــمــل

الــتــي تكلفها الـــتـــاأويـــالت اأقــــرب مــن الــدلــيــلــني ابن اختار ذلك اأجل من احلديث، لهذا ال�سراح اأمره "واأما فقال: عليه واأثنى احلمل هذا القيم اأن يكون على طريق �سودة بالحتجاب منه، فاإما اأورثها ال�سبه الحتياط والورع ملكان ال�سبهة التي لل�سبهني، مــراعــاة يكون اأن واإمـــا بعتبة، البني واإعمال للدليلني، فاإن الفرا�س دليل حلوق الن�سب، اأمر فاأعمل نفيه، دلــيــل �ساحبه بغري وال�سبه الفرا�س بالن�سبة اإىل املدعي لقوته، واأعمل ال�سبه بعتبة بالن�سبة اإىل ثبوت املحرمية بينه وبني �سودة،

وهذا من اأح�سن الأحكام واأبينها واأو�سحها67."3. ثبت عن ابن م�سعود خالفه مع عثمان يف �ساأن �سنة يراه خالف كان وقد ال�سالة مبنى، اإمتــام واخلليفتني و�سلم، عليه اهلل �سلى اهلل، ر�سول اهلل �سلى النبي، مع "�سليت يقول: وكــان بعده، اهلل ر�سي بكر، اأبــي ومــع ركعتني، و�سلم، عليه عنه، ركعتني، ومع عمر، ر�سي اهلل عنه، ركعتني، اأربع من حظي ليت فيا الطرق، بكم تفرقت ثم

ركعتان متقبلتان68."

حذار قد يكون الصواب مع

الخصم!

مراعاة اخلالف

حما�سن من القباب عده وقد اخلالف؛ مراعاة ال�ستح�سان �سروب من مالك "يعترب النكاح يف قولهم ومثاله حكمه. الدليلني من واحــد كل اإعــطــاء باأنه وعرفه املذهب املرياث برتتب روعى اخلالف فقد املرياث. وفيه بطالق يف�سخ اأنه ف�ساده املختلف يف يف ال�ساطبي قــال ف�سخا. ذلــك مــع واعــتــرب الزوجية ميثاق حلــل الــطــالق وبــ�ــســرورة املوافقات: املمنوعات يف ال�سرع اإذا وقعت فال يكون اإيقاعها من املكلف �سببا يف احليف عليه بزائد على ما �سرع له من الزواجر وغريها كالغ�سب اإذا وقع مثال فاإن املغ�سوب منه لبد اأن يوفى حقه: لكن على وجه ل يوؤدى اإىل اأ�سرار الغا�سب فوق ما يليق به من العدل والإن�ساف. فاإذا طولب الغا�سب باأداء ما غ�سب اأو قيمته اأو مثله؛ وكان ذلك من غري زيادة �سح. فلو ق�سد حمل على الغا�سب مل يلزم لأن العدل هو املطلوب وي�سح اإقامة العدل مع عدم الزيادة. وكذلك الزاين اإذا حد ل يزاد عليه ب�سبب جنايته لأنه ظلم له.

وكونه زانيا ل يجنى عليه زائدا على احلد املوازى جلنايته اإىل غري ذلك."

عالل الفا�سي، "مقا�سد ال�سريعة الإ�سالمية ومكارمها"، موؤ�س�سة عالل الفا�سي، مطبعة النجاح اجلديدة، الدار البي�ساء، ط4، 1411هـ، 1991م، �س141-140.

Page 160: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 16036

مالكيات

ومع اأنه قد كان يعتقد مبقت�سى ما عنده من الدليل، ويرى ما يخالفه خطاأ، ولهذا حني علم اأن عثمان تخطئته عن عرب مبنى اأربعا �سي�سلي عفان بن قام لل�سالة تهياأ اخلليفة ملا ثم بال�سرتجاع، له لي معه حابه: اأت�س �س ي�سلي معه، فقال له بع�س اأ

."69 الف �سر جعت؟ قال: "اخل وقد ا�سرتمن نوع عثمان، مع التامة م�سعود ابن ف�سالة يت�سمن ت�سحيحا ل�سالة لأنه مراعاة اخلالف؛ ـــالزم دليل ــهــا ركــعــتــان فــقــط، اإعــمــال ل يـــرى اأن

خمالفه.الكتاب مــن ال�سرع ن�سو�س اأن املعلوم مــن .4وال�سنة متظاهرة على دعوة املكلفني اإىل الحتياط باتقاء للدين وال�سترباء ال�سرعية، اأمورهم يف والبتعاد ال�سدر، يف حاك ما وتــرك ال�سبهات، ومعلوم فيه، ريبة ل ما اإىل الريبة مواطن عن ال�سريعة اأن بيان يف كثرية الن�سو�س اأن اأي�سا جاءت من اأجل رفع الآ�سار والأثقال عن اخلالئق، ودفع امل�سقات عنهم، والتخفيف والتو�سعة عليهم. ول �سك اأن مراعاة اخلالف اأو اخلروج منه فيهما ح�سور معترب لهذه املعاين، فاإن مبناهما يف اأكر الأحوال اإما على رفع احلرج عن املكلفني، اأو على

الورع والحتياط للدين.

بالأدلة اخل��الف م��راع��اة حجية ثانيا: العقلية

1. املراعاة والحتمال

بحثه يف الفقيه اإليها يتو�سل التي النتائج اإن اأم حظرا، اأكــانــت �سواء وتنزيال نظرا الفقهي ل ا�ستحبابا... اأم كراهة، اأم اإباحة، اأم اإيجابا، احلق باأنها ول بالقطعية، البتة و�سفها ميكن املتعني الذي ل يتطرق اإليه ال�سك من بني يديه، ول من خلفه؛ مبعنى اأن الفقه ل ينتج اليقني بالنظر دللة اأو ثبوتا ظنية فيه املعتمدة ــة الأدل اأن اإىل ينق�س من مقدار بعيب ولي�س ذلك اأو هما معا، ال�سرع لأن املنهج؛ هذا وفق ال�سادرة الأحكام

الظنون، العمل مبقت�سى غالب اإىل املكلفني وجه وقبل منه القت�سار على ذلك، ومل يكلفهم البحث عن اليقينيات يف كل الأمور؛ لع�سرها املف�سي اإىل تكليف املكلف مبا ل يطاق وهو منفي عن �سريعة

الإ�سالم. وتقليب الــدلئــل، تتبع يف و�سعه يبذل فالفقيه متعار�سها، بني والرتجيح وجوهها، على الأمــور وحني ي�سل حلكم معني، يعتقد اأنه �سواب لقرتانه باأدلة كثرية داعمة ملا ذهب اإليه من الراأي، وتقوده يدفع ل القتناع هذا لكن ب�سوابه، القتناع اإىل

بالكلية اإمكان ال�سواب يف الراأي املخالف.توؤكد اأقوال الفقه من اأهل اأكابر واإن ما نقل عن احرتام الختالف، وف�سح ال�سدر له، والقبول به، اإل يف وعدم التقليل من �ساأن �ساحبه... ل يفهم �سوء فكرة "احتمالية النتيجة". ولهذا كان قولهم من ونقي�سهما والقوة الرجحان اأن يف وا�سحا ال�سعف واملرجوحية اإمنا هي اأمور ن�سبية تختلف بح�سب املجتهد الناظر يف الدلئل، قال ابن عرفة: من النظر بح�سب ونفيه الرجحان وثبوت ..."

املجتهد يف النازلة70." ومن هذا الباب تنبيه ال�سرخ�سي على ملحظ دقيق اإذ الرتجيح؛ وهو الفقهي العمل مظاهر اأحد يف ميحو ل الآخــر على دليل رجحان اأن على يوؤكد اأ�سل الراجحية من الدليل املعار�س، واإمنا يثبت الرجحان "كذلك قــال: ومزية، ــادة زي الأول يف يكون بزيادة و�سف على وجه ل تقوم به املماثلة، ول ينعدم بظهوره اأ�سل املعار�سة71"، فغاية الأمر عدم على بالرتجيح احلجة اأقام قد امل�ستدل اأن اأ�سل املعار�سة فال املماثلة بني املتعار�سني، واأما احتمال النتيجة يــورث مــا وذلــك قائما، يــزال

ظاهرا. مفهوم بتحرير مهتما كان ال�ساطبي اأن وبحكم مراعاة اخلالف و�سبطه، كما يالحظ ذلك قارئ كتابيه: "املوافقات"، و"العت�سام"، فقد �ساعده الأ�سول ل�ستك�ساف الثاقب التب�سر على ذلك

من الوسائل الناجعة القتالع

نبت التطرف الخبيث من

المجتمع، نشر ثقافة التسامح مع

اآلخر..

Page 161: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

161 العدد 36 |

مالكيات

عند املــراعــاة مفهوم لظهور اأدت التي العقلية من يقول بها من الفقهاء، فبح�سب راأيه، �سارت "اإذ عندهم؛ معتربتني املتعار�ستان اجلهتان املق�سودة هي تكون اأن يحتمل منهما واحدة كل

لل�سارع72".الفقه يف الحتمال بنظرية املــراعــاة يربط ثــم الإ�سالمي حني يعترب اأن املجتهد مكلف يف خطاب واجتهاده، نظره اإليه اأداه ما باعتماد ال�سارع اأنها ذهنه يف انــقــدح التي بامل�ساألة والتم�سك "ل علمه، مبلغ يف ترجحها مع لكنها راجــحــة، املق�سودة هي الأخــرى اجلهة كون اإمكان تقطع لل�سارع، اإل اأن هذا الإمكان مطرح يف التكليف، اإل عند ت�ساوي اجلهتني، وغري مطرح يف النظر، ومن هنا ن�ساأت قاعدة مراعاة اخلالف عند طائفة من

ال�سيوخ73."وغري خفي اأن ات�ساح الفكرة عنده على هذا النحو اكت�سبه من جواب اأبي العبا�س على �سوؤاله، فاإن له

كالما �سبيها بهذا يف جوابه74.

والحتمال املراعاة بني العالقة وجه .2

يف الفقهباحتمالية ال�سلة وثيق اأ�سل اخلــالف مــراعــاة يف نظر اأول مــن لئــح وذلــك الفقهية، النتائج واإن فالفقيه تطبيقه... على واطــالع مفهومه، ما اأنه �سواب ح�سب ما يظن اإىل تو�سل قد كان الراجحية وجه له وتبني ال�سواهد، لديه من وقع يف خمتاره من القول واملذهب، بناء على ما اطلع عليه من الأدلة، اإل اأنه ل يعتقد اأن ما تو�سل اإليه هو احلق الأوحد الذي ل يتطرق اإليه الباطل، ول اأنه هو مق�سود ال�سارع وغايته على جهة احل�سر

والتعيني...ولذلك فاإنه ل يقطع الرجاء من موافقة اخل�سم قوله لزم يعمل فلذلك والت�سديد؛ لل�سواب احتياطا يف الدين، وحذرا من اأن يكون ال�سواب

مع ثاين اجلهتني.

يف الأدلـــة تقاربت "واإن ال�سالم: عبد ابــن قــال كل املخالف قــول يبعد ل بحيث اخلــالف �سائر اخلالف من اخلــروج ي�ستحب مما فهذا البعد؛

فيه، حذرا من كون ال�سواب مع اخل�سم75."الحتمال اإىل املحيط" "البحر �ساحب والتفت يف واملتمثل الفقهاء خــالف مراعاة يف املــزدوج عدم القطع بخطاأ اخل�سم، والعتماد يف الرتجيح يتحدث وهو فقال اليقني، دون الظن غالب على عن هذا الأ�سل: "... وهو اإمنا يتم�سى على القول باأن مدعي الإ�سابة ل يقطع بخطاأ خمالفه، وذلك على غلب ما خــالف يجوز كــان ملا املجتهد لأن موقعا، له فراأى خ�سمه متم�سك يف ونظر ظنه، راعاه على وجه ل يخل مبا غلب على ظنه، واأكره من باب الحتياط والورع، وهذا من دقيق النظر،

والأخذ باحلزم76."ولقد كان هذا املعنى املت�سمن يف املراعاة املقت�سي قبل من عليه لالإيراد عظيما مدخال لالحتمال اإىل بــه، حتى دعــاهــم ذلــك العمل يــرون ل مــن ابتداء، يجوز ل هذا املفتي: يقول "اأن ا�ست�سناع وبعد الوقوع يقول بجوازه؛ لأنه ي�سري املمنوع اإذا

فعل جائزا77."يقال: باأن مي�سور العقلي الإيراد هذا على والرد الإباحة، اأو واإن كان قد قال باحلظر املجتهد اإن فاإنه ل يقطع به؛ لأنه بناه على اأدلة مظنونة غايتها الحتمال، باب ي�سد ل الذي الغالب الظن اإنتاج واحلال اأن املو�سع حمل اختالف يف احلكم قائم "... واإذا على الختالف يف الأدلة، قال القباب: خمتلف اأ�سل اإىل فيها املختلف امل�ساألة خرجت اإل يبق الإ�سكال، ومل فيه، فقد خرجت عن حيز الرتجيح لبع�س تلك امل�سائل، ويرجح كل اأحد ما

ظهر له بح�سب ما وفق له78."

خامتةاملعا�سر، هذا الإ�سالمي الفكر اإن من مع�سالت الربوز الظاهر خلطاب التطرف والنغالق النابع

متى ظهر الصواب في جهة وجب االنتقال إليه

من غير جمود على الرأي أو

تعصب للقول..

Page 162: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 16236

مالكيات�شامهو ال

الإمام، مع الواقعة هذه له وقعت الذي اخلليفة ا�سم تعيني يف املوؤرخون ا�سطرب .1فمرة يقال اإنه املن�سور، وهو الأ�سهر، ومرة يروى اأنه املهدي... انظر: تاريخ الطربي الثالثة ف�سائل النتقاء يف العلمية )468/5(، الكربى ط الطبقات ،)659/11(

الأئمة الفقهاء )�س40 و41(، �سري اأعالم النبالء ط احلديث )168/7(.2. ترتيب املدارك وتقريب امل�سالك )72/2(.

3. تاريخ الر�سل وامللوك، املعروف بتاريخ الطربي )660/11(، وانظر: ترتيب املدارك وتقريب امل�سالك )72/2(.

4. ترتيب املدارك وتقريب امل�سالك )72/2(.5. املرجع نف�سه.

6. املرجع نف�سه، وانظر: الطبقات الكربى ط العلمية )468/5(، والنتقاء يف ف�سائل الثالثة الأئمة الفقهاء )�س41(،

8. انظر: تهذيب اللغة )3/ 104(؛ ل�سان العرب )327/14(. 9. انظر: ال�سحاح تاج اللغة و�سحاح العربية )2358/6(؛ مقايي�س اللغة )408/2(.

10. انظر: مقايي�س اللغة )408/2(. 11. انظر: مقايي�س اللغة )210/2(.

12. مقايي�س اللغة )213/2(.13. القباب، اأو ابن القباب )724- 779ه(.

اأبو العبا�س ال�سهري بالقباب: اأحمد بن قا�سم بن عبد الرحمن اجلذامي الفا�سي،

ثم الفتح بجبل والق�ساء الفتوى، ويل بفا�س. ووفاته مولده قا�س. مالكي، فقيه اعتزل وعكف على التدري�س والفتيا. وتويف �سنة: 779ه.

القطان"، لبــن النظر اأحكام و"اخت�سار عيا�س" قواعد "�سرح موؤلفاته: من و"جمموعة فتاوى" اأثبت بع�سها الون�سري�سي يف املعيار. وهو اأول من نقل عنه وابتداأ

به...]الدرر الكامنة يف اأعيان املائة الثامنة، )279/1(، الوفيات، )372/1(، الأعالم

للزركلي )197/1([.14. انظر ن�س املكاتبة يف العت�سام – ال�ساطبي، )390/1(.

15. املعيار املعرب - الون�سري�سي، )388/6(.16. املرجع نف�سه، )378/6(.17. املرجع نف�سه، )378/6(.

18. ابن عرفة )716 - 803ه(:هو حممد بن عرفة الورغمي. اإمام تون�س وعاملها وخطيبها ومفتيها. قدم للخطابة 773ه. كان من فقهاء املالكية، ت�سدى للدر�س بجامع تون�س 772ه والفتوى �سنة

وانتفع به خلق كثري.التعريفات يف و"احلدود" جملدات؛ �سبعة الفقه يف "املب�سوط" ت�سانيفه: من

الفقهية.]الديباج املذهب �س337؛ ونيل البتهاج �س 274؛ والأعالم للزركلي 272/7[.

19. البهجة يف �سرح التحفة - الت�سويل، )21/1(.

احل�سري امتالكه البع�س اعتقاد من اأ�سا�سا �سيء على لي�س يخالفه ومن واأن غريه للحقيقة، مــن احلــق قــل اأو كــر. وهــذا مــا يـــوؤدي بهم اإىل الفقه، يف واجتاهات التدين، يف م�سالك اختيار العامة امل�سارات عن ت�سذ احلياة يف وتوجهات جلمهور الأمة، وتف�سي بهم يف اخلتام اإىل معاداة املادية احلرب لإعــالن متهيدا �سعوريا، املجتمع

عليه اأفرادا وموؤ�س�سات...الراأي اأهل الواجبات املتعينة على اأوكد ولعل من منهم، الفقه اأهـــل وبخا�سة الأمـــة، يف والعلم حماربة هذا النمط من التفكري اإىل حني الق�ساء عليه، اأو ت�سييق دائرة مفا�سده على الأقل، وذلك ل يكون اإل عرب الرتكيز على معاجلة اأ�سول الداء،

واإ�سالح اخللل من اجلذور.نبت لقــتــالع الناجعة الو�سائل مــن اأن واأعتقد نــ�ــســر ثقافة الــتــطــرف اخلــبــيــث مــن املــجــتــمــع، العلمي والتاأ�سيل املخالف، الآخــر مع الت�سامح لفقه الختالف، واإبراز مظاهر التعددية يف تراث امل�سلمني �سلفا وخلفا، ويف طليعته الفقه الإ�سالمي الأ�سولية ــقــواعــد ال ومــنــهــا جتــلــيــاتــه مبختلف

التي اخلالف" "مراعاة قبيل من والت�سريعية عمل بها فقهاوؤنا الأ�سالف من املالكية وغريهم، وطبقوها يف نظرهم الفقهي الجتهادي، دون اأن الراأي يف خالفهم من اأن اأفهامهم اإىل يتطرق والجتهاد واقع يف ال�سالل املبني الذي ل يخالطه هدى اأو �سواب، واإمنا كان �سعارهم القول املاأثور: "مذهبنا �سواب يحتمل اخلطاأ، ومذهب خمالفنا

خطاأ يحتمل ال�سواب79." اإن ا�ستيعاب مفهوم رعي اخلالف مبا يحيل عليه التي من العوامل اأحد الغري، التفات ملذاهب من املرجح اأن ت�سهم يف كبح جماح التع�سب للمذاهب العمل يف تفعيله �ساأن ومن والأ�سخا�س، والآراء بني اخلـــالف هــوة يج�سر اأن املعا�سر الفقهي املجتهد لأن وذلك املتباينة، الفقهية الجتاهات حني يراعي دليل غريه، بل خ�سمه، فهو اإمنا يعلن على حكرا لي�س احلق اأن املقال ل احلال بل�سان مذهب على مق�سورا ال�سواب ول وحــده، اإمــام وجب جهة يف ال�سواب ظهر متى واأنـــه بعينه، النتقال اإليه من غري جمود على الراأي اأو تع�سب

للقول الأول.

Page 163: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

163 العدد 36 |

مالكيات

20. انظر: �سرح حدود ابن عرفة )�س178(.21. فتح العلي املالك يف الفتوى على مذهب الإمام مالك )82/1(.

22. �سرح حدود ابن عرفة )�س178(.23. الت�سويل ) ؟ - 1258ه(:

مبديد�س، املدعو املالكي القا�سي احل�سن اأبو الت�سويل، ال�سالم عبد بن علي هو الفقيه النوازيل. من اأهل فا�س باملغرب. اأخذ عن ال�سيخ حممد بن اإبراهيم وحمدون بن احلاج وغريهما. من ت�سانيفه: "البهجة يف �سرح التحفة"، و"�سرح ال�سامل"، ،397 الزكية النور ]�سجرة التاودي". ال�سيخ و"جمع فتاوى"، وحا�سية على �سرح

ومعجم املوؤلفني 122/7، وهدية العارفني 775/1[.24. انظر: البهجة يف �سرح التحفة - الت�سويل، )21/1(.

25. املرجع نف�سه، )21/1 و22(.26. جامع الأمهات )�س31(. وانظر: �سرح حدود ابن عرفة )�س182(.

27. انظر: �سرح حدود ابن عرفة )�س182(.28. املنتقى �سرح املوطاأ )209/1(.

29. �سرح خمت�سر خليل للخر�سي )289/1(.الرجوع يرجى املالكية عند اخلالف من اخلروج اأمثلة على الطالع يف وللتو�سع .30اإىل امل�سادر الآتية: مواهب اجلليل يف �سرح خمت�سر خليل )1/ 205(؛ الفواكه الدواين على ر�سالة ابن اأبي زيد القريواين )178/1(؛ حا�سية العدوي على كفاية

الطالب الرباين )361/1(؛ حا�سية ال�ساوي على ال�سرح ال�سغري )337/1(. 31. انظر: البيان والتح�سيل )48/2(.

32. انظر: �سرح حدود ابن عرفة )�س178(.33. امليزان ـ عبد الوهاب ال�سعراين )36/1(، ط البابي احللبي، م�سر، ط1.

34. البيان والتح�سيل )157/4(.35. املرجع نف�سه، )419/3(.

،)288/4( �ــس، م، والتح�سيل، البيان وانــظــر: ،)369/4( نف�سه، املــرجــع .36و)369/4(.

37. انظر: العت�سام - ال�ساطبي، )390/1(. 38. انظر: �سرح حدود ابن عرفة )�س177(.

39. املعيار املعرب، م، �س، )388/6(. ثم متثل عقب هذا بقول ال�ساعر: وكم من عائب قول �سحيحا *** واآفته من الفهم ال�سقيـم

40. الون�سري�سي )834-914ه(.هو اأحمد بن يحيى بن حممد، اأبو العبا�س، الون�سري�سي التلم�ساين الأ�سل واملن�ساأ، فقيه مالكي. اأخذ عن علماء تلم�سان، ونقمت عليه حكومتها اأمرا فانتهبت داره وفر

اإىل فا�س �سنة 874ه فتوطنها اإىل اأن مات فيها.عن املعرب و"املعيار مالك"، الإمــام قواعد اإىل امل�سالك "اإي�ساح ت�سانيفه: من اأفريقية واملغرب" اثنا ع�سر جزءا، و"القواعد" يف فقه املالكية؛ و"الفائق فتاوى

يف الأحكام والوثائق"؛ و"الفروق".املوؤلفني ومعجم ،87 الديباج على البتهاج ونيل ،274 الزكية النور ]�سجرة

205/2، والأعالم 255/1[.41. املعيار املعرب، م، �س، )388/6(.

ال�سيخ هو هذا قائل اأن على هنالك ون�س .)161/1( الــدواين، الفواكه انظر: .42الأجهوري يف حا�سيته على خليل.

43. مرقاة املفاتيح �سرح م�سكاة امل�سابيح )411/2(.44. انظر: حا�سية رد املحتار - ابن عابدين، )147/1(، ون�س على ذلك يف موا�سع "مراعاة وقال: مراعاة اخلالف" )505/1(. با�ستحباب "�سرحوا اأخرى:قال:

اخلالف م�ستحبة" )603/2(. 45. غمز عيون الب�سائر يف �سرح الأ�سباه والنظائر )44/2(.

46. البحر املحيط يف اأ�سول الفقه - الزرك�سي )549/4(. 47. الأ�سباه والنظائر - تاج الدين ال�سبكى، )128/1(.

48. املرجع نف�سه، )128/1(. وانظر: )133/1(.49. قواعد الأحكام يف م�سالح الأنام - ابن عبد ال�سالم، )266/1(.

50. انظر: الأ�سباه والنظائر، م، �س، )128/1(.

51. �سرح النووي على م�سلم )23/2(. 52. انظر: حتفة املحتاج يف �سرح املنهاج وحوا�سي ال�سرواين والعبادي )298/1(.

53. املراد بذلك ما اأخرجه الأئمة عن عائ�سة يف املني اأنها قالت: "كنت اأفركه من ثوب لى اهلل عليه و�سلم"، �سحيح م�سلم، رقم: 106، )238/1(؛ �سنن ر�سول اهلل، �سيب الثوب، رقم: 371، )101/1(؛ �سنن الرتمذي، اأبي داود، باب باب املني ي�س

باب يف املني ي�سيب الثوب، رقم: 106 )199/1(. 54. حتفة املحتاج يف �سرح املنهاج وحوا�سي ال�سرواين والعبادي )1/ 298(.

55. انظر: املنثور - الزرك�سي، )129/2(.56. الأ�سباه والنظائر، م، �س، �س137.

57. �سرح ميارة على التحفة - )13/1(.ثم التلم�ساين الأن�ساري اأبو عبد اهلل قا�سم، بن 894ه(: حممد - الر�ساع )؟ .58التون�سي املغربي املالكي. له: " �سرح الأ�سماء النبوية"؛ "�سرح حدود ابن عرفة"؛ ال�سحيح". اجلامع لرواية والت�سحيح والتقريب "الت�سهيل الر�ساع"؛ "فهر�ست الأعالم 259/1–260؛ الزكية النور �سجر 287/8–288؛ الالمع ]ال�سوء

للزركلي )5/7([. 59. انظر: �سرح حدود ابن عرفة )�س183(.

اأبي اأف�سل خروجا من خالف اأكرهم لأنه قد نقل عن بع�سهم قول: الو�سل 60. قلت حنيفة؛ فاإنه ل ي�سحح الف�سل. نهاية املحتاج - الرملي، )113/2(.

القفال، بالكراهة: قال وممن �س137. ال�سيوطي، - والنظائر الأ�سباه انظر: .61والقا�سي ح�سني من ال�سافعية، انظر: نهاية املحتاج - الرملي، )113/2(. ومنع الوتر على مذهب احلنفية، و�سل يعلى، �سورة اأبو القا�سي وهو بع�س احلنابلة، "اإذا �سلى الثالث ب�سالم واحد ومل يكن جل�س عقيب الثانية: جاز واإن كان قال: جل�س، فوجهان: اأ�سحهما ل يكون وترا". الإن�ساف يف معرفة الراجح من اخلالف

- املرداوي، )121/2(.، رقم: 2083، 62. �سنن الرتمذي، رقم: 1102، )400/3(؛ �سنن اأبي داود، باب يف الويل

، رقم: 1879، )605/1(. )229/2(؛ �سنن ابن ماجه، باب ل نكاح اإل بويل63. املوافقات، م، �س، )191/5(.

64. �سحيح البخاري )81/3(؛ �سحيح م�سلم )1080/2(.يف املالك العلي فتح وانظر: .)291/4( ال�سحيحني حديث من امل�سكل ك�سف .65

الفتوى على مذهب الإمام مالك )61/2(.66. �سرح الأربعني النووية لبن دقيق العيد )�س45(.

67. زاد املعاد يف هدي خري العباد )371/5(.68. �سحيح البخاري )161/2(.

الرزاق عبد م�سنف )�س30(؛ يو�سف لأبــي ــار الآث )199/2(؛ داود اأبــي �سنن .69ال�سنعاين )516/2(؛ م�سنف ابن اأبي �سيبة )257/3(.

70. �سرح حدود ابن عرفة )�س180(.71. اأ�سول ال�سرخ�سي - )249/2(.

72. املوافقات، م، �س، )52/2(.73. املرجع نف�سه.

74. انظر: املعيار املعرب، م، �س، )388/6(.75. قواعد الأحكام يف م�سالح الأنام - ابن عبد ال�سالم، )267/1(. وانظر: املنثور،

م، �س، )129/2(. 76. البحر املحيط يف اأ�سول الفقه، م، �س، )549/4(.

77. العت�سام - ال�ساطبي، )390/1(.78. املرجع نف�سه.

"يجب علينا امل�سفى، ومتامها: كتابه الن�سفي احلنفي يف اإىل املقولة ن�سبت هذه .79اإذا �سئلنا عن مذهبنا ومذهب خمالفنا يف الفروع، اأن جنيب باأن مذهبنا �سواب يحتمل اخلطاأ، ومذهب خمالفنا خطاأ يحتمل ال�سواب". الفتاوى الفقهية الكربى - الهيتمي )313/4(. وانظرها يف امل�سادر الآتية: الدر املختار - احل�سفكي، )51/1(. وحا�سية رد املحتار - ابن عابدين، )51/1(. والقول ال�سديد - املوري،

�س53. واإر�ساد النقاد - ال�سنعاين، �س17.

Page 164: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 16436

جمالياتجمالياتجمالياتجماليات

االحتفال باملــولـد النبوي الشــريفودوره يف تشكيل فن السماع باملغرب

مقاربة أوليةد. حممد التهامي احلراقباحث يف الت�صوف وفن ال�صماع

الوجيزة املداخلة هــذه خــالل مــن اإىل يحتاج مو�سوع من نقرتب اأن درا�سات ويقت�سي ومو�سعة، كبرية علمية اأعمال والت�سوف والفقه التاريخ تخ�س�سات تتقاطعها وغريها، والأنــروبــولــوجــيــا واملو�سيقى والأدب من جــم اإخـــراج وذاك هــذا قبل ت�ستعجل، كما والعمل املهملة، اأو املن�سية والوثائق املخطوطات واإذاعتها ن�سرها ثم علميا على حتقيقها حتقيقا

بني النا�س.النبوي باملولد الحتفال مبو�سوع الأمـــر يتعلق املغربي. ال�سماع فن ت�سكيل يف ودوره ال�سريف النبوي باملولد الحتفال تــاريــخ مــن فــالقــرتاب فيه اأجنــز ما اأهمية على املــغــرب، يف ال�سريف

اإ�ساءات، ما يزال يف م�سي�س احلاجة وحوله من اإىل بحث يف املظان التاريخية للوقوف على تفا�سيل هذا الحتفال يف خمتلف اللحظات التاريخية منذ الهجري ال�سابع القرن الحتفال يف انطالق هذا على عهد العزفيني اإىل راهننا املعا�سر؛ وذلك من الحتفال الوقوف على خمتلف مظاهر هذا اأجل والعلمية ــيــة الأدب ــارهــا واآث وال�سعبية الر�سمية واأبعادها احل�سارية ومدى والدينية والجتماعية اإ�سهامها يف ت�سكيل وجه من اأوجه الهوية الدينية الوظائف ر�سد اأجل من وكذا الأق�سى؛ للمغرب املتعددة التي �سارت ت�سطلع بها كل تلك املظاهر؛ يف وعاداته بطقو�سه الحتفال، هذا �سار حيث والجتماع والإنــ�ــســاد والتزيني والطبخ اللبا�س

ن�صعى

Page 165: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

165 العدد 36 |

جماليات

الذكر ليايل واإحــيــاء العمالت و�سك والعمران والتذكري يف امل�ساجد والزوايا وامل�ساهد والبيوتات اخلا�سة... �سار هذا الحتفال بف�سل ذلك وغريه

عالمة مميزة لل�سخ�سية الإ�سالمية املغربية.اأن والباحثني البحث على ينبغي اآفـــاق هــذه ميخروا عبابها، فثمة اأ�سداف تنتظر يف �سغف من �سيظفر بها ليجليها لنا، كيما نتعرف على الأبعاد والفل�سفية وال�سيا�سية والنف�سية الجتماعية باملولد املغاربة لحتفال واحل�سارية واجلمالية كل تظل الــذي الحتفال وهــو ال�سريف؛ النبوي نــظــرة تعترب مــظــاهــره مــن خمــلــفــات الأعــــراف الوراثة تعللها التي التقاليد اأو الثانوية والعادات عن وكليلة قا�سرة نظرة تظل واحلنني، والألفة واإ�سرار الحــتــفــال هــذا امــتــداد خفايا اإدراك املغاربة، ر�سميا و�سعبيا، على التم�سك به واإحياء

وجتديد مظاهره و ومباهجه.�سيلزمنا يف البدء، وقبل تناول بع�س مقا�سد هذا

ال�سماع، فن ت�سكيل يف اإ�سهامه ومدى الحتفال انطالقه وتطوره. هي تاريخ قليال من اأن نقرتب

جمرد اإ�ساءات لي�س اإل.اقرتاب النب�ي: بامل�لد الحتفال اأول:

تاريخي من املعلوم اأن الحتفال باملولد النبوي الكرمي كان قد ظهر وانتع�س ر�سميا منذ عهد الفاطميني مب�سر احتفالهم �سمن به يحتفلون كانوا حيث وتون�س الأعظم، الــر�ــســول مــولــد وهـــي مــوالــيــد، ب�ستة عليهم البيت، اآل ومواليد و�سلم، عليه �سلى اهلل واحل�سني واحل�سن طالب اأبي ابن علي ال�سالم، وفاطمة الزهراء؛ ومولد اخلليفة احلا�سر. كما اأن مكة املكرمة كانت حتتفي بهذا العيد، حيث ينقل لنا الرحالة الأندل�سي ابن جبري يف "رحلته" عام )579ه/1183م( اأن م�سهد مولد الر�سول، �سلى اهلل عليه و�سلم، مبكة املكرمة يفتح يف �سهر ربيع كافة، النا�س فيدخله حتديدا الثنني يوم الأول

في عوالم فن السماع ثمة

أصداف تنتظر في شغف من سيظفر بها ليجليها لنا..

اإطاللة جمالية على القبة اخل�رشاء ال�رشيف ال��ن��ب��وي بامل�صجد

Page 166: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 16636

جماليات

وي�سيف اأبو العبا�س العزيف يف كتابه "الدر املنظم يف مولد النبي املعظم" اأن يوم املولد يتخذ عطلة امل�سرفة الكعبة فيه وتفتح املكرمة مبكة عامة

ليوؤمها الزوار.ال�ساد�س القرنني يعني الباحثني بع�س كان واإذا ظهور تــاريــخ باعتبارهما الهجريني والــ�ــســابــع فاإن ال�سريف1، النبوي املــولــد بعيد الحــتــفــال طوال به احتفلوا العبا�سيني "اأن يوؤكد غريهم قد عامة وال�سيعة العلويني واأن عهودهم خمتلف العبا�سية2"، الدولة قيام قبل حتى به احتفلوا خالل ال�سريف الــنــبــوي بــاملــولــد احتفل وممــن بن الدين مظفر امللك الهجري ال�سابع القرن )وهي اأربــل اأمري الدين �سالح �سهر الدين زيد مدينة تقع جنوبي �سرقي املو�سل بالعراق( )تويف 630ه/1232م(. وقد زار هذه املدينة ابن دحية

ع�سر يف املغرب علماء كبار من وهــو ال�سبتي، راأى وحــني )604ه/1207م(، عــام املوحدين، املولد بعمل وولــعــه الــديــن مظفر امللك احتفال مولد يف "التنوير كتاب له األف ال�سريف النبوي

ال�سراج املنري".اأما يف املغرب، فقد كان اأول من دعا اإىل الحتفال العزيف العبا�س ــو اأب الكرمي النبوي املولد بعيد ويذكر )633ه/1236م(، �سنة املتوفى ال�سبتي املنظم "الدر تاأليفه بداأ الذي الكتاب يف مقدمة يف مولد النبي املعظم" احلافز الذي حدا به اإىل الدعوة لهذا الحتفال؛ ذلك اأن اأبا العبا�س العزيف للن�سارى وجمــاراتــهــم امل�سلمني متابعة لحــظ و"املهرجان" "النريوز" باأعياد احتفالهم يف فدفعته ال�سالم"، عليه امل�سيح ال�سيد و"ميالد غريته على الإ�سالم وامل�سلمني يف الأندل�س وخوفه على هويتهم ودينهم اإىل اأن يفكر يف ما يدفع هذه املناكر ولو باأمر مباح. فكان اأن انتبه اإىل �سرورة العناية مبولد النبي الكرمي، �سلى اهلل عليه و�سلم، فبداأ يطوف على الكتاتيب القراآنية ب�سبتة وي�سرح

هذا مــن الفا�سلة والــغــايــات املــغــزى ل�سغارها الحتفال، كما ح�س على تعطيل قراءة ال�سبيان يف هذا اليوم العظيم. وهكذا انطلق هذا الحتفال ـــداأ يـــدب بني ب اأ�ــســكــال املــقــاومــة ملــا ك�سكل مــن احتفالتهم يف للن�سارى حماكاة من امل�سلمني

باأعيادهم الدينية. �سبتة، اإمـــارة الــعــزيف قا�سم اأبــو ابنه تــوىل وملــا فاحتفل والــده رغبة اأن حقق اإجنــازاتــه من كان اإمارته من ربيع اأول يف النبوي باملولد �سبتة يف عذارى ابــن وي�سف )648ه/1250م(، عــام ربيع اأول العزيف يف قا�سم اأبي احتفال املراك�سي العظام، ماآثره "ومن فيكتب: الكرمي، باملولد له قيامه مبولد النبي، عليه ال�سالم، من هذا العام، فيطعم فيه اأهل بلده األوان الطعام، ويوؤثر اأولدهم ليلة يوم املولد ال�سعيد بال�سرف اجلديد من جملة اإليهم والإنعام، وذلك لأجل ما يطلقون الإح�سان الأزقة وال�سنائع واحلوانيت مي�سون يف املحا�سر اليوم ال�سالم، ويف طول النبي عليه ي�سلون على مدح البلد اأهــل جلميع امل�سمعون ع ي�سم املذكور والإطعام وال�سرور بالفرح ال�سالم، عليه النبي للخا�س والعام، جار ذلك على الدوام يف كل عام

من الأعوام3."اأكمل اأن وبعد الحتفال، هذا اإ�ساعة اأجــل ومن مولد يف املنظم "الدر ــده وال كتاب القا�سم اأبــو اإىل اخلليفة ما بن�سخة منه النبي املعظم"، بعث املرت�سى عمر املوحدين �ساللة يف الأخــري قبل احل�سنة" كما "البدعة هذه باإحياء عليه م�سريا و�سفها كتاب "الدر املنظم"، ف�سار هذا اخلليفة بها ويحتفل مبراك�س املولد ليلة يحيي املوحدي احتفال. ويبدو اأن الإن�ساد وال�سماع كانا حا�سرين كما الحتفال، هذا يف رئي�سني كمحورين اأي�سا يوحي بذلك "كتاب امل�سموعات" الذي األفه موؤرخ بن بن حممد علي بن احل�سن علي اأبو املرت�سى بابن ــعــروف امل ــرهــوين ال الكتامي املــالــك عبد

الحتفال المغاربة بالمولد النبوي الشريف أبعاد

اجتماعية ونفسية وسياسية

وفلسفية وجمالية وحضارية بالغة

الغنى..

Page 167: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

167 العدد 36 |

جماليات

وهو )661ه/1263م(. مراك�س نزيل ان القطكتاب �سمنه ق�سائد خمتارات فيما يخ�س املولد وغري ورم�سان، و�سعبان رجــب و�سهور الكرمي،

ذلك.وهو كتاب مفقود. وقد امتد الحتفال باملولد النبوي يف املغرب على عهد املرينيني اإىل اأن اأ�سبح عيدا ر�سميا معمما يف جميع جهات املغرب مع يو�سف بن يعقوب بن عبد احلق املريني اأواخر �سفر عام )691ه/1292م(. ويف اأيام اأبي �سعيد الأول بن يو�سف اأ�سيف اإىل ليلة ال�سلطان هذا اأيام ويف ب�سابعه، الحتفال املولد بليلة الحــتــفــال بنفقات الــقــيــام ــة ــدول ال تبنت هذه اتخذت وقد اململكة. جهات �سائر يف املولد الحتفالت طابعيها الحتفائي الباذخ والبهي مع اأبي احل�سن واأبنائه، حيث داأب اأبو احل�سن املريني على اإحياء ليلة املولد �سفرا وح�سرا؛ اإذ يقتني لها مع والطيب؛ والبخور واحللويات املطاعم األــوان املجال�س اإعداد والتاأنق يف الزينة اإظهار مظاهر من اجلميع ويــاأخــذ وطبقته، مرتبته ح�سب كل هذه يف ويقدم اأطيبه، ريحه ومــن اأبــهــاه لبا�سه والياب�سة الطرية الفواكه من ولذ ما طاب الليلة واحللويات وغريها، وقد يقع الإطعام بعد الع�ساء و�ساد املجال�س "ا�ستوت اإذا وكــانــت الآخــــرة. ال�سمت قام قارئ الع�سر فرتل ح�سة من القراآن الكرمي، ويتلوه عميد املن�سدين ويوؤدي بع�س نوبته املولد بليلة والتهاين املديح ق�سائد دور ياأتي مت

الكرمي4."الر�سمية تــواكــب )هـــذه( الحــتــفــالت وكــانــت الأفـــراح تــقــام حيث �سعبية، اأخـــرى احــتــفــالت وتزين النا�س ويتجمل بالأ�سواء، املدن وت�ستنري الأول ربيع مــن الــثــاين ع�سر يــوم و�ــســار املـــدن. القراآنية، للكتاتيب بفا�س ال�سبيان دخــول يوم ال�سوفية داأب كما الأطــفــال. خلتان ومنا�سبة بالبيوتات اأو بزواياهم العيد بهذا الحتفال على اخلا�سة؛ فهذا اأبو مروان عبد امللك الريفي اأحد

اآ�سفي، دفني املاجري �سالح حممد اأبي تالمذة بح�سور ب�سبتة منزله يف الــنــبــوي املــولــد يقيم ال�سماع، الليلة يف وي�ستعمل اإليهم ومن املريدين كما اأن �سعراء امللحون يف هذا العهد كانوا يتبارون النبوي املولد مبنا�سبة ال�سعرية براعتهم لإظهار امليدان يف العيد يــوم �سباح يجتمعون "حيث لإلقاء الآخر تلو واحدا املن�سة ويعتلون الرئي�سي ب ين�س ثم النا�س، عليهم جتمهر وقد اأ�سعارهم ال�سبق5." اأحرز منهم ق�سب لل�سعراء من اأمريا ويذكر كذلك اأن ال�سلطان املريني كان يقيم حفال والأدب، العلم رجال له ي�ستدعي املنا�سبة بهذه فينعم اأمامه الق�سائد يلقون كانوا ال�سعراء واأن وو�سيف وفر�س دينار مبائة الأول الفائز على وحلته التي يكون لب�سا يف هذا اليوم ومينح �سائر

القراء خم�سني دينارا لكل واحد6. ــــرت هــذه الحــتــفــالت مع وقــد ازدهـــت وازدهو�سف كما املن�سور عهد يف وتعيينا ال�سعديني، "مناهل يف الف�ستايل العزيز عبد باإ�سهاب ذلك ال�سفا" مما �سنقف عليه لحقا، لتتطور بعد ذلك العلوية. وقد عر�س الدولة التقاليد يف عهد هذه بن الرحمن املــوؤرخ مولي عبد لنموذج من ذلك الحتفال وهو وال�سولة"، "العز كتابه يف زيدان زماننا يف منه رائعة ف�سول نعي�س مازلنا الذي احلا�سر. على اأن امتداد هذا الحتفال على مدى والغايات املقا�سد هي ما نت�ساءل: يجعلنا قرون "البدعة بــهــذه يتم�سكون املــغــاربــة جعلت الــتــي

احل�سنة" ويتفننون يف الحتفاء بها واإحيائها؟

ال�صريف النب�ي بامل�لد الحتفال ثانيا: ومقا�صده

من ــرجــوة امل املــقــا�ــســد كــل هــنــا ن�ستق�سي لــن بع�سها على التمثيل ح�سبنا بل الحتفال، هــذا

وحتريرها بنماذج مبينة.عليه اهلل �صلى اهلل بر�ص�ل الفرح .1

أول من دعا إلى االحتفال بعيد المولد النبوي الكريم في

المغرب هو أبو العباس العزفي السبتي المتوفى

سنة)633ه/1236م(.

Page 168: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 16836

جماليات

و�صلمالكرمي ويطلبه النبوي باملولد اأبرز ما يعرب عنه الحتفال اإن من عليه اهلل �سلى هو الفرح بولدة "الفجر الأعظم7" �سيدنا حممد، بف�سل "قل تعاىل: قوله من �سرعيته امل�ستمدة الفرح وهو و�سلم، اهلل وبرحمته فبذلك فليفرحوا" )يون�س: 58(. فقد جاء يف "الدر عبا�س ابن عن منقول غريه ويف ال�سيوطي للحافظ املنثور8" يف تف�سري هذه الآية قوله: "ف�سل اهلل العلم ورحمته حممد، �سلى عليه اأنه، اإىل يذهب العارفني بع�س اإن بل و�سلم9"، عليه اهلل رحمة بعثوا قد الر�سل �سائر كان ملا اإذ عينها؛ الرحمة ال�سالم، اإىل اأقوامهم؛ وكان، �سلى اهلل عليه و�سلم، قد فاقهم خلقا وخلقا وعلما وكرما؛ حتى ا�ستمدوا من روحانيته غرفا من البحر اأو ر�سفا الرحمة" لقوله "عني هو و�سلم، عليه اهلل �سلى كان، الدمي، من �سبحانه: "وما اأر�سلناك اإل رحمة للعاملني" )النبياء: 106(10. من هنا وجب علينا الفرح والبتهاج واحلبور بهذه الرحمة التي اأهداها اأبو العبا�س املر�سي يف لنا ومن بها علينا احلق �سبحانه. فقد قال ونبينا �سلى اهلل عليه اأممهم عطية، اإىل "الأنبياء نفي�سة: لطيفة و�سلم لنا هدية، وفرق بني العطية والهدية؛ لأن العطية للمحتاجني "اإمنا و�سلم: ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه قال للمحبوبني، والهدية اأنا رحمة مهداة11." ومن ثم كان الحتفال بهذا العيد فرحا بهذه الرحمة الربانية املهداة و�سكرا على هذه النعمة امل�سداة التي اأنعم اهلل علينا بها ملا بعث فينا خليله وحبيبه امل�سطفى �سلى اهلل عليه

و�سلم. ومما يزكي م�سروعية هذا الفرح ما يروى عن اأبي لهب اأن العبا�س بن عبد املطلب راآه بعد مماته يف املنام ف�ساأله عن حاله، فقال له: "يف النار، اإل اأنه يخفف عني كل ليلة اثنني باإعتاقي ثويبة ]الأ�سلمية، جاريته[ عندما ب�سرتني بولدة النبي �سلى اهلل عليه و�سلم12"، فاإذا اأو خري مع كفره، حيث كان هذا حال الكافر الذي ل تنفعه طاعة يخفف عنه العذاب فقط اإكراما له لفرحه بولدة ر�سول اهلل، �سلى اإميانه حتى يكمل املوؤمن الذي ل اهلل عليه و�سلم، فما بال امل�سلم اأجمعني. ذاك والنا�س اإليه من نف�سه وولده اأحب يكون امل�سطفى هو املعنى الذي �سمنه احلافظ �سم�س الدين حممد بن نا�سر الدين

الدم�سقي يف هذه الأبيات البديعة ملا قال: ه اإذا كــان هذا كـافــرا جاء ذم

يثبت يـداه يف اجلحيم خملدا

اأتى اأنه يف يوم الثنني دائـــمــاف عنه لل�سرور بــاأحمدا يخف

فما الظن بالعبد الذي كـــان عمرهباأحمد م�سرورا وبات مـوحدا

من يتخذون للم�سطفى املحبني جعل الــذي هو الفرح هذا ولعل الفرح والأ�سحى يف الفطر ي�سارع عيدي يوم مولده عيدا عظيما وال�سرور، ويزيد عليهما بامتداد ال�سرور بحب امل�سطفى يف الزمن بذكر للمحبني وقــت كــل اإذ اآخـــر؛ دون بوقت انح�ساره ــدم وع

الها�سمي عر�س13. يقول ال�ساعر:الـم�سلمـــون ثالثة اأعيـادهم

الفطر والأ�ســـــحى وعيد املولدفاإذا انق�ست اأفراحهــم ف�سرورهم

ل ينق�ســـي اأبـدا بحب حممــد14ت�سري و�ساأوه �ساأنه وتعظيم املولد عيد ذاته يف متجيد املعنى هذا اإليه وتزكيه حكاية دالة جرت بني العامل ال�سويف ابن عباد الرندي عباد ابن ذكر "فقد �سال؛ دفني عا�سر بن اأحمد ال�سالح والويل رحمه اهلل ونفع به اأنه خرج يف يوم ميالده، عليه ال�سالم، اإىل خارج مع اهلل، رحمه عا�سر، ابن احلــاج ال�سالح الــويل فوجد البالد، جماعة من اأ�سحابه، فا�ستدعوه لأكل الطعام، قال فاعتذرت باأين �سائم فنظر اإيل ال�سيخ نظرة منكرة، وقال يل: اإن هذا اليوم يوم اإن بل عيد15"، يوم لأنه ال�سيام؛ فيه ي�ستقيم فال و�سرور، فرح ليلة يف�سلون والعارفني العلماء من الكثري جعل مبولده البتهاج بن اأحمد بن عبد اهلل حممد اأبا اإن القدر حتى ليلة على ميالده مرزوق األف ر�سالة يف اإثبات ذلك �سماها: "جنا اجلنتني يف ف�سل وع�سرين اإحدى القدر من ليلة على املولد ليلة فيها الليلتني" اآثر

وجها16.كل هذه الإ�سارات تربز اأن الفرح بر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه و�سلم، واحد وا�ستدامته من املقا�سد اجلليلة من مقا�سد الحتفاء مبولده

الكرمي17.

و�صلم عليه اهلل �صلى اهلل ر�ص�ل على ال�صالة .2 املق�سد الثاين الذي يتحقق من الحتفال باملولد النبوي الكرمي،هو اإبراز مزايا وف�سائل ال�سالة على ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه و�سلم، يف لالإبحار متميزة منا�سبة الحتفال هذا يعد اإذ منها؛ والإكثار

Page 169: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

169 العدد 36 |

جماليات

ال�سالة على ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه و�سلم، والنهل من اأنوارها والقتبا�س من اأ�سرارها وغنى عن البيان ف�سل ال�سالة على الر�سول الأكــرم، وما ورد فيها من ح�س وندب وترغيب يف القراآن وال�سنة ال�سريفة، فقد قال تعاىل: "ان اهلل ومالئكته ي�سلون على النبيء، ،)56 ت�سليما" )الحزاب: الذين ءامنوا �سلوا عليه و�سلموا ياأيها وورد عنه، �سلى اهلل عليه و�سلم، اأنه �سوهد وقد اأطال ال�سجود، فلما اآتاين يف اأمتي، "هذه �سجدة �سجدتها �سكرا لربي فيما �سئل قال: اإنــه، �سلى اهلل بل عليه ع�سرا"، واحــدة �سلى اهلل من �سلى علي عليه و�سلم، و�سف املعر�س عن ال�سالة عليه بالبخيل، ملا قال عليه ال�سالم: "البخيل من ذكرت عنده فلم ي�سل عليه"، كما اأن ال�سالة عليه توجب �سفاعته، �سلى اهلل عليه و�سلم، لقوله: "من �سلى علي وال�سالة اأو �ساأل يل الو�سيلة، حقت عليه �سفاعتي يوم القيامة18". �سائر يف املوؤمن على واجبة و�سلم، عليه اهلل �سلى ر�سول، على الأوقات، لكنها ت�سبح اأكر ح�سورا اأو ظهورا وانتعا�سا يف منا�سبة املولد النبوي ال�سريف، لأنها تعد جملى من جمايل الفرح بر�سول

اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم.

يف وتثبيتها الأك���رم الر�ص�ل حمبة ع��ن التعبري .3القل�ب

املق�سد الثالث الذي تقف عنده واملطلوب من الحتفال بعيد املولد من تثبيتها على والعمل حمبته عن التعبري هو ال�سريف النبوي الأفئدة وتر�سيخها يف القلوب، وذلك اأن هذه املحبة �سرط يف الإميان فقد ورد يف احلديث ال�سريف قوله �سلى اهلل عليه و�سلم: "ل يوؤمن اإليه من ولده ووالده والنا�س اأجمعني19"، اأحدكم حتى اأكون اأحب للموؤمن اأحــب ال�سالم، عليه امل�سطفى، املحبوب يكون حتى بل للنبي اأنه قال من نف�سه؛ فعن عمر بن اخلطاب، ر�سي اهلل عنه، �سلى اهلل عليه و�سلم: "لأنت اأحب اإيل من كل �سيء اإل نف�سي التي اأحدكم حتى يومن لن و�سلم: له �سلى اهلل عليه فقال بني جنبي، الكتاب عليك اأنزل والذي عمر: فقال نف�سه، من اإليه اأحب اأكون لأنت اأحب اإيل من نف�سي التي بني جنبي، فقال له النبي �سلى اهلل اهلل �سلى الر�سول، حمبة واإ�ساعة يا عمر20". الآن و�سلم: عليه عليه و�سلم، وتثبيتها وتر�سيخها هو تر�سيخ ملختلف مناحي الدعوة املحمدية وقيمها ومثلها واأخالقها وف�سائلها؛ لأن من اأبرز عالمات من يجعل مما مطيع، يحب ملن املحب اإذ املحبوب طاعة املحبة

مقت�سيات حمبة امل�سطفى، �سلى اهلل عليه و�سلم، اتباعه والتم�سك ب�سنته والتخلق باأخالقه و�سلوك نهجه والذود عن حرمته والتحقق مببادئ دعوته وقيم ر�سالته، قال تعاىل: "قل اإن كنتم حتبون اهلل

فاتبعوين يحببكم اهلل" )ءال عمران: 31(.

وحت�صني املغربية الإ�صالمية ال�صخ�صية تر�صيخ .4ه�يتها الدينية

هذا املق�سد هو نتيجة ترتتب �سرورة عن املق�سد الآنف، فالتعلق كما ب�سنته التم�سك يقت�سي مبحبة والتحقق الكرمي، بالر�سول �سلف، وهو ما يعني م�ساهمة الحتفال بعيد مولده يف تقوية وتغذية الهوية الإ�سالمية املغربية، وتر�سيخ التخلق باأخالق الر�سول الكرمي، عرب ا�ستح�سار �سريته ومكارمه وكمالته ومعجزاته واأ�سول ر�سالته ومقا�سد دعوته، ويكفي التذكري ببع�س عادات املغاربة يف مثل هذه بردة واإن�ساد عيا�س للقا�سي "ال�سفا" كتاب �سرد مثل املنا�سبة الإمام �سرف الدين البو�سريي وهمزيته ووتريات الإمام البغدادي خالل الثني ع�سر يوما من ربيع الأول، وكلها اأخالق نبوية و�سرية م�سطفوية منظومة اأو منثورة اأو ت�ستح�سر يف �سكل حمبوب وحمبب

يف ال�سنة النبوية ال�سريفة ويف التعلق والتخلف بها. ال�سخ�سية وتغذية تر�سيخ يف الحــتــفــال هــذا دور يدعم وممــا انطالق عادة كون اإليه من الإ�سارة �سبقت ما املغربية الإ�سالمية لأهل الإ�سالمية الهوية على املحافظة بغاية كانت الحتفال هذا للن�سارى. وذاك ما الديني التقليد �سبتة والأندل�س و�سرفهم عن ي�سوغ هذا املق�سد يف �سياقنا احل�ساري والتاريخي والذي تهدد فيه

العوملة الثقافية كل الهويات الفقرية باملحو والتذويب.هذه فقط مناذج من املقا�سد والغايات املطلوبة �سرعا من الحتفال التي عينها هي املقا�سد هذه كانت وملا ال�سريف، النبوي باملولد لالأ�سعار ترتيال باعتباره املغربي ال�سماع فن ويطلبها يخدمها اأو �سوفية، وفق الطبوع الأندل�سية املغربية الدينية، مديحية كانت اأبرز الحتفال هذا منا�سبة بالنتيجة كانت اآلت، اأو معازف دون فر�سة لنتعا�س فن ال�سماع املغربي خ�سو�سا يف �سق املديح النبوي اإطارا ال�سريف النبوي املولد منا�سبة دوما �سكلت ال�سريف، حيث تنغيم لتوهج وجمــال النبوي، املديح يف النظم لنتعا�س حيويا خمتلف الن�سو�س املت�سلة ب�سرية الر�سول، �سلى اهلل عليه و�سلم، ومكارمه، ل�سمائله واملـــربزة عليه وال�سالة ومعجزاته ومــولــده

Page 170: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 17036

جماليات

ملحونة. اأم مو�سحة اأم موزونة ف�سيحة اأكانت واإليكم اإملاعات لبع�س حمطات ت�سكل فن ال�سماع بقوة وعمق، ت�سكيلها، اأ�سهمت يف والتي املغربي الحتفالت املتواترة بعيد املولد النبوي ال�سريف.

فن وت�صكل امل�لدية الحتفالت ثالثا: ال�صماع باملغرب

منذ انطالق الحتفال باملولد النبوي ال�سريف يف ال�سابع القرن خالل �سلف كما املوحدي املغرب الغناء من جديد "نوع معه بتواز ظهر للهجرة، الحتفال اإحــداث اأن ذلك بال�سماع21". يعرف اإن�ساديا فنا الــوجــود اإىل اأبـــرز املنا�سبة بــهــذه النبوي املديح ق�سائد اإن�ساد على يقوم جديدا الأندل�سية املو�سيقى طبوع وفق املولديات وترنيم وكما والآلت. للمعازف ا�ستعمال دون املغربية يتبدى من هذا التعريف فاإن هذا الفن قد ا�ستفاد املغرب على الأندل�سيني الوافدين مو�سيقى من الرتاث مع تفاعالتها ومن املرابطني عهد منذ من اأي�سا ا�ستفاد كما املحلي، املغربي الفني يف للهجرة ال�سابع القرن �سهده الذي النتعا�س اأعالم واأ�سماء �سعر املديح النبوي بظهور �سعراء بارزة يف النظم ال�سويف، اأمثال اأبي مدين الغوث )تويف 594ه/1198م( و�سرف الدين البو�سريي )تويف 608ه/1211م( وعمر بن الفار�س )تويف )تويف ال�س�سرتي احل�سن واأبي 632ه/1235م(

668ه/1269م(.. اإلخ.

وميكن اأن نقف على بع�س م�سامني املادة الإن�سادية الأوىل لهذا الفن من خالل ما اأ�سحى يتغنى به يف احلفالت املولدية العزفية، حيث يخربنا ابن دراج ما معظم اأن 693ه/1293م( ــويف )ت ال�سبتي يرتمن به على عهده "اإما مدح امل�سطفى �سيد ولد البيت اإىل م�ص�قات واإما املر�سلني، وخامت اآدم الدنيا يف تزهد زهديات واإما واحلطيم)...(، ومتاعها القليل)...(، واإما وعظيات تذكر العبد

بذنبه الذي �سبق يف اأم الكتاب22." وتبني النبوي باملولد الر�سمي وبامتداد الحتفال ال�سوفية الطرق لــدن من اأي�سا الحتفال هــذا لفن �ستتاح وتنوعها، اختالفها على املنتع�سة للتداول متجددة واإمكانات هامة �سروط ال�سماع والرواج والتوهج، ومن ثم �سيعرف تطورا وتبلورا اإن على �سعيد املنت النظمي اأو على �سعيد الإن�ساد راأينا الذي املوحدي العهد ومنذ هكذا، النغمي. الحتفالت يف اأ�سا�سيا ثابتا فيه ال�سماع ح�سور "امل�سموعات" الر�سمية كما يدل على ذلك كتاب حيث احل�سور، هــذا وميتد �سيتالحق املفقود، املريني الع�سر يف الفن بهذا العناية �ستنتظم حني �سي�سبح املولد النبوي عيدا عاما يف املغرب عام املــريــنــي احلــق عبد بــن يو�سف عهد على )691ه/1292م(؛ اإذ �ستح�سر العناية بالإن�ساد وال�سماع يف احلفالت ال�سلطانية الر�سمية كما يف القراآنية الكتاتيب اأطفال مع ال�سعبية احلفالت اأو مع حلقات الذكر لدى اجلماعات ال�سوفية23. -875( الوطا�سي الع�سر مــع �سيمتد مــا وهــو 956ه/1470-1549م(24، ثم ب�سكل خا�س مع

املولدية احلفالت اتخذته الذي الكبري الحتفاء ال�سعدية على عهد اأحمد املن�سور الذهبي)988-

1017ه/1578-1608م(.

لأحد دقيقا و�سفا ال�سفا" "مناهل يف نــقــراأ "فاإذا الف�ستايل: يقول احلفالت. هذه جمال�س وتقاربت ال�سفوف وا�سطفت ـــورود، ال ا�ستوت مقاعدها ور�سيت الأ�سكال، وتاآلفت الأجنا�س ال�سراة )...( تقدم اأهل الذكر والإن�ساد يقدمهم قراءة من الواعظ يفرغ اأن بعد من م�سائخهم النبي، بف�سائل ال�ستفتاح من املقام ينا�سب ما والثناء معجزاته و�سرد و�سلم، عليه اهلل �سلى ــه، واندفع �ــســريــف مــقــامــه وعــظــيــم جــالل عــلــى اأ�ساليب على مبنظومات الأ�سوات لرتجيع القول اهلل �سلى الكرمي، النبي اأماديح يف خم�سو�سة

انطلق هذا االحتفال كشكل

من أشكال المقاومة لما بدأ يدب بين

المسلمين من محاكاة للنصارى في احتفاالتهم بأعيادهم الدينية.

Page 171: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

171 العدد 36 |

جماليات

"املولديات" با�سم العرف يخ�سها و�سلم، عليه حلنوها قــد ــكــرمي، ال الــنــبــوي املــولــد اإىل ن�سبة باأحلان تخلب النفو�س والأرواح، وترق لها الطباع وتق�سعر والأ�سباح، ال�سدور يف الن�سراح وتبعث لها جلود الذين يخ�سون ربهم، يتفننون يف اأحلانها على مذهب تفننها يف النظم، فاإذا اأخذت النفو�س الكرمية، املولديات باأحلان ال�ستمتاع من حظها بالرقيق من كالم املزمزمون الذكر اأهل تقدمت عنه، اهلل ر�سي ال�س�سرتي، احل�سن اأبــي ال�سيخ وكالم غريه من املت�سوفة اأهل الرقائق. كل ذلك ال�سعر نفي�س من للبيتني املن�سدين نوبات تتخلله يتحينون به املنا�سبة بينها وبني ما يتلى من الكالم

عند الإن�ساد25."لنا ت�سيء نفي�سة بتفا�سيل الن�س ميدنا اإن هذا بع�س ق�سمات فن ال�سماع خالل الع�سر ال�سعدي،

حيث الإن�ساد باأ�سلوب منه تعلق ما وخ�سو�سا الأندل�سي، النهج الأ�سلوب وفق ي�سجل تطور هذا املو�سحات اإنــ�ــســاد يف التفنن ــالل خ مــن وذلـــك والعناية باإن�ساد "البيتني26"، مع حتني "املنا�سبة" ن�سجل كما معانيها. بني والتن�سيق الأ�سعار بني التمييز من بنوع توحي هامة اإ�ــســارة الن�س يف الق�سائد اأي املولديات"؛ "اإن�ساد بني ال�سماع يف اخلا�سة باملولد النبوي ال�سريف، وبني "الزمزمة يف ال�سوفية مبرددات التغني اأي القوم"؛ بكالم حلق الذكر، وهو التمييز الذي �سوف يتبلور ب�سكل كالم و�سق النبوي املديح �سق بني لحقا وا�سح

القوم يف فن ال�سماع.املولد بعيد الر�سمية احلفالت هذه غــرار وعلى خا�سة عناية الــزوايــا اأولـــت ال�سريف، النبوي �سلى حممد، �سيدنا الأعظم" "الفجر بـــولدة

احلرم املكي ال�رشيف

Page 172: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 17236

جماليات

احتفاءات بدورها اأقامت حيث و�سلم، عليه اهلل روحية واحتفالت طقو�سية �سوفية بهذه املنا�سبة الذي ال�سماع، فن اأمــام ف�سح ما وهو املحمدية. القرن يف الأول عــهــده منذ بالت�سوف اقـــرتن الثالث للهجرة، اإمكانات اأخرى ملزيد من التطور الويل اأن اإىل ن�سري وهنا والزدهـــار. والنتعا�س عبد تلميذ ح�سون بن اهلل عبد �سيدي ال�سالح "الطبوع اأرجـــوزة �ساحب الون�سري�سي الــواحــد والطبائع" �سوف يجيز ا�ستعمال الآلت يف زاويته مبنا�سبة املولد النبوي ال�سريف، وهي العادة التي ما تزال قائمة باملوازاة مع الحتفالت البديعة لـ يف ب�سال، النبوي املولد ال�سموع" خالل "موكب الوقت الذي اعتنت فيه زوايا اأخر خالل منا�سبة املولد بال�سماع املجرد من الآلت واملعازف. فهذا للمولد ال�سماع يف يرخ�س املحا�سن اأبو "ال�سيخ عظيم، خــلــق عــنــده لــذلــك فيجتمع الــ�ــســريــف، مقطعات يحفظون الذين ال�سماع اأهــل ويح�سر ال�سيخ اأبي احل�سن ال�س�سرتي وما يجري جمراها، ويحكمون �سناعة تلحينها دون اآلة، ويحكمون طرق ال�سعر بــاأوزان املوزونة املعربة امليالديات تلحني العربي وما يجري جمراه، وامللحونة املوزونة على عرو�س البلد وغريه على العادة يف ذلك بح�سرة

فا�س27." اإن ما كانت تعرفه الزاوية الفا�سية خالل عهد موؤ�س�سها اأوائل القرن احلادي ع�سر للهجرة، لي�س ومعمول متداول اأ�سحى قد كــان ملا منوذجا اإل مع باملغرب؛ ال�سوفية الزوايا من العديد يف به يف بال�سماع العناية اأن اإىل هنا الإ�سارة �سرورة بركن ووثيق ع�سوي ب�سكل تت�سل كانت الزوايا من اأركان الت�سوف يف جميع الطرق، وهو الذكر ما وهــذا واأوراد، ت�سابيح من جمــراه يجري وما بها املتغنى الإن�سادية املادة �سمن ندخل يجعلنا يف ال�سماع بالزاوية، اإىل جانب الن�سو�س ال�سعرية ومقطعاتهم، واأنا�سيدهم القوم واأ�سعار املولدية

ن�سو�سا اأخرى "نرية" مثل الدعوات وال�سلوات بالأنغام اأي�سا حتلى ن�سو�س وهــي والأحـــزاب، على ال�ساأن، هو كما والتلحني الرتنيم وي�سملها �سبيل املثال، مع "ال�سالة امل�سي�سية28" و"اأحزاب اخلريات30" و"دلئل ال�ساذيل29" الإمـــــام الدامي31" "�سبحان وحـــزب اجلـــزويل لــالإمــام بن �ــســيــدي حمــمــد ال�سيخ اأتــبــاع بــني املـــتـــداول من واحـــد الــنــريــة الن�سو�س وتــرنــيــم عي�سى. ال�سوفية32، الزوايا يف ال�سماع خ�سائ�س اأهم بل لعله امل�سدر الأ�سا�س لظهور الأ�سلوب املغربي يف اإن�ساد املولديات النرية33 �سمن حفالت عيد الأ�سلوب هــذا ويتميز ال�سريف. النبوي املــولــد تن�سد "مواقف" اإىل النري املولد منت بتق�سيم فرديا، بحيث يخ�س�س كل موقف بطبع اأو بجملة "املواقف" هذه ويتخلل املتجان�سة، الطبوع من يف تــعــرف خم�سو�سة ل�سالة جماعي اإنــ�ــســاد بع�س املوالد بـ"التعطرية" كما هو ال�ساأن يف مولد "اإ�سعاف الراغب" ملحمد بن جعفر الكتاين؛ كما تخلل مب�ستعمالت مديحية تنا�سب نغم ودللت كل موقف، ليتم يف نهاية املوقف الأخري عند النتهاء عليه اهلل �سلى امل�سطفى، ولدة اإىل ال�سرد يف و�سلم، الوقوف جماعيا واإن�ساد البيت ال�سهري لبن

ال�سباغ اجلذامي )تويف 648ه/1250م(:

د وقوفا على الأقدام يف حق �سيمه الأمالك واجلن والإن�س 34 تعظ

جديدة، بروح ال�سماع فن �سخ عمل اأبرز ويبقى اأف�ست اإىل تكثري اأحلانه وتو�سيع من�سداته وتطوير منا�سبة يف خ�سو�سا وح�سوره الغنائي ر�سيده خالل بــه، قــام مــا هــو ال�سريف، النبوي املــولــد القادر عبد بن حممد بن اأحمد العلوي، الع�سر حني 1164ه/1750-1751م(، )تويف الفا�سي اأقدم على تخ�سي�س نوبة رمل املاية كاملة للمديح الأربعة35 ميازينها اأ�سعار بتحويل وذلك النبوي،

لما تولى أبو قاسم العزفي

إمارة سبتة، كان من إنجازاته أن

حقق رغبة والده فاحتفل في سبتة

بالمولد النبوي في أول ربيع من

إمارته عام)648ه/1250م(.

Page 173: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

173 العدد 36 |

جماليات

والن�سيب الغزل اأغــرا�ــس من "الآلة" طــرب يف والت�سبيب وو�سف الطبيعة وجمال�س الأن�س36، اإىل النبوي من �سمائليات وحجازيات اأغرا�س املديح

وا�ست�سفاع بالر�سول �سلى اهلل عليه و�سلم37. وتتجلى اأهمية مبادرة الفا�سي هاته يف كونها فتحت اآفاقا رحبة اأمام املن�سدين للتغني باأحلان مو�سيقى الأماكن يف وم�سارب، معازف دون "الآلة"، املقد�سة املخ�س�سة لل�سعائر والعبادات كامل�ساجد وامل�ساهد والزوايا. كما اأنها من ناحية ثانية اأتاحت "رئة اأخرى" يتنف�س بها حني ي�سيق لطرب الآلة عليه اخلناق بكرة النقد وفتاوى الإنكار. ولهذا، الآليون املو�سيقيون راح الفا�سي، لبتكار واإكبارا يجتمعون يف �سريحه بفا�س �سباح يوم عيد املولد دون املاية رمل ميازين "كل لإن�ساد �سنة كل من التي العادة وهي بـ"التو�سيد"38". واإمنا اآلت، اأ�سبوعي مديحي اإن�سادي ن�ساط عنها �سيرتتب عباد، ابــن �سيدي يف الع�سر بعد جمعة "كل اأي�سا اآلة بال الفتوح باب داخل عنه، اهلل ر�سي كذلك، وكل اأربعاء يف ال�سحى عند �سريح �سيدي بوغالب ر�سي اهلل عنه39". لتمتد هذه العادة اإىل مولي م�ساهد مثل املغرب يف املناطق من كثري اإدري�س الأزهر بفا�س اأبي العبا�س ال�سبتي مبراك�س كل �سبيحة بالرباط ال�سايح بن العربي و�سيدي واملــزارات ع�سية نف�س الزوايا جمعة وغريها من

اليوم.وح�سناتها املذكورة املبادرة اإيجابيات من ولعل �ستدفع اأنها ال�سماع، يف الإن�سادية املدونة على والعمل الفا�سي40 نهج لنتحاء الفن هذا مهرة طرب نوبات باقي على اأ�سلوبه تعميم اأجــل من ظاهرة �سيوع عنه �سيرتتب الذي الأمــر الآلة41. فنية بديعة وبارزة يف فن ال�سماع وهي التي تعرف الآلة طرب �سنائع اإن�ساد وتعني بـ"القدود42"؛ ومقا�س" الأ�سعار "قد يف تكون اأخرى اأ�سعار يف الأ�سلية لتلك ال�سنائع، والتي �سيكون من نتائجها

تخاليل من انطالقا الــربدة تلحني على الإقــدام طرب الآلة واأدوار �سنائعها واأنغام طبوعها، �سمن ما يعرف بـ"العمل الفا�سي"؛ اأي الطريقة الفا�سية البو�سريي43. الإمام لربدة التنغيمية التالوة يف خفي، طــرف ومــن ــادرة، ــب امل تلك �ست�سجع كما "تعمري" التوا�سي اأخرى، وهي على بروز ظاهرة اإتاحة اأجــل مــن بالأ�سعار ال�سامتة املو�سيقية التغني بها دون معازف واآلت يف جمال�س ال�سماع.الحتفالت اأ�سهمت كيف بجالء لنا تبدى هكذا الكرمي، الر�سول مولد بعيد واملزدهية املتوالية ال�سماع فــن ت�سكيل يف و�سلم، عليه اهلل �سلى املغربي نظما ونغما واأداء وتداول، وذلك لكون هذا الفن يخدم نف�س املقا�سد والغايات التي من اأجلها املديح �سق يف فال�سماع الحتفال، هــذا اأحــدث بامل�سطفى، الفرح عن ناحية من تعبري النبوي �سلى اهلل عليه و�سلم، وهو يف م�سمونه الإن�سادي عليه اهلل �سلى الر�سول، على �سالة �سوى لي�س واإف�ساح وكمالته، ل�سمائله وا�ستح�سار و�سلم، عن حمبته ودعوة اإىل التخلق باأخالقه والتم�سك لطيفة اأداة يوفر الفن هذا فاإن ثم ومن ب�سنته. وبهي الأنغام �سجي خالل من النفو�س ت�ستجلب لتتحقق وملحونها ومو�سحها ف�سيحها الأنظام ثم ومــن الــكــرمي، الر�سول مبحبة النفو�س هــذه واأ�سوة. قــدوة وتتخذه و�سنته ب�سريعته تتم�سك اإن من حيث والبهاء، النبل وهي وظيفة غاية يف بطبعه ميال الإن�سان اأن ذاك الأداة؛ اأو املق�سد حمبة اإىل الدعوة يف ال�سماع ل معو وهو للجمال ال�سعر جمال و�سلم، عليه اهلل �سلى الر�سول، وجمال اللحن وجمال الأداء، وكذا جمال الطقو�س ولتلك الإن�ساد...، جمال�س يف املجامع ومباهج ولها للتف�سيل اآخـــر حــني لها ــرار ــس اأ� املــظــاهــر اإل بالتجربة حقيقتها النفي�سة التي قد ل تدرك

والذوق والوجدان.

امتد االحتفال بالمولد النبوي في المغرب على عهد المرينيين إلى أن أصبح عيدا رسميا معمما في جميع جهات المغرب..

Page 174: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 17436

جماليات

1. حممد املنوين، "املولد النبوي ال�سريف يف املغرب املريني"، دعوة احلق، ع1468/1، �س119.

2. عبا�س اجلراري، الأدب املغربي من خالل ظواهره وق�ساياه، الرباط: مكتبة القارئ، 1979، اجلزء الأول، �س 144.

3. ابن عذارى املراك�سي، "البيان املغرب يف اأخبار الأندل�س واملغرب. ق�سم املوحدين."، حتقيق الأ�ساتذة: حممد ابراهيم الكتاين، حممد زنيرب، حممد بن تاويت، عبد القادر زمامة، الدار البي�ساء: دار الثقافة للن�سر والتوزيع، 1985، �س398. )الت�سديد يف

الن�س منا(الن�س ال�سريف يف املغرب املريني"، م، �س، �س120. )الت�سديد يف النبوي "املولد .4

من عندنا(.5. "الأدب املغربي من خالل ظواهره وق�ساياه"، م، �س، �س146.

6. املرجع نف�سه.7. حممد العربي بن يو�سف الفا�سي، "مراآة املحا�سن من اأخبار ال�سيخ اأبي املحا�سن"، اجلد، ابن املحا�سن اأبي رابطة من�سورات الكتاين، حمزة حممد وحتقيق، درا�سة

الدار البي�ساء، 2003م، �س187.القاهرة: مركز هجر الرتكي، باملاأثور"، حتقيق عبد اهلل التف�سري املنثور يف "الدر .8

للبحوث والدرا�سات العربية والإ�سالمية، 2003، 668/7.9. راجع مثال: اأبو فرج جمال الدين اجلوزي، "زاد امل�سري يف علم التف�سري"، خرج اآياته ،2009 العلمية، الكتب دار بريوت: الدين، �سم�س اأحمد حوا�سيه وو�سع واأحاديثه غريبه و�سرح واأحاديثه اآياته خرج ر�سا، ر�سيد ملحمد املنار"، و"تف�سري 31/4؛

اإبراهيم �سم�س الدين، بريوت: دار الكتب العلمية، ط2، 2005، 344/1.10. ابن عطاء اهلل ال�سكندري، "لطائف املنن"، تعليق عبد احلليم حممود، القاهرة: دار

املعرف، )د. ت(، �س32.11. املرجع نف�سه، �س14-148.

12. " �سحيح البخاري"، )كتاب النكاح و كتاب مناقب الأن�سار(.

13. يقول ابن ال�سباغ اجلذامي يف ق�سيدة مولدية �سهرية و�سائرة:

فكل له عر�س بذكر حبيبه * ونحن بذكر الها�سمي لنا عر�سظبي اأبــو الثقايف. املجمع من�سورات الكتاين، الهدى نور حتقيق و تقدمي ديوانه،

2003: �س 121.

املديح ق�سائد يف ال�سفوي )املـــوروث العرو�سي،"املولد، العيادي العزيز عبد .14

النبوي("، طنجة 2002: �س35.الأندل�س واملغرب. ق�سم املوحدين."، م، �س، اأخبار "البيان املغرب يف 15. راجعها يف

�س 179.16. املرجع نف�سه، �س283-280.

17. ملزيد بيان حول تاأ�سيل هذا الفرح، ميكن الرجوع اإىل مقالنا: "فرح املغاربة بالر�سول

"اأ�سغال امللتقى الوطني الأكرم من خالل املدائح النبوية: قراءة عا�سقة"، �سمن الأول للن�سرة"، من�سورات مركز خديجة، ر�سي اهلل عنها، لن�سرة الر�سول، �سلى

اهلل عليه و�سلم، �سال 2010، �س90-81.18. للوقوف على ف�سل ال�سالة على النبي، �سلى اهلل عليه و�سلم، راجع مثال: اإ�سماعيل

نا�سر النبي"، حتقيق حممد ال�سالة على "ف�سل املالكي، اإ�سحاق اجله�سمي بن اأي�سا: عبد اهلل بن عبد 1977، وراجع الإ�سالمي، بريوت املكتب الألباين، الدين القادر التليدي، "اإحتاف اأهل الوفا بتهذيب كتاب ال�سفا بتعريف حقوق امل�سطفى"،

بريوت: دار ال�سائر الإ�سالمية، 2000: �س380-363.19. " �سحيح البخاري"، )كتاب الإميان(.

20. "�سحيح البخاري"، )كتاب الإميان والنذور ويف غريه(.

"ال�ستق�سا لأخبار دول املغرب الأق�سى"، حتقيق وتعليق جعفر اأحمد النا�سري، .21

النا�سري وحممد النا�سري، الدار البي�ساء: دار الكتاب، 1956، 208/1.22. ابن دراج ال�سبتي، "الإمتاع والنتفاع مب�ساألة �سماع ال�سماع"، درا�سة واإعداد: حممد

ابن �سقرون، مطبعة الأندل�س، القنيطرة )د. ت(، �س70.23. انظر: حممد املنوين، "ورقات عن ح�سارة املرينيني"، من�سورات كلية الآداب والعلوم

الإن�سانية بالرباط، ط3، )1420ه/2000م(، �س526-524."البحث جملة باملغرب"، الأندل�سية املو�سيقى "تاريخ املــنــوين، حممد انظر: .24

العلمي"، ع 15-1969/16، �س166.ال�سرفا، حتقيق عبد اهلل امللوك اأخبار ال�سفا يف "مناهل الف�ستايل، العزيز 25. عبد

كنون، 224/2.26. وهي منط من الإن�ساد الفردي ذي الأ�سلوب املخ�سو�س وامل�سبوك على وزن عرو�سي

معني ووفق طبع مو�سيقي حمدد تتخلله عنا�سر مو�سيقية تعرف بـ"النننات"". ملزيد 1285ه/1869(، )تويف الرباطي الدلئي العربي بن حممد راجع: التو�سع من حممد وحتقيق درا�سة املختار" النبي مدح على يعني ما بيان يف الأنــوار "فتح 2011م، التهامي احلراق، من�سورات وزارة الأوقاف وال�سوؤون الإ�سالمية، الرباط

ق�سم الدرا�سة: 175-152/1. 27. "مراآة املحا�سن من اأخبار ال�سيخ اأبي املحا�سن"، م، �س، �س187.

28. مازالت هذه ال�سالة، اإىل اليوم، ترتل ب�سكل جماعي يف جل الزوايا ذات امل�سرب

ال�ساذيل، وغالب ترتيلها يف نغم ر�سد الذيل.لـ"حزب اجلماعي بالرتتيل اليوم اإىل الوزانية الزاوية مريدي عناية ذلك مثال .29

الفالح" يف نغم "احلجاز امل�سرقي".30. من اأ�سهر طرق ترتيله اجلماعية التي مازالت حية يف زمننا، الطريقة "ال�سردية"

تخ�سه التي وزان اأهل وطريقة دلئل اخلريات" مبراك�س، اأ�سحاب بني املتداولة نغم يف ت�ستعمله التي مكنا�س اأهــل وطريقة واملــايــة، حمدان نغمي يف بالرتتيل الفا�سي، املهدي حممد اخلريات": "دلئل بتلحني العناية ب�سدد راجع املزموم. "ممتع الأ�سماع يف اجلزويل والتباع ومالهما من الأتباع"، حتقيق وتعليق، عبد احلي

العمراوي وعبد الكرمي مراد،، ط1 )1415ه/1994م( �س 49.31. ومازال هذا احلزب ركنا رئي�سا يف جمامع الطائفة العي�سوية، يردد بكيفية �سردية ل

تخلو من تنغيم مييل اأ�سا�سا اإىل نغمي عراق العجم و الذيل. مثال راجــع العربي. املغرب بلدان من املغرب غري يف عليه اأي�سا نقف ما وهــو .32

"املو�سيقى ال�سوفية يف بالد املغرب العربي"، حممد الكحالوي، "جريدة الفنون" الكويتية، ع. 48/دي�سمرب 2004: �س15.

املولدية"، "التاآليف يف: مـــنـــهـــا منـــــــاذج اإىل الإ�ـــــــســـــــارة انــــظــــر .33

:2003/3 ع. ــــة، ــــوي ــــب ــــن ال ـــة ـــن ـــس ـــ� ال جمــــلــــة الـــــكـــــتـــــاين، احلـــــــي عــــبــــد �س129-161. وقد وقفت على �ستة وثالثني تاأليفا مولديا مغربيا، وذلك يف درا�سة ون�سجل باملغرب". النبوية املدائح ملدونة اأويل جرد "نحو بعنوان: من�سورة غري الراغب "اإ�سعاف مولد تداول ي�سود مثال الآخر، حيث رواجا من اأكر بع�سها اأن الراغب ال�سائق بخرب ولدة خري الأنبياء و�سيد اخلالئق" ل�سيدي حممد بن جعفر وي�سود الدرقاوي، امل�سرب ذات الزوايا جل يف 1345ه/1926م( )تويف الكتاين "ربيع القلوب يف مولد النبي املحبوب" ل�سيدي العربي بن عبد اهلل التهامي مولد الفقيه ومولد ال�سمانة؛ دار زوايا يف 1339ه/1920م( )تويف الرباطي الوزاين ن�سو�س الراهن الوقت يف ظهرت اأنه على اإلخ. التيجانية... بالزوايا احلجوجي بع�سها كان واإن وهي املوالد، تلك حمل البع�س لدى حلت بـ"ال�سمائل" تعرف

�شامهو ال

Page 175: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

175 العدد 36 |

يقتب�س جملة من الأحاديث النبوية ال�سريفة، فاإن جلها يفتقر اإىل عنا�سر اجلودة اللغوية والبالغة الأ�سلوبية والرونق ال�سردي والنفحة الروحية التي ت�سري يف موالد الأ�سياخ ال�سوفيني الذين �سدرت عنهم هذه املوالد ممهورة مبحبتهم الفار�سية للم�سطفى، �سلى اهلل عليه و�سلم. هذا ف�سال عما ي�ستم بني ثنايا تلك الن�سو�س و"الأخبار" و"الأو�ساف" "الأحاديث" مــن للكثري واتــقــاء جتنب مــن البديلة و"الأحوال" التي تلمز بالغلو ويجرح يف �سحتها دومنا معرفة بخوا�س املوالد النرية

واأبعادها الرتبوية ووظائفها الروحية يف الن�سق ال�سويف.34. ديوانه، م، �س، �س120.

35. من املعلوم اأن "طرب الآلة" كان مقت�سرا على ميازين اأربعة هي: الب�سيط، القائم

ون�سف، البطايحي، القدام، قبل اأن ي�سيف املغاربة اإليه ميزان الدرج. راجع بهذا البوع�سامي، حممد مثل: الــدرج ميزان من تخلو التي املــدونــات بع�س ال�سدد "اإيقاد ال�سموع بلذة امل�سموع بنغمات الطبوع"، حتقيق عبد العزيز بن عبد اجلليل، ن�سرة احلايك". "جمموعة 1995؛ الرباط املغربية، اململكة اأكادميية مطبوعات بن حممد "كنا�س 1972؛ البي�ساء ــدار ال الر�ساد، مكتبة ــنت، زوي اأحمد بخط عبد احلاج خمطوطة عن م�سورة ن�سخة الأندل�سي"، التطواين احلايك احل�سني ال�سالم الرقيواق الطنجي، الدار البي�ساء 1981؛ "كنا�س احلايك". حتقيق مالك

بنونة، مطبوعات اأكادميية اململكة املغربية، الرباط 1999.36. راجع نوبة رمل املاية يف �سورتها الغزلية، �سمن: "احلايك". نـ. الرقيواق: �س10-

.29

"احلايك". نـ. زوينت: �س13- 37. راجع نوبة رمل املاية يف �سورتها املديحية، �سمن:

الرباب: وحــي من �س42-62؛ جلون: ابــن تـــ. �س37-65؛ بنمن�سور: تـــ. 28؛

�س51-23.38. "املو�سيقى املغربية امل�سماة اأندل�سية"، �س123.

39. اإبراهيم التاديل الرباطي، "اأغاين ال�سيقا ومغاين املو�سيقى"، درا�سة وحتقيق عبد

2011م، الرباط املغربية، اململكة اأكادميية مطبوعات اجلليل، عبد بن العزيز �س300.

40. حممد املختار العلمي، "فن ال�سماع واملدح"، �سمن "اأ�سواء على املو�سيقى املغربية"،

�سالح ال�سرقي: مطبعة ف�سالة، املحمدية 1977، �س174.املقابالت طررها يف اأثبتت التي "احلايك" ن�سخ بع�س ظهرت الإطــار هــذا يف .41

املديحية ل�سنائع مدونة طرب الآلة. مثاال ذلك كنا�س الفنان العربي ال�سيار الذي الكنا�س للحايك، وهذا املديحية يف حتقيقه املقابالت لإثبات بنونة اعتمده مالك يف ملك الفنان املن�سد احلاج اأحمد حرازم. وكذلك الن�سخة التي اأفاد منها �سالح "اأ�سواء ال�سرقي يف عر�سه جدول املقابالت املديحية لل�سنائع الآلية �سمن كتابه اإليه من ال�ساعر املن�سد حممد املختار تاأدت على املو�سيقى املغربية"، وهي ن�سخة العلمي. فيما اقت�سرت اأعمال اأخرى على حتويل نوبة معينة من اأ�سعار الغزل اإىل اأ�سعار املديح النبوي، كما هو ال�ساأن مثال مع �سيدي عبد ال�سالم بن ري�سون الذي قلب نوبة "الع�ساق من اخلمريات والغزل اإىل املديح" )النه�سة الفنية بتطوان قبل �سنة 1912، مدر�سة �سيدي عبد ال�سالم بن ري�سون ودورها �سمن ندوة تطوان قبل

احلماية )1860-1912(: �س263. 42. ملزيد تو�سع راجع "فتح الأنوار يف بيان ما يعني على مدح النبي املختار"، م، �س؛

ق�سم الدرا�سة، 560-554/1. فن يف مقاربات املواجيد، "مو�سيقى احلــراق، التهامي حممد راجع تو�سع ملزيد .43

ال�سماع املغربي"، من�سورات الزمن، الرباط 2010م، �س80-73.

Page 176: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 17636

جماليات

الشــاعـر مـــع بـال الط الكـريم ــد عـب

ه "كـتـاب العـنـايـة"مـن خـالل ديوان

)1(د. �صعيد �صاجد الكرواين�صاعر وناقد مغربي

عبد لل�ساعر العناية1" "كتاب قراءة من واحـــدا يعد ــذي ال الطبال الــكــرمي غري اأ�سرح جعلتني املتميزين، املغاربة ال�سعراء متزيد اأنه ينحت من �سخر يف القدمي كما يغرف

من بحر يف اجلديد.كمثل البدايات بالذكر فاأخ�س القدمي عن اأمــا املنك�سرة3". الإن�سان2" و"الأ�سياء اإىل ريق "الط

و"�سجر امل�ساء4" "اآخر فاأذكر واأما عن اجلديد املاء"6". على البيا�س5" والقب�س

اأيدينا، بني العناية" الذي "كتاب بعيد وقد جاء لون با8" وهو ال�س لبة7" و"�سرية ديوان "بعد اجلجميل من ال�سرية ال�سعرية اإذا �سئنا، وكذا "على لكنهما جميالت جمموعات وهي البحر9" عتبة

مل تبلغ عندي مبلغ "العناية".مكر اأنه لنعلن تدفعنا اأخرى دواويــن ول�ساعرنا

وجميد يف ذات الآن، وهي: "الب�ستان10" و"عابر الذي الأمر وهو ة12" مائي و"لوحات �سبيل11" تنطوي ملا م�سهبة، وقفات احلقيقة يف ي�ستاأهل ي�سع اجلمهور الأ�سعار من كنوز قد ل عليه هذه ابتعاد ب�سبب اإل نظري يف ذلك وما عليها، يده النقد عن اإ�سال�س الفهم للقراءة بحجة اأن ال�سعر ابتعاد يف كافيا يعترب مما ي�سرح، ول يف�سر ل الغام�س خا�سة ال�سعر عــن النا�س مــن الكثري

منه.

ج�يد اعر بني الإكثار والت ال�صومهما يكن، فاإن من بني اأ�سئلة النقد ذات الأهمية: كيف جمع ال�ساعر بني الإكثار والإجادة؟! وبعبارة رغم ال�ساعر جتربة متيز يف ال�سبب ما اأخــرى:

اإكثاره؟

اإن

Page 177: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

177 العدد 36 |

جماليات

واجلواب يف نظري باخت�سار هو ال�سدق الفني؛ الدرا�سة هـــذه عــنــه تف�سح مــا هــو وبــاإ�ــســهــاب املتوا�سعة التي متزج بني املعنى احلقيقي، وبع�س حني خا�سة العربية، اللغة حتتمله الذي التاأويل يتعلق الأمر بكتاب اهلل، عز وجل، وب�سفة اأخ�س عبد ال�ساعر متيز الـــذي ــقــراآين ال بالق�س�س الكرمي الطبال يف النهل منه �سكال وم�سمونا، يف من ال�ستفادة ودللة حت�سن �سفافة، لغة جديدة طلبة خرب الأنبياء واملر�سلني، عليهم ال�سالم، يف اأكرمهم ما لنا كان اها، اأح�سن اإن التي القتداء اهلل تعاىل به من جناة و�سفاء وطهر )...( واإن مل حتقق هذه الورقات اإل هذا الغر�س، فكفى به

غر�سا مطلوبا.يف الفحولة �سروط من اأن اإىل القدماء نبه لقد ال�سعر اجلودة والكرة فرمبا كان ال�ساعر جميدا

ويوؤخره عن طبقة املتقدمني قلة �سعره.الزلل، ولذلك الكرة رمبا كانت مظنة اأن ويظن اأيدي بني يرتكوا األ على ال�سعراء بع�س حر�س

اأنه زبدة اإليه نفو�سهم من اإل ما اطماأنت النا�س والت�سذيب بالتنخيل عاجلوه ما بعد �سعرهم، والتثقيف؛ ول �سك اأن ال�سعراء املكرين املجيدين

قلة قليلة.يف املتمثل ال�ستثناء يوؤكدها التي القاعدة اإنها بع�س ال�سعراء الذين مل متنعهم كرة ما كتبوا من

احلر�س على التجويد والتاألق والتميز.متكن الذي هيغو فكتور الفرن�سي ال�ساعر فهذا من اأن يرتك خلفه كل هذا ال�سعر الغزير اجليد، الرواية جمــال يف وراءه خلف مــا اإىل م�سافا من�سغال كـــان ـــذي ال وهـــو والفل�سفة، واملــ�ــســرح

بال�سيا�سة واأحداثها اليومية.اجلرماين ال�ساعر اإىل بالن�سبة نف�سه ال�سيء وروائيا وم�سرحيا �ساعرا كــان الــذي "غوته"

وفيل�سوفا.ي�سار اإىل هذين ال�ساعرين دون �سواهما؛ لأن كل واحد منهما كان معجبا بال�سرق وح�سارته، واأفرد

له ديوانا خا�سا:

النخل �صيد ال�صجر

يمتد الطبال بجذوره العميقة إلى تراثه العربي

اإلسالمي، وبفروعه إلى

الثقافة اإلنسانية..

Page 178: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 17836

جماليات

رقيات"، وترك الثاين فقد ترك الأول ديوان "ال�سالغربي13." رقي ال�س يوان "الد

واحد الطبال الكرمي عبد ال�ساعر اأن ريــب ول من ال�سعراء املجيدين املكرين يف ال�سعر العربي التحقيب على يتاأبى �سعره اأن كما املعا�سر، ــل يــقــوم دلــيــال عــلــى خــطــاإ منهاج والــتــجــيــيــل، ب

التحقيب والتجييل.املغربية الق�سيدة موؤ�س�سي اأحــد �سك دون اإنــه احلديثة، قدم اإليها بعد ما ر�سخت قدمه يف اأر�س

ال�سعر العمودي، متييزا له عن ال�سعر التفعيلي.وحكمة ال�سباب بحيوية الــيــوم يكتب و�ساعرنا �سومعة يف املنقطع املتبتل ال�ساعر وهو ال�سيوخ، التفكري، جــالل بــني اجلــامــع الــروحــي، ال�سعر املنت التذاذ بني قلت �سئت واإن التعبري، وجمال

وقوة اجلوهر.ومما مييزه اأنك حني تقراأ �سعره، جتده قد و�سع على ق�سائده مي�سمه اخلا�س الذي ل يكاد ي�ساركه

فيه اأحد.تراثه اإىل العميقة بجذوره املمتد ال�ساعر فهو الثقافة اإىل وبــفــروعــه الإ�ـــســـالمـــي، ــي ــعــرب العبق فيه يخطئ ل �سعره قــارئ ولعل الإن�سانية.

ال�سعر الأندل�سي القدمي واحلديث خا�سة.زال ما اأنــه ي�سهد اأن العناية" "كتاب ولــديــوان يجمع يف جوار متميز بني اأ�سكال الكتابة ال�سعرية

واإيقاعاتها14.

�عي ي وامل��ص دق الفن ال�صل �سك اأن ال�سدق الفني واملو�سوعي �سرط اأ�سا�س ال�ساعر يوؤكد عليه الــذي الأمــر الإبــداع، وهو يف

بقوله:رف يوما اإذا جاءك احل

ف�سلم عليه�سالم الغريب.

ية(15 )و�سكاأنك تنكره، اأما اإذا اأ�سر هذا احلرف، فما عليك

باإغراقه يف �سيل من ثانية، وذلك اأن متتحنه اإل الأ�سئلة امللحة:

و�سلهعن ال�سم

من اأين جاءو�سله

هة املقبلة عن اجلو�سله

مر عن اجليف �سفتيه. ية(16 )و�س

ما اأ�سل ال�سم؟ لأن الذي ل يعرف اأ�سله ل يعرف ءادم "وعلم العظيم: اهلل و�سدق بال، ذا �سيئا فقال املالئكة على هم عر�س ثــم كلها ال�سماء قالوا ادقني. �س كنتم ن اإ هــوؤلء باأ�سماء اأنبئوين ك اأنت العليم �سبحانك ل علم لنا اإل ما علمتنا اإن

كيم" )البقرة: 31-30(. احلواجلهة املقبلة؟! من ي�ستطيع اأن ي�ست�سف بب�سريته حم ربك" )هود: 118( اأ�سرار كنوزها؟ "اإل من ر يجعل وفتح عليهم كما قال عز وجل: "اإن تتقوا اهللكم فرقانا" )النفال: 29( تفرقون به بني احلق لالتاأويل وبــني وال�سواب، اخلطاأ وبــني والباطل،

املن�سبط، والتاأويل الذي ل ي�ستقيم.وهل احلــــرف، �سفتي اجلــمــر يف ـــرى ي قــد نــعــم

للحرف �سفتان؟من متــتــاح الــتــي اجلميلة ال�سعر لغة هــي هــذه هي هل ال�سوؤال: ولكن الكثري. ال�سيء البالغة يف عليها يعول حقيقية، وجــذوات قب�سات فعال

الب�سر والإب�سار؟نتاأكد اأن اأعيننا قد تخدعنا مرات، والأ�سا�س اإن

كي ل نظلم اأو نظلم:فاإن الذي ل يجيء

من اليا�سمنيخيال لنارولي�س بنار

يكتب الطبال بحيوية الشباب

وحكمة الشيوخ، متبتال ومنقطعا

في صومعة الشعر الروحي،

الجامع بين جالل التفكير، وجمال

التعبير..

Page 179: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

179 العدد 36 |

جماليات

�سبيه بنايولي�س بناي. ية(17 )و�س

لأنه طويال؛ احلــرف هــذا يعمر ل فقد ثم ومــن لي�س على احلقيقة مقتب�سا من )النار املباركة(/ .)8 )النمل: حولها" ومن ار الن يف من "بورك اإليه يرمز الــذي وال�سجن باحلزن جملال ولي�س �سياأتي، كما املر�سودة والربابة احلزين، الناي اإىل ي�سل كيما وال�ستعال والحـــرتاق والتوقد قال وقــد تنق�سه، احلـــرارة ــاأن ب ذلــك القلوب، القلوب، اإىل نفذ القلب من خرج "ما القدماء: ولي�ست الآذان، يتجاوز مل الل�سان من خرج وما

ائحة كالثكلى". النفماذا يو�سينا ال�ساعر يف هذا ال�ساأن؟!

ليتلقفه املوت الباب دون هذا احلرف، اأن نو�سد ينتج لن اأنــه وهــي ب�سيطة، مل�ساألة وذلــك ــردا، بق�سيدة �سادقة، نظرا لأنها قد متوت قبل قائلها؛

علم ذلك من التجربة:احبي فال تفتح الباب يا �س

ت ودعه ميقيع امل�ساء. يف �س

ية(18 )و�سوال�سعف ال�سيخوخة عــن ينبئ هــنــا واملــ�ــســاء ما عك�س وال�سباب، والفجر ال�سباح وانق�ساء نفهمه يف ق�سائد اأخرى حيث يتحمل قوة وظالل هذا غــري يف تــعــاىل، اهلل �ــســاء اإن لــهــا، نعر�س

املوطن.فال جناة من الوفاة هاته اإل يف العت�سام بحبل

اهلل املتني الذي يبارك ويزكي:اأنت يا هذا

لك الكلمات يف �سفتيكجند ل يرى

ك فابداأ با�سم ربيف فالة املوج

يف ظلمة الأعماق

ريق تنبلج الطفاف. اإىل ال�س

اة(19 )جنهكذا اأمر اهلل تبارك وتعاىل اأول ما اأمر به �سيدنا ل�سان على بقوله و�سلم، عليه اهلل �سلى حممدا، ك جربيل، عليه ال�سالم، يف الغار: "اقراأ با�سم ربوربك ــراأ اق علق. من الن�سان خلق خلق. الــذي مل ما الن�سان علم بالقلم. علم الــذي الكـــرم.

يعلم" )الغلق: 5-1(.و�سلم، عليه اهلل �سلى ر�سول اهلل، يكن عند ومل اإل ذلك الل�سان اجلندي؛ اإذ يقول للكرباء واملالأ: هذا اإىل يدعوهم ا�س20" الن وبني بيني "خلوا البدء بقيمة كان مت�سلحا اإكــراه، ومن بال الدين

فال يخاف غرقا ول ه�سما:لك يا غريق

ما ت�ساءفاف من ال�س

يتان فعارك احلوالأ�سباح

ل تخ�س امل�ساء اة(21 )جن

ال ب ال�صاعر عبد الكرمي الط

يتأبى شعر عبد الكريم الطبال على التحقيب والتجييل، بل يقوم دليال على خطإ

منهاج التحقيب والتجييل..

Page 180: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 18036

جماليات

ننجي وكذلك ، الغم من يناه وجن له "فا�ستجبنا مغاير بلون واأ�سطر .)87 )النبياء: املومنني" امل�سيئة اأما املومنني"، ننجي "وكذلك كلمة على فقد اأكد عليها ال�ساعر يف كل ق�سيدة تقريبا ليبني لنف�سه يختار اأن منا الواحد مبكنة اأنه كيف لنا الطريق املنجية، �سراط العزيز احلميد �سبحانه.

ويقول ال�ساعر:ارحل للبعيداإىل العميق

ى اإىل مقام ل ي�سمكي تكون كما ت�ساء.

)غربة(22فعال لأنه مبقدورك اأن ت�ساء كما و�سف ح�سان بن ثابت، ر�سي اهلل عنه، ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه

لقه العظيم وخلقته احل�سنى فقال: و�سلم، خلواأجمل منك مل تر قط عيني

�ساء ل منك مل تلد الن واأف�ساأ من كل عـيب خـلقت مرب

ك قد خلقت كما ت�ساء كاأنربــنــا، عــز وجـــل، لالأنبياء ــال ق املــقــام ويف هــذا م�سطفاه عـــن ــالم، ــس ــ� ال عــلــيــهــم ــني، ــل ــس واملــر�عليه اهلل �سلى حممد وحبيبنا �سيدنا وجمتباه ملا ءاتيناكم بيئني ميثاق الن و�سلم: "واإذ اخذ اهللا مل ق د �س م ر�سول جاءكم ثم وحكمة كتاب ن مه، قال ءاآقررمت واأخذمت رن معكم لتومنن به ولتن�سفا�سهدوا قال اأقررنا، قالوا ري، اإ�س ذلكم على .)80 عمران: اهدين" )ءال ال�س ن م معكم واأنــا اأن �سيدنا حممدا �سلى اهلل عليه و�سلم مع العلم

خامتهم.هكذا جند ال�ساعر ير�سم بري�سته ق�سائد عميقة التوظيف لرتاث �سعة الطالع، وح�سن تخرب عن الأمة املجيد، ناهيك حماولة التجديد يف الإيقاع

الداخلي واخلارجي للق�سيدة امل�سكون بها.

الإيقاع يف كتاب العنايةنظام على عزفها ق�سيدة ع�سر �سبعة لل�ساعر التفعيلة احلرة، ولج بابها باقتدار حيث جاء اإليها يثبت ال�سطرين نظام ذات الق�سيدة من مملكة

ذلك ما جاء من ق�سائد يف دواوينه الأوىل.هذه الق�سائد التي بني اأيدينا مقامات اأي مقامات

يف�سح عنها هذا اجلدول:

املتقاربو�سيةالكاملب�سريةالكاملمعرفةالكاملظهورالكاملمنة

الكاملقدرةالكاملجناةاملتداركحريةالكاملتو�سل

الكاملمو�سيقىالكاململكالكاملمدد

الرملقال الراوياملتداركخارج ال�سرب

الرجزو�سالالكاملغربة

اخلببحرف الألف

تفعيلة هيمنة الإيــقــاع مقام يف اأي�سا وامللحوظ بتداخل توهم فهي املـــدورة، �سيغته يف الكامل

البحور اأحيانا مبعدل 17/11."حرية" التي ق�سيدة يخ�س فيما نف�سه ال�سيء جاءت على منوال املتدارك مدورة كذلك اإىل احلد باملتقارب، بامتزاجها الأمر فيه ي�ستبه قد الذي ولكن املوؤتلف، دائرة من طبعا اأ�سلهما يف وهما ال�ساعر بخربته وجتربته يعطيها اإيقاعا من�سجما

مع الفحوى مبا يب�سمه بب�سماته املتميزة.مل يفد من البحور الأخرى اإل ما كان من اخلبب بينهما ميزنا اإذا ــرجــز وال واحــــدة، بق�سيدة بالن�سبة ال�ساأن هو كما اأي�سا، واحــدة بق�سيدة

يرسم الشاعر بريشته قصائد عميقة تخبر عن سعة االطالع،

وحسن التوظيف التراثي والتجديد

اإليقاعي..

Page 181: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

181 العدد 36 |

جماليات

للرمل.اأين املن�سرح واملجتث والطويل وما تبقى؟!

ذات واحدة ق�سيدة يكتب اأن اأراد ال�ساعر ولعل واختالفها، املو�سوعات غنى ولكن موحد، اإيقاع لرمبا حتم عليه من حيث ي�سعر اأو ي�سعر، اأن تهجم عليه الإيقاعات الأخرى التي التب�ست بق�سائدها

فك�ستها جمال.اكتمال و�ــســك على دالـــة الــكــامــل غالبية تبقى مقام لـــول امل�سمونية الــنــاحــيــة مــن الق�سائد حركتني من بع�سها وانبناء الــواحــدة، ال�ساعة فاأكر كما �سنبينه؛ واإل فقد اأنهى ال�ساعر مهمته الق�سيدة عــن للبحث حاجة ول طموحه، وبلغ مبقدور لي�س الذي الأمر وهو �ساعتئذ، املرجتاة

�ساعر جمدد اأن يدعيه.اأحيانا يعطي ال�ساعر لال�سم الهمز، وهو اأمر غري م�ستح�سن لول �سرورة ا�ستقامة امليزان، وهو الأمر الذي تكرر كلما ذكرت لفظة "ال�سم"؛ ذلك باأنها

من الأ�سماء الت�سعة التي ل تتحمل الهمز.ولو اإمكان �سدور اأخطاء مطبعية لقلنا باأن الوزن ينك�سر اأحيانا، خذ على �سبيل املثال قول ال�ساعر:

فجاهد اأن�س اأريجها مت

اأو ت�ستن�سق هفيفها.رية(23 )ب�س

ولكنه عاد وقال يف الأعمال الكاملة:فجاهد اأن

�س اأريجها متاأو ت�ست�سف هفيفها24

مقام امل�صيئةمن بني املو�سوعات ذات الأهمية يف الديوان مقام

امل�سيئة حيث يقول ال�ساعر:لك يا حكيم

ما ت�ساءقائق. من الر

)معرفة(25لك يا مرايا

ما ت�ساءقائق. من احل

)ظهور(26كما قال ال�ساعر اأبو الطيب املتنبي:

لك يا منازل يف القلوب منازلاأقفرت اأنت وكن منك اأواهل

يقول ال�ساعر عبد الكرمي الطبال:لك يا �سمندل

ما ت�ساءات البعاد. من املجر

)قدرة(27لك يا غريق

ما ت�ساءفاف. من ال�س

اة(28 )جنفاإن �سئت

ني عد العلي اأن اأ�ساإليهاأتيه

واإن �سئتني اأن اأطوي الأر�س

اإليهاأهيم.

ة(29 )حريلك يا خليفة

ما ت�ساءاب. من الرتل(30 )تو�س

الل فيا ذا اجلاإذا �سئت

ما كان يل اأن اأقيمهنا.

رب(31 )خارج ال�س

من بين الموضوعات ذات

األهمية في الديوان مقام

المشيئة..

النخلة سيدة الشجر، ومن كرمها أننا حتى إذا ما

رميناها بالحجر، رمتنا بالثمر، بل

بالرطب..

Page 182: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 18236

جماليات

الهيولى المادة األولى أو نور

الشمس وكالهما فيه قيمة البدء ونفاسة الجوهر..

حيث الربانية بامل�سيئة )غربة( ق�سيدة وتتميز يقتحم بها من يتخذها ح�سنا وحرزا كل الآفاق؛

ول م�ستحيل ملن �ساء اأن ي�ستقيم:لك يا �سريد

يف املمالكراية

اإن �سئتكنت لها املرفرف.

)ملك(32ذلك اجلميل، البالغي القلب طريق عن هكذا باأن املعروف اأن الراية هي التي ترفرف، يف حني مينح ال�ساعر ال�سورة جدة و�سفافية، لي�سار اإىل الكالم مملكة اإىل ي�سل حني لدنه من الرفرفة

الأ�سنى، فيح�سل على قلب الطائر:يا �سريد

افتح الأدغالوالأبواب

دف الكثيفة وال�سفيفة. وال�س )ملك(33

هنالك حيث حتلو الإ�سارة اإىل ال�ستمداد وقوته: كم فاإن دخلتموه ــاإذا ف الباب، عليهم "ادخلوا غالبون" )املائدة: 25(. �سريطة ح�سن ال�ستعداد امل�ستمد من ق�سة �سيدنا مو�سى، عليه ال�سالم، مع

فرعون ومالإه:ل تهن

يف باب عر�ساأو اأمري

ناك تلك يف ميحرز العارفني

ني. الفاحت )ملك(34

كنتم اإن العــلــون واأنتم زنوا حت ول تهنوا "ول ـ ومنني" )ءال عمران: 139(. م

اي ع�س هي قــال مو�سى. يا بيمينك تلك "وما ـ

فيها ويل غنمي على بها واأهــ�ــس عليها ــوؤا ــوك اأتمئارب اأخرى" )طه: 17-16(.

وكان ممكنا اأن يجيب �سيدنا مو�سى، عليه ال�سالم، باخت�سار: هي ع�ساي واهلل تعاىل اأعلم بفوائدها العلية بالذات الأن�س مقام اأن اإل وخ�سائ�سها، مل يرتك مو�سى عليه ال�سالم، فكان منه اأن �سرح فوائد الع�سا املعروفة؛ لأنه ل ي�ستطيع على فراق بذات احل�سن قال وقد �سربا. جالله، جل ربه، طاب اخل ا�ستلذ فقد مو�سى اهلل "رحم ال�سدد:

واب"؛ وهو من املوؤان�سة. فاأطال اجلويف املقابل نرى ق�سيما لهذا الن�س، ن�سا له من يف لكن املو�سوعة، نف�س يعطي ن�سيب، عنوانه ورونقه ال�سعر، ماء هو وذلك الروعة، من قالب

وجوهره:ل ت�سر يف طريق

ر به ميحابه ابن اآوى واأ�س

واأمري واأ�سياعهاللة واحدة ال�س

كلهم يفطرون دماافذة. قبل اأن يفتحوا الن

)غزال(35هذا الن�س م�ستل بعنوان "اأقبا�س بعيدة36" تتاألف الإن�ساف اأجانب ل مقطوعة، ع�سرة اثنتي من

اإن عددتها ديوانا كامال، والعربة مبا قل ودل:لك يا فقري

يف القفاراإذا ت�ساء

ودة ربابة مر�سيف نخلة

ة نبويمار توتي الث

ر ملن ميه برق كاأن

حل وتوتي من يحط الر

Page 183: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

183 العدد 36 |

جماليات

قطرات ماء واأريج

كل لبابهاحري اأو كنزها ال�س

فيا خلي البالامكث يف املقام

بابة ك بالر فقد تخ�سوهي اأغلى عندها

من كل تيجان امللوك )مو�سيقى(37

على ا�ستملت فقد الق�سيدة ! هذه اأجمل ما هلل ق�سيدته يقول يف الفار�س ابن فهذا كنوز، عدة

الكامل: من ليلة" وهي من "كم اين عذويل لي�س يعرف ما الهوى حل

لي38 جي امل�ستهام من اخل واأين ال�سوحمبته، تعاىل اهلل رحمة اإىل للفقري باأن ذلك ربابة ترمز لإحدى املوؤنثات التي لي�ست بال�سرورة بنت الرتاب، قد تكون احلقيقة وقد تكون الق�سيدة النخلة اأ�سلها من اأن املهم تكون غري ذلك، وقد

خماطبا وتــعــاىل �سبحانه ربــنــا عنها قــال الــتــي ي "وهز ال�سالم: عليها ال�سديقة مرمي ال�سيدة جنيا" رطبا عليك اقط ت�س خلة الن بجذع اإليك ها" رب بــاإذن حني كل اأكلها "توتي .)24 )مرمي: دائما املتناول يف الأمــر وهــذا .)27 )ابراهيم: واأبدا، اإذا ما �سح العزم والنية ملن ي�ساء، فيكدح ويكابد ويجاهد حتى يتذوق حالوة الإميان/الكنز ال�سحري احلالل، من بركة احلرف، ليتحول الأمر من حال ياأتي اأحيانا اإىل مقام م�ستقر، وهي نعمة

يوف". بال�س عليها الدتنا جل امللوك علمتها "لو ويعلم اأن النخلة �سيدة ال�سجر، ومن الكرم مبكان بل بالثمر، رمتنا باحلجر، رميناها اإذا حتى الذي احلد اإىل مبلغا كرمها بلغ وقد طب، بالرتعطي فيه ب�سخاء من مير ب�سرعة الربق، وتلحظ )الـ( املعرفة وال�ستغراق وال�سمول، اأما من يحط رحله، فال �سك اأنها تزيده عطاء فوق عطاء، ميتاز ي�ستمع الذي املقام �ساحب اأما واجلوهر؛ باللب

Page 184: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 18436

جماليات

وين�ست اإىل و�سية ال�ساعر، فقد تخ�سه بالربابة ي�سدح كيف ي�ساء، وما اأدراك ما الربابة؟ !

من البحر ذات يف ت�سب اأخــرى ق�سيدة وهــذه ديوانه ال�ساعر من يقول الأ�سلوبية حيث الناحية

ة": مائي "لوحات فمن مر

ت �سحابته حتعر ه ال�س م�س

اأو �سقطت يف يديهيد.

39) )باب العنياأخريا ولي�س اآخرا:

لك يا هيوىلما ت�ساء

حائف من ال�سفا�ستقم

يف وردة. )مدد(40

والهيوىل املادة الأوىل اأو نور ال�سم�س وكالهما فيه قيمة البدء ونفا�سة اجلوهر:

معك" )هود: تــاب ومــن اأمـــرت كما "فا�ستقم ـ .)112

ولنتاأمل املعية من خالل ال�سحبة املبا�سرة، اأو من خلل الأخوة امل�سار اإليها يف حديث نبوي �سريف.

تعاىل: اهلل كتاب يف بال�ستقامة امل�سيئة ومتتزج اأن ل اإ ت�ساءون وما �ستقيم. ي اأن منكم �ساء "ملن

رب العاملني" )التكوير: 29(. �ساء اهلل يلعباده ير�سى اأن عن وتعاىل �سبحانه اهلل وتنزه الأوىل يف والن�ساأة الأ�سلية الفطرة الكفر، بدليل ر، زيادة على متكني الإن�سان من الختيار عامل الذاحلر، امل�سفوع بتحمل الأمانة وال�ستخالف تكليفا ا�ستقام ي�ستقيم، اأن �ساء اإذا حتى ت�سخريا، ل الأخرى فهو حر كذلك، واإذا كانت يف غري قهر، ي�ستطيع بــاأنــه ذلــك امل�سوؤولية، حتمل �سريطة واإن الكفر، لعباده ى ير�س "ول اأو تلك: فعل هاته

ه لكم" )الزمر: 8(. ت�سكروا ير�س�سبحانه ن�ساأله اأن قبل من الإ�ــســالم نعمة اإنها دليل، لــالإميــان ــال: ق مــن اأح�سن ولقد وتــعــاىل، اإ�سافة تكاثف الرباهني والكفر ل دليل عليه، مع يريد حيث الربانية، العناية كتاب من ال�ساطعة اهلل تبارك وتعاىل اأن يتعبدنا طوعا ل كرها: "اإن اعناقهم فظلت اآية ماء ال�س ن م عليهم ل ننز �ساأ ن

عني" )ال�سعراء: 4(. لها خا�س

نح� فتح الكتابنياهلل كتاب فتحهما املـــراد بالكتابني واملق�سود املقروء، وكتابه املنظور، ناهيك عن كتابي اجلمال

واجلالل.لعنايته وتعاىل تبارك اهلل فاإن وذاك، هذا ومع هنا، ومن ال�سالم، عليهم الر�سل اأر�سل بخلقه، "كتاب فــــرادة الخــتــيــار يف تــاأتــي اأخــــرى، مــرة وثان مقروء واحــد كتابان: فالكتاب العناية": املنزل لأن وان�سجام؛ تنا�سب وبينهما م�سهود، هو اخلالق، اأي اأن منزل القراآن هو خالق الأكوان والعناية كلها، والــعــوامل واحلــيــوان ــان ــس ــ� والإن

بجمالها وجاللها ت�سكن منها القلب.احت�سن فقد املقروء، الكتاب ذلك القراآن اأمــا يف عليه ودل موا�سفاته، بكل واجلــالل اجلمال

الكون والإن�سان واحلياة والأحياء: اليل واختالف والر�ــس موات ال�س خلق يف "ان ـ يذكرون ذين ال اللــبــاب. أويل ل ــات ءلي هار والنيف رون ويتفك جنوبهم وعلى وقــعــودا قياما اهللهذا خلقت مــا ــنــا رب ، والر�ــــس ــمــوات الــ�ــس خــلــق ار" )ءال عمران: باطال �سبحانك، فقنا عذاب الن

.)191 -190

اليل واختالف والر�ــس موات ال�س خلق يف "اإن ـ ينفع ا مب البحر يف ــري جت التي والفلك هار والنفاأحيا اء م من ماء ال�س من اهلل اأنــزل وما ا�س النة داب كــل من فيهما وبــث موتها بعد الر�ـــس بــه ماء ال�س بني ر امل�سخ حاب وال�س ياح الر ريف وت�س

تمتزج المشيئة باالستقامة

في كتاب اهلل تعالى: "لـمـن شـاء مـنكم

أن يسـتـقـيم. ومـا تـشـاءون

إال أن يشـاء اهللرب العـالمـين" )التكوير:29-28(..

Page 185: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

185 العدد 36 |

قوم يعقلون" )البقرة: 163(. والر�س ءليات لابيح" �س مب نــيــا الــد ــاء ــم ــ�ــس ال ـــا ـــن زي "ولقد ـ

)امللك: 5(.تقومي" ــن اأحــ�ــس يف ــان النــ�ــس ــقــنــا خــل "لقد ـ

)التني: 4(.وزينة، كبوها لرت ــمــري واحل والــبــغــال يل "واخل ـ

ويخلق ما ل تعلمون" )النحل: 8(.ـ "ولكم فيها جمال حني تريحون وحني ت�سرحون"

)النحل: 6(.وينعه" ــــمــــر ث اأ اإذا ثــــمــــره اإىل "انظروا ـ

)النعام: 100(.للنف�س حمبب املو�سوع هــذا ــاإن ف احلقيقة ويف مو�سوعي بحث اإىل حمتاج ثم من فهو ال�سوية، وحدة يف وبع�س، بع�سها وحداته بتالبيب ياأخذ ذات جمال وبهجة، اإىل اآخر ما هنالك من لطائف وفرائد تبني عن القوة واحل�سن واللطف يف �سعر ال�ساعر، وامتياحه من القراآن الكرمي بامتياز يف

اإ�سارات معمقة:وما كان يل اأن اأ�ساء

كون �سوى اأن اأدى للجليل �س

و�سذى للجميلفاإن �سئت

ني عد العلي اأن اأ�ساإليهاأتيه

واإن �سئتني اأن اأطوي الأر�س

اإليهاأهيم.

ة(41 )حري�سميم وهو واجلــالل، اجلمال تقابل اإىل فانظر العناية، لن�ستح�سر كذلك قول اهلل تبارك وتعاىل: .)18 ني" )املطففني: علي لفي البرار كتاب "اإن

فكيف اإذا

�سافر �ساأمنه اإليه؟!

ة(42. )حرييف يكمن "احلرية" �سرف يف الوحيد احلــل اإن الفرار اإىل اهلل �سبحانه وتعاىل عن طريق كتابيه؛ اإىل وا "ففر اإليه: اإل منه ملجاأ ول منجى ل لأنه

" )الذاريات: 50(. اهللالكرمي: النبوي الــدعــاء هــذا لهجة اأ�ــســدق ومــا عافاتك اك من �سخطك، ومب "اللهم اإين اأعوذ بر�سثناء ي اأح�س ل منك، بك ــوذ واأع عقوبتك، من

عليك، اأنت كما اأثنيت على نف�سك43."اأن الكفيل وهــو واملــجــد، الثناء له من ف�سبحان اأ�سماوؤه لنا اأتــاحــت وقــد و�ــســنــده، بعونه ميــدنــا العليا، و�سفاته ال�سامية، اأن نلوذ ونحتمي ب�سفات ل�سفات نقدر اأو اجلـــالل، �سفات مــن اجلــمــال

اجلالل قدرها تنا�سبا مع قوله تعاىل: بها" ــــوه ــــادع ف ــى ــن ــس ــ� احل ـــاء ـــم ـــس ال� "وهلل ـ

)العراف: 180(. تدعوا ا م اأيا حمن، الر ادعوا اأو ادعوا اهلل "قل ـ

�سنى" )ال�سراء: 109(. فله ال�سماء احللك ما ت�ساء

حائف فا�ستقم من ال�سرف يهمي عليك احل

من لوح خفيابع ثم تنبثق الأ�س

فيكثم تخط ا�سمك

افيا �سيف املاء.

)مدد(44هذه املعاين من ق�سيدة "مدد" فمن ذا ي�ستطيع

اأن ميدك بهذا ال�سفاء وهذه احلياة؟!اإنه اهلل، تبارك وتعاىل، �ساحب العناية الربانية، اجلمال �سفات �ساحب والإكــــرام، اجلــالل ذو واجلالل، جل جالله، و�سدق ر�سول اهلل �سلى اهلل

يريد اهلل تبارك وتعالى أن

يتعبـدنا طوعا ال كرها: "إن نشـأ م

نـنـزل عـليـه

من السمـاء آيـة فظلت

اعـنـاقهـم لهـا خـاضـعـين" )الشعراء: 3(..

Page 186: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 18636

جماليات

مال45." جميل ويحب اجل عليه و�سلم: "اإن اهللالراأفة اجلمال؛ �سفات من املقام جند هذا ويف والرحمة، واللطف واحللم، والود واحلنان، واملن القدرة اجلــالل؛ �سفات كما جند يف والإجنـــاء، يف العناية" هذا "كتاب يجمعها وامللك والظهور قلب يف هب والر غب الر ليجتمع �سورة، اأح�سن املوؤمن واملوؤمنة، وذلك هو �سبيل الفوز الذي يجمع القيامة يف جمال بديع: بني روؤية اهلل تبارك يوم ها ناظرة" )القيامة: رة. اىل رب ومئذ نا�س "وجوه يعيم" الن رة ن�س وجوههم يف "تعرف .)22-21

"كال احلجب: عن وال�سرف .)24 )املطففني: )املطففني: حجوبون" مل يومئذ هم ب ر عن ــهــم اإنالإجناء ويف املخالفة مبفهوم عليك هنا ،)15

حيم" اجل الوا ل�س ــهــم اإن "ثم كذلك: النار من )املطففني: 16(. والتنعم باجلنة التي يقول عنها ربنا عز وجل، فيما يروي عنه ر�سول اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم: "اأعددت فيها لعبادي ما ل عني راأت، فال ول اأذن �سمعت، ول خطر على قلب ب�سر46"، ل اللذين ال�سنوين واجلــالل اجلمال عن ت�سل ة ن اجل واأدخــل ار الن عن زحــزح "فمن يفرتقان:

فقد فاز" )ءال عمران: 185(.ولذي اجلالل يبتهل ال�ساعر:

الل فيا ذا اجلاإذا �سئت

ما كان يل اأن اأقيمهنا يف العراء

ول اأن اأقيمهنا

يف العمار رب(47 )خارج ال�س

الن�س، كله مع الن�سجام املقطع ولقد حقق هذا وعنوانه حيث ل و�سط بني عمارة الأر�س و�سخبها اإل يف والــــذم، بــالــعــراء النبذ وبــني وغـــرورهـــا، ــى، وهــو و�ــســط اجلــنــة كما قال الــفــردو�ــس الأعــلالنبي، عليه ال�سالة وال�سالم، ول �سبيل اإىل ذلك

اإل باملكابدة واجلالد وال�سباق والكدح.املــقــامــات، واجتياز هذه لبــد مــن اقـــرتاف هــذه بـ"مدينة املــو�ــســومــة املــديــنــة لقــتــحــام ــــة الأودي

الورد".ولن�ستمع اإىل و�سايا ال�ساعر، واإن مل ي�سم ق�سيدته بالو�سايا، اإل ما كان من الأوىل، لكنها جاءت كلها

كذلك، حيث اإن عنوان املدينة على و�سيدها:رير لك يا �س

يف املنايفوردة بيدين

وء من �سفجاهد

�س اأريجها اأن متاأو ت�ست�سف هفيفها

ك هي قرب كفيف �سياج القلب

ل تذويريف اإذا جاء اخل

ل�سبيل وج مثل ال�س متهر ها يف الن كاأن

كابدول تياأ�س

لعلك يف �سدمي قادمتعروك ن�سوة

من ي�سمومن يهيم

ومن ي�ساهد. رية(48 )ب�س

اإن املوؤمن لريى بنور اهلل حقا و�سدقا، ويعلم اهلل �سعيد لأخيه الكرمي ال�ساعر باإهداء �سررت كم بالذوبان العارم فرحي عن ف�سال كتبه، بع�س قلبي على نزلت الإهــداء كلمة فــاإن وفيها، معها بردا و�سالما، وهو الأمر الذي له العالقة احلميمة

مبا نحن ب�سدده:�سجرة حتت ن�ستظل ال�ساعر، الأ�ستاذ "الأخ

يعلم شاعرنا الخبير بكتاب

العناية أن مساحة الرحمة والفضل ال تحد أبدا، وقد يفتح اهلل تبارك وتعالى على من يشاء بما يشاء..

Page 187: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

187 العدد 36 |

جماليات

كل �سعيد يــا ولــك اأبــــدا، تــذبــل ل الــتــي ال�سعر التقدير من عبد الكرمي الطبال49."

الكرواين، �ساجد �سعيد ال�ساعر ال�سديق "اإىل اإىل نــفــيء الـــذي ال�سجر ـــورق مــن ذلــك ال هــذا

ظالله يف ظهرية احلياة50."يل كان واإن الأخــرى، الدواوين يف كثري وغريها من تعليق اأ�سطره مباء الترب الأحمر: تلك براهني الكرمي عبد حياة تفا�سيل ي�سكن ال�سعر اأن على

ال�ساعر الذي يقطن مدينة �سف�ساون ال�ساعرة.هو لــه، وحــق ال�سرير، يطلبه ما اأق�سى اإن ثم الب�سر، ولكن �ساعرنا اخلبري بكتاب العناية يعلم اأن م�ساحة الرحمة والف�سل ل حتد اأبدا، وقد يفتح اهلل تبارك وتعاىل على من ي�ساء مبا ي�ساء، لذا فهو يو�سي باأن يهفو القلب اإىل وردة من نوع خا�س؛ لأنه خ�سائ�سها ومن الب�سرية، �سوء من م�سنوعة اأنها ل تذوي اأبدا، وت�سمد يف وجه اخلريف، لكن كما اأ�سلفنا ل بد لها من املجاهدة واملكابدة وعدم الياأ�س والقنوط من رحمة اهلل وروحه جل جالله: اهلل واإن �سبلنا، هم لنهدين فينا جاهدوا "والذين

ملع املح�سنني" )العنكبوت: 69(.لعلك

يف �سدمي قادمتعروك ن�سوة

من ي�سمومن يهيم

ومن ي�ساهد. رية(51. )ب�س

وله ن�س مغاير يف الأعمال الكاملة52 اأي�سا هو:جوبة ا يف ليلة حم رمب

تعروك ن�سوةمن ي�سم

ومن يهيمومن ي�ساهد.

باأنها ذلك الرتجي، ل التحقيق تفيد هذه ولعل ت�ستمد �سل�سبيلها من نهر القراآن الكرمي. وكل ما

جاء بعد يف احلقيقة مقامات ذات بال:رت من كرم نور جمال من لنا ع�س

�سـقانا وقد غـبنا وحرنا فما ندريها قبل �سربهـا �سـكرنا بها من �سم

هـر53 اهـا اإىل اآخر الـد ن�ساوى بـريولنت�سور من ي�سم رائحة العطر من اأي نوع كيف يكون؟! اإنها نفحات ول �سك؛ اأما اإذا كان العرف اأو كان الن�سر اأو كان الورد الإذخر وامل�سك الإذفر فال اأزيد؛ واأما من يهيم فذلك، لعمري، يف درجة اأنف رغــم كابدها من اإل يعرفها ل ال�سمو من

العذال؛ واأما من ي�ساهد فاإنه مقام املقامات.ونحن ل منلك اإل اأن نلتم�س اأعذارا للقوم، ونتاأول فيه ق �ــســد ــذي ال بالإح�سان لن�سمه املــقــام هــذا �سلى العدنان، امل�سطفى ال�سالم، عليه جربيل، اهلل عليه و�سلم، ب�سمن ما �سدقه فيه: "اأن تعبد

ه يراك54." ك تراه، فاإن مل تكن تراه فاإن كاأن اهللاإن عالمة ا�ستجابة الدعاء، يقول الإمام ال�سوكاين، ورمبا والق�سعريرة، والبكاء اخل�سية اهلل، رحمه عقيبه ويكون والغيبة، والغ�سي الرعدة حت�سل الن�ساط وظــهــور اجلــاأ�ــس، وبــرد القلب، �سكون اأنه الــداعــي يظن حتى ظــاهــرا، واخلفة باطنا، كان على كتفيه حملة ثقيلة فو�سعها عنه، وحينئذ ل يغفل عن التوجه والإقبال وال�سدقة والأف�سال الذي هلل مد "احل يقول: واأن والبتهال، واحلمد لقول ر�سول ات، وذلك طبقا احل ال�س تتم بنعمته اإذا اأحدكم نع مي "ما و�سلم: عليه اهلل �سلى اهلل اأو مر�س، من ف�سفي نف�سه، من الإجابة عــرف ته بعز الذي هلل مد احل يقول: اأن �سفر، من قدم

ات"55." احل وجالله تتم ال�سويقول ال�ساعر حكمت �سالح بذات ال�سلة:

مت ب�س فاذكر اهللفاإذا اجتاحتك رجفة

ال فهي اإيذان و�سة56 فابتدر ذاك بخف

وهكذا ينبغي اأن يكون الأمر: عدم الغفلة، ناهيك

يحسن بنا أن نوجه الوجه كله لخالق الوجوه والجهات،

بل لنا أن نوجه كل الذرات لخالق

كل الكائنات..

Page 188: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 18836

جماليات

عن التوجه باحلمد والبتهال لذي العزة واجلالل والإكرام:

لك يا خليفةما ت�ساء

اب من الرتبهات ر اجل فعف

بلل الأحجاره كل وجهك وج

هات للذي خلق اجلعد حه مثل الر �سب

مثل النورمثل الع�سب

مثل الفاختاتفاأنت منذ الآن

قبل الآن قطر يف بحار اهلل

ت�سبح ما ت�ساء. ل(57 )تو�س

اإن ال�سوؤال ال�ستنكاري حقيقة هو: األ يجدر مبن ا�ستخلفه اهلل تبارك وتعاىل اأن يراعي �سروط هذا

ال�ستخالف؟!الر�س يف جاعل اإين للمالئكة ربك قال "واإذ من يلزمه مبــا ــك ذل .)29 )الــبــقــرة: خليفة" منه يقرتب اأن لأجل وجل معز مراد اهلل حتقيق بعد وحلظة �ساعة، بعد و�ساعة يــوم، بعد يوما ب" واقرت "وا�سجد قائل: من عز لقوله حلظة �سلى امل�سطفى احلبيب وقــول .)20 )العلق: ه رب من العبد يكون ما "اأقرب و�سلم: عليه اهلل بالرتاب جبهته يعفر ل ذا فلما وهو �ساجد58"، الأر�ـــس جعل الـــذي وتــعــاىل تــبــارك هلل توا�سعا م�سجدا وطهورا، رحمة باأمة �سيدنا حممد، �سلى اهلل عليه و�سلم، ثم ملا ذا ل يبكي حتى يبتل احلجر

في�سهد له بني يدي موله عز وجل؟!الوجوه خلالق كله الــوجــه نوجه اأن بنا يح�سن خلالق ـــذرات ال كــل نوجه اأن لنا بــل واجلــهــات،

اإليك، نف�سي اأ�سلمت اإين "اللهم الكائنات: كل ليك، اإ وجــهــي ــت ــه ووج ــك، ــي ل اإ ـــري م اأ ــت �ــس وفــواآمنت ليك، اإ ورهبة رغبة ليك، اإ ظهري ــاأت واأجلبكتابك الذي اأنزلت، وبر�سولك الذي اأر�سلت59."

اأن يعني �سرف العبادة وتوجيه الوجه كله ينبغي كلها هلل وحده، فال ي�سغلك �ساغل عن ال�سري اإىل وى والأغيار، اإذا اهلل عز وجل، فلتتخل�س من ال�ساأهل الذكر، ما متثلنا امل�سطلحات املتداولة عند

حاول مثل الطري والرعد والع�سب: الر�س" يف ــا وم موات ال�س يف مــا هلل ح "ي�سب ـ

)اجلمعة: 1/التغابن: 1(." )البقرة: 114(. ـ "فاأينما تولوا فثم وجه اهلل

الفار�س ابــن بيت مع التحاور ي�سح هناك من الذي يقول:

ـهـت كلـي60 ـب عـينـي اإلـيـه وج جمالكم ن�سترى قد والت�سمينات التاأويالت هــذه اأن ورغــم ول يتدبر ل لــلــذي ولــكــن الــ�ــســيء، بع�س بعيدة ي�ستب�سر، واإل فهو التوافق والن�سجام يف ا�ستدعاء وحديثا اآية النافذة وب�سريته ببا�سرته ال�ساعر �سبحانه اهلل وهب فيما والت�ساع ال�س�ساعة من

وتعاىل من عطاء غري جمذوذ: رب اتي هلل ياي ومم التي ون�سكي وحم ـ "قل ان �سل اأو ــا واأن اأمــرت، وبذلك لــه، �سريك ل العاملني.

امل�سلمني" )النعام: 165-164(.ـ "وجعلت يل الأر�س م�سجدا وطهورا61."

اللغوية ظاللها بني حتتوي ال�سالة اأن �سك ول الدعاء املويف على اإح�سان ال�سلة باهلل، عز وجل، والتحميد البــتــهــال مــن عليه ينطوي مبــا ذلــك

والتو�سل عن طريق القرب بال�سجود والت�سبيح.

تحتوي الصالة بين ظاللها اللغوية الدعاء الموفي

على إحسان الصلة باهلل، عز وجل، ابتهاال وحمدا

وتوسال..

Page 189: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

189 العدد 36 |

جماليات

ال�سعرية، الدواوين الكاملة الأعمال الطبال، الكرمي عبد .1

من�سورات وزارة ال�سوؤون الثقافية مطبعة دار املناهل 2000.2. من�سورات اأ�سدقاء املعتمد 1971.

3. نف�س املعطيات ال�سابقة 1974.

4. الأعمال الكاملة، م، �س.

5. املرجع نف�سه، وانظر كذلك اأمزيل نكو�س �سف�ساون 1995.

6. الأعمال الكامل م، �س.

ادميا املغربية الن�سر دار طنجة �سراع �سل�سلة اإبــداعــات .7

والأعمال الكاملة، م، �س.ط1 حقون، حممد ر�سوم الأندل�س، ريف جمعية من�سورات .8

مطبعة اخلليج العربي تطوان 2000. القنيطرة ط1 )2000(. والتوزيع والن�سر للطباعة البوكيلي .9

والأعمال الكاملة، م، �س.10. املرجع نف�سه.

11. املرجع نف�سه.

12. مطبعة اأمزيل نكو�س �سف�ساون1997 م�سحوب بر�سوم حممد

اخلزوم. والأعمال الكاملة، م، �س.يوان "الد اإىل العربية بعنوان: 13. نقله د. عبد الرحمن بدوي

." ف الغربي رقي للموؤل ال�س14. امل�سكاة ع26، )1418ه/1997م(، �س96-97 بت�سرف كثري.

15. الأعمال الكاملة، م، �س، ج2 �س147.

16. الأعمال الكاملة، م، �س.

17. الأعمال الكاملة، م، �س، �س148-147.

18. الأعمال الكاملة، م، �س، �س148.

وهذه باأكمله، العناية كتاب ن�سر حيث �س، م، امل�سكاة، .19

الكاملة املجموعة يف هي كما تبق مل بالذات الق�سيدة لل�ساعر، �سنتحدث عن الفروق يف مكانها.

20. انظر كتب ال�سري.

21. الأعمال الكاملة، م، �س، �س156.

22. الأعمال الكاملة، م، �س، �س175.

23. امل�سكاة، م، �س، �س104.

24. الأعمال الكاملة، م، �س، �س149.

25. املرجع نف�سه، �س151.

26. املرجع نف�سه، �س153.

27. املرجع نف�سه، �س155.

28. املرجع نف�سه، �س156.

29. املرجع نف�سه، �س159-158.

30. املرجع نف�سه، �س160.

31. املرجع نف�سه، �س172.

32. املرجع نف�سه، �س163.

33. املرجع نف�سه، �س164-163.

34. املرجع نف�سه، �س 164.

لبة، �س77. 35. ديوان بعد اجل

36. نف�س املعطيات ال�سابقة.

37. الأعمال الكاملة، م، �س، �س162-161.

38. ديوان ابن الفار�س البيت 6 �س128.

39. ديوان لوحات مائية، �س7.

40. الأعمال الكاملة، م، �س، �س165.

41. الأعمال الكاملة، م، �س، �س158- 159.

42. الأعمال الكاملة، م، �س، �س159.

�سائي واأبو داود وابن ماجة. 43. رواه م�سلم والن

44. الأعمال الكاملة، م، �س، �س165.

45. رواه م�سلم.

46. متفق عليه.

47. الأعمال الكاملة، م، �س، �س172.

48. املرجع نف�سه، �س150-149.

49. جاء هذا يف ال�سفحة الأوىل من "لوحات مائية".

50. جاء ذلك يف ال�سفحة الأوىل من "�سجر البيا�س".

51 امل�سكاة، م، �س، �س104.

52. الأعمال، م، �س، �س150.

دار �سو�سة فــاروق الإلهي 20 ق�سيدة حب يف احلب اأحلى .53

ابن زيدون للطباعة والن�سر والتوزيع بريوت، �سلمى لعفيف الدين عبد اهلل اليافعي، �س117-116.

54. رواه البخاري وم�سلم.

55. رواه ابن ماجة وابن ال�سني وال�سيوطي واحلاكم.

56. ديوان اأغاريد امل�سلم ال�سغري.

57. الأعمال، م، �س، �س160.

58. رواه م�سلم.

59. رواه ال�سيخان.

60. ديوان ابن الفار�س، م، �س، �س175.

61. رواه ال�سيخان واأحمد والن�سائي والدارمي.

�شامهو ال

Page 190: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 19036

جماليات

يـومــيات مغـــربية لألديب األستاذ عمار محمد جحيدر1د. عبد احلميد عبد اهلل الهرامة باحث ليبي، ع�صو جممع اللغة العربية وخبري بالإي�صي�صكو

الليبي "ي�ميات مغربية" للموؤرخ الأ�ستاذ عمار جحيدر �سورة الثبت بني اجلامعة الكتابة يف املوؤلف لطريقة عاك�سة يت�سمن وهو العلمية، والفائدة املنهجي الإتقان ال�سادقة م�ساعره مــن دفــقــا ــك ذل جــانــب اإىل يومي ت�سجيل يف ويعر�س الأق�سى، املغرب نحو والعلم الفكر اأعـــالم مــع ولــقــاءاتــه مل�ساهداته والثقافة املغاربة، من اأ�ساتذة اجلامعات واملفكرين

واملحققني.وقد اأ�سهم الأ�ستاذ عمار جحيدر موؤلف هذا الكتاب التي املوؤلفات من بعدد العربية املكتبة اإثــراء يف متتاز بدقة البحث وتوثيقه، وبقيمتها اخلا�سة يف درا�سة العالقة بني التاريخ الثقايف الليبي والتاريخ

الثقايف يف املغرب الكبري2.

واإىل جانب التاأليف والتحقيق يعد الأ�ستاذ عمار هذه جماح يكبحون الذين ال�سعراء من جحيدر البحث جــادة اإىل منهم ميال ال�سعرية املوهبة بني الظهور اإل املوهبة هذه تاأبى ولكن العلمي، عبد عنه ما عرب يخد�سها ومل والأخــرى، الفينة واحلكم"، التاأديب "باأظفار خلدون بن الرحمن فلئن اأخذته الدرا�سات التاريخية من جمال الأدب التاريخية كتاباته غدت فقد البحث، جمال اإىل نرية ممتعة، جتمع لوحات الأدبية ميوله بف�سل بني اجلديد من املعلومات والتحليالت امل�سوغة يف حلة بيانية رائقة دون اإغراق يف ال�سنعة واخليال. وقد ا�ستهل مقدمة كتابه "الي�ميات املغربية"

الذي نعر�سه اليوم ببيت من اإن�سائه يقول فيه:للمغرب ــوقــه �ــس يف ـــتـــعـــب امل لقلبي ــرى بــ�ــس

كتاب

Page 191: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

191 العدد 36 |

جماليات

اأيام اإىل ال�سعر كتابة يف جحيدر لالأ�ستاذ الفعلية البداية تعود درا�سته اجلامعية بالقاهرة خالل ال�سبعينيات من القرن املا�سي، وقد ن�سر فيما بعد عددا من ق�سائده يف املجالت الثقافية املحلية والعربية، ومال اإىل ال�سعر احلديث، وفيه تعلق بروائع اأبي القا�سم طه، حممود وعلي ناجي، واإبراهيم الب�سري، والتيجاين ال�سابي، وعمر اأبو ري�سة، وحممود ح�سن اإ�سماعيل3، واأثمر ذلك واحدة من اأبرز روائعه ال�سعرية التي �ساغها يف ابنه الأول نزار مبنا�سبة عيد

ميالده الثالث، منها قوله:ما كنت اأعرف فلذة الكبد

حتى اأتيـت اإيل يا ولديوراأيت فيك طفولتي األقا

ينداح من اأبوين يف ج�سدوتناغم الإح�سا�س يف خلدي

النا املمتد يف الأبد بو�سا�ستلهمتك عطاءها رحم

من كل من حبلت ومل تلدفكاأنك الأطفال يف ن�سبي

وكاأنك الإغراق يف العددك رائع وكفى اأح�س�ست اأن

وعة امللقاة يف خلدي بالروي�ساء القدر اأن يختطف املوت هذا الطفل يف عامه ال�سابع، في�سوغ اأخذ اآخر بنزار اهلل �سه عو وقد كذلك، رائعة مرثية ال�ساعر فيه ا�سم اأخيه ومكانه يف قلب الأ�سرة الكبري، وكان م�سرية مت�سلة مع

احلياة وال�سعر.يف املرء يحار واجلمال، باحلياة ناطقة اأخرى ن�سو�س ولل�ساعر ما يختار منها لهذه العجالة وماذا يدع، منها ق�سيدته الإن�سانية ال�سبعينات �سنوات اإىل تعود التي "خر�صاء" بعنوان: الرائعة جدران وراء واأفكارها م�ساعرها كل حتب�س فتاة ماأ�ساة وت�سور ال�سمت الدائم والرهيب، وله بائية جميلة بعنوان: "فار�س اخللق الهوين، رحمه اهلل الأ�ستاذ عبد اهلل العالمة رثاء اجلميل"، يف

، يقول فيها:

ــحابا ال�س ـــــزين ح مــــن واأمـــــد الـــعـــذابـــا ـــل ـــم ـــت اأح ـــــت زل ل ــطــرابــا ـــطـــرب ا�ــس ـــ�ـــس وي يــغــلــي الـــلـــظـــى ــلــبــي ق ل زال يف اكـــتـــئـــابـــا ـــرهـــا ـــم ـــغ ي كـــاملـــــــــــوج ـــــى الأ�ـــــس نــفــ�ــســي يف زال ل

ــا ــالب ـــ غـــ يـــغـــــــــــالـــبـــنـــي �ـــســـبـــح ـــــــري ـــــــواط خ ــــــــلء م زال ل ــــة واحلـــــــــــــــرابـــا ـــه �ـــســـهـــر الأ�ــــســــن ــــ ـــوجـــه ــمــت ب ــس ــ� ــت فــــــاإذا ابــا ــاب ــب ــس ــ� احلـــــــزن جـــلـــل هـــامـــتـــــــي واغـــــتـــــال خــنـــــــــــجــره ال

وهي طويلة مفعمة بال�سور واملعاين اجلميلة، والرتاكيب والألفاظ فهو املتنوعة، اأحوالها امل�ساعر يف ت�سوير فيها ما واأروع املنتقاة، �ساعر العاطفة املميز يف معظم ق�سائده، وفيها جتد �سدة العاطفة، اإ�سافية �سعورية دفقة فيعطيها اإلقاوؤها اأما و�سدقها، وتنوعها،

موؤثرة. واأكر ما يبدع فيه هذا ال�ساعر ت�سوير م�ساعر احلزن واملعاناة التي ن بها �سعره، فكانت ملمحا بارزا يف خ�سائ�سه الأدبية، وعك�ست لوحالة التذمر من ال�سغط ال�سيا�سي والثقايف الذي عانته ليبيا طيلة الربع الأخري من القرن املا�سي، ولذلك ي�ستخدم الأ�ستاذ عمار هذه املثقفني من باأمثاله للتعريف القدامى" "املن�سقني عبارة الأيــام ومقالتهم كتبهم النظام وجتاهلوه يف التجاوب مع الذين رف�سوا واأعمالهم الأدبية، حتى لكاأنها مل تكتب يف ذلك الع�سر، ومل تنغم�س كاآبة تعت�سر اإيل ق�سيدة وال�سيا�سي، وقد كتب الفكري يف و�سطه

Page 192: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 19236

جماليات

للشاعر نصوص أخرى ناطقة

بالحياة والجمال، يحار المرء في ما

يختار منها..

حزنا واأ�سفا على �سياع الأدباء والعلماء يف حقبة اجلفوة هذه:

ماذا اأخي عبد احلميد ماذا تك�سر من قيـــودياور من خيايل اأو تالحق من �سـرودي ماذا حتمـودي لعمرك، متعب ويكاد يخذلني �س ، اإينوتنال مني احلادثات وقد عجمت بهن عـوديالعنيـد العزم ودفــقة امل�ستبد الطموح اأيــن ت على الأمد البعيد اأين اخلطاطات التي خطري م�ساحة فوق احلــدود وكاأن يف العمر الق�ســديد ال�س الوجد كنوبة املم�س الأمل ينتابني عــيد كال�س اأبكي واأكــاد باكيــا حك اأ�س واأكــاد ثمـود يف الح �س ياع ك�س ــع م�سي الأديـــب اإن

يف جحيدر الأ�ستاذ مع بالتعاون ت�سرفت وكنت ن�سر التي الليبية ال�سعرية الن�سو�س اختيار �سمن لها والتقدمي عليها التعليق مــع ها بع�سكتاب "خمتارات من ال�صعر العربي يف القرن عبد جائزة موؤ�س�سة اأ�سدرته الذي الع�صرين"، �سنة بالكويت ال�سعري لالإبداع البابطني العزيز اإ�سافات مع املختارات هــذه ن�سرت ثم ،2001

القرن يف الليبي "ال�صعر كــتــاب يف ـــرى اأخكل الكتاب هذا يف جتاهلنا وقد الع�صرين4"، نعي�س كنا الــذي ال�سيا�سي الع�سر اإىل ميــت ما

فيه ودون اتفاق م�سبق. التي جمعتني مع الأ�ستاذ عمار يف وكانت الأيام قرب عن لأعــرف فر�سة هــذه الختيار جل�سات �سفة وهــي والنقد، الختيار يف الــرجــل بــراعــة بنتاج اإحاطة وعلى املجالني، يف متيز على تــدل على كذلك ووقفت تقييمها، على وقــدرة الأدبــاء واملو�سوعية الذاتية بني ال�سديد التمازج طبيعة ال�سكل اإىل يلتفت ل فهو ال�سعرية، اختياراته يف توؤثر التي الرتاكيب اإىل م�سدود ولكنه كــثــريا، عاطفيا يف املتلقي ب�سورة لفتة، واإىل املعاين التي

حترك اأحا�سي�سه ب�سكل وا�سح.الآن يتفرغ يــكــاد ــز ــمــي امل الأديـــب هــذا اأن غــري

للبحث التاريخي، وي�ستاأن�س بالتحقيق، والرتاجم، اإىل وحتقيقاته ــاتــه درا�ــس يف عــنــايــتــه وتــلــتــفــت فيجد املتنوعة، والفهار�س امل�سيئة احلوا�سي حيث ومطالبهم، غاياتهم فهار�سه يف الباحثون واجلماعات، لالأعالم، فهار�س كتبه يف يجدون وامل�سطلحات، واملوؤ�س�سات، والبلدان، والأماكن، واملو�سوعات العامة، والوثائق واملخطوطات، وهي يها بـ"مراآة توليفة مفيدة من الفهار�س التي ي�سممل اإذا لل�سور، مالحق اإليها وي�سم الن�س"،

يكن قد و�سعها يف اأماكنها من الن�س.هذه من ويف كتابه "ي�ميات مغربية" �سورة بحثه يف جمالية خا�سية تعك�س التي الفهار�س كما هي يف �سعره، ففي هذا ال�ستغراق يف خدمة يف واجلــاد املخل�س عمار �سخ�سية اأجــد الن�س بحوثه العلمية، واأجد اإىل جانبها �سخ�سية الفنان بتقدميهما وي�سعد والكمال، اجلمال ين�سد الذي يف ذلك اأكــان �سواء احللل، اأبهى يف النا�س اإىل

�سورة عمل اأدبي اأو علمي.نعود اإىل اليوميات املغربية حيث تت�ساعد اأحداثها -19 اإىل 1989-5-25 منذ يومها الأول املوافق �سادق وتطلع �سديد بولع مدفوعة ،1989-6

التاريخ، بعبق والغني اجلميل البلد هذا لزيارة م�سادر خالل من معه وتوا�سل به تعلق والــذي يومياته وتعتمد املتنوعة. التاريخية درا�ــســاتــه كل يف يجد الــذي املنتظم الت�سجيل على هــذه الأحداث تلك لتوثيق كافية زمنية م�ساحة م�ساء املهمة، للتفا�سيل دقيقة متابعة يف وترتيبها، واهتمام خا�س والأ�سلوب، باللغة متميزة وعناية باملخطوطات والوثائق املتعلقة بالرتاجم وال�سري، والتاريخ، والرتاث الليبي ب�سفة عامة، اأو املغربي منه الأخ�س وعلى خا�سة، ب�سفة بليبيا املت�سل للمعامل تعر�ست التي الفهار�س وكتب الرحالت، والأعالم يف ليبيا عرب لقاءات طرق قوافل احلج، كانت كنوز على بك تقف اليوميات هذه فقراءة

الكاتب معروف بحرصه على

تقديم طرائف المعلومات في أسلوب جميل، وفي األمرين ما

يفيد ويمتع..

Page 193: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

193 العدد 36 |

جماليات

ول اأو غري حمققة الأ�سابري، ثنايا خمطوطة يف معتنى بها يف الدرا�سات ال�سابقة.

تربطه حميمية عالقة املغربية اليوميات ويف تزيد واأخبار واإفادات املعا�سرين، املغرب بعلماء اخللقية ومزاياهم الأعــالم بهوؤلء معرفتنا من النا�س اهتمامات على تركيز وفيها والعلمية، التاريخ باتت من وان�سغالتهم خالل فرتة زمنية

بالن�سبة لالأجيال النا�سئة بعد الألفني. وملا كان الإملام مبحتوى اليوميات متعذرا يف هذه معلومات، من حتتويه ما لتنوع وذلــك العجالة، وم�ساعر، وذكريات، واأ�ساليب نرية رائقة، فاإننا نكتفي بعر�س فقرة من بدايتها لياأخذ القارئ فكرة عن واأ�سلوبها وقب�سا من م�سامينها ال�سعورية، مع وجمالياتها. اليوميات هذه مبالمح عجلى اإملامة

يقول الأ�ستاذ عمار يف بداية رحلته املغربية:

ميالأ عــزيــزا حلما املــغــرب زيـــارة كانت "لقد هذه اأخـــط الآن اأنـــا وهــا �ــســنــوات، منذ نف�سي اإلـــيـــه، من رحــلــتــي دفـــرت مــن الأوىل ــطــر ــس الأ�كر�سي الطائرة املحلقة باأحالمي النبيلة يف اآفاق الف�ساء، وقد نكون يف هذه اللحظات يف منت�سف امل�سافة بني البلدين ال�سقيقني.. ا�ستد بي احلنني يف ا�ستغرقت اأن منذ املرتقبة الزيارة هذه اإىل الثقافية احلياة يف وبخا�سة التاريخي، البحث اأر�سد وكنت البلدين، بني الفكرية والعالقات ــامــهــا يف كــثــريا مــن عــنــاويــن املــخــطــوطــات واأرقي النف�س بالطالع عليها، اخلزائن املغربية، واأمن

ولكن الظروف حالت دون الزيارة...".من اليوميات يف مــا باأف�سل الفقرة هــذه لي�س اأ�ساليب، ولكنها ت�سور املدخل العاطفي لتفا�سيل هذه الرحلة، وحت�س منها باأثر امل�ساعر يف ت�سجيل

ح�صارة را�صخة ر�صوخ اجلبال

Page 194: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 19436

جماليات

تتواىل ثــم الأول، يــومــهــا مــنــذ الــيــومــيــات هـــذه والفائدة، املتعة بني جتمع �سال�سة يف اليوميات حيث تزدحم بالفوائد واللقاءات العلمية والأدبية عام �سيف من اأ�سابيع ثالثة عن يزيد ما عرب

1989 لت�سري على النحو الآتي:

الكاتب التقى 1989-5-25 اخلمي�س يوم ففي وهو عبود، بن حممد الدكتور املـــوؤرخ بالأ�ستاذ لع على �سديق قدمي عرفه قبل هذه الزيارة، واطالبحث ق�سايا يف نقا�سهما اإىل واأ�سار موؤلفاته، الرجلني اهــتــمــامــات بــني اإن حــيــث الــتــاريــخــي، الأندل�سية واملغاربية و�سائج كثرية ت�سمح بالعديد اأنهى وقد امل�سرتكة، املو�سوعات يف النقا�س من الإجنليزية فاأتقن بريطانيا، يف درا�سته الأول الإ�سبانية منها يتقنها اأخــرى لغات جانب اإىل للبحث اآخر جمال لهما ر وف ما وهو والفرن�سية، يف امل�سادر واملراجع التي كتبت بهذه اللغات عن

الأندل�س واملغرب.الأ�ستاذ مع لقاء للموؤلف كــان اجلمعة يــوم ويف

ف باأخالقه الناقد الدكتور عالل الغازي الذي عرقبل عرفه قد وكان العلمية، وم�ساركاته وعلمه، لأعمال ح�سوره خالل من للمغرب هذه زيارته يف عقد الذي الليبية للمخطوطات الأول املوؤمتر يف عــرف كما .)1988( الليبية زليطن مدينة املوؤمتر نف�سه الأ�ستاذ الدكتور ح�سن الوراكلي الذي ي�ساطره الهتمام بالدرا�سات املغاربية. واأ�سار يف الدكتور الكبري ــب الأدي اإىل اليوم هــذا ذكريات وجل�ساته ال�سهري نــاديــه واإىل اجلـــراري عبا�س فكرة اجلــــراري ولــالأ�ــســتــاذ املــفــيــدة، الثقافية نت تكو ليبيا يف الثقافية احلياة هذه عن م�سبقة عبد الفقيه والــده رحــالت بع�س من بدايتها يف اإىل هذه البالد خالل اخلم�سينات اهلل اجلراري رت بعد توا�سله مع عدد من القرن املا�سي، وتطومن املثقفني الليبيني والباحثني الذين اأ�سرف على

اأطروحاتهم اأو ناق�سها.وقد �سجل يف اليومني التاليني اإ�سارات مهمة عن ويف اخلا�سة، الزيارات وبع�س والكتب، املكتبات

لقد كانت زيارة المغرب حـلما

عزيزا يمأل نفسي منذ سنوات..

Page 195: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

195 العدد 36 |

جماليات

واملكتبيني الكتب بع�س عــن حــديــث ت�سجيالته وحديث والــرحــالت، الــدوريــات، وعن القدامى، عن املطبوعات النادرة واملخطوطات النفي�سة التي بع�سها، اقتنى حيث �سوق، واإليها ق�سة معها له وتابع يوم الثنني جولته يف مكتبات املخطوطات، ي نف�سه بالطالع ومالحقته لنفائ�سها التي كان ميناخل�سو�س، وجــه على ت�ستهويه، وكانت عليها، الليبي، ويف الثقايف بالتاريخ املتعلقة املخطوطات و�سفه للمخطوطات ت�سويق للقارئ وتلبية لرغبته يف احل�سول على معلومات جديدة عن املخطوط

قد ل جتدها عند غريه. جولة 1989-5-30 الثالثاء يــوم له كانت كما املكتبات اخلطية، واطــالع على بع�س اأخــرى يف نفائ�سها، وح�سور ملناق�سة ر�سالة جامعية يف كلية الآداب، ولقاءات مع اأ�ساتذة وباحثني، على راأ�سهم مبا و�سفه الذي املنوين حممد الأ�ستاذ العالمة ذكر اليومية ويف والتوقري، التنويه من ي�ستحق اإليه من ــه وج وما موؤلفات، له من قــراأ ما لأهــم

�سجل ويف انطباعات، من عنه اأخــذ وما اأ�سئلة، الفكر اأعالم بع�س اإىل اإ�سارات اأي�سا اليوم هذا والثقافة يف املغرب وغريه. ويف الغد زار اخلزانة باأمينها ال�سابق الأ�ستاذ حممد احل�سنية، والتقى الدقيقة الــفــهــار�ــس �ساحب اخلــطــابــي الــعــربــي للمخطوطات العلمية يف هذه اخلزانة، واطلع على ليبيا بتاريخ املتعلقة املخطوطة الرحالت بع�س الثقايف.وكانت له يوم اخلمي�س جولة يف اخلزانة ووثائق اأهم خمطوطات على التي حتتوي العامة عالقة ذات اأو ليبية خمطوطات وبينها املغرب،

بالتاريخ الليبي. وتــوجــه يف هــذا الــيــوم اإىل زيـــارة املـــوؤرخ الكبري ذات �سخ�سية وهو التازي، الهادي عبد الدكتور رة بني املتخ�س�سني يف التاريخ الثقايف مكانة مقدلبالده �سفريا عمله لأن بخا�سة؛ والليبي بعامة عالقته ــق وث قــد ال�ستينات خــالل طرابل�س يف له الوزير بالتاريخ الثقايف امل�سرتك، فن�سر ما �سجــي الأرا�ــس عــرب رحلته يف ال�سرقي الإ�ــســحــاقــي

في اليوميات المغربية

عالقة حميمية تربط الكاتب

بعلماء المغرب المعاصرين،

وإفادات وأخبار تزيد من معرفتنا بمزاياهم العلمية

والخلقية..

Page 196: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 19636

جماليات

العالقات عــن مهم بتمهيد لــه م ـــد وق الليبية، عن مهمة مقالة وكــتــب البلدين، بــني الثقافية خمطوطة اأبي على ال�سديف من �سحيح البخاري، كونها مــن �سهرتها نالت التي املخطوطة تلك ن�سخة علماء يف روايتها و�سبطها، وكانت حتظى اإىل وعلمائه، حتى ذهبت املغرب ملوك باهتمام اأحد طبل اأبو ال�سيد اإىل بيعت وهناك الأ�ستانة، العلماء الليبيني الذين كانوا يف زيارة لالأ�ستانة5، فمكثت يف ليبيا مدة �سجلها الرحالة والعلماء يف مدوناتهم، وكان فيمن ذكرها القادري يف رحلته، وعبد احلي الكتاين يف فهر�س الفهار�س، والدكتور املخطوطات معهد جملة يف التازي الهادي عبد اأكيد بالقاهرة وغريهم، وقد علمت يف خرب غري اأنها ا�ستقرت يف الرباط مرة اأخرى، يف انتظار اأن تتم العناية بها حفظا وحتقيقا ودرا�سة بعد غيبتها الطويلة، واأن ل تنال مزيدا من العزلة يف اأ�سابري املوؤلف حــوار ب ت�سع وقد املن�سية6. املخطوطات معه اإىل م�سائل تاريخية مهمة تتعلق بهذا احلقل

امل�سرتك يف درا�ستهما التاريخية.مع اآخـــر يــومــا 1989-6-2 اجلمعة يــوم وكــان حيث العامة، اخلزانة يف النفي�سة املخطوطات ومعلومات دقيق بتعريف بع�سها املــوؤلــف �سجل اإ�سافية مهمة جعلت تو�سيفها مفيدا للباحثني. اأما يوما ال�سبت والأحد فكانا يومي عطلة ر�سمية، ومع ذلك وجد الكاتب مالحظات �سجلها يف يومياته، القرويني خزانة يف جلولة الثنني يوم وخ�س�س مبدينة فا�س التي ا�ستهل زيارته لها بالطالع على اأزقة واملطبوع، كما جتول بني املخطوط فهر�سها وات�سل والأثــريــة، املعمارية وحمتوياتها املدينة اأعالمها، ببع�س الهاتف طريق عن اأو مبا�سرة الهرا�س ال�سالم عبد الدكتور الأ�ستاذ ومنهم الذي جتمعه ذكريات مهمة مع اأعالم من املثقفني والأ�ستاذ وريــث علي الأ�ــســتــاذ منهم الليبيني، القرن مــن ال�ستينات خــالل الــغــويــل اإبــراهــيــم

املا�سي، حيث تعرفوا عن طريقه بالأ�ستاذ مالك بن نبي الذي اأقام عندهم يف تلك الفرتة، وجرى التايل الــيــوم يف الهرا�س والــدكــتــور املــوؤلــف بــني جامعية ر�سائل عن معلومات فيه علمي، حديث

�سارك الدكتور الهرا�س يف مناق�ستها.وفاة حــدث كــان 1989-6-6 الثالثاء يــوم ويف اخلميني طاغيا على ال�سحافة املغربية والعاملية، يطالع وهو اإليه الإ�سارة من بد للكاتب يكن فلم القادر عبد الأ�ستاذ قــدوم انتظار يف ال�سحف قد وكــان فيها، يجل�س التي املقهى اإىل زمــامــة ومقالته كتبه مــن قــــراأه مــا خـــالل مــن عــرفــه الرجلني بني لطيف ــوار ح جــرى ثم التاريخية، اأن�سح بقراءته. وبلقاء املوؤلف مع الأ�ستاذ ها�سم اإىل الفا�سية ليعود القا�سمي تنتهي رحلته العلوي املكتبة على التايل اليوم يف اطلع حيث الرباط، بع�س يف كتب ومــا العامة، اخلزانة يف الكتانية الليبي املثقف الدغي�س ح�سونة عن خمطوطاتها الذي �ساح يف اأوروبا يف القرن التا�سع ع�سر، وعن طوير وابــن الدغي�س، اأجـــازه الــذي رحمون ابــن اجلنة ال�سنقيطي الذي مر يف رحلته بليبيا و�سجل عالقة الرحلة هــذه مع وللكاتب فيها، ذكرياته ف بها قبل اأن تتناولها وطيدة، فقد كتب عنها وعر

اأيادي املحققني والدار�سني فيما بعد.و1989-6-10 9 وال�سبت اجلمعة يومي ويف الدار�سني، ببع�س ولقاء املخطوطات، اإىل عودة الكاتب بعدها توجه اأخــرى، طريفة ومو�سوعات عمران املرحوم اللغوي الأ�ستاذ �سديقه �سحبة �سعيب اإىل الدار البي�ساء لغر�س يت�سل بالعالقات را زيارة الثقافية بني البلدين ال�سقيقني، حيث ي�ساأ�ستاذين اإىل ليبيا للم�ساركة يف ندوة علمية هناك،

وزارا مكتبة اآل �سعود الغنية بامل�سادر واملراجع.املقهى يف باجللو�س مغريا فــكــان الأحــــد اأمـــا وقراءة ال�سحف، كما كان فر�سة للقاء الأ�سدقاء فائدة من يخل مل اليوم هــذا اأن غري الليبيني،

أكثر ما يـبدع فيه هذا الشاعر تصوير مشاعر الحزن والمعاناة التي لون بها شعره، فكانت ملمحا بارزا في

خصائصه األدبية.

Page 197: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

197 العدد 36 |

جماليات

�سنة ولد الثقايف، التاريخ ميدان يف الأثبات املوؤرخني من جحيدر عمار الأ�ستاذ .1يف املاج�ستري على وح�سل الأزهــر، جامعة يف وتخرج بليبيا، تاجوراء يف 1953الوطني املركز ويعمل حاليا يف ،1996 �سنة ا�ستانبول التاريخ احلديث من جامعة للمحفوظات والدرا�سات التاريخية، وهو ع�سو مرا�سل مبجمع اللغة العربية الليبي. يف وكتب وخارجها، بلده داخل يف العلمية والندوات املوؤمترات من يف �سارك وقد العديد من املجالت وال�سحف املحلية والعربية، وله موؤلفات يف متنوعة بني التحقيق يف م�ساركة وله والجتماعي. الثقايف والتاريخ الأدب جمالت يف والنقد والدرا�سة

التدري�س اجلامعي يف كلية الدعوة الإ�سالمية وجامعة الفاحت. 2. ومن هذه املوؤلفات:

ـ اآفاق ووثائق يف تاريخ ليبيا احلديث.ـ م�سادر درا�سة احلياة الفكرية يف ليبيا يف العهد القرمانلي.

ـ املخطوطات العربية يف ليبيا.ـ ترجمة املوؤرخ اأحمد النائب الأن�ساري.

ـ تراجم علماء طرابل�س و�سلحائها يف رحلة التجاين.ـ اأطياف من تاريخ ليبيا احلديث وموؤرخيه.

كما اأنه حقق اأعمال قيمة منها:ـ امل�ساركة يف حتقيق اليوميات الليبية حل�سن الفقيه ح�سن.

ـ وحملة نابويل على طرابل�س )1244ه/1828م(

ـ واليوميات الليبية حل�سن الفقيه ح�سن )ج 1 و2(و�سارك يف تاأليف اأو حترير عدد من الأعمال الأخرى مثل كتاب:

ـ ال�سعر الليبي يف القرن الع�سرين؛ـ وكتاب املوؤرخ اأحمد النائب الأن�ساري؛

ـ وكتاب املوؤرخ م�سطفى بازاما؛ـ وكتاب توثيقي عن مدر�سة الفنون وال�سنائع الإ�سالمية مبدينة طرابل�س يف مائة

عام؛ واأعمال املوؤمتر الأول للوثائق واملخطوطات يف ليبيا: واقعها واآفاق العمل حولها.

3. عمار جحيدر، معجم البابطني لل�سعراء املعا�سرين.4. �سدر عن دار الكتاب اجلديد املتحدة �سنة 2001.

5. هو ال�سيخ اأحمد اأبو طبل الذي اأهداها اإىل ال�سيد حممد علي ال�سنو�سي يف اجلغبوب، ومكثت فيه حتى اأواخر ال�ستينات يف الع�سر احلديث.

6. انظر جملة جممع اللغة العربية يف القاهرة، العدد الثاين.

�شامهو ال

اأي�سا، حيث كان عمل اخلزانة ال�سبيحية علمية عــلــى فهر�سها لــالطــالع فــر�ــســة الــيــوم هـــذا يف بع�س �س تخ�س اأن اأروع وما واملخطوط، املطبوع املوؤ�س�سات الثقافية عملها يف يوم العطلة حتى يفد اإليها املوظف امل�سغول عنها يف �سياء اأيام الأ�سبوع يوم بني ما اهتمامه املوؤلف وي�سرف الأخـــرى. -19 املــوايل الثنني اإىل 1989-6-12 الثنني 6-1989 للقاءات �سخ�سية وعلمية خمتلفة، كما

العثور ينتظر كان اأخــرى خمطوطات على وقف عليها بني كنوز املغرب املخطوطة.

فيها جــرى مف�سلة، بفهار�س يومياته ختم ثم املميز اإليها من الهتمام اأ�سرنا التي على عادته بالتفا�سيل، واأحلقها ب�سور �سخ�سية ملن لقيه من العلماء والباحثني. ومل يكن غريبا اأن جند الفائدة واملتعة يف هذه اليوميات، فكاتبها معروف بحر�سه جميل، اأ�سلوب يف املعلومات طرائف تقدمي على

ويف الأمرين ما يفيد وميتع. واأخريا فاإن امل�ساحة التي اأتاحتها جملة "الإحياء"

زاوية يف املميز القلم هــذا عن للكتابة املــوقــرة ال�ساعر هذا من لأ�ستلهم حتثني "جماليات"

واأقول يف حقها:بها ـــالل ـــظ ال ـــاأت ـــي ـــف ت ذا كــــم

العمر يف ــل ــخــ�ــس امل ـــوارف ـــال بـــة ـــق ــــ ـــل ــــــل رائـــــعـــــة حم ــــــن ك م

�سر كالــن ــاأو ــس ــ� ال ــعــيــد ب ــــدى ملتها بجــد ــو ــم ــس ــ� ت ـــة ـــال ـــق مب

ال�سـعر اأنــبــل ـــن م ــيـــــدة وقــ�ــس)حبكتها( ع�ست كــم ة وبق�س

ـــر ــــ ـــي املـــــــعـــنـــي بـــالأم ـــن ــــ ـــاأن وكك�سفـت )عــلــمــيــة( ــة ــح ــم ــل وب

ــون مــن �سر ــك ــا يف ال ـــرار م اأ�ـــســت ــع ـــ ـــة جــم ــــ ـــي ـــن وبــــلــــوحـــــــــة ف

�سحر من اللون يف ما اأطـــراف ـرا معت�س العقل بـــذاك ـــرم اأك

الفكر ــع ـــ ـــ ــان وي ــعــور الــ�ــس ذوب

Page 198: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 19836

حقول معرفيةحقول معرفيةحقول معرفيةحقول معرفية

رعــــــاية النــــسـل ومقــصد االستخــالفيف االجتهاد األصـــولي

د. اأحمد كرومكلية الآداب والعلوم الإن�صانية، اأكادير

دراسات شرعية

ال�سريعة الإ�سالمية عناية جمتمعها التنا�سل و�سمان الن�سل رعاية اإىل بعدد فتكفلت �ــســرعــا، املطلوبة الــ�ــســروط ــق وفاملعقول النماء ت�سمن التي الرعاية حقوق من احلقوق هذه ربطت ثم للن�سل، املتوازن والتكاثر لأمته الن�سل يقدمها الــتــي املــعــامــالت بحجم الن�سل هو فيه املرغوب الن�سل فكان وجمتمعه. مب�سوؤولياته، ويقوم املجتمع يخدم الذي النافع، والعقب، الذرية، ميثل لأنه املجتمع؛ عني هو بل اأجله من الــذي الأر�ـــس هو خليفة اهلل يف الــذي كان تربير خلق الن�سل يف الأر�س كما ذكر القراآن يف جاعل اإين للمالئكة ربك قال " واإذ الكرمي: فيها يف�سد من فيها عل اأجت قالوا خليفة، الر�س �س ونقد بحمدك ح ن�سب ونحن مــاء الــد وي�سفك

لمون" )البقرة: 29(. لك، قال اإين اأعلم ما ل تعويفهم من ذلك اأن حقوق الرعاية تت�سل مبق�سد ال�ستخالف امل�سروع، املبني على �سمان العبودية ثــم �سمان واطــمــئــنــان، بــ�ــســالم الأر�ــــس هلل يف ا�ستقرار الن�سل بعيدا عن اأي اإف�ساد اأو اعتداء، اأو �سفك للدماء، اأو اإ�ساءة اإىل حرمة اخللق باأي نوع

من اأنواع الإ�ساءات املادية واملعنوية.مق�سد يف واأثــرهــا الرعاية مو�سوع ميثل لذلك يف بالبحث جديرة اأ�سا�سية م�ساألة ال�ستخالف، التي اإىل حجم امل�ستجدات بالنظر علم الأ�سول؛ اأبانت وقد املعا�سر. الإ�سالمي املجتمع ي�سهدها القواعد الأ�سولية امل�ستنبطة التي اعتمدت يف هذا خ�سو�سا مفيد، ا�ستقرائي ت�سور عن املو�سوع ال�سبب هو الذي واملناكحات التنا�سل مو�سوع يف

وجهت

Page 199: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

199 العدد 36 |

حقول معرفية درا�صات �صرعية

املبا�سر يف توازن الوجود؛ لأن بانقطاع الن�سل، كما يقول الأ�سوليون، يرتفع النوع الإن�ساين1.

كما قرروا، من خالل هذه القواعد، باأن مق�سد اإىل ابــتــداء ين�سرف ال�ستخالف مــن ال�سارع الدنيوية، املنافع وجلب اخللق، عن ال�سرر رفع انبنت "ملا ال�ساطبي: يــقــول كما ـــة، والأخـــرويال�سريعة على ق�سد املحافظة على املراتب الثالث والتح�سينيات، واحلــاجــيــات، الــ�ــســروريــات مــن ال�سريعة، اأبــواب يف مبثوثة، الوجوه هذه وكانت واأدلتها غري خمت�سة مبحل، ول بباب، ول بقاعدة دون قاعدة، كان النظر ال�سرعي فيها اأي�سا عاما ل يخت�س بجزئية دون اأخرى؛ لأنها كليات تق�سي

على كل جزئي حتتها2."اإىل للن�سل، حتتاج ال�ساملة فالرعاية الجتماعية وفهم الن�سل كليات بفقه واعيا املجتمع يكون اأن احل�ساري النمو اإطار يف وتوازناته خ�سو�سياته لذلك احل�ساري، العبء جانب يف فقط ولي�س بخلق كفيالن بيئته وتــقــومي الن�سل توجيه ــاإن ف

عليها3. وما لها ما النف�س فقه للتاأمل يف نظرية يجب الن�سل مو�سوع يف الجتهاد �سابط اأن كما اأن ينبثق من عمق ال�سريعة الإ�سالمية يف ا�ستلهام للفاعلني ال�سليمة الآليات تقدم التي ال�سوابط الرتبويني والن�سطاء احلقوقيني يف جمال الن�سل، الذين يحاولون تقدمي البدائل احل�سارية املالئمة لرعاية الن�سل، يف ظل ما يطراأ يف الع�سر احلديث

من نوازل وم�ستجدات.

اللغ�ية ودللته الن�صل مفه�م .1�سواء الولد، على الن�سل مفهوم اللغويون اأطلق اأكان من اإن�سان اأو حيوان، كما اأطلقوا معناه على "الن�سل العرب: ل�سان يف فجاء احلمل، مفهوم اأن�سال، واجلمع والــذريــة الولد والن�سل اخللق، واأن�سل ن�سال ين�سل ن�سل وقد �سيلة، الن وكذلك فالن بنو وتنا�سل بع�سا، بع�سهم اأن�سل وتنا�سلوا من بع�سهم ولد اأي وتنا�سلوا؛ اأولدهــم كر اإذا بع�س، ون�سلت الناقة بولد كثري تن�سل بال�سم قال

النسل المرغوب هو النسل النافع؛

الذي يخدم المجتمع ويقوم

بمسؤولياته..

Page 200: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 20036

درا�صات �صرعيةحقول معرفية

ابن بري يقال ن�سل الوالد ولده ن�سال واأن�سل لغة فيه4." اأ�سار النماء والتكاثر كما الن�سل يت�سل مبعنى فاإذا كان م�سطلح املنفعة به حت�سل ما بكل كذلك يت�سل فاإنه ذلــك، اإىل الن�س وال�ستثمار يف جوانبهما املتعددة يف احلياة. فيقال: "ن�سلت الناقة عندنا كانت اإمنــا القي�س عبد وفــد حديث ويف الوبر، كثري بولد ن�سلها5." واأخذنا ا�ستثمرناها اأي فن�سلناها؛ الإبل تعلفها ح�سبة كما يعرب مفهوم الن�سل يف و�سعه اللغوي عن م�سلحة التكاثر والنمو ولذلك، والتحول. احلركة اأو�سافها من التي املخلوقة الأ�سياء يف جاءت دللته لتدل على معنى ال�سرعة يف امل�سي واخلفة يف التحول: بالفتح ن�سال ون�سر �سرب ي حد من وين�سل ين�سل املا�سي "ن�سل هم رب " اإىل ون�سالنا بالتحريك فيهما... ومنه قوله تعاىل: ون�سال احلديث: ويف ب�سرعة. يخرجون اأي اإ�سحاق: اأبو قال ، ين�سلون" ال�سعف فقال: و�سلم، ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه اإىل �سكوا اأنهم ويف امل�سي. يف الإ�سراع وهو الأعرابي: ابن بالن�سل" قال "عليكم وقيل: �سالن بالن عليكم فقال: الإعياء �سكوا اأنهم اآخــر: حديث اإذا لقمان: حديث ويف امل�سي يف ي�سرعوا اأي ين�سلوا؛ اأن فاأمرهم

�سعى القوم ن�سل؛ اأي اإذا عدوا لغارة اأو خمافة اأ�سرع6." كما ا�ستعمل العرب جمازا مفهوم الن�سل ليفيد معنى النماء وذلك من خالل دللة م�سدر التنا�سل الذي يفيد معنى اإخراج ال�سيء من

ال�سيء ون�سله عنه. فجاء يف قول ال�ساعر:ن�سالن الذئب اأم�سى قاربا

برد الليل عليه ن�سل7فاأ�سل الن�سالن للذئب وهو �سرعة عدوه كن�سول الري�س وهو جماز. ومن عجائب ال�ستدلل مب�سطلح الن�سل يف اللغة العربية؛ اأنه ياأتي للدللة على جناعة الإنتاج بجميع ال�سيغ ال�ستقاقية املمكنة و�سفا وحال، زمانا ومكانا. فقد ا�ستدل به الأدباء مثال للدللة على املكان

املنتج املنهمر كاأن يدل على الوادي، كما يقول ال�ساعر:اأعا�سني بعدك واد مبقل

اآكل من حوذانه واأن�سل8ويف اأ�سماء الأمكنة جند واديا من اأودية الطائف ي�سمى بالن�سل. كما ال�سيء؛ من تنتج التي بها احلالوة لرياد اأوالن�سيل الن�سيلة تطلق فالن�سيلة الع�سل اإذا ذاب وفارق ال�سمع. والن�سل حمركة اللنب يخرج من التني الأخ�سر. والن�سولة ما يتخذ للحلوبة والركوبة على �سبيل

املجاز.ومن دللة ن�ساط مفهوم الن�سل يف اللغة اأن جند له اأمثلة م�سروبة وحكما م�سوغة9، فيقال مثال يف باب الن�سل: رجل ع�سال ن�سال؛ اأي �سريع العدو. و"فالن ين�سل الوديقة ويحمي احلقيقة." كما جند له ي�س الذي يعني الن�سل الكثري مرادفات حتمل هذا املعنى مثل: الطجل الذي يعني الن�سل. وهكذا والو�سي الذي يحمل املعنى نف�سه، والنالنماء يفيد الن�سل اأن على معانيه بجميع اللغوي التحديد يدل

والزيادة النافعة يف الأ�سياء.

الأ�ص�يل ال�صطالح يف الن�صل مفه�م .2بدرا�سات مفهومه وخ�سوا الن�سل مبو�سوع الأ�ــســولــيــون اهتم متخ�س�سة اأبواب يف املختلفة ق�ساياه تناولت هامة، واجتهادات املعامالت بباب يت�سل ما ومنها املقا�سد، بباب يت�سل ما منها والــديــة. ويالحظ والــرهــن والغ�سب والــزكــاة والــوقــف كــاحلــدود بدقائق اخلا�سة وعنايتهم الأ�سوليني اهتمام الأبـــواب هــذه يف ت�سمن التي ال�سرعية الأ�سباب من مبو�سوعه يت�سل وما الن�سل و�سوابط قواعد و�سعوا ذلــك، ولأجــل الوجود. يف ورعايته بقاءه يف و�سالمته دوامـــه ورعــايــة �ــســرورتــه، على للحفاظ م�ستنبطة ملو�سوع الأ�سوليني عر�س يف الباحث لكن الإ�ــســالمــي. املجتمع

الطماأنينة الإن�صانية

الهدى بعنا�سر اإل تتم اأن ميكن ل الأر�س يف الإن�سانية "الطماأنينة بالر�سالة، الإميان الإميان باهلل، اأمور ثالثة؛ ت�ستقر يف التي الإلهي،

الإميان بالإن�سان كمخلوق مكلف.وهكذا ابتداأ التاريخ الإن�ساين. ارتفع الإن�سان بالتكليف من درجة احليوان اإىل ما فوق درجة املالئكة؛ بينهما، وم�سوؤول وال�سر؛ وهو خمري اأن يفعل اخلري ا�ستطاعته لأن يف الإن�سان املخلوق نف�سه ب�سري. ولكن عنهما؛ وبذلك فهو حر وهو على جتذبه ت�سرفاته؛ يف واحلــر نف�سه، على والب�سري تقومي اأح�سن يف الفطرة تاأخذ ثم �سافلني اأ�سفل اإىل فريد اأحيانا احليوانية الغريزة الر�سد؛ وهو فيما بني اإىل ويثوب بقلبه، فيعمل اخلري والديانة بطبعه ذلك حمتاج ملن ي�ساعده. �سرعة تلجمه، ومنهاج ير�سده؛ وعدالة حتميه

حتى من نف�سه.بالكتاب الرتبية طريق عن الإر�ساد هي الر�سل؛ مهمة كانت وكذلك وهذه جمتمعها. و�سالح الإن�سانية �سالح فيه ما كل اإىل واحلكمة؛

امل�سالح هي الق�سد من النبوة ومن ال�سريعة."

عالل موؤ�س�سة ومكارمها"، الإ�سالمية ال�سريعة "مقا�سد الفا�سي، عالل الفا�سي، مطبعة النجاح اجلديدة، الدار البي�ساء، ط4، 1411هـ، 1991م،

�س20.

Page 201: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

201 العدد 36 |

حقول معرفية درا�صات �صرعية

الن�سل يجد باأن مو�سوع الرعاية يف الن�سل اأخذ اأبعادا مهمة؛ بحيث ربطوه بعدد من امل�سطلحات الأ�سا�سية التي متثل اأ�سبابا �سرعية؛ يت�سل باعتباره املعا�سر، الجتماعي الو�سع يف ا�ستثمارها ميكن

باملقا�سد وبفقه املعامالت وبالواقع الإن�ساين للن�سل. فقد عمدوا اأول اإىل تقريب فهم النا�س من مو�سوع الن�سل واأحكامه، عن طريق بيان مقا�سده ال�سرعية التي تبنى عليها م�سالح النا�س، التي هي اأ�سل لكل مناء ومنفعة، ثم تطرقوا اإىل بيان رعاية الن�سل عن طريق عالقته بعدد من امل�سطلحات منها؛ ال�سرورة، واملنا�سبة، يبتعد الن�سل ل واملنا�سب وغريها، فكان حتديدهم ملفهوم والعلة، اأ�سار اإليه اللغويون يف معناه العام الذي يفيد التكاثر والنماء عما يف كل �سيء. "وهو الدر والن�سل وال�سمن يف الإ�سامة وزيادة املال يف التجارة.. والن�سل يف احليوان يح�سل ب�سومها يف املرعى و�سفادها، النا�س وتغري التجارة يح�سل بكرة رغبات اأموال املال يف وزيادة

الأ�سعار احلادث بخلق اهلل تعاىل10."لكن ما مييز حتليل الأ�سوليني، اأنهم ربطوا م�سلحة الن�سل بتوجيهه نحو البناء الهادف، والنماء املفيد للمجتمع والوطن يف جميع الأمور التي تتوقف عليها امل�سلحة العامة؛ التي بانقطاعها ت�سمحل احلياة النماء ظروف ربطوا ال�سبب، ولهذا ومكانا. زمانا فاعليتها وتقل وقد الأ�سياء. اأ�سل يف والن�ساط احليوية يت�سمن الــذي بالزمن ")طريقه(؛ بقولهم: اللطيفة الإ�ــســارات هذه الأ�سوليون خل�س اأي النماء، اإقامة لل�سبب املوؤدي اإىل ال�سيء مقام ذلك ال�سيء؛ لأن احلول م�ستمل على الف�سول الأربعة التي لها تاأثري يف النماء بالدر كل ينا�سب ما �سراء يف الرغبات بتفاوت القيمة وزيــادة والن�سل، ف�سل. ف�سار احلول �سرطا، وجتدده جتدد للنماء، وجتدد النماء

جتدد للمال الذي هو ال�سبب11."كما اأدرك الأ�سوليون الأهمية املنوطة بالن�سل يف الوجود، فاأحلقوه باملقا�سد ال�سرورية التي تعني الأ�سول التي من اأجلها �سرع احلكم. بال�سروريات امل�سهورة اخلم�سة العنا�سر ترتيب يف اختلفوا فاإن بعد طول ال�ستقراء للن�سو�س ال�سرعية املبنية على م�سالح النا�س يف الدين والدنيا، فاإنهم مل يختلفوا يف عددها واأهميتها يف �سبط اأو الن�سب ح�سب اأو العر�س م�سالح النا�س وتنميتها. فكان الن�سل تقدم �سمنها يندرج التي ال�سروريات من الأ�سولية، اإطالقاته ونه�سة الأمم وال�سعوب. يقول الآمدي: "فاإن كان من قبيل املقا�سد ال�سرورية فاإما اأن يكون اأ�سال، اأو ل يكون اأ�سال. فاإن كان اأ�سال؛ فهو الراجع اإىل املقا�سد اخلم�سة التي مل تخل من رعايتها ملة من امللل، ول �سريعة من ال�سرائع، وهي: حفظ الدين، والنف�س، والعقل،

والن�سل، واملال؛ فاإن حفظ هذه املقا�سد اخلم�سة من ال�سروريات، نف�سه املعنى ال�ساطبي اأكد املنا�سبات12." كما مراتب اأعلى وهي اأن ال�سريعة و�سعت "فقد اتفقت الأمة، بل �سائر امللل على بقوله: للمحافظة على ال�سروريات اخلم�س وهي: الدين، والنف�س، والن�سل، لنا ذلك يثبت الأمة كال�سروري، ومل والعقل، وعلمها عند واملال، بدليل معني، ول �سهد لنا اأ�سل معني ميتاز برجوعها اإليه، بل علمت

مالءمتها لل�سريعة مبجموع اأدلة ل تنح�سر يف باب واحد13."فالن�سل وفق هذا التحديد باعتباره �سرورة من �سروريات احلياة وا�ستخالفها ح�ساراتها مناء يف الأمم ويعني والنحل، امللل يهم كما الوجود، يف ورعايتها �سيانتها جتب �سرورة فهو الأر�ــس. يف جتب العناية بكل ما ينا�سب اأحوالها يف الدين والدنيا. لذلك قرن املنا�سب مب�سطلحي والعلة التاأثري م�ساألة يف الن�سل الأ�سوليون جماريها يف ت�سب التي الدقيقة التحديدات من وهي واملنا�سبة؛ م�سلحة ال�سرع التي تعنى مب�ستوى العتدال والتوازن اخللقي الذي الأ�سا�سية اجلوانب من يعترب اجلانب، وهذا الن�سل. مناء ي�سون املقارنات يف ي�ستثمرها اأن احلايل الفقهي لالجتهاد ميكن التي املعنى هذا واإىل الن�سل. مو�سوع يف والتجديد التاأ�سيل تهم التي اأ�سار �سراج الدين الأرموي اإىل طبيعة مفهوم املنا�سب واأنواعه يف اأو اإقناعي، واحلقيقي "املنا�سب اإما حقيقي اإطار امل�سلحة بقوله: اأو ال�سرورة حمل يف اإما والدنيوية دينية، اأو دنيوية مل�سلحة اإما اأو ل اأحدهما، الأول: حفظ النف�س واملال والن�سب والدين احلاجة

والعقل14."املنا�سب م�سطلح بني يربط الذي ال�سبب الأ�سوليون اعتمد فقد والن�سل، يف قيا�س حجم املنفعة وامل�سرة التي ترتتب على حفظ اأو اأي بالن�سل؛ عالقتها يف املذكورة ال�سروريات من �سرورة اإتالف النظر اإىل الن�سل يف بعده الإن�ساين وما يالئمه يف الوجود. ولذلك عرفوا املنا�سبة مبالءمة اأفعال العقالء للعادات، يقال: هذه اللوؤلوؤة تنا�سب هذه، وهذه اجلبة تنا�سب هذه العمامة، ومن يعللها يعرفها الن�سل خلق تعاىل اهلل اأن اأي امل�سرة15"؛ ودفــع املنفعة بجلب اهلل اأن كما معا، والدنيا الدين يف اأحكام من ينا�سبه ما ويعرف التي بيئته ينا�سب ما بكل تكفل الن�سل باأحوال العامل وهو تعاىل

يعي�س فيها، وحميطه الجتماعي الذي يليق بتن�سئته وتربيته.يكون �سابطا و�سفا فلكونها العلة، مب�سطلح الن�سل عالقة اأمــا تاأثريها حلكمة مق�سودة لل�سارع، وهذه احلكمة تدل عليها املنا�سبة؛ التي تفيد بالن�سبة للن�سل اأن اهلل �سرع جميع اأحكامه لعلة الرعاية منا�سب، بو�سف مقرتنا احلكم فيكون ومقا�سده16." مل�ساحله

Page 202: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 20236

حقول معرفية

من دالالت النسل في اللغة اإلشارة على نجاعة اإلنتاج

بجميع الصيغ االشتقاقية

الممكنة وصفا وحاال، زمانا

ومكانا..

درا�صات �صرعية

يرتتب بناء احلكم عليه م�سلحة مق�سودة لل�سارع اأو دفع م�سرة، فاملنا�سبة ترجع من جلب منفعة، اإىل رعاية املقا�سد. كالزنا فاإنه منا�سب للتحرمي؛ الأن�ساب وعدم الزنا فيه م�سلحة حفظ لأن منع الأن�ساب اختالط وهي مف�سدة دفع اأو �سياعها، وعدم التمييز بني الأولد. وقد عرفه ابن احلاجب "و�سف ظاهر من�سبط يح�سل عقال من بقوله: مق�سودا يكون اأن ي�سلح ما عليه احلكم ترتيب

من جلب منفعة، اأو دفع م�سرة17."وهذه امل�سلحة التي تدل عليها املنا�سبة لها اأحوال اأمرها يفقهوا اأن النا�س على يجب ومقت�سيات يف الإن�ساين الــوجــود يف ومقت�سياتها الدين يف بع�سها اإىل الأرمــوي اأ�سار وقد ومكان. كل زمان باحلكم الواقعة تخ�سي�س الآتـــي: الو�سف يف املعني مبرجح عائد على العبد، اأنه تعاىل حكيم، الفعل ل مل�سلحة اإذ واحلكيم من يفعل مل�سلحة؛ رءوف تعاىل اأنه مكرما، الآدمــي خلق اأنه عبث،

رحيم18.ال�سنقيطي: قــال كما املنا�سبة �ــســوابــط ومــن "املنا�سبة والإخالة عند الأ�سوليني: هو اأن يقرتن و�سف منا�سب بحكم يف ن�س من ن�سو�س ال�سرع، ويكون ذلك الو�سف �ساملا من القوادح، ويقوم دليل على ا�ستقالله باملنا�سبة دون غريه، فيعلم اأنه علة ذلك احلكم19." فاهلل تعاىل خلق الن�سل ويعرف ما ينا�سبه من اأو�ساع، حتى بالن�سبة للزكاة يف املا�سية التي هي من الن�سل، ميز بني مراتبها ومنا�سباتها يف ال�ستحقاق وف�سل منا�سبتها تف�سيال حمكما؛ ابن يقول املنا�سبة، واأ�سبابها عللها بني بحيث اأن اخليل تراد "والفرق بني اخليل والإبل القيم: لغري ما تراد له الإبل؛ فاإن الإبل تراد للدر والن�سل والأكل وحمل الأثقال واملتاجر والنتقال عليها من بلد اإىل بلد. واأما اخليل، فاإمنا خلقت للكر والفر اأعدائه، وجهاد الدين واإقامة والهرب والطلب ولل�سارع ق�سد اأكيد يف اقتنائها، وحفظها والقيام عليها وترغيب النفو�س يف ذلك بكل طريق؛ ولذلك

عفا عن اأخذ ال�سدقة منها20.

الزكاة اأن املعامالت، باب امل�سلحة يف فاأظهرت التي تعني النمو والزيادة، اأن بقاء هذا النوع من منها �سيء كل واأن مل�سلحة، اهلل خلقه الن�سل فيه، املخول كاملالك الإن�سان "واأن ينا�سبه. لأمر احليوان و�سنوف ملاآربه، مهياأة النبات و�سروب م�سرفة يف م�ساحله؛ فمنها ما هو للدر والن�سل واحلمولة للركوب هو ما ومنها فقط، والــغــذاء ما ومنها والزينة، للجمال هو ما ومنها فقط، خزائن اأجــوافــهــا وجعل كــالإبــل كله ذلــك يجمع عربة ففيها و�سفاء؛ ودواء وغــذاء �سراب هو ملا للناظرين واآيات للمتو�سمني. ويف الطري واختالف ومنافعها ومقاديرها واألوانها واأ�سكالها، اأنواعها ورائحات وغاديات وقاب�سات �سافات واأ�سواتها ومقيمات وظاعنات اأعظم عربة واأبني دللة على حكمة اخلالق العليم. وكل ما اأوجده النا�س واأولوه

بال بالأفكار الطويلة21."واملنا�سبة والعلة املنا�سب م�سطلحات فكانت وال�سرورة كلها م�سطلحات ا�ستعملها الأ�سوليون ال�ستخالف مق�سد لرعاية بالن�سل عالقتها يف بيئته ورعاية الن�سل برعاية ال�سارع ربطه الذي وي�ستوجب عامة. ب�سفة واملعي�سية الجتماعية بنمائها، الن�سل اأنواع على احلفاظ املق�سد هذا واأن بتكاثرها، الــوجــود اأ�ــســبــاب لها يهيئ واأن عبادته على يــدل الــذي العــتــبــار حمــل يجعلها التي التعبد ر�سالة ا�ستمرار لي�سمن الأر�ــس يف املتعددة اأ�سكالها يف الأن�سال خلقت اأجلها من اهتم الأ�سباب، هــذه ولأجــل الإن�سان. و�سمنها الأ�سوليون بو�سع قواعد اأ�سولية ت�سري اإىل مق�سد الوجود يف الن�سل برعاية وعالقته ال�ستخالف

الإن�ساين، ونذكر منها:

الأنكحة يف ���ص��رع الأوىل: ال��ق��اع��دة اأ. للن�صل ما مل ي�صرع يف املعامالت

اأكد الأ�سوليون، من خالل هذه القاعدة، على اأن املق�سود الن�سل هو الــذي خلقه اإىل اهلل ر�سالة وتدعو وال�سالح، البقاء اإىل تدعو بال�ستخالف

Page 203: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

203 العدد 36 |

حقول معرفية درا�صات �صرعية

تتصل حقوق الرعاية بمقصد

االستخالف المشروع، المبني

على ضمان العبودية هلل في

األرض..

اإىل الرعاية والتكافل والتاآزر. يقول العز بن عبد اإىل احلاجات م�سي�س �سبحانه علم "ملا ال�سالم: مقا�سدها لتح�سيل الأنكحة �سرع املناكحات والتعا�سد، الن�سل، وكرة والرحمة، املــودة، من يف ي�سرعه مل مبا الأنكحة يف و�سرع والتنا�سر،

غريها من املعامالت22."فقد اأ�سار الن�س اإىل طبيعة املعامالت الجتماعية املناكحات على ترتتب التي ال�سرورية واخللقية التي هي �سبب يف الن�سل من جهة، ثم اإنها مق�سد اأ�سا�سي تتوقف عليه امل�سالح العليا لالأمة. وبناء هي التي الأ�سا�سية املطالب تتحقق ذلــك، على التعا�سد، والتنا�سر، وهي من الأمور الهامة التي رعت ال�سريعة من خاللها مبداأ التوالد، ودعت اإىل حمايته عن طريق مبداأ التوازن يف رعاية حقوقه

التي ت�سمن له البقاء وح�سن ال�ستمرار. وقد اعتمد الأ�سوليون يف هذا الإطار، على منطق التي الأ�سباب على الدللة يف ال�سابقة القاعدة اإىل التوازن يف جمالها العام، ت�سمن رعاية هذا الن�سل وجــود تنظم التي امل�سالح باقي جانب

الزجناين فــذكــر املــ�ــســروعــات. يف الفروع )تــخــريــج كتابه يف

اأن: الأ�ـــســـول( عــلــى

لأن الراأي؛ اأهل عند ح�سن اأ�سلها "امل�سروعات تعاىل، هلل واخل�سوع العبودية اإظهار العبادات �سبب واملعامالت املنعم. و�سكر اخلالق، وتعظيم واملناكحات املــنــازعــات. وقطع امل�سالح لإقــامــة والعباد الــعــبــاد مــن والــتــكــاثــر للتنا�سل، �سبب الأنف�س ل�ستبقاء �سبب واحلــــدود، والعقوبات

والعقول والأديان والأب�ساع والأموال23."كما اأكد ال�سرخ�سي يف كتابه )اأ�سول ال�سرخ�سي(، مق�سد هذه القاعدة يف مو�سوع التنا�سل وعالقته ــروع من ــس ــ� امل الــ�ــســبــب اأن فــقــرر ــاملــعــامــالت، ببتعاطيها24. املقدور البقاء تعلق هو املعامالت وقد و�سح اأ�سول هذه القاعدة بقوله: "بيان ذلك اأن اهلل تعاىل حكم ببقاء العامل اإىل قيام ال�ساعة، وهذا البقاء اإمنا يكون ببقاء اجلن�س وبقاء النف�س، باإتيان الذكور فبقاء اجلن�س بالتنا�سل، والتنا�سل املق�سود هو والإن�سان مو�سع احلرث، الإناث يف فيه ف�ساد ل التنا�سل طريقا لذلك ف�سرع بذلك،

ول �سياع25."ويفهم من مبداأ هذه القاعدة؛ اأن بقاء

Page 204: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 20436

درا�صات �صرعيةحقول معرفية

بقاء وهــو ال�ستخالف مبق�سد مــرهــون الــعــامل الن�سل كــان وكلما وان�سجام، تـــوازن يف الن�سل على وحافظ العامل اأو�ساع كلما حت�سنت �ساحلا من املعامالت ل�سرعية "وال�سبب الأكمل. نظامه النظام على للعامل البقاء وغريهما؛ ونكاح بيع اهلل فــاإن اإليه. بقاوؤه املقدر الوقت اإىل الأكمل، الإن�سان بنوع املنوط النظام لهذا قدر �سبحانه حفظ على مبني وهــو ال�ساعة؛ قيام اإىل بقاء

الأ�سخا�س؛ اإذ بها بقاء النوع26."القاعدة هذه خالل من الأ�سوليون ا�ستقراأ فقد ــر اأو�ـــســـاع الــنــ�ــســل ومــتــطــلــبــاتــه اخلــا�ــســة يف اأمال�ستخالف الذي يتوقف عليه الو�سع الجتماعي، الذي يحتاج اإىل الرعاية بتحقيق املعاونة وامل�ساركة اإىل جانب التنا�سر والتعا�سد الذي �سبق ذكرهما، ال�سابقة، القاعدة ب�ساأن الأ�سوليون، قرر ولذلك �سلما حجاجيا تراتبيا ومنطقيا يظهر من خالله الإ�سالمية ال�سريعة اأولتها التي الرعاية حجم بالرعاية، وتــعــهــده الن�سل ا�ــســتــخــالف ملــ�ــســاألــة فجاءت قيم الرعاية مرتبة بح�سب الو�سف الآتي: اأن الإن�سان الذي ميثل الن�سل الإن�ساين يحتاج اإىل بقاء، اأن البقاء يحتاج اإىل ا�ستقرار اجتماعي، اأن ال�ستقرار الجتماعي يحتاج اإىل تعاون وم�ساركة، التوالد اإىل يحتاجان واملــ�ــســاركــة الــتــعــاون اأن اإىل يحتاجان والتنا�سل التوالد اأن والتنا�سل،

نظام وحماية.اإليه ــار اأ�ــس فيما مف�سلة جنــدهــا القيم وهـــذه اأ�سول نعتربه اأن ميكن فيما بو�سوح الأ�سوليون نظرية للرعاية الجتماعية للن�سل، حيث يقول عنها والتحبري(: )التقرير كتابه يف احلــاج اأمــري ابن البقاء يف يفتقر مزاجه اعتدال لفرط "الإن�سان اأمور �سناعية يف الغذاء، واللبا�س، وامل�سكن، اإىل ونحو ذلك. وهي لعدم ا�ستقالل كل فرد بها وعدم من فيها وم�ساركة معاونة، اإىل يفتقر له تهيئها اأفراد النوع ثم يحتاج للتوالد والتنا�سل اإىل ازدواج بني الذكور والإناث وقيام بامل�سالح. وكل من هذه ال�سارع، اأ�سول كلية مقررة من اإىل الأمور يفتقر

مب�سالح املتعلقة اجلزئية الأحكام حتتها تندرج املعا�س، واملعاد ليحفظ بها العدل والنظام بينهم يف باب املناكحات املتعلقة ببقاء النوع، واملبايعات ما ي�ستهي اأحــد كل اإذ ال�سخ�س؛ ببقاء املتعلقة اجلور، فيقع يزاحمه من على ويغ�سب يالئمه

ويختل النظام وهي املعامالت27."

الن�صل مقا�صد ك�ن الثانية: القاعدة ب. دالة بالتبع ل ينفى ك�نها دالة بالق�صد

اجتهاد مــن امل�ستنبطة ــقــاعــدة ال هـــذه ــقــرر تالفطرة مع الن�سل ان�سجام مبداأ باأن الأ�سوليني؛ الكونية يقت�سي عدم اإهمال فهم مق�سد املعا�سرة الزوجية، ملا قد يرتتب عنه من �سوء فهم املق�سد ال�سرعي من احلياة، ويعني ذلك اأن النظرة للن�سل على اأنه �سيء زائد غري مرغوب فيه اأو جاء مبح�س الزوجان يف عملية يق�سده اأن ال�سدفة من غري وجوده. و�سرط الن�سل ملبداإ جتاهل هو النكاح، بق�ساء بالعفة تت�سل الن�سل رعاية لأن وذلــك الوطر كما يذهب الأ�سوليون اإىل ذلك، لكن العفة والوطر وما يتبعهما من �سهوة تعترب مق�سدا تابعا �سر وهو اأ�سلي، مق�سد يعقبها الذي الن�سل واأن م�سالح ترتيب وفهم املقا�سد توجيه يف اأ�سا�سي كونها اإن يقال "ل ال�ساطبي: يقول كما النكاح دالة بالتبع ل ينفى كونها دالة بالق�سد، واإن كان الق�سد ثانيا كما نقول يف املقا�سد ال�سرعية اإنها مقا�سد اأ�سلية، ومقا�سد تابعة، واجلميع مق�سود املقا�سد اإىل الق�سد املكلف من وي�سح لل�سارع،

التابعة مع الغفلة عن الأ�سلية28." الن�سل ان�سجام طبيعة اإىل املـــاوردي اأ�ــســار كما "والأ�سل فقال: ال�سابقة القاعدة يف الفطرة مع واإناثا ذكـــورا احلــيــوان خلق تعاىل اهلل اأن فيه بالإناث، الــذكــر لياأن�س ال�سبه يف بينهما جمع اآلة التنا�سل فجعل للرجل ذكرا، وفرق بينهما يف وللمراأة فرجا ليجتمعا على الغ�سيان مبا ركبه يف البنيان يف فيمتزج الجتماع �سهوة طباعهما من بالتنا�سل ليحفظ العلوق وهو حمل الرحم، قرار

تحيل الداللة اللغوية للنسل

على النماء والزيادة النافعة

في األشياء..

Page 205: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

205 العدد 36 |

حقول معرفية درا�صات �صرعية

بقاء اخللق29." فاإذا كان اهلل، عز وجل، قد خلق الن�سل يف اأح�سن تقومي، وجعله حمبوبا، ثم خلق له اأو�ساع التنا�سل الوجود، يف ال�سليمة الفطرة مــع تن�سجم التي �سهوات من الفطرية الغرائز بخلق رعايته فاإن تالئم طبيعة خلقه، هي من عجائب اهلل امل�ستورة لغاية خلقها الــتــي الب�سرية الـــروح اأعــمــاق يف واجل�سدية العقلية اللذات وهو ح�سول ومق�سد؛ بهما وتتعزز الب�سرية، احلياة بهما ت�ستقيم التي الأ�سياء وبها يدوم ال�ستخالف. وقد احلالوة يف عرب ابن �سينا عن هذا املق�سد بقوله: "كل م�ستلذ بالقيا�س هو للمدرك يح�سل كمال �سبب فهو به واإدراكاتها الكمالت اأن ي�سك ل ثم خــري، اإليه اأن يتكيف الع�سو ال�سهوة، مثال، متفاوتة؛ فكمال ولو مادتها عن ماأخوذة احلــالوة بكيفية الذاتي وقع مثل ذلك ل عن �سبب خارج كانت اللذة قائمة

وكذلك امللمو�س وامل�سموم ونحوهما30." مق�سد اإل هــو مــا وال�سهوة العفة مق�سد لكن لكونه الأ�سوليني؛ عند الن�سل ا�ستخالف تابع يف اأن يجب الذي النف�سي ال�ستقرار برعاية يت�سل يكون عليه الزوجان يف حياتهما العادية. كما يقول الرازي: "م�سلحة ال�سهوة الفرجية هي بقاء النوع اإل حت�سل ل امل�سلحة وهــذه ال�سخ�س، بتوليد بوجود الولد، وبقائه بعد الأب، فاإنه لو وجد ومات قبل الأب كان يفنى النوع بفناء القرن الأول31."

تابع الب�سري للجن�س بالن�سبة ال�سهوة فمق�سد الذي الإيــجــاد عو�س اأ�ــســال يكون اأن ينبغي ل ال�سهوة اأ�سا�س هــو ــذي ال الــولــد اأي الن�سل؛ هــو وخال�ستها. ولهذا الغر�س �سرع نظام الزواج وفقا الب�سري اجلن�س حتمي التي والقواعد لالأ�س�س ال�ستقرار عليها يرتتب التي التوالد نعمة يف مع املن�سجم ال�ستقرار و�سمان الأر�ــس، وتعمري مقدران والولد "فال�سهوة والع�سور؛ الأزمنة كل املق�سود يقال اأن يجوز ولي�س ارتباط، وبينهما يلزم ق�ساء احلاجة والولد لزم منها كما اللذة، الولد بــل ذاتـــه؛ يف مق�سودا ولي�س الأكـــل، مــن

باعثة وال�سهوة واحلكمة بالفطرة املق�سود هو على احلــفــاظ اأن ــك ذل عــن عليه32." ويــرتتــب العتبار ت�ستدعي املذكورة مبقت�سياتها الفطرة املعقول يف الإفــراط غري التحذير من وا�ستيعاب تذويب الفطرة الإن�سانية يف جرم الهوى الفاح�س، املتنامية املــاديــات عــامل يف له �سوابط ل الــذي

املهددة حلياة الن�سل واأخالقه. فوعي املكلف باملقا�سد التابعة واملقا�سد الأ�سلية فيما الفطري الــتــوازن على احلفاظ من متكنه الأحكام فهم على تعينه كما بالنكاح، يت�سل اأعماله بعبودية اهلل التي تربط ت�سرفاته وجميع �سيئا لي�ست ورعايته الن�سل فاإجناب ومر�ساته. نيتها على ق�ساء تتوقف ل بل هو عبادة، زائــدا، تــتــجــاوزه اإىل الـــذي هــو جــزء منها، بــل الــوطــر ال�ستخالف وتعمري الأر�س. وكلما احتدت املقا�سد واجتهت اإىل امل�سلحة العليا كلما تعززت النتيجة فكان الوطر ماأجورا، وما يخرج من ال�سلب ن�سال حممودا. وهو ما ي�سري اإليه ال�ساطبي يف قوله: "اإذا كان النكاح بق�سد ق�ساء الوطر مثال �سحيحا من حيث كان موؤكد للمق�سود الأ�سلي من النكاح وهو الن�سل، فغفلة املكلف عن كونه موؤكدا ل يقدح يف

كونه موؤكدا يف ق�سد ال�سارع. من الثانية اجلهة اإن م�ساألتنا: يف نقول فكذلك موؤكدة هي اإمنا العربي الل�سان يف الق�سد حيث لالأوىل يف نف�س ما دلت عليه الأوىل؛ وما دلت عليه هو املعنى الأ�سلي. فاملعنى التبعي راجع اإىل املعنى الأ�سلي، ويلزم من هذا اأن ل يكون يف املعنى التبعي

زيادة على املعنى الأ�سلي وهو املطلوب33."القاعدة لفقه كبرية عناية الأ�سوليون اأوىل وقد ال�سابقة من خالل بيانهم ملعنى الأ�سلي، والتبعي الفهم اإىل املكلفني وعــي وتوجيه امل�سالح، يف يف العقول اإلــيــه تتجه اأن يجب ــذي ال ال�سحيح لالأر�س. ال�سالح بالتعمري وعالقته الن�سل اأمر فوجهوا الهتمام اإىل اإدراك ما هو اأوىل بالعناية؛ فقدموا يف ذلك وجهات نظر مب�سطة لإزالة اللب�س الذي ميكن اأن يقع فيه املكلف ب�ساأن ال�سروريات

ما ميز مقاربة األصوليين أنهم

ربطوا مصلحة النسل بتوجيهه

نحو البناء الهادف، والنماء النافع..

Page 206: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 20636

درا�صات �صرعيةحقول معرفية

وما يتبعها. ففي مو�سوع الن�سل، وجهوا عناية املكلف اإىل اأن الغر�س من النكاح هو اإيجاد الن�سل، واأن ما يالزم هذا املق�سد من جميع و�سائل اللذة وما يت�سل بها من ق�ساء الوطر، كل ذلك تابع ينبغي توجيهه نحو املق�سد الأ�سلي الذي يحتاج اإليه املجتمع الإ�سالمي. واأن املق�سد له و�سع معروف يف ال�سرع ل ميكن اخلروج عنه، وذلك

حتى ل يتخذ ما هو تابع حكم ما هو اأ�سلي. ولأجل مزيد من تو�سيح معطيات القاعدة الأ�سولية ال�سابقة و�سح الإمام ال�ساطبي الأبعاد النظرية لهذه القاعدة يف كتابه: )املوافقات يف اأ�سول ال�سريعة(، فقال: "اإن اجلهة الثانية من حيث الق�سد يف الل�سان العربي اإمنا هي موؤكدة لالأوىل يف نف�س ما دلت عليه الأوىل، اإىل املعنى التبعي راجع وما دلت عليه هو املعنى الأ�سلي. فاملعنى على زيــادة التبعى املعنى يف يكون ل اأن هذا من ويلزم الأ�سلي، املعنى الأ�سلي وهو املطلوب. واأي�سا فاإن بني امل�ساألتني فرقا، وذلك اأن النكاح بق�سد ق�ساء الوطر اإن كان داخال من وجه حتت املقا�سد احلاجيات؛ حتت اآخــر وجــه من داخــل فهو لل�سروريات التابعة وق�ساء ماآربهم نيل يف العباد على التو�سعة ق�سد اإىل راجع لأنه اأوطارهم ورفع احلرج عنهم. واإذا دخل حتت اأ�سل احلاجيات �سح اإفراده بالق�سد من هذه اجلهة ورجع اإىل كونه مق�سودا ل بالتبعية، بخالف م�ساألتنا فاإن اجلهة التابعة ل ي�سح اإفرادها بالدللة على معنى غري التاأكد لالأوىل؛ لأن العرب ما و�سعت كالمها على ذلك اإل بهذا الق�سد، فال ميكن اخلروج عنه اإىل غريه، والثالث اأن و�سع هذه اجلهة على اأن تكون تبعا لالأوىل يقت�سى اأن ما توؤديه من املعنى ل ي�سح اأن يوؤخذ اإل من تلك اجلهة، فلو جاز اأخذه من غريها لكان خروجا بها عن و�سعها وذلك غري �سحيح ودللتها على حكم زائد على ما يف الأوىل خروج لها عن كونه تبعا لالأوىل، فيكون ا�ستفاده

احلكم من جهتها34."يف والتبعي الأ�سلي املعنى مو�سوع اأن ال�ساطبي كالم من ويفهم يف يفهم اأن ينبغي الن�سل؛ مقا�سد بخ�سو�س املذكورة القاعدة اإطاره الجتماعي، وهو اأن ق�ساء الوطر يدخل يف املجال احلاجي؛ اأي التبعي الذي تتوقف عليه حاجات النا�س، واأن املق�سد ال�سروري يف الأمــة حياة عليه تتوقف الــذي الولد؛ اأو الن�سل هو والأ�سلي بني التمييز املكلف العبد فقه وكلما احل�ساري. ومنائها بنائها عنده تولد كلما وغــريه، الن�سل مو�سوع يف وال�سروري احلاجي ال�سعور باإدراك امل�سالح واأولويتها يف الوجود، وبالتايل يدرك دوره وتعمري ال�ستخالف مق�سد هو الــذي وجــوده ومعنى الجتماعي النكاح اأن امل�ساألتني فرقا وذلك "فاإن بني الأمة. ينفع الأر�س مبا

بق�سد ق�ساء الوطر اإن كان داخال من وجه حتت املقا�سد التابعة اآخر حتت احلاجيات؛ لأنه راجع لل�سروريات، فهو داخل من وجه اأوطارهم وق�ساء ماآربهم نيل يف العباد على التو�سعة ق�سد اإىل اإفراده �سح احلاجيات اأ�سل دخل حتت واإذا عنهم، احلرج ورفع

بالق�سد من هذه اجلهة35."وكاأن �سيانة الن�سل تقت�سي من املكلف اأن تتجه مقا�سده وهو يحر�س على م�سلحة الوجود باملناكحة اأن تكون عنده نية ال�ستخالف وهو هو الــذي الن�سل اإىل عنايته فتتجه و�سهوته، النكاح لــذة يبا�سر اأثناء الإن�سان واللذة ال�سهوة حجبت ولطاملا اإيجاده. يف ال�سبب ال�سنة اإليه اإدراك هذا املق�سد الذي نبهت املعا�سرة باجلماع عن بداية توؤ�س�س التي اللحظة وهي اآداب اجلماع الكرمية يف النبوية القيم بناء يف الأمــة عليه تراهن الــذي ال�سالح للن�سل التكون

والأخالق احل�سارية.

ج. القاعدة الثالثة: كل فا�صد ال��صع فا�صد العتبار من غري عك�س

اأ�سار الأ�سوليون يف هذه القاعدة الهامة التي ميكن ا�ستثمارها يف من النا�س يقي�سه ما اأن اإىل ال�ستخالف، ومق�سد الن�سل جمال اأفعال ومعامالت على راأي الآخر ولو كان فا�سدا يعتربونه �ساحلا وهو ما اأطلقوا عليه "ف�ساد الو�سع والعتبار". ومن جملة ما قرروه يف هذا اجلانب، اأن كل فا�سد الو�سع فهو فا�سد العتبار اأ�سال، ومن اعتباره فقط، العتبار من جهة عدم "ف�ساد اأن: جملة ما ذكروه وذلك لأنه ل ميكن اعتبار القيا�س يف ترتيب احلكم عليه، ل لف�ساد يف و�سعه وتركيبه وهو اأن ل يكون على الهيئة احلا�سلة لعتباره يف ترتيب احلكم عليه ل�سحته، بل ملخالفته الن�س فقط. فعلى هذا، كل فا�سد الو�سع فا�سد العتبار من غري عك�س؛ فيكون فا�سد الو�سع اأخ�س مطلقا من فا�سد العتبار وهو ظاهر كالم الآمدي وقيل هما

واحد، وعليه اأبو اإ�سحاق ال�سريازي واإمام احلرمني36." وهم يق�سدون بذلك اأن اهلل تعاىل خلق للعباد م�سالح وجعل لهذه امل�سالح علال باعتبار الأمر والنهي، ثم ربط الأ�سباب مب�سبباتها؛ اأي ملاذا اأمر بهذا الفعل وملاذا نهى عن الآخر؟ وتكون العلة يف هذه الأو�ساع اإما معلومة اأو غري معلومة؛ فاإن كانت معلومة اتبعت فحيث وجدت وجد مقت�سى الأمر والنهي من الق�سد اأو عدمه. فمثال؛ علة وجود النكاح مل�سلحة التنا�سل وبقاء النوع، والبيع مل�سلحة النتفاع

باملعقود عليه، واحلدود مل�سلحة الزدجار. وتعرف العلة هنا مب�سالكها املعلومة يف اأ�سول الفقه، فاإذا تعينت،

Page 207: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

207 العدد 36 |

حقول معرفية درا�صات �صرعية

اأو عدمه ال�سارع ما اقت�سته تلك العلل من الفعل اأن مق�سود علم ومن الت�سبب اأو عدمه، واإن كانت غري معلومة فالبد من التوقف عن القطع على ال�سارع اأنه ق�سد كذا وكذا. اإل اأن التوقف هنا له وجهان عليه يف ذلك احلكم املن�سو�س نتعدى ل اأن اأحدهما: النظر من بالعلة كاحلكم من التعدي مع اجلهل لأن املعني؛ ال�سبب اأو املعني غري دليل، و�سالل على غري �سبيل. والثاين: اأن الأ�سل يف الأحكام املو�سوعة �سرعا اأن ل يتعدى بها حمالها حتى يعرف ق�سد ال�سارع دليل على عدم التعدي دليال على ن�سبه لأن عدم التعدي؛ لذلك وو�سع دليال عليه لن�سب متعديا ال�سارع عند كان لو اإذ التعدي؛ مق�سود غري عليه املن�سو�س لغري التعدي اأن ف�سح م�سلكا، له

لل�سارع37.فهذه الإ�سارات الأ�سولية تدل على اأن الجتهاد يف النوازل الطارئة يفهمون فقهاء اإىل ويحتاج الأمة يف مطلوب الن�سل فقه و�سمنها باأن اعتبارا و�سعها، من ال�سارع ق�سد ويدركون العلل، م�سالك الإ�سالمية تعرف املجتمعات واأن النا�س يف جتدد م�ستمر، اأق�سية وحينما الأخــرى. الأمم تاأثري ب�سبب م�ستحدثة اجتماعية ظواهر باآفات اخلروج عن يب�سرهم معينا فقهيا اجتهادا النا�س يجد ل باأ�سول الفطرة، فاإن هناك عادات الن�سل وتذكريهم املق�سد من باطلة �ست�ستحدث، وطوارئ اجتماعية �ستع�سف بال�سلوك الإن�ساين ح�سب رغبات الع�سر وما يعج به من اإكراهات غريزية توجه الن�سل

ح�سب هواها. النكاح مو�سوع املجال هذا يف البتداع اإليه يدب ما اأخطر ومن منذ نــوازل عدة عرف الذي مبا�سر، ب�سكل بالن�سل يرتبط الذي الع�سر اجلاهلي، حيث خروج النا�س عن مدار الفطرة اإىل طقو�س نوازلها وقعت ما النوازل واأخطر النف�س. لهوى تخ�سع جاحمة النا�س يعتقد حيث الأمــة، به تدين الــذي الدين لأ�سول خمالفة اأنها مدار ال�سالح واأنها نوع من املنفعة، وما هي اإل اعتبار فا�سد واأنها "اأ�سول لهم فا�سدة، اعتقدوها وبنوا عليها اأعمالهم، ومنه ما بها يف �سريعة التي ل عهد اأنكحة اجلاهلية الن�سل كما يف يقع يف اإبراهيم، عليه ال�سالم، ول غريه، بل كانت من جملة ما اخرتعوا الرجل يقول اأن وهو ال�ستب�ساع، نكاح منها اأنــواع وهي وابتدعوا لمراأته: اإذا طهرت من طمثها اأر�سلي اإىل فالن فا�ستب�سعي منه، ويعتزلها زوجها، ول مي�سها اأبدا حتى يتبني حملها من ذلك الرجل

الذي ي�ستب�سع منه، فاإذا تبني حملها اأ�سابها زوجها اإذا اأحب38.غري من العتبار فا�سد الو�سع فا�سد "كل الأ�سولية فالقاعدة عك�س" حتذر من البتداع املحرم يف جمال الن�سل الذي يوؤدي اإىل

الن�سل عنها يتفرع التي الثابتة اأ�سولها من الأن�ساب �سجرة قطع اأن تظهر عدد الع�سر، نوازل هذا اأن تكون من النافع. ول غرابة من الأنكحة التي تعددت األقابها وقوالبها حتتاج اإىل نظر من قبل املجامع الفقهية والعلمية رعيا لتطور رغبات النا�س وم�ساحلهم يف

املجتمع الإ�سالمي. الذي الن�سل نوازل املعا�سر عن فقه الإ�سالمي للمجتمع فال غنى احلديثة الو�سائط ير�سد كما وير�سدها املوا�سيع هذه يف يبحث اخلطبة يف بـ"الدرد�سة" ي�سمى ما كا�ستعمال بالزواج؛ املت�سلة والزواج، وكذا ا�ستعمال مواقع ال�سبكات العنكبوتية يف اإبرام العقود ونحوها والنا�سوخ كالهاتف امل�ستحدثة التوا�سلية الآلت بوا�سطة من و�سائل التوا�سل احلديثة. وهي من الأمور التي تتوقف على تطور بطبيعة تاأثرا وحتمل لل�سعوب، والجتماعية القت�سادية الأو�ساع الآخر يف احل�سارات الأخرى يف ال�سلوك والأمناط والآداب. لذلك، للهوى خا�سعة اأق�سيته واأن م�ستمر، جتدد يف الن�سل نــوازل فاإن والتحرر البتداع اإىل وتدعو الغرائز حترك التي الفنت ودواعــي من ال�سوابط ال�سرعية التي تنظم �سريه. وملا كانت النازلة الفقهية غري جمردة عن الواقع، بل هي اجتهاد يعك�س الظواهر الجتماعية للن�سل، لزم يف فقه نوازله معرفة امل�سالح وعللها وما يتعلق بحكمة ال�سرعي الن�س يقت�سيه ال�سارع من و�سعها، ثم الجتهاد وفق ما

منها.�سالح "كل هو ال�سابقة الأ�سولية للقاعدة املخالف املعنى فيكون الو�سع �سالح العتبار اأو العك�س" وينبني على هذا املعنى اأن املعلوم من الزواج يف عرف النا�س مقرون بالرتاحم وبناء الأن�ساب، وهو املحبة الفطرية، واأن هذه املحبة حتتاج اإىل دميومة يف احلياة وحتمي املعروفة، ال�سرعية بال�سوابط الزوج باختيار وتبداأ الأ�سر، نظام وت�ستمر عاطفة الن�سل مع الزواج وحنوه مع الآباء والأبناء. وهو اأمر الأدوار ينمي الذي والرتاحم التواد كيان تاأ�سي�س اإىل ي�سعى مهم املودة يف رعاية اإىل �سبيل ول للن�سل. النف�سي لال�ستقرار املعنوية اأف�سل من ترغيب �سبابه يف الزواج مع توعيتهم بف�سائله املجتمع ومزاياه. لذلك؛ اأدرك علماء امل�سلمني اأهمية الزواج ودوره يف بعث الزواج، ميثاق يربطهما اللذان والأنثى الذكر بني واملــودة املحبة يف والرغبة الدميومة على ت�سجع التي الأن�س بو�سائل فاهتموا الن�سل. ومن لطائف التعامل مع دفء املودة املقرونة بالزواج الذي م�سطلح عا�سور ابن الطاهر عليه اأطلق اأن العتبار، �سالح فيه "اإذ جعل قرين الإن�سان متكونا من نوعه، ولو مل يجعل التاآن�س39؛ يح�سل فلم اآخر بنوع التاآن�س طلب اإىل الإن�سان ل�سطر ذلك له

Page 208: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 20836

حقول معرفية

كانت واإن احلالة وهذه للزوجني. بذلك التاأن�س موجودة يف اأغلب اأنواع احليوان فهي نعمة يدركها ولي�س من الأنــواع، من يدركها غريه ول الإن�سان قوام ماهية النعمة اأن ينفرد بها املنعم عليه40"؛ جمامع اإىل فقهية اإ�ــســارة حتمل الأنــ�ــس فدللة ا�ستقراره و�سمان الن�سل لرعاية بالن�سبة اخلري من مــدلــولــه يحمله ملــا والجــتــمــاعــي، النف�سي مر�ساة وبقاءه الن�سل رعاية واأن �سالح. اعتبار هلل يف اأر�سه، ل ينبغي اأن ي�ساء اإليه باأي وجه من نقل وقد وقطه. زوالــه اإىل تــوؤدي التي الإ�ساءات ابن حزم مناظرة طريفة يف هذا الباب، جرت بني الن�سل وتعجيل فراغ ماين واملوبذ يف م�ساألة قطع العامل. قال املوبذ: اأنت الذي تقول بتحرمي النكاح لي�ستعجل فناء العامل ورجوع كل �سكل اإىل �سكله، اأن واأن ذلــك حق واجــب؟ فقال له مــاين: واجــب يعان النور على خال�سه بقطع الن�سل مما هو فيه من المتزاج. فقال له اذرباذ: فمن احلق الواجب اأن يعجل لك هذا اخلال�س الذي تدعو اإليه وتعان على اإبطال هذا المتزاج املذموم. فانقطع ماين،

فاأمر بهرام بقتل ماين41.

الن�صل اأخالق مدار الرابعة: القاعدة د. اإىل النظر م��ع ال��رح��م��ن لر�صا م�جبة

الديانكانت الرتاحم اأخــالق اأن القاعدة هذه ف�سابط مو�سلة لكونها الن�سل، يف املرغبة الأ�سباب من هذا اإىل الأ�سوليون اأ�سار وقد هلل. مر�ساة اإىل الأخالق يف التخلي ملبداأ معاجلتهم يف املق�سد التي يجلبها الزواج، ملا له من دور كبري يف ترتيب املقا�سد وربط الأ�سباب مب�سبباتها من اأجل �سالح الدارين. فذكر ابن اأمري احلاج يف كتابه )التقرير ك�سر منها للعبادة؛ "التخلي ــاأن ب والتحبري(، وغريه، نف�سه واإعفاف الب�سر، وغ�س ال�سهوة، بالتحمل الباطن وتو�سعة وتربيته، الولد واإيجاد فريجح ذلــك. غري اإىل النوع، اأبناء معا�سرة يف التزوج ملا فيه من هذه امل�سالح التي منها تزكية

النف�س، والت�سبب يف العبادة �سخ�س اآخر، وترك العز اأ�سار للعبادة42." كما التخلي املعا�سي على بن عبد ال�سالم يف كتابه )قواعد الأحكام(، اإىل والعبادات املعارف اأن "واعلم بقوله: املعنى هذا اإىل والنظر الآخــرة، ثــواب اإىل وو�سائل مقا�سد اهلل تعاىل من اأعلى مقا�سد الآخرة... واملق�سود واملقا�سد، الو�سائل من مطلوب كل اإىل و�سائل الغتذاء حت�سيل اإىل و�سيلة وال�سرب والأكـــل الكف عن اإىل وال�سفاء، واحلياء و�سيلة والرتواء القبائح، والغ�سب و�سيلة اإىل دفع ال�سيم، و�سهوة اجلماع و�سيلة اإليه، وهو و�سيلة اإىل كرة الن�سل43." وال�سبب يف مدار الأخالق يف الزواج الذي هو من م�سببات الن�سل كما يقول ال�سعد التفتازاين: "لأن الن�سل، فيكون التزويج مو�سوع لال�ستيالد وطلب املزوج �ساحب العلة، واأي�سا ال�ستيالد مبني على

التزويج امل�سروط باحلرية و�سفا لزما له44."وقد حلل الأ�سوليون كغريهم من الفقهاء مو�سوع فوائده عن واأبانوا الأخالقي، جانبه من النكاح كما و�سلم، عليه اهلل �سلى هديه، وفق املختلفة ناق�سوا من خالله عددا من الأو�ساع الجتماعية ومنها ما يهم ال�سباب الراغب يف الزواج الطامح اأن الأ�ــســولــيــون فــقــرر والــتــ�ــســاكــن. املــــودة اإىل "الأخالق موجبة لر�سا الرحمن، و�سكنى اجلنان الديان45." اإىل النظر مع والأمـــان، الرغد يف وهكذا ا�ستقراأوا الن�سو�س ال�سرعية التي ناق�سوا حديث يحملها التي الرتاحم قاعدة خاللها من ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه و�سلم: "كان ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه و�سلم، ياأمرنا بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا �سديدا، ويقول: تزوجوا الولود الودود فقرروا فاإين مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة46"؛ يف واأهميتها احل�سانة يف للمراأة القوامة مبداأ تربية الن�سل يف مرحلة الطفولة اأكر من الرجل، الن�ساء قــدم "كما ال�سالم: عبد بن العز فقال بذلك اأعرف لأنهن احل�سانات؛ الرجال يف على ميثاق اأن على قوية دللــة وهــي به47"، ــوم واأقالعبادة مــقــامــات حت�سيل اإىل طــريــق الــــزواج

كلما كان النسل صالحا كلما

تحسنت أوضاع العالم وحافظ

على كمال نظامه..

درا�صات �صرعية

Page 209: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

209 العدد 36 |

حقول معرفية

التوالد والتناسل يحتاجان إلى نظام وحماية ووجهة

ومقصد..

اآخر عن ت�سبب يف عبادة �سخ�س التي والأخالق تربية اإىل بالإ�سافة والتوالد، الن�سل نعمة طريق العفة جتلبها التي املعا�سي من احلامية التخلي املعنى هذا عن ال�ساطبي عرب وقد والإح�سان. يف لأهميتها عليها نطلق اأن ميكن ثالثيات يف احلامية بالثالثيات الإ�سالمي الرتبوي التنظري للن�سل، باعتبارها من احلقوق التي ينبغي �سمانها "وحفظ الإ�سالمي: املجتمع يف الإن�سانية للنف�س اأ�سله اإقامة النف�س حا�سله يف ثالثة معان وهى: من خروجه بعد بقائه وحفظ التنا�سل، ب�سرعية العدم اإىل الوجود من جهة املاأكل وامل�سرب، وذلك وذلك وامل�سكن وامللب�س داخــل، من يحفظه ما اأ�سله مذكور هذا وجميع خــارج، من يحفظه ما اأ�سياء ثالثة ومكمله ال�سنة. ومبني يف القراآن يف وذلك؛ حفظه عن و�سعه يف حرام كالزنا، وذلك باأن يكون على النكاح ال�سحيح، ويلحق به كل ما هو من متعلقاته كالطالق واخللع واللعان وغريها. وحفظ ما يتغذى به؛ اأن يكون مما ل ي�سر اأو يقتل به؛ اإل الأمــور هــذه تقوم ل ما واإقــامــة يف�سد اأو والق�سا�س احلد و�سرعية وال�سيد الذبائح من

وقد ذلــك، واأ�سباه الالحقة العوار�س ومــراعــاة دخل حفظ الن�سل يف هذا الق�سم48."

ال�سريعة اأن على يدل ال�ستقراء من النوع وهذا الإ�سالمية حمت موؤ�س�سة الن�سل اأخالقيا يف رعاية اأمورا عليها وبنت حقوقها، و�سبط املناكحات اأ�سا�سية يف اأخالق الن�سل، منها؛ اأن جعلت احلالة اأن يكون بني الرجل واملــراأة. ثم الطبيعية للزواج جعلت مو�سوع املناكحات يدخل يف اإطار معامالت اأن مق�سد ال�ستخالف الن�سل بني بني نوعه. ثم يروم تاأ�سي�س �سجرة الأرحام والأن�ساب التي اأ�سار " واهلل جعل لكم من اإليها اهلل، عز وجل، فقال: بنني اأزواجــكــم من لكم وجعل اأزواجــــا انف�سكم .)72 بات" )النحل: الطي من ورزقكم وحفدة، له يــوؤذن الــزوج يدل على من اإطــالق و�سف واأن املراأة الزوج على قرين فاأطلق لالآخر، مبالزمته وقرينة الرجل. وهذه نعمة اخت�س بها الإن�سان؛ اإذ األهمه اهلل جعل قرين له، وجبله على نظام حمبة، العجماوات تهمل كما زوجه باإهمال له ي�سمح ل اإناثها عن ذكورها49. كما جعل اإناثها وتن�سرف البنني لالإن�سان نعمة؛ وجعل كونهم من زوجة نعمة

درا�صات �صرعية

Page 210: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 21036

حقول معرفية

اأخرى؛ لأن بها يتحقق كونهم اأبناءه بالن�سبة للذكر العائلي املحيط تكفل كما بــه. ات�سالهم ودوام �سجرة طريق عن اخللقية املحبة هــذه برعاية حتت ويتعا�سدون النا�س يتكافل التي الن�سب؛ لوائها يف القيام بتدبري اأمرهم يف حالة �سعفهم. كما جند مفهوم احلفدة وهو جمع حافد، واأ�سله امل�سرع يف اخلدمة، يطلق على ابن البن؛ لأنه يكر فاأنعم الكرب. ب�سبب اأن يخدم جده ل�سعف اجلد يحفظ حيث الرتاحم ب�سابط الإن�سان على اهلل منها الأوىل احللقة �سبط ب�سبب ن�سبه �سل�سلة اأبنائه اأبناء كون ثم زوجه، من اأبنائه كون وهي بهذا الأن�ساب �سل�سلة فان�سبطت اأزواجهم، من النظام الأخالقي املحكم البديع. اأما غري الإن�سان ي�سعر ول اأ�سال، بحفدته ي�سعر من احليوان فال من قريبة قليلة مــدة احلــيــوان اأنثى اإل بالبنوة الإر�ساع. كما اأن احلفدة لالإن�سان زيادة يف م�سرة رناها باإ�سحاق، ومن العائلة كما قال تعاىل: " فب�سعملت وقد .)70 يعقوب" )هــود: اإ�سحاق وراآء حرف بوا�سطة )حــفــدة( يف البتدائية )مــن( وبوا�سطة، مبا�سرة يكون البــتــداء لأن العطف؛ على معطوفة الطيبات(، من )ورزقــكــم وجملة وما اأزواجـــــا( اأنف�سكم مــن لــكــم )جــعــل جملة من عليها املعطوف اجلمل يف ما ملنا�سبة بعدها مكمالتها فاإن العائلة، اأفراد بنعمة املنة ت�سمن من 14 الآيـــة يف تعاىل قــال كما الـــرزق وا�سعة هوات من ا�س حب ال�س للن ن "زي �سورة ال عمران: هب الذ من املقنطرة والقناطري والبنني �ساء الن

. ة" 50 والف�سالقاعدة مدار هي التي الأخالقية املبادئ وهذه الأ�سولية ال�سابقة تعرب عن الثقافة الروحية للوعي الإ�سالمي الن�سل ا�ستخالف ومق�سد الإ�سالمي، الطاهر الذي يختزن ال�سلوك يف طلب النتفاع يف العبادات واملعامالت مبا ير�سي اهلل الذي ا�ستخلفه يف الأر�س، كما ي�سري اإىل هذا املعنى الدكتور طه عبد الرحمن بقوله: "اإن الفكر الأحدي يف حلقته القت�سادية ياأخذ بالعمل التعاوين يف جانبه الذي

يجعل الإن�سان اأ�سبه بالبهيمة؛ اإذ يختزل ال�سلوك الربح فــر�ــس وانــتــهــاز املـــادي النــتــفــاع يف طلب وزيادة ال�ستهالك لل�سلع؛ كما اأن هذا الفكر ينزل العمل التعاوين منزلة العمل التعاريف: فبدل القيم املعروف اإتيان على الإن�سان حت�س التي املعنوية والتعلق مبا هو اأعلى منه، وهو الأمة، حتى يتخلق باأخالقها ويزداد ارتقاء، فقد ارت�سى هذا الفكر قيما مادية تدعو الإن�سان اإىل اإتيان املنكر والتعلق ال�سوق، حتى ي�سري عبدا اأدنى منه، وهو مبا هو

لها ويزداد �سعة51." الن�سل ل يلغي اإيجاد حلول لق�سايا فالجتهاد يف ت�سافر اجلهود على م�ستوى املوؤ�س�سات الجتماعية املختلفة، من اأجل النهو�س بالن�سل وتخليق البيئة للنا�سئ اجلديد. وكذا العمل على تلقينه م�سوؤوليات الأخالقية الرعاية برامج و�سع عرب املواطنة، كما الـــخ(، تعليم... تاأهيل، تــدريــب، )توعية، يتميز الذي الإ�سالمي التكافل دور تفعيل ينبغي واأعمال والوقف، كالزكاة الإ�سالمي، املجتمع به ق�سد تتوقف ول ت�ستمر اأن يجب الــتــي اخلــري وخدمة للن�سل الجتماعية بالرعاية النهو�س م�ساحله خ�سو�سا يف احلالت احلرجة كو�سعية الأطفال الأيتام اأو املتخلى عنهم. وهي من القيم الإ�سالمية الأ�سيلة، التي �سيجد الن�سل الإ�سالمي على ينفطم جتعله كرمية، رعاية اأح�سانها يف

مبادئها الأخالقية النبيلة.

بح�صب امل�صلحة اخلام�صة: القاعدة ه. تعلق البقاء املقدور

تعلق مبداأ اأن اجتهاداتهم يف الأ�سوليون قــرر الن�سل، ببقاء مــرهــون وم�ساحلها املــعــامــالت فقال البزدوي يف اأ�سوله: "و�سبب املعامالت تعلق بالن�سل معلق والبقاء بتعاطيها املــقــدور البقاء مو�سوعة �سرعية اأ�ــســبــاب وطريقها والكفاية باأن ذلــك، من ويفهم والخت�سا�س52." للملك الن�سل ميثل البقاء الذي هو احل�سارة التي يبنيها ت�سمن التي حياته، فيها ويطور لنف�سه الإن�سان

مقصد العفة والشهوة ما هو إال مقصد تابع في استخالف النسل عند األصوليين..

درا�صات �صرعية

Page 211: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

211 العدد 36 |

حقول معرفية

احلفاظ على �سرورياته يف الوجود.كما اأ�سار اأبو حامد الغزايل يف كتابه )امل�ست�سفى هذا يف اأ�سا�سية م�ساألة اإىل الأ�ــســول( علم يف ومق�سد امل�سلحة مراتب مب�ساألة تت�سل الباب ال�ستخالف بالن�سبة للن�سل. فذكر باأن "امل�سلحة باعتبار قوتها يف ذاتها تنق�سم اإىل ما هي يف رتبة ال�سرورات، واإىل ما هي يف رتبة احلاجات، واإىل ما يتعلق بالتح�سينات، والتزيينات وتتقاعد اأي�سا من ق�سم كل باأذيال ويتعلق احلاجات. رتبة عن والتتمة التكملة جمرى منها يجري ما الأق�سام، لها. ولنفهم اأول معنى امل�سلحة ثم اأمثلة مراتبها، اأما امل�سلحة فهي عبارة يف الأ�سل عن جلب منفعة جلب فــاإن ذلــك؛ به نعني ول�سنا م�سرة دفــع اأو املنفعة ودفع امل�سرة مقا�سد اخللق و�سالح اخللق

يف حت�سيل مقا�سدهم53."تريد الإ�ــســالمــيــة ال�سريعة اأن على دلــيــل وهــو مبنية عليا م�سلحة لــه تــكــون اأن الن�سل، مــن مبداأ وفــق وال�ستهالك ال�ستثمار اأ�سا�س على �سمان ق�سد ــي وروح مــادي هو ما بني الــتــوازن اأو�ــســاف امل�سلحة لــذلــك جـــاءت ال�ــســتــخــالف. ويدفع النفع يجلب ما كل باأنها الأ�سوليني عند ال�سرر، ويتالءم مع املق�سود من الكتاب وال�سنة. فهم مق�سود حفظ اإىل ترجع ل م�سلحة "فكل من الكتاب وال�سنة والإجماع وكانت من امل�سالح فهي ال�سرع، ت�سرفات تالئم ل التي الغريبة ميزان امل�سلحة حفظت مطرحة54." كما باطلة وعدم الغثائية من الن�سل ا�ستخالف يف التوازن يف الن�سل م�سلحة فكانت الــوجــود. يف النفع الإ�سالم تقت�سي اأن ي�ساهم يف املنفعة وال�ستثمار؛ وهي م�سوؤولية روحية واجتماعية توقظ يف الن�سل العمل ال�سالح كما اأ�سار القراآن الكرمي اإىل ذلك ور�سوله عملكم اهلل ف�سريى اعملوا "وقل بقوله: اأي�سا على 106( وهو دليل واملومنون" )التوبة: اأن قوة امل�سلحة تقت�سي اأن يربى الن�سل على حب اأمته التي حتتاج اإىل الن�سرة والنماء �سواء بعمله اأو علمه، ثم ي�ساهم يف تلقني هذه الثقافة لأبنائه

وعقبه ومن هم حتت وليته وتربيته يف حال كربه. وهو دليل اآخر اأي�سا، على اأن امل�سوؤولية ملقاة على املوؤ�س�سات الرتبوية يف الدول الإ�سالمية التي تقع عليها م�سوؤولية وم�سلحة �سنع القيم، املبنية على منها تتولد التي ومبادئها الروحية، امل�سلحة من وغريها والكرامة، والتنا�سر والتكافل العفة القيم التي ت�سمن للن�سل عزته وكرامته وفاعليته يف املجتمع. وبالتايل، تولد فيه روح الت�سجيع على تقت�سيها التي املباحة بالو�سائل الــقــوت ك�سب جميع بني طبيعتها يف امل�سرتكة املــاديــة احلياة

ال�سعوب. بال�ستخالف عالقتها يف امل�سلحة مدار فيكون الإنتاج منها القيم من عدد حتقيق على تتوقف على يــتــوقــف ل ـــذي ال الن�سل تــربــيــة يف املــفــيــد والإن�سانية املحبة على بل فح�سب، املــادي النفع والروحية املعنوية املنافع من وغريها وال�سالح، التي تعمل على حتقيق ال�سعادة الدائمة للن�سل يف

جممل حياته. الإنتاج على مبنية امل�سلحة مقت�سيات اأن كما وال�ستهالك، وهي من �سروريات البقاء بالن�سبة با�ستهالك وجــل، عز اهلل، اأمــر لذلك، للن�سل، قال بفقدانها احلياة تنتهي التي ال�سروريات ل ـــه اإن ــرفــوا، تــ�ــس ول ــوا، ــرب وا�ــس "وكلوا تــعــاىل: لطائف ومن .)29 امل�سرفني" )العــراف: يحب جعلت اأن الإ�ــســالمــيــة الــ�ــســريــعــة يف امل�سلحة م�سرتكة ا�ستهالكهم واأمــور النا�س اقت�ساديات املفرو�سة احلقوق اإطــار يف والفقري، الغني بني والتاآزر املطلوب. ويف هذه احلال، ينبغي اأن يحظى دور الثقافة الجتماعية بالدعم الكامل يف املرافق البلدان يف وال�سيا�سية، والجتماعية، الدينية، الإ�سالمية؛ لأن الثقافة هي التي متكن الن�سل من ومتكنه والتنمية الإ�سالح على القدرة ا�سرتجاع من تعزيز البقاء. يقول الدكتور طه عبد الرحمن: "الثقافة هي جملة القيم التي تقوم العوجاجات الذي الوجه على الأمة داخل وال�سلوكية الفكرية يجدد ات�سال الفكر وال�سلوك باأ�سباب هذه القيم

حمت الشريعة الغراء مؤسسة النسل أخالقيا

من خالل رعاية المناكحات وضبط

حقوقها..

درا�صات �صرعية

Page 212: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 21236

حقول معرفية

الأمة هذه ميكن الذي وبالقدر الآيــات، عامل يف من ا�سرتجاع قدرتها على الإ�سالح والإبداع، طلبا الكمال مراتب يف به والرتــقــاء الإن�سان لتنمية العقلي واخللقي55." فوجب على الأمة الإ�سالمية ن�سلها مل�ستقبل التخطيط مبقدورها يكون اأن واأهم �سلبة، اإنتاجية �سيا�سة متتلك واأن وبقائه، دعائمها املحافظة على تنمية املوارد الب�سرية التي ثمرات معرفة على وتعينه ال�سالح الن�سل توؤطر الأحكام التي هي عماد الدين والدنيا كما يقول اأبو ثمرة الأحكام ثمرات، وكل "فاإن الغزايل: حامد لها �سفة وحقيقة يف نف�سها، ولها مثمر وم�ستثمر وطريق يف ال�ستثمار، والثمرة هي الأحكام، اأعني والإباحة والــكــراهــة والــنــدب الــوجــوب واحلــظــر وال�سحة والأداء والــقــ�ــســاء والــقــبــح واحلــ�ــســن ثالثة وهي الأدلــة هي واملثمر وغريها، والف�ساد ال�ستثمار وطرق فقط، والإجماع وال�سنة الكتاب ــة الأدلـــة وهــي اأربــعــة، اإذ الأقـــوال هــي وجــوه دللاأو ومنظومها ب�سيغتها ال�سيء على تدل اأن اإما اأو و�سرورتها وباقت�سائها ومفهومها بفحواها هو وامل�ستثمر منها، امل�ستنبط ومعناها مبعقولها

املجتهد56." التي ال�ستثمار باأوجه الن�سل اهتمام كان وكلما عرب عنها الغزايل حتققت امل�سلحة وح�سن �سري والفعال يف طرق الهام العن�سر الذي هو العمل، حتقق وبالتايل الإ�ــســالم، اأباحها التي الإنــتــاج �سرط اإعداد مواطنني اأكفاء، ون�سال موؤهال علميا، وفكريا، تاأهيال عاليا لأداء واجبه يف خدمة بالده والنهو�س باأمته، يف �سوء العقيدة ال�سليمة ومبادئ

الإ�سالم ال�سديدة.عنه عــرب مــا �ــســوء يف الإ�ــســالمــيــة، فال�سريعة مق�سد يف م�ستنبطة قــواعــد مــن الأ�ــســولــيــون اأغنياء يكونوا اأن اأهلها من تريد ال�ستخالف، الأ�سباب واملــتــاأمــل يف والــبــنــني. بــاملــال اأقــويــاء، املبا�سرة لالأزمات التي ت�سيب الإنتاج، يجد اأنها اأ�سار التي اخلم�سة ال�سروريات مدار اإىل ترجع الكليات بلفظ اأي�سا وذكروها الأ�سوليون اإليها

من وهــي ملة57؛ كــل يف اعــتــربت الــتــي اخلم�س العنا�سر التي برعايتها يقع الن�سر ويرفع ال�ساأن، كما والفقر. الهوان يحل تدبريها ب�سوء اأن كما لكم ــا رددن " ثم الكرمية: الآيــة عربت عن ذلك وجعلناكم وبنني باأموال واأمددناكم عليهم ة الكرالتنا�سر فــعــدم .)6 )ال�ـــســـراء: نفريا" ـــر اأكمن �سرورته وحماية الن�سل رعاية يف والــتــاآزر الهدم، غالبا ما يوؤدي اإىل الختالل يف التوازن يف املجتمع. فتنت�سر الآفات املهدمة لالأخالق وتنت�سر اآفة البطالة، والك�سل، والر�سوة، والزور، والعداوة، وغريها احلرام والك�سب واملخدرات، والتطرف،

من الآفات املدمرة لوجود الن�سل.

خامتةرعاية مــو�ــســوع يف ــيــني ــول الأ�ــس نــظــرة تنطلق امل�سلحة مبداأ من ال�ستخالف، ومق�سد الن�سل النف�س على العتماد يف و�سوابطها الإن�سانية الآجلة املطالب وفــق وذلــك والإنــتــاج، التزود يف اإذا الغنى "فاإن ال�ساطبي: يقول كما والعاجلة اإىل �ساحبه بالن�سبة العاجلة كان اإيثار اإىل اأمال اإىل اأمــال واإن منه، اأف�سل الفقر وكــان مذموما اإيثار الآجلة فاإنفاقه يف وجهه وال�ستعانة به على املوفق الفقر واهلل اأف�سل من للمعاد، فهو التزود

بف�سله58." وهي تربية اأ�سيلة وهامة لو منى امل�سلمون مبادئها املختلفة، كالعلوم الأمـــور جميع يف ومقا�سدها ا�ستجداء غريهم. لكفتهم عن املتنوعة واحلرف فاعتماد الأمة الإ�سالمية على املوارد الب�سرية من ن�سلها تكفي يف التزود والك�سب يف العلم والعمل. دوا، فاإن وقد نقل يف �سبب نزول قوله تعاىل: "وتزواد التقوى" )البقرة: 196(، ما ذكره ابن خري الزكثري عن ابن عبا�س: اأن اأنا�سا كانوا يخرجون من اأهليهم لي�ست معهم اأزودة، يقولون: نحج بيت اهلل ول يطعمنا.. فقال اهلل: تزودوا ما يكف وجوهكم عن النا�س59؛ فالتزود املذكور يف الآية يحمل من امل�سلم متعففا ماأمونا الو�سائل الرتبوية ما يجعل

الثقافة هي التي تمكن النسل من استرجاع القدرة

على اإلصالح والتنمية وتمكنه من تعزيز البقاء..

درا�صات �صرعية

Page 213: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

213 العدد 36 |

حقول معرفية�شامهو ال

1. حممد ابن اأمري احلاج احلنبلي، التقرير والتحبري، 183/5. 2. اأبو اإ�سحاق ال�ساطبي، املوافقات يف اأ�سول ال�سريعة، 3/ 171.

3. اأبو عبد اهلل حممد بن بهادر بن عبد اهلل الزرك�سي، املنثور يف القواعد، 68/1.4. ل�سان العرب، مادة )ن�سل(.

5. املرجع نف�سه.6. حممد بن حممد الزبيدي، تاج العرو�س من جواهر القامو�س، مادة )ن�سل(.

7. امل�سدر نف�سه.

8. امل�سدر نف�سه.9. اأبو القا�سم الزخم�سري، اأ�سا�س البالغة، مادة )ن �س ل(.

اأ�سول البزدوي، اأحمد البخاري، ك�سف الأ�سرار عن 10. عالء الدين عبد العزيز بن .152/8

11. التحرير والتحبري، دار الفكر، 275/3.12. �سيف الدين الآمدي، الإحكام يف اأ�سول الأحكام، 274/3.

13. اأبو اإ�سحاق اإبراهيم بن مو�سى ال�ساطبي، املوافقات يف اأ�سول ال�سريعة، 31/1.-191/2 املح�سول، من التح�سيل الأرمــوي، بكر اأبي بن حممود الدين �سراج .14

.19215. املرجع نف�سه.

16. البحر املحيط، 206/5.الآمدي، ،239/2 الأ�سويل، املنتهى خمت�سر احلاجب، ابن بكر اأبــي بن عمر .17اإر�ساد ال�سوكاين، علي بن حممد ،284-283/4 الأحكام، اأ�سول يف الإحكام

الفحول اإىل حتقيق علم الأ�سول، 307/1، تهذيب �سرح الأ�سنوي، 87/3.18. الأرموي، التح�سيل من املح�سول، م، �س، �س196.

19. حممد الأمني ال�سنقيطي، مذكرة اأ�سول الفقه، 2001، �س248، وما بعدها.20. ابن القيم اجلوزية، اإعالم املوقعني عن رب العاملني، 108/2.

21. ابن القيم اجلوزية، ال�سواعق املر�سلة على اجلهمية واملعطلة، 1567/4.22. عبد العزيز بن عبد ال�سالم ال�سلمي، الفوائد يف اخت�سار املقا�سد، 120/1.

23. حممود بن اأحمد الزجناين اأبو املناقب، تخريج الفروع على الأ�سول، �س249.24. اأبو بكر حممد بن اأحمد ال�سرخ�سي، اأ�سول ال�سرخ�سي، 109/1.

25. املرجع نف�سه.

26. املرجع نف�سه.27. التقرير والتحبري، م، �س، 421/5.

28. املوافقات، 100/2.29. اأبو احل�سن املاوردى، احلاوى الكبري، 926/11.

30. اأبو علي بن �سينا، الإ�سارات والتنبيهات، 572/4.31. فخر الدين الرازي، مفاحت الغيب، 59/25.

32. اأبو حامد العزايل، الإحياء يف علوم الدين، 27/4.33. املوافقات، م، �س، 101/2.

34. امل�سدر نف�سه.

35. امل�سدر نف�سه.36. التقرير والتحبري، م، �س، 67/6.

37. يرجع اإىل املوافقات، م، �س، 395/2.38. �سهاب الدين القرايف، اأنوار الربوق يف اأنواع الفروق، 241/8.

39. الطاهر اأبن عا�سور، التحرير والتنوير، 218-217/14.40. امل�سدر نف�سه.

اإليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية، 41. ابن حزم، التقريب حلد املنطق واملدخل الف�سل 1، �س36.

42. التقرير والتحبري، م، �س، 51/6.الأنــام، م�سالح يف الأحــكــام قواعد ال�سالم، عبد بن العزيز عبد الدين عز .43

�س205/2.44. �سعد الدين م�سعود بن عمر التفتازاين، �سرح التلويح على التو�سيح، ملنت التنقيح

يف اأ�سول الفقه، 287/2.45. العز بن عبد ال�سالم، قواعد الأحكام، 8/1.

46. رواه اأحمد، و�سححه ابن حبان، وله �ساهد عند اأبي داود، والن�سائي، وابن حبان من حديث معقل بن ي�سار.

الفكر دار الطباع، خالد اإياد حتقيق، ال�سغرى، القواعد ال�سالم، عبد بن العز .47املعا�سر، دم�سق، الطبعة الأوىل، 1416، 121/1.

48. املوافقات يف اأ�سول ال�سريعة، م، �س، 27/4.49. يرجع التحرير والتنوير، م، �س، 14/ 218-217.

50. املرجع نف�سه.51. طه عبد الرحمان، احلق الإ�سالمي يف الختالف الفكري، �س201.

52. اأبو بكر ال�سرخ�سي، اأ�سول ال�سرخ�سي، 109/1.53. اأبو حامد الغزايل، امل�ست�سفي يف علم الأ�سول، 174/1.

54. امل�ست�سفى، 179-178/1.55. احلق الإ�سالمي يف الختالف الفكري، �س 87.

56. اأبوحامد الغزايل، امل�ست�سفى يف علم الأ�سول، 7/1.57. ابن نظام الدين الأن�ساري، فواحت الرحموت �سرح م�سلم الثبوت، 185/2.

58. اأبو اإ�سحاق ال�ساطبي، املوافقات يف اأ�سول الفقه، 310/4.59. اأبو الفداء اإ�سماعيل ابن كثري، تف�سري القراآن العظيم، 147/1.

60. املعجم الكبري )305/2(، وقال الهيثمي يف املجمع )10/ 311(: "رجاله رجال ال�سحيح".

التقوى"، الزاد خري فاإن "وتزودوا تعاىل: اهلل قول باب حامت، اأبي ابن اأخرجه .61فتح الباري �سرح �سحيح البخاري، اأحمد بن علي بن حجر اأبو الف�سل الع�سقالين

ال�سافعي، 383/3.

مببداإ التقوى وهو اأح�سن غنيمة واأف�سل اإنتاج، كما ذكر ر�سول اهلل، الدنيا ينفعه يف الآخرة60." "من يتزود يف �سلى اهلل عليه و�سلم: فعن ال�سابقة، الآيــة نــزول بعد ل�سحابته اأكــر ذلــك و�سح وكما مقاتل بن حيان: ملا نزلت هذه الآية: "وتزودوا" قام رجل من فقراء امل�سلمني فقال: يا ر�سول اهلل، ما جند زادا نتزوده. فقال ر�سول اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم: "تزود ما تكف به وجهك عن النا�س، وخري

ما تزودمت التقوى61." من وغريها الن�سل ل�سرورة مناق�ستهم يف الأ�سوليون اأجــاد فقد اأ�سباب ل�سمان الــالزمــة ال�سروط بيان خــالل من ال�سروريات

املعامالت باب يف مهما جزءا باعتباره الن�سل، وجود يف الرعاية يكون اأن يقت�سي الن�سل فواجب ال�ستخالف. مــدار عليها التي على ت�سهر التي ال�سالح الإعــداد موؤ�س�سات الإ�سالمية الديار يف موا�سفات فيها تكون واأن واحلرمان. والت�سرد الفقر من حمايته الإر�ساد التي توؤهله جلميع الوظائف، التي جتعل منه فردا م�سوؤول تعاىل: قال كما والآخــرة، للدنيا منتجا اهلل، اأر�ــس يف م�ستخلفا ما قليال معاي�س، فيها لكم وجعلنا الر�ــس يف اكم ن مك "ولقد

ت�سكرون" )العراف: 9(.

درا�صات �صرعية

Page 214: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 21436

حقول معرفية

يف أهمية الدرس املفاهيميمقـاربة أولية يف املداخــل واملنــهـجـيـة املعـــرفـيـة

رؤى وتصورات

ذ. حممد الط�يلباحث بجامعة حممد اخلام�س ال�صوي�صي، �صالع�صو مبركز الدرا�صات والأبحاث مبوؤ�ص�صة خالد احل�صن

فيل�سوف على �ــســيء، يف غريبا، يكن "جيل الأوروبــــي الفيل�سوف قامة مــن دولوز" اخت�ساره الفعل الفل�سفي يف واقعة �سناعة املفاهيم؛ ولي�س من امل�ستغرب اأن تن�ساأ املجتمعات وتتكون احل�سارات وترقى ما تكونت فيها مفاهيمها وتاأ�سلت. فتاريخ الأمم واملجتمعات �ساهد على اأن �سادق معرب بنائها، ا�ستواء يف مفاهيمها، قوة على ما يتمتع به عمرانها الفكري واحل�ساري من يتجليان قيمها يف وانتظام مرجعيتها يف ات�ساق ان�سجاما يف م�سلكيات النا�س وتقاليد ممار�ساتهم عمارتها وطول املفاهيم منو كان لذلك اليومية. يف الأر�س مرهون مبدى ازدهار ح�سارتها ورقي التاريخي و�سرطها �سياقها �سمن اأمتها فكر الو�سيط مقام املفاهيم يبوئ مما املخ�سو�س.

واحلامل املوؤهل ملواكبة جتارب الأمم والتعبري عن متيز روؤاها للتاريخ وفل�سفاتها عن احلياة.

فمن خالل اأجهزتها املفاهيمية، ا�ستطاعت الأمم والت�سوري1" "العمراين بنائها عك�س خ�سائ�س لرت�سخ اجلماعية، مدركاتها عنا�سر وتكثيف ح�سورها بني الأمم �ساهدة على نف�سها وغريها، وم�سطلعة باأمانة التزكية وواجب العمران ملواجهة حتديات تطورها الجتماعي وم�سارها التاريخي. وموؤثرا واقعها يف فاعال تخلقا املفاهيم فتتخلق على حاملها، من خالل �سريورة تاريخية ممتدة اأجيال خــربات فيها تتفاعل الزمان، من لقرون اجلماعة الواحدة تفاعال حرا وم�ستقرا على اأر�س مفاهيمها باأجيالها الأمة فت�سطنع خم�سو�سة. م�ستودعة تلقائيا ا�سطناعا واملتمايزة، اخلا�سة

مل

روؤى وت�ص�رات

Page 215: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

215 العدد 36 |

حقول معرفية

وقيمها مرجعيتها عربها ومكثفة خرباتها فيها ومدركها اجلماعي عن ذاتها ووظيفتها التاريخية باإمكان القول التهافت فمن ولذلك واحل�سارية. خالل مــن فيها، متحكم ن�ساأة املفاهيم ن�سوء التحكم يف دللتها اأو حتوير معانيها التي يحدثها يوؤكد التاريخ لأن والــفــوؤاد؛ الذهن يف �سلطانها حلظاتها، من اأي يف تكن، مل املفاهيم ن�ساأة اأن

مكتملة وكلية.ن�سعى من خالل هذه املقالة تلم�س بع�س العناوين الكربى لبلورة مقاربة علمية ومنهجية اأكر عمقا وتف�سريية لبنية املفهوم كوحدة معرفية ومنهجية حماولة به. ومتاأثرة الواقع يف فاعلة وح�سارية، من الكاتب ا�ستدراك جزء من الرتباك الت�سوري من العديد يعتوران اللذين املنهجي والختالل �ساأنه من مما العربي/الإ�سالمي. الفكر اأدبيات قا�سرة وم�سوهة ملتب�سة فكرية �سياغات اإنتاج

والنكو�س الوهن حالة من الأمــة تنت�سل اأن على احل�ساريني.

امل�سامني على الوقوف الدرا�سة هــذه �ستحاول اللغوية واملعرفية للمفهوم مبا مييزه عن مت�سابهاته. وهو ما �سيتيح للقارئ اإمكانية ا�ستجالء الأوليات اكت�ساف وبالتايل للمفهوم، واملعرفية الفكرية

العمق الفل�سفي واملعريف املت�سمن فيه.

اأول: "املفه�م" يف اللغة وال�صطالحالفهم عليه وقــع مــا كــل هــو لــغــة: "املفهوم" وي�سري التعقل �سهل معنى منه يجعل مبا ووعــاه، هذا عن اخلر�ساين الأخوند عرب وقد الإدراك. موارد من يظهر كما املفهوم، "اإن بقوله: املعنى اإخباري اأو اإن�سائي حكم عــن عــبــارة اإطــالقــه، اللفظ من اأريــد الذي املعنى خ�سو�سية �ستبعث على احلكمة2"، بقرينة ولو اخل�سو�سية بتلك

روؤى وت�ص�رات

الكتاب: خال�ص��ة احل�صارة الإن�صانية

Page 216: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 21636

حقول معرفية

من نابع وتفردها املفاهيم اأن خ�سو�سية اأ�سا�س اعتبارها رموزا خا�سة لأ�سياء اأو حوادث اأو اأفكار جتتمع على اأ�سا�س خ�سائ�سها امل�سرتكة الفريدة. وهو ما يجعل املفهوم عبارة عن بناء لفظي معني بالتعبري عن ت�سور واقع يف الذهن تعبريا جمردا املتغايرة واحلـــوادث املتعددة للمواقف ومكثفا

والأ�سياء الكثرية.املفاهيمية بالدرا�سات املهتمني عادة جرت لقد املادية طبيعتها بح�سب املفاهيم بني بالتمييز ت�سور عندهم املادي" فـ"املفهوم املــجــردة. اأو اإل عن طريق احلوا�س؛ اإدراكه لالأ�سياء ل ميكن يف حني ي�سري "املفهوم املجرد" اإىل كل ما يكت�سبه لتجريديات تعميمات اأو رمــوز �سكل على الفرد

معينة.طبيعة ذات مفاهيم بــني التمييز ــذا ه اأن اإل مادية، واأخرى جمردة ل يعني بال�سرورة متييزا جــوهــريــا، مـــادامـــا يــ�ــســرتكــان يف دللـــة واحـــدة التي وامل�سامني ال�سفات عن تعبريان بو�سفهما متيز مو�سوعا ما )كائنا اأو كيانا اأو ظاهرة( عن �سرورة يقت�سي ما وهــو املو�سوعات. من غــريه

مكنة له يكفل الو�سوح من بقدر املفهوم ات�سام ا�سرتاط املفاهيم، لعتبار التمايز عن غريه من انطوائه على معان وا�سحة لقيم ومبادئ واأفكار، بتدقيق وازدهارها املعرفة تقدم يف ي�ساهم مبا وعلى ومنهجا؛ روؤيــة العلمي اخلطاب مقت�سيات العك�س من ذلك، فاإن غمو�س املفهوم مف�س اإىل الذي الأمــر الذهن، يف الواقع املعنى يف اختالل واختالل املعرفية الأنــ�ــســاق ارتــبــاك اإىل يـــوؤدي الق�سور اأو العجز لأن احل�سارية؛ املنظومات املعرفية عوائده واإدراك ال�سيء معنى وعي عن دلليا ا�سطرابا يحدث والتاريخية واملنهجية و�سوح ويفقده واملــعــريف الفكري املعمار يعتور

الروؤية و�سرامة املنهج.فاملفاهيم الوا�سحة كاخلريطة التي ي�ستهدي بها امل�سافر. فت�سمن املفهوم الوا�سح ملعان جلية وقيم العمل تاأ�سيل يف حا�سم �سرط وا�سحة ومبادئ ذات اجلذر املفاهيم ت�سكل اجلاد، حيث املعريف لها منتظمة معرفية اأن�ساق امل�سرتك الفل�سفي املفهوم اأما والتحليل؛ التف�سري على عالية قدرة اأن يدخل �سمن الغام�س، فهو مفهوم م�سو�س ما عالقاته، ويغلغل انتظامه يربك حتى معني ن�سق ليوؤول يف عاقبته اإىل تراجعات معرفية وارتدادات ح�سارية3. غري اأن احلديث عن املفاهيم الوا�سحة والغام�سة ل يعني احلكم على املفاهيم بالب�ساطة، لكل لأن لغوي؛ تركيب اأي �ساأن ذلــك يف �ساأنها

مفهوم زخمه وفل�سفته ومكوناته املخ�سو�سة4.وعلى هذا املنوال، ين�سج حجة الإ�سالم اأبي حامد باقت�ساء املفهوم و�سوح ل�سروط ت�سوره الغزايل ترابط تالزمي بني "اللفظ" و"العلم" و"املعلوم"

يف �سياغة بالغية بديعة ودللة علمية مركزة5."مع اتفاق املناطقة على اأن "املفهوم" دللة عن كل ما ميكن ت�سور ح�سوله بالقوة اأو الفعل لالإ�سارة على دللة اأو �سورة متفردة ومتمايزة عن غريها يف العقل، فاإنهم يختلفون ب�سدد تعريف املفهوم من حيث الق�سد، فيكون معنى اإن اأريد بو�سفه �سورة اكتفي بو�سفه اإن اللفظ؛ ويكون مفهوما مق�سود

روؤى وت�ص�رات

قوة منظومة مفاهيم األمة واستواء بنائها دليل على ما

يتمتع به عمرانها الحضاري من اتساق في مرجعيتها

وانتظام في قيمها..

اللغة ومراتب ال�ج�د

الل�سان. يف ووجودا الأذهان يف ووجودا الأعيان يف وجودا لالأ�سياء "اإن ــود يف ــوج وال الأ�ــســلــي احلقيقي؛ ــوجــود ال فهو ــان ــي الأع ــوجــود يف ال اأمـــا الوجود هو الل�سان يف والــوجــود ال�سوري؛ العلمي الــوجــود هو الأذهـــان اللفظي الدليل. فال�سماء، مثال، لها وجود يف عينها ونف�سها؛ ثم لها وجود يف اأذهاننا ونفو�سنا؛ لأن �سورة ال�سماء حا�سرة يف اأب�سارنا ثم يف خيالنا؛ اأما الوجود يف الل�سان فهو اللفظ املركب من اأ�سوات. فالقول دليل على ما يف الذهن وما يف الذهن �سورة ملا يف الوجود مطابق له. ولو مل يكن وجوده يف الأعيان مل ينطبع �سورة يف الأذهان، ولو مل ينطبع �سورة يف الأذهان مل ي�سعر بها اإن�سان، ولو مل ي�سعر بها الإن�سان مل يعرب عنها الل�سان، فاإذا اللفظ

والعلم واملعلوم، ثالثة اأمور متباينة لكنها متطابقة متوازية."

)اأبو حامد الغزايل، املقعد الأ�سنى يف �سرح اأ�سماء اهلل احل�سنى، القاهرة: مكتبة اجلندي،

ب. ط، 1968، �س11-10(.

Page 217: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

217 العدد 36 |

حقول معرفية

الدللة املتح�سلة يف العقل6. ويقع هذا قريبا مما اأبو البقاء حني اعترب: "اأن املفهوم هو ذهب اإليه ال�سورة الذهنية �سواء و�سع باإزائها اللفظ اأم مل يو�سع؛ بينما املعنى هو ال�سورة الذهنية من حيث

و�سع باإزائها اللفظ". وعلى خالف "املنطوق" الدال على اللفظ، يق�سم املوافقة" "مفهوم اإىل "املفهوم" الأ�ــســولــيــون ما هو املوافقة": فـ"مفهوم املخالفة"؛ و"مفهوم يفهم من الكالم بطريقة "املطابقة"؛ يف حني يدل "مفهوم املخالفة" عن كل ما ميكن فهمه بطريق املخالفة... وقيل هو اأن يثبت احلكم امل�سكوت عنه

على خالف املنطوق7.اأنــواع من �ستة بني "للند" يف معجمه ميز وقد

املفاهيم بح�سب الغر�س منها:ال�سفات جميع عــلــى املــفــهــوم يــطــلــق فــحــني اأ. امل�سرتكة بني اأفراد ال�سنف الواحد؛ اأو يطلق على جميع حممولت الق�سايا ال�سحيحة ذات املو�سوع الإجمايل" بـ"املفهوم اآنــذاك، ي�سمى، الواحد، الإن�سان كقولنا: Comprehension Totale

حيوان؛ والإن�سان ناطق؛ والإن�سان فان.احلا�سم" بـ"املفهوم ــهــوم ــف امل ــ�ــســمــى وي ب. يطلق حني Comprehension Decisoire

احلد، منها يتاألف التي ال�سفات جمموع على منطقيا، لزوما عنها تلزم التي ال�سفات كما احلياة من موؤلفا باعتباره الإن�سان مفهوم مثل

والنطق."�سمنيا" ــــــوم ــــــه ــــــف امل ويــــــــكــــــــون ج. يعنى حــني Comprehension Implicite

احلد �سمن املــدرجــة ال�سفات جمموع بك�سف ب�سفاته الالزمة عنه لزوما منطقيا.

جمموع اإىل ــارة ــس ــالإ� ب املــفــهــوم ق�سر واإن د. ال�سفات التي يدل عليها لفظه يف ذهن فرد معني اأو حتى جمموعة اأفراد، فاإنه بذلك يكون مفهوما

.Comprehension Subjectif ذاتياجمموع على يطلق ل اأنه املفهوم معاين ومن ه. ال�سنف اأفـــراد جميع بــني امل�سرتكة ال�سفات

اخلا�سة ال�سفات على كذلك يطلق بل فح�سب، التناوب، �سبيل على ال�سنف ذلــك مــن بق�سم الزاوية يكون حاد اأن املثلث ميكن اأن ذلك: مثل الفقاري احلــيــوان واأن قائمها؛ اأو منفرجها اأو ميكن اأن يكون لبونا اأو طريا اأو زاحفا اأو �سفدعا اأو �سمكا. وي�سمى هذا املفهوم بـ"املفهوم الرفيع" واملق�سود Comprehension Eminente؛

من لبد مثال، الفقاري، املفهوم اأن هنا بالرفيع اأن يت�سمن اإحدى هذه ال�سفات ا�سطرارا.

و. والالمفهوم Incomprehensible هو ما رت على تف�سريه، ل يفهم وتقبله النف�س واإن ق�سول النف�س تقبله ل الـــذي الــالمــعــقــول بــخــالف

تف�سره8.

ثانيا: اله�ية املعرفية للمفه�مالفكر وعاء اللغة اأن اجلابري عابد حممد يوؤكد على الإن�سان يقوى ل بحيث وو�سيطه، الإن�ساين التفكري اإل من خالل لغته. واللغة عنده ن�سق من ت�سميتها على درج الطبيعية الب�سرية العالمات لالإ�سارة �سياقات الكلمات �سيقت فاإن بالكلمات، يف اأفكار اأو �سخ�سيات اأو حــوادث اأو اأ�سياء اإىل

بناءات مكثفة �سارت مفاهيما. الأ�سياء جممل بت�سوير معنيا املفهوم، ومــادام عن الــنــظــر بقطع ت�سابكاتها، يف ــعــالقــات والت�سخ�ساتها املادية املح�سو�سة، فاإن ذلك ي�ستدعي اإطــار يف املــتــعــدد بتكثيف ال�ــســطــالع ــرورة �ــساأو طبيعته. هذه النظر عن هويته بغ�س الواحد، مينحان ما هما التكثيفيتني والوظيفة الطبيعة

املفهوم قوته الفكرية وطاقته الت�سورية9.و�سلب حمــور املفاهيم تتبواأ عليه، وتاأ�سي�سا جوهر فهي الإن�ساين. اللغوي التوا�سل عمليات ال�سطناعية؛ العلمية اللغة كما الطبيعية اللغة التفريق على بالقدرة الفرد متد التي هي لأنها والتمييز بني الأ�سياء والكائنات والظواهر10؛ لأن البنية املعرفية للمفهوم ت�ستطيع اجلمع بني �سورة

ال�سيء وهيكله بالقانون الذي يف�سر تكوينه.

روؤى وت�ص�رات

تستطيع األمم الحية من خالل

أجهزتها المفاهيمية

عكس خصائص بنائها "العمراني

والتصوري"..

Page 218: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 21836

حقول معرفية

على "املفهوم" اإطــالق على املهتمون درج وقــد عن الت�سور يت�سمنها الــتــي ال�سفات جمــمــوع ت�سور يت�سمن مثال، الإن�سان، فت�سور ال�سيء، جميع تــ�ــســور مبعنى والـــنـــطـــق...اإلـــخ؛ ــاة احلــيما بخالف عليه. حملها ميكن التي ال�سفات اأنه اإذ "املا�سدق"؛ بـ �سليبا جميل د. ي�سميه ي�سمل جميع الأفراد الذي ي�سدق عليهم. ولذلك كان التنا�سب بني مفهوم ال�سيء وما �سدقه تنا�سبا ما كان اأغنى، ال�سيء مفهوم كان وكلما عك�سيا،

�سدقه اأفقر، والعك�س وبالعك�س11.ك�سائر ــاظ ــف األ جمــرد املفاهيم تكن مل لــهــذا، جمرد لي�ست اأنها كما وامل�سطلحات؛ الألــفــاظ تفهم/وتف�سر اأن ميــكــن كــلــمــات اأو اأ�ــســمــاء مبثابة هــي بــل اإليها، يقرب مبــا اأو مبرادفاتها ما كثريا ـــدللت وال للمعاين كــربى م�ستودعات واملعدودة، املــحــدودة اللفظية بناءاتها تتجاوز لتعك�س لها. ومتجاوزة اللغوية جذورها متخطية كوامن الفل�سفة التي انبثقت عنها مبا راكمته من تراكمات فكرية ومعرفية، ومبا ا�ستبطنته ذاكرتها

املعرفية و�سانته عن الزوال والندثار12.وعلى هذا الأ�سا�س، تق�سر اأقوال ال�سراح اأو ر�سوم املناطقة وحدودهم عن الإحاطة مبعاين املفاهيم قدرتهم عك�س ت�سمنا. اأو مطابقة واحتوائها، والألفاظ امل�سطلحات بــدللت الوعي متلك يف مبعانيهما13. الأمر الذي يجدد معه تفنيد القول اأو نظريا اإنتاجا املفاهيم اإنــتــاج اإمكانية بعدم اأو بالتحكم يف م�سامينها بالك ا�سطالحيا، فما حتوير دللتها؛ لأن تعايل املفهوم وجترده هو ما الوجدانية دللتــه تكثيف على قدرته له يحفظ كما حمــدود، لفظي بناء يف والقيمية واملعرفية و�سور لنماذج بالتحيز التميز اإمــكــان مينحها متفردة وخم�سو�سة تاأبى الرتادف اأو الت�سابه14. تاريخيته اإىل املفهوم متيز يف الف�سل يعود كما متاما ومــفــارقــة خمــالــفــة بنائيته جتــعــل الــتــي كما مفهوم، فلكل الأخرى. املفاهيمية للبنائيات

يو�سح الفيل�سوف الفرن�سي "دولوز"، تاريخا ذاتيا خا�سا به15.

ما هو للمفاهيم والفكرية املعرفية القيمة هذه يجعلها اإحدى اأهم اللبنات املركزية التي تتاأ�س�س ينفي الذي ال�سيء والنظريات، املنهجيات عليها املنهجية قيمته علمي اأو فــكــري عمل اأي عــن مفاهيمي بتاأ�سيل م�سبوقا يكن مل اإن واملعرفية

يو�سح مرادات الكاتب واأهدافه.

ثالثا: متييز "املفه�م" عن مت�صابهاتهما بــني مــن "املفاهيم" عــن احلــديــث ي�ستدعي قد ما عن متييزه �ــســرورة منهجيا، ي�ستدعيه، يختلط معه من مت�سابهات قد ت�سو�س على دللته بو�سعها يف غري وتوظيفها اإعمالها اأ�سيء ما اإذا املنهجية املقاربة اأ�سول تقت�سيه الذي مو�سعها اجلادة الفكرية الأدبيات درجت ولهذا القومية. عن للمفاهيم متييزا املو�سوعي التدقيق على ما وهــو و"م�سطلحات". "األفاظ" من غريها املو�سوع، هــذا يف الــقــول حتــريــر اإىل ي�سطرنا دلليا ومنهجيا، بتاأكيد حدود النف�سال وجمالت م�سطلحات من وغريها املفاهيم بني الت�سال

واألفاظ ومعان:

1. مفارقات املفه�م وامل�صطلح

ــــرء وهــــو يــتــ�ــســفــح الــكــثــري من ممـــا يــربــك املالهائل ال�سيوع هذا العربية/الإ�سالمية الأدبيات ي�ستدعيه "املفهوم" وما يقت�سيه ما بني خللطها "امل�سطلح". هذا اخللط ينعك�س �سلبا على مدى ان�سباط املنظومات الفكرية ملنطلقاتها الفل�سفية املرجعية واملنهجية؛ لأن "امل�سطلح"، على خالف توا�سع ا�سم جمرد يكون اأن يعدو ل "املفهوم"، اأو حرفة عــرب اأو مب�سلحة لرتباطهم النا�س، اأو معنى بــاإزاء لفظا اإطالقه على �سواهما، ما فالطبيعة للنزاع. ودرءا للتوا�سل تي�سريا ذات، م�سطنعيه ي�سجع ما هو للم�سطلح امل�سطنعة امل�سطلحات ومرادفة مقاي�سة يف الت�ساهل على

روؤى وت�ص�رات

اللغة وعاء الفكر اإلنساني

ووسيطة؛ بحيث ال يقوى اإلنسان

على التفكير تفكيرا إبداعيا أصيال إال من خالل لغته..

Page 219: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

219 العدد 36 |

حقول معرفية

بع�سها على بع�س، عمال مببداأ اأنه "ل م�ساحة يف ال�سطالح".

بالن�سبة ذلــك، عك�س على يقع، الأمـــر اأن بيد للتعامل مع املفاهيم، فطبيعتها التاريخية املمتدة تتجاوز جمـــردة دللت للمفهوم جتعل لــقــرون النا�س يف التحكم مبعانيها ودللتها، مبا قدرات اإمكان مقاربتها وفقا ملبداأي الرتادف يحول دون ال، حم املفاهيم بني التماثل اأن ذلك والتماثل.

كما اأن ترادفها مربك.امل�سطلحات بني باملقاي�سة النا�س ت�ساهل فــاإن متقاربة باعتبارها الــواحــد ال�سيء عن للتعبري املعنى؛ وباعتبار اأنه ل م�ساحة يف امل�سطلح. فاإن واأ�سبك؛ اأعقد يبدو للمفاهيم بالن�سبة الو�سع لو وحتى املفاهيم. يف امل�ساحة كل امل�ساحة لأن حيث من ا�سم جمرد املفهوم باإن بع�سهم احتج و�سعه الإعرابي، اإل اأن و�سعه الفكري واملنهجي، خل�سائ�س اجلامع املعريف بالوعاء اأ�سبه يجعله الهوية على التعبري مــن ــكــنــه مي مبــا مو�سوعه، امل�سطلحات ق�سور مقابل يف لل�سيء الكاملة الو�سع ولعل ح�سا�سية اأو ت�سمنها. على احتوائها املفاهيمي هو ما يجعل دائرته اأهم دوائر التدافع

الفكري والتاأثري الثقايف.

2. مفارقات املفه�م واملعنى

جتعله ــة دلل للمعنى واملناطقة اللغويون يحدد ال�سورة امل�ستقرة يف الذهن باإزاء لفظ16 معني اأو جمموعة األفاظ. ولذلك ي�ستح�سر املعنى باعتباره مق�سود الكالم اأو ما يدل عليه كل قول اأو اإ�سارة، ومنه: دللة اللفظ على املعنى احلقيقي اأو املجازي؛ الالفتات ودللة املتكلم؛ فكرة على القول ودللة ودللة ال�سري؛ اجتاه على الطرقات يف املن�سوبة ال�سكوت على الإقرار؛ ودللة البكاء على احلزن. من علم مبادئ على "املعاين"، تطلق وقد هذا، العلوم املدونة، فنقول: املعاين الريا�سية، واملعاين

الفقهية17.واإجمال، ميكننا تعريف املعنى باعتبار ما دل عليه

اللفظ، اأو هو الفكرة املجردة الدقيقة الدالة على واخلري والعدالة احلــق كفكرة ال�سيء: مو�سوع

وال�سعادة. وميكن تق�سيم املعنى اإىل:

Notion Commun م�سرتك" "معنى اأ. كالبديهيات بالفطرة النف�س يف ح�سوله عند

والأوليات؛ ب. و"معنى ب�سيط" بو�سفه ال�سورة احلا�سلة يف الذهن التي مل يتدخل الفكر يف تركيبها كاملعاين

الب�سيطة عند لوك؛عليه نطلق ما "املجرد" وهــو املعنى واأخــريا ج.

ا�سم الت�سور. جمموع يخ�س ذاتــي اأولهما: جانبان: وللمعاين الأحا�سي�س ال�سخ�سية وال�سور الذهنية وامل�ساعر الوجدانية التي يدل عليها اللفظ، وهي م�سحوبة اإرادة املتكلم يف مقابل الإفهام من جانب باإرادة اإذا مل ير�سم اأنه ال�سامع. ذلك الفهم من جانب اللفظ �سورة ذهنية واحدة يف النف�س لن يتفاهم النا�س. ومع ذلك فاإن ال�سور الذهنية التي يحييها الأفـــراد بــاخــتــالف خمتلفة النفو�س يف اللفظ ومنازعهم، ت�سوراتهم اأ�ــســول يف لختالفهم لفظ ــرب ف ومــيــولــهــم. رغباتهم اجتــاهــات كما يثريها يف التي �سورا غري �سخ�س اأثار يف ذهن ذهن اآخر. ولول ذلك ملا اختلفت دللت الألفاظ اأما ثانيهما: فهو باختالف الأفراد، واجلماعات؛ املعاين من اللفظ على الدال املو�سوعي اجلانب �سها التوظيف ها الو�سع وال�سطالح، وكر التي اأقركمعاين واحــدة. م�سامينها لت�سري وال�ستعمال الألفاظ املدونة يف املعاجم و الكتب العلمية، فهي ذات م�سامني دقيقة و دللت وا�سحة، ل تختلف باختالف الأفراد الذين ي�ستعملونها. ومن �سروط واأن ل للمعاين تكون مطابقة اأن العلمية الألفاظ

تختلف دللتها باختالف العلماء.الفرق تدقيقه يف النظر �سلبيا جمال وميح�س بني "املفهوم" و"املعنى" معتربا اأن املفهوم �سورة

ذهنية من حيث و�سع لفظ باإزائها18.

روؤى وت�ص�رات

تؤكد التجربة التاريخية أن نشأة

المفاهيم لم تكن في أي من

لحظاتها، مكتملة وال كلية..

Page 220: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 22036

روؤى وت�ص�راتحقول معرفية

تثريها التي العوي�سة الفل�سفية الإ�سكاليات ومن اإذ ــفــاظ؟ ــالأل ب عالقتها ومـــدى طبيعة املــعــاين لالأعيان مو�سوعة الألــفــاظ اأن هو امل�سهور اأن اأن مبعني عليها؛ املعاين تتقدم حيث اخلارجية، املرء قد ي�سعر بالأفكار جتول يف خاطره من غري ق للتعبري عنها. واأن الألفاظ ل تعرب دائما اأن يوفالألفاظ اأن اأ�سا�س الفكر، على نواحي عن جميع املعاين يف تكمن اأ�سوات خارجية يف حني جمرد واخلارجي الداخلي بــني ولي�س الـــذات، دواخـــل

ـــمـــة.. هــــذا، يف حــني يكون مــطــابــقــة تــامــة ودائالتعبري عنها خمتلفا باختالف الأ�سخا�س. فحكم املعاين؛ اجلاحظ، غري حكم يقول كما الألفاظ، لأن هذه الأخرية مب�سوطة اإىل غري غاية وممتدة اإىل غري نهاية؛ يف مقابل الألفاظ واأ�سماء املعاين ل�سبط مو�سوعة اأنها اإذ ومــعــدودة؛ حم�سورة ومك�سبة اجتماعية، حلة عليها �سابغة املعاين،

اإياها �سفة منطقية ت�سهل التفاهم بني النا�س19.وقد عرب اأبو حامد الغزايل عن "ن�سبة الألفاظ اإىل املعاين وحدها يف اأربعة منازل وهي: "امل�سرتكة"،

و"املتواطئة"، و"املرتادفة"، و"املتزايلة".فاأما "امل�سرتكة": فهي اللفظ الواحد الذي يطلق واحلقيقة، بــاحلــدود خمتلفة، مــوجــودات على اإطالقا مت�ساويا، كالعني تطلق على العني البا�سرة وينبوع املاء وقر�س ال�سم�س، وهذه خمتلفة احلدود على تــدل التي فهي املتواطئة: واأمــا واحلقائق؛ الإن�سان والفر�س والطري؛ لأنها مت�ساركة يف معنى باإزاء املعنى امل�سرتك املتواطئ احليوانية وال�سم بخالف العني البا�سرة وينبوع املاء؛ واأما املرتادفة يندرج معنى على الدالة املختلفة الأ�سماء فهي املتزايلة: واأمــا والعقار؛ كاخلمر واحد حد حتت من �سيء بينها لي�س التي املتباينة الأ�سماء فهي فاإنها والثياب، والــذهــب كالفر�س الن�سب هــذه باحلد خمتلفة معاين على تــدل خمتلفة األفاظ

واحلقيقة20.ومن بني امل�ساكل التي اأثارتها ق�سية "املعنى" هو ر�سد اللغة علماء وقد حاول نف�سه، املعنى تغيري فكان املعنى، تغيري اإىل تف�سي التي الأ�ــســبــاب

اأهمها21:اأ�سحاب اللغة ـ ظهور احلاجات اجلديدة، بلجوء اإىل الكلمات القدمية التي توارت معانيها فيحيون احلديثة. املــخــرتعــات على ويطلقونها بع�سها للتعبري عن معان جديدة كلمات عتيقة فت�ستعمل

ا يغري املعنى؛ ممـ بروز عوامل نف�سية واجتماعية م�ستجدة، كحظر ذات كلمات ل�ستعمال وحترميها اللغات بع�س

جتديد النظر يف ال�صلة بني العلم والفكر

كم من املفاهيم تبدو معانيها وا�سحة لنا لكرة دورانها على الأل�سن! واحلال اأنه لو اأردنا ا�ستخراج تفا�سيل هذه املعاين، لوجدنا من امل�سقة ما قد ل جنده يف بيان املفاهيم التي من هذه "العلم" واحد ومفهوم الأذهــان؛ اإىل معانيها ت�سبق ول الأل�سن، على تدور ل "العلم" فلفظ "الفكر"؛ مفهوم وكذلك معانيها تف�سيل يع�سر التي املتداولة املفاهيم "الفكر" لفظ اأن كما له مرادف كاأنه "املعرفة" حتى لفظ فيه ي�ستعمل فيما ي�ستعمل ق يف هذين ي�ستعمل فيما ي�ستعمل فيه لفظ "العقل" حتى كاأنه مرادف له، لكن ل نكاد ندقق�سدنا كان وملا فكرا؛ عقل كل ول علما معرفة كل لي�ست اأنه نتبني حتى ال�ستعمالني على نقف اأن والفكر، وجب العلم بني التي جتمع العالقة وجوه ننظر يف اأن هو هاهنا

مدلول كل واحد من طريف هذه العالقة؛ فاإذن ما حقيقة "العلم" وما حقيقة "الفكر"؟. اأن العلم لي�س له ت�سور واحد، واإمنا ت�سورات ثالثة بع�سها اأ�سمل من بع�س: الت�سور ال�سيق، وهو يح�سر العلم يف بحث احلقائق الطبيعية؛ والت�سور الوا�سع، ويجعل من العلم احلقائق بحثا يف منه ويجعل الأو�سع، والت�سور وال�سلوكية؛ الطبيعية احلقائق بحثا يف

الطبيعية وال�سلوكية والعتقادية. الفكر اأن كما املنافع اعتبار عنه يرث اإذ الفكر، من م�سروعيته يكت�سب العلم ••اأن

يكت�سب من العلم م�سداقيته، اإذ يرث عنه اعتبار احلقائق. ••اأنه ل علم بغري فكر؛ اإذ لول الفكر، خلال العلم من كل منفعة؛ كما اأنه ل فكر بغري علم؛ اإذ لول العلم، خلال الفكر من كل حقيقة؛ وهكذا، فاإن العلم يف الت�سور ال�سيق يت�سمن

ر. التفكري، ويف الت�سور الوا�سع يت�سمن الفتكار، ويف الت�سور الأو�سع يت�سمن التفك ••اأن الواجب يف العلم اأن يطلب القرتان باأ�سرف نوع من الفكر، حتى يتمكن من اأكر املنافع، األ وهو التفكر! والواجب يف الفكر اأن يطلب القرتان باأو�سع ت�سور للعلم، حتى

يتمكن من اأكر احلقائق، األ وهو العلم الأو�سع !

طه عبد الرحمن، "�سوؤال العمل: بحث عن الأ�سول العملية يف الفكر والعلم"، املركز الثقايف العربي، الدار

البي�ساء/بريوت، ط:1، 2012، �س: 303- 312.

Page 221: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

221 العدد 36 |

حقول معرفية روؤى وت�ص�رات

يجعل مبا ا�سمه، على ل ال�سكل على يدل فاإنه ال�سكل جزء من املعنى؛

يكون باأن واللتزام، ال�ستتباع �سبيل واإما على ـ لزوم ذلك باملطابقة على معنى، مع دال اللفظ ل اخلــارجــي كالرفيق غــريه ــر اآخ ملعنى املعنى مثل: له املالزم كامل�ساحب واإمنا منه، كاجلزء اأو"الإن�سان" "احلائط"، على "ال�سقف" دللة

على قابل �سنعة "الكتابة22." ق�سايا حظيت الإ�سالم، فال�سفة �ساأن هو وكما بالنظر الأ�سوليني عند وا�سح باهتمام املعنى اإىل: الرتباط الوثيق بني اللغة واملعنى من جهة وال�سنة القراآن من امل�ستمد ال�سرع وفهم اأوىل؛

مكروه، ب�سيء موحية اأو بغي�سة دللت فت�ستبعد بع�س املعاين لت�ستخدم بدل منها

كلمات اأخرى. هذا، ويرتتب على اأي تغيري يف املعنى تغيريا يف املفاهيم، مادامت املفاهيم يف جوهرها على املعنى تغيري فعملية جمــردة. معاين هذا النحو عملية طبيعية ل غبار عليها. اإل ال�سدد، هو بهذا اإليه النتباه اأن ما علينا مغاير اأمر وهو املعنى"، "حتريف اإ�سكال "تغيري اأن اأ�سا�س على املعنى"، لـ"تغيري املعنى" يتم ب�سورة طبيعية وتلقائية يف اأعم اأما اللغوية؛ جماعته بقبول حاظيا �سوره ملقا�سد حتقيقا املعنى" فيحدث "حتريف من عند ومعرفية فكرية ولأغرا�س معينة

ميار�سه متخذا �سورة ق�سرية وافتعالية."املعنى" بـــني الــ�ــســلــة عــمــق اأن ويـــبـــدو الف�سل لــهــا كـــان الــتــي هــي و"املفهوم" الإ�سالم فال�سفة مــن الــعــديــد تــاأمــيــم يف عالقاتها يف املعاين درا�سة نحو عنايتهم بالألفاظ. وقد جتلى ذلك باديا يف كتابات الكندي اأمثال: الإ�سالمية الفل�سفة م�سايخ وابن ر�ــســد وابـــن �سينا وابـــن ــفــارابــي والالعديد من تراثهم لي�سمل والغزايل، حزم الأبحاث املنطقية واللغوية املعنية بدرا�سة

املعاين". اإىل ون�سبتها الألفاظ "دللة ويف هذا ال�سياق، ميكن اأن نورد كالما نفي�سا لبن �سينا يف كتابه "الإ�سارات والتنبيهات" دللة وجـــوه ثــالثــة اأهـــم اإىل تــطــرق حيث اللفظ على املعنى قائال: اإن اللفظ يدل على

املعنى:ذلك يكون باأن املطابقة، �سبيل على اإما ـ مثل وباإزائه، املعنى لذلك اللفظ مو�سوعا ثالثة به املحيط �سكل "املثلث" على دللة

اأ�سلع؛ـ واإما على �سبيل الت�سمن، باأن يكون املعنى حاويا للفظه مثل دللة "املثلث" على �سكل،

اإب����داع

Page 222: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 22236

حقول معرفية

يف بدورهم الأ�سوليني ف�سارك ثانية. جهة من مع ومعانيها. دللتها حيث من الألفاظ تق�سيم والتاأ�سيل والفهم والتحليل بالبحث تناولهم درا�سيي ال�سيغ والعبارات ك�سيغتي الأمر والنهي

يف خطاب التكليف.واإن دل هذا عن �سيء، فاإمنا يدل على �سبق علماء واملعارف، الدرا�سات من ال�سنف لهذا الإ�سالم مبا يك�سف تهافت العديد من النتقادات احلديثة العربي/الإ�سالمي الــفــكــري ــرتاث ــل ل املــتــهــمــة احتفاء مقابل يف املعاين تو�سيح قيمة باإغفاله يف املنح�سر والتقعيدي التاأ�سيلي باجلهد رواده املرء له يعجب وممــا و�سناعتها. الألــفــاظ بناء ا�ستباق العديد من علماء الإ�سالم الرد على مثل الن�سو�س اأجمل بني من ولعل الدعـــاءات، هذه اإليها ب�سدد هذا املقال كالم التي ميكن الرجوع

نفي�س للفقيه ابن جني يقول فيه:فت�سلحها باألفاظها تعنى كما الــعــرب "اإن بال�سعر اأحكامها وتــالحــق وتراعيها، وتهذبها تلتزمها التي وبالأ�سجاع اأخــرى، وباخلطب تارة عندها، اأقــوى املعاين فــاإن ا�ستمرارها. وتتكلف واأكرم عليها، واأفخم قدرا يف نفو�سها. فاأول ذلك عنايتها باألفاظها، فاإنها ملا كانت عنوان معانيها، وطريقا اإىل اإظهار اأغرا�سها ومراميها، اأ�سلحوها ليكون وحت�سينها، حتبريها يف وبالغوا ورتبوها، الدللة واأذهــب بها يف ال�سمع، لها يف اأوقــع ذلك م�سجوعا كان اإذا املثل اأن ترى األ الق�سد. على جديرا كــان حفظه هــو فـــاإذا فحفظه، ل�سامعه با�ستعماله، ولو مل يكن م�سجوعا مل تاأن�س النف�س به، ول األفت مل�ستمعه، واإذا كان كذلك مل حتفظه، واإذا مل حتفظه مل تطالب نف�سها با�ستعمال ما و�سع العرب راأيــت فــاإذا اأجله )..(. به من له، وجيء حوا�سيها وحموا وح�سنوها، الألفاظ اأ�سلحوا قد وهذبوها، و�سقلوا عزوبها واأرهفوها، فال ترى اأن العناية اإذ ذاك اإمنا هي بالألفاظ، بل هي عندنا ذلك ونظري منها، وتنويه للمعاين منهم خدمة وتقدي�سه. وتزكيته وحت�سينه، الــوعــاء اإ�ــســالح

واإمنا املبغي منه الحتياط للموعي عليه، وجوازه مبا يعطر ب�سرة، ول يعر جوهره، كما قد جند من منه ويغ�س يهجنه ما ال�سامية الفاخرة املعاين

كدره لفظه، و�سواء العبارة عنه24."العربي الفكر "املعنى" ق�سايا �سغلت مثلما التحليلية بفل�سفتيه الفكر �سغلت الإ�ــســالمــي، و"البنيوية" )كـ: "الرباغماتية" التحليلية وغري يقرر اأن عــجــب ول و"الفينومينولوجية"(. راي" "جلربت املعا�سر الإجنليزي الفيل�سوف كانت الع�سرين القرن يف "الفل�سفة" ق�سة بــاأن

بالأ�سا�س ق�سة املعنى.حول غنيا تــراثــا الغربي الفكر �سيد وبـــدوره، نظريتني اإىل ن�سري اأن وح�سبنا "املعنى". نظرية "التحقيق" نظرية وهــمــا: لــه تطرقتا هامتني ال�ستعمال ونظرية Théorie de Verficatin؛

.)Théorie d’Itulisation(

بعناية بــاءت التي هي التحقيق" "نظرية اأن اإل اقرتانها بف�سل املعا�سرين، املفكرين واهتمام الو�سعية "املدر�سة اأو "فيينا" حلقة بــاأدبــيــات املنطقية"، التي اأ�س�ست للفل�سفة الو�سعية اجلديدة من خالل اعتماد التجربة العلمية، وقد ا�ستهرت هذه املدر�سة بالعديد من املفكرين )مثل: �سليك،

وقايزمان، وكارناب، وفايجل.. وغريهم(23.

رابعا: مالمح التعاطي املنهجي مع الأجهزة املفاهيمية

للمفهوم العلمية املــقــاربــة ت�ستدعي منهجيا، �سرورة حتليل بنيته الثابتة يف م�ستوياتها املختلفة بعزلها ملكوناته، الدقيق ال�ستجالء خــالل من دخيلة، دللت من بها يعلق قد مما وجتريدها بني املن�سوجة العالقة اأ�ــســالــة اإهـــدار دون مــن مكوناته الذاتية. وهو ما ي�ستلزم �سرورة التنقيب عن اأ�س�سه الفل�سفية الكامنة ومرتكزاته املرجعية مهما الثابت البنيوي اأ�سا�سه ت�سكل التي الكلية على القدرة بتثوير الأمــر هذا ويرتبط اختلفت. التحديد خــالل مــن املفهوم م�ستويات اإدراك

منظومة المفاهيم الواضحة

والمتماسكة تعد بمثابة الخريطة

التي يسترشد بها كل من المسافر والمستكشف..

روؤى وت�ص�رات

Page 223: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

223 العدد 36 |

حقول معرفية

الدقيق ملكوناته املرجعية والقيمية.هذا، وتكاد تتوزع م�ستويات املفهوم على الأ�سعدة التالية: اأول: امل�ستوى املعريف اأو الفل�سفي ويق�سد التي املرجعية والأركــان النهائية املرتكزات به: امل�ستوى ثانيا: وهناك اإليها؛ املفهوم رد ميكن الظاهر للمفهوم، ويق�سد به: التجلي التي يتبدى فيه املفهوم يف ظاهره و�سكله وموؤ�س�ساته ونظمه، على ب�سماته بها يرتك التي الكيفية تتبع وكــذا يف اجلماعية؛ احلياة وطريقة الإن�ساين ال�سلوك التاريخي، بامل�سار الثالث امل�ستوى يعتني حني �سياقه يف املفهوم دار�ــســة �ــســرورة بــه: ويق�سد التي املــوارد اأهم اأحد التاريخ مــادام التاريخي، تك�سب املفهوم معان ودللت جديدة اأو توؤدي اإىل

طم�س املفهوم واإقبار معانيه الأ�سا�س25.العمليات خمتلف تكت�سبها الــتــي الأهــمــيــة اإن بينة لإدراك الأوثـــق ال�سبيل جتعلها التحليلية اأي فيه اخلائ�س ب يجن دقيقا اإداركا مفهوم اأي التبا�س اأو غمو�س. وكمثال على ذلك نتوقف قليال عند مفهوم "العقل". فاإن هو طرح ب�سورة اأولية دون حتليل لبنيته، فاإنه �سرعان ما يطغى اخلالف بنيته حللنا اإذا اأننا اإل متداوليه. على والنزاع للحوار �سيكون فاإنه م�ستوياته تعدد اأ�سا�س على دللة اإيجابية اأقوى. مادام اأن ملفهوم العقل ثالثة على احلائز املعريف امل�ستوى اأولــهــا: م�ستويات: دللت الفهم والتفكري والإدراك؛ ثانيها: امل�ستوى والختيار العزم دللت على املنطوي الإرادي على القائم الإح�سا�س م�ستوى ثالثها: والق�سد؛ لذلك وال�سعادة. والأمل والغ�سب اخلوف دللت التقريب يف ثالث "العقل" على وجه يقع مفهوم املعرفية مثل املفاهيم املفاهيم هي: عائالت من ومفاهيم والإدراك؛ والتفكري والفهم املعرفة ومفاهيم والق�سد؛ والختيار العزم مثل الإرادة

الإح�سا�س مثل الغ�سب واخلوف واللذة والأمل26.ومع التاأكيد على ت�سمن اأي مفهوم، حائز ل�سرطي خمتلفة، م�ستويات على وا�ستقالله، ا�ستقراره تتبواأ م�ستويات اأنــهــا بــالــ�ــســرورة يعني ل فــاإنــه

نف�س املقام وتتملك ذات القوة، بل هي م�ستويات اأهميتها املفهوم ومتفاوتة يف املواقع من متمايزة لغريها الأ�سل مقام بع�سها يقوم بحيث وقوتها، من امل�ستويات التي ل تعدو اأن تكون جمرد معاين مينح ممــا لــهــا. ومكملة عنها متفرعة ثــانــويــة البنية يف منطقية اأ�سبقية الأ�ــســا�ــس العنا�سر العنا�سر هذه يجعل ما وهو مفهوم. لأي الثابتة قورنت ما اإذا التجريد من عالية بن�سب مت�سمة

بغريها من عنا�سر املفهوم27.بفهم ال�ستعانة ن�ستطيع الأمــر هــذا ولتو�سيح ديكارت للمادة؛ يذهب الفيل�سوف ديكارت اإىل اأن يقول لهذا للمادة، الأ�سا�س ال�سفة هو المتداد طبيعة يكون ما "اإن الفل�سفة": "مبداأ كتابه يف بل لونها، ول �سالبتها ول ثقلها لي�س الأج�سام امتدادها فح�سب". وعلى هذا النحو ت�سكل �سفة مفهوم بنية يف الأ�سا�س" "العن�سر المــتــداد ال�سفات كل منطقيا، ذلك، بعد لتعقبها املــادة، ال�سفات و�سكل وحركة وكثافة ثقل من الأخــرى تلزم الأخــرى العنا�سر هذه اأن مبعنى الأخــرى. العك�س؛ ولي�س المــتــداد عن�سر عــن منطقيا وبعبارة اأخرى فاإن كون اجل�سم ذا حركة اأو �سكل فاإن ذلك يرجع بال�سرورة اإىل كونه ج�سما ممتدا، اأما كونه ممتدا فال يفرت�س حتقق اأي �سفة اأخرى

�سابقة عليه منطقيا28.نظر وجهة من ديكارت اإليه ذهب ما اأن ويبدو النحويون عــلــيــه ا�ــســطــلــح ممــا يــدنــو فل�سفية علم يف املعنى ـــواع لأن تطرقهم عند واللغويون و"املعنى الأ�سا�س" "املعنى بني مميزين الدللة املركزي" اأو الأ�سا�س "املعنى وي�سكل الإ�سايف". واملج�سد اللغوي، الت�سال يف الرئي�س العامل التوا�سل املتمثلة يف اللغة احلقيقي لأهم وظائف اإذ ل ميكن التوا�سل بني �سخ�سني ونقل الأفكار؛ بلغة معينة اإن هما ل ي�سرتكان "املعنى الأ�سا�س"؛ اأما "املعنى الإ�سايف اأو الثانوي" فهو املعنى الذي الأ�سا�س. معناها اإىل بالإ�سافة الكلمة متلكه وميكن للعنا�سر الإ�سافية اأن تتغري من ع�سر اإىل

روؤى وت�ص�رات

نسعى هذه الدراسة لبلورة مقاربة علمية

ومنهجية لبنية المفهوم كوحدة معرفية ومنهجية وحضارية فاعلة

في الواقع ومتأثرة به..

المفهوم الغامض مفهوم

مشوش ما أن يدخل ضمن نسق معين حتى يربك

انتظامه..

Page 224: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 22436

روؤى وت�ص�راتحقول معرفية

لغة فيه حتيا التي الثقايف املناخ لتغري تبعا اآخر التحول على معنى اأن يطغى هذا معينة من دون

الكلمة فيغريها تغيريا جذريا. تعدد م�سكلة تطرحها التي الإ�سكاليات ولتجنب العديد يرى املفاهيم، عليها توجد التي احلالت املعينة اخلطوات بع�س نهج اإمكان املهتمني من اأي�سر وا�ستجالء للمفهوم املعرفية الأغــوار ل�سرب اخلطوات هــذه اأهـــم تكثيف وميــكــن ملــقــا�ــســده.

وتلخي�سها يف ما يلي: اأ. تعيني انتماءات املفهوم بتحديد ن�سبيته ال�سياقية

ومرجعيته الفكرية واأ�سوله احل�سارية.اأو حتقيقها اإىل يرمي التي املقا�سد حتديد ب.

حفظها.ج. البحث يف �سرية املفهوم وتطور دللته بالتعديل على يفر�س الــذي الأمــر الإلغاء، اأو الإ�سافة اأو القائم بعملية حتليل بنية املفاهيم مقاربة الدللت وذلك التاريخ، مر عرب املفاهيم تكت�سبها التي بتتبع الأ�سباب التي قد تزيح الدللة الأ�سا�سية اإىل

الهام�س، وتدفع بالدللة الإ�سافية اإىل املركز29.د. ا�ستكمال للخطوات ال�سابقة، اإ�سنادا ومق�سدا الراهنة الو�سعية يف البحث اأهمية تربز وهوية، اإليها اآل التي احلالة وتو�سيف ببحث للمفهوم

املفهوم جراء عمليات التداول التي خ�سع لها.يف الكامنة بالتحيزات30 الــوعــي ــرورة �ــس ه. املفاهيم عند مقاربتها، مبا يحول دون اأن تتحول احل�سارات بني املتبادلة ال�ستفادة اإىل الدعوة والثقافات وا�ستعارة مفاهيمها مماهاة بني هاتني النماذج اإدراك خــالل من وذلــك احل�سارتني؛ املفاهيم وراء الكامنة الإر�سادية اأو املعرفية31 اأنتجتها مفاهيم بني املثال، �سبيل على الغربية، لن ومتباينة، خمتلفة وح�سارية فكرية �سياقات جتويفها اإىل اإل بينها املماثلة يف الإمعان ي�سفر اأبعادها منهجية32. وك�سف فكرية دللة اأية من اجلماعية33 للمدركات املزيفة الأيــديــولــوجــيــة

لالأمم وامل�سوهة ملنظومة املفاهيم التي تعي العامل من خاللها34.

خ�ال�ص���ةاأهم ا�ستجماع ميكننا �سلف، ما على تاأ�سي�سا املنهجية املقاربة توؤطر التي الدللية القواعد

للمفاهيم يف ما يلي من النقاط:لألفاظ وال�سطالحي اللغوي املعنيني اإدراك ي�ساعد على جتنب خمتلف عمليات املفاهيم مبا

اللتبا�س والتحريف.بني: بالتمييز للمفهوم الدللية ال�سرية معرفة التي التاريخية دللتها وكــذا الأ�سلية؛ ــه دللت

اكت�سبها جراء تطوره.بني بالتمييز للمفاهيم الدللية البنية حتليل

عنا�سره الأ�سا�س والفرعية.يف حالة ترجمة املفاهيم، ي�ستح�سن التنقيب وراء الوعي �سرورة مع والتاريخية، الأ�سلية الدللت باأ�سول ومعهود اخلطاب العربي، يت�سنى للمرتجم له اختيار املقابل املو�سوعي للمفهوم الأجنبي35.

وال�سمات احل�سارية باخل�سو�سية العـــرتاف �سمنها تــ�ــســاغ الــتــي للغة واملنطقية الــلــغــويــة

املفاهيم36.اأولية مــقــاربــة ــورة ــل ب اإىل الــدرا�ــســة هــذه �سعت للتاأ�سري على بع�س املقت�سيات املنهجية املفرت�س ا�ستح�سارها عند التعاطي مع الأجهزة املفاهيمية. وهو الأمر الذي من املاأمول اأن يف�سي اإىل تعميق الذي والفكري املنهجي الرتباك بحجم الوعي تعانيه اأغلب الأدبيات الفكرية العربية/الإ�سالمية يف تعاملها مع املفاهيم، مما يف�سي اإىل بناء فكر عربي ملتب�س يف م�سمونه ومتناق�س يف �سياغاته. الأمر الذي يدعو اإىل تفعيل منظومتنا املفاهيمية تفاعل يف التاريخية خربتنا عن املعربة الأ�سلية مع العامل من حولنا، وهي املنظومة التي ل ميكننا اإل وال�سهود احل�ساريني التدافع ا�ستئناف عملية

من خالل تفعيلها بالتجديد والإحياء.

وقف أبو حامد الغزالي على

نسبة األلفاظ إلى المعاني وحدها في أربعة منازل هي: المشتركة،

والمتواطئة، والمترادفة، والمتزايلة..

Page 225: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

225 العدد 36 |

حقول معرفية روؤى وت�ص�رات�شامهو ال

�سعيد خالد احل�سن، حول اأولويات التدبر الإ�سرتاتيجي العربي. م�ساهمة يف كتاب: 1 .التحرر العربي والنظام الدويل، درا�سة وحترير: �سعيد احل�سن، الرباط: من�سورات

مركز الدرا�سات والأبحاث مبوؤ�س�سة خالد احل�سن، ط 1، 2010م، �س32. . الأحوند حممد كاظم اخلر�ساين، كفاية الأ�سول، �س193. 2

�سالح اإ�سماعيل عبد احلق، تو�سيح املفاهيم �سرورة معرفية، م�ساهمة يف كتاب: 3 .اإ�سراف د. علي جمعة ود. بناء املفاهيم، درا�سة معرفية ومناذج تطبيقية. حتت الإ�سالمي، ط للفكر العاملي املعهد القاهرة: من�سورات الفتاح، الدين عبد �سيف

1، 1998، �س33. مطاع وتقدمي ومراجعة ترجمة الفل�سفة. هي ما غتاري، وفليك�س دولــوز جيل 4 . ،1 ط العربي، الثقايف املركز املغرب: القومي، الإمنــاء مركز وفريق ال�سفدي

1997، �س39. اأ�سماء اهلل احل�سنى، القاهرة: مكتبة اأبو حامد الغزايل، املقعد الأ�سنى يف �سرح 5 .

اجلندي، ب. ط، 1968، �س10- 11. ، 6 .1 ط اللبناين، الكتاب دار من�سورات لبنان: الفل�سفي، املعجم �سليبا، جمال

1973، �س401- 404. اأنظر تعريفات اجلرجاين. 7 .

. ملزيد من الطالع اأنظر: د. جمال �سليبا، املعجم الفل�سفي، م، �س، �س405. 8حوار املفاهيم، تبيئة وجن�سية والدميقراطية العقالنية اجلابري، عابد حممد 9 .عدد معا�سرة، اإ�سالمية ق�سايا مبجلة: من�سور �سبار، �سعيد الدكتور معه اأجراه

مزدوج 24- 25، �سيف وخريف 2003، �س32.الثقايف املركز البي�ساء: الدار واقعي، تاأويل نحو معامل: املفاهيم مفتاح، حممد 10 .

العربي، ط 1، 1999، �س6. . جمال �سليبا. املعجم الفل�سفي، م �س، �س404. 11

طه جابر العلواين يف مقدمة كتاب. بناء املفاهيم، درا�سة معرفية ومناذج تطبيقية، 12 .القاهرة: اإ�سماعيل، الفتاح عبد الدين �سيف ود. جمعة علي د. اإ�سراف حتت

من�سورات املعهد العايل للفكر الإ�سالمي، ط 1، 1998، �س7.. املرجع نف�سه، �س7. 13

مك�سيم ردون�سون، الإ�سالم والراأ�سمالية، ترجمة نزية احلكيم، لبنان: دار الطليعة، 14 .الطبعة 4، 1982، �س187.

مطاع وتقدمي ومراجعة ترجمة الفل�سفة؟ هي ما غتاري، وفليك�س دولــوز جيل 15 .�سفدي وفريق مركز الإمناء القومي، الدار البي�ساء: املركز الثقايف العربي، ط1،

1997، �س41.؛ مبعنى الرمي، فيقال لفظ ال�سيء؛ ياأتي معنى اللفظ يف اللغة م�سدرا لفعل "لفظ". 16اأي رمى به وطرحه. اأما يف ال�سطالح، فاللفظ �سوت اأو عدة اأ�سوات ذات مقاطع تعرب عما يف النف�س، وهو اإما مفرد اأو مركب. انظر يف ذلك: د. جمل �سليبا. املعجم

الفل�سفي. م �س، �س288.. املرجع نف�سه، �س398. 17. املرجع نف�سه، �س398. 18. املرجع نف�سه، �س290. 19

، اأبو حامد حامد الغزايل، معيار العلم يف فن املنطق، بريوت: دار الأندل�س، ط 4. 201983، �س52.

. �سالح اإ�سماعيل عبد احلق. تو�سيح املفاهيم... م، �س، �س42. 21العالمة احل�سني بن عبد اهلل ابن �سينا، الإر�سادات والتنبيهات، مع �سروح خلري 22 .2، ط2، �سنة الدين الطو�سي. حتقيق د. �سليمان دنيا، القاهرة: دار املعارف، ج

1983، �س139. . �سالح اإ�سماعيل عبد احلق، تو�سيح املفاهيم... م، �س، �س39. 23

اأبو الفتح عثمان ابن جني الو�سلي، اخل�سائ�س، حتقيق حممد علي النجار، م�سر: 24 .الهيئة امل�سرية العامة للكتاب، ج 2، ط 3، �سنة 1976، �س216 – 218.

بناء اجلماعي: الكتاب يف م�ساهمة تطبيقية، مفاهيمية منــاذج جعفر، ه�سام 25 .املفاهيم، درا�سة معرفية ومنادج تطبيقية. حتت اإ�سراف د. علي جمعة ود. �سيف الدين عبد الفتاح ا�سماعيل، القاهرة: من�سورات املعهد العايل للفكر الإ�سالمي،

ط1، 1998، �س176.

. �سالح اإ�سماعيل عبد احلق، تو�سيح املفاهيم... م، �س، �س49. 26. املرجع نف�سه، �س48. 27. املرجع نف�سه، �س49. 28

. �سالح اإ�سماعيل عبد احلق. تو�سيح املفاهيم... م، �س، �س50. 29، واحليز التحيز لغة وزن تفعل وفيها معنى الطلب، وميكن اأن نقول فيها "طلب حيز". 30هو احلد، ولقد ق�سم الأقدمون املوجود اإىل متحيز وغري متحيز، فاملحيز يف الفراغ كاجلوهر واجل�سم، وغري املتحيز ما مل ي�سغل حيزا يف الفراغ، بل يحتاج اإىل غريه والذكاء... وال�سحة، واملر�س كالفقر واملعاين والألــوان، )كالأعرا�س به ليقوم اإلخ(، فاملتحيز بهذا املعنى ماله حيز واحد وهي �سيغة ت�سلح لأن تكون ا�سم مكان اأو ا�سم فاعل، وعلى ذلك فهو مكان حمدد ب�سور مييزه عن غريه، اأو هو �سخ�س قام به ذلك املعنى"، انظر: د. علي جمعة، كلمة يف التحيز، م�ساهمة يف مو�سوعة: اإ�سكالية التحيز روؤية معرفية ودعوة لالجتهاد"، حترير: د. عبد الوهاب امل�سريي، القاهرة: من�سورات املعهد العاملي للفكر الإ�سالمي، حمور م�سكلة امل�سطلح والأدب والنقد، ط3، 1998م، �س7. ويعرف د. �سعيد احل�سن التحيز باأنه: موقف الإن�سان وتوجهاته واأفعاله املعربة عن روؤيته للكون والإن�سان واحلياة.. فالتحيز هو موقف عن معرب التحيز اأن اأي عنها... ومعرب "املعرفية" لالإن�سان النظرة على مبني عقلية الإن�سان وعاداته ومفهومه عن نف�سه واحلياة. الدكتور �سعيد خالد احل�سن. والأبحاث الدرا�سات مركز من�سورات الرباط: جتاوزية، مقدمة الجتماع: علم

مبوؤ�س�سة خالد احل�سن، ط1، 2010، �س46.انظر يف مفهوم النماذج املعرفية: طوما�س كوهن، بنية النقالبات العلمية، ترجمة 31 .

�سامل يافوت، الدار البي�ساء: دار الثقافة، ط1، 2005.اأبو القا�سم حاج يف ف�سل املقاربة بني املفاهيم ينظر: املفكر ال�سوداين ذ. حممد 32 .حمد، منهجية القراآن املعرفية، اأ�سلمة فل�سفة العلوم الطبيعية والإن�سانية، بريوت:

مكتبة دار الهادي، ط1، 2003م، �س32.من جمموعة 33 ." هو: مبا اجلماعي املــدرك مفهوم احل�سن خالد �سعيد د. يوظف املبادئ املرجعية التي توجه ومتيز ال�سلوك الإن�ساين، وتنتقل به من امل�ستوى الفردي اخلا�س، ومن بعده اليومي والزمني املحدود، اإىل م�ستوى ال�سلوك اجلماعي العام، ومبا م�ستقبلها؛ اإىل اجلماعة ما�سي من املتوجه املطلق التاريخي البعد واإىل ي�سكل ناظما �سلوكيا للوجود ال�سيا�سي وللعالقات الجتماعية وللوظيفة احل�سارية للجماعة... وهي حم�سلة تاريخية ح�سارية للخربة واحلياة اجلاعية املمتدة عرب الأجيال امتدادا يتولد عنه: )اأ( مفاهيم مرجعية و)ب( قيم �سيا�سية )ج( وتقاليد م�سلكية وموؤ�س�سية معربة عن هذه املفاهيم" ملزيد من الطالع ميكن الرجوع اإىل د. �سعيد خالد احل�س. النموذج النتفا�سي، درا�سة يف الأبعاد الإدراكية وال�سيا�سية حتت العام القانون يف الدولة دكتوراه لنيل اأطروحة فل�سطني. يف لالنتفا�سة القانونية العلوم الثاين/كلية احل�سن جامعة البي�ساء: بناين، حممد د. اإ�سراف

والقت�سادية والجتماعية. ج1، 2002، �س2.ال�سيا�سي: التحليل يف التحيز حول اأ�سا�سية مقدمات الفتاح، عبد الدين �سيف 34 .منظور معريف تطبيقي، م�ساهمة مبو�سوعة: اإ�سكالية التحيز: روؤية معرفية ودعوة لالجتهاد، حترير د.عبد الوهاب امل�سريي، القاهرة: من�سورات املعهد العاملي للفكر

الإ�سالمي، حمور العلوم الجتماعية، ط 3، 1998م، �س 30-28.للباحث درا�سة عن اإ�سكالية الدميقراطية يف الفكر العربي املعا�سر طور الن�سر. 35 .

. �سيف الدين عبد الفتاح، مقدمات اأ�سا�سية حول التحيز... م، �س، �س52. 36

Page 226: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 22636

روؤى وت�ص�راتحقول معرفية

من هدي النبي، صلى اهلل عليه وسلم، يف التعايش مع اآلخر:-ميثـاق نصـارى نجـران نمـوذجا-

ذ. حممد النا�صريباحث يف الدرا�صات الإ�صالمية

تعد ال�سرية النبوية باعتبارها مرحلة بناء الأمنوذج الذي اأتى على اأ�سول احلياة النا�س، حياة مع التعامل لكيفية دليال جميعا، امل�ساحات وتعترب عليها... الــقــراآن قيم وتنزيل مع للتعامل النبوية ال�سرية قدمتها التي الكبرية الآخر ب�ستى اأنواع التعامل من الت�سالح والت�سامل والتعاهد والتحاور والتعاقد والتحالف واملواجهة.. جزءا مهما من حوادث ال�سرية وبعدا اأ�سيال من

اأبعادها املقا�سدية. الزمان ــزال واخــت الــعــاملــي، النــفــتــاح حقبة ويف العوملة" ومعاهدات "حقبة وا�ستحقاقات واملكان والقت�سادية ال�سيا�سية امل�ستويات على ال�سراكة ا�ستلهام اإىل اآكــد احلاجة ت�سبح واملعلوماتية.. املجال، هــذا يف وعطائها النبوية ال�سرية فــرتة لي�سكل لنا اأداة عمل واإ�سارات هادية على الطريق الطويل، فكثرية هي العهود التي اأبرهما الر�سول،

�سلى اهلل عليه و�سلم، مع املخالف دينيا وعقيديا، مع التعامل لكيفية رئي�سية معامل متثل والــتــي بني العالقة ملجال منا�سبا كما متثل حال الآخر؛

امل�سلمني وغريهم يف زمننا املعا�سر.والعهود، ميثاقه �سلى اهلل الوثائق ومن بني هذه العهد1 وهو ذلك ن�سارى جنران مع و�سلم عليه الذي اأبرمه ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه و�سلم، مع غزوة عقب عليه قدومهم حني جنــران ن�سارى قمم مــن قمة "ميثل عهد وهــو 9ه2 عــام تبوك بف�سله متكن العدل وال�سماحة واحلرية3" والذي ا�ستيعاب من و�سلم، عليه اهلل �سلى الر�سول، املتدينني وكــل جنــران ن�سارى "الن�سارى؛ كل ومن الواحدة..4" الأمــة �سلب يف بالن�سرانية، تكرار مـــن الــنــ�ــســارى خـــوف "هاج�س تــبــديــد املــحــرقــة الــيــهــوديــة الــتــي ظــل نــ�ــســارى جنران الذي فما خلت5". �سنوات طيلة منها يعانون

Page 227: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

227 العدد 36 |

حقول معرفية روؤى وت�ص�رات

�سمنه امليثاق لن�سارى جنران؟لقد جاءت ن�سو�س العهد �سامنة لن�سارى جنران من احلقوق ما يحفظ اإن�سانيتهم وي�سون كرامتهم

اإذ ن�س امليثاق على:

اأول: احلرية 1. احرتام حرية العتقاد؛ فالفقرة 60 من العهد ملة على كان اأحد ممن يجرب "ل اأنه على تن�س الن�سرانية كرها على الإ�سالم6"، مبا ين�سجم كليا )البقرة: " الدين يف اإكــراه ل " تعاىل: قوله مع فمن " وجــل: عز قوله مع متاما ويتوافق ،)255

�ساء فليومن ومن �ساء فليكفر " )الكهف: 29(.امليثاق كفلها التي العتقاد حرية مظاهر ومــن

لن�سارى جنران: :20 الفقرة يف جاء اإذ الديني؛ احلــوار حرية اأ. " اأح�سن هي بالتي اإل الكتاب اأهل ول جتادلوا "

الرحمة جناح لهم ويخف�س ،)46 )العنكبوت: ويكف عنهم اأذى املكروه حيثما كانوا واأينما حلوا7. �سرورة على التاأكيد يف الدللة وا�سح ن�س وهو الن�سارى مــع احلـــوار يف ال�سبل اأحــ�ــســن �سلك اأهل مع احلوار القراآين يف املنهج التزام ووجوب الكتاب، مبا ين�سجم وقوله تعاىل: " ادع اإىل �سبيل بالتي وجادلهم احل�سنة واملوعظة باحلكمة ربك اأهل ول جتادلوا " .)125 " )النحل: اأح�سن هي

الكتاب اإل بالتي هي اأح�سن ".ن�ست اإذ التعبدية؛ ال�سعائر ممار�سة حرية ب. الأ�ساقفة ـــرتام اح على العهد مــن 30 الــفــقــرة تغيري "ول بالتغيري لهم التعر�س والرهبان وعدم اأ�سقف عن اأ�سقفيته، ول راهب عن رهبانية8" وقد القدوة و�سلم، عليه اهلل �سلى الر�سول، اأعطى موافقته، لذلك ي�سهد الأمـــر، بهذا اللــتــزام يف اأداء جنــران ن�سارى وفد و�سلم، عليه اهلل �سلى

طقو�سهم التعبدية واإقامة �سالتهم مب�سجده9.من 33 الفقرة ن�ست اإذ املعابد؛ اإقامة حق ج. "هدم بيت من بيوت بيعهم، ول امليثاق على عدم اإدخال �سيء من بنائهم يف �سيء من اأبنية امل�ساجد

Page 228: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 22836

روؤى وت�ص�راتحقول معرفية

وم�ساحمة اأهوائهم13". تغيري على الن�سرانية ـــراه اإك للم�سلم يحق ول الر�سا عليه بــل مــنــه، ــــزواج ال قبلت اإن ديــنــهــا بذلك والت�سليم به، ويف هذا نقراأ من امليثاق "اإذا ير�سى اأن فعليه امل�سلم، عند الن�سرانية �سارت بروؤ�سائها القتداء يف هواها ويتبع بن�سرانيتها،

والأخذ مبعامل دينها، ول مينعها ذلك14".اأهل "اأحكام كتاب يف اجلوزية قيم ابن وي�سجل الذمة" حوارا حول م�سلم تزوج بذمية، �ساأل فيه،

هل له اأن مينعها من �سرب اخلمر؟ قال: ياأمرها.

قيل: ل تقبل منه، األه اأن مينعها؟قال: ل15.

الإ�سالم احرتام مدى على قاطعة دللة هذا ويف اإىل والثقافية... الدينية وخل�سو�سياته لالآخر وكرامته الإن�سان اإن�سانية منطلق بعيد... من حد

الآدمية.

ثانيا: العدل وامل�صاواةمبا احلرية اأ�سكال لكل امليثاق تقرير جانب اإىل اأن على ن�س الن�سارى، وكرامة اإن�سانية يحفظ الأعباء حتمل يف وامل�ساواة الق�ساء يف "العدل على الأمـــة لكل �ساملة اإلهية فري�سة املــالــيــة...

اختالف معتقداتها الدينية16." ول خــراج "ول نقراأ امليثاق من 48 الفقرة ففي جزية اإل على من يكون يف يده مرياث من مرياث الأر�س ممن يجب عليه فيه لل�سلطان حق، فيوؤدي ذلك على ما يوؤديه مثله، ول يجار عليه، ول يحمل منه اإل قدر طاقته وقوته على عمل الأر�س وعمارتها واإقبال ثمرتها، ول يكلف �سططا، ول يتجاوز به حد

اأ�سحاب اخلراج من نظرائه17."يف املختلفني بني امل�ساواة" "كامل جتليات ومــن قوله تقريرها، على امليثاق حر�س الــذي الدين، اهلل عهد اأعطيتهم "لأين و�سلم: عليه اهلل �سلى على اأن لهم ما للم�سلمني وعليهم ما على امل�سلمني، ا�ستوجبوا الذي بالعهد عليهم ما امل�سلمني وعلى

متثل الإ�صالم بني النفتاح والنغالق

املجتمع عن النفا�سل مذهب عن مطلقا ناأيا تناأى احلرة التقدمي الإ�سالم "..روؤية املحلي والنف�سال القطيعة نهج اإنــكــار اإىل قاطعة ب�سورة وجتنح الإن�سانية، وعــن والكوين الذي يوجه فكر وعمل كل من الإحيائية الدعوية والإحيائية القتالية. قد يقال هنا اإن القطيعة خيار الإحيائية الراديكالية اأو القتالية، واإن الإحيائية الدعوية ل تلتزم بهذا املنهج. واحلقيقة اأن الإحيائية الدعوية، عند الفح�س املدقق ملواقف رموزها، تتمثل هي اأي�سا نهج القطيعة. �سحيح اأن القطيعة عندها ل تتخذ طابع العنف املادي، لكنها يف حقيقة الأمر �سريحة يف ما ميكن اأن يكون "قطيعة علمية". وذلك يعني ف�سم الروابط وال�سالت باملخالفني، واجلنوح اإىل عزل الآخرين املخالفني وهجرهم ونبذهم عالئقيا واجتماعيا والت�سكيك يف عقيدتهم واأخالقهم. ون�سبتهم اإىل الزيغ وال�سالل، اأو البدعة اأن يجلب الروؤية ميكن التي ترتبط بهذه اأن بع�س احلالت ولي�س ثمة �سك يف والكفر.

اأ�سرارا بالغة لالإ�سالم وامل�سلمني)...( احلرية �سكل عندهم تتخذ التي الإن�سانية الــروح التقدم، اإ�سالم مفكري على يغلب "العرتاف" ومفهوم الن�سبية الفل�سفة حدود يدرك الذي العقلي والنفتاح الفكرية، احلديث، بينما يت�سلح الإحيائيون جميعا، بدجماطية مت�سلبة ومبواقف ل تقبل املراجعة واإن احلل الذي لديهم هو احلل اإنهم وحدهم مالكو احلقيقة، القول والنظر، وبدعوى الأوحد الذي ل حل �سواه، واإن جميع خمالفيهم خارجون، ويف �سالل مبني، ومبتدعة،

واإنهم بكلمة، "الفرقة الناجية"، وحدهم ل اأحد �سواهم)...(اإن ما ينبغي الوقوف عنده هنا، من جديد، هو اأن الإحيائية ال�ساملة الراديكالية جت�سد روحا مباينة كل املباينة للروح التي تكتنف مفكري الإ�سالم التقدميني. فحقيقة الأمر هي اأننا قبالة منظورين حل�سور الإ�سالم يف العامل احلديث واملعا�سر: منظور روحه التوا�سل والرحمة واحلرية والعرتاف واللتحام باملجتمع امل�سلم والتفاعل مع املجتمع الإن�ساين

الكوين؛ ومنظور روحه املواجهة والكراهية والعداء ال�سدامي."

فهمي جدعان، "اأ�س�س التقدم عند مفكري الإ�سالم يف العامل العربي احلديث"، ال�سبكة العربية لالأبحاث

والن�سر، بريوت، ط4، 2010، �س: 17-16-15.

ول منازل امل�سلمني10". ول يقف امليثاق عند حد اإقرار حق اإقامة املعابد للن�سارى، وبيوت وبيع كنائ�س عن بالدفاع التعهد حد اإىل كبري ت�سامح يف ذلك يتجاوز بل كنائ�سهم "واأدب عنهم وعن امليثاق 18 من الفقرة نقراأ يف اإذ الن�سارى؛ �سلوات وبيعهم وبيت �سلواتهم، وموا�سع الرهبان، ومواطن ال�سياح، حيث كانوا من جبل اأو واد اأو مغار اأو عمران، اأو �سهل اأو رمل، واأن اأحر�س دينهم وملتهم اأين كانوا، من بر

اأو بحر، �سرقا وغربا، مبا اأحفظ به نف�سي وخا�ستي، واأهل ال�سالم من ملتي.."11"12.

"ل الن�سارى اأن امليثاق من 72 الفقرة يف جاء بامل�سلمني؛ التزوج يف احلرية د. يحملوا من النكاح �سططا ل يريدونه، ول يكره اأهل البنت على تزويج امل�سلمني، ول ي�ساروا يف ذلك اإن منعوا خاطبا واأبوا تزويجا؛ لأن ذلك ل يكون اإل بطيبة قلوبهم

Page 229: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

229 العدد 36 |

حقول معرفية روؤى وت�ص�رات

اأن وا�ستوجبوا احلرمة، عن والــذب الذمام حق للم�سلمني يكونوا حتى مــكــروه، كــل عنهم يــذب

�سركاء فيما لهم وفيما عليهم18."

ثالثا: التعاون والتكافلبقدر اهتمام امليثاق بالقيم ذات الطابع ال�سيا�سي اهتمامه بقدر املــ�ــســاواة..( الــعــدل، )احلــريــة، بالقيم والأخالق الجتماعية؛ اإذ ن�س العهد على اخلري على والتعاون الجتماعي التكافل �سرورة واحدة يدا يكونوا والن�سارى، حتى امل�سلمني بني واجبات من امليثاق جعل اإذ عــاداهــم؛ من على الطرفني التعاون يف الدفاع امل�سرتك على حرمات على الدين وفــاء يف والتعاون البع�س، بع�سهم الغارمني من الفريقني. اإذ نقراأ يف الفقرة 66 من اأو جني اأحد من الن�سارى اأجرم "اإن اأنه امليثاق جناية، فعلى امل�سلمني ن�سره، واملنع والذب عنه، بينه ال�سلح يف والــدخــول جريرته، عن والغرم وبني من جني عليه، فاإما من عليه، اأو يفادى به،

ول يرف�سوا ول يخادلوا ول يرتكوا همال19."

رابعا: اأعلى قمم الت�صامح العون يــد بتقدمي امل�سلمني املــيــثــاق األـــزم وقــد باإ�سالح الأمــر تعلق واإن للن�سارى، وامل�ساعدة مل الت�سامح يف قمة وهـــذه كنائ�سهم، وترميم لن�سر جـــاءت الــتــي الـــقـــراآن، اأخـــالق اإل تبلغها ال�سلم وحتقيق الأمن بني خمتلف اأتباع الديانات، الديني الحتقان اأجــواء على الق�ساء وبالتايل العامل ويالته عانى من الذي املذهبي والتع�سب قبل جميء الإ�سالم، وعن تلك ال�سورة ال�سامقة من الت�سامح القراآين نقراأ يف امليثاق الفقرة :81 "ولهم اإن احتاجوا يف مرمة بيعهم و�سوامعهم اأو �سيء من م�سالح اأمورهم ودينهم، اإىل رفد20 من امل�سلمني وتقوية لهم على مرمتها، اأن يرفدوا على ذلك ويعانوا، ول يكون ذلك دينا عليهم، بل تقوية

لهم على م�سلحة دينهم21.""اأي م�ستوى هذا من ]التعاون والت�سامح والعدالة[!

ثم اأي كالم ميكن اأن يرتفع لي�سف هذا امل�ستوى؟ دون يتهاوى تعقيب، وكل تعليق، وكل كالم، وكل هذه القمة ال�سامقة، التي ل يبلغها الب�سر وحدهم، بل ل يعرفها الب�سر وحدهم، اإل اأن ينقادوا مبنهج اهلل، اإىل هذا الأفق العلوي الكرمي الو�سيء؟22."

خام�صا: واجبات اأهل الذمةاأبنائها كل بــولء اإل تتحقق ل الأمــة وحــدة ولأن وانتماء جميعهم لدولتها وملقومات هويتها واأمنها الوطني والقومي واحل�ساري، "ا�سرتط هذا العهد خال�سا الــولء يكون اأن "جنران" ن�سارى على والنتماء كامال لهذه الأمة الواحدة ولهذه الدولة الإ�سالمية، فالولء كل الولء لها وحدها، والرباء

كل الرباء من جميع اأعدائها23."90-93-102 قد لهذا جند امليثاق يف الفقرات عليهم يجب اأمــورا جنران ن�سارى على ا�سرتط عينا منهم اأحــد يكون "األ منها: بها، الــوفــاء اأحــد من اأهــل احلــرب على ول رقيبا لأحــد مــن منازلهم ــاأوى ي ول وعالنيته، �سره يف امل�سلمني وانتهاز الفر�سة اأخذ به يريدون للم�سلمني، عدو ول �سياعهم، ول اأوطــانــهــم ينزلوا ول الوثبة، من غريهم ول عباداتهم م�ساكن من �سيء يف اأهل احلرب على اأحدا من يوفدوا ول امللة، اأهل امل�سلمني بتقوية لهم ب�سالح ول خيل ول رجال ول

غريهم، ول ي�سانعوهم.ول يقروا من نزل عليهم من امل�سلمني ثالثة اأيام وحيث كانوا حيث ودوابهم، اأنف�سهم يف بلياليها ياأكلون، منه الــذي الــقــرى لهم يبذلون مــالــوا، عليهم الأذى فيحملوا ذلــك �ــســوى يكلفوا ول واملكروه، واإن احتيج اإىل اإخفاء اأحد من امل�سلمني اأن عباداتهم، ومواطن منازلهم، وعند عندهم، ياأووهم ويرفدوهم ويوا�سوهم فيما يعي�سوا به ما يظهروا ول عليهم، يكتموا واأن كانوا جمتمعني، الواجب �سيئا من يخلوا ول العدو على عوراتهم،

عليهم24."

بقدر عناية ميثاق نصارى نجران بالقيم ذات

الطابع السياسي، بقدر عنايته

بالقيم واألخالق االجتماعية..

شكلت السيرة النبوية مرحلة البناء التاريخي

للنموذج األخالقي القرآني..

Page 230: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 23036

روؤى وت�ص�راتحقول معرفية

����ص���اد����ص���ا: الإط���الق���ي���ة )ال����ص���ت���م���رار والثبات(... ل الن�صبية )التغري والتبدل(العهد فاإن ال�سروط، بهذه الن�سارى التزم متى ل وال�ستمرارية، الإطالقية �سفة يك�سب معهم اهلل، �ساء اإن ال�ساعة تقوم حتى يغري ول ينق�س وعليهم .." امليثاق من الأخــرية الفقرة يف جاء العهود واملواثيق التي اأخذت عن الرهبان واأخذتها، والوفاء ــان، الأم من اأمته على نبي كل اأخــذ وما يغري حتى ول ذلك ينق�س ول به، وحفظهم لهم مع ين�سجم مما اهلل25". �ساء اإن ال�ساعة تقوم بالعقود اأوفــوا ءامنوا الذين ياأيها " تعاىل: قوله اإذا عاهدمت واأوفــوا بعهد اهلل " 1(؛ )املائدة: "91(؛ " واأوفوا بالعهد، اإن العهد كان " )النحل: م�سئول " )ال�سراء: 34(؛ واملوؤمنون حقا ي�سفهم " عاهدوا اإذا بعهدهم واملوفون " باأنهم القراآن )البقرة: 176(؛ وباأنهم " الذين يوفون بعهد اهلل الوفاء اإن .)22 )الرعد: " امليثاق ينق�سون ول ي�سمل عام مبداأ واأنه عهد، كل على عام بالعهد الع�سور مر على وغريهم امل�سلمني بني التعامل حتى قيام ال�ساعة، ما دام الطرف الآخر مل يخرج على �سروطه وينق�س العهد. مبا ين�سجم مع قوله اإن لهم، فا�ستقيموا لكم ا�ستقاموا فما " تعاىل:

اهلل يحب املتقني " )التوبة: 7(.امليثاق بنق�س الآخــر الطرف ابــتــداء حالة ويف والإخالل باأحد �سروطه، فاإن امل�سلمني يكونون يف الفقرة بينهم؛ فقد جاء يف العهد املربم حل من هذه من �سيئا نكث "فمن امليثاق: من الأخــرية ال�سرائط وتعداها اإىل غريها فقد بريء من ذمة " اهلل وذمة ر�سوله26" ويف ذلك يقول اهلل تعاىل: واإما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على �سواء،

ان اهلل ل يحب اخلائنني " )النفال: 59(.يقول �ساحب "يف ظالل القراآن" يف تف�سريه لهذه فاإذا عهده؛ لي�سون يعاهد الإ�سالم "اإن الآيــة: جهرة القائم العهد نبذ غريه من اخليانة خاف وعالنية؛ ومل يخن ومل يغدر؛ ومل يغ�س ومل يخدع؛ عهدهم... من يده نف�س باأنه الآخرين و�سارح

من اآفــاق اإىل بالب�سرية الإ�ــســالم يرتفع وبذلك اآفــــاق مــن الأمـــن الــ�ــســرف وال�ــســتــقــامــة، واإىل والطماأنينة.. اإنه ل يبيت الآخرين بالهجوم الغادر ومواثيق اإىل عهود اآمنون مطمئنون وهم الفاجر ياأخذوا مل الذين يــروع ول تنبذ، ومل تنق�س مل حذرهم حتى وهو يخ�سى اخليانة من جانبهم... ويريد تــرتــفــع؛ اأن للب�سرية يــريــد ــالم ــس الإ� اإن للب�سرية اأن تعف؛ فال يبيح الغدر يف �سبيل الغلب؛ املقا�سد؛ واأ�ــســرف الغايات لأ�سمى يكافح وهــو الو�سيلة ت�ستخدم اأن ال�سريفة للغاية ي�سمح ول ويحتقر اخليانة، يكره الإ�سالم اإن اخل�سي�سة... اخلائنني الذين ينق�سون العهود؛ ومن مت ل يحب غاية �سبيل يف العهد اأمانة يخونوا اأن للم�سلمني وحدة الإن�سانية النف�س اإن �سريفة... تكن مهما ل تتجزاأ، ومتى ا�ستحلت لنف�سها و�سيلة خ�سي�سة، �سريفة... اأن تظل حمافظة على غاية فال ميكن فهذا بالغاية، الو�سيلة يــربر مــن م�سلما ولي�س واحل�سا�سية الإ�سالمي احل�س على غريب املبداأ النف�س تكوين يف انف�سال ل ــه لأن الإ�سالمية؛

الب�سرية وعاملها بني الو�سائل والغايات27." ي�سمل الإ�سالم، يف عام مبداأ بالعهود الوفاء اإن وبني وبينهم وبع�سهم امل�سلمني بــني التعامل غريهم يف وقت ال�سلم ويف وقت احلرب على حد

�سواء.بعد هذا ال�ستطراد ال�سروري28 نعود فنقول: اإن الن�سارى من اأهل الكتاب قد عا�سوا حياة مطمئنة اأبرمه اآمنة يف عهد ر�سول اهلل؛ لأن امليثاق الذي حفظ من وجعل خوفهم هاج�س "بدد قد معهم التي الإ�ــســالم ــة دول على وواجــبــا حقا كرامتهم �سائبة ت�سوبها ل قوة مركز من تفاو�سهم كانت الكرامة ذلــك، مع لهم، حفظت ولكنها �سعف

كحق اإلهي29."ويف �سوء تلك العهود واملواثيق التي اأبرمها ر�سول اهلل مــع اأهـــل الــكــتــاب مــن يــهــود ونــ�ــســارى، ويف �سلى الر�سول، تعليمات من نقراأ نف�سه، الجتاه املوجهة الكتاب اأهل بخ�سو�س و�سلم، عليه اهلل

حث الميثاق المسلمين بمد يد

العون للنصارى حتى فيما يتصل بإصالح وترميم

كنائسهم..

Page 231: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

231 العدد 36 |

حقول معرفية روؤى وت�ص�رات

اإىل امل�سلمني: "األ من ظلم معاهدا، اأو كلفه فوق �سيئا بغري طيب اأخذ منه اأو انتق�سه، اأو طاقته، نف�س، فاأنا حجيجه يوم القيامة30. "من قتل قتيال اهلل "اإن من اأهل الذمة، مل يجد ريح اجلنة31"؛ لأهل واأمــانــا لأمتنا، حتية ال�سالم جعل تعاىل

ذمتنا32."ح�سن اإىل الداعية الأحــاديــث هــذه نقراأ ونحن معاملة اأهل الذمة من يهود ون�سارى ل ينبغي اأن تغيب عنا، اأ�سول الروؤية القراآنية املوؤ�س�سة لعالقة حمددات مبثابة تعد والــتــي بغريهم، امل�سلمني جماعها والتي العالقة لتلك �سابطة منهاجية التوحيد، مبا يقرره من تكرمي لالإن�سان وم�ساواة بني الب�سر " واأن هذه اأمتكم اأمة واحدة، واأنا ربكم

فاعبدون " )املومنون: 53(.املجتمع الثالث يف الديانات اأتباع ان�سهر وبهذا الإ�سالمي، وذابت الفروق بينهم ملا وفره الإ�سالم،

للتعاي�س فر�س من ال�ستيعابية، قدراته بف�سل العامل �سعوب بني احل�ساري والتفاعل ال�سلمي الثالثي التعاي�س هــذا عن ترتب وقــد املختلفة، العالقة توطيد يف اأ�سهمت اأ�سا�سية، ت�سريعات بينهم، وقوت فر�س التالحم والتعارف بني خمتلف

املت�ساكنني يف الوطن الإ�سالمي، ومن ذلك:

1. اإباحة التزوج بالكتابيات33

التطبيقات الإ�سالمية باب امل�ساهرة لقد �سلكت املح�سنات الكتابيات وبني امل�سلمني بني والزواج امل�سلمني اأعلى درجات التالحم بني غري لتحقيق فزواج ــواحــدة، ال الأمـــة بناء يف امل�سلمني وبــني امل�سلم من الكتابية يدخل ذويها من غري امل�سلمني وتلك امل�سلمني عند الأرحام" "اأويل دائــرة يف حممد يــقــول وعنها والنـــدمـــاج، الــتــالحــم قمة الكتابية يتزوج اأن للم�سلم الإ�سالم "اأباح عبده:

جمال اللغة وجالل ال�صهادة

Page 232: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 23236

روؤى وت�ص�راتحقول معرفية

الزوجة حقوق مــن وجعل يهودية اأو ن�سرانية الكتابية على زوجها امل�سلم اأن تتمتع بالبقاء على اإىل والذهاب عبادتها بفرو�س والقيام عقيدتها البع�س من منه مبنزلة وهي بيعتها، اأو كني�ستها الكل، واألزم له من الظل، و�ساحبه يف العز والذل، نف�سه، وريحانة قلبه، بهجة واحلــل، والــرتحــال واأمرية بيته، واأم بناته وبنيه، تت�سرف فيهم كما الزوجية الدين يف حقوق تت�سرف فيه، مل يفرق بني الزوجة امل�سلمة والزوجة الكتابية، ومل تخرج الزوجة الكتابية باختالفها يف العقيدة مع زوجها، لكم خلق اأن ـاياته ومن " تعاىل: قوله حكم من بينكم وجعل اإليها لت�سكنوا اأزواجــا انف�سكم من مودة ورحمة، ان يف ذلك ءليات لقوم يتفكرون " )الروم: 20(. فلها حظها من املودة ون�سيبها من الرحمة وهي كما هي، وهو ي�سكن اإليها كما ت�سكن اأنت اأين له، لبا�س اأنها كما لها لبا�س وهو اإليه، من �سلة امل�ساهرة التي حتدث بني اأقارب الزوج واأخوالهم الأولد بني يكون وما الزوجة، واأقارب وذوي القربى لوالدتهم، اأيغيب عنك ما ي�ستحكم باأمثال امل�سلم امل�سلم وغري الألفة بني من روابط ول �سبق من عند يعهد مل الــذي الت�سامح هــذا فيمن حلق من اأهل الدينني ال�سابقني عليه34"35.

الـــزواج �سبيال لهذا يــكــون هــذا ولــذلــك، وحــتــى اهلل �سلى اهلل، ر�ــســول عهد "حر�س التالحم، اأن يتوفر "جنران" على عليه و�سلم، مع ن�سارى لهذا الزواج عن�سر الر�سا والقبول، فاملراأة لبد كتابيون، الكتابية واأولــيــاء ويل، من زواجها يف فالبد اأن يكون هذا الزواج عن حمبة ور�سا وقبول واختيار، وعن هذا املبداأ الإ�سالمي جاء يف ميثاق

ن�سارى جنران36." ول يريدونه، ل �سططا النكاح من يحملوا "ول يكره اأهل البنت على تزويج امل�سلمني، ول ي�ساروا اأن منعوا خاطبا واأبوا تزويجا؛ لأن ذلك يف ذلك اإن اأهوائهم، اإل بطيبة قلوبهم، و�سماحة ل يكون

اأحبوه ور�سوا به37." 2. اإباحة اأكل ذبائحهم

اأهل ذبائح اأكــل للم�سلمني الإ�ــســالم اأبــاح فلقد �سفحات من �سفحة على نطلع "وهنا الكتاب38 ال�سماحة الإ�سالمية يف التعامل مع غري امل�سلمني، ممن يعي�سون يف املجتمع الإ�سالمي... اإن الإ�سالم ثم الدينية، حريتهم لهم يــرتك ــاأن ب يكتفي ل الإ�سالمي املــجــتــمــع يف في�سبحوا يــعــتــزلــهــم، ي�سملهم اإمنــا منبوذين، اأو معزولني جمفوين واملجاملة واملودة الجتماعية، امل�ساركة من بجو للم�سلمني وطعام واخللطة، فيجعل طعامهم حال امل�سلمني حال لهم كذلك ليتم التجاور والت�سايف ظل يف كله املجتمع وليظل وامل�ساربة، واملوؤاكلة

املودة وال�سماحة39." وم�ساهرتهم الكتاب اأهــل موؤاكلة من فاحلكمة عن حتجبهم الــتــي الــفــجــوة "اإزالة يف تكمن حما�سن الإ�سالم، وذلك ليعرفوا حقيقة الإ�سالم الذي هو اأ�سل دينهم قد اأكمله اهلل تعاىل بح�سب �سننه يف الرتقي الب�سري والتدريج يف كل �سيء اإىل اأن ينتهي اإىل كماله وهذا من منا�سبات جعل الآية

بعد الآية امل�سرحة باإكمال الدين40"41. تعميم الإ�سالمي، النفتاح هذا �سمو من ويزيد اأهل على املنهاج لهذا الإ�سالمية التطبيقات يف امل�سلمون يقف فلم اأي�سا، الو�سعية الديانات العالقة يف الــقــراآن منهاج مبقت�سيات تعاملهم والن�سارى التوراة"، "اأهل اليهود عند بالآخر، لت�سمل عمموها واإمنــا فقط، الجنيل" "اأهل فعندما و"البوذيني"، و"الهندو�س" "املجو�س" واأهلها جمو�س يعبدون فتح امل�سلمون بالد فار�س والنور، للخري اأحدهما؛ باإلهني ويقولون النار، املوؤمنني اأمــري عر�س والظلمة. لل�سر وثانيهما، الأمر هــذا عنه، اهلل ر�سي اخلــطــاب، بــن عمر م�سجد يف ال�سورى جمل�س على امل�ستجد والواقع

املدينة وقال: كيف اأ�سنع باملجو�س؟

فــوثــب عبد الــرحــمــان بــن عــوف ر�ــســي اهلل عنه فقال:

اأ�سهد اأن ر�سول اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم اأنه قال:

لقد شرع باب المصاهرة والزواج

بين المسلمين والكتابيات

المحصنات لتحقيق أعلى درجات

التالحم في كنف األمة الواحدة..

Page 233: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

233 العدد 36 |

حقول معرفية روؤى وت�ص�رات�شامهو ال

1. راجع ن�س العهد: على اختالف رواياته: حممد حميد اهلل، بريوت: دار النفائ�س ط6، �س175 وما بعدها، كما جتد يف نف�س الكتاب دعوته لأ�ساقفة جنران، �س174.

ال�سفا، مكتبة الــعــبــاد، خــري هـــدي يف املــعــاد زاد اجلـــوزيـــة، الــقــيــم ابـــن راجـــع .2ط)1426ه/2004م( ج2، �س323.

3. عماد الدين خليل، امل�سلم والآخر: روؤية تاريخية، م.اإ�سالمية املعرفة، �س.9.ع34-33 ،2003م �س95.

4. حممد عمارة، حرية الأقليات غري امل�سلمة يف العامل الإ�سالمي، م.اإ�سالمية املعرفة، م، �س، �س131.

البي�ساء ط1، النجاح، املعا�سر، مطبعة الإ�سالم الهادي بوطالب، من ق�سايا 5. عبد 2004م، �س76.

6. حممد حميد اهلل، م، �س، �س188.7.املرجع نف�سه.

8. املرجع نف�سه، �س187.9. راجع: ابن القيم اجلوزية، م، �س، ج2، �س323.

10. حممد حميد اهلل، م، �س، �س187.11. املرجع نف�سه.

واإذا التي دخلت �سيطرتهم، البالد لكل نف�سها امل�سلمون هذه احلقوق اأعطى 12. وقد كان بع�س الفقهاء قد ت�سدد يف و�سع بع�س القيود على بناء املعابد والكنائ�س، فاإن "رمبا اتفق هذا مل يكن موؤثرا كثريا يف الواقع الفعلي، يقول ال�سريتوما�س اأرنولد: اأ�سحاب املذاهب ل�سبب اأو لآخر على اأن الذميني ل ي�سمح لهم اأن يبنوا دورا للعباد م�سر فقيه من )بفتوى املدنية ال�سلطة ولكن امل�سلمون، اأ�س�سها التي املدن يف ة الليث بن �سعد( اأباحت للقبط اأن يبنوا كنائ�س يف القاهرة العا�سمة اجلديدة، كما �سمح للم�سيحيني اأن يوؤ�س�سوا يف بع�س املدن الأخرى كنا�س واأديرة جديدة". الدعوة والتعددية املدين املجتمع اخل�ست: عثمان حممد عن نقال �س84، الإ�سالم، اإىل والت�سامح يف �سياق احل�سارة الإ�سالمية، م. الت�سامح، �سلطنة عمان، ع12، ال�سنة

3، خريف )1426ه/2005م(، �س62-61.13. حممد حميد اهلل،، م، �س، �س189.

14. املرجع نف�سه.15. ابن قيم اجلوزية، اأحكام اأهل الذمة، دار العلم للماليني، ط2، )1401ه/1981م(،

ج2، �س439.16. حممد عمارة، حرية الأقليات غري امل�سلم يف العامل الإ�سالمي، م، �س، �س131.

17. حممد حميد اهلل، م، �س، �س188.18. املرجع نف�سه، �س189-188.

19. املرجع نف�سه، �س188.حممد الإعانة، والإرفــاد: ال�ستعانة. ترفدون" ال�سرتفاد: ا�سرتفدمت "واإن رفد: .20

حميد اهلل، م، �س، �س605.21. املرجع نف�سه، �س190.

ج2، )1422ه/2001م(، ط30، ال�سروق دار الــقــراآن، ظــالل يف قطب، �سيد .22�س751.

23. حممد عمارة، حرية الأقليات غري امل�سلمة يف العامل الإ�سالمي، م، �س، �س134.24. حممد حميد اهلل، م، �س، �س190.

25. املرجع نف�سه.

26. املرجع نف�سه.27. �سيد قطب، يف ظالل القراآن، م، �س، ج3، �س1542.

28. ويك�سب هذا ال�ستطراد اأهميته من خالل اعتبار العديد من املف�سرين اأن املواثيق املرحلية تتخذ طابع الكتاب اأهل مع و�سلم، عليه الر�سول، �سلى اهلل اأبرمها التي "تكتيكا" خا�سعا لظروف املواثيق تلك واإمنا كانت النهائية بالأحكام لي�ست وهي الدولة الإ�سالمية، واإنه ملا تقوت �سوكة الدولة الإ�سالمية، فاإن تلك املواثيق مل تعد

ملزمة لها.29. عبد الهادي بوطالب، من ق�سايا الإ�سالم املعا�سر، م، �س، �س95.

30. �سنن اأبي داود، كتاب اخلراج والإمارة والفيء، باب يف تع�سري اأهل الذمة اإذا اختلفوا بالتجارات، رقم احلديث 3052.

31. �سنن الن�سائي، )املجتبى(، كتاب الق�سامة، باب تعظيم قتل املعاهد، رقم احلديث .4750

32. م�سند اأحمد، �سعب الإميان، احلادي وال�ستون من �سعب الإميان وهو باب يف مقاربة اأهل الدين، رقم احلديث 8798.

33. لالطالع على اأقوال الفقهاء واختالفاتهم بخ�سو�س هذه امل�ساألة راجع القرطبي، دار احلديث،القاهرة ط)1413ه/2002م(، ج3، �س449.

34. حممد عبده، الأعمال الكاملة، حتقيق حممد عمارة، القاهرة، دار ال�سروق، 1993، العامل يف امل�سملة غري الأقليات حرية عــمــارة، حممد عن نقال �س312، ،3 ج

الإ�سالمي، م، �س، �س132.35. ورد يف �سفر التثنية من العهد القدمي، الإ�سحاح7، "متى اأتى بك الرب اإلهك اإىل تقطع ل اأمامك... من كثرية �سعوبا وطرد لتمتلكها اإليها داخل اأنت التي الأر�س تاأخذ وابنته ل ابنتك، ل تعط لبنه، ت�سفق عليهم، ول ت�ساهرهم لهم عهدا، ول لأنك اأن�سابهم... وتك�سرون مذابحهم تهدمون بهم تفعلون هكذا ولكن لبنك...

اأنت �سعب مقد�س للرب اإلهك".36. حممد عمارة، حرية الأقليات غري امل�سلمة يف العامل الإ�سالمي، م، �س، �س 133.

37. حممد حميد اهلل، م، �س، �س189.38. اختلف اأهل العلم بخ�سو�س هذه امل�ساألة على اأقوال كثرية، راجع القرطبي، م، �س، ج3، �س449، والراجح اإباحة اأكل ذبائحهم وهو ما يتنا�سب مع قوله تعاىل: "اليوم

اأحل لكم الطيبات وطعام الذين اأوتوا الكتاب حل لكم" )املائدة: 6(.39. �سيد قطب، يف ظالل القراآن، م، �س، ج2، �س848.

واأمتمت دينكم لكم اأكملت "اليوم تعاىل قوله هي الدين باإكمال امل�سرحة الآية .40عليكم نعمتي ور�سيت لكم ال�سالم دينا" )املائدة: 3(.

41. حممد ر�سيد ر�سا، تف�سري املنار، دم�سق: دار الفكر، ط2، د. ت، ج6، �س195.42. البالذري، فتوح البلدان، حتقيق: �سالح الدين املنجد، القاهرة، املكتبة التجارية

الكربى، 1956، ج1، �س327.43. عبد الهادي بوطالب، من ق�سايا الإ�سالم املعا�سر، م، �س، �س77.

الكتاب42". اأهل �سنة فيهم "�سنوا دينيا املختلف الآخــر مع التعامل يف القراآين املنهاج يتوقف ومل "امل�سركني لي�سمل امتد اإمنــا فح�سب، الــديــانــات اأهــل حــد عند امل�ساملني لالإ�سالم، مما يو�سح البعد ال�سامل الذي اأعطاه الإ�سالم كان �سواء بالآخر43". والعرتاف ال�سلمي التعاي�س لإ�سرتاتيجية

من اأهل الكتاب اأو م�سركا وثنيا. اإجمال، اإن منظومة القيم التي يقوم عليها املجتمع الإ�سالمي، كما

التعددية وحرية تتمثل يف يدل على ذلك ميثاق ن�سارى جنران، من جعلت ومبادئ قيم واحلرية.. وهي وامل�ساواة والعدل العقيدة ال�سعوب تعهده مل امليثاق،ت�سامح يف بارزة �سمة الديني الت�سامح من قبل؛ اإذ اأ�سبح اأهل الأديان اآمنني حمميني من الإكراه الديني، متمتعني بجميع حقوقهم الإن�سانية من حيث هم ب�سر، بغ�س النظر

عن عقائدهم الدينية واأل�سنتهم واألوانهم..

Page 234: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 23436

ر�صائل جامعيةحقول معرفية

البعد العقدي وإشكاليته والشيــعة: السـنة بــني واختــــالفـا ائتـــــالفا

د. امل�صطفى الب�عزاوياأ�صتاذ بكلية الآداب، بني مالل

رسائل جامعية

يوم الــبــوعــزاوي، امل�سطفى الباحث الآداب بكلية 2010/02/22 الثنني اأطروحته عن بالرباط، اخلام�س حممد جامعة واإ�سكاليته العقدي "البعد مو�سوع: يف للدكتوراه بني ال�سنة وال�سيعة: ائتالفا واختالفا". اأمام جلنة علمية مكونة من ال�سادة الدكاترة: حممد الأمني التهامي والأ�ساتذة: وم�سرفا، رئي�سا ال�سماعلي برنحمون وفاطمة ــادي، ــزي ال واأحــمــد الــراجــي، اللجنة قررت واملداولة املناق�سة وبعد مناق�سني. يف الدكتوراه �سهادة �ساحبه ومنح العمل قبول وهذا جدا. م�سرف مبيزة الإ�سالمية الدرا�سات

تقرير مف�سل عن اأهم ق�ساياها وحماورها.اإن اأول اختالف وقع بني امل�سلمني بعد وفاة ر�سول اجتماعي اختالف و�سلم، عليه اهلل �سلى اهلل، �سيا�سي حم�س، ولي�س اختالفا على عقائد الدين،

هو الختالف ذلك وكــان النظرية، اإميانياته اأو اأن يجب من حــول اأي القيادة؛ حــول اختالفهم عليه اهلل �سلى النبي بعد الدولة رئا�سة يتوىل

و�سلم. اهلل �سلى النبي، �سحابة مواقف انق�سمت وقد اأو مواقف ثالثة اإىل الأمــر هذا يف و�سلم، عليه

اجتاهات: اجتمعوا الذين الأن�سار موقف الأول: امل�قف و�سلم، الكرمي، �سلى اهلل عليه النبي عقب رحلة ين�سبوا اأن واأرادوا �ــســاعــدة، بني �سقيفة يف زعيمهم �سعد بن عبادة، ر�سي اهلل عنه، لرئا�سة

دولة امل�سلمني.امل�قف الثاين: هو موقف املهاجرين الذين هرع بكر اأبو راأ�سهم وعلى ال�سقيفة، اإىل منهم فريق واأبو عبيدة بن اجلــراح، ر�سي اهلل عنهم، وعمر

دافع

Page 235: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

235 العدد 36 |

حقول معرفية ر�صائل جامعية

ليذكروا الأن�سار اأن املهاجرين اأول من اآمن باهلل تعاىل ور�سوله، وعلى عاتقهم انطلقت دعوة الإ�سالم، واأنهم اأولياء النبي، �سلى اهلل

عليه و�سلم، وع�سريته وبالتايل فهم اأحق النا�س مبرياثه و�سلطانه.اهلل كرم طالب، اأبي بن علي يف متثل فقد الثالث: امل�قف اأما وجهه، ونفر من بني ها�سم اأ�سرة النبي، �سلى اهلل عليه و�سلم واآل الزبري عمته وابن العبا�س، وعمه فاطمة، كزوجته الكرام، بيته بني �سقيفة يف دارت التي النقا�سات يح�سروا مل الذين واآخرين �سلى النبي، ودفن وتكفني بتغ�سيل م�سغولني كانوا لأنهم �ساعدة؛ اهلل عليه و�سلم، ليفاجئوا بعد انتهائهم من ذلك باأن الأمر قد انتهى دون م�سورتهم واأن البيعة متت لأبي بكر، ر�سي اهلل عنه، فاعرت�سوا

على ذلك، طبقا ملا تورده بع�س امل�سادر. انطالقا من نف�س مبداأ القرابة والع�سرية الذي احتج به املهاجرون على الأن�سار قائلني ما مفاده: اإنه اإذا كان املهاجرون اأحق بالأمر؛ لأنهم ع�سرية الر�سول وقومه، فاإن بني ها�سم اأحق النا�س ب�سلطان

حممد ومرياثه لأنهم اأ�سرته واأقرب النا�س اإليه.هذا الختالف الذي بداأ �سيا�سيا اجتماعيا بني علي، ومعه جماعة عامة وبــني ال�سيعة، بــذرة �سكلوا والذين جهة يف ال�سحابة من فاأكر، خا�سة يف اأكر يتبلور، اأخذ الأخــرى، الأ�سحاب يف اجلهة الفرتة الأخرية من خالفة عثمان بن عفان، ر�سي اهلل عنه، والتي

اأدت يف النهاية اإىل قتله �سنة 35 هجرية.حمورين حول يدور حممد �سيدنا اأمة بني وقع الذي فالختالف

اثنني: �سيا�سي وعقائدي.من اإليه يــوؤدي ملا احلكيم ال�سارع قبل من مذموم فالختالف النزاع والقتال والفتنة والف�ساد، وقد دعا اهلل املوؤمنني اإىل الوحدة واجلماعة والعت�سام بحبله املتني؛ اإذ قال: "واعت�سموا بحبل اهلل جميعا، ول تفرقوا" )ءال عمران: 103(، فاأوجب اهلل تعاىل علينا التم�سك بكتابه و�سنة نبيه، �سلى اهلل عليه و�سلم، والرجوع اإليهما وال�سنة بالكتاب والعت�سام بالجتماع واأمرنا الختالف، عند

اعتقادا وعمال.م�سالح به تتم الذي ال�ستات وانتظام الكلمة اتفاق �سبب وذلك الدنيا والدين وال�سالمة من الختالف. واأمر بالجتماع ونهى عن

الفرتاق الذي ح�سل لالأمم ال�سالفة.لي�س ذلك فاإن الفروع يف الختالف حترمي على دليل فيه ولي�س

اختالفا؛ اإذ الختالف ما يتعذر معه الئتالف.ومل يكن اخلالف مق�سورا على ال�سنة وال�سيعة، بل انتقل اإىل اأتباع املذاهب الفقهية املتعددة، والفرق الكالمية، اإل اأن الختالف بني

ال�سنة وال�سيعة كان الأعمق والأبعد اأثرا ملا متيز به من حدة اأحيانا. فظل ال�سيعة ينظرون اإىل ال�سنة نظرة ارتياب، وظل ال�سنة ينظرون اإىل ال�سيعة نظرة مماثلة والكل يت�سنن ب�سنة امل�سطفى، �سلى اهلل والفرتاء الو�سع وكــر الفريقني بني الفرق وات�سع و�سلم، عليه وا�سم الكافر وا�سم املوؤمن ا�سم ال�سطح: اإىل وطفا الكتب ودونت اأ�سياء الفا�سق، وا�ستمر اخلالف ب�ساأن اخلالفة، وتعدى ذلك اإىل

اأخرى جوهرية برزت مع ظهور الفرق الكالمية ثم ت�سعبت.مو�سوع يف اخلــالف �ساأن يف قائما يــزال ما اأخــري �ــســوؤال هناك يف علي اأحقية على الإ�سرار �سر ما وال�سنة: ال�سيعة بني الإمامة ولية الأمر اإىل اليوم؟ مبعنى اأن ي�سر فريق من امل�سلمني اأن النبي، عليه ال�سالة وال�سالم، قد ن�س على علي �سراحة، واأنه كان اأحق باخلالفة من اأبي بكر، ر�سي اهلل عنه، ويتخذون ذلك لهم مذهبا

ونحلة.حول الأحاديث ب�سحة الإ�سكال هذا يحل لن اأخــرى ناحية ومن ال�ستخالف. فاإنك اإن كنت �سنيا ف�ستنكر اأن النبي، �سلى اهلل عليه و�سلم، قد ن�س على علي ن�سا جليا اأو خفيا، واإن كنت �سيعيا ف�ست�سوق

الأحاديث والوقائع التاريخية الدالة على اإمامته واأف�سليته.واإنه من املعلوم اإن ارتبطت اأخبار اأو اأحداث تاريخية بعقائد معينة، اأنني مبعنى للعقائد؛ تابعة ت�سبح الأحــداث اأو الأخبار هذه فاإن اإن واأنفيها عقيدتي، مع تت�سق كانت اإن واحلادثة باحلديث اأوؤمن

كانت تعار�سها.ال�ساأن، الإ�سالمية يف هذا املكتبة ا�ستقراء دقيق ملا ت�سمنته وبعد نرى اأن الأ�ستاذ حممد تقي الدين النبهاين قد اأوفى املو�سوع حقه

لوفائه بالغر�س، حيث تنبع اأدلة ال�سيعة ثم قام بنق�سها فقال:اأما الأحاديث التي اأوردها الذين يقولون اإن الر�سول، �سلى اهلل عليه

و�سلم، ا�ستخلف عليا فهي ثالثة اأق�سام:ر�سي عليا و�سلم، عليه اهلل �سلى الر�سول، فيه مدح ق�سم .1

اهلل عنه.2. وق�سم ا�ستنبط منها بع�سهم ا�ستنباطا اأن الر�سول، �سلى اهلل

عليه و�سلم، ا�ستخلف عليا.عليه اهلل �سلى الر�سول، اأن �سريح ن�س فيها ورد وق�سم .3

و�سلم، ا�ستخلف عليا.اأما الق�سم الأول الذي مدح فيه الر�سول، �سلى اهلل عليه و�سلم، عليا

بن اأبي طالب كرم اهلل وجهه:�ساأعطي منوذجا منها والباقي ل يخرج عن معنى املدح.

عليه اهلل �سلى الر�سول اأن عنه، اهلل ر�سي �سعد، بن �سهل عن

Page 236: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

| العدد 23636

ر�صائل جامعيةحقول معرفية

و�سلم قال: "لأعطني الراية غدا رجال يفتح اهلل على يديه اإىل اآخر احلديث".

ر�سول اهلل، اأن عنه، ر�سي اهلل اأبي هريرة، اأخرى عن رواية ويف �سلى اهلل عليه و�سلم، قال يوم خبري: "لأعطني الراية رجال يحب

اهلل ور�سوله ويفتح اهلل على يديه...". ون�ساءنا واأبناءكم اأبناءنا ندع تعالوا "فقل الآيــة: هذه نزلت وملا على اهلل لعنت فنجعل نبتهل ثــم واأنف�سكم واأنف�سنا ون�ساءكم

الكاذبني" )ءال عمران: 60(.دعا ر�سول اهلل، �سلى اهلل عليه و�سلم، عليا وفاطمة وح�سنا وح�سينا،

فقال: "اللهم هوؤلء اأهلي".اأما الق�سم الثاين من الأحاديث:

وهو قوله، �سلى اهلل عليه و�سلم، لعلى بن اأبي طالب كرم اهلل وجهه: نبي اأنه ل اإل تكون مني مبنزلة هارون من مو�سى اأن "األ تر�سى

بعدي".مت قال، عليه ال�سالة وال�سالم، بغدير خم:

األي�س ت�سهدون اأن ل اإله اإل اهلل واأن حممدا ر�سول اهلل واأن جنته حق واأن ناره حق واأن البعث حق بعد املوت واأن ال�ساعة اآتية ل ريب فيها اللهم قال: بذلك، ن�سهد بل قالوا: القبور؟ يبعث من يف اهلل واأن

ا�سهد.ثم قال: ياأيها النا�س اإن اهلل مولي، واأنا موىل املوؤمنني، واأنا اأوىل واله وال من اللهم يعني عليا، اأنف�سهم، من كنت موله، بهم من

وعاد من عاداه".نورد الولية اأحاديث ت�سمى التي الأحاديث الثالث من الق�سم اأما

ق�سما منها والباقي هو يف نف�س املعنى، بل يف نف�س الألفاظ.بي اآمن من "اأو�سي و�سلم: عليه اهلل �سلى الر�سول قال ويف هذا ومن تــولين فقد تــوله فمن اأبــي طالب، بن علي بولية و�سدقني تولين فقد توىل اهلل، ومن اأحبه فقد اأحبني، ومن اأحبني فقد اأحب

اهلل، ومن اأبغ�سه فقد اأبغ�سني، ومن اأبغ�سني فقد اأبغ�س اهلل".هذه هي الن�سو�س التي ا�ستنبط منها بع�س امل�سلمني، اأن الر�سول، �سلى اهلل عليه و�سلم، ا�ستخلف عليا من بعده؛ اأي جعله هو اخلليفة

بعد وفاته. والآن �سناأخذ ن�سا من هذه الن�سو�س للتحليل حتى يتبني لنا هل بعد امل�سلمني على عليا و�سلم، عليه اهلل �سلى الر�سول، ا�ستخلف وفاته. وهذا الن�س هو الذي جعل عليا من الر�سول مبنزلة هارون من مو�سى. فاإنه يتبني معناه من درا�سة املقام الذي قيل فيه ومن درا�سة لفظه، اأما املقام: فاإن الر�سول قال هذا احلديث يوم غزوة

اأن الر�سول، �سلى اهلل عليه و�سلم، خلف على املدينة تبوك وذلك مكانه حممدا بن �سلمة يتوىل رعاية �سوؤون امل�سلمني واإدارة �سوؤون

احلكم، وخلف عليا ر�سي على اأهله.اأن خلفه يف يــوؤخــذ منه اأهــلــه. فــال ــه خلفه يف اأن فــواقــع احلــادثــة بن حممدا خلف ال�سالم، عليه اأنــه، عرفنا اإذا ل�سيما اخلالفة، وقال اأهله با�ستخالف علي على �سلمة على احلكم مكانه، وخ�س

له: "اأهلي واأهلك".اأ�سحابه اأن ا�ستخالف الر�سول، �سلى اهلل عليه و�سلم، لأحد على على احلكم حني خروجه للغزو ل يدل على اأن هذا ال�سخ�س الذي و�سلم، الر�سول، �سلى اهلل عليه اأن بدليل خلفه هو خليفة مكانه،

ا�ستخلف كثريين يف الغزوات. هذا من حيث املعنى.ووجه بــهــارون لعلي ت�سبيه فهو احلــديــث األــفــاظ حيث مــن اأمـــا اأي مثلك يف ا�ستخاليف لك مثل هارون يف ال�سبه هو ال�ستخالف؛ ياأتي هنا مو�سوع ا�ستخالف بعد الوفاة؛ ا�ستخالف مو�سى له فال لأنه غري موجود يف هارون ومو�سى الذي هو امل�سبه به، ول يوجد اأن يفهم من احلديث مطلقا ول امل�سبه، هو الذي وعلي النبي يف �سيكون خليفة اأنه علي ن�س على و�سلم، عليه الر�سول، �سلى اهلل

على امل�سلمني بعد وفاته عليه ال�سالم.فاحلديث وارد يف ا�ستخالف علي على اأهل الر�سول، �سلى اهلل عليه

و�سلم، مدة غيابه يف غزوة تبوك.واأما الن�س الثاين وهو حديث غدير خم فاإنه يف الرواية ال�سحيحة وهي رواية م�سلم يو�سي امل�سلمني بالتم�سك يف كتاب اهلل ويف اأهل بيته ليكرموهم ويحرتموهم ول يوؤذوهم ولي�س فيه اأي دللة على اأن

الر�سول، �سلى اهلل عليه و�سلم، ي�ستخلف اأهل بيته يف اخلالفة.اأنه ا�ستخلف اأبدا واللفظ �سريح، ومنطوقه ومفهومه ل يفهم منه

اأهل بيته اأو اأحدا منهم على حكم امل�سلمني يف اخلالفة من بعده. خريا امل�سلمني تو�سية من اأكــر الأحاديث هذه يف يوجد ل اإذن، بعرته ول يوجد فيها اأي �سيء يدل على ا�ستخالف علي اأو ا�ستخالف

اآل بيته يف اخلالفة بعد وفاة ر�سول اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم.ح�سب و�سلم، عليه اهلل �سلى الر�سول، قول يف ال�ستخالف فاأين

جميع الروايات التي روت حديث غدير خم: ـ واأين قد تركت فيكم الثقلني: كتاب اهلل تعاىل وعرتي.

ـ اأو قوله: واأين تارك فيكم الثقلني كتاب اهلل وعرتي اأهل بيتي.ـ اأو قوله: فانظروا كيف تخلفوين يف الثقلني.

عليه بعرته، امل�سلمني تذكري من اأكر الن�سو�س هذه يف اأيوجد ال�سالم، وتو�سيته بهم خريا؟

Page 237: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

237 العدد 36 |

حقول معرفية ر�صائل جامعية

وهل يفهم اأحد من ذلك اأن هذا يعني اأنهم خلفاء على امل�سلمني يف احلكم بعد وفاة ر�سول اهلل �سلى اهلل عليه و�سلم؟

ومن اأين يوؤخذ هذا؟ اأمن منطوق الكالم، اأم من مفهومه؟وعليه، فلي�س يف حديث غدير خم يف الروايات ال�سابقة اأي دليل على ا�ستخالف علي على اخلالفة ول على ا�ستخالف اآل البيت. في�سقط

ال�ستدلل به.اخلالف م�سائل بع�س عر�ست املتوا�سعة الأطــروحــة هــذه ويف مواطن عن ا�ستطعت ما فبحثت املتاح، اجلهد قدر على والوفاق الئتالف الكامن يف الن�سو�س ال�سرعية للتوفيق بني ال�سنة وال�سيعة، ونظرا لمتدادات املو�سوع التاريخية والأ�سولية والكالمية، رجعت

اإىل م�سادر لغوية وفقهية واأ�سولية وحديثية وكالمية.فكان لزاما علي تق�سيم الر�سالة اإىل:

مقدمة و ثالثة اأبواب وخامتة وفهار�س.لالأبواب املحددة الأ�سا�سية املحاور اأهــم على حتتوي املقدمة:

والف�سول والنتائج.الباب الأول:

ملحة عن اأهل ال�سنة واجلماعة ودورهما يف العقيدة ويف هذا الباب ثالثة ف�سول:

الف�سل الأول: التعريف باأهل ال�سنة واجلماعةالعقيدة تلقي يف واجلماعة ال�سنة اأهــل م�سادر الثاين: الف�سل

الإ�سالميةالف�سل الثالث: عقيدة اأهل ال�سنة واجلماعة

الباب الثاين: ال�سيعة: العقائد والفرق.

واأودعت حتت هذا الباب ثالثة ف�سول: الف�سل الأول: التعريف والن�ساأة

الف�سل الثاين: اأ�سهر الفرق ال�سيعيةال�سنة اأهــل من لقربها الإمامية ال�سيعة عقائد الثالث: الف�سل

اأحيانابني واخلـــالف "الوفاق ـــ: ب عنونته والأخــــري الــثــالــث الــبــاب اأمـــا

املذهبني".تناولت يف هذا الباب بعد التمهيد ف�سلني اثنني: الف�سل الأول: اأ�س�س اخلالف بني ال�سنة وال�سيعة

الف�سل الثاين: درا�سة حتليلية مل�سامني التفاق والتقريب بني اأهل ال�سنة وال�سيعة

امل�ستنبطة من م�سامني النتائج لأهم بيانا واأما اخلامتة فجعلتها الأبواب والف�سول.

Page 238: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)
Page 239: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)
Page 240: تحميل العدد 36 من مجلة الإحياء(54,8 ميجابايت)

درهما 30 الن�صخة: ثمن – 2012م 1433ه/ماي الثانية جمادى ،36 العدد